باب 12- غزوة أحد و غزوة حمراء الأسد

 الآيات آل عمران وَ إِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَ اللَّهُ وَلِيُّهُما وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَ لَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا وَ يَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ وَ ما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَ لِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ‏ءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ و قال تعالى وَ لا تَهِنُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَ لِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَمْحَقَ الْكافِرِينَ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَ الصَّابِرِينَ وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَ سَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ  إلى قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَ هُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَ مَأْواهُمُ النَّارُ وَ بِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ وَ لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَ تَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَ عَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَ لَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا ما أَصابَكُمْ وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَ طائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْ‏ءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْ‏ءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَ لِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَ لِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَ لَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَ ما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَ اللَّهُ يُحْيِي وَ يُمِيتُ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَ لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَ إِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ وَ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ

   إلى قوله تعالى أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ وَ ما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَ لِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَ قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَ قَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ وَ أَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَ اتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَ اتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَ خافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ النساء فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا و قال تعالى وَ لا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَ تَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً الأنفال إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ تفسير قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى وَ إِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ أي اذكر يا محمد إذ خرجت من المدينة غدوة تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ أي تهيئ  للمؤمنين مواطن القتال أو تجلسهم و تقعدهم في مواضع القتال ليقفوا فيها و لا يفارقوها و اختلف في أي يوم كان ذلك فقيل يوم أحد عن ابن عباس و أكثر المفسرين و هو المروي عن أبي جعفر ع و قيل كان يوم الأحزاب عن مقاتل و قيل يوم بدر عن الحسن وَ اللَّهُ سَمِيعٌ لما يقوله النبي ص عَلِيمٌ بما يضمرونه إِذْ هَمَّتْ أي عزمت طائِفَتانِ مِنْكُمْ أي من المسلمين أَنْ تَفْشَلا أي تجبنا و هما بنو سلمة و بنو حارثة حيان من الأنصار عن ابن عباس و أكثر المفسرين و عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع و قال الجبائي نزلت في طائفة من المهاجرين و طائفة من الأنصار و كان سبب همهم بالفشل أن عبد الله بن أبي سلول دعاهما إلى الرجوع إلى المدينة عن لقاء المشركين يوم أحد فهما به و لم يفعلاه وَ اللَّهُ وَلِيُّهُما أي ناصرهما و يروى عن جابر بن عبد الله أنه قال فينا نزلت و ما أحب أنها لم تكن لقوله وَ اللَّهُ وَلِيُّهُما و قال بعض المحققين هذا هم خطرة لا هم عزيمة لأن الله سبحانه مدحهما و أخبر أنه وليهما و لو كان هم عزيمة لكان ذمهم أولى. أقول ثم روى الطبرسي قصة غزوة أحد عن أبي عبد الله ع مثل ما سيأتي في رواية علي بن إبراهيم ثم قال و روى أبو إسحاق و السدي و الواقدي و ابن جريح و غيرهم قالوا كان المشركون نزلوا بأحد يوم الأربعاء في شوال سنة

   ثلاث من الهجرة و خرج رسول الله ص إليهم يوم الجمعة و كان القتال يوم السبت للنصف من الشهر و كسرت رباعيته ص و شج وجهه ثم رجع المهاجرون و الأنصار بعد الهزيمة و قد قتل من المسلمين سبعون و شد رسول الله بمن معه حتى كشفهم و كان الكفار مثلوا بجماعة و كان حمزة أعظم مثلة و ضربت يد طلحة فشلت. و قال في قوله أَ لَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ هو إخبار بأن النبي ص قال لقومه أ لن يكفيكم يوم بدر أن جعل ربكم ثلاثة آلاف من الملائكة مددا لكم و قيل إن الوعد بالإمداد بالملائكة كان يوم أحد وعدهم الله المدد إن صبروا مُنْزَلِينَ أي من السماء بَلى تصديق بالوعد أي يفعل كما وعدكم و يزيدكم إِنْ تَصْبِرُوا أي على الجهاد و على ما أمركم الله وَ تَتَّقُوا معاصي الله و مخالفة رسوله وَ يَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا أي رجع المشركون إليكم من جهتهم هذا و قيل من غضبهم هذا و كانوا قد غضبوا يوم أحد ليوم بدر مما لقوا فهو من فور الغضب أي غليانه يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ أي يعطكم مددا لكم و نصرة و إنما قال ذلك لأن الكفار في غزاة أحد ندموا بعد انصرافهم لم لم يعبروا على المدينة و هموا بالرجوع فأوحى الله إلى نبيه أن يأمر أصحابه بالتهيؤ للرجوع إليهم و قال لهم إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ثم قال إن صبرتم على الجهاد و راجعتم الكفار أمدكم الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين فأخذوا في الجهاد و خرجوا يتبعون الكفار على ما بهم من الجراح و أخبر المشركون من رسول الله ص أنه يتبعكم فخاف المشركون  إن رجعوا أن تكون الغلبة للمسلمين و أن يكون قد التأم إليهم من كان تأخر عنهم و انضم إليهم غيرهم فدسوا نعيم بن مسعود الأشجعي حتى يصدهم بتعظيم أمر قريش و أسرعوا في الذهاب إلى مكة و كفى الله المسلمين أمرهم و لذلك قال قوم من المفسرين إن جميعهم ثمانية آلاف و قال الحسن إن جميعهم خمسة آلاف منهم ثلاثة آلاف المنزلين على أن الظاهر يقتضي أن الإمداد بثلاثة آلاف كان يوم بدر ثم استأنف حكم يوم أحد فقال بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا وَ يَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا أي إن رجعوا إليكم بعد انصرافكم أمدكم رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ و هذا قول البلخي رواه عن عكرمة قال لم يمدوا يوم أحد و لا بملك واحد و على هذا فلا تنافي بين الآيتين مُسَوِّمِينَ أي معلمين أو مرسلين وَ ما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ أي ما جعل الله الإمداد و الوعد به إلا بشارة لكم وَ لِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ فلا تخافوا كثرة عدد العدو وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ معناه أن الحاجة إلى الله سبحانه لازمة في المعونة و إن أمدكم بالملائكة فلا استغناء لكم عن معونته طرفة عين. و قال البيضاوي و هو تنبيه على أنه لا حاجة في نصرهم إلى مدد و إنما أمدهم و وعد لهم بشارة لهم و ربطا على قلوبهم من حيث إن نظر العامة إلى الأسباب أكثر و أحث على أن لا يبالوا بمن تأخر عنهم. لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا. قال الطبرسي اختلف في وجه اتصاله بما قبله فقيل يتصل بقوله وَ مَا  النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ

 أي أعطاكم الله هذا النصر ليقطع طائفة من الذين كفروا بالقتل و الأسر و قيل هو متصل بقوله وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ و قيل معناه ذلك التدبير لِيَقْطَعَ طَرَفاً أي قطعه منهم و المعنى ليهلك طائفة منهم و قيل ليهدم ركنا من أركان الشرك بالأسر و القتل فأما اليوم الذي وقع فيه ذلك فيوم بدر و قيل هو يوم أحد قتل فيه ثمانية عشر رجلا أَوْ يَكْبِتَهُمْ أي يخزيهم بالخيبة مما أملوا من الظفر بكم و قيل يردهم عنكم منهزمين و قيل يصرعهم على وجوههم و قيل يظفركم عليهم و قيل يلعنهم و قيل يهلكهم فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ لم ينالوا مما أملوا شيئا لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ‏ءٌ قيل هو متصل بقوله وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أي ليس لك و لا لغيرك من هذا النصر شي‏ء و قيل إنه اعتراض بين الكلامين و قوله أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ متصل بقوله لِيَقْطَعَ طَرَفاً فالتقدير ليقطع طرفا منهم أو يكبتهم أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم قد استحقوا العقاب و ليس لك من هذه الأربعة شي‏ء و ذلك إلى الله تعالى. و اختلف في سبب نزوله فروي عن أنس بن مالك و ابن عباس و الحسن و قتادة و الربيع أنه لما كان من المشركين يوم أحد من كسر رباعية الرسول ص و شجه حتى جرت الدماء على وجهه فقال كيف تفلح قوم نالوا هذا من نبيهم و هو مع ذلك حريص على دعائهم إلى ربهم فأعلمه الله سبحانه أنه ليس إليه فلاحهم و أنه ليس إليه إلا أن يبلغ الرسالة و يجاهد حتى يظهر الدين و إنما ذلك إلى الله و كان الذي كسر رباعيته و شجه في وجهه عتبة بن أبي وقاص فدعا عليه بأن لا يحول عليه الحول حتى يموت كافرا فمات كافرا قبل حول الحول و أدمى وجهه رجل من هذيل يقال له عبد الله بن قميئة فدعا عليه فكان حتفه أن سلط الله عليه تيسا فنطحه حتى قتله و روي أنه ص كان يمسح الدم عن وجهه و  يقول اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون فعلى هذا يمكن أن يكون ص على وجل من عنادهم و إصرارهم على الكفر فأخبر سبحانه أنه ليس إليه إلا ما أمر به من تبليغ الرسالة و دعائهم إلى الهدى و ذلك مثل قوله تعالى لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ و قيل إنه ص استأذن ربه تعالى في يوم أحد في الدعاء عليهم فنزلت الآية فلم يدع عليهم بعذاب الاستيصال و إنما لم يؤذن له فيه لما كان المعلوم من توبة بعضهم و قيل أراد رسول الله ص أن يدعو على المنهزمين عنه من أصحابه يوم أحد فنهاه الله عن ذلك و تاب عليهم أي ليس لك أن تلعنهم و تدعو عليهم و قيل

 لما رأى رسول الله ص ما فعل بأصحابه و بعمه حمزة من المثلة من جدع الأنوف و الأذن و قطع المذاكير قال لئن أدالنا الله منهم لنفعلن بهم مثل ما فعلوا و لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط

فنزلت الآية و قيل نزلت في أهل بئر معونة و هم سبعون رجلا من قراء أصحاب رسول الله ص و أميرهم المنذر بن عمرو بعثهم رسول الله ص إلى بئر معونة في صفر سنة أربع من الهجرة على رأس أربعة أشهر من أحد ليعلموا الناس القرآن و العلم فقتلهم جميعا عامر بن الطفيل و كان فيهم عامر بن فهيرة مولى أبي بكر فوجد رسول الله ص من ذلك وجدا شديدا و قنت عليهم شهرا فنزلت و الأصح أنها نزلت في أحد و إنما قال لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ‏ءٌ مع أن له ص أن يدعوهم إلى الله و يؤدي إليهم ما أمره بتبليغه لأن معناه ليس لك شي‏ء من أمر عقابهم أو استيصالهم أو الدعاء عليهم أو لعنهم حتى يقع إنابتهم أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أي يلطف لهم بما يقع معه توبتهم أو يقبل توبتهم إذا تابوا   أَوْ يُعَذِّبَهُمْ إن لم يتوبوا فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ أي يستحقون العذاب بظلمهم. و قال رحمه الله في قوله تعالى وَ لا تَهِنُوا قيل نزلت الآية تسلية للمسلمين لما نالهم يوم أحد من القتل و الجراح عن الزهري و قتادة و ابن نجيح و قيل لما انهزم المسلمون في الشعب و أقبل خالد بن الوليد بخيل المشركين يريد أن يعلو عليهم الجبل فقال النبي ص لا يعلن علينا اللهم لا قوة لنا إلا بك اللهم لا يعبدك بهذه البلدة إلا هؤلاء النفر فأنزل الله الآية و ثاب نفر رماة و صعدوا الجبل و رموا خيل المشركين حتى هزموهم و علا المسلمون الجبل فذلك قوله وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ عن ابن عباس و قيل نزلت الآية بعد يوم أحد حين أمر رسول الله ص أصحابه بطلب القوم و قد أصابهم من الجراح ما أصابهم و قال ص لا يخرج إلا من شهد معنا بالأمس فاشتد ذلك على المسلمين فأنزل الله تعالى هذه الآية عن الكلبي و دليله قوله تعالى وَ لا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ الآية. وَ لا تَهِنُوا أي لا تضعفوا عن قتال عدوكم وَ لا تَحْزَنُوا بما يصيبكم في أموالكم و أبدانكم و قيل لا تضعفوا بما نالكم من الجراح و لا تحزنوا على ما نالكم من المصائب بقتل الإخوان أو لا تهنوا لما نالكم من الهزيمة و لا تحزنوا على ما فاتكم من الغنيمة وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ أي الظافرون المنصورون أو الأعلون في المكان إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ معناه أن من كان مؤمنا يجب أن لا يهن و لا يحزن لثقته بالله أو إن كنتم مصدقين بوعدي لكم بالنصرة و الظفر على عدوكم إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ أي جراح فقد أصاب القوم جراح مثله عن ابن عباس و قيل إن يصبكم ألم و جراحة يوم أحد فقد أصاب القوم ذلك يوم بدر.  و قال أنس بن مالك أتي رسول الله ص بعلي ع يومئذ و عليه نيف و ستون جراحة من طعنة و ضربة و رمية فجعل رسول الله ص يمسحها و هي تلتئم بإذن الله تعالى كأن لم تكن. و عن ابن عباس قال لما كان يوم أحد صعد أبو سفيان الجبل فقال رسول الله ص اللهم إنه ليس لهم أن يعلونا فمكث أبو سفيان ساعة و قال يوما بيوم إن الأيام دول و إن الحرب سجال فقال ص أجيبوه فقالوا لا سواء قتلانا في الجنة و قتلاكم في النار فقال

لنا عزى و لا عزى لكم

 فقال النبي ص

الله مولانا و لا مولى لكم

 فقال أبو سفيان أعل هبل. فقال رسول الله ص الله أعلى و أجل. وَ تِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ أي نصرفها مرة لفرقة و مرة عليها و إنما يصرف الله سبحانه الأيام بين المسلمين و الكفار بتخفيف المحنة على المسلمين أحيانا و تشديدها أحيانا لا بنصرة الكفار عليهم لأن النصرة تدل على المحبة و الله لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ و إنما جعل الله الدنيا منقلبة لكيلا يطمئن المسلم إليها و لتقل رغبته فيها إذ تفنى لذاتها و يظعن مقيمها و يسعى للآخرة التي يدوم نعيمها و إنما جعل الدولة مرة للمؤمنين و مرة عليهم ليدخل الناس في الإيمان على الوجه الذي يجب الدخول فيه لذلك و هو قيام الحجة فإنه  لو كانت الدولة دائما للمؤمنين لكان الناس يدخلون في الإيمان على سبيل اليمن و الفال على أن كل موضع حضرة النبي ص لم يخل من ظفر إما في ابتداء الأمر و إما في انتهائه و إنما لم يستمر ذلك لما بيناه. وَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا تقديره و تلك الأيام نداولها لوجوه من المصالح و ليعلم الذين آمنوا متميزين بالإيمان عن غيرهم و على هذا يكون يعلم بمعنى يعرف لأنه ليس المعنى أنه يعرف الذوات بل المعنى أنه يعلم تميزها بالإيمان و يجوز أن يكون المعنى ليعلم الله الذين آمنوا بما يظهر من صبرهم على جهاد عدوهم أي يعاملهم معاملة من يعرفهم بهذه الحال و قيل معناه و ليعلم أولياء الله الذين آمنوا و إنما أضاف إلى نفسه تفخيما وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ أي ليكرم منكم بالشهادة من قتل يوم أحد أو يتخذ منكم شهداء على الناس بما يكون منهم من العصيان لما لكم في ذلك من جلالة القدر وَ لِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا أي و ليبتلي الله الذين آمنوا أو لينجيهم من الذنوب بالابتلاء وَ يَمْحَقَ الْكافِرِينَ أي ينقصهم أو يهلكهم. أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ المراد به الإنكار أي أ ظننتم أيها المؤمنون أنكم تدخلون الجنة وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَ الصَّابِرِينَ أي و لما يجاهد المجاهدين منكم فيعلم الله جهادهم و يصبر الصابرون فيعلم صبرهم على القتال وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ و ذلك أن قوما ممن فاتهم شهود بدر كانوا يتمنون الموت بالشهادة بعد بدر قبل أحد فلما رأوه يوم أحد أعرض كثير منهم عنه فانهزموا فعاتبهم الله على ذلك مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ الضميران راجعان إلى الموت و المراد أسبابه كالحرب و قيل راجعان إلى الجهاد وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ تأكيد للرؤية أو النظر بمعنى التفكر و قيل معناه و أنتم تنظرون إلى محمد ص و فيه حذف أي فلم انهزمتم وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قال أهل التفسير سبب نزول هذه الآية أنه  لما أرجف بأن النبي ص قتل يوم أحد و أشيع ذلك قال الناس لو كان نبيا لما قتل و قال آخرون نقاتل على ما قاتل عليه حتى نلحق به و ارتد بعضهم و انهزم بعضهم و كان سبب انهزامهم و تضعضعهم إخلال الرماة لمكانهم من الشعب و كان رسول الله ص نهاهم عن الإخلال به و أمر عبد الله بن جبير و هو أخو خوات ابن جبير على الرماة و هم خمسون رجلا و قال لا تبرحوا مكانكم فإنا لن نزال غالبين ما ثبتم بمكانكم و جاءت قريش على ميمنتهم خالد بن الوليد و على ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل و معهم النساء يضربن بالدفوف و ينشدون الأشعار فقالت هند.

نحن بنات طارق. نمشي على النمارق.إن تقبلوا نعانق. أو تدبروا نفارق.فراق غير وامق.

 و كان أبو عامر عبد عمرو بن الصيفي أول من لقيهم بالأحابيش و عبيد أهل مكة فقاتلهم قتالا شديدا و حميت الحرب.

 فقال رسول الله ص من يأخذ بهذا السيف بحقه و يضرب به العبيد حتى ينحني فأخذه أبو دجانة سماك بن خرشة الأنصاري فلما أخذ السيف اعتم بعمامة حمراء و جعل يفتخر و يقول

أنا الذي عاهدني خليلي أن لا أقيم الدهر في الكبول‏أضرب بسيف الله و الرسول

فقال رسول الله ص إنها لمشية يبغضها الله تعالى إلا في هذا الموضع

  ثم حمل النبي ص و أصحابه على المشركين فهزموهم و قتل علي بن أبي طالب ع أصحاب اللواء و أنزل الله نصرته على المسلمين قال الزبير فرأيت هندا و صواحبها هاربات مصعدات في الجبال نادية خدامهن ما دون أخذهن شي‏ء فلما نظرت الرماة إلى القوم قد انكشفوا و رأوا النبي ص و أصحابه ينتهبون الغنيمة أقبلوا يريدون النهب و اختلفوا فقال بعضهم لا نترك أمر رسول الله ص و قال بعضهم ما بقي من الأمر شي‏ء ثم انطلقوا عامتهم و ألحقوا بالعسكر فلما رأى خالد بن الوليد قلة الرماة و اشتغال المسلمين بالغنيمة و رأى ظهورهم خالية صاح في خيله من المشركين و حمل على أصحاب النبي ص من خلفهم فهزموهم و قتلوهم و رمى عبد الله بن قميئة الحارثي رسول الله ص بحجر فكسر أنفه و رباعيته و شجه في وجهه فأثقله و تفرق عنه أصحابه و أقبل يريد قتله فذب مصعب بن عمير و هو صاحب راية رسول الله ص يوم بدر و يوم أحد و كان اسم رايته العقاب عن رسول الله ص حتى قتل مصعب بن عمير قتله ابن قميئة فرجع و هو يرى أنه قتل رسول الله ص و قال إني قتلت محمدا و صاح صائح ألا إن محمدا قد قتل و يقال إن الصائح كان إبليس لعنه الله فانكفأ الناس و جعل رسول الله ص يدعو الناس و يقول إلي عباد الله إلي عباد الله فاجتمع إليه ثلاثون رجلا فحموه حتى كشفوا عنه المشركين و رمى سعد بن أبي وقاص حتى اندقت سية قوسه و أصيبت يد طلحة بن عبيد الله فيبست و أصيبت عين قتادة بن النعمان يومئذ حتى وقعت على وجنته فردها رسول الله ص مكانها فعادت كأحسن ما كانت فلما  انصرف رسول الله ص أدركه أبي بن خلف الجمحي و هو يقول لا نجوت إن نجوت فقال القوم يا رسول الله ألا يعطف عليه رجل منا فقال دعوه حتى إذا دنا منه و كان أبي قبل ذلك يلقى رسول الله ص فيقول عندي رمكة أعلفها كل يوم فرق ذرة أقتلك عليها فقال رسول الله ص بل أنا أقتلك إن شاء الله تعالى فلما كان يوم أحد و دنا منه تناول رسول الله ص الحربة من الحرث بن الصمة ثم استقبله فطعنه في عنقه فخدش خدشة فتدهدأ عن فرسه و هو يخور خوار الثور و هو يقول قتلني محمد فاحتمله أصحابه و قالوا ليس عليك بأس فقال بلى لو كانت هذه الطعنة بربيعة و مضر لقتلتهم أ ليس قال لي أقتلك فلو بزق علي بعد تلك المقالة لقتلني فلم يلبث إلا يوما حتى مات قال و فشا في الناس أن رسول الله ص قد قتل فقال بعض المسلمين ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبي فيأخذ لنا أمانا من أبي سفيان و بعضهم جلسوا و ألقوا بأيديهم و قال أناس من أهل النفاق فالحقوا بدينكم الأول و قال أنس بن النضر عم أنس بن مالك يا قوم إن كان محمد قد قتل فإن رب محمد لم يقتل و ما تصنعون بالحياة بعد رسول الله ص فقاتلوا على ما قاتل عليه رسول الله و موتوا على ما مات عليه ثم قال اللهم إني أعتذر إليك مما يقوله هؤلاء يعني المنافقين و أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء يعني المنافقين ثم شد بسيفه فقاتل حتى قتل ثم إن رسول الله ص انطلق إلى الصخرة و هو يدعو الناس فأول من عرف رسول الله ص كعب بن مالك قال عرفت عينيه تحت المغفر تزهران فناديت بأعلى صوتي يا معاشر المسلمين هذا رسول الله فأشار إلي أن اسكت فانحازت إليه طائفة من أصحابه فلامهم النبي ص على الفرار فقالوا يا رسول الله فديناك بآبائنا و أمهاتنا أتانا الخبر أنك قتلت فرعبت

   قلوبنا فولينا مدبرين فأنزل الله تعالى هذه الآية وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ يعني أنه بشر اختاره الله لرسالته و قد مضت قبله رسل بعثوا فأدوا الرسالة و مضوا و ماتوا و قتل بعضهم و أنه يموت كما ماتت الرسل فليس الموت بمستحيل عليه و لا القتل و قيل أراد أن أصحاب الأنبياء لم يرتدوا عند موتهم أو قتلهم فاقتدوا بهم أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فسمي الارتداد انقلابا على العقب و هو الرجوع القهقرى وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ أي من يرتدد عن دينه فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً بل مضرته عائدة عليه وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ أي المطيعين. قوله تعالى وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ قال البيضاوي أي بمشية الله أو بإذنه لملك الموت و المعنى أن لكل نفس أجلا مسمى في علمه تعالى و قضائه لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ بالإحجام عن القتال و الإقدام عليه كِتاباً مصدر مؤكد أي كتب الموت كتابا مُؤَجَّلًا صفة له أي موقتا لا يتقدم و لا يتأخر وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها تعريض بمن شغلتهم الغنائم يوم أحد وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها أي من ثوابها وَ سَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ الذين شكروا نعمة الله فلم يشغلهم شي‏ء من الجهاد وَ كَأَيِّنْ أصله أي دخلت الكاف عليها و صارت بمعنى كم و النون تنوين أثبت في الخط على غير قياس مِنْ نَبِيٍّ بيان له قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ربانيون علماء أتقياء أو عابدون لربهم و قيل جماعات و الربي منسوب إلى الربة و هي الجماعة للمبالغة فَما  وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فما فتروا و لم ينكسر جدهم لما أصابهم من قتل النبي أو بعضهم وَ ما ضَعُفُوا عن العدو أو في الدين وَ مَا اسْتَكانُوا و ما خضعوا للعدو وَ اللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ فينصرهم و يعظم أمرهم. قوله تعالى إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا قال الطبرسي رحمه الله قيل نزلت في المنافقين إذ قالوا للمؤمنين يوم أحد عند الهزيمة ارجعوا إلى إخوانكم و ارجعوا إلى دينهم عن علي ع و قيل هم اليهود و النصارى و المعنى إن أصغيتم إلى قول اليهود و المنافقين أن محمدا ص قتل فارجعوا إلى عشائركم يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ أي يرجعوكم كفارا كما كنتم فَتَنْقَلِبُوا أي ترجعوا خاسِرِينَ لأنفسكم بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ أي هو أولى بأن تطيعوه و هو أولى بنصرتكم وَ هُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ أي إن اعتد بنصر غيره فهو خير ناصر سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا قال السدي لما ارتحل أبو سفيان و المشركون يوم أحد متوجهين إلى مكة قالوا بئسما صنعنا قتلناهم حتى إذا لم يبق منهم إلا الشريد تركناهم ارجعوا فاستأصلوهم فلما عزموا على ذلك ألقى الله في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عما هموا به فنزلت الآية الرُّعْبَ أي الخوف بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ أي بشركهم به ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً أي برهانا و حجة وَ مَأْواهُمُ أي مستقرهم النَّارُ يعذبون بها وَ بِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ أي النار و روي أن الكفار دخلوا مكة كالمنهزمين مخافة أن يكون لرسول الله ص الكرة عليهم و قال رسول الله ص نصرت بالرعب مسيرة شهر. وَ لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ أي وفى لكم بما وعدكم من النصر على عدوكم في قوله بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا الآية و ذكر ابن عباس و غيره أن الوعد كان يوم أحد لأن المسلمين كانوا يقتلون المشركين حتى أخل الرماة لمكانهم الذي أمرهم الرسول بالقيام عنده فأتاهم خالد بن الوليد من ورائهم و قتل عبد الله بن جبير  و من معه و تراجع المشركون و قتل من المسلمين سبعون رجلا و نادى مناد قتل محمد ثم من الله على المسلمين فرجعوا و في ذلك نزلت الآية فالوعد

 قول النبي ص للرماة لا تبرحوا هذا المكان فإنا لا نزال غالبين ما ثبتم في مكانكم

 إِذْ تَحُسُّونَهُمْ أي تقتلونهم بِإِذْنِهِ أي بعلمه أو بلطفه حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ أي جبنتم عن عدوكم وَ تَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ أي اختلفتم وَ عَصَيْتُمْ أمر نبيكم في حفظ المكان مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ من النصرة على الكفار و هزيمتهم و الغنيمة و أكثر المفسرين على أن المراد بالجميع يوم أحد و قال الجبائي إذ تحسونهم يوم بدر حتى إذا فشلتم يوم أحد و الأول أولى و جواب إذا محذوف و تقديره حتى إذا فعلتم ذلك ابتلاكم و امتحنكم و رفع النصرة عنكم مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا يعني الغنيمة و هم الذين أخلوا المكان الذي رتبهم النبي ص فيه وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ أراد عبد الله بن جبير و من ثبت مكانه ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ فيه وجوه أحدها أنهم كانوا فريقين منهم من عصى بانصرافه و منهم من لم يعص لأنهم قلوا بعد انهزام تلك الفرقة فانهزموا بإذن الله لئلا يقتلوا لأن الله أوجب ثبات المائة للمائتين فإذا نقصوا لا يجب عليهم ذلك فجاز أن يذكر الله الفريقين بأنه صرفهم و عفا عنهم يعني صرف بعضهم و عفا عن بعض عن الجبائي. و ثانيها أن معناه رفع النصر عنكم و وكلكم إلى أنفسكم بخلافكم للنبي ص فانهزمتم عن جعفر بن حرب. و ثالثها أن معناه لم يأمركم بمعاودتهم من فورهم لِيَبْتَلِيَكُمْ بالمظاهرة في الإنعام عليكم و التخفيف عنكم عن البلخي لِيَبْتَلِيَكُمْ أي يعاملكم معاملة المختبر وَ لَقَدْ عَفا عَنْكُمْ أي صفح عنكم بعد أن خالفتم أمر الرسول و قيل عفا عنكم تتبعهم بعد أن أمركم بالتتبع لهم عن البلخي قال لما بلغوا حمراء الأسد عفا عنهم  من ذلك وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أي ذو نعمة و من عليهم بنعم الدنيا و الدين و روى الواقدي عن سهل بن سعد الساعدي قال خرج رسول الله ص يوم أحد و كسرت رباعيته و هشمت البيضة على رأسه و كانت فاطمة بنته ع تغسل عنه الدم و علي بن أبي طالب ع يسكب عليها بالمجن فلما رأت فاطمة ع أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى إذا صار رمادا ألزمته الجرح فاستمسك الدم. إِذْ تُصْعِدُونَ قال البيضاوي متعلق بصرفكم أو ليبتليكم أو بمقدر كاذكر و الإصعاد الذهاب و الإبعاد في الأرض وَ لا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ لا يقف أحد لأحد و لا ينتظره وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ كان يقول إلي عباد الله إلي عباد الله أنا رسول الله من يكر فله الجنة. فِي أُخْراكُمْ في ساقتكم و جماعتكم الآخرين فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا ما أَصابَكُمْ عطف على صرفكم و المعنى فجازاكم الله على فشلكم و عصيانكم غما متصلا بغم من الاغتمام بالقتل و الجرح و ظفر المشركين و الإرجاف بقتل الرسول ص أو فجازاكم غما بسبب غم أذقتموه رسول الله ص بعصيانكم له لتتمرنوا على الصبر في الشدائد فلا تحزنوا فيما بعد على نفع فائت و لا ضر لاحق و قيل لا مزيدة و المعنى لتأسفوا على ما فاتكم من الظفر و الغنيمة و على ما أصابكم من الجرح و الهزيمة عقوبة لكم و قيل الضمير في فَأَثابَكُمْ للرسول ص أي واساكم في الاغتمام فاغتم بما نزل عليكم كما اغتممتم بما نزل عليه و لم يثربكم على عصيانكم تسلية لكم لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ من النصر وَ لا على ما أَصابَكُمْ من الهزيمة وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ عالم بأعمالكم و بما قصدتم بها ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً أنزل الله عليكم الأمن حتى أخذكم النعاس و عن أبي طلحة غشينا النعاس في المصاف حتى كان

