باب 5- حواريه و أصحابه و أنهم لم سموا حواريين و أنه لم سمي النصارى نصارى

الآيات آل عمران فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ اشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَ اتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ الحديد وَ قَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَ آتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَ جَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَ رَحْمَةً وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ الصف يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ

 1-  فس، ]تفسير القمي[ روى ابن أبي عمير عن رجل عن أبي عبد الله ع في قول الله فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ أي لما سمع و رأى أنهم يكفرون و الحواس الخمس التي قدرها الله في الناس السمع للصوت و البصر للألوان و تميزها و الشم لمعرفة الروائح الطيبة و المنتنة و الذوق للطعوم و تميزها و اللمس لمعرفة الحار و البارد و اللين و الخشن

 2-  ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الطالقاني عن أحمد الهمداني عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه قال قلت للرضا ع لم سمي الحواريون الحواريين قال أما عند الناس فإنهم سموا حواريين لأنهم كانوا قصارين يخلصون الثياب من الوسخ بالغسل و هو اسم مشتق من الخبز الحواري و أما عندنا فسمي الحواريون حواريين لأنهم كانوا مخلصين في أنفسهم و مخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ و التذكير قال فقلت له فلم سمي النصارى نصارى قال لأنهم من قرية اسمها ناصرة من بلاد الشام نزلتها مريم و عيسى ع بعد رجوعهما من مصر

 مع، ]معاني الأخبار[ مرسلا مثله

 3-  ل، ]الخصال[ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب عن أحمد بن الفضل بن المغيرة عن منصور بن عبد الله بن إبراهيم الأصبهاني عن علي بن عبد الله عن محمد بن هارون بن حميد عن محمد بن المغيرة الشهرزوري عن يحيى بن الحسين المدائني عن ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله ص ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين مؤمن آل يس و علي بن أبي طالب و آسية امرأة فرعون

 أقول روى الثعلبي في تفسيره عن أبي بكر عبد الرحمن بن عبد الله بن علي عن عبد الله بن فارس بن محمد العمري عن إبراهيم بن الفضل بن مالك عن الحسين بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمرو بن جميع عن محمد بن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال قال رسول الله ص سباق الأمم ثلاث لم يكفروا بالله طرفة عين علي بن أبي طالب و صاحب يس و مؤمن آل فرعون فهم الصديقون حبيب النجار مؤمن آل يس و حزبيل مؤمن آل فرعون و علي بن أبي طالب و هو أفضلهم

 4-  شي، ]تفسير العياشي[ عن مروان عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال ذكر النصارى و عداوتهم فقال قول الله ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَ رُهْباناً وَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ قال أولئك كانوا قوما بين عيسى و محمد ينتظرون مجي‏ء محمد ص

 5-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن يوسف الصنعاني عن أبيه قال سألت أبا جعفر ع إِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ قال ألهموا

 6-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان عن معاوية بن عمار عن ناجية قال قلت لأبي جعفر ع إن المغيرة يقول إن المؤمن لا يبتلى بالجذام و لا بالبرص و لا بكذا و لا بكذا فقال إن كان لغافلا عن صاحب يس أنه كان مكنعا ثم رد أصابعه فقال كأني أنظر إلى تكنيعه أتاهم فأنذرهم ثم عاد إليهم من الغد فقتلوه

 بيان كنعت أصابعه أي تشنجت و يبست و كنع يده تكنيعا جعلها شلا

 7-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد و عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن ابن محبوب عن أبي يحيى كوكب الدم عن أبي عبد الله ع قال إن حواري عيسى ع كانوا شيعته و إن شيعتنا حواريونا و ما كان حواري عيسى ع بأطوع له من حوارينا لنا و إنما قال عيسى ع للحواريين مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فلا و الله ما نصروه من اليهود و لا قاتلوهم دونه و شيعتنا و الله لم يزالوا منذ قبض الله عز ذكره رسوله ص ينصرونا و يقاتلون دوننا و يحرقون و يعذبون و يشردون في البلدان جزاهم الله عنا خيرا

