باب 11- فضائله و خصائصه ص و ما امتن الله به على عباده

الآيات البقرة إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَ نَذِيراً وَ لا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ آل عمران إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ الأعراف فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ كَلِماتِهِ وَ اتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ و قال تعالى الأعراف قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَ لا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَ بَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ الأنفال وَ اذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَ أَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَ رَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ و قال تعالى الأنفال وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ التوبة وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ إلى قوله التوبة وَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ و قال تعالى التوبة لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ هود أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَ رَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ الحجر لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ الأسرى وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ إلى قوله تعالى وَ ما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً و قال تعالى الأسرى وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَ اجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً و قال تعالى الأسرى وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَ نَذِيراً الأنبياء وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ الأحزاب النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ و قال تعالى الأحزاب ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيماً و قال تعالى الأحزاب يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً سبأ وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَ نَذِيراً وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ الفتح هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ النجم وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى الحشر وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ الجمعة هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَ آخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ الطلاق الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ الكوثر إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ

 تفسير وَ لا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ فيه تسلية للرسول بأنه ليس عليه إجبارهم على القبول و ليس عليه إلا البلاغ و أنه لا يؤاخذ بذنبهم إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ أي أخصهم به و أقربهم منه أو أحقهم بنصرته بالحجة أو بالمعونة لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ من أمته وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا لموافقتهم له في أكثر ما شرع لهم على الإصابة أو يتولون نصرته بالحجة لما كان عليه من الحق وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ينصرهم و يجازيهم الحسنى لإيمانهم وَ كَلِماتِهِ أي ما أنزل عليه و على سائر الرسل من كتبه و وحيه و سيأتي في الأخبار أن الأئمة ع كلمات الله قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَ لا ضَرًّا أي جلب نفع و لا دفع ضرر و هو إظهار للعبودية و التبري من ادعاء العلم بالغيوب من قبل نفسه إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ من ذلك فيلهمني إياه و يوفقني له وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ أي لو كنت أعلمه لخالفت حالي ما هي عليه من استكثار المنافع و اجتناب المضار حتى لا يمسني سوء و يحتمل أن يكون المعنى لو كنت أعلم الغيب من قبل نفسي بغير وحي من الله لكنت أستعمله في جلب المنافع و دفع المضار و لكني لما كنت أعلمه بالوحي لا جرم إني راض بقضائه تعالى و لا أسعى في دفع ما أعلم وقوعه علي من المصائب بقضائه تعالى فلا ينافي ما سيأتي أنهم ع كانوا يعلمون ما كان و ما يكون إلى يوم القيامة كذا خطر بالبال و الله يعلم حقيقة الحال وَ اذْكُرُوا الخطاب للمهاجرين أو للعرب إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ في أرض مكة تستضعفكم قريش أو العرب كانوا أذلاء في أيدي الروم تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ التخطف الأخذ بسرعة و الناس كفار قريش أو من عداهم فإنهم كانوا جميعا معادين مضادين لهم فَآواكُمْ إلى المدينة أو جعل لكم مأوى يتحصنون به عن أعاديكم وَ أَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ على الكفار أو بمظاهرة الأنصار أو بإمداد الملائكة يوم بدر وَ رَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ يعني الغنائم أحلها لكم و لم يحلها لأحد قبلكم أو الأعم مما أعطاهم من الأطعمة اللذيذة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ هذه النعم وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ أي ما كان الله يعذب أهل مكة بعذاب الاستيصال و أنت مقيم بين أظهرهم لفضلك و يحتمل الأعم كما سيأتي في الأخبار أنه ص و أهل بيته ع أمان لأهل الأرض من عذاب الاستيصال وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ المراد باستغفارهم إما استغفار من بقي فيهم من المؤمنين لم يهاجروا فلما خرجوا أذن الله في فتح مكة أو الأعم بالنسبة إلى جميع أهل البلاد و الأزمان مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ المحادة المشاقة و المخالفة. لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ قال الطبرسي رحمه الله القراءة المشهورة مِنْ أَنْفُسِكُمْ بضم الفاء و قرأ ابن عباس و ابن علية و ابن حصين و الزهري من أنفسكم بفتح الفاء و قيل إنها قراءة فاطمة ع أي من أشرافكم و من خياركم و على

  المشهور أي من جنسكم قيل ليس في العرب قبيلة إلا و قد ولدت النبي ص و له فيهم نسب و قيل معناه أنه من نكاح لم يصبه شي‏ء من ولادة الجاهلية عن الصادق ع عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ أي شديد عليه عنتكم و ما يلحقكم من الضرر بترك الإيمان حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ أي على من لم يؤمن أن يؤمن بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ الرأفة شدة الرحمة قال الطبرسي قيل رءوف بالمطيعين رحيم بالمذنبين أو رءوف بأقربائه رحيم بأوليائه أو رءوف بمن رآه رحيم بمن لم يره و قال بعض السلف لم يجمع الله لأحد من الأنبياء بين اسمين من أسمائه إلا للنبي ص فإنه قال بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ و قال إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ. فَإِنْ تَوَلَّوْا عنك و أعرضوا عن قبول قولك و الإقرار بنبوتك فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ أي الله كافي. قوله تعالى أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ المراد به النبي ص و البينة القرآن أو الأعم منه و من المعجزات و البراهين أو المؤمنون و البينة الحجة وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ أي و يتبعه من يشهد بصحته منه فقيل هو جبرئيل يتلو القرآن على النبي ص و سيأتي الأخبار المستفيضة بأنه أمير المؤمنين ع و ذهب إليه كثير من مفسري الخاصة و العامة و قيل هو ملك يسدده و يحفظه و قيل هو القرآن على الاحتمال الأخير وَ مِنْ قَبْلِهِ أي قبل القرآن أو محمد ص كِتابُ مُوسى يشهد له إِماماً يؤتم به في أمور الدين وَ رَحْمَةً أي نعمة من الله على عباده أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ أي النبي و الشاهد أو الشاهد باعتبار الجنس فإنه يشمل الأئمة ع أو المؤمنون يؤمنون بالنبي أو القرآن وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ أي من مشركي العرب و فرق الكفار فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ مصيره و مستقره فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ أي في شك مِنْهُ أي من القرآن أو الموعد و الخطاب للنبي ص و المراد به الأمة أو عام. قوله تعالى لَعَمْرُكَ قال الطبرسي رحمه الله أي و حياتك يا محمد و مدة بقائك

  قال ابن عباس ما خلق الله عز و جل و لا ذرأ و لا برأ نفسا أكرم عليه من محمد ص و ما سمعت الله أقسم بحياة أحد إلا بحياته. قوله تعالى وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ أي التي اقترحتها قريش من قلب الصفا ذهبا و إحياء الموتى و غير ذلك إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ من الأمم السابقة فعذبوا بعذاب الاستيصال إذ عادة الله تعالى في الأمم أن من اقترح منهم آية فأجيب إليها ثم لم يؤمن أن يعاجل بعذاب الاستيصال و قد صرفه الله تعالى عن هذه الأمة ببركة النبي ص وَ ما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً أي لا نرسل الآيات المقترحة إلا تخويفا من نزول العذاب العاجل كالطليعة و المقدمة له فإن لم يخافوا وقع عليهم و يحتمل أن يكون المراد القرآن و المعجزات الواقعة فإنها تخويف و إنذار بعذاب الآخرة. وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ قال الطبرسي رحمه الله خطاب للنبي ص أي فصل بالقرآن و لا يكون التهجد إلا بعد النوم عن مجاهد و أكثر المفسرين و قال بعضهم ما يتقلب به في كل الليل يسمى تهجدا و المتهجد الذي يلقي الهجود أي النوم عن نفسه كما يقال المتحرج و المتأثم نافِلَةً لَكَ أي زيادة لك على الفرائض لأن صلاة الليل كانت فريضة على النبي ص و فضيلة لغيره و قيل كانت واجبة عليه فنسخ وجوبها بهذه الآية و قيل إن معناه فضيلة لك و كفارة لغيرك و قيل نافلة لك و لغيرك و إنما اختصه بالخطاب لما في ذلك من دعاء الغير للاقتداء به عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً عسى من الله واجبة و المقام بمعنى البعث فهو مصدر من غير جنسه أي يبعثك يوم القيامة بعثا أنت محمود فيه و يجوز أن يجعل البعث بمعنى الإقامة أي يقيمك ربك مقاما تحمدك فيه الأولون و الآخرون و هو مقام الشفاعة يشرف فيه على جميع الخلائق يسأل فيعطى و يشفع فيشفع و قد أجمع المفسرون على أن المقام المحمود هو مقام الشفاعة و هو المقام الذي يشفع فيه للناس و هو المقام الذي يعطى فيه لواء الحمد فيوضع في كفه و تجتمع تحته الأنبياء و الملائكة فيكون ص أول شافع و أول مشفع وَ قُلْ يا محمد رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ المدخل و المخرج مصدر الإدخال و الإخراج فالتقدير أدخلني إدخال صدق و أخرجني إخراج صدق و في معناه أقوال. أحدها أن المعنى أدخلني في جميع ما أرسلتني به إدخال صدق و أخرجني منه سالما إخراج صدق. و ثانيها أدخلني المدينة و أخرجني منها إلى مكة للفتح. و ثالثها أنه أمر بهذا الدعاء إذا دخل في أمر أو خرج من أمر و المراد أدخلني في كل أمر مدخل صدق. و رابعها أدخلني القبر مدخل صدق و أخرجني منه عند البعث مخرج صدق و مدخل الصدق ما تحمد عاقبته في الدنيا و الدين وَ اجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً أي اجعل لي عزا أمتنع به ممن يحاول صدي عن إقامة فرائضك و قوة تنصرني بها على من عاداني فيك و قيل اجعل لي ملكا عزيزا أقهر به العصاة فنصر بالرعب حتى خافه العدو على مسيرة شهر و قيل حجة بينة أتقوى بها على سائر الأديان و سماه نصيرا لأنه يقع به النصرة على الأعداء فهو كالمعين وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ أي ظهر الحق و هو الإسلام و الدين وَ زَهَقَ أي بطل الْباطِلُ و هو الشرك و روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال دخل النبي ص مكة و حول البيت ثلاثمائة و ستون صنما فجعل يطعنها و يقول جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً أورده البخاري في الصحيح قال الكلبي فجعل ينكب لوجهه إذا قال ذلك و أهل مكة يقولون ما رأينا رجلا

  أسحر من محمد إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً أي مضمحلا ذاهبا هالكا لا ثبات له. و في قوله تعالى وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ أي نعمة عليهم قال ابن عباس رحمة للبر و الفاجر و المؤمن و الكافر فهو رحمة للمؤمن في الدنيا و الآخرة و رحمة للكافر بأن عوفي مما أصاب الأمم من الخسف و المسخ و روي أن النبي ص قال لجبرئيل لما نزلت هذه الآية هل أصابك من هذه الرحمة شي‏ء قال نعم إني كنت أخشى عاقبة الأمر فآمنت بك لما أثنى علي بقوله ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ و قد قال ص إنما أنا رحمة مهداة و قيل إن الوجه في أنه نعمة على الكافر أنه عرضه للإيمان و الثواب الدائم و هداه و إن لم يهتد كمن قدم الطعام إلى جائع فلم يأكل فإنه منعم عليه و إن لم يقبل. و في قوله تعالى النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ قيل فيه أقوال أحدها أنه أحق بتدبيرهم و حكمه عليهم أنفذ من حكمهم على أنفسهم لوجوب طاعته. و ثانيها أنه أولى بهم في الدعوة فإذا دعاهم النبي ص إلى شي‏ء و دعتهم أنفسهم إلى شي‏ء كانت طاعته أولى لهم من طاعة أنفسهم. و ثالثها أن حكمه أنفذ عليهم من حكم بعضهم على بعض و روي أن النبي ص لما أراد غزوة تبوك و أمر الناس بالخروج قال قوم نستأذن آباءنا و أمهاتنا فنزلت و روي عن أبي و ابن مسعود و ابن عباس أنهم كانوا يقرءون النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم و أزواجه أمهاتهم و هو أب لهم و كذلك هو في مصحف أبي و روي ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع قال مجاهد و كل نبي أب لأمته و لذلك صار المؤمنين إخوة. و في قوله تعالى ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ الذين لم يلدهم و في هذا بيان أنه ليس باب لزيد فيحرم عليه زوجته فلهذا أشار إليهم فقال مِنْ رِجالِكُمْ و قد ولد له ص أولاد ذكور إبراهيم و القاسم و الطيب و المطهر فكان أباهم و قد صح أنه قال للحسن ع إن ابني هذا سيد و قال أيضا للحسن و الحسين ع ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا و قال ص إن كل بني بنت ينسبون إلى أبيهم إلا أولاد فاطمة فإني أنا أبوهم و قيل أراد بقوله رِجالِكُمْ البالغين من رجال ذلك الوقت و لم يكن أحد من أبنائه رجلا في ذلك الوقت وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ أي و لكن كان رسول الله لا يترك ما أباحه الله تعالى بقول الجهال و قيل إن الوجه في اتصاله بما قبله أنه أراد سبحانه ليس يلزم طاعته ص و تعظيمه لمكان النسب بينه و بينكم و لمكان الأبوة بل إنما يجب ذلك عليكم لمكان النبوة وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ أي و آخر النبيين ختمت النبوة به فشريعته باقية إلى يوم الدين. و في قوله تعالى إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً على أمتك فيما يفعلونه من طاعة و معصية و إيمان و كفر لتشهد لهم و عليهم يوم القيامة وَ مُبَشِّراً لمن أطاعني و أطاعك بالجنة وَ نَذِيراً لمن عصاني و عصاك بالنار وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ و الإقرار بوحدانيته و امتثال أوامره و نواهيه بِإِذْنِهِ أي بعلمه و أمره وَ سِراجاً مُنِيراً يهتدى بك في الدين كما يهتدى بالسراج و المنير الذي يصدر النور من جهته إما بفعله و إما لأنه سبب له فالقمر منير و السراج منير بهذا المعنى و الله منير السماوات و الأرض و قيل عنى بالسراج المنير القرآن و التقدير ذا سراج.

  و في قوله تعالى إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ أي عامة للناس كلهم العرب و العجم و سائر الأمم و يؤيده الحديث المروي عن ابن عباس عن النبي ص أعطيت خمسا و لا أقول فخرا بعثت إلى الأحمر و الأسود و جعلت لي الأرض طهورا و مسجدا و أحل لي المغنم و لم يحل لأحد قبلي و نصرت بالرعب فهو يسير أمامي مسيرة شهر و أعطيت الشفاعة فادخرتها لأمتي يوم القيامة. و قيل معناه جامعا للناس بالإنذار و الدعوة و قيل كافا للناس أي مانعا لهم عما هم عليه من الكفر و المعاصي بالوعد و الوعيد و الهاء للمبالغة. و في قوله تعالى بِالْهُدى أي بالدليل الواضح أو بالقرآن وَ دِينِ الْحَقِّ أي الإسلام لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ أي ليظهر دين الإسلام بالحجج و البراهين على جميع الأديان و قيل بالغلبة و القهر و الانتشار في البلدان و قيل إن تمام ذلك عند خروج المهدي ع فلا يبقى في الأرض دين سوى دين الإسلام. و في قوله تعالى وَ النَّجْمِ إِذا هَوى فيه أقوال أحدها أن الله أقسم بالقرآن إذ أنزل نجوما متفرقة على رسول الله ص في ثلاث و عشرين سنة فسمي القرآن نجما لتفرقه في النزول. و ثانيها أنه أراد به الثريا أقسم بها إذا سقطت و غابت مع الفجر و العرب تطلق اسم النجم على الثريا خاصة. و ثالثها أن المراد به جماعة النجوم إذا هوت أي سقطت و غابت و خفيت عن الحس و أراد به الجنس. و رابعها أنه يعني به الرجوم من النجوم و هو ما يرمى به الشياطين عند استراق السمع و روت العامة عن جعفر الصادق ع أن رسول الله ص نزل من السماء السابعة ليلة المعراج و لما نزلت السورة أخبر بذلك عتبة بن أبي لهب فجاء إلى النبي ص و طلق ابنته و تفل في وجهه و قال كفرت بالنجم و برب النجم فدعا ص عليه و قال اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فخرج عتبة إلى الشام فنزل في بعض الطريق و ألقى الله عليه الرعب فقال لأصحابه أنيموني بينكم ففعلوا فجاء أسد فافترسه من بين الناس. ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى يعني النبي ص أي ما عدل عن الحق و ما فارق الهدى و ما غوى فيما يؤديه إليكم و معنى غوى ضل و إنما أعاده تأكيدا و قيل معناه ما خاب عن إصابة الرشد و قيل ما خاب سعيه بل ينال ثواب الله و كرامته وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى أي و ليس ينطق بالهوى و ميل الطبع إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى أي ما القرآن و ما ينطق به من الأحكام إلا وحي من الله يوحى إليه أي يأتيه به جبرئيل و هو قوله عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى يعني جبرئيل أي القوي في نفسه و خلقته ذُو مِرَّةٍ أي ذو قوة و شدة في خلقه عن الكلبي قال و من قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء الأسود فرفعها إلى أسماء ثم قلبها و من شدته صيحته لقوم ثمود حتى هلكوا و قيل معناه ذو صحة و خلق حسن و قيل شَدِيدُ الْقُوى في ذات الله ذُو مِرَّةٍ أي صحة من الجسم سليم من الآفات و العيوب و قيل ذُو مِرَّةٍ أي ذو مرور في الهواء ذهابا و جائيا و نازلا و صاعدا فاستوى جبرئيل ع على صورته التي خلق عليها بعد انحداره إلى محمد و في قوله تعالى وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا أي ما أعطاكم الرسول من الفي‏ء فخذوه و ارضوا به و ما أمركم به فافعلوه و ما نهاكم عنه فانتهوا فإنه لا يأمر و لا ينهى إلا عن أمر الله

 و روى زيد الشحام عن أبي عبد الله ع قال ما أعطى الله نبيا من الأنبياء شيئا إلا و قد أعطى محمدا ص قال لسليمان ع فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ و قال لرسول الله ص ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا

و في قوله تعالى هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ يعني العرب و كانت أمة أمية لا تكتب و لا تقرأ و لم يبعث إليهم نبي و قيل يعني أهل مكة لأن مكة تسمى أم القرى رَسُولًا مِنْهُمْ يعني محمدا ص نسبه نسبهم و هو من جنسهم و وجه النعمة في أنه جعل النبوة في أمي موافقة لما تقدمت البشارة به في كتب الأنبياء السالفة و لأنه أبعد من توهم الاستعانة على ما أتي به من الحكمة بالحكم التي تلاها و الكتب التي قرأها و أقرب إلى العلم بأن ما يخبرهم به من أخبار الأمم الماضية و القرون الخالية على وفق ما في كتبهم ليس ذلك إلا بالوحي يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ أي يقرأ عليهم القرآن وَ يُزَكِّيهِمْ أي و يطهرهم من الكفر و الذنوب و يدعوهم إلى ما يصيرون به أزكياء وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ الكتاب القرآن و الحكمة الشرائع و قيل إن الحكمة تعم الكتاب و السنة و كل ما أراده الله تعالى فإن الحكمة هي العلم الذي يعمل عليه فيما يجتبى أو يجتنب من أمور الدين و الدنيا وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ معناه و ما كانوا من قبل بعثه إليهم إلا في عدول عن الحق و ذهاب عن الدين بين ظاهر وَ آخَرِينَ مِنْهُمْ أي و يعلم آخرين من المؤمنين لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ و هم كل من بعد الصحابة إلى يوم القيامة فإن الله سبحانه بعث النبي ص إليهم و شريعته تلزمهم و إن لم يلحقوا بزمان الصحابة و قيل هم الأعاجم و من لا يتكلم بلغة العرب و روي ذلك عن أبي جعفر ع و روي أن النبي ص قرأ هذه الآية فقيل له من هؤلاء فوضع يده على كتف سلمان و قال لو كان الدين في الثريا لنالته رجال من هؤلاء. و على هذا فإنما قال مِنْهُمْ لأنهم إذا أسلموا صاروا منهم و قيل إن قوله لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ يعني في الفضل و السابقة فإن التابعين لا يدركون شأن السابقين من الصحابة و خيار المؤمنين وَ هُوَ الْعَزِيزُ الذي لا يغالب الْحَكِيمُ في جميع أفعاله ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يعني النبوة التي خص الله بها رسوله يُؤْتِيهِ أي يعطيه مَنْ يَشاءُ بحسب ما يعلمه من صلاحه للبعثة و تحمل أعباء الرسالة وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ذو المن العظيم على خلقه ببعث محمد ص. و في قوله تعالى قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً يعني القرآن و قيل يعني الرسول روي ذلك عن أبي عبد الله ع رَسُولًا إما بدل من ذِكْراً فالرسول إما جبرئيل أو محمد ص أو مفعول محذوف أي أرسل رسولا فالرسول محمد ص أو مفعول قوله ذِكْراً أي أنزل إليكم أن ذكر رسولا فالرسول يحتمل الوجهين و يجوز على الأول أن يكون المراد بالذكر الشرف أي ذا ذكر و الظلمات الكفر و الجهل و النور الإيمان و العلم. و في قوله تعالى إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ اختلفوا في تفسير الكوثر فقيل هو نهر في الجنة و روي عن أبي عبد الله ع أنه قال نهر في الجنة أعطاه الله نبيه عوضا من ابنه. و قيل هو حوض النبي ص الذي يكثر الناس عليه يوم القيامة و قيل الكوثر الخير الكثير و قيل هو النبوة و الكتاب و قيل هو القرآن و قيل هو كثرة الأشياع و الأتباع و قيل هو كثرة النسل و الذرية و قيل هو الشفاعة رووه عن الصادق ع و اللفظ محتمل للكل فيجب أن يحمل على جميع ما ذكر من الأقوال فقد أعطاه الله سبحانه الخير الكثير في الدنيا و وعده الخير الكثير في الآخرة فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ أمره سبحانه بالشكر على هذه النعمة العظيمة بأن قال فصل صلاة العيد و انحر هديك و قيل فصل لربك صلاة الغداة المفروضة بجمع و انحر البدن بمنى و قيل صل المكتوبة و استقبل القبلة بنحرك و تقول العرب منازلنا تتناحر أي هذا ينحر هذا أي يستقبله.

