باب 1- المبعث و إظهار الدعوة و ما لقي ص من القوم و ما جرى بينه و بينهم و جمل أحواله إلى دخول الشعب و فيه إسلام حمزة رضي الله عنه و أحوال كثير من أصحابه و أهل ز

 الآيات البقرة ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ لَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ اللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ و قال تعالى كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَ يُزَكِّيكُمْ وَ يُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ يُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ و قال تعالى وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ ما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَ الْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ و قال تعالى تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ آل عمران وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ و قال تعالى لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ النساء ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَ أَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً و قال تعالى إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَ النَّبِيِّينَ إلى قوله لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَ الْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً المائدة 67-  يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ و قال تعالى ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما تَكْتُمُونَ الأنعام قُلْ أَ غَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ يُطْعِمُ وَ لا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَ لا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إلى آخر الآيات و قال تعالى قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ و قال تعالى قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ و قال تعالى اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكُوا وَ ما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ إلى قوله تعالى وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَ ما يَفْتَرُونَ وَ لِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَ لِيَرْضَوْهُ وَ لِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ إلى قوله تعالى أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ وَ كَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَ ما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَ ما يَشْعُرُونَ

  الأعراف 158-  قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَ يُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ كَلِماتِهِ وَ اتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ و قال خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ الأنفال وَ إِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَ ما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَ هُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ ما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ التوبة هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ يونس وَ إِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ يوسف 3-  نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَ إِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ و قال تعالى قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي وَ سُبْحانَ اللَّهِ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ الرعد إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ و قال تعالى وَ إِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَ عَلَيْنَا الْحِسابُ الحجر لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ قُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ النحل وَ ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ و قال تعالى وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً وَ بُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ و قال تعالى ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ الإسراء نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَ إِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا الكهف وَ اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ لَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً مريم أَ فَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَ قالَ لَأُوتَيَنَّ مالًا وَ وَلَداً أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَ نَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا وَ نَرِثُهُ ما يَقُولُ وَ يَأْتِينا فَرْداً و قال تعالى فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا طه كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَ قَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً الأنبياء وَ إِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَ هذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَ هُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ الحج وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَ يَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ و قال تعالى قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ

  و قال تعالى لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَ ادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ الفرقان وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَ نَذِيراً قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا وَ تَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَ كَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً الشعراء لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ و قال تعالى وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ فاطر إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَ ما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَ نَذِيراً يس لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَ يَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ المؤمن فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ حمعسق فَلِذلِكَ فَادْعُ وَ اسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَ قُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ وَ أُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنا وَ رَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ و قال تعالى ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ الزخرف فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ الفتح إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُعَزِّرُوهُ وَ تُوَقِّرُوهُ وَ تُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا الذاريات فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ الطور فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَ لا مَجْنُونٍ النجم فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَ لَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا إلى قوله تعالى هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى القمر فَتَوَلَّ عَنْهُمْ القلم فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ إلى آخر الآيات المعارج سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ و قال تعالى فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ عِزِينَ أَ يَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ إلى آخر السورة المزمل إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا المدثر 1-  يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ إلى قوله ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً وَ بَنِينَ شُهُوداً وَ مَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَ بَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ إلى قوله تعالى فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً القيامة فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى وَ لكِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى

  النبأ عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ عبس قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ التكوير إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ وَ ما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ المطففين إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَ إِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ وَ إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ وَ إِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ وَ ما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ الأعلى سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَ ما يَخْفى وَ نُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى وَ يَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَ لا يَحْيى الغاشية فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَ كَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ البلد لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ أَ يَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً أَ يَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَ لِساناً وَ شَفَتَيْنِ وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ العلق اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ إلى آخر السورة البينة لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ وَ ماتَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ القريش لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَ الصَّيْفِ السورة الماعون أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ السورة الجحد قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ السورة تبت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ السورة الفلق قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ إلى آخر السورة تفسير قال البيضاوي مِنْ خَيْرٍ فسر الخير بالوحي و بالعلم و النصرة و لعل المراد به ما يعم ذلك. وَ يُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ أي بالفكر و النظر إذ لا طريق إلى معرفته سوى الوحي. وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ التي من جملتها الهداية و بعثة محمد ص بالشكر و القيام بحقوقها وَ ما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَ الْحِكْمَةِ القرآن و السنة يَعِظُكُمْ بِهِ بما أنزل عليكم. إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً أي في الجاهلية متقاتلين فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ بالإسلام فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً متحابين مجتمعين على الأخوة في الله و قيل كان الأوس و الخزرج أخوين لأبوين فوقع بين أولادهما العداوة و تطاولت الحروب مائة و عشرين سنة حتى أطفأها الله بالإسلام و ألف بينهم برسول الله ص. وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ مشرفين على الوقوع في نار جهنم لكفركم إذ لو أدرككم الموت في تلك الحالة لوقعتم في النار فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها بالإسلام و شفا البئر طرفها و جانبها.

  قال الطبرسي رحمه الله قال مقاتل افتخر رجلان من الأوس و الخزرج ثعلبة بن غنم من الأوس و أسعد بن زرارة من الخزرج فقال الأوسي منا خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين و منا حنظلة غسيل الملائكة و منا عاصم بن ثابت بن أفلح حمى الديار و منا سعد بن معاذ الذي اهتز عرش الرحمن له و رضي الله بحكمه في بني قريظة و قال الخزرجي منا أربعة أحكموا القرآن أبي بن كعب و معاذ بن جبل و زيد بن ثابت و أبو زيد و منا سعد بن عبادة خطيب الأنصار و رئيسهم فجرى الحديث بينهما تعصبا و تفاخرا و ناديا فجاء الأوس إلى الأوسي و الخزرج إلى الخزرجي و معهم السلاح فبلغ ذلك النبي ص فركب حمارا و أتاهم فأنزل الله هذه الآيات فقرأها عليهم فاصطلحوا. قوله تعالى مِنْ أَنْفُسِهِمْ قال البيضاوي من نسبهم أو من جنسهم عربيا مثلهم ليفهموا كلامه بسهولة و يكونوا واقفين على حاله في الصدق و الأمانة مفتخرين به و قرئ من أنفسهم أي من أشرفهم لأنه ص كان من أشرف القبائل وَ يُزَكِّيهِمْ يطهرهم من دنس الطبائع و سوء العقائد و الأعمال وَ إِنْ كانُوا إن هي المخففة. ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ من نعمة فَمِنَ اللَّهِ أي تفضلا منه وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ من بلية فَمِنْ نَفْسِكَ لأنها السبب فيها لاجتلابها بالمعاصي. قال الطبرسي قيل خطاب للنبي ص و المراد به الأمة و قيل خطاب للإنسان أي ما أصابك أيها الإنسان. قوله حَفِيظاً أي تحفظ عليهم أعمالهم و تحاسبهم عليها إنما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَ عَلَيْنَا الْحِسابُ. إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا قال البيضاوي جواب لأهل الكتاب عن اقتراحهم أن ينزل عليهم كتابا من السماء و احتجاج عليهم بأن أمره في الوحي كسائر الأنبياء لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ استدراك عن مفهوم ما قبله و كأنه لما تعنتوا عليه بسؤال كتاب ينزل عليهم من السماء و احتج عليهم بقوله إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قال إنهم لا يشهدون و لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ أو إنهم أنكروه و لكن الله يثبته و يقرره بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ من القرآن المعجز الدال على نبوتك روي أنه لما نزلت إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قالوا ما نشهد لك فنزلت أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ أنزله متلبسا بعلمه الخاص به و هو العلم بتأليفه على نظم يعجز عنه كل بليغ أو بحال من يستعد النبوة و يستأهل نزول الكتاب عليه أو بعلمه الذي يحتاج إليه الناس في معاشهم و معادهم وَ الْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ أيضا بنبوتك وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً أي و كفى بما أقام من الحجج على صحة نبوتك عن الاستشهاد بغيره. قوله تعالى بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ أقول سيأتي أنها نزلت في ولاية أمير المؤمنين ع. وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما تَكْتُمُونَ أي من تصديق أو تكذيب أو الأعم. قوله تعالى قُلْ أَ غَيْرَ اللَّهِ قال الطبرسي رحمه الله قيل إن أهل مكة قالوا لرسول الله ص يا محمد تركت ملة قومك و قد علمنا أنه لا يحملك على ذلك إلا الفقر فإنا نجمع لك من أموالنا حتى تكون من أغنانا فنزلت. قوله تعالى قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ قال الطبرسي رحمه الله أي ما يقولون إنك شاعر أو مجنون و أشباه ذلك فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ قرأ نافع و الكسائي و الأعشى عن أبي بكر لا يكذبونك بالتخفيف و هو قراءة علي ع و المروي عن الصادق ع و الباقون بفتح الكاف و التشديد و اختلف في معناه على وجوه. أحدها لا يكذبونك بقلوبهم اعتقادا و إن كانوا يظهرون بأفواههم التكذيب عنادا

  و هو قول أكثر المفسرين و يؤيده ما روي عن سلام بن مسكين عن أبي يزيد المدني أن رسول الله لقي أبا جهل فصافحه أبو جهل فقيل له في ذلك فقال و الله إني لأعلم أنه صادق و لكن متى كنا تبعا لعبد مناف فأنزل الله هذه الآية. و ثانيها أن المعنى لا يكذبونك بحجة و لا يتمكنون من إبطال ما جئت به ببرهان و يؤيده ما روي عن علي ع أنه كان يقرأ لا يكذبونك و يقول إن المراد بها أنهم لا يؤتون بحق هو أحق من حقك. و ثالثها أن المراد لا يصادفونك كاذبا. و رابعها أن المراد لا ينسبونك إلى الكذب فيما أتيت به لأنك كنت عندهم أمينا صدوقا و إنما يدفعون ما أتيت به و يقصدون التكذيب بآيات الله. و خامسها أن المراد أن تكذيبك راجع إلي و لست مختصا به لأنك رسول فمن رد عليك فقد رد علي. قوله تعالى قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أي على التبليغ و قيل القرآن أَجْراً أي جعلا من قبلكم إِنْ هُوَ أي التبليغ و قيل القرآن أو الغرض إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ تذكير و عظة لهم. قوله تعالى وَ لا تَسُبُّوا قال الطبرسي رحمه الله قال ابن عباس لما نزلت إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ الآية قال المشركون يا محمد لتنتهين عن سب آلهتنا أو لنهجون ربك فنزلت الآية و قال قتادة كان المسلمون يسبون أصنام الكفار فنهاهم الله عن ذلك لئلا يسبوا الله فإنهم قوم جهلة و سئل أبو عبد الله ع عن قول النبي ص إن الشرك أخفى من دبيب النمل على صفوانة سوداء في ليلة ظلماء فقال كان المؤمنون يسبون ما يعبد المشركون من دون الله و كان المشركون يسبون ما يعبد المؤمنون فنهى الله المؤمنين عن سب آلهتهم لكيلا يسبوا الكفار إله المؤمنين فيكون المؤمنون قد أشركوا من حيث لا يعلمون. و في قوله أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً قيل إنها نزلت في حمزة بن عبد المطلب و أبي جهل و ذلك أن أبا جهل آذى رسول الله ص فأخبر بذلك حمزة و هو على دين قومه فغضب و جاء و معه قوس فضرب بها رأس أبي جهل و آمن عن ابن عباس و قيل نزلت في عمار بن ياسر حين آمن و أبي جهل عن عكرمة و هو المروي عن أبي جعفر ع و قيل إنها عامة في كل مؤمن و كافر. قوله تعالى إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ قال البيضاوي الخطاب عام و كان رسول الله مبعوثا إلى كافة الثقلين و سائر الرسل إلى أقوامهم جَمِيعاً حال من إليكم الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ صفة لله أو مدح منصوب أو مرفوع أو مبتدأ خبره لا إِلهَ إِلَّا هُوَ و على الوجوه الأول بيان لما قبله يُحيِي وَ يُمِيتُ مزيد تقرير لاختصاصه بالألوهية. قوله تعالى وَ إِذْ قالُوا اللَّهُمَّ قال الطبرسي رحمه الله القائل لذلك النضر بن الحارث و روي في الصحيحين أنه من قول أبي جهل وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ أي أهل مكة بعذاب الاستيصال وَ أَنْتَ فِيهِمْ أي و أنت مقيم بين أظهرهم قال ابن عباس إن الله لم يعذب قومه حتى أخرجوه منها وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ أي و فيهم بقية المؤمنين بعد خروجك من مكة و ذلك أن النبي ص لما خرج من مكة بقيت فيها بقية من المؤمنين لم يهاجروا لعذر و كانوا على عزم الهجرة فرفع الله العذاب عن مشركي مكة لحرمة استغفارهم فلما خرجوا أذن الله في فتح مكة و قيل معناه و ما يعذبهم الله بعذاب الاستيصال في الدنيا و هم يقولون غفرانك ربنا و إنما يعذبهم على شركهم في الآخرة و في تفسير علي بن إبراهيم لما قال النبي ص لقريش إني أقتل جميع ملوك الدنيا و أجر الملك إليكم فأجيبوني إلى ما أدعوكم إليه تملكون بها العرب و يدين لكم العجم فقال أبو جهل اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ الآية حسدا لرسول الله ص ثم قال غفرانك اللهم ربنا فأنزل الله وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ الآية و لما هموا بقتل رسول الله ص و

  أخرجوه من مكة أنزل الله سبحانه وَ ما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ الآية فعذبهم الله بالسيف يوم بدر و قتلوا و قيل معناه لو استغفروا لم يعذبهم و في ذلك استدعاء للاستغفار و قال مجاهد و في أصلابهم من يستغفر وَ ما كانُوا أي المشركون أَوْلِياءَهُ أي أولياء المسجد الحرام إِنْ أَوْلِياؤُهُ أي ما أولياء المسجد الحرام إِلَّا الْمُتَّقُونَ هذا هو المروي عن أبي جعفر ع وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ أي صلاة هؤلاء المشركين الصادين عن المسجد الحرام إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً قال ابن عباس كانت قريش يطوفون بالبيت عراة يصفرون و يصفقون و صلاتهم معناه دعاؤهم أي يقيمون المكاء و التصدية مكان الدعاء و التسبيح و قيل أراد ليست لهم صلاة و لا عبادة و إنما يحصل منهم ما هو ضرب من اللهو و اللعب فالمسلمون الذين يطيعون الله و يعبدونه عند هذا البيت أحق بمنع المشركين منه. و روي أن النبي ص كان إذا صلى في المسجد الحرام قام رجلان من بني عبد الدار عن يمينه فيصفران و رجلان عن يساره فيصفقان بأيديهما فيخلطان عليه صلاته فقتلهم الله جميعا ببدر و لهم يقول و لبقية بني عبد الدار فَذُوقُوا الْعَذابَ أي عذاب السيف يوم بدر أو عذاب الآخرة. بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أي من العقوبة في الدنيا و منها وقعة بدر أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ أي نميتنك قبل أن ينزل ذلك بهم قيل إن الله سبحانه وعد نبيه ص أن ينتقم له منهم إما في حياته أو بعد وفاته و لم يحده بوقت. قوله تعالى وَ إِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ أي قبل الوحي أو القرآن لَمِنَ الْغافِلِينَ عن الحكم و القصص التي في القرآن. قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أي طريقتي و سنتي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ أي إلى توحيده و عدله و دينه عَلى بَصِيرَةٍ على يقين و معرفة و حجة لا على وجه التقليد و الظن أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي أي أدعوكم أنا و يدعوكم أيضا من آمن بي و اتبعني و سيأتي أن المراد به أمير المؤمنين ع وَ سُبْحانَ اللَّهِ أي سبح الله تسبيحا أو قل سبحان الله و قيل اعتراض بين الكلامين. قوله وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ أي أنت هاد لكل قوم أو المعنى جعل الله لكل قوم هاديا و ستأتي الأخبار في ذلك في كتاب الإمامة. قوله تعالى وَ إِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ قال الطبرسي أي نعد هؤلاء الكفار من نصر المؤمنين عليهم و تمكينك منهم بالقتل و الأسر و اغتنام الأموال أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ أي نقبضنك إلينا قبل أن نريك ذلك و بين بذلك أن بعض ذلك في حياته و بعضه بعد وفاته فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَ عَلَيْنَا الْحِسابُ أي عليك أن تبلغهم ما أرسلناك به إليهم و تقوم بما أمرناك بالقيام به و علينا حسابهم و مجازاتهم و الانتقام منهم إما عاجلا و إما آجلا و في هذا دلالة على أن الإسلام سيظهر على سائر الأديان في أيامه و بعد وفاته و قد وقع المخبر به على وفق الخبر. وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ أي على كفار قريش إن لم يؤمنوا و نزل بهم العذاب وَ اخْفِضْ جَناحَكَ أي تواضع لِلْمُؤْمِنِينَ و أصله أن الطائر إذا ضم فرخه إلى نفسه بسط جناحه ثم خفضه فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ أي أظهر و أعلن و صرح بما أمرت به غير خائف وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ أي لا تخاصمهم إلى أن تؤمر بقتالهم أو لا تلتفت إليهم و لا تخف منهم وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ أي المصلين حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ أي الموت المتيقن. بِالْحِكْمَةِ أي القرآن و قيل هي المعرفة بمراتب الأفعال في الحسن و القبح و الصلاح و الفساد وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ هي الصرف عن القبيح على وجه الترغيب في تركه و التزهيد في فعله وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أي ناظرهم بالقرآن و بأحسن ما عندك من الحجج و قيل هو أن يجادلهم على قدر ما يحتملونه كما جاء في الحديث أمرنا معاشر الأنبياء أن نكلم الناس على قدر عقولهم. قوله تعالى نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ قد مر تفسيره في كتاب الاحتجاج. قوله لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ أي لآياته و كتبه أو مواعيده و تقديراته أو أنبيائه و حججه

  صلوات الله عليهم قوله مُلْتَحَداً أي ملجأ و معدلا و محيصا. قوله تعالى أَ فَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا قال الطبرسي رحمه الله روي في الصحيح عن خباب بن الأرت قال كنت رجلا غنيا و كان لي على العاص بن وائل دين فأتيته أتقاضاه فقال لي لا أقضيك حتى تكفر بمحمد فقلت لن أكفر به حتى نموت و نبعث فقال فإني لمبعوث بعد الموت فسوف أقضيك إذا رجعت إلى مال و ولد فنزلت. قوله تعالى لُدًّا اللد جمع الألد و هو الشديد الخصومة مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً أي كتابا مشتملا على الأقاصيص و الأخبار حقيقا بالتفكر و الاعتبار و قيل ذكرا جميلا بين الناس مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ عن الذكر أو عن الله فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً عقوبة ثقيلة فادحة على كفره و ذنوبه. قوله تعالى وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ قال الطبرسي رحمه الله قيل المراد به النضر بن الحارث فإنه كان كثير الجدال و كان يقول الملائكة بنات الله و القرآن أساطير الأولين و ينكر البعث. قوله تعالى لِكُلِّ أُمَّةٍ أي أهل دين جَعَلْنا مَنْسَكاً متعبدا أو شريعة تعبدوا بها هُمْ ناسِكُوهُ ينسكونه فَلا يُنازِعُنَّكَ سائر أرباب الملل فِي الْأَمْرِ في أمر الدين أو النسائك لأنهم أهل عناد أو لأن دينك أظهر من أن يقبل النزاع و قيل المراد نهي الرسول عن الالتفات إلى قولهم و تمكينهم من المناظرة فإنها إنما تنفع طالب حق و هؤلاء أهل مراء و قيل نزلت في كفار خزاعة قالوا للمسلمين ما لكم تأكلون ما قتلتم و لا تأكلون ما قتله الله إِلَّا مَنْ شاءَ أي إلا فعل من شاء أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا أن يتوب إليه و يطلب الزلفى عنده بالإيمان و الطاعة فصور ذلك بصورة الأجر من حيث إنه مقصود فعله و قيل الاستثناء منقطع باخِعٌ نَفْسَكَ أي قاتل نفسك أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ لئلا يؤمنوا أو خيفة أن لا يؤمنوا إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً أي دلالة ملجئة إلى الإيمان أو بلية قاسرة إليه. وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قال الطبرسي رحمه الله أي رهطك الأدنين و اشتهرت القصة بذلك عند الخاص و العام و في الخبر المأثور عن البراء بن عازب أنه قال لما نزلت هذه الآية جمع رسول الله ص بني عبد المطلب و هم يومئذ أربعون رجلا الرجل منهم يأكل المسنة و يشرب العس فأمر عليا ع برجل شاة فأدمها ثم قال ادنوا بسم الله فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة ثم قال هلموا اشربوا بسم الله فشربوا حتى رووا فبدرهم أبو لهب فقال هذا ما سحركم به الرجل فسكت ص يومئذ و لم يتكلم ثم دعاهم من الغد إلى مثل ذلك من الطعام و الشراب ثم أنذرهم رسول الله فقال يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من الله عز و جل و البشير فأسلموا و أطيعوني تهتدوا ثم قال من يؤاخيني و يوازرني و يكون وليي و وصيي بعدي و خليفتي في أهلي و يقضي ديني فسكت القوم فأعادها ثلاثا كل ذلك يسكت القوم و يقول علي أنا فقال في المرة الثالثة أنت فقام القوم و هم يقولون لأبي طالب أطع ابنك فقد أمر عليك أورده الثعلبي في تفسيره و روي عن أبي رافع هذه القصة و أنه جمعهم في الشعب فصنع لهم رجل شاة فأكلوا حتى تضلعوا و سقاهم عسا فشربوا كلهم حتى رووا ثم قال إن الله أمرني أن أنذر عشيرتك الأقربين و أنتم عشيرتي و رهطي و إن الله لم يبعث نبيا إلا و جعل له من أهله أخا و وزيرا و وارثا و وصيا و خليفة في أهله فأيكم يقوم فيبايعني على أنه أخي و وارثي و وزيري و وصيي و يكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فسكت القوم فقال ليقومن

