باب 2- قصة داود عليه السلام و أوريا و ما صدر عنه من ترك الأولى و ما جرى بينه و بين حزقيل عليهما السلام

 الآيات ص 17-  وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِشْراقِ وَ الطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ وَ شَدَدْنا مُلْكَهُ وَ آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ وَ هَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَ عَزَّنِي فِي الْخِطابِ قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ قَلِيلٌ ما هُمْ وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَ حُسْنَ مَآبٍ يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ. تفسير الْأَيْدِ القوة أَوَّابٌ أي رجاع إلى الله تعالى و مرضاته وَ الْإِشْراقِ هو حين تشرق الشمس أي تضي‏ء و تصفو شعاعها و هو وقت الضحى أو وقت شروق الشمس و طلوعها و الحاصل وقت الرواح و الصباح مَحْشُورَةً أي مجموعة إليه تسبح الله معه كُلٌّ لَهُ من الجبال و الطير لأجل تسبيحه رجاع إلى التسبيح وَ شَدَدْنا مُلْكَهُ أي قويناه بالهيبة و النصرة و كثرة الجنود وَ آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ أي النبوة أو كمال العلم و إتقان العمل وَ فَصْلَ الْخِطابِ قيل يعني الشهود و الأيمان و قيل هو علم القضاء و الفهم إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ أي تصعدوا سور الغرفة تفعل من السور فَفَزِعَ مِنْهُمْ لأنهم  نزلوا عليه من فوق في يوم الاحتجاب و الحرس على الباب وَ لا تُشْطِطْ أي و لا تجر علينا في حكمك إِلى سَواءِ الصِّراطِ أي وسطه و هو العدل و النعجة الأنثى من الضأن أَكْفِلْنِيها أي ملكنيها و حقيقته اجعلني أكفلها كما أكفل ما تحت يدي و قيل اجعلها كفلي أي نصيبي وَ عَزَّنِي فِي الْخِطابِ أي غلبني في مخاطبته إياي محاجة بأن جاء بحجاج و لم أقدر رده أو في مغالبته إياي في الخطبة وَ قَلِيلٌ ما هُمْ أي و هم قليل و ما مزيدة للإبهام و التعجب من قلتهم أَنَّما فَتَنَّاهُ أي امتحناه و خَرَّ راكِعاً قال الأكثر أي ساجدا و قيل خر للسجود راكعا أي مصليا

 1-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن الصادق ع قال إن داود ع لما جعله الله عز و جل خليفة في الأرض و أنزل عليه الزبور أوحى الله عز و جل إلى الجبال و الطير أن يسبحن معه و كان سببه أنه إذا صلى يقوم وزيره بعد ما يفرغ من الصلاة فيحمد الله و يسبحه و يكبره و يهلله ثم يمدح الأنبياء ع نبيا نبيا و يذكر من فضلهم و أفعالهم و شكرهم و عبادتهم لله سبحانه و الصبر على بلائه و لا يذكر داود ع فنادى داود ربه فقال يا رب قد أثنيت على الأنبياء بما قد أثنيت عليهم و لم تثن علي فأوحى الله عز و جل إليه هؤلاء عباد ابتليتهم فصبروا و أنا أثنى عليهم بذلك فقال يا رب فابتلني حتى أصبر فقال يا داود تختار البلاء على العافية إني أبليت هؤلاء و لم أعلمهم و أنا أبليك و أعلمك أنه يأتيك بلائي في سنة كذا و شهر كذا في يوم كذا و كان داود يفرغ نفسه لعبادته يوما و يقعد في محرابه و يوم يقعد لبني إسرائيل فيحكم بينهم فلما كان في اليوم الذي وعده الله عز و جل اشتدت عبادته و خلا في محرابه و حجب الناس عن نفسه و هو في محرابه يصلي فإذا بطائر قد وقع بين يديه جناحاه من زبرجد أخضر و رجلاه من ياقوت أحمر و رأسه و منقاره من اللؤلؤ و الزبرجد فأعجبه جدا و نسي ما كان فيه فقام ليأخذه فطار الطائر فوقع على حائط بين داود و بين أوريا بن حنان و كان داود قد بعث أوريا في بعث فصعد داود الحائط ليأخذ  الطير و إذا امرأة أوريا جالسة تغتسل فلما رأت ظل داود نشرت شعرها و غطت به بدنها فنظر إليها داود و افتتن بها و رجع إلى محرابه و نسي ما كان فيه و كتب إلى صاحبه في ذلك البعث أن يسيروا إلى موضع كيت و كيت و يوضع التابوت بينهم و بين عدوهم و كان التابوت في بني إسرائيل كما قال الله عز و جل فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ و قد كان رفع بعد موسى ع إلى السماء لما عملت بنو إسرائيل بالمعاصي فلما غلبهم جالوت و سألوا النبي أن يبعث إليهم ملكا يقاتل في سبيل الله تقدس وجهه بعث إليهم طالوت و أنزل عليهم التابوت و كان التابوت إذا وضع بين بني إسرائيل و بين أعدائهم و رجع عن التابوت إنسان كفر و قتل و لا يرجع أحد عنه إلا و يقتل فكتب داود إلى صاحبه الذي بعثه أن ضع التابوت بينك و بين عدوك و قدم أوريا بن حنان بين يدي التابوت فقدمه و قتل فلما قتل أوريا دخل عليه الملكان و لم يكن تزوج امرأة أوريا و كانت في عدتها و داود في محرابه يوم عبادته فدخل عليه الملكان من سقف البيت و قعدا بين يديه ففزع داود منهما فقالا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ و لداود حينئذ تسع و تسعون امرأة ما بين مهيرة إلى جارية فقال أحدهما لداود إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَ عَزَّنِي فِي الْخِطابِ أي ظلمني و قهرني فقال داود كما حكى الله عز و جل لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ إلى قوله وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ قال فضحك المستعدى عليه من الملائكة و قال حكم الرجل على نفسه فقال داود أ تضحك و قد عصيت لقد هممت أن أهشم فاك قال فعرجا و قال الملك المستعدى عليه لو علم داود أنه أحق بهشم فيه مني ففهم داود الأمر و ذكر القضية فبقي أربعين يوما ساجدا يبكي ليلة و نهاره و لا يقوم إلا وقت الصلاة حتى انخرق جبينه و سال الدم من عينيه