 و عن علي ع معناه ارفع يديك إلى النحر في صلاتك

 و عن عمر بن يزيد قال سمعت أبا عبد الله ع يقول في قوله فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ هو رفع يديك حذاء وجهك

 و روى عنه ع عبد الله بن سنان مثله

 و عن جميل قال قلت لأبي عبد الله ع فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ فقال بيده هكذا يعني استقبل بيديه حذو وجهه القبلة في افتتاح الصلاة

 و عن حماد بن عثمان قال سألت أبا عبد الله ع عن النحر فرفع يده إلى صدره فقال هكذا ثم رفعها فوق ذلك فقال هكذا يعني استقبل بيديه القبلة في استفتاح الصلاة

 إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ معناه أن مبغضك هو المنقطع عن الخير و هو العاص بن وائل و قيل معناه أنه الأقل الأذل بانقطاعه عن كل خير و قيل معناه أنه لا ولد له على الحقيقة و أن من ينتسب إليه ليس بولد له قال مجاهد الْأَبْتَرُ الذي لا عقب له و هو جواب لقول قريش إن محمدا لا عقب له يموت فنستريح منه و يدرس ذكره إذ لا يقوم مقامه من يدعو إليه فينقطع أمره و في هذه السورة دلالات على صدق نبينا ص و صحة نبوته أحدها أنه أخبر عما في نفوس أعدائه و ما جرى على ألسنتهم و لم يكن بلغه ذلك فكان كما أخبره. و ثانيها أنه قال أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فانظر كيف انتشر دينه و علا أمره و كثرت ذريته حتى صار نسبه أكثر من كل نسب و لم يكن شي‏ء من ذلك في تلك الحال. و ثالثها أن جميع فصحاء العرب و العجم قد عجزوا عن الإتيان بمثل هذه السورة على وجازة ألفاظها مع تحديه إياهم بذلك و حرصهم على بطلان أمره منذ بعث ص إلى يوم الناس هذا و هذا غاية الإعجاز. و رابعها أنه سبحانه وعده بالنصر على أعدائه و أخبره بسقوط أمرهم و انقطاع دينهم أو عقبهم فكان المخبر على ما أخبر به هذا و في هذه السورة الوجيزة من تشاكل المقاطع للفواصل و سهولة مخارج الحروف بحسن التأليف و التقابل لكل من معانيها بما هو أولى به ما لا يخفى على من عرف مجاري كلام العرب

 1-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن الوليد عن ابن أبان عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن إسماعيل الجعفي أنه سمع أبا جعفر يقول قال رسول الله ص أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا و أحل لي المغنم و نصرت بالرعب و أعطيت جوامع الكلام و أعطيت الشفاعة

 بيان قوله ص مسجدا أي مصلى بخلاف الأمم السابقة فإنهم كانوا لا يجوز لهم الصلاة اختيارا إلا في بيعهم و كنائسهم أو ما يصح السجود عليه و الأول أشهر و طهورا أي ما يتطهر به من الأحداث بالتيمم و من الأخباث لبعض الأشياء كباطن القدم و الخف و مخرج النجو في الاستنجاء بالأحجار و المدر و المغنم بالفتح ما يصاب من أموال المشركين في الحرب و المشهور أن حل المغنم من خصائصه و خصائص أمته ص و أن الأمم المتقدمة منهم من لم يبح لهم جهاد الكفار و منهم من أبيح لهم لكن لم يبح لهم الغنائم و كانت غنائمهم توضع فتأتي نار فتحرقها و أباحها الله لهذه الأمة قوله و نصرت بالرعب كان مما خصه الله تعالى به أنه كان يخافه العدو و بينه و بينه مسيرة شهر و قيل المراد بجوامع الكلام القرآن حيث جمع الله فيه معاني كثيرة بألفاظ يسيرة و قيل سائر كلماته الموجزة المشتملة على حكم عظيمة و معاني كثيرة

 2-  لي، ]الأمالي للصدوق[ الدقاق عن الأسدي عن النخعي عن النوفلي عن علي بن أبي حمزة عن يحيى بن أبي إسحاق عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن أبيه ع قال سئل النبي ص أين كنت و آدم في الجنة قال كنت في صلبه و هبط بي إلى الأرض في صلبه و ركبت السفينة في صلب أبي نوح و قذف بي في النار في صلب أبي إبراهيم لم يلتق لي أبوان على سفاح قط لم يزل الله عز و جل ينقلني من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة هاديا مهديا حتى أخذ الله بالنبوة عهدي و بالإسلام ميثاقي و بين كل شي‏ء من صفتي و أثبت في التوراة و الإنجيل ذكري و رقا بي إلى سمائه و شق لي اسما من أسمائه أمتي الحمادون فذو العرش محمود و أنا محمد

 3-  مع، ]معاني الأخبار[ القطان عن السكري عن الجوهري عن ابن عمارة عن أبيه عن جابر الجعفي عن جابر الأنصاري قال سئل رسول الله ص و ذكر مثله

 ثم قال الصدوق و قد رويت هذا الحديث من طرق كثيرة

 4-  لي، ]الأمالي للصدوق[ الطالقاني عن الجلودي عن يحيى بن عبد الحميد الحماني عن الحسين بن الربيع عن الأعمش عن عباية بن ربعي عن ابن عباس قال قال رسول الله ص إن الله عز و جل قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما و ذلك قوله عز و جل في ذكر أصحاب اليمين و أصحاب الشمال و أنا من أصحاب اليمين و أنا خير أصحاب اليمين ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرهما ثلثا و ذلك قوله عز و جل فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ و أنا من السابقين و أنا خير السابقين ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة و ذلك قوله عز و جل وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ فأنا أتقى ولد آدم و أكرمهم على الله جل ثناؤه و لا فخر ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا و ذلك قوله عز و جل إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً

 5-  فس، ]تفسير القمي[ الحسن بن علي عن أبيه عن الحسن بن سعيد عن الحسين بن علوان عن علي بن الحسن العبدي عن أبي هارون العبدي عن ربيعة السعدي عن حذيفة بن اليمان عن النبي ص مثله مع زيادات

 بيان قوله ص و لا فخر أي أقوله معتدا بالنعمة لا فخرا و استكبارا

 6-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن علي بن محمد بن رياح عن أبي علي الحسن بن محمد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبي بصير عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ع قال إن أبا ذر و سلمان خرجا في طلب رسول الله ص فقيل لهما إنه توجه إلى ناحية قباء فاتبعاه فوجداه ساجدا تحت شجرة فجلسا ينتظرانه حتى ظنا أنه نائم فأهويا ليوقظاه فرفع رفع رأسه إليهما ثم قال قد رأيت مكانكما و سمعت مقالتكما و لم أكن راقدا إن الله بعث كل نبي كان قبلي إلى أمته بلسان قومه و بعثني إلى كل أسود و أحمر بالعربية و أعطاني في أمتي خمس خصال لم يعطها نبيا كان قبلي نصرني بالرعب تسمع بي القوم و بيني و بينهم مسيرة شهر فيؤمنون بي و أحل لي المغنم و جعل لي الأرض مسجدا و طهورا أينما كنت منها أتيمم من تربتها و أصلي عليها و جعل لكل نبي مسألة فسألوه إياها فأعطاهم ذلك في الدنيا و أعطاني مسألة فأخرت مسألتي لشفاعة المؤمنين من أمتي يوم القيامة ففعل ذلك و أعطاني جوامع العلم و مفاتيح الكلام و لم يعط ما أعطاني نبيا قبلي فمسألتي بالغة إلى يوم القيامة لمن لقي الله لا يشرك به شيئا مؤمنا بي مواليا لوصيي محبا لأهل بيتي

 بشا، ]بشارة المصطفى[ الحسن بن الحسين بن بابويه عن شيخ الطائفة عن المفيد عن محمد بن علي بن رياح عن أبيه عن الحسن بن محمد مثله بيان قوله ص بلسان قومه لعل المراد أن كل نبي من أولي العزم و غيرهم إنما كان يبعث أولا إلى قوم بلسانهم و إن كان أولو العزم منهم يعم دينهم بعدهم أهل سائر اللغات بتوسط غير أولي العزم من الأنبياء و الأوصياء أو كان في زمانهم أيضا يبعث نبي آخر إلى قوم بلسانهم فيبلغهم دين هذا النبي ص و أما نبينا ص فإنه قد بعث إلى الجميع بلسانه و بلغهم ذلك في زمانه بنفسه فبعث إلى كسرى و قيصر و سائر الفرق و بلغهم رسالته. قوله ص فمسألتي بالغة أي دعوتي و شفاعتي كاملة تبلغ إلى يوم القيامة لهم فأدعو لهم في الدنيا و أشفع لهم في الآخرة

 7-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن أحمد بن الوليد عن أبيه عن سعيد بن عبد الله بن موسى عن محمد بن عبد الرحمن العرزمي عن المعلى بن هلال عن الكلبي عن أبي صالح عن عبد الله بن العباس قال سمعت رسول الله ص يقول أعطاني الله تعالى خمسا و أعطى عليا ع خمسا أعطاني جوامع الكلم و أعطى عليا جوامع العلم و جعلني نبيا و جعله وصيا و أعطاني الكوثر و أعطاه السلسبيل و أعطاني الوحي و أعطاه الإلهام و أسرى بي إليه و فتح له أبواب السماء و الحجب حتى نظر إلي و نظرت إليه قال ثم بكى رسول الله ص فقلت له ما يبكيك فداك أبي و أمي فقال يا ابن عباس إن أول ما كلمني به أن قال يا محمد انظر تحتك فنظرت إلى الحجب قد انخرقت و إلى أبواب السماء قد فتحت و نظرت إلى علي و هو رافع رأسه إلي فكلمني و كلمته و كلمني ربي عز و جل فقلت يا رسول الله بم كلمك ربك قال قال لي يا محمد إني جعلت عليا وصيك و وزيرك و خليفتك من بعدك فأعلمه فها هو يسمع كلامك فأعلمته و أنا بين يدي ربي عز و جل فقال لي قد قبلت و أطعت فأمر الله الملائكة أن تسلم عليه ففعلت فرد عليهم السلام و رأيت الملائكة يتباشرون به و ما مررت بملائكة من ملائكة السماء إلا هنئوني و قالوا لي يا محمد و الذي بعثك بالحق لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله عز و جل لك ابن عمك و رأيت حملة العرش قد نكسوا رءوسهم إلى الأرض فقلت يا جبرئيل لم نكس حملة العرش رءوسهم فقال يا محمد ما من ملك من الملائكة إلا و قد نظر إلى وجه علي بن أبي طالب استبشارا به ما خلا حملة العرش فإنهم استأذنوا الله عز و جل في هذه الساعة فأذن لهم أن ينظروا إلى علي بن أبي طالب فنظروا إليه فلما هبطت جعلت أخبره بذلك و هو يخبرني به فعلمت أني لم أطأ موطئا إلا و قد كشف لعلي عنه حتى نظر إليه قال ابن عباس قلت يا رسول الله أوصني فقال عليك بمودة علي بن أبي طالب و الذي بعثني بالحق نبيا لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب و هو تعالى أعلم فإن جاءه بولايته قبل عمله على ما كان منه و إن لم يأت بولايته لم يسأله عن شي‏ء ثم أمر به إلى النار يا ابن عباس و الذي بعثني بالحق نبيا إن النار لأشد غضبا على مبغض علي منها على من زعم أن لله ولدا يا ابن عباس لو أن الملائكة المقربين و الأنبياء المرسلين اجتمعوا على بغضه و لن يفعلوا لعذبهم الله بالنار قلت يا رسول الله و هل يبغضه أحد قال يا ابن عباس نعم يبغضه قوم يذكرون أنهم من أمتي لم يجعل الله لهم في الإسلام نصيبا يا ابن عباس إن من علامة بغضهم له تفضيلهم من هو دونه عليه و الذي بعثني بالحق ما بعث الله نبيا أكرم عليه مني و لا وصيا أكرم عليه من وصيي علي قال ابن عباس فلم أزل له كما أمرني رسول الله ص و أوصاني بمودته و إنه لأكبر عملي عندي قال ابن عباس ثم مضى من الزمان ما مضى و حضرت رسول الله ص الوفاة حضرته فقلت فداك أبي و أمي يا رسول الله قد دنا أجلك فما تأمرني فقال يا ابن عباس خالف من خالف عليا و لا تكونن له ظهيرا و لا وليا قلت يا رسول الله فلم لا تأمر الناس بترك مخالفته قال فبكى عليه و آله السلام حتى أغمي عليه ثم قال يا ابن عباس سبق فيهم علم ربي و الذي بعثني بالحق نبيا لا يخرج أحد ممن خالفه من الدنيا و أنكر حقه حتى يغير الله تعالى ما به من نعمة يا ابن عباس إذا أردت أن تلقى الله و هو عنك راض فاسلك طريقة علي بن أبي طالب و مل معه حيث مال و ارض به إماما و عاد من عاداه و وال من والاه يا ابن عباس احذر أن يدخلك شك فيه فإن الشك في علي كفر بالله تعالى

 فض، ]كتاب الروضة[ يل، ]الفضائل لابن شاذان[ بالإسناد عن ابن مسعود و ابن عباس مثله بيان قوله ص و لن يفعلوا أي و الحال أنهم لا يفعلون ذلك أبدا قوله صلى الله عليه و آله و إنه لأكبر عملي أي أعد ولايته أكبر أعمالي

 8-  ب، ]قرب الإسناد[ ابن طريف عن ابن علوان عن جعفر عن أبيه قال قال رسول الله ص إن الله تبارك و تعالى جعل الناس نصفين فكنت في النصف الخير ثم قسم النصف الخير ثلاثة فكنت في ثلث الخير و ما عرق في عرق سفاح قط و ما عرق في إلا عرق نكاح كنكاح الإسلام حتى آدم

 توضيح قوله ص ثم قسم النصف الخير ثلاثة المراد بنصف الخير أصحاب اليمين و لعل المراد أنه قسمه نصفين حتى صارا مع أصحاب الشمال ثلاثة كما مر أو الثلاثة باعتبار التسمية بالسابقين و المقربين أو قسمة السابقين إلى الأنبياء و غيرهم أو إلى أولي العزم و غيرهم و قال الفيروزآبادي عرق في الأرض ذهب و أعرق الشجر اشتدت عروقه في الأرض

 9-  ل، ]الخصال[ ابن بندار عن محمد بن جمهور الحمادي عن صالح بن محمد البغدادي عن سعيد بن سليمان و محمد بن بكار و إسماعيل بن إبراهيم قالوا حدثنا الفرج بن فضالة عن لقمان بن عامر عن أبي أمامة قال قلت يا رسول الله ما كان بدء أمرك قال دعوة أبي إبراهيم و بشرى عيسى ابن مريم و رأت أمي أنه خرج منها شي‏ء أضاءت منه قصور الشام

 بيان قوله ما كان بدء أمرك أي ابتداء ظهوره و دعوة إبراهيم ع قوله رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ و بشارة عيسى ع قوله وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ

 10-  ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن محمد بن عبد الجبار عن الحسن بن علي بن فضال عن ظريف بن ناصح عن إبراهيم بن يحيى قال حدثني جعفر بن محمد عن أبيه ع قال قال رسول الله ص قسم الله تبارك و تعالى أهل الأرض قسمين فجعلني في خيرهما ثم قسم النصف الآخر على ثلاثة فكنت خير الثلاثة ثم اختار العرب من الناس ثم اختار قريشا من العرب ثم اختار بني هاشم من قريش ثم اختار بني عبد المطلب من بني هاشم ثم اختارني من بني عبد المطلب

 11-  ل، ]الخصال[ ابن بندار عن مجاهد بن أعين عن أبي بكر بن أبي العوام عن بريدة عن سليمان التميمي عن سيار عن أبي أمامة قال قال رسول الله ص فضلت بأربع جعلت لأمتي الأرض مسجدا و طهورا و أيما رجل من أمتي أراد الصلاة فلم يجد ماء و وجد الأرض فقد جعلت له مسجدا و طهورا و نصرت بالرعب مسيرة شهر يسير بين يدي و أحلت لأمتي الغنائم و أرسلت إلى الناس كافة

 بيان ظاهره أن البعثة إلى الناس كافة من خصائصه ص و هو مخالف لما هو المشهور من أن بعض أولي العزم أيضا كانوا كذلك و يمكن أن يحمل على أن المراد إرساله إلى كل من في زمانه و من يأتي بعده من غير نسخ لشريعته على أن التفضيل بتلك الأمور لا ينافي شركة غيره معه فيها و الله يعلم

 12-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن أحمد بن الوليد عن أبيه عن سعد عن عبد الله بن هارون عن محمد بن عبد الرحمن العرزمي عن المعلى بن هلال عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال سمعت رسول الله ص يقول أعطاني الله خمسا و أعطى عليا خمسا أعطاني جوامع الكلم و أعطى عليا جوامع العلم و جعلني نبيا و جعل عليا وصيا و أعطاني الكوثر و أعطى عليا السلسبيل و أعطاني الوحي و أعطى عليا الإلهام و أسرى بي إليه و فتحت له أبواب السماء حتى رأى ما رأيت و نظر إلى ما نظرت إليه ثم قال يا ابن عباس خالف من خالف عليا و لا تكونن له ظهيرا و لا وليا فو الذي بعثني بالحق ما يخالفه أحد إلا غير الله ما به من نعمة و شوه خلقه قبل إدخاله النار يا ابن عباس لا تشك في علي فإن الشك فيه كفر يخرج عن الإيمان و يوجب الخلود في النار

 ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن عبد الله بن موسى بن هارون المفتي عن محمد بن عبد الرحمن العرزمي إلى قوله إلى ما نظرت إليه ثم قال و الحديث طويل

  -13  ل، ]الخصال[ ابن إدريس عن أبيه عن الأشعري عن أبي عبد الله الرازي عن ابن أبي عثمان عن موسى بن بكر عن أبي الحسن الأول ع قال قال رسول الله ص إن الله تبارك و تعالى اختار من الأنبياء أربعة للسيف إبراهيم و داود و موسى و أنا الخبر

 14-  ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار و سعد معا عن ابن عيسى و البرقي معا عن محمد البرقي عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله ص أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا و نصرت بالرعب و أحل لي المغنم و أعطيت جوامع الكلم و أعطيت الشفاعة

 15-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن عمر بن محمد الزيات عن علي بن عباس عن أحمد بن منصور الرقادي عن محمد بن مصعب عن الأوزاعي عن شداد أبي عمار عن واثلة بن الأصقع قال قال رسول الله ص إن الله اصطفى إسماعيل من ولد إبراهيم و اصطفى كنانة من بني إسماعيل و اصطفى قريشا من بني كنانة و اصطفى هاشما من قريش و اصطفاني من هاشم

 16-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن محمد بن محمد بن سليمان عن عبد السلام بن عبد الحميد إمام حران عن موسى بن أعين قال أبو المفضل و حدثني نصر بن الجهم عن محمد بن مسلم بن وارة عن محمد بن مسلم بن أعين عن أبيه عن عطاء بن السائب عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين عن النبي ص قال أعطيت خمسا لم يعطهن نبي كان قبلي أرسلت إلى الأبيض و الأسود و الأحمر و جعلت لي الأرض مسجدا و نصرت بالرعب و أحلت لي الغنائم و لم تحل لأحد أو قال لنبي قبلي و أعطيت جوامع الكلم قال عطا فسألت أبا جعفر ع قلت ما جوامع الكلم قال القرآن قال أبو المفضل هذا حديث حران و لم يحدث به في هذا الطريق إلا موسى بن جعفر الحراني