   السيف يسقط من يد أحدنا فيأخذه ثم يسقط فيأخذه و الأمنة الأمن نصب على المفعول و نعاسا بدل منها أو هو المفعول و أمنة حال منه متقدمة أو مفعول له أو حال من المخاطبين بمعنى ذوي أمنة أو على أنه جمع آمن يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ أي النعاس. قال الطبرسي رحمه الله و كان السبب في ذلك توعد المشركين لهم بالرجوع إلى القتال فقعد المسلمون تحت الحجف متهيئين للحرب فأنزل الله الأمنة على المؤمنين فناموا دون المنافقين الذين أزعجهم الخوف بأن يرجع الكفار عليهم أو يغيروا على المدينة لسوء الظن فطير عنهم النوم. و قال البيضاوي وَ طائِفَةٌ هم المنافقون قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ أوقعتهم أنفسهم في الهموم أو ما يهمهم إلا هم أنفسهم و طلب خلاصها يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ صفة أخرى لطائفة أو حال أو استئناف على وجه البيان لما قبله و غَيْرَ الْحَقِّ نصب على المصدر أي يظنون بالله غير ظن الحق الذي يحق أن يظن به و ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ بدله و هو الظن المختص بالملة الجاهلية و أهلها يَقُولُونَ أي لرسول الله ص و هو بدل يظنون هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْ‏ءٍ هل لنا مما أمر الله و وعد من النصر و الظفر نصيب قط و قيل أخبر ابن أبي بقتل بني الخزرج فقال ذلك و المعنى أنا منعنا تدبير أنفسنا و تصريفها باختيارنا فلم يبق لنا من الأمر شي‏ء أو هل يزول عنا هذا القهر فيكون لنا من الأمر شي‏ء قل إن الأمر كله لله أي الغلبة الحقيقية لله و لأوليائه فإن حزب الله هم الغالبون أو القضاء له يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد و هو اعتراض يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ حال من ضمير يقولون أي يقولون مظهرين أنهم مسترشدون طالبون للنصر  مبطنين الإنكار و التكذيب يَقُولُونَ في أنفسهم أو إذا خلا بعضهم إلى بعض و هو بدل من يخفون أو استئناف على وجه البيان له لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْ‏ءٌ كما وعد محمد ص و زعم أن الأمر كله لله و لأوليائه أو لو كان لنا اختيار و تدبير لم نبرح كما كان رأى ابن أبي و غيره ما قُتِلْنا هاهُنا ما غلبنا و لما قتل من قتل منا في هذه المعركة قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ أي لخرج الذين قدر الله عليهم القتل و كتب في اللوح المحفوظ إلى مصارعهم و لم تنفع الإقامة بالمدينة و لم ينج منه أحد وَ لِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ ليمتحن ما في صدوركم و يظهر سرائرها من الإخلاص و النفاق و هو علة فعل محذوف أي و فعل ذلك ليبتلي أو عطف على محذوف أي لبرز لنفاذ القضاء أو لمصالح جمة و لابتلاء أو على قوله لِكَيْلا تَحْزَنُوا وَ لِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ و ليكشفه و يميزه أو يخلصه من الوساوس وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ بخفياتها قبل إظهارها و فيه وعد و وعيد و تنبيه على أنه غني عن الابتلاء و إنما فعل ذلك لتمرين المؤمنين و إظهار حال المنافقين إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا يعني أن الذين انهزموا يوم أحد إنما كان السبب في انهزامهم أن الشيطان طلب منهم الزلل فأطاعوه و اقترفوا ذنوبا بترك المركز و الحرص على الغنيمة أو الحياة فمنعوا التأييد و قوة القلب لمخالفة النبي ص و قيل استزلال الشيطان توليهم و ذلك بسبب ذنوب تقدمت لهم فإن المعاصي يجر بعضها بعضا كالطاعة و قيل استزلهم بذكر ذنوب سلفت منهم و كرهوا القتل قبل إخلاص التوبة و الخروج

   من المظلمة وَ لَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ لتوبتهم و اعتذارهم إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ للذنوب حَلِيمٌ لا يعاجل بعقوبة المذنب كي يتوب يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا يعني المنافقين وَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ لأجلهم و فيهم و معنى إخوتهم اتفاقهم في النسب أو في المذهب إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ إذا سافروا فيها و أبعدوا للتجارة أو غيرها أَوْ كانُوا غُزًّى جمع غاز لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَ ما قُتِلُوا مفعول قالوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ متعلق بقالوا على أن اللام لام العاقبة أو بلا تكونوا أي لا تكونوا مثلهم في النطق بذلك القول و الاعتقاد ليجعله حسرة في قلوبهم خاصة فذلك إشارة إلى ما دل عليه قولهم من الاعتقاد و قيل إلى ما دل عليه النهي أي لا تكونوا مثلهم ليجعل الله انتفاء كونكم مثلهم حسرة في قلوبهم فإن مخالفتهم و مضادتهم مما يغمهم وَ اللَّهُ يُحْيِي وَ يُمِيتُ رد لقولهم أي هو المؤثر في الحياة و الممات لا الإقامة و السفر فإنه تعالى قد يحيي المسافر و الغازي و يميت المقيم و القاعد وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ تهديد للمؤمنين على أن يماثلوهم وَ لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ أي في سبيله لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ جواب القسم و هو ساد مسد الجزاء و المعنى أن السفر و الغزو ليس مما يجلب الموت و تقدم الأجل و إن وقع ذلك في سبيل الله فما ينالون من المغفرة و الرحمة بالموت خير مما يجمعون من الدنيا و منافعها لو لم يموتوا وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ على أي وجه اتفق هلاككم لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ لإلى معبودكم الذي توجهتم إليه و بذلتم مهجتكم لوجهه لا إلى غيره لا محالة تحشرون فيوفي أجوركم و يعظم ثوابكم فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ما مزيدة للتأكيد و الدليل على أن لينه لهم ما كان إلا برحمة من الله و هو ربطه على جأشه و توفيقه للرفق بهم حين اغتم لهم بعد أن خالفوه وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا سيئ الخلق جافيا غَلِيظَ الْقَلْبِ قاسيه لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ لتفرقوا عنك و لم يسكنوا إليك فَاعْفُ عَنْهُمْ فيما يختص بك وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ

   فيما لله وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ أي في أمر الحرب إذ الكلام فيه أو فيما يصح أن يشاور فيه استظهارا برأيهم و تطييبا لنفوسهم و تمهيدا سنة المشاورة للأمة فَإِذا عَزَمْتَ فإذا وطنت نفسك على شي‏ء بعد الشورى. و قال الطبرسي رحمه الله و رووا عن جعفر بن محمد ع و عن جابر بن يزيد فإذا عزمت بالضم فعلى هذا يكون معناه فإذا عزمت لك و وفقتك و أرشدتك فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ قال البيضاوي في إمضاء أمرك على ما هو أصلح لك فإنه لا يعلمه سواه إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ فينصرهم و يهديهم إلى الصلاح إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ كما نصركم يوم بدر فَلا غالِبَ لَكُمْ فلا يغلبكم أحد وَ إِنْ يَخْذُلْكُمْ كما خذلكم يوم أحد فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ من بعد خذلانه أو من بعد الله وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فليخصوه بالتوكل عليه لما علموا أن لا ناصر سواه و آمنوا به. وَ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ قال الطبرسي روي عن ابن عباس و ابن جبير أنها نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر من المغنم فقال بعضهم لعل النبي ص أخذها. و في رواية الضحاك قال إن رجلا غل بمخيط أي بإبرة من غنائم هوازن يوم حنين فنزلت الآية. و عن مقاتل أنها نزلت في غنائم أحد حين تركت الرماة المركز طلبا للغنيمة  و قالوا نخشى أن يقول رسول الله ص من أخذ شيئا فهو له و لا يقسم كما لم يقسم يوم بدر و وقعوا في الغنائم فقال ص أ ظننتم أنا نغل و لا نقسم لكم فأنزل الله الآية و قيل إنه قسم الغنيمة و لم يقسم للطلائع فلما قدمت الطلائع قالوا أ قسم الفي‏ء و لم يقسم لنا فعرفه الله الحكم فيه و نزلت الآية و قيل نزلت في أداء الوحي كان ص يقرأ القرآن و فيه عيب دينهم و سب آلهتهم فسألوه أن يطوي ذلك عنهم فنزلت. و قال البيضاوي أي و ما صح لنبي أن يخون في الغنائم فإن النبوة تنافي الخيانة وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يأت بالذي غله يحمله على عنقه كما جاء في الحديث أو بما احتمل من وباله و إثمه ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ يعطى جزاء ما كسبت وافيا وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ فلا ينقص ثواب مطيعهم و لا يزاد في عقاب عاصيهم. أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قال الطبرسي أي حين أصابكم القتل و الجرح و ذلك ما أصاب المسلمين يوم أحد فإنه قتل منهم سبعون رجلا و كانوا أصابوا من المشركين يوم بدر مثليها فإنهم كانوا قتلوا من المشركين سبعين رجلا و أسروا سبعين و قيل قتلتم منهم ببدر سبعين و بأحد سبعين و هذا ضعيف فإنه لا خلاف بينهم أنه قتل منهم بأحد نفر يسير قُلْتُمْ أَنَّى هذا أي من أي وجه أصابنا هذا و نحن مسلمون و فينا رسول الله ص و ينزل عليه الوحي و هم مشركون و قيل إنهم إنما استنكروا ذلك لأنه وعدهم بالنصر من الله إن أطاعوه قُلْ هُوَ مِنْ  عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ

 أي ما أصابكم من الهزيمة و القتل من عند أنفسكم بخلافكم أمر ربكم و ترككم طاعة الرسول ص و فيه أقوال أحدها أن ذلك مخالفتهم الرسول ص في الخروج من المدينة للقتال يوم أحد و كان النبي ص دعاهم أن يتحصنوا بها و يدعو المشركين إلى أن يقصدوهم فيها فقالوا كنا نمتنع من ذلك في الجاهلية و نحن الآن في الإسلام و أنت يا رسول الله بيننا أحق بالامتناع و أعز. و ثانيها أن ذلك باختيارهم الفداء من الأسرى يوم بدر و كان الحكم فيهم القتل و شرط عليهم إن قبلتم الفداء قتل منكم في القابل بعدتهم قالوا رضينا فإنا نأخذ الفداء فننتفع به و إذا قتل منا فيما بعد كنا شهداء عن علي ع و عبيدة السلماني و هو المروي عن الباقر ع. و ثالثها أن ذلك بخلاف الرماة يوم أحد لما أمرهم رسول الله ص به من ملازمة مراكزهم. إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ أي فهو قادر على نصركم فيما بعد و إن لم ينصركم في الحال لمخالفتكم وَ ما أَصابَكُمْ أيها المؤمنون يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ جمع المسلمين و جمع المشركين يوم أحد بقتل من قتل منكم فَبِإِذْنِ اللَّهِ أي بعلم الله و قيل بتخلية الله بينكم و بينهم التي تقوم مقام الإطلاق في الفعل برفع الموانع و التمكين من الفعل الذي يصح معه التكليف و قيل بعقوبة الله لتركهم أمر رسول الله ص وَ لِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا أي و ليميز المؤمنين من المنافقين وَ قِيلَ لَهُمْ أي للمنافقين تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ قالوا إن عبد الله بن أبي و المنافقين معه من أصحابه انخذلوا يوم أحد بنحو من ثلاثمائة رجل و قالوا علام نقتل أنفسنا و قال لهم عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري تعالوا قاتلوا في سبيل الله و اتقوا الله و لا تخذلوا نبيكم أَوِ ادْفَعُوا عن حريمكم  و أنفسكم إن لم تقاتلوا في سبيل الله و قيل معناه أقيموا معنا و كثروا سوادنا قالُوا أي المنافقون. لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ قال البيضاوي أي لو نعلم مما يصلح أن يسمى قتالا لاتبعناكم فيه لكن ما أنتم عليه ليس بقتال بل إلقاء بالأنفس إلى التهلكة أو لو نحسن قتالا لاتبعناكم و إنما قالوا ذلك دغلا و استهزاء هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ لانخزالهم و كلامهم هذا فإنهما أول أمارة ظهرت منهم مؤذنة بكفرهم و قيل هم لأهل الكفر أقرب نصرة منهم لأهل الإيمان يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ يظهرون خلاف ما يضمرون لا تواطئ قلوبهم ألسنتهم بالإيمان وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ من النفاق و بما يخلو به بعضهم إلى بعض الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ أي لأجلهم يريد من قتل يوم أحد من أقاربهم أو من جنسهم وَ قَعَدُوا مقدرا بقدر أي قالوا قاعدين عن القتال لَوْ أَطاعُونا في القعود ما قُتِلُوا كما لم نقتل قُلْ فَادْرَؤُا الآية أي إن كنتم صادقين أنكم تقدرون على دفع القتل عمن كتب عليه فادفعوا عن أنفسكم الموت و أسبابه فإنه أحرى بكم و المعنى أن القعود غير مغن فإن أسباب الموت كثيرة و كما أن القتال يكون سببا للهلاك و القعود سببا للنجاة قد يكون الأمر بالعكس. وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا قال الطبرسي قيل نزلت في شهداء بدر و قيل في شهداء أحد و كانوا سبعين أربعة من المهاجرين حمزة و مصعب بن عمير

   و عثمان بن شماس و عبد الله بن جحش و سائرهم من الأنصار و قال الباقر ع و كثير من المفسرين إنها تتناول قتلى بدر و أحد معا و قيل نزلت في شهداء بئر معونة الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ قال رحمه الله لما انصرف أبو سفيان و أصحابه من غزاة أحد فبلغوا الروحاء ندموا على انصرافهم عن المسلمين و تلاوموا قالوا لا محمدا قتلتم و لا الكواعب أردفتم قتلتموهم حتى إذا لم يبق إلا الشريد تركتموهم ارجعوا فاستأصلوهم فبلغ ذلك الخبر رسول الله ص فأراد أن يرهب العدو و يريهم من نفسه و أصحابه قوة فندب أصحابه للخروج في طلب أبي سفيان و قال ألا عصابة تشدد لأمر الله تطلب عدوها فإنها إنكاء للعدو و أبعد للسمع فانتدب عصابة منهم مع ما بهم من القرح و الجرح الذي أصابهم يوم أحد و نادى منادي رسول الله ص ألا لا يخرجن معنا أحد إلا من حضر يومنا بالأمس و إنما خرج رسول الله ص ليرهب العدو و ليبلغهم أنه خرج في طلبهم فيظنوا به قوة و أن الذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم فينصرفوا فخرج في سبعين رجلا حتى بلغ حمراء الأسد و هو من المدينة على ثمانية أميال. و روى محمد بن إسحاق بن يسار عن عبد الله بن خارجة عن زيد بن ثابت عن أبي السائب أن رجلا من أصحاب النبي ص من بني عبد الأشهل كان شهد أحدا قال شهدت أحدا أنا و أخ لي فرجعنا جريحين فلما أذن مؤذن رسول الله ص بالخروج في طلب العدو قلنا لا تفوتنا غزوة مع رسول الله ص  و الله ما لنا دابة نركبها و ما منا إلا جريح ثقيل فخرجنا مع رسول الله ص و كنت أيسر جرحا من أخي فكنت إذا غلب حملته عقبة و مشى عقبة حتى بلغنا مع رسول الله ص حمراء الأسد فمر برسول الله ص معبد الخزاعي بحمراء الأسد و كانت خزاعة مسلمهم و كافرهم عينة رسول الله ص بتهامة صفقتهم معه لا يخفون عنه شيئا و معبد يومئذ مشرك فقال و الله يا محمد لقد عز علينا مصابك في قومك و أصحابك و لوددنا أن الله كان أعفاك فيهم ثم خرج من عند رسول الله ص حتى لقي أبا سفيان و من معه بالروحاء و أجمعوا الرجعة إلى رسول الله ص و قالوا قد أصبنا جل أصحابه و قادتهم و أشرافهم ثم رجعنا قبل أن نستأصلهم فلما رأى أبو سفيان معبدا قال ما وراءك يا معبد قال محمد قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط يتحرقون عليكم تحرقا و قد اجتمع عليه من كان تخلف عنه في يومكم و ندموا على ضيعتهم و فيهم من الحنق عليكم ما لم أر مثله قط قال ويلك ما تقول فقال و الله ما أراك ترتحل حتى ترى نواصي الخيل قال فو الله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصلهم قال فو الله إني لأنهاك عن ذلك فو الله لقد حملني ما رأيت على أن قلت أبياتا فيه من شعر قال و ما قلت قال قلت

كادت تهد من الأصوات راحلتي. إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل.

  تردي بأسد كرام لا تنابلة. عند اللقاء و لا خرق معاذيل.فظلت عدوا أظن الأرض مائلة. لما سموا برئيس غير مخذول.و قلت وي لابن حرب من لقائكم. إذا تغطمطت البطحاء بالحيل.إني نذير لأهل السير ضاحية. لكل ذي إربة منهم و معقول.من جيش أحمد لا وخش تنابلة. و ليس يوصف ما أثبت بالقيل.

 قال فثنى ذلك أبا سفيان و من معه و مر به ركب من عبد القيس فقال أين تريدون قالوا نريد المدينة نريد الميرة فقال فهل أنتم مبلغون عني محمدا رسالة أرسلكم بها إليه و أحمل لكم إبلكم هذه زبيبا بعكاظ غدا إذا وافيتمونا قالوا نعم قال إذا جئتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا الكرة إليه و إلى أصحابه لنستأصل بقيتهم و انصرف أبو سفيان و مر الركب برسول الله ص و هو بحمراء الأسد فأخبروه بقول أبي سفيان فقال رسول الله ص و أصحابه حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ ثم انصرف رسول الله ص بعد الثالثة إلى المدينة و قد ظفر في وجهه  ذلك بمعاوية بن المغيرة بن العاص و أبي غرة الجمحي هذا قول أكثر المفسرين و قال مجاهد و عكرمة نزلت هذه الآيات في غزاة بدر الصغرى و ذلك أن أبا سفيان قال يوم أحد حين أراد أن ينصرف يا محمد موعدنا بيننا و بينك موسم بدر الصغرى لقابل إن شئت فقال رسول الله ص ذلك بيننا و بينك فلما كان العام المقبل خرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل مجنة من ناحية من مر الظهران ثم ألقى الله عليه الرعب فبدا له في الرجوع فلقي نعيم بن مسعود الأشجعي و قد قدم معتمرا فقال له أبو سفيان إني واعدت محمدا و أصحابه أن نلتقي بموسم بدر الصغرى و إن هذه عام جدب فلا يصلح لنا إلا عام نرعى فيه الشجر و نشرب فيه اللبن و قد بدا لي أن لا أخرج إليها و أكره أن يخرج محمد و لا أخرج أنا فيزيدهم ذلك جرأة فالحق بالمدينة فثبطهم و لك عندي عشرة من الإبل أضعها على يدي سهيل بن عمرو فأتى نعيم المدينة فوجد الناس يتجهزون لميعاد أبي سفيان فقال لهم بئس الرأي رأيتم أتوكم في دياركم و قراركم فلم يفلت منكم إلا شريد فتريدون أن تخرجوا و قد جمعوا لكم عند الموسم فو الله لا يفلت منكم أحد فكره أصحاب رسول الله الخروج فقال رسول الله ص و الذي نفسي بيده لأخرجن و لو وحدي فأما الجبان فإنه رجع و أما الشجاع فإنه تأهب للقتال و قال حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فخرج رسول الله ص في أصحابه حتى وافوا بدر الصغرى و هو ماء لبني كنانة و كان موضع سوق لهم في الجاهلية يجتمعون إليها في كل عام ثمانية أيام فأقام ببدر ينتظر أبا سفيان

   و قد انصرف أبو سفيان من مجنة إلى مكة فسماهم أهل مكة جيش السويق و قالوا إنما خرجتم تشربون السويق و لم يلق رسول الله ص و أصحابه أحد من المشركين ببدر و وافقوا السوق و كانت لهم تجارات فباعوها و أصابوا الدرهم درهمين و انصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين و قد روى ذلك أبو الجارود عن الباقر ع المعنى. الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ أي أطاعوا الله في أوامره و أطاعوا رسوله مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ أي نالهم الجراح يوم أحد لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ بطاعة رسول الله ص و إجابته إلى الغزو وَ اتَّقَوْا معاصي الله لهم أَجْرٌ عَظِيمٌ أي ثواب جزيل الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ في المعني بالناس الأول ثلاثة أقوال أحدها أنهم الركب الذين دسهم أبو سفيان إلى المسلمين ليجبنوهم عند منصرفهم من أحد لما أرادوا الرجوع إليهم عن ابن عباس و ابن إسحاق و قد مضت قصتهم. و الثاني أنه نعيم بن مسعود الأشجعي و هو قول أبي جعفر و أبي عبد الله ع. و الثالث أنهم المنافقون عن السدي. إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ المعني به أبو سفيان و أصحابه عند أكثر المفسرين أي جمعوا جموعا كثيرة لكم و قيل جمعوا الآلات و الرحال و إنما عبر بلفظ الواحد عن الجمع في قوله قالَ لَهُمُ النَّاسُ لأمرين أحدهما أنه قد جاءهم من جهة الناس فأقيم كلامه مقام كلامهم و سمي باسمهم. و الآخر أنه لتفخيم الشأن فَاخْشَوْهُمْ أي فخافوهم ثم بين سبحانه أن ذلك القول زادهم إيمانا و ثباتا على دينهم و إقامة على نصر نبيهم بأن قال   فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ أي كافينا الله و ولينا و حفيظنا و المتولي لأمرنا وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ أي نعم الكافي و المعتمد و الملجأ الذي يوكل إليه الأمور فَانْقَلَبُوا أي فرجع النبي ص و من معه من أصحابه بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ أي بعافية من السوء و تجارة رابحة لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ أي قتل عن السدي و مجاهد و قيل النعمة هاهنا الثبوت على الإيمان في طاعة الله و الفضل الربح في التجارة عن الزجاج و قيل أقل ما يفعله الله تعالى بالخلق فهو نعمة و ما زاد على ذلك فهو الموصوف بأنه فضل و الفرق بين النعمة و المنفعة أن النعمة لا تكون نعمة إلا إذا كانت حسنة و المنفعة قد تكون حسنة و قد تكون قبيحة و هذا لأن النعمة تستحق بها الشكر و لا يستحق الشكر بالقبيح وَ اتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ بالخروج إلى لقاء العدو وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ على المؤمنين. قوله تعالى فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ أقول قد مر تفسيره في باب جوامع الغزوات. قوله وَ لا تَهِنُوا أي لا تضعفوا قال الطبرسي قيل نزلت في الذهاب إلى بدر الصغرى لموعد أبي سفيان يوم أحد و قيل نزلت يوم أحد في الذهاب خلف أبي سفيان لموعد أبي سفيان و عسكره إلى حمراء الأسد. قال ابن عباس و عكرمة لما أصاب المسلمون ما أصابهم يوم أحد و صعد النبي ص الجبل جاء أبو سفيان فقال يا محمد لنا يوم و لكم يوم فقال ص أجيبوه فقال المسلمون لا سواء قتلانا في الجنة و قتلاكم في النار فقال أبو سفيان

لنا عزى و لا عزى لكم

 فقال النبي ص قولوا

الله مولانا و لا مولى لكم

. فقال أبو سفيان  اعل هبل. فقال النبي ص قولوا الله أعلى و أجل. فقال أبو سفيان موعدنا و موعدكم بدر الصغرى و نام المسلمون و بهم الكلوم و فيهم نزلت إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ الآية و فيهم نزلت إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ الآية لأن الله تعالى أمرهم على ما بهم من الجراح أن يتبعوهم و أراد بذلك إرهاب المشركين فخرجوا إلى حمراء الأسد و بلغ المشركين ذلك فأسرعوا حتى دخلوا مكة. فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ أي في طلب المشركين إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ مما ينالكم من الجراح منهم فَإِنَّهُمْ يعني المشركين يَأْلَمُونَ أيضا مما ينالهم منكم من الجراح و الأذى كَما تَأْلَمُونَ من جراحهم و أذاهم وَ تَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ الظفر عاجلا و الثواب آجلا على ما ينالكم منهم ما لا يَرْجُونَ على ما ينالهم منكم. قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ قد مر تفسيره في باب قصة بدر. توضيح قميئة كسفينة مهموز اعل هبل أي صر عاليا بغلبة عابديك على منكريك و الطارق النجم أي آباؤنا في الشرف و العلو كالنجم و النمارق جمع النمرقة بضم النون و الراء و كسرها و هي الوسادة و الوامق المحب أي نفارقكم فراق المعادي لا فراق المحب و المراد المفارقة و المعانقة بعد الحرب إذا كان الخطاب لأصحابه و إن كان للمسلمين فالمراد المعانقة عند الحرب و الأحابيش هم أحياء من القارة انضموا إلى بني ليث في محاربتهم قريشا و التحبش التجمع و قيل حالفوا قريشا تحت جبل يسمى حبشيا فسمي بذلك و الكبول القصير و في بعض النسخ الدهر في الكيول بالياء المثناة التحتانية و هو كعيوق  آخر الصفوف و هو أصوب أي أن لا أقيم في جميع دهري و عمري في آخر الصفوف بل أتقدمها و الكواعب جمع الكاعب و هي الجارية حين يبدو ثديها للنهود أردفتم أي لم تأسروهن فتجعلوهن خلفكم على الإبل لتذهبوا بهن و الشريد الطريد المتفرق المنهزم و يقال نكيت في العدو إذا أكثرت فيهم الجراح و القتل فوهنوا لذلك و قد يهمز و أبعد للسمع أي يذهب الخبر به إلى البلاد البعيد فيصير سببا لرعبهم فكنت إذا غلب أي غلبه الوجع حملته عقبة أي نوبة عينة رسول الله ص أي جاسوسه و في بعض النسخ بالباء الموحدة و في القاموس العيبة من الرجل موضع سره و هو أظهر. صفقتهم أي بيعتهم معه أعفاك فيهم أي لم يأمرك بقتالهم يتحرقون عليكم أي يلتهبون غيظا أو يحكون أسنانهم عليكم غضبا تهد راحلتي أي تقع و تخر من هد الحائط إذا وقع و الجرد بالضم جمع الجريدة و هي من الخيل جماعة جردت من سائرها لوجه أو هو جمع الأجرد يقال فرس أجرد إذا رقت شعرته و قصرت و هو مدح و الأبابيل الجماعات الكثيرة و يقال جاءت إبلك أبابيل أي فرقا تردي أي الجرد يقال ردي الفرس يردي إذا رجم الأرض بحوافره رجما بين العدو و المشي الشديد بأسد أي مع أسد و التنابلة جمع تنبل كدرهم أو تنبال بالكسر و هما القصير و لعله استعير للجبان أو الكسلان كما هو المعروف في لغة العجم و الخرق بالضم جمع الأخرق و هو من لا يحسن العمل و المعاذيل جمع المعذال و قيل المعذول و هو الملوم. و عدوا مصدر لفعل محذوف أي أعدو عدوا حال كوني أظن الأرض مائلة. لما سموا أي علوا برئيس و هو الرسول و الغطمطة اضطراب موج البحر و غليان الصدور و التغطمط صوت معه بحح و البطحاء مسيل واسع فيه دقاق الحصى و الجيل بالكسر الصنف من الناس و في بعض النسخ بالخاء و يقال فعله ضاحية أي علانية و الإربة بالكسر الحيلة و المعقول العقل يقال عقل يعقل عقلا و معقولا و الوخش بفتح الواو و سكون الخاء المعجمة الردي  من كل شي‏ء و رذال الناس و سقاطهم للواحد و الجمع و المذكر و المؤنث و في بعض النسخ بالحاء المهملة أي ليسوا بمستوحشين و الأول أظهر و القيل بالكسر القول