  فلما كان بعد أربعين يوما نودي يا داود ما لك أ جائع أنت فنشبعك أم ظمآن فنسقيك أم عريان فنكسوك أم خائف فنؤمنك فقال أي رب و كيف لا أخاف و قد عملت ما علمت و أنت الحكم العدل الذي لا يجوزك ظلم ظالم فأوحى الله عز و جل إليه تب يا داود فقال أي رب و أنى لي بالتوبة قال صر إلى قبر أوريا حتى أبعثه إليك و أسأله أن يغفر لك فإن غفر لك غفرت لك قال يا رب فإن لم يفعل قال أستوهبك منه فخرج داود ع يمشي على قدميه و يقرأ الزبور و كان إذا قرأ الزبور لا يبقى حجر و لا شجر و لا جبل و لا طائر و لا سبع إلا يجاوبه حتى انتهى إلى جبل و عليه نبي عابد يقال له حزقيل فلما سمع دوي الجبال و صوت السباع علم أنه داود فقال هذا النبي الخاطئ فقال داود يا حزقيل أ تأذن لي أن أصعد إليك قال لا فإنك مذنب فبكى داود ع فأوحى الله عز و جل إلى حزقيل يا حزقيل لا تعير داود بخطيئته و سلني العافية فنزل حزقيل و أخذ بيد داود و أصعده إليه فقال له داود يا حزقيل هل هممت بخطيئة قط قال لا قال فهل دخلك العجب مما أنت فيه من عبادة الله عز و جل قال لا قال فهل ركنت إلى الدنيا فأحببت أن تأخذ من شهواتها و لذاتها قال بلى ربما عرض ذلك بقلبي قال فما تصنع قال أدخل هذا الشعب فأعتبر بما فيه قال فدخل داود ع الشعب فإذا بسرير من حديد عليه جمجمة بالية و عظام نخرة و إذا لوح من حديد و فيه مكتوب فقرأه داود فإذا فيه أنا أروى بن سلم ملكت ألف سنة و بنيت ألف مدينة و افتضضت ألف جارية و كان آخر أمري أن صار التراب فراشي و الحجارة وسادي و الحيات و الديدان جيراني فمن يراني فلا يغتر بالدنيا و مضى داود حتى أتى قبر أوريا فناداه فلم يجبه ثم ناداه ثانية فلم يجبه ثم ناداه ثالثة فقال أوريا ما لك يا نبي الله لقد شغلتني عن سروري و قرة عيني قال يا أوريا اغفر لي و هب لي خطيئتي فأوحى الله عز و جل يا داود بين له ما كان منك فناداه داود فأجابه في الثالثة فقال يا أوريا فعلت كذا  و كذا و كيت و كيت فقال أوريا أ يفعل الأنبياء مثل هذا فناداه فلم يجبه فوقع داود ع على الأرض باكيا فأوحى الله عز و جل إلى صاحب الفردوس ليكشف عنه فكشف عنه فقال أوريا لمن هذا فقال لمن غفر لداود خطيئته فقال يا رب قد وهبت له خطيئته فرجع داود ع إلى بني إسرائيل و كان إذا صلى قام وزيره يحمد الله و يثني عليه و يثني على الأنبياء ع ثم يقول كان من فضل نبي الله داود قبل الخطيئة كيت و كيت فاغتم داود ع فأوحى الله عز و جل إليه يا داود قد وهبت لك خطيئتك و ألزمت عار ذنبك بني إسرائيل قال يا رب كيف و أنت الحكم العدل الذي لا تجور قال لأنه لم يعاجلوك النكير و تزوج داود ع بامرأة أوريا بعد ذلك فولد له منها سليمان ع ثم قال عز و جل فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَ حُسْنَ مَآبٍ

