باب 10- يوم النيروز و تعيينه و سعادة أيام شهور الفرس و الروم و نحوستها و بعض النوادر

1-  أقول رأيت في بعض الكتب المعتبرة روى فضل الله بن علي بن عبيد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن محمد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب تولاه الله في الدارين بالحسنى عن أبي عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد بن العباس الدوريستي عن أبي محمد جعفر بن   أحمد بن علي المونسي القمي عن علي بن بلال عن أحمد بن محمد بن يوسف عن حبيب الخير عن محمد بن الحسين الصائغ عن أبيه عن معلى بن خنيس قال دخلت على الصادق جعفر بن محمد ع يوم النيروز فقال ع أ تعرف هذا اليوم قلت جعلت فداك هذا يوم تعظمه العجم و تتهادى فيه فقال أبو عبد الله الصادق ع و البيت العتيق الذي بمكة ما هذا إلا لأمر قديم أفسره لك حتى تفهمه قلت يا سيدي إن علم هذا من عندك أحب إلي من أن يعيش أمواتي و تموت أعدائي فقال يا معلى إن يوم النيروز هو اليوم الذي أخذ الله فيه مواثيق العباد أن يعبدوه و لا يشركوا به شيئا و أن يؤمنوا برسله و حججه و أن يؤمنوا بالأئمة ع و هو أول يوم طلعت فيه الشمس و هبت به الرياح و خلقت فيه زهرة الأرض و هو اليوم الذي اسْتَوَتْ فيه سفينة نوح ع عَلَى الْجُودِيِّ و هو اليوم الذي أحيا الله فيه الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ و هو اليوم الذي نزل فيه جبرئيل على النبي ص و هو اليوم الذي حمل فيه رسول الله ص أمير المؤمنين ع على منكبه حتى رمى أصنام قريش من فوق البيت الحرام فهشمها و كذلك إبراهيم ع و هو اليوم الذي أمر النبي ص أصحابه أن يبايعوا عليا ع بإمرة المؤمنين و هو اليوم الذي وجه النبي ص عليا ع إلى وادي الجن يأخذ عليهم البيعة له و هو اليوم الذي بويع لأمير المؤمنين ع فيه البيعة الثانية و هو اليوم الذي ظفر فيه بأهل النهروان و قتل ذا الثدية و هو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا و ولاة الأمر و هو اليوم الذي يظفر فيه قائمنا بالدجال فيصلبه على كناسة الكوفة و ما من يوم نيروز إلا و نحن نتوقع فيه الفرج لأنه من أيامنا و أيام شيعتنا حفظته العجم و ضيعتموه أنتم و قال إن نبيا من الأنبياء سأل ربه كيف يحيي هؤلاء القوم الذين خرجوا

   فأوحى الله إليه أن يصب الماء عليهم في مضاجعهم في هذا اليوم و هو أول يوم من سنة الفرس فعاشوا و هم ثلاثون ألفا فصار صب الماء في النيروز سنة فقلت يا سيدي أ لا تعرفني جعلت فداك أسماء الأيام بالفارسية فقال ع يا معلى هي أيام قديمة من الشهور القديمة كل شهر ثلاثون يوما لا زيادة فيه و لا نقصان فأول يوم من كل شهر هرمزد روز اسم من أسماء الله تعالى خلق الله عز و جل فيه آدم ع تقول الفرس إنه يوم جيد صالح للشرب و للفرح و يقول الصادق إنه يوم سعيد مبارك يوم سرور تكلموا فيه الأمراء و الكبراء و اطلبوا فيه الحوائج فإنها تنجح بإذن الله و من ولد فيه يكون مباركا و ادخلوا فيه على السلطان و اشتروا فيه و بيعوا و زارعوا و اغرسوا و ابنوا و سافروا فإنه يوم مختار يصلح لجميع الأمور و للتزويج و من مرض فيه يبرأ سريعا و من ضلت له ضالة وجدها إن شاء الله الثاني بهمن روز يوم صالح صاف خلق الله فيه حواء ع و هو ضلع من أضلاع آدم ع و هو اسم الملك الموكل بحجب القدس و الكرامة تقول الفرس إنه يوم صالح مختار و يقول الصادق إنه يوم مبارك تزوجوا فيه و أتوا أهاليكم من أسفاركم و سافروا فيه و اشتروا و بيعوا و اطلبوا فيه الحوائج في كل نوع و هو يوم مختار و من مرض فيه من أول النهار يكون مرضه خفيفا و من مرض في آخره اشتد مرضه و خيف من موته في ذلك المرض الثالث أرديبهشت روز اسم الملك الموكل بالشفاء و السقم يقول الفرس إنه يوم ثقيل و يقول الصادق إنه يوم نحس مستمر فاتقوا فيه الحوائج و جميع الأعمال و لا تدخلوا فيه على السلطان و لا تبيعوا و لا تشتروا و لا تزوجوا و لا تسألوا فيه حاجة و لا تكلفوها أحدا و احفظوا أنفسكم و اتقوا أعمال السلطان و تصدقوا ما أمكنكم فإنه من مرض فيه خيف عليه و   هو اليوم الذي أخرج الله عز و جل فيه آدم و حواء من الجنة و سلبا فيه لباسهما و من سافر فيه قطع عليه أبدا الرابع شهريور روز اسم الملك الذي خلقت فيه الجواهر عنه و وكل بها و هو موكل ببحر الروم و تقول الفرس إنه يوم مختار و يقول الصادق إنه يوم مبارك ولد فيه هابيل بن آدم و هو صالح للتزويج و طلب الصيد في البر و البحر و من ولد فيه يكون رجلا صالحا مباركا و محببا إلى الناس إلا أنه لا يصلح فيه السفر و من سافر فيه خاف القطع و يصيبه بلاء و غم و من مرض فيه يبرأ سريعا إن شاء الله تعالى الخامس إسفندارمذ روز اسم الملك الموكل بالأرضين يقول الفرس إنه يوم ثقيل و يقول الصادق إنه يوم نحس ردي‏ء ولد فيه قابيل بن آدم و كان ملعونا كافرا و هو الذي قتل أخاه و دعا بالويل و الثبور على أهله و أدخل عليهم الغم و البكاء فاجتنبوه فإنه يوم شوم و نحس و مذموم و لا تطلبوا فيه حاجة و لا تدخلوا فيه على السلطان و ادخلوا في منازلكم و احذروا فيه كل الحذر من السباع و الحديد السادس خرداد روز اسم الملك الموكل بالجبال تقول الفرس إنه يوم خفيف و يقول الصادق إنه يوم مبارك صالح للتزويج و لطلب الحوائج لكل ما يسعى فيه من الأمر في البر و البحر و الصيد فيهما و للمعاش و كل حاجة و من سافر فيه رجع إلى أهله سريعا بكل ما يحبه و يريده و بكل غنيمة فجدوا في كل حاجة تريدونها فيه فإنها مقضية إن شاء الله تعالى السابع مرداد روز اسم الملك الموكل بالناس و أرزاقهم يقول الفرس إنه يوم جيد و يقول الصادق إنه يوم سعيد مبارك اعملوا فيه جميع ما شئتم من السعي في حوائجكم من البناء و الغرس و الذرو و الزرع و لطلب الصيد و الدخول على السلطان و السفر فإنه يوم مختار يصلح لكل حاجة إن شاء الله تعالى

   الثامن ديبار روز اسم من أسماء الله تعالى تقول الفرس إنه يوم جيد و يقول الصادق إنه يوم مبارك صالح لكل حاجة يسعى فيها و للشراء و البيع و الصيد ما خلا السفر فاتقوا فيه و من مرض فيه يبرأ سريعا و ادخلوا فيه على السلطان و غيره فإنه يقضى فيه الحوائج و من دخل فيه على السلطان لحاجة فليسأله فيها التاسع آذر روز اسم الملك الموكل بالنيران يوم القيامة تقول الفرس إنه يوم خفيف و يقول الصادق إنه يوم صالح خفيف سعيد مبارك من أول النهار إلى آخر النهار يصلح للسفر و لكل ما تريد و من سافر فيه رزق مالا كثيرا و يرى في سفره كل خير و من مرض يبرأ سريعا و لا يناله في علته مكروه إن شاء الله تعالى فاطلبوا الحوائج فيه فإنها تقضى لكم بمشية الله تعالى و توفيقه العاشر آبان روز اسم الملك الموكل بالبحر و المياه تقول الفرس إنه يوم ثقيل و يقول الصادق إنه يوم صالح لكل شي‏ء ما خلا الدخول على السلطان و هو اليوم الذي ولد فيه نوح ع و من ولد فيه يكون مرزوقا من معاشه و لا يصيبه ضيق و لا يموت حتى يهرم و لا يبتلى بفقر و من فر فيه من السلطان أو غيره أخذ و من ضلت له ضالة وجدها و هو جيد للشراء و البيع و السفر و من مرض فيه يبرأ سريعا إن شاء الله تعالى الحادي عشر خور روز اسم الملك الموكل بالشمس يقول الفرس إنه يوم ثقيل مثل أمسه و يقول الصادق إنه اليوم الذي ولد فيه شيث بن آدم ع و النبي ص و هو يوم صالح للشراء و البيع و لجميع الأعمال و الحوائج و للسفر ما خلا الدخول على السلطان فإنه لا يصلح و التواري عنه فيه أصلح من الدخول عليه فاجتنبوا فيه ذلك و من ولد فيه يكون مباركا مرزوقا في معاشه طويل العمر و لا يفتقر أبدا فاطلبوا فيه حوائجكم ما خلا السلطان الثاني عشر ماه روز اسم الملك الموكل بالقمر يقول الفرس إنه يوم

   خفيف يسمى روز به و يقول الصادق إنه يوم صالح جيد مختار يصلح لكل شي‏ء تريدونه مثل اليوم الحادي عشر و من ولد فيه يكون طويل العمر فاطلبوا فيه حوائجكم و ادخلوا على السلطان في أوله و لا تدخلوا في آخره و استعينوا بالله عز و جل فيها فإنها تقضى لكم بمشية الله تعالى الثالث عشر تير روز اسم الملك الموكل بالنجوم يقول الفرس إنه يوم ثقيل شومي جدا و يقول الصادق إنه يوم نحس مستمر فاتقوه في جميع الأعمال ما استطعتم و لا تقصدوا و لا تطلبوا فيه الحاجة أصلا و لا تدخلوا فيه على السلطان و غيره جهدكم و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم الرابع عشر جوش روز اسم الملك الموكل بالبشر و الأنعام و المواشي تقول الفرس إنه يوم خفيف و يقول الصادق إنه يوم جيد صالح لكل عمل و أمر يراد و يحمد فيه لقاء الأشراف و العلماء و لطلب الحوائج و من يولد فيه يكون حسن الكمال مشعوفا بطلب العلم و يعمر طويلا يكثر ماله في آخر عمره و من مرض فيه يبرأ بمشية الله عز و جل الخامس عشر ديمهر روز اسم من أسماء الله تعالى تقول الفرس إنه يوم خفيف و يقول الصادق إنه يوم صالح مبارك لكل عمل و لكل حاجة تريدها إلا إنه من يولد فيه يكون به خرس أو لثغة فاطلبوا فيه الحوائج فإنها تقضى إن شاء الله السادس عشر مهر روز اسم الملك الموكل بالرحمة تقول الفرس إنه يوم خفيف جيد جدا و يقول الصادق إنه يوم منحوس ردي‏ء مذموم فلا تطلبوا فيه حوائجكم و لا تسافروا فيه فإنه من سافر فيه هلك و من ولد فيه يكون لا بد مجنونا و من مرض فيه لا يكاد ينجو فاجهدوا في ترك طلب الحوائج و الحركة فإنها و إن قضيت تقضى بمشقة و ربما لم يتم فيها المراد فاتقوا ما استطعتم و تصدقوا فيه   السابع عشر نمروش روز اسم الملك الموكل بخراب العالم و هو جبرئيل ع يقول الفرس إنه يوم مختار خفيف متوسط و يقول الصادق إنه يوم صالح لكل ما يراد جيد موافق صاف مختار لجميع الحوائج فاطلبوا فيه ما شئتم و تزوجوا و بيعوا و اشتروا و ازرعوا و ابنوا و ادخلوا على السلطان و غيره فإن حوائجكم تقضى بمشية الله تعالى الثامن عشر رش روز اسم الملك الموكل بالنيران يقول الفرس إنه يوم خفيف و يقول الصادق إنه يوم مختار جيد مبارك صالح للسفر و الزرع و طلب الحوائج و التزويج و كل أمر يراد و من خاصم فيه عدوه أو خصمه غلب عليه و ظفر فيه بقدرة الله تعالى التاسع عشر فروردين روز اسم الملك الموكل بأرواح الخلائق و قبضها يقول الفرس إنه يوم ثقيل و يقول الصادق إنه يوم مختار صالح جيد للسفر و التزويج و طلب الحوائج و من خاصم فيه عدوا ظفر به و غلبه بقدرة الله تعالى و يصلح لكل عمل و هو اليوم الذي ولد فيه إسحاق النبي ع و هو يوم مبارك يصلح لكل ما تريد و من يولد فيه يكون مباركا إن شاء الله تعالى العشرون بهرام روز اسم الملك الموكل بالنصر و الخذلان في الحرب يقول الفرس إنه يوم خفيف و يقول الصادق إنه يوم صالح جيد مختار صاف يصلح لطلب الحوائج و السفر خاصة و البناء و التزويج و العرس و الدخول على السلطان و غيره فيه فإنه يوم مبارك يصلح إن شاء الله تعالى الحادي و العشرون رام روز اسم الملك الموكل بالفرح و السرور تقول الفرس إنه يوم جيد يتبرك به و يقول الصادق إنه يوم نحس مستمر و هو يوم إهراق الدماء فاتقوا فيه ما استطعتم و لا تطلبوا فيه حاجة و لا تنازعوا فيه