 1-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن الحسين بن عثمان عن ابن مسكان عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله ع قال إن رسول الله ص صلى على حمزة و كفنه لأنه كان جرد

 2-  يه استشهد حنظلة بن أبي عامر الراهب بأحد فلم يأمر النبي ص بغسله و قال رأيت الملائكة بين السماء و الأرض تغسل حنظلة بماء المزن في صحاف من فضة فكان يسمى غسيل الملائكة

 3-  فس، ]تفسير القمي[ وَ إِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

 فإنه حدثني أبي عن صفوان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال سبب نزول هذه الآية أن قريشا خرجت من مكة تريد حرب رسول الله فخرج رسول الله ص يبتغي موضعا للقتال

قوله إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا نزلت في عبد الله بن أبي و قوم من أصحابه اتبعوا رأيه في ترك الخروج و القعود عن نصرة رسول الله ص قال و كان سبب غزوة أحد أن قريشا لما رجعت من بدر إلى مكة و قد أصابهم ما أصابهم من القتل و الأسر لأنه قتل منهم سبعون و أسر منهم سبعون فلما رجعوا إلى مكة قال أبو سفيان يا معشر قريش لا تدعوا نساءكم يبكين على قتلاكم فإن  البكاء و الدمعة إذا خرجت أذهبت الحزن و الحرقة و العداوة لمحمد و يشمت بنا محمد و أصحابه فلما غزوا رسول الله ص يوم أحد أذنوا لنسائهم بعد ذلك في البكاء و النوح فلما أرادوا أن يغزوا رسول الله إلى أحد ساروا في حلفائهم من كنانة و غيرها فجمعوا الجموع و السلاح و خرجوا من مكة في ثلاثة آلاف فارس و ألفي راجل و أخرجوا معهم النساء يذكرنهم و يحثثنهم على حرب رسول الله ص و أخرج أبو سفيان هند بنت عتبة و خرجت معهم عمرة بنت علقمة الحارثية فلما بلغ رسول الله ص ذلك جمع أصحابه و أخبرهم أن قريشا قد تجمعت تريد المدينة و حث أصحابه على الجهاد و الخروج فقال عبد الله بن أبي و قوم يا رسول الله لا تخرج من المدينة حتى نقاتل في أزقتها فيقاتل الرجل الضعيف و المرأة و العبد و الأمة على أفواه السكك و على السطوح فما أرادنا قوم قط فظفروا بنا و نحن في حصوننا و دورنا و ما خرجنا إلى أعدائنا قط إلا كان الظفر لهم علينا فقام سعد بن معاذ و غيره من الأوس فقالوا يا رسول الله ما طمع فينا أحد من العرب و نحن مشركون نعبد الأصنام فكيف يطمعون فينا و أنت فينا لا حتى نخرج إليهم فنقاتلهم فمن قتل منا كان شهيدا و من نجا منا كان قد جاهد في سبيل الله فقبل رسول الله قوله و خرج مع نفر من أصحابه يبتغون موضعا للقتال كما قال الله وَ إِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ إلى قوله إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ  مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا

يعني عبد الله بن أبي و أصحابه فضرب رسول الله عسكره مما يلي طريق العراق و قعد عنه عبد الله بن أبي و قومه و جماعة من الخزرج اتبعوا رأيه و وافت قريش إلى أحد و كان رسول الله ص عد أصحابه و كانوا سبعمائة رجل فوضع عبد الله بن جبير في خمسين من الرماة على باب الشعب و أشفق أن يأتي كمينهم من ذلك المكان فقال رسول الله ص لعبد الله بن جبير و أصحابه إن رأيتمونا قد هزمناهم حتى أدخلناهم مكة فلا تبرحوا من هذا المكان و إن رأيتموهم قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة فلا تبرحوا و الزموا مراكزكم و وضع أبو سفيان عليه اللعنة خالد بن الوليد عليه اللعنة في مائتي فارس كمينا فقال له إذا رأيتمونا قد اختلطنا بهم فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا من ورائهم فلما أقبلت الخيل و اصطفوا و عبأ رسول الله ص أصحابه دفع الراية إلى أمير المؤمنين ع فحملت الأنصار كلهم على مشركي قريش فانهزموا هزيمة قبيحة و وقع أصحاب رسول الله ص في سوادهم و انحط خالد بن الوليد في مائتي فارس فلقي عبد الله بن جبير فاستقبلوهم بالسهام فرجع و نظر أصحاب عبد الله بن جبير إلى أصحاب رسول الله ص ينتهبون سواد القوم قالوا لعبد الله بن جبير ما يقيمنا هاهنا و قد غنموا أصحابنا و نبقى نحن بلا غنيمة فقال لهم عبد الله اتقوا الله فإن رسول الله ص قد تقدم إلينا أن لا نبرح فلم يقبلوا منه و أقبل ينسل رجل فرجل حتى أخلوا مراكزهم  و بقي عبد الله بن جبير في اثني عشر رجلا و قد كانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة العبدري من بني عبد الدار فبرز و نادى يا محمد تزعمون أنكم تجهزونا بأسيافكم إلى النار و نجهزكم بأسيافنا إلى الجنة فمن شاء أن يلحق بجنته فليبرز إلي فبرز إليه أمير المؤمنين ع و هو يقول.

يا طلح إن كنتم كما تقول. لكم خيول و لنا نصول.فاثبت لننظر أينا المقتول. و أينا أولى بما تقول.فقد أتاك الأسد الصئول. بصارم ليس به فلول.ينصره القاهر و الرسول.

فقال طلحة من أنت يا غلام قال أنا علي بن أبي طالب قال قد علمت يا قضم أنه لا يجسر علي أحد غيرك فشد عليه طلحة فضربه فاتقاه أمير المؤمنين ع بالحجفة ثم ضربه أمير المؤمنين على فخذيه فقطعهما جميعا فسقط على ظهره و سقطت الراية فذهب علي ع ليجهز عليه فحلفه بالرحم  فانصرف عنه فقال المسلمون أ لا أجهزت عليه قال قد ضربته ضربة لا يعيش منها أبدا ثم أخذ الراية أبو سعيد بن أبي طلحة فقتله علي ع و سقطت رايته إلى الأرض فأخذها عثمان بن أبي طلحة فقتله علي و سقطت الراية إلى الأرض فأخذها مسافع بن أبي طلحة فقتله علي ع و سقطت الراية إلى الأرض فأخذها الحارث بن أبي طلحة فقتله علي ع و سقطت الراية إلى الأرض فأخذها عزير بن عثمان فقتله علي ع و سقطت الراية إلى الأرض فأخذها عبد الله بن جميلة بن زهير فقتله علي ع و سقطت الراية إلى الأرض فقتل أمير المؤمنين التاسع من بني عبد الدار و هو أرطاة بن شرحبيل مبارزة و سقطت الراية إلى الأرض فأخذها مولاهم صواب فضربه أمير المؤمنين ع على يمينه فقطعها و سقطت الراية إلى الأرض فأخذها بشماله فضربه أمير المؤمنين ع على شماله فقطعها فسقطت الراية إلى الأرض فاحتضنها بيديه المقطوعتين ثم قال يا بني عبد الدار هل أعذرت فيما بيني و بينكم فضربه أمير المؤمنين ع على رأسه فقتله و سقطت الراية إلى الأرض فأخذتها عمرة بنت علقمة الحارثية فنصبتها و انحط خالد بن الوليد على عبد الله بن جبير و قد فر أصحابه و بقي في نفر قليل فقتلوهم على باب الشعب و استقفوا المسلمين فوضعوا فيهم السيف و نظرت قريش  في هزيمتها إلى الراية قد رفعت فلاذوا بها و أقبل خالد بن الوليد يقتلهم و انهزم أصحاب رسول الله ص هزيمة قبيحة و أقبلوا يصعدون في الجبال و في كل وجه فلما رأى رسول الله ص الهزيمة كشف البيضة عن رأسه فقال إلي إني أنا رسول الله إلى أين تفرون عن الله و عن رسوله

 و حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله ع أنه سئل عن معنى قول طلحة بن أبي طلحة لما بارزه علي ع يا قضم قال إن رسول الله ص كان بمكة لم يجسر عليه أحد لموضع أبي طالب و أغروا به الصبيان و كانوا إذا خرج رسول الله يرمونه بالحجارة و التراب و شكا ذلك إلى علي ع فقال بأبي أنت و أمي يا رسول الله ص إذا خرجت فأخرجني معك فخرج رسول الله ص و معه أمير المؤمنين ع فتعرض الصبيان لرسول الله ص كعادتهم فحمل عليهم أمير المؤمنين ع و كان يقضمهم في وجوههم و آنافهم و آذانهم فكان الصبيان يرجعون باكين إلى آبائهم و يقولون قضمنا علي قضمنا علي فسمي لذلك القضم

و روي عن أبي واثلة شقيق بن سلمة قال كنت أماشي عمر بن الخطاب إذ سمعت منه همهمة فقلت له مه يا عمر فقال ويحك أ ما ترى الهزبر القثم بن القثم و الضارب بالبهم الشديد على من طغا و بغى بالسيفين و الراية فالتفت فإذا  هو علي بن أبي طالب فقلت له يا عمر هو علي بن أبي طالب فقال ادن مني أحدثك عن شجاعته و بطالته بايعنا النبي ص يوم أحد على أن لا نفر و من فر منا فهو ضال و من قتل منا فهو شهيد و النبي ص زعيمه إذ حمل علينا مائة صنديد تحت كل صنديد مائة رجل أو يزيدون فأزعجونا عن طاحونتنا فرأيت عليا كالليث يتقي الذر إذ قد حمل كفا من حصى فرمى به في وجوهنا ثم قال شاهت الوجوه و قطت و بطت و لطت إلى أين تفرون إلى النار فلم نرجع ثم كر علينا الثانية و بيده صفيحة يقطر منها الموت فقال بايعتم ثم نكستم فو الله لأنتم أولى بالقتل ممن أقتل فنظرت إلى عينيه كأنهما سليطان يتوقدان نارا أو كالقدحين المملوين دما فما ظننت إلا و يأتي علينا كلنا فبادرت أنا إليه من بين أصحابي فقلت يا أبا الحسن الله الله فإن العرب تفر و تكر و إن الكرة تنفي الفرة فكأنه استحيا فولى بوجهه عني فما زلت أسكن روعة فؤادي فو الله ما خرج ذلك الرعب من قلبي حتى الساعة و لم يبق مع رسول الله إلا أبو دجانة سماك بن خرشة و أمير المؤمنين ع و كلما حملت طائفة على رسول الله ص استقبلهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه فيدفعهم عن رسول الله و يقتلهم حتى انقطع سيفه و بقيت مع رسول الله ص نسيبة بنت كعب المازنية و كانت تخرج مع رسول الله ص في غزواته تداوي الجرحى و كان ابنها معها فأراد أن ينهزم و يتراجع فحملت عليه فقالت يا بني إلى أين تفر عن الله و عن رسوله فردته فحمل عليه رجل فقتله فأخذت سيف ابنها فحملت على الرجل فضربته على فخذه فقتلته فقال  رسول الله ص بارك الله عليك يا نسيبة. و كانت تقي رسول الله ص بصدرها و ثدييها حتى أصابتها جراحات كثيرة و حمل ابن قميئة على رسول الله ص فقال أروني محمدا لا نجوت إن نجا فضربه على حبل عاتقه و نادى قتلت محمدا و اللات و العزى و نظر رسول الله ص إلى رجل من المهاجرين قد ألقى ترسه خلف ظهره و هو في الهزيمة فناداه يا صاحب الترس ألق ترسك و مر إلى النار فرمى بترسه فقال رسول الله ص يا نسيبة خذي الترس فأخذت الترس و كانت تقاتل المشركين فقال رسول الله ص لمقام نسيبة أفضل من مقام فلان و فلان و فلان. فلما انقطع سيف أمير المؤمنين ع جاء إلى رسول الله ص فقال يا رسول الله إن الرجل يقاتل بالسلاح و قد انقطع سيفي فدفع إليه رسول الله ص سيفه ذا الفقار فقال قاتل بهذا و لم يكن يحمل على رسول الله ص أحد إلا استقبله أمير المؤمنين ع فإذا رأوه رجعوا فانحاز رسول الله ص إلى ناحية أحد فوقف و كان القتال من وجه واحد و قد انهزم أصحابه فلم يزل أمير المؤمنين ع يقاتلهم حتى أصابه في وجهه و رأسه و صدره و بطنه و يديه و رجليه تسعون جراحة فتحاموه و سمعوا مناديا من السماء لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي. فنزل جبرئيل على رسول الله ص فقال يا محمد هذه و الله المواساة

  فقال رسول الله ص لأني منه و هو مني فقال جبرئيل و أنا منكما. و كانت هند بنت عتبة في وسط العسكر فكلما انهزم رجل من قريش دفعت إليه ميلا و مكحلة و قالت إنما أنت امرأة فاكتحل بهذا. و كان حمزة بن عبد المطلب يحمل على القوم فإذا رأوه انهزموا و لم يثبت له أحد و كانت هند بنت عتبة عليها اللعنة قد أعطت وحشيا عهدا لئن قتلت محمدا أو عليا أو حمزة لأعطيتك لأعطينك رضاك و كان وحشي عبدا لجبير بن مطعم حبشيا فقال وحشي أما محمد فلا أقدر عليه و أما علي فرأيته رجلا حذرا كثير الالتفات فلم أطمع فيه فكمنت لحمزة فرأيته يهد الناس هدا فمر بي فوطئ على جرف نهر فسقط فأخذت حربتي فهززتها و رميته فوقعت في خاصرته و خرجت من مثانته فسقط فأتيته فشققت بطنه فأخذت كبده و جئت بها إلى هند فقلت لها هذه كبد حمزة فأخذتها في فمها فلاكتها فجعلها الله في فيها مثل الداغصة فلفظتها و رمت بها فبعث الله ملكا فحمله و رده إلى موضعه. فقال أبو عبد الله ع أبى الله أن يدخل شيئا من بدن حمزة النار. فجاءت إليه هند فقطعت مذاكيره و قطعت أذنيه و جعلتهما خرصين  و شدتهما في عنقها و قطعت يديه و رجليه و تراجع الناس فصارت قريش على الجبل فقال أبو سفيان و هو على الجبل اعل هبل. فقال رسول الله ص لأمير المؤمنين قل له الله أعلى و أجل. فقال يا علي إنه قد أنعم علينا. فقال علي بل الله أنعم علينا. ثم قال يا علي أسألك باللات و العزى هل قتل محمد فقال له لعنك الله و لعن اللات و العزى معك و الله ما قتل و هو يسمع كلامك قال أنت أصدق لعن الله ابن قميئة زعم أنه قتل محمدا. و كان عمرو بن قيس قد تأخر إسلامه فلما بلغه أن رسول الله ص في الحرب أخذ سيفه و ترسه و أقبل كالليث العادي يقول أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ثم خالط القوم فاستشهد فمر به رجل من الأنصار فرآه صريعا بين القتلى فقال يا عمرو و أنت على دينك الأول قال لا و الله إني أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ثم مات فقال رجل من أصحاب رسول الله ص يا رسول الله إن عمرو بن ثابت قد أسلم و قتل فهو شهيد قال إي و الله شهيد ما رجل لم يصل لله ركعة دخل الجنة غيره.  و كان حنظلة بن أبي عامر رجل من الخزرج تزوج في تلك الليلة التي كانت صبيحتها حرب أحد ببنت عبد الله بن أبي بن سلول و دخل بها في تلك الليلة و استأذن رسول الله ص أن يقيم عندها فأنزل الله إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ فأذن له رسول الله ص و هذه الآية في سورة النور و أخبار أحد في سورة آل عمران فهذا الدليل على أن التأليف على خلاف ما أنزل الله. فدخل حنظلة بأهله و وقع عليها فأصبح و خرج و هو جنب فحضر القتال فبعثت امرأته إلى أربعة نفر من الأنصار لما أراد حنظلة أن يخرج من عندها و أشهدت عليه أنه قد واقعها فقيل لها لم فعلت ذلك قالت رأيت في هذه الليلة في نومي كأن السماء قد انفرجت فوقع فيها حنظلة ثم انضمت فعلمت أنها الشهادة فكرهت أن لا أشهد عليه فحملت منه فلما حضر القتال نظر إلى أبي سفيان على فرس يجول بين العسكر فحمل عليه فضرب عرقوب فرسه فاكتسعت الفرس و سقط أبو سفيان إلى الأرض و صاح يا معشر قريش أنا أبو سفيان و هذا

  حنظلة يريد قتلي و عدا أبو سفيان و مر حنظلة في طلبه فعرض له رجل من المشركين فطعنه فمشى إلى المشرك في طعنه فضربه فقتله و سقط حنظلة إلى الأرض بين حمزة و عمرو بن الجموح و عبد الله بن حزام و جماعة من الأنصار فقال رسول الله ص رأيت الملائكة تغسل حنظلة بين السماء و الأرض بماء المزن في صحائف من ذهب فكان يسمى غسيل الملائكة. و روي أن مغيرة بن العاص كان رجلا أعسر فحمل في طريقه إلى أحد ثلاثة أحجار فقال بهذه أقتل محمدا فلما حضر القتال نظر إلى رسول الله ص و بيده السيف فرماه بحجر فأصاب به رسول الله ص فسقط السيف من يده فقال قتلته و اللات و العزى فقال أمير المؤمنين ع كذب لعنه الله فرماه بحجر آخر فأصاب جبهته فقال رسول الله اللهم حيره فلما انكشف الناس تحير فلحقه عمار بن ياسر فقتله و سلط الله على ابن قميئة الشجر فكان يمر بالشجر فيقع في وسطها فتأخذ من لحمه فلم يزل كذلك حتى صار مثل الصر و مات لعنه الله. 3-  و رجع المنهزمون من أصحاب رسول الله ص فأنزل الله على رسوله أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ يعني و لما ير لأنه عز و جل قد علم قبل ذلك من يجاهد و من لا يجاهد فأقام العلم مقام الرؤية لأنه يعاقبهم بفعلهم لا بعلمه.  قوله تعالى وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ الآية و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فإن المؤمنين لما أخبرهم الله بالذي فعل بشهدائهم يوم بدر و منازلهم من الجنة رغبوا في ذلك فقالوا اللهم أرنا قتالا نستشهد فيه فأراهم الله إياه يوم أحد فلم يثبتوا إلا من شاء الله منهم فذلك قوله وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الآية. و أما قوله وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ الآية فإن رسول الله ص لما خرج يوم أحد و عهد العاهد به على تلك الحال فجعل الرجل يقول لمن لقيه إن رسول الله ص قد قتل النجاء فلما رجعوا إلى المدينة أنزل الله وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ إلى قوله انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ يقول إلى الكفر. قوله وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ يقول كأين من نبي قبل محمد قتل معه ربيون كثير و الربيون الجموع الكثيرة و الربة الواحدة عشرة آلاف فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ من قتل نبيهم وَ ما ضَعُفُوا إلى قوله وَ إِسْرافَنا فِي أَمْرِنا يعنون خطاياهم. قال علي بن إبراهيم في قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يعني عبد الله بن أبي حيث خرج مع رسول الله ص ثم رجع يجبن أصحابه سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ يعني قريشا بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ. قوله وَ لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ يعني أن ينصركم عليهم إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ إذ تقتلونهم بإذن الله مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ أي ما كانوا أحبوا

  و سألوا من الشهادة مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا يعني أصحاب عبد الله بن جبير الذين تركوا مراكزهم و مروا للغنيمة وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ يعني عبد الله بن جبير و أصحابه الذين بقوا حتى قتلوا ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ أي يختبركم ثم ذكر المنهزمين من أصحاب رسول الله ص فقال إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ إلى قوله وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ. و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ فأما الغم الأول فالهزيمة و القتل و الغم الآخر فإشراف خالد بن الوليد عليهم يقول لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ من الغنيمة وَ لا ما أَصابَكُمْ يعني قتل إخوانهم وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ قال يعني الهزيمة و تراجع أصحاب رسول الله المجروحون و غيرهم فأقبلوا يعتذرون إلى رسول الله ص فأحب الله أن يعرف رسوله ص من الصادق منهم و من الكاذب فأنزل الله عليهم النعاس في تلك الحالة حتى كانوا يسقطون إلى الأرض و كان المنافقون الذين يكذبون لا يستقرون قد طارت عقولهم و هم يتكلمون بكلام لا يفهم عنهم فأنزل الله عليه يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ يعني المؤمنين وَ طائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْ‏ءٍ قال الله لمحمد قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْ‏ءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا يقولون لو كنا في بيوتنا ما أصابنا القتل قال الله لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَ لِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَ لِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ فأخبر الله رسوله ما في قلوب القوم  و من كان منهم مؤمنا و من كان منهم منافقا كاذبا بالنعاس فأنزل الله عليه ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ يعني المنافق الكاذب من المؤمن الصادق بالنعاس الذي ميز بينهم. قوله إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ أي خدعهم حتى طلبوا الغنيمة بِبَعْضِ ما كَسَبُوا قال بذنوبهم وَ لَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ثم قال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا يعني عبد الله بن أبي و أصحابه الذين قعدوا عن الحرب وَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ إلى قوله بَصِيرٌ ثم قال لنبيه ص فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ أي انهزموا و لم يقيموا معك ثم قال تأديبا لرسوله فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ إلى قوله وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ. و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله وَ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ فصدق الله لم يكن الله ليجعل نبيا غالا وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ من غل شيئا رآه يوم القيامة في النار ثم يكلف أن يدخل إليه فيخرجه من النار ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ. قوله لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ فهذه الآية لآل محمد ع. قوله هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ يقول بمعصيتكم أصابكم ما أصابكم

  قوله وَ قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فهم ثلاثمائة منافق رجعوا مع عبد الله بن أبي بن سلول فقال لهم جابر بن عبد الله أنشدكم الله في نبيكم و دينكم و دياركم فقالوا و الله لا يكون القتال اليوم و لَوْ نَعْلَمُ أنه يكون قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ يقول الله هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ الآية. فلما سكن القتال قال رسول الله ص من له علم بسعد بن الربيع فقال رجل أنا أطلبه فأشار رسول الله ص إلى موضع فقال اطلبه هناك فإني قد رأيته في ذلك الموضع قد شرعت حوله اثنا عشر رمحا قال فأتيت ذلك الموضع فإذا هو صريع بين القتلى فقلت يا سعد فلم يجبني ثم قلت يا سعد فلم يجبني فقلت يا سعد إن رسول الله ص قد سأل عنك فرفع رأسه فانتعش كما ينتعش الفرخ ثم قال إن رسول الله ص لحي قلت إي و الله إنه لحي و قد أخبرني أنه رأى حولك اثني عشر رمحا فقال الحمد لله صدق رسول الله ص قد طعنت اثنتي عشرة طعنة كلها قد جافتني أبلغ قومي الأنصار السلام و قل لهم و الله ما لكم عند الله عذر إن تشوك رسول الله ص شوكة و فيكم عين تطرف ثم تنفس فخرج منه مثل دم الجزور و قد كان احتقن في جوفه و قضى نحبه رحمه الله. ثم جئت إلى رسول الله ص و أخبرته فقال رحم الله سعدا نصرنا حيا و أوصى بنا ميتا ثم قال رسول الله ص من له علم بعمي حمزة فقال له الحارث بن الصمة أنا أعرف موضعه فجاء حتى وقف على حمزة فكره أن يرجع إلى رسول الله ص فيخبره فقال رسول الله ص لأمير المؤمنين ع يا علي اطلب عمك فجاء علي ع فوقف على حمزة فكره أن يرجع إلى رسول الله ص فجاء رسول الله ص  حتى وقف عليه فلما رأى ما فعل به بكى ثم قال و الله ما وقفت موقفا قط أغيظ علي من هذا المكان لئن أمكنني الله من قريش لأمثلن بسبعين رجلا منهم فنزل عليه جبرئيل ع فقال وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ وَ اصْبِرْ فقال رسول الله ص بل أصبر فألقى رسول الله ص على حمزة بردة كانت عليه فكانت إذا مدها على رأسه بدت رجلاه و إذا مدها على رجليه بدا رأسه فمدها على رأسه و ألقى على رجليه الحشيش و قال لو لا أني أحذر نساء بني عبد المطلب لتركته للعقبان و السباع حتى يحشر يوم القيامة من بطون السباع و الطير. و أمر رسول الله ص بالقتلى فجمعوا فصلى عليهم و دفنهم في مضاجعهم و كبر على حمزة سبعين تكبيرة. قال و صاح إبليس بالمدينة قتل محمد فلم يبق أحد من نساء المهاجرين و الأنصار إلا و خرج و خرجت فاطمة بنت رسول الله ص تعدو على قدميها حتى وافت رسول الله ص و قعدت بين يديه و كان إذا بكى رسول الله ص بكت و إذا انتحب انتحبت. و نادى أبو سفيان موعدنا و موعدكم في عام قابل فنقتتل فقال رسول الله ص لأمير المؤمنين ع قل نعم و ارتحل رسول الله ص و دخل المدينة و

  استقبلته النساء يولولن و يبكين فاستقبلته زينب بنت جحش فقال لها رسول الله ص احتسبي فقالت من يا رسول الله قال أخاك قالت إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ هنيئا له الشهادة ثم قال لها احتسبي قالت من يا رسول الله قال حمزة بن عبد المطلب قالت إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ هنيئا له الشهادة ثم قال لها احتسبي قالت من يا رسول الله قال زوجك مصعب بن عمير قالت وا حزناه فقال رسول الله ص إن للزوج عند المرأة لحدا ما لأحد مثله فقيل لها لم قلت ذلك في زوجك قالت ذكرت يتم ولده. قال و تآمرت قريش على أن يرجعوا و يغيروا على المدينة فقال رسول الله ص أي رجل يأتينا بخبر القوم فلم يجبه أحد فقال أمير المؤمنين ع أنا آتيكم بخبرهم قال اذهب فإن كانوا ركبوا الخيل و جنبوا الإبل فهم يريدون المدينة و الله لئن أرادوا المدينة لأنازلن الله فيهم و إن كانوا ركبوا الإبل و جنبوا الخيل فإنهم يريدون مكة فمضى أمير المؤمنين ع على ما به من الألم و الجراحات حتى كان قريبا من القوم فرآهم قد ركبوا الإبل و جنبوا الخيل فرجع أمير المؤمنين ع إلى رسول الله ص فأخبره فقال رسول الله ص أرادوا مكة. فلما دخل رسول الله ص المدينة نزل عليه جبرئيل ع فقال يا محمد إن الله يأمرك أن تخرج في أثر القوم و لا يخرج معك إلا من به جراحة فأمر رسول الله ص مناديا ينادي يا معشر المهاجرين و الأنصار من كانت به جراحة فليخرج و من لم يكن به جراحة فليقم فأقبلوا يضمدون جراحاتهم و يداوونها و أنزل  الله على نبيه وَ لا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ الآية فهذه الآية في سورة النساء و يجب أن تكون في هذه السورة. قال الله عز و جل إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ الآية فخرجوا على ما بهم من الألم و الجراح فلما بلغ رسول الله ص حمراء الأسد و قريش قد نزلت الروحاء قال عكرمة بن أبي جهل و الحارث بن هشام و عمرو بن العاص و خالد بن الوليد نرجع فنغير على المدينة فقد قتلنا سراتهم و كبشهم يعنون حمزة فوافاهم رجل خرج من المدينة فسألوه الخبر فقال تركت محمدا و أصحابه بحمراء الأسد يطلبونكم أحد الطلب فقال أبو سفيان هذا النكد و البغي قد ظفرنا بالقوم و بغينا و الله ما أفلح قوم قط بغوا فوافاهم نعيم بن مسعود الأشجعي فقال أبو سفيان أين تريد قال المدينة لأمتار لأهلي طعاما قال هل لك أن تمر بحمراء الأسد و تلقى أصحاب محمد و تعلمهم أن حلفاءنا و موالينا قد وافونا من الأحابيش حتى يرجعوا عنا و لك عندي عشرة قلائص أملؤها تمرا و زبيبا قال نعم فوافى من غد ذلك اليوم حمراء الأسد فقال لأصحاب رسول الله ص أين تريدون قالوا قريشا قال ارجعوا فإن قريشا قد اجتمعت إليهم حلفاؤهم و من كان تخلف عنهم و ما أظن إلا و أوائل خيلهم يطلعون عليكم الساعة فقالوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ ما نبالي و نزل جبرئيل على رسول الله ص فقال ارجع يا محمد فإن الله قد أرعب قريشا و مروا لا يلوون على شي‏ء فرجع رسول الله ص إلى

