باب 2- البشائر بمولده و نبوته من الأنبياء و الأوصياء صلوات الله عليه و عليهم و غيرهم من الكهنة و سائر الخلق و ذكر بعض المؤمنين في الفترة

الآيات البقرة وَ لَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ و قال تعالى وَ لَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ و قال سبحانه وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ يُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ و قال تعالى الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ آل عمران وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَ أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَ أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ و قال تعالى وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَ لا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَ يُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ الأعراف الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ و قال تعالى وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَ إِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ الأنبياء وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ الشعراء وَ إِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ أَ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ القصص وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَ ما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ إلى قوله تعالى وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَ لكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ الصف وَ إِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَ هُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. تفسير قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى وَ لَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قال ابن عباس كانت اليهود يَسْتَفْتِحُونَ أي يستنصرون على الأوس و الخزرج برسول الله ص قبل مبعثه فلما بعثه الله من العرب و لم يكن من بني إسرائيل كفروا به و جحدوا ما كانوا يقولونه فيه فقال لهم معاذ بن جبل و بشر بن البراء بن معرور يا معشر اليهود اتقوا الله و أسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد و نحن أهل الشرك و تصفونه و تذكرون أنه مبعوث فقال سلام بن مشكم أخو بني النضير ما جاءنا بشي‏ء نعرفه و ما هو بالذي كنا نذكر لكم فأنزل الله تعالى هذه الآية. و في قوله مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ مصدق لكتبهم من التوراة و الإنجيل لأنه جاء على الصفة التي تقدم بها البشارة. و في قوله وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ روي عن أمير المؤمنين ع و ابن عباس و قتادة أن الله تعالى أخذ الميثاق على الأنبياء قبل نبينا أن يخبروا أممهم بمبعثه و نعته و يبشروهم به و يأمروهم بتصديقه و قال طاوس أخذ الله الميثاق على الأنبياء على الأول و الآخر فأخذ ميثاق الأول بما جاء به الآخر.

 و قال الصادق ع تقديره و إذ أخذ الله ميثاق أمم النبيين بتصديق نبيها و العمل بما جاءهم به و إنهم خالفوه بعد ما جاء و ما وفوا به و تركوا كثيرا من شرائعه و حرفوا كثيرا منها

و الإصر العهد. و في قوله تعالى وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ قيل أراد به اليهود و قيل اليهود و النصارى و قيل كل من أوتي علما بشي‏ء من الكتب لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ أي محمدا ص لأن في كتابهم أنه رسول الله و قيل أي الكتاب فيدخل فيه بيان أمر النبي ص لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا قيل هم اليهود الذين فرحوا بكتمان أمر النبي ص و أحبوا أن يحمدوا بأنهم أئمة و ليسوا كذلك و قال البلخي إن اليهود قالوا نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَ أَحِبَّاؤُهُ و أهل الصلاة و الصوم و ليسوا كذلك و لكنهم أهل الشرك و النفاق و هو المروي عن الباقر ع و الأقوى أن يكون المعنى بالآية من أخبر الله عنهم أنه أخذ ميثاقهم في أن يبينوا أمر محمد ص و لا يكتموه. و في قوله فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ معناه يجدون نعته و صفته و نبوته مكتوبا في التوراة في السفر الخامس أني سأقيم لهم نبيا من إخوتهم مثلك و أجعل كلامي في فيه فيقول لهم كل ما أوصيه به. و فيها أيضا مكتوب و أما ابن الأمة فقد باركت عليه جدا جدا و سيلد اثني عشر عظيما و أؤخره لأمة عظيمة. و فيها أيضا أتانا الله من سيناء و أشرق من ساعير و استعلن من جبال فاران. و في الإنجيل بشارة بالفارقليط في مواضع منها نعطيكم فارقليط آخر يكون معكم آخر الدهر كله و فيه أيضا قول المسيح للحواريين أنا أذهب و سيأتيكم الفارقليط روح الحق الذي لا يتكلم من قبل نفسه أنه نذيركم يجمع الحق و يخبركم بالأمور المزمعة و يمدحني و يشهد لي. و فيه أيضا أنه إذا جاء قيد أهل العالم. قوله تعالى إِصْرَهُمْ أي ثقلهم و هو التكاليف الشاقة وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ أي العهود التي كانت في ذمتهم و قيل يريد بالأغلال ما امتحنوا به من قتل نفوسهم في التوبة و قرض ما يصيبه البول من أجسادهم و ما أشبه ذلك وَ عَزَّرُوهُ أي عظموه و وقروه وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أي القرآن. أقول سيأتي في الروايات أنه أمير المؤمنين ع. و في قوله تعالى وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ أي آذن و أعلم لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ أي على اليهود إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ أي من يذيقهم و يوليهم شدة العذاب بالقتل و أخذ الجزية منهم و المعني به أمة محمد ص عند جميع المفسرين و هو المروي عن أبي جعفر ع. و في قوله تعالى وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ قيل الزبور كتب الأنبياء و الذكر اللوح المحفوظ و قيل الزبور الكتب المنزلة بعد التوراة و الذكر التوراة و قيل الزبور كتاب داود ع و الذكر التوراة أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ أي أرض الجنة أو الأرض المعروفة يرثها أمة محمد ص و قال أبو جعفر ع هم أصحاب المهدي في آخر الزمان. و في قوله سبحانه وَ إِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ أي ذكر القرآن و خبره في كتب الأولين على وجه البشارة و به و بمحمد ص أَ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ أي أ و لم يكن علم علماء بني إسرائيل بمجيئه على ما تقدمت البشارة به دلالة لهم على صحة نبوته و هم عبد الله بن سلام و أصحابه و قيل هم خمسة عبد الله بن سلام و ابن يامين و ثعلبة و أسد و أسيد. و في قوله تعالى وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ أي في الجانب الغربي من الجبل الذي كلم الله فيه موسى و قيل بجانب الوادي الغربي إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ أي عهدنا إليه بالرسالة و قيل أراد كلامه معه في وصف نبينا محمد ص و نبوته وَ لكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ أي الله أعلمك ذلك و عرفك إياه نعمة من ربك أنعم بها عليك و هو أن بعثك نبيا و اختارك لإنباء العلم بذلك معجزة لك لتنذر العرب الذين لم يأتهم رسول قبلك لكي يتفكروا و يعتبروا

 1-  شي، ]تفسير العياشي[ عن حبيب السجستاني قال سألت أبا جعفر ع عن قول الله وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ فكيف يؤمن موسى ع بعيسى ع و ينصره و لم يدركه و كيف يؤمن عيسى ع بمحمد ص و ينصره و لم يدركه فقال يا حبيب إن القرآن قد طرح منه آي كثيرة و لم يزد فيه إلا حروف أخطأت بها الكتبة و توهمتها الرجال و هذا وهم فاقرأها و إذ أخذ الله ميثاق أمم النبيين لما آتيتكم من كتاب و حكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به و لتنصرنه هكذا أنزلها الله يا حبيب فو الله ما وفت أمة من الأمم التي كانت قبل موسى بما أخذ الله عليها من الميثاق لكل نبي بعثه الله بعد نبيها و لقد كذبت الأمة التي جاءها موسى لما جاءها موسى و لم يؤمنوا به و لا نصروه لما جاءها إلا القليل منهم و لقد كذبت أمة عيسى ع بمحمد ص و لم يؤمنوا به و لا نصروه لما جاءهم إلا القليل منهم و لقد جحدت هذه الأمة بما أخذ عليها رسول الله من الميثاق لعلي بن أبي طالب ع يوم أقامه للناس و نصبه لهم و دعاهم إلى ولايته و طاعته في حياته و أشهدهم بذلك على أنفسهم فأي ميثاق أوكد من قول رسول الله ص في علي بن أبي طالب ع فو الله ما وفوا به بل جحدوا و كذبوا

 2-  فس، ]تفسير القمي[ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الآية فإن عمر بن الخطاب قال لعبد الله بن سلام هل تعرفون محمدا في كتابكم قال نعم و الله نعرفه بالنعت الذي نعته الله لنا إذا رأيناه فيكم كما يعرف أحدنا ابنه إذا رآه مع الغلمان و الذي يحلف به ابن سلام لأنا بمحمد هذا أشد معرفة مني بابني قال الله الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ

 3-  نجم، ]كتاب النجوم[ في كتاب دلائل النبوة جمع أبي القاسم الحسين بن محمد السكوني عن محمد بن علي بن الحسين عن الحسن عن عبد الله بن غانم عن هناد عن يونس عن أبي إسحاق عن صالح بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن أسعد عن ابن مسيب عن حسان بن ثابت قال إني و الله لغلام يفعاء ابن سبع أو ثمان سنين أعقل كل ما سمعت إذ سمعت يهوديا و هو على أكمة يثرب يصرخ يا معشر اليهود فلما اجتمعوا قالوا ويلك ما لك قال طلع نجم أحمد الذي يبعث به الليلة

 4-  ل، ]الخصال[ ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن علي بن الحسين الرقي عن عبد الله بن جبلة عن الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب ع في حديث طويل قال جاء نفر من اليهود إلى رسول الله ص فسأله أعلمهم عن أشياء فأجابه ع فأسلم و أخرج رقا أبيض فيه جميع ما قال النبي ص و قال يا رسول الله و الذي بعثك بالحق نبيا ما استنسختها إلا من الألواح التي كتب الله عز و جل لموسى بن عمران ع و لقد قرأت في التوراة فضلك حتى شككت فيه يا محمد و لقد كنت أمحو اسمك منذ أربعين سنة من التوراة و كلما محوته وجدته مثبتا فيها و لقد قرأت في التوراة أن هذه المسائل لا يخرجها غيرك و أن في الساعة التي ترد عليك فيها هذه المسائل يكون جبرئيل عن يمينك و ميكائيل عن يسارك و وصيك بين يديك فقال رسول الله ص صدقت هذا جبرئيل عن يميني و ميكائيل عن يساري و وصيي علي بن أبي طالب بين يدي فآمن اليهودي و حسن إسلامه

