باب 12- مناظرات محمد بن علي الباقر و احتجاجاته عليه السلام

 1-  فس، ]تفسير القمي[ حدثني أبي عن إسماعيل بن أبان عن عمرو بن عبد الله الثقفي قال أخرج هشام بن عبد الملك أبا جعفر محمد بن علي ع من المدينة إلى الشام و كان ينزله معه فكان يقعد مع الناس في مجالسهم فبينا هو قاعد و عنده جماعة من الناس يسألونه إذ نظر إلى النصارى يدخلون في جبل هناك فقال ما لهؤلاء القوم أ لهم عيد اليوم قالوا لا يا ابن رسول الله و لكنهم يأتون عالما لهم في هذا الجبل في كل سنة في هذا اليوم فيخرجونه و يسألونه عما يريدون و عما يكون في عامهم قال أبو جعفر و له علم فقالوا من أعلم الناس قد أدرك أصحاب الحواريين من أصحاب عيسى ع قال فهلم أن نذهب إليه فقالوا ذلك إليك يا ابن رسول الله قال فقنع أبو جعفر رأسه بثوبه و مضى هو و أصحابه فاختلطوا بالناس حتى أتوا الجبل قال فقعد أبو جعفر وسط النصارى هو و أصحابه فأخرج النصارى بساطا ثم وضعوا الوسائد ثم دخلوا فأخرجوا ثم ربطوا عينيه فقلب عينيه كأنهما عينا أفعى ثم قصد نحو أبي جعفر ع فقال له أ منا أنت أو من الأمة المرحومة فقال أبو جعفر ع من الأمة المرحومة قال أ فمن علمائهم أنت أو من جهالهم قال لست من جهالهم قال النصراني أسألك أو تسألني قال أبو جعفر ع سلني فقال يا معشر النصارى رجل من أمة محمد يقول سلني إن هذا لعالم بالمسائل ثم قال يا عبد الله أخبرني عن ساعة ما هي من الليل و لا هي من النهار أي ساعة هي قال أبو جعفر ع ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس قال النصراني فإذا لم يكن من ساعات الليل و لا من ساعات النهار فمن أي الساعات هي فقال أبو جعفر ع من ساعات الجنة و فيها تفيق مرضانا فقال النصراني أصبت فأسألك أو تسألني قال أبو جعفر ع سلني قال يا معاشر النصارى إن هذا لملي بالمسائل أخبرني عن أهل الجنة كيف صاروا يأكلون و لا يتغوطون أعطني مثله في الدنيا فقال أبو جعفر ع هو هذا الجنين في بطن أمه يأكل مما تأكل أمه و لا يتغوط قال النصراني أصبت أ لم تقل ما أنا من علمائهم قال أبو جعفر ع إنما قلت لك ما أنا من جهالهم قال النصراني فاسلك أو تسألني قال يا معشر النصارى و الله لأسألنه يرتطم فيها كما يرتطم الحمار في الوحل فقال اسأل قال أخبرني عن رجل دنا من امرأته فحملت بابنين جميعا حملتهما في ساعة واحدة و ماتا في ساعة واحدة و دفنا في ساعة واحدة في قبر واحد فعاش أحدهما خمسين و مائة سنة و عاش الآخر خمسين سنة من هما قال أبو جعفر ع هما عزير و عزرة كان حمل أمهما ما وصفت و وضعتهما على ما وصفت و عاش عزرة و عزير فعاش عزرة و عزير ثلاثين سنة ثم أمات الله عزيرا مائة سنة و بقي عزرة يحيا ثم بعث الله عزيرا فعاش مع عزرة عشرين سنة قال النصراني يا معشر النصارى ما رأيت أحد قط أعلم من هذا الرجل لا تسألوني عن حرف و هذا بالشام ردوني فردوه إلى كهفه و رجع النصارى مع أبي جعفر ع