  المدينة و أنزل الله الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ إلى قوله الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ يعني نعيم بن مسعود فهذا لفظه عام و معناه خاص إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ الآية. فلما دخلوا المدينة قال أصحاب رسول الله ص ما هذا الذي أصابنا و قد كنت تعدنا النصر فأنزل الله تعالى أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ الآية و ذلك أن يوم بدر قتل من قريش سبعون و أسر منهم سبعون و كان الحكم في الأسارى القتل فقامت الأنصار إلى رسول الله ص فقالوا يا رسول الله هبهم لنا و لا تقتلهم حتى نفاديهم فنزل جبرئيل ع فقال إن الله قد أباح لهم الفداء أن يأخذوا من هؤلاء و يطلقوهم على أن يستشهد منهم في عام قابل بقدر ما يأخذون منه الفداء فأخبرهم رسول الله ص بهذا الشرط فقالوا قد رضينا به نأخذ العام الفداء من هؤلاء و نتقوى به و يقتل منا في عام قابل بعدد من نأخذ منهم الفداء و ندخل الجنة فأخذوا منهم الفداء و أطلقوهم فلما كان في هذا اليوم و هو يوم أحد قتل من أصحاب رسول الله ص سبعون فقالوا يا رسول الله ما هذا الذي أصابنا و قد كنت تعدنا النصر فأنزل الله أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ إلى قوله هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ بما اشترطتم يوم بدر. بيان الشعب بالكسر الطريق في الجبل و الكمين كأمير القوم يكمنون في الحرب و السواد المال الكثير و انسل و تسلل انطلق في استخفاء قوله تجهزونا إما من تجهيز المسافر بمعنى تهيئة أسبابه أو من قولهم أجهز على الجريح إذا أثبت قتله و أسرعه و تمم عليه قوله و لنا نصول أي سهام و سيوف و الصئول  فعول من قولهم صال على قرنه إذا سطا و استطال و الصارم السيف القاطع و فلول السيف الكسور التي في حده و الناصر هو الله تعالى. و قال الجزري القضم الأكل بأطراف الأسنان و منه حديث علي ع كانت قريش إذا رأته قالت احذروا الحطم احذروا القضم أي الذي يقضم الناس فيهلكهم انتهى. قوله فقتل أمير المؤمنين ع التاسع لعل الثامن ترك ذكره من النساخ أو الرواة و الهمهمة الكلام الخفي و تردد الزئير في الصدر من الهم و نحو أصوات البقر و الفيلة و شبهها و كل صوت معه بحح و الهزبر الأسد و القثم كزفر الكثير العطاء و الجموع للخير و البهم بضم الباء و فتح الهاء جمع البهمة بالضم و هي الحيلة الشديدة و الشجاع الذي لا يدرى من أين يؤتى و الصخرة و الجيش و الأنسب هنا الأول و الآخر و البطالة بالفتح الشجاعة و الزعيم الكفيل و الصنديد بالكسر السيد الشجاع و الطاحونة استعيرت هنا لمجتمع القوم و مستقرهم و في القاموس الطحون كصبور الكتيبة العظيمة و الحرب و شاهت الوجوه أي قبحت و القط القطع و البط الشق و اللط المنع و الستر و إلصاق شي‏ء كالطين و نحوه و الصفيحة السيف العريض و السليط الزيت أو دهن السمسم و يقال أتى عليه الدهر أي أهلكه و مازن أبو قبيلة من تميم و يقال انحاز عنه عدل و انحاز القوم تركوا مراكزهم و تحاماه الناس توقوه و اجتنبوه و الهد الهدم الشديد و الكسر و الجرف بالضم و بضمتين ما تجرفته السيول و أكلته من الأرض و الهز التحريك و اللوك مضغ الشي‏ء الصلب و إدارته في الفم و الداغصة العظم المدور المتحرك في وسط الركبة و الخرص بالضم و يكسر حلقة الذهب و الفضة أو حلقة القرط أو حلقة الصغيرة من الحلي. و قال في النهاية في حديث أحد قال أبو سفيان لما انهزم المسلمون و ظهروا عليهم اعل هبل فقال عمر الله أعلى و أجل فقال لعمر أنعمت فعال عنها

  كان الرجل من قريش إذا أراد ابتداء أمر عمد إلى سهمين فكتب على أحدهما نعم و على الآخر لا ثم يتقدم إلى الصنم فيجيل سهامه فإن خرج سهم نعم أقدم و إن خرج سهم لا امتنع و كان أبو سفيان لما أراد الخروج إلى أحد استفتى هبل فخرج له سهم الأنعام فذلك قوله أنعمت فعال عنها أي تجاف عنها و لا تذكرها بسوء يعني آلهتهم. و العرقوب من الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها و اكتسر الفحل خطر فضرب فخذيه بذنبه و الكلب بذنبه استثفر و كذا الخيل بأذنابها. و المزن بالضم السحاب البيض أو ماء السماء كما سيأتي. و الصحاف جمع الصحفة و هي القصعة و الأعسر هو الذي يعمل بيده اليسرى يقال ليس شي‏ء أشد رميا من الأعسر و الصر بالكسر طائر أصفر كالعصفور و يقال عهده و عهد به إذا لقيه. و قال في النهاية في قولهم النجاء النجاء أي انجوا بأنفسكم و هو مصدر منصوب بفعل مضمر أي انجوا النجاء و النجاء السرعة. و قال الفيروزآبادي الربة بالكسر و يضم عشرة آلاف. قوله قد أجافتني أي دخلت جوفي و يقال شاكتني الشوكة أي أصابتني. و قال الجزري من مات له ولد فاحتسبه أي احتسب الأجر بصبره على مصيبته انتهى. و يقال جنبه أي قاده إلى جنبه فهو جنيب و مجنوب. و قال الجزري في الحديث نازلت ربي في كذا أي راجعته و سألته مرة بعد مرة و هو مفاعلة من النزول عن الأمر أو من النزال في الحرب و هو تقابل القرنين انتهى. و السراة بفتح السين و قد يضم الأشراف و الأحابيش الجماعة من الناس  ليسوا من قبيلة واحدة و القلائص جمع القلوص و هي الشابة من الإبل. و قال الجزري فيه فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد أي لا يلتفت و لا يعطف عليه و ألوى برأسه و لواه إذا أماله من جانب إلى جانب

 4-  ل، ]الخصال[ بإسناده عن عامر بن واثلة في خبر الشورى قال أمير المؤمنين ع نشدتكم بالله هل فيكم من قال له جبرئيل يا محمد ترى هذه المواساة من علي فقال رسول الله ص إنه مني و أنا منه فقال جبرئيل و أنا منكما غيري قالوا اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قتل من بني عبد الدار تسعة مبارزة كلهم يأخذ اللواء ثم جاء صواب الحبشي مولاهم و هو يقول و الله لا أقتل بسادتي إلا محمدا قد أزبد شدقاه و احمرت عيناه فاتقيتموه و حدتم عنه و خرجت إليه فلما أقبل كأنه قبة مبنية فاختلفت أنا و هو ضربتين فقطعته بنصفين و بقيت رجلاه و عجزه و فخذاه قائمة على الأرض تنظر إليه المسلمون و يضحكون منه قالوا اللهم لا

 5-  ج، ]الإحتجاج[ عن أبي جعفر ع في خبر الشورى قال قال أمير المؤمنين ع نشدتكم بالله هل فيكم أحد وقفت الملائكة معه يوم أحد حين ذهب الناس غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد سقى رسول الله ص من المهراس غيري قالوا لا

 بيان قال في النهاية في الحديث إنه عطش يوم أحد فجاءه علي بماء من المهراس فعافه و غسل به الدم عن وجهه المهراس صخرة منقورة تسع كثيرا من الماء و قد يعمل منه حياض للماء و قيل المهراس في هذا الحديث اسم ماء بأحد

 6-  ل، ]الخصال[ فيما عد أمير المؤمنين ع على رأس اليهود من محنة ع في حياة  النبي ص و بعد فوته أما الرابعة يا أخا اليهود فإن أهل مكة أقبلوا إلينا على بكرة أبيهم قد استحاشوا من يليهم من قبائل العرب و قريش طالبين بثأر مشركي قريش في يوم بدر فهبط جبرئيل ع على النبي ص فأنبأه بذلك فذهب النبي ص و عسكر بأصحابه في سد أحد و أقبل المشركون إلينا فحملوا علينا حملة رجل واحد و استشهد من المسلمين من استشهد و كان ممن بقي ما كان من الهزيمة و بقيت مع رسول الله ص و مضى المهاجرون و الأنصار إلى منازلهم من المدينة كل يقول قتل النبي ص و قتل أصحابه ثم ضرب الله عز و جل وجوه المشركين و قد جرحت بين يدي رسول الله ص نيفا و سبعين جرحة منها هذه و هذه ثم ألقى رداءه و أمر يده على جراحاته و كان مني في ذلك ما على الله عز و جل ثوابه إن شاء الله الخبر

 بيان قال الجزري في الحديث جاءت هوازن على بكرة أبيها هذه كلمة للعرب يريدون بها الكثرة و توفر العدد و أنهم جاءوا جميعا لم يتخلف منهم أحد و ليس هناك بكرة حقيقة و هي التي يستقى عليها الماء فاستعيرت في هذا الموضع انتهى و الحوش الجمع

 7-  ع، ]علل الشرائع[ الهمداني عن علي عن أبيه عن البزنطي و ابن أبي عمير معا عن أبان بن عثمان عن أبي عبد الله ع قال لما كان يوم أحد انهزم أصحاب رسول الله ص حتى لم يبق معه إلا علي بن أبي طالب ع و أبو دجانة سماك بن خرشة فقال له النبي ص يا أبا دجانة أ ما ترى قومك قال بلى قال الحق بقومك قال ما على هذا بايعت الله و رسوله قال أنت في حل قال و الله لا تتحدث قريش بأني خذلتك و فررت حتى أذوق ما تذوق فجزاه النبي ص خيرا و كان علي ع كلما حملت طائفة على رسول الله ص استقبلهم و ردهم حتى أكثر فيهم القتل  و الجراحات حتى انكسر سيفه فجاء إلى النبي ص فقال يا رسول الله إن الرجل يقاتل بسلاحه و قد انكسر سيفي فأعطاه ع سيفه ذا الفقار فما زال يدفع به عن رسول الله ص حتى أثر و أنكر فنزل عليه جبرئيل و قال يا محمد إن هذه لهي المواساة من علي ع لك فقال النبي ص إنه مني و أنا منه فقال جبرئيل ع و أنا منكما و سمعوا دويا من السماء لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي

 قال الصدوق رحمه الله قول جبرئيل و أنا منكما تمنى منه لأن يكون منهما فلو كان أفضل منه لم يقل ذلك و لم يتمن أن ينحط عن درجته إلى أن يكون ممن دونه و إنما قال و أنا منكما ليصير ممن هو أفضل منه فيزداد محلا إلى محله و فضلا إلى فضله. بيان قوله حتى أثر على بناء المجهول أي أثر فيه الجراحة و أنكر أيضا على بناء المجهول أي صار بحيث لم يكن يعرفه من يراه من قولهم أنكره إذا لم يعرفه

 8-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن محمد بن المظفر البزاز عن أحمد بن عبيد العطاردي عن أبي بشر بن بكير عن زياد بن المنذر عن أبي عبد الله مولى بني هاشم عن أبي سعيد الخدري قال لما كان يوم أحد شج النبي ص في وجهه و كسرت رباعيته فقام ص رافعا يديه يقول إن الله اشتد غضبه على اليهود أن قالوا العزير ابن الله و اشتد غضبه على النصارى أن قالوا المسيح ابن الله و إن الله اشتد غضبه على من أراق دمي و آذاني في عترتي

 9-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن علي بن مالك النحوي عن أحمد بن عبد الجبار عن  بشر بن بكر عن محمد بن إسحاق عن مشيخته قال لما رجع علي بن أبي طالب ع من أحد ناول فاطمة سيفه و قال

أ فاطم هاك السيف غير ذميم فلست برعديد و لا بلئيم‏لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد و مرضاة رب بالعباد رحيم

قال و سمع يوم أحد و قد هاجت ريح عاصف كلام هاتف يهتف و هو يقول لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي فإذا ندبتم هالكا فابكوا الوفي أخا الوفي

 بيان الرعديد بالكسر الجبان و المراد بالوفي حمزة و هو أخو الوفي أبي طالب ع

 10-  أقول روي في الديوان المنسوب إليه ع بعد البيتين

أريد ثواب الله لا شي‏ء غيره و رضوانه في جنة و نعيم‏و كنت امرأ أسمو إذ الحرب شمرت و قامت على ساق بغير مليم‏أممت ابن عبد الدار حتى ضربته بذي رونق يفري العظام صميم‏فغادرته بالقاع فارفض جمعه عباديد من ذي قانط و كليم‏و سيفي بكفي كالشهاب أهزه أجز به من عاتق و صميم‏فما زلت حتى فض ربي جموعهم و أشفيت منهم صدر كل حليم

 11-  و قال شارح الديوان لما أنشد علي ع هذه الأبيات قال النبي ص خذيه يا فاطمة فقد أدى بعلك ما عليه و قد قتل الله صناديد قريش بيديه

 قال و روى زيد بن وهب عن ابن مسعود قال انهزم الناس يوم أحد إلا علي وحده فقلت إن ثبوت علي في ذلك المقام لعجب قال إن تعجبت منه  فقد تعجبت الملائكة أ ما علمت أن جبرئيل قال في ذلك اليوم و هو يعرج إلى السماء لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي

 و عن عكرمة عن علي ع قال قال لي النبي ص يوم أحد أ ما تسمع مديحك في السماء إن ملكا اسمه رضوان ينادي لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي

 قال و يقال إن النبي ص نودي في هذا اليوم

ناد عليا مظهر العجائب تجده عونا لك في النوائب‏كل غم و هم سينجلي بولايتك يا علي يا علي يا علي

 و قال بعضهم الهم عبارة عن الفكر في مكروه يخاف الإنسان حدوثه و يرجو فواته فيكون مركبا من الخوف و الرجاء و الغم لا فكر فيه لأنه إنما يكون فيما مضى انتهى كلام الشارح. قوله يسمو أي يعلو و شمر في الأمر خف على ساق أي على شدة بغير مليم أي بغير فعل يوجب الملامة أممت أي قصدت و رونق السيف ماؤه و حسنه و الفري القطع و صمم السيف إذا مضى في العظم و قطعه فغادرته أي تركته و الإفضاض التفرق و العباديد الفرق من الناس الذاهبون في كل وجه من ذي قانط أي جمع فيهم قانطون و كليم أي جريح و الصميم العظم الذي به قوام العضو

 12-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة قال ذهبت أنا و بكير مع رجل من ولد علي ع إلى المشاهد حتى انتهينا إلى أحد فأرانا قبور الشهداء ثم دخل بنا الشعب فمضينا معه ساعة حتى مضينا إلى مسجد هناك فقال إن رسول الله ص صلى فيه فصلينا فيه ثم أرانا  مكانا في رأس جبل فقال إن النبي ص صعد إليه فكان يكون فيه ماء المطر قال زرارة فوقع في نفسي أن رسول الله ص لم يصعد إلى ما ثم فقلت أما أنا فإني لا أجي‏ء معكم أنا نائم هاهنا حتى تجيئوا فذهب هو و بكير ثم انصرفوا و جاءوا إلي فانصرفنا جميعا حتى إذا كان الغد أتينا أبا جعفر ع فقال لنا أين كنتم أمس فإني لم أركم فأخبرناه و وصفنا له المسجد و الموضع الذي زعم أن النبي ص صعد إليه فغسل وجهه فيه فقال أبو جعفر ع ما أتى رسول الله ص ذلك المكان قط فقلت له يروى لنا أنه كسرت رباعيته فقال لا قبضه الله سليما و لكنه شج في وجهه فبعث عليا فأتاه بماء في حجفة فعافه رسول الله ص أن يشرب منه و غسل وجهه

 13-  مع، ]معاني الأخبار[ الطالقاني رضي الله عنه بالري في رجب سنة تسع و أربعين و ثلاثمائة قال حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري عن محمد بن يونس عن عبد الرحمن بن عبد الله عن إسماعيل بن قيس عن مخذمة بن بكير عن أبي حازم عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال لما كان يوم أحد بعثني رسول الله ص في طلب سعد بن الربيع و قال لي إذا رأيته فأقرئه مني السلام و قل له كيف تجدك قال فجعلت أطلبه بين القتلى حتى وجدته بين ضربة بسيف و طعنة برمح و رمية بسهم فقلت له إن رسول الله ص يقرأ عليك السلام و يقول لك كيف تجدك فقال سلم على رسول الله ص و قل لقومي الأنصار لا عذر لكم عند الله  إن وصل إلى رسول الله ص و فيكم شفر يطرف و فاضت نفسه

 قال الصدوق رحمه الله سمعت أبا العباس يقول قال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري قوله فيكم شفر يطرف الشفر واحد أشفار العين و هي حروف الأجفان التي تلتقي عند التغميض و الأجفان أغطية العينين من فوق و من تحت و الهدب الشعر النابت في الأشفار و شفر العين مضموم الشين و يقال ما في الدار شفر بفتح الشين يراد به أحد قال الشاعر

فو الله ما تنفك منا عداوة و لا منهم ما دام من نسلنا شفر.

 و قوله فاضت نفسه معناه مات قال أبو العباس قال أبو بكر الأنباري حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي عن نصر بن علي عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلا قال يقال فاظ الرجل إذا مات و لا يقال فاظت نفسه و لا فاضت نفسه و حدثنا أبو العباس عن ابن الأنباري عن عبد الله بن خلف قال حدثنا صالح بن محمد بن دراج قال سمعت أبا عمرو الشيباني يقول يقال فاظ الميت و لا يقال فاظت نفسه و لا فاضت نفسه. حدثنا أبو العباس قال حدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن يحيى عن سلمة بن عاصم عن الفراء قال أهل الحجاز و طي يقولون فاضت نفس الرجل و عكل و قيس و تميم يقولون فاضت نفسه بالضاد و أنشد

يريد رجال ينادونها و أنفسهم دونها فائضة.

 و حدثنا أبو العباس عن أبي بكر بن الأنباري عن أبيه عن أبي الحسن الطوسي عن أبي عبيد عن الكسائي قال يقال فاضت نفسه و فاظ الميت و أفاظ الله نفسه.  و بالإسناد عن أبي الحسن الطوسي و محمد بن الحكم عن الحسن اللحياني قال يقال فاظ الميت بالظاء و فاض الميت بالضاد. و حدثنا أبو العباس عن أبي بكر عن أبيه عن عبد الله بن محمد القمي عن يعقوب بن السكيت قال يقال فاظ الميت يفوظ و فاظ يفيظ. و حدثنا أبو العباس عن أبي بكر عن أبيه عن محمد بن الجهم عن الفراء قال يقال فاظ الميت نفسه بالظاء و نصب النفس. و حدثنا أبو العباس قال أنشدنا أبو بكر قال أنشدني أبي قال أنشدنا أبو عكرمة الضبي

و فاظ ابن حصن غائيا في بيوتنا يمارس قدا في ذراعيه مصحبا.

 بيان قال الجوهري غني بالمكان أي أقام و غني أي عاش و قال القد الشق طولا و القد أيضا جلد السخلة الماعزة و بالكسر سير تقد من جلد غير مدبوغ و قال المصحب من الزق ما الشعر عليه و قد أصحبته إذا تركت صوفه أو شعره عليه و لم تعطنه

 14-  فس، ]تفسير القمي[ قال رسول الله ص لما مر بعمرو بن العاص و الوليد بن عقبة بن أبي معيط و هما في حائط يشربان و يغنيان بهذا البيت في حمزة بن عبد المطلب حين قتل

كم من حواري تلوح عظامه وراء الحرب عند أن يجر فيقبرا

فقال النبي ص اللهم العنهما و اركسهما في الفتنة ركسا و دعهما إلى النار دعا

   بيان الحواري الناصر و الركس رد الشي‏ء مقلوبا و الدع الدفع

 15-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن أبي بن خلف قال للنبي ص بمكة إني أعلف العوراء يعني فرسا له أقتلك عليه فقال رسول الله ص لكن أنا إن شاء الله فلقي يوم أحد فلما دنا تناول رسول الله ص الحربة من الحارث بن الصمة فمشى إليه فطعن و انصرف فرجع إلى قريش و هو يقول قتلني محمد قالوا و ما بك بأس قال إنه قال لي بمكة إني أقتلك لو بصق علي لقتلني فمات بشرف

 16-  يج من معجزاته ص أنه لما كانت وقعة بدر قتل المسلمون من قريش سبعين رجلا و أسروا منهم سبعين فحكم رسول الله بقتل الأسارى و حرق الغنائم فقال جماعة من المهاجرين إن الأسارى هم قومك و قد قتلنا منهم سبعين فأطلق لنا أن نأخذ الفداء من الأسارى و الغنائم فنقوى بها على جهادنا فأوحى الله إليه إن لم تقتلوا يقتل منكم في العام المقبل في مثل هذا اليوم عدد الأسارى فأنزل الله ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا فلما كان في العام المقبل و قتل من المسلمين سبعون بعدد الأسارى قالوا يا رسول الله قد وعدتنا النصر فما هذا الذي وقع بنا و نسوا الشرط ببدر فأنزل الله أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها يعني ما كانوا أصابوا من قريش ببدر و قبلوا الفداء من الأسرى قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ يعني بالشرط الذي شرطوه على أنفسهم أن يقتل منهم بعدد الأسارى إذا هو أطلق لهم الفداء منهم و الغنائم فكان الحال في ذلك على حكم الشرط و لما انكشفت الحرب يوم أحد سار أولياء  المقتولين ليحملوا قتلاهم إلى المدينة فشدوهم على الجمال و كانوا إذا توجهوا بهم نحو المدينة بركت الجمال و إذا توجهوا بهم نحو المعركة أسرعت فشكوا الحال إلى رسول الله ص فقال أ لم تسمعوا قول الله قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ فدفن كل رجلين في قبر إلا حمزة فإنه دفن وحده و كان أصاب عليا ع في حرب أحد أربعون جراحة فأخذ رسول الله ص الماء على فمه فرشه على الجراحات فكأنها لم تكن من وقتها و كان أصاب عين قتادة سهم من المشركين فسالت الحدقة فأمسكها النبي ص بيده فعادت كأحسن ما كانت و منها أن عليا ع قال انقطع سيفي يوم أحد فرجعت إلى رسول الله ص فقلت إن المرء يقاتل بسيفه و قد انقطع سيفي فنظر إلى جريدة نخل عتيقة يابسة مطروحة فأخذها بيده ثم هزها فصارت سيفه ذا الفقار فناولنيه فما ضربت به أحدا إلا و قده بنصفين و منها أن جابرا قال كان النبي ص بمكة و رجل من قريش يربي مهرا كان إذا لقي محمدا و المهر معه يقول يا محمد على هذا المهر أقتلك قال النبي ص أقتلك عليه قال بل أقتلك فوافى أحدا فأخذ النبي ص حربة رجل و خلع سنانه و رمى به فضربها على عنقه فقال النار النار و سقط ميتا و منها أن رسول الله ص انتهى إلى رجل قد فوق سهما ليرمي بعض المشركين فوضع ص يده فوق السهم و قال ارمه فرمى ذلك المشرك به فهرب المشرك  من السهم و جعل يروغ من السهم يمنة و يسره و السهم يتبعه حيثما راغ حتى سقط السهم في رأسه فسقط المشرك ميتا فأنزل الله فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى و كان أبو غرة الشاعر حضر مع قريش يوم بدر و يحرض قريشا بشعره على القتال فأسر في السبعين الذين أسروا فلما وقع الفداء على القوم قال أبو غرة يا أبا القاسم تعلم أني رجل فقير فامنن على بناتي فقال أطلقك بغير فداء ألا تكثر علينا بعدها قال لا و الله فعاهده على أن لا يعود فلما كان حرب أحد دعته قريش إلى الخروج معها ليحرض الناس بشعره على القتال فقال إني عاهدت محمدا أن لا أكثر عليه بعد ما من علي قالوا ليس هذا من ذلك إن محمدا لا يسلم منا في هذه الدفعة فغلبوه على رأيه فلم يؤسر يوم أحد من قريش غيره فقال رسول الله ص أ لم تعاهدني قال إنهم غلبوني على رأيي فامنن على بناتي قال لا تمشي بمكة و تحرك كتفيك و تقول سخرت من محمد مرتين فقال رسول الله ص المؤمن لا يلسع من جحر مرتين يا علي اضرب عنقه

 بيان راغ مال و حاد

 17-  شا، ]الإرشاد[ ثم تلت بدرا غزاة أحد و كانت راية رسول الله ص بيد أمير المؤمنين  ع فيها كما كانت بيده يوم بدر فصار اللواء إليه يومئذ دون صاحب الراية و اللواء جميعا و كان الفتح له في هذه الغزاة كما كان له ببدر سواء و اختص بحسن البلاء فيها و الصبر و ثبوت القدم عند ما زلت من غيره الأقدام و كان له العناء برسول الله ص ما لم يكن لسواه من أهل الإسلام و قتل الله بسيفه رءوس أهل الشرك و الضلال و فرج الله به الكرب عن نبيه ص و خطب بفضله في ذلك المقام جبرئيل ع في ملائكة الأرض و السماء و أبان نبي الهدى ص من اختصاصه به ما كان مستورا عن عامة الناس. فمن ذلك ما رواه يحيى بن عمارة قال حدثني الحسن بن موسى بن رياح مولى الأنصار قال حدثني أبو البختري القرشي قال كانت راية قريش و لواؤها جميعا بيد قصي بن كلاب ثم لم تزل الراية في يد ولد عبد المطلب يحملها منهم من حضر الحرب حتى بعث الله رسوله فصارت راية قريش و غيرها إلى النبي ص فأقرها في بني هاشم فأعطاها رسول الله ص علي بن أبي طالب ع في غزاة ودان و هي أول غزاة حمل فيها راية في الإسلام مع النبي ص ثم لم تزل معه في المشاهد ببدر و هي البطشة الكبرى و في يوم أحد و كان اللواء يومئذ في بني عبد الدار فأعطاها رسول الله ص مصعب بن عمير فاستشهد و وقع اللواء من يده فتشوقته القبائل فأخذه رسول الله ص فدفعه إلى علي بن أبي طالب ع فجمع له يومئذ الراية و اللواء فهما إلى اليوم في بني هاشم.  و روى المفضل بن عبد الله عن سماك عن عكرمة عن عبد الله بن العباس أنه قال لعلي بن أبي طالب ع أربع ما هن لأحد هو أول عربي و عجمي صلى مع رسول الله ص و هو صاحب لوائه في كل زحف و هو الذي ثبت معه يوم المهراس يعني يوم أحد و فر الناس و هو الذي أدخله قبره. و روى زيد بن وهب الجهني عن أحمد بن عمار عن الحماني عن شريك عن عثمان بن المغيرة عن زيد بن وهب قال وجدنا من عبد الله بن مسعود يوما طيب نفس فقلنا له لو حدثتنا عن يوم أحد و كيف كان فقال أجل ثم ساق الحديث حتى انتهى إلى ذكر الحرب فقال قال رسول الله ص اخرجوا إليهم على اسم الله فخرجنا فصففنا لهم صفا طويلا و أقام على الشعب خمسين رجلا من الأنصار و أمر عليهم رجلا منهم و قال لا تبرحوا من مكانكم هذا و لو قتلنا عن آخرنا فإنما نؤتى من موضعكم قال فأقام أبو سفيان صخر بن حرب بإزائهم خالد بن الوليد و كانت الألوية من قريش في بني عبد الدار و كان لواء المشركين مع طلحة بن أبي طلحة و كان يدعى كبش الكتيبة قال و دفع رسول الله ص لواء المهاجرين إلى علي بن أبي طالب و جاء حتى وقف تحت لواء الأنصار قال فجاء أبو سفيان إلى أصحاب اللواء فقال يا أصحاب الألوية إنكم قد تعلمون أنما يؤتى القوم من قبل ألويتهم و إنما أوتيتم يوم بدر من قبل ألويتكم فإن كنتم