 أقول الأبواب مشحونة بأخبار فضائله ص و قد مر خبر جابر في باب أسمائه ص في ذلك

 17-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن بسران عن إسماعيل بن محمد الصفار عن الحسن بن عرفة عن هاشم بن القاسم عن سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال قال رسول الله ص آتي يوم القيامة باب الجنة فأستفتح فيقول الخازن من أنت فأقول أنا محمد فيقول بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك

 18-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة و حمران عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع قال إني أوحيت إليك كما أوحيت إلى نوح و النبيين من بعده فجمع له كل وحي

 بيان في القرآن إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا و لعل في قراءتهم ع كان هكذا أو نقل للآية بالمعنى و الغرض أن المراد بالتشبيه التشبيه الكامل فكل ما أوحي إليهم أوحي إليه ص

 19-  جا، ]المجالس للمفيد[ المراغي عن عبد الكريم بن محمد عن عثمان بن أبي شيبة عن مصعب عن الأوزاعي عن شداد أبي عمار عن واثلة قال قال رسول الله ص إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل و اصطفى من إسماعيل كنانة و اصطفى من كنانة قريشا و اصطفى من قريش بني هاشم و اصطفاني من بني هاشم

 20-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بالإسناد إلى دارم عن الرضا عن آبائه عن النبي ص قال أنا خاتم النبيين و علي خاتم الوصيين

 21-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه ع قال قال رسول الله ص أنا سيد ولد آدم و لا فخر

  -22  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ أبو عمرو عبد الواحد بن محمد بن مهدي عن ابن عقدة عن الحسن بن جعفر بن مدرار عن عمه طاهر عن الحسن بن عمار عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن علي ع قال قال رسول الله ص أنا سيد ولد آدم يوم القيامة و لا فخر و أنا أول من تنشق الأرض عنه و لا فخر و أنا أول شافع و أول مشفع

 23-  شي، ]تفسير العياشي[ عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله ع قال لم يزل رسول الله ص يقول إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ حتى نزلت سورة الفتح فلم يعد إلى ذلك الكلام

 بيان إنما لم يعد ص إلى هذا القول لقوله تعالى لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ

 24-  ل، ]الخصال[ إسماعيل بن منصور القصار عن محمد بن القاسم بن محمد بن عبد الله العلوي عن سليمان بن عبد الله الدمشقي عن أحمد بن أبان عن عبد العزيز بن محمد عن موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن أم هاني بنت أبي طالب قالت قال رسول الله ص أظهر الله تبارك و تعالى الإسلام على يدي و أنزل الفرقان علي و فتح الكعبة على يدي و فضلني على جميع خلقه و جعلني في الدنيا سيد ولد آدم و في الآخرة زين القيامة و حرم دخول الجنة على الأنبياء حتى أدخلها أنا و حرمها على أممهم حتى تدخلها أمتي و جعل الخلافة في أهل بيتي من بعدي إلى النفخ في الصور فمن كفر بما أقول فقد كفر بالله العظيم

  -25  ج، ]الإحتجاج[ عن ابن عباس قال خرج من المدينة أربعون رجلا من اليهود قالوا انطلقوا بنا إلى هذا الكاهن الكذاب حتى نوبخه في وجهه و نكذبه بأنه يقول أنا رسول الله رب العالمين فكيف يكون رسولا و آدم خير منه و نوح خير منه و ذكروا الأنبياء ع فقال النبي ص لعبد الله بن سلام التوراة بيني و بينكم فرضيت اليهود بالتوراة فقالت اليهود آدم خير منك لأن الله تعالى خلقه بيده وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ فقال النبي ص آدم النبي أبي و قد أعطيت أنا أفضل مما أعطي آدم فقالت اليهود و ما ذاك قال إن المنادي ينادي كل يوم خمس مرات أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله و لم يقل آدم رسول الله و لواء الحمد بيدي يوم القيامة و ليس بيد آدم فقالت اليهود صدقت يا محمد و هو مكتوب في التوراة قال هذه واحدة قالت اليهود موسى خير منك قال النبي ص و لم قالوا لأنالله عز و جل كلمه بأربعة آلاف كلمة و لم يكلمك بشي‏ء فقال النبي ص لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك قالوا و ما ذاك قال قوله عز و جل سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ و حملت على جناح جبرئيل ع حتى انتهيت إلى السماء السابعة فجاوزت سدرة المنتهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى حتى تعلقت بساق العرش فنوديت من ساق العرش إني أنا الله لا إله إلا أنا السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الرءوف الرحيم و رأيته بقلبي و ما رأيته بعيني فهذا أفضل من ذلك فقالت اليهود صدقت يا محمد و هو مكتوب في التوراة فقال رسول الله ص هذا اثنان قالوا نوح خير منك قال النبي ص و لم ذلك قالوا لأنه ركب في السفينة فجرت على الجودي قال النبي ص لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك قالوا و ما ذاك قال إن الله عز و جل أعطاني نهرا في السماء مجراه من تحت العرش و عليه ألف ألف قصر لبنة من ذهب و لبنة من فضة حشيشها الزعفران و رضاضها الدر و الياقوت و أرضها المسك الأبيض فذاك خير لي و لأمتي و ذلك قوله تعالى إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ قالوا صدقت يا محمد و هو مكتوب في التوراة هذا خير من ذاك قال النبي ص هذه ثلاثة قالوا إبراهيم خير منك قال و لم ذاك قالوا لأن الله اتخذه خليلا قال النبي ص إن كان إبراهيم خليله فأنا حبيبه محمد قالوا و لم سميت محمدا قال سماني الله محمدا و شق اسمي من اسمه هو المحمود و أنا محمد و أمتي الحامدون قالت اليهود صدقت يا محمد هذا خير من ذاك قال ص هذه أربعة قالت اليهود عيسى خير منك قال ص و لم ذاك قالوا لأن عيسى ابن مريم ع كان ذات يوم بعقبة بيت المقدس فجاءته الشياطين ليحملوه فأمر الله عز و جل جبرئيل أن اضرب بجناحك الأيمن وجوه الشياطين و ألقاهم في النار فضرب بأجنحته وجوههم و ألقاهم في النار قال النبي ص أنا أعطيت أفضل من ذلك قالوا و ما هو قال أقبلت يوم بدر من قتال المشركين و أنا جائع شديد الجوع فلما وردت المدينة استقبلتني امرأة يهودية و على رأسها جفنة و في الجفنة جدي مشوي و في كمها شي‏ء من سكر فقالت الحمد لله الذي منحك السلامة و أعطاك النصر و الظفر على الأعداء و إني قد كنت نذرت لله نذرا إن أقبلت سالما غانما من غزاة بدر لأذبحن هذا الجدي و لأشوينه و لأحملنه إليك لتأكله قال النبي ص فنزلت عن بغلتي الشهباء فضربت بيدي إلى الجدي لآكله فاستنطق الله الجدي فاستوى على أربع قوائم و قال يا محمد لا تأكلني فإني مسموم قالوا صدقت يا محمد هذا خير من ذاك قال النبي ص هذه خمسة قالوا بقيت واحدة ثم نقوم من عندك قال هاتوا قالوا سليمان خير منك قال و لم ذاك قالوا لأن الله عز و جل سخر له الشياطين و الإنس و الجن و الرياح

 و السباع فقال النبي ص فقد سخر الله لي البراق و هو خير من الدنيا بحذافيرها و هي دابة من دواب الجنة وجهها مثل وجه آدمي و حوافرها مثل حوافر الخيل و ذنبها مثل ذنب البقر فوق الحمار و دون البغل سرجه من ياقوتة حمراء و ركابه من درة بيضاء مزمومة بسبعين ألف زمام من ذهب عليه جناحان مكللان بالدر و الياقوت و الزبرجد مكتوب بين عينيه لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله قالت اليهود صدقت يا محمد و هو مكتوب في التوراة هذا خير من ذاك يا محمد نشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله قال لهم رسول الله لقد أقام نوح في قومه و دعاهم أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً ثم وصفهم الله فقللهم فقال وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ و لقد تبعني في سني القليلة ما لم يتبع نوحا في طول عمره و كبر سنه و إن في الجنة عشرين و مائة ألف صف أمتي منها ثمانون صفا و إن الله عز و جل جعل كتابي المهيمن على كتبهم الناسخ لها و لقد جئت بتحليل ما حرموا و بتحريم بعض ما حللوا من ذلك أن موسى جاء بتحريم صيد الحيتان يوم السبت حتى أن الله قال لمن اعتدى منهم كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ فكانوا و لقد جئت بتحليل صيدها حتى صار صيدها حلالا قال الله عز و جل أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ و جئت بتحليل الشحوم كلها و كنتم لا تأكلونها ثم إن الله عز و جل صلى علي في كتابه قال الله إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً ثم وصفني الله تعالى بالرأفة و الرحمة و ذكر في كتابه لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فأنزل الله عز و جل أن لا يكلموني حتى يتصدقوا بصدقة و ما كان ذلك لنبي قط قال الله عز و جل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ثم وضعها عنهم بعد أن فرضها عليهم برحمته

 26-  سن، ]المحاسن[ أبو إسحاق الثقفي عن محمد بن مروان عن أبان بن عثمان عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال إن الله تبارك و تعالى أعطى محمدا شرائع نوح و إبراهيم و موسى و عيسى ع التوحيد و الإخلاص و خلق الأنداد و الفطرة الحنيفية السمحة لا رهبانية و لا سياحة أحل فيها الطيبات و حرم فيها الخبيثات و وضع عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فعرف فضله بذلك ثم افترض عليه فيها الصلاة و الزكاة و الصيام و الحج و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الحلال و الحرام و المواريث و الحدود و الفرائض و الجهاد في سبيل الله و زاده الوضوء و فضله بفاتحة الكتاب و بخواتيم سورة البقرة و المفصل و أحل له المغنم و الفي‏ء و نصره بالرعب و جعل له الأرض مسجدا و طهورا و أرسله كافة إلى الأبيض و الأسود و الجن و الإنس و أعطاه الجزية و أسر المشركين و فداهم ثم كلف ما لم يكلف أحد من الأنبياء أنزل عليه سيفا من السماء في غير غمد و قيل له فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ

 كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن البزنطي و العدة عن البرقي عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن محمد بن مروان جميعا عن أبان بن عثمان مثله بيان الظاهر أن المراد بالشرائع أصول الدين و قوله التوحيد و الإخلاص و خلع الأنداد بيان لها و الفطرة الحنيفية معطوف على الشرائع و إنما خص ع ما به الاشتراك بهذه الثلاثة مع اشتراك كثير من العبادات بينه صلى الله عليه و آله و بينهم لاختلاف الكيفيات فيها دون هذه الثلاثة و يحتمل أن يكون المراد بها الأصول و أصول الفروع المشتركة و إن اختلف في الخصوصيات و الكيفيات و حينئذ يكون جميع تلك الفقرات إلى قوله ع و زاده بيانا للشرائع و يشكل بالرهبانية و السياحة إذا المشهور أن عدمهما من خصائصه ص إلا أن يقال المراد عدم الوجوب و هو مشترك أو يقال إنهما لم يكونا في شريعة عيسى ع أيضا بل كانتا من مبتدعات أمته كما يومئ إليه قوله تعالى وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ أو يقال ذكر هذا من خصائصه ص بين الكلام لبيان الفرق و أما الجهاد فيمكن أن يكون واجبا على عيسى ع بشرط لم يتحقق فلذا لم يجاهد و الأول أظهر و إن كان قوله و زاده و فضله بالأخير أوفق و الإصر بالكسر الذنب و الثقل و المراد بالإصر و الأغلال التكاليف الشاقة التي كانت على الأمم السالفة و خواتيم سورة البقرة من قوله تعالى آمَنَ الرَّسُولُ إلى آخر السورة و المفصل من سورة محمد إلى آخر القرآن

 27-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ فارق نبينا ص جماعة النبيين بمائة و خمسين خصلة منها في باب النبوة قوله وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ و قوله أعطيت جوامع الكلم و قوله أرسلت إلى الخلق كافة و بقاء دولته لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ و العجز عن الإتيان بمثل كتابه قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ و كان ممنوعا من الشعر و روايته وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ و تسهيل شريعته ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ و أضعاف ثواب الطاعة مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها و رفع العذاب وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ و فرض محبة أهل بيته قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً و في باب أمته كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا هُوَ اجْتَباكُمْ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ  وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا يعني الملائكة و إفشاء السلام وَ إِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا و في باب الطهارة كمال الوضوء و التيمم و الاستنجاء بالحجارة و أن الماء مزيل للنجاسات و أن لا يؤثر النجاسة في الماء الكثير و قوله جعلت لي الأرض مسجدا و ترابها طهورا و كان ينام ثم يصلي و يقول تنام عيني و لا تنام قلبي و يقال فرض عليه السواك و هو قد سنه لنا و في باب الصلاة الأذان و الإقامة و الجمعة و الجماعة و الركوع و السجدتين و التشهد و السلام و صلاة الليل و الوتر و صلاة الكسوفين و الاستسقاء و صلاة العشاء الآخرة و في باب الزكاة حرم عليه الزكاة و الصدقة و هدية الكافر و أحل له الخمس و الأنفال و الغنيمة و جعل زكاة المال ربع الخمس لا ربع المال و في باب الصيام شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ و ليلة القدر و العيدين و تحليل الطعام و الشراب و اللمس ليال الصيام إلى وقت الصبح و حرم صوم الوصال و قالوا أبيح له الوصال في الصوم و كتب عليه الأضحية و سنها لنا و كذلك الفطرة على وجه و في باب الحج يقال أحل له دخول مكة بغير إحرام و عقد النكاح و هو محرم و في باب الجهاد يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ و قوله نصرت بالرعب و أحلت لي الغنائم و كان إذا لبس لأمته لم ينزعها حتى يقاتل و لا يرجع إذا خرج و لا ينهزم إذا لقي العدو و إن كثروا عليه و إنه أفرس العالمين و خص بالحمى و في باب النكاح حرم عليه نكاح الإماء و الذميات و الإمساك بمن كرهت نكاحه و حرم أزواجه على الخلق و خص بإسقاط المهر و العقد بلفظ الهبة و العدد ما شاء بعد التخيير و العزل عمن أراد و كان طلاقه زائدا على طلاق أمته و الواحدة من نسائه إذا أتت بفاحشة ضعف لها العذاب أبو عبد الله ع في قوله لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ يعني قوله حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ الآية و في باب الأحكام تخفيف الأمر على أمته و القربان بغير الفضيحة و تيسير التوبة بغير القتل و ستر المعصية على المذنب و رفع الخطاء و النسيان و ما استكره عليه و التخيير بين القصاص و الدية و العفو و الفرق بين الخطاء و العمد و التوبة من الذنب دون إبانة العضو و تحليل مجالسة الحائض و الانتفاع بما نالته و تحليل تزويج نساء أهل الكتاب لأمته و في باب الآداب لم يكن له خائنة الأعين يعني الغمز بالعين و الرمز باليد و حرم عليه أكل الثوم على وجه و في باب الآخرة و ذلك أنه أول من تنشق عنه الأرض و أول من يدخل الجنة و أنه يشهد لجميع الأنبياء بالأداء و له الشفاعة و لواء الحمد و الحوض و الكوثر و يسأل في غيره يوم القيامة و كل الناس يسألون في أنفسهم و أنه أرفع النبيين درجة و أكثرهم أمة

 28-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ كان له اثنتان و عشرون خاصية كان أحسن الخلائق الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ و أجملهم لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ و أطهرهم طه ما أَنْزَلْنا و أفضلهم وَ كانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً و أعزهم لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ و أشرفهم إِنَّا أَرْسَلْناكَ و أظهر معجزة قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ و أهيب الناس سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ و أكملهم سعادة عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ و أكرمهم كرامة سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى و أقربهم منزلة ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى و أقواهم نصرة وَ يَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً و أصحهم رؤيا لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا و أكملهم رسالة اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ و أحسنهم دعوة فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ و أعصمهم عصمة وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ و أبعدهم صيتا وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ و أحسنهم خلقا وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ و أبقاهم ولاية لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ و أعلاهم خاصية لَعَمْرُكَ و أجلهم خليفة إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا و أطهرهم أولادا إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ و إن الله تعالى وضع ثلاثة أشياء على هوى الرسول الصلاة وَ مِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَ أَطْرافَ النَّهارِ و الشفاعة وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ و القبلة فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً كقول الناس من حب فلان لفلان أنه إن أمره بتحويل القبلة لحولها و أعطى التوراة لموسى ع و الإنجيل لعيسى ع و الزبور لداود ع و قال النبي ص أوتيت السبع الطوال مكان التوراة و الماءين مكان الإنجيل و المثاني مكان الزبور و فضلني ربي بالمفصل و إنه شاركه مع نفسه في عشرة مواضع وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ يَنْصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ و من جلالة قدره أن الله نسخ بشريعته سائر الشرائع و لم ينسخ شريعته و نهى الخلق أن يدعوه باسمه لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً و إنما كان ينبغي أن يدعى له يا أيها الرسول يا أيها النبي و لم يأذن بالجهر عليه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ و إن الله تعالى أرسل سائر الأنبياء إلى طائفة دون أخرى قوله وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ كما قال  إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ وَ إِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قرية واحدة لم يكمل له أربعين بيتا وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً و لم تكمل أربعين بيتا ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَ أَخاهُ هارُونَ إلى مصر وحدها و أرسل إبراهيم ع بكوثى و هي قرية من السواد و كان بعده لإسحاق ع و يعقوب ع في أرض كنعان و يوسف ع في أرض مصر و يوشع ع إلى بني إسرائيل في البرية و إلياس ع في الجبال و أرسل نبينا ص إلى الناس كافة قوله نَذِيراً لِلْبَشَرِ و إلى الجن أيضا قوله وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ و إلى الشياطين أيضا قال ص إن الله أعانني على شيطان حتى أسلم على يدي قوله وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً و قال قوله ص بعثت إلى الأحمر و الأسود و الأبيض و قال ص بعثت إلى الثقلين و إنه علق خمسة أشياء باتباعه المحبة فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ و الفلاح فاتبعوه لعلكم تفلحون و الهداية فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَ لا يَشْقى و الرحمة فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ الآية و إنه مدح كل عضو من أعضائه نفسه لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ رأسه يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ شعره وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى عينه وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ بصره ما زاغَ الْبَصَرُ أذنه وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ لسانه فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ كلامه وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى وجهه قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ خده وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ فؤاده ما كَذَبَ الْفُؤادُ قلبه عَلى قَلْبِكَ

صدره أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ظهره الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ يده وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ قيامه حِينَ تَقُومُ صوته فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ رجله طه ما أَنْزَلْنا يعني طأ الأرض بقدميك روحه لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ خلقه وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ثوبه وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ علمه وَ عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ صلاته فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ صومه إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ كتابه وَ إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ دينه دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ أمته كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ قبلته فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً بلده لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ قضاياه إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ جنده وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً عزته وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ عصمته وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ شفاعته لَعَلَّكَ تَرْضى صلابته بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وصيه إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أهل بيته لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ

  -29  شي، ]تفسير العياشي[ عن سليمان بن خالد قال قلت لأبي عبد الله ع قول الناس لعلي ع إن كان له حق فما منعه أن يقوم به قال فقال إن الله لم يكلف هذا إلا إنسانا واحدا رسول الله ص قال فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ فليس هذا إلا للرسول و قال لغيره إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فلم يكن يومئذ فئة يعينونه على أمره

 30-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زيد الشحام عن جعفر بن محمد قال ما سئل رسول الله ص شيئا قط فقال لا إن كان عنده أعطاه و إن لم يكن عنده قال يكون إن شاء الله و لا كافأ بالسيئة قط و ما ألقى سرية مذ نزلت عليه فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ إلا ولى بنفسه

 31-  شي، ]تفسير العياشي[ أبان عن أبي عبد الله ع لما نزلت رسول الله ص لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ قال كان أشجع الناس من لاذ برسول الله عليه و آله السلام

 بيان أي كان ع بحيث يكون أشجع الناس من لحق به و لجأ إليه لأنه كان أقرب الناس و أجرأهم عليهم كما روي عن أمير المؤمنين ع أنه كان يقول كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله ص فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه

 32-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الثمالي عن عيص عن أبي عبد الله ع قال رسول الله ص كلف ما لم يكلف أحد أن يقاتل في سبيل الله وحده و قال حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ و قال إنما كلفتم اليسير من الأمر أن تذكروا الله

  -33  إرشاد القلوب، بالإسناد يرفعه إلى الإمام موسى بن جعفر ع قال قال حدثني أبي جعفر عن أبيه قال حدثني أبي علي قال حدثني أبي الحسين بن علي بن أبي طالب ع قال بينما أصحاب رسول الله ص جلوس في مسجده بعد وفاته ع يتذاكرون فضل رسول الله ص إذ دخل علينا حبر من أحبار يهود أهل الشام قد قرأ التوراة و الإنجيل و الزبور و صحف إبراهيم و الأنبياء و عرف دلائلهم فسلم علينا و جلس ثم لبث هنيئة ثم قال يا أمة محمد ما تركتم لنبي درجة و لا لمرسل فضيلة إلا و قد تحملتموها لنبيكم فهل عندكم جواب إن أنا سألتكم فقال له أمير المؤمنين ع سل يا أخا اليهود ما أحببت فإني أجيبك عن كل ما تسأل بعون الله تعالى و منه فو الله ما أعطى الله عز و جل نبيا و لا مرسلا درجة و لا فضيلة إلا و قد جمعها لمحمد ص و زاده على الأنبياء و المرسلين أضعافا مضاعفة و لقد كان رسول الله ص إذا ذكر لنفسه فضيلة قال و لا فخر و أنا أذكر لك اليوم من فضله من غير إزراء على أحد من الأنبياء ما يقر الله به أعين المؤمنين شكرا لله على ما أعطى محمدا ص الآن فاعلم يا أخا اليهود إنه كان من فضله عند ربه تبارك و تعالى و شرفه ما أوجب المغفرة و العفو لمن خفض الصوت عنده فقال جل ثناؤه في كتابه إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ ثم قرن طاعته بطاعته فقال مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ ثم قربه من قلوب المؤمنين و حببه إليهم و كان يقول ص حبي خالط دماء أمتي فهم يؤثروني على الآباء و على الأمهات و على أنفسهم و لقد كان أقرب الناس و أرأفهم فقال تبارك و تعالى لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ و قال عز و جل النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ و الله لقد بلغ من فضله ص في الدنيا و من فضله ص في الآخرة ما تقصر عنه الصفات و لكن أخبرك بما يحمله قلبك و لا يدفعه عقلك و لا تنكره بعلم إن كان عندك لقد بلغ من فضله ص أن أهل النار يهتفون و يصرخون بأصواتهم ندما أن لا يكونوا أجابوه في الدنيا فقال الله عز و جل يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولَا و لقد ذكره الله تبارك و تعالى مع الرسول فبدأ به و هو آخرهم لكرامته ص فقال جل ثناؤه وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَ مِنْكَ وَ مِنْ نُوحٍ و قال إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَ النَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ و النبيون قبله فبدأ به و هو آخرهم و لقد فضله الله على جميع الأنبياء و فضل أمته على جميع الأمم فقال عز و جل كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فقال اليهودي إن آدم ع أسجد الله عز و جل له ملائكته فهل فضل لمحمد ص مثل ذلك فقال ع قد كان ذلك و لئن أسجد الله لآدم ملائكته فإن ذلك لما أودع الله عز و جل صلبه من الأنوار و الشرف إذ كان هو الوعاء و لم يكن سجودهم عبادة له و إنما كان سجودهم طاعة لأمر الله عز و جل و تكرمة و تحية مثل السلام من الإنسان على الإنسان و اعترافا لآدم ع بالفضيلة و قد أعطى الله محمدا ص أفضل من ذلك و هو أن الله صلى عليه و أمر ملائكته أن يصلوا

 عليه و تعبد جميع خلقه بالصلاة عليه إلى يوم القيامة فقال جل ثناؤه إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً فلا يصلي عليه أحد في حياته و لا بعد وفاته إلا صلى الله عليه بذلك عشرا و أعطاه من الحسنات عشرا بكل صلاة صلى عليه و لا يصلي عليه أحد بعد وفاته إلا و هو يعلم بذلك و يرد على المصلي و المسلم مثل ذلك ثم إن الله عز و جل جعل دعاء أمته فيما يسألون ربهم جل ثناؤه موقوفا عن الإجابة حتى يصلوا فيه عليه ص فهذا أكبر و أعظم مما أعطى الله آدم ع و لقد أنطق الله عز و جل صم الصخور و الشجر بالسلام و التحية له و كنا نمر معه ص فلا يمر بشعب و لا شجر إلا قالت السلام عليك يا رسول الله تحية له و إقرارا بنبوته ص و زاده الله عز و جل تكرمة بأخذ ميثاقه قبل النبيين و أخذ ميثاق النبيين بالتسليم و الرضا و التصديق له فقال جل ثناؤه وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَ مِنْكَ وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْراهِيمَ و قال عز و جل وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَ أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَ أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ و قال الله عز و جل النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ و قال الله تعالى وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ فلا يرفع رافع صوته بكلمة الإخلاص بشهادة أن لا إله إلا الله حتى يرفع صوته معها بأن محمدا رسول الله في الأذان و الإقامة و الصلاة و الأعياد و الجمع و مواقيت الحج و في كل خطبة حتى في خطب النكاح و في الأدعية ثم ذكر اليهودي مناقب الأنبياء و أمير المؤمنين ع يثبت للنبي ص ما هو أعظم منها تركنا ذكرها طلبا للاختصار حتى وصل إلى أن قال اليهودي فإن الله عز و جل ناجى موسى على جبل طور سيناء بثلاثمائة و ثلاث عشرة كلمة يقول له فيها يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ فهل فعل بمحمد شيئا من ذلك قال علي ع لقد كان كذلك و محمد ص ناجاه الله جل ثناؤه فوق سبع سماوات رفعه عليهن فناجاه في موطنين أحدهما عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى و كان له هناك مقام محمود ثم عرج به حتى انتهى إلى ساق العرش فقال عز و جل ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى و دنا له رفرفا أخضر أغشي عليه نور عظيم حتى كان في دنوه كقاب قوسين أو أدنى و هو مقدار ما بين الحاجب إلى الحاجب و ناجاه بما ذكره الله عز و جل في كتابه قال تعالى لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ و كانت هذه الآية قد عرضت على سائر الأمم من لدن آدم إلى أن بعث محمد ص فأبوا جميعا أن يقبلوها من ثقلها و قبلها محمد فلما رأى الله عز و جل منه و من أمته القبول خفف عنه ثقلها فقال الله عز و جل آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ثم إن الله عز و جل تكرم على محمد و أشفق على أمته من تشديد الآية التي قبلها هو و أمته فأجاب عن نفسه و أمته فقال وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ

فقال الله عز و جل لهم المغفرة و الجنة إذا فعلوا ذلك فقال النبي ص سَمِعْنا وَ أَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ يعني المرجع في الآخرة فأجابه قد فعلت بتائبي أمتك قد أوجبت لهم المغفرة ثم قال الله تعالى أما إذا قبلتها أنت و أمتك و قد كانت عرضت من قبل على الأنبياء و الأمم فلم يقبلوها فحق علي أن أرفعها عن أمتك فقال الله تعالى لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ من خير وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ من شر ثم ألهم الله عز و جل نبيه أن قال رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا فقال الله سبحانه أعطيتك لكرامتك يا محمد إن الأمم السالفة كانوا إذا نسوا ما ذكروا فتحت عليهم أبواب عذابي و رفعت ذلك عن أمتك فقال رسول الله ص رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا يعني بالآصار الشدائد التي كانت على الأمم ممن كان قبل محمد فقال عز و جل لقد رفعت عن أمتك الآصار التي كانت على الأمم السالفة و ذلك أني جعلت على الأمم أن لا أقبل فعلا إلا في بقاع الأرض التي اخترتها لهم و إن بعدت و قد جعلت على الأرض لك و لأمتك طهورا و مسجدا فهذه من الآصار و قد رفعتها عن أمتك و قد كانت الأمم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى البيت المقدس فمن قبلت ذلك منه أرسلت على قربانه نارا تأكله و إن لم أقبل ذلك منه رجع به مثبورا و قد جعلت قربان أمتك في بطون فقرائها و مساكينها فمن قبلت ذلك منه أضاعف له الثواب أضعافا مضاعفة و إن لم أقبل ذلك منه رفعت عنه به عقوبات الدنيا و قد رفعت ذلك عن أمتك و هي من الآصار التي كانت و كانت الأمم السالفة مفروضا عليهم صلاتها في كبد الليل و أنصاف النهار و هي من الشدائد التي كانت و قد رفعتها عن أمتك و فرضت عليهم صلاتهم في أطراف الليل و النهار في أوقات نشاطهم و كانت الأمم السالفة مفروضا عليهم خمسون صلاة في خمسين وقتا و هي من الآصار التي كانت عليهم و قد رفعتها عن أمتك و كانت الأمم السالفة حسنتهم بحسنة واحدة و سيئتهم بسيئة واحدة و جعلت لأمتك الحسنة بعشر أمثالها و السيئة بواحدة و كانت الأمم السالفة إذا نوى أحدهم حسنة لم تكتب لهم و إذا هم بالسيئة كتبتها عليهم و إن لم يفعلها و قد رفعت ذلك عن أمتك فإذا هم أحدهم بسيئة و لم يعملها لم تكتب عليه و إذا هم أحدهم بحسنة و لم يعملها كتبت له حسنة و كانت الأمم السالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم و جعلت توبتهم من الذنب أن أحرم عليهم بعد التوبة أحب الطعام إليهم و كانت الأمم السالفة يتوب أحدهم من الذنب الواحد المائة سنة و المائتي سنة ثم لم أقبل توبته دون أن أعاقبه في الدنيا بعقوبة و قد رفعت ذلك عن أمتك و إن الرجل من أمتك ليذنب المائة سنة ثم يتوب و يندم طرفة عين فأغفر له ذلك كله و أقبل توبته و كانت الأمم السالفة إذا أصابهم إذا نجس قرضوه من أجسادهم و قد جعلت الماء طهورا لأمتك من جميع الأنجاس و الصعيد في الأوقات و هذه الآصار التي كانت عليهم رفعتها عن أمتك قال رسول الله ص اللهم إذ قد فعلت ذلك بي فزدني فألهمه الله سبحانه أن قال

  رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ قال الله عز و جل قد فعلت ذلك بأمتك و قد رفعت عنهم عظيم بلايا الأمم و ذلك حكمي في جميع الأمم أن لا أكلف نفسا فوق طاقتها قال وَ اعْفُ عَنَّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا قال قال الله تعالى قد فعلت ذلك بتائبي أمتك ثم قال فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ قال الله عز و جل قد فعلت ذلك و جعلت أمتك يا محمد كالشامة البيضاء في الثور الأسود هم القادرون و هم القاهرون يستخدمون و لا يستخدمون لكرامتك و حق علي أن أظهر دينك على الأديان حتى لا يبقى في شرق الأرض و لا غربها دين إلا دينك و يؤدون إلى أهل دينك الجزية و هم صاغرون وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى فهذا أعظم يا أخا اليهود من مناجاته لموسى ع على طور سيناء ثم زاد الله لمحمد ص أن مثل النبيين فصلى بهم و هم خلفه يقتدون به و لقد عاين تلك الليلة الجنة و النار و عرج به إلى سماء سماء فسلمت عليه الملائكة فهذا أكثر من ذلك قال اليهودي فإن الله عز و جل ألقى على موسى محبة منه فقال ع له لقد كان كذلك و محمد ص ألقى عليه محبة منه فسماه حبيبا و ذلك أن الله تعالى جل ثناؤه أرى إبراهيم صورة محمد و أمته فقال يا رب ما رأيت من أمم الأنبياء أنور و لا أزهر من هذه الأمة فمن هذا فنودي هذا محمد حبيبي لا حبيب لي من خلقي غيره أجريت ذكره قبل أن أخلق سمائي و أرضي و سميته نبيا و أبوك آدم يومئذ من الطين ما أجريت فيه روحه و لقد ألقيت أنت معه في الذروة الأولى و أقسم بحياته في كتابه فقال جل ثناؤه لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ أي و حياتك يا محمد و كفى بهذا رفعة و شرفا من الله عز و جل و رتبة قال اليهودي فأخبرني عما فضل الله به أمته على سائر الأمم قال ع لقد فضل الله أمته ص على سائر الأمم بأشياء كثيرة أنا أذكر لك منها قليلا من كثير من ذلك قول الله عز و جل كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ و من ذلك أنه إذا كان يوم القيامة و جمع الله الخلق في صعيد واحد سأل الله عز و جل النبيين هل بلغتم فيقولون نعم فيسأل الأمم فيقولون ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَ لا نَذِيرٍ فيقول الله جل ثناؤه و هو أعلم بذلك للنبيين من شهداؤكم اليوم فيقولون محمد و أمته فتشهد لهم أمة محمد بالتبليغ و تصدق شهادتهم و شهادة محمد ص فيؤمنون عند ذلك و ذلك قوله تعالى لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً يقول يكون محمد عليكم شهيدا أنكم قد بلغتم الرسالة و منها أنهم أول الناس حسابا و أسرعهم دخولا إلى الجنة قبل سائر الأمم كلها و منها أيضا أن الله عز و جل فرض عليهم في الليل و النهار خمس صلوات في خمسة أوقات اثنتان بالليل و ثلاث بالنهار ثم جعل هذه الخمس صلوات تعدل خمسين صلاة و جعلها كفارة خطاياهم فقال عز و جل إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ يقول صلاة الخمس تكفر الذنوب ما اجتنبت الكبائر و منها أيضا أن الله تعالى جعل لهم الحسنة الواحدة التي يهم بها العبد و لا يعملها

 حسنة واحدة يكتبها له فإن عملها كتبت له عشر حسنات و أمثالها إلى سبعمائة ضعف فصاعدا و منها أن الله عز و جل يدخل الجنة من أهل هذه الأمة سبعين ألفا بغير حساب و وجوههم مثل القمر ليلة البدر و الذين يلونهم على أحسن ما يكون الكوكب الدري في أفق السماء و الذين يلونهم على أشد كوكب في السماء إضاءة و لا اختلاف بينهم و لا تباغض بينهم و منها أن القاتل منهم عمدا إن شاء أولياء المقتول أن يعفوا عنه فعلوا و إن شاءوا قبلوا الدية و على أهل التوراة و هم أهل دينك يقتل القاتل و لا يعفى عنه و لا تؤخذ منه دية قال الله عز و جل ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ رَحْمَةٌ و منها أن الله عز و جل جعل فاتحة الكتاب نصفها لنفسه و نصفها لعبده قال الله تعالى قسمت بيني و بين عبدي هذه السورة فإذا قال أحدهم الْحَمْدُ لِلَّهِ فقد حمدني و إذا قال رَبِّ الْعالَمِينَ فقد عرفني و إذا قال الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فقد مدحني و إذا قال مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ فقد أثنى علي و إذا قال إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فقد صدق عبدي في عبادتي بعد ما سألني و بقية هذه السورة له و منها أن الله تعالى بعث جبرائيل ع إلى النبي ص أن بشر أمتك بالزين و السناء و الرفعة و الكرامة و النصر و منها أن الله سبحانه أباحهم صدقاتهم يأكلونها و يجعلونها في بطون فقرائهم يأكلون منها و يطعمون و كانت صدقات من قبلهم من الأمم المؤمنين يحملونها إلى مكان قصي فيحرقونها بالنار و منها أن الله عز و جل جعل الشفاعة لهم خاصة دون الأمم و الله تعالى يتجاوز عن ذنوبهم العظام لشفاعة نبيهم ص و منها أن يقال يوم القيامة ليتقدم الحامدون فتقدم أمة محمد ص قبل الأمم و هو مكتوب أمة محمد الحامدون يحمدون الله عز و جل على كل منزلة و يكبرونه على كل نحد مناديهم في جوف السماء له دوي كدوي النحل و منها أن الله لا يهلكهم بجوع و لا يجمعهم على ضلالة و لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم و لا يساخ ببقيتهم و جعل لهم الطاعون شهادة و منها أن الله جعل لمن صلى على نبيه عشر حسنات و محا عنه عشر سيئات و رد الله سبحانه عليه مثل صلاته على النبي ص و منها أنه جعلهم أزواجا ثلاثة أمما فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ و السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب و المقتصد يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً و الظالم لنفسه مغفور له إن شاء الله و منها أن الله عز و جل جعل توبتهم الندم و الاستغفار و الترك للإصرار و كانت بنو إسرائيل توبتهم قتل النفس و منها قول الله عز و جل لنبيه ص أمتك هذه مرحومة عذابها في الدنيا الزلزلة و الفقر و منها أن الله عز و جل يكتب للمريض الكبير من الحسنات على حسب ما كان يعمل في شبابه و صحته من أعمال الخير يقول الله سبحانه للملائكة استكتبوا لعبدي مثل حسناته قبل ذلك ما دام في وثاقي و منها أن الله عز و جل ألزم أمة محمد ص كلمة التقوى و جعل بدء الشفاعة لهم في الآخرة و منها أن النبي ص رأى في السماء ليلة عرج به إليها ملائكة قياما و ركوعا منذ خلقوا فقال يا جبرئيل هذه هي العبادة فقال جبرئيل صدقت يا محمد فاسأل ربك أن يعطي أمتك القنوت و الركوع و السجود في صلاتهم فأعطاهم الله تعالى ذلك فأمة محمد ص يقتدون بالملائكة الذين في السماء قال النبي ص إن اليهود يحسدونكم على صلاتكم و ركوعكم و سجودكم

 بيان الإزراء التحقير و التهاون و العيب قوله ع و النبيون من قبله أي كان نبيون من قبل نوح فلم يذكرهم بعد نوح بل ذكر بعده من جاء بعده و بدأ بنبينا قبل من تقدمه و يحتمل إرجاع الضمير في قبله إلى النبي ص أي النبيون الذين ذكر الله أنهم بعد نوح كانوا قبله ص و قد بدأ الله به قبل نوح و قبلهم في الآية الأولى و لعله أظهر و يؤيده أن كلمة من ليست في بعض النسخ و الشامة الخال قوله و لقد ألقيت أنت معه على بناء المجهول في الذروة الأولى لعله من ذرو الريح و ذرو الحب أي نثره أي ألقيتك معه حين أخرجت ذرية آدم من صلبه و نثرتهم و أخذت عليهم الميثاق و لا يبعد أن يكون في الأصل و التقيت معه في الذر الأولى أي لقيته في عالم الذر السابق حين أخذت ميثاقه منك و من سائر النبيين قوله على كل نجد أي مكان مرتفع

 34-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ محمد بن أحمد معنعنا عن أبي جعفر ع قال قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع أن النبي ص أوتي علم النبيين و علم الوصيين و علم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة ثم تلا هذه الآية يقول الله لنبيه ص هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَ ذِكْرُ مَنْ قَبْلِي

 35-  ختص، ]الإختصاص[ جماعة من أصحابنا عن محمد بن جعفر المؤدب عن عدة من أصحابنا عن ابن أبي الخطاب عن ابن أسباط عن الحسن بن زياد عن صفوان الجمال عن أبي عبد الله ع قال قال لي يا صفوان هل تدري كم بعث الله من نبي قال قلت ما أدري قال بعث الله مائة ألف نبي و أربعة و أربعين ألف نبي و مثلهم أوصياء بصدق الحديث و أداء الأمانة و الزهد في الدنيا و ما بعث الله نبيا خيرا من محمد ص و لا وصيا خيرا من وصيه

 36-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن صالح بن سهل عن أبي عبد الله ع أن بعض قريش قال لرسول الله ص بأي شي‏ء سبقت الأنبياء و أنت بعثت آخرهم و خاتمهم قال إني كنت أول من آمن بربي و أول من أجاب حيث أخذ الله ميثاق النبيين وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ فكنت أنا أول نبي قال بلى فسبقتهم بالإقرار بالله عز و جل

 37-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن علي بن إسماعيل عن محمد بن إسماعيل عن سعدان بن مسلم عن صالح بن سهل عن أبي عبد الله ع قال سئل رسول الله ص بأي شي‏ء سبقت ولد آدم قال إنني أول من أقر بربي إن الله أخذ ميثاق النبيين وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فكنت أول من أجاب

