باب 10- نادر فيه ذكر مزاحه و ضحكه ص و هو من الباب الأول

 1-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ كان ص يمزح و لا يقول إلا حقا قال أنس مات نغير لأبي عمير و هو ابن لأم سليم فجعل النبي ص يقول يا با عمير ما فعل النغير و كان حادي بعض نسوته خادمه أنجشة فقال له يا أنجشة ارفق بالقوارير و في رواية لا تكسر القوارير و كان له عبد أسود في سفر فكان كل من أعيا ألقى عليه بعض متاعه حتى حمل شيئا كثيرا فمر به النبي ص فقال أنت سفينة فأعتقه و قال رجل احملني يا رسول الله فقال إنا حاملوك على ولد ناقة فقال ما أصنع بولد ناقة قال ص و هل يلد الإبل إلا النوق و استدبر رجلا من ورائه و أخذ بعضده و قال من يشتري هذا العبد يعني أنه عبد الله و قال ص لأحد لا تنس يا ذا الأذنين زيد بن أسلم أنه قال لامرأة و ذكرت زوجها أ هذا الذي في عينيه بياض فقالت لا ما بعينيه بياض و حكت لزوجها فقال أ ما ترين بياض عيني أكثر من سوادها و رأى ص جملا عليه حنطة فقال تمشي الهريسة و رأى بلالا و قد خرج بطنه فقال ص أم حبين و أم حبين ضرب من الغطاية و يقال إنها الحرباء و قال ص للحسين حزقة حزقة ترق عين بقة ابن عباس إنه ص كسا بعض نسائه ثوبا واسعا فقال لها ألبسيه و احمدي الله و جرى منه ذيلا كذيل العروس و قالت عجوز من الأنصار للنبي ص ادع لي بالجنة فقال ص إن الجنة لا يدخلها العجز فبكت المرأة فضحك النبي ص و قال أ ما سمعت قول الله تعالى إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً و قال للعجوز الأشجعية يا أشجعية لا تدخل العجوز الجنة فرآها بلال باكية فوصفها للنبي ص فقال و الأسود كذلك فجلسا يبكيان فرآهما العباس فذكرهما له فقال و الشيخ كذلك ثم دعاهم و طيب قلوبهم و قال ينشئهم الله كأحسن ما كانوا و ذكر أنهم يدخلون الجنة شبانا منورين و قال إن أهل الجنة جرد مرد مكحلون و قال ص لرجل حين قال أنت نبي الله حقا نعلمه و دينك الإسلام دينا نعظمه نبغي مع الإسلام شيئا نقضمه و نحن حول هذا ندندن يا علي اقض حاجته فأشبعه علي ع و أعطاه ناقة و جلة تمر و جاء أعرابي فقال يا رسول الله بلغنا أن المسيح يعني الدجال يأتي الناس بالثريد و قد هلكوا جميعا جوعا أ فترى بأبي أنت و أمي أن أكف من ثريده تعففا و تزهدا فضحك رسول الله ص ثم قال بل يغنيك الله بما يغني به المؤمنين و قبل جد خالد القسري امرأة فشكت إلى النبي ص فأرسل إليه فاعترف و قال إن شاءت أن تقتص فلتقتص فتبسم رسول الله ص و أصحابه و قال أ و لا تعود فقال لا و الله يا رسول الله فتجاوز عنه و رأى ص صهيبا يأكل تمرا فقال ص أ تأكل التمر و عينك رمدة فقال يا رسول الله إني أمضغه من هذا الجانب و تشتكي عيني من هذا الجانب و نهى ص أبا هريرة عن مزاح العرب فسرق نعل النبي ص و رهن بالتمر و جلس بحذائه ص يأكل فقال ص يا أبا هريرة ما تأكل فقال نعل رسول الله ص

 و قال سويبط المهاجري لنعيمان البدري أطعمني و كان على الزاد في سفر فقال حتى تجي‏ء الأصحاب فمروا بقوم فقال لهم سويبط تشترون مني عبدا لي قالوا نعم قال إنه عبد له كلام و هو قائل لكم إني حر فإن سمعتم مقاله تفسدوا علي عبدي فاشتروه بعشرة قلائص ثم جاءوا فوضعوا في عنقه حبلا فقال نعيمان هذا يستهزئ بكم و إني حر فقالوا قد عرفنا خبرك و انطلقوا به حتى أدركهم القوم و خلصوه فضحك النبي ص من ذلك حينا و كان نعيمان هذا أيضا مزاحا فسمع محرمة بن نوفل و قد كف بصره يقول أ لا رجل يقودني حتى أبول فأخذ نعيمان بيده فلما بلغ مؤخر المسجد قال هاهنا فبل فبال فصيح به فقال من قادني قيل نعيمان قال الله علي أن أضربه بعصاي هذه فبلغ نعيمان فقال هل لك في نعيمان قال نعم قال قم فقام معه فأتى به عثمان و هو يصلي فقال دونك الرجل فجمع يديه بالعصا ثم ضربه فقال الناس أمير المؤمنين فقال من قادني قالوا نعيمان قال لا أعود إلى نعيمان أبدا و رأى نعيمان مع أعرابي عكة عسل فاشتراها منه و جاء بها إلى بيت عائشة في يومها و قال خذوها فتوهم النبي ص أنه أهداها له و مر نعيمان و الأعرابي على الباب فلما طال قعوده قال يا هؤلاء ردوها علي إن لم تحضر قيمتها فعلم رسول الله ص القصة فوزن له الثمن و قال لنعيمان ما حملك على ما فعلت فقال رأيت رسول الله ص يحب العسل و رأيت الأعرابي معه العكة فضحك النبي ص و لم يظهر له نكرا