  قائمكم أو ليكونن من غيركم ثم لتندمن ثم أعاد الكلام ثلاث مرات فقام علي ع فبايعه فأجابه ثم قال ادن مني فدنا منه ففتح فاه و مج في فيه من ريقه و تفل بين كتفيه و ثدييه فقال أبو لهب بئس ما حبوت به ابن عمك أن أجابك فملأت فاه و وجهه بزاقا فقال النبي ص ملأته حكما و علما. و عن ابن عباس قال لما نزلت هذه الآية صعد رسول الله ص على الصفا فقال يا صباحاه فاجتمعت إليه قريش فقالوا ما لك فقال أ رأيتكم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ما كنتم تصدقونني قالوا بلى قال فإني نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ قال أبو لهب تبا لك أ لهذا دعوتنا جميعا فأنزل الله تعالى تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ إلى آخر السورة و في قراءة ابن مسعود و أنذر عشيرتك الأقربين و رهطك منهم المخلصين و روي ذلك عن أبي عبد الله ع. قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ بهدايته فيوفقه لفهم آياته و الاتعاظ بعظاته وَ ما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ترشيح لتمثيل المصرين على الكفر بالأموات و مبالغة في إقناطه عنهم إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ فما عليك إلا الإنذار و أما الإسماع فلا إليك. قوله لِيُنْذِرَ أي القرآن أو الرسول ص مَنْ كانَ حَيًّا أي عاقلا فهما فإن الغافل كالميت أو مؤمنا في علم الله فإن الحياة الأبدية بالإيمان و تخصيص الإنذار به لأنه المنتفع به وَ يَحِقَّ الْقَوْلُ أي تجب كلمة العذاب عَلَى الْكافِرِينَ المصرين على الكفر فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ بهلاك الكفار حَقٌّ كائن لا محالة فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ ما مزيدة لتأكيد الشرط بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ و هو القتل و الأسر أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قبل أن تراه فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ يوم القيامة فنجازيهم بأعمالهم. قوله تعالى لا حُجَّةَ أي لا حجاج و لا خصومة. قوله تعالى فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ أي من القرآن بأن تتلوه حق تلاوته و تتبع أوامره و تنتهي عما نهي فيه عنه إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أي على دين حق وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ أي و إن القرآن الذي أوحي إليك لشرف لك و لقومك من قريش وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ عن شكر ما جعله الله لكم من الشرف أو عما يلزمكم من القيام بحق القرآن. أقول سيأتي في الأخبار أن المراد بالقوم الأئمة ع و هم يسألون عن علم القرآن. قوله تعالى فَتَوَلَّ عَنْهُمْ أي فأعرض عن مجادلتهم بعد ما كررت عليهم الدعوة فأبوا إلا الإصرار و العناد فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ على الإعراض بعد ما بذلت جهدك في البلاغ وَ ذَكِّرْ و لا تدع التذكير و الموعظة فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ من قدر الله إيمانه أو من آمن فإنه يزداد بصيرة. فذكر فاثبت على التذكير و لا تكترث بقولهم فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بحمد الله و إنعامه بِكاهِنٍ وَ لا مَجْنُونٍ كما يقولون. فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى أي عن دعوته و الاهتمام بشأنه فإن من كانت الدنيا منتهى همته و مبلغ علمه لا تزيده الدعوة إلا عنادا. هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى أي هذا القرآن نذير من جنس الإنذارات المتقدمة أو هذا الرسول نذير من جنس المنذرين الأولين. فَتَوَلَّ عَنْهُمْ لعلمك أن الإنذار لا يغني فيهم قوله تعالى وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ أي تلين لهم في دينك فيلينون في دينهم كُلَّ حَلَّافٍ أي كثير الحلف بالباطل لقلة مبالاته بالكذب مَهِينٍ من المهانة و هي القلة في الرأي و التميز و قيل ذليل عند الله و عند الناس قيل يعني الوليد بن المغيرة عرض عن النبي ص المال ليرجع عن دينه و قيل الأخنس بن شريق و قيل الأسود بن عبد يغوث هَمَّازٍ أي عياب مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ أي يفسد بين الناس بالنميمة مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ أي بخيل بالمال أو عن الإسلام مُعْتَدٍ متجاوز في الظلم أَثِيمٍ كثير الإثم عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ أي جاف غليظ بعد ما عد من مثالبه زَنِيمٍ أي دعي ملصق إلى قوم ليس

  منهم أَنْ كانَ ذا مالٍ وَ بَنِينَ أي قال ذلك حينئذ لأن كان متمولا مستظهرا بالبنين من فرط غروره أو علة للا تطع أي لا تطع من هذه مثالبه لأن كان ذا مال سَنَسِمُهُ بالكي عَلَى الْخُرْطُومِ أي على الأنف و قد أصاب أنف الوليد جراحة يوم بدر فبقي أثره و قيل هو عبارة عن غاية الإذلال أو نسود وجهه يوم القيامة. قوله تعالى سَأَلَ سائِلٌ قال البيضاوي أي دعا داع به بمعنى استدعاه و لذلك عدي الفعل بالباء و السائل نضر بن الحارث فإنه قال إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ أو أبو جهل فإنه قال فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ سأله استهزاء أو الرسول استعجل بعذابهم. أقول ستأتي أخبار كثيرة في أنها نزلت في النعمان بن الحارث الفهري حين أنكر ولاية أمير المؤمنين ع و قال اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ فرماه الله بحجر على رأسه فقتله. قوله مُهْطِعِينَ أي مسرعين عِزِينَ أي فرقا شتى قيل كان المشركون يحلقون حول رسول الله ص حلقا حلقا و يستهزءون بكلامه أَ يَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ بلا إيمان و هو إنكار لقولهم لو صح ما يقوله لنكونن فيها أفضل حظا منهم كما في الدنيا. إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا يا أهل مكة شاهِداً عَلَيْكُمْ يشهد عليكم يوم القيامة بالإجابة و الامتناع وَبِيلًا أي ثقيلا. قوله تعالى يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قال الطبرسي رحمه الله أي المتدثر بثيابه قال الأوزاعي سمعت يحيى بن أبي كثير يقول سألت أبا سلمة أي القرآن أنزل من قبل قال يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ فقلت أو اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ فقال سألت جابر بن عبد الله أي القرآن أنزل قبل قال يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ فقلت أو اقْرَأْ قال جابر أحدثكم ما حدثنا رسول الله ص قال جاورت بحراء شهرا فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي فنوديت فنظرت أمامي و خلفي و عن يميني و عن شمالي فلم أر أحدا ثم نوديت فرفعت رأسي فإذا هو على العرش في الهواء يعني جبرئيل ع فقلت دثروني دثروني فصبوا علي ماء فأنزل الله عز و جل يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ و في رواية فخشيت منه فرقا حتى هويت إلى الأرض فجئت إلى أهلي فقلت زملوني فنزل يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ أي ليس بك ما تخافه من الشيطان إنما أنت نبي فأنذر الناس و ادعهم إلى التوحيد. و في هذا ما فيه لأن الله تعالى لا يوحي إلى رسوله إلا بالبراهين النيرة و الآيات البينة الدالة على أن ما يوحى إليه إنما هو من الله تعالى فلا يحتاج إلى شي‏ء سواها و لا يفزع و لا يفزع و لا يفرق و قيل معناه يا أيها الطالب صرف الأذى بالدثار اطلبه بالإنذار و خوف قومك بالنار إن لم يؤمنوا و قيل إنه كان قد تدثر بشملة صغيرة لينام فقال يا أيها النائم قم من نومك فأنذر قومك و قيل إن المراد به الجد في الأمر و القيام بما أرسل به فكأنه قيل له لا تنم عما أمرتك به و هذا كما تقول العرب فلان لا ينام في أمره إذا وصف بالجد و صدق العزيمة. و قال في قوله تعالى ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً نزلت الآيات في الوليد بن المغيرة المخزومي و ذلك أن قريشا اجتمعت في دار الندوة فقال لهم الوليد إنكم ذوو أحساب و ذوو أحلام و إن العرب يأتونكم فينطلقون من عندكم على أمر مختلف فأجمعوا أمركم على شي‏ء واحد ما تقولون في هذا الرجل قالوا نقول إنه شاعر فعبس عندها و قال قد سمعنا الشعر فما يشبه قوله الشعر فقالوا نقول إنه كاهن قال إذا يأتونه فلا يجدونه يحدث بما يحدث به الكهنة قالوا نقول إنه مجنون قال إذا يأتونه فلا يجدونه مجنونا قالوا نقول إنه ساحر قال و ما الساحر فقالوا بشر يحببون بين المتباغضين و يبغضون بين المتحابين قال فهو ساحر فخرجوا فكان

  لا يلقى أحد منهم النبي ص إلا قال يا ساحر يا ساحر و اشتد عليه ذلك فأنزل الله تعالى يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ إلى قوله إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ عن مجاهد و يروى أن النبي ص لما أنزل عليه حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ قام إلى المسجد و الوليد بن المغيرة قريب منه يسمع قراءته فلما فطن النبي ص لاستماعه لقراءته أعاد قراءة الآية فانطلق الوليد حتى أتى مجلس قومه بني مخزوم فقال و الله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس و لا من كلام الجن و إن له لحلاوة و إن عليه لطلاوة و إن أعلاه لمثمر و إن أسفله لمعذق و إنه ليعلو و ما يعلى ثم انصرف إلى منزله فقال قريش صبأ و الله الوليد و الله ليصبأن قريش كلهم و كان يقال للوليد ريحانة قريش فقال لهم أبو جهل أنا أكفيكموه فانطلق فقعد إلى جنب الوليد حزينا فقال له ما لي أراك حزينا يا ابن أخي قال هذه قريش يعيبونك على كبر سنك و يزعمون أنك زينت كلام محمد فقام مع أبي جهل حتى أتى مجلس قومه فقال تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط قالوا اللهم لا قال تزعمون أنه كاهن فهل رأيتم عليه شيئا من ذلك قالوا اللهم لا قال تزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه أنه ينطق بشعر قط قالوا اللهم لا قال تزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه شيئا من الكذب قالوا اللهم لا و كان يسمى الصادق الأمين قبل النبوة من صدقه قالت قريش للوليد فما هو فتفكر في نفسه ثم نظر و عبس فقال ما هو إلا ساحر أ ما رأيتموه يفرق بين الرجل و أهله و ولده و مواليه فهو ساحر و ما يقوله سحر يؤثر. أقول قد مر تفسير الآيات في كتاب الاحتجاج. ثم قال رحمه الله في قوله عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ قالوا لما نزلت هذه الآية قال أبو جهل لقريش ثكلتكم أمهاتكم أ ما تسمعون ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة النار تسعة عشر و أنتم الدهم و الشجعان أ فيعجز كل عشرة منكم أن تبطشوا برجل من خزنة جهنم فقال أبو الأسد الجمحي أنا أكفيكم سبعة عشر عشرة على ظهري و سبعة على بطني فاكفوني أنتم اثنين فنزل تمام الآيات. و قال رحمه الله في قوله كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ أي وحشية نافرة فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ يعني الأسد عن عطاء و الكلبي قال ابن عباس الحمر الوحشية إذا عاينت الأسد هربت منه كذلك هؤلاء الكفار إذا سمعوا النبي ص يقرأ القرآن هربوا منه و قيل القسورة الرماة و رجال القنص بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً أي كتبا من السماء تنزل إليهم بأسمائهم أن آمنوا بمحمد و قيل معناه أنهم يريدون صحفا من الله تعالى بالبراءة من العقوبة و إسباغ النعمة حتى يؤمنوا و قيل يريد كل واحد منهم أن يكون رسولا يوحى إليه متبوعا و أنف من أن يكون تابعا. و قال في قوله تعالى ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أي رجع إليهم يتبختر و يختال في مشيه قيل إن المراد بذلك أبو جهل بن هشام أَوْلى لَكَ فَأَوْلى هذا تهديد من الله له و المعنى وليك المكروه يا أبا جهل و قرب منك و جاءت الرواية أن رسول الله ص أخذ بيد أبي جهل ثم قال له أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى فقال أبو جهل بأي شي‏ء تهددني لا تستطيع أنت و لا ربك أن تفعلا بي شيئا و إني لأعز أهل هذا الوادي فأنزل الله سبحانه كما قال له رسول الله ص و قيل معناه الذم أولى لك من تركه إلا أنه حذف و كثر في الكلام حتى صار بمنزلة الويل لك و صار من المحذوف الذي لا يجوز إظهاره و قيل هو وعيد على وعيد و قيل معناه وليك الشر في الدنيا وليك ثم وليك الشر في الآخرة وليك و التكرار للتأكيد و قيل بعدا لك من خيرات

  الدنيا و بعدا لك من خيرات الآخرة و قيل أولى لك ما تشاهده يا أبا جهل يوم بدر فأولى لك في القبر ثم أولى لك يوم القيامة و لذلك أدخل ثم فأولى لك في النار. و قال في قوله تعالى عَمَّ يَتَساءَلُونَ أصله عما قالوا لما بعث رسول الله ص و أخبرهم بتوحيد الله و بالبعث بعد الموت و تلا عليهم القرآن جعلوا يتساءلون بينهم أي يسأل بعضهم بعضا على طريق الإنكار و التعجب فيقولون ما ذا جاء به محمد و ما الذي أتى به فأنزل الله عَمَّ يَتَساءَلُونَ أي عن أي شي‏ء يتساءلون و المعنى تفخيم القصة ثم ذكر أن تساءلهم عما ذا فقال عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ و هو القرآن و قيل هو نبأ القيامة و قيل كل ما اختلفوا فيه من أصول الدين. أقول سيأتي أنه ولاية أمير المؤمنين ع في أخبار كثيرة. و قال رحمه الله في قوله تعالى قُتِلَ الْإِنْسانُ أي عذب و لعن و هو إشارة إلى كل كافر و قيل هو أمية بن خلف و قيل عتبة بن أبي لهب إذ قال كفرت برب النجم إذا هوى ما أَكْفَرَهُ أي ما أشد كفره و قيل إن ما للاستفهام أي أي شي‏ء أوجب كفره أي ليس هاهنا شي‏ء يوجب الكفر فما الذي دعاه إليه مع كثرة نعم الله عليه مِنْ أَيِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَهُ استفهام للتقرير و قيل معناه لم لا ينظر إلى أصل خلقته ليدله على وحدانية الله تعالى مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ أطوارا نطفة ثم علقة إلى آخر خلقه و على حد معلوم من طوله و قصره و سمعه و بصره و أعضائه و حواسه و مدة عمره و رزقه و جميع أحواله ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ أي سبيل الخروج من بطن أمه أو طريق الخير و الشر  كَلَّا أي حقا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ من إخلاص عبادته و لم يؤد حق الله عليه مع كثرة نعمه و قال في قوله تعالى إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ أي إن القرآن قول رسول كريم على ربه و هو جبرئيل ع و هو كلام الله أنزله على لسانه ثم وصف جبرئيل فقال ذِي قُوَّةٍ أي فيما كلف و أمر به من العلم و العمل و تبليغ الرسالة و قيل ذي قدرة في نفسه عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ أي متمكن عند الله خالق العرش رفيع المنزلة عنده مُطاعٍ ثَمَّ أي في السماء تطيعه الملائكة قالوا و من طاعة الملائكة لجبرئيل ع أنه أمر خازن الجنة ليلة المعراج حتى فتح لمحمد ص أبوابها فدخلها و رأى ما فيها و أمر خازن النار ففتح له عنها حتى نظر إليها أَمِينٍ على وحي الله و رسالاته إلى أنبيائه و في الحديث أن رسول الله ص قال لجبرئيل ما أحسن ما أثنى عليك ربك ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ فما كانت قوتك و ما كانت أمانتك فقال أما قوتي فإني بعثت إلى مدائن قوم لوط و هي أربع مدائن في كل مدينة أربعمائة ألف مقاتل سوى الذراري فحملتهم من الأرض السفلى حتى سمع أهل السماوات أصوات الدجاج و نباح الكلاب ثم هويت بهن فقلبتهن و أما أمانتي فإني لم أؤمر بشي‏ء فعدوته إلى غيره ثم خاطب سبحانه جماعة الكفار فقال وَ ما صاحِبُكُمْ الذي يدعوكم إلى الله بِمَجْنُونٍ و المجنون المغطى على عقله حتى لا يدرك الأمور على ما هي عليه وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ أي رأى محمد ص جبرئيل ع على صورته التي خلقه الله تعالى عليها حيث تطلع الشمس و هو الأفق الأعلى من ناحية المشرق وَ ما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ قرأ أهل البصرة غير سهل و ابن كثير و الكسائي بالظاء و الباقون بالضاد فعلى الأول أي ليس بمتهم فيما يخبر به عن الله و على الثاني أي ليس ببخيل فيما يؤدي عن الله وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ أي ليس القرآن بقول شيطان ألقاه إليه كما قال المشركون إن الشيطان يلقي إليه كما يلقي إلى الكهنة فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ فأي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي قد بينت لكم أو فأين تعدلون عن القرآن إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ أي ما القرآن إلا عظة و تذكرة للخلق

  لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ على أمر الله و طاعته. و قال في قوله إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا يعني كفار قريش و مترفيهم كأبي جهل و الوليد بن المغيرة و العاص بن وائل و أصحابهم كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يعني أصحاب النبي ص مثل عمار و خباب و بلال و غيرهم يَضْحَكُونَ على وجه السخرية بهم و الاستهزاء في دار الدنيا أو من جدهم في عبادتهم لإنكارهم البعث أو لإيهام العوام أن المسلمين على باطل وَ إِذا مَرُّوا أي المؤمنون بِهِمْ يَتَغامَزُونَ أي يشير بعضهم إلى بعض بالأعين و الحواجب استهزاء بهم و قيل نزلت في علي ع و ذلك أنه كان في نفر من المسلمين جاءوا إلى النبي ص فسخر منهم المنافقون و ضحكوا و تغامزوا ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا رأينا اليوم الأصلع فضحكنا منه فنزلت الآية قبل أن يصل علي ع و أصحابه إلى النبي ص قوله فَكِهِينَ أي إذا رجع هؤلاء الكفار إلى أهلهم رجعوا معجبين بما هم فيه يتفكهون بذكرهم وَ ما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ أي لم يرسل هؤلاء الكفار حافظين على المؤمنين ما هم عليه و ما كلفوا حفظ أعمالهم قوله تعالى سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى قال البيضاوي أي سنقرئك على لسان جبرئيل أو سنجعلك قارئا بإلهام القراءة فلا تنسى أصلا من قوة الحفظ إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ نسيانه بأن ينسخ تلاوته و قيل المراد به القلة أو نفي النسيان رأسا إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَ ما يَخْفى ما ظهر من أحوالكم و ما بطن أو جهرك بالقراءة مع جبرئيل و ما دعاك إليه من مخافة النسيان فيعلم ما فيه صلاحكم من إبقاء و إنساء وَ نُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى و نعدك للطريقة اليسرى في حفظ الوحي أو التدين و نوفقك لها و لهذه النكتة قال نُيَسِّرُكَ لا نيسر لك عطف على سَنُقْرِئُكَ و إِنَّهُ يَعْلَمُ اعتراض فَذَكِّرْ بعد ما استتب لك الأمر إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى لعل هذه الشرطية إنما جاءت بعد تكرير التذكير و حصول اليأس عن البعض لئلا يتعب نفسه و يتلهف عليهم أو لذم المذكرين و استبعاد تأثير الذكرى فيهم أو للإشعار بأن التذكير إنما يجب إذا ظن نفعه و لذلك أمر بالإعراض عمن تولى  سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى سيتعظ و ينتفع بها من يخشى الله وَ يَتَجَنَّبُهَا و يتجنب الذكرى الْأَشْقَى الكافر فإنه أشقى من الفاسق أو الأشقى من الكفرة لتوغله في الكفر الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى أي نار جهنم ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها فيستريح وَ لا يَحْيى حياة تنفعه. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ بمتسلط إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَ كَفَرَ لكن من تولى و كفر فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ يعني عذاب الآخرة و قيل متصل فإن جهاد الكفار و قتلهم تسلط و كأنه أوعدهم بالجهاد في الدنيا و العذاب في الآخرة و قيل هو استثناء من قوله فَذَكِّرْ إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ رجوعهم ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ في المحشر. لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ أقسم سبحانه بمكة و قيده بحلول الرسول ص فيه إظهارا لمزيد فضله و إشعارا بأن شرف المكان شرف أهله و قيل حل مستحل تعرضك فيه وَ والِدٍ أي آدم أو إبراهيم ع وَ ما وَلَدَ ذريته أو محمد ص فِي كَبَدٍ أي تعب و مشقة و هو تسلية للرسول ص بما كان يكابده من قريش و الضمير في أَ يَحْسَبُ لبعضهم الذي كان يكابد منه أكثر أو يغتر بقوته كأبي الأشد بن كلدة فإنه كان يبسط تحت قدمه أديم عكاظي و يجذبه عشرة فيتقطع و لا يزل قدماه أو لكل أحد منهم أو الإنسان أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ فينتقم منه يَقُولُ أي في ذلك الوقت أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً أي كثيرا و المراد ما أهلكه سمعة و مفاخرة و معاداة للرسول ص أَ يَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ

 حين كان ينفق أو بعد ذلك فيسأله عنه. و قال الطبرسي قيل هو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف و ذلك أنه أذنب ذنبا فاستفتى النبي ص فأمره أن يكفر فقال لقد ذهب مالي في الكفارات و النفقات منذ دخلت في دين محمد عن مقاتل. اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ أي اقرأ القرآن مفتتحا باسمه أو مستعينا به و قيل الباء زائدة أي اقرأ اسم ربك الذي خلق كل شي‏ء خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ جمع علقة اقْرَأْ تكرير للمبالغة أو الأول مطلق و الثاني للتبليغ أو في الصلاة و لعله لما قيل اقرأ باسم ربك فقال ما أنا بقاري فقيل له اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الزائد في الكرم على كل كريم الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ أي الخط بالقلم عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ بخلق القوى و نصب الدلائل و إنزال الآيات فيعلمك القراءة و إن لم تكن قارئا و أكثر المفسرين على أن هذه السورة أول ما نزل من القرآن و أول يوم نزل جبرئيل على رسول الله ص و هو قائم على حراء علمه خمس آيات من أول هذه السورة و قيل سورة المدثر و قيل سورة الحمد. لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أي اليهود و النصارى وَ الْمُشْرِكِينَ أي عبدة الأصنام مُنْفَكِّينَ عما كانوا عليه من دينهم حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ أي الرسول ص أو القرآن رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ بدل من البينة بنفسه أو بتقدير مضاف أو مبتدأ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً صفته أو خبره و الرسول و إن كان أميا لكنه لما تلا مثل ما في الصحف كان كالتالي لها و قيل المراد جبرئيل و كون الصحف مطهرة أن الباطل لا يأتي ما فيها و أنها لا يمسها إلا المطهرون فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ مكتوبات مستقيمة ناطقة بالحق وَ ما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ عما كانوا عليه بأن آمن بعضهم و كفر آخرون إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ البشارة به في كتبهم و على ألسنة رسلهم فكانت الحجة قائمة عليهم. قوله تعالى رِحْلَةَ الشِّتاءِ قال الطبرسي كانت لقريش رحلتان في كل سنة رحلة في الشتاء إلى اليمن لأنها بلاد حامية و رحلة في الصيف إلى الشام لأنها بلاد باردة و لو لا هاتان الرحلتان لم يمكنهم به مقام و قيل إن كلتا الرحلتين كانت إلى الشام و لكن رحلة الشتاء في البحر إلى وائله طلبا للدف‏ء و رحلة الصيف إلى بصرى و أذرعات طلبا للهواء. و قال في قوله أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ أي بالجزاء و الحساب قال الكلبي نزلت في العاص بن وائل السهمي و قيل في الوليد بن المغيرة عن السدي و مقاتل و قيل في أبي سفيان كان ينحر في كل أسبوع جزورين فأتاه يتيم فسأله شيئا فقرعه بعصاه عن ابن جريح و قيل في رجل من المنافقين عن ابن عباس يَدُعُّ الْيَتِيمَ أي يدفعه بعنف وَ لا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ أي لا يطعمه و لا يحث عليه إذا عجز. أقول قد مضى سبب نزول سورة الجحد في كتاب الاحتجاج. و قال الطبرسي روى ابن جبير عن ابن عباس قال صعد رسول الله ص ذات يوم الصفا فقال يا صباحاه فاجتمعت إليه قريش فقالوا له ما لك فقال أ رأيتم لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أ ما كنتم تصدقوني قالوا بلى قال فإني نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ فقال أبو لهب تبا لك لهذا دعوتنا جميعا فأنزل الله هذه السورة تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ أي خسرت يداه أو صفرتا من كل خير و هو ابن عبد المطلب عم النبي ص وَ امْرَأَتُهُ و هي أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان حَمَّالَةَ الْحَطَبِ كانت تحمل الغضا و الشوك فتطرحه في طريق رسول الله ص إذا خرج إلى الصلاة ليعقره عن ابن عباس و في رواية الضحاك قال الربيع بن أنس كانت تبث و تنشر الشوك على طريق الرسول ص فيطؤه كما يطأ أحدكم الحرير و قيل إنها كانت تمشي بالنميمة بين الناس فتلقى بينهم العداوة و توقد نارها بالتهييج كما يوقد النار

  الحطب فسمي النميمة حطبا عن ابن عباس و قيل معناه حمالة الخطايا فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ أي حبل من ليف و إنما وصفها بهذه الصفة تخسيسا لها و تحقيرا و قيل حبل تكون له خشونة الليف و حرارة النار و ثقل الحديد يجعل في عنقها زيادة في عذابها و قيل في عنقها سلسلة من حديد طولها سبعون ذراعا تدخل في فيها و تخرج من دبرها و تدار على عنقها في النار عن ابن عباس و سميت السلسلة مسدا لأنها ممسودة أي مفتولة و قيل إنها كانت لها قلادة فاخرة من جوهر فقالت لأنفقها في عداوة محمد فتكون عذابا في عنقها يوم القيامة عن سعيد بن المسيب و يروى عن أسماء بنت أبي بكر قالت لما نزلت هذه السورة أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب و لها ولولة و في يدها فهر و هي تقول.

مذمما أبينا. و دينه قلينا.و أمره عصينا.

 و النبي ص جالس في المسجد و معه أبو بكر فلما رآها أبو بكر قال يا رسول الله قد أقبلت و أنا أخاف أن تراك قال رسول الله ص إنها لن تراني و قرأ قرآنا فاعتصم به كما قال و قرأ وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً فوقفت على أبي بكر و لم تر رسول الله ص فقالت يا أبا بكر أخبرت أن صاحبك هجاني فقال لا و رب البيت ما هجاك قالت فولت و هي تقول قريش علمت أني بنت سيدها و روي أن النبي ص قال صرف الله سبحانه عني ثم إنهم يذمون مذمما و أنا محمد. أقول قد مر تفسير سورة الفلق في باب عصمته ص

 1-  ك، ]إكمال الدين[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن علي بن الحكم عن ابن عميرة عن داود بن يزيد عن أبي عبد الله ع قال كان علي ع مع رسول الله ص في غيبته لم يعلم بها أحد

 2-  ك، ]إكمال الدين[ ابن الوليد عن سعد و الصفار معا عن ابن أبي الخطاب و اليقطيني معا عن صفوان عن ابن مسكان عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله ع قال اكتتم رسول الله ص بمكة مختفيا خائفا خمس سنين ليس يظهر أمره و علي ع اكتتم معه و خديجة ع ثم أمره الله أن يصدع بما أمر به فظهر رسول الله ص و أظهر أمره

 غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ عن سعد مثله

 3-  ك، ]إكمال الدين[ و في خبر آخر أنه ص كان مختفيا بمكة ثلاث سنين

 4-  ك، ]إكمال الدين[ أبي و ابن الوليد معا عن سعد و الحميري و محمد العطار و أحمد بن إدريس جميعا عن ابن عيسى و ابن أبي الخطاب و إبراهيم بن هاشم جميعا عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله ع قال مكث رسول الله ص بمكة بعد ما جاءه الوحي عن الله تبارك و تعالى ثلاث عشرة سنة منها ثلاث سنين مختفيا خائفا لا يظهر حتى أمره الله أن يصدع بما أمر به فأظهر حينئذ الدعوة

 غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ سعد مثله

 5-  ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال رن إبليس أربع رنات أولهن يوم لعن و حين أهبط إلى الأرض و حين بعث محمد ص على حين فترة من الرسل و حين أنزلت أم الكتاب و نخر نخرتين حين أكل آدم ع من الشجرة و حين أهبط من الجنة

 بيان الرنة الصياح و النخير صوت بالأنف

 6-  ع، ]علل الشرائع[ الطالقاني عن الجلودي عن الجوهري عن عبد الواحد بن غياث عن أبي عوانة عن عمر بن المغيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد أن رجلا قال لعلي ع يا أمير المؤمنين بما ورثت ابن عمك دون عمك فقال يا معشر الناس ففتحوا آذانهم و استمعوا فقال ع جمعنا رسول الله ص بني عبد المطلب في بيت رجل منا أو قال أكبرنا فدعا بمد و نصف من طعام و قدح له يقال له الغمر فأكلنا و شربنا و بقي الطعام و الشراب كما هو و فينا من يأكل الجذعة و يشرب الفرق فقال رسول الله ص أن قد ترون هذه فأيكم يبايعني على أنه أخي و وارثي و وصيي فقمت إليه و كنت أصغر القوم و قلت أنا قال اجلس ثم قال ذلك ثلاث مرات كل ذلك أقوم إليه فيقول اجلس حتى كان في الثالثة فضرب بيده على يدي فبذلك ورثت ابن عمي دون عمي

 بيان الغمر بضم الغين و فتح الميم القدح الصغير و الفرق بالفتح و قد يحرك مكيال هو ستة عشر رطلا

 7-  ع، ]علل الشرائع[ الطالقاني عن الجلودي عن المغيرة بن محمد عن إبراهيم بن محمد الأزدي عن قيس بن الربيع و شريك بن عبد الله عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن علي بن أبي طالب ع قال لما نزلت وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ أي رهطك المخلصين دعا رسول الله ص بني عبد المطلب و هم إذ ذاك أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا فقال أيكم يكون أخي و وارثي و وزيري و وصيي و خليفتي فيكم بعدي فعرض عليهم ذلك رجلا رجلا كلهم يأبى ذلك حتى أتى علي فقلت أنا يا رسول الله فقال يا بني عبد المطلب هذا أخي و وارثي و وصيي و وزيري و خليفتي فيكم بعدي فقام القوم يضحك بعضهم إلى بعض و يقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع و تطيع لهذا الغلام

 أقول و رواه السيد في الطرف بإسناده عن الأعمش مثله

 8-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن عقبة عن أبي عبد الله ع قال إن إبليس رن رنينا لما بعث الله نبيه ص على حين فترة من الرسل و حين أنزلت أم الكتاب

 9-  فس، ]تفسير القمي[ في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أي عينا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ أي بستان مِنْ نَخِيلٍ وَ عِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً من تلك العيون أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً و ذلك أن رسول الله ص قال إنه سيسقط من السماء كسف لقوله وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ و قوله أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِيلًا و القبيل الكثير أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ المزخرف بالذهب أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ يقول من الله إلى عبد الله بن أبي أمية أن محمدا صادق و أني أنا بعثته و يجي‏ء معه أربعة من الملائكة يشهدون أن الله هو كتبه فأنزل الله قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا

 أقول سيأتي ما يوضح الخبر في باب فتح مكة

 10-  فس، ]تفسير القمي[ فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ فإنها نزلت بمكة بعد أن نبئ رسول الله ص بثلاث سنين و ذلك أن النبوة نزلت على رسول الله ص يوم الإثنين و أسلم علي ع يوم الثلاثاء ثم أسلمت خديجة بنت خويلد زوجة النبي ص ثم دخل أبو طالب إلى النبي ص و هو يصلي و علي ع بجنبه و كان مع أبي طالب رضي الله عنه جعفر رضي الله عنه فقال له أبو طالب صل جناح ابن عمك فوقف جعفر رضي الله عنه على يسار رسول الله ص فبدر رسول الله من بينهما فكان يصلي رسول الله ص و علي ع و جعفر و زيد بن حارثة و خديجة فلما أتى لذلك سنون أنزل الله عليه فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ و كان المستهزءون برسول الله ص خمسة الوليد بن المغيرة و العاص بن وائل و الأسود بن المطلب و الأسود بن عبد يغوث و الحارث بن طلاطلة الخزاعي

 أقول ثم ساق الحديث إلى آخر خبر هلاك المستهزءين على ما نقلنا عنه في أبواب المعجزات ثم قال فخرج رسول الله ص فقام على الحجر فقال يا معشر قريش يا معشر العرب أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله و أني رسول الله و آمركم بخلع الأنداد و الأصنام فأجيبوني تملكون بها العرب و تدين لكم العجم و تكونون ملوكا في الجنة فاستهزءوا منه و قالوا جن محمد بن عبد الله و لم يجسروا عليه لموضع أبي طالب فاجتمعت قريش على أبي طالب فقالوا يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سفه أحلامنا و سب آلهتنا و أفسد شباننا و فرق جماعتنا فإن كان يحمله على ذلك العدم جمعنا له مالا فيكون أكثر قريش مالا و نزوجه أي امرأة شاء من قريش فقال له أبو طالب ما هذا يا ابن أخ فقال يا عم هذا دين الله الذي ارتضاه لأنبيائه و رسله بعثني الله رسولا إلى الناس فقال يا ابن أخ إن قومك قد أتوني يسألوني أن أسألك أن تكف عنهم فقال يا عم لا أستطيع أن أخالف أمر ربي فكف عنه أبو طالب ثم اجتمعوا إلى أبي طالب فقالوا أنت سيد من ساداتنا فادفع إلينا محمدا لنقتله و تملك علينا فقال أبو طالب قصيدته الطويلة يقول فيها.

و لما رأيت القوم لا ود بينهم. و قد قطعوا كل العرى و الوسائل.كذبتم و بيت الله يبزى محمد. و لما نطاعن دونه و نناضل.و نسلمه حتى نصرع حوله. و نذهل عن أبنائنا و الحلائل.

 فلما اجتمعت قريش على قتل رسول الله ص و كتبوا الصحيفة القاطعة جمع أبو طالب بني هاشم و حلف لهم بالبيت و الركن و المقام و المشاعر في الكعبة لئن شاكت محمدا شوكة لآتين عليكم يا بني هاشم فأدخله الشعب و كان يحرسه بالليل و النهار قائما بالسيف على رأسه أربع سنين فلما خرجوا من الشعب حضر أبا طالب الوفاة فدخل إليه رسول الله ص و هو يجود بنفسه فقال يا عم ربيت صغيرا و كفلت يتيما فجزاك الله عني خيرا أعطني كلمة أشفع لك بها عند ربي فروي أنه لم يخرج من الدنيا حتى أعطى رسول الله الرضا. بيان قال الجزري يبزى أي يقهر و يغلب أراد لا يبزى فحذف لا من جواب القسم و هي مرادة أي لا يقهر و لم نقاتل عنه و ندافع و فلان يناضل عن فلان إذا رامى عنه و حاج و تكلم بعذره و دفع عنه

 11-  فس، ]تفسير القمي[ وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قال نزلت و رهطك منهم المخلصين قال نزلت بمكة فجمع رسول الله ص بني هاشم و هم أربعون رجلا كل واحد منهم يأكل الجذع و يشرب القربة فاتخذ لهم طعاما يسيرا بحسب ما أمكن فأكلوا حتى شبعوا فقال رسول الله ص من يكون وصيي و وزيري و خليفتي فقال أبو لهب هذا ما سحركم محمد فتفرقوا فلما كان اليوم الثاني أمر رسول الله ص ففعل بهم مثل ذلك ثم سقاهم اللبن فقال لهم رسول الله ص أيكم يكون وصيي و وزيري و خليفتي فقال أبو لهب هذا ما سحركم محمد فتفرقوا فلما كان اليوم الثالث أمر رسول الله ص ففعل بهم مثل ذلك ثم سقاهم اللبن فقال لهم رسول الله ص أيكم يكون وصيي و وزيري و خليفتي و ينجز عداتي و يقضي ديني فقام علي ع و كان أصغرهم سنا و أحمشهم ساقا و أقلهم مالا فقال أنا يا رسول الله فقال رسول الله ص أنت هو

 12-  فس، ]تفسير القمي[ وَ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ قال نزلت بمكة لما أظهر رسول الله ص الدعوة بمكة اجتمعت قريش إلى أبي طالب فقالوا يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سفه أحلامنا و سب آلهتنا و أفسد شبابنا و فرق جماعتنا فإن كان الذي يحمله على ذلك العدم جمعنا له مالا حتى يكون أغنى رجل في قريش و نملكه علينا فأخبر أبو طالب رسول الله ص بذلك فقال لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في يساري ما أردته و لكن يعطوني كلمة يملكون بها العرب و يدين لهم بها العجم و يكونون ملوكا في الجنة فقال لهم أبو طالب ذلك فقالوا نعم و عشر كلمات فقال لهم رسول الله ص تشهدون أن لا إله إلا الله و أني رسول الله فقالوا ندع ثلاث مائة و ستين إلها و نعبد إلها واحدا فأنزل الله سبحانه وَ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَ قالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ إلى قوله إِلَّا اخْتِلاقٌ أي تخليط

 13-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن الأصبهاني عن المنقري عن حفص قال قال أبو عبد الله ع يا حفص إن من صبر صبر قليلا و إن من جزع جزع قليلا ثم قال عليك بالصبر في جميع أمورك فإن الله بعث محمدا ص و أمره بالصبر و الرفق فقال وَ اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا و قال ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السيئة فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ فصبر رسول الله ص حتى قابلوه بالعظام و رموه بها فضاق صدره فأنزل الله وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ ثم كذبوه و رموه فحزن لذلك فأنزل الله قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا فألزم نفسه ص الصبر فقعدوا و ذكروا الله تبارك و تعالى و كذبوه فقال رسول الله ص لقد صبرت في نفسي و أهلي و عرضي و لا صبر لي على ذكرهم إلهي فأنزل الله وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ فصبر ص في جميع أحواله ثم بشر في الأئمة من عترته و وصفوا بالصبر فقال وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ فعند ذلك قال ص الصبر من الإيمان كالرأس من البدن فشكر الله له ذلك فأنزل الله عليه وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ فقال رسول الله ص آية بشرى و انتقام فأباح الله قتل المشركين حيث وجدوا فقتلهم على يدي رسول الله ص و أحبائه و عجل له ثواب صبره مع ما ادخر له في الآخرة

 كا، ]الكافي[ علي عن أبيه و علي بن محمد القاساني عن الأصبهاني مثله

 14-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ ذكر علي بن إبراهيم و هو من أجل رواة أصحابنا أن النبي ص لما أتى له سبع و ثلاثون سنة كان يرى في نومه كأن آتيا أتاه فيقول يا رسول الله و كان بين الجبال يرعى غنما فنظر إلى شخص يقول له يا رسول الله فقال له من أنت قال أنا جبرئيل أرسلني الله إليك ليتخذك رسولا و كان رسول الله ص يكتم ذلك فأنزل جبرئيل بماء من السماء فقال يا محمد فتوضأ فعلمه جبرئيل الوضوء على الوجه و اليدين من المرفق و مسح الرأس و الرجلين إلى الكعبين و علمه الركوع و السجود فدخل علي إلى رسول الله صلوات الله عليهما و هو يصلي هذا لما تم له ص أربعون سنة فلما نظر إليه يصلي قال يا أبا القاسم ما هذا قال هذه الصلاة التي أمرني الله بها فدعاه إلى الإسلام فأسلم و صلى معه و أسلمت خديجة فكان لا يصلي إلا رسول الله ص و علي ع و خديجة ع خلفه فلما أتى لذلك أيام دخل أبو طالب إلى منزل رسول الله ص و معه جعفر فنظر إلى رسول الله ص و علي بجنبه يصليان فقال لجعفر يا جعفر صل جناح ابن عمك فوقف جعفر بن أبي طالب من الجانب الآخر ثم خرج رسول الله ص إلى بعض أسواق العرب فرأى زيدا فاشتراه لخديجة و وجده غلاما كيسا فلما تزوجها وهبته له فلما نبئ رسول الله ص أسلم زيد أيضا فكان يصلي خلف رسول الله ص علي و جعفر و زيد و خديجة

  بيان قوله صل جناح ابن عمك أمر من وصل يصل أي لما كان علي ع في أحد جنبيه بمنزلة جناح واحد فقف بجنبه الآخر ليتم جناحاه و يحتمل التشديد من الصلاة و الأول أظهر

 15-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ قال علي بن إبراهيم و لما أتى على رسول الله ص زمان عند ذلك أنزل الله عليه فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ فخرج رسول الله ص و قام على الحجر و قال يا معشر قريش يا معشر العرب أدعوكم إلى عبادة الله و خلع الأنداد و الأصنام و أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله و أني رسول الله فأجيبوني تملكون بها العرب و تدين لكم بها العجم و تكونون ملوكا فاستهزءوا منه و ضحكوا و قالوا جن محمد بن عبد الله و آذوه بألسنتهم و كان من يسمع من خبره ما سمع من أهل الكتب يسلمون فلما رأت قريش من يدخل في الإسلام جزعوا من ذلك و مشوا إلى أبي طالب و قالوا كف عنا ابن أخيك فإنه قد سفه أحلامنا و سب آلهتنا و أفسد شبابنا و فرق جماعتنا و قالوا يا محمد إلى ما تدعو قال إلى شهادة أن لا إله إلا الله و خلع الأنداد كلها قالوا ندع ثلاثمائة و ستين إلها و نعبد إلها واحدا و حكى الله تعالى عز و علا قولهم وَ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَ قالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عُجابٌ إلى قوله بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ ثم قالوا لأبي طالب إن كان ابن أخيك يحمله على هذا العدم جمعنا له مالا فيكون أكثر قريش مالا فقال رسول الله ص ما لي حاجة في المال فأجيبوني تكونوا ملوكا في الدنيا و ملوكا في الآخرة فتفرقوا ثم جاءوا إلى أبي طالب فقالوا أنت سيد من ساداتنا و ابن أخيك فرق جماعتنا فهلم ندفع إليك أبهى فتى من قريش و أجملهم و أشرفهم عمارة بن الوليد يكون لك ابنا و تدفع إلينا محمدا لنقتله فقال أبو طالب ما أنصفتموني تسألوني أن أدفع إليكم ابني لتقتلوه و تدفعون إلي ابنكم لأربيه لكم فلما أيسوا منه كفوا