 بيان قوله و ربطوا عينيه أي قد كانوا ربطوهما قبل أن يخرجوه فلما حلوا الرباط قلبهما و نظر إليهم و يحتمل أن يكونوا ربطوا جفني عينيه العلياوين إلى فوق ليتمكن من النظر من كثرة الكبر و يقال رطمه إذا أدخله في أمر لا يخرج منه فارتطم و الوحل الطين

 2-  ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن الحسين عن البزنطي عن عبد الكريم عن محمد بن مسلم قال دخلت أنا و أبو جعفر ع مسجد الحرام فإذا طاوس اليماني يقول لأصحابه تدرون متى قتل نصف الناس فسمعه أبو جعفر ع يقول نصف الناس قال إنما هو ربع الناس إنما هو آدم و حواء و قابيل و هابيل قال صدقت يا ابن رسول الله قال أ تدري ما صنع بالقاتل قال لا قال محمد بن مسلم قلت في نفسي هذه و الله مسألة قال فغدوت إليه في منزله فلبس ثيابه و أسرج له قال فبدأني بالحديث قبل أن أسأله فقال يا محمد بن مسلم إن بالهند أو بتلقاء الهند رجل يلبس المسوح مغلولة يده إلى عنقه موكل به عشرة رهط تفني الناس و لا يفنون كلما ذهب واحد جعل مكانه آخر يدور مع الشمس حيث ما دارت يعذب بحر الشمس و زمهرير البرد حتى تقوم الساعة قال و قلت و من ذا جعلني الله فداك قال ذاك قابيل

 3-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن الصادق ع أن عبد الملك بن مروان كتب إلى عامله بالمدينة في رواية هشام بن عبد الملك أن وجه إلي محمد بن علي فخرج أبي و أخرجني معه فمضينا حتى أتينا مدين شعيب فإذا نحن بدير عظيم و على بابه أقوام عليهم ثياب صوف خشنة فألبسني والدي و لبس ثيابا خشنة فأخذ بيدي حتى جئنا و جلسنا عند القوم فدخلنا مع القوم الدير فرأينا شيخا قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر فنظر إلينا فقال لأبي أنت منا أم من هذه الأمة المرحومة قال لا بل من هذه الأمة المرحومة قال من علمائها أو من جهالها قال أبي من علمائها قال أسألك عن مسألة قال سل قال أخبرني عن أهل الجنة إذا دخلوها و أكلوا من نعيمها هل ينقص من ذلك شي‏ء قال لا قال الشيخ ما نظيره قال أبي أ ليس التوراة الإنجيل و الزبور و الفرقان يؤخذ منها و لا ينقص منها شي‏ء قال أنت من علمائها ثم قال أهل الجنة هل يحتاجون إلىالبول و الغائط قال أبي لا قال و ما نظير ذلك قال أبي أ ليس الجنين في بطن أمه يأكل و يشرب و لا يبول و لا يتغوط قال صدقت قال و سأل عن مسائل فأجاب أبي ثم قال الشيخ أخبرني عن توأمين ولدا في ساعة و ماتا في ساعة عاش أحدهما مائة و خمسين سنة و عاش الآخر خمسين سنة من كانا و كيف قصتهما قال أبي هما عزير و عزرة أكرم الله تعالى عزيرا بالنبوة عشرين سنة و أماته مائة سنة ثم أحياه فعاش بعده ثلاثين سنة و ماتا في ساعة واحدة فخر الشيخ مغشيا عليه فقال فقام أبي و خرجنا من الدير فخرج إلينا جماعة من الدير و قالوا يدعوك شيخنا فقال أبي ما لي بشيخكم من حاجة فإن كان له عندنا حاجة فليقصدنا فرجعوا ثم جاءوا به و أجلس بين يدي أبي فقال ما اسمك قال ع محمد قال أنت محمد النبي قال لا أنا ابن بنته قال ما اسم أمك قال أمي فاطمة قال من كان أبوك قال اسمه علي قال أنت ابن إليا بالعبرانية و علي بالعربية قال نعم قال ابن شبر أو شبير قال إني ابن شبير قال الشيخ أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن جدك محمدا ص رسول الله ثم ارتحلنا حتى أتينا عبد الملك فنزل من سريره و استقبل أبي و قال عرضت لي مسألة لم يعرفها العلماء فأخبرني إذا قتلت هذه الأمة إمامها المفروض طاعته عليهم أي عبرة يريهم الله في ذلك اليوم قال أبي إذا كان كذلك لا يرفعون حجرا إلا و يرون تحته دما عبيطا فقبل عبد الملك رأس أبي و قال صدقت إن في يوم قتل فيه أبوك علي بن أبي طالب ع كان على باب أبي مروان حجر عظيم فأمر أن يرفعوه فرأينا تحته دما عبيطا يغلي و كان لي أيضا حوض كبير في بستاني و كان حافته حجارة سوداء فأمرت أن ترفع و يوضع مكانها حجارة بيض و كان في ذلك اليوم قتل الحسين ع فرأيت دما عبيطا يغلي تحتها أ تقيم عندنا و لك من الكرامة ما تشاء أم ترجع قال أبي بل أرجع إلى قبر جدي فأذن له بالانصراف فبعث قبل خروجنا بريدا يأمر أهل كل منزل أن لا يطعمونا شيئا و لا يمكنونا من النزول في بلد حتى نموت جوعا فكلما بلغنا منزلا طردونا و فني زادنا حتى أتينا مدين شعيب و قد أغلق بابه فصعد أبي جبلا هناك مطلا على البلد أو مكانا مرتفعا عليه فقرأ وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَ لا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ وَ يا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ثم رفع صوته و قال و الله أنا بقية الله فأخبروا الشيخ بقدومنا و أحوالنا فحملوه إلى أبي و كان لهم معهم من الطعام كثير فأحسن ضيافتنا فأمر الوالي بتقييد الشيخ فقيدوه ليحملوه إلى عبد الملك لأنه خالف أمره قال الصادق ع فاغتممت لذلك و بكيت فقال والدي و لا بأس من عبد الملك بالشيخ و لا يصل إليه فإنه يتوفى أول منزل ينزله و ارتحلنا حتى رجعنا إلى المدينة بجهد