 و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله وَ ظَنَّ داوُدُ أي علم وَ أَنابَ أي تاب و ذكر أن داود كتب إلى صاحبه أن لا تقدم أوريا بين يدي التابوت و رده فقدم أوريا إلى أهله و مكث ثمانية أيام ثم مات

 بيان اعلم أن هذا الخبر محمول على التقية لموافقته لما روته العامة في ذلك و سيأتي تحقيق القول فيه

 2-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الهمداني و المكتب و الوراق جميعا عن علي بن إبراهيم عن القاسم بن محمد البرمكي عن أبي الصلت الهروي قال سأل الرضا ع علي بن محمد بن الجهم فقال ما يقول من قبلكم في داود ع فقال يقولون إن داود ع كان في محرابه يصلي إذ تصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من الطيور فقطع داود صلاته و  قام ليأخذ الطير فخرج الطير إلى الدار فخرج في أثره فطار الطير إلى السطح فصعد في طلبه فسقط الطير في دار أوريا بن حنان فاطلع داود ع في أثر الطير فإذا بامرأة أوريا تغتسل فلما نظر إليها هواها و كان قد أخرج أوريا في بعض غزواته فكتب إلى صاحبه أن قدم أوريا أمام الحرب فقدم فظفر أوريا بالمشركين فصعب ذلك على داود فكتب إليه ثانية أن قدمه أمام التابوت فقدم فقتل أوريا رحمه الله و تزوج داود بامرأته قال فضرب ع بيده على جبهته و قال إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ لقد نسبتم نبيا من أنبياء الله ع إلى التهاون بصلاته حين خرج في أثر الطير ثم بالفاحشة ثم بالقتل فقال يا ابن رسول الله فما كانت خطيئته فقال ع ويحك إن داود ع إنما ظن أن ما خلق الله عز و جل خلقا هو أعلم منه فبعث الله عز و جل إليه الملكين فتسورا المحراب فقالا خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَ عَزَّنِي فِي الْخِطابِ فعجل داود ع على المدعى عليه فقال لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ و لم يسأل المدعي البينة على ذلك و لم يقبل على المدعى عليه فيقول له ما تقول فكان هذا خطيئة حكم لا ما ذهبتم إليه أ لا تسمع الله عز و جل يقول يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ إلى آخر الآية فقال يا ابن رسول الله فما قصته مع أوريا قال الرضا ع إن المرأة في أيام داود كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبدا و أول من أباح الله عز و جل أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود عليه السلام فتزوج بامرأة أوريا لما قتل و انقضت عدتها منه فذلك الذي شق على أوريا