   خصما و من يولد فيه يكون محتاجا فقيرا في أكثر أمره و دهره و من سافر فيه لم يربح و خيف عليه الثاني و العشرون باد روز اسم الملك الموكل بالرياح يقول الفرس إنه يوم ثقيل و يقول الصادق إنه يوم مختار جيد صاف يصلح لكل حاجة تريدها فاطلبوا فيه الحوائج فإنه يوم جيد خاصة للشراء و البيع و للصدقة فيه ثواب جزيل جليل عظيم و من يولد فيه يكون مباركا محبوبا و من مرض فيه يبرأ سريعا و من سافر فيه يخصب و يرجع إلى أهله معافى سالما و من دخل فيه إلى السلطان بلغ محابه و وجد عنده نجاحا لما قصد له الثالث و العشرون ديبدين روز اسم الملك الموكل بالنوم و اليقظة يقول الفرس إنه يوم خفيف و يقول الصادق إنه يوم مختار ولد فيه يوسف ع يصلح لكل أمر و حاجة و لكل ما تريدونه و خاصة للتزويج و التجارات كلها و الدخول على السلطان و التماس الحوائج و من يولد فيه يكون مباركا صالحا و من سافر فيه يغنم و يجد خيرا بمشية الله عز و جل الرابع و العشرون دين روز اسم الملك الموكل بالسعي و الحركة يقول الفرس إنه يوم خفيف جيد و يقول الصادق إنه يوم منحوس ولد فيه فرعون لعنه الله و هو يوم عسر نكد فاتقوا فيه ما استطعتم و من سافر فيه مات في سفره و في نسخة أخرى و من يولد فيه يموت في سفره أو يقتل أو يغرق و يكون مدة عمره محزونا مكدودا نكدا و لا يوفق لخير و من مرض فيه طال مرضه و لا يكاد ينتفع بمقصد و لو جهد جهده الخامس و العشرون أرد روز اسم الملك الموكل بالجن و الشياطين و تقول الفرس إنه يوم ثقيل و يقول الصادق إنه يوم نحس ردي‏ء مذموم و هو اليوم الذي أصاب فيه أهل مصر سبعة أضرب من الآفات و هو يوم شديد البلاء و من مرض فيه لم يكد ينج و لا يبرأ و من سافر فيه لا يرجع و لا يربح فلا تطلبوا فيه حاجة و احفظوا فيه أنفسكم و احترزوا و اتقوا فيه جهدكم   السادس و العشرون أشتاد روز اسم الملك الموكل الذي خلق عند ظهور الدين تقول الفرس إنه يوم جيد و يقول الصادق إنه يوم صالح مبارك ضرب فيه موسى ع البحر فانفلق يصلح لكل حاجة ما خلا التزويج و السفر و اجتنبوا فيه ذلك فإنه من تزوج فيه لم يتم أمره و يفارق أهله و فرق بينهما و من سافر فيه لم يصلح و لم يربح و لم يرجع و عليكم بالصدقة فإن المنفعة بها وافرة و لمضاره دافعة بمشية الله و عونه السابع و العشرون آسمان روز اسم الملك الموكل بالسماوات يقول الفرس إنه يوم مختار و يقول الصادق إنه يوم جيد مختار يصلح لطلب الحوائج و لكل شي‏ء تريده و من يولد فيه يكون جميلا حسنا مليحا و هو جيد للبناء و الزرع و الشراء و البيع و الدخول على السلطان فاعملوا ما شئتم و اسعوا في حوائجكم الثامن و العشرون رامياد روز اسم الملك الموكل بالقضاء بين الخلق تقول الفرس إنه يوم ثقيل منحوس و يقول الصادق إنه يوم سعيد مبارك ممدوح ولد فيه يعقوب النبي ع يصلح للسفر و لجميع الحوائج و من يولد فيه يكون مرزوقا محببا إلى الناس محببا إلى أهله محسنا إليهم إلا أنه يصيبه الغموم و الهموم و يبتلى في آخر عمره و لا يؤمن عليه من ذهاب بصره التاسع و العشرون مهر إسفند روز اسم الملك الموكل بالأفنية و الأزمان و العقول و الأسماع و الأبصار تقول الفرس إنه يوم جيد و يقول الصادق إنه يوم مختار جيد يصلح لكل حاجة ما خلا الكاتب فإنه يكره له ذلك و لا أرى له أن يسعى لحاجة فيه إن قدر على ذلك و من مرض فيه يبرأ سريعا و من سافر فيه أصاب مالا كثيرا إلا من كان كاتبا فإنه يكره له ذلك و لا أرى السعي في حاجته إن قدر عليه و من أبق له فيه آبق رجع إليه سريعا و من ضلت له ضالة وجدها الثلاثون أنيران روز اسم الملك الموكل بالأدوار و الأزمان يتبرك فيه الفرس و يقول الصادق إنه يوم مختار جيد صالح لكل شي‏ء و هو اليوم

   الذي ولد فيه إسماعيل بن إبراهيم صلوات الله عليهما و على ذريتهما و على آلهما يصلح لكل شي‏ء و لكل حاجة من شراء و بيع و زرع و غرس و تزويج و بناء و من مرض فيه يبرأ سريعا إن شاء الله و قال أمير المؤمنين ع من ولد فيه يكون حكيما حليما صادقا مباركا مرتفعا أمره و يعلو شأنه و يكون صادق اللسان صاحب وفاء و من أبق له فيه آبق وجده و من ضلت له فيه ضالة وجدها إن شاء الله تعالى

2-  المناقب، حكي أن المنصور تقدم إلى موسى بن جعفر ع بالجلوس للتهنئة في يوم النيروز و قبض ما يحمل إليه فقال إني قد فتشت الأخبار عن جدي رسول الله ص فلم أجد لهذا العيد خبرا و إنه سنة الفرس و محاها الإسلام و معاذ الله أن نحيا ما محاها الإسلام فقال المنصور إنما نفعل هذا سياسة للجند فسألتك بالله العظيم إلا جلست فجلس إلى آخر ما أوردته في أبواب تاريخه عليه السلام

 بيان هذا الخبر مخالف لأخبار المعلى و يدل على عدم اعتبار النيروز شرعا   و أخبار المعلى أقوى سندا و أشهر بين الأصحاب و يمكن حمل هذا على التقية لاشتمال خبر المعلى على ما يتقى فيه و لذا يتقى في إظهار التبرك به في تلك الأزمنة في بلاد المخالفين أو على أن اليوم الذي كانوا يعظمونه غير النيروز المراد في خبر المعلى كما سيأتي ذكر الاختلاف فيه

3-  المتهجد، روى المعلى بن الخنيس عن مولانا الصادق ع في يوم النيروز قال إذا كان يوم النيروز فاغتسل و البس أنظف ثيابك و تطيب بأطيب طيبك و تكون ذلك اليوم صائما الخبر

4-  و أقول وجدت في بعض كتب المنجمين مرويا عن مولانا الصادق ع في أيام شهور الفرس الأول هرمز و هو اسم الله تعالى و فيه خلق آدم و حواء جيد للتجارة و صحبة الملوك و الصيد و البناء و اللبس و لا يصلح الحمام و الفصد و القرض و الحرب و المناظرة الثاني بهمن يوم مبارك يصلح لأكثر الأمور كالشركة و التجارة و السفر و النكاح و التحويل و الزراعة و قطع الجديد و لبسه و لا يصلح للفصد و الحجامة و الحمام و الثالث أرديبهشت اسم ملك موكل بالشفاء و فيه أخرج آدم و حواء من الجنة فاتق فيه لكنه يصلح للصيد و شراء الدواب و من سافر فيه ذهب ماله و قطع و الرابع شهريور يوم جيد ولد فيه هابيل يصلح للعمارة و البناء و الصلح و النكاح و التجارة و الصيد و لا يصلح للسفر و النقل و التحويل و الحلق و الخامس إسفندارمذ يوم نحس فيه قتل قابيل هابيل اتق فيه إلا من العمارة و شرب الدواء و حلق الشعر و احذر الأسواء و المناظرة   و السادس خرداد اسم ملك موكل بالجبال مبارك جيد للصلح و لبس الجديد و التعليم و المناظرة و التزويج و السفر و احذر فيه الفصد و التعليم و الحرب و السابع مرداد اسم ملك موكل بالحيوانات يوم جيد يصلح لكتابة الكتب و إرسال الرسل و العمارة و النكاح و المعالجة و لا يصلح للفصد و الحجامة و الزراعة و الطلاق و الثامن ديباذر اسم من أسماء الله تعالى يوم مبارك يصلح للبيع و الشراء و الضيافة و الفصد و طلب الحوائج و لا يصلح للسفر و الصيد و المناظرة و الحمام و التاسع آذر اسم ملك موكل بالنار أوله جيد و آخره ردي‏ء يصلح للقاء الملوك و طلب الحوائج و السفر و الصيد و شرب الدواء و لا يشترى الملك فإنه يخرب سريعا و العاشر آبان اسم ملك موكل بالبحار فيه ولد نوح ع يصلح فيه لقاء العلماء و التجار و الأكابر و كتابة الكتب و إرسال الرسل و ليحذر فيه من السفر و الصيد و المعالجة و الصعود على مرتفع فإنه يخاف عليه السقوط و الحادي عشر خور اسم ملك موكل بالشمس ولد فيه موسى ع جيد للقاء الملوك و الزرع و المناظرة و الصيد و البناء و السفر و شراء الدواب ردي‏ء للفصد و الحمام و النكاح و لبس الجديد و شراء المماليك و الثاني عشر ماه اسم ملك موكل بالأرزاق يقال لهذا اليوم مخزن الأسرار صالح لشرب الدواء و الصيد و الحمام و الزرع و التحويل و ليحذر فيه من الهرب فإنه يظفر به و الثالث عشر تير اسم ملك موكل بالكواكب يوم نحس يصلح لمجالسة أهل الصلاح و الاشتغال بالدعاء و ليحذر فيه جميع الأعمال لا سيما لقاء الأكابر الرابع عشر جوش اسم ملك موكل بالبهائم ولد فيه إبراهيم ع جيد للقاء الأشراف و التجارة و الشركة و المناظرة و الفصد و ليحذر فيه الأعمال السيئة

   الخامس عشر ديبمهر اسم ملك موكل بالعرش فيه نجا إبراهيم عليه السلام من النار يصلح للتجارة و النكاح و السفر و الصيد و لبس الجديد و قطعه و احذر فيه الفصد و السادس عشر مهر اسم ملك موكل بالجحيم يوم نحس مستمر صالح لدخول الحمام و الحلق و لا يصلح لسائر الأعمال خصوصا السفر فإنه يخاف عليه الهلاك و السابع عشر سروش و هو اسم من أسماء الله تعالى و قيل اسم جبرئيل يوم متوسط يصلح لطلب الحاجات و فعل الخيرات و ليحذر سائر الأعمال الثامن عشر رشن اسم ملك موكل بالنار يوم جيد يصلح للسفر و التجارة و الشركة و الزراعة و قطع الثياب و الفصد و ليحذر فيه الفسق و الفجور و الأعمال السيئة و التاسع عشر فروردين هو اسم ملك الموت ولد فيه إسحاق يصلح للصيد و الحمام و الكتب و الرسل و التحويل و لقاء الأشراف و ليحذر فيه من إخراج الدم و حلق الشعر و العشرون بهرام اسم ملك موكل بالحروب متوسط صالح للسفر و النكاح و الفصد و حلق الشعر و المعالجة و ليحذر الخصومة و الصيد و التقاضي للعرفاء و الحادي و العشرون رام اسم ملك موكل بالروح نحس فليذكر الله و ليصم و ليتصدق و ليتب و ليستغفر الله و يستعصم من المكاره و ليحذر الأعمال و في بعض النسخ اسم ملك موكل بالسحاب يوم مبارك جيد للنكاح و السفر و المناظرة و البيع و الشراء و العمارة ردي‏ء للصيد و المعالجة و دخول الحمام و الثاني و العشرون باد اسم ملك موكل بالسحب يوم مبارك صالح للسفر و النكاح و المناظرة و البيع و الشراء و العمارة و الصيد و في بعض النسخ اسم من أسماء الله تعالى يوم جيد جدا صالح للسفر و الصيد و النكاح و الحمام   و الحلق و ليحذر فيه من الفسق و الفجور و الثالث و العشرون ديبدين اسم من أسماء الله تعالى يوم جيد صالح للسفر و النكاح و الفصد و الحمام و أخذ الشعر و في بعض النسخ فيه ولد فرعون صالح للفصد حسب و ليحذر فيه من الطعام الردي‏ء و من الأعمال خصوصا السفر و الرابع و العشرون دين يوم نحس فيه ولد فرعون لا يصلح إلا للفصد و ليحذر الأطعمة و جميع الأعمال سيما السفر و في بعض النسخ نحس لا يصلح إلا للفصد و الخامس و العشرون أرد اسم ملك موكل بالشياطين و فيه هلك أهل مصر يوم نحس و ليخل فيه بنفسه و ليحذر من جميع الأعمال لا سيما السفر و التجارة و النكاح و الحمام و الصيد و السادس و العشرون أشتاد اسم ملك موكل بالإنس فيه عبر موسى و قومه البحر صالح لطلب الحاجة و غرس الأشجار و شراء الأملاك و ليحذر التحويل و السفر و العمارة و الفصد و التزويج و السابع و العشرون آسمان اسم ملك موكل بالسماوات يوم مبارك جدا صالح للسفر خصوصا في الضحى و لدخول الحمام و المناظرة و ليتق الفصد و الصيد و النكاح و شراء الدواب و الثامن و العشرون رامياد اسم ملك موكل بالأرضين يوم مبارك صالح للسفر و البيع و الشراء و المناظرة و شرب الدواء و يحذر الفصد و الحمام و التاسع و العشرون مار إسفندار اسم ميكائيل ع يوم جيد جدا صالح للقاء الأشراف و تعمير البلاد و النكاح و لا يصلح للسفر و طلب العلم و لبس الجديد و قطعه و شراء الدواب و الثلاثون أنيران اسم ملك موكل بالأيام فيه ولد إسماعيل ع صالح للسفر و الشركة و الزرع و الفصد و الحمام و ليجتنب فيه الأعمال السيئة و ليعمل الخيرات و في بعض النسخ اسم ملك موكل بالحروب متوسط صالح   للسفر و النكاح و الفصد و الحلق و المعالجة و ليحذر فيه الأعمال السيئة و ليشتغل بالخيرات