 5-  ك، ]إكمال الدين[ ابن الوليد عن الصفار عن أبي عيسى عن الحسن بن علي عن عمر بن أبان رفعه أن تبع قال في مسيره  

حتى أتاني من قريظة عالم حبر لعمرك في اليهود مسددقال ازدجر عن قرية محجوبة لنبي مكة من قريش مهتدفعفوت عنهم عفو غير مثرب و تركتهم لعقاب يوم سرمدو تركتها لله أرجو عفوه يوم الحساب من الحميم الموقدفلقد تركت له بها من قومنا نفرا أولي حسب و ممن يحمدنفرا يكون النصر في أعقابهم أرجو بذاك ثواب رب محمدما كنت أحسب أن بيتا طاهرا لله في بطحاء مكة يعبدقالوا بمكة بيت مال داثر و كنوزه من لؤلؤ و زبرجدفأردت أمرا حال ربي دونه و الله يدفع عن خراب المسجدفتركت ما أملته فيه لهم و تركتهم مثلا لأهل المشهد

 قال أبو عبد الله ع كان الخبر أنه سيخرج من هذه يعني مكة نبي يكون مهاجره يثرب فأخذ قوما من اليمن فأنزلهم مع اليهود لينصروه إذا خرج و في ذلك يقول

شهدت على أحمد أنه رسول من الله بارئ النسم‏فلو مد عمري إلى عمره لكنت وزيرا له و ابن عم‏و كنت عذابا على المشركين أسقيهم كأس حتف و غم

 6-  ك، ]إكمال الدين[ أبي عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله ع قال إن تبع قال للأوس و الخزرج كونوا هاهنا حتى يخرج هذا النبي فأما أنا فلو أدركته لخدمته و خرجت معه

 7-  ك، ]إكمال الدين[ أحمد بن محمد بن الحسين البزاز عن محمد بن يعقوب الأصم عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكر عن زكريا بن يحيى عن عكرمة قال سمعت ابن عباس يقول لا يشتبهن عليكم أمر تبع فإنه كان مسلما بيان اختلف في تبع هل كان مسلما أم لا و هذه الروايات تدل على إسلامه. قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى أَ هُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ أي أ مشركو قريش أظهر نعمة و أكثر أموالا و أعز في القوة و القدرة أم قوم تبع الحميري الذي سار بالجيوش حتى حير الحيرة و أتى سمرقند فهدمها ثم بناها و كان إذا كتب كتب بسم الذي ملك برا و بحرا و ضحا و ريحا عن قتادة سمي تبعا لكثرة أتباعه من الناس و قيل لأنه تبع من قبله من ملوك اليمن و التبابعة اسم ملوك اليمن فتبع لقب له كما يقال خاقان لملك الترك و قيصر لملك الروم و اسمه أسعد أبو كرب

 و روى سهل بن سعد عن النبي ص أنه قال لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم

قال كعب نعم الرجل الصالح ذم الله قومه و لم يذمه. و قال البيضاوي و كان مؤمنا و قومه كافرين و لذلك ذمهم دونه

 و عنه ع ما أدري أ كان تبع نبيا أو غير نبي

 8-  ك، ]إكمال الدين[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال بينا رسول الله ص ذات يوم بفناء الكعبة يوم افتتح مكة إذ أقبل إليه وفد فسلموا عليه فقال رسول الله ص من القوم قالوا وفد من بكر بن وائل قال فهل عندكم علم من خبر قس بن ساعدة الإيادي قالوا نعم يا رسول الله قال فما فعل قالوا مات فقال رسول الله ص الحمد لله رب الموت و رب الحياة كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ كأني أنظر إلى قس بن ساعدة الإيادي و هو بسوق عكاظ على جمل له أحمر و هو يخطب الناس و يقول اجتمعوا أيها الناس فإذا اجتمعتم فأنصتوا فإذا أنصتم فاستمعوا فإذا أسمعتم فعوا فإذا وعيتم فاحفظوا فإذا حفظتم فاصدقوا ألا إن من عاش مات و من مات فات و من فات فليس بآت إن في السماء خبرا و في الأرض عبرا سقف مرفوع و مهاد موضوع و نجوم تمور و ليل يدور و بحار ماء لا تغور يحلف قس ما هذا بلعب و إن من وراء هذا لعجبا ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون أ رضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا فناموا يحلف قس يمينا غير كاذبة أن لله دينا هو خير من الدين الذي أنتم عليه ثم قال رسول الله ص رحم الله قسا يحشر يوم القيامة أمة واحدة ثم قال هل فيكم أحد يحسن من شعره شيئا فقال بعضهم سمعته يقول

في الأولين الذاهبين من القرون لنا بصائرلما رأيت مواردا للموت ليس لها مصادرو رأيت قومي نحوها يمضي الأكابر و الأصاغرلا يرجع الماضي إلي و لا من الباقين غابرأيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر

و بلغ من حكمة قس بن ساعدة و معرفته أن النبي ص كان يسأل من يقدم عليه من إياد عن حكمته و يصغى إليها

 9-  كنز الكراجكي، عن أسد بن إبراهيم السلمي عن محمد بن أحمد بن موسى عن عبد الله بن محمد عن جعفر بن محمد عن محمد بن حسان عن محمد بن الحجاج عن مجالد عن الشعبي عن ابن عباس مثله إلى قوله حيث صار القوم صائر بيان مار الشي‏ء يمور مورا تحرك و جاء و ذهب

 10-  ك، ]إكمال الدين[ الحسن بن عبد الله عن الحسين بن الحسن بن علي بن إسماعيل عن محمد بن زكريا عن عبد الله بن الضحاك عن هشام عن أبيه أن وفدا من إياد قدموا على رسول الله ص فسألهم عن حكم قس بن ساعدة فقالوا قال قس شعرا

يا ناعي الموت و الأموات في جدث عليهم من بقايا تربهم خرق‏دعهم فإن لهم يوما يصاح بهم كما ينبه من نوماته الصعق‏منهم عرات و منهم في ثيابهم منها جديد و منها الآن ذو الخلق

مطر و نبات و آباء و أمهات و ذاهب و آت و آيات في أثر آيات و أموات بعد أموات و ضوء و ظلام و ليال و أيام و فقير و غني و سعيد و شقي و محسن و مسي‏ء أين الأرباب الفعلة ليصلحن كل عامل عمله كلا بل هو الله واحدا ليس بمولود و لا والد أعاد و أبدأ و إليه المآب غدا أما بعد يا معشر إياد أين ثمود و عاد و أين الآباء و الأجداد أين الحسن الذي لم يشكر و القبيح الذي لم ينقم كلا و رب الكعبة ليعودن ما بدأ و لئن ذهب يوما ليعودن يوما و هو قس بن ساعدة بن حداق بن زهر بن إياد بن نزار أول من آمن بالبعث من أهل الجاهلية و أول من توكأ على عصا و يقال إنه عاش ست مائة سنة و كان يعرف النبي باسمه و نسبه و يبشر الناس بخروجه و كان يستعمل التقية و يأمر بها في خلال ما يعظ به الناس

 بيان الترب يحتمل أن يكون بالمثلثة يقال ثرب المريض نزع عنه ثوبه و يحتمل أن يكون تصحيف ثوبهم و في بعض النسخ بزهم و هو أظهر. أقول سيأتي وصية قس في أبواب المواعظ و في باب كونهم أفضل من الأنبياء في كتاب الإمامة

 11-  ك، ]إكمال الدين[ ماجيلويه عن عمه عن الكوفي عن علي بن حكيم عن عمرو بن بكار العبسي عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس و عن محمد بن علي بن حاتم البرمكي عن محمد بن أحمد بن أزهر عن محمد بن إسحاق البصري عن علي بن حرب عن أحمد بن عثمان بن حكيم عن عمرو بن بكير عن أحمد بن القاسم عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس قال لما ظفر سيف بن ذي يزن بالحبشة و ذلك بعد مولد النبي ص بسنتين أتاه وفد العرب و أشرافها و شعراؤها لتهنئه و تمدحه و تذكر ما كان من بلائه و طلبه بثأر قومه فأتاه وفد من قريش و معهم عبد المطلب بن هاشم و أمية بن عبد شمس و عبد الله بن جذعان و أسد بن خويلد بن عبد العزى و وهب بن عبد مناف في أناس من وجوه قريش فقدموا عليه صنعاء فاستأذنوا فإذا هو في رأس قصر يقال له غمدان و هو الذي يقول فيه أمية بن أبي الصلت

اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا في رأس غمدان دارا منك محلالا