 بيان قال الطبرسي رحمه الله فَلَمَّا أَحَسَّ أي وجد و قيل أبصر و رأى و قيل علم عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ و أنهم لا يزدادون إلا إصرارا على الكفر بعد ظهور الآيات و المعجزات امتحن المؤمنين من قومه بالسؤال و التعرف عما في اعتقادهم من نصرته قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ و قيل إنه لما عرف منهم العزم على قتله قال من أنصاري إلى الله و فيه أقوال. أحدها أن معناه من أعواني على هؤلاء الكفار مع معونة الله تعالى عن السدي و ابن جريح. و الثاني أن معناه من أنصاري في السبيل إلى الله عن الحسن لأنه دعاهم إلى سبيل الله. و الثالث أن معناه من أعواني على إقامة الدين المؤدي إلى الله أي إلى نيل ثوابه كقوله إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ و مما يسأل على هذا أن عيسى إنما بعث للوعظ دون الحرب فلما استنصر عليهم فيقال لهم للحماية من الكافرين الذين أرادوا قتله عند إظهار الدعوة عن الحسن و مجاهد و قيل أيضا يجوز أن يكون طلب النصرة للتمكين من إقامة الحجة و لتميز الموافق و المخالف. قالَ الْحَوارِيُّونَ و اختلف في سبب تسميتهم بذلك على أقوال أحدها أنهم سموا بذلك لنقاء ثيابهم عن سعيد بن جبير. و ثانيها أنهم كانوا قصارين يبيضون الثياب عن أبي نجيح عن أبي أرطاة. و ثالثها أنهم كانوا صيادين يصيدون السمك عن ابن عباس و السدي. و رابعها أنهم كانوا خاصة الأنبياء عن قتادة و الضحاك و هذا أوجه لأنهم مدحوا بهذا الاسم كأنه ذهب إلى نقاء قلوبهم كنقاء الثوب الأبيض بالتحوير و قال الحسن الحواري الناصر و الحواريون الأنصار و قال الكلبي الحواريون أصفياء عيسى ع و كانوا اثني عشر رجلا و قال عبد الله بن المبارك سموا حواريين لأنهم كانوا نورانيين عليهم أثر العباد و نورها و حسنها كما قال تعالى سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ. نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ معناه نحن أعوان الله على الكافرين من قومك أي أعوان رسول الله أو أعوان دين الله آمَنَّا بِاللَّهِ أي صدقنا أنه واحد لا شريك له وَ اشْهَدْ يا عيسى بِأَنَّا مُسْلِمُونَ أي كن شهيدا لنا عند الله أشهدوه على إسلامهم لأن الأنبياء شهداء الله على خلقه يوم القيامة كما قال سبحانه وَ يَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً. رَبَّنا أي يا ربنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ على عيسى وَ اتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ أي في جملة الشاهدين بجميع ما أنزلت لنفوز بما فازوا به و ننال ما نالوا من كرامتك و قيل معناه و اجعلنا مع محمد ص و أمته عن ابن عباس و قد سماهم الله شهداء بقوله لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ أي من الشاهدين بالحق من عندك هذا كله حكاية قول الحواريين. و روي أنهم اتبعوا عيسى و كانوا إذا جاعوا قالوا يا روح الله جعنا فيضرب بيده على الأرض سهلا كان أو جبلا فيخرج لكل إنسان منهم رغيفين يأكلهما فإذا عطشوا قالوا يا روح الله عطشنا فيضرب بيده على الأرض سهلا كان أو جبلا فيخرج ماء فيشربون قالوا يا روح الله من أفضل منا إذا شئنا أطعمتنا و إذا شئنا سقيتنا و قد آمنا بك و اتبعناك قال أفضل منكم من يعمل بيده و يأكل من كسبه فصاروا يغسلون الثياب بالكراء.  فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ في دينه يعني الحواريين و أتباعهم اتبعوا عيسى ع رَأْفَةً و هي أشد الرقة وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها هي الخصلة من العبادة يظهر فيها معنى الرهبة إما في لبسة أو انفراد عن الجماعة أو غير ذلك من الأمور التي يظهر فيها نسك صاحبه و المعنى ابتدعوا رهبانية لم نكتبها عليهم و قيل هي رفض النساء و اتخاذ الصوامع و قيل هي لحاقهم بالبراري و الجبال في خبر مرفوع عن النبي ص فما رعاها الذين من بعدهم حق رعايتها و ذلك لتكذيبهم بمحمد ص و قيل إن الرهبانية هي الانقطاع عن الناس للانفراد بالعبادة ما كَتَبْناها أي ما فرضناها عَلَيْهِمْ.