5-  رواية أخرى روى أبو نصر يحيى بن جرير التكريتي في كتاب المختار في الاختيارات عن أبي الحسن القارئ عن الحسن بن أحمد بن روح عن محمد بن إبراهيم عن أبي عبد الله جعفر الصادق ع أنه قال أول يوم من الشهر خلق الله تعالى آدم فيه و هو يوم سعد يصلح لمناظرة الأمراء اليوم الثاني يصلح للتزويج و السفر و البيع و الشراء و كل ابتداء اليوم الثالث يوم نحس لا تلق فيه سلطانا و لا تطلب فيه حاجة و لا بيعا و لا شراء اليوم الرابع ولد فيه قابيل بن آدم و هو يوم صالح للتزويج و طلب الحوائج غير السفر فإنه يسلب كما سلب آدم و حواء لباسهما اليوم الخامس ملعون نحس قتل فيه قابيل هابيل و دعا على أهله بالويل اليوم السادس صالح للتزويج و السفر و الحجامة و لقاء السلطان في كل حاجة اليوم السابع صالح للمناظرة و الخصومة و طلب الحوائج و لقاء القضاة و غيرهم و السفر و كل ابتداء اليوم الثامن مثل أمسه سوى السفر فإنه مكروه اليوم التاسع يوم سعيد اطلب فيه الحوائج تقضى لك اليوم العاشر يوم سعد مثل أمسه اليوم الحادي عشر من سافر فيه غنم و إن هرب من السلطان ظفر به و من ولد فيه رزق رزقا حسنا   اليوم الثاني عشر صالح لطلب الحوائج و السفر و كل ما يراد اليوم الثالث عشر نحس ردي‏ء فتوق فيه لقاء السلطان و غيره و احذر فيه الرمي فإنه مشوم اليوم الرابع عشر صالح لكل حاجة من يولد فيه يكون غنيا و يكثر ماله في آخر عمره اليوم الخامس عشر نحس من سافر فيه هلك و يناله المكروه و من ولد فيه يكون مجنونا لا محالة اليوم السادس عشر صالح لكل أمر فاطلب فيه ما تريد اليوم السابع عشر صالح لكل حاجة فاطلب فيه ما تريد اليوم الثامن عشر صالح لكل حاجة و للسفر من سافر فيه قضيت حوائجه اليوم التاسع عشر مثل أمسه في جميع أحواله اليوم العشرون مثله اليوم الحادي و العشرون يوم نحس و فيه إراقة الدماء فلا تلق فيه سلطانا و لا تخرج من بيتك و لا تطلب فيه حاجة اليوم الثاني و العشرون مثل أمسه اليوم الثالث و العشرون مثل أمسه اليوم الرابع و العشرون يوم نحس مستمر مشوم من ولد فيه قتل اليوم الخامس و العشرون يوم نحس لا ينبغي أن يبدأ فيه بشي‏ء اليوم السادس و العشرون صالح فرق الله فيه البحر لموسى فاحذر فيه التزويج فإنه يوجب الفرقة كما انفرق البحر اليوم السابع و العشرون صالح للتزويج و قضاء الحوائج و هو يوم سعد فاطلب فيه ما شئت اليوم الثامن و العشرون ولد فيه يعقوب ع يوم سعد من ولد فيه كان محبوبا إلى الناس   اليوم التاسع و العشرون صالح للسفر و كل حاجة و هو يوم سعد اليوم الثلاثون صالح للسفر و طلب الحوائج و إخراج الدم و هو يوم سعد

6-  أقول و روي أيضا في بعض الكتب عن الصادق ع اختيارات أيام شهور الفرس على وجه آخر هكذا اليوم الأول أرمزد مختار في كل الشهور الاثني عشر لأنه اسم الله تعالى الثاني بهمن وسط في الشهور العشرة الأوائل نحس في بهمن ماه وسط في إسفندارمذ ماه الثالث أرديبهشت وسط في فروردين سعد في أرديبهشت و خرداد تير وسط في مرداد نحس في شهريور وسط في مهر و دي و بهمن سعد في آذر و إسفندارمذ الرابع شهريور وسط في فروردين و تير و مهر إلى آخر الشهور سعد في خرداد و مرداد و شهريور الخامس إسفندارمذ وسط في فروردين و مرداد و مهر و دي و بهمن سعد في أرديبهشت و خرداد و تير و شهريور و آبان و آذر نحس في إسفندارمذ السادس خرداد وسط في فروردين و أرديبهشت و مهر و آذر و بهمن سعد في خرداد و تير و مرداد و شهريور و آبان و دي و إسفندارمذ السابع مرداد وسط في فروردين و أرديبهشت و خرداد و تير و مهر و آذر و بهمن سعد في مرداد و شهريور و آبان و دي و إسفندارمذ الثامن ديباذر وسط في كل الشهور التاسع آذر نحس في فروردين و إسفندار وسط في أرديبهشت و مهر و آبان و آذر سعد في خرداد و تير و مرداد و شهريور و دي و بهمن   العاشر آبان نحس في آبان وسط في سائر الشهور الحادي عشر خور نحس في خرداد وسط في باقي الشهور الثاني عشر ماه مختار في كل الشهور لأنه باسم القمر الثالث عشر تير سعد في فروردين و أرديبهشت نحس في تير وسط في سائر الشهور الرابع عشر جوش سعد في أرديبهشت و تير و مرداد وسط في باقي الشهور الخامس عشر دي مهر نحس في أرديبهشت سعد في آبان وسط في باقي الشهور السادس عشر مهر سعد في أرديبهشت و خرداد و مهر و إسفندارمذ وسط في باقي الشهور السابع عشر سروش سعد في آبان و آذر و بهمن وسط في باقي الشهور الثامن عشر رشن سعد في شهريور و مهر وسط في باقي الشهور التاسع عشر فروردين سعد في فروردين و تير و آذر وسط في باقي الشهور العشرون بهرام نحس في مرداد و آذر و دي و سعد في إسفندارمذ وسط في تتمة الشهور الحادي و العشرون رام وسط في خرداد و تير و آذر و دي سعد في تتمة الشهور الثاني و العشرون باد نحس في فروردين و بهمن سعد في مرداد و شهريور و دي وسط في باقي الشهور الثالث و العشرون ديبدين سعد في آبان وسط في باقي الشهور الرابع و العشرون دين سعد في فروردين و دي و بهمن و إسفندارمذ   وسط في تتمة الشهور الخامس و العشرون أرد سعد في فروردين و أرديبهشت و مهر و بهمن و إسفندارمذ وسط في تتمة الشهور السادس و العشرون أشتاد سعد في تير و شهريور و دي وسط في تتمة الشهور السابع و العشرون آسمان وسط في فروردين و مرداد و مهر و آبان و آذر و بهمن و إسفندارمذ سعد في تتمة الشهور الثامن و العشرون رامياد سعد في دي وسط في باقي الشهور التاسع و العشرون ماراسفند وسط في كل الشهور الثلاثون أنيران نحس في خرداد وسط في تتمة الشهور

 أقول هذه الروايات الأخيرة أخرجناه من كتب الأحكاميين و المنجمين لروايتهم عن أئمتنا ع و لا أعتمد عليها و كانت في النسخ اختلافات كثيرة أشرنا إلى بعضها

7-  العلل، و العيون، عن أحمد بن زياد الهمداني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبي الصلت الهروي عن علي بن موسى الرضا عن آبائه ع قال أتى علي بن أبي طالب ع قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم يقال له عمرو فقال له يا أمير المؤمنين أخبرني عن أصحاب الرس في أي عصر كانوا و أين كانت منازلهم و من كان ملكهم و هل بعث الله عز و جل إليهم رسولا أم لا و بما ذا أهلكوا فإني أجد في كتاب الله عز و جل ذكرهم و لا أجد خبرهم فقال له علي ع لقد سألت عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك و لا يحدثك به أحد بعدي إلا عني و ما في كتاب الله عز و جل آية إلا و أنا أعرف تفسيرها و في أي مكان نزلت من سهل أو جبل و في أي وقت من ليل أو نهار و إن هاهنا لعلما جما و أشار إلى صدره و لكن طلابه يسير و عن قليل يندمون لو قد فقدوني   كان من قصتهم يا أخا تميم أنهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر يقال لها شاه درخت كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها وشناب كانت أنبطت لنوح ع بعد الطوفان و إنما سموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الأرض و ذلك بعد سليمان بن داود ع و كانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له الرس من بلاد المشرق و بهم سمي ذلك النهر و لم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه و لا أعذب منه و لا قرى أكثر و لا أعمر منها تمسي إحداهن آبان و الثانية آذر و الثالثة دي و الرابعة بهمن و الخامسة إسفندار و السادسة فروردين و السابعة أرديبهشت و الثامنة أرداد و التاسعة مرداد و العاشرة تير و الحادية عشر مهر و الثانية عشر شهريور و كانت أعظم مدائنهم إسفندار و هي التي ينزلها ملكهم و كان يسمى تركوز بن غابور بن يارش بن سازن بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم ع و بها العين و الصنوبرة و قد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة و أجروا إليها نهرا من العين التي عند الصنوبرة فنبتت الحبة و صارت شجرة عظيمة و حرموا ماء العين و الأنهار فلا يشربون منها و لا أنعامهم و من فعل ذلك قتلوه و يقولون هو حياة آلهتنا فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها و يشربون هم و أنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم و قد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه أهلها فيضربون على الشجرة التي بها كله من حرير فيها من أنواع الصور ثم يأتون بشاة و بقر فيذبحونها قربانا للشجرة و يشعلون فيها النيران بالحطب فإذا سطع دخان تلك الذبائح و قتارها في الهواء و حال بينهم و بين النظر إلى السماء خروا للشجرة سجدا و يبكون و يتضرعون إليها أن ترضى عنهم فكان الشيطان يجي‏ء فيحرك أغصانها و يصيح من ساقها صياح الصبي إن قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفسا و قروا عينا فيرفعون رءوسهم عند ذلك و يشربون الخمر

   و يضربون بالمعازف و يأخذون الدستبند فيكونون على ذلك يومهم و ليلتهم ثم ينصرفون و إنما سمت العجم شهورها بآبان ماه و آذر ماه و غيرهما اشتقاقا من أسماء تلك القرى لقول أهلها بعض لبعض هذا عيد شهر كذا و عيد شهر كذا حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع إليهم صغيرهم و كبيرهم فضربوا عند الصنوبرة و العين سرادقا من ديباج عليه من أنواع الصور له اثنا عشر بابا كل باب لأهل قرية منهم و يسجدون للصنوبرة خارجا من السرادق و يقربون لها الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة في قراهم فيجي‏ء إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا فيتكلم من جوفها كلاما جهوريا و يعدهم و يمنيهم بأكثر مما وعدتهم و منتهم الشياطين كلها فيرفعون رءوسهم من السجود و بهم من الفرح و النشاط ما لا يفيقون و لا يتكلمون من الشرب و العزف فيكونون على ذلك اثني عشر يوما و لياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ثم ينصرفون فلما طال كفرهم بالله عز و جل و عبادتهم غيره بعث الله عز و جل إليهم نبيا من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب فلبث فيهم زمانا طويلا يدعوهم إلى عبادة الله عز و جل و معرفة ربوبيته فلا يتبعونه فلما رأى شدة تماديهم في الغي و الضلال و تركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد و النجاح و حضر عيد قريتهم العظمى قال يا رب إن عبادك أبوا إلا تكذيبي و الكفر بك و غدوا يعبدون شجرة لا تنقع و لا تضر فأيبس شجرهم أجمع و أرهم قدرتك و سلطانك فأصبح القوم و قد يبس شجرهم كلها فهالهم ذلك و قطع بهم و صاروا فرقتين فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب السماء و الأرض   ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه و فرقة قالت لا بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها و يقع فيها و يدعوكم إلى عبادة غيرها فحجبت حسنها و بهاءها لكي تغضبوا لها فتنتصروا منه فأجمع رأيهم على قتله فاتخذوا أنابيب طوالا من رصاص واسعة الأفواه ثم أرسلوها في قرار العين إلى أعلى الماء واحدة فوق الأخرى مثل البرابخ و نزحوا ما فيها من الماء ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل عميقة و أرسلوا فيها نبيهم و ألقموا فاها صخرة عظيمة ثم أخرجوا الأنابيب من الماء و قالوا نرجو الآن أن ترضى عنا آلهتنا إذا رأت أنا قد قتلنا من كان يقع فيها و يصد عن عبادتها و دفناه تحت كبيرها يتشفى منه فيعود لنا نورها و نضرتها كما كان فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم ع و هو يقول سيدي قد ترى ضيق مكاني و شدة كربي فارحم ضعف ركني و قلة حيلتي و عجل بقبض روحي و لا تؤخر إجابة دعوتي حتى مات ع فقال الله جل جلاله لجبرئيل ع يا جبرئيل أ يظن عبادي هؤلاء الذين غرهم حلمي و أمنوا مكري و عبدوا غيري و قتلوا رسولي أن يقوموا لغضبي أو يخرجوا من سلطاني كيف و أنا المنتقم ممن عصاني و لم يخش عقابي و إني حلفت بعزتي و جلالي لأجعلنهم عبرة و نكالا للعالمين فلم يرعهم و هم في عيدهم ذلك إلا بريح عاصف شديدة الحمرة فتحيروا فيها و ذعروا منها و تضام بعضهم إلى بعض ثم صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد و أظلتهم سحابة سوداء فألقت عليهم كالقبة جمرا يلتهب فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في   النار فتعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه و نزول نقمته و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم

 بيان قال الجوهري رسست رسا أي حفرت بئرا و رس الميت أي قبر انتهى و الكلة بالكسر الستر الرقيق يخاط كالبيت يتوقى فيه من البق و القتار بالضم ريح البخور و القدر و الشواء و المعازف الملاهي و كأن المراد بالدستنبد ما يسمى بالفارسية بالسنج أيضا أو المراد التزين بالأسورة و يقال كلام جهوري أي عال و في القاموس قطع بزيد كعني فهو مقطوع به عجز عن سفره بأي سبب كان أو حيل بينه و بين ما يؤمله و البربخ بالباءين الموحدتين و الخاء المعجمة ما يعمل من الخزف للبئر و مجاري الماء