   ترون أنكم قد ضعفتم عنها فادفعوها إلينا نكفكموها قال فغضب طلحة بن أبي طلحة و قال أ لنا تقول هذا و الله لأوردنكم بها اليوم حياض الموت قال و كان طلحة يسمى كبش الكتيبة قال فتقدم و تقدم علي بن أبي طالب ع فقال علي من أنت قال أنا طلحة بن أبي طلحة كبش الكتيبة فمن أنت قال أنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ثم تقاربا فاختلفت بينهما ضربتان فضربه علي بن أبي طالب ع ضربة على مقدم رأسه فبدرت عينه و صاح صيحة لم يسمع مثلها قط و سقط اللواء من يده فأخذه أخ له يقال له مصعب فرماه عاصم بن ثابت بسهم فقتله ثم أخذ اللواء أخ له يقال له عثمان فرماه عاصم أيضا بسهم فقتله فأخذه عبد لهم يقال له صواب و كان من أشد الناس فضرب علي ع على يده فقطعها فأخذ اللواء بيده اليسرى فضرب علي على يده اليسرى فقطعها فأخذ اللواء على صدره و جمع يديه و هما مقطوعتان عليه فضربه علي ع على أم رأسه فسقط صريعا فانهزم القوم و أكب المسلمون على الغنائم فلما رأى أصحاب الشعب الناس يغنمون قالوا يذهب هؤلاء بالغنائم و نبقى نحن فقالوا لعبد الله بن عمر بن حزم الذي كان رئيسا عليهم نريد أن نغنم كما يغنم الناس فقال إن رسول الله ص أمرني أن لا أبرح من موضعي هذا فقالوا له إنه أمرك بهذا و هو لا يدري أن الأمر يبلغ إلى ما ترى و مالوا إلى الغنائم و تركوه و لم يبرح هو  من موضعه فحمل عليه خالد بن الوليد فقتله ثم جاء من ظهر رسول الله ص يريده فنظر إلى النبي ص في خف من أصحابه فقال لمن معه دونكم هذا الذي تطلبون فشأنكم به فحملوا عليه حملة رجل واحد ضربا بالسيوف و طعنا بالرماح و رميا بالنبل و رضخا بالحجارة و جعل أصحاب النبي ص يقاتلون عنه حتى قتل منهم سبعون رجلا و ثبت أمير المؤمنين ع و أبو دجانة و سهل بن حنيف للقوم يدفعون عن النبي ص فكثر عليهم المشركون ففتح رسول الله ص عينيه و نظر إلى أمير المؤمنين ع و قد كان أغمي عليه مما ناله فقال يا علي ما فعل الناس فقال نقضوا العهد و ولوا الدبر فقال له فاكفني هؤلاء الذين قد قصدوا قصدي فحمل عليهم أمير المؤمنين ع فكشفهم ثم عاد إليه و قد حملوا عليه من ناحية أخرى فكر عليهم فكشفهم و أبو دجانة و سهل بن حنيف قائمان على رأسه بيد كل واحد منهما سيف ليذب عنه و ثاب إليه من أصحابه المنهزمين أربعة عشر رجلا منهم طلحة بن عبيد الله و عاصم بن ثابت و صعد الباقون الجبل و صاح صائح بالمدينة قتل رسول الله ص فانخلعت لذلك القلوب و تحير المنهزمون فأخذوا يمينا و شمالا و كانت هند بنت عتبة جعلت لوحشي جعلا على أن يقتل رسول الله ص أو أمير المؤمنين ع أو حمزة بن عبد المطلب رضوان الله عليه فقال لها أما محمد فلا حيلة لي فيه لأن أصحابه يطيفون به و أما علي فإنه إذا قاتل كان أحذر من الذئب و أما حمزة فإني أطمع فيه لأنه إذا غضب لم يبصر بين يديه و كان حمزة يومئذ قد أعلم بريشة نعامة في صدره فكمن له وحشي في أصل شجرة فرآه حمزة فبدر بالسيف إليه فضربه ضربة أخطأت رأسه قال وحشي و هززت حربتي حتى إذا تمكنت منه رميته فأصبته

   في أربيته فأنفذته و تركته حتى إذا برد صرت إليه فأخذت حربتي و شغل عني و عنه المسلمون بهزيمتهم و جاءت هند فأمرت بشق بطن حمزة و قطع كبده و التمثيل به فجدعوا أنفه و أذنيه و مثلوا به و رسول الله ص مشغول عنه لا يعلم بما انتهى إليه الأمر. قال الراوي للحديث و هو زيد بن وهب قلت لابن مسعود انهزم الناس عن رسول الله ص حتى لم يبق معه إلا علي بن أبي طالب و أبو دجانة و سهل بن حنيف فقال انهزم الناس إلا علي بن أبي طالب وحده و ثاب إلى رسول الله ص نفر و كان أولهم عاصم بن ثابت و أبا دجانة و سهل بن حنيف و لحقهم طلحة بن عبيد الله فقلت له و أين كان أبو بكر و عمر قال كانا ممن تنحى قلت و أين كان عثمان قال جاء بعد ثالثة من الواقعة فقال له رسول الله ص لقد ذهبت فيها عريضة. قال فقلت له و أين كنت أنت قال كنت ممن تنحى قلت له فمن حدثك بهذا قال عاصم و سهل بن حنيف قال قلت له إن ثبوت علي ع في ذلك المقام لعجب فقال إن تعجبت من ذلك فقد تعجبت منه الملائكة أ ما علمت أن جبرئيل ع قال في ذلك اليوم و هو يعرج إلى السماء لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي.  قلت له فمن أين علم ذلك من جبرئيل فقال سمع الناس صائحا يصيح في السماء بذلك فسألوا النبي ص عنه فقال ذلك جبرئيل. و في حديث عمران بن حصين قال لما تفرق الناس عن رسول الله ص في يوم أحد جاء علي ع متقلدا سيفه حتى قام بين يديه فرفع رسول الله ص رأسه إليه فقال له ما بالك لم تفر مع الناس فقال يا رسول الله أرجع كافرا بعد إسلامي فأشار له إلى قوم انحدروا من الجبل فحمل عليهم فهزمهم ثم أشار إلى قوم آخرين فحمل عليهم فهزمهم ثم أشار إلى قوم آخرين فحمل عليهم فهزمهم فجاء جبرئيل ع فقال يا رسول الله لقد عجبت الملائكة و عجبنا معها من حسن مواساة علي لك بنفسه فقال رسول الله ص و ما يمنعه من هذا و هو مني و أنا منه فقال جبرئيل ع و أنا منكما. و روى الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك عن ابن عباس أن طلحة بن أبي طلحة خرج يومئذ فوقف بين الصفين فنادى يا أصحاب محمد إنكم تزعمون أن الله تعالى يعجلنا بسيوفكم إلى النار و يعجلكم بسيوفنا إلى الجنة فأيكم يبرز إلي فبرز أمير المؤمنين ع إليه فقال و الله لا أفارقك هذا اليوم حتى أعجلك بسيفي إلى النار فاختلفا ضربتين فضربه علي بن أبي طالب ع على رجليه فقطعهما فسقط فانكشف عنه فقال له أنشدك الله يا ابن عم و الرحم فانصرف عنه إلى موقفه فقال له المسلمون أ لا أجهزت عليه فقال

   ناشدني الله و الرحم و الله لا عاش بعدها أبدا فمات طلحة في مكانه و بشر النبي ص بذلك فسر به و قال هذا كبش الكتيبة. و قد روى محمد بن مروان عن عمارة عن عكرمة قال سمعت عليا ع يقول لما انهزم الناس يوم أحد عن رسول الله ص لحقني من الجزع عليه ما لم يلحقني قط و لم أملك نفسي و كنت أمامه أضرب بسيفي بين يديه فرجعت أطلبه فلم أره فقلت ما كان رسول الله ص ليفر و ما رأيته في القتلى و أظنه رفع من بيننا إلى السماء فكسرت جفن سيفي و قلت في نفسي لأقاتلن به عنه حتى أقتل و حملت على القوم فأفرجوا عني و إذا أنا برسول الله ص قد وقع على الأرض مغشيا عليه فقمت على رأسه فنظر إلي فقال ما صنع الناس يا علي فقلت كفروا يا رسول الله و ولوا الدبر من العدو و أسلموك فنظر النبي ص إلى كتيبة قد أقبلت إليه فقال لي رد عني يا علي هذه الكتيبة فحملت عليها أضربها بسيفي يمينا و شمالا حتى ولوا الأدبار فقال النبي ص أ ما تسمع يا علي مديحك في السماء إن ملكا يقال له رضوان ينادي لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي. فبكيت سرورا و حمدت الله سبحانه و تعالى على نعمته. و قد روى الحسن بن عرفة عن عمارة بن محمد عن سعد بن طريف عن أبي جعفر محمد بن علي ع عن آبائه ع قال نادى ملك من السماء يوم أحد لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي. و روى مثل ذلك إبراهيم بن محمد بن ميمون عن عمرو بن ثابت عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده قال ما زلنا نسمع أصحاب رسول الله ص يقولون نادى في يوم أحد مناد من السماء لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي.  و روى سلام بن مسكين عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال لو رأيت مقام علي يوم أحد لوجدته قائما على ميمنة رسول الله ص يذب عنه بالسيف و قد ولى غيره الأدبار. و روى الحسن بن محبوب قال حدثنا جميل بن صالح عن أبي عبيدة عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه ع قال كان أصحاب اللواء يوم أحد تسعة قتلهم علي بن أبي طالب ع عن آخرهم و انهزم القوم و طارت مخزوم فضحها علي ع يومئذ. قال و بارز علي ع الحكم بن الأخنس فضربه فقطع رجله من نصف الفخذ فهلك منها و لما جال المسلمون تلك الجولة أقبل أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة و هو دارع و هو يقول يوم بيوم بدر فعرض له رجل من المسلمين فقتله أمية و صمد له علي بن أبي طالب ع فضربه بالسيف على هامته فنشب في بيضة مغفره فضربه أمية بسيفه فاتقاها أمير المؤمنين ع بدرقته فنشب فيها و نزع أمير المؤمنين ع سيفه من مغفره و خلص أمية سيفه من درقته أيضا ثم تناوشا فقال علي ع فنظرت إلى فتق تحت إبطه فضربته بالسيف فيه فقتلته و انصرفت عنه. و لما انهزم الناس عن النبي ص في يوم أحد و ثبت أمير المؤمنين ع قال له النبي ص ما لك لا تذهب مع القوم قال أمير المؤمنين ع أذهب و أدعك يا رسول الله و الله لا برحت حتى أقتل أو ينجز الله لك ما وعدك من النصرة فقال  له النبي ص أبشر يا علي فإن الله منجز وعده و لن ينالوا منا مثلها أبدا ثم نظر إلى كتيبة قد أقبلت إليه فقال له احمل على هذه يا علي فحمل أمير المؤمنين ع عليها فقتل منها هشام بن أمية المخزومي و انهزم القوم ثم أقبلت كتيبة أخرى فقال له النبي ص احمل على هذه فحمل عليها فقتل منها عمرو بن عبد الله الجمحي و انهزمت أيضا ثم أقبلت كتيبة أخرى فقال له النبي ص احمل على هذه فحمل عليها فقتل منها بشر بن مالك العامري و انهزمت الكتيبة و لم يعد بعدها أحد منهم و تراجع المنهزمون من المسلمين إلى النبي ص و انصرف المشركون إلى مكة و انصرف المسلمون مع النبي ص إلى المدينة فاستقبلته فاطمة ع و معها إناء فيه ماء فغسل به وجهه و لحقه أمير المؤمنين ع و قد خضب الدم يده إلى كتفه و معه ذو الفقار فناوله فاطمة ع و قال لها خذي هذا السيف فقد صدقني اليوم و أنشأ يقول

أ فاطم هاك السيف غير ذميم. فلست برعديد و لا بمليم.لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد. و طاعة رب بالعباد عليم.أميطي دماء القوم عنه فإنه. سقى آل عبد الدار كأس حميم.

 و قال رسول الله ص خذيه يا فاطمة فقد أدى بعلك ما عليه و قد قتل الله بسيفه صناديد قريش. و قد ذكر أهل السير قتلى أحد من المشركين و كان جمهورهم قتلى  أمير المؤمنين ع فروى عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال كان صاحب لواء قريش يوم أحد طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار قتله علي بن أبي طالب ع و قتل ابنه أبا سعد بن طلحة و قتل أخاه كلدة بن أبي طلحة و قتل عبد الله بن حميد بن زهرة بن الحارث بن أسد بن عبد العزى و قتل أبا الحكم بن الأخنس بن شريق الثقفي و قتل الوليد بن أبي حذيفة بن المغيرة و قتل أخاه أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة و قتل أرطاة بن شرحبيل و قتل هشام بن أمية و قتل عمرو بن عبد الله الجمحي و بشر بن مالك و قتل صوابا مولى بني عبد الدار و كان الفتح له و رجوع الناس من هزيمتهم إلى النبي ص بمقامه يذب عنه دونهم و توجه العتاب من الله تعالى إلى كافتهم لهزيمتهم يومئذ سواه و من ثبت معه من رجال الأنصار و كانوا ثمانية نفر و قيل أربعة أو خمسة و في قتله ع من قتل يوم أحد و عنائه في الحرب و حسن بلائه يقول الحجاج بن علاط السلمي

لله أي مذبب عن حزبه. أعني ابن فاطمة المعم المخولا.

  جادت يداك له بعاجل طعنة. تركت طليحة للجبين مجدلا.و شددت شدة باسل فكشفتهم. بالسفح إذ يهوون أسفل أسفلا.و عللت سيفك بالدماء و لم يكن. لترده حران حتى ينهلا.

 بيان الخف بالكسر الجماعة القليلة و الأربية بالضم و التشديد أصل الفخذ. و قال الجوهري المعم المخول الكثير الأعمام و الأخوال الكريمهم و قد يكسران و قال طعنه فجدله أي رماه بالأرض و قال البسالة الشجاعة. أسفل أسفلا أي كشفتهم عند هويهم من الجبل إلى أسفل الوادي و التكرير للمبالغة و في بعض النسخ أخول أخولا. قال الجوهري يقال تطاير الشرر أخول أخول أي متفرقا و هو الشرر الذي يتطاير من الحديد الحار إذا ضرب. و العلل الشرب الثاني من الإبل يقال عله يعله و يعله إذا سقاه السقية الثانية و عل بنفسه يتعدى و لا يتعدى و النهل الشرب الأول و قد نهل كعلم و الحران العطشان فالمعنى حتى ينهل فقط من دون علل أو المراد بالنهل هنا الارتواء و الناهل الريان فالتقابل بحسب اللفظ فقط و على التقديرين هو من أحسن الكلام و ألطف الاستعارات

 18-  شي، ]تفسير العياشي[ الحسين بن المنذر قال سألت أبا عبد الله عن قوله أَ فَإِنْ ماتَ  أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ القتل أم الموت قال يعني أصحابه الذين فعلوا ما فعلوا

 19-  شي، ]تفسير العياشي[ منصور بن الوليد الصيقل أنه سمع أبا عبد الله جعفر بن محمد ع قرأ و كأين من نبي قتل معه ربيون كثير قال ألوف و ألوف ثم قال إي و الله يقتلون

 بيان قال الطبرسي رحمه الله قرأ أهل البصرة و ابن كثير و نافع قتل بضم القاف بغير ألف و هي قراءة ابن عباس و الباقون قاتَلَ بألف و هي قراءة ابن مسعود

 20-  شي، ]تفسير العياشي[ الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله ع و ذكر يوم أحد أن رسول الله ص كسرت رباعيته إن الناس ولوا مصعدين في الوادي و الرسول يدعوهم في أخراهم فأثابهم غما بغم ثم أنزل عليهم النعاس فقلت النعاس ما هو قال الهم فلما استيقظوا قالوا كفرنا و جاء أبو سفيان فعلا فوق الجبل بإلهه هبل فقال اعل هبل فقال رسول الله ص يومئذ الله أعلى و أجل فكسرت رباعية رسول الله ص و اشتكت لثته و قال ننشدك يا رب ما وعدتني فإنك إن شئت لم تعبد فقال رسول الله ص يا علي أين كنت فقال يا رسول الله لزقت الأرض فقال ذاك الظن بك فقال يا علي ايتني بماء أغسل عني فأتاه في صحفة فإذا رسول الله ص قد عافه و قال ائتني في يدك فأتاه بماء  في كفه فغسل رسول الله ص عن لحيته ص

 بيان النعاس ما هو أي ما سببه قالوا كفرنا أي بما تكلموا في نعاسهم من كلمة الكفر أو بتقصيرهم في إعانة الرسول ص لزقت الأرض أي لم أفر و لم أتحرك عن مكاني

 21-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم عن أحدهما ع في قوله إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا فهو عقبة بن عثمان و عثمان بن سعد

 22-  شي، ]تفسير العياشي[ عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال لما انهزم الناس عن النبي ص يوم أحد نادى رسول الله ص إن الله قد وعدني أن يظهرني على الدين كله فقال له بعض المنافقين و سماهما فقد هزمنا و يسخر بنا

 23-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله ع في قوله إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا قال هم أصحاب العقبة

 بيان لعل المراد بأصحاب العقبة أصحاب الشعب الذين أمرهم رسول الله ص بحفظه أو الأنصار الذين بايعوا في العقبة أو المعنى أن الذين فروا يوم الأحد وقفوا على العقبة لينفروا ناقة الرسول ص و الأول أنسب

 24-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عن أبي عبد الله ع في قول الله أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قال كان المسلمون قد أصابوا ببدر مائة و أربعين رجلا قتلوا سبعين رجلا و أسروا سبعين فلما كان يوم أحد أصيب من المسلمين سبعون رجلا قال فاغتموا بذلك فأنزل الله تبارك و تعالى أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها

 25-  شي، ]تفسير العياشي[ عن سالم بن أبي مريم قال قال لي أبو عبد الله ع إن  رسول الله ص بعث عليا ع في عشرة اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ إلى أَجْرٌ عَظِيمٌ إنما نزلت في أمير المؤمنين ع

 26-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ ابن فياض في شرح الأخبار محمد بن الجنيد بإسناده عن سعيد بن المسيب قال أصابت عليا ع يوم أحد ست عشرة ضربة و هو بين يدي رسول الله ص يذب عنه كل ضربة يسقط إلى الأرض فإذا سقط رفعه جبرئيل ع

 خصائص العلوية، قيس بن سعد عن أبيه قال علي ع أصابني يوم أحد ست عشرة ضربة سقطت إلى الأرض في أربع منهن فأتاني رجل حسن الوجه حسن اللمة طيب الريح فأخذ بضبعي فأقامني ثم قال أقبل عليهم فإنك في طاعة الله و طاعة رسول الله و هما عنك راضيان قال علي ع فأتيت النبي ص فأخبرته فقال يا علي أقر الله عينك ذاك جبرئيل ع

 بيان اللمة بالكسر الشعر يجاوز شحمة الأذن

 27-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الحسين بن حمزة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لما رأى رسول الله ص ما صنع بحمزة بن عبد المطلب قال اللهم لك الحمد و إليك المشتكى و أنت المستعان على ما أرى ثم قال لئن ظفرت لأمثلن و لأمثلن قال فأنزل الله وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ قال فقال رسول الله ص أصبر أصبر

 28-  عم، ]إعلام الورى[ ثم كانت غزوة أحد على رأس سنة من بدر و رئيس المشركين  يومئذ أبو سفيان بن حرب و كان أصحاب رسول الله ص يومئذ سبعمائة و المشركون ألفين و خرج رسول الله ص بعد أن استشار أصحابه و كان رأيه ص أن يقاتل الرجال على أفواه السكك و يرمي الضعفاء من فوق البيوت فأبوا إلا الخروج إليهم فلما صار على الطريق قالوا نرجع فقال ما كان لنبي إذا قصد قوما أن يرجع عنهم و كانوا ألف رجل فلما كانوا في بعض الطريق انخزل عنهم عبد الله بن أبي بثلث الناس و قال و الله ما ندري على ما نقتل أنفسنا و القوم قومه و همت بنو حارثة و بنو سلمة بالرجوع ثم عصمهم الله جل و عز و هو قوله إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا الآية. و أصبح رسول الله ص متهيئا للقتال و جعل على راية المهاجرين عليا ع و على راية الأنصار سعد بن عبادة و قعد رسول الله ص في راية الأنصار ثم مر ص على الرماة و كانوا خمسين رجلا و عليهم عبد الله بن جبير فوعظهم و ذكرهم و قال اتقوا الله و اصبروا و إن رأيتمونا يخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم حتى أرسل إليكم و أقامهم عند رأس الشعب و كانت الهزيمة على المشركين و حسهم المسلمون بالسيوف حسا فقال أصحاب عبد الله بن جبير الغنيمة ظهر أصحابكم فما تنتظرون فقال عبد الله أ نسيتم قول رسول الله ص أما أنا فلا أبرح موقفي الذي عهد إلي فيه رسول الله ما عهد فتركوا أمره و عصوه بعد ما رأوا ما يحبون و أقبلوا على الغنائم فخرج كمين المشركين عليهم خالد بن الوليد فانتهى إلى عبد الله بن جبير فقتله ثم أتى الناس من أدبارهم و وضع في المسلمين السلاح فانهزموا و صاح إبليس لعنه الله قتل محمد و رسول الله يدعوهم في أخراهم أيها الناس إني رسول الله إن الله قد وعدني النصر فإلى أين الفرار فيسمعون الصوت  و لا يلوون على شي‏ء و ذهبت صيحة إبليس حتى دخلت بيوت المدينة فصاحت فاطمة ع و لم تبق هاشمية و لا قرشية إلا وضعت يدها على رأسها و خرجت فاطمة ع تصرخ. قال الصادق ع انهزم الناس عن رسول الله ص فغضب غضبا شديدا و كان إذا غضب انحدر من وجهه و جبهته مثل اللؤلؤ من العرق فنظر فإذا علي ع إلى جنبه فقال ما لك لم تلحق ببني أبيك فقال علي ع يا رسول الله أ كفر بعد إيمان إن لي بك أسوة فقال أما لا فاكفني هؤلاء فحمل علي ع فضرب أول من لقي منهم فقال جبرئيل ع إن هذه لهي المواساة يا محمد قال إنه مني و أنا منه قال جبرئيل و أنا منكما. و ثاب إلى رسول الله ص جماعة من أصحابه و أصيب من المسلمين سبعون رجلا منهم أربعة من المهاجرين حمزة بن عبد المطلب و عبد الله بن جحش و مصعب بن عمير و شماس بن عثمان بن الشريد و الباقون من الأنصار. قال و أقبل يومئذ أبي بن خلف و هو على فرس له و هو يقول هذا ابن أبي كبشة بؤ بذنبك لا نجوت إن نجوت و رسول الله ص بين الحارث بن الصمة و سهل بن حنيف يعتمد عليهما فحمل عليه فوقاه مصعب بن عمير بنفسه فطعن مصعبا فقتله فأخذ رسول الله ص عنزة كانت في يد سهل بن حنيف ثم طعن أبيا في جربان الدرع فاعتنق فرسه فانتهى إلى عسكره و هو يخور خوار الثور فقال أبو سفيان ويلك ما أجزعك إنما هو خدش ليس بشي‏ء فقال ويلك يا ابن حرب أ تدري من طعنني إنما طعنني محمد و هو قال لي بمكة إني سأقتلك فعلمت أنه قاتلي و الله لو أن ما بي كان بجميع أهل الحجاز لقضت عليهم فلم يزل يخور الملعون حتى صار إلى النار. و في كتاب أبان بن عثمان أنه لما انتهت فاطمة ع و صفية إلى رسول الله ص و نظرتا إليه قال لعلي ع أما عمتي فاحبسها عني و أما فاطمة

   فدعها فلما دنت فاطمة ع من رسول الله ص و رأته قد شج في وجهه و أدمي فوه إدماء صاحت و جعلت تمسح الدم و تقول اشتد غضب الله على من أدمى وجه رسول الله و كان يتناول في يده رسول الله ص ما يسيل من الدم فيرميه في الهواء فلا يتراجع منه شي‏ء. قال الصادق ع و الله لو سقط منه شي‏ء على الأرض لنزل العذاب. قال أبان بن عثمان حدثني بذلك عنه الصباح بن سيابة قال قلت كسرت رباعيته كما يقوله هؤلاء قال لا و الله ما قبضه الله إلا سليما و لكنه شج في وجهه قلت فالغار في أحد الذي يزعمون أن رسول الله ص صار إليه قال و الله ما برح مكانه و قيل له أ لا تدعو عليهم قال اللهم اهد قومي. و رمى رسول الله ص ابن قميئة بقذافة فأصاب كفه حتى ندر السيف من يده و قال خذها مني و أنا ابن قميئة فقال رسول الله ص أذلك الله و أقمأك و ضربه عتبة بن أبي وقاص بالسيف حتى أدمى فاه و رماه عبد الله بن شهاب بقلاعة فأصاب مرفقه و ليس أحد من هؤلاء مات ميتة سوية فأما ابن قميئة فأتاه تيس و هو نائم بنجد فوضع قرنه في مراقه ثم دعسه فجعل ينادي وا ذلاه حتى أخرج قرنيه من ترقوته. و كان وحشي يقول قال لي جبير بن مطعم و كنت عبدا له إن عليا قتل عمي يوم بدر يعني طعيمة فإن قتلت محمدا فأنت حر و إن قتلت عم محمد فأنت حر و إن قتلت ابن عم محمد فأنت حر فخرجت بحربة لي مع قريش إلى أحد أريد العتق  لا أريد غيره و لا أطمع في محمد و قلت لعلي أصيب من علي أو حمزة غرة فأزرقه و كنت لا أخطئ في رمي الحراب تعلمته من الحبشة في أرضها و كان حمزة يحمل حملاته ثم يرجع إلى موقفه قال أبو عبد الله ع و زرقه وحشي فوق الثدي فسقط و شدوا عليه فقتلوه فأخذ وحشي الكبد فشد بها إلى هند بنت عتبة فأخذتها فطرحتها في فيها فصارت مثل الداغصة فلفظتها. قال و كان الحليس بن علقمة نظر إلى أبي سفيان و هو على فرس و بيده رمح يجأ به في شدق حمزة فقال يا معشر بني كنانة انظروا إلى من يزعم أنه سيد قريش ما صنع بابن عمه الذي قد صار لحما و أبو سفيان يقول ذق عقق فقال أبو سفيان صدقت إنما كانت مني زلة اكتمها علي. قال و قال أبو سفيان فنادى بعض المسلمين أ حي بن أبي كبشة فأما ابن أبي طالب ع فقد رأيناه مكانه فقال علي إي و الذي بعثه بالحق إنه ليسمع كلامك قال إنه قد كانت في قتلاكم مثلة و الله ما أمرت و لا نهيت إن ميعادنا بيننا و بينكم موسم بدر في قابل هذا الشهر فقال رسول الله ص قل نعم فقال نعم فقال أبو سفيان لعلي إن ابن قميئة أخبرني أنه قتل محمدا و أنت أصدق عندي منه و أبر ثم ولى إلى أصحابه و قال اتخذوا الليل جملا و انصرفوا. ثم دعا رسول الله ص عليا فقال اتبعهم فانظر أين يريدون فإن كانوا ركبوا الخيل و ساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة و إن كانوا ركبوا الإبل و ساقوا الخيل فهم متوجهون إلى مكة. و قيل إنه بعث لذلك سعد بن أبي وقاص. فرجع فقال رأيت خيلهم تضرب بأذنابها مجنوبة مدبرة و رأيت القوم قد تجملوا سائرين فطابت أنفس المسلمين بذهاب العدو فانتشروا يتتبعون قتلاهم فلم يجدوا قتيلا إلا و قد مثلوا به إلا حنظلة بن أبي عامر كان أبوه مع المشركين فترك له و وجدوا حمزة قد شق بطنه و جدع أنفه و قطعت أذناه و أخذ كبده

   فلما انتهى إليه رسول الله ص خنقته العبرة و قال لأمثلن بسبعين من قريش فأنزل الله سبحانه وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ الآية فقال بل أصبر و قال من ذلك الرجل الذي تغسله الملائكة في سفح الجبل فسألوا امرأته فقالت إنه خرج و هو جنب و هو حنظلة بن أبي عامر الغسيل. قال أبان و حدثني أبو بصير عن أبي جعفر ع قال ذكر لرسول الله ص رجل من أصحابه يقال له قزمان بحسن معونته لإخوانه و ذكوه فقال ص إنه من أهل النار فأتي رسول الله ص و قيل إن قزمان استشهد فقال يفعل الله ما يشاء ثم أتي فقيل إنه قتل نفسه فقال أشهد أني رسول الله قال و كان قزمان قاتل قتالا شديدا و قتل من المشركين ستة أو سبعة فأثبتته الجراح فاحتمل إلى دور بني ظفر فقال له المسلمون أبشر يا قزمان فقد أبليت اليوم فقال بم تبشرون فو الله ما قاتلت إلا عن أحساب قومي و لو لا ذلك ما قاتلت فلما اشتدت عليه الجراحة جاء إلى كنانته فأخذ منها مشقصا فقتل به نفسه. قال و كانت امرأة من بني النجار قتل أبوها و زوجها و أخوها مع رسول الله ص فدنت من رسول الله ص و المسلمون قيام على رأسه فقال لرجل أ حي رسول الله قال نعم قالت أستطيع أن أنظر إليه قال نعم فأوسعوا لها فدنت منه و قالت كل مصيبة جلل بعدك ثم انصرفت. قال و انصرف رسول الله ص إلى المدينة حين دفن القتلى فمر بدور بني الأشهل و بني ظفر فسمع بكاء النوائح على قتلاهن فترقرقت عينا رسول الله ص و بكى ثم قال لكن حمزة لا بواكي له اليوم فلما سمعها سعد بن معاذ  و أسيد بن حضير قالا لا تبكين امرأة حميمها حتى تأتي فاطمة ع فتسعدها فلما سمع رسول الله ص الواعية على حمزة و هو عند فاطمة ع على باب المسجد قال ارجعن رحمكن الله فقد آسيتن بأنفسكن. ثم كانت غزوة حمراء الأسد قال أبان بن عثمان لما كان من الغد من يوم أحد نادى رسول الله ص في المسلمين فأجابوه فخرجوا على علتهم و على ما أصابهم من القرح و قدم عليا بين يديه براية المهاجرين حتى انتهى إلى حمراء الأسد ثم رجع إلى المدينة فهم الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ و خرج أبو سفيان حتى انتهى إلى الروحاء فأقام بها و هو يهم بالرجعة على رسول الله ص و يقول قد قتلنا صناديد القوم فلو رجعنا استأصلناهم فلقي معبدا الخزاعي فقال ما وراءك يا معبد قال قد و الله تركت محمدا و أصحابه و هم يحرقون عليكم و هذا علي بن أبي طالب قد أقبل على مقدمته في الناس و قد اجتمع معه من كان تخلف عنه و قد دعاني ذلك إلى أن قلت شعرا قال أبو سفيان و ما ذا قلت قال قلت.