  -16  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ كان رسول الله ص لا يكف عن عيب آلهة المشركين و يقرأ عليهم القرآن و كان الوليد بن المغيرة من حكام العرب يتحاكمون إليه في الأمور و كان له عبيد عشرة عند كل عبد ألف دينار يتجر بها و ملك القنطار و كان عم أبي جهل فقالوا له يا عبد شمس ما هذا الذي يقول محمد أ سحر أم كهانة أم خطب فقال دعوني أسمع كلامه فدنا من رسول الله ص و هو جالس في الحجر فقال يا محمد أنشدني شعرك فقال ما هو بشعر و لكنه كلام الله الذي بعث أنبياءه و رسله به فقال اتل فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فلما سمع الرحمن استهزأ منه و قال تدعو إلى رجل باليمامة بسم الرحمن قال لا و لكني أدعو إلى الله و هو الرحمن الرحيم ثم افتتح حم السجدة فلما بلغ إلى قوله فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ و سمعه اقشعر جلده و قامت كل شعرة في بدنه و قام و مشى إلى بيته و لم يرجع إلى قريش فقالوا صبأ أبو عبد شمس إلى دين محمد فاغتمت قريش و غدا عليه أبو جهل فقال فضحتنا يا عم قال يا ابن أخ ما ذاك و إني على دين قومي و لكني سمعت كلاما صعبا تقشعر منه الجلود قال أ فشعر هو قال ما هو بشعر قال فخطب قال لا إن الخطب كلام متصل و هذا كلام منثور لا يشبه بعضه بعضا له طلاوة قال فكهانة هو قال لا قال فما هو قال دعني أفكر فيه فلما كان من الغد قالوا يا عبد شمس ما تقول قال قولوا هو سحر فإنه أخذ بقلوب الناس فأنزل الله تعالى فيه ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً وَ بَنِينَ شُهُوداً إلى قوله عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ

 و في حديث حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال جاء وليد بن المغيرة إلى رسول الله ص فقال اقرأ علي فقال إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فقال أعد فأعاد فقال و الله إن له الحلاوة و الطلاوة إن أعلاه لمثمر و إن أسفله لمعذق و ما هذا بقول بشر

 قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ ذكر القصتين مختصرا مثله بيان في القاموس الطلاوة مثلثة الحسن و البهجة و القبول و في النهاية العذق بالفتح النخلة و بالكسر العرجون بما فيه من الشماريخ و منه حديث مكة و أعذق إذخرها أي صارت له عذوق و شعب و قيل أعذق بمعنى أزهر

 17-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ كان قريش يجدون في أذى رسول الله ص و كان أشد الناس عليه عمه أبو لهب فكان ص ذات يوم جالسا في الحجر فبعثوا إلى سلى الشاة فألقوه على رسول الله ص فاغتم من ذلك فجاء إلى أبي طالب فقال يا عم كيف حسبي فيكم قال و ما ذاك يا ابن أخ قال إن قريشا ألقوا علي السلى فقال لحمزة خذ السيف و كانت قريش جالسة في المسجد فجاء أبو طالب و معه السيف و حمزة و معه السيف فقال أمر السلى على سبالهم فمن أبى فاضرب عنقه فما تحرك أحد حتى أمر السلى على سبالهم ثم التفت إلى رسول الله ص و قال يا ابن أخ هذا حسبك منا و فينا

 18-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ ابن عباس دخل النبي ص الكعبة و افتتح الصلاة فقال أبو جهل من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته فقام ابن الزبعرى و تناول فرثا و دما و ألقى ذلك عليه فجاء أبو طالب و قد سل سيفه فلما رأوه جعلوا ينهضون فقال و الله لئن قام أحد جللته بسيفي ثم قال يا ابن أخي من الفاعل بك قال هذا عبد الله فأخذ أبو طالب فرثا و دما و ألقى عليه

 و في روايات متواترة أنه أمر عبيده أن يلقوا السلى عن ظهره و يغسلوه ثم أمرهم أن يأخذوه فيمروا على أسبلتهم بذلك

 و في رواية البخاري أن فاطمة ع أماطته ثم أوسعتهم شتما و هم يضحكون فلما سلم النبي ص قال اللهم عليك الملأ من قريش اللهم عليك أبا جهل بن هشام و عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و عقبة بن أبي معيط و أمية بن خلف فو الله الذي لا إله إلا هو ما سمى النبي ص يومئذ أحدا إلا و قد رأيته يوم بدر و قد أخذ برجله يجر إلى القليب مقتولا إلا أمية فإنه كان منتفخا في درعه فتزايل من جره فأقروه و ألقوا عليه الحجر

 محمد بن إسحاق وقف النبي ص على قليب بدر فقال بئس عشيرة الرجل كنتم لنبيكم كذبتموني و صدقني الناس و أخرجتموني و آواني الناس و قاتلتموني و نصرني الناس ثم قال هل وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا فقد وجدت ما وعدني ربي حقا ثم قال إنهم يسمعون ما أقول أقول تمامه في فضائل أبي طالب ع

 19-  ك، ]إكمال الدين[ أبي و ابن الوليد معا عن سعد عن ابن أبي الخطاب و محمد بن عيسى معا عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن محمد بن مسلم قال قال أبو جعفر ع ما أجاب رسول الله ص أحد قبل علي بن أبي طالب و خديجة صلوات الله عليهما و لقد مكث رسول الله ص بمكة ثلاث سنين مختفيا خائفا يترقب و يخاف قومه و الناس

 20-  فس، ]تفسير القمي[ علي بن جعفر عن محمد بن عبد الله الطائي عن ابن أبي عمير عن حفص الكناسي قال سمعت عبد الله بن بكر الأرجاني قال قال لي الصادق جعفر بن محمد ع أخبرني عن الرسول ص كان عاما للناس أ ليس قد قال الله في محكم كتابه وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ لأهل الشرق و الغرب و أهل السماء و الأرض من الجن و الإنس هل بلغ رسالته إليهم كلهم قلت لا أدري قال يا ابن بكر إن رسول الله ص لم يخرج من المدينة فكيف بلغ أهل الشرق و الغرب قلت لا أدري قال إن الله تبارك و تعالى أمر جبرئيل فاقتلع الأرض بريشة من جناحه و نصبها لمحمد ص و كانت بين يديه مثل راحته في كفه ينظر إلى أهل الشرق و الغرب و يخاطب كل قوم بألسنتهم و يدعوهم إلى الله و إلى نبوته بنفسه فما بقيت قرية و لا مدينة إلا و دعاهم النبي ص بنفسه

 21-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن القاسم عن جده الحسن عن أبي عبد الله ع قال لا تدع صيام يوم سبع و عشرين من رجب فإنه اليوم الذي نزلت فيه النبوة على محمد ص

 22-  كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن الأول ع قال بعث الله عز و جل محمدا ص رحمة للعالمين في سبع و عشرين من رجب الخبر

 23-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن محمد بن الحسن الجوهري عن الأشعري عن البزنطي عن أبان بن عثمان عن كثير النواء عن أبي عبد الله ع قال في اليوم السابع و العشرين من رجب نزلت النبوة على رسول الله ص الخبر

  -24  كا، ]الكافي[ علي بن محمد رفعه عن أبي عبد الله ع قال يوم سبعة و عشرين من رجب نبئ فيه رسول الله ص الحديث

 أقول سيأتي مثله بأسانيد في كتاب الصوم

 25-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ في علل الفضل عن الرضا ع قال فإن قال فلم جعل الصوم في شهر رمضان خاصة دون سائر الشهور قيل لأن شهر رمضان هو الشهر الذي أنزل الله تعالى فيه القرآن إلى قوله ع و فيه نبئ محمد ص

 بيان هذا الخبر مخالف لسائر الأخبار المستفيضة و لعل المراد به معنى آخر ساوق لنزول القرآن أو غيره من المعاني المجازية أو يكون المراد بالنبوة في سائر الأخبار الرسالة و يكون النبوة فيه بمعنى نزول الوحي عليه ص فيما يتعلق بنفسه كما سيأتي تحقيقه و يمكن حمله على التقية فإن العامة قد اختلفوا في زمان بعثته ص على خمسة أقوال. الأول لسبع عشرة خلت من شهر رمضان. الثاني لثمان عشرة خلت من رمضان. الثالث لأربع و عشرين خلت من شهر رمضان. الرابع للثاني عشر من ربيع الأول. الخامس لسبع و عشرين من رجب و على الأخير اتفاق الإمامية

 26-  كا، ]الكافي[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة و بريد العجلي قال قلت لأبي جعفر ع إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ فقال المنذر رسول الله ص و علي الهادي و في كل زمان إمام منا يهديهم إلى ما جاء به رسول الله ص

  -27  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل قال حدثنا محمد بن جرير الطبري سنة ثمان و ثلاث مائة قال حدثنا محمد بن حيد الرازي عن سلمة بن الفضل الأبرش عن محمد بن إسحاق عن عبد الغفار بن القاسم قال أبو المفضل و حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي و اللفظ له عن محمد بن الصباح الجرجرائي عن سلمة بن صالح الجعفي عن سليمان الأعمش و أبي مريم جميعا عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب ع قال لما نزلت هذه الآية على رسول الله ص وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ دعاني رسول الله ص فقال لي يا علي إن الله تعالى أمرني أن أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قال فضقت بذلك ذرعا و عرفت أني متى أباديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره فصمت على ذلك و جاءني جبرئيل فقال يا محمد إنك إن لم تفعل ما أمرت به عذبك ربك فاصنع لنا يا علي صاعا من طعام و اجعل عليه رجل شاة و املأ لنا عسا من لبن ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم و أبلغهم ما أمرت به ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم أجمع و هم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا فيهم أعمامه أبو طالب و حمزة و العباس و أبو لهب فلما اجتمعوا له دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به فلما وضعته تناول رسول الله ص جذمة من اللحم فنتفها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصفحة ثم قال خذوا بسم الله فأكل القوم حتى صدروا ما لهم بشي‏ء من الطعام حاجة و ما أرى إلا مواضع أيديهم و ايم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم ثم جئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا جميعا و ايم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله فلما أراد رسول الله ص أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال لشد ما سحركم صاحبكم فتفرق القوم و لم يكلمهم رسول الله ص فقال لي من الغد يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن أكلمهم فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ثم اجمعهم لي قال ففعلت ثم جمعتهم فدعاني بالطعام فقربته لهم ففعل كما فعل بالأمس و أكلوا حتى ما لهم به من حاجة ثم قال اسقهم فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا ثم تكلم رسول الله ص فقال يا بني عبد المطلب إني و الله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به إني قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة و قد أمرني الله عز و جل أن أدعوكم إليه فأيكم يؤمن بي و يؤازرني على أمري فيكون أخي و وصيي و وزيري و خليفتي في أهلي من بعدي قال فأمسك القوم و أحجموا عنها جميعا قال فقمت و إني لأحدثهم سنا و أرمصهم عينا و أعظمهم بطنا و أحمشهم ساقا فقلت أنا يا نبي الله أكون وزيرك على ما بعثك الله به قال فأخذ بيدي ثم قال إن هذا أخي و وصيي و وزيري و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا قال فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع

  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ جعفر بن محمد بن أحمد الأودي بإسناده عن أمير المؤمنين ع مثله بيان العس بالضم القدح الكبير و الجذمة بالكسر القطعة قوله ع أرمصهم عينا الرمص بالتحريك وسخ يجتمع في مؤق العين و لما كان الغالب أن ذلك يكون في الأطفال كنى ع عن صغر السن بذلك و كذا عظم البطن و رجل أحمش الساقين دقيقهما

 28-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ بإسناده عن إبراهيم بن صالح عن زيد بن الحسن عن أبيه عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص رقدت بالأبطح على ساعدي و علي عن يميني و جعفر عن يساري و حمزة عند رجلي قال فنزل جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل ففزعت لخفق أجنحتهم قال فرفعت رأسي فإذا إسرافيل يقول لجبرئيل إلى أي الأربعة بعثت و بعثنا معك قال فركض برجله فقال إلى هذا و هو محمد سيد النبيين ثم قال من هذا الآخر قال هذا أخوه و وصيه و هو سيد الوصيين ثم قال فمن الآخر قال جعفر بن أبي طالب له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة ثم قال فمن الآخر قال عمه حمزة و هو سيد الشهداء يوم القيامة

 29-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ أرسله الله تعالى بعد أربعين سنة من عمره حين تكامل بها و اشتد قواه ليكون متهيئا و متأهبا لما أنذر به و لبعثته درجات أولاها الرؤيا الصادقة و الثانية ما رواه الشعبي و داود بن عامر أن الله تعالى قرن جبرئيل بنبوة رسوله ثلاث سنين يسمع حسه و لا يرى شخصه و يعلمه الشي‏ء بعد الشي‏ء و لا ينزل عليه القرآن فكان في هذه المدة مبشرا غير مبعوث إلى الأمة و الثالثة حديث خديجة و ورقة بن نوفل الرابعة أمره بتحديث النعم فأذن له في ذكره دون إنذاره قوله وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ أي بما جاءك من النبوة و الخامسة حين نزل عليه القرآن بالأمر و النهي فصار به مبعوثا و لم يؤمر بالجهر و نزل يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ فأسلم علي و خديجة ثم زيد ثم جعفر و السادسة أمر بأن يعم بالإنذار بعد خصوصه و يجهر بذلك و نزل فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ قال ابن إسحاق و ذلك بعد ثلاث سنين من مبعثه و نزل وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ فنادى يا صباحاه و السابعة العبادات لم يشرع منها مدة مقامه بمكة إلا الطهارة و الصلاة و كانت فرضا عليه و سنة لأمته ثم فرضت الصلوات الخمس بعد إسرائه و ذلك في السنة التاسعة من نبوته فلما تحول إلى المدينة فرض صيام شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة في شعبان و حولت القبلة و فرض زكاة الفطر و شرع فيها صلاة العيد و كان فرض الجمعة في أول الهجرة بدلا من صلاة الظهر ثم فرضت زكاة الأموال ثم الحج و العمرة و التحليل و التحريم و الحظر و الإباحة و الاستحباب و الكراهة ثم فرض الجهاد ثم ولاية أمير المؤمنين ع و نزل الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ

 30-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ علي بن إبراهيم بن هاشم القمي في كتابه أن النبي ص لما أتى له سبع و ثلاثون سنة كان يرى في نومه كأن آتيا أتاه فيقول يا رسول الله فينكر ذلك فلما طال عليه الأمر كان يوما بين الجبال يرعى غنما لأبي طالب فنظر إلى شخص يقول يا رسول الله فقال له من أنت قال أنا جبرئيل أرسلني الله إليك ليتخذك رسولا فأخبر النبي ص خديجة بذلك فقالت يا محمد أرجو أن يكون كذلك فنزل عليه جبرئيل و أنزل عليه ماء من السماء و علمه الوضوء و الركوع و السجود فلما تم له أربعون سنة علمه حدود الصلاة و لم ينزل عليه أوقاتها فكان يصلي ركعتين في كل وقت

 أبو ميسرة و بريدة أن النبي ص كان إذا انطلق بارزا سمع صوتا يا محمد فيأتي خديجة و يقول يا خديجة قد خشيت أن يكون خالط عقلي شي‏ء إني إذا خلوت أسمع صوتا و أرى نورا

 محمد بن كعب و عائشة أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة و كان يرى الرؤيا فتأتيه مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلأ فكان يخلو بغار حراء فسمع نداء يا محمد فغشي عليه فلما كان اليوم الثاني سمع مثله نداء فرجع إلى خديجة و قال زملوني زملوني فو الله لقد خشيت على عقلي فقالت كلا و الله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم و تحمل الكل و تكسب المعدم و تقري الضيف و تعين على نوائب الحق فانطلقت خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل فقال ورقة هذا و الله الناموس الذي أنزل على موسى و عيسى ع و إني أرى في المنام ثلاث ليال أن الله أرسل في مكة رسولا اسمه محمد و قد قرب وقته و لست أرى في الناس رجلا أفضل منه فخرج ص إلى حراء فرأى كرسيا من ياقوتة حمراء مرقاة من زبرجد و مرقاة من لؤلؤ فلما رأى ذلك غشي عليه فقال ورقة يا خديجة فإذا أتته الحالة فاكشفي عن رأسك فإن خرج فهو ملك و إن بقي فهو شيطان فنزعت خمارها فخرج الجائي فلما اختمرت عاد فسأله ورقة عن صفة الجائي فلما حكاه قام و قبل رأسه و قال ذاك الناموس الأكبر الذي نزل على موسى و عيسى ع ثم قال أبشر فإنك أنت النبي الذي بشر به موسى و عيسى ع و إنك نبي مرسل ستؤمر بالجهاد و توجه نحوها و أنشأ يقول

فإن يك حقا يا خديجة فاعلمي حديثك إيانا فأحمد مرسل‏و جبريل يأتيه و ميكال معهما من الله وحي يشرح الصدر منزل‏يفوز به من فاز عزا لدينه و يشقى به الغاوي الشقي المضلل‏فريقان منهم فرقة في جنانه و أخرى بأغلال الجحيم تغلل

و من قصيدة له

يا للرجال لصرف الدهر و القدر و ما لشي‏ء قضاه الله من غير

 حتى خديجة تدعوني لأخبرها و ما لنا بخفي العلم من خبرفخبرتني بأمر قد سمعت به فيما مضى من قديم الناس و العصربأن أحمد يأتيه فيخبره جبريل أنك مبعوث إلى البشر

و من قصيدة له

فخبرنا عن كل خير بعلمه و للحق أبواب لهن مفاتح‏و إن ابن عبد الله أحمد مرسل إلى كل من ضمت عليه الأباطح‏و ظني به أن سوف يبعث صادقا كما أرسل العبدان نوح و صالح‏و موسى و إبراهيم حتى يرى له بهاء و منشور من الذكر واضح

 و روي أنه نزل جبرئيل على جياد أصفر و النبي ص بين علي ع و جعفر فجلس جبرئيل عند رأسه و ميكائيل عند رجله و لم ينبهاه إعظاما له فقال ميكائيل إلى أيهم بعثت قال إلى الأوسط فلما انتبه أدى إليه جبرئيل الرسالة عن الله تعالى فلما نهض جبرئيل ليقوم أخذ رسول الله ص بثوبه ثم قال ما اسمك قال جبرئيل ثم نهض النبي ص ليلحق بقومه فما مر بشجرة و لا مدرة إلا سلمت عليه و هنأته ثم كان جبرئيل يأتيه و لا يدنو منه إلا بعد أن يستأذن عليه فأتاه يوما و هو بأعلى مكة فغمز بعقبه بناحية الوادي فانفجر عين فتوضأ جبرئيل و تطهر الرسول ثم صلى الظهر و هي أول صلاة فرضها الله عز و جل و صلى أمير المؤمنين ع مع النبي ص و رجع رسول الله ص من يومه إلى خديجة فأخبرها فتوضأت و صلت صلاة العصر من ذلك اليوم

 و روي أن جبرئيل ع أخرج قطعة ديباج فيها خط فقال اقرأ قلت كيف أقرأ و لست بقارئ إلى ثلاث مرات فقال في المرة الرابعة اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ إلى قوله ما لَمْ يَعْلَمْ ثم أنزل الله تعالى جبرئيل و ميكائيل ع و مع كل واحد منهما سبعون ألف ملك و أتى بالكرسي و وضع تاجا على رأس محمد ص و أعطى لواء الحمد بيده فقال اصعد عليه و احمد الله فلما نزل عن الكرسي توجه إلى خديجة فكان كل شي‏ء يسجد له و يقول بلسان فصيح السلام عليك يا نبي الله فلما دخل الدار صارت الدار منورة فقالت خديجة و ما هذا النور قال هذا نور النبوة قولي لا إله إلا الله محمد رسول الله فقالت طال ما قد عرفت ذلك ثم أسلمت فقال يا خديجة إني لأجد بردا فدثرت عليه فنام فنودي يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ الآية فقام و جعل إصبعه في أذنه و قال الله أكبر الله أكبر فكان كل موجود يسمعه يوافقه

 و روي أنه لما نزل قوله وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ صعد رسول الله ذات يوم الصفا فقال يا صباحاه فاجتمعت إليه قريش فقالوا ما لك قال أ رأيتكم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ما كنتم تصدقونني قالوا بلى قال فإني نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ فقال أبو لهب تبا لك أ لهذا دعوتنا فنزلت سورة تبت

 قتادة أنه خطب ثم قال أيها الناس إن الرائد لا يكذب أهله و لو كنت كاذبا لما كذبتكم و الله الذي لا إله إلا هو إني رسول الله إليكم حقا خاصة و إلى الناس عامة و الله لتموتون كما تنامون و لتبعثون كما تستيقظون و لتحاسبون كما تعملون و لتجزون بالإحسان إحسانا و بالسوء سوءا و إنها الجنة أبدا و النار أبدا و إنكم أول من أنذرتم ثم فتر الوحي فجزع لذلك النبي ص جزعا شديدا فقالت له خديجة لقد قلاك ربك فنزل سورة الضحى فقال لجبرئيل ما يمنعك أن تزورنا في كل يوم فنزل وَ ما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ إلى قوله نَسِيًّا

 بيان قال الجزري فيه ذكر جياد و هو موضع بأسفل مكة معروف من شعابها و قال الجوهري الرائد الذي يرسل في طلب الكلاء يقال لا يكذب الرائد أهله