فوائد مهمة جليلة

 الأولى اعلم أن الأسماء المذكورة في خبر المعلى لأيام الشهر أكثرها موافق لما نقله المنجمون عن الفرس و ظاهر في أن المراد بالشهور الواردة فيه هي شهور الفرس القديم لا الشهور العربية و قد تقدم القول فيه و سموا كل يوم من أيام الخمسة المسترقة أيضا باسم الأول أهنود و الثاني أشنود و الثالث إسفندمذ و الرابع دهشت و الخامس هشتويش هذا هو المشهور و ذكروا فيها أسماء أخر و ذكروا أن كلا منها اسم ملك موكل بذلك اليوم. ثم إن المحققين اختلفوا في هؤلاء الملائكة فمنهم من حملوها على ظواهرها و قالوا إن الله وكل بكل شي‏ء من المخلوقات ملكا يحفظه و يربيه و يصرفه إلى ما خلق له كما ورد في الأخبار الملك الموكل بالبحار و الملك الموكل بالجبال   و الملائكة الموكلة بالأشجار و سائر النباتات و الملائكة الموكلة بالسحب و البروق و الصواعق و بكل قطرة من الأمطار و الملائكة الموكلة بالأيام و الليالي و الشهور و الساعات و به يوجه ما ورد من كلام اليوم و الشهر و الأرض و القبر و غيرها بأن المراد به كلام الملائكة الموكلة بها و منهم من حملوها على أرباب الأنواع المجردة التي أثبتها أفلاطون و من تابعه من الإشراقيين فإنهم أثبتوا لكل نوع من أنواع الأفلاك و الكواكب و البسائط العنصرية و المواليد ربا يدبره و يربيه و يوصله إلى كماله المستعد له و الأول هو الموافق لمسلك المليين و أرباب الشرائع و الثاني طريقة من لا يثبت الصانع و يقول بتأثير الطبائع و إن تابعهم بعض من يظهر القول بالصانع أيضا و ليس هذا مقام تحقيق هذا الكلام. قال أبو ريحان كل واحد من شهور الفرس ثلاثون يوما و لكل يوم منها اسم مفرد بلغتهم و هي 1-  هرمز 2-  بهمن 3-  أرديبهشت 4-  شهريور 5-  إسفندارمذ 6-  خرداد 7-  مرداد 8-  دي 9-  باذر 10-  آذر 11-  آبان 12-  خرماه 13-  تير 14-  جوش 15-  ديبمهر 16-  مهر 17-  سروش 18-  رشن 19-  فروردين 20-  بهرام 21-  رام 22-  باد 23-  ديبدين 24-  دين 25-  أرد 26-  أشتاد 27-  آسمان 28-  رامياد 29-  مارسفند 30-  أنيران لا اختلاف بينهم في أسماء هذه الأيام و هي لكل شهر كذلك و على ترتيب واحد إلا في هرمز فإن بعضهم يسميه فرخ و في أنيران فإن بعضهم يسميه به‏روز و يكون مبلغ جميعها ثلاثمائة و ستين يوما و قد تقدم أن السنة الحقيقية هي ثلاثمائة و خمسة و ستون يوما و ربع يوم فأخذوا الخمسة الأيام الزائدة عليها و سموها بأسماء غير الموضوعة لأيام كل شهر و هي أهشدگاه اشتدكاه إسفندكاه إسفندمذگاه بهشيشگاه. أقول ثم ذكر ما مر مع وجوه كثيرة أخرى فصار مبلغ أيامهم ثلاث مائة و خمسة و ستين يوما و أهملوا ربع يوم حتى اجتمع من الأرباع أيام شهر تام و ذلك في مائة و عشرين سنة فألحقوه بشهور السنة حتى صار شهور تلك السنة ثلاثة عشر

    و سموها كبيسة و سموا أيام الشهر الزائد بأسماء أيام سائر الشهور و على ذلك كانوا يعملون إلى أن زال ملكهم و باد دينهم و أهملت الأرباع بعدهم و لم يكبس بها السنون حتى يعود إلى حالها الأولى و لا يتأخر عن الأوقات المحمودة كثير تأخر من أجل أن ذلك أمر كان يتولاه ملوكهم بمحضر الحساب و أصحاب الكتاب و ناقلي الأخبار و الرواة و مجمع الهرابذة و القضاة و اتفاق منهم جميعا على صحة الحساب بعد استحضار من بالآفاق من المذكورين إلى دار الملك و مشاورتهم حتى يتفقوا و اتفاق الأموال الجمة حتى قال المقل في التقدير إنه كان ينفق ألف ألف دينار و كان يتخذ ذلك اليوم أعظم الأعياد قدرا و أشهرها حالا و أمرا و يسمى عيد الكبيسة و يترك الملوك لرعيته خراجها. و الذي كان يحول بينهم و بين إلحاق ربع يوم في كل أربع سنين يوما واحدا بأحد الشهور أو الخمسة قولهم إن الكبس يقع على الشهور لا على الأعوام لكراهتهم الزيادة في عدتها و امتناع ذلك في الزمزمة لما وجب في الدين من ذكر اليوم الذي يزمزم فيه ليصح إذا زيد في عدد الأيام يوم زائد و كانت الأكاسرة رسمت لكل يوم نوعا من الرياحين و الزهر يوضع بين يديه و لونا من الشراب على رسم منتظم لا يخالفونه في الترتيب و السبب في وضعهم هذه الأيام الخمسة اللواحق في آخر آبان ماه ما بينه و بين آذر ماه أن الفرس زعموا أن مبدأ سنتهم من لدن خلق الإنسان الأول و أن ذلك كان روزهرمز و ماه فروردين و الشمس في نقطة الاعتدال الربيعي متوسطة السماء و ذلك أول الألف السابع من ألوف سني العالم عندهم و بمثله قال أصحاب الأحكام من المنجمين إن السرطان طالع العالم و ذلك أن الشمس في أول أدوار السند هند هي في أول الحمل على منتصف نهايتي العمارة و إذا كانت كذلك كان الطالع السرطان و هو لابتداء الدور و النشوء عندهم كما قلنا. و قد قيل إنه سمي بذلك لأنه أقرب البروج رأسا من الربع المعمور و فيه شرف المشتري المعتدل المزاج و النشوة لا يكون إلا إذا عملت الحرارة المعتدلة في الرطوبة فهو إذن أولى أن يكون طالع نشوء العالم   و قيل إنما سمي بذلك لأن بطلوعه تتم طلوع الطبائع الأربع و بتمامها تم النشوء و أمثال ذلك من التشبيهات. قال ثم لما أتى زرادشت و كبس السنين بالشهور المجتمعة من الأرباع عاد الزمان إلى ما كان عليه و أمرهم أن يفعلوا بها بعده كفعله و ائتمروا بأمره و لم يسموا شهر الكبيسة باسم على حدة و لم يكرروا اسم شهر بل كانوا يحفظونه على نوب متوالية و خافوا اشتباه الأمر عليهم في موضع النوب فأخذوا ينقلون الخمسة الأيام و يضعونها عند آخر الشهر الذي انتهت إليه نوبة الكبيسة و لجلالة هذا الأمر و عموم المنفعة فيه للخاص و العام و الرعية و الملك و ما فيه من الأخذ بالحكمة و العمل بموجب الطبيعة كانوا يؤخرون الكبس إذا جاء وقته و أمر المملكة غير مستقيم لحوادث و يهملونه حتى يجتمع منه شهران و يتقدمون بكبسها بشهرين إذا كانوا يتوقعون وقت الكبس المستأنف ما يشغل عنه كما عمل في زمن يزدجرد بن شابور أخذا بالاحتياط و هو آخر الكبائس المعمولة تولاه رجل من الدستورين يقال له يزدجرد الهزاري و كانت النوبة في تلك الكبيسة لآبان ماه فألحق الخمسة بآخره و بقيت فيه لإهمالهم الأمر انتهى و إنما أوردت هذا الكلام لما فيه من تأسيس ما سنورده في الفائدة التالية و مزيد توضيح ما مر في خبر الرضا ع في تقدم النهار على الليل و غير ذلك. الفائدة الثانية اعلم أن الشيخ الطوسي قدس سره القدوسي و سائر من تأخر عنه ذكروا النيروز و الأعمال المتعلقة به الغسل و الصوم و الصلاة و غيرها و لم يحققوا تعيين اليوم فلا بد من التعرض له و الإشارة إلى الأقوال الواردة فيه قال فحل الفقهاء المدققين محمد بن إدريس ره في السرائر قال شيخنا أبو جعفر في مختصر المصباح يستحب صلاة أربع ركعات و شرح كيفيتها في يوم نيروز الفرس و لم يذكر أي يوم هو من الأيام و لا عينه بشهر من الشهور الرومية و لا العربية و الذي قد حققه بعض محصلي الحساب و علماء الهيئة و أهل هذه الصنعة في كتاب له أن يوم النيروز يوم العاشر من أيار و شهر أيار أحد و ثلاثون

    يوما فإذا مضى منه تسعة أيام فهو يوم النيروز يقال نيروز و نوروز لغتان انتهى و فسره الشهيد ره بأول سنة الفرس أو حلول الشمس برج الحمل أو عاشر أيار. قال جمال السالكين أحمد بن فهد الحلي ره في كتاب المهذب البارع في شرح المختصر النافع يوم النيروز يوم جليل القدر و تعيينه من السنة غمض مع أن معرفته أمر مهم من حيث إنه تعلق به عبادة مطلوبة للشارع و الامتثال موقوف على معرفته و لم يتعرض لتفسيره أحد من علمائنا سوى ما قاله الفاضل المنقب محمد بن إدريس و حكايته و الذي قد حققه بعض محصلي أهل الحساب و علماء الهيئة و أهل هذه الصنعة في كتاب له أن يوم النيروز يوم العاشر من أيار. و قال الشهيد و فسر بأول سنة الفرس أو حلول الشمس في برج الحمل أو عاشر أيار و الثالث إشارة إلى قول ابن إدريس و الأول إشارة إلى ما هو مشهور عند فقهاء العجم في بلادهم فإنهم يجعلونه عند نزول الشمس الجدي و هو قريب مما قاله صاحب كتاب الأنواء و حكايته اليوم السابع عشر من كانون الأول هو صوم اليهود و فيه ترجع الشمس مصعدة إلى الشمال و يأخذ النهار من الليل ثلاث عشرة ساعة و هو مقدار ما يأخذ في كل يوم و ينزل الشمس برج الجدي قبله بيومين و بعض العلماء جعله رأس السنة و هو النيروز فجعله حكاية عن بعض العلماء و قال بعد ذلك اليوم التاسع من شباط و هو يوم النيروز و يستحب فيه الغسل و صلاة أربع ركعات لما رواه المعلى بن خنيس عن الصادق ع ثم ذكر الخبر فاختار التفسير الأخير و جزم به و الأقرب من هذه التفاسير أنه يوم نزول الشمس برج الحمل لوجوه. الأول أنه أعرف بين الناس و أظهر في استعمالهم و انصراف الخطاب المطلق الشامل لكل مكلف إلى معلوم في العرف و ظاهر في الاستعمال أولى من انصرافه إلى ما كان على الضد من ذلك و لأنه المعلوم من عادة الشرع و حكمته أ لا ترى كيف علق أوقات الصلاة بسير الشمس الظاهر و صوم شهر رمضان برؤية

    الهلال و كذا أشهر الحج و هي أمور ظاهرة يعرفها عامة الناس بل الحيوانات. فإن قلت استعماله في نزول الشمس برج الحمل غير ظاهر الاستعمال في بلاد العجم حتى أنهم لا يعرفونه و ينكرون على معتقده فلم خصصت ترجيح العرف الظاهر في بعض البلاد دون بعض و أيضا فإن ما ذكرته حادث و يسمى النيروز السلطاني و الأول أقدم حتى قيل إنه منذ زمان نوح ع. فالجواب عن الأول أن العرف إذا تعدد انصرف إلى العرف الشرعي فإن لم تكن فإلى أقرب البلاد و اللغات إلى الشرع فيصرف إلى لغة العرب و بلادها لأنها أقرب إلى الشرع و عن الثاني بأن التفسيرين معا متقدمان على الإسلام. الثاني أنه مناسب لما ذكره صاحب الأنواء من أن الشمس خلقت في الشرطين و هما أول الحمل فيناسب ذلك إعظام هذا اليوم الذي عادت فيه إلى مبدإ كونها. الثالث أنه مناسب لما ذكره السيد رضي الدين علي بن طاوس أن ابتداء العالم و خلق الدنيا كان في شهر نيسان و لا شك أن نيسان يدخل و الشمس في الحمل و إذا كان ابتداء العالم في مثل هذا اليوم يناسب أن يكون يوم عيد و سرور و لهذا ورد استحباب التطيب فيه بأطيب الطيب و لبس أنظف الثياب و مقابلته بالشكر و الدعاء و التأهب لذلك بالغسل و تكميله بالصوم و الصلاة المرسومة له حيث كان فيه ابتداء النعمة الكبرى و هي الإخراج من حيز العدم إلى الوجود ثم تعريض الخلق لثوابه الدائم و لهذا أمرنا بتعظيم يوم المبعث و الغدير حيث كان فيه ابتداء منصب النبوة و الإمامة و كذا المولدين. فإن قلت نسبته إلى الفرس يؤيد الأول لأنهم واضعوه و الثاني وضعه قوم مخصوصون و لن يوافقهم الباقون. قلنا يكفي في نسبته إليهم أن يقول به طائفة منهم و إن قصروا في العدد عمن لم يقل به أ لا ترى إلى قوله تعالى وَ قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَ قالَتِ النَّصارى   الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ و ليس القائل بذلك كل اليهود و لا كل النصارى و مثله قوله تعالى وَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ليس إشارة إلى أهل الكتاب بأجمعهم بل إلى عبد الله بن سلام و أصحابه. زيادة و مما ورد في فضله و يعضد ما قلناه ما حدثني به

 المولى السيد المرتضى العلامة بهاء الدين علي بن عبد الحميد النسابة دامت فضائله رواه بإسناده إلى المعلى بن خنيس عن الصادق ع أن يوم النيروز هو اليوم الذي أخذ فيه النبي ص لأمير المؤمنين ع العهد بغدير خم فأقروا له بالولاية فطوبى لمن ثبت عليها و الويل لمن نكثها و هو اليوم الذي وجه فيه رسول الله ص عليا ع إلى وادي الجن فأخذ عليهم العهود و المواثيق و هو اليوم الذي ظفر فيه بأهل النهروان و قتل ذا الثدية و هو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا أهل البيت و ولاة الأمر و يظفره الله تعالى بالدجال فيصلبه على كناسة الكوفة و ما من يوم نوروز إلا نحن نتوقع فيه الفرج لأنه من أيامنا حفظته الفرس و ضيعتموه ثم إن نبيا من أنبياء بني إسرائيل سأل ربه أن يحيي القوم الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فأماتهم الله فأوحى إليه أن صب عليهم الماء في مضاجعهم فصب عليهم الماء في هذا اليوم فعاشوا و هم ثلاثون ألفا فصار صب الماء في يوم النيروز سنة ماضية لا يعرف سببها إلا الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ و هو أول يوم من سنة الفرس قال المعلى و أملى علي ذلك و كتبته من إملائه و عن المعلى أيضا قال دخلت على أبي عبد الله ع في صبيحة يوم النيروز فقال يا معلى أ تعرف هذا اليوم قلت لا لكنه يوم يعظمه العجم يتبارك فيه قال كلا و البيت العتيق الذي ببطن مكة ما هذا اليوم إلا لأمر قديم أفسره لك حتى تعلمه قلت تعلمي هذا من عندك أحب إلي من أن أعيش أبدا و يهلك الله أعداءكم قال يا معلى يوم النيروز هو اليوم الذي أخذ الله ميثاق العباد أن يعبدوه و لا يشركوا   به شيئا و أن يدينوا برسله و حججه و أوليائه و هو أول يوم طلعت فيه الشمس و هبت فيه الرياح اللواقح و خلقت فيه زهرة الأرض و هو اليوم الذي اسْتَوَتْ فيه سفينة نوح ع عَلَى الْجُودِيِّ و هو اليوم الذي أحيا الله فيه القوم الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ الله و هو اليوم الذي هبط فيه جبرئيل ع على النبي ص و هو اليوم الذي كسر فيه إبراهيم عليه السلام أصنام قومه و هو اليوم الذي حمل فيه رسول الله ص أمير المؤمنين ع على منكبيه حتى رمى أصنام قريش من فوق البيت الحرام و هشمها الخبر بطوله