كانت تهد من الأصوات راحلتي. إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل.تردي بأسد كرام لا تنابلة. عند اللقاء و لا خرق معاذيل.

 الأبيات. فثنى ذلك أبا سفيان و من معه ثم مر به ركب من عبد القيس يريدون الميرة من المدينة فقال لهم أبلغوا محمدا أني قد أردت الرجعة إلى أصحابه لاستأصلهم و أوقر لكم ركابكم زبيبا إذا وافيتم عكاظ فأبلغوا ذلك إليه و هو بحمراء الأسد فقال ص و المسلمون معه حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ. و رجع رسول الله ص إلى المدينة يوم الجمعة. قال و لما غزا رسول الله ص حمراء الأسد وثبت فاسقة من بني حطمة يقال لها العصماء أم المنذر بن المنذر تمشي في مجالس الأوس و الخزرج و تقول شعرا تحرض على النبي ص و ليس في بني حطمة يومئذ مسلم إلا واحد يقال له عمير بن عدي فلما رجع رسول الله ص غدا عليها عمير فقتلها ثم أتى رسول الله ص فقال إني قتلت أم المنذر لما قالته من هجر فضرب رسول الله على كتفه و قال هذا رجل نصر الله و رسوله بالغيب أما إنه لا ينتطح فيها عنزان. قال عمير بن عدي فأصبحت فمررت ببنيها و هم يدفنونها فلم يعرض لي أحد منهم و لم يكلمني. بيان بؤ بذنبك أي اعترف أو ارجع به جربان القميص بالضم و التشديد لبته معرب كريبان و يقال ضربه فقضى عليه أي قتله و التأنيث بتأويل الضربة أو الجراحة و ندر الشي‏ء كنصر سقط و القذافة بالفتح و التشديد الذي يرمى به الشي‏ء فيبعد و أقمأه بالهمز صغره و أذله و القلاعة بالضم الحجر أو المدر يقتلع من الأرض فيرمى به و المراق بتشديد القاف ما دق من أسفل البطن و لان و الدعس الطعن و المزراق رمح قصير و زرقه به رماه به قوله يجأ به هو من قولهم وجاه بالسكين كوضعه أي ضربه. و قال الجزري فيه إن أبا سفيان مر بحمزة قتيلا فقال له ذق عقق أراد ذق القتل يا عاق قومه كما قتلت يوم بدر من قومك يعني كفار قريش و عقق منقول من عاق للمبالغة كغدر من غادر و فسق من فاسق و قال يقال للرجل إذ أسرى ليلته جمعاء أو أحياها بصلاة أو غيرها من العبادات اتخذ الليل جملا كأنه ركبه و لم ينم فيه. قوله قد تجملوا أي ركبوا الجمل و الإبلاء الإنعام و الإحسان و الجلل

  بالتحريك الأمر العظيم و الهين و هو من الأضداد و المراد هنا الثاني أي كل مصيبة سهلة هينة بعد سلامتك و بقائك. قوله ص لا ينتطح فيها عنزان أي يذهب هدرا لا ينازع في دمها رجلان ضعيفان أيضا لأن النطاح من شأن التيوس و الكباش

 29-  كشف، ]كشف الغمة[ قال الواقدي في المغازي إنه لما فر الناس يوم أحد ما زال النبي ص شبرا واحدا يرمي مرة عن قوسه و مرة بالحجارة و صبر معه أربعة عشر رجلا سبعة من المهاجرين و سبعة من الأنصار أبو بكر و عبد الرحمن بن عوف و علي بن أبي طالب و سعد بن أبي وقاص و طلحة بن عبيد الله و أبو عبيدة بن الجراح و الزبير بن العوام و من الأنصار الحباب بن المنذر و أبو دجانة و عاصم بن ثابت و الحارث بن الصمة و سهل بن حنيف و أسيد بن حضير و سعد بن معاذ و يقال ثبت سعد بن عبادة و محمد بن مسلمة فجعلوهما مكان أسيد بن حضير و سعد بن معاذ و بايعه يومئذ ثمانية على الموت ثلاثة من المهاجرين و خمسة من الأنصار علي ع و الزبير و طلحة و أبو دجانة و الحارث بن الصمة و حباب بن المنذر و عاصم بن ثابت و سهل بن حنيف فلم يقتل منهم أحد و أصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان حتى وقعت على وجنته قال فجئت إلى النبي ص و قلت يا رسول الله إن تحتي امرأة شابة جميلة أحبها و تحبني فأنا أخشى أن تقذر مكان عيني فأخذها رسول الله ص فردها فأبصرت و عادت كما كانت لم تؤلمه ساعة من ليل أو نهار فكان يقول بعد أن أسن هي أقوى عيني و كانت أحسنهما و باشر النبي ص القتال بنفسه و رمى حتى فنيت نبله و أصاب شفتيه و رباعيته عتبة بن أبي وقاص و وقع ص في حفرة و ضربه ابن قميئة فلم يصنع سيفه شيئا إلا وهن الضربة بثقل السيف و انتهض و طلحة تحمله من ورائه و علي ع أخذ بيديه حتى استوى قائما

 و عن أبي بشير الحارثي حضرت يوم أحد و أنا غلام فرأيت ابن قميئة علا رسول الله ص بالسيف فوقع على ركبتيه في حفرة أمامه حتى توارى فجعلت أصيح و أنا غلام حتى رأيت الناس ثابوا إليه

 و يقال الذي شجه في جبهته ابن شهاب و الذي أشظى رباعيته و أدمى شفته عتبة بن أبي وقاص و الذي أدمى وجنتيه حتى غاب الحلق في وجنته ابن قميئة و سال الدم من جبهته حتى أخضل لحيته و كان سالم مولى أبي حذيفة يغسل الدم عن وجهه و هو يقول كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم و هو يدعوهم إلى الله فأنزل الله لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ‏ءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ الآية

 و ذكر أحمد بن حنبل في مسنده عن أبي حازم عن سهل بأي شي‏ء دووي جرح رسول الله ص قال كان علي ع يجي‏ء بالماء في ترسه و فاطمة ع تغسل الدم عن وجهه و أخذ حصيرا فأحرق و حشي به جرحه

 و قال علي ع و لقد رأيتني و انفردت يومئذ منهم فرقة خشناء فيها عكرمة بن أبي جهل فدخلت وسطهم بالسيف فضربت به و اشتملوا علي حتى أفضيت إلى آخرهم ثم كررت فيهم الثانية حتى رجعت من حيث جئت و لكن الأجل استأخر و يقضي اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا قال و كان عثمان من الذين تولى يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ

 و قال ابن أبي نجيح نادى في ذلك اليوم مناد لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي

 بيان قال في النهاية التشظي التشعب و التشقق و منه الحديث فانشظت رباعية رسول الله ص أي انكسرت

30-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ أبو القاسم بن حماد معنعنا عن حذيفة اليماني رضي الله عنه أن رسول الله ص أمر بالجهاد يوم أحد فخرج الناس سراعا يتمنون لقاء عدوهم و بغوا في منطقهم و قالوا و الله لئن لقينا عدونا لا نولي حتى يقتل عن آخرنا رجل أو يفتح الله لنا قال فلما أتوا إلى القوم ابتلاهم الله بالذي كان منهم و من بغيهم فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى انهزموا عن رسول الله ص إلا علي بن أبي طالب ع و أبو دجانة سماك بن خرشة الأنصاري فلما رأى رسول الله ص ما قد نزل بالناس من الهزيمة و البلاء رفع البيضة عن رأسه و جعل ينادي أيها الناس أنا لم أمت و لم أقتل و جعل الناس يركب بعضهم بعضا لا يلوون على رسول الله ص فلا يلتفتون إليه فلم يزالوا كذلك حتى دخلوا المدينة فلم يكتفوا بالهزيمة حتى قال أفضلهم رجلا في أنفسهم قتل رسول الله ص فلما آيس الرسول من القوم رجع إلى موضعه الذي كان فيه فلم ير إلا علي بن أبي طالب ع و أبا دجانة الأنصاري رضي الله عنه فقال رسول الله ص يا أبا دجانة ذهب الناس فالحق بقومك فقال أبو دجانة يا رسول الله ما على هذا بايعناك و بايعنا الله و لا على هذا خرجنا يقول الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فقال رسول الله ص يا أبا دجانة أنت في حل من بيعتك فارجع فقال أبو دجانة يا رسول الله لا تحدث نساء الأنصار في الخدور أني أسلمتك و رغبت بنفسي عن نفسك يا رسول الله لا خير في العيش بعدك قال فلما سمع رسول الله ص كلامه و رغبته في الجهاد انتهى رسول الله ص إلى صخرة فاستتر بها ليتقي بها من السهام سهام المشركين فلم يلبث أبو دجانة إلا يسيرا حتى أثخن جراحة فتحامل حتى انتهى إلى رسول الله ص فجلس إلى جنبه و هو مثخن لا حراك به. قال و علي ع لا يبارز فارسا و لا راجلا إلا قتله الله على يديه حتى انقطع سيفه فلما انقطع سيفه جاء إلى رسول الله ص فقال يا رسول الله ص انقطع سيفي و لا سيف لي فخلع رسول الله ص سيفه ذا الفقار فقلد عليا ع و مشى إلى جمع المشركين فكان لا يبرز له أحد إلا قتله فلم يزل على ذلك حتى وهنت ذراعه فعرف رسول الله ص ذلك فيه فنظر رسول الله ص إلى السماء و قال اللهم إن محمدا عبدك و رسولك جعلت لكل نبي وزيرا من أهله لتشد به عضده و تشركه في أمره و جعلت لي وزيرا من أهلي علي بن أبي طالب أخي فنعم الأخ و نعم الوزير اللهم وعدتني أن تمدني بأربعة آلاف مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ اللهم وعدك وعدك إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ وعدتني أن تظهر دينك عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ. قال فبينما رسول الله ص يدعو ربه و يتضرع إليه إذ سمع دويا من السماء فرفع رأسه فإذا جبرئيل ع على كرسي من ذهب و معه أربعة آلاف مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ و هو يقول لا فتى إلا علي و لا سيف إلا ذو الفقار. فهبط جبرئيل ع على الصخرة و حفت الملائكة برسول الله ص فسلموا عليه فقال جبرئيل ص يا رسول الله بالذي أكرمك بالهدى لقد عجبت الملائكة المقربون لمواساة هذا الرجل لك بنفسه فقال يا جبرئيل و ما يمنعه يواسيني بنفسه و هو مني و أنا منه فقال جبرئيل ع و أنا منكما حتى قالها ثلاثا ثم حمل علي بن أبي طالب ع و حمل جبرئيل و الملائكة ثم إن الله تعالى هزم جمع المشركين و تشتت أمرهم فمضى رسول الله ص و علي بن أبي

 طالب ع بين يديه و معه اللواء قد خضبه بالدم و أبو دجانة رضي الله عنه خلفه فلما أشرف على المدينة فإذا نساء الأنصار يبكين رسول الله ص فلما نظروا إلى رسول الله ص استقبله أهل المدينة بأجمعهم و مال رسول الله ص إلى المسجد و نظر إلى الناس فتضرعوا إلى الله و إلى رسوله و أقروا بالذنب و طلبوا التوبة فأنزل الله فيهم قرآنا يعيبهم بالبغي الذي كان منهم و ذلك قوله تعالى وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ يقول قد عاينتم الموت و العدو فلم نقضتم العهد و جزعتم من الموت و قد عاهدتم الله أن لا تنهزموا حتى قال بعضكم قتل محمد فأنزل الله تعالى وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ إلى قوله وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ يعني عليا و أبا دجانة. ثم قال رسول الله ص أيها الناس إنكم رغبتم بأنفسكم عني و وازرني علي و واساني فمن أطاعه فقد أطاعني و من عصاه فقد عصاني و فارقني في الدنيا و الآخرة قال فقال حذيفة ليس ينبغي لأحد يعقل أن يشك فمن لم يشرك بالله أنه أفضل ممن أشرك به و من لم ينهزم عن رسول الله ص أفضل ممن انهزم و إن السابق إلى الإيمان بالله و رسوله أفضل و هو علي بن أبي طالب

 فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ الحسين بن سعيد معنعنا عن حذيفة مثله

 31-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن محبوب عن ابن سنان عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله ع أن رسول الله ص كفن حمزة بثيابه و لم يغسله و لكنه صلى عليه

  -32  يب، ]تهذيب الأحكام[ المفيد عن ابن قولويه عن الكليني عن علي عن أبيه عن حماد عن حريز عن إسماعيل بن جابر و زرارة عن أبي جعفر ع قال دفن رسول الله ص عمه حمزة في ثيابه بدمائه التي أصيب فيها و زاده النبي ص بردا فقصر عن رجليه فدعا له بإذخر فطرحه عليه و صلى عليه سبعين صلاة و كبر عليه سبعين تكبيرة

 33-  كا، ]الكافي[ حميد بن زياد عن الحسن بن محمد الكندي عن أحمد بن الحسن الميثمي عن أبان بن عثمان عن نعمان الرازي عن أبي عبد الله ع قال انهزم الناس يوم أحد عن رسول الله ص فغضب غضبا شديدا قال و كان إذا غضب انحدر عن جبينيه مثل اللؤلؤ من العرق قال فنظر فإذا علي ع إلى جنبه فقال له الحق ببني أبيك مع من انهزم عن رسول الله ص فقال يا رسول الله لي بك أسوة قال فاكفني هؤلاء فحمل فضرب أول من لقي منهم فقال جبرئيل ع إن هذه لهي المواساة يا محمد فقال إنه مني و أنا منه فقال جبرئيل ع و أنا منكما يا محمد فقال أبو عبد الله ع فنظر رسول الله ص إلى جبرئيل ع على كرسي من ذهب بين السماء و الأرض و هو يقول لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي

 34-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن علي بن الحكم عن الحسين بن أبي العلاء الخفاف عن أبي عبد الله ع قال لما انهزم الناس يوم أحد عن النبي ص انصرف إليهم بوجهه و هو يقول أنا محمد أنا رسول الله لم أقتل و لم أمت فالتفت إليه فلان و فلان فقالا الآن يسخر بنا أيضا و قد هزمنا و بقي معه علي ع و سماك بن خرشة أبو دجانة رحمه الله فدعاه النبي ص فقال يا با دجانة انصرف و أنت في حل من بيعتك فأما علي فهو أنا و أنا هو فتحول و جلس بين يدي النبي ص و بكى و قال لا و الله و رفع رأسه إلى السماء و قال لا و الله لا جعلت نفسي في حل من بيعتي إني بايعتك فإلى من أنصرف يا رسول الله إلى زوجة تموت أو ولد يموت أو دار تخرب و مال يفنى و أجل قد اقترب فرق له النبي ص فلم يزل يقاتل حتى أثخنته الجراحة و هو في وجه و علي في وجه فلما أسقط احتمله علي ع فجاء به إلى النبي ص فوضعه عنده فقال يا رسول الله أ وفيت ببيعتي قال نعم و قال له النبي ص خيرا و كان الناس يحملون على النبي ص الميمنة فيكشفهم علي ع فإذا كشفهم أقبلت الميسرة إلى النبي ص فلم يزل كذلك حتى تقطع سيفه بثلاث قطع فجاء إلى النبي ص فطرحه بين يديه و قال هذا سيفي قد تقطع فيومئذ أعطاه النبي ص ذا الفقار فلما رأى النبي ص اختلاج ساقيه من كثرة القتال رفع رأسه إلى السماء و هو يبكي و قال يا رب وعدتني أن تظهر دينك و إن شئت لم يعيك فأقبل علي ع إلى النبي ص فقال يا رسول الله أسمع دويا شديدا و أسمع أقدم حيزوم و ما أهم أضرب أحدا إلا سقط ميتا قبل أن أضربه فقال هذا جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل و الملائكة ثم جاء جبرئيل فوقف إلى جنب رسول الله ص فقال يا محمد إن هذه هي المواساة فقال إن عليا مني و أنا منه فقال جبرئيل ع و أنا منكما ثم انهزم الناس فقال رسول الله ص لعلي ع يا علي امض بسيفك حتى تعارضهم فإن رأيتهم قد ركبوا القلاص و جنبوا الخيل فإنهم يريدون مكة و إن رأيتهم قد ركبوا الخيل و هم يجنبون القلاص فإنهم يريدون المدينة فأتاهم علي ع فكانوا على القلاص فقال أبو سفيان لعلي ع يا علي ما تريد هو ذا نحن ذاهبون إلى مكة فانصرف إلى صاحبك فأتبعهم جبرئيل ع فكلما سمعوا. وقع حوافر فرسه جدوا في السير و كان يتلوهم فإذا ارتحلوا قال هو ذا عسكر محمد قد أقبل فدخل أبو سفيان مكة فأخبرهم الخبر و جاء الرعاة و الحطابون فدخلوا مكة فقالوا رأينا عسكر محمد كلما رحل أبو سفيان نزلوا يقدمهم فارس على أشقر يطلب آثارهم فأقبل أهل مكة على أبي سفيان يوبخونه و رحل النبي ص و الراية مع علي ع و هو بين يديه فلما أن أشرف بالراية من العقبة و رآه الناس نادى علي ع أيها الناس هذا محمد لم يمت و لم يقتل فقال صاحب الكلام الذي قال الآن يسخر بنا و قد هزمنا هذا علي و الراية بيده حتى هجم عليهم النبي ص و نساء الأنصار في أفنيتهم على أبواب دورهم و خرج الرجال إليه يلوذون به و يثوبون إليه و النساء نساء الأنصار قد خدشن الوجوه و نشرن الشعور و جززن النواصي و خرقن الجيوب و حزمن البطون على النبي ص فلما رأينه قال لهن خيرا و أمرهن أن يتسترن و يدخلن منازلهن و قال إن الله عز و جل وعدني أن يظهر دينه على الأديان كلها و أنزل الله على محمد ص وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً الآية

 بيان قوله أثخنته الجراحة أي أوهنته و أثرت فيه. قوله فلما أسقط هذا لا يدل على أنه قتل في تلك الوقعة فلا ينافي ما هو المشهور بين أرباب السير و الأخبار أنه بقي بعد النبي ص فقيل إنه قتل باليمامة و قيل شهد مع أمير المؤمنين ع بعض غزواته كما ذكر في الاستيعاب و الأول أشهر. قوله ع لم يعيك أي لا يشكل عليك و لا تعجز عنه. و قال الجزري في حديث بدر أقدم حيزوم جاء في التفسير أنه اسم فرس جبرئيل أراد أقدم يا حيزوم فحذف حرف النداء. قوله فإذا ارتحلوا قال القائل إما جبرئيل أو أبو سفيان قوله فقالوا رأينا إنما قالوا ذلك لما رأوا من عسكر الملائكة المتمثلين بصور المسلمين و كان تعيير أهل مكة لأبي سفيان لهربهم عن ذلك العسكر. قوله هذا علي لعل مراده تصديق كلامه الأول أي أتى علي و لم يأت النبي ص فلو كان حيا لأتى قوله ع و يثوبون بالثاء المثلثة أي يرجعون و في بعض النسخ بالمثناة أي يتوبون و يعتذرون من الهزيمة قوله و حزمن البطون في أكثر النسخ بالحاء المهملة و الزاء المعجمة أي كن شددن بطونهن لئلا تبدوا عوراتهن لشق الجيوب من قولهم حزمت الشي‏ء أي شددته و في بعضها حرصن بالحاء و الصاد المهملتين أي شققن و خرقن و في بعضها بالحاء المهملة و الضاد المعجمة على بناء التفعيل يقال أحرضه المرض إذا فسد بدنه و أشفى على الهلاك

 35-  تفسير النعماني، بالإسناد المذكور في كتاب القرآن عن أمير المؤمنين ع في قوله سبحانه الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ نزلت هذه الآية في نعيم بن مسعود الأشجعي و ذلك أن رسول الله ص رجع من غزاة أحد و قد قتل عمه حمزة و قتل من المسلمين من قتل و جرح من جرح و انهزم من انهزم و لم ينله القتل و الجرح أوحى الله تعالى إلى رسول الله ص أن اخرج في وقتك هذا لطلب قريش و لا تخرج معك من أصحابك إلا من كانت به جراحة فأعلمهم بذلك فخرجوا معه على ما كان بهم من الجراح حتى نزلوا منزلا يقال له حمراء الأسد و كانت قريش قد جدت السير فرقا فلما بلغهم خروج رسول الله ص في طلبهم خافوا فاستقبلهم رجل من أشجع يقال له نعيم بن مسعود يريد المدينة فقال له أبو سفيان صخر بن حرب يا نعيم هل لك أن أضمن لك عشر قلائص و تجعل طريقك على حمراء الأسد فتخبر محمدا أنه قد جاء مدد كثير من حلفائنا من العرب كنانة و عشيرتهم و الأحابيش و تهول عليهم ما استطعت فلعلهم يرجعون عنا فأجابه إلى ذلك و قصد حمراء الأسد فأخبر رسول الله ص بذلك و قال إن قريشا يصبحون بجمعهم الذي لا قوام لكم به فاقبلوا نصيحتي و ارجعوا فقال أصحاب رسول الله ص حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ اعلم أنا لا نبالي بهم فأنزل الله سبحانه على رسوله الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ إلى قوله وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ و إنما كان القائل نعيم بن مسعود فسماه الله باسم جميع الناس

 36-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن معاوية بن حكيم عن البزنطي عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع قال كان مما من الله عز و جل على رسوله ص أنه كان يقرأ و لا يكتب فلما توجه أبو سفيان إلى أحد كتب العباس إلى النبي ص فجاءه الكتاب و هو في بعض حيطان المدينة فقرأه و لم يخبر أصحابه و أمرهم أن يدخلوا المدينة فلما دخلوا المدينة أخبرهم

 37-  ب، ]قرب الإسناد[ السندي بن محمد عن وهب بن وهب عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال أمر رسول الله ص يوم الفتح بقتل فرتنا و أم سارة قال و كانتا قينتين تزنيان و تغنيان بهجاء النبي ص و تحضضان يوم أحد على رسول الله ص

 38-  مع، ]معاني الأخبار[ ابن إدريس عن ابن أبي الخطاب و غيره ذكرهم جميعا عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن الصادق عن أبيه ع قال قال رسول الله ص إن مناديا نادى في السماء يوم أحد لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي فعلي أخي و أنا أخوه

 39-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ هاني بن محمد بن محمود عن أبيه بإسناده رفعه إلى موسى بن جعفر ع و ساق حديثه مع الرشيد إلى أن قال إن العلماء قد اجتمعوا على أن جبرئيل قال يوم أحد يا محمد إن هذه لهي المواساة من علي قال لأنه مني و أنا منه فقال جبرئيل و أنا منكما يا رسول الله ثم قال لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي فكان كما مدح الله عز و جل به خليله ع إذ يقول فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ الخبر

 40-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه و علي بن محمد عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن النضر بن إسماعيل البلخي عن أبي حمزة الثمالي عن شهر بن حوشب قال قال لي الحجاج و سألني عن خروج النبي ص إلى مشاهده فقلت شهد رسول الله ص بدرا في ثلاثمائة و ثلاثة عشر و شهد أحدا في ستمائة و شهد الخندق في تسعمائة فقال عمن قلت عن جعفر بن محمد ع فقال ضل و الله من سلك غير سبيله

 41-  ل، ]الخصال[ ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ سأل الشامي أمير المؤمنين ع عن يوم الأربعاء و التطير منه فقال ع آخر أربعاء في الشهر إلى أن قال و يوم الأربعاء شج النبي ص و كسرت رباعيته

 42-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن الحسن بن حمزة العلوي عن محمد بن داود عن عبد الله بن أحمد بن محمد الكوفي عن أبي سعيد سهل بن صالح العباسي عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن موسى بن جعفر ع عن آبائه صلوات الله عليهم و ساق الحديث عن علي ع في أجوبته عن مقالة اليهودي إلى أن قال إن أبا قتادة بن ربعي الأنصاري شهد وقعة أحد فأصابته طعنة في عينه فبدرت حدقته فأخذها بيده ثم أتى بها رسول الله ص فقال امرأتي الآن تبغضني فأخذها رسول الله ص من يده ثم وضعها مكانها فلم تك تعرف إلا بفضل حسنها على العين الأخرى و لقد بادر عبد الله بن عتيك فأبين يده فجاء إلى رسول الله ص ليلا و معه اليد المقطوعة فمسح عليها فاستوت يده

 43-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ جعفر بن أحمد بن يوسف رفعه إلى ابن عباس في قوله إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ قال فلم يبق معه من الناس يوم أحد غير علي بن أبي طالب ع و رجل من الأنصار فقال النبي ص يا علي قد صنع الناس ما ترى فقال لا و الله يا رسول الله لا أسأل عنك الخبر من وراء فقال له النبي ص أما لا فاحمل على هذه الكتيبة فحمل عليها ففضها فقال جبرئيل ع يا رسول الله إن هذه لهي المواساة فقال النبي ص إني منه و هو مني فقال جبرئيل ع و أنا منكما