 38-  كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال قلت لأبي عبد الله ع قول الله عز و جل فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ فقال نوح و إبراهيم و موسى و عيسى ع و محمد ص قلت كيف صاروا أولو العزم قال لأن نوحا بعث بكتاب و شريعة و كل من جاء بعد نوح أخذ بكتاب نوح و شريعته و منهاجه حتى جاء إبراهيم ع بالصحف و بعزيمة ترك كتاب نوح ع لا كفرا به فكل نبي جاء بعد إبراهيم ع أخذ بشريعة إبراهيم ع و منهاجه و بالصحف حتى جاء موسى ع بالتوراة و شريعته و منهاجه و بعزيمة ترك الصحف فكل نبي جاء بعد موسى ع أخذ بالتوراة و شريعته و منهاجه حتى جاء المسيح ع بالإنجيل و بعزيمة ترك شريعة موسى ع و منهاجه فكل نبي جاء بعد المسيح ع أخذ بشريعته و منهاجه حتى جاء محمد ص فجاء بالقرآن و بشريعته و منهاجه فحلاله حلال إلى يوم القيامة و حرامه حرام إلى يوم القيامة

 39-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه ع قال قال رسول الله ص إن موسى ع سأل ربه عز و جل فقال يا رب اجعلني من أمة محمد ص فأوحى الله تعالى إليه يا موسى إنك لا تصل إلى ذلك

 صح، ]صحيفة الرضا عليه السلام[ عنه ع مثله

 40-  ل، ]الخصال[ في وصية النبي ص لعلي ع يا علي إن الله عز و جل أشرف على الدنيا فاختارني منها على رجال العالمين ثم اطلع الثانية فاختارك على رجال العالمين بعدي ثم اطلع الثالثة فاختار الأئمة من ولدك على رجال العالمين بعدك ثم اطلع الرابعة فاختار فاطمة على نساء العالمين

 41-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ عن سليمان الديلمي عن أبي عبد الله ع في قوله تعالى فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ فرسول الله في الآية النبيين و نحن في هذا الموضع الصديقين و الشهداء و أنتم الصالحون الخبر

 42-  يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ إبراهيم بن هارون الهيتي عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج عن الحسين بن أيوب عن محمد بن غالب عن علي بن الحسين عن الحسن بن أيوب عن الحسين بن سليمان عن محمد بن مروان الذهلي عن الفضيل بن يسار قال قلت لأبي عبد الله الصادق ع اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قال كذلك الله عز و جل قال قلت مَثَلُ نُورِهِ قال لي محمد ص قلت كَمِشْكاةٍ قال صدر محمد ص قلت فِيها مِصْباحٌ قال فيه نور العلم يعني النبوة قلت الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ قال علم رسول الله ص صدر إلى قلب علي ع قلت كَأَنَّها قال لأي شي‏ء تقرأ كَأَنَّها قلت و كيف جعلت فداك قال كأنه كوكب دري قلت يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ قال ذاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع لا يهودي و لا نصراني قلت يَكادُ زَيْتُها يُضِي‏ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ قال يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد من قبل أن ينطق به قلت نُورٌ عَلى نُورٍ قال الإمام على أثر الإمام

 43-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن عبد الله بن جندب عن الرضا ع أنه كتب إليه مثلنا في كتاب الله كمثل المشكوة و المشكاة في القنديل فنحن المشكاة فِيها مِصْباحٌ المصباح محمد رسول الله ص الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ من عنصره الطاهرة إلى قوله تعالى لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا دعية و لا منكرة يَكادُ زَيْتُها يُضِي‏ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ القرآن نُورٌ عَلى نُورٍ إمام بعد إمام يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ الآية فالنور علي يهدي الله لولايتنا من أحب حق على الله أن يبعث ولينا مشرقا وجهه نيرا برهانه ظاهرة عند الله حجته الخبر

 44-  ختص، ]الإختصاص[ ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن الحسين عن ابن سنان عن عمار بن مروان عن المنخل عن جابر عن أبي جعفر ع قوله تبارك و تعالى اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ فهو محمد ص فِيها مِصْباحٌ و هو العلم الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ فزعم أن الزجاجة أمير المؤمنين ع و علم نبي الله عنده

 45-  كشف، ]كشف الغمة[ من دلائل الحميري عن محمد الرقاشي قال كتبت إلى أبي محمد ع أسأله عن المشكاة فرجع الجواب المشكاة قلب محمد ص

 أقول سيأتي سائر الأخبار في ذلك مع شرحها في كتاب الإمامة و قد مر بعضها في كتاب التوحيد

  -46  كنز، ]كنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة[ بإسناده عن عبد الله بن سليمان قال قلت لأبي عبد الله ع قوله تعالى قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً قال البرهان رسول الله ص و النور المبين علي بن أبي طالب ع

 47-  كا، ]الكافي[ العدة عن أحمد بن محمد عن محمد بن يحيى الخثعمي عن هشام عن ابن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد الله ع يقول سادة النبيين و المرسلين خمسة و هم أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ و عليهم دارت الرحى نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد صلى الله عليهم و على جميع الأنبياء

 48-  كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن المعلى عن الوشاء عن أحمد بن عائذ عن ابن أذينة عن بريد قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فقال نحن الأمة الوسطى و نحن شهداء لله على خلقه و حججه في أرضه قلت قول الله جل و عز مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ قال إيانا عنى خاصة هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ في الكتب التي مضت وَ فِي هذا القرآن لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ فرسول الله ص الشهيد علينا بما بلغنا عن الله عز و جل و نحن الشهداء على الناس فمن صدق صدقناه يوم القيامة و من كذب كذبناه

 49-  و بهذا الإسناد عن الوشاء عن أحمد بن عمر الحلال قال سألت أبا الحسن ع عن قول الله عز و جل أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ فقال أمير المؤمنين ع الشاهد على رسول الله ص و رسول الله ص على بينة من ربه

 50-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن بريد عن أبي جعفر ع في قول الله عز و جل إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ فقال رسول الله ص المنذر و لكل زمان منا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي الله ص ثم الهداة من بعده علي ثم الأوصياء واحد بعد واحد

 51-  كا، ]الكافي[ أحمد بن مهران عن محمد بن علي و محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن محمد بن سنان عن المفضل عن أبي عبد الله ع قال ما جاء به علي ع آخذ به و ما نهى عنه أنتهي عنه جرى له من الفضل ما جرى لمحمد ص و لمحمد ص الفضل على جميع من خلق الله الخبر

 كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن المعلى عن محمد بن جمهور عن ابن سنان مثله

 52-  كا، ]الكافي[ علي بن محمد و محمد بن الحسن عن سهل عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي عن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله ع مثله

 53-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى و أحمد بن محمد عن محمد بن الحسين عن علي بن حسان عن أبي عبد الله الرياحي عن أبي الصامت الحلواني عن أبي جعفر ع قال فضل أمير المؤمنين ع ما جاء به آخذ به و ما نهى عنه أنتهي عنه جرى له من الطاعة بعد رسول الله ص ما لرسول الله ص و الفضل لمحمد ص المتقدم بين يديه كالمتقدم بين يدي الله و رسوله و المتفضل عليه كالمتفضل على رسول الله ص و الراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله فإن رسول الله ص باب الله الذي لا يؤتى إلا منه و سبيله الذي من سلكه وصل إلى الله عز و جل و كذلك كان أمير المؤمنين ع من بعده الخبر

 54-  كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن المعلى عن أبي داود المسترق عن داود الجصاص قال سمعت أبا عبد الله ع يقول وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ قال النجم رسول الله ص و العلامات هم الأئمة

 55-  كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن المعلى عن الوشاء عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر ع في قول الله عز و جل فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ قال رسول الله ص الذكر أنا و الأئمة ع أهل الذكر و قوله عز و جل وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ قال أبو جعفر ع نحن قومه و نحن المسئولون

 56-  كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن المعلى عن ابن أورمة عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً الآية قال عنى بها قريشا قاطبة الذين عادوا رسول الله ص و نصبوا له الحرب و جحدوا وصية وصيه

  -57  كا، ]الكافي[ العدة عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن عبد الله بن بحر عن ابن مسكان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله ع يقول الأئمة بمنزلة رسول الله ص إلا أنهم ليسوا بأنبياء و لا يحل لهم من النساء ما يحل للنبي ص فهم بمنزلة رسول الله ص

 بيان ظاهره اشتراك سائر الخصائص بينه ص و بينهم ع و هو خلاف المشهور و يحتمل أن يكون ذكر النساء على سبيل المثال و المراد جميع الخصائص

 58-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن أبي زاهر عن الخشاب عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله ع قال قال الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ قال الذين آمنوا النبي ص و أمير المؤمنين ع و ذريته الأئمة و الأوصياء صلوات الله عليهم ألحقنا بهم و لم ننقص ذريتهم الحجة التي جاء بها محمد ص في علي صلوات الله عليه و حجتهم واحدة و طاعتهم واحدة

 59-  كا، ]الكافي[ أحمد بن محمد عن محمد بن الحسن عن علي بن إسماعيل عن صفوان عن ابن مسكان عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول قال رسول الله ص نحن في الأمر و الفهم و الحلال و الحرام نجري مجرى واحد فأما رسول الله ص و علي ع فلهما فضلهما

 60-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن الأصبهاني عن المنقري عن حفص عن أبي عبد الله ع قال جاء إبليس إلى موسى بن عمران ع و هو يناجي ربه فقال له ملك من الملائكة ما ترجو منه و هو على هذه الحال يناجي ربه فقال أرجو منه ما رجوت من أبيه آدم و هو في الجنة و كان فيما ناجاه أن قال له يا موسى لا أقبل الصلاة إلا لمن تواضع لعظمتي و ألزم قلبه خوفي و قطع نهاره بذكري و لم يبت مصرا على الخطيئة و عرف حق أوليائي و أحبائي فقال يا رب تعني بأحبائك و أوليائك إبراهيم و إسحاق و يعقوب فقال هم كذلك يا موسى إلا أني أردت من من أجله خلقت آدم و حواء و من من أجله خلقت الجنة و النار فقال موسى و من هو يا رب قال محمد أحمد شققت اسمه من اسمي لأني أنا المحمود فقال موسى يا رب اجعلني من أمته قال أنت يا موسى من أمته إذا عرفته و عرفت منزلته و منزلة أهل بيته إن مثله و مثل أهل بيته و من خلقت كمثل الفردوس في الجنان لا ييبس ورقها و لا يتغير طعمها فمن عرفهم و عرف حقهم جعلت له عند الجهل حلما و عند الظلمة نورا و أجيبه قبل أن يدعو و أعطيه قبل أن يسألني و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة

 61-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ عن عبيد بن كثير عن محمد بن الجنيد عن يحيى بن معلى عن إسرائيل عن جابر الجعفي عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص لما أسري بي إلى السماء قال لي العزيز الجبار يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها و اشتققت لك اسما من أسمائي لا أذكر في مكان إلا ذكرت معي فأنا محمود و أنت محمد ثم اطلعت الثانية اطلاعة فاخترت منها عليا و اشتققت له اسما من أسمائي فأنا الأعلى و هو علي يا محمد خلقتك و خلقت عليا و فاطمة و الحسن و الحسين أشباح نور من نوري و عرضت ولايتكم على السماوات و على الأرضين و من فيهن فمن قبل ولايتكم كان عندي من الأظفرين و من جحدها كان عندي من الكفار يا محمد لو أن عبدا عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم الخبر

 62-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ابن عبدوس عن ابن قتيبة عن حمدان بن سليمان عن الهروي عن الرضا ع في خبر طويل قال إن آدم ع لما أكرمه الله تعالى بإسجاد ملائكته و بإدخال الجنة قال في نفسه هل خلق الله بشرا أفضل مني فعلم الله عز و جل ما وقع في نفسه فناداه ارفع رأسك يا آدم فانظر إلى ساق عرشي فرفع آدم ع رأسه فنظر إلى ساق العرش فوجد عليه مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين و زوجته فاطمة سيدة نساء العالمين و الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة فقال آدم ع يا رب من هؤلاء فقال عز و جل هؤلاء من ذريتك و هم خير منك و من جميع خلقي و لولاهم ما خلقتك و لا خلقت الجنة و النار و لا السماء و الأرض فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد فأخرجك عن جواري فنظر إليهم بعين الحسد و تمنى منزلتهم فتسلط عليه الشيطان حتى أكل من الشجرة التي نهى عنها و تسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة ع بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم فأخرجهما الله عز و جل عن جنته و أهبطهما عن جواره إلى الأرض

  أقول سيأتي أخبار كثيرة في فضله ص في كتاب الإمامة و أبواب فضائل أصحاب الكساء و فضائل أمير المؤمنين ع

 63-  ب، ]قرب الإسناد[ ابن عيسى عن البزنطي عن الرضا ع أنه ع كتب إليه قال أبو جعفر ع لا يستكمل عبد الإيمان حتى يعرف أنه يجري لآخرهم ما يجري لأولهم في الحجة و الطاعة و الحلال و الحرام سواء و لمحمد ص و أمير المؤمنين فصلهما

 64-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ فيما بين الرضا ع عند المأمون من فضل العترة الطاهرة قال الذكر رسول الله ص و نحن أهله و ذلك بين في كتاب الله حيث يقول الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ فالذكر رسول الله ص و نحن أهله

 65-  مع، ]معاني الأخبار[ الطالقاني عن الجلودي عن عبد الله بن محمد عن العبسي عن محمد بن هلال عن نائل بن نجيح عن عمرو بن شمر عن جابر قال سألت أبا جعفر ع عن قول الله عز و جل كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها قال أما الشجرة فرسول الله ص و فرعها علي ع و غصن الشجرة فاطمة بنت رسول الله ص و ثمرها أولادها ع و ورقها شيعتنا ثم قال ع إن المؤمن من شيعتنا ليموت فيسقط من الشجرة ورقة و إن المولود من شيعتنا ليولد فتورق الشجرة ورقة

 أقول سيأتي مثله بأسانيد في كتاب الإمامة

  -66  ك، ]إكمال الدين[ الهمداني عن علي عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن موسى ع عن آبائه ع قال قال رسول الله ص أنا سيد من خلق الله و أنا خير من جبرئيل و إسرافيل و حملة العرش و جميع الملائكة المقربين و أنبياء الله المرسلين و أنا صاحب الشفاعة و الحوض الشريف و أنا و علي أبوا هذه الأمة من عرفنا فقد عرف الله و من أنكرنا فقد أنكر الله عز و جل و من علي سبطا أمتي و سيدا شباب أهل الجنة الحسن و الحسين و من ولد الحسين أئمة تسعة طاعتهم طاعتي و معصيتهم معصيتي تاسعهم قائمهم و مهديهم

 67-  شف، ]كشف اليقين[ من كتاب الإمامة عن بيدار بن عاصم عمن حدثه عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال لما خلق الله العرش خلق ملكين فاكتنفاه فقال اشهدا أن لا إله إلا أنا فشهدا ثم قال اشهدا أن محمدا رسول الله فشهدا ثم قال اشهدا أن عليا أمير المؤمنين فشهدا

 68-  إرشاد القلوب، عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ص يقول افتخر إسرافيل على جبرائيل فقال أنا خير منك قال و لم أنت خير مني قال لأني صاحب الثمانية حملة العرش و أنا صاحب النفخة في الصور و أنا أقرب الملائكة إلى الله تعالى قال جبرائيل ع أنا خير منك فقال بما أنت خير مني قال لأني أمين الله على وحيه و أنا رسوله إلى الأنبياء و المرسلين و أنا صاحب الخسوف و القذوف و ما أهلك الله أمة من الأمم إلا على يدي فاختصما إلى الله تعالى فأوحى إليهما اسكتا فو عزتي و جلالي لقد خلقت من هو خير منكما قالا يا رب أ و تخلق خيرا منا و نحن خلقنا من نور قال الله تعالى نعم و أوحي إلى حجب القدرة انكشفي فانكشفت فإذا على ساق العرش الأيمن مكتوب لا إله إلا الله محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين خير خلق الله فقال جبرائيل يا رب فإني أسألك بحقهم عليك إلا جعلتني خادمهم قال الله تعالى قد جعلت فجبرائيل من أهل البيت و إنه لخادمنا

 69-  فس، ]تفسير القمي[ الحسين بن محمد عن المعلى عن بسطام بن مرة عن إسحاق بن حسان عن الهيثم بن واقد عن علي بن الحسين العبدي عن سعد الإسكاف عن الأصبغ أنه سأل أمير المؤمنين ع عن قول الله عز و جل سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فقال مكتوب على قائمة العرش قبل أن يخلق الله السماوات و الأرضين بألفي عام لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله فاشهدوا بهما و أن عليا ع وصي محمد ص

 70-  شف، ]كشف اليقين[ من كتاب الإمامة عن هشام بن سالم عن الحارث بن المغيرة النضري قال حول العرش كتاب جليل مسطور إني أنا الله لا إله إلا أنا محمد رسول الله علي أمير المؤمنين

 71-  صح، ]صحيفة الرضا عليه السلام[ عن الرضا عن آبائه ع قال قال رسول الله ص إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة و أمرنا بإسباغ الوضوء و أن لا ننزي حمارا على عتيقة و لا نمسح على خف

 72-  جع، ]جامع الأخبار[ لي، ]الأمالي للصدوق[ ماجيلويه عن عمه عن أحمد بن هلال عن الفضل بن دكين عن معمر بن راشد قال سمعت أبا عبد الله ع يقول أتى يهودي النبي ص فقام بين يديه يحد النظر إليه فقال يا يهودي حاجتك قال أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلمه الله و أنزل عليه التوراة و العصا و فلق له البحر و أظله بالغمام فقال له النبي ص إنه يكره للعبد أن يزكي نفسه و لكني أقول إن آدم ع لما أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما غفرت لي فغفرها الله له و إن نوحا لما ركب في السفينة و خاف الغرق قال اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما أنجيتني من الغرق فنجاه الله عنه و إن إبراهيم ع لما ألقي في النار قال اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما أنجيتني منها فجعلها الله عليه بردا و سلاما و إن موسى ع لما ألقى عصاه و أوجس في نفسه خيفة قال اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما أمنتني فقال الله جل جلاله لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى يا يهودي إن موسى لو أدركني ثم لم يؤمن بي و بنبوتي ما نفعه إيمانه شيئا و لا نفعته النبوة يا يهودي و من ذريتي المهدي إذا خرج نزل عيسى ابن مريم لنصرته و قدمه و صلى خلفه

 ج، ]الإحتجاج[ عن معمر مثله

  -73  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد عن الصدوق عن هاني بن محمد عن أبيه عن محمد بن أحمد بن بطة عن أبيه عن محمد بن عبد الوهاب عن أبي الحارث الفهري عن عبد الله بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن أبي زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله ص لما أكل آدم من الشجرة رفع رأسه إلى السماء فقال أسألك بحق محمد إلا رحمتني فأوحى الله إليه و من محمد فقال تبارك اسمك لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك قدرا ممن جعلت اسمه مع اسمك فأوحى الله إليه يا آدم إنه لآخر النبيين من ذريتك فلو لا محمد ما خلقتك

 74-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن عيسى بن عبد الله العلوي عن أبيه عن جده عن علي ع قال الكلمات التي تلقاها آدم من ربه قال يا رب أسألك بحق محمد لما تبت علي قال و ما علمك بمحمد قال رأيته في سرادقك الأعظم مكتوبا و أنا في الجنة

 أقول سيأتي جل الأخبار في ذلك في كتاب الإمامة

 75-  ب، ]قرب الإسناد[ الطيالسي عن فضيل بن عثمان قال سمعت أبا عبد الله ع يقول اتقوا الله و عظموا الله و عظموا رسوله و لا تفضلوا على رسول الله ص أحدا فإن الله تبارك و تعالى قد فضله الخبر

  -76  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن عبد الله بن محمد بن أخي حماد الكاتب عن الحسين بن عبد الله قال قلت لأبي عبد الله ع كان رسول الله صلى الله عليه و آله سيد ولد آدم فقال كان و الله سيد من خلق الله و ما برأ الله برية خيرا من محمد ص

 77-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحجال عن حماد عن أبي عبد الله ع و ذكر رسول الله ص فقال قال أمير المؤمنين ما برأ الله نسمة خيرا من محمد ص

 78-  كا، ]الكافي[ علي بن محمد عن سهل عن محمد بن الوليد عن يونس بن يعقوب عن سنان بن طريف عن أبي عبد الله ع قال أنا أول أهل بيت نوه الله بأسمائنا إنه لما خلق السماوات و الأرض أمر مناديا فنادى أشهد أن لا إله إلا الله ثلاثا أشهد أن محمدا رسول الله ثلاثا أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا ثلاثا

 79-  كا، ]الكافي[ علي بن محمد و غيره عن سهل عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي عن مالك بن إسماعيل المهدي عن عبد السلام بن حارث عن سالم بن أبي حفصة عن أبي جعفر ع قال كان في رسول الله ص ثلاثة لم تكن في أحد غيره لم يكن له في‏ء و كان لا يمر في طريق فيمر فيه بعد يومين أو ثلاثة إلا عرف أنه قد مر فيه لطيب عرفه و كان لا يمر بحجر و لا شجر إلا سجد له

