باب 3- آخر

نورد ما ذكره محمد بن بحر الشيباني المعروف بالدهني في كتابه من قول مفضلي الأنبياء و الرسل و الأئمة و الحجج على الملائكة صلوات الله عليهم أجمعين على ما   أورده الصدوق ره في كتاب علل الشرائع ناقلا عنه حيث قال قال مفضلو الأنبياء و الرسل و الحجج على الملائكة أنا نظرنا إلى جميع ما خلق الله عز و جل من شي‏ء علا علوا طبعا و اختيارا أو علي به قسرا و اضطرارا و ما سفل شي‏ء طبعا و اختيارا أو ما سفل به قصرا و اضطرارا فإذا هي ثلاثة أشياء بإجماع حيوان نام و جماد و أفلاك سائرة و بالطبع الذي طبعها عليه صانعها دائرة و في ما دونها عن إرادة خالقها مؤثرة و أنهم نظروا في الأنواع الثلاثة و في الأشياء التي هي أجناس منقسمة إلى جنس الأجناس الذي هو شي‏ء إذ يعطي كل شي‏ء اسمه. قالوا و نظرنا أي الثلاثة هو نوع لما فوقه و جنس لما تحته أنفع و أرفع و أيها أدون و أوضع فوجدنا أرفع الثلاثة الحيوان و ذلك بحق الحياة التي بان بها النامي و الجماد و إنما رفعة الحيوان عندنا في حكمة الصانع و ترتيبها إن الله تقدست أسماؤه جعل النامي له أغذاء و جعل له عند كل داء دواء و في ما قدر له صحة و شفاء فسبحانه ما أحسن ما دبره في ترتيب حكمته إذ الحيوان الرفيع مما دونه يغذو و منه لوقاية الحر و البرد يكسو و عليه أيام حياته ينشو و جعل الجماد له مركزا و مكديا فامتهنه له امتهانا و جعل له مسرحا و أكنانا و مجامع و بلدانا و مصانع و أوطانا و جعل له حزنا محتاجا و سهلا محتاجا إليه و علوا ينتفع بعلوه و سفلا ينتفع به و بمكاسبه برا و بحرا فالحيوان مستمتع فيستمتع بما جعل له فيه من وجوه المنفعة و الزيادة و الزبول عند الزبول و تتخذ المركز عند التجسيم و التأليف من الجسم المؤلف تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ. قالوا ثم إنا نظرنا فإذا الله عز و جل قد جعل المتخذ بالروح و النمو و الجسم أعلى و أرفع مما يتخذ بالنمو و الجسم و التأليف و التصريف ثم جعل الحي الذي هو بالحياة التي هي غيره نوعين ناطقا و أعجم ثم أبان الناطق من الأعجم بالنطق و البيان اللذين جعلهما له فجعله أعلى منه بفضيلة النطق و البيان ثم جعل