و الشاهد في هذين الحديثين من وجوه. الأول قوله إنه اليوم الذي أخذ فيه العهد بغدير خم و هذا تاريخ و كان ذلك سنة عشرة من الهجرة و حسب فوافق نزول الشمس الحمل في التاسع عشر من ذي الحجة على حساب التقويم و لم يكن الهلال رئي بمكة ليلة الثلاثين فكان الثامن عشر من ذي الحجة على الرؤية. الثاني كون صب الماء في ذلك اليوم سنة شائعة و الظاهر أن مثل هذه السنة العامة الشاملة لسائر المكلفين أن يكون صب الماء في وقت لا ينفر منه الطبع و يأباه و لا يتصور ذلك مع كون الشمس في الجدي لأنه غاية القر في البلاد الإسلامية. الثالث قوله في الحديث الثاني و هو أول يوم خلقت فيه الشمس و هو مناسب لما قيل إن الشمس خلقت في الشرطين الرابع قوله و فيه خلقت زهرة الأرض و هذا إنما يكون في الحمل دون الجدي و هو ظاهر انتهى كلامه ره. و أقول تحقيق الكلام في هذا المقام هو أنك قد عرفت فيما مضى أن السنة الشمسية عبارة عن مدة دورة الشمس بحركتها الخاصة من أي مبدإ فرض و تلك   المدة على ما استقر عليه رصد أبرخس و من وافقه من المتقدمين ثلاثمائة و خمسة و ستون يوما و ربع تام من يوم و على سائر الإرصاد المشهورة لا يبلغ الكسر إلى الربع بل أقل منه بدقائق معدودة و هي على ما فصله البيرجندي في شرح التذكرة على رصد التباني ثلاث عشرة دقيقة و ثلاثة أخماس دقيقة و على حساب المغربي اثنتا عشرة دقيقة و على رصد مراغة إحدى عشرة دقيقة و على رصد بعض المتأخرين تسع دقائق و ثلاثة أخماس دقيقة و على رصد بطلميوس أربع دقائق و أربعة أخماس دقيقة فالفرس من زمان جمشيد أو قبله و الروم من عهد إسكندر أو بعده كانوا يعتبرون الكسر ربعا تاما موافقا لرصد أبرخس. و إنما الفرق بينهما أن الروم كانوا يكبسون الربع المذكور في كل أربع سنين فيزيدون على الرابعة يوما تصير به ثلاثمائة و ستة و ستين و أن الفرس إلى عهد يزدجرد آخر ملوك العجم أو بعض الأكاسرة السابقة عليه كانوا يكبسونه في كل مائة و عشرين سنة فيزيدون على الأخيرة ثلاثين يوما تصير به ثلاثمائة و خمسة و تسعين يوما و قد كان يتفق لهم تجديد التاريخ و إسقاط ما مضى من السنة عند جلوس ملك جديد منهم و أما بعد ذلك العهد فكانوا لا يلتفتون إلى كبس الكسر المذكور أصلا فكانت سنوهم دائما ثلاثمائة و خمسة و ستين فمبدأ سني كل من هذه الطوائف كأول تشرين الأول للروم و أول فروردين ماه المسمى بالنيروز لطوائف الفرس و كذا كل جزء من شهورهم كان غير مطابق لمبدإ سني الأخرى و لا لجزء معين منها دائما بل كل جزء من كل من هذه التواريخ لاختلاف طريق حسابهم دائر في كل جزء من الآخر بمرور الأيام و أيضا لم يكن شي‏ء من تلك المبادي و لا سائر الأجزاء مطابقا دائما لمبدإ فصل من الفصول و لا لشي‏ء من أجزائها بل كل منها دائر في أجزاء الفصول و بالعكس هكذا الحال إلى عهد السلطان جلال الدين ملك شاه السلجوقي فأحب أن يوضع تاريخ في زمانه باسمه ممتازا عن التواريخ المشهورة فأمر من بحضرته من أهل الخبرة بذلك فبنوا الحساب على رصد بطلميوس أو من وافقه في نقصان الكسر عن الربع اعتقادا منهم أنه أصح من الرصد المبني عليه التواريخ المذكورة ثم

    اعتبروا أول السنة حفظا من أن يدور في الفصول يوم انتقال الشمس إلى الاعتدال الربيعي قبل نصف النهار فكان حينئذ قد اتفق ذلك الانتقال يوم الجمعة عاشر شهر رمضان سنة إحدى و سبعين و أربعمائة و كان مطابقا للثامن عشر من فروردين ماه اليزدجردي أول سنتهم فجعلوا اليوم المذكور أول فروردين ماه من السنة الجلالية و أسقطوا الأيام السابقة عليه من درجة الاعتبار و سموا هذا اليوم بالنوروز السلطاني فاستقر الأمر في حساب السنين الشمسية على أن يعدوا من النيروز المذكور ثلاثمائة و خمسة و ستين يوما فيجعلون اليوم السادس نيروز السنة الآتية ثم يكبسون الكسر لكونه أقل من الربع في كل أربع سنين أو خمس سنين فتصير سنة الكبيسة ثلاثمائة و ستة و ستين يوما و هذه الطريقة مستمرة إلى زماننا. إذا عرفت هذا فنقول أولا أن ما يلوح من توقع ابن إدريس عن الشيخ أن يعين نيروز الفرس بيوم من الشهور العربية أو الرومية و كذا ما نقله عن بعض المحصلين من تعيينه بعاشر أيار من الشهور الرومية غريب جدا لما عرفت من دوران أيام شهور الفرس قديمهم و حديثهم في العربية و الرومية و بالعكس لاختلاف اعتباراتهم في حساب السنين فكيف يتصور تعيين يوم معين أو شهر معين من إحداها بيوم أو شهر من الأخرى على وجه مصون من التغيير و التبديل بمر الدهور فليس لتعيينه بعاشر أيار من بعض المحصلين وجه محصل سوى أنه وجده مطابقا له في بعض الأزمنة السابقة كزمان الصادق ع المستند إليه الروايات الواردة في النيروز فتوهم لزوم حفظ تلك المطابقة له دائما فإنه يستنبط مما سيتضح عن قريب من التواريخ أن اتفاق المطابقة المذكورة كان في أواسط المائة الثانية من الهجرة و هو قريب من أواخر زمان الصادق ع و مثل هذا التوهم غير عزيز من الناس كما أورد الكفعمي ره في بيان الأعمال المتعلقة بشهر شعبان أن الثالث و العشرين منه هو النيروز المعتضدي مضبوطا بالحادي عشر من حزيران تاسع شهور الروم كما هو مذكور في سرائر ابن إدريس مع وجهه و معلوم أن مثل ذلك لا يمكن   أن ينضبط بالشهور العربية لدوران كل منهما في الأخرى. و ثانيا أن ترديد الشهيد ره نيروز الفرس بين أول يوم من سنتهم و بين غيره كأول الحمل و عاشر أيار ترديد غريب شبيه بترديد مبتدإ السنة المعمولة عند العرب بين أول المحرم و بين غيره و ذلك لأن كون النيروز أول يوم من سنة الفرس أمر في غاية الظهور و مع ذلك منصوص عليه في أكثر أسانيد الرواية فإنما المطلوب هنا تعيين أول يوم من سنتهم بيوم معروف في زماننا هل هو أول الحمل أو غيره. و ثالثا أن ما ذكره ابن فهد ره من شهرة كونه أول سنة الفرس بين فقهاء العجم حق موافق للرواية و لكن جعلهم ذلك عند نزول الشمس الجدي مبني على ما ذكرنا من توهم المطابقة الدائمة من اتفاق الموافقة في بعض الأزمنة غفلة عن دورانه في الفصول كما بينا و هكذا حال ما نسبه صاحب كتاب الأنواء إلى بعض العلماء من أنه السابع عشر من كانون الأول المطابق لما بعد نزول الشمس الجدي بيومين و كذا ما اختاره من أنه اليوم التاسع من شباط. و بالجملة البناء على الغفلة المذكورة من الأعراض العامة لجميع هذه التفسيرات فمنشأ توهم بعض العلماء الذي نقل مقالته صاحب كتاب الأنواء يمكن أن يكون اتفاق الموافقة المذكورة في زمانه إن كان في أواسط المائة الثامنة من الهجرة فإن الضوابط الحسابية كما سيتضح دالة على أن أول فروردين ماه الفرس الموسوم بالنيروز عندهم كان في السنة العاشرة من الهجرة قريبا من نزول الشمس أول برج الحمل و كان ذلك موافقا لأواسط آذار من الرومية و مطابقا لثامن عشر ذي الحجة من العربية يوم عهد النبي ص لأمير المؤمنين ع بالولاية في غدير خم بعد الرجوع عن حجة الوداع كما صرح به في الرواية ثم في السنة الحادية عشر منها بعد رحلة النبي ص انتقلت سلطنة العجم إلى يزدجرد آخر ملوكهم فأسقط ما مضى من السنة و جعل يوم جلوسه أول فروردين و يوم

    النيروز كما كان رسمهم و كان ذلك موافقا لأواسط حزيران و مطابقا للثاني و العشرين من ربيع الأول و قد عرفت أن بناء حساب الفرس في عهد يزدجرد بل قبيله في زمان النبي ص أيضا على أخذ كل سنة ثلاثمائة و خمسة و ستين يوما بدون رعاية الكبائس التي كانت متداولة بين قدمائهم فلا محالة كان ينتقل نيروزهم في كل أربع سنين إلى يوم آخر من أيام الشهور الرومية قبل اليوم الذي كان فيه لاعتبارهم الكبيسة في كل أربع و قس عليه حال انتقاله بالنسبة إلى موضع الشمس من البروج أيضا فإن التفاوت لو كان لكان في كل سنة بقدر نقصان الكسر عن الربع في الواقع و هو قليل جدا كما مر. و بالجملة انتقاله من أواسط حزيران و أواخر الجوزاء التي كان فيها في السنة الحادية عشر من الهجرة إلى أواسط كانون الأول و أوائل الجدي و هو مدة ستة أشهر تقريبا إنما هو في قريب من سبعمائة و ثلاثين سنة فيكون في أواسط المائة الثامنة كما ذكرنا و أما منشأ توهم صاحب كتاب الأنواء فلا يمكن أن يكون مثله من وقوع الموافقة المذكورة في زمانه لئلا يلزم تقدم زمان الناقل على زمان المنقول عنه فإن انتقاله إلى بعض أيام شباط إنما يكون قبل انتقاله إلى بعض أيام كانون لما عرفت من أن انتقالاته في تلك الشهور و كذا في البروج على خلاف تواليهما لزيادة قدرهما على قدره بمقدار ربع يوم أو قريب منه فغاية توجيهه أن يقال يجوز أن يكون منشأ توهمه موافقا لما مر نقله من بعض المحصلين في اعتبار زمان الصادق ع فيه و الفرق أن بناء حساب بعض المحصلين كان على اعتبار الإسقاط اليزدجردي لوقوعه على طبق عادتهم المستمرة و بناء حساب صاحب كتاب الأنواء على عدم اعتباره لوقوعه بعد زمان النبي ص و كونه بمنزلة سائر التغيرات الواقعة في السنن و الآداب المعروفة في زمانه فإن ما بين تاسع شباط و عاشر أيار قريب من المدة التي أسقطها   يزدجرد كما عرفت. و رابعا بأن ما استدل أولا على ما اختاره من التفاسير الستة و هو كونه يوم نزول الشمس برج الحمل بأنه أعرف بين الناس إلى آخره دعوى بين البطلان عند أهل الخبرة بالحساب و التواريخ فإن كون نيروز الفرس دائرا في الفصول سيما من زمان النبي ص إلى زمان ملكشاه أمر لم يسمع خلافه من أحد منهم بل صرح في شروح التذكرة و غيرها بأن الروم و الفرس كانوا لم يلاحظوا في مبدإ سنيهم موضع الشمس و أن جعل الاعتدال الربيعي مبدأ السنة مخصوص بالتاريخ الملكي و لا يوافقه شي‏ء من التواريخ المشهورة فكيف يمكن أن يجعل مثل ذلك مناطا للأحكام الشرعية الثابتة قبل زمان ملكشاه بقريب من خمسمائة سنة و إن ما ذكره من انصراف اللفظ عند فقدان العرف الشرعي إلى لغة العرب مسلم و لكن أين إطلاق لفظ النيروز عند العرب على أول يوم نزول الشمس برج الحمل بل إن بعض أهل اللغة فسره على طبق ما في الرواية بأول سنة الفرس اعتمادا على الشهرة و بعضهم كأحمد بن محمد الميداني و هو من أقدمهم و أتقنهم لم يكتف به بل صرح في كتابه المسمى بالسامي في الأسامي بعد ذكر أسامي شهور الفرس و أيامهم المشهورة بترجمة النيروز بنخست روز از فروردين ماه ثم إن أغمضنا عن مثل تلك الحقيقة و التجأنا إلى حمله على العرف فلا شك لمن تتبع من مظانه أن العرف فيه لم يكن متعددا في زمان الخطاب بل إنما تجدد بعده بدهور طويلة فسمى ملكشاه يوم نزول الشمس برج الحمل بالنوروز السلطاني و خوارزم شاه يوم نزولها الدرجة التاسعة عشر منه و هي شرفها عند المنجمين بالنوروز الخوارزم شاهي و آخر يوما آخر بالنوروز المعتضدي و هكذا و إنكار الحدوث في الأول منها بل دعوى التقدم على الإسلام و الإغماض عن تقييده تارة بالسلطاني و تارة بالجلالي و تارة بالملكي نسبة إلى كل من ألقاب السلطان جلال الدين ملكشاه كما هو مضبوط في الدفاتر و التقاويم و محفوظ في مدونات أهل الهيئة و التنجيم مما يقضى منه العجب. فإن قيل لعل دعوى التقدم على الإسلام مبنية على ما اشتهر أن مبدأ