 44-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر ع في قول الله عز و جل وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ قال قوم كانوا مشركين فقتلوا مثل حمزة و مثل جعفر و أشباههما من المؤمنين ثم إنهم دخلوا في الإسلام فوحدوا الله و تركوا الشرك و لم يعرفوا الإيمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة و لم يكونوا على جحودهم فيكفروا فتجب لهم النار فهم على تلك الحال إما أن يعذبهم و إما يتوب عليهم

 كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن علي بن حسان عن موسى بن بكر عن رجل عن أبي جعفر ع مثله

 45-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحسين بن إبراهيم القزويني عن محمد بن وهبان عن أحمد بن إبراهيم بن أحمد عن الحسن بن علي الزعفراني عن أحمد بن محمد البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم قال سمعت أبا عبد الله ع يقول بينا حمزة بن عبد المطلب و أصحاب له على شراب لهم يقال له السكركة قال فتذاكروا السديف قال فقال لهم حمزة كيف لنا به قال فقالوا له هذه ناقة ابن أخيك علي فخرج إليها فنحرها ثم أخذ من كبدها و سنامها فأدخله عليهم قال و أقبل علي ع فأبصر ناقته فدخله من ذلك فقالوا له عمك حمزة صنع هذا قال فذهب إلى النبي ص فشكا ذلك إليه قال فأقبل معه رسول الله ص فقيل لحمزة هذا رسول الله ص قد أقبل الباب قال فخرج و هو مغضب قال فلما رأى رسول الله ص الغضب في وجهه انصرف قال فأنزل الله عز و جل تحريم الخمر قال فأمر رسول الله ص بآنيتهم فكفئت و نودي في الناس بالخروج إلى أحد فخرج رسول الله ص و خرج حمزة فوقف ناحية من النبي ص قال فلما تصافوا حمل حمزة في الناس حتى غاب فيهم ثم رجع إلى موقفه فقال له الناس الله الله يا عم رسول الله أن تذهب و في نفس رسول الله عليك شي‏ء قال ثم حمل الثانية حتى غيب في الناس ثم رجع إلى موقفه فقالوا الله الله يا عم رسول الله أن تذهب و في نفس رسول الله عليك شي‏ء قال فأقبل إلى رسول الله ص فلما رآه مقبلا نحوه أقبل إليه رسول الله ص و عانقه و قبل رسول الله ص ما بين عينيه ثم حمل على الناس فاستشهد حمزة فكفنه رسول الله ص في نمرة ثم قال أبو عبد الله ع نحو من ستر بابي هذا فكان إذا غطى به وجهه انكشفت رجلاه و إذا غطى رجليه انكشفت وجهه قال فغطى به وجهه و جعل على رجليه إذخرا قال و انهزم الناس و بقي علي ع فقال له رسول الله ص ما صنعت يا علي فقال يا رسول الله لزمت الأرض فقال ص ذلك الظن بك قال فقال رسول الله ص أنشدك يا رب ما وعدتني فإنك إن شئت لم تعبد

 شي، ]تفسير العياشي[ عن هشام مثله

 بيان قال الجزري السكركة بضم السين و الكاف و سكون الراء نوع من الخمور يتخذ من الذرة قال الجوهري هي خمر الحبش و هي لفظة حبشية و قد عربت فقيل السقرقع و قال الهروي و في حديث الهروي و خمرة السكركة انتهى. و السديف كأمير شحم السنام قاله الفيروزآبادي و قال النمرة كفرحة الحبرة و شملة فيها خطوط بيض و سود أو بردة من صوف تلبسها الأعراب. قوله ص فإنك إن شئت لم تعبد لعل المعنى إن شئت مغلوبيتنا و استيصالنا لم يعبدك أحد بعد ذلك أو المعنى إن شئت أن لا تعبد فالأمر إليك. أقول في هذا الخبر ما ينافي الأخبار المتواترة الدالة على رفعة شأن حمزة ع و سمو مكانه ظاهرا و إن أمكن توجيهه و الله يعلم

 46-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن هارون عن ابن صدقة عن أبي عبد الله ع قال إن أبا دجانة الأنصاري اعتم يوم أحد بعمامة و أرخى عذبة العمامة بين كتفيه حتى جعل يتبختر فقال رسول الله ص إن هذه لمشية يبغضها الله عز و جل إلا عند القتال في سبيل الله

 بيان العذب بالتحريك طرف كل شي‏ء

 47-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ و في شوال غزوة أحد و هو يوم المهراس قال ابن عباس و مجاهد و قتادة و الربيع و السدي و ابن إسحاق نزل فيه قوله وَ إِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ و هو المروي عن أبي جعفر ع. زيد بن وهب إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ فقالوا لم انهزمنا و قد وعدنا بالنصر فنزل وَ لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ ابن مسعود و الصادق ع لما قصد أبو سفيان في ثلاثة آلاف من قريش إلى النبي ص و يقال في ألفين منهم مائتا فارس و الباقون ركب و لهم سبعمائة درع و هند ترتجز  

نحن بنات طارق. نمشي على النمارق.و المسك في المفارق. و الدر في المخانق.

 و كان استأجر أبو سفيان يوم أحد ألفين من الأحابيش يقاتل بهم النبي ص. قوله إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فخرج النبي ص مع أصحابه و كانوا ألف رجل و يقال سبعمائة فانعزل عنهم ابن أبي بثلث الناس فهمت بنو حارثة و بنو سلمة بالرجوع و هو قوله إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ. قال الجبائي هما به و لم يفعلاه و ساق الخبر إلى أن قال و أقبل خالد من الشعب بخيل المشركين و جاء من ظهر النبي ص و قال دونكم هذا الطليق الذي تطلبونه فشأنكم به فحملوا عليه حملة رجل واحد حتى قتل منهم خلق و انهزم الباقون في الشعب و أقبل خالد بخيله كما قال تعالى إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ و رسول الله يدعوهم في أخراهم يا أيها الناس إني رسول الله إن الله قد وعدني النصر فأين الفرار و كان النبي ص يرمي و يقول اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون فرماه ابن قميئة بقذافة فأصاب كفه و عبد الله بن شهاب بقلاعة فأصاب مرفقه و ضربه عتبة بن أبي وقاص أخو سعد على وجهه فشج رأسه فنزل من فرسه و نهبه ابن قميئة و قد ضرب به على جنبه و صاح إبليس من جبل أحد ألا إن محمدا قد قتل فصاحت فاطمة ع و وضعت يدها على رأسها و خرجت تصرخ و ساير هاشمية و قرشية. فلما حمله علي ع إلى أحد نادى العباس و هو جهوري الصوت فقال يا أصحاب سورة البقرة أين تفرون إلى النار تهربون. و أنشأ أمير المؤمنين ع

الحمد لله ربي الخالق الصمد. فليس يشركه في حكمه أحد.هو الذي عرف الكفار منزلهم. و المؤمنون سيجزيهم بما وعدوا.و ينصر الله من والاه إن له. نصرا و يمثل بالكفار إذ عندوا.قومي وقوا الرسول و احتسبوا. شم العرانين منهم حمزة الأسد.

 و أنشأ ع

رأيت المشركين بغوا علينا. و لجوا في الغواية و الضلال.و قالوا نحن أكثر إذ نفرنا. غداة الروع بالأسل الطوال.فإن يبغوا و يفتخروا علينا. بحمزة و هو في الغرف العوالي.فقد أودى بعتبة يوم بدر. و قد أبلى و جاهد غير آل.و قد غادرت كبشهم جهارا. بحمد الله طلحة في المجال.فخر لوجهه و رفعت عنه. رقيق الحد حودث بالصقال

 بيان ذكر عباس هنا لعله سهو

 48-  و أقول روي في الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين ع

أتاني أن هندا حل صخر دعت دركا و بشرت الهنودا

 فإن تفخر بحمزة حين ولى مع الشهداء محتسبا شهيدافإنا قد قتلنا يوم بدر أبا جهل و عتبة و الوليداو قتلنا سراة الناس طرا و غنمنا الولائد و العبيداو شيبة قد قتلنا يوم ذاكم على أثوابه علقا حسيدافبوئ من جهنم شر دار عليها لم يجد عنها محيداو ما سيان من هو في جحيم يكون شرابه فيها صديداو من هو في الجنان يدر فيها عليه الرزق مغتبطا حميدا

و فيه أيضا بعد قتل طلحة

أصول بالله العزيز الأمجد و فالق الإصباح رب المسجدأنا علي و ابن عم المهتدي

و فيه أيضا

الله حي قديم قادر صمد و ليس يشركه في ملكه أحدهو الذي عرف الكفار منزلهم و المؤمنون سيجزيهم كما وعدوافإن يكن دولة كانت لنا عظة فهل عسى أن يرى في غيها رشدو ينصر الله من والاه إن له نصرا و يمثل بالكفار إذ عندوافإن نطقتم بفخر لا أبا لكم فيمن تضمن من إخواننا اللحدفإن طلحة غادرناه منجدلا و للصفائح نار بيننا تقدو المرء عثمان أردته أسنتنا فجيب زوجته إذ خبرت قددفي تسعة إذ تولوا بين أظهرهم لم ينكلوا من حياض الموت إذ وردوا

 كانوا الذوائب من فهر و أكرمها شم الأنوف و حيث الفرع و العددو أحمد الخير قد أردى على عجل تحت العجاج أبيا و هو مجتهدو ظلت الطير و الضبعان تركبه فحامل قطعة منهم و مقتعدو من قتلتم على ما كان من عجب منا فقد صادفوا خيرا و قد سعدوالهم جنان من الفردوس طيبة لا يعتريهم بها حر و لا صردصلى الإله عليهم كلما ذكروا فرب مشهد صدق قبله شهدواقوم وفوا لرسول الله و احتسبوا شم العرانين منهم حمزة الأسدو مصعب ظل ليثا دونه حردا حتى تزمل منه ثعلب جسدليسوا كقتلى من الكفار أدخلهم نار الجحيم على أبوابها الرصد

و فيه أيضا

رأيت المشركين بغوا علينا

إلى قوله

و قد أودى و جاهد غير آل

و قد فللت خيلهم ببدر و أتبعت الهزيمة بالرجال

إلى قوله بالصقال

كأن الملح خالطه إذا ما تلظى كالعتيقة في الظلال

  -49  و في شرح الديوان أن عثمان بن أبي طلحة ارتجز يوم أحد فقال

أنا ابن عبد الدار ذي الفضول و إنك عندي يا علي مقبول‏أو هارب خوف الردى مفلول

فأجابه ع بما في الديوان

هذا مقامي معرض مبذول من يلق سيفي فله العويل‏و لا أخاف الصول بل أصول إني عن الأعداء لا أزول‏يوما لدى الهيجاء و لا أحول و القرن عندي في الوغى مقتول‏أو هالك بالسيف أو مغلول

و قال ع في جواب رجز عمر بن أخنس بن شريق

اخسأ عليك اللعن من جاهد يا ابن لعين لاح بالأرذل‏اليوم أعلوك بذي رونق كالبرق في المخلولق المسبل‏يفري شئون الرأس لا ينثني بعد فراش الحاجب الأجزل‏أرجو بذلك الفوز في جنة عالية في أكرم المدخل

و فيه أيضا مخاطبا لأسامة بن زيد في تلك الغزوة

لست أرى ما بيننا حاكما إلا الذي بالكف تبارو صارما أبيض مثل المها يبرق في الراحة ضرارمعي حسام قاطع باتر تسطع من تضرابه النار

 إنا أناس ديننا صادق إنا على الحرب لصبار

و فيه أيضا مخوفا له

سوف يرى الجمع ضراب الفاتك الحلابس‏و طعنة قد شدها لكبوة الفوارس‏اليوم أضرم نارها بجذوة لقابس‏حتى ترى فرسانها تخر للمعاطس

 بيان دعت دركا أي لنفسها درك الجحيم أو الناس إليها و الدرك أيضا اللحاق و التبعة و بشرت قوما كالهنود في الكفر أو قومها المنسوبين إليها و التقتيل إكثار القتل و السراة الأشراف قوله غنمنا بالتشديد أي جعلناهم غنائم على أثوابه كأن تقديره تركنا على أثوابه علقا بالتحريك أي دما غليظا أو جامدا و الجسيد من قولهم جسد به الدم إذا لصق به قوله تقد أي تلتهب قوله قدد أي قطع و القد قطع الشي‏ء طولا قوله كانوا الذوائب أي الرؤساء و الأشراف و فهر بالكسر أبو قبيلة من قريش و الشم بالضم جمع الأشم و الشمم ارتفاع قصبة الأنف و استواء أعلاها و إشراف الأرنبة قليلا و هو كناية عن الرفعة و العلو و شرف الأنفس يقال شمخ بأنفه إذا تكبر و الفرع الولد و العجاج الغبار. قوله فحامل قطعة أي بعضها تحمل منه قطعة و بعضها تركبه و تأكل منه و الصرد البرد و العرانين الأنوف و رمله بالدم لطخه و في بعض النسخ بالزاي من تزمل أي تلفف به و الثعلب طرف الرمح الداخل في السنان. قوله غير آل أي غير مقصر و الأسل الرماح و فللت الجيش هزمته و التشديد للمبالغة و التكثير قوله حودث أي جلى و عقيقة البرق ما انعق منه أي تضرب في السحاب و يقال عرضت الشي‏ء فأعرض أي أظهرته فظهر و خسأ بعد و رونق السيف ماؤه و حسنه و المخلولق البالي الدارس و الأسبال الإرسال و الفري القطع و الشئون ملتقى عظام الرأس و فراش الرأس عظام رقاق تلي القحف و الجزل القطع و بتار بتقديم الموحدة على المثناة أي قطاع و في بعض النسخ بالعكس من التبار و هو الهلاك و المها البلور و الباتر السيف القاطع و التضراب مبالغة في الضرب و الفاتك الجري‏ء و الحلابس بالضم الشجاع و في بعض النسخ الخنابس و هو الكريه المنظر و يقال الأسد حنابس و كبا لوجهه كبوا سقط و ضمير نارها للحرب و الجذوة مثلثة الجمرة و قبست منه نارا طلبته و المعطس كالمجلس الأنف

 50-  أقول قال عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة لما رجع من حضر بدرا من المشركين إلى مكة وجدوا العير التي قدم بها أبو سفيان موقوفة في دار الندوة فاتفقوا على أن يحتبسوها أو أرباحها ليجهزوا بها جيشا إلى محمد ص فبعثوا إلى العرب و استنصروهم فخرجوا و هم ثلاثة آلاف بمن ضوى إليهم بعدة و سلاح كثير و قادوا مائتي فرس و كان فيهم سبعمائة دارع و ثلاثة آلاف بعير فلما أجمعوا المسير كتب العباس بن عبد الطلب كتابا و ختمه و استأجر رجلا من بني غفار و شرط عليه أن يسير ثلاثا إلى رسول الله ص يخبره أن قريشا قد أجمعت إليك فما كنت صانعا إذ أحلوا بك فاصنعه. فلما شاع الخبر في الناس ظهر النبي ص المنبر فحمد الله و أثنى عليه

 ثم قال أيها الناس إني رأيت في منامي كأني في درع حصينة و رأيت كأن سيفي ذا الفقار انقصم من عند ظبته و رأيت بقرا تذبح و رأيت كأني مردف كبشا قال الناس يا رسول الله فما أولتها قال أما الدرع الحصينة فالمدينة فامكثوا فيها و أما انقصام سيفي من عند ظبته فمصيبة في نفسي و أما البقر المذبح فقتلى في أصحابي و أما أني مردف كبشا فكبش الكتيبة نقتله إن شاء الله

 و روي عن ابن عباس أنه ص قال أما انقصام سيفي فقتلة رجل من أهل بيتي

و روي أنه قال و رأيت في سيفي فلا فكرهته هو الذي أصاب وجهه. قال الواقدي فقال ع أشيروا علي و رأى ص أن لا يخرج من المدينة لهذه الرؤيا فقام عبد الله بن أبي فقال يا رسول الله كنا نقاتل في الجاهلية في هذه المدينة و نجعل النساء و الذراري في هذه الصياصي و نجعل معهم الحجارة يا رسول الله إن مدينتنا عذراء ما فضت علينا قط و ما خرجنا إلى عدو منها قط إلا أصاب منا و ما دخل علينا قط إلا أصبناهم فكان رأي رسول الله ص مع رأيه و كان ذلك رأي الأكابر من المهاجرين و الأنصار فقام فتيان أحداث لم يشهدوا بدرا و طلبوا من رسول الله ص الخروج إلى عدوهم و رغبوا في الشهادة و قال رجال من أهل التيه و أهل السن منهم حمزة و سعد بن عبادة و النعمان بن مالك في غيرهم من الأوس و الخزرج إنا نخشى يا رسول الله أن يظن عدونا أنا كرهنا الخروج إليهم جبنا عن لقائهم فيكون هذا جرأة منهم علينا فقال حمزة و الذي أنزل عليه الكتاب لا أطعم اليوم طعاما حتى أجالدهم بسيفي خارجا من المدينة و كان يقال كان حمزة يوم الجمعة صائما و يوم السبت صائما فلاقاهم و هو صائم. و قام خيثمة أبو سعد بن خيثمة فقال يا رسول الله إن قريشا مكثت حولا تجمع الجموع و تستجلب العرب في بواديها ثم جاءونا و قد قادوا الخيل حتى نزلوا بساحتنا فيحضروننا في بيوتنا و صياصينا ثم يرجعون وافرين لم يكلموا فيجرئهم ذلك علينا حتى يشنوا الغارات علينا و يضع الإرصاد و العيون علينا و عسى الله أن يظفرنا بهم فتلك عادة الله عندنا أو يكون الأخرى فهي الشهادة لقد أخطأتني وقعة بدر و قد كنت عليها حريصا لقد بلغ من حرصي أن ساهمت ابني في الخروج فخرج سهمه فرزق الشهادة و قد رأيت ابني البارحة في النوم في أحسن صورة يسرع في ثمار الجنة و أنهارها و هو يقول الحق بنا ترافقنا في الجنة فقد وجدت ما وعدني ربي حقا و قد و الله يا رسول الله أصبحت مشتاقا إلى مرافقته في الجنة و قد كبرت سني و رق عظمي و أحببت لقاء ربي فادع الله أن يرزقني الشهادة فدعا له رسول الله ص بذلك فقتل بأحد شهيدا فقال كل منهم مثل ذلك فقال إني أخاف عليكم الهزيمة فلما أبوا إلا الخروج صلى رسول الله ص الجمعة بالناس ثم وعظهم و أمرهم بالجد و الاجتهاد و أخبرهم أن لهم النصر ما صبروا ثم صلى العصر و لبس السلاح و خرج و كان مقدم قريش يوم الخميس لخمس خلون من شوال و كانت الوقعة يوم السبت لسبع خلون من شوال و باتت وجوه الأوس و الخزرج ليلة الجمعة عليهم السلاح في المسجد بباب النبي ص خوفا من تبييت المشركين و حرست المدينة تلك الليلة حتى أصبحوا. قال

 فلما سوى رسول الله ص الصفوف بأحد قام فخطب الناس فقال أيها الناس أوصيكم بما أوصاني به الله في كتابه من العمل بطاعته و التناهي عن محارمه ثم إنكم اليوم بمنزل أجر و ذخر لمن ذكر الذي عليه ثم وطن نفسه على الصبر و اليقين و الجد و النشاط فإن جهاد العدو شديد كريه قليل من يصبر عليه إلا من عزم له على رشده إن الله مع من أطاعه و إن الشيطان مع من عصاه فاستفتحوا أعمالكم بالصبر على الجهاد و التمسوا بذلك ما وعدكم الله و عليكم بالذي أمركم به فإني حريص على رشدكم إن الاختلاف و التنازع و التثبط من أمر العجز و الضعف و هو مما لا يحبه الله و لا يعطي عليه النصر و الظفر أيها الناس إنه قد قذف في قلبي أن من كان على حرام فرغب عنه ابتغاء ما عند الله غفر له ذنبه و من صلى علي صلى الله عليه و ملائكته عشرا و من أحسن من مسلم أو كافر وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ في عاجل دنياه و في آجل آخرته و من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا صبيا أو امرأة أو مريضا أو عبدا مملوكا و من استغنى عنها اسْتَغْنَى اللَّهُ عنه وَ اللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ما أعلم من عمل يقربكم إلى الله إلا و قد أمرتكم به و لا أعلم من عمل يقربكم إلى النار إلا و قد نهيتكم عنه و إنه قد نفث الروح الأمين في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي أقصى رزقها لا ينقص منه شي‏ء و إن أبطأ عنها فاتقوا الله ربكم و أجملوا في طلب الرزق و لا يحملنكم استبطاؤه على أن تطلبوه بمعصية ربكم فإنه لن يقدر على ما عنده إلا بطاعته قد بين لكم الحلال و الحرام غير أن بينهما شبها من الأمر لم يعلمها كثير من الناس إلا من عصم فمن تركها حفظ عرضه و دينه و من وقع فيها كان كالراعي إلى جنب الحمى أوشك أن يقع فيه و ما من ملك إلا و له حمى ألا و إن حمى الله محارمه و المؤمن من المؤمنين كالرأس من الجسد إذا اشتكى تداعى عليه سائر جسده و السلام عليكم

قال الواقدي و برز طلحة بن أبي طلحة فصاح من يبارز فقال علي ع هل لك في مبارزتي قال نعم فبرز بين الصفين و رسول الله جالس تحت الراية عليه درعان و مغفر و بيضة فالتقيا فبدره علي ع بضربة على رأسه فمضى السيف حتى فلق هامته إلى أن انتهى إلى لحيته فوقع و انصرف علي ع فقيل له هلا دففت عليه قال إنه لما صرع استقبلتني عورته فعطفتني عليه الرحم و قد علمت أن الله سيقتله هو كبش الكتيبة فسر رسول الله ص و كبر تكبيرا عاليا و كبر المسلمون. و ساق القصة إلى أن قال ثم حمل اللواء أرطاة بن عبد شرحبيل فقتله علي ع ثم حمله صواب غلام بني عبد الدار فقيل قتله علي ع و قيل سعد بن أبي وقاص و قيل قزمان. قال الواقدي و قالوا ما ظفر الله نبيه في موطن قط ما ظفره و أصحابه يوم أحد حتى عصوا الرسول و تنازعوا في الأمر لقد قتل أصحاب اللواء و انكشف المشركون و نساؤهم يدعون بالويل بعد ضرب الدفوف فلما ترك أصحاب عبد الله بن جبير مراكزهم و نظر خالد بن الوليد إلى خلاء الجبل و قلة أهله فكر بالخيل و تبعه عكرمة بالخيل و انطلقا إلى موضع الرماة فحملوه عليهم فراماهم القوم حتى أصيبوا و رامى عبد الله بن جبير حتى فنيت نبله ثم طاعن بالرمح حتى انكسر ثم كسر جفن سيفه فقاتل حتى قتل. فروى رافع بن خديج قال لما قتل خالد الرماة أقبل بالخيل و عكرمة يتلوه فخالطنا و قد انتقضت صفوفنا و نادى إبليس و تصور في صورة جعال بن سراقة أن محمدا قد قتل ثلاث صرخات فابتلي يومئذ جعال ببلية عظيمة حين تصور إبليس في صورته و إن جعالا ليقاتل مع المسلمين أشد القتال و إنه إلى جنب أبي بردة و خوات بن جبير قال رافع فو الله ما رأينا دولة كانت أسرع من دولة المشركين علينا و أقبل المسلمون على جعال يريدون قتله فشهد له خوات و أبو بردة أنه كان إلى جنبهما حين صاح الصائح و أن الصائح غيره قال رافع أتينا من قبل أنفسنا و معصية نبينا و اختلط المسلمون و صاروا يقتلون و يضرب بعضهم بعضا ما يشعرون بما يصنعون من الدهش و العجل. و روى أبو عمرو محمد بن عبد الواحد اللغوي و رواه أيضا محمد بن حبيب في أماليه أن رسول الله ص لما فر معظم أصحابه عنه يوم أحد كثرت عليه كتائب المشركين و قصدته كتيبة من بني كنانة ثم من بني عبد مناف بن كنانة فيها بنو سفيان بن عويف و هم خالد بن ثعلب و أبو الشعشاء بن سفيان و أبو الحمراء بن سفيان و غراب بن سفيان فقال رسول الله ص يا علي اكفني هذه الكتيبة فحمل عليها و إنها لتقارب خمسين فارسا و هو ع راجل فما زال يضربها بالسيف حتى تتفرق عنه ثم تجتمع عليه هكذا مرارا حتى قتل بني سفيان بن عويف الأربعة و تمام العشرة منها ممن لا يعرف أسماؤهم فقال جبرئيل ع لرسول الله ص إن هذه للمواساة لقد عجبت الملائكة من مواساة هذا الفتى فقال رسول الله ص و ما يمنعه و هو مني و أنا منه فقال جبرئيل و أنا منكما قال و سمع ذلك اليوم صوت من قبل السماء لا يرى شخص الصارخ به ينادي مرارا لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي. فسئل رسول الله عنه فقال هذا جبرئيل. قلت و قد روى هذا الخبر جماعة من المحدثين و هو من الأخبار المشهورة و وقفت عليه في بعض نسخ مغازي محمد بن إسحاق و سألت شيخي عبد الوهاب بن سكينة عن هذا الخبر فقال خبر صحيح فقلت له فما بال الصحاح لم تشتمل عليه قال و كل ما كان صحيحا تشتمل عليه كتب الصحاح كم قد أهمل جامعوا الصحاح من الأخبار الصحيحة. قال الواقدي و قال رسول الله ص يومئذ من يأخذ هذا السيف بحقه فقال عمر أنا فأعرض عنه فقام الزبير فأعرض عنه ثم عرضه الثالثة فقال أبو دجانة أنا يا رسول الله آخذه بحقه فدفعه إليه فما رؤي أحد قاتل أفضل من قتاله و كان حين أعطاه مشى بين الصفين و اختال في مشيته فقال رسول الله ص إن هذه لمشية يبغضها الله تعالى إلا في مثل هذا الموطن.

