باب 21- مناظرات أصحابه و أهل زمانه صلوات الله عليه

 1-  قال السيد المرتضى رحمه الله في كتاب الفصول، سأل علي بن ميثم رحمه الله أبا الهذيل العلاف فقال أ لست تعلم أن إبليس ينهى عن الخير كله و يأمر بالشر كله فقال بلى قال فيجوز أن يأمر بالشر كله و هو لا يعرفه و ينهى عن الخير كله و هو لا يعرفه قال لا فقال له أبو الحسن فقد ثبت أن إبليس يعلم الشر و الخير كله قال أبو الهذيل أجل قال فأخبرني عن إمامك الذي تأتم به بعد الرسول ص هل يعلم الخير كله و الشر كله قال لا قال له فإبليس أعلم من إمامك إذا فانقطع أبو الهذيل

 2-  و قال أبو الحسن علي بن ميثم يوما آخر لأبي الهذيل أخبرني عمن أقر على نفسه بالكذب و شهادة الزور هل يجوز شهادته في ذلك المقام على آخر فقال أبو الهذيل لا يجوز ذلك قال أبو الحسن أ فلست تعلم أن الأنصار ادعت الإمرة لنفسها ثم أكذبت نفسها في ذلك المقام و شهدت بالزور ثم أقرت بها لأبي بكر و شهدت بها له فكيف تجوز شهادة قوم أكذبوا أنفسهم و شهدوا عليها بالزور مع ما أخذنا رهنك من القول في ذلك و قال لي الشيخ أدام الله حراسته هذا كلام موجز في البيان و المعنى فيه على الإيضاح أنه إذا كان الدليل عند من خالفنا على إمامة أبي بكر إجماع المهاجرين عليه فيما زعمه و الأنصار و كان معترفا ببطلان شهادة الأنصار له من حيث أقرت على نفسها بباطل ما ادعته من استحقاق الإمامة فقد صار وجود شهادتهم كعدمها و حصل الشاهد بإمامة أبي بكر بعض الأمة لا كلها و بطل ما ادعوه من الإجماع عليها و لا خلاف بيننا و بين خصومنا أن إجماع بعض الأمة ليس بحجة فيما ادعاه و أن الغلط جائز عليه و في ذلك فساد الاستدلال على إمامة أبي بكر بما ادعاه القوم و عدم البرهان عليها من جميع الوجوه

 3-  قال و أخبرني الشيخ أيضا قال جاء ضرار إلى أبي الحسن علي بن ميثم رحمه الله فقال له يا أبا الحسن قد جئتك مناظرا فقال له أبو الحسن و فيم تناظرني قال في الإمامة قال ما جئتني و الله مناظرا و لكنك جئت متحكما قال ضرار و من أين لك ذلك قال أبو الحسن علي البيان عنه أنت تعلم أن المناظرة ربما انتهت إلى حد يغمض فيه الكلام فيتوجه الحجة على الخصم فيجهل ذلك أو يعاند و إن لم يشعر بذلك منه أكثر مستمعيه بل كلهم و لكنني أدعوك إلى منصفة في القول اختر أحد الأمرين إما أن تقبل قولي في صاحبي و أقبل قولك في صاحبك فهذه واحدة فقال ضرار لا أفعل ذلك قال له أبو الحسن و لم لا تفعل قال لأنني إذا قبلت قولك في صاحبك قلت لي إنه كان وصي رسول الله ص و أفضل من خلفه و خليفته على قومه و سيد المسلمين فلا ينفعني بعد ذلك مثل أن أقول إن صاحبي كان صديقا و اختاره المسلمون إماما لأن الذي قبلته منك يفسد علي هذا قال أبو الحسن فاقبل قولي في صاحبك و أقبل قولك في صاحبي قال ضرار و هذا لا يمكن أيضا لأني إذا قبلت قولك في صاحبي قلت لي كان ضالا مضلا ظالما لآل محمد ص قعد غير مجلسه و دفع الإمام عن حقه و كان في عصر النبي ص منافقا فلا ينفعني قبولك قولي فيه إنه كان خيرا فاضلا و صاحبا أمينا لأنه قد انتقض بقبولي قولك فيه إنه كان ضالا مضلا فقال أبو الحسن رحمه الله و إذا كنت لا تقبل قولك في صاحبك و لا قولي فيه فما جئتني إلا متحكما و لم تأتني مناظرا