فدخل عليه الآذن فأخبره بمكانهم فأذن لهم فلما دخلوا عليه دنا عبد المطلب منه فاستأذنه في الكلام فقال له إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فقد أذنا لك قال فقال عبد المطلب إن الله أحلك أيها الملك محلا رفيعا صعبا منيعا شامخا باذخا و أنبتك منبتا طابت أرومته و عذبت جرثومته و ثبت أصله و بسق فرعه في أكرم موطن و أطيب معدن فأنت أبيت اللعن ملك العرب و ربيعها الذي تخصب به و أنت أيها الملك رأس العرب الذي له تنقاد و عمودها الذي عليه العماد و معقلها الذي يلجأ إليه العباد سلفك خير سلف و أنت لنا منهم خير خلف فلن يخمل من أنت سلفه و لن يهلك من أنت خلفه نحن أيها الملك أهل حرم الله و سدنة بيته أشخصنا إليك الذي أبهجنا من كشفك الكرب الذي فدحنا فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزئة قال و أيهم أنت أيها المتكلم قال أنا عبد المطلب بن هاشم قال ابن أختنا قال نعم قال ادن فأدناه ثم أقبل على القوم و عليه فقال مرحبا و أهلا و ناقة و رحلا و مستناخا سهلا و ملكا و ربحلا يعطى عطاء جزلا قد سمع الملك مقالتكم و عرف قرابتكم و قبل وسيلتكم و أنتم أهل الليل و أهل النهار و لكم الكرامة ما أقمتم و الحباء إذا ظعنتم قال ثم انهضوا إلى دار الضيافة و الوفود فأقاموا شهرا لا يصلون إليه و لا يأذن لهم بالانصراف ثم انتبه لهم انتباهة فأرسل إلى عبد المطلب فأدنى مجلسه و أخلاه ثم قال أ يا عبد المطلب إني مفوض إليك من سر علمي أمرا لو كان غيرك لم أبح له به و لكني رأيتك معدنه فأطلعك عليه طلعة فليكن عندك مطويا حتى يأذن الله فيه فإن الله بالغ أمره إني أجد في الكتاب المكنون و العلم المخزون الذي اخترناه لأنفسنا و أخبرناه دون غيرنا خبرا عظيما و خطرا جسيما فيه شرف الحياة و فضيلة الوفاة للناس عامة و لرهطك كافة و لك خاصة فقال عبد المطلب مثلك أيها الملك من سر و بر فما هو فداك أهل الوبر زمرا بعد زمر فقال إذا ولد بتهامة غلام بين كتفيه شامة كانت له الإمامة و لكم به الزعامة إلى يوم القيامة فقال له عبد المطلب أبيت اللعن لقد أبت بخير ما آب بمثله وافد و لو لا هيبة الملك و إجلاله و إعظامه لسألته من أسراره ما أزداد به سرورا فقال ابن ذي يزن هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد فيه اسمه محمد يموت أبوه و أمه و يكفله جده و عمه و قد ولداه سرارا و الله باعثه جهارا و جاعل له منا أنصارا يعز بهم أولياءه و يذل بهم أعداءه يضرب بهم الناس عن عرض و يستفتح بهم كرائم الأرض يكسر الأوثان و يخمد النيران و يعبد الرحمن و يزجر الشيطان قوله فصل و حكمه عدل يأمر بالمعروف و يفعله و ينهى عن المنكر و يبطله فقال عبد المطلب أيها الملك عز جدك و علا كعبك و دام ملكك و طال عمرك فهل الملك ساري بإفصاح فقد أوضح لي بعض الإيضاح فقال ابن ذي يزن و البيت ذي الحجب و العلامات على البيت إنك يا عبد المطلب لجده غير كذب قال فخر عبد المطلب ساجدا فقال له ارفع رأسك ثلج صدرك و علا أمرك فهل أحسست شيئا مما ذكرته لك فقال كان لي ابن و كنت به معجبا و عليه رفيقا فزوجته كريمة من كرائم قومي آمنة بنت وهب فجاءت بغلام فسميته محمدا مات أبوه و أمه

 و كفلته أنا و عمه فقال ابن ذي يزن إن الذي قلت لك كما قلت فاحتفظ بابنك و احذر عليه اليهود فإنهم له أعداء و لن يجعل الله لهم عليه سبيلا و اطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك فإني لست آمن أن تدخلهم النفاسة أن تكون له الرئاسة فيطلبون له الغوائل و ينصبون له الحبائل و هم فاعلون أو أبناؤهم و لو لا علمي بأن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي و رجلي حتى صرت بيثرب دار ملكه نصرة له لكني أجد في الكتاب الناطق و العلم السابق أن يثرب دار ملكه و بها استحكام أمره و أهل نصرته و موضع قبره و لو لا أني أخاف فيه العاهات و أحذر عليه العاهات لأعلنت على حداثة سنه أمره في هذا الوقت و لأوطأت أسنان العرب عقبه و لكني صارف إليك عن ذلك غير تقصير مني بمن معك قال ثم أمر لكل رجل من القوم بعشرة أعبد و عشر إماء و حلتين من البرود و مائة من الإبل و خمسة أرطال ذهب و عشرة أرطال فضة و كرش مملوة عنبرا و أمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك و قال إذا حال الحول فأتني فمات ابن ذي يزن قبل أن يحول الحول قال و كان عبد المطلب كثيرا ما يقول يا معشر قريش لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك و إن كثر فإنه إلى نفاد و لكن يغبطني بما يبقى لي و لعقبي من بعدي ذكره و فخره و شرفه فإذا قيل متى ذلك قال ستعلمن نبأ ما أقول و لو بعد حين و في ذلك يقول أمية بن عبد شمس يذكر مسيرهم إلى ابن ذي يزن

جلبنا الضح تحمله المطايا على أكوار أجمال و نوق‏مغلغلة مرافقها تعالى إلى صنعاء من فج عميق‏تؤم بنا ابن ذي يزن و تهدي ذوات بطونها أم الطريق‏و تزجي من مخائله بروقا مواصلة الوميض إلى بروق‏فلما وافقت صنعاء صارت بدار الملك و الحسب العريق‏إلى ملك يدر لنا العطايا بحسن بشاشة الوجه الطليق

 12-  عم، ]إعلام الورى[ عن أبي صالح عن ابن عباس مثله ثم قال روى هذا الحديث الشيخ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب دلائل النبوة من طريقين

 13-  كنز الكراجكي، عن الحسين بن عبيد الله الواسطي عن التلعكبري عن محمد بن همام و أحمد بن هوذة عن الحسين بن محمد بن جمهور عن أبيه عن علي بن حرب مثله

 إيضاح قوله مرتفقا قال الجزري المرتفق المتكئ على المرفقة و هي كالوسادة و منه حديث ابن ذي يزن اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا. و قال الفيروزآبادي روضة محلال تحل كثيرا انتهى. و الأرومة بالفتح أصل الشجرة قوله و عذبت في أكثر النسخ بالباء الموحدة و في بعضها بالمثناة من العذاة الأرض الطيبة البعيدة من الماء و السباخ و في بعضها عزت و في بعضها عظمت و الجرثومة بالضم الأصل و بسق النخل طال. قوله أبيت اللعن قال الجزري كان هذا في تحايا الملوك في الجاهلية و الدعاء لهم معناه أبيت أن تفعل فعلا تلعن بسببه و تذم انتهى و قيل أي أجارك الله أن تفعل ما تلعن به و السدنة جمع السادن و هو الخادم و أشخصنا أي أخرجنا و أتى بنا و أبهجنا أي أفرحنا و فدحنا أي ثقل علينا و المرزئة المصيبة و الربحل بكسر الراء و فتح الباء الواسع العطاء و الجزل العظيم. قوله و أنتم أهل الليل و أهل النار أي نصحبكم و نأنس بكم في الليل و النهار و الحباء العطاء و الظعن الارتحال قوله انتبه لهم أي ذكرهم مفاجاة. قوله أخبرناه في بعض النسخ اختبيناه أي أخفيناه و في روايات العامة احتجناه بالحاء المهملة ثم التاء ثم الجيم ثم النون المشددة قال الجزري الاحتجان جمع الشي‏ء و ضمه إليك و منه حديث ابن ذي يزن و احتجناه دون غيرنا و الشامة بالهمزة و قد يخفف الخال في الجسد و المراد بها هنا خاتم النبوة و الزعامة الشرف و الرئاسة. قوله ولداه سرارا في بعض الروايات و قد ولدناه مرارا أي كانت غير واحدة من جداته من قبيلتنا من اليمن. قوله عن عرض بالضم أي من اعترض لهم من أي ناحية و جانب كان يعني إذا لم يوافقهم في دينهم قال الفيروزآبادي و يضربون الناس عن عرض لا يبالون من يضربون و قال الكعب الشرف و المجد و قال الجزري لا يزال كعبك عاليا أي لا تزال شريفا مرتفعا على من يعاديك قوله و العلامات على البيت في بعض الروايات على النصب و فسر بحجارة كانوا يذبحون عليها للأصنام و يحتمل أن يكون المراد أنصاب الحرم و قال الجزري ثلجت نفسي بالأمر إذا اطمأنت إليه و سكنت و ثبت فيها و وثقت به و منه حديث ابن ذي يزن و ثلج صدرك و المراد بالنفاسة الحسد و في الأصل بمعنى البخل و الاستبداد بالشي‏ء و الرغبة فيه و الغوائل جمع الغائلة و هي الشر و الحبائل المصائد و الاجتياح الإهلاك و الاستيصال. و قال الجزري في حديث ابن ذي يزن لأوطئن أسنان العرب كعبه يريد ذوي أسنانهم و هم الأكابر و الأشراف انتهى أي لرفعته على أشرافهم و جعلتهم موضع قدمه و قال الجزري فيه يكون رسول الله في الضح و الريح قال الهروي أراد كثرة الخيل و الجيش يقال جاء فلان بالضح و الريح أي بما طلعت عليه الشمس و هبت عليه الريح يعنون المال الكثير و قال الأكوار جمع كور بالضم و هو رحل الناقة بأداته و قال في حديث ابن ذي يزن.