 بيان قد مر الخبر بتمامه و بيانه مع أخبار أخر في باب عصمتهم

   -3  ك، ]إكمال الدين[ لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن الصادق جعفر بن محمد ع قال إن داود ع خرج ذات يوم يقرأ الزبور و كان إذا قرأ الزبور لا يبقى جبل و لا حجر و لا طائر و لا سبع إلا جاوبه فما زال يمر حتى انتهى إلى جبل فإذا على ذلك الجبل نبي عابد يقال له حزقيل فلما سمع دوي الجبال و أصوات السباع و الطير علم أنه داود ع فقال داود يا حزقيل أ تأذن لي فأصعد إليك قال لا فبكى داود ع فأوحى الله جل جلاله إليه يا حزقيل لا تعير داود و سلني العافية فقام حزقيل فأخذ بيد داود فرفعه إليه فقال داود يا حزقيل هل هممت بخطيئة قط قال لا قال فهل دخلك العجب مما أنت فيه من عبادة الله عز و جل قال لا قال فهل ركنت إلى الدنيا فأحببت أن تأخذ من شهوتها و لذتها قال بلى ربما عرض بقلبي قال فما ذا تصنع إذا كان ذلك قال أدخل هذا الشعب فأعتبر بما فيه قال فدخل داود النبي ع الشعب فإذا سرير من حديد عليه جمجمة بالية و عظام فانية و إذا لوح من حديد فيه كتابة فقرأها داود ع فإذا هي أنا أروى سلم ملكت ألف سنة و بنيت ألف مدينة و افتضضت ألف بكر فكان آخر أمري أن صار التراب فراشي و الحجارة وسادتي و الديدان و الحيات جيراني فمن رآني فلا يغتر بالدنيا

 4-  نبه، ]تنبيه الخاطر[ دخل داود غارا من غيران بيت المقدس فوجد حزقيل يعبد ربه و قد يبس  جلده على عظمه فسلم عليه فقال أسمع صوت شبعان ناعم فمن أنت قال أنا داود قال الذي له كذا و كذا امرأة و كذا و كذا أمة قال نعم و أنت في هذه الشدة قال ما أنا في شدة و لا أنت في نعمة حتى تدخل الجنة

 5-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن علي بن أحمد عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن موسى النخعي عن الحسين بن أبي سعيد عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع ما تقول فيما يقول الناس في داود و امرأة أوريا فقال ذلك شي‏ء تقوله العامة

 6-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد عن ابن يزيد عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن الشحام عن أبي عبد الله ع قال لو أخذت أحدا يزعم أن داود ع وضع يده عليها لحددته حدين حدا للنبوة و حدا لما رماه به

 أقول روت العامة مثله عن أمير المؤمنين ع

 7-  شي، ]تفسير العياشي[ عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال ما بكى أحد بكاء ثلاثة آدم و يوسف و داود فقلت ما بلغ من بكائهم فقال أما آدم ع فبكى حين أخرج من الجنة و كان رأسه في باب من أبواب السماء فبكى حتى تأذى به أهل السماء فشكوا ذلك إلى الله فحط من قامته فأما داود فإنه بكى حتى هاج العشب من دموعه و إن كان ليزفر الزفرة فيحرق ما نبت من دموعه و أما يوسف ع فإنه كان يبكي على  أبيه يعقوب و هو في السجن فتأذى به أهل السجن فصالحهم على أن يبكي يوما و يسكت يوما

 8-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أسباط عن أبي إسحاق الخراساني عن بعض رجاله قال إن الله عز و جل أوحى إلى داود أني قد غفرت ذنبك و جعلت عار ذنبك على بني إسرائيل فقال كيف يا رب و أنت لا تظلم قال أنهم لن يعاجلوك بالنكرة