 بيان العرف بالفتح الريح الطيبة و سيأتي في بعض الأخبار أن بعض الأصحاب رأوا بعض الأئمة ع بلا في‏ء فيمكن أن يكون دوام ذلك من خواصه ص أو يكون الحصر إضافيا بالنسبة إلى غيرهم ع

  -80  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله ع في خطبة له خاصة يذكر فيها حال النبي ص و الأئمة ع و صفاتهم فلم يمنع ربنا لحلمه و أناته و عطفه ما كان من عظيم جرمهم و قبيح أفعالهم أن انتجب لهم أحب أنبيائه إليه و أكرمهم عليه محمد بن عبد الله ص في حومة العز مولده و في دومة الكرم محتدة غير مشوب حسبه و لا ممزوج نسبه و لا مجهول عند أهل العلم صفته بشرت به الأنبياء في كتبها و نطقت به العلماء بنعتها و تأملته الحكماء بوصفها مهذب لا يداني هاشمي لا يوازي أبطحي لا يسامي شيمته الحياء و طبيعته السخاء مجبول على أوقار النبوة و أخلاقها مطبوع على أوصاف الرسالة و أحلامها إلى أن انتهت به أسباب مقادير الله إلى أوقاتها و جرى بأمر الله القضاء فيه إلى نهاياتها أداه محتوم قضاء الله إلى غاياتها تبشربه كل أمة من بعدها و يدفعه كل أب إلى أب من ظهر إلى ظهر لم يخلطه في عنصره سفاح و لم ينجسه في ولادته نكاح من لدن آدم ع إلى أبيه عبد الله في خير فرقة و أكرم سبط و أمنع رهط و أكلأ حمل و أودع حجر اصطفاه الله و ارتضاه و اجتباه و آتاه من العلم مفاتيحه و من الحكم ينابيعه ابتعثه رحمة للعباد و ربيعا للبلاد و أنزل الله إليه الكتاب فيه البيان و التبيان قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ قد بينه للناس و نهجه بعلم قد فصله و دين قد أوضحه و فرائض قد أوجبها و حدود حدها للناس و بينها و أمور قد كشفها لخلقه و أعلنها فيها دلالة إلى النجاة و معالم تدعو إلى هداه فبلغ رسول الله ص ما أرسل به و صدع بما أمر و أدى ما حمل من أثقال النبوة و صبر لربه و جاهد في سبيله و نصح لأمته و دعاهم إلى النجاة و حثهم على الذكر و دلهم على سبيل الهدى بمناهج و دواع أسس للعباد أساسها و منار رفع لهم أعلامها كيلا يضلوا من بعده و كان بهم رءوفا رحيما

  بيان حومة البحر و الرمل و القتال و غيره معظمه و أشد موضع منه و دومة الشي‏ء بالضم و الفتح أصله و كذا المحتد بكسر التاء الأصل و حتد بالمكان أقام به و لعل المراد بالأول نسل إبراهيم أو هاشم و بالثاني مكة شرفها الله أو الأول إبراهيم ع و الثاني هاشم أو هما مكة و الأول أظهر و المراد بالحسب إما الأخلاق الكريمة أو الأنساب الشريفة أو هما معا قوله بنعتها الضمير راجع إلى العلماء و الإضافة إلى الفاعل و كذا الفقرة التالية لها قوله لا يداني على بناء المجهول أي لا يدانيه في الكمال أحد و كذا لا يوازي و لا يسامي و المساماة المفاخرة و الشيمة بالكسر الخلق و أوقار النبوة أثقالها كناية عن الشرائط العظيمة التي لا تكون النبوة بدونها أي صارت تلك الأخلاق جبلته و طبعه و عليها خلق و أحلامها عقولها أو جمع الحلم في مقابلة السفه و الخرق قوله ع إلى أوقاتها الضمير راجع إلى المقادير أي أوصلته أسباب مقادير الله إلى أوقات حصول ما قدر فيه من وجوده أو وفاته و انقضاء مدته و الأول أظهر و كذا ضمير نهاياتها و غاياتها راجعان إلى القضاء أو المقادير و قوله تبشر به استئناف أو عطف بيان للجمل السابقة قوله نكاح أي باطل من أنكحة الجاهلية و السبط بالكسر ولد الولد و القبيلة العظيمة و الكلاءة الحفظ و الحراسة و الحجر حجر عبد المطلب و أبي طالب و نهجه بالتخفيف أي أوضحه و قوله بعلم إما متعلق بقوله بينه أو حال عن الكتاب و المستتر في قوله و فصله و قرائنه إما راجع إلى الله أو الرسول أو الكتاب قوله فيها أي في تلك الأمور و قوله معالم إما مرفوع معطوف على دلالة أو مجرور معطوف على النجاة و يمكن أن يقرأ هداة بالتاء و الضمير أظهر و يقال صدع بالحجة إذا تكلم بها جهارا و المراد بالذكر إما القرآن أو الأعم و الضمير في قوله أساسها راجع إلى المناهج و الدواعي و المراد بالتأسيس إما الوضع أو الإحكام و الإتقان و بسبيل الهدى منهج الشرع و بالمناهج و الدواعي أوصياؤه صلوات الله عليهم و المراد بالتأسيس نصب الأدلة على خلافتهم و يمكن أن يراد بالمناهج الأئمة و بالدواعي الأدلة على وجوب متابعتهم و كذا المنار كناية عن الأئمة ع و رفع الأعلام عن نصب الأدلة

  -81  كا، ]الكافي[ ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول اللهم صل على محمد صفيك و خليلك و نجيك المدبر لأمرك

 82-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحسين بن إبراهيم القزويني عن محمد بن وهبان عن علي بن جيش عن العباس بن محمد بن الحسين عن أبيه عن صفوان بن يحيى عن الحسين بن أبي غندر عن المفضل عن أبي عبد الله ع قال ما بعث الله نبيا أكرم من محمد ص و لا خلق الله قبله أحدا و لا أنذر الله خلقه بأحد من خلقه قبل محمد فذلك قوله تعالى هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى و قال إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ فلم يكن قبله مطاع في الخلق و لا يكون بعده إلى أن تقوم الساعة في كل قرن إلى أن يرث الله الأرض و من عليها

 بيان قوله ع و لا خلق الله قبله أحدا أي هو أول المخلوقات كما مرت الأخبار الكثيرة في ذلك قوله ع و لا أنذر الله خلقه بأحد من خلقه قبل محمد ص أي كان منذرا في عالم الذر فكان إنذاره قبل كل أحد و الاستشهاد بالآية الأولى إما بحملها على أن المراد بها أن هذا أي محمدا ص من جملة النذر السابقة و ليس إنذاره مختصا بهذا الزمان أو بحملها على أن المعني بها إنما أنت منذر للنذر الأولى في عالم الذر بأن تكون كلمة من للتعليل كقوله تعالى مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أو بمعنى على كقوله تعالى وَ نَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ

 و يؤيد الوجهين ما رواه الصفار بإسناده إلى علي بن معمر عن أبيه قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله تبارك و تعالى هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى قال يعني به محمدا حيث دعاهم إلى الإقرار بالله في الذر الأول

و بالآية الثانية لأن مفادها على المشهور بين المفسرين إنما أنت منذر و هاد لكل قوم فيكون هاديا للأنبياء و أممهم و يحتمل أن يكون غرضه ع حصر الإنذار فيه ص أي لم يكن من أنذر قبله منذرا حقيقة و إنما المنذر و المطاع على الإطلاق هو ص كما يدل عليه آخر الخبر فالاستشهاد بالآية الأولى إما بحملها على الأخير من المعنيين فإنه لما كان منذرا للنذر فهو المنذر للجميع حقيقة و إنما كانوا نوابه في الإنذار كما أن من بعده من الأوصياء كذلك أو بحملها على أن المراد به الحصر أي هذا منذر حسب من جملة من يسمون بالنذر من الأنبياء السابقة و بالثانية بحملها على أن قوله وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ من قبيل عطف الجملة على الجملة و يكون المراد بالجزء الأول حصر الإنذار فيه ص على سبيل القلب أي ليس المنذر إلا أنت و أما غيرك فهم هادون من قبلك أو على الوجه الذي قررناه في الوجه الأول و لعله أقل تكلفا هذا ما خطر بالبال في حل هذا الخبر الذي حير الأفهام و الله يعلم أسرار أئمة الأنام. و قال الصدوق رحمه الله في الهداية يجب أن يعتقد أن النبوة حق كما اعتقدنا أن التوحيد حق و أن الأنبياء الذين بعثهم الله مائة ألف نبي و أربعة و عشرون ألف نبي جاءوا بالحق من عند الحق و أن قولهم قول الله و أمرهم أمر الله و طاعتهم طاعة الله و معصيتهم معصية الله و أنهم لم ينطقوا إلا عن الله عز و جل و عن وحيه و أن سادة الأنبياء خمسة الذين عليهم دارت الرحى و هم أصحاب الشرائع و هم أولو العزم نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد صلوات الله عليه و عليهم و أن محمدا سيدهم و أفضلهم و أنه جاءَ بِالْحَقِّ وَ صَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ و أن الذين آمَنُوا بِهِ وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ و يجب أن يعتقد أن الله تبارك و تعالى لم يخلق خلقا أفضل من محمد ص و من بعده الأئمة صلوات الله عليهم و أنهم أحب الخلق إلى الله عز و جل و أكرمهم عليه و أولهم إقرارا به لما أخذ الله ميثاق النبيين في الذر وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى و أن الله بعث نبيه ص إلى الأنبياء ع في الذر و أن الله أعطى ما أعطى كل نبي على قدر معرفته نبينا ص و سبقه إلى الإقرار به و نعتقد أن الله تبارك و تعالى خلق جميع ما خلق له و لأهل بيته صلوات الله عليهم و أنه لولاهم ما خلق الله السماء و الأرض و لا الجنة و لا النار و لا آدم و لا حواء و لا الملائكة و لا شيئا مما خلق صلوات الله عليهم أجمعين

 83-  كا، ]الكافي[ العدة عن سهل و أحمد بن محمد جميعا عن ابن محبوب عن إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص لو أهدي إلي كراع لقبلت و كان ذلك من الدين و لو أن كافرا أو منافقا أهدى إلي وسقا ما قبلت و كان ذلك من الدين أبى الله تعالى لي زبد المشركين و المنافقين و طعامهم

 بيان هذا الخبر يدل على حرمة هدية المشركين عليه ص فيكون من خصائصه كما ذكره ابن شهرآشوب و يدل عليه خبر آخر سيأتي في باب قصة صديقه قبل البعثة و لم يذكره الأكثر لما اشتهر من أنه ص قبل هدية النجاشي و المقوقس و أكيدر بل كسرى أيضا كما رواه الصدوق في الفقيه عن ثوير بن أبي فاختة عن أبيه عن علي ع قال أهدى كسرى للنبي ص فقبل منه و أهدى قيصر للنبي ص فقبل منه و أهدت له الملوك فقبل منهم. فقيل إنه كان حراما فنسخ و يحتمل أن يكون الحرمة مع عدم المصلحة في قبولها مع أنه يحتمل أن يكون هؤلاء الذين قبل ص هديتهم كانوا أسلموا و لم يظهروا إسلامهم لقومهم تقية كما هو الظاهر من أحوال النجاشي لكن هذا في بعضهم ككسرى بعيد قال في النهاية فيه أنا لا نقبل زبد المشركين الزبد بسكون الباء الرفد و العطاء قال الخطابي يشبه أن يكون هذا الحديث منسوخا لأنه قد قبل هدية غير واحد من المشركين أهدى له المقوقس مارية و البغلة أهدى له أكيدر دومة فقبل منهما و قيل إنما رد هديته ليغيظه بردها فيحمله ذلك على الإسلام و قيل ردها لأن للهدية موضعا من القلب و لا يجوز عليه أن يميل بقلبه إلى مشرك فردها قطعا لسبب الميل و ليس ذلك مناقضا لقبوله هدية النجاشي و المقوقس و أكيدر لأنهم أهل الكتاب انتهى

 84-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ الحسين بن سعيد و أحمد بن الحسن معنعنا عن أبي جعفر محمد بن علي ع قوله تعالى الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ قال يراك حين تقوم بأمره و تقلبك في أصلاب الأنبياء نبي بعد نبي

 85-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ علي بن محمد بن علي بن عمر الزهري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال قام رسول الله ص فينا خطيبا فقال الحمد لله على آلائه و بلائه عندنا أهل البيت و أستعين الله على نكبات الدنيا و موبقات الآخرة و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أني محمدا عبده و رسوله أرسلني برسالته إلى جميع خلقه لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ و اصطفاني على جميع العالمين من الأولين و الآخرين أعطاني مفاتيح خزائنه كلها و استودعني سره و أمرني بأمره فكان القائم و أنا الخاتم و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم و اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ و اعلموا أن الله بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مُحِيطٌ و أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ أيها الناس إنه سيكون بعدي قوم يكذبون علي فلا تقبلوا منهم ذلك و أمور يأتي من بعدي يزعم أهلها أنها عني و معاذ الله أن أقول على الله إلا حقا فما أمرتكم إلا بما أمرني به و لا دعوتكم إلا إليه وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ قال فقام إليه عبادة بن الصامت فقال متى ذلك يا رسول الله و من هؤلاء عرفناهم لنحذرهم فقال أقوام قد استعدوا للخلافة من يومهم هذا و سيظهرون لكم إذا بلغت النفس مني هاهنا و أومأ بيده إلى حلقه فقال له عبادة بن الصامت إذا كان كذلك فإلى من يا رسول الله قال فإذا كان ذلك فعليكم بالسمع و الطاعة للسابقين من عترتي فإنهم يصدونكم عن البغي و يهدونكم إلى الرشد و يدعونكم إلى الحق فيحيون كتابي و سنتي و حديثي و يموتون البدع و يقمعون بالحق أهلها و يزولون مع الحق حيث ما زال فلن يخيل إلي أنكم تعملون و لكني محتج عليكم إذا أنا أعلمتكم ذلك فقد أعلمتكم أيها الناس إن الله تبارك و تعالى خلقني و أهل بيتي من طينة لم يخلق منها أحدا غيرنا فكنا أول من ابتدأ من خلقه فلما خلقنا فتق بنورنا كل ظلمة و أحيا بنا كل طينة طيبة و أمات بنا كل طينة خبيثة ثم قال هؤلاء خيار خلقي و حملة عرشي و خزان علمي و سادة أهل السماء و الأرض هؤلاء الأبرار المهتدون المهتدي بهم من جاءني بطاعتهم و ولايتهم أولجته جنتي و كرامتي و من جاءني بعداوتهم و البراءة منهم أولجته ناري و ضاعفت عليه عذابي وَ ذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ ثم قال نحن أهل الإيمان بالله ملاكه و تمامه حقا حقا و بنا سدد الأعمال الصالحة و نحن وصية الله في الأولين و الآخرين و إن منا الرقيب على خلق الله و نحن قسم الله أقسم بنا حيث يقول الله تعالى اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً أيها الناس إنا أهل البيت عصمنا الله من أن نكون مفتونين أو فاتنين أو مفتنين أو كذابين أو كاهنين أو ساحرين أو عائفين أو خائنين أو زاجرين أو مبتدعين أو مرتابين أو صادفين عن الحق منافقين فمن كان فيه شي‏ء من هذه الخصال فليس منا و لا نحن منه و الله منه بري‏ء و نحن منه برآء و من برأ الله منه أدخله جهنم وَ بِئْسَ الْمِهادُ و إنا أهل البيت طهرنا الله من كل نجس فنحن الصادقون إذا نطقوا و العالمون إذا سئلوا و الحافظون لما استودعوا جمع الله لنا عشر خصال لم يجتمعن لأحد قبلنا و لا يكون لأحد غيرنا العلم و الحلم و الحكم و اللب و النبوة و الشجاعة و الصدق و الصبر و الطهارة و العفاف فنحن كلمة التقوى و سبيل الهدى و المثل الأعلى و الحجة العظمى و العروة الوثقى فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ

  بيان العائف المتكهن قاله الجوهري و قال الزجر العيافة و هو ضرب من التكهن تقول زجرت أنه يكون كذا و كذا و صدف أعرض و سيأتي تفسير سائر الفقرات في كتاب الإمامة

 86-  يب، ]تهذيب الأحكام[ محمد بن أحمد بن يحيى عن الحسن بن علي بن عبد الله عن ابن فضال عن مروان عن عمار الساباطي قال كنا جلوسا عند أبي عبد الله ع بمنى فقال له رجل ما تقول في النوافل فقال فريضة قال ففزعنا و فزع الرجل فقال أبو عبد الله ع إنما أعني صلاة الليل على رسول الله ص إن الله يقول وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ

 87-  كا، ]الكافي[ أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن علي بن حديد عن مرازم عن أبي عبد الله ع قال إن الله كلف رسول الله ما لم يكلف أحدا من خلقه كلفه أن يخرج على الناس كلهم وحده بنفسه إن لم يجد فئة تقاتل معه و لم يكلف هذا أحدا من خلقه قبله و لا بعده ثم تلا هذه الآية فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ثم قال و جعل الله له أن يأخذ له ما أخذ لنفسه فقال عز و جل مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها و جعلت الصلاة على رسول الله ص بعشر حسنات

 88-  ختص، ]الإختصاص[ عن علي بن سويد السائي عن أبي الحسن الأول ع قال ما خلق الله خلقا أفضل من محمد صلى الله عليه و آله و لا خلق خلقا بعد محمد أفضل من علي ع

 89-  ختص، ]الإختصاص[ عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر ع في قول الله تبارك و تعالى  عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً قال يجلسه على العرش

 90-  نهج، ]نهج البلاغة[ اجعل شرائف صلواتك و نوامي بركاتك على محمد عبدك و رسولك الخاتم لما سبق و الفاتح لما انغلق و المعلن الحق بالحق و الدافع جيشات الأباطيل و الدامغ صولات الأضاليل كما حمل فاضطلع قائما بأمرك مستوفزا في مرضاتك غير ناكل عن قدم و لا واه في عزم واعيا لوحيك حافظا على عهدك ماضيا على نفاذ أمرك حتى أورى قبس القابس و أضاء الطريق للخابط و هديت به القلوب بعد خوضات الفتن و الإثم و أقام موضحات الأعلام و نيرات الأحكام فهو أمينك المأمون و خازن علمك المخزون و شهيدك يوم الدين و بعيثك بالحق و رسولك إلى الخلق

 تبيين الخاتم لما سبق أي الوحي و الرسالة و الفاتح لما انغلق يقال انغلق و استغلق إذا عسر فتحه أي فتح ما انغلق و أبهم على الناس من مسائل الدين و التوحيد و الشرائع و السبيل إلى الله تعالى و المعلن الحق بالحق أي مظهر الدين بالمعجزات أو بالحرب و الخصومة يقال حاق فلانا فحقه أي خاصمه فغلبه أو بالبيان الواضح أو بعضه ببعض فإن بالأصول تظهر الفروع أو بمعونة الحق تعالى و الجيشات جمع جيشة من جاشت القدر إذا ارتفع غليانها و الأباطيل جمع باطل على غير قياس أي دافع ثوران الباطل و فتن المشركين و ما كانت عادة لهم من الغارات و الحروب و الدامغ المهلك من دمغه إذا شجه حتى بلغ الدماغ و فيه الهلاك و الأضاليل أيضا جمع ضال على غير قياس و الصولة الحملة و الوثبة و السطوة قوله ع كما حمل الكاف للتعليل أي صل عليه لذلك أو للتشبيه أي صلاة تشبه و تناسب ما فعل قوله فاضطلع أي قوي على حمله من الضلاعة و هو القوة قوله مستوفزا أي مستعجلا و النكول الرجوع و القدم بالضم التقدم و الإقدام أي لم يرجع عن التقدم في الجهاد و غيره من أمور الدين و الوهي الضعف و تقول وعيت الحديث إذا حفظته و فهمته و مضى في الأمر نفذ أي كان مصرا في إنفاذ أمرك و إجرائه و يقال ورى الزند أي خرجت ناره و أوريته أنا و القبس الشعلة و القابس الذي يطلب النار و المراد بالقبس هنا نور الحق أي أشعل أنوار الدين حتى ظهر الحق للمقتبسين قوله للخابط أي الذي يخبط لو لا ضوء نوره قوله بعد خوضات الفتن خاض الماء دخله أي بعد أن خاضوا في الفتن أطوارا و الأعلام جمع علم و هو ما يستدل به على الطريق من منار و جبل و نحوهما و الموضحات يحتمل الفتح و الكسر كما لا يخفى و نيرات الأحكام أي الأحكام الواضحة الحقة و المأمون تأكيد و المراد بالعلم المخزون الأمور التي لا تتعلق بالتكاليف لأنها لا يخزن عن المكلفين قوله ع و شهيدك أي شاهدك على الخلق قوله و بعيثك أي مبعوثك بالدين الثابت