 و روي عن ابن مسعود قال كنت رديف رسول الله ص على حمار فقال يا ابن أم عبد هل تدري من أين أحدثت بنو إسرائيل الرهبانية فقلت الله و رسوله أعلم فقال ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى ع يعملون بمعاصي الله فغضب أهل الإيمان فقاتلوهم فهزم أهل الإيمان ثلاث مرات فلم يبق منهم إلا القليل فقالوا إن ظهرنا هؤلاء أفنونا و لم يبق للدين أحد يدعو إليه فتعالوا نتفرق في الأرض إلى أن يبعث الله النبي الذي وعدنا به عيسى ع يعنون محمدا ص فتفرقوا في غيران الجبال و أحدثوا رهبانية فمنهم من تمسك بدينه و منهم من كفر ثم تلا هذه الآية وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها الآية ثم قال يا ابن أم عبد أ تدري ما رهبانية أمتي قلت الله و رسوله أعلم قال الهجرة و الجهاد و الصلاة و الصوم و الحج و العمرة

 مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ أي مع الله أو فيما يقرب إلى الله نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ أي أنصار دينه فَآمَنَتْ طائِفَةٌ أي صدقت بعيسى ع وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ أخرى به قال ابن عباس يعني في زمن عيسى ع و ذلك أنه لما رفع تفرق قومه ثلاث فرق فرقة قالت كان الله فارتفع و فرقة قالت كان ابن الله فرفعه إليه و فرقة قالوا كان عبد الله و رسوله فرفعه إليه و هم المؤمنون و اتبع كل فرقة طائفة من الناس فاقتتلوا و ظهرت الفرقتان الكافرتان على المؤمنين حتى بعث محمد ص فظهرت الفرقة المؤمنة على الكافرين و ذلك قوله فَأَيَّدْنَا إلى قوله ظاهِرِينَ أي عالين غالبين و قيل معناه أصبحت حجة من آمن بعيسى ع ظاهرة بتصديق محمد ص بأن عيسى كلمة الله و روحه و قيل بل أيدوا في زمانهم على من كفر بعيسى ع و قيل فآمنت طائفة بمحمد ص و كفرت طائفة به فأصبحوا قاهرين لعدوهم بالحجة و القهر و الغلبة

 8-  كا، ]الكافي[ أحمد بن عبد الله عن أحمد بن محمد البرقي عن بعض أصحابه رفعه قال قال عيسى ابن مريم ع يا معشر الحواريين لي إليكم حاجة اقضوها لي قالوا قضيت حاجتك يا روح الله فقام فغسل أقدامهم فقالوا كنا نحن أحق بهذا يا روح الله فقال إن أحق الناس بالخدمة العالم إنما تواضعت هكذا لكيما تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم ثم قال عيسى ع بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر و كذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل

 9-  كا، ]الكافي[ علي بن محمد بن بندار عن أحمد بن أبي عبد الله عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن علي بن المعلى عن القاسم بن محمد رفعه إلى أبي عبد الله ع قال قيل له ما بال أصحاب عيسى ع كانوا يمشون على الماء و ليس ذلك في أصحاب محمد ص قال إن أصحاب عيسى ع كفو المعاش و إن هؤلاء ابتلوا بالمعاش

 10-  كا، ]الكافي[ العدة عن البرقي عن ابن أسباط عن العلاء عن محمد عن أحدهما ع قال قلت إنا لنرى الرجل له عبادة و اجتهاد و خشوع و لا يقول بالحق فهل ينفعه ذلك شيئا فقال يا محمد إنما مثل أهل البيت مثل أهل بيت كانوا في بني إسرائيل كان لا يجتهد أحد منهم أربعين ليلة إلا دعا فأجيب و إن رجلا منهم اجتهد أربعين ليلة ثم دعا فلم يستجب له فأتى عيسى ابن مريم ع يشكو إليه ما هو فيه و يسأله الدعاء له قال فتطهر عيسى ع و صلى ركعتين ثم دعا الله عز و جل فأوحى الله عز و جل إليه يا عيسى إن عبدي أتاني من غير الباب الذي أوتي منه إنه دعاني و في قلبه شك منك فلو دعاني حتى ينقطع عنقه و تنتثر أنامله ما استجبت له قال فالتفت إليه عيسى ع فقال ع تدعو ربك و أنت في شك من نبيه فقال يا روح الله و كلمته قد كان و الله ما قلت فادع الله أن يذهب به عني قال فدعا له عيسى ع فتاب الله عليه و قبل منه و صار في حد أهل بيته