مغلغلة مغالقها تعالى. إلى صنعاء من فج عميق.

 المغلغلة بفتح الغينين الرسالة المحمولة من بلد إلى بلد و بكسر الثانية المسرعة من الغلغلة سرعة السير. قوله تعالى أي تتصاعد و تذهب قوله و تهدي في أكثر الروايات و تفرى أي تقطع و أم الطريق معظمه و الإزجاء السوق و الدفع و المخايل جمع المخيلة و هي السحابة التي تحسبها ماطرة و الوميض لمعان البرق

 14-  ك، ]إكمال الدين[ القطان و ابن موسى و محمد بن أحمد الشيباني جميعا عن ابن زكريا القطان عن محمد بن إسماعيل عن عبد الله بن محمد عن أبيه عن الهيثم عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس عن أبيه العباس بن عبد المطلب عن أبي طالب قال خرجت إلى الشام تاجرا سنة ثمان من مولد رسول الله ص و كان في أشد ما يكون من الحر فلما أجمعت على السير قال لي رجال قومي ما تريد أن تفعل بمحمد و على من تخلفه فقلت لا أريد أن أخلفه على أحد يكون معي فقيل صغير في حر مثل هذا تخرجه معك فقلت و الله لا يفارقني حيث توجهت أبدا و إني لأوطئ له الرحل فذهبت فحشوت له حشية زكتا و كنا ركبانا كثيرا فكان و الله البعير الذي عليه محمد أمامي لا يفارقني و كان يسبق الركب كلهم و كان إذا اشتد الحر جاءت سحابة بيضاء مثل قطعة ثلج فتسلم عليه و تقف على رأسه و لا تفارقه و كانت ربما أمطرت علينا السحابة بأنواع الفواكه و هي تسير معنا و ضاق الماء بنا في طريقنا حتى كنا لا نصيب قربة إلا بدينارين و كنا حيث ما نزلنا تمتلي الحياض و يكثر الماء و تخضر الأرض فكنا في كل خصب و طيب من الخير و كان فينا قوم قد وقفت جمالهم فمشى إليها رسول الله و مسح عليها فسارت فلما قربنا من بصرى إذا نحن بصومعة قد أقبلت تمشي كما تمشي الدابة السريعة حتى إذا قربت منا وقفت فإذا فيها راهب و كانت السحابة لا تفارق رسول الله ص ساعة واحدة و كان الراهب لا يكلم الناس و لا يدري ما الركب و ما فيه من التجار فلما نظر إلى النبي ص عرفه فسمعته يقول إن كان أحد فأنت أنت قال فنزلنا تحت شجرة عظيمة قريبة من الراهب قليلة الأغصان ليس لها حمل و كان الركب ينزل تحتها فلما نزلها رسول الله ص اهتزت الشجرة و ألقت أغصانها على رسول الله و حملت من ثلاثة أنواع من الفاكهة فاكهتان للصيف و فاكهة للشتاء فتعجب جميع من معنا من ذلك فلما رأى بحيراء الراهب ذهب فاتخذ طعاما لرسول الله بقدر ما يكفيه ثم جاء و قال من يتولى أمر هذا الغلام فقلت أنا فقال أي شي‏ء تكون منه فقلت أنا عمه فقال يا هذا إن له أعماما فأي الأعمام أنت فقلت أنا أخو أبيه من أم واحدة فقال أشهد أنه هو و إلا فلست بحيراء ثم قال يا هذا أ تأذن لي أن أقرب هذا الطعام منه ليأكله فقلت له قربه إليه فالتفت إلى النبي ص فقلت له يا بني رجل أحب أن يكرمك فكل فقال هو لي دون أصحابي فقال بحيراء نعم هو لك خاصة فقال النبي ص فإني لا آكل دون هؤلاء فقال بحيراء إنه لم يكن عندي أكثر من هذا فقال أ فتأذن يا بحيراء أن يأكلوا معي فقال نعم فقال بسم الله فأكل و أكلنا معه فو الله لقد كنا مائة و سبعين رجلا و أكل كل واحد منا حتى شبع و تجشأ و بحيراء قائم على رأس رسول الله ص يذب عنه و يتعجب من كثرة الرجال و قلة الطعامو في كل ساعة يقبل رأسه و يافوخه و يقول هو هو و رب المسيح و الناس لا يفقهون فقال رجل من الركب إن لك لشأنا و قد كنا نمر بك قبل اليوم فلا تفعل بنا هذا البر فقال بحيراء و الله إن لي لشأنا و شأنا و إني لأرى ما لا ترون و أعلم ما لا تعلمون و إن تحت هذه الشجرة لغلاما لو كنتم تعلمون منه ما أعلم لحملتموه على أعناقكم حتى تردوه إلى وطنه و الله ما أكرمتكم إلا له و لقد رأيت و قد أقبل نور من أمامه ما بين السماء و الأرض و لقد رأيت رجالا في أيديهم مراوح الياقوت و الزبرجد يروحونه و آخرين ينثرون عليه أنواع الفواكه ثم هذه السحابة لا تفارقه و صومعتي مشت إليه كما تمشي الدابة على رجلها ثم هذه الشجرة لم تزل يابسة قليلة الأغصان و قد كثرت أغصانها و اهتزت و

 حملت ثلاثة أنواع من الفواكه فاكهتان للصيف و فاكهة للشتاء ثم هذه الحياض التي غارت و ذهب ماؤها أيام تمرج بني إسرائيل بعد الحواريين حين وردوا عليهم فوجدنا في كتاب شمعون الصفا أنه دعا عليهم فغارت و ذهب ماؤها ثم قال متى ما رأيتم قد ظهر في هذه الحياض الماء فاعلموا أنه لأجل نبي يخرج في أرض تهامة مهاجره إلى المدينة اسمه في قومه الأمين و في السماء أحمد و هو من عترة إسماعيل بن إبراهيم لصلبه فو الله إنه لهو ثم قال بحيراء يا غلام أسألك عن ثلاث خصال بحق اللات و العزى إلا ما أخبرتنيها فغضب رسول الله ص عند ذكر اللات و العزى و قال لا تسألني بهما فو الله ما أبغضت شيئا كبغضهما إنهما صنمان من حجارة لقومي فقال بحيراء هذه واحدة ثم قال فبالله إلا ما أخبرتني فقال سل عما بدا لك فإنك قد سألتني بإلهي و إلهك الذي ليس كمثله شي‏ء فقال أسألك عن نومك و يقظتك فأخبره عن نومه و يقظته و أموره و جميع شأنه فوافق ذلك ما عند بحيراء فأكب عليه بحيراء يقبل رجليه و يقول يا بني ما أطيب ريحك يا أكثر النبيين أتباعا يا من بهاء نور الدنيا من نوره يا من بذكره تعمر المساجد كأنني بك قد قدت الأجناد و الخيل الجياد و تبعك العرب و العجم طوعا و كرها و كأنني باللات و العزى و قد كسرتهما و قد صار البيت العتيق لا يملكه غيرك تضع مفاتيحه حيث تريد كم من بطل من قريش و العرب تصرعه معك مفاتيح الجنان و النيران معك الذبح الأكبر و هلاك الأصنام أنت الذي لا تقوم الساعة حتى تدخل الملوك كلها في دينك صاغرة قمئة فلم يزل يقبل يديه مرة و رجليه مرة و يقول لئن أدركت زمانك لأضربن بين يديك بالسيف ضرب الزند بالزند أنت سيد ولد آدم و سيد المرسلين و إمام المتقين و خاتم النبيين و الله لقد ضحكت الأرض يوم ولدت فهي ضاحكة إلى يوم القيامة فرحا بك و الله لقد بكت البيع و الأصنام و الشياطين فهي باكية إلى يوم القيامة أنت بدعوة إبراهيم و بشارة عيسى أنت المقدس المطهر من أنجاس الجاهلية ثم التفت إلى أبي طالب فقال ما يكون هذا الغلام منك فإني أراك لا تفارقه فقال أبو طالب هو ابني فقال ما هو ابنك و ما ينبغي لهذا الغلام أن يكون والده الذي ولده حيا و لا أمه فقال إنه ابن أخي و قد مات أبوه و أمه حاملة به و ماتت أمه و هو ابن ست سنين فقال صدقت هكذا هو و لكني أرى لك أن ترده إلى بلده عن هذا الوجه فإنه ما بقي على ظهر الأرض يهودي و لا نصراني و لا صاحب كتاب إلا و قد علم بولادة هذا الغلام و لئن رأوه و عرفوا منه ما قد عرفت أنا منه ليبغنه شرا و أكثر ذلك من اليهود فقال أبو طالب و لم ذلك قال لأنه كائن لابن أخيك الرسالة و النبوة و يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى و عيسى فقال أبو طالب كلا إن شاء الله لم يكن الله ليضيعه ثم خرجنا به إلى الشام فلما قربنا من الشام رأيت و الله قصور الشامات كلها قد اهتزت و علا منها نور أعظم من نور الشمس فلما توسطت الشام ما قدرنا أن نجوز سوق الشام من كثرة ما ازدحم الناس ينظرون إلى وجه رسول الله ص و ذهب الخبر إلى جميع الشامات حتى ما بقي فيها حبر و لا راهب إلا اجتمع عليه فجاء حبر عظيم كان اسمه نسطور فجلس مقابله ينظر إليه و لا يكلمه بشي‏ء حتى فعل ذلك ثلاثة أيام متوالية فلما كانت الليلة الثالثة لم يصبر حتى قام إليه فدار خلفه كأنه يلتمس منه شيئا فقلت يا راهب كأنك تريد منه شيئا قال أجل إني أريد منه شيئا ما اسمه قلت محمد بن عبد الله فتغير و الله لونه ثم قال