  قال و كان مخيريق اليهودي من أحبار اليهود فقال يوم السبت و رسول الله ص بأحد يا معشر اليهود و الله إنكم لتعلمون أن محمدا نبي و أن نصره عليكم حق فقالوا ويحك اليوم يوم السبت فقال لا سبت ثم أخذ سلاحه و حضر مع النبي ص فأصيب فقال رسول الله ص مخيريق خير يهود. قال و كان قال حين خرج إلى أحد إن أصبت فأموالي لمحمد يضعها حيث أراه الله فهي عامة صدقات النبي ص قال و كان عمرو بن الجموح رجلا أعرج فلما كان يوم أحد و كان له بنون أربعة يشهدون مع النبي ص المشاهد أمثال الأسد أراد قومه أن يحبسوه و قالوا أنت رجل أعرج و لا حرج عليك و قد ذهب بنوك مع النبي ص قال بخ يذهبون إلى الجنة و أجلس أنا عندكم فقالت هند بنت عمرو بن حرام امرأته كأني أنظر إليه موليا قد أخذ درقته و هو يقول اللهم لا تردني إلى أهلي فخرج و لحقه بعض قومه يكلمونه في القعود فأبى و جاء إلى رسول الله ص فقال يا رسول الله إن قومي يريدون أن يحبسوني هذا الوجه و الخروج معك و الله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة فقال له أما أنت فقد عذرك الله و لا جهاد عليك فأبى فقال النبي ص لقومه و بنية لا عليكم أن لا تمنعوه لعل الله يرزقه الشهادة فخلوا عنه فقتل يومئذ شهيدا قال فحملته هند بعد شهادته و ابنها خلاد و أخاها عبد الله على بعير فلما بلغت منقطع الحرة برك البعير فكان كلما توجهه إلى المدينة برك و إذا وجهته إلى أحد أسرع فرجعت إلى النبي ص فأخبرته بذلك فقال ص إن الجمل لمأمور هل قال عمرو شيئا قالت نعم إنه لما توجه إلى أحد استقبل القبلة ثم قال اللهم لا تردني إلى أهلي و ارزقني الشهادة فقال ص فلذلك الجمل لا يمضي إن منكم يا معشر الأنصار من لو أقسم على الله لأبره منهم عمرو بن الجموح يا هذه ما زالت الملائكة مظلة على أخيك من لدن قتل إلى الساعة فينظرون أين يدفن ثم مكث رسول الله ص في قبرهم ثم قال يا هند قد ترافقوا في الجنة جميعا بعلك و ابنك و أخوك فقالت هند يا رسول الله فادع لي عسى أن يجعلني معهم. قال و كان جابر يقول لما استشهد أبي جعلت عمتي تبكي فقال النبي ص ما يبكيها ما زالت الملائكة تظل عليه بأجنحتها حتى دفن. و قال عبد الله بن عمرو بن حرام رأيت في النوم قبل يوم أحد بأيام مبشر بن عبد المنذر أحد الشهداء ببدر يقول لي أنت قادم علينا في أيام فقلت فأين أنت قال في الجنة نسرح منها حيث نشاء فقلت له أ لم تقتل يوم بدر قال بلى ثم أحييت فذكر ذلك لرسول الله ص قال هذه الشهادة يا با جابر. قال و قال رسول الله ص يوم أحد ادفنوا عبد الله بن عمرو و عمرو بن الجموح في قبر واحد و يقال إنهما وجدا و قد مثل بهما كل مثلة قطعت آرابهما عضوا عضوا فلا يعرف أبدانهما فقال النبي ص ادفنوهما في قبر واحد و يقال إنما دفنهما في قبر واحد لما كان بينهما من الصفاء فقال ادفنوا هذين المتحابين في الدنيا في قبر واحد فدخل السيل عليهما و كان قبرهما مما يلي السيل فحفر عنهما و عليهما نمرتان و عبد الله قد أصابه جرح في وجهه فيده على وجهه فأميطت يده عن جرحه فثعب الدم فردت إلى مكانها فسكن الدم. قال الواقدي و كان جابر يقول رأيته في حفرته كأنه نائم ما تغير

  من حاله قليل و لا كثير فقيل أ فرأيت أكفانه قال إنما كفن في نمرة خمر بها وجهه و على رجليه الحرمل فوجدنا النمرة كما هي و الحرمل على رجليه كهيئته و بين ذلك و بين دفنه ست و أربعون سنة فشاورهم جابر في أن يطيبه بمسك فأبى ذلك أصحاب النبي ص و قالوا لا تحدثوا فيهم شيئا. قال و يقال إن معاوية لما أراد أن يجري العين التي أحدثها بالمدينة و هي كظامة نادى مناديه بالمدينة من كان له قتيل بأحد فليشهد فخرج الناس إلى قتلاهم فوجدوهم رطابا يتثنون فأصابت المسحاة رجل رجل منهم فثعبت دما فقال أبو سعيد الخدري لا ينكر بعد هذا منكر أبدا. قال و وجد عبد الله بن عمرو بن حرام و عمرو بن الجموح في قبر و خارجة بن زيد و سعيد بن الربيع في قبر فأما قبر عبد الله و عمرو فحول و ذلك أن القناة كانت تمر على قبرهما و أما قبر خارجة و سعد فترك لأن مكانه كان معتزلا و لقد كانوا يحفرون التراب فكلما حفروا قترة من تراب فاح عليهم المسك. قال الواقدي و كانت نسيبة بنت كعب قد شهدت أحدا و ابناها عمارة بن غزية و عبد الله بن زيد و زوجها غزية و خرجت و معها شن لها في أول النهار تريد تسقي الجرحى فقاتلت يومئذ و أبلت بلاء حسنا فجرحت اثني عشر جرحا بين طعنة برمح أو ضربة بسيف فكانت أم سعد تحدث فتقول دخلت عليها فقلت لها يا خالة حدثيني خبرك فقالت خرجت أول النهار إلى أحد و أنا أنظر ما يصنع الناس و معي سقاء فيه ماء فانتهيت إلى رسول الله ص و هو في الصحابة و الدولة و الريح للمسلمين فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله ص فجعلت أباشر القتال و أذب عن رسول الله ص بالسيف و أرمي بالقوس حتى خلصت إلى الجراح فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور فقلت يا أم عمارة من أصابك بهذا قالت أقبل ابن قميئة و قد ولى الناس عن رسول الله يصيح دلوني على محمد لا نجوت إن نجا فاعترض له مصعب بن عمير و ناس معه فكنت فيهم فضربني هذه الضربة و لقد ضربته على ذاك ضربات و لكن عدو الله كان عليه درعان فقلت لها يدك ما أصابها قال أصيبت يوم اليمامة لما جعلت الأعراب تهزم بالناس نادت الأنصار أخلصونا فأخلصت الأنصار فكنت معهم حتى انتهينا إلى حديقة الموت فاقتتلنا عليها ساعة حتى قتل أبو دجانة على باب الحديقة و دخلتها و أنا أريد عدو الله مسيلمة فتعرض لي رجل فضرب يدي فقطعها فو الله ما كانت لي ناهية و لا عرجت عليها حتى وقفت على الخبيث مقتولا و ابني عبد الله بن زيد يمسح سيفه بثيابه فقلت أ قتلته قال نعم فسجدت شكرا لله عز و جل و انصرفت. قال و كان ضمرة بن سعيد يحدث عن آبائه عن جدته و كانت قد شهدت أحدا تسقي الماء قالت سمعت رسول الله ص يقول يومئذ لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان و فلان و كان يراها يومئذ تقاتل أشد القتال حتى جرحت ثلاثة عشر جرحا. قال ابن أبي الحديد قلت ليت الراوي لم يكن هذه الكناية و كان يذكر من هما بأسمائهما حتى لا يترامى الظنون إلى أمور مشتبهة و من أمانة الحديث أن يذكر الحديث على وجهه و لا يكتم منه شيئا فما باله كتم اسم هذين الرجلين. أقول إن الراوي لعله كان معذورا في التكنية باسم الرجلين تقية و كيف كان يمكنه التصريح باسم صنمي قريش و شيخي المخالفين الذين كانوا يقدمونهما على أمير المؤمنين ع مع أن كنايته أبلغ من الصريح إذ ظاهر أن الناس كانوا

  لا يبالون بذكر أحد من الصحابة بما كان واقعا إلا بذكرهما و ذكر ثالثهما و أما سائر بني أمية و أجداد سائر خلفاء الجور فلم يكونوا حاضرين في هذا المشهد في عسكر المسلمين حتى يكنى بذكرهم تقية من أولادهم و أتباعهم و قد تقدم في رواية علي بن إبراهيم ذكر الثالث أيضا معهما و ذكره كان أولى لأن فراره كان أعرض و سيأتي القول في ذلك. رجعنا إلى كلام ابن أبي الحديد قال روى الواقدي بإسناده عن عبد الله بن زيد قال شهدت أحدا مع رسول الله ص فلما تفرق الناس عنه دنوت منه و أمي تذب عنه فقال ابن أم عمارة قلت نعم قال ارم فرميت بين يديه رجلا من المشركين بحجر و هو على فرس فأصيب عين الفرس فاضطرب الفرس حتى وقع هو و صاحبه و جعلت أعلوه بالحجارة حتى نضدت عليه منها وقرا و النبي ص ينظر إلي و يتبسم فنظر إلى جرح بأمي على عاتقها فقال أمك أمك اعصب جرحها بارك الله عليكم من أهل بيت لمقام أمك خير من مقام فلان و فلان و مقام ربيبك يعني زوج أمه خير من مقام فلان و فلان و مقامك خير من مقام فلان و فلان رحمكم الله أهل البيت فقالت أمي ادع الله لنا يا رسول الله أن نرافقك في الجنة فقال اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة قالت فما أبالي ما أصابني من الدنيا قال الواقدي و أقبل وهب بن قابوس المزني و معه ابن أخيه الحارث بن عقبة بغنم لهما من جبل جهينة فوجدا المدينة خلوا فسألا أين الناس قالوا بأحد خرج رسول الله ص يقاتل المشركين من قريش فقالا لا نبتغي أثرا بعد عين فخرجا حتى أتيا النبي ص بأحد فوجدا القوم يقتتلون و الدولة لرسول الله ص و أصحابه فأغارا مع المسلمين في النهب و جاءت الخيل من ورائهم خالد و عكرمة فاختلط الناس فقاتلا أشد القتال فانفرقت فرقة من المشركين فقال رسول الله ص من لهذه الفرقة فقال وهب أنا فقام فرماهم بالنبل حتى انصرفوا ثم رجع فانفرقت فرقة أخرى فقال ص من لهذه الكتيبة فقال المزني أنا يا رسول الله فقام فذبها بالسيف حتى ولت ثم رجع فطلعت كتيبة أخرى فقال ص من يقوم لهؤلاء فقال المزني أنا يا رسول الله فقال قم و أبشر بالجنة فقام مسرورا يقول و الله لا أقيل و لا أستقيل فجعل يدخل فيهم و يضرب بالسيف و رسول الله ص ينظر إليه و المسلمون حتى خرج من أقصى الكتيبة و رسول الله يقول اللهم ارحمه ثم يرجع فيهم فما زال كذلك و هم محدقون به حتى اشتملت عليه أسيافهم و رماحهم فقتلوه فوجد به يومئذ عشرون طعنة بالرماح كلها قد دخلت إلى مقتل و مثل به أقبح المثل يومئذ ثم قام ابن أخيه فقاتل كنحو قتاله حتى قتل. و قال سعد بن أبي وقاص أشهد لرأيت رسول الله ص واقفا على المزني و هو مقتول و هو يقول رضي الله عنك فإني عنك راض ثم رأيت رسول الله ص قام على قدميه و قد ناله من ألم الجراح ما ناله على قبره حتى وضع في لحده و عليه بردة لها أعلام حمر فمد رسول الله ص البردة على رأسه فخمره و أدرجه فيها طولا فبلغت نصف ساقيه فأمرنا فجمعنا الحرمل فجعلناه على رجليه و هو في لحده ثم انصرف. قال الواقدي و أقبل ضرار بن الخطاب فضرب عمر بن الخطاب لما جال المسلمون تلك الجولة بالقناة و قال يا ابن الخطاب إنها نعمة مشكورة ما كنت لأقتلك. قال و قال علي ع لما كان يوم أحد و جال الناس تلك الجولة أقبل أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة و هو دارع مقنع في الحديد ما يرى منه إلا عيناه و هو يقول يوم بيوم بدر فعرض له رجل من المسلمين فقتله أمية فصمدت له

  فضربته بالسيف على هامته و عليه بيضة و تحت البيضة مغفر فنبا سيفي و كنت رجلا قصيرا فضربني بسيفه فاتقيت بالدرقة فلحج سيفه فضربته و كان درعه مشمرة فقطعت رجليه فوقع و جعل يعالج سيفه حتى خلصه من الدرقة و جعل يناوشني و هو بارك حتى نظرت إلى فتق إبطه فضربته فمات. قال الواقدي بينا عمر بن الخطاب يومئذ في رهط من المسلمين قعودا إذ مر بهم أنس بن النضر فقال ما يقعدكم قالوا قتل رسول الله ص قال فما تصنعون بالحياة بعده قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم قام فجالد بسيفه حتى قتل و قالوا إن مالك بن الدخشم مر على خارجة بن زيد و هو قاعد و في حشوته ثلاثة عشر جرحا كلها قد خلصت إلى مقتل فقال مالك أ علمت أن محمدا قد قتل قال خارجة فإن كان محمد قتل فإن الله حي لا يقتل و لا يموت و أن محمدا قد بلغ فاذهب أنت فقاتل عن دينك قال و مر مالك بن الدخشم أيضا على سعد بن الربيع و به اثنا عشر جرحا كلها قد خلص إلى مقتل فقال أ ما علمت أن محمدا قد قتل فقال سعد أشهد أن محمدا قد بلغ رسالة ربه فقاتل أنت عن دينك فإن الله حي لا يموت. قال ابن أبي الحديد قد روى كثير من المحدثين أن رسول الله ص قال لعلي ع حين سقط ثم أقيم اكفني هؤلاء لجماعة قصدت نحوه فحمل عليهم فهزمهم و قتل منهم عبد الله بن حميد ثم حملت عليهم طائفة أخرى فقال له اكفني هؤلاء فحمل عليهم فانهزموا من بين يديه و قتل منهم أمية بن حذيفة المخزومي. و قال جميع من قتل يوم أحد من المشركين ثمانية و عشرون قتل علي ع منهم ما اتفق عليه و ما اختلف فيه اثني عشر و هو إلى جملة القتلى كعدة من قتل ببدر إلى جملة القتلى يومئذ و هو قريب من النصف. ثم قال القول فيمن ثبت من المسلمين مع رسول الله ص يوم أحد قال الواقدي حدثني موسى بن يعقوب عن عمته عن أمها عن المقداد قال لما تصاف القوم للقتال يوم أحد جلس رسول الله ص تحت راية مصعب بن عمير فلما قتل أصحاب اللواء هزم المشركون الهزيمة الأولى و أغار المسلمون على معسكرهم ينهبونه ثم كر المشركون على المسلمين فأتوهم عن خلفهم فتفرق الناس و نادى رسول الله ص في أصحاب الألوية فقتل مصعب حامل لوائه و أخذ راية الخزرج سعد بن عبادة فقام رسول الله ص تحتها و أصحابه محدقون به و دفع لواء المهاجرين إلى أبي الردم أحد بني عبد الدار آخر نهار ذلك اليوم و نظرت إلى لواء الأوس مع أسيد بن حضير فناوشوا المشركين ساعة و اقتتلوا على اختلاط من الصفوف و نادى المشركون بشعارهم يا للعزى يا لهبل فأوجعوا و الله فينا قتلا ذريعا و نالوا من رسول الله ص ما نالوا لا و الذي بعثه بالحق ما زال

  شبرا واحدا إنه لفي وجه العدو تثوب إليه طائفة من أصحابه مرة و تتفرق عنه مرة فربما رأيته قائما يرمي حتى تحاجزوا و كانت العصابة التي ثبتت مع رسول الله ص أربعة عشر رجلا سبعة من المهاجرين و سبعة من الأنصار فأما المهاجرون فعلي ع و أبو بكر و عبد الرحمن بن عوف و سعد بن أبي وقاص و طلحة بن عبيد الله و أبو عبيدة بن الجراح و الزبير بن العوام و أما الأنصار فالحباب بن المنذر و أبو دجانة و عاصم بن ثابت و الحارث بن الصمة و سهل بن حنيف و سعد بن معاذ و أسيد بن حضير. قال الواقدي و قد روي أن سعد بن عبادة و محمد بن مسلمة ثبتا يومئذ و لم يفرا و من روى ذلك جعلهما مكان سعد بن معاذ و أسيد بن حضير. قال الواقدي و بايعه يومئذ على الموت ثمانية ثلاثة من المهاجرين علي و طلحة و الزبير و خمسة من الأنصار أبو دجانة و الحارث بن الصمة و الحباب بن المنذر و عاصم بن ثابت و سهل بن حنيف و لم يقتل منهم ذلك اليوم أحد و أما باقي المسلمين ففروا و رسول الله ص يدعوهم في أخراهم حتى انتهى من انتهى منهم إلى قريب من المهراس. قال الواقدي و حدثني عتبة بن جبيرة عن يعقوب بن عمر بن قتادة قال ثبت يومئذ بين يديه ثلاثون رجلا كلهم يقول وجهي دون وجهك و نفسي دون نفسك و عليك السلام غير مودع. قلت قد اختلف في عمر بن الخطاب هل ثبت يومئذ أم لا مع اتفاق الرواة كافة على أن عثمان لم يثبت فالواقدي ذكر أنه لم يثبت و أما محمد بن إسحاق و البلاذري فجعلاه مع من ثبت و لم يفر و اتفقوا كلهم على أن ضرار بن الخطاب الفهري قرع رأسه بالرمح و قال إنها نعمة مشكورة يا ابن الخطاب إني آليت أن لا أقتل رجلا من قريش روى ذلك محمد بن إسحاق و غيره و لم يختلفوا في ذلك و إنما اختلفوا هل قرعه بالرمح و هو فار هارب أم مقدم ثابت و لم تختلف الرواة من أهل الحديث أن أبا بكر لم يفر يومئذ و أنه ثبت فيمن ثبت و إن لم يكن نقل عنه قتل أو قتال و الثبوت جهاد و فيه وحده كفاية و أما رواية الشيعة فإنهم يروون أنه لم يثبت إلا علي و طلحة و الزبير و أبو دجانة و سهل بن حنيف و عاصم بن ثابت و فيهم من يروي أنه ثبت معه أربعة عشر رجلا من المهاجرين و الأنصار و لا يعدون أبا بكر و عمر بينهم و روى كثير من أصحاب الحديث أن عثمان جاء بعد ثالثة إلى رسول الله ص فسأله إلى أين انتهيت فقال إلى الأعوص فقال لقد ذهبت فيها عريضة قال ابن أبي الحديد و حضرت عند محمد بن معد العلوي على رأي الإمامية و قارئ يقرأ عنده مغازي الواقدي فقرأ حدثنا الواقدي عن ابن أبي سبرة عن خالد بن رياح عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن محمد بن مسلمة قال سمعت أذناي و أبصرت عيناي رسول الله ص يقول يوم أحد و قد انكشف الناس إلى الجبل و هو يدعوهم و هم لا يلوون عليه سمعته يقول إلي يا فلان إلي يا فلان أنا رسول الله فما عرج عليه واحد منهما و مضيا فأشار ابن معد إلي أي اسمع فقلت و ما في هذا قال هذه كناية عنهما فقلت و يجوز أن لا يكون عنهما لعله عن غيرهما قال ليس في الصحابة من يحتشم من ذكره بالفرار و ما شابهه من العيب فيضطر القائل إلى الكناية إلا هما قلت له هذا ممنوع فقال دعنا من جدلك و منعك ثم حلف أنه ما عنى الواقدي غيرهما و أنه لو كان غيرهما لذكرهما صريحا. قال الواقدي و كان ممن ولى عمر و عثمان و الحارث بن حاطب و ثعلبة بن حاطب و سواد بن غزية و سعد بن عثمان و عقبة بن عثمان و خارجة بن عامر و أوس بن قبطي في نفر من بني حارثة. و احتج أيضا من قال بفرار عمر بما رواه الواقدي في قصة الحديبية قال قال عمر يومئذ يا رسول الله أ لم تكن حدثتنا أنك ستدخل المسجد الحرام و

  تأخذ مفتاح الكعبة و تعرف مع المعرفين و هدينا لم يصل إلى البيت و لا نحر فقال رسول الله ص أ قلت لكم في سفركم هذا قال عمر لا قال أما إنكم ستدخلونه و آخذ مفتاح الكعبة و أحلق رأسي و رءوسكم ببطن مكة و أعرف مع المعرفين ثم أقبل على عمر و قال أ نسيتم يوم أحد إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ و أنا أدعوكم في أخراكم أ نسيتم يوم الأحزاب إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَ مِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ أ نسيتم يوم كذا و جعل يذكرهم أمورا أ نسيتم يوم كذا فقال المسلمون صدق الله و رسوله أنت يا رسول الله أعلم بالله منا فلما دخل عام القضية و حلق رأسه قال هذا الذي كنت وعدتكم به فلما كان يوم الفتح و أخذ مفتاح الكعبة قال ادعوا لي عمر بن الخطاب فجاء فقال هذا الذي كنت قلت لكم. قالوا فلو لم يكن فر يوم أحد لما قال له أ نسيتم يوم أحد إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ. هذا آخر ما أردنا نقله من كلام ابن أبي الحديد. أقول و العجب منه أنه ادعى هنا اتفاق الرواة على أنه ثبت أبو بكر و لم يفر مع أنه قال عند ذكر أجوبة شيخه أبي جعفر الإسكافي عما ذكره الجاحظ في فضل إسلام أبي بكر على إسلام علي ع حيث قال الجاحظ و قد ثبت أبو بكر مع النبي ص يوم أحد كما ثبت علي فلا فخر لأحدهما على صاحبه في ذلك اليوم قال شيخنا أبو جعفر أما ثباته يوم أحد فأكثر المؤرخين و أرباب السيرة ينكرونه و جمهورهم يروي أنه لم يبق مع النبي ص إلا علي ع و طلحة و الزبير و أبو دجانة و قد روي عن ابن عباس أنه قال و لهم خامس و هو عبد الله بن مسعود و منهم من أثبت سادسا و هو المقداد بن عمرو و روى يحيى بن سلمة بن كهيل قال قلت لأبي كم ثبت مع رسول الله ص يوم أحد كل منهم يدعيه فقال اثنان قلت من هما قال علي و أبو دجانة انتهى. فقد ظهر أن ثبات أبي بكر أيضا ليس مما أجمعت عليه رواتهم و اتفقت رواياتهم مع اتفاق روايات الشيعة على عدمه و هي محفوفة بالقرائن الظاهرة إذ من المعلوم أن مع ثباته لا بد أن ينقل منه إما ضرب أو طعن و العجب منه أنه حيث لم يكن من الطاعنين كيف لم يصر من المطعونين و لما لم يكن من الجارحين لم لم يكن من المجروحين و إن لم يتحرك لقتال مع كونه بمرأى من المشركين و مسمع لم لم يذكر في المقتولين إلا أن يقال إن المشركين كانوا يرونه منهم باطنا فلذا لم يتعرضوا له كما لم يقتل ضرار عمر و لعمري يمكن أن يقال لو كان حضر ميت تلك الوقعة لكان يذكر منه بعض ما ينسب إلى الأحياء و لا يدعي مثل ذلك إلا من ليس له حظ من العقل و الحياء. و لنوضح بعض ما ربما اشتبه فيما نقلنا عنه ضوى إليهم كرمى انضم ما فضت أي كسرت و التيه بالكسر الكبر و الصياصي الحصون لم يكلموا على بناء المفعول أي لم يجرحوا و الرصد بالتحريك الذين يرقبون العدو و الجمع أرصاد. و في النهاية فيه كمثل الجسد إذا اشتكى بعضه تداعى سائره بالسهر و الحمى كأنه بعضا دعا بعضا و منه قولهم تداعت الحيطان أي تساقطت أو كادت و منه تداعت إليكم الأمم أي اجتمعوا و دعا بعضكم بعضا انتهى. و ثعب الماء و الدم كمنع فجره فانثعب ذكره الفيروزآبادي و قال القترة بالفتح الغبرة و القتر بالضم الناحية و الجانب و القتر القدر و يحرك و قال الريح الغلبة و القوة و النصرة انتهى. انحزت أي عدلت عما كنت فيه متوجها إليه و الأعوص موضع قرب المدينة.

  ثم قال ابن أبي الحديد في ذكر أسماء من قتل من المسلمين بأحد قال الواقدي ذكر سعيد بن المسيب و أبو سعيد الخدري أنه قتل من الأنصار خاصة أحد و سبعون و بمثله قال مجاهد قال فأربعة من قريش و هم حمزة قتله وحشي و عبد الله بن جحش قتله الأخنس بن شريق و شماس بن عثمان قتله أبي بن خلف و مصعب بن عمير قتله ابن قميئة قال و قد زاد قوم خامسا و هو سعد مولى حاطب من بني أسد و قال قوم أيضا إن أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي جرح يوم أحد و مات من تلك الجراحة بعد أيام. قال الواقدي و قال قوم قتل ابنا الهيت من بني سعد و هما عبد الله و عبد الرحمن و رجلان من مزينة و هما وهب بن قابوس و ابن أخيه الحارث بن عتبة بن قابوس فيكون جميع من قتل من المسلمين ذلك اليوم أحدا و ثمانين رجلا انتهى. أقول الأصوب ما مر في الأخبار المعتبرة من أن المقتولين من المسلمين بأحد سبعون و يحتمل أن يكون السبعون من المهاجرين و الأنصار و الباقون ممن لحقهم من خارج المدينة كما عرفت

 51-  أقول و روى الكازروني في المنتقى عن ربيعة بن الحارث قال أعطى رسول الله ص مصعب بن عمير اللواء يوم أحد فقتل مصعب فأخذه ملك في صورة مصعب فجعل رسول الله ص يقول في آخر النهار تقدم يا مصعب فالتفت إليه الملك و قال لست بمصعب فعرف رسول الله ص أنه ملك أيد به

 52-  و قال ابن الأثير في كامل التواريخ كان الذي قتل أصحاب اللواء علي ع قاله أبو رافع قال فلما قتلهم أبصر رسول الله ص جماعة من المشركين فقال لعلي احمل عليهم فحمل ففرقهم و قتل منهم ثم أبصر جماعة أخرى فقال له فاحمل عليهم فحمل و فرقهم و قتل منهم فقال جبرئيل يا رسول الله هذه المواساة فقال رسول الله ص إنه مني و أنا منه فقال جبرئيل و أنا منكما قال فسمعوا صوتا لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي قال و قاتل رسول الله ص بأحد قتالا شديدا فرمى بالنبل حتى فني نبله و انكسرت سية قوسه و انقطع وتره و لما جرح رسول الله جعل علي ع ينقل له الماء في درقته من المهراس و يغسله فلم ينقطع الدم فأتت فاطمة ع و جعلت تعانقه و تبكي و أحرقت حصيرا و جعلت على الجرح من رماده فانقطع الدم و قال و انتهت الهزيمة بجماعة فيهم عثمان بن عفان و غيره إلى الأعوص فأقاموا به ثلاثة ثم أتوا النبي ص فقال لهم حين رآهم لقد ذهبتم فيها عريضة و قال في ذكر غزوة حمراء الأسد و ظفر في طريقه بمعاوية بن المغيرة بن أبي العاص و بأبي غرة الجمحي و كان أبو غرة أسر يوم بدر فأطلقه النبي ص لأنه شكا إليه فقرا و كثرة العيال فأخذ رسول الله ص عليه العهود أن لا يقاتله و لا يعين على قتاله فخرج معهم يوم أحد و حرض على المسلمين فلما أتى به رسول الله ص قال يا محمد امنن علي قال المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين و أمر به فقتله و أما معاوية و هو الذي جدع أنف حمزة و مثل به مع من مثل به و كان قد أخطأ الطريق فلما أصبح أتى دار عثمان بن عفان فلما رآه قال له عثمان أهلكتني و أهلكت نفسك فقال أنت أقربهم مني رحما و قد جئتك لتجيرني فأدخله عثمان داره و صيره في ناحية منها ثم خرج إلى النبي ص ليأخذ له منه أمانا فسمع رسول الله ص يقول إن معاوية في المدينة و قد أصبح بها فاطلبوه فقال بعضهم ما كان ليعدو منزل عثمان فاطلبوه فدخلوا منزل عثمان فأشارت أم كلثوم إلى الموضع الذي صيره فيه فاستخرجوا من تحت حمارة لهم فانطلقوا به إلى النبي ص فقال عثمان حين رآه و الذي بعثك بالحق ما جئت إلا لأطلب له الأمان فهبه لي فوهبه له و أجله ثلاثة أيام و أقسم لئن وجد بعدها يمشي في أرض المدينة و ما حولها ليقتلنه فخرج عثمان فجهزه و اشترى له بعيرا ثم قال له ارتحل و سار رسول الله ص إلى حمراء الأسد و أقام معاوية إلى اليوم الثالث ليعرف أخبار النبي ص و يأتي بها قريشا فلما كان في اليوم الرابع قال رسول الله ص إن معاوية أصبح قريبا لم يبعد فاطلبوه فأصابوه و قد أخطأ الطريق فأدركوه و كان اللذان أسرعا في طلبه زيد بن حارثة و عمار بن ياسر فوجداه بالحماء فضربه زيد بالسيف فقال عمار إن لي فيه حقا فرماه بسهم فقتلاه ثم انصرفا إلى المدينة بخبره و روى هذا الخبر ابن أبي الحديد أيضا و أكثر اللفظ له ثم قال و يقال أنه أدرك على ثمانية أميال من المدينة فلم يزل زيد و عمار يرميانه بالنبل حتى مات و هذا كان جد عبد الملك بن مروان لأمه انتهى

 أقول هذه القصة كانت سبب قتل عثمان ابنة رسول الله ص كما سيأتي شرحه إن شاء الله في مثالبه و باب أحوال أولاد رسول الله ص و غيرهما. و قال ابن الأثير و فيها يعني السنة الثالثة من الهجرة قيل ولد الحسن بن علي ع في النصف من شهر رمضان و فيها علقت فاطمة بالحسين ع و كان بين ولادتها و حملها خمسون يوما

 53-  و في الديوان المنسوب إلى علي ع أن الحارث بن صمة بعثه النبي ص في أحد لحاجة فأبطأ فأنشأ أمير المؤمنين ع

لا هم أن الحارث بن صمه كان وفيا و بنا ذا ذمه‏أقبل في مهامة مهمه في ليلة ليلاء مدلهمه‏بين رماح و سيوف جمه يبغي رسول الله فيها ثمه‏لا بد من بلية ملمه