 4-  كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي قال كنت جالسا في مسجد رسول الله ص إذ أقبل رجل فسلم فقال من أنت يا عبد الله فقلت رجل من أهل الكوفة فقلت فما حاجتك فقال لي أ تعرف أبا جعفر محمد بن علي ع قلت نعم قال فما حاجتك إليه فقال هيأت له أربعين مسألة أسأله عنها فما كان من حق أخذته و ما كان من باطل تركته قال أبو حمزة فقلت هل تعرف ما بين الحق و الباطل فقال نعم فقلت له فما حاجتك إليه إذا كنت تعرف ما بين الحق و الباطل فقال لي يا أهل الكوفة أنتم قوم ما تطاقون إذا رأيت أبا جعفر ع فأخبرني فما انقطع كلامه حتى أقبل أبو جعفر ع و حوله أهل خراسان و غيرهم يسألونه عن مناسك الحج فمضى حتى جلس مجلسه و جلس الرجل قريبا منه قال أبو حمزة فجلست بحيث أسمع الكلام و حوله عالم من الناس فلما قضى حوائجهم و انصرفوا التفت إلى الرجل فقال له من أنت فقال أنا قتادة بن دعامة البصري فقال له أبو جعفر ع أنت فقيه أهل البصرة قال نعم فقال له أبو جعفر ع ويحك يا قتادة إن الله تعالى خلق خلقا من خلقه فجعلهم حججا على خلقه و هم أوتاد في أرضه قوام بأمره نجباء في علمه اصطفاهم قبل خلقه أظلة عن يمين عرشه قال فسكت قتادة طويلا ثم قال أصلحك الله و الله لقد جلست بين يدي الفقهاء و قدام ابن عباس فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك فقال أبو جعفر ع أ تدري أين أنت بين يدي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ فأنت ثم و نحن أولئك فقال قتادة صدقت و الله جعلني الله فداك و الله ما هي بيوت حجارة و لا طين قال قتادة فأخبرني عن الجبن فتبسم أبو جعفر ع و قال رجعت مسائلك إلى هذا قال ضلت عني فقال لا بأس به فقال إنه ربما جعلت فيه إنفحة الميت قال ليس بها بأس إن الإنفحة ليست لها عروق و لا فيها دم و لا لها عظم إنما تخرج من بين فرث و دم ثم قال و إنما الإنفحة بمنزلة دجاجة ميتة خرجت منها بيضة فهل تأكل تلك البيضة فقال قتادة لا و لا آمر بأكلها فقال له أبو جعفر ع و لم قال لأنها من الميتة قال له فإن حضنت تلك البيضة فخرجت منها دجاجة أ تأكلها قال نعم قال فما حرم عليك البيضة و أحل لك الدجاجة ثم قال فكذلك الإنفحة مثل البيضة فاشتر الجبن من أسواق المسلمين من أيدي المصلين و لا تسأل عنه إلا أن يأتيك من يخبرك عنه