    الناطق نوعين حجة و محجوجا فجعل الحجة أعلى من المحجوج لإبانة الله الحجة و اختصاصه إياه بعلم علوي يخصه له دون المحجوجين فجعله معلما من جهة باختصاصه إياه و علما بأمره إياه أن يعلم بأن الله عز و جل معلم الحجة دون أن يكله إلى أحد من خلقه فهو متعال به و بعضهم يتعالى على بعض بعلم يصل إلى المحجوجين من جهة الحجة. قالوا ثم رأينا أصل الشي‏ء الذي هو آدم فوجدناه قد جعله علما على كل روحاني خلقه قبله و جسماني ذرأه و برأه منه فعلمه علما خصه به لم يعلمهم قبل و لا بعد و فهمه فهما لم يفهمهم قبل و لا بعد ثم جعل ذلك العلم الذي علمه ميراثا فيه لإقامة الحجج من نسله على نسله ثم جعل آدم لرفعة قدره و علو أمره للملائكة الروحانيين قبله و أقامه لهم محنة فابتلاهم بالسجود إليه فجعل لا محالة من أسجد له أعلى و أفضل ممن أسجدهم و لأن من جعل بلوى و حجة أفضل ممن حجهم به و لأن إسجاده جل و عز إياهم للخضوع ألزمهم الاتضاع منهم له و المأمورين بالاتضاع بالخضوع و الخشوع و الاستكانة دون من أمرهم بالخضوع له أ لا ترى إلى من أبى الائتمار لذلك الخضوع و لتلك الاستكانة فأبى و استكبر و لم يخضع لمن أمره له بالخضوع كيف لعن و طرد عن الولاية و أدخل في العداوة فلا يرجى له من كبوته الإقالة آخر الأبد فرأينا السبب الذي أوجب الله عز و جل لآدم عليهم فضلا فإذا هو العلم خصه الله عز و جل دونهم فعلمه الأسماء و بين له الأشياء فعلا بعلمه من لا يعلم ثم أمره جل و عز أن يسألهم سؤال تنبيه لا سؤال تكليف عما علمه بتعليم الله عز و جل إياه مما لم يكن علمهم ليريهم جل و عز علو منزلة العلم و رفعة قدره كيف خص العلم محلا و موضعا اختاره له و أبان ذلك المحل عنهم بالرفعة و الفضل. ثم علمنا أن سؤال آدم إياهم عما سألهم عنه مما ليس في وسعهم و طوقهم الجواب عنه سؤال تنبيه لا سؤال تكليف لأنه جل و عز لا يكلف ما ليس في وسع المكلف القيام به فلما لم يطيقوا الجواب عما سألوا علمنا أن السؤال كان كالتقرير منه لهم يقرن   به اتضاعهم بالجهالة عما علمه إياه و علو خطره و قدره و اختصاصه إياه بعلم لم يخصهم به فالتزموا الجواب بأن قالوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا ثم جعل الله عز و جل آدم ع معلم الملائكة بقوله أَنْبِئْهُمْ لأن الإنباء من النبأ تعليم و الأمر بالإنباء من الأمر تكليف يقتضي طاعة و عصيانا و الإصغاء من الملائكة للتعليم و التوقيف و التفهيم و التعريف تكليف يقتضي طاعة و عصيانا فمن ذهب منكم إلى فضل المتعلم على المعلم و الموقف على الموقف و المعرف على المعرف كان في تفضيله تعكيس لحكمة الله عز و جل و قلب لترتيبها التي رتبها الله عز و جل فإنه على قياد مذهبه أن تكون الأرض التي هي المركز أعلى من النامي الذي هو عليها الذي فضله الله عز و جل بالنمو و النامي أفضل و أعلى من الحيوان الذي فضله الله جل جلاله بالحياة و النمو و الروح و الحيوان الأعجم الخارج عن التكليف و الأمر و الزجر أعلى و أفضل من الحيوان الناطق المكلف للأمر و الزجر و الحيوان الذي هو المحجوج أعلى من الحجة التي هي حجة الله عز و جل فيها و المتعلم أعلى من المعلم و قد جعل الله عز و جل آدم حجة على كل من خلق من روحاني و جسماني إلا من جعل له أولية الحجة

 فقد روي لنا أن حبيب بن مظاهر الأسدي بيض الله وجهه أنه قال للحسين بن علي بن أبي طالب ع أي شي‏ء كنتم قبل أن يخلق الله عز و جل آدم ع قال كنا أشباح نور ندور حول عرش الرحمن فنعلم للملائكة التسبيح و التهليل و التحميد