    تاريخهم في عهد جمشيد أو غيره كان موافقا لأول الحمل و انتقاله منه و دورانه في الفصول إنما هو بسبب الكبائس و الإسقاطات التي مر ذكرها قلنا لو سلمنا ذلك فلا ريب أن المراد بنيروزهم يوم يتجدد في كل سنة يعتبرونه أولها لا ما لا يتفق وقوعه إلا نادرا كما يلزم من التزام مطابقته لأول الحمل. فإن قلت لا يخرج عن ثلاثة احتمالات إما أول الحمل مطلقا و إما فروردينهم مطلقا و إما أول فروردينهم المطابق لأول الحمل و الثالث ساقط بأنه لا يتفق إلا في مدة مديدة و معلوم أن المراد به ما يتجدد في كل سنة و الثاني أيضا ساقط من جهة الحساب فإنا إذا جمعنا الأيام من فروردينهم المضبوط في تقاويم زماننا إلى ثامن عشر شهر ذي الحجة من السنة العاشرة من الهجرة المنصوص في الرواية أنه كان مطابقا لنيروزهم فقسمنا على أيام سنتهم الخالية من الكبائس من زمان النبي ص إلى زماننا و هو ثلاثمائة و خمسة و ستون يبقى اثنان و تسعون أو ثلاث و تسعون فيظهر أن فروردينهم كان بعد التاريخ المذكور بمثل هذه الأيام فإذا سقط الاحتمالان تعين الاحتمال الأول و هو المطلوب مع أنه مؤيد أيضا بالحساب الدال على أن التاريخ المذكور كان قريبا من أول الحمل بيوم أو يومين مع احتمال المطابقة أيضا بنحو المسامحة. قلنا سقوط الثاني ممنوع و البيان الحسابي المذكور مبني على غفلة أو تغافل عن الإسقاط اليزدجردي الواقع في السنة الحادية عشر من الهجرة كما مر فإنه لو اعتبر الإسقاط المذكور في الحساب لظهر أن مطابقة فروردينهم اليزدجردي المضبوط في التقاويم لما بعد التاريخ المذكور لا ينافي أن يكون التاريخ المذكور أيضا مطابقا لفروردينهم المتداول قبل يزدجرد فإن جلوس يزدجرد كان في يوم الثلاثاء الثاني و العشرين من شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشر كما مر و تفاوت التاريخين موافق للمدة المذكورة فتبين أن الحساب لو جعل دليلا على كون المراد به أول فروردين لكان أوفق للمطابقة من جعله دليلا على أول الحمل   للتفاوت بيوم أو يومين فإنه قادح و لو كان قليلا و لو فرضنا مطابقته أيضا لكان غاية الأمر أن يكون في يوم الغدير اتفق الأمر أن الغير المتفقين إلا في مدة مديدة فلا يفيد المطلوب على أن مطابقة يوم الغدير للنيروز بأي معنى كان لا ينفع في المطلوب بدون مطابقة سائر الأيام المذكورة في الروايتين موافقتها له و ستتضح عن قريب استحالة مطابقتها لأول الحمل دون فروردين. فإن قيل يظهر من كلام كوشيار و أبي ريحان في بعض تصانيفهما أن الاعتدال الربيعي معتبر عند الأحكاميين في طالع السنة و حساب الأدوار و فيهم المشهورون من أهل الفرس كزردشت و جاماسب فعلى ذلك يمكن أن يكون المراد بالنيروز المعتبر بأول سنة الفرس في الرواية ذلك الوقت بالاعتبار المذكور. قلنا أولا سلمنا اعتبار الوقت المذكور عندهم فيما اعتبروه فيه و لكن لم ينقل أنهم يعبرون عنه بالنيروز أو يتباركون فيه و يجعلونه عيدا كما يفهم من الرواية. و ثانيا إن التعبير عن الأحكاميين بالفرس بمحض كون بعضهم منهم بعيد جدا بل معلوم لأهل اللسان أن إطلاق الفرس المستعمل في مقابل الروم و العرب ليس إلا على الطائفة العظيمة التي من رعايا الملوك المشهورة من جمشيد و أفريدون إلى كسرى و يزدجرد فالمراد بنيروزهم و أول سنتهم يوم كان جعله عيدا في كل سنة معمولا عند الملوك المذكورة في زمانهم و لا خلاف بين أهل الخبرة في أنه كان أول فروردينهم الدائر في الفصول بالأسباب التي قررنا. و ثالثا أن من تأمل و أنصف علم أن التعبير عن ذلك اليوم بنيروز الفرس تارة و أول سنتهم أخرى لأجل أنه ليس يوما معينا بحسب الفصل و إلا فما المانع من التعبير عنه بأول الربيع و أول الحمل المعلوم لكل أحد بدون احتياج إلى تفسير أصلا. و رابعا أن أهل اللغة صرحوا بتفسير النيروز بأول يوم من فروردين الفرس و إطلاقه على أول الربيع من زمان ملك شاه و في زماننا مجاز بعلاقة ما

    التزموه من موافقة أول فروردينهم لأول الربيع دائما و وجوب انصراف اللفظ إلى الحقيقة سيما المستعمل منه قبل حدوث المجاز مما أطبق عليه أهل اللسان و العلامات المذكورة في الروايتين للنيروز لا يمكن تطبيقها على أول الربيع فيجب حمله على أول فروردين لإمكان التطبيق. و خامسا أن ما ذكره بقوله و لأنه المعلوم من عادة الشرع و حكمته إلخ قيام مع الفارق فإن انتقال الشمس من برج الحوت إلى برج الحمل ليس كوصولها إلى نصف النهار و أمثاله المعلومة بالحس و العيان بل محتاج إلى رصد و حساب لا يتيسر تحقيقه لأكثر مهرة فن الهيئة و الحساب فضلا عن غيرهم و كفى بذلك عدم توافق رصدين فيه فإن اليوم المذكور على ما يقتضيه رصد المتأخرين المبني عليه أكثر التقاويم في زماننا مقدم على ما يقتضيه رصد أبرخس بأيام و على ما يقتضيه رصد بطلميوس بأقل منها و مؤخر عما يقتضيه رصد المحقق الطوسي بقليل و عما يقتضيه رصد التباني و المغربي بأكثر فهل يجوز من له أدنى معرفة بعادة الشرع في التكليفات أن نكون لمعرفة النيروز مكلفين بتتبع آراء هؤلاء ثم التمييز بين الحق و الباطل منها أو العمل بمقتضى كل منها مع ظهور التناقض أو اختيار ما شئنا منها أو الاتكال على ما اشتهر في زماننا سيما مع علمنا بأنه غير مشهور بل غير مذكور أصلا في زمان النبي ص و الأئمة ع و لهذا ما وقع في أحكام الشريعة من أمثاله ككراهة النكاح و السفر في زمان كون القمر في العقرب حمله المحققون على زمان كونه في صورتها المعلوم لأكثر عوام المكلفين لا في برجها المحتاج إلى استخراج تقويمه فعلى هذا يكون المناسب لعادة الشرع و حكمته التفسير الأول من التفسيرات المذكورة لخلوه عن الكبائس و غنائه عن الاحتياج إلى الإرصاد و تيسر حسابه على عامة المكلفين. و سادسا أن ما ذكره من مناسبة كون الشمس خلقت في الشرطين على ما نقله من صاحب كتاب الأنواء على تقدير حجية المنقول عنه لا يفيد إلا كونها حين الخلقة في أوائل صورة الحمل فإنهما نجمان قريبان من رأسها يعدان منزلا   من منازل القمر فلو كان ذلك مناسبا لإعظام اليوم الذي عادت الشمس فيه إلى هذا الموضع لكان ينبغي إعظام يوم كونها فيه و هو في زمان النبي ص كان في أواسط برج الحمل و في زماننا انتقل إلى أواخره بناء على أن حركة الثوابت و منها كواكب الصور في كل سبعين سنة درجة كما هو المشهور بين أهل الإرصاد و بهذا ظهر حال ما ذكره من مناسبة ما قيل من ابتداء خلق العالم في شهر نيسان لعدم مطابقة شي‏ء من أيام شهر نيسان من زمان النبي ص إلى زماننا لأول الحمل الذي هو المطلوب إثباته فتأمل أولا في حاصل قوله و لا شك أن نيسان يدخل و الشمس في الحمل ثم فيما أتبعه تفريعا عليه بقوله و إذا كان إلخ فتحير و اعتبر. و سابعا أن ما ذكره من نزول الشمس الحمل في التاسع عشر إلخ فقد عرفت عدم دلالته على المطلوب على تقدير مطابقته بحسب الحساب أيضا فضلا عن المخالفة. و ثامنا أن ما ذكره من كون صب الماء المسنون في ذلك اليوم أوفق لأول الحمل لا الجدي لو ساغ مثله في إثبات مناط الأحكام الشرعية لكان مؤيدا لعاشر أيار لا لأول الحمل فإنه أوفق لذلك من كل من الجدي و الحمل لكونه بعد أول الحمل بقريب من شهرين و كونه أقرب إلى اليوم المرسوم في زماننا آب پاشان هذا إذا كان المراد بصب الماء في الرواية رشه على طريق الرسم الجاري في بعض البلاد و لكن يظهر من ابن جمهور أنه حمل سنة صب الماء فيها على استحباب الغسل في النيروز و ذلك ليس ببعيد. و تاسعا أن ما ذكره من أن طلوع الشمس فيه كما في الرواية مناسب لأول الحمل بناء على مناسبة خلقها في الشرطين مبني كما مر على الخلط بين صورة الحمل و برجه على أن ما قدمناه من حديث الرضا ع يدل على أن أول خلق الشمس في موضع شرفها و هو الدرجة التاسعة عشر من الحمل و لا يبعد أن يكون الشرطان أيضا حينئذ في تلك الدرجة فلا يكون ما ذكره صاحب كتاب الأنواء مخالفا للحديث المذكور فيكونان متفقين في عدم مطابقتهما لأول الحمل

    كما هو المطلوب ثم إن خلق الشمس غير طلوعها فلما كانت حين خلقها في وسط السماء كما في الحديث المذكور فالظاهر أنه أشار به هاهنا إلى موافقة اليوم التالي لخلقها للنيروز لا يوم خلقها فتدبر. و عاشرا أن ما ذكره من مناسبة ما في الرواية من خلق زهرة الأرض فيه لأول الحمل دون الجدي غير ظاهر إذ لقائل أن يقول لعل مبدأ خلقها أول الجدي و ظهورها على وجه الأرض بعده مع أن ذلك متفاوت بحسب البلاد جدا و أيضا كونه غير مناسب للجدي لا يدفع سائر التفسيرات المذكورة للنيروز و لا يتعين بدونه المطلوب فيجوز أن يكون خلق زهرة الأرض و كذا خلق الشمس أو طلوعها في يوم يكون موافقا من جهة الحساب المتداول بين الفرس في سنيهم لأول فروردينهم فجعل يدور في الفصول على طبق دورانه فيها بالأسباب التي ذكرناها غير مرة فلو فرضناه في أول الخلق مطابقا لأول نزول الشمس برج الحمل أيضا لكان مثل مطابقته حينئذ لسائر الأوضاع الغير المطلوبة كمواضع سائر الكواكب فحفظ تلك المطابقة فيه غير لازم لئلا يختل به ما هو المطلوب مما استقر بينهم إلى زمان النبي ص و استمر بعده إلى زماننا من ضوابط حساب السنين. فإن قلت رعاية الكبيسة كما نقل عن الفرس دالة على أن مقصود أقدميهم منها محافظة وضع معين للشمس بالنسبة إلى مبدإ سنيهم في الجملة فالمظنون أنهم كانوا عينوا لذلك أول الربيع كما قيل لظهور امتيازه عن غيره بالحسن و اعتدال الهواء و قوة النشوء و النماء في معظم المعمورة فبمحض حدوث دورانه في الفصول بحسب تجدد الرسوم الاصطلاحية كيف سقط مقصودهم الأصلي عن درجة الاعتبار بالكلية و صار المعتبر مقتضى ما استقر بينهم من الرسوم الحادثة. قلنا سلمنا قصدهم بدون مضايقة في تعيينهم أول الربيع لذلك أيضا مع أن ما يحصل من ضبط كبيستهم في مائة و عشرين سنة يحصل بدونها أيضا في مدة أكثر منه و الفرق بين القلة و الكثرة في مثلها مشكل و مع أن الروم أيضا مشاركون لهم في رعاية الكبيسة بل أضبط منهم فيها بدون التعيين المذكور و لكن نعلم أن المصالح   متغيرة بتغير الأزمنة و الطبائع و العادات فلعل الباعث لهم على الاتفاق على خلاف ما سبق من بعضهم عروض مصلحة أهم منه لهم و الباعث لاعتبار مقتضى مصلحتهم في نظر الشارع مصلحة و حكمة أخرى خفية محجوبة عن عقولنا فنحن الآن مكلفون في الأحكام بتتبع آثار الصادقين من ظواهر ما نقل إلينا عنهم و الاحتياط عن الوقوع في متابعة آرائنا بأمثال تلك الاستحسانات. قال بعض الأفاضل بعد إيراد جملة مما ذكرنا فتبين أن المراد بنيروز الفرس لا بد أن يكون أول سنتهم الذي هو أول فروردينهم بلا خلاف و أنه دائر في الفصول من قديم الأيام بأسباب شتى و خصوصا من زمان النبي ص بسبب إهمال معاصريهم منهم في حفظ الكبيسة و استقرار أمرهم عليه إلى الآن فيكون أيام سنتهم دائما ثلاثمائة و خمسة و ستين بلا عروض و تفاوت فيه قط و أن يوم الغدير في السنة العاشرة من الهجرة كان مطابقا له فإن اعتبر بما وقع بعدها في جلوس يزدجرد من إسقاط ما مضى من سنتهم و تجديد فروردينهم في التاريخ المذكور كما هو الظاهر بناء على أنه على طبق رسمهم المتداول بينهم و أن النيروز مبني على مقتضى رسمهم يكون النيروز المعتبر شرعا هو ما يضبطه المنجمون في التقاويم من أول فروردينهم في كل سنة و هو فيما نحن فيه من الزمان سنة ثمان و ثمانين و ألف من الهجرة مطابق ليوم الجمعة عاشر شهر شعبان و موافق للثامن و العشرين من أيلول الرومي و الثالث و العشرين من مهر ماه الجلالي و إن لم يعتبر بالإسقاط اليزدجردي بناء على أنه وقع بعد زمان النبي ص و إكمال الدين و أن مثل ذلك في حكم المبتدعات الغير المعتبرة في الشرع يكون النيروز المذكور قبل فروردينهم المضبوط عند المنجمين بقدر الأيام الساقطة و على كل من الاحتمالين يتقدم في كل أربع سنين بيوم على اليوم المطابق له من أيام شهور الروم و في كل أربع سنين أو خمس سنين بيوم على ما كان مطابقا له من أيام الشهور الجلالية و يتأخر في كل سنة بأحد عشر يوما غالبا و بعشرة أيام في سني كبائس العرب عما كان موافقا له من أيام الشهور العربية و أيضا يتأخر في كل سنة بيوم عما كان مطابقا له من أيام الأسبوع دائما. فظهر