 بيان قال الجزري فيه أنه قال لأبي عمير أخي أنس يا با عمير ما فعل النغير هو تصغير النغر و هو طائر يشبه العصفور أحمر المنقار. و قال في حديث أنجشة في رواية البراء بن مالك رويدك رفقا بالقوارير أراد النساء شبههن بالقوارير من الزجاج لأنه يسرع إليها الكسر و كان أنجشة يحدو و ينشد القرائض و الرجز فلم يأمن أن يصيبهن أو يقع في قلوبهن حداؤه فأمره بالكف عن ذلك و في المثل الغناء رقية الزنا و قيل إن الإبل إذا سمعت الحداء أسرعت في المشي و اشتدت فأزعجت الراكب و أتعبته فنهاه عن ذلك لأن النساء يضعفن عن شدة الحركة و قال أم حبين هي دويبة كالحرباء عظيمة البطن إذا مشت تطأطئ رأسها كثيرا و ترفعه لعظم بطنها فهي تقع رأسها و تقوم و منه الحديث أنه رأى بلالا و قد خرج بطنه فقال أم حبين تشبيها له بها و هذا من مزحه ص. و قال فيه أنه ص كان يرقص الحسن و الحسين ع و يقول حزقة حزقة ترق عين بقة فترقى الغلام حتى وضع قدميه على صدره الحزقة الضعيف المقارب الخطو من ضعفه و قيل القصير العظيم البطن فذكرها له على سبيل المداعبة و التأنيس له و ترق بمعنى اصعد و عين بقة كناية عن صغر العين و حزقة مرفوع على مبتدأ محذوف تقديره أنت حزقة و حزقة الثاني كذلك أو أنه خبر مكرر و من لم ينون حزقة فحذف حرف النداء و هي في الشذوذ كقولهم أطرق كري لأن حرف النداء إنما يحذف من العم المضموم و المضاف انتهى. و العجز بضمتين جمع العجوزة و الجرد جمع الأجرد و هو الذي لا شعر عليه و المرد جمع الأمرد و القضم الأكل بأطراف الأسنان. قال الجزري فيه أنه سأل رجلا ما تدعو في صلاتك فقال أدعو بكذا و كذا و أسأل ربي الجنة و أتعوذ به من النار و أما دندنتك و دندنة معاذ فلا نحسنها فقال ص حولهما ندندن الدندنة أن يتكلم الرجل بالكلام تسمع نغمته و لا يفهم و الضمير في حولهما للجنة و النار أي حولهما ندندن و في طلبهما انتهى. و العكة بالضم وعاء من جلود مستدير يجعل فيه العسل و السمن

 2-  مكا، ]مكارم الأخلاق[ روي أن رسول الله ص يقول إني لأمزح و لا أقول إلا حقا

 و عن ابن عباس أن رجلا سأله أ كان النبي ص يمزح فقال كان النبي ص يمزح

 و عن حسن بن علي ع قال سألت خالي هندا عن صفة رسول الله ص فقال إذا كان غضب أعرض و أشاح و إذا فرح غض طرفه جل ضحكه التبسم يفتر عن مثل حبة الغمام

 عن أنس بن مالك قال رأيت رسول الله ص تبسم حتى بدت نواجذه

 عن أبي الدرداء قال كان رسول الله ص إذا حدث بحديث تبسم في حديثه

 عن يونس الشيباني قال قال لي أبو عبد الله ع كيف مداعبة بعضكم بعضا قلت قليلا قال فلا تفعلوا فإن المداعبة من حسن الخلق و إنك لتدخل بها السرور على أخيك و لقد كان النبي ص يداعب الرجل يريد به أن يسره

 3-  نوادر الراوندي، بإسناده عن جعفر بن محمد عن آبائه ع قال قال علي ع بصر رسول الله ص امرأة عجوزا درداء فقال أما إنه لا يدخل الجنة عجوز درداء فبكت فقال ص لها ما يبكيك فقالت يا رسول الله إني درداء فضحك رسول الله ص و قال لا تدخلين الجنة على حالك

  -4  و بهذا الإسناد قال قال علي ع نظر رسول الله ص إلى امرأة رمصاء العينين فقال أما إنه لا تدخل الجنة رمصاء العينين فبكت و قالت يا رسول الله و إني لفي النار فقال لا و لكن لا تدخلين الجنة على مثل صورتك هذه ثم قال رسول الله ص لا يدخل الجنة أعور و لا أعمى على هذا المعنى

 أقول سيأتي عدد حججه و عمره ص في باب حجة الوداع