 91-  نهج، ]نهج البلاغة[ فاستودعهم في أفضل مستودع و أقرهم في خير مستقر تناسختهم كرائم الأصلاب إلى مطهرات الأرحام كلما مضى سلف قام منهم بدين الله خلف حتى أفضت كرامة الله سبحانه إلى محمد ص فأخرجه من أفضل المعادن منبتا و أعز الأرومات مغرسا من الشجرة التي صدع منها أنبياءه و انتجب منها أمناءه عترته خير العتر و أسرته خير الأسر و شجرته خير الشجر نبتت في حرم و بسقت في كرم لها فروع طوال و ثمر لا ينال فهو إمام من اتقى و بصيرة من اهتدى سراج لمع ضوؤه و شهاب سطع نوره و زند برق لمعه سيرته القصد و سنته الرشد و كلامه الفصل و حكمه العدل أرسله على حين فترة من الرسل و هفوة عن العمل و غباوة من الأمم

 بيان قوله ع في أفضل مستودع الظاهر أن المراد بالمستودع و المستقر الأصلاب و الأرحام فيكون ما بعده بيانا له و يحتمل أن يكون المراد محل أرواحهم في عالم الذر قوله تناسختهم أي تناقلتهم قوله حتى أفضت أي انتهت و الأرومة الأصل و يحتمل أن يكون المراد بأفضل المعادن و أعز الأرومات شجرة النبوة و قيل مكة شرفها الله و قيل نسبه و عشيرته و الصدع الشق و العترة أخص من الأسرة و الأسرة الرهط الأدنون و قيل أراد بالشجر في الموضعين إبراهيم ع و قيل أراد هاشما بقرينة قوله نبتت في حرم أي مكة كذا قيل و الأظهر أن تحمل الشجرة ثانيا على نفسه و أهل بيته كما ورد في أخبار كثيرة في تفسير الشجرة الطيبة و المراد بالفروع الأئمة و طولها كناية عن بلوغهم في الشرف و الفضل الغاية البعيدة و المراد بالثمر علومهم و معارفهم و عدم النيل لغموض أسرارها بحيث لا تصل العقول إليها و الزند العود الذي يقدح به النار و القصد الوسط و الاعتدال في الأمور من غير إفراط و تفريط و الفصل الفاصل بين الحق و الباطل و الهفوة الزلة و الغباوة الجهل و قلة الفطنة

 92-  نهج، ]نهج البلاغة[ مستقره خير مستقر و منبته أشرف منبت في معادن الكرامة و مماهد السلامة قد صرفت نحوه أفئدة الأبرار و ثنيت إليه أزمة الأبصار دفن به الضغائن و أطفأ به النوائر ألف به إخوانا و فرق به أقرانا أعز به الذلة و أذل به العزة كلامه بيان و صمته لسان

 بيان يحتمل زائدا على ما تقدم أن يكون المراد بالمستقر المدينة و بالمنبت مكة زادهما الله تعالى شرفا قوله ع و مماهد السلامة قال ابن الميثم المهاد الفراش و لما قال في معادن و هي جمع معدن قال بحكم القرينة و الازدواج و مماهد و إن لم يكن الواحد منها ممهدا كما قالوا الغدايا و العشايا و مأجورات و مأزورات و نحو ذلك و يعني بالسلامة هاهنا البراءة من العيوب أي في نسب طاهر غير مأبون و لا معيب و يحتمل أن يراد بمعادن الكرامة و مماهد السلامة مكة و المدينة فإنهما محل العبادة و السلامة من عذابه و الفوز بكرامته و يحتمل أن يراد بمماهد السلامة ما نشأ عليه من مكارم الأخلاق الممهدة للسلامة من سخط الله قوله و ثنيت أي عطفت و صرفت قوله دفن به أي أخفى و أذهب و الضغائن جمع ضغينة و هي الحقد و النوائر جمع نائرة و هي العداوة و المراد بالذلة ذلة الإسلام و بالعزة عزة الشرك قوله ع و صمته لسان فيه وجهان أحدهما أنه كان يسكت عما لا ينبغي من القول فيعلم الناس السكوت عما لا يعنيهم و ثانيهما أن سكوته ص عن بعض أفعال الصحابة و عدم النهي عنها كان تقريرا لها و دليلا على الإباحة

 93-  نهج، ]نهج البلاغة[ حتى أورى قبسا لقابس و أنار علما لحابس فهو أمينك و شهيدك يوم الدين و بعيثك نعمة و رسولك بالحق رحمة اللهم اقسم له مقسما من عدلك و اجزه مضاعفات الخير من فضلك اللهم أعل على بناء البانين بناءه و أكرم لديك نزله و شرف عندك منزله و آته الوسيلة و أعطه السناء و الفضيلة و احشرنا في زمرته غير خزايا و لا نادمين و لا ناكبين و لا ناكثين و لا ضالين و لا مفتونين

 بيان الحابس الواقف في مكانه الذي حبس ناقته ضلالا فهو يخبط و لا يدري كيف يهتدي و المراد ببنائه قواعد دينه أو كمالاته و النزل بالضم ما يهيأ للضيف

 94-  نهج، ]نهج البلاغة[ اختاره من شجرة الأنبياء و مشكاة الضياء و ذؤابة العلياء و سرة البطحاء و مصابيح الظلمة و ينابيع الحكمة

 95-  نهج، ]نهج البلاغة[ و أشهد أن محمدا نجيب الله و سفير وحيه و رسول رحمته

 96-  نهج، ]نهج البلاغة[ و أشهد أن محمدا عبده و سيد عباده كلما نسخ الله الخلق فرقتين جعله في خيرهما لم يسهم فيه عاهر و لا ضرب فيه فاجر

 بيان النسخ الإزالة و التغيير استعير هنا للقسمة لأنها إزالة للمقسوم و تغيير له و العاهر الزاني و يطلق على الذكر و الأنثى و كذلك الفاجر. تذنيب أقول قد ذكر علماؤنا رضي الله عنهم بعض خصائصه ص في كتبهم و جمعها العلامة رحمه الله في كتاب التذكرة فلنورد ملخص ما ذكروه رحمهم الله قال في التذكرة فأما الواجبات عليه دون غيره من أمته أمور الأول السواك الثاني الوتر الثالث الأضحية

 روي عنه ص أنه قال ثلاث كتب علي و لم يكتب عليكم السواك و الوتر و الأضحية

 و في حديث آخر كتب علي الوتر و لم يكتب عليكم و كتب علي السواك و لم يكتب عليكم و كتبت علي الأضحية و لم تكتب عليكم

و تردد الشافعي في وجوب السواك عليه ص. الرابع قيام الليل لقوله تعالى وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ و إن أشعر لفظ النافلة بالسنة و لكنها في اللغة الزيادة و لأن السنة جبر للفريضة و كان ص معصوما من النقصان في الفرائض و اختلف الشافعية فقال بعضهم كان ذلك واجبا عليه و قال بعضهم كان واجبا عليه و على أمته فنسخ. أقول ذكر الوتر مع قيام الليل يشتمل على تكرار ظاهرا و الأصل فيه أن العامة رووا حديثا عن عائشة أن النبي ص قال ثلاث علي فريضة و لكم سنة الوتر و السواك و قيام الليل و لذا جمعوا بينهما تبعا للرواية كما يظهر من شارح الوجيزة و تبعهم أصحابنا رضوان الله عليهم. و قال الشهيد الثاني قدس سره اعلم أن بين قيام الليل و بين الوتر الواجبين عليه مغايرة العموم و الخصوص المطلق لأن قيام الليل بالتهجد يحصل بالوتر و بغيره فلا يلزم من وجوبه وجوبه و أما الوتر فلما كان من العبادات الواقعة بالليل فهو من جملة التهجد بل أفضله فقد يقال إن إيجابه يغني عن إيجاب قيام الليل و جوابه أن قيام الليل و إن تحقق بالوتر لكن مفهومه مغاير لمفهومه لأن الواجب من القيام لما كان يتأدى به و بغيره و بالكثير منه و القليل كان كل فرد يأتي به منه موصوفا بالوجوب لأنه أحد أفراد الواجب الكلي و هذا القدر لا يتأدى بإيجاب الوتر خاصة و لا يفيد فائدته فلا بد من الجمع بينهما. ثم قال في التذكرة الخامس قضاء دين من مات معسرا لقوله ص من مات و خلف مالا فلورثته و من مات و خلف دينا أو كلا فعلي و إلى هذا مذهب الجمهور و قال بعضهم كان ذلك كرما منه و هذا اللفظ لا يمكن حمله على الضمان لأن من صحح ضمان المجهول لم يصحح على هذا الوجه و للشافعية وجهان في أن الإمام هل يجب عليه قضاء دين المعسر إذا مات و كان في بيت المال سعة تزيد على حاجة الأحياء لما في إيجابه من الترغيب في اقتراض المحتاجين. السادس مشاورة أولي النهى لقوله تعالى وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ و قيل إنه لم يكن واجبا عليه بل أمر لاستمالة قلوبهم و هو المعتمد فإن عقل النبي ص أوفر من عقول كل البشر.

  السابع إنكار المنكر إذا رآه و إظهاره لأن إقراره على ذلك يوجب جوازه فإن الله تعالى ضمن له النصر و الإظهار. الثامن كان عليه تخيير نسائه بين مفارقته و مصاحبته بقوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَ أُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا وَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً و الأصل فيه أن النبي ص آثر لنفسه الفقر و الصبر عليه فأمر بتخيير نسائه بين مفارقته و اختيار زينة الدنيا و بين اختياره و الصبر على ضر الفقر لئلا يكون مكرها لهن على الضر و الفقر هذا هو المشهور و للشافعية وجه في التخيير لم يكن واجبا عليه و إنما كان مندوبا و المشهور الأول ثم إن رسول الله ص لما خيرهن اخترنه و الدار الآخرة فحرم الله تعالى على رسوله التزويج عليهن و التبدل بهن من أزواج ثم نسخ ذلك ليكون المنة لرسول الله ص بترك التزوج عليهن بقوله تعالى إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ قالت عائشة إن النبي ص لم يمت حتى أحل له النساء تعني اللاتي حظرن عليه و قال أبو حنيفة إن التحريم باق لم ينسخ و قد روي أن بعض نساء النبي ص طلبت منه حلقة من ذهب فصاغ لها حلقة من فضة و طلاها بالزعفران فقالت لا أريد إلا من ذهب فاغتم النبي ص لذلك فنزلت آية التخيير. و قيل إنما خيره لأنه لم يمكنه التوسعة عليهن فربما يكون فيهن من يكره المقام معه فنزهه عن ذلك.

 و روي أن النبي ص كان يطالب بأمور لا يملكها و كان نساؤه يكثرن مطالبته حتى قال عمر كنا معاشر المهاجرين متسلطين على نسائنا بمكة و كانت نساء الأنصار متسلطات على الأزواج فاختلط نساؤنا فيهن فتخلقن بأخلاقهن و كلمت امرأتي يوما فراجعتني فرفعت يدي لأضربها و قلت أ تراجعيني يا لكعاء فقالت إن نساء رسول الله ص يراجعنه و هو خير منك فقلت خابت حفصة و خسرت ثم أتيت حفصة و سألتها فقالت إن رسول الله ص قد يظل على بعض نسائه طول نهاره غضبان فقلت لا تغتري بابنة أبي قحافة فإنها حبة رسول الله ص يحمل منها ما لا يحمل منك و قال عمر كنت قد ناوبت رجلا من الأنصار حضور مجلس رسول الله ص ليخبر كل واحد منا صاحبه فيما يجري فقرع الأنصاري باب الدار يوما فقلت أ جاءنا غسان و كان قد أخبرنا بأن غسان تنعل خيولها لتغزونا فقال أمر أفظع من ذلك طلق رسول الله ص جميع نسائه فخرجت من البيت و رأيت أصحاب رسول الله ص يبكون حوله و هو جالس و كان أنس على البيت فقلت استأذن لي فلم يجب فانصرفت فنازعتني نفسي و عاودت فلم يجب حتى فعلت ذلك ثلاثا فسمع رسول الله ص صوتي فأذن فدخلت فرأيته نائما على حصير من الليف فاستوى و أثر الليف في جنبيه فقلت إن قيصر و كسرى يفرشان الديباج و الحرير فقال أ في شك أنت يا عمر أ ما علمت أنها لهم في الدنيا و لنا في الآخرة ثم قصصت عليه القصة فابتسم لما سمع قولي لحفصة لا تغتري بابنة أبي قحافة ثم قلت طلقت نساءك فقال لا

 و روي أنه كان آلى من نسائه شهرا فمكث في غرفة شهرا فنزل قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ الآية فبدأ رسول الله ص بعائشة و قال إني ملق إليك أمرا فلا تبادريني بالجواب حتى تؤامري أبويك و تلا الآية فقالت أ فيك أؤامر أبوي اخترت الله و رسوله و الدار الآخرة ثم قالت لا تخبر أزواجك بذلك و كانت تريد أن يخترن فيفارقهن رسول الله ص فدار ص على نسائه و كان يخبرهن بما جرى لعائشة فاخترن بأجمعهن الله و رسوله

و هذا التخيير عند العامة كناية في الطلاق و عندنا أنه ليس له حكم. و قال الشهيد الثاني و الشيخ علي رحمهما الله هذا التخيير عند العامة القائلين بوقوع الطلاق بالكناية كناية عن الطلاق و قال بعضهم إنه صريح فيه و عندنا ليس له حكم بنفسه بل ظاهر الآية أن من اختارت الحياة الدنيا و زينتها يطلقها لقوله تعالى إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَ أُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا. أقول سيأتي القول فيه في بابه. ثم قال في التذكرة و أما المحرمات فقسمان الأول ما حرم عليه خاصة في غير النكاح و هو أمور الأول الزكاة المفروضة صيانة لمنصبه العلي عن أوساخ أموال الناس التي تعطى على سبيل الترحم و تنبئ عن ذل الآخذ و أبدل بالفي‏ء الذي يؤخذ على سبيل القهر و الغلبة المنبئ عن عز الآخذ و ذل المأخوذ منه و يشركه في حرمتها أولو القربى لكن التحريم عليهم بسببه أيضا فالخاصة عائدة إليه قال رسول الله ص إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة. أقول قال الشهيد الثاني رحمه الله بعد ذكر هذا الوجه مع أنها لا تحرم عليهم مطلقا بل من غير الهاشمي مع وفاء نصيبهم من الخمس بكفايتهم و أما عليه ص فإنها تحرم مطلقا و لعل هذا أولى من الجواب السابق لأن ذاك مبني على مساواتهم له في ذلك كما تراه العامة فاشتركوا في ذلك الجواب و الجواب الثاني مختص بقاعدتنا. رجعنا إلى كلام التذكرة الثاني الصدقة المندوبة الأقرب تحريمها على رسول الله ص لما تقدم و هو أحد قولي الشافعي تعظيما له و تكريما و في الثاني يجوز و حكم الإمام عندنا حكم النبي ص. الثالث أنه كان ص لا يأكل الثوم و البصل و الكراث و هل كان محرما عليه الأقرب لا و للشافعية وجهان لكنه كان يمتنع منها لئلا يتأذى بها من يناجيه من الملائكة

 روي أنه ص أتي بقدر فيها بقول فوجد لها ريحا فقربها إلى بعض أصحابه و قال له كل فإني أناجي من لا تناجي

الرابع أنه ص كان لا يأكل متكئا

 روي أنه ص قال أنا آكل كما تأكل العبيد و أجلس كما تجلس العبيد

و هل كان ذلك محرما عليه أو مكروها كما في حق الأمة الأقرب الثاني و للشافعي وجهان. الخامس يحرم عليه الخط و الشعر تأكيدا لحجته و بيانا لمعجزته قال الله تعالى وَ لا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ و قال تعالى وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ و قد اختلف في أنه ص كان يحسنهما أم لا و أصح قولي الشافعي الثاني و إنما يتجه التحريم على الأول. السادس كان ص إذا لبس لأمة الحرب يحرم عليه نزعها حتى يلقى العدو و يقاتل قال ص ما كان لنبي إذا لبس لأمته أن ينزعها حتى يلقى العدو و هو المشهور عند الشافعية و لهم وجه أنه كان مكروها لا محرما. السابع كان ص إذا ابتدأ بتطوع حرم عليه تركه قبل إتمامه و فيه خلاف. الثامن كان يحرم أن يمد عينيه إلى ما متع الله به الناس قال الله تعالى لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ الآية. التاسع كان يحرم عليه خائنة الأعين قال ص ما كان لنبي أن يكون له خائنةالأعين و فسروها بالإيماء إلى مباح من ضرب أو قتل على خلاف ما يظهر و يشعر به الحال و إنما قيل له خائنة الأعين لأنه سبب الخيانة من حيث إنه يخفى و لا يحرم ذلك على غيره إلا في محظور و بالجملة أن يظهر خلاف ما يضمر و طرد بعض الفقهاء ذلك في مكايدة الحروب و هو ضعيف و قد صح أن رسول الله ص كان إذا أراد سفرا ورى بغيره. العاشر اختلفوا في أنه هل كان يحرم عليه أن يصلي على من عليه دين أم لا على قولين. الحادي عشر اختلفوا في أنه هل كان يجوز أن يصلي على من عليه دين مع وجود الضامن. الثاني عشر لم يكن له أن يمن ليستكثر قال الله تعالى وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ أي لا تعط شيئا لتنال أكثر منه قال المفسرون إنه كان من خواصه ص. الثاني ما حرم عليه خاصة في النكاح و هو أمور الأول إمساك من تكره نكاحه و ترغب عنه لأنه ص نكح امرأة ذات جمال فلقنت أن تقول لرسول الله صلى الله عليه و آله أعوذ بالله منك و قيل لها إن هذا الكلام يعجبه فلما قالت ذلك قال ص لقد استعذت بمعاذ و طلقها. و للشافعية وجه غريب إن كان لا يحرم إمساكها لكن فارقها تكرما منه و مات رسول الله ص عن تسع نسوة عائشة و حفصة و أم سلمة بنت ابن أمية المخزومي و أم حبيبة بنت أبي سفيان و ميمونة بنت الحارث الهلالية و جويرية بنت الحارث الخزاعية و سودة بنت زمعة و صفية بنت حي بن أخطب الخيبرية و زينب بنت جحش و جميع من تزوج بهن خمسة عشر و جمع بين إحدى عشرة و دخل بثلاث عشرة و فارق امرأتين في حياته إحداهما الكلبية و هي التي رأى بكشحها بياضا فقال لها

  ألحقي بأهلك و الأخرى التي تعوذت منه و قال أبو عبيد تزوج رسول الله ص ثماني عشرة امرأة و اتخذ من الإماء ثلاثا. الثاني نكاح الكفار عندنا لا يصح للمسلم على الأقوى لقوله تعالى وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ و قال وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ و قال بعض علمائنا إنه يصح و هو مذهب جماعة من العامة فعندنا التحريم بطريق الأولى ثابت في حق النبي ص و اختلف في مشروعيته له من جوز من العامة في حق الأمة على قولين أحدهما المنع لقوله ص زوجاتي في الدنيا زوجاتي في الآخرة و الجنة محرمة على الكافرين و لأنه أشرف من أن يضع ماءه في رحم كافرة و الله تعالى أكرم زوجاته إذ جعلهن أمهات المؤمنين و الكافرة لا تصلح لذلك لأن هذه أسوة الكرامة و لقوله تعالى إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ و لقوله كل سبب و نسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي و نسبي و ذلك لا يصح في الكافرة. و الثاني الجواز لأن ذبائحهم له حلال فكذلك نساؤهم و المقدمة الأولى ممنوعة فإن ذبائح أهل الكتاب عندنا محرمة و أما نكاح الأمة فلم يجز له بلا خلاف بين الأكثر و أما وطء الأمة فكان سائغا له مسلمة كانت أو كتابية لقوله تعالى أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ و قوله تعالى وَ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ و لم يفصل و ملك ص مارية القبطية و كانت مسلمة و ملك صفية و هي مشركة فكانت عنده إلى أن أسلمت فأعتقها و تزوجها و جوز بعضهم نكاح الأمة المسلمة له ص بالعقد كما يجوز بالملك و النكاح أوسع منه من الأمة و لكن الأكثر على المنع لأن نكاح الأمة مشروط بالخوف من العنت و النبي ص معصوم و بفقدان طول الحرة و نكاحه ص مستغني عن المهر ابتداء و انتهاء و بأن من نكح أمة كان ولده منها رقيقا عند جماعة و منصب النبي ص منزه عن ذلك لكن من جوز له نكاح الأمة قال خوف العنت إنما يشترط في حق الأمة و منع من اشتراط فقدان الطول و أما رق الولد فقد التزم بعض الشافعية وجها مستبعدا فيه بذلك و الصحيح خلافه لأنه عندنا يتبع أشرف الطرفين. و أما التخفيفات فقسمان الأول ما يتعلق بغير النكاح و هي أمور الأول الوصال في الصوم كان مباحا للنبي ص و حرام على أمته و معناه أنه يطوي الليل بلا أكل و شرب مع صيام النهار لا أن يكون صائما لأن الصوم في الليل لا ينعقد بل إذا دخل الليل صار الصائم مفطرا إجماعا فلما نهى النبي ص أمته عن الوصال قيل له إنك تواصل فقال إني لست كأحدكم إني أظل عند ربي يطعمني و يسقيني. و في رواية إني أبيت عند ربي فيطعمني و يسقيني قيل معناه يسقيني و يغذيني بوحيه. و قال الشهيد الثاني نور الله ضريحه الوصال يتحقق بأمرين أحدهما الجمع بين الليل و النهار عن تروك الصوم بالنية و الثاني تأخير عشائه إلى سحوره بالنية كذلك بحيث يكون صائما مجموع ذلك الوقت و الوصال بمعنييه محرم على أمته