    من هذا التصوير أن ما اشتهر من مطابقة نيروزهم ليوم انتقال الخلافة الصورية أيضا إلى أمير المؤمنين ع بعد قتل عثمان كمطابقته ليوم الغدير إن كان مستندا إلى نص كما قيل يؤيد الاحتمال الأول فإن كلا من الواقعتين كان في أواخر شهر ذي الحجة الحرام و بينهما خمس و عشرون سنة و لا يمكن أن يتفق ذلك بدون إسقاط إلا في نيف و ثلاثين سنة فالنص على كون كل من اليومين مطابقا للنيروز هو في حكم النص على اعتبار الإسقاط المذكور و أيضا ثبوت الواقعتين المذكورتين في النيروز من أوضح الدلائل على بطلان كون المراد به يوم نزول الشمس ببرج الحمل فإن اتفاق نيروزين بهذا المعنى في شهر من الشهور العربية بفاصلة المدة المذكورة غير ممكن قطعا فمن استدل بثبوت الواقعتين المذكورتين في النيروز على كون المراد به الاعتدال الربيعي فقد جعل ما يدل صريحا على بطلان شي‏ء دليلا على صحته انتهى. و أقول مما يؤيد ما مر ما ذكره أبو ريحان في كتاب الآثار الباقية من القرون الخالية حيث قال في عداد التواريخ المشهورة ثم تاريخ ملك يزدجرد بن شهريار بن كسرى أبرويز و هو على سني الفرس غير مكبوسة و قد استعمل في الأزياج لسهولة العمل به و إنما اشتهر تاريخ هذا الملك من بين سائر ملوك فارس لأنه قام بعد تبدد الملك و استيلاء النساء عليه و المتغلبة ممن لا يستحقه و كان مع ذلك آخر ملوكهم و جرت على يده أكثر الحروب المذكورة و الوقائع المشهورة مع عمر بن الخطاب حتى زالت الدولة و انهزم فقتل بمرو الشاهجان. ثم قال ثم تاريخ أحمد بن طلحة المعتضد بالله و هو على سني الروم و شهور الفرس بمأخذ آخر و هو أنها تكبس في كل أربع سنين بيوم و كان السبب في ذلك على ما ذكر أبو بكر الصولي و حمزة بن الحسن الأصبهاني أن المتوكل بينا هو يطوف في متصيد له إذ رأى زرعا لم يدرك بعد و لم يستحصد فقال استأذنني عبيد الله بن يحيى في فتح الخراج و أرى الزرع أخضر فمن أين يعطى الناس الخراج فقيل له إن هذا قد أضر بالناس فهم يقترضون و يتسلفون و ينجلون عن أوطانهم

    و كثرت لهم شكاياتهم فقال هذا شي‏ء حدث في أيامي أم لم يزل كذا فقيل له بل هو جار على ما أسسه ملوك الفرس من المطالبة بالخراج في إبان النيروز و صاروا به قدوة لملوك العرب فأحضر المؤبد و قال له قد كثر الخوض في هذا و لست أتعدى رسوم الفرس فكيف كانوا يفتحون الخراج على الرعية مع ما كانوا عليه من الإحسان و النظر و لم استجازوا المطالبة في هذا الوقت الذي لم تدرك فيه الغلات و الزروع فقال المؤبد و إنهم و إن كانوا يفتحونها في النيروز فما كان يجبى إلا وقت إدراك فقال و كيف ذلك فبين له حال السنين و كمياتها و احتياجها إلى الكبس ثم عرف أن الفرس كانوا يكبسونها فلما جاء الإسلام عطل فأضر ذلك بالناس و اجتمع الدهاقنة زمن هشام بن عبد الملك إلى خالد القسري فشرحوا له هذا و سألوه أن يؤخروا النوروز شهرا فأبى و كتب إلى هشام بذلك فقال إني أخاف أن يكون هذا من قول الله إِنَّمَا النَّسِي‏ءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ فلما كان أيام الرشيد اجتمعوا إلى خالد بن يحيى بن برمك و سألوه أن يؤخروا النوروز نحو الشهرين فعزم على ذلك فتكلم أعداؤه فيه و قالوا إنه يتعصب للمجوسية فأضرب عن ذلك و بقي الأمر على حاله فأحضر المتوكل إبراهيم بن العباس الصولي و أمره أن يوافق المؤبد على ما ذكره من النيروز و يحسب الأيام و يجعل له قانونا غير متغير و ينشئ عنه كتابا إلى بلدان المملكة في تأخير النوروز فوقع العزم على تأخيره إلى سبعة عشر يوما من حزيران ففعل ذلك و نفذت الكتب إلى الآفاق في المحرم سنة ثلاث و أربعين و مائتين فقال البختري في ذلك قصيدة يمدح فيها المتوكل و قتل المتوكل و لم يتم له ما دبر حتى قام المعتضد بالخلافة و استرد بلدان المملكة من المتغلبين عليها و تفرغ للنظر في أمور الرعية فكان أهم شي‏ء إليه أمر الكبيسة و إتمامه فاحتذى ما فعله المتوكل في تأخير النوروز غير أنه نظر من جهة أخرى و ذلك أن المتوكل أخذ ما بين سنته و بين أول تاريخ الملك يزدجرد و أخذ المعتضد ما بين سنته و بين السنة التي زال فيها ملك الفرس بهلاك يزدجرد   ظنا منه أو ممن تولى ذلك له أن إهمالهم أمر الكبس هو من لدن ذلك الوقت فوجده مائتين و ثلاثا و أربعين سنة و حصتها من الأرباع ستون يوما و كسر فزاد ذلك على النوروز في سنة و جعله منتهى تلك الأيام و هو أول يوم من خرداد ماه في تلك السنة و كان يوم الأربعاء وافقه اليوم الحادي عشر من حزيران ثم وضع النوروز على شهور الروم لتنكبس شهوره إذا كبست الروم شهورها و كان المتولي لإمضاء ما أمر وزيره أبو القاسم عبيد الله بن سليمان بن وهب و قال علي بن يحيى في ذلك شعر.

يوم نيروزك يوم واحد لا يتأخر من حزيران يوافي أبدا في أحد عشر.

 و هذا و إن دقق في تحصيله فلم يعد به النوروز إلى ما كان عليه عند الكبس في دولة الفرس و ذلك أن إهمال كبسهم كان قبل هلاك يزدجرد بقريب من سبعين سنة لأنهم كانوا كبسوا السنة في زمان يزدجرد بن شابور بشهرين أحدهما لما لزم السنة من التأخر و هو الواجب و وضعوا اللواحق خلفه علامة له و كانت النوبة لآبان ماه كما سنذكره و الشهر الآخر للمستأنف ليكون مفروغا منه إلى مدة طويلة فإذا أسقط عن السنين التي بين يزدجرد بن شابور و بينه مائة و عشرون سنة بقي بالتقريب سبعون سنة لا بالتحقيق فإن تواريخ الفرس مضطربة جدا و تكون حصة هذا السبعين سنة من الأرباع قريبا من سبعة عشر يوما فكان يجب بالتحليل من القياس أن يؤخر سبعة و سبعين يوما لا ستين يوما حتى يكون النوروز في ثمانية و عشرين من حزيران و لكن المتولي لذلك ظن أن طريقة الفرس في الكبس كانت شبيهة بالتي يسلكه الروم فيه فحسب الأيام من لدن زوال ملكهم و الأمر فيها على خلاف ذلك كما بينا و سنبين. ثم قال هذا التاريخ آخر المشهورة و لعل أن يكون للأمم الشاسعة ديارها من ديارنا تواريخ لم تتصل بنا أو متروكة كالمجوس في مجوسيتها فإنها كانت تؤرخ بقيام ملوكهم أولا فأولا فإذا مات أحدهم تركوا تاريخه و انتقلوا إلى تاريخ القائم بعد منهم انتهى ما أردت إيراده من كتابه   و هذا و إن كان مؤيدا لترك الكبس في زمان يزدجرد و دوران النيروز في الفصول لكن لا يدل على الإسقاط و ينافي بعض الضوابط المتقدمة و سيأتي مما سننقل عنه ما يؤيد ذلك أيضا. و بالجملة الأمر في الأخبار الواردة في ذلك مردد بين أمور الأول أن يكون بناؤها على إسقاط الأرباع و الخمسة أيضا كما كانت سنة الملوك البيشدادية أو بعض ملوك الهند كما أومأنا إليهما سابقا و يومي إليه قوله عليه السلام في خبر المعلى هي أيام قديمة من الشهور القديمة كل شهر ثلاثون يوما بلا زيادة فيه و لا نقصان و يؤيده الأخبار الكثيرة الدالة على أن السنة ثلاثمائة و ستون يوما فيكون أول الفروردين على هذا الحساب نوروزا. و يرد عليه أن حوالة النيروز و السنة على اصطلاح متروك لا يعلم تعيينه و لا ابتداء شهورها بعيد عن مقنن القوانين كما عرفت. الثاني أن تكون مبنية على الفرس القديم الذي مر ذكره و هو قوي لكن بناء أمر من الأمور الشرعية على اصطلاح متبدل متغير يتبع في كل زمان رأى سلطان من سلاطين الجور أو غفلتهم أو عدم تمكنهم من الكبس كما وقع بعد يزدجرد بعيد جدا و أيضا الظاهر أن فضل هذا اليوم إما بسبب الأمور المقارنة له و الأحوال الواقعة فيه و كثير من الأمور متعلقة بما قبل زمان يزدجرد و كان قبل ذلك مبنيا على الكبس و بعده سقط ذلك و إما بسبب بعض الأوضاع الفلكية أو الأرضية كدخول برج من البروج أو درجة من درجاتها أو ظهور الأزهار و نبات النباتات و الأشجار و نحو ذلك و شي‏ء منها غير منضبط في النيروز بهذا المعنى و مع جميع ذلك فهو بحسب الدليل كأنه أقوى من الجميع. الثالث أن يكون المراد بها النيروز القديم المبني على الكبس في كل مائة و عشرين سنة كما عرفت لأنه الأصل عند الفرس و إنما طرأ إسقاط الكبس لاختلال أحوالهم و عدم تمكنهم من ضبط قواعدهم و يرد عليه ما مر من أن بناء

    تكليف عام يشترك فيه عوامهم و خواصهم على أمر غامض لا يطلع عليه إلا الأوحدي من المنجمين و الهيويين بل لا يمكن معرفته على التحقيق لأحد كما مر بعيد غاية البعد إلا أن يقال أنه ع علم قاعدته المعلى و لم يروها أو ترك الناس روايتها و هو أيضا بعيد. الرابع أن يكون المراد ما اصطلح عليه الآن المنجمون و هو دخول الشمس برج الحمل بأن يكون ع علم أن قاعدة الفرس في القديم كان كذلك فتركت و أخروا الكبس إلى المائة و العشرين تسهيلا للأمر أو يقال إن نيروز الفرس هو أول فروردين مع رعاية الكبس بأي وجه كان في زمان قصير أو زمان طويل فيشمل النيروز الجلالي عموما و إن لم يحدث بعد خصوص هذا النوع و يؤيده أن الأحكاميين من الفرس و غيرهم جعلوا مبدأ السنة تحويل الشمس إلى الحمل كما قال كوشيار في كتاب مجمل الأصول معلوم أن تحويل سنة العالم هو حلول الشمس أول ثانية من الحمل و طالع ذلك طالع السنة و أمثال ذلك من كلماتهم و قد اشتمل الخبر على أن النيروز أول سنة الفرس و أيد أيضا بما ورد أن ابتداء خلق العالم كان الشمس في الحمل و بأنا إذا حسبنا على القهقرى وجدنا عيد الغدير في السنة العاشرة من الهجرة مطابقا لنزول الشمس أول الحمل و الظاهر أن ذلك مبني على بعض الإرصاد و على بعضها يتقدم بيوم كما أومأ إليه ابن فهد رحمه الله و على بعضها بيومين كما أشار إليه غيره و موافقته على بعض الإرصاد كاف في ذلك و بأنه أول نمو أبدان الحيوانات و الأشجار و النباتات كما قال سبحانه أ لم تر أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها و عنده تظهر قدرة الصانع و حكمته و لطفه و رحمته فهو أولى بأن يشكر فيه الرب الكريم و أن يجعل مبدأ السنة و العيد العظيم و قد مر الكلام في أكثر ذلك فيما مضى.   و مما يدل على عدم كونه مرادا أنه معلوم أنه لم يكن هذا مشهورا في زمان الصادق عليه السلام و قد قال المعلى دخلت على الصادق ع يوم النيروز فلا بد من أن يكون يوما معروفا في ذلك الزمان و لم يكن إلا التاريخ اليزدجردي فلا يستقيم هذا إلا بتكلف أومأنا إليه في أول الكلام و الله يعلم حقائق الأمور. الفائدة الثالثة اعلم أنه قد يستشكل في الأحاديث بأن وقوع النيروز بأي تفسير كان في التواريخ الماضية المذكورة في الروايتين المضبوطة عند المؤرخين سنة و شهرا و يوما كيوم المبعث و فتح مكة و نص الغدير غير ممكن لعدم جواز اجتماع يومين في ذلك فضلا عن الجميع لأن المبعث كان قبل الهجرة بقريب من ثلاث عشرة سنة و فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة و نص الغدير في العاشرة منها فكان وضع الأول بالنسبة إلى كل من الأخيرين يقتضي أن تكون الفاصلة بين النيروزين الواقعين فيهما بحسب الشهور العربية أكثر من سبعة أشهر و وضع أحد الأخيرين بالنسبة إلى الآخر يقتضي أن تكون الفاصلة أقل من شهر مع أن الأول كان في أواخر رجب و الثاني في أواخر شهر رمضان و الثالث في أواخر شهر ذي الحجة. و يمكن الجواب عنه بوجهين الأول ما ذكره بعض الأفاضل و هو أن يقال من السنة التاسعة عشر من مبعثه ص التي وقع فيها قتل پرويز من ملوك العجم إلى آخر زمانه ص اتفق جلوس ثلاثة من ملوك العجم هم شيرويه و أردشير و توران دخت و كان الأولان قبل فتح مكة و الأخير بعده فيمكن إسقاط كل منهم برهة مما مضى من السنة عند جلوسه كما هو عادتهم المستمرة فكان ذلك منشأ لهذا الاختلاف فهذا أيضا دليل بل دلائل أخرى مستنبطة من الروايتين المذكورتين على بطلان كون المراد بالنيروز المعتبر شرعا هو الاعتدال الربيعي فإنه على ذلك لا يمكن توجيه التواريخ المذكورة فيهما أصلا و كذا حال سائر ما مر من تفاسيره سوى أول فروردين فتعين أن المراد به أول فروردين كما هو المطلوب انتهى.

