باب 19- آخر في قصة الإفك

 الآيات النور إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَ قالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَ تَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَ تَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ وَ لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَ مَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَ لكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وَ لا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَ السَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَ الْمَساكِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لْيَعْفُوا وَ لْيَصْفَحُوا أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَ الْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَ الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَ الطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ. تفسير قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ روى الزهري عن عروة بن الزبير و سعيد بن المسيب و غيرهما عن عائشة أنها قالت كان رسول الله ص إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي و ذلك بعد ما أنزل الحجاب فخرجت مع رسول الله ص حتى فرغ من غزوه و قفل. و روي أنها كانت غزوة بني المصطلق من خزاعة. قالت و دنونا من المدينة فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأني أقبلت إلى الرحل فلمست صدري فإذا بعقد من جزع ظفار قد انقطع فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه. و أقبل الرهط الذين كانوا يرحلوني فحملوا هودجي على بعيري الذي كنت أركب و هم يحسبون أني فيه و كانت النساء إذ ذاك خفافا و لم يهبلهن اللحم و إنما يأكلن العلفة من الطعام فبعثوا الجمل و ساروا و وجدت عقدي و جئت منازلهم و ليس بها داع و لا مجيب فدنوت من منزلي الذي كنت فيه و ظننت

  أن القوم سيفقدونني فيرجعون إلي فبينا أنا جالسة إذ غلبتني عيناي فنمت و كان صفوان بن المعطل السلمي قد عرس من وراء الجيش فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني فخمرت وجهي بجلبابي و و الله ما كلمني بكلمة حتى أناخ راحلته فركبتها فانطلق يقود الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في حر الظهيرة فهلك من هلك في و كان الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ عبد الله بن أبي سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمتها شهرا و الناس يفيضون في قول أهل الإفك و لا أشعر بشي‏ء من ذلك و هو يربيني في وجعي غير أني لا أعرف من رسول الله ص اللطف الذي كنت أرى منه حين اشتكى إنما يدخل و يسلم و يقول كيف تيكم فذلك يحزنني و لا أشعر بالشر حتى خرجت بعد ما نقهت و خرجت معي أم مسطح قبل المصانع و هو متبرزنا و لا نخرج إلا ليلا إلى ليل و ذلك قبل أن يتخذ الكنف و أمرنا أمر العرب الأول في التنزه و كنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا فانطلقت أنا و أم مسطح و أمها بنت صخر بن عام خالة أبي فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت أ تسبين رجلا قد شهد بدرا قالت أي هنتاه أ لم تسمعي ما قال قلت و ما ذا قال فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا إلى مرضي فلما رجعت إلى منزلي دخل على رسول الله ص ثم قال كيف تيكم قلت تأذن لي أن آتي أبوي قالت و أنا أريد أتيقن الخبر من قبله فأذن لي رسول الله فجئت أبوي و قلت لأمي يا أمه ما ذا يتحدث الناس فقالت أي بنية هوني عليك فو الله لعل ما كانت امرأة قط و صبية عند رجل يحبها و لها ضرائر إلا أكثرن عليها قلت سبحان الله أ و قد تحدث الناس بهذا قالت نعم فمكثت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع و لا أكتحل بنوم حتى أصبحت أبكي و دعا رسول الله ص أسامة بن زيد و علي بن أبي طالب ع حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله فأما أسامة فأشار على رسول الله ص بالذي علم من براءة أهله بالذي يعلم في نفسه من الود فقال يا رسول الله هم أهلك و لا نعلم إلا خيرا و أما علي بن أبي طالب ع فقال لم يضيق الله عليك و النساء سواها كثير و إن تسأل الجارية تصدقك فدعا رسول الله ص بريرة فقال يا بريرة هل رأيت شيئا يريبك من عائشة قالت بريرة و الذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها قالت و أنا و الله أعلم أني بريئة و ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى و لكني كنت أرجو أن يرى رسول الله ص رؤيا يبرئني الله بها فأنزل الله على نبيه و أخذه ما كان يأخذه من برحاء الوحي حتى أنه لينحدر عنه مثل الجمان من العرق و هو في اليوم الشاتي من القول الذي أنزل عليه فلما سري عن رسول الله ص قال أبشري يا عائشة أما و الله فقد برأك الله فقالت أمي قومي إليه فقلت و الله لا أقوم إليه و لا أحمد إلا الله و هو الذي برأني فأنزل الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ

  بيان الجزع بالفتح الحرز اليماني و ظفار بلد باليمن. و قال الجزري في حديث الإفك و النساء يومئذ لم يهبلوه اللحم أي لم يكثر عليهن يقال هبله اللحم إذا كثر عليه و ركب بعضه بعضا. و العلقة بالضم البلغة من الطعام. و قال موغرين في نحر الظهيرة أي في وقت الهاجرة وقت توسط الشمس السماء يقال وغرت الهاجرة وغرا و أوغر الرجل دخل في ذلك الوقت و قال نحر الظهيرة هو حين تبلغ الشمس منتهاها من الارتفاع كأنها وصلت إلى النحر و هو أعلى الصدر. و قال الجوهري تا اسم يشار به إلى المؤنث مثل ذا للمذكر فإن خاطبت جئت بالكاف فقلت تيك و تلك و تاك. و قال الجزري في حديث الإفك و كان متبرز النساء بالمدينة قبل أن تبنى الكنف في الدور المناصع هي المواضع التي يتخلى فيها لقضاء الحاجة واحدها منصع لأنه يبرز إليها و يظهر قال الأزهري أراها مواضع مخصوصة خارج المدينة و قال تنزه تنزها بعد و قال يا هنتاه أي يا هذه و تفتح النون و تسكن و تضم الهاء الأخيرة و تسكن و قال الداجن هو الشاة التي يعلفها الناس في منازلهم و قد يقع على غير الشاة من كل ما يألف البيوت من الطير و غيرها و في حديث الإفك يدخل الداجن فيأكل عجينها. و الغمص العيب و الطعن على الناس و الجمان كغراب اللؤلؤ أو هنوات أشكال اللؤلؤ من فضة. و قال البيضاوي في قوله تعالى بالإفك أي بأبلغ ما يكون من الكذب عصبة منكم جماعة منكم و هي من العشرة إلى الأربعين يريد عبد الله بن أبي و زيد بن رفاعة و حسان بن ثابت و مسطح بن أثاثة و حمنة بنت جحش و من ساعدهم و هي خبر إن و قوله لا تحسبوه شرا لكم مستأنف و الخطاب للرسول ص و أبي بكر و عائشة و صفوان و الهاء للإفك بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لاكتسابكم به الثواب لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ لكل جزاء ما اكتسب بقدر ما خاض فيه مختصا به وَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ معظمه مِنْهُمْ من الخائضين و هو ابن أبي فإنه بدأ به و أذاعه عداوة لرسول الله ص أو هو و حسان و مسطح فإنهما شايعاه في التصريح به و الذي بمعنى الذين لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ في الآخرة أو في الدنيا بأن جلدوا و صار ابن أبي مطرودا مشهورا بالنفاق و حسان أعمى أشل اليدين و مسطح مكفوف البصر لَوْ لا هلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً بالذين منهم من المؤمنين و المؤمنات وَ قالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ كما يقول المستيقن المطلع على الحال لَوْ لا جاؤُ إلى قوله الْكاذِبُونَ من جملة المقول تقريرا لكونه كذبا فإن ما لا حجة عليه فكذب عند الله أي في حكمه و لذلك رتب عليه الحد وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ في الدنيا بأنواع النعمة التي من جملتها الإمهال للتوبة وَ رَحْمَتُهُ في الآخرة بالعفو و المغفرة المقدران لكم لَمَسَّكُمْ عاجلا فِيما أَفَضْتُمْ خضتم فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ يستحقر دونه اللوم و الجلد. إِذْ ظرف لمسكم أو أفضتم تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ يأخذ بعضكم من بعض بالسؤال عنه وَ تَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ بلا مساعدة من القلوب ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ لأنه ليس تعبيرا عن علم به في قلوبكم وَ تَحْسَبُونَهُ هَيِّناً سهلا لا تبعة له وَ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ في الوزر وَ لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا ما ينبغي و ما يصح لنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا إشارة إلى القول المخصوص أو إلى نوعه سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ تعجب من ذلك و أصله أن يذكر عند كل متعجب تنزيها لله تعالى من أن يصعب عليه مثله ثم كثر فاستعمل لكل متعجب أو تنزيه لله تعالى من أن يكون حرم نبيه فاجرة فإن فجورها تنفير عنه بخلاف كفرها يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ كراهة أن تعودوا أو في أن تعودوا أَبَداً ما دمتم أحياء مكلفين إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ

  فإن الإيمان يمنع منه وَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ الدالة على الشرائع و محاسن الآداب كي تتعظوا و تتأدبوا وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بالأحوال كلها حَكِيمٌ في تدابيره إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ يريدون أَنْ تَشِيعَ أن تنتشر الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ الحد و السعير إلى غير ذلك وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما في الضمائر وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ فعاقبوا في الدنيا على ما دل عليه الظاهر و الله سبحانه يعاقب على ما في القلوب من حب الإشاعة وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ تكرير للمنة بترك المعاجلة بالعقاب للدلالة على عظم الجريمة و لذا عطف وَ أَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ على حصول فضله و رحمته عليهم و حذف الجواب و هو مستغنى عنه لذكره مرة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ بإشاعة الفاحشة وَ مَنْ يَتَّبِعْ إلى قوله بِالْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ الفحشاء ما أفرط قبحه و المنكر ما أنكره الشرع وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ بتوفيق التوبة الماحية للذنوب و شرع الحدود المكفرة لها ما زَكى ما طهر من دنسها مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً آخر الدهر وَ لكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ بحمله على التوبة و قبولها وَ اللَّهُ سَمِيعٌ لمقالهم عَلِيمٌ بنياتهم. وَ لا يَأْتَلِ و لا يحلف أو و لا يقصر روي أنه نزل في أبي بكر و قد حلف أن لا ينفق على مسطح بعد و كان ابن خالته و كان من فقراء المهاجرين أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَ السَّعَةِ في المال أَنْ يُؤْتُوا على أن لا يؤتوا أو في أن يؤتوا أُولِي الْقُرْبى وَ الْمَساكِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صفات لموصوف واحد أي ناسا جامعين لها لأن الكلام فيمن كان كذلك أو لموصوفات أقيمت مقامها فيكون أبلغ في تعليل المقصود وَ لْيَعْفُوا ما فرط منهم وَ لْيَصْفَحُوا بالإغماض عنهم أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ على عفوكم و صفحكم و إحسانكم إلى من أساء إليكم وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ مع كمال قدرته فتخلقوا بأخلاقه إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ العفائف الْغافِلاتِ مما قذفن به الْمُؤْمِناتِ بالله و رسوله استباحة لعرضهن و طعنا في الرسول كابن أبي لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ لما طعنوا فيهن وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ لعظم ذنوبهم. قوله دِينَهُمُ الْحَقَّ أي جزاؤهم المستحق قوله الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ أي الخبيثات يتزوجن الخبائث و بالعكس و كذا أهل الطيب فيكون كالدليل على قوله أُولئِكَ أي أهل بيت النبي ص أو الرسول أو عائشة و صفوان مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ إذ لو صدق لم تكن زوجته و لم تقرر عليه لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ يعني الجنة

 1-  فس، ]تفسير القمي[ قوله إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ إن العامة روت أنها نزلت في عائشة و ما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة و أما الخاصة فإنهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية و ما رمتها به عائشة

 أقول سيأتي ذكر القصة في باب أحوال إبراهيم و مارية

 2-  و في تفسير النعماني عن أمير المؤمنين ع و منه الحديث في أمر عائشة و ما رماها به عبد الله بن أبي سلول و حسان بن ثابت و مسطح بن أثاثة فأنزل الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ الآية فكلما كان من هذا و شبهه في كتاب الله فهو مما تأويله قبل تنزيله