 فترى أن تأمره أن يكشف لي عن ظهره لأنظر إليه فكشف عن ظهره فلما رأى الخاتم أكب عليه يقبله و يبكي ثم قال يا هذا أسرع برد هذا الغلام إلى موضعه الذي ولد فيه فإنك لو تدري كم عدو له في أرضنا لم تكن بالذي تقدمه معك فلم يزل يتعاهده في كل يوم و يحمل إليه الطعام فلما خرجنا منها أتاه بقميص من عنده فقال له ترى أن تلبس هذا القميص لتذكرني به فلم يقبله و رأيته كارها لذلك فأخذت أنا القميص مخافة أن يغتم و قلت أنا ألبسه و عجلت به حتى رددته إلى مكة فو الله ما بقي بمكة يومئذ امرأة و لا كهل و لا شاب و لا صغير و لا كبير إلا استقبله شوقا إليه ما خلا أبو جهل لعنه الله فإنه كان فاتكا ماجنا قد ثمل من السكر

 بيان قوله حشية زكتا الزكت المل‏ء و في بعض النسخ دكتا و لم أعرف له معنى و في بعضها ريشا و كتانا كثيرا و هو أصوب قوله و ضاق الماء بنا لعل المراد به في غير هذه المرة أو أولا و المرج بالتحريك الفساد و الغلق و الاضطراب قوله قمئة أي ذليلة و الزند الذي يقدح به النار و الفاتك الذي يرتكب ما دعت إليه النفس و الجري الشجاع و الماجن الذي لا يبالي قولا و فعلا و الثمل السكر يقال ثمل كفرح و المراد هنا شدته أو السكر بالتحريك و هو الخمر و نبيذ يتخذ من التمر

 15-  ك، ]إكمال الدين[ بالإسناد المتقدم عن عبد الله بن محمد عن أبيه و عبد الرحمن بن محمد عن محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن هرثم عن أبيه عن جده أن أبا طالب قال لما فارقه بحيراء بكى بكاء شديدا و أخذ يقول ابن آمنة كأني بك و قد رمتك العرب بوترها و قد قطعك الأقارب و لو علموا لكنت لهم بمنزلة الأولاد ثم التفت إلي و قال أما أنت يا عم فارع فيه قرابتك الموصولة و احفظ فيه وصية أبيك فإن قريشا ستهجرك فيه فلا تبال فإني أعلم أنك لا تؤمن به و لكن سيؤمن به ولد تلده و سينصره نصرا عزيزا اسمه في السماوات البطل الهاصر و الشجاع الأقرع منه الفرخان المستشهدان و هو سيد العرب و رئيسها و ذو قرنيها و هو في الكتب أعرف من أصحاب عيسى ع فقال أبو طالب قد رأيت و الله كل الذي وصفه بحيراء و أكثر

 16-  عم، ]إعلام الورى[ أورد محمد بن إسحاق بن يسار و ساق مثل هذا الخبر ثم قال و في ذلك يقول أبو طالب في قصيدته الدالية أوردها محمد بن إسحاق بن يسار

إن ابن آمنة النبي محمدا عندي بمثل منازل الأولادلما تعلق بالزمام رحمته و العيس قد قلصن بالأزوادفارفض من عيني دمع ذارف مثل الجمان مفرد الأفرادراعيت فيه قرابة موصولة و حفظت فيه وصية الأجدادو أمرته بالسير بين عمومة بيض الوجوه مصالت الأنجادساروا لأبعد طية معلومة و لقد تباعد طية المرتادحتى إذا ما القوم بصرى عاينوا لاقوا على شرف من المرصاد

 حبرا فأخبرهم حديثا صادقا عنه و رد معاشر الحسادقوما يهودا قد رأوا ما قد رأى ظل الغمام و عز ذي الأكبادساروا لقتل محمد فنهاهم عنه و أجهد أحسن الإجهاد

 بيان البطل الشجاع و الهاصر الأسد الشديد الذي يفترس و يكسر و الأقرع المراد به الأصلع و أما قوله أعلم أنك لا تؤمن به المراد به الإيمان الظاهري و العيس بالكسر الإبل البيض يخالط بياضها شي‏ء من الشقرة قوله قد قلصن أي اجتمعن و انضممن و الأزواد جمع الزاد و هو الطعام المتخذ للسفر و الجمان هو اللؤلؤ الصغار و قيل حب يتخذ من الفضة أمثال اللؤلؤ و المصالت جمع المصلت بالكسر و هو الماضي في الأمور و الأنجاد جمع نجد بالفتح و هو الشجاع و قال الجوهري قال الخليل الطية تكون منزلا و تكون منتأى تقول من مضى لطية أي لنيته التي انتواها و بعدت عنا طيته و هو المنزل الذي انتواه

 17-  ك، ]إكمال الدين[ أبي عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان يرفعه قال لما بلغ رسول الله ص أراد أبو طالب يخرج إلى الشام في عير قريش فجاء رسول الله ص و تشبث بالزمام و قال يا عم على من تخلفني لا على أم و لا على أب و قد كانت أمه توفيت فرق له أبو طالب و رحمه و أخرجه معه و كانوا إذا ساروا تسير على رأس رسول الله الغمامة تظله من الشمس فمروا في طريقهم برجل يقال له بحيراء فلما رأى الغمامة تسير معهم نزل من صومعته فأخذ لقريش طعاما و بعث إليهم يسألهم أن يأتوه فأتوه و خلفوا رسول الله ص في الرحل فنظر بحيراء إلى الغمامة قائمة فقال لهم هل بقي منكم أحد لم يأتني فقالوا ما بقي منا إلا غلام حدث خلفناه في الرحل فقال لا ينبغي أن يتخلف عن طعامي أحد منكم فبعثوا إلى رسول الله ص فلما أقبل أقبلت الغمامة فلما نظر إليه بحيراء قال من هذا الغلام قالوا ابن هذا و أشاروا إلى أبي طالب فقال له بحيراء هذا ابنك فقال أبو طالب هذا ابن أخي قال ما فعل أبوه قال توفي و هو حمل فقال بحيراء لأبي طالب رد هذا الغلام في بلاده فإنه إن علمت منه اليهود ما أعلم منه قتلوه فإن لهذا شأنا من الشأن هذا نبي هذه الأمة هذا نبي السيف

 18-  ك، ]إكمال الدين[ القطان و ابن موسى و السناني جميعا عن ابن زكريا القطان عن محمد بن إسماعيل عن عبد الله بن محمد قال حدثني أبي و حدثني الهيثم بن عمر المزني عن عمه عن يعلى النسابة قال خرج خالد بن أسيد بن أبي العاص و طليق بن أبي سفيان بن أمية تجارا إلى الشام سنة خرج رسول الله ص فيها فكانا معه و كانا يحكيان أنهما رأيا في مسيره و ركوبه مما يصنع الوحش و الطير فلما توسطنا سوق بصرى إذا نحن بقوم من الرهبان قد جاءوا متغيري الألوان كان على وجوههم الزعفران نرى منهم الرعد فقالوا يجب أن تأتوا أكبرنا فإنه هاهنا قريب في الكنيسة العظمى فقلنا ما لنا و لكم فقالوا ليس يضركم من هذا شي‏ء و لعلنا نكرمكم و ظنوا أن واحدا منا محمد فذهبنا معهم حتى دخلنا معهم الكنيسة العظيمة البنيان فإذا كبيرهم قد توسطهم و حوله تلامذته و قد نشر كتابا في يده فأخذ ينظر إلينا مرة و في الكتاب مرة فقال لأصحابه ما صنعتم شيئا لم تأتوني بالذي أريد و هو الآن هاهنا ثم قال لنا من أنتم قلنا رهط من قريش فقال من أي قريش فقلنا من بني عبد شمس فقال لنا معكم غيركم فقلنا نعم شاب من بني هاشم نسميه يتيم بني عبد المطلب فو الله لقد نخر نخرة كاد أن يغشى عليه ثم وثب فقال أوه أوه هلكت النصرانية و المسيح ثم قام و اتكأ على صليب من صلبانه و هو مفكر و حوله ثمانون رجلا من البطارقة و التلامذة فقال لنا فيخف عليكم أن ترونيه فقلنا له نعم فجاء معنا فإذا نحن بمحمد قائم في سوق بصرى و الله لكأنا لم نر وجهه إلا يومئذ كان هلالا يتلألأ من وجهه قد ربح الكثير و اشترى الكثير فأردنا أن نقول للقين هو هذا فإذا هو قد سبقنا فقال هو قد عرفته و المسيح فدنا منه و قبل رأسه و قال أنت المقدس ثم أخذ يسأله عن أشياء من علاماته فأخذ النبي ص يخبره فسمعنا يقول لئن أدركت زمانك لأعطين السيف حقه ثم قال لنا أ تعلمون ما معه معه الحياة و الموت من تعلق به حيي طويلا و من زاغ عنه مات موتا لا يحيا بعده أبدا هو الذي معه الربح الأعظم ثم قبل وجهه و رجع راجعا

 بيان قوله للقين القين العبد و لعلهم أرادوا أن يغلطوه و يكذبوه فأرادوا أن يشيروا إلى عبد أنه هو فعرفه قبل ذلك و في بعض النسخ للقس و هو الظاهر