    الثاني ما خطر ببالي و هو أنه لم يصرح في الحديث بالمبعث بل قال هبط فيه جبرئيل على النبي ص و لا تلازم بينهما إذ المبعث هو أمر الرسول بتبليغ الرسالة إلى القوم و يمكن أن يكون نزول جبرئيل عليه ص قبل ذلك بسنين كما يومئ إليه بعض الأخبار أيضا. و أما كون كسر الأصنام في فتح مكة فلا يظهر من هذا الخبر و لا من أكثر الأخبار الواردة فيه بل صريح بعض الأخبار و ظاهر بعضها كون ذلك قبل الهجرة فيمكن الجمع بينهما بالقول بتعدد وقوع ذلك و يكون أحدهما موافقا للنيروز

 كما روي من كشف الغمة من مسند أحمد بن حنبل عن أبي مريم عن علي ع قال انطلقت أنا و النبي ص حتى أتينا الكعبة فقال لي رسول الله ص اجلس و اصعد على منكبي فنهضت به فرأى بي ضعفا و جلس لي نبي الله ص و قال لي اصعد على منكبي فصعدت على منكبيه قال فنهض بي قال فإنه يختل إلي أني لو شئت لنلت أفق السماء حتى صعدت على البيت و عليه تمثال صفر أو نحاس فجعلت أزاوله عن يمينه و شماله و من بين يديه و من خلفه حتى إذا استمكنت منه قال لي رسول الله ص اقذف به فقذفت به فتكسر كما تكسر القوارير ثم نزلت و انطلقت أنا و رسول الله ص نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس

و الأخبار بهذا المضمون كثيرة و قد تقدمت و كلها دالة على أن ذلك كان قبل الهجرة و إلا لم يكن لخوفهما و إخفائهما من القوم معنى فارتفع التنافي على أي تفسير كان لعدم معلومية تاريخ نزول جبرئيل عليه السلام و لا كسر الأصنام. فإن قيل قد صرح في الخبر بأنه اليوم الذي حمل فيه رسول الله ص إلخ فحمله على ما وقع في الليل بعيد. قلنا حمل اليوم على ما يشمل الليل شائع و سراية فضل الليلة و بركاتها إلى اليوم كثيرة كمواليد النبي ص و الأئمة ع و غير ذلك. فإن قيل تاريخ فتح نهروان و قتل ذي الثدية أيضا مضبوط في مناقب ابن   شهرآشوب بتاسع شهر صفر سنة تسع و ثلاثين و لا يوافق أول فروردينهم لكونه في السنة المزبورة قبله في أواسط المحرم أو بعده في أواسط شوال على اختلاف الاعتبارين كما مر و لا أول الربيع لكونه فيها بعده في أواخر شوال و لا يجري فيه شي‏ء من التوجيهين. قلنا سنة الفتح المذكور مضبوطة عند جمهور المؤرخين بما ذكر أو بثمان و ثلاثين و أما شهره و يومه فهم ساكتون عنهما فلا اعتماد في مثل ذلك على نقل واحد منهم. الفائدة الرابعة قال أبو ريحان في الكتاب المذكور قال بعض الحشوية إن سليمان بن داود ع لما افتقد خاتمه و ذهب عنه ملكه ثم رد إليه بعد أربعين يوما عاد إليه بهاؤه و أتته الملوك و عكفت عليه الطيور فقالت الفرس نوروز آمد أي جاء اليوم الجديد فسمي النوروز و أمر سليمان الريح فحملته و استقبله الخطاف فقال أيها الملك إن لي عشا فيه بيضات فاعدل فعدل و لما نزل حمل الخطاف في منقاره ماء فرشه بين يديه و أهدى له رجل جرادة فذلك سبب رش الماء و الهدايا في النيروز و قالت علماء العجم هو يوم مختار لأنه سمي بهرمز و هو اسم الله عز و جل الخالق الصانع المربي للدنيا و أهلها الذي لا يقدر الواصفون على وصف جزء من أجزاء نعمه و إحسانه و قال سعيد بن الفضل جبل دماوند و هو بفارس ترى عليه كل ليلة نوروز بروق تسطع و تلمع على صحو الهواء و تغيمه على كل حال من الزمان و أعجب من هذا نيران كلواذا و إن كان القلب لا يطمئن إليها دون مشاهدتها فقد أخبرني أبو الفرج الزنجاني الحاسب أنه شاهد ذلك مع جماعة قصدوا كلواذا سنة دخول عضد الدولة بغداد و إذا بها نيران و شموع لا تحصى كثرة تظهر في الجانب الغربي من دجلة بإزاء كلواذا في الليلة التي يكون في صبيحتها النوروز فإن السلطان وضع هناك رصدة يتجسسون الحقيقة كيلا يكون ذلك من المجوس

    أمرا مموها فلم يقفوا إلا أنها كلما قربوا منها تباعدت و كلما تباعدوا منها قربت فقلت لأبي الفرج إن يوم النيروز زائل عن مكانه لإهمال الفرس كبيستهم فلم لم يتأخر عنه هذا الأمر و إن لم يجب تأخره فهل كان يتقدم وقت استعمال الكبيسة فلم يكن عنده جواب مقنع. و قال أصحاب النيرنجات من لعق يوم النيروز قبل الكلام إذا أصبح ثلاث لعقات عسل و بخر بثلاث قطاع من شمع كان ذلك شفاء من الأدواء و كان النيروز فيه جرى الرسم بتهادي الناس بينهم السكر و السبب فيه كما حكي مؤبد بغداد أن قصب السكر إنما ظهر في مملكة جم يوم النيروز و لم يكن يعرف قبل ذلك الوقت و هو أنه رأى قصبة كثيرة الماء قد مجت شيئا من عصارتها فذاقها فوجد فيها حلاوة لذيذة فأمر باستخراج مائها و عمل منه السكر فارتفع في اليوم الخامس و تهادوه تبركا به و كذلك استعمل في المهرجان و إنما خصوا وقت الانقلاب الصيفي بالابتداء في السنة لأن الانقلابين أولى أن يوقف عليهما بالآلات و العيان من الاعتدالين و ذلك أن الانقلابين هما أوائل إقبال الشمس إلى أحد قطبي الكل و إدبارها عنه بعينه و إذا رصد الظل المنتصب في الانقلاب الصيفي و الظل البسيط في الانقلاب الشتوي في أي موضع اتفق من الأرض لم يخف على الراصد يوم الانقلاب و لو كان من علم الهندسة و الهيئة بأبعد البعد فأما الاعتدالان فإنه لا يوقف على يومهما إلا بعد تقدم المعرفة بعرض البلد و الميل الكلي ثم لا يكون ذلك ظاهرا إلا لمن تأمل الهيئة و مهر في علمها و عرف آلات الرصد و نصبها و العمل بها فكان الانقلابان لهذه الأسباب أولى بالابتداء من الاعتدالين و كان الصيفي منهما أقرب إلى سمت الرءوس الشمالية فآثروه على الشتوي. و أيضا فلأنه هو وقت إدراك الغلات فهو أصوب لافتتاح الخراج فيه من غيره و كثير من العلماء و الحكماء اليونانيين أقاموا الطالع لوقت طلوع كلب الجبار و استفتحوا به السنة دون الاعتدال الربيعي من أجل أن طلوعه فيما مضى كان موافقا لهذا الانقلاب أو بالقرب منه و قد زال هذا اليوم أعني النيروز عن وقته حتى صار في زماننا يوافق دخول الشمس برج الحمل و هو أول الربيع   فجرى الرسم لملوك خراسان فيه أن يخلعوا على أساورتهم أي قواد جيوشهم الخلع الربيعية و الصيفية و اليوم السادس منه و هو روز خرداد منه النوروز الكبير و عند الفرس عيد عظيم الشأن. قيل إن فيه فرغ الله عن خلق الخلائق لأنه آخر الأيام الستة المذكورة و فيه خلق المشتري و أسعد ساعاته ساعات المشتري و قال أصحاب النيرنجات من ذاق صبيحة هذا اليوم قبل الكلام السكر و تدهن بالزيت دفع عنه في عامة سنته أنواع البلايا و قالوا أمر جمشيد الناس أن يغتسلوا يوم النيروز بالماء ليتطهروا من الذنوب و يفعلوا ذلك كل سنة ليدفع الله عنهم آفات السنة و زعم بعض الناس أن جم كان أمر بحفر أنهار و أن الماء جرى فيها في هذا اليوم فاستبشر الناس بالخصب و اغتسلوا بذلك الماء المرسل فتبرك الخلف بمحاكاة السلف و قيل بل السبب في الاغتسال هو أن هذا اليوم لهروزا و هو ملك الماء و الماء يناسبه فلذلك صار الناس يقومون في هذا اليوم عند طلوع الفجر فيعمدون إلى ماء القنا و الحياض و ربما استقبلوا المياه الجارية فيفيضون على أنفسهم منها تبركا و دفعا للآفات و فيه يرش الناس الماء بعضهم على بعض و سببه هو سبب الاغتسال و لما كان بعد جم جعلت الملوك هذا الشهر أعنى فروردين ماه كله أعيادا مقسومة في أسداسه فالخمسة الأولى للملوك و الثانية للأشراف و الثالثة لخدام الملوك و الرابعة لحواشيه و الخامسة للعامة و السادسة للرعاة إلى آخر ما قال. و أقول إنما أوردت هذا الهذيانات لتطلع على بعض خرافاتهم و لأن فيها تأييدا لبعض ما أسلفنا في الفوائد السابقة و وجدت في بعض الكتب المعتبرة اعلم أن جمشيد ملك الدنيا و عمر أقاليم إيران فاستوت له أسبابه و استقامت له أموره يوم النيروز أول فروردين القديم فصار أول سنة العجم و هو يوم ولد فيه كيومرث بن هبة الله بن آدم ع و أما النيروز السلطاني يوم نزول الشمس أول دقيقة من برج الحمل فوضع في عهد السلطان جلال الدين ملك شاه بن آلب‏أرسلان و اتفق يوم الخميس التاسع من شهر رمضان سنة إحدى و سبعين و أربعمائة و

    المهرجان هو يوم النصف من مهر ماه قصد أفريدون الضحاك و أسره بأرض المغرب و سجنه بجبل دماوند هذا اليوم فقال أفريدون لأصحابه أين كار كه من كردم مهرجان بان هست فسمي لذلك مهرجان و أول من وضع رسم التهنئة في النيروز و المهرجان أفريدون انتهى. و أقول روى المنجمون و الأحكاميون في كتبهم عن أمير المؤمنين ع أياما منحوسة في الشهر و حملوه على شهور الفرس القديم و هي الثالث و الخامس و الثالث عشر و السادس عشر و الحادي و العشرون و الرابع و العشرون و الخامس و العشرون و جمعوها في هذين البيتين بالفارسية.

هفت روزى نحس باشد در مهى‏زان حذر كن تا نيابى هيچ رنج‏سه و پنج سيزده با شانزده‏بيست و يك با بيست و چار و بيست و پنج.

 و ربما يحمل على الشهور العربية كما مر و رووا أيضا عن الصادق ع نحوسة بعض أيام شهور الفرس القديمة كما نظمه سلطان المحققين نصير الملة و الدين الطوسي قدس الله سره القدوسي في هذه الأبيات بالفارسية.

ز قول جعفر صادق خلاصه سادات‏ز ماه فارسيان هفت روز مذمومست‏نخست روز سيم باز پنجم و پس از آن‏چه روز سيزدهم روز شانزده شومست‏ديگر ز عشر سيم بيست و يك چه بيست و چهارچه بيست و پنج كه آنهم بنحس مرقومست‏بجز عبادت كارى مكن در اين ايام‏اگر چه نيك و بدت هم ز رزق مقسومست‏بماند بيست و سه روز اى خجسته مختاركه در عموم حوائج بخير موسومست‏ولى چهار و هشتم سفر مكن زنهاركه خوف هلك در اين هر دو نص محتومست‏بروز پانزدهم پيش پادشاه مرواگر چه سنگ دلش بر تو نيز چون مومست‏گريز نيز در اين روز ناپسند آمدكه ره مخوف و هواى خلاص مسمومست‏مكن دوازدهم با كسى مناظره اى‏كه در خصومت اين روز صلح معدومست‏ز روزهاى گزيده همين چهار آنگه‏در اين حوائج در سلك نحس منظومست.

 و رووا أيضا عن موسى كليم الله ع أن للشهور الرومية أياما منحوسة من   توجه فيها إلى القتال قتل و من سافر فيها لم يظفر بمقصوده و من تزوج لم يتمتع و هي أربعة و عشرون يوما في كل شهر يومان و هي العاشر و العشرون من تشرين الأول و الأول و الخامس عشر من تشرين الآخر و الخامس عشر و السابع عشر من كانون الأول و السابع و الرابع عشر من كانون الآخر و السادس عشر و السابع عشر من شباط و الرابع و اليوم العشرون من آزار و العشرون و الثالث من نيسان و السادس و الثامن من أيار و الثالث و الثامن من حزيران و العشرون و السادس من تموز و الرابع و الخامس عشر من آب و الأول و الثالث من أيلول و في بعض النسخ التاسع و العاشر من تشرين الأول و التاسع و الثاني عشر من كانون الأول و الثاني و الرابع عشر من كانون الآخر و الثاني عشر و السادس عشر من شباط و الثالث و العاشر من حزيران و في بعضها و الرابع و الحادي عشر من آب

8-  المكارم، عن أبي الحسن ع قال لا تدع الحجامة في سبع من حزيران فإن فاتك فأربع عشرة