  -5  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن هاشم عمن أخبره عن أبي جعفر ع قال قال له الأبرش الكلبي بلغني أنك قلت في قول الله يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ أنها تبدل خبزة فقال أبو جعفر ع صدقوا تبدل الأرض خبزة نقية في الموقف يأكلون منها فضحك الأبرش و قال أ ما لهم شغل بما هم فيه عن أكل الخبز فقال ويحك في أي المنزلتين هم أشد شغلا و أسوأ حالا إذا هم في الموقف أو في النار يعذبون فقال لا في النار فقال ويحك و إن الله يقول لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ قال فسكت

 و في خبر آخر عنه فقال و هم في النار لا يشغلون عن أكل الضريع و شرب الحميم و هم في العذاب كيف يشغلون عنه في الحساب

 6-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ سأل طاوس اليماني الباقر ع متى هلك ثلث الناس فقال ع يا أبا عبد الرحمن لم يمت ثلث الناس قط يا شيخ أردت أن تقول متى هلك ربع الناس و ذلك يوم قتل قابيل هابيل كانوا أربعة آدم و حواء و هابيل و قابيل فهلك ربعهم قال فأيهما كان أبا الناس القاتل أو المقتول قال لا واحد منهما أبوهم شيث و سأله عن شي‏ء قليله حلال و كثيره حرام في القرآن قال نهر طالوت إلا من اغترف غرفة بيده و عن صلاة مفروضة بغير وضوء و صوم لا يحجز عن أكل و شرب فقال ع الصلاة على النبي و الصوم قوله تعالى إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً و عن شي‏ء يزيد و ينقص فقال ع القمر و عن شي‏ء يزيد و لا ينقص فقال البحر و عن شي‏ء ينقص و لا يزيد فقال العمر و عن طائر طار مرة و لم يطر قبلها و لا بعدها قال ع طور سيناء قوله تعالى وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ و عن قوم شهدوا بالحق و هم كاذبون قال ع المنافقون حين قالوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ

  -7  محمد بن المنكدر رأيت الباقر ع و هو متكئ على غلامين أسودين فسلمت عليه فرد علي على بهر و قد تصبب عرقا فقلت أصلحك الله لو جاءك الموت و أنت على هذه الحال في طلب الدنيا فخلى الغلامين من يده و تساند و قال لو جاءني أنا في طاعة من طاعات الله أكف بها نفسي عنك و عن الناس و إنما كنت أخاف الله لو جاءني و أنا على معصية من معاصي الله فقلت رحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني

 8-  و كان عبد الله بن نافع بن الأزرق يقول لو عرفت أن بين قطريها أحدا تبلغني إليه الإبل يخصمني بأن عليا ع قتل أهل النهروان و هو غير ظالم لرحلتها إليه قيل له ائت ولده محمد الباقر ع فأتاه فسأله فقال ع بعد الكلام الحمد لله الذي أكرمنا بنبوته و اختصنا بولايته يا معشر أولاد المهاجرين و الأنصار من كان عنده منقبة في أمير المؤمنين ع فليقم و ليحدث فقاموا و نشروا من مناقبه فلما انتهوا إلى قوله لأعطين الراية الخبر سأله أبو جعفر ع عن صحته فقال هو حق لا شك فيه و لكن عليا أحدث الكفر بعد فقال أبو جعفر ع أخبرني عن الله أحب علي بن أبي طالب ع يوم أحبه و هو يعلم أنه يقتل أهل النهروان أم لم يعلم إن قلت لا كفرت فقال قد علم قال فأحبه على أن يعمل بطاعته أم على أن يعمل بمعصيته قال على أن يعمل بطاعته فقال أبو جعفر ع قم مخصوصا فقام و هو يقول حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ

 9-  و في حديث نافع بن الأزرق أنه سأل الباقر ع عن مسائل منها قوله تعالى وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ من الذي يسأله محمد و كان بينه و بين عيسى خمسمائة سنة قال فقرأ أبو جعفر ع سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا ثم ذكر اجتماعه بالمرسلين و الصلاة بهم

 10-  و تكلم بعض رؤساء الكيسانية مع الباقر ع في حياة محمد بن الحنفية قال له ويحك ما هذه الحماقة أنتم أعلم به أم نحن قد حدثني أبي علي بن الحسين عليهما السلام أنه شهد موته و غسله و كفنه و الصلاة عليه و إنزاله في قبره فقال شبه على أبيك كما شبه عيسى ابن مريم على اليهود فقال له الباقر ع أ فنجعل هذه الحجة قضاء بيننا و بينك قال نعم قال أ رأيت اليهود الذين شبه عيسى ع عليهم كانوا أولياءه أو أعداءه قال بل كانوا أعداءه قال فكان أبي عدو محمد بن الحنفية فشبه له قال لا و انقطع و رجع عما كان عليه

 11-  و جاءه رجل من أهل الشام و سأله عن بدء خلق البيت فقال ع إن الله تعالى لما قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فردوا عليه بقولهم أَ تَجْعَلُ فِيها و ساق الكلام إلى قوله تعالى وَ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فعلموا أنهم وقعوا في الخطيئة فعاذوا بالعرش فطافوا حوله سبعة أشواط يسترضون ربهم عز و جل فرضي عنهم و قال لهم اهبطوا إلى الأرض فابنوا لي بيتا يعوذ به من أذنب من عبادي و يطوف حوله كما طفتم أنتم حول عرشي فأرضى عنه كما رضيت عنكم فبنوا هذا البيت فقال له الرجل صدقت يا أبا جعفر فما بدء هذا الحجر قال إن الله تعالى لما أخذ ميثاق بني آدم أجرى نهرا أحلى من العسل و ألين من الزبد ثم أمر القلم استمد من ذلك و كتب إقرارهم و ما هو كائن إلى يوم القيامة ثم ألقم ذلك الكتاب هذا الحجر فهذا الاستلام الذي ترى إنما هو بيعة على إقرارهم و كان أبي إذا استلم الركن قال اللهم أمانتي أديتها و ميثاقي تعاهدته ليشهد لي عندك بالوفاء فقال الرجل صدقت يا أبا جعفر ثم قام فلما ولي قال الباقر ع لابنه الصادق ع اردده علي فتبعه إلى الصفا فلم يره فقال الباقر ع أراه الخضر ع