و لهذا تأويل دقيق ليس هذا مكان شرحه و قد بيناه في غيره. قال مفضلو الملائكة إن مدار الخلق روحانيا كان أو جسمانيا على الدنو من الله عز و جل و الرفعة و العلو و الزلفة و السمو و قد وصف الله جلت عظمته الملائكة من ذلك بما لم يصف به غيرهم ثم وصفهم بالطاعة التي عليها موضع الأمر و الزجر و الثواب و العقاب فقال عز و جل لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ   ثم جعل محلهم الملكوت الأعلى فبراهينهم على توحيده أكثر و أدلتهم عليه أشهر و أوفر و إذا كان ذلك كذلك كان حظهم من الزلفة أجل و من المعرفة بالصانع أفضل. قالوا ثم رأينا الذنوب و العيوب الموردة النار و دار البوار كلها من الجنس الذي فضلتموه على من قال الله عز و جل في نعتهم لما نعتهم و وصفهم بالطاعة لما وصفهم لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ قالوا كيف يجوز فضل جنس فيهم كل عيب و لهم كل ذنب على من لا عيب فيهم و لا ذنب منهم لا صغائر و لا كبائر. و الجواب أن مفضلي الأنبياء و الحجج ع قالوا إنا لا نفضل هاهنا الجنس على الجنس و لكنا فضلنا النوع على النوع من الجنس كما أن الملائكة كلهم ليسوا كإبليس و هاروت و ماروت لم يكن البشر كلهم كفرعون الفراعنة و كشياطين الإنس المرتكبين المحارم المقدمين على المأثم و أما قولكم في الزلفة و القربة فإنكم إن أردتم زلفة المسافات و قربة المداناة فالله عز و جل أجل و مما توهمتموه أنزه و في الأنبياء و الحجج من هو أقرب إلى قربه بالصالحات و القربات الحسنات و بالنيات الطاهرات من كل خلق خلقهم و القرب و البعد من الله جلت عظمته بالمسافة و المدى تشبيه له بخلقه و هو من ذلك نزيه. و أما قولهم في الذنوب و العيوب فإن الله جلت أسماؤه جعل الأمر و الزجر أسبابا و عللا و الذنوب و المعاصي وجوها فالله جل جلاله هو الذي جعل قاعدة الذنوب من جميع المذنبين من الأولين و الآخرين إبليس و هو من حزب الملائكة و ممن كان في صفوفهم و هو رأس الأبالسة و هو الداعي إلى عصيان الصانع و الموسوس و المزين لكل من تبعه و قبل منه و ركن إليه الطغيان و قد أمهل الملعون لبلوى أهل البلوى في دار الابتلاء فكم من برية نبيه و في طاعة الله عز و جل وجيه و عن معصيته بعيد و قد أقمأ إبليس و أقصاه و زجره و نفاه فلم يلوله على أمر إذا أمره و لا انتهى عن زجر إذا زجر له لمات في قلوب الخلق مكافئ من المعاصي لمات الرحمن فلمات الرحمن   دافعة للماته و وسوسته و خطراته و لو كانت المحنة بالملعون واقعة بالملائكة و الابتلاء به قائما كما قام في البشر و دائما كما دام لكثرت من الملائكة المعاصي و قلت فيهم الطاعات إذا تمت فيهم الآلات فقد رأينا المبتلي من صفوف الملائكة بالأمر و الزجر مع آلات الشهوات كيف انخدع بحيث دنا من طاعته و كيف بعد مما لم يبعد منه الأنبياء و الحجج الذين اختارهم الله على علم على العالمين إذ ليست هفوات البشر كهفوة إبليس في الاستكبار و فعل هاروت و ماروت في ارتكاب المزجور. قال مفضلو الملائكة إن الله جل جلاله وضع الخضوع و الخشوع و التضرع و الخنوع حلية فجعل مداها و غايتها آدم ع ففازت الملائكة في هذه الحلية و أخذوا منها بنصيب الفضل و السبق فجعل للطاعة فأطاعوا الله فيه و لو كان هناك بنو آدم لما أطاعوه فيما أمر و زجر كما لم يطعه قابيل فصار إمام كل قاتل. جواب مفضلي الأنبياء و الحجج ع قالوا إن الابتلاء الذي ابتلى به الله عز و جل الملائكة من الخشوع و الخضوع لآدم عن غير شيطان مغو و عدو مطغي فاصل بغوايته بين الطائعين و العاصين و المقيمين على الاستقامة عن الميل و عن غير آلات المعاصي التي هي الشهوات المركبات في عباده المبتلين و قد ابتلي من الملائكة من ابتلي فلم يعتصم بعصمة الله الوثقى بل استرسل للخادع الذي كان أضعف منها

 و قد روينا عن أبي عبد الله ع أنه قال إن في الملائكة من باقة بقل خير منه و الأنبياء و الحجج يعلمون ذلك لهم و فيهم ما جهلناه