 4-  قال و أخبرني الشيخ أيده الله قال قال أبو الحسن علي بن ميثم رحمه الله لرجل نصراني لم علقت الصليب في عنقك قال لأنه شبه الشي‏ء الذي صلب عليه عيسى ع قال أبو الحسن أ فكان ع يحب أن يمثل به قال لا قال فأخبرني عن عيسى أ كان يركب الحمار و يمضي عليه في حوائجه قال نعم قال أ فكان يحب بقاء الحمار حتى يبلغ عليه حاجته قال نعم قال فتركت ما كان يحب عيسى بقاءه و ما كان يركبه في حياته بمحبة منه و عمدت إلى ما حمل عليه عيسى ع بالكره و أركبه بالبغض له فعلقته في عنقك فقد كان ينبغي على هذا القياس أن تعلق الحمار في عنقك و تطرح الصليب و إلا فقد تجاهلت  

 5-  قال و أخبرني الشيخ أدام الله عزه قال سئل أبو الحسن علي بن ميثم رحمه الله فقيل له لم صلى أمير المؤمنين ع خلف القوم قال جعلهم بمثل سواري المسجد قال السائل فلم ضرب الوليد بن عقبة الحد بين يدي عثمان فقال لأن الحد له و إليه فإذا أمكنه إقامته أقامه بكل حيلة قال فلم أشار على أبي بكر و عمر قال طلبا منه أن يحيي أحكام الله و يكون دينه القيم كما أشار يوسف على ملك مصر نظرا منه للخلق و لأن الأرض و الحكم فيها إليه فإذا أمكنه أن يظهر مصالح الخلق فعل و إذا لم يمكنه ذلك بنفسه توصل إليه على يدي من يمكنه طلبا منه لإحياء أمر الله تعالى قال فلم قعد عن قتالهم قال كما قعد هارون بن عمران ع عن السامري و أصحابه و قد عبدوا العجل قال أ فكان ضعيفا قال كان كهارون حيث يقول يا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي و كان كنوح ع إذ قال أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ و كان كلوط ع إذ قال لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ و كان كهارون و موسى ع إذ قال رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَ أَخِي قال فلم قعد في الشورى قال اقتدارا منه على الحجة و علما منه بأن القوم إن ناظروه و أنصفوه كان هو الغالب و لو لم يفعل وجبت الحجة عليه لأنه من كان له حق فدعي إلى أن يناظر فيه فإن ثبت له الحجة أعطيه فلم يفعل بطل حقه و أدخل بذلك الشبهة على الخلق و قد قال يومئذ اليوم أدخلت في باب إن أنصفت فيه وصلت إلى حقي يعني أن أبا بكر استبد بها يوم السقيفة و لم يشاور قال فلم زوج عمر بن الخطاب ابنته قال لإظهاره الشهادتين و إقراره بفضل رسول الله ص و أراد بذلك استصلاحه و كفه عنه و قد عرض لوط ع بناته على قومه و هم كفار ليردهم عن ضلالهم فقال هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَ لَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ  

 6-  قال و أخبرني الشيخ أدام الله عزه أيضا قال دخل أبو الحسن علي بن ميثم رحمه الله على الحسن بن سهل و إلى جانبه ملحد قد عظمه و الناس حوله فقال لقد رأيت ببابك عجبا قال و ما هو قال رأيت سفينة تعبر بالناس من جانب إلى جانب بلا ملاح و لا ماصر فقال له صاحبه الملحد و كان بحضرته إن هذا أصلحك الله لمجنون قال قلت و كيف ذلك قال خشب جماد لا حيلة له و لا قوة و لا حياة فيه و لا عقل كيف تعبر بالناس قال فقال أبو الحسن و أيما أعجب هذا أو هذا الماء الذي يجري على وجه الأرض يمنة و يسرة بلا روح و لا حيلة و لا قوى و هذا النبات الذي يخرج من الأرض و المطر الذي ينزل من السماء تزعم أنت أنه لا مدبر لهذا كله و تنكر أن تكون سفينة تتحرك بلا مدبر و تعبر بالناس قال فبهت الملحد

 7-  قال و أخبرني الشيخ أدام الله عزه قال سأل أبو الهذيل العلاف علي بن ميثم رحمه الله عند علي بن رياح فقال له ما الدليل على أن عليا ع كان أولى بالإمامة من أبي بكر فقال له الدليل على ذلك إجماع أهل القبلة على أن عليا ع كان عند وفاة رسول الله ص مؤمنا عالما كافيا و لم يجمعوا بذلك على أبي بكر فقال له أبو الهذيل و من لم يجمع عليه عافاك الله قال له أبو الحسن أنا و أسلافي من قبل و أصحابي الآن قال له أبو الهذيل فأنت و أصحابك ضلال تائهون فقال له أبو الحسن ليس جواب هذا الكلام إلا السباب و اللطام