 عرائس الثعلبي، قال لما علم داود بعد نزول الملكين أنهما نزلا لتنبيهه على الخطإ خر ساجدا أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لحاجة و لوقت صلاة مكتوبة ثم يعود ساجدا ثم لا يرفع رأسه إلا لحاجة لا بد منها ثم يعود فيسجد تمام أربعين يوما لا يأكل و لا يشرب و هو يبكي حتى نبت العشب حول رأسه و هو ينادي ربه عز و جل و يسأله التوبة و كان يقول في سجوده سبحان الملك الأعظم الذي يبتلي الخلق بما يشاء سبحان خالق النور إلهي لم أتعظ بما وعظت به غيري سبحان خالق النور إلهي أنت خلقتني و كان في سابق علمك ما أنا صائر إليه سبحان خالق النور إلهي يغسل الثوب فيذهب درنه و وسخه و الخطيئة لازمة لي لا تذهب عني سبحان خالق النور إلهي أمرتني أن أكون لليتيم كالأب الرحيم و للأرملة كالزوج الرحيم فنسيت عهدك  سبحان خالق النور الويل لداود إذا كشف عنه الغطاء فيقال هذا داود الخاطئ سبحانخالق النور إلهي بأي عين أنظر إليك يوم القيامة و إنما ينظر الظالمون من طرف خفي إلهي بأي قدم أقوم أمامك يوم تزل أقدام الخاطئين سبحان خالق النور إلهي الخطيئة لازمة لي سبحان خالق النور إلهي من أين يطلب العبد المغفرة إلا من عند سيده سبحان خالق النور إلهي مطرت السماء و لم تمطر حولي سبحان خالق النور إلهي أعشبت الأرض و لم تعشب حولي لخطيئتي سبحان خالق النور إلهي أنا الذي لا أطيق حر شمسك فكيف أطيق حر نارك سبحان خالق النور إلهي أنا الذي لا أطيق صوت رعدك فكيف أطيق صوت جهنم سبحان خالق النور إلهي كيف يستتر الخاطئون بخطاياهم و أنت شاهدهم حيث كانوا سبحان خالق النور إلهي قرح الجبين و جمدت العينان من مخافة الحريق على جسدي سبحان خالق النور إلهي تسبح لك الطير بأصوات ضعاف تخافك و أنا العبد الخاطئ الذي لم أرع وصيتك سبحان خالق النور إلهي الويل لداود من الذنب العظيم الذي أصاب سبحان خالق النور إلهي أسألك يا إله إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب أن تعطيني سؤلي فإن إليك رغبتي سبحان خالق النور اللهم برحمتك اغفر لي ذنوبي و لا تباعدني من رحمتك بهواي اللهم إني أعوذ بك من دعوة لا تستجاب و صلاة لا تقبل و عمل لا يقبل سبحان خالق النور اللهم اغفر لي بنور وجهك الكريم ذنوبي التي أوبقتني سبحان  خالق النور إلهي فررت إليك بذنوبي و اعترفت بخطيئتي فلا تجعلني من القانطين و لا تخزني يوم الدين سبحان خالق النور إلهي قرح الجبين و فنيت الدموع و تناثر الدود من ركبتي و خطيئتي ألزم بي من جلدي سبحان خالق النور قالوا فأتاه نداء يا داود أ جائع أنت فتطعم أم ظمآن أنت فتسقى أ مظلوم أنت فتنصر و لم يجبه في ذكر خطيئته فصاح صيحة هاج ما حوله ثم نادى يا رب الذنب الذي أصبت فنودي يا داود ارفع رأسك فقد غفرت لك فلم يرفع رأسه حتى جاءه جبرئيل فرفعه و روي أنه لما نادى أوريا فلم يجبه بعد ذكر ما فعل بزوجته قام عند قبره و جعل يحثو التراب على رأسه ثم نادى الويل لداود ثم الويل لداود سبحان خالق النور الويل لداود ثم الويل له حين يؤخذ بذقنه فيدفع إلى المظلوم سبحان خالق النور الويل لداود ثم الويل الطويل له حين يسحب على وجهه مع الخاطئين إلى النار سبحان خالق النور الويل لداود ثم الويل الطويل له حين تقربه الزبانية مع الظالمين إلى النار سبحان خالق النور قال فأتاه نداء من السماء يا داود قد غفرت لك ذنبك و رحمت بكاءك و استجبت دعاءك و أقلت عثرتك و عن أبي العالية قال كان من دعاء داود ع سبحانك إلهي إذا ذكرت خطيئتي ضاقت علي الأرض برحبها و إذا ذكرت رحمتك ارتدت إلي روحي إلهي أتيت أطباء عبادك ليداووا لي خطيئتي فكلهم عليك يدلني و عن النبي ص قال خد الدموع في وجه داود ع خديد الماء في الأرض