و قد أقر مفضلو الملائكة بالتفاضل بينهم كما أقر بالتفاضل بين ذوي الفضل من البشر و من قال إن الملائكة جنس من خلق الله عز و جل تقل فيهم العصاة كهاروت و ماروت و كإبليس اللعين إذ الابتلاء فيهم قل فليس ذلك بموجب أن يكون فاضلهم أفضل من فاضل البشر الذين جعل الله عز و جل الملائكة خدمهم إذا صاروا إلى دار المقامة التي ليس فيها حزن و لا هم و لا نصب و لا سقم و لا فقر.   قال مفضلو الملائكة إن الحسن البصري يقول إن هاروت و ماروت علجان من أهل بابل و أنكر أن يكونا من الملائكة فلم تعترضونا بالحجة بهما و بإبليس فتحتجون علينا بجني فيه. قال مفضلو الأنبياء و الحجج ع ليس شذوذ الحسن عن جميع المفسرين من الأمة بموجب أن يكون ما يقول كما يقول و أنتم تعلمون أن الشي‏ء لا يستثنى إلا من جنسه و تعلمون أن الجن سموا جنا لاجتنانهم عن الرؤية إلا إذا أرادوا الترائي بما جعل الله عز و جل فيهم من القدرة على ذلك و أن إبليس من صفوف الملائكة و غير جائز في كلام العرب أن يقول قائل جاءت الإبل كلها إلا حمارا و وردت البقر كلها إلا فرسا فإبليس من جنس ما استثني و قول الحسن في هاروت و ماروت بأنهما علجان من أهل بابل شذوذ شذ به عن جميع أهل التفسير و قول الله عز و جل يكذبه إذ قال وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بفتح اللام بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ و ليس في قولكم عن قول الحسن فرج لكم فادعوا ما لا فائدة فيه من علة و لا عائدة من حجة قال مفضلو الملائكة قد علمتم ما للملائكة في كتاب الله عز و جل من المدح و الثناء مما بانوا به عن خلق الله جل و علا إذ لو لم يكن فيه إلا قوله بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ. قال مفضلو الأنبياء و الحجج ع لو استقصينا آي القرآن في تفضيل الأنبياء و الحجج صلوات الله عليهم أجمعين لاحتجنا لذلك إلى التطويل و الإكثار و ترك الإيجاز و الاختصار و في ما جئنا به من الحجج النظرية التي تزيح العلل من الجميع مقنع إذ ذكرنا ترتيب الله عز و جل خلقه فجعل الأرض دون النامي و النامي أعلى و أفضل من الأرض و جعل النامي دون الحيوان و الحيوان أعلى و أرفع من النامي   و جعل الحيوان الأعجم دون الناطق و جعل الحيوان الناطق أفضل من الحيوان الأعجم و جعل الحيوان الجاهل الناطق دون الحيوان العالم الناطق و جعل الحيوان العالم الناطق المحجوج دون الحيوان العالم الحجة و يجب على هذا الترتيب أن المعرب المبين أفضل من الأعجم غير الفصيح و يكون المأمور المزجور مع تمام الشهوات و ما فيهم من طباع حب اللذات و منع النفس من الطلبات و البغيات و مع البلوى بعدو يمهل يمتحن بمعصيته إياه و هو يزينها له محسنا بوسوسته في قلبه و عينه أفضل من المأمور المزجور مع فقد آلة الشهوات و عدم معاداة هذا المتوصل له بتزيين المعاصي و الوسوسة إليه ثم هذا الجنس نوعان حجة و محجوج و الحجة أفضل من المحجوج و لم يحجج آدم الذي هو أصل البشر بواحد من الملائكة تفضيلا من الله عز و جل إياه عليهم و حجج جماهير الملائكة بآدم فجعله العالم بما لم يعلموا و خصه بالتعليم ليبين لهم أن المخصوص بما خصه به مما لم يخصهم أفضل من غير المخصوص بما لم يخصه به و هذا الترتيب حكمة الله عز و جل فمن ذهب يروم إفسادها ظهر منه عناد من مذهبه و إلحاد في طلبه فانتهى الفضل إلى محمد ص لأنه ورث آدم و جميع الأنبياء و لأنه الاصطفاء الذي ذكره الله عز و جل فقال إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ فمحمد الصفوة و الخالص نجيب النجابة من آل إبراهيم فصار خير آل إبراهيم بقوله ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ و اصطفى الله جل جلاله آدم ممن اصطفاه عليهم من روحاني و جسماني وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و صلى الله على محمد و آله و حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ. قال الصدوق إنما أردت أن تكون هذه الحكاية في هذا الكتاب و ليس قولي في إبليس إنه كان من الملائكة بل كان من الجن إلا أنه كان يعبد الله بين الملائكة و هاروت و ماروت ملكان و ليس قولي فيهما قول أهل الحشو بل كانا عندي معصومين