 12-  كش، ]رجال الكشي[ محمد بن قولويه عن محمد بن بندار القمي عن البرقي عن أبيه عن أحمد بن النضر عن عباد بن بشير عن ثوير بن أبي فاختة قال خرجت حاجا فصحبني عمر بن ذر القاضي و ابن قيس الماصر و الصلت بن بهرام و كانوا إذا نزلوا منزلا قالوا انظر الآن فقد حررنا أربعة آلاف مسألة نسأل أبا جعفر ع منها عن ثلاثين كل يوم و قد قلدناك ذلك قال ثوير فغمني ذلك حتى إذا دخلنا المدينة فافترقا فنزلت أنا على أبي جعفر فقلت له جعلت فداك إن ابن ذر و ابن قيس الماصر و الصلت صحبوني و كنت أسمعهم يقولون قد حررنا أربعة آلاف مسألة نسأل أبا جعفر ع عنها فغمني ذلك فقال أبو جعفر ع ما يغمك من ذلك فإذا جاءوا فأذن لهم فلما كان من غد دخل مولى لأبي جعفر ع فقال جعلت فداك إن بالباب ابن ذر و معه قوم فقال أبو جعفر ع يا ثوير قم فأذن لهم فقمت فأدخلهم فلما دخلوا سلموا و قعدوا و لم يتكلموا فلما طال ذلك أقبل أبو جعفر ع يستفتيهم الأحاديث و أقبلوا لا يتكلمون فلما رأى ذلك أبو جعفر ع قال لجارية له يقال لها سرحة هاتي الخوان فلما جاءت به فوضعته قال أبو جعفر ع الحمد لله الذي جعل لكل شي‏ء حدا ينتهي إليه حتى أن لهذا الخوان حدا ينتهي إليه فقال ابن ذر و ما حده قال إذا وضع ذكر اسم الله و إذا رفع حمد الله قال ثم أكلوا ثم قال أبو جعفر ع اسقيني فجاءته بكوز من أدم فلما صار في يده قال الحمد لله الذي جعل لكل شي‏ء حدا ينتهي إليه حتى أن لهذا الكوز حدا ينتهي إليه فقال ابن ذر و ما حده قال يذكر اسم الله عليه إذا شرب و يحمد الله عليه إذا فرغ و لا يشرب من عند عروته و لا من كسر إن كان فيه قال فلما فرغوا أقبل عليهم يستفتيهم الأحاديث فلا يتكلمون فلما رأى ذلك أبو جعفر ع قال يا ابن ذر أ لا تحدثنا ببعض ما سقط إليكم من حديثنا قال بلى يا ابن رسول الله قال إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من آخر كتاب الله و أهل بيتي إن تمسكتم بهما لن تضلوا فقال أبو جعفر ع يا ابن ذر إذا لقيت رسول الله ص فقال ما خلفتني في الثقلين فما ذا تقول قال فبكى ابن ذر حتى رأيت دموعه تسيل على لحيته ثم قال أما الأكبر فمزقناه و أما الأصغر فقتلناه فقال أبو جعفر ع إذا تصدقه يا ابن ذر لا و الله لا تزول قدم يوم القيامة حتى يسأل عن ثلاث عن عمره فيما أفناه و عن ماله أين اكتسبه و فيما أنفقه و عن حبنا أهل البيت قال فقاموا و خرجوا فقال أبو جعفر ع لمولى له اتبعهم فانظر ما يقولون قال فتبعهم ثم رجع فقال جعلت فداك قد سمعتهم يقولون لابن ذر ما على هذا خرجنا معك فقال ويلكم اسكتوا ما أقول إن رجلا يزعم أن الله يسألني عن ولايته و كيف أسأل رجلا يعلم حد الخوان و حد الكوز