 19-  ك، ]إكمال الدين[ القطان و ابن موسى و السناني جميعا عن ابن زكريا القطان عن محمد بن إسماعيل عن عبد الله بن محمد عن أبيه و قيس بن سعد الدؤلي عن عبد الله بن بحير الفقعسي عن بكر بن عبد الله الأشجعي عن آبائه قالوا خرج سنة خرج رسول الله ص إلى الشام عبد مناة بن كنانة و نوفل بن معاوية بن عروة بن صخر بن نعمان بن عدي تجارا إلى الشام فلقاهما أبو المويهب الراهب فقال لهما من أنتما قالا نحن تجار من أهل الحرم من قريش فقال لهما من أي قريش فأخبراه فقال لهما هل قدم معكما من قريش غيركما قالا نعم شاب مع بني هاشم اسمه محمد فقال أبو المويهب إياه و الله أردت فقالا و الله ما في قريش أخمل منه ذكرا إنما يسمونه بيتيم قريش و هو أجير لامرأة منا يقال لها خديجة فما حاجتك إليه فأخذ يحرك رأسه و يقول هو هو فقال لهما تدلاني عليه فقالا تركناه في سوق بصرى فبينا هم في الكلام إذ طلع رسول الله ص فقال هو هذا فخلا به ساعة يناجيه و يكلمه ثم أخذ يقبل بين عينيه و أخرج شيئا من كمه لا ندري ما هو و رسول الله ص يأبى أن يقبله فلما فارقه قال لنا تسمعان مني هذا و الله نبي آخر الزمان و الله سيخرج إلى قريب يدعو الناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله فإذا رأيتم ذلك فاتبعوه ثم قال هل ولد لعمه أبي طالب ولد يقال له علي فقلنا لا فقال إما أن يكون قد ولد أو يولد في سنته هو أول من يؤمن به نعرفه و إنا لنجد صفته عندنا بالوصية كما نجد صفة محمد بالنبوة و إنه سيد العرب و ربانيها و ذو قرنيها يعطي السيف حقه اسمه في الملإ الأعلى علي و هو أعلى الخلائق يوم القيامة بعد الأنبياء ذكرا و تسميه الملائكة البطل الأزهر المفلح لا يتوجه إلى وجه إلا أفلح و ظفر و الله هو أعرف بين أصحابه في السماء من الشمس الطالعة

 20-  ك، ]إكمال الدين[ أحمد بن محمد بن الحسين عن محمد بن يعقوب بن يوسف عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي عن يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق بن بشار المدني قال كان زيد بن عمرو بن نفيل أجمع على الخروج من مكة يضرب في الأرض و يطلب الحنيفية دين إبراهيم ع و كانت امرأته صفية بنت الحضرمي كلما أبصرته قد نهض إلى الخروج و أراده آذنت به الخطاب بن نفيل فخرج زيد إلى الشام يلتمس و يطلب في أهل الكتاب دين إبراهيم ع و يسأل عنه فلم يزل في ذلك فيما يزعمون حتى أتى الموصل و الجزيرة كلها ثم أقبل حتى أتى الشام فجال فيها حتى أتى راهبا من أهل البلقاء فتبعه كان ينتهي إليه علم النصرانية فيما يزعمون فسأله عن الحنيفية دين إبراهيم ع فقال له الراهب إنك لتسأل عن دين ما أنت بواجد من يحملك عليه اليوم لقد درس علمه و ذهب من كان يعرفه و لكنه قد أظلك خروج نبي يبعث بأرضك التي خرجت منها بدين إبراهيم الحنيفية فعليك ببلادك فإنه مبعوث الآن هذا زمانه و لقد كان شام اليهودية و النصرانية فلم يرض شيئا منهما فخرج مسرعا حين قال له الراهب ما قال يريد مكة حتى إذا كان بأرض لخم عدوا عليه فقتلوه فقال ورقة بن نوفل و كان قد اتبع مثل رأي زيد و لم يفعل في ذلك ما فعل فبكاه ورقة و قال فيه

رشدت و أنعمت ابن عمرو و إنما تجنبت تنورا من النار حاميابدينك ربا ليس رب كمثله و تركك أوثان الطواغي كما هياو قد تدرك الإنسان رحمة ربه و لو كان تحت الأرض ستين واديا

 21-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ عن محمد بن إسحاق مثله

 بيان قوله شام اليهودية بتشديد الميم قال الجزري يقال شاممت فلانا إذا قاربته و تعرفت ما عنده بالاختبار و الكشف و هي مفاعلة من الشم كأنك تشم ما عندك و يشم ما عنده لتعملا بمقتضى ذلك انتهى. و اللخم بالتحريك واد بالحجاز و بسكون الخاء بلا لام حي باليمن

 22-  ك، ]إكمال الدين[ بهذا الإسناد عن محمد بن إسحاق بن بشار المدني عن محمد بن جعفر بن الأثير و محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين التميمي أن عمر بن الخطاب و سعيد بن زيد قالا يا رسول الله تستغفر لزيد قال نعم فاستغفروا له إنه يبعث أمة واحدة

 23-  ك، ]إكمال الدين[ بالإسناد المتقدم عن يونس بن بكير عن المسعودي عن نفيل بن هشام عن أبيه أن جده سعيد بن زيد سأل رسول الله ص عن أبيه زيد بن عمرو فقال يا رسول الله إن زيد بن عمرو كان كما رأيت و كما بلغك فلو أدركك لآمن بك فأستغفر له قال نعم فاستغفر له و قال إنه يجي‏ء يوم القيامة أمة واحدة و كان فيما ذكروا أنه يطلب الدين فمات و هو في طلبه

 24-  ك، ]إكمال الدين[ أبي عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير و البزنطي معا عن أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب عن عكرمة عن ابن عباس قال لما دعا رسول الله ص بكعب بن أسد ليضرب عنقه فأخرج و ذلك في غزوة بني قريظة نظر إليه رسول الله ص فقال له يا كعب أ ما نفعك وصية ابن حواش الحبر المقبل من الشام فقال تركت الخمر و الخمير و جئت إلى البؤس و التمور لنبي يبعث هذا أوان خروجه يكون مخرجه بمكة و هذه دار هجرته و هو الضحوك القتال يجتزئ بالكسرة و التميرات و يركب الحمار العاري في عينيه حمرة و بين كتفيه خاتم النبوة يضع سيفه على عاتقه لا يبالي بمن لاقى يبلغ سلطانه منقطع الخف و الحافر قال كعب قد كان ذلك يا محمد و لو لا أن اليهود تعيرني أني جبنت عند القتل لآمنت بك و صدقتك و لكني على دين اليهودية عليه أحيا و عليه أموت فقال رسول الله ص قدموه و اضربوا عنقه فقدم و ضربت عنقه

 25-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده إلى ابن أورمة عن عيسى بن العباس عن محمد بن عبد الكريم التفليسي عن عبد المؤمن بن محمد رفعه قال قال رسول الله ص أوحى الله تعالى جلت عظمته إلى عيسى ع جد في أمري و لا تترك إني خلقتك من غير فحل آية للعالمين أخبرهم آمنوا بي و برسولي النبي الأمي نسله من مباركة و هي مع أمك في الجنة طوبى لمن سمع كلامه و أدرك زمانه و شهد أيامه قال عيسى يا رب و ما طوبى قال شجرة في الجنة تحتها عين من شرب منها شربة لم يظمأ بعده أبدا قال عيسى يا رب اسقني منها شربة قال كلا يا عيسى إن تلك العين محرمة على الأنبياء حتى يشربها ذلك النبي و تلك الجنة محرمة على الأمم حتى يدخلها أمة ذلك النبي