    و معنى هذه الآية وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ الآية إنما هو و اتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان و على ما أنزل على الملكين ببابل هاروت و ماروت و قد أخرجت في ذلك خبرا مسندا في كتاب عيون الأخبار عن الرضا ع. توضيح قوله و جماد لعل مراده بالجماد غير الحيوان ليشمل النبات و كأنه كان هكذا حيوان و نام و جماد فقوله و أفلاك عطف على ثلاثة أو على جماد و هما قسم واحد لأن الأفلاك أيضا على مذهب أهل الحق من الجماد قوله إلى جنس الأجناس الظرف متعلق بنظروا و يحتمل تعلقه بمنقسمه على شبه القلب أي هي أقسامه كأنه جعل جنس الأجناس مفهوم الشيئية و لا يقول بإطلاق الشي‏ء على الواجب تعالى شأنه و فيه نظر من وجوه و يحتمل أن تكون كلمة إذ زائدة فتأمل. قوله هو نوع صفة للثلاثة أي كل منها بأن بها النامي أي من النامي جعل النامي له أي للحيوان و جعل له أي جعله له و كأنه كان كذلك قوله و مكديا كذا في النسخ و كأنه من الكدية قال في النهاية الكدية قطعة غليظة صلبة لا يعمل فيها الفاس و أكدى الحافر إذا بلغها

 و فيه إن فاطمة خرجت في تعزية بعض جيرانها فلما انصرفت قال لها رسول الله ص لعلك بلغت معهم الكدى

أراد المقابر و ذلك لأنها كانت مقابرهم في مواضع صلبة و هي جمع كديه انتهى و يشبه أن يكون فيه تصحيف و المهنة بالكسر و الفتح و التحريك و ككلمة الحذق بالخدمة و امتهنه استعمله للمهنة ذكره الفيروزآبادي و قال المصنعة كالحوض يجمع فيه ماء المطر كالمصنع و المصانع الجمع و القرى و المباني من القصور و الحصون انتهى. دون من أمرهم أي أدون منهم و المدى الغاية و يطلق على المسافة أيضا و في المصباح نبه بالضم نباهة شرف و هو نبيه و أقمأه صغره و أذله و   في النهاية فيه فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد أي لا يلتفت و لا يعطف عليه و قال فيه لابن آدم لمتان لمة من الملك و لمة من الشيطان اللمة الهمة و الخطرة تقع في القلب أراد إلمام الملك أو الشيطان به و القرب منه فما كان من خطرات الخير فهو من الملك و ما كان من خطرات الشر فهو من الشيطان. قوله من طاعته أي طاعة الشيطان و الهفوة الزلة و في النهاية الخانع الذليل الخاضع قوله حلية في أكثر النسخ بالياء المثناة و الأظهر أنه بالباء الموحدة في القاموس الحلبة بالفتح الدفعة من الخيل في الرهان و خيل تجمع للسباق من كل أوب لا تخرج من إصطبل واحد انتهى. فجعل مداها و غايتها أي غاية الحلبة في السباق و على النسخة الأولى كان المعنى أنه كان قبلة للخنوع و الخضوع فجعل على بناء المجهول و الضمير للسبق أو آدم و في الصحاح استرسل إليه انبسط و استأنس و قال الباقة من البقل الحزمة منه و في المصباح العلج الرجل الضخم من كفار العجم و بعض العرب قد يطلق العلج على الكافر مطلقا قوله لاجتنانهم أي استتارهم و في الصحاح زاح الشي‏ء يزيح زيحا بعد و ذهب