 31-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ الفائق أنه لما اعترض أبو لهب على رسول الله ص عند إظهار الدعوة قال له أبو طالب يا أعور ما أنت و هذا

 قال الأخفش الأعور الذي خيب و قيل يا ردي و منه الكلمة العوراء و قال ابن الأعرابي الذي ليس له أخ من أبيه و أمه

 ابن عباس إن الوليد بن المغيرة أتى قريشا فقال إن الناس يجتمعون غدا بالموسم و قد فشا أمر هذا الرجل في الناس و هم يسألونكم عنه فما تقولون فقال أبو جهل أقول إنه مجنون و قال أبو لهب أقول إنه شاعر و قال عقبة بن أبي معيط أقول إنه كاهن فقال الوليد بل أقول هو ساحر يفرق بين الرجل و المرأة بين الرجل و أخيه و أبيه فأنزل الله تعالى ن وَ الْقَلَمِ الآية و قوله وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ الآية. و كان النبي ص يقرأ القرآن فقال أبو سفيان و الوليد و عتبة و شيبة للنضر بن الحارث ما يقول محمد فقال أساطير الأولين مثل ما كنت أحدثكم عن القرون الماضية فنزل وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَ جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً الآية. الكلبي قال النضر بن الحارث و عبد الله بن أمية يا محمد لن نؤمن بك حتى تأتينا بكتاب من عند الله و معه أربعة أملاك يشهدون عليه أنه من عند الله و أنك رسوله فنزل وَ لَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ و قال قريش مكة أو يهود المدينة إن هذه الأرض ليست بأرض الأنبياء و إنما أرض الأنبياء الشام فأت الشام فنزل وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ و قال أهل مكة تركت ملة قومك و قد علمنا أنه لا يحملك على ذلك إلا الفقر فإنا نجمع لك من أموالنا حتى تكون من أغنانا فنزل قُلْ أَ غَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا و كان المشركون إذا قيل لهم ما ذا أنزل ربكم على محمد قالوا أساطير الأولين فنزل وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ الآية. ابن عباس قالت قريش إن القرآن ليس من عند الله و إنما يعلمه بلعام و كان قينا بمكة روميا نصرانيا و قال الضحاك أرادوا به سلمان و قال مجاهد عبدا لبني الحضرمي يقال له يعيش فنزل وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ الآية. و قوله وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ محمد و اختلقه من تلقاء نفسه وَ أَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ يعنون عداسا مولى خويطب و يسارا غلام العلاء بن الحضرمي و حبرا مولى عامر و كانوا من أهل الكتاب فكذبهم الله تعالى فقال فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً الآيات

 32-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ ابن عباس و مجاهد في قوله وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كما أنزلت التوراة و الإنجيل فقال الله تعالى كَذلِكَ متفرقا لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ و ذلك أنه كان يوحى في كل حادثة و لأنها نزلت على أنبياء يكتبون و يقرءون و القرآن نزل على نبي أمي و لأن فيه ناسخا و منسوخا و فيه ما هو جواب لمن سأله عن أمور و فيه ما هو إنكار لما كان و فيه ما هو حكاية شي‏ء جرى و لم يزل ص يريهم الآيات و يخبرهم بالمغيبات فنزل وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ الآية و معناه لا تعجل بقراءته عليهم حتى أنزل عليك التفسير في أوقاته كما أنزل عليك التلاوة باع خباب بن الأرت سيوفا من العاص بن وائل فجاءه يتقاضاه فقال أ ليس يزعم محمد أن في الجنة ما ابتغى أهلها من ذهب و فضة و ثياب و خدم قال بلى قال فأنظرني أقضك هناك حقك فو الله لا تكون هنالك و أصحابك عند الله آثر مني فنزل أَ فَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا إلى قوله فَرْداً و تكلم النضر بن الحارث مع النبي ص فكلمه رسول الله ص حتى أفحمه ثم قال إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ الآية فلما خرج النبي ص قال ابن الزبعرى أما و الله لو وجدته في مجلس لخصمته فسلوا محمدا أ كل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده فنحن نعبد الملائكة و اليهود تعبد عزيرا و النصارى تعبد عيسى فأخبر النبي ص فقال يا ويل أمه أ ما علم أن ما لما لا يعقل و من لمن يعقل فنزل إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ الآية و قالت اليهود أ لست لم تزل نبيا قال بلى قالت فلم لم تنطق في المهد كما نطق عيسى ع فقال إن الله عز و جل خلق عيسى من غير فحل فلو لا أنه نطق في المهد لما كان لمريم عذر إذ أخذت بما يؤخذ به مثلها و أنا ولدت بين أبوين و اجتمعت قريش إليه فقالوا إلى ما تدعونا يا محمد قال إلى شهادة أن لا إله إلا الله و خلع الأنداد كلها قالوا ندع ثلاث مائة و ستين إلها و نعبد إلها واحدا فنزل وَ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ إلى قوله عَذابِ نزل أبو سفيان و عكرمة و أبو الأعور السلمي على عبد الله بن أبي و عبد الله بن أبي سرح فقالوا يا محمد ارفض ذكر آلهتنا و قل إن لها شفاعة لمن عبدها و ندعك و ربك فشق ذلك على النبي ص فأمر فأخرجوا من المدينة و نزل وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ من أهل مكة وَ الْمُنافِقِينَ من أهل المدينة

 ابن عباس عيروا النبي بكثرة التزوج و قالوا لو كان نبيا لشغلته النبوة عن تزوج النساء فنزل وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ

 ابن عباس و الأصم كان النبي ص يصلي عند المقام فمر به أبو جهل فقال يا محمد أ لم أنهك عن هذا و توعده فأغلظ له رسول الله و انتهره فقال يا محمد بأي شي‏ء تهددني أ ما و الله إني لأكبر هذا الوادي ناديا فنزلت أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى إلى قوله فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ فقال ابن عباس لو نادى لأخذته الزبانية بالعذاب مكانه

 القرظي قالت قريش يا محمد شتمت الآلهة و سفهت الأحلام و فرقت الجماعة فإن طلبت مالا أعطيناك أو الشرف سودناك أو كان بك علة داويناك فقال ص ليس شي‏ء من ذلك بل بعثني الله إليكم رسولا و أنزل كتابا فإن قبلتم ما جئت به فهو حظكم في الدنيا و الآخرة و إن تردوه أصبر حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا قالوا فسل ربك أن يبعث ملكا يصدقك و يجعل لنا كنوزا و جنانا و قصورا من ذهب أو يسقط علينا السماء كما زعمت كسفا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِيلًا فقال عبد الله بن أمية المخزومي و الله لا أؤمن بك حتى تتخذ سلما إلى السماء ثم ترقى و أنا أنظر فقال أبو جهل إنه أبى إلا سب الآلهة و شتم الآباء و إني أعاهد الله لأحملن حجرا فإذا سجد ضربت به رأسه فانصرف النبي ص حزينا فنزل وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا الآيات

  الكلبي قالت قريش يا محمد تخبرنا عن موسى و عيسى و عاد و ثمود فأت بآية حتى نصدقك فقال ص أي شي‏ء تحبون أن آتيكم به قالوا اجعل لنا الصفا ذهبا و ابعث لنا بعض موتانا حتى نسألهم عنك و أرنا الملائكة يشهدون لك أو ائتنا بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِيلًا فقال ص فإن فعلت بعض ما تقولون أ تصدقوني قالوا و الله لئن فعلت لنتبعنك أجمعين فقام ص يدعو أن يجعل الصفا ذهبا فجاءه جبرئيل ع فقال إن شئت أصبح الصفا ذهبا و لكن إن لم يصدقوا عذبتهم و إن شئت تركتهم حتى يتوب تائبهم فقال ص بل يتوب تائبهم فنزل وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ

 و روي أن قريشا كانوا يلعنون اليهود و النصارى بتكذيبهم الأنبياء و لو أتاهم نبي لنصروه فلما بعث الله النبي ص كذبوه فنزلت هذه الآية و كانوا يشيرون إليه بالأصابع بما حكى الله عنهم وَ إِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً يقول بعضهم لبعض أَ هذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ و ذلك قوله إنها جماد لا تنفع و لا تضر وَ هُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ و مشش أبي بن خلف بعظم رميم ففته في يده ثم نفخه فقال أ تزعم أن ربك يحيي هذا بعد ما ترى فنزل وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا السورة

 و ذكروا أنه كان إذا قدم على النبي ص وفد ليعلموا علمه انطلقوا بأبي لهب إليهم و قالوا له أخبر عن ابن أخيك فكان يطعن في النبي ص و قال الباطل و قال إنا لم نزل نعالجه من الجنون فيرجع القوم و لا يلقونه

 طارق المحاربي رأيت النبي ص في سويقة ذي المجاز عليه حلة حمراء و هو يقول يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا و أبو لهب يتبعه و يرميه بالحجارة و قد أدمى كعبه و عرقوبيه و هو يقول يا أيها الناس لا تطيعوه فإنه كذاب

  بيان المش مسح اليد بالشي‏ء و الخلط

 33-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ روى أبو أيوب الأنصاري أن النبي ص وقف بسوق ذي المجاز فدعاهم إلى الله و العباس قائم يسمع الكلام فقال أشهد أنك كذاب و مضى إلى أبي لهب و ذكر ذلك فأقبلا يناديان أن ابن أخينا هذا كذاب فلا يغرنكم عن دينكم قال و استقبل النبي ص أبو طالب فاكتنفه و أقبل على أبي لهب و العباس فقال لهما ما تريدان تربت أيديكما و الله إنه لصادق القيل ثم أنشأ أبو طالب

أنت الأمين أمين الله لا كذب و الصادق القول لا لهو و لا لعب‏أنت الرسول رسول الله نعلمه عليك تنزل من ذي العزة الكتب

 مقاتل أنه رفع أبو جهل يوما بينه و بين رسول الله ص فقال يا محمد أنت من ذلك الجانب و نحن من هذا الجانب فاعمل أنت على دينك و مذهبك و إننا عاملون على ديننا و مذهبنا فنزل وَ قالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ

 ابن عباس كان جماعة إذا صح جسم أحدهم و نتجت فرسه و ولدت امرأته غلاما و كثرت ماشيته رضي بالإسلام و إن أصابه وجع أو سوء قال ما أصبت في هذا الدين إلا سوءا فنزل وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ و نهى أبو جهل رسول الله ص عن الصلاة و قال إن رأيت محمدا يصلي لأطأن عنقه فنزل فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَ لا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً

 ابن عباس في قوله وَ إِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا قال وفد ثقيف نبايعك على ثلاث لا ننحني و لا نكسر إلها بأيدينا و تمتعنا باللات سنة فقال ص لا خير في دين ليس فيه ركوع و سجود فأما كسر أصنامكم بأيديكم فذاك لكم و أما الطاغية اللات فإني غير ممتعكم بها قالوا أجلنا سنة حتى نقبض ما يهدى لآلهتنا فإذا قبضناها كسرناها و أسلمنا فهم بتأجيلهم فنزلت هذه الآية

 قال قتادة فلما سمع قوله ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً قال اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا و كان النبي ص يطوف فشتمه عقبة بن أبي معيط و ألقى عمامته في عنقه و جره من المسجد فأخذوه من يده و كان ص يوما جالسا على الصفا فشتمه أبو جهل ثم شج رأسه حمزة بن عبد المطلب شعر

لقد عجبت لأقوام ذوي سفه من القبيلين من سهم و مخزوم‏القائلين لما جاء النبي به هذا حديث أتانا غير ملزوم‏فقد أتاهم بحق غير ذي عوج و منزل من كتاب الله معلوم‏من العزيز الذي لا شي‏ء يعدله فيه مصاديق من حق و تعظيم‏فإن تكونوا له ضدا يكن لكم ضدا بغلباء مثل الليل علكوم‏فآمنوا بنبي لا أبا لكم ذي خاتم صاغه الرحمن مختوم

 بيان قال الجزري في الحديث عليك بذات الدين تربت يداك ترب الرجل إذا افتقر أي لصق بالتراب و أترب إذا استغنى و هذه الكلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب و لا وقوع الأمر به و قال الغلباء الغليظة العنق و هم يصفون السادة بغلظ الرقبة و طولها و قال العلكوم القوية الصلبة. أقول يحتمل أن يكون الموصوف بهما الناقة أو الفرقة و الجماعة

 34-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ ابن عباس و أنس أوحى الله إليه يوم الإثنين السابع و العشرين من رجب و له أربعون سنة ابن مسعود إحدى و أربعون سنة ابن المسيب و ابن عباس ثلاث و أربعون سنة و كان لإحدى عشرة خلون من ربيع الأول و قيل لعشر خلون من ربيع الأول و قيل بعث في شهر رمضان لقوله شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ أي ابتداء إنزاله للسابع عشر أو الثامن عشر عن ابن عباس و الرابع و العشرين عن أبي الخلد قام يدعو الناس و أقام أبو طالب بنصرته فأسلم خديجة و علي و زيد و أسري به بعد النبوة بسنتين و قالوا بسنة و ستة أشهر بعد رجوعه من الطائف

 الحلبي عن أبي عبد الله ع قال اكتتم رسول الله ص بمكة مستخفيا خائفا خمس سنين ليس يظهر و علي ع معه و خديجة ثم أمره الله أن يصدع بما يؤمر فظهر و أظهر أمره

 35-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة و حمران عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع قوله خَيْرُ الْماكِرِينَ قال إن رسول الله ص قد كان لقي من قومه بلاء شديدا حتى أتوه ذات يوم و هو ساجد حتى طرحوا عليه رحم شاة فأتته ابنته و هو ساجد لم يرفع رأسه فرفعته عنه و مسحته ثم أراه الله بعد ذلك الذي يحب إنه كان ببدر و ليس معه غير فارس واحد ثم كان معه يوم الفتح اثنا عشر ألفا حتى جعل أبو سفيان و المشركون يستغيثون ثم لقي أمير المؤمنين ع من الشدة و البلاء و التظاهر عليه و لم يكن معه أحد من قومه بمنزلته أما حمزة رضي الله عنه فقتل يوم أحد و أما جعفر رضي الله عنه فقتل يوم مؤتة

 36-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال علي بن محمد ع إن رسول الله ص لما ترك التجارة إلى الشام و تصدق بكل ما رزقه الله تعالى من تلك التجارات كان يغدو كل يوم إلى حراء يصعده و ينظر من قلله إلى آثار رحمة الله و إلى أنواع عجائب رحمته و بدائع حكمته و ينظر إلى أكناف السماء و أقطار الأرض و البحار و المفاوز و الفيافي فيعتبر بتلك الآثار و يتذكر بتلك الآيات و يعبد الله حق عبادته فلما استكمل أربعين سنة و نظر الله عز و جل إلى قلبه فوجده أفضل القلوب و أجلها و أطوعها و أخشعها و أخضعها أذن لأبواب السماء ففتحت و محمد ينظر إليها و أذن للملائكة فنزلوا و محمد ينظر إليهم و أمر بالرحمة فأنزلت عليه من لدن ساق العرش إلى رأس محمد و غرته و نظر إلى جبرئيل الروح الأمين المطوق بالنور طاوس الملائكة هبط إليه و أخذ بضبعه و هزه و قال يا محمد اقرأ قال و ما أقرأ قال يا محمد اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ ثم أوحى إليه ما أوحى إليه ربه عز و جل ثم صعد إلى العلو و نزل محمد ص من الجبل و قد غشيه من تعظيم جلال الله و ورد عليه من كبير شأنه ما ركبه الحمى و النافض يقول و قد اشتد عليه ما يخافه من تكذيب قريش في خبره و نسبتهم إياه إلى الجنون و إنه يعتريه شياطين و كان من أول أمره أعقل خلق الله و أكرم براياه و أبغض الأشياء إليه الشيطان و أفعال المجانين و أقوالهم فأراد الله عز و جل أن يشرح صدره و يشجع قلبه فأنطق الله الجبال و الصخور و المدر و كلما وصل إلى شي‏ء منها ناداه السلام عليك يا محمد السلام عليك يا ولي الله السلام عليك يا رسول الله أبشر فإن الله عز و جل قد فضلك و جملك و زينك و أكرمك فوق الخلائق أجمعين من الأولين و الآخرين لا يحزنك أن تقول قريش إنك مجنون و عن الدين مفتون فإن الفاضل من فضله رب العالمين و الكريم من كرمه خالق الخلق أجمعين فلا يضيقن صدرك من تكذيب قريش و عتاة العرب لك فسوف يبلغك ربك أقصى منتهى الكرامات و يرفعك إلى أرفع الدرجات و سوف ينعم و يفرح أولياءك بوصيك علي بن أبي طالب و سوف يبث علومك في العباد و البلاد بمفتاحك و باب مدينة حكمتك علي بن أبي طالب و سوف يقر عينك ببنتك فاطمة و سوف يخرج منها و من علي الحسن و الحسين سيدي شباب أهل الجنة و سوف ينشر في البلاد دينك و سوف يعظم أجور المحبين لك و لأخيك و سوف يضع في يدك لواء الحمد فتضعه في يد أخيك علي فيكون تحته كل نبي و صديق و شهيد يكون قائدهم أجمعين إلى جنات النعيم فقلت في سري يا رب من علي بن أبي طالب الذي وعدتني به و ذلك بعد ما ولد علي ع و هو طفل أ هو ولد عمي و قال بعد ذلك لما تحرك علي وليدا و هو معه أ هو هذا ففي كل مرة من ذلك أنزل عليه ميزان الجلال فجعل محمد في كفة منه و مثل له علي ع و سائر الخلق من أمته إلى يوم القيامة في كفة فوزن بهم فرجح ثم أخرج محمد من الكفة و ترك علي في كفة محمد التي كان فيها فوزن بسائر أمته فرجح بهم و عرفه رسول الله بعينه و صفته و نودي في سره يا محمد هذا علي بن أبي طالب صفيي الذي أؤيد به هذا الدين يرجح على جميع أمتك بعدك فذلك حين شرح الله صدري بأداء الرسالة و خفف عني مكافحة الأمة و سهل علي مبارزة العتاة الجبابرة من قريش

 37-  عم، ]إعلام الورى[ أبو بكر البيهقي في كتاب دلائل النبوة قال أخبرنا الحافظ أبو عبد الله عن محمد بن يعقوب عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكر عن أبي إسحاق عن يحيى بن أبي الأشعث عن إسماعيل بن أياس بن عفيف عن أبيه عن جده عفيف أنه قال كنت امرأ تاجرا فقدمت منى أيام الحج و كان العباس بن عبد المطلب امرأ تاجرا فأتيته أبتاع منه و أبيعه قال فبينا نحن إذا خرج رجل من خبإ يصلي فقام تجاه الكعبة ثم خرجت امرأة فقامت تصلي و خرج غلام يصلي معه فقلت يا عباس ما هذا الدين إن هذا الدين ما ندري ما هو فقال هذا محمد بن عبد الله يزعم أن الله أرسله و أن كنوز كسرى و قيصر يستفتح عليه و هذه امرأته خديجة بنت خويلد آمنت به و هذا الغلام ابن عمه علي بن أبي طالب آمن به قال عفيف فليتني كنت آمنت به يومئذ فكنت أكون ثانيا تابعه

 إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق و قال في الحديث إذ خرج من خبإ فوثب نظر إلى السماء فلما رآها قد مالت قام يصلي ثم ذكر قيام خديجة خلفه

 و أخبرنا أبو الحسين بن الفضل بإسناد ذكره عن مجاهدين حبر قال كان مما أنعم الله على علي بن أبي طالب و أراد به الخير أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة و كان أبو طالب ذا عيال كثيرة فقال رسول الله ص للعباس عمه و كان من أيسر بني هاشم يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال و قد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة فانطلق حتى نخفف عنه من عياله و أخذ رسول الله ص عليا فضمه إليه فلم يزل علي مع رسول الله ص حتى بعثه الله نبيا فاتبعه علي و آمن به و صدقه

 38-  عم، ]إعلام الورى[ جدت قريش في أذى رسول الله ص و كان أشد الناس عليه عمه أبو لهب و كان رسول الله ص ذات يوم جالسا في الحجر فبعثوا إلى سلى الشاة فألقوه على رسول الله ص فاغتم رسول الله ص من ذلك فجاء إلى أبي طالب فقال يا عم كيف حسبي فيكم قال و ما ذاك يا ابن أخ قال إن قريشا ألقوا علي السلى فقال لحمزة خذ السيف و كانت قريش جالسة في المسجد فجاء أبو طالب و معه السيف و حمزة و معه السيف فقال أمر السلى على سبالهم فمن أبى فاضرب عنقه فما تحرك أحد حتى أمر السلى على سبالهم ثم التفت إلى رسول الله ص فقال يا ابن أخ هذا حسبك فينا

 و في كتاب دلائل النبوة عن أبي داود عن شعبة عن أبي إسحاق سمعت عمرو بن ميمون يحدث عن عبد الله قال بينما رسول الله ص ساجدا و حوله ناس من قريش و ثم سلى بعير فقالوا من يأخذ سلى هذا الجزور أو البعير فيفرقه على ظهره فجاء عقبة بن أبي معيط فقذفه على ظهر النبي ص و جاءت فاطمة ع فأخذته من ظهره و دعت على من صنع ذلك قال عبد الله فما رأيت رسول الله ص دعا عليهم إلا يومئذ فقال اللهم عليك الملأ من قريش اللهم عليك أبا جهل بن هشام و عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و عقبة بن أبي معيط و أمية بن خلف أو أبي بن خلف شك شعبة قال عبد الله و لقد رأيتهم قتلوا يوم بدر و ألقوا في القليب أو قال في بئر غير أن أمية بن خلف أو أبي بن خلف كان رجلا بادنا فقطع قبل أن يبلغ البئر