  و مباح له ص ثم نقل كلام التذكرة و قال ليس بجيد لأن الأكل بالليل ليس بواجب و قد صرح به هو في المنتهى فقال لو أمسك عن الطعام يومين لا بنية الصيام بل بنية الإفطار فيه فالأقوى عدم التحريم و على ما ذكره هنا لا فرق بينه ص و بين غيره بل المراد الصوم فيهما معا بالنية فإن هذا حكم مختص به محرم على غيره. أقول ما ذكره رحمه الله هو المطابق لكلام الأكثر لكن الأخبار الواردة في تفسيره تقتضي التحريم مطلقا و أيضا لو كان المراد مع النية فلا وجه للتخصيص بهذين الفردين بل الظاهر أنه لو نوى دخول ساعة من الليل مثلا في الصوم كان تشريعا محرما و سيأتي تمام القول في ذلك في كتاب الصوم إن شاء الله تعالى. ثم قال في التذكرة الثاني اصطفاء ما يختاره من الغنيمة قبل القسمة كجارية حسنة و ثوب مترفع و فرس جواد و غير ذلك و يقال لذلك الذي اختاره الصفي و الصفية و الجمع الصفايا و من صفاياه صفية بنت حيي اصطفاها و أعتقها و تزوجها و ذو الفقار. الثالث خمس الفي‏ء و الغنيمة كان لرسول الله ص الاستبداد به و أربعة أخماس الفي‏ء كانت له أيضا. الرابع أبيح له دخول مكة بغير إحرام خلافا لأمته فإنه محرم عليهم على خلاف. الخامس أبيحت له و لأمته كرامة له الغنائم و كانت حراما على من قبله من الأنبياء بل أمروا بجمعها فتنزل نار من السماء فتأكلها و إنه كان يقضي لنفسه و في غيره خلاف و أن يحكم لنفسه و لولده و أن يشهد لنفسه و لولده و أن يقبل شهادة من شهد له. السادس أبيح له أن يحمي لنفسه الأرض لرعي ماشيته و كان حراما على من قبله من الأنبياء ع و الأئمة بعده ليس لهم أن يحموا لأنفسهم. و قال المحقق الثاني رحمه الله في شرح القواعد و هذا عندنا مشترك بينه و بين الأئمة ع و قول المصنف رحمه الله في التذكرة و الأئمة بعده ليس لهم أن يحموا لأنفسهم ليس جاريا على مذهبنا. ثم قال في التذكرة السابع أبيح له أن يأخذ الطعام و الشراب من المالك و إن اضطر إليها لأن حفظه لنفسه الشريفة أولى من حفظ نفس غيره و عليه البذل و الفداء بمهجته مهجة رسول الله ص لأنه ص أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. و قال المحقق في شرح القواعد و ينبغي أن يكون الإمام كذلك كما يرشد إليه التعليل و لم أقف على تصريح في ذلك. ثم قال في التذكرة الثامن كان لا ينتقض وضوؤه بالنوم و به قال الشافعية و حكى أبو العباس منهم وجها آخر غريبا و كذلك حكى وجهين في انتقاض وضوئه باللمس. التاسع كان يجوز له أن يدخل المسجد جنبا و منعه بعض الشافعية و قال لا إخاله صحيحا. العاشر قيل إنه كان يجوز له أن يقتل من آمنه و هو غلط فإنه من يحرم عليه خائنة الأعين كيف يجوز له قتل من آمنه. الحادي عشر قيل إنه كان يجوز له لعن من شاء من غير سبب يقتضيه لأن لعنه رحمة و استبعده الجماعة و روى أبو هريرة أن النبي ص قال اللهم إني أتخذ عندك عهدا لن تخلفه إنما أنا بشر فأي المؤمنين آذيته بتهمة و لعنة فاجعلها له صلاة و زكاة و قربة يتقرب بها إليك يوم القيامة و هو عندنا باطل لأنه معصوم لا يجوز منه لعن الغير و سبه بغير سبب و الحديث لو سلم إنما هو لسبب.

  و من التخفيفات ما يتعلق بالنكاح و هي أمور الأول الزيادة على أربع نسوة فإنه ص مات عن تسع و هل كان له الزيادة على تسع الأولى الجواز لامتناع الجور عليه و للشافعية وجهان هذا أصحهما و الثاني المنع و أما انحصار طلاقه في الثلاث فالوجه في ذلك كما في حق الأمة و هو أحد وجهي الشافعية و الثاني العدم كما لم ينحصر عدد زوجاته ص. الثاني العقد بلفظ الهبة لقوله تعالى وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ فلا يجب المهر حينئذ بالعقد و لا بالدخول لا ابتداء و لا انتهاء كما هو قضية الهبة و هو أظهر وجهي الشافعية و الثاني المنع كما في حق الأمة و على الأول هل يشترط لفظ النكاح من جهة النبي ص للشافعية وجهان أحدهما نعم لظاهر قوله تعالى أَنْ يَسْتَنْكِحَها و الثاني لا يشترط في حق الواهبة و هل ينعقد نكاحه بمعنى الهبة حتى لا يجب المهر ابتداء و لا انتهاء وجهان للشافعية و لهم وجه غريب أنه يجب المهر في حق الواهبة و خاصية النبي ص ليست في إسقاط المهر بل في الانعقاد بلفظ الهبة. الثالث كان إذا رغب ص في نكاح امرأة فإن كانت خلية فعليها الإجابة و يحرم على غيره خطبتها و للشافعية وجه أنه لا يحرم و إن كانت ذات زوج وجب على الزوج طلاقها لينكحها لقضية زيد و لعل السر فيه من جانب الزوج امتحان إيمانه و اعتقاده بتكليفه النزول عن أهله و من جانب النبي ص ابتلاؤه ببلية البشرية و منعه من خائنة الأعين و من الإضمار الذي يخالف الإظهار كما قال تعالى وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ و لا شي‏ء أدعى إلى غض البصر و حفظه لمجاريه الاتفاقية من هذا التكليف و ليس هذا من باب التخفيفات كما قاله الفقهاء بل هو في حقه غاية التشديد إذ لو كلف بذلك آحاد الناس لما فتحوا أعينهم في الشوارع خوفا من ذلك و لهذا قالت عائشة لو كان ص يخفي آية لأخفى هذه. الرابع انعقاد نكاحه بغير ولي و شهود و هو عندنا ثابت في حقه ص و حق أمته إذ لا نشترط نحن ذلك و للشافعية وجهان. الخامس انعقاد نكاحه في الإحرام و للشافعية فيه وجهان أحدهما الجواز لما روي أنه ص نكح ميمونة محرما و الثاني المنع كما لم يحل له الوطء في الإحرام و المشهور عندهم أنه نكح ميمونة حلالا. السادس هل كان يجب عليه القسم بين زوجاته بحيث إذا باتت عند واحدة منهن ليلة وجب عليه أن يبيت عند الباقيات كذلك أم لا يجب قال الشهيد الثاني رحمه الله اختلف العلماء في ذلك فقال بعضهم لا يجب عليه ذلك لقوله تعالى تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَ تُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَ مَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ و معنى ترجي تؤخر

  و تترك إيواءه إليك و مضاجعته بقرينة قسيمه و هو قوله وَ تُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ أي تضمه إليك و تضاجعه ثم لا يتعين ذلك عليك بل لك بعد الإرجاء أن تبتغي ممن عزلت ما شئت و تؤويه إليك و هذا ظاهر في عدم وجوب القسمة عليه ص حتى روي أن بعد نزول الآية ترك القسمة لجماعة من نسائه و آوى إليه جماعة منهن معينات و قال آخرون بل تجب القسمة عليه كغيره لعموم الأدلة الدالة عليها و لأنه لم يزل يقسم بين نسائه حتى كان يطاف به و هو مريض عليهن و يقول هذا قسمي فيما أملك و أنت أعلم بما لا أملك يعني قبله ص و المحقق رحمه الله استضعف الاستدلال بالآية على عدم وجوب القسمة بأنه كما يحتمل أن يكون المشية في الإرجاء و الإيواء لجميع نسائه يحتمل أن يكون متعلقا بالواهبات أنفسهن خاصة فلا يكون دليلا على التخيير مطلقا و حينئذ فيكون اختيار قول ثالث و هو وجوب القسمة لمن تزوجهن بالعقد و عدمها لمن وهبت نفسها و في هذا عندي نظر لأن ضمير الجمع المؤنث في قوله تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ و اللفظ العام في قوله وَ مَنِ ابْتَغَيْتَ لا يصح عوده للواهبات لأنه لم يتقدم ذكر الهبة إلا لامرأة واحدة و هي قوله وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها فوحد ضمير الهبة في مواضع من الآية ثم عقبه بقوله تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ فلا يحسن عوده إلى الواهبات إذ لم يسبق لهن ذكر على وجه الجمع بل إلى جميع الأزواج المذكورات في هذه الآية و هي قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَ بَناتِ عَمِّكَ وَ بَناتِ عَمَّاتِكَ وَ بَناتِ خالِكَ وَ بَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ الآية ثم عقبها بقوله تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ الآية و هذا هو ظاهر في عود ضمير النسوة المخير فيهن إلى من سبق من أزواجه جمع و أيضا فإن النبي ص لم يتزوج بالهبة إلا امرأة واحدة على ما ذكره المحدثون و المفسرون و هو المناسب لسياق الآية فكيف يجعل ضمير الجمع عائدا إلى الواهبات و ليس له منهن إلا واحدة ثم لو تنزلنا و سلمنا جواز عوده إلى الواهبات لما جاز حمله عليه بمجرد الاحتمال مع وجود اللفظ العام الشامل لجميعهن و أيضا فإن غاية الهبة أن تزويجه ص يجوز بلفظ الهبة من جانب المرأة أو من الطرفين و ذلك لا يخرج الواهبة عن أن تكون زوجة فيلحقها ما يلحق غيرها من أزواجه لا أنها تصير بسبب الهبة بمنزلة الأمة و حينئذ فتخصيص الحكم بالواهبات لا وجه له أصلا و أما فعله ص فجاز كونه بطريق التفضل و الإنصاف و جبر القلوب كما قال الله تعالى ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَ لا يَحْزَنَّ وَ يَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ انتهى كلامه رحمه الله. و رجعنا إلى كلام التذكرة السابع أنه كان يجوز للنبي ص تزويج المرأة ممن شاء بغير إذن وليها و تزويجها من نفسه و تولي الطرفين من غير إذن وليهما و هل كان يجب عليه نفقة زوجاته وجهان لهم بناء على الخلاف في المهر و كانت المرأة تحل له بتزويج الله تعالى قال سبحانه في قصة زيد فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها و قيل إنه نكحها بمهر و حملوا زَوَّجْناكَها على إحلال الله تعالى له نكاحها و أعتق صلى الله عليه و آله صفية رضي الله عنها و تزوجها و جعل عتقها صداقها و هو ثابت عندنا في حق أمته و جوز بعض الشافعية له الجمع بين المرأة و عمتها أو خالتها و أنه كان يجوز له الجمع بين الأختين و كذا في الجمع بين الأم و بنتها و هو عندنا بعيد لأن خطاب الله تعالى يدخل فيه النبي ص. و أما الفضل و الكرامات فقسمان الأول في النكاح و هو أمور الأول تحريم زوجاته على غيره قال الشهيد الثاني قدس الله سره من جملة خواصه ص تحريم أزواجه من بعده على غيره لقوله تعالى وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً و هي متناولة بعمومها لمن مات عنها من أزواجه سواء

  كانت مدخولا بها أم لا لصدق الزوجية عليهما و لم يمت ص عن زوجة في عصمته إلا مدخولا بها و نقل المحقق الإجماع على تحريم المدخول بها و الخلاف في غيرها ليس بجيد لعدم الخلاف أولا و عدم الفرض الثاني ثانيا و إنما الخلاف فيمن فارقها في حياته بفسخ أو طلاق كالتي وجد بكشحها بياضا و المستعيذة فإن فيه أوجها أصحها عندنا تحريمها مطلقا لصدق نسبة زوجيتها إليه ص بعد الفراق في الجملة فيدخل في عموم الآية و الثاني أنها لا تحرم مطلقا لأنه يصدق في حياته أن يقال ليست زوجته الآن و لإعراضه ص عنها و انقطاع اعتنائه بها. و الثالث إن كانت مدخولا بها حرمت و إلا فلا لما روي أن الأشعث بن قيس نكح المستعيذة في زمان عمر فهم برجمها فأخبر أن النبي ص فارقها قبل أن يمسها فخلاها و لم ينكر عليه أحد من الصحابة.

 و روى الكليني في الحسن عن عمر بن أذينة في حديث طويل إن النبي ص فارق المستعيذة و امرأة أخرى من كندة قالت لما مات ولده إبراهيم لو كان نبيا ما مات ابنه فتزوجتا بعده بإذن الأولين و إن أبا جعفر ع قال ما نهى الله عز و جل عن شي‏ء إلا و قد عصى فيه لقد نكحوا أزواج رسول الله ص من بعده و ذكر هاتين العامرية و الكندية ثم قال أبو جعفر ع لو سألتم عن رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها أ تحل لابنه لقالوا لا فرسول الله أعظم حرمة من آبائهم

 و في رواية أخرى عن زرارة عنه ع نحوه و قال في حديثه و هم يستحلون أن يتزوجوا أمهاتهم و إن أزواج النبي ص في الحرمة مثل أمهاتهم إن كانوا مؤمنين

إذا تقرر ذلك فنقول تحريم أزواجه ص لما ذكرناه من النهي المؤكد عنه في القرآن لا لتسميتهن أمهات المؤمنين في قوله تعالى وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ و لا لتسميته ص والدا لأن ذلك وقع على وجه المجاز لا الحقيقة كناية عن تحريم نكاحهن و وجوب احترامهن و من ثم لم يجز النظر إليهن و لا الخلوة بهن و لا يقال لبناتهن أخوات المؤمنين لأنهن لا يحرمن على المؤمنين فقد زوج رسول الله ص فاطمة ع بعلي ع و أختيها رقية و أم كلثوم عثمان و كذا لا يقال لآبائهن و أمهاتهن أجداد المؤمنين و جداتهم و لا لإخوانهن و أخواتهن أخوال المؤمنين و خالاتهم و للشافعية وجه ضعيف في إطلاق ذلك كله و هو في غاية البعد انتهى. ثم قال رحمه الله في التذكرة الثاني أن أزواجه أمهات المؤمنين سواء فيه من ماتت تحت النبي و من مات النبي ص و هي تحته و ليست الأمومة هنا حقيقة ثم ذكر نحوا مما ذكره الشهيد الثاني رحمه الله في ذلك. الثالث تفضيل زوجاته على غيرهن بأن جعل ثوابهن و عقابهن على الضعف. الرابع لا يحل لغيرهن من الرجال أن يسألهن شيئا إلا من وراء حجاب لقوله تعالى إِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ و أما غيرهن فيجوز أن يسألن مشافهة. الثاني في غير النكاح و هو أمور الأول أنه خاتم النبيين ص. الثاني إن له خير الأمم لقوله تعالى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ تكرمة له ص و تشريفا. الثالث نسخ جميع الشرائع بشريعته. الرابع جعل شريعته مؤبدة. الخامس جعل كتابه معجزا بخلاف كتب سائر الأنبياء ع. السادس حفظ كتابه عن التبديل و التغيير و أقيم بعده حجة على الناس و معجزات غيره من الأنبياء انقرضت بانقراضهم. السابع نصر بالرعب على مسيرة شهر فكان العدو يرهبه من مسيرة شهر. الثامن جعلت له الأرض مسجدا و ترابها طهورا. التاسع أحلت له الغنائم دون غيره من الأنبياء ع. العاشر يشفع في أهل الكبائر لقوله ص ذخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي. الحادي عشر بعث إلى الناس عامة. الثاني عشر سيد ولد آدم يوم القيامة. الثالث عشر أول من تنشق عنه الأرض. الرابع عشر أول شافع و مشفع. الخامس عشر أول من يقرع باب الجنة. السادس عشر أكثر الأنبياء تبعا. السابع عشر أمته معصومة لا تجتمع على الضلالة. أقول قال المحقق في شرح القواعد في عد هذا من الخصائص نظر لأن الحديث غير معلوم الثبوت و أمته ص مع دخول المعصوم ع فيهم لا تجتمع على ضلالة لكن باعتبار المعصوم فقط و لا دخل لغيره في ذلك و بدونه هم كسائر الأمم على أن الأمم الماضين مع أوصياء أنبيائهم كهذه الأمة مع المعصوم فلا اختصاص. ثم قال في التذكرة الثامن عشر صفوف أمته كصفوف الملائكة. التاسع عشر تنام عينه و لا ينام قلبه. العشرون كان يرى من ورائه كما يرى من قدامه بمعنى التحفظ و الحس و كذلك قوله ص تنام عيناي و لا ينام قلبي. الحادي و العشرون كان تطوعه بالصلاة قاعدا كتطوعه قائما و إن لم يكن عذر و في حق غيره ذلك على النصف من هذا. الثاني و العشرون مخاطبة المصلي بقوله السلام عليك و رحمة الله و بركاته و لا يخاطب سائر الناس. الثالث و العشرون يحرم على غيره رفع صوته على صوت النبي. الرابع و العشرون يحرم على غيره نداؤه من وراء الحجرات للآية. الخامس و العشرون نادى الله تعالى الأنبياء و حكى عنهم بأسمائهم فقال تعالى يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا أَنْ يا إِبْراهِيمُ يا نُوحُ و ميز نبينا ص بالنداء بألقابه الشريفة فقال تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ يا أَيُّهَا الرَّسُولُ يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ و لم يذكر اسمه في القرآن إلا في أربعة مواضع شهد له فيها بالرسالة لافتقار الشهادة إلى ذكر اسمه فقال مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ و كان يحرم أن ينادى باسمه

  فيقول يا محمد يا أحمد و لكن يقول يا نبي الله يا رسول الله يا خيرة الله إلى غير ذلك من صفاته الجليلة. السادس و العشرون كان يستشفى به. السابع و العشرون كان يتبرك ببوله و دمه. الثامن و العشرون من زنى بحضرته أو استهان به كفر. التاسع و العشرون يجب على المصلي إذا دعاه يجيبه و لا تبطل صلاته و للشافعية وجه أنه لا يجب و تبطل به الصلاة. الثلاثون كان أولاد بناته ينسبون إليه و أولاد بنات غيره لا ينسبون إليه لقوله ص كل سبب و نسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي و نسبي و قيل معناه أنه لا ينتفع يومئذ بسائر الأنساب و ينتفع بالنسبة إليه ص. مسألة قال ص سموا باسمي و تكنوا بكنيتي و اختلفوا فقال الشافعي إنه ليس لأحد أن يكنى بأبي القاسم سواء كان اسمه محمدا أو لم يكن و منهم من حمله على كراهة الجمع بين الاسم و الكنية و جوزوا الإفراد و هو الوجه لأن الناس لم يزالوا بكنيته ص يكنون في جميع الأعصار من غير إنكار انتهى.

 و يؤيد ما اختاره رحمه الله ما رواه الكليني و الشيخ عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع أن النبي ص نهى عن أربع كنى عن أبي عيسى و عن أبي الحكم و عن أبي مالك و عن أبي القاسم إذا كان الاسم محمدا

أقول هذا جملة ما ذكره أصحابنا و أكثر مخالفينا من خصائصه ص و لم نتعرض للكلام عليها و إن كان لبعضها مجال للقول فيه لقلة الجدوى و لأنا أوردنا من الأخبار في هذا الباب و غيره ما يظهر به جلية الحال لمن أراد الاطلاع عليه و الله الموفق للسداد