 8-  و قال رضي الله عنه و من حكايات الشيخ أدام الله عزه قال سئل أبو محمد الفضل بن شاذان النيشابوري رحمه الله فقيل له ما الدليل على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فقال الدليل على ذلك من كتاب الله عز و جل و من سنة نبيه ص و من إجماع المسلمين فأما كتاب الله تبارك و تعالى فقوله عز و جل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فدعانا سبحانه إلى طاعة أولي الأمر كما دعانا إلى طاعة نفسه و طاعة رسوله فاحتجنا إلى معرفة أولي الأمر كما وجبت علينا معرفة الله تعالى و معرفة الرسول عليه و آله السلام فنظرنا في أقاويل الأمة فوجدناهم قد اختلفوا في أولي الأمر و أجمعوا في الآية على ما يوجب كونها في علي بن أبي طالب ع فقال بعضهم أولي الأمر هم أمراء السرايا و قال بعضهم هم العلماء و قال بعضهم هم القوام على الناس و الآمرون بالمعروف و الناهون عن المنكر و قال بعضهم هم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و الأئمة من ذريته ع فسألنا الفرقة الأولة فقلنا لهم أ ليس علي بن أبي طالب ع من أمراء السرايا فقالوا بلى فقلنا للثانية أ لم يكن ع من العلماء قالوا بلى فقلنا للثالثة أ ليس علي ع قد كان من القوام على الناس بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فقالوا بلى فصار أمير المؤمنين ع معينا بالآية باتفاق الأمة و اجتماعها و تيقنا ذلك بإقرار المخالف لنا في الإمامة و الموافق عليها فوجب أن يكون إماما بهذه الآية لوجود الاتفاق على أنه معني بها و لم يجب العدول إلى غيره و الاعتراف بإمامته لوجود الاختلاف في ذلك و عدم الاتفاق و ما يقوم مقامه من البرهان و أما السنة فإنا وجدنا النبي ص استقضى عليا ع على اليمن و أمره على الجيوش و ولاه الأموال و أمره بأدائها إلى بني جذيمة الذين قتلهم خالد بن الوليد ظلما و اختاره لأداء رسالات الله سبحانه و الإبلاغ عنه في سورة براءة و استخلفه عند غيبته على من خلف و لم نجد النبي ص سن هذه السنن في أحد غيره و لا اجتمعت هذه السنن في أحد بعد النبي ص كما اجتمعت في علي ع و سنة رسول الله ص بعد موته واجبة كوجوبها في حياته و إنما يحتاج الأمة إلى الإمام بهذه الخصال التي ذكرناها فإذا وجدناها في رجل قد سنها الرسول ص فيه كان أولى بالإمامة ممن لم يسن النبي فيه شيئا من ذلك و أما الإجماع فإن إمامته ثبتت من جهته من وجوه منها أنهم قد أجمعوا جميعا أن عليا ع قد كان إماما و لو يوما واحدا و لم يختلف في ذلك أصناف أهل الإمامة ثم اختلفوا فقالت طائفة كان إماما في وقت كذا و كذا و قالت طائفة بل كان إماما بعد النبي ص في جميع أوقاته و لم يجمع الأمة على غيره أنه كان إماما في الحقيقة طرفة عين و الإجماع أحق أن يتبع من الاختلاف و منها أنهم أجمعوا جميعا على أن عليا ع كان يصلح للإمامة و أن الإمامة تصلح لبني هاشم و اختلفوا في غيره و قالت طائفة لم يكن تصلح لغير علي بن أبي طالب ع و لا تصلح لغير بني هاشم و الإجماع حق لا شبهة فيه و الاختلاف لا حجة فيه و منها أنهم أجمعوا على أن عليا ع كان بعد النبي ص ظاهر العدالة واجبة له الولاية ثم اختلفوا فقال قوم كان مع ذلك معصوما من الكبائر و الضلال و قال آخرون لم يك معصوما و لكن كان عدلا برا تقيا على الظاهر لا يشوب ظاهره الشوائب فحصل الإجماع على عدالته ع و اختلفوا في نفي العصمة عنه ع ثم أجمعوا جميعا على أن أبا بكر لم يكن معصوما و اختلفوا في عدالته فقالت طائفة كان عدلا و قال آخرون لم يكن عدلا لأنه أخذ ما ليس له فمن أجمعوا على عدالته و اختلفوا في عصمته أولى بالإمامة و أحق ممن اختلفوا في عدالته و أجمعوا على نفي العصمة عنه