 26-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ فصل و نذكر هاهنا شيئا مما في الكتب المقدمة من ذكر نبينا و كيف بشرت الأنبياء قبله بألفاظهم منها ألفاظ التوراة في هذا الباب في السفر الأول منه إن الملك نزل على إبراهيم فقال له إنه يولد في هذا العالم لك غلام اسمه إسحاق فقال إبراهيم ليت إسماعيل يعيش بين أيديك يخدمنك فقال الله لإبراهيم لك ذلك قد استجيب في إسماعيل و إني أبركه و آمنه و أعظمه بما استجبت فيه و تفسير هذا الحرف محمد و يلد اثني عشر عظيما و أصيره لأمة كثيرة. و قال في التوراة إن الملك نزل على هاجر أم إسماعيل و قد كانت خرجت مغاضبة لسارة و هي تبكي فقال لها ارجعي و اخدمي مولاتك و اعلمي أنك تلدين غلاما يسمى إسماعيل و هو يكون معظما في الأمم و يده على كل يد. و لم يكن ذلك لإسماعيل و لا لأحد من ولده غير نبينا. و قال في التوراة إن إبراهيم لما أخرج إسماعيل و أمه هاجر أصابهما عطش فنزل عليهما ملك و قال لها لا تهاوني بالغلام و شدي يديك به فإني أريد أن أصيره لأمر عظيم. فإن قيل هذا تبشير بملك و ليس فيه ذكر نبوة قلنا الملك ملكان ملك كفر و ملك هدى و لا يجوز أن يبشر الله إبراهيم ع و هاجر بظهور الكفر في ولدهما و يصفه بالعظم. و قال في التوراة أقبل من سيناء و تجلى من ساعير و ظهر من جبل فاران. فسيناء جبل كلم الله عليه موسى و ساعير هو الجبل الذي بالشام كان فيه عيسى و جبل فاران مكة. و في التوراة أن إسماعيل سكن برية فاران و نشأ فيها و تعلم الرمي. فذكر الله مع طور سيناء و ساعير التي جاء منها بأنبيائه و مجي‏ء الله إتيان دينه و أحكامه فلقد ظهر دين الله من مكة و هي فاران فأتم الله تعالى هذه المواعيد لإبراهيم ع بمحمد ص فظهر دين الله في مكة بالحج إليها و استعلن ذكره بصراخ أصحابه بالتلبية على رءوس الجبال و بطون الأودية و لم يكن موجودا إلا بمجي‏ء محمد ص و غيره من ولد إسماعيل عباد أصنام فلم يظهر الله بهم تبجيله. و يدل على تأويلنا ما قال في كتاب حيقوق سيد يجي‏ء من اليمن يقدس من جبل فاران يغطي السماء بهاء و يملأ الأرض نورا و يسيل الموت بين يديه و ينقر الطير بموضع قدميه. و قال في كتاب حزقيل النبي لبني إسرائيل إني مؤيد بني قيدار بالملائكة و قيدار جد العرب ابن إسماعيل لصلبه و أجعل الدين تحت أقدامهم فيريثونكم بدينهم و ليشمون أنفسكم بالحمية و الغضب و لا ترفعون أبصاركم و لا تنظرون إليهم و جميع رضاي يصنعونه بكم. و إن محمدا أخرج إليهم بمن أطاعه من بني قيدار فيقتل مقاتليهم و أيدهم الله بالملائكة في بدر و الخندق و حنين. و قال في التوراة في السفر الخامس إني أقيم لبني إسرائيل نبيا من إخوتهم مثلك و أجعل كلامي على فمه. و إخوة بني إسرائيل ولد إسماعيل و لم يكن في بني إسماعيل نبي مثل موسى و لا أتى بكتاب ككتاب موسى غير نبينا ص. و من قول حيقوق النبي و من قول دانيال جاء الله من اليمن و التقديس من جبال فاران فامتلأت الأرض من تحميد أحمد و تقديسه و ملك الأرض بهيبته. و قال أيضا يضي‏ء له نوره الأرض و تحمل خيله في البر و البحر. و قال أيضا سننزع في قبيك أغرافا و ترتوي السهام بأمرك يا محمد ارتواء. و هذا إيضاح باسمه و صفاته. و في كتاب شعيا النبي عبدي خيرتي من خلقي رضي نفسي أفيض عليه روحي أو قال أنزل فيظهر في الأمم عدلي لا يسمع صوته في الأسواق يفتح العيون العور و يسمع الآذان الصم و لا يميل إلى اللهو ركن المتواضعين و هو نور الله الذي لا يطفأ حتى تثبت في الأرض حجتي و ينقطع به العذر. و قال في الفصل الخامس أثر سلطانه على كتفه. يعني علامة النبوة و كان على كتفه خاتم النبوة. و أعلامه في الزبور قال داود في الزبور سبحوا الرب تسبيحا حديثا و ليفرح إسرائيل بخالقه و نبوءة صهيون من أجل أن الله اصطفى له أمته و أعطاه النصر و سدد الصالحين منهم بالكرامة يسبحونه على مضاجعهم و بأيديهم سيوف ذات شفرتين لينتقم الله تعالى من الأمم الذين لا يعبدونه.

  و في مرموز آخر من الزبور تقلد أيها الخيار السيف فإن ناموسك و شرائعك مقرونة بهيبة يمينك و سهامك مشنونة و الأمم يجرون تحتك. و في مرموز آخر أن الله أظهر من صهيون إكليلا محمودا. ضرب الإكليل مثلا للرئاسة و الإمامة و محمود هو محمد ص. و ذكر أيضا في صفته و يجوز من البحر إلى البحر من لدن الأنهار إلى مقطع الأرض و إنه ليخر أهل الخزائن بين يديه يأتيه ملوك الفرس و تسجد له و تدين له الأمم بالطاعة ينقذ الضعيف و يرق بالمساكين. و في مرموز آخر اللهم ابعث جاعل السنة كي يعلم الناس أنه بشر. هذا إخبار عن محمد يخبر الناس أن المسيح بشر. و في كتاب شعيا النبي قيل لي قم نظارا فانظر ما ذا ترى فخبر به فقلت أرى راكبين مقبلين أحدهما على حمار و الآخر على جمل يقول أحدهما لصاحبه سقطت بابل و أصنامها. فكل أهل الكتاب يؤمن بهذه الكتب و تنفرد النصارى بالإنجيل و أعلامه في الإنجيل قال المسيح للحواريين أنا أذهب و سيأتيكم الفارقليط بروح الحق الذي لا يتكلم من قبل نفسه إنما هو كما يقال له و يشهد علي و أنتم تشهدون لأنكم معه من قبل الناس و كل شي‏ء أعده الله لكم يخبركم به. و في حكاية يوحنا عن المسيح قال الفارقليط لا يجيئكم ما لم أذهب فإذا جاء وبخ العالم على الخطيئة و لا يقول من تلقاء نفسه و لكنه يكلمكم مما يسمع و سيؤتيكم بالحق و يخبركم بالحوادث و الغيوب. و قال في حكاية أخرى الفارقليط روح الحق الذي يرسله باسمي هو يعلمكم كل شي‏ء. و قال إني سائل ربي أن يبعث إليكم فارقليط آخر يكون معكم إلى الأبد و هو يعلمكم كل شي‏ء. و قال في حكاية أخرى ابن البشر ذاهب و الفارقليط يأتي بعده يحيي لكم الأسرار و يفسر لكم كل شي‏ء و هو يشهد لي كما شهدت له فإني أجيئكم بالأمثال و هو يجيئكم بالتأويل. و من أعلامه في الإنجيل أنه لما حبس يحيى بن زكريا ليقتل بعث بتلاميذه إلى المسيح و قال لهم قولوا أنت هو الآتي أو نتوقع غيرك فأجابه المسيح و قال الحق اليقين أقول لكم إنه لم تقم النساء على أفضل من يحيى بن زكريا و إن التوراة و كتب الأنبياء يتلو بعضها بعضا بالنبوة و الوحي حتى جاء يحيى فأما الآن فإن شئتم فاقبلوا أن الإليا متوقع أن يأتي فمن كانت له أذنان سامعتان فليسمع. روي أنه كان فيه أن أحمد متوقع فغيروا الاسم و جعلوا إليا لقوله يحرفون الكلم عن مواضعه و إليا هو علي بن أبي طالب ع و قيل إنما ذكر إليا لأن عليا قدام محمد ص في كل حرب و في كل حال حتى يوم القيامة فإنه صاحب رايته و كان اسم محمد بالسريانية مشفحا و مشفح هو محمد بالعربية و إنهم يقولون شفح لالاها إذا أرادوا أن يقولوا الحمد لله و إذا كان الشفح الحمد فمشفح محمد. و في كتاب شيعا في ذكر الحج ستمتلي البادية فتصفر لهم من أقاصي الأرض

  فإذا هم سراع يأتون يبثون تسبيحه في البر و البحر يأتون من المشرق كالصعيد كثرة. و قال شعيا قال الرب ها أنا ذا مؤسس بصهيون من بيت الله حجرا و في رواية مكرمة فمن كان مؤمنا فلا يستعجلنا و قال دانيال في الرؤيا التي رآها بخت‏نصر ملك بابل و عبرها أيها الملك رأيت رؤيا هائلة رأيت صنما بارع الجمال قائما بين يديك رأسه من الذهب و ساعده من الفضة و بطنه و فخذه نحاس و ساقاه حديد و بعض رجليه خزف و رأيت حجرا صك رجلي ذلك الصنم فدقهما دقا شديدا فتفتت ذلك الصنم كله حديدة و نحاسه و فضته و ذهبه و صار رفاتا كدقاق البيدر و عصفته الريح فلم يوجد له أثر و صار ذلك الحجر الذي دق الصنم جبلا عاليا امتلأت منه الأرض فهذه رؤياك قال نعم ثم عبرها له فقال إن الرأس الذي رأيت من الذهب مملكتك فتقوم بعدك مملكة أخرى دونك و المملكة الثالثة التي تشبه النحاس تتسلط على الأرض كلها و المملكة الرابعة قوتها قوة الحديد كما أن الحديد يدق كل شي‏ء و أما الرجل الذي كان بعضها من حديد و بعضها من خزف فإن بعض تلك المملكة يكون عزا و بعضها ذلا و يكون كلمة أهل المملكة متشتتة و يقيم إله السماء في تلك الأيام ملكا عظيما دائما أبديا لا يتغير و لا يتبدل و لا يزول و لا يدع لغيره من الأمم سلطانا و يقوم دهر الداهرين. فتأويل الرؤيا بعث محمد تمزقت الجنود لنبوته و لم ينتقض مملكة فارس لأحد قبله و كان ملكها أعز ملوك الأرض و أشدها شوكة و كان أول ما بدأ فيه انتقاص قتل شيرويه بن أبرويز أباه ثم ظهر الطاعون في مملكته و هلك فيه ثم هلك ابنه أردشير ثم ملك رجل ليس من أهل بيت الملك فقتلته بوران بنت كسرى ثم ملك بعده رجل يقال له كسرى بن قباد ولد بأرض الترك ثم ملكت بوران بنت كسرى فبلغ رسول الله ص ملكها فقال لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة ثم ملكت بنت أخرى لكسرى فسمت و ماتت ثم ملك رجل ثم قتل فلما رأى أهل فارس ما هم فيه من الانتشار أمر ابن لكسرى يقال له يزدجرد فملكوه عليهم فأقام بالمدائن على الانتشار ثماني سنين و بعث إلى الصين بأمواله و خلف أخا بالمدائن لرستم فأتى لقتال المسلمين و نزل بالقادسية و قتل بها فبلغ ذلك يزدجرد فهرب إلى سجستان و قتل هناك. و قال في التوراة أحمد عبدي المختار لا فظ و لا غليظ و لا صخاب في الأسواق و لا يجزئ بالسيئة السيئة و لكن يعفو و يغفر مولده بمكة و هجرته طيبة و ملكه بالشام و أمته الحامدون يحمدون الله على كل نجد و يسبحونه في كل منزل و يقومون على أطرافهم و هم رعاة الشمس مودتهم في جو السماء صفهم في الصلاة و صفهم في القتال سواء رهبان بالليل أسد بالنهار لهم دوي كدوي النحل يصلون الصلاة حيثما أدركهم الصلاة. و مما أوحى الله إلى آدم أنا الله ذو بكة أهلها جيرتي و زوارها وفدي و أضيافي أعمره بأهل السماء و أهل الأرض يأتونه أفواجا شعثا غبرا يعجون بالتكبير و التلبية فمن اعتمره لا يريد غيره فقد زارني و هو وفد لي و نزل بي و حق لي أن أتحفه بكرامتي أجعل ذلك البيت ذكره و شرفه و مجده و سناءه لنبي من ولدك يقال له إبراهيم أبني له قواعده و أجري على يديه عمارته و أنبط له سقايته و أريه حله و حرمه و أعلمه مشاعره ثم يعمره الأمم و القرون حتى ينتهي إلى نبي من ولدك يقال له محمد و هو خاتم النبيين فأجعله من سكانه و ولاته. و من أعلامه اسمه إن الله حفظ اسمه حتى لم يسم باسمه أحد قبله صيانة من الله لاسمه و منع منه كما فعل بيحيى بن زكريا لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا و كما فعل بإبراهيم و إسحاق و يعقوب و صالح و أنبياء كثيرة منع من مسماتهم قبل مبعثهم ليعرفوا به إذا جاءوا و يكون ذلك أحد أعلامهم. و عن سراقة بن جعشم قال خرجت رابع أربعة فلما قدمنا الشام نزلنا على غدير فيه شجرات و قربه قائم لديراني فأشرف علينا قال من أنتم قلنا قوم من مضر قال من أي المضرين قلنا من خندف قال أما إنه سيبعث فيكم وشيكا نبي اسمه محمد فلما صرنا إلى أهلنا ولد لكل رجل منا غلام فسماه محمدا و هذا أيضا من أعلامه