 11-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ أبو الحسن بن عبد الله عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال إن موسى ع حدث قومه بحديث لم يحتملوه عنه فخرجوا عليه بمصر فقاتلوه فقاتلهم فقتلهم و إن عيسى ع حدث قومه بحديث فلم يحتملوه عنه فخرجوا عليه بتكريت فقاتلوه فقاتلهم فقتلهم و هو قول الله عز و جل فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ

 12-  يد، ]التوحيد[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ج، ]الإحتجاج[ عن الحسن بن محمد النوفلي في خبر طويل يذكر فيه احتجاج الرضا ع على أرباب الملل قال قال الجاثليق للرضا ع أخبرني عن حواري عيسى ابن مريم كم كان عدتهم و عن علماء الإنجيل كم كانوا قال الرضا ع على الخبير سقطت أما الحواريون فكانوا اثني عشر رجلا و كان أفضلهم و أعلمهم ألوقا و أما علماء النصارى فكانوا ثلاثة رجال يوحنا الأكبر باج و يوحنا بقرقيسياء و يوحنا الديلمي بزجار عنده كان ذكر النبي ص و ذكر أهل بيته و أمته و هو الذي بشر أمة عيسى و بني إسرائيل به

 أقول وجدت في بعض الكتب أن عيسى ع كان مع بعض الحواريين في بعض سياحته فمروا على بلد فلما قربوا منه وجدوا كنزا على الطريق فقال من معه ائذن لنا يا روح الله أن نقيم هاهنا و نحوز هذا الكنز لئلا يضيع فقال ع لهم أقيموا هاهنا و أنا أدخل البلد و لي فيه كنز أطلبه فلما دخل البلد و جال فيه رأى دارا خربة فدخلها فوجد فيها عجوزة فقال لها أنا ضيفك في هذه الليلة و هل في هذه الدار أحد غيرك قالت نعم لي ابن مات أبوه و بقي يتيما في حجري و هو يذهب إلى الصحارى و يجمع الشوك و يأتي البلد فيبيعها و يأتيني بثمنها نتعيش به فهيأت لعيسى ع بيتا فلما جاء ولدها قالت له بعث الله في هذه الليلة ضيفا صالحا يسطع من جبينه أنوار الزهد و الصلاح فاغتنم خدمته و صحبته فدخل الابن على عيسى ع و خدمه و أكرمه فلما كان في بعض الليل سأل عيسى ع الغلام عن حاله و معيشته و غيرها فتفرس ع فيه آثار العقل و الفطانة و الاستعداد للترقي على مدارج الكمال لكن وجد فيه أن قلبه مشغول بهم عظيم فقال له يا غلام أرى قلبك مشغولا بهم لا يبرح فأخبرني به لعله يكون عندي دواء دائك فلما بالغ عيسى ع قال نعم في قلبي هم و داء لا يقدر على دوائه أحد إلا الله تعالى فقال أخبرني به لعل الله يلهمني ما يزيله عنك فقال الغلام إني كنت يوما أحمل الشوك إلى البلد فمررت بقصر ابنة الملك فنظرت إلى القصر فوقع نظري عليها فدخل حبها شغاف قلبي و هو يزداد كل يوم و لا أرى لذلك دواء إلا الموت فقال عيسى ع إن كنت تريدها أنا احتال لك حتى تتزوجها فجاء الغلام إلى أمه و أخبرها بقوله فقالت أمه يا ولدي إني لا أظن هذا الرجل يعد بشي‏ء لا يمكنه الوفاء به فاسمع له و أطعه في كل ما يقول فلما أصبحوا قال عيسى ع للغلام اذهب إلى باب الملك فإذا أتى خواص الملك و وزراؤه ليدخلوا عليه قل لهم أبلغوا الملك عني أني جئته خاطبا كريمته ثم ائتني و أخبرني بما جرى بينك و بين الملك فأتى الغلام باب الملك فلما قال ذلك لخاصة الملك