 أخرجه البخاري في الصحيح قال و أخبرنا الحافظ أخبرنا أبو بكر الفقيه أخبرنا بشر بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا بنان بن بشر و ابن أبي خالد قالا سمعنا قيسا يقول سمعنا خبابا يقول أتيت رسول الله ص و هو متوسد برده في ظل الكعبة و قد لقينا من المشركين شدة شديدة فقلت يا رسول الله أ لا تدعو الله لنا فقعد و هو محمر وجهه فقال إن كان من كان قبلكم ليمشط أحدهم بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه و يوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه و ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله عز و جل و الذئب على غنمه

 رواه البخاري في الصحيح عن الحميدي و أخرجاه من وجه آخر عن إسماعيل قال و حدثنا الحافظ بإسناده عن هشام عن أبي الزبير عن جابر عن رسول الله ص مر بعمار و أهله و هم يعذبون في الله فقال أبشروا آل عمار فإن موعدكم الجنة

 و أخبرنا ابن بشران العدل بإسناده عن مجاهد قال أول شهيد كان استشهد في الإسلام أم عمار سمية طعنها أبو جهل بطعنة في قبلها

 و روى علي بن إبراهيم بن هاشم بإسناده قال كان أبو جهل تعرض لرسول الله ص و آذاه بالكلام و اجتمعت بنو هاشم فأقبل حمزة و كان في الصيد فنظر إلى اجتماع الناس فقال ما هذا فقالت له امرأة من بعض السطوح يا با يعلى إن عمرو بن هشام تعرض لمحمد و آذاه فغضب حمزة و مر نحو أبي جهل و أخذ قوسه فضرب بها رأسه ثم احتمله فجلد به الأرض و اجتمع الناس و كاد يقع فيهم شر فقالوا له يا با يعلى صبوت إلى دين ابن أخيك قال نعم أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله على جهة الغضب و الحمية فلما رجع إلى منزله ندم فغدا على رسول الله ص فقال يا ابن أخ أ حقا ما تقول فقرأ عليه رسول الله ص سورة من القرآن فاستبصر حمزة و ثبت على دين الإسلام و فرح رسول الله ص و سر أبو طالب بإسلامه و قال في ذلك

فصبرا أبا يعلى على دين أحمد و كن مظهرا للدين وفقت صابراو حط من أتى بالدين من عند ربه بصدق و حق لا تكن حمز كافرافقد سرني إذ قلت إنك مؤمن فكن لرسول الله في الله ناصراو ناد قريشا بالذي قد أتيته جهارا و قل ما كان أحمد ساحرا

 ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ كان أبو جهل تعرض لرسول الله ص و ذكر مثله

 39-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ الحسين بن سعيد معنعنا عن جعفر عن أبيه ع قال قال رسول الله ص لما نزلت علي و أنذر عشيرتك الأقربين و رهطك منهم المخلصين فقال أبو جعفر ع هذه قراءة عبد الله

 40-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ عبيد بن كثير معنعنا عن علي بن أبي طالب ع في قوله تعالى وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قال دعاهم يعني النبي ص فجمعهم على فخذة شاة و قدح من لبن أو قال قعب من لبن و إن فيهم يومئذ ثلاثين رجلا يأكل كل رجل جذعة قال فأكلنا حتى شبعنا و شربنا حتى روينا

 41-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ الحسن بن علي بن عفان معنعنا عن أبي رافع رضي الله عنه أن رسول الله ص جمع ولد عبد المطلب في الشعب و هم يومئذ ولده لصلبه و أولادهم أربعون رجلا فصنع لهم رجل شاة و ثرد لهم ثريدة فصب عليه ذلك المرق و اللحم ثم قدموها إليهم فأكلوا منه حتى شبعوا ثم سقاهم عسا واحدا فشربوا كلهم من ذلك العس حتى رووا ثم قال أبو لهب و الله و إن منا نفر يأكل أحدهم الجفرة و ما يصلحها فما يكاد يشبعه و يشرب الفرق من النبيذ فما يرويه و إن ابن أبي كبشة دعانا على رجل شاة و عس من شراب فشبعنا و روينا أن هذا لهو السحر المبين قال ثم دعاهم فقال لهم إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين و رهطي المخلصين و إنكم عشيرتي الأقربون و رهطي المخلصون و إن الله لم يبعث نبيا إلا جعل له أخا من أهله و وارثا و وصيا و وزيرا فأيكم يقوم فيبايعني على أنه أخي و وزيري و وارثي دون أهلي و وصيي و خليفتي في أهلي و يكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي فأمسك القوم فقال و الله ليقومن قائمكم أو لتكونن في غيركم ثم لتندمن فقام علي ع و هم ينظرون إليه كلهم فبايعه و أجابه إلى ما دعاه إليه فقال ادن مني فدنا منه فقال افتح فاك فمج في فيه من ريقه و تفل بين كتفيه و بين ثدييه فقال أبو لهب لبئس ما حبوت به ابن عمك أجابك فملأت فاه و وجهه بزاقا قال فقال النبي ص بل ملأته علما و حلما و فهما

 بيان الجفر من أولاد المعز ما بلغ أربعة أشهر و فصل عن أمه و أخذ في الرعي و الأنثى جفرة ذكره الجزري و قال كان المشركون ينسبون النبي ص إلى أبي كبشة و هو رجل من خزاعة خالف قريشا في عبادة الأوثان شبهوه به و قيل إنه كان جد النبي ص من قبل أمه فأرادوا أنه نزع في الشبه إليه

 42-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن علي بن الحكم عن الحسين بن الحسن قال سمعت جعفرا ع يقول جاء جبرئيل إلى النبي ص فقال يا محمد ربك يقرئك السلام و يقول لك دار خلقي

 43-  كا، ]الكافي[ أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن حمزة بن بزيع عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض

 44-  كا، ]الكافي[ العدة عن أحمد بن محمد عن محمد بن علي عن عبيد بن يحيى الثوري العطار عن محمد بن الحسين العلوي عن أبيه عن جده عن علي ع قال لما أمر الله عز و جل رسوله ص بإظهار الإسلام و ظهر الوحي رأى قلة من المسلمين و كثرة من المشركين فاهتم رسول الله ص هما شديدا فبعث الله عز و جل إليه جبرئيل ع بسدر من سدرة المنتهى فغسل به رأسه فجلا به همه

 45-  كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن المعلى عن الوشاء عن أبان بن عثمان عن أبي بصير عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع قالا إن الناس لما كذبوا برسول الله ص هم الله تبارك و تعالى بهلاك أهل الأرض إلا عليا فما سواه بقوله فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ ثم بدا له فرحم المؤمنين ثم قال لنبيه ص وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ

  أقول سيأتي في باب عمل النيروز عن المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله ع أن يوم النيروز هو اليوم الذي هبط فيه جبرئيل ع على النبي ص و قد مضى بعض أخبار الباب في أبواب المعجزات

 46-  و روى السيد بن طاوس في كتاب سعد السعود، من كتاب تفسير محمد بن العباس بن مروان عن حسين بن الحكم الخيبري عن محمد بن جرير عن زكريا بن يحيى عن عفان بن سلمان قال و حدثنا محمد بن أحمد الكاتب عن جده عن عفان و حدثنا عبد العزيز بن يحيى عن موسى بن زكريا عن الواحد بن غياث قالا حدثنا أبو عوانة عن عثمان بن المغيرة عن أبي صادق عن أبي ربيعة بن ناجد أن رجلا قال لعلي ع يا أمير المؤمنين لم ورثت ابن عمك دون عمك قالها ثلاث مرات حتى اشرأب الناس و نشروا آذانهم ثم قال جمع رسول الله ص أو دعا رسول الله ص بني عبد المطلب كلهم يأكل الجذعة و يشرب الفرق قال فصنع لهم مدا من طعام فأكلوا حتى شبعوا قال و بقي الطعام كما هو كأنه لم يمس و لم يشرب فقال يا بني عبد المطلب إني بعثت إليكم بخاصة و إلى الناس بعامة و قد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم فأيكم يبايعني على أن يكون أخي و صاحبي و وارثي فلم يقم إليه أحد قال فقمت و كنت أصغر القوم سنا فقال اجلس قال ثم قال ثلاث مرات كل ذلك أقوم إليه فيقول لي اجلس حتى كانت الثالثة ضرب يده على يدي فقال فلذلك ورثت ابن عمي دون عمي

  بيان قال الجزري فيه فينادي يوم القيامة مناد فيشرئبون لصوته أي يرفعون رءوسهم لينظروا إليه و كل رافع رأسه مشرئب

 47-  أقول ثم روى السيد رحمه الله في الكتاب المسطور من الكتاب المذكور عن محمد الباهلي عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي عن عمار بن حماد الأنصاري عن عمرو بن شمر عن مبارك بن فضال و العامة عن الحسن عن رجل من أصحاب النبي ص قال إن قوما خاضوا في بعض أمر علي ع بعد الذي كان من وقعة الجمل قال الرجل الذي سمع من الحسن الحديث ويلكم ما تريدون من أول السابق بالإيمان بالله و الإقرار بما جاء من عند الله لقد كنت عاشر عشرة من ولد عبد المطلب إذ أتانا علي بن أبي طالب ع فقال أجيبوا رسول الله ص إلى غد في منزل أبي طالب فتغامزنا فلما ولى قلنا أ ترى محمدا أن يشبعنا اليوم و ما منا يومئذ من العشرة رجلا إلا و هو يأكل الجذعة السمينة و يشرب الفرق من اللبن فغدوا عليه في منزل أبي طالب و إذا نحن برسول الله ص فحييناه بتحية الجاهلية و حيانا هو بتحية الإسلام فأول ما أنكرنا منه ذلك ثم أمر بجفنة من خبز و لحم فقدمت إلينا و وضع يده اليمنى على ذروتها و قال بسم الله كلوا على اسم الله فتغيرنا لذلك ثم تمسكنا لحاجتنا إلى الطعام و ذلك أننا جوعنا أنفسنا للميعاد بالأمس فأكلنا حتى انتهينا و الجفنة كما هي مدفقة ثم دفع إلينا عسا من لبن فكان علي يخدمنا فشربنا كلنا حتى روينا و العس على حاله حتى إذا فرغنا قال يا بني عبد المطلب إني نذير لكم من الله جل و عز إني أتيتكم بما لم يأت به أحد من العرب فإن تطيعوني ترشدوا و تفلحوا و تنجحوا إن هذه مائدة أمرني الله بها فصنعتها لكم كما صنع عيسى ابن مريم ع لقومه فمن كفر بعد ذلك منكم فإن الله يعذبه عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اسْمَعُوا ما أقول لكم و اعلموا يا بني عبد المطلب أن الله لم يبعث رسولا إلا جعل له أخا و وزيرا و وصيا و وارثا من أهله و قد جعل لي وزيرا كما جعل للأنبياء قبلي و أن الله قد أرسلني إلى الناس كافة و أنزل علي و أنذر عشيرتك الأقربين و رهطك المخلصين و قد و الله أنبأني به و سماه لي و لكن أمرني أن أدعوكم و أنصح لكم و أعرض عليكم لئلا يكون لكم الحجة فيما بعد و أنتم عشيرتي و خالص رهطي فأيكم يسبق إليها على أن يؤاخيني في الله و يوازرني في الله جل و عز و مع ذلك يكون لي يدا على جميع من خالفني فأتخذه وصيا و وليا و وزيرا يؤدي عني و يبلغ رسالتي و يقضي ديني من بعدي و عداتي مع أشياء اشترطها فسكتوا فأعادها ثلاث مرات كلها ليسكتون و يثب فيها علي فلما سمعها أبو لهب قال تبا لك يا محمد و لما جئتنا به أ لهذا دعوتنا و هم أن يقوم موليا فقال أما و الله لتقومن أو يكون في غيركم و قال يحرصهم لئلا يكون لأحد منهم فيما بعد حجة قال فوثب علي ع فقال يا رسول الله أنا لها فقال رسول الله يا أبا الحسن أنت لها قضي القضاء و جف القلم يا علي اصطفاك الله بأولها و جعلك ولي آخرها

 بيان قوله تمسكنا لعل المعنى أمسكنا عن الكلام متكلفين قوله مدفقة أي ممتلئة ينصب الطعام من أطرافها

 48-  نهج، ]نهج البلاغة[ إلى أن بعث الله سبحانه محمدا لإنجاز عدته و تمام نبوته مأخوذا على النبيين ميثاقه مشهورة سماته كريما ميلاده و أهل الأرض يومئذ ملل متفرقة و أهواء منتشرة و طرائق متشتتة بين مشبه لله بخلقه أو ملحد في اسمه أو مشير إلى غيره فهداهم به من الضلالة و أنقذهم بمكانه من الجهالة ثم اختار سبحانه لمحمد لقاءه و رضي له ما عنده و أكرمه عن دار الدنيا و رغب به عن مقاربة البلوى فقبضه إليه كريما ص

 بيان الضمير في عدته راجع إلى الله و في نبوته إلى الرسول و يحتمل إرجاعهما إلى الرسول بأن يكون الإضافة في عدته إضافة إلى المفعول كما يحتمل إرجاعهما إلى الله بأن يكون المراد بقوله نبوته النبوة التي سنها و قدرها لإصلاح الخلق و السمة العلامة و الميلاد وقت الولادة و الطرائق المذاهب و التشتت التفرق و الانتشار قوله ملحد في اسمه أي يطلق عليه و ينسب إليه ما لا يليق به أو يطلق اسمه على غيره قوله أو مشير إلى غيره كالدهرية و عبدة الأصنام و في قوله ملل و ما بعده تقدير مضاف أي ذوو ملل أو الحمل على المبالغة أو يقدر المضاف في المبتدإ و بعضها مؤكدة لبعض و يمكن الفرق بوجه

 49-  نهج، ]نهج البلاغة[ و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالدين المشهور و العلم المأثور و الكتاب المسطور و النور الساطع و الضياء اللامع و الأمر الصادع إزاحة للشبهات و احتجاجا بالبينات و تحذيرا بالآيات و تخويفا للمثلات و الناس في فتن انجذم فيها حبل الدين و تزعزعت سواري اليقين و اختلف النجر و تشتت الأمر و ضاق المخرج و عمي المصدر فالهدى خامل و العمى شامل عصي الرحمن و نصر الشيطان و خذل الإيمان فانهارت دعائمه و تنكرت معالمه و درست سبله و عفت شركه أطاعوا الشيطان فسلكوا مسالكه و وردوا مناهله بهم سارت أعلامه و قام لواؤه في فتن داستهم بأخفافها و وطئتهم بأظلافها و قامت على سنابكها فهم فيها تائهون حائرون جاهلون مفتونون في خير دار و شر جيران نومهم سهود و كحلهم دموع بأرض عالمها ملجم و جاهلها مكرم

 توضيح قوله و العلم المأثور العلم إما بالكسر أو بفتحتين أي ما يهتدى به و المأثور المقدم على غيره و المنقول و لا يخفى مناسبتهما و الصادع الظاهر الجلي و المثلات جمع مثلة بفتح الميم و ضم الثاء العقوبة قوله انجذم أي انقطع و في بعض النسخ بالزاي بمعناه و الزعزعة الاضطراب و السواري جمع السارية و هي الدعامة و النجر الأصل و الطبع فانهارت أي انهدمت و تنكرت أي تغيرت و الشرك بضمتين جمع شركة بفتحتين و هي معظم الطريق أو وسطها قوله في فتن داستهم متعلق بقوله سارت و قام أو خبر ثان لقوله و الناس و السنابك أطراف مقدم الحافر قوله في خير دار إما خبر ثالث أو متعلق بقوله تائهون و ما بعده و المراد بخير الدار مكة و بشر الجيران كفار قريش و العالم الملجم من آمن به و الجاهل المكرم من كذبه و فيه احتمالات أخر لا يناسب المقام و قوله ع نومهم سهود و كحلهم دموع كناية عن كثرة الفتن فيهم بحيث كانوا لا ينامون اهتماما بأنفسهم و إعدادا لقتال عدوهم و يبكون على قتلاهم و ما ذهب منهم من الأموال و غيرها

 50-  نهج، ]نهج البلاغة[ أرسله على حين فترة من الرسل و طول هجعة من الأمم و اعتزام من الفتن و انتشار من الأمور و تلظ من الحروب و الدنيا كاسفة النور ظاهرة الغرور على حين اصفرار من ورقها و إياس من ثمرها و اغورار من مائها قد درست أعلام الهدى و ظهرت أعلام الردى فهي متجهمة لأهلها عابسة في وجه طالبها ثمرها الفتنة و طعامها الجيفة و شعارها الخوف و دثارها السيف

 بيان الفترة انقطاع الوحي بين الرسل و الهجعة النوم و الاعتزام العزم كأن الفتنة مصممة للهرج و الفساد و في بعض النسخ بالراء المهملة أي كثرة و شدة و في الكافي و اعتراض من قولهم اعترض الفرس إذا مشى على غير الطريق و التلظي التلهب و الاغورار ذهاب الماء من غار الماء إذا ذهب و منه قوله تعالى إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً و الدروس الامحاء و التجهم العبوس و المراد بالجيفة ما كانوا يكتسبونه بالمكاسب المحرمة في الجاهلية أو ما كانوا يأكلون من الحيوانات التي أزهقت روحها بغير التذكية و في تشبيه الخوف بالشعار و السيف بالدثار وجوه من اللطف و البلاغة

 51-  نهج، ]نهج البلاغة[ بعثه و الناس ضلال في حيرة و حاطبون في فتنة قد استهوتهم الأهواء و استزلتهم الكبرياء و استخفتهم الجاهلية الجهلاء حيارى في زلزال من الأمر و بلاء من الجهل فبالغ ص في النصيحة و مضى على الطريقة و دعا إلى الحكمة و الموعظة الحسنة

 بيان الحاطب هو الذي يجمع الحطب و يقال حاطب ليل لمن يجمع بين الصواب و الخطاء و يتكلم بالغث و السمين. أقول و يحتمل أن يكون ع استعار الحطب لما يكتسبونه من الأعمال لأنها كانت مما يحرقهم في النار و في بعض النسخ خابطون أي كانت حركاتهم على غير نظام قوله ع استهوتهم الأهواء أي دعتهم و جذبتهم إلى أنفسها أو إلى مهاوي الهلاك و يقال استخفه أي وجده خفيفا و خف عليه تحريكه و الزلزال بالفتح اسم و بالكسر مصدر

 52-  نهج، ]نهج البلاغة[ أما بعد فإن الله سبحانه بعث محمدا ص و ليس أحد من العرب يقرأ كتابا و لا يدعي نبوة و لا وحيا فقاتل بمن أطاعه من عصاه يسوقهم إلى منجاتهم و يبادر الساعة أن تنزل بهم يحسر الحسير و يقف الكسير فيقيم عليه حتى يلحقه غايته إلا هالكا لا خير فيه حتى أراهم منجاتهم و بوأهم محلتهم فاستدارت رحاهم و استقامت قناتهم

 إيضاح قوله و ليس أحد من العرب يقرأ كتابا أي في زمانه ص و ما قاربه فلا ينافي بعثة هود و صالح و شعيب ع في العرب و أما خالد بن سنان فلو ثبت بعثته فلم يكن يقرأ كتابا و يدعي شريعة و إنما نبوته كانت مشابهة لنبوة جماعة من أنبياء بني إسرائيل لم يكن لهم كتب و لا شرائع مع أنه يمكن أن يكون المراد الزمان الذي بعده. قوله ع و يبادر الساعة أن تنزل بهم أي يسارع إلى هدايتهم و تسليكهم لسبيل الله كيلا تنزل بهم الساعة على عمى منهم عن صراط الله قوله ع يحسر الحسير الحسير الذي أعيا في طريقه و الغرض وصفه ص بالشفقة على الخلق في حال أسفارهم معه في الغزوات و نحوها أي أنه كان يسير في آخرهم و يفتقد المنقطع منهم عن عياء أو انكسار مركوب فلا يزال يلطف به حتى يبلغه أصحابه إلا ما لا يمكن إيصاله و لا يرجى أو المراد من وقف قدم عقله في السلوك إلى الله أو انكسر لضلاله كان ص هو المقيم له على المحجة البيضاء و يهديه حتى يوصله إلى الغاية المطلوبة إلا من لا يرجى فيه الخير كأبي جهل و أبي لهب و أضرابهما و منجاتهم نجاتهم أو محل نجاتهم و محلتهم منزلهم و استدارة رحاهم كناية عن اجتماعهم و اتساق أمورهم

 53-  نهج، ]نهج البلاغة[ أرسله داعيا إلى الحق و شاهدا على الخلق فبلغ رسالات ربه غير وان و لا مقصر و جاهد في الله أعداءه غير واهن و لا معذر إمام من اتقى و بصر من اهتدى

 بيان الواني الفاتر الكال و الواهن الضعيف و المعذر المعتذر من غير عذر

 54-  نهج، ]نهج البلاغة[ أرسله على حين فترة من الرسل و تنازع من الألسن فقفى به الرسل و ختم به الوحي فجاهد في الله المدبرين عنه و العادلين به

 بيان العادلون به الجاعلون له عديلا و مثلا

 55-  نهج، ]نهج البلاغة[ فبعث محمدا ص بالحق ليخرج عباده من عبادة الأوثان إلى عبادته و من طاعة الشيطان إلى طاعته بقرآن قد بينه و أحكمه ليعلم العباد ربهم إذ جهلوه و ليقروا به إذ جحدوه و ليثبتوه بعد إذ أنكروه فتجلى سبحانه لهم في كتابه من غير أن يكونوا رأوه بما أراهم من قدرته و خوفهم من سطوته و كيف محق من محق بالمثلات و احتصد من احتصد بالنقمات