 9-  ثم قال و من حكايات الشيخ و كلامه قال سئل الفضل بن شاذان رحمه الله عما روته الناصبة عن أمير المؤمنين ع أنه قال لا أوتي برجل يفضلني على أبي بكر و عمر إلا جلدته حد المفتري فقال إنما روى هذا الحديث سويد بن غفلة و قد أجمع أهل الآثار على أنه كان كثير الغلط و بعد فإن نفس الحديث متناقض لأن الأمة مجمعة على أن عليا ع كان عدلا في قضيته و ليس من العدل أن يجلد حد المفتري من لم يفتر لأن هذا جور على لسان الأمة كلها و علي بن أبي طالب ع عندنا بري‏ء من ذلك

 قال الشيخ أدام الله عزه و أقول إن هذا الحديث إن صح عن أمير المؤمنين ع و لن يصح بأدلة أذكرها بعد فإن الوجه فيه أن الفاضل بينه و بين الرجلين إنما وجب عليه حد المفتري من حيث أوجب لهما بالمفاضلة ما لا يستحقانه من الفضل لأن المفاضلة لا يكون إلا بين مقاربين في الفضل و بعد أن يكون في المفضول فضل و إذا كانت الدلائل على أن من لا طاعة معه لا فضل له في الدين و أن المرتد عن الإسلام ليس فيه شي‏ء من الفضل الديني و كان الرجلان بجحدهما النص قبل قد خرجا عن الإيمان بطل أن يكون لهما فضل في الإسلام فكيف يحصل لهما من الفضل ما يقارب فضل أمير المؤمنين ع و متى فضل إنسان أمير المؤمنين ع عليهما فقد أوجب لهما فضلا في الدين فإنما استحق حد المفتري الذي هو كاذب دون المفتري الذي هو راجم بالقبيح لأنه افترى بالتفضيل لأمير المؤمنين ع عليهما من حيث كذب في إثبات فضل لهما في الدين و يجري في هذا الباب مجرى من فضل البر التقي على الكافر المرتد الخارج عن الدين و مجرى من فضل جبرئيل ع على إبليس و رسول الله ص على أبي جهل بن هشام في أن المفاضلة بين من ذكرناه يوجب لمن لا فضل له على وجه فضلا مقاربا لفضل العظماء عند الله تعالى و هذا بين لمن تأمله مع أنه لو كان هذا الحديث صحيحا و تأويله على ما ظنه القوم يوجب أن يكون حد المفتري واجبا على الرسول ص و حاشا له من ذلك لأن رسول الله ص قد فضل أمير المؤمنين ع على سائر الخلق و آخى بينه و بين نفسه و جعله بحكم الله في المباهلة نفسه و سد أبواب القوم إلا بابه و رد أكثر الصحابة عن إنكاحهم ابنته سيدة نساء العالمين ع و أنكحه و قدمه في الولايات كلها و لم يؤخره و أخبر أنه يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله و أنه أحب الخلق إلى الله تعالى و أنه مولى من كان مولاه من الأنام و أنه منه بمنزلة هارون من موسى بن عمران و أنه أفضل من سيدي شباب أهل الجنة و أن حربه حربه و سلمه سلمه و غير ذلك مما يطول شرحه إن ذكرناه. و كان أيضا يجب أن يكون ع قد أوجب الحد على نفسه إذ أبان فضله على سائر أصحاب الرسول ص حيث يقول أنا عبد الله و أخو رسول الله لم يقلها أحد قبلي و لا يقولها أحد بعدي إلا مفتر كذاب صليت قبلهم سبع سنين و في قوله لعثمان و قد قال له أبو بكر و عمر خير منك فقال بل أنا خير منك و منهما عبدت الله عز و جل قبلهما و عبدته بعدهما و كان أيضا قد أوجب الحد على ابنه الحسن و جميع ذريته و أشياعه و أنصاره و أهل بيته فإنه لا ريب في اعتقادهم فضله على سائر الصحابة و قد قال الحسن ع صبيحة الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين ع لقد قبض الليلة رجل ما سبقه الأولون بعمل و لا أدركه الآخرون و هذه المقالة متهافتة جدا. و قال الشيخ أيده الله و لست أمنع العبارة بأن أمير المؤمنين ع كان أفضل من أبي بكر و عمر على معنى تسليم فضلهما من طريق الجدل أو على معتقد الخصوم في أن لهما فضلا في الدين و أما على تحقيق القول في المفاضلة فإنه غلط و باطل. قال الشيخ و شاهد ما أطلقت من القول و نظيره قول أمير المؤمنين ع في أهل الكوفة اللهم إني قد مللتهم و ملوني و سئمتهم و سئموني اللهم فابدلني بهم خيرا منهم و أبدلهم بي شرا مني. و لم يكن في أمير المؤمنين ع شر و إنما أخرج الكلام على اعتقادهم فيه و مثله قول حسان بن ثابت و هو يعني رسول الله ص.