ضحكوا و تعجبوا من قوله و دخلوا على الملك و أخبروه بما قال الغلام مستهزءين به فاستحضره الملك فلما دخل على الملك و خطب ابنته قال الملك مستهزئا به أنا لا أعطيك ابنتي إلا أن تأتيني من اللآلي و اليواقيت و الجواهر الكبار كذا و كذا و وصف له ما لا يوجد في خزانة ملك من ملوك الدنيا فقال الغلام أنا أذهب و آتيك بجواب هذا الكلام فرجع إلى عيسى ع فأخبره بما جرى فذهب به عيسى ع إلى خربة كانت فيها أحجار و مدر كبار فدعا الله تعالى فصيرها كلها من جنس ما طلب الملك و أحسن منها فقال يا غلام خذ منها ما تريد و اذهب به إلى الملك فلما أتى الملك بها تحير الملك و أهل مجلسه في أمره و قالوا لا يكفينا هذا فرجع إلى عيسى ع فأخبره فقال اذهب إلى الخربة و خذ منها ما تريد و اذهب بها إليهم فلما رجع بأضعاف ما أتى به أولا زادت حيرتهم و قال الملك إن لهذا شأنا غريبا فخلا بالغلام و استخبره عن الحال فأخبره بكل ما جرى بينه و بين عيسى ع و ما كان من عشقه لابنته فعلم الملك أن الضيف هو عيسى ع فقال قل لضيفك يأتيني و يزوجك ابنتي فحضر عيسى ع و زوجها منه و بعث الملك ثيابا فاخرة إلى الغلام فألبسها إياه و جمع بينه و بين ابنته تلك الليلة فلما أصبح طلب الغلام و كلمه فوجده عاقلا فهما ذكيا و لم يكن للملك ولد غير هذه الابنة فجعل الغلام ولي عهده و وارث ملكه و أمر خواصه و أعيان مملكته ببيعته و طاعته. فلما كانت الليلة الثانية مات الملك فجأة و أجلسوا الغلام على سرير الملك و أطاعوه و سلموا إليه خزائنه فأتاه عيسى ع في اليوم الثالث ليودعه فقال الغلام أيها الحكيم إن لك علي حقوقا لا أقوم بشكر واحد منها لو بقيت أبد الدهر و لكن عرض في قلبي البارحة أمر لو لم تجبني عنه لا أنتفع بشي‏ء مما حصلتها لي فقال و ما هو قال

  الغلام إنك إذا قدرت على أن تنقلني من تلك الحالة الخسيسة إلى تلك الدرجة الرفيعة في يومين فلم لا تفعل هذا بنفسك و أراك في تلك الثياب و في هذه الحالة فلما أحفى في السؤال قال له عيسى ع إن العالم بالله و بدار كرامته و ثوابه و البصير بفناء الدنيا و خستها و دناءتها لا يرغب إلى هذا الملك الزائل و هذه الأمور الفانية و إن لنا في قربه تعالى و معرفته و محبته لذات روحانية لا نعد تلك اللذات الفانية عندها شيئا فلما أخبره بعيوب الدنيا و آفاتها و نعيم الآخرة و درجاتها قال له الغلام فلي عليك حجة أخرى لم اخترت لنفسك ما هو أولى و أحرى و أوقعتني في هذه البلية الكبرى فقال له عيسى إنما اخترت لك ذلك لأمتحنك في عقلك و ذكائك و ليكون لك الثواب في ترك هذه الأمور الميسرة لك أكثر و أوفى و تكون حجة على غيرك فترك الغلام الملك و لبس أثوابه البالية و تبع عيسى ع فلما رجع عيسى إلى الحواريين قال هذا كنزي الذي كنت أظنه في هذا البلد فوجدته و الحمد لله. و ذكر الثعلبي في العرائس نحوا من ذلك مع اختصار إلى أن قال فكان معه ابن العجوز إلى أن مات فمر به ميتا على سرير فدعا الله عز و جل عيسى فجلس على سريره و نزل عن أعناق الرجال و لبس ثيابه و حمل السرير على عنقه و رجع إلى أهله فبقي و ولد له