 13-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن محبوب عن الثمالي عن أبي الربيع قال حججت مع أبي جعفر ع في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك و كان معه نافع بن الأزرق مولى عمر بن الخطاب فنظر نافع إلى أبي جعفر في ركن البيت و قد اجتمع عليه الناس فقال لهشام يا أمير المؤمنين من هذا الذي يتكافأ عليه الناس فقال هذا نبي أهل الكوفة هذا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين فقال نافع لآتينه و لأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن وصي نبي فقال هشام فاذهب إليه فسله فلعلك أن تخجله فجاء نافع فاتكأ على الناس ثم أشرف على أبي جعفر ع فقال يا محمد بن علي إني قد قرأت التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان و قد عرفت حلالها و حرامها قد جئت أسألك عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن وصي نبي فرفع إليه أبو جعفر ع رأسه فقال سل فقال أخبرنيكم بين عيسى و محمد من سنة قال أخبرك بقولي أم بقولك قال أخبرني بالقولين جميعا قال أما بقولي فخمسمائة سنة و أما بقولك فستمائة سنة قال فأخبرني عن قول الله تعالى وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ من الذي سأل محمد ص و كان بينه و بين عيسى خمسمائة سنة قال فتلا أبو جعفر ع هذه الآية سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا فكان من الآيات التي أراها الله محمدا ص حين أسري به إلى بيت المقدس أن حشر الله الأولين و الآخرين من النبيين و المرسلين ثم أمر جبرئيل ع فأذن شفعا و أقام شفعا ثم قال في إقامته حي على خير العمل ثم تقدم محمد ص فصلى بالقوم فأنزل الله تعالى عليه وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ فقال لهم رسول الله ص علام تشهدون و ما كنتم تعبدون قالوا نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أنك رسول الله أخذت على ذلك مواثيقنا و عهودنا قال نافع صدقت يا ابن رسول الله يا أبا جعفر أنتم و الله أوصياء رسول الله و خلفاؤه في التوراة و أسماؤكم في الإنجيل و في الزبور و في القرآن و أنتم أحق بالأمر من غيركم

 14-  أقول و روى السيد المرتضى رحمه الله في كتاب الفصول عن الشيخ رحمه الله عن أحمد بن محمد بن الوليد عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن بكير بن أعين قال جاء رجل إلى أبي جعفر ع فقال له يا أبا جعفر ما تقول في امرأة تركت زوجها و إخوتها لأمها و أختها لأبيها فقال أبو جعفر ع للزوج النصف ثلاثة أسهم من ستة أسهم و للإخوة من الأم الثلث سهمان من ستة و للأخت من الأب ما بقي و هو السدس سهم من ستة فقال له الرجل فإن فرائض زيد و فرائض العامة و القضاة على غير ذلك يا أبا جعفر يقولون للأخت من الأب ثلاثة أسهم من ستة إلى ثمانية فقال له أبو جعفر ع و لم قالوا ذلك قال لأن الله تعالى يقول إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ فقال أبو جعفر ع فإن كان الأخت أخا قال ليس له إلا السدس فقال أبو جعفر ع فما لكم نقصتم الأخ إن كنتم تحتجون للأخت بأن الله تعالى قد سمى لها النصف فإن الله تعالى قد سمى للأخ أيضا الكل و الكل أكثر من النصف قال الله تعالى  فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فلا تعطون الذي جعل الله له الجميع في فرائضكم شيئا و تعطونه السدس في موضع و تعطون الذي جعل الله تعالى له النصف تاما فقال الرجل و كيف نعطي الأخت أصلحك الله النصف و لا نعطي الأخ شيئا فقال أبو جعفر ع تقولون في أم و زوج و إخوة لأم و أخت لأب فتعطون الزوج النصف ثلاثة أسهم من ستة تعول إلى تسعة و الأم السدس و الإخوة من الأم الثلث و الأخت من الأب النصف ثلاثة يرتفع من ستة إلى تسعة فقال كذلك يقولون فقال إن كانت الأخت أخا لأب قال ليس له شي‏ء فقال الرجل لأبي جعفر ع فما تقول أنت رحمك الله قال فليس للإخوة من الأب و الأم و لا للإخوة من الأم و لا للإخوة من الأب مع الأم شي‏ء