 27-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن تبع بن حسان سار إلى يثرب و قتل من اليهود ثلاثمائة و خمسين رجلا صبرا و أراد خرابها فقام إليه رجل من اليهود له مائتان و خمسون سنة و قال أيها الملك مثلك لا يقبل قول الزور و لا يقتل على الغضب و إنك لا تستطيع أن تخرب هذه القرية قال و لم قال لأنه يخرج منها من ولد إسماعيل نبي يظهر من هذه البنية يعني البيت الحرام فكف تبع و مضى يريد مكة و معه اليهود و كسا البيت و أطعم الناس و هو القائل

شهدت على أحمد أنه رسول من الله بارئ النسم‏فلو مد عمري إلى عمره لكنت وزيرا له و ابن عم

و يقال هو تبع الأصغر و قيل هو الأوسط

 28-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن أبي عبد الله ع قال فنشأ رسول الله ص في حجر أبي طالب فبينما هو غلام يجي‏ء بين الصفا و المروة إذ نظر إليه رجل من أهل الكتاب فقال ما اسمك قال اسمي محمد قال ابن من قال ابن عبد الله قال ابن من قال ابن عبد المطلب قال فما اسم هذه و أشار إلى السماء قال السماء قال فما اسم هذه و أشار إلى الأرض قال الأرض قال فمن ربهما قال الله قال فهل لهما رب غيره قال لا ثم إن أبا طالب خرج به معه إلى الشام في تجارة قريش فلما انتهى به إلى بصرى و فيها راهب لم يكلم أهل مكة إذا مروا به و رأى علامة رسول الله ص في الركب فإنه رأى غمامة تظله في مسيره و نزل تحت شجرة قريبة من صومعته فثنيت أغصان الشجرة عليه و الغمامة على رأسه بحالها فصنع لهم طعاما و اجتمعوا إليه و تخلف النبي محمد فلما نظر بحيراء الراهب إليهم و لم ير الصفة التي يعرف قال فهل تخلف منكم أحد قالوا لا و اللات و العزى إلا صبي فاستحضره فلما لحظ إليه نظر إلى أشياء من جسده قد كان يعرفها من صفته فلما تفرقوا قال يا غلام أ تخبرني عن أشياء أسألك عنها قال سل قال أنشدك باللات و العزى إلا أخبرتني عما أسألك عنه و إنما أراد أن يعرف لأنه سمعهم يحلفون بهما فذكروا أن النبي قال له لا تسألني باللات و العزى فإني و الله لم أبغض بغضهما شيئا قط قال فو الله لأخبرتني عما أسألك عنه قال فجعل يسأله عن حاله في نومه و هيئته في أموره فجعل رسول الله ص يخبره فكان يجدها موافقة لما عنده فقال له اكشف عن ظهرك فكشف عن ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على الموضع الذي يجده عنده فأخذه الأفكل و هو الرعدة و اهتز الديراني فقال من أبو هذا الغلام قال أبو طالب هو ابني قال لا و الله لا يكون أبوه حيا قال أبو طالب إنه هو ابن أخي قال فما فعل أبوه قال مات و هو ابن شهرين قال صدقت فارجع بابن أخيك إلى بلادك و احذر عليه اليهود فو الله لئن رأته و عرفوا منه الذي عرفته ليبغنه شرا فخرج أبو طالب فرده إلى مكة

  -29  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن قريشا أرسلت النضر بن الحارث و علقمة بن أبي معيط بيثرب إلى اليهود فقالوا لهما إذا قدمتما عليهم فاسألوهم عنه فلما قدما سألوهم فقالوا صفوا لنا صفته فوصفوه قالوا و من تبعه قالوا سفلتنا فصاح حبر منهم ثم قال هذا النبي الذي نجد نعته في التوراة و نجد قومه أشد الناس عداوة له

 30-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن سيف بن ذي يزن حين ظهر بالحبشة وفد عليهم قريش و فيهم عبد المطلب فسأله عن محمد سرا فأخبره به ثم بعد مدة طويلة دخلوا عليه فسألهم عنه و وصف لهم صفته فأقروا جميعا أن هذه الصفة في محمد فقال هذا أوان مبعثه و مستقره يثرب و موته بها

 31-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال إن الله أمر نبيه أن يدخل الكنيسة ليدخل رجل الجنة فلما دخلها و معه جماعة فإذا هو بيهود يقرءون التوراة و قد وصلوا إلى صفة النبي ص فلما رأوه أمسكوا و في ناحية الكنيسة رجل مريض فقال النبي ص ما لكم أمسكتم فقال المريض إنهم أتوا على صفة النبي ص فأمسكوا ثم جاء المريض يجثو حتى أخذ التوراة فقرأها حتى أتى على آخر صفة النبي و أمته فقال هذه صفتك و صفة أمتك و أنا أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله ثم مات فقال النبي ص ولوا أخاكم

 32-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن بعضهم قال حضرت سوق بصرى فإذا راهب في صومعة يقول سلوا أهل هذا الموسم هل فيكم أحد من أهل الحرم قالوا نعم فقالوا سلوه هل ظهر أحمد بن عبد المطلب فهذا هو الشهر الذي يخرج فيه و هو آخر الأنبياء و مخرجه من الحرم و مهاجرته إلى نخل و حرة و سباخ قال الراوي فلما رجعت إلى مكة قلت هل هاهنا من حدث قالوا أتانا محمد بن عبد الله الأمين

  -33  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن زيد بن سلام أن جده أبا سلام حدثه أن رسول الله ص بينما هو في البطحاء قبل النبوة فإذا هو برجلين عليهما ثياب سفر فقالا السلام عليك فقال لهما النبي ص و عليكما السلام فقال أحدهما لصاحبه لا إله إلا الله ما لقيت أحدا منذ ولدتني أمي يرد السلام قبلك و قال الآخر سبحان الله ما لقيت رجلا يسلم منذ ولدتني أمي فقال له الراكب هل في القرية رجل يدعى أحمد فقال ما فيها أحمد و لا محمد غيري قال من أهلها أنت قال نعم من أهلها و ولدت فيها فضرب ذراع راحلته و أناخها ثم كشف عن كتف رسول الله ص حتى نظر إلى الخاتم الذي بين كتفيه فقال أشهد أنك رسول الله و تبعث بضرب رقاب قومك فهل من زاد تزودني فأتاه بخبز و تميرات فجعلهن في ثوبه حتى أتى صاحبه و قال الحمد لله الذي لم يمتني حتى حمل لي نبي الله الزاد في ثوبه ثم قال النبي ص هل من حاجة سوى هذا قال تدعوا الله أن يعرف بيني و بينك يوم القيامة فدعا له ثم انطلق و في كتب الله المتقدمة لما خلق الله آدم و نفخ فيه من روحه عطس فقال له ربه قل الحمد لله ثم قال له ربه يرحمك ربك ائت أولئك الملأ من الملائكة و قل لهم السلام عليكم فقالوا و عليك السلام و رحمة الله و بركاته ثم قال له ربه