أ تهجوه و لست له بكفو فخيركما لشركما الفداء.

 و لم يكن في رسول الله ص شر و إنما أخرج الكلام على معتقد الهاجي فيه و قوله تعالى وَ إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ و لم يكن الرسول على ضلال

 10-  ثم قال رضي الله عنه و من حكايات الشيخ و كلامه قال الشيخ أيده الله و قد كان الفضل بن شاذان رحمه الله استدل على إمامة أمير المؤمنين ع بقول الله تعالى وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ قال و إذا أوجب الله تعالى للأقرب برسول الله ص الولاية و حكم بأنه أولى به من غيره وجب أن أمير المؤمنين ع كان أولى بمقام رسول الله ص من كل أحد قال الفضل فإن قال قائل فإن العباس كان أقرب إلى رسول الله ص من علي ع قيل له إن الله تعالى لم يذكر الأقرب بالنبي ص دون أن علقه بوصف فقال النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ فشرط في الأولى بالرسول الإيمان و الهجرة و لم يكن العباس من المهاجرين و لا كانت له هجرة باتفاق قال الشيخ رحمه الله و أقول إن أمير المؤمنين ع كان أقرب إلى رسول الله ص من العباس و أولى بمقامه منه إن ثبت أن المقام موروث و ذلك أن عليا ع كان ابن عم رسول الله لأبيه و أمه و العباس رحمه الله عمه لأبيه و من تقرب بسببين كان أقرب ممن يتقرب بسبب واحد و أقول إنه لو لم تكن فاطمة ع موجودة بعد رسول الله ص لكان أمير المؤمنين أحق بتركته من العباس رحمه الله و لو ورث مع الولد أحد غير الأبوين و الزوج و الزوجة لكان أمير المؤمنين أحق بميراثه ص مع فاطمة ع من العباس بما قدمت من انتظامه القرابة من جهتين و اختصاص العباس بها من جهة واحدة. قال الشيخ أيده الله و لست أعلم بين أهل العلم خلافا في أن عليا ع ابن عم رسول الله ص لأبيه و أمه و أن العباس رضي الله عنه كان عمه لأبيه خاصة و يدل على ذلك ما رواه نقلة الآثار و هو أن أبا طالب رحمه الله مر على رسول الله ص و علي ع إلى جنبه فلما سلم قال ما هذا يا ابن أخ فقال له رسول الله ص شي‏ء أمرني به ربي يقربني إليه فقال لابنه جعفر يا بني صل جناح ابن عمك فصلى رسول الله ص بعلي و جعفر ع يومئذ فكانت أول صلاة جماعة في الإسلام ثم أنشأ أبو طالب يقول

إن عليا و جعفرا ثقتي. عند ملم الزمان و الكرب.و الله لا أخذل النبي و لا. يخذله من بني ذو حسب.لا تخذلا و انصرا ابن عمكما. أخي لأمي من بينهم و أبي.

 و من ذلك ما رواه جابر بن عبد الله الأنصاري رحمه الله قال سمعت عليا ع ينشد و رسول الله يسمع

أنا أخو المصطفى لا شك في نسبي. معه ربيت و سبطاهما ولدي.جدي و جد رسول الله منفرد. و فاطمة زوجتي لا قول ذي فند.

 فالحمد لله شكرا لا شريك له. البر بالعبد و الباقي بلا أمد.

 قال فتبسم رسول الله ص و قال له صدقت يا علي و في ذلك أيضا يقول الشاعر

إن علي بن أبي طالب. جدا رسول الله جداه.أبو علي و أبو المصطفى. من طينة طيبها الله