   تذنيب قال الطبرسي رحمه الله اختلف في استغفار داود ع من أي شي‏ء كان فقيل إنه حصل منه على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى و الخضوع له و التذلل بالعبادة و السجود كما حكى سبحانه عن إبراهيم ع بقوله وَ الَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ و أما قوله فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ فالمعنى أنا قبلناه منه و أثبناه عليه فأخرجه على لفظ الجزاء مثل قوله يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ و قوله اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ فلما كان المقصود من الاستغفار و التوبة القبول قيل في جوابه غفرنا و هذا قول من ينزه الأنبياء عن جميع الذنوب من الإمامية و غيرهم و من جوز على الأنبياء الصغائر قال إن استغفاره ع كان لصغيرة. ثم إنهم اختلفوا في ذلك على وجوه أحدها أن أوريا بن حنان خطب امرأة فكان أهلها أرادوا أن يزوجوها منه فبلغ داود جمالها فخطبها أيضا فزوجوها منه و قدموه على أوريا فعوتب داود ع على الحرص على الدنيا عن الجبائي. و ثانيها أنه أخرج أوريا إلى بعض ثغوره فقتل فلم يجزع عليه جزعة على أمثاله من جنده إذ مالت نفسه إلى نكاح امرأته فعوتب على ذلك بنزول الملكين. و ثالثها أنه كان في شريعته أن الرجل إذا مات و خلف امرأة فأولياؤه أحق بها إلا أن يرغبوا عن التزويج بها فحينئذ يجوز لغيرهم أن يتزوج بها فلما قتل أوريا خطب داود امرأته و منعت هيبة داود و جلالته أولياءه أن يخطبوها فعوتب على ذلك. و رابعها أن داود كان متشاغلا بالعبادة فأتاه رجل و امرأة محاكمين إليه فنظر إلى المرأة ليعرفها بعينها و ذلك نظر مباح فمالت نفسه ميل الطباع ففصل بينهما  و عاد إلى عبادة ربه فشغله الفكر في أمرها عن بعض نوافله فعوتب. و خامسها أنه عوتب على عجلته في الحكم قبل التثبت و كان يجب عليه حين سمع الدعوى من أحد الخصمين أن يسأل الآخر عما عنده فيه و لا يحكم عليه قبل ذلك و إنما أنساه التثبت في الحكم فزعه من دخولهما عليه في غير وقت العادة انتهى. و قال الرازي بعد رد الرواية المشهورة و الطعن فيها و إقامة الدلائل على بطلانها و ذكر بعض الوجوه السابقة و تزييفها. روي أن جماعة من الأعداء طمعوا في أن يقتلوا نبي الله داود ع و كان له يوم يخلو فيه بنفسه و يشتغل بطاعة ربه فانتهزوا الفرصة في ذلك اليوم و تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ فلما دخلوا عليه وجدوا عنده أقواما يمنعونه منهم فخافوا و وضعوا كذبا فقالوا خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ إلى آخر القصة و ليس في لفظ القرآن ما يمكن أن يحتج به في إلحاق الذنب بداود إلا ألفاظ أربعة أحدها قوله وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ و ثانيها قوله فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ و ثالثها قوله وَ أَنابَ و رابعها قوله فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ ثم نقول و هذه الألفاظ لا يدل شي‏ء منها على ما ذكروه و تقريره من وجوه. الأول أنه لما دخلوا عليه لطلب قتله بهذا الطريق و علم داود ع دعاه الغضب إلى أن يشتغل بالانتقام منهم إلا أنه مال إلى التصفح و التجاوز عنهم طلبا لمرضاة الله تعالى فكانت هذه الواقعة هي الفتنة لأنها جارية مجرى الابتلاء و الامتحان ثم إنه استغفر ربه مما هم به من الانتقام منهم و تاب عن ذلك الهم وَ أَنابَ فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ القدر من الهم و العزم. و الثاني أنه و إن غلب على ظنه أنهم دخلوا عليه ليقتلوه إلا أنه ندم على ذلك الظن و قال لما لم تقم دلالة و لا أمارة على أن الأمر كذلك فبئس ما عملت بهم حين ظننت بهم هذا الظن الردي‏ء فكان هذا هو المراد من قوله وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ منه فغفر الله له ذلك.  الثالث أن دخولهم عليه كان فتنة لداود إلا أنه ع استغفر لذلك الداخل العازم على قتله و قوله فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ أي لاحترام داود ع و تعظيمه انتهى. و قال البيضاوي أقصى ما في هذه الإشعار بأنه ع ود أن يكون له ما لغيره و كان له أمثاله فنبهه الله بهذه القضية فاستغفر و أناب عنه انتهى. أقول لما ثبت بما قدمنا عصمتهم ع عن جميع الذنوب لا بد من رد ما يدل على صدور ذنب عنه ع في ذلك و أما الوجوه التي يمكن حملها على ترك الأولى و الأفضل كأكثر الوجوه السالفة فهي محتملة و لا يمكن القطع بها إلا بعد ثبوتها و قد عرفت ما يظهر من الأخبار و الله يعلم حقيقة الحال