 بيان أحكمه أي أتقنه و منعه من الفساد لفظا و معنى و ليقروا به أي باللسان و ليثبتوه أي بالقلب فتجلى سبحانه لهم أي ظهر و انكشف بما نبههم عليه فيه من آيات القدرة و القصص و قيل المراد بالكتاب عالم الإيجاد لاشتماله على آثار الصنع و محق الشي‏ء أبطله و محاه و الاحتصاد قطع الزرع و هنا كناية عن استئصالهم

 56-  نهج، ]نهج البلاغة[ و أشهد أن محمدا عبده و رسوله و نجيبه و صفوته لا يوازى فضله و لا يجبر فقده أضاءت به البلاد بعد الضلالة المظلمة و الجهالة الغالبة و الجفوة الجافية و الناس يستحلون الحريم و يستذلون الحكيم يحيون على فترة و يموتون على كفرة

 بيان لا يوازى أي لا يساوى فضله و لا يبلغه أحد و الجبر إصلاح العظم من كسر و الغالبة في بعض النسخ بالياء المثناة أي المجاوزة عن الحد و الجفوة غلظ الطبع و قساوة القلب و الوصف للمبالغة كشعر شاعر و المراد بالفترة هنا انقطاع الوحي أو ترك الاجتهاد في الطاعات

 57-  نهج، ]نهج البلاغة[ أرسله على حين فترة من الرسل و طول هجعة من الأمم و انتقاض من المبرم فجاءهم بتصديق الذي بين يديه و النور المقتدى به

 بيان المبرم من الحبل المفتول و انتقاضه كناية عن تعطيل قواعد الشرع و تزلزل أساس الدين

 58-  نهج، ]نهج البلاغة[ بعثه بالنور المضي‏ء و البرهان الجلي و المنهاج البادي و الكتاب الهادي أسرته خير أسرة و شجرته خير شجرة أغصانها معتدلة و ثمارها متهدلة مولده بمكة و هجرته بطيبة علا بها ذكره و امتد بها صوته أرسله بحجة كافية و موعظة شافية و دعوة متلافية أظهر به الشرائع المجهولة و قمع به البدع المدخولة و بين به الأحكام المفصولة

 بيان لعل المراد بالنور المضي‏ء نور النبوة و بالبرهان الجلي المعجزات الباهرة و بالمنهاج البادي شريعته الواضحة و أسرته أهل بيته ص و شجرته أصله و قبيلته و اعتدال أغصانه كناية عن تقارب أهل بيته في الفضل و الكمال أو عدم الاختلاف بينهم قوله ع متهدلة أي متدلية كناية عن سهولة اجتناء العلم منها و ظهورها و كثرتها و قوله ع و دعوة متلافية لتلافيها ما فسد من قلوبهم و نظام أمورهم في الجاهلية قوله ع المفصولة أي ببيانه ص أو فصلها الله سبحانه و أوضحها له ص

 59-  نهج، ]نهج البلاغة[ و أشهد أن محمدا عبده و رسوله الصفي و أمينه الرضي ص أرسله بوجوب الحجج و ظهور الفلج و إيضاح المنهج فبلغ الرسالة صادعا بها و حمل على المحجة دالا عليها و أقام أعلام الاهتداء و منار الضياء و جعل أمراس الإسلام متينة و عرى الإيمان وثيقة

 بيان قوله بوجوب الحجج أي تمامها و نفوذها و لزومها و الفلج بالتحريك النصرة و الغلبة و المرسة بالتحريك الحبل و جمع جمعه أمراس و المتانة الشدة

 60-  نهج، ]نهج البلاغة[ و أشهد أن محمدا عبده و رسوله دعا إلى طاعته و قاهر أعداءه جهادا عن دينه لا يثنيه عن ذلك اجتماع على تكذيبه و التماس لإطفاء نوره

 بيان لا يثنيه أي لا يصرفه و لا يعطفه

 61-  نهج، ]نهج البلاغة[ و لم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله ص و خديجة و أنا ثالثهما أرى نور الوحي و الرسالة و أشم ريح النبوة و لقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه ص فقلت يا رسول الله ما هذه الرنة فقال هذا الشيطان قد أيس من عبادته إنك تسمع ما أسمع و ترى ما أرى إلا أنك لست بنبي و لكنك وزير و إنك لعلى خير

 بيان قال ابن أبي الحديد و أما رنة الشيطان

 فروى أحمد بن حنبل في مسنده عن علي بن أبي طالب ع قال كنت مع رسول الله صبيحة الليلة التي أسري به فيها و هو بالحجر يصلي فلما قضى صلاته و قضيت صلاتي سمعت رنة شديدة فقلت يا رسول الله ما هذه الرنة قال أ لا تعلم هذه رنة الشيطان علم أنه أسري بي الليلة إلى السماء فأيس من أن يعبد في هذه الأرض

 و قد روي عن النبي ص ما يشابه هذا لما بايعه الأنصار السبعون ليلة العقبة سمع من العقبة صوت عال في جوف الليل يا أهل مكة هذا مذمم و الصباة معه قد أجمعوا على حربكم فقال رسول الله ص للأنصار أ لا تسمعون ما يقول هذا أزب الكعبة يعني شيطانها و قد روي أزيب العقبة ثم التفت إليه فقال أ تسمع يا عدو الله أ ما و الله لأفرغن لك

انتهى. أقول و هاتان الرنتان غير ما ورد في الخبر و هي إحدى الرنتين اللتين مضتا في الخبرين

 62-  نهج، ]نهج البلاغة[ و نشهد أن محمدا عبده و رسوله خاض إلى رضوان الله كل غمرة و تجرع فيه كل غصة و قد تلون له الأدنون و تألب عليه الأقصون و خلعت إليه العرب أعنتها و ضربت إلى محاربته بطون رواحلها حتى أنزلت بساحته عداوتها من أبعد الدار و أسحق المزار

 بيان الغمرة الزحمة من الماء و الناس و الشدة و خوضها اقتحامها قوله ع و قد تلون أي تغير أقاربه ألوانا و تألب أي تجمع عليه الأبعدون نسبا قوله ع و خلعت هذا مثل سائر أي أوجفوا إليه مسرعين لمحاربته لأن الخيل إذا خلعت أعنتها كان أسرع لجريها و السحق البعد

 63-  نهج، ]نهج البلاغة[ و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أرسله و أعلام الهدى دارسة و مناهج الدين طامسة فصدع بالحق و نصح للخلق و هدى إلى الرشد و أمر بالقصد ص

 64-  نهج، ]نهج البلاغة[ بعثه حين لا علم قائم و لا منار ساطع و لا منهج واضح

  بيان الساطع المرتفع

 65-  نهج، ]نهج البلاغة[ ثم إن الله سبحانه بعث محمدا ص بالحق حين دنا من الدنيا الانقطاع و أقبل من الآخرة الاطلاع و أظلمت بهجتها بعد إشراق و قامت بأهلها على ساق و خشن منها مهاد و أزف منها قياد في انقطاع من مدتها و اقتراب من أشراطها و تصرم من أهلها و انفصام من حلقتها و انتشار من سببها و عفاء من أعلامها و تكشف من عوراتها و قصر من طولها جعله الله سبحانه بلاغا لرسالته و كرامة لأمته و ربيعا لأهل زمانه و رفعة لأعوانه و شرفا لأنصاره

 بيان على ساق أي على شدة و المهاد الفراش قوله ع و أزف منها قياد أي قرب منها انقياد للانقطاع و الزوال و أشراط الساعة علاماتها و التصرم الانقضاء و الانفصام الانقطاع و كني بالحلقة عن نظامها و اجتماع أهلها بالنواميس و الشرائع و السبب كل شي‏ء يتوصل به إلى غيره و انتشاره كناية عن فساد أسباب ذلك النظام و العفاء الدروس و الهلاك و يمكن أن يكون المراد بالأعلام العلماء و الصلحاء قوله من طولها أي من امتدادها و قرئ الطول بكسر الطاء و فتح الواو بمعنى الحبل

 66-  نهج، ]نهج البلاغة[ أرسله بالضياء و قدمه في الاصطفاء فرتق به المفاتق و ساور به المغالب و ذلل به الصعوبة و سهل به الحزونة حتى سرح الضلال عن يمين و شمال

 بيان قوله ع في الاصطفاء أي على غيره من الأنبياء و الأوصياء و المفاتق جمع مفتق أي أصلح به المفاسد و الأمور و المنتشرة و المساورة المواثبة أي كسر به ص سورة من أراد الطغيان و الحزن المكان الغليظ الخشن و الحزونة الخشونة قوله ع حتى سرح الضلال أي طرده و أسرع به ذهابا عن يمين و شمال من قولهم ناقة سرح و منسرحة أي سريعة

 67-  نهج، ]نهج البلاغة[ فصدع بما أمر به و بلغ رسالة ربه فلم الله به الصدع و رتق به الفتق و ألف به بين ذوي الأرحام بعد العداوة الواغرة في الصدور و الضغائن القادحة في القلوب

 بيان لم الله شعثه أي أصلح و جمع ما تفرق من أموره و الصدع الشق و كذا الفتق و الرتق ضده و الوغرة شدة توقد الحر و منه قيل في صدره على وغر بالتسكين أي ضغن و عداوة و توقد من الغيظ و الضغينة الحقد أي الحقد الذي يقدح النار في القلوب و يوقدها فيها

 68-  نهج، ]نهج البلاغة[ إن الله سبحانه بعث محمدا ص نذيرا للعالمين و أمينا على التنزيل و أنتم معشر العرب على شر دين و في شر دار منيخون بين حجارة خشن و حيات صم تشربون الكدر و تأكلون الجشب و تسفكون دماءكم و تقطعون أرحامكم الأصنام فيكم منصوبة و الآثام بكم معصوبة

 بيان قوله ع شر دار أي باعتبار شمول الكفر و الضلالة أو باعتبار أن أكثرها البوادي و لقلة المعمورة و قلة الماء فلا ينافي كونها خير دار للصالحين لشرافة المكان و يحتمل أن يكون المراد الدار المجازية أي دار الجاهلية و الإناخة الإقامة بالمكان و الحية الصماء التي لا تنزجر بالصوت كأنها لا تسمع و ربما يراد بها الصلبة الشديدة و قيل يجوز أن يعنى بالحجارة و الحيات المجاز يقال للأعداء حيات و إنه لحجر خشن المس إذا كان ألد الخصام و الجشب الطعام الغليظ الخشن و الذي لا إدام معه قوله ع معصوبة أي مشدودة

 69-  نهج، ]نهج البلاغة[ إن الله سبحانه بعث محمدا و ليس أحد من العرب يقرأ كتابا و لا يدعي نبوة فساق الناس حتى بوأهم محلتهم و بلغهم منجاتهم فاستقامت قناتهم و اطمأنت صفاتهم

  بيان قوله ع حتى بوأهم محلتهم أي أسكنهم منزلتهم التي خلقوا لأجلها من الإسلام و الإيمان و العلم و سائر الكمالات بحسب استعداداتهم و المنجاة محل النجاة و القناة الرمح و استقامتها كناية عن القوة و الغلبة و الدولة و الصفاة الحجر الأملس المنبسط استعيرت لحالهم التي كانوا عليها من النهب و الغارة و الخوف و التزلزل فكانوا كالواقف على حجر أملس متزلزل فاطمأنت أحوالهم و سكنوا في مواطنهم بسبب مقدمه ص

 70-  نهج، ]نهج البلاغة[ و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ابتعثه و الناس يضربون في غمرة و يموجون في حيرة قد قادتهم أزمة الحين و استغلقت على أفئدتهم أقفال الرين

 بيان الضرب السير السريع و الضارب السابح و الغمرة الماء الكثير و الحين الهلاك و استغلقت أي تعسر فتحها و الرين الطبع و التغطية 71-  أقول قال الكازروني في المنتقى فيما رواه بإسناده أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة و كان لا يرى رؤيا إلا جاءت به مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء فكان يأتي حراء فيتعبد فيه حتى فجأه الحق و هو في غار حراء فجاءه الملك و ساق الحديث إلى أن قال. كان ورقة بن نوفل ابن عم خديجة امرأ تنصر في الجاهلية و كان يكتب العبراني بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب و كان شيخا كبيرا قد عمي فقالت له خديجة أي ابن عم اسمع من ابن أخيك فقال ورقة يا ابن أخي ما ترى فأخبره رسول الله ص فقال ورقة هذا الناموس الأكبر الذي أنزل الله تعالى على موسى ع يا ليتني فيها جذعا أكون حيا حين يخرجك قومك فقال رسول الله ع أ و مخرجي هم قال نعم لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي و إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفي و فتر الوحي فترة ثم أتاه الوحي الناموس جبرئيل ع و صاحب سر الملك. قوله جذعا أي شابا قويا كالجذع من الدواب حتى أبالغ في نصرك قوله مؤزرا أي بالغا في القوة لم ينشب بفتح الشين أي لم يمكث و لم يحدث شيئا و لم يشتغل به. و في رواية أخرى أن خديجة أتت ورقة و قالت أخبرني عن جبرئيل ما هو قال قدوس قدوس ما ذكر جبرئيل في بلدة لا يعبدون فيها الله قالت إن محمد بن عبد الله أخبرني أنه أتاه قال فإن كان جبرئيل هبط إلى هذه الأرض لقد أنزل الله إليها خيرا عظيما هو الناموس الأكبر الذي أتى موسى و عيسى ع بالرسالة و الوحي قالت فأخبرني هل تجد فيما قرأت من التوراة و الإنجيل أن الله يبعث نبيا في هذا الزمان يكون يتيما فيؤويه الله و فقيرا فيغنيه الله تكفله امرأة من قريش أكثرهم حسبا و ذكرت كلاما آخر فقال لها نعته مثل نعتك يا خديجة قالت فهل تجد غيرها قال نعم إنه يمشي على الماء كما مشى عيسى ابن مريم و تكلمه الموتى كما كلمت عيسى ابن مريم ع و تسلم عليه الحجارة و تشهد له الأشجار و أخبرها بنحو قول بحيرا ثم انصرفت عنه و أتت عداسا الراهب و كان شيخا قد وقع حاجباه على عينيه من الكبر فقالت يا عداس أخبرني عن جبرئيل ع ما هو فقال قدوس قدوس و خر ساجدا و قال ما ذكر جبرئيل في بلدة لا يذكر الله فيها و لا يعبد قالت أخبرني عنه قال لا و الله لا أخبرك حتى تخبرني من أين عرفت اسم جبرئيل قالت لي عليك عهد الله و ميثاقه بالكتمان قال نعم قالت

  أخبرني به محمد بن عبد الله أنه أتاه قال عداس ذلك الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى و عيسى ع بالوحي و الرسالة و الله لئن كان نزل جبرئيل على هذه الأرض لقد نزل إليها خير عظيم و لكن يا خديجة إن الشيطان ربما عرض للعبد فأراه أمورا فخذي كتابي هذا فانطلقي به إلى صاحبك فإن كان مجنونا فإنه سيذهب عنه و إن كان من أمر الله فلن يضره ثم انطلقت بالكتاب معها فلما دخلت منزلها إذا هي برسول الله ص مع جبرئيل ع قاعد يقرئه هذه الآيات ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ أي الضال أو المجنون فلما سمعت خديجة قراءته اهتزت فرحا ثم رآه ص عداس فقال اكشف لي عن ظهرك فكشف فإذا خاتم النبوة يلوح بين كتفيه فلما نظر عداس إليه خر ساجدا يقول قدوس قدوس أنت و الله النبي الذي بشر بك موسى و عيسى ع أ ما و الله يا خديجة ليظهرن له أمر عظيم و نبأ كبير فو الله يا محمد إن عشت حتى تؤمر بالدعاء لأضربن بين يديك بالسيف هل أمرت بشي‏ء بعد قال لا قال ستؤمر ثم تؤمر ثم تكذب ثم يخرجك قومك و الله ينصرك و ملائكته. قال ابن إسحاق كان أول من اتبع رسول الله ص خديجة و كان أول ذكر آمن به علي ع و هو يومئذ ابن عشر سنين ثم زيد بن حارثة قيل ثم أسلم بلال و قيل ثم أبو بكر ثم الزبير و عثمان و طلحة و سعد بن أبي وقاص و عبد الرحمن بن عوف. و قال ابن الأثير في الكامل قال الواقدي و أسلم أبو ذر قالوا رابعا أو خامسا و أسلم عمرو بن عيينة السلمي رابعا أو خامسا و قيل إن الزبير كان رابعا أو خامسا و أسلم خالد بن سعيد بن العاص خامسا. و قال في المنتقى و مما كان في مبعثه ص رمي الشياطينبالشهب بعد عشرين يوما من البعث روي عن ابن عباس قال لما بعث الله محمدا ص دحر الجن و رموا بالكواكب و كانوا قبل يستمعون لكل قبيل من الجن مقعد يستمعون فيه فأول من فزع لذلك أهل الطائف فجعلوا يذبحون لآلهتهم من كان له إبل أو غنم كل يوم حتى كادت أموالهم يذهب ثم تناهوا و قال بعضهم لبعض أ لا ترون معالم السماء كما هي لم يذهب منها شي‏ء و قال إبليس هذا أمر حدث في الأرض ائتوني من كل أرض بتربة فكان يؤتى بالتربة فيشمها و يلقيها حتى أتي بتربة تهامة فشمها و قال هنا الحدث. و مما كان في مبعثه ص ما روي أنه لما بعث الله نبيه أصبح كسرى ذات غداة و قد انفصم طاق ملكه من وسطها فلما رأى ذلك أحزنه و قال شاه بشكست يقول الملك انكسر ثم دعا كهانه و سحرته و منجميه و قال انظروا في ذلك الأمر فنظروا ثم قالوا ليخرجن من الحجاز سلطان يبلغ المشرق تخصب عنه الأرض كأفضل ما أخصبت من ملك كان قبله.

 و روي عن الحسن البصري أن أصحاب رسول الله ص قالوا يا رسول الله ما حجة الله على كسرى فيك قال بعث الله عز و جل ملكا فأخرج يده من سور جدار بيته الذي هو فيه تلألأ نورا فلما رآها فزع فقال لم تفزع يا كسرى إن الله قد بعث رسولا و أنزل عليه كتابا فاتبعه تسلم دنياك و آخرتك

قال سأنظر. و عن أبي سلمة قال بعث الله عز و جل ملكا إلى كسرى و هو في بيت من بيوت إيوانه الذي لا يدخل عليه فيه أحد فلم يرعه إلا به قائما على رأسه في يده عصا بالهاجرة في ساعته التي كان يقيل فيها فقال يا كسرى أ تسلم أو أكسر هذه العصا فقال بهل بهل بالفارسية و معناها خل خل و أمهل و لا تكسر فانصرف عنه ثم دعا حراسه و حجابه فتغيظ عليهم و قال من أدخل الرجل علي قالوا ما دخل عليك أحد و لا رأيناه حتى إذا كان العام القابل أتاه في الساعة التي أتاه فيها فقال له كما قال له ثم قال أ تسلم أو أكسر هذه العصا فقال بهل بهل فخرج عنه فدعا كسرى حجابه و بوابه فتغيظ عليهم و قال لهم كما قال أول مرة فقالوا ما رأينا أحدا دخل عليك حتى إذا كان في العام الثالث أتاه في الساعة التي جاء فيها و قال له كما قال ثم قال أ تسلم أو أكسر هذه العصا فقال بهل بهل قال فكسر العصا ثم خرج فهلك كسرى عند ذلك. و يروى عن أبي سلمة أنه قال ذكر لي أن الملك إنما دخل عليه بقارورتين في يده ثم قال أسلم فلم يفعل فضرب إحداهما على الأخرى فرضضهما ثم خرج و كان من هلاكه ما كان. و يروى أن خالد بن وبدة كان رئيسا في المجوس و أسلم قال كان كسرى إذا ركب ركب أمامه رجلان فيقولان له ساعة فساعة أنت عبد و لست برب فيشير برأسه أي نعم قال فركب يوما فقالا له ذلك فلم يشر برأسه فشكوا إلى صاحب شرطه فركب صاحب شرطه ليعاتبه و كان كسرى قد نام فلما وقع صوت حوافر الدواب في سمعه استيقظ فدخل عليه صاحب شرطه فقال أيقظتموني و لم تدعوني أنام إني رأيت أنه رمي بي فوق سبع سماوات فوقفت بين يدي الله تعالى فإذا رجل بين يديه عليه إزار و رداء فقال لي سلم مفاتيح خزائن أرضي إلى هذا فأيقظتموني قال و صاحب الإزار و الرداء يعني به النبي ص

 72-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عمار بن ميثم عن أبي عبد الله ع قال قرأ رجل عند أمير المؤمنين ع فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ فقال بلى و الله لقد كذبوه أشد التكذيب و لكنها مخففة لا يكذبونك لا يأتون بباطل يكذبون به حقك

 كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر عن محمد بن أبي حمزة عن يعقوب بن شعيب عن عمران بن ميثم عنه ع مثله

 73-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الحسين بن المنذر عن أبي عبد الله ع في قوله فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ قال لا يستطيعون إبطال قولك

 74-  ختص، ]الإختصاص[ قرن إسرافيل برسول الله ص ثلاث سنين يسمع الصوت و لا يرى شيئا ثم قرن به جبرئيل ع عشرين سنة و ذلك حيث أوحي إليه فأقام بمكة عشر سنين ثم هاجر إلى المدينة فأقام بها عشر سنين و قبض ص و هو ابن ثلاث و ستين سنة

 75-  الطرف، للسيد بن طاوس نقلا من كتاب الوصية لعيسى بن المستفاد عن موسى بن جعفر ع قال سألت عن بدء الإسلام كيف أسلم علي و كيف أسلمت خديجة فقال تأبى إلا أن تطلب أصول العلم و مبتدأه أما و الله إنك لتسأل تفقها ثم قال سألت أبي ع عن ذلك فقال لي لما دعاهما رسول الله ص قال يا علي و يا خديجة أسلمتما لله و سلمتما له و قال إن جبرئيل عندي يدعوكما إلى بيعة الإسلام فأسلما تسلما و أطيعا تهديا فقالا فعلنا و أطعنا يا رسول الله فقال إن جبرئيل عندي يقول لكما إن للإسلام شروطا و عهودا و مواثيق فابتدئاه بما شرط الله عليكما لنفسه و لرسوله أن تقولا نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ملكه لم يتخذ ولدا و لم يتخذ صاحبة إلها واحدا مخلصا و أن محمدا عبده و رسوله أرسله إلى الناس كافة بين يدي الساعة و نشهد أن الله يحيي و يميت و يرفع و يضع و يغني و يفقر و يفعل ما يشاء و يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ قالا شهدنا قال و إسباغ الوضوء على المكاره و غسل الوجه و اليدين و الذراعين و مسح الرأس و الرجلين إلى الكعبين و غسل الجنابة في الحر و البرد و إقام الصلاة و أخذ الزكاة من حلها و وضعها في أهلها و حج البيت و صوم شهر رمضان و الجهاد في سبيل الله و بر الوالدين و صلة الرحم و العدل في الرعية و القسم بالسوية و الوقوف عند الشبهة و رفعها إلى الإمام فإنه لا شبهة عنده و طاعة ولي الأمر بعدي و معرفته في حياتي و بعد موتي و الأئمة من بعده واحد بعد واحد و موالاة أولياء الله و معاداة أعداء الله و البراءة من الشيطان الرجيم و حزبه و أشياعه و البراءة من الأحزاب تيم و عدي و أمية و أشياعهم و أتباعهم و الحياة على ديني و سنتي و دين وصيي و سنته إلى يوم القيامة و الموت على مثل ذلك و ترك شرب الخمر و ملاحاة الناس يا خديجة فهمت ما شرط ربك عليك قالت نعم و آمنت و صدقت و رضيت و سلمت قال علي و أنا على ذلك فقال يا علي تبايعني على ما شرطت عليك قال نعم قال فبسط رسول الله ص كفه و وضع كف علي ع في كفه و قال بايعني يا علي على ما شرطت عليك و أن تمنعني مما تمنع منه نفسك فبكى علي ع و قال بأبي و أمي لا حول و لا قوة إلا بالله فقال رسول الله ص اهتديت و رب الكعبة و رشدت و وفقت أرشدك الله يا خديجة ضعي يدك فوق يد علي فبايعي له فبايعت على مثل ما بايع عليه علي بن أبي طالب ع على أنه لا جهاد عليها ثم قال يا خديجة هذا علي مولاك و مولى المؤمنين و إمامهم بعدي قالت صدقت يا رسول الله قد بايعته على ما قلت أشهد الله و أشهدك و كفى بالله شهيدا عليما

  -76  فس، ]تفسير القمي[ في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله قُلْ أَيُّ شَيْ‏ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ و ذلك أن مشركي أهل مكة قالوا يا محمد ما وجد الله رسولا يرسله غيرك ما نرى أحدا يصدقك بالذي تقول و ذلك في أول ما دعاهم و هو يومئذ بمكة قالوا و لقد سألنا عنك اليهود و النصارى فزعموا أنه ليس لك ذكر عندهم فأتنا بمن يشهد أنك رسول الله قال رسول الله ص اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ الآية قال أَ إِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرى يقول الله لمحمد فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ قال قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَ إِنَّنِي بَرِي‏ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ

 77-  فس، ]تفسير القمي[ وَ إِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ الآية فإنها نزلت لما قال رسول الله ص لقريش إن الله بعثني أن أقتل جميع ملوك الدنيا و أجر الملك إليكم فأجيبوني إلى ما أدعوكم إليه تملكوا بها العرب و تدين لكم بها العجم و تكونوا ملوكا في الجنة فقال أبو جهل اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا الذي يقول محمد هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ حسدا لرسول الله ثم قال كنا و بني هاشم كفرسي رهان نحمل إذا حملوا و نظعن إذا ظعنوا و نوقد إذا أوقدوا فلما استوى بنا و بهم الركب قال قائل منهم منا نبي لا نرضى بذلك أن يكون في بني هاشم و لا يكون في بني مخزوم ثم قال غفرانك اللهم فأنزل الله في ذلك وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ حين قال غفرانك اللهم فلما هموا بقتل رسول الله ص و أخرجوه من مكة قال الله وَ ما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَ هُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ ما كانُوا أَوْلِياءَهُ يعني قريشا ما كانوا أولياء مكة إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ أنت و أصحابك يا محمد فعذبهم الله بالسيف يوم بدر فقتلوا

 78-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ الكلبي أتى أهل مكة النبي ص فقالوا ما وجد الله رسولا غيرك ما نرى أحدا يصدقك فيما تقول و لقد سألنا عنك اليهود و النصارى فزعموا أنه ليس لك عندهم ذكر فأرنا من يشهد أنك رسول الله كما تزعم فنزل قُلْ أَيُّ شَيْ‏ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً الآية و قالوا العجب أن الله تعالى لم يجد رسولا يرسله إلى الناس إلا يتيم أبي طالب فنزل الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ أَ كانَ لِلنَّاسِ الآيات و قال الوليد بن المغيرة و الله لو كانت النبوة حقا لكنت أولى بها منك لأنني أكبر منك سنا و أكثر منك مالا و قال جماعة لم لم يرسل رسولا من مكة أو من الطائف عظيما يعني أبا جهل و عبد نائل فنزل وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ و قال أبو جهل زاحمنا بنو عبد مناف في الشرف حتى إذا صرنا كفرسي رهان قالوا منا نبي يوحى إليه و الله لا نؤمن به و لا نتبعه أبدا إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه فنزل وَ إِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى الآية و قال الحارث بن نوفل بن عبد مناف إنا لنعلم أن قولك حق و لكن يمنعنا أن نتبع الهدى معك و نؤمن بك مخافة أن يتخطفنا العرب من أرضنا و لا طاقة لنا بها فنزلت وَ قالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا فقال الله تعالى رادا عليهم أَ وَ لَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً

 79-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ محمد بن إسحاق في خبر طويل عن كثير بن عامر أنه طلع من الأبطح راكب و من ورائه سبع عشرة ناقة محملة ثياب ديباج على كل ناقة عبد أسود يطلب النبي الكريم ليدفعها إليه بوصية من أبيه فأومأ ابن أبي البختري إلى أبي جهل و قال هذا صاحبك فلما دنا منه قال ما أنت بصاحبي فما زال يدور حتى رأى النبي ص فسعى إليه و قبل يديه و رجليه فقال له النبي ص أ ليس أنت بلحا ناجي بن المنذر السكاكي قال بلى يا رسول الله قال فأين سبع عشرة ناقة محملة ذهبا و فضة و درا و ياقوتا و جوهرا و وشيا و ملحما و غير ذلك قال هي ورائي مقبلة فقال هي سبع عشرة ناقة على كل ناقة عبد أسود عليهم أقبية الديباج و مناطق الذهب و أسماؤهم محرز و منعم و بدر و شهاب و منهاج و فلان و فلان قال بلى يا رسول الله قال سلم المال و أنا محمد بن عبد الله فأورد المال بجملته إلى النبي ص فقال أبو جهل يا آل غالب إن لم تنصفوني و تنصروني عليه لأضعن سيفي في صدري و هذا المال كله للكعبة و ركب فرسه و جرد سيفه و نفرت مكة أقصاها و أدناها حتى أجابت أبا جهل سبعون ألف مقاتل و ركب أبو طالب في بني هاشم و بني عبد المطلب و أحاطوا بالنبي ص ثم قال أبو طالب ما الذي تريدون قال أبو جهل إن ابن أخيك قد جنى علينا جنايات عظيمة و يحق للعرب أن تغضب و تسفك الدماء و تسبي النساء قال أبو طالب و ما ذاك فذكر قصة الغلام و أن محمدا سحره و رده إلى دينه و أخذ منه المال و هو شي‏ء مبعوث للكعبة فقال قف حتى أمضي إليه و أسأله عن ذلك فلما أتى النبي ص و سأله رد ذلك قال لا أعطيه حبة واحدة قال خذ عشرة و أعطه سبعة فأبى ثم أمر ص أن توقف الهدية بين يديه و يناديها سبع مرات فإن كلمتها فالهدية هديتها و إن كلمتها أنا و أجابتني فالهدية هديتي فأتى أبو طالب و قال إن ابن أخي قد أجابك إلى النصفة و ذكر مقال النبي ص و الميعاد غدا عند طلوع الشمس فأتى أبو جهل إلى الكعبة و سجد لهبل و رفع رأسه و ذكر القصة ثم قال أسألك أن تجعل النوق تخاطبني و لا يشمت بي محمد و أنا أعبدك من أربعين سنة و ما سألتك حاجة فإن أجبتني هذه لأضعن لك قبة من لؤلؤ أبيض و سوارين من الذهب و خلخالين من الفضة و تاجا مكللا بالجوهر و قلادة من العقيان ثم إن النبي ص حضر و كان منه المعجزات أجابه كل ناقة سبع مرات و شهدت بنبوته بعد عجز أبي جهل فأخذ المال

 80-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ كان أبو جهل يقول ليت لمحمد إلي حاجة فأسخر منه و أرده إذ اشترى أبو جهل من رجل طارئ بمكة إبلا فلواه بحقه فأتى نادي قريش مستجيرا بهم فأحالوه على النبي ص استهزاء به لقلة منعته عندهم فأتى الرجل مستجيرا به فمضى ص معه و قال قم يا أبا جهل و أد إلى الرجل حقه إنما كني أبا جهل ذلك اليوم و كان اسمه عمرو بن هشام فقام مسرعا و أدى حقه فقال له بعض أصحابه فعل ذلك فرقا من محمد قال ويحكم أعذروني إنه لما أقبل رأيت عن يمينه رجالا بأيديهم حراب تتلألأ و عن يساره ثعبانان تصطك أسنانهما و تلمع النيران من أبصارهما لو امتنعت لم آمن أن يبعجوا بالحراب بطني و يقضمني الثعبانان

 81-  شي، ]تفسير العياشي[ عن سدير عن أبي جعفر ع قال أخبرني جابر بن عبد الله أن المشركين كانوا إذا مروا برسول الله ص طأطأ أحدهم رأسه و ظهره هكذا و غطى رأسه بثوبه حتى لا يراه رسول الله ص فأنزل الله أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ

 كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن جميل بن صالح عن سدير مثله

 82-  كا، ]الكافي[ أبو علي الأشعري عن محمد بن سالم عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع قال أقبل أبو جهل بن هشام و معه قوم من قريش فدخلوا على أبي طالب فقالوا إن ابن أخيك قد آذانا و آذى آلهتنا فادعه و مره فليكف عن آلهتنا و نكف عن إلهه قال فبعث أبو طالب إلى رسول الله فدعاه فلما دخل النبي ص لم ير في البيت إلا مشركا فقال السَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى ثم جلس فخبره أبو طالب بما جاءوا له فقال أ و هل لهم في كلمة خير لهم من هذا يسودون بها العرب و يطئون أعناقهم فقال أبو جهل نعم و ما هذه الكلمة فقال تقولون لا إله إلا الله قال فوضعوا أصابعهم في آذانهم و خرجوا هرابا و هم يقولون ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ فأنزل الله في قولهم ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ إلى قوله إِلَّا اخْتِلاقٌ

 83-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ يحيى بن زياد معنعنا عن عمرو بن شمر قال سألت جعفر بن محمد ع أني أؤم قومي فأجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قال نعم حق ما جهر به قد جهر بها رسول الله ص ثم قال إن رسول الله ص كان من أحسن الناس صوتا بالقرآن فإذا قام من الليل يصلي جاء أبو جهل و المشركون يستمعون قراءته فإذا قال بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وضعوا أصابعهم في آذانهم و هربوا فإذا فرغ من ذلك جاءوا فاستمعوا و كان أبو جهل يقول إن ابن أبي كبشة ليردد اسم ربه إنه ليحبه فقال جعفر ع صدق و إن كان كذوبا قال فأنزل الله وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً و هو بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

 84-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ محمد بن الحسن بن إبراهيم عن علوان بن محمد عن داود بن داود عن أبيه عن أبي حفص الصائغ عن جعفر بن محمد ع قال لما نزلت على النبي ص وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَ ضِعْفَ الْمَماتِ قال تفسيرها قالوا نعبد إلهك سنة و تعبد إلهنا سنة قال فأنزل الله تعالى عليه قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ إلى آخر السورة

 85-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله ع قال بينا النبي ص في المسجد الحرام و عليه ثياب له جدد فألقى المشركون عليه سلى ناقة فملئوا ثيابه بها فدخله من ذلك ما شاء الله فذهب إلى أبي طالب فقال له يا عم كيف ترى حسبي فيكم فقال له و ما ذاك يا ابن أخي فأخبره الخبر فدعا أبو طالب حمزة و أخذ السيف و قال لحمزة خذ السلى ثم توجه إلى القوم و النبي ص معه فأتى قريشا و هم حول الكعبة فلما رأوه عرفوا الشر في وجهه ثم قال لحمزة أمر السلى على سبالهم ففعل ذلك حتى أتى على آخرهم ثم التفت أبو طالب إلى النبي ص فقال يا ابن أخي هذا حسبك فينا

 86-  عم، ]إعلام الورى[ روي أن أبا جهل عاهد الله أن يفضخ رأسه ص بحجر إذا سجد في صلاته فلما قام رسول الله ص يصلي و سجد و كان إذا صلى صلى بين الركنين الأسود و اليماني و جعل الكعبة بينه و بين الشام احتمل أبو جهل الحجر ثم أقبل نحوه حتى إذا دنا منه رجع منتقعا لونه مرعوبا قد يبست يداه على حجره حتى قذف الحجر من يده و قام إليه رجال من قريش فقالوا ما لك يا أبا الحكم قال عرض لي دونه فحل من الإبل ما رأيت مثل هامته و قصرته و لا أنيابه لفحل قط فهم أن يأكلني

 بيان القصرة محركة أصل العنق

 87-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أنه لما نزل فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ يعني خمسة نفر فبشر النبي ص أصحابه أن الله كفاه أمرهم فأتى الرسول ص البيت و القوم في الطواف و جبرئيل عن يمينه فمر الأسود بن المطلب فرمى في وجهه بورقة خضراء فأعمى الله بصره و أثكله ولده و مر به الأسود بن عبد يغوث فأومأ إلى بطنه فسقى ماء فمات حبنا فمر به الوليد بن المغيرة فأومأ إلى جرح كان في أسفل رجله فانتقض بذلك فقتله و مر به العاص بن وائل فأشار إلى أخمص رجله فخرج على حمار له يريد الطائف فدخلت فيه شوكة فقتلته و مر به الحارث بن طلاطلة فأومأ إليه فتفقأ قيحا فمات

  -88  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أنه ص لما تلا وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى قال رجل من قريش كفرت برب النجم فقال له النبي ص سلط الله عليك كلبا من كلابه يعني أسدا فخرج مع أصحابه إلى الشام حتى إذا كانوا بها رأى أسدا فجعلت فرائصه ترعد فقيل له من أي شي‏ء ترعد و ما نحن و أنت إلا سواء فقال إن محمدا دعا علي لا و الله ما أظلت هذه السماء ذا لهجة أصدق من محمد ثم وضعوا العشاء فلم يدخل يده في فيه ثم جاء القوم فحاطوه بأنفسهم و بمتاعهم و وسطوه بينهم و ناموا جميعا حوله فجاءهم الأسد فهمس يستنشق رجلا رجلا حتى انتهى إليه فضغمه ضغمة كانت إياها و قال بآخر رمق أ لم أقل أن محمدا أصدق الناس و مات

 بيان الهمس الصوت الخفي و أخفى ما يكون من صوت القدم و الضغم العض كانت إياها أي موتته و قاطعة حياته

 89-  و أقول قال في المنتقى، في السنة الخامسة من نبوته ص توفيت سمية بنت حباط مولاة أبي حذيفة بن المغيرة و هي أم عمار بن ياسر أسلمت بمكة قديما و كانت ممن تعذب في الله لترجع عن دينها فلم تفعل فمر بها أبو جهل فطعنها في قلبها فماتت و كانت عجوزا كبيرة فهي أول شهيدة في الإسلام و في سنة ست أسلم حمزة و عمر و قد قيل أسلما في سنة خمس قال و لما أنزل الله تعالى فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ قام رسول الله ص على الصفا و نادى في أيام الموسم يا أيها الناس إني رسول الله رب العالمين فرمقه الناس بأبصارهم قالها ثلاثا ثم انطلق حتى أتى المروة ثم وضع يده في أذنه ثم نادى ثلاثا بأعلى صوته يا أيها الناس إني رسول الله ثلاثا فرمقه الناس بأبصارهم و رماه أبو جهل قبحه الله بحجر فشج بين عينيه و تبعه المشركون بالحجارة فهرب حتى أتى الجبل فاستند إلى موضع يقال له المتكأ و جاء المشركون في طلبه و جاء رجل إلى علي بن أبي طالب ع و قال يا علي قد قتل محمد فانطلق إلى منزل خديجة رضي الله عنها فدق الباب فقالت خديجة من هذا قال أنا علي قالت يا علي ما فعل محمد قال لا أدري إلا أن المشركين قد رموه بالحجارة و ما أدري أ حي هو أم ميت فأعطيني شيئا فيه ماء و خذي معك شيئا من هيس و انطلقي بنا نلتمس رسول الله ص فإنا نجده جائعا عطشانا فمضى حتى جاز الجبل و خديجة معه فقال علي يا خديجة استبطني الوادي حتى أستظهره فجعل ينادي يا محمداه يا رسول الله نفسي لك الفداء في أي واد أنت ملقى و جعلت خديجة تنادي من أحس لي النبي المصطفى من أحس لي الربيع المرتضى من أحس لي المطرود في الله من أحس لي أبا القاسم و هبط عليه جبرئيل ع فلما نظر إليه النبي ص بكى و قال ما ترى ما صنع بي قومي كذبوني و طردوني و خرجوا علي فقال يا محمد ناولني يدك فأخذ يده فأقعده على الجبل ثم أخرج من تحت جناحه درنوكا من درانيك الجنة منسوجا بالدر و الياقوت و بسطه حتى جلل به جبال تهامة ثم أخذ بيد رسول الله ص حتى أقعده عليه ثم قال له جبرئيل يا محمد أ تريد أن تعلم كرامتك على الله قال نعم قال فادع إليك تلك الشجرة تجبك فدعاها فأقبلت حتى خرت بين يديه ساجدة فقال يا محمد مرها ترجع فأمرها فرجعت إلى مكانها و هبط عليه إسماعيل حارس السماء الدنيا فقال السلام عليك يا رسول الله قد أمرني ربي أن أطيعك أ فتأمرني أن أنثر عليهم النجوم فأحرقهم و أقبل ملك الشمس فقال السلام عليك يا رسول الله أ تأمرني أن آخذ عليهم الشمس فأجمعها على رءوسهم فتحرقهم و أقبل ملك الأرض فقال السلام عليك يا رسول الله إن الله عز و جل قد أمرني أن أطيعك أ فتأمرني أن آمر الأرض فتجعلهم في بطنها

 كما هم على ظهرها و أقبل ملك الجبال فقال السلام عليك يا رسول الله إن الله قد أمرني أن أطيعك أ فتأمرني أن آمر الجبال فتنقلب عليهم فتحطمهم و أقبل ملك البحار فقال السلام عليك يا رسول الله قد أمرني ربي أن أطيعك أ فتأمرني أن آمر البحار فتغرقهم فقال رسول الله ص قد أمرتم بطاعتي قالوا نعم فرفع رأسه إلى السماء و نادى أني لم أبعث عذابا إنما بعثت رحمة للعالمين دعوني و قومي فإنهم لا يعلمون و نظر جبرئيل ع إلى خديجة تجول في الوادي فقال يا رسول الله أ لا ترى إلى خديجة قد أبكت لبكائها ملائكة السماء ادعها إليك فأقرئها مني السلام و قل لها إن الله يقرئك السلام و بشرها أن لها في الجنة بيتا من قصب لا نصب فيه و لا صخب لؤلؤا مكللا بالذهب فدعاها النبي ص و الدماء تسيل من وجهه على الأرض و هو يمسحها و يردها قالت فداك أبي و أمي دع الدمع يقع على الأرض قال أخشى أن يغضب رب الأرض على من عليها فلما جن عليهم الليل انصرفت خديجة رضي الله عنها و رسول الله ص و علي ع و دخلت به منزلها فأقعدته على الموضع الذي فيه الصخرة و أظلته بصخرة من فوق رأسه و قامت في وجهه تستره ببردها و أقبل المشركون يرمونه بالحجارة فإذا جاءت من فوق رأسه صخرة وقته الصخرة و إذا رموه من تحته وقته الجدران الحيط و إذا رمي من بين يديه وقته خديجة رضي الله عنها بنفسها و جعلت تنادي يا معشر قريش ترمى الحرة في منزلها فلما سمعوا ذلك انصرفوا عنه و أصبح رسول الله ص و غدا إلى المسجد يصلي قال و في سنة ثمان من نبوته ص نزلت الم غُلِبَتِ الرُّومُ كما مرت قصته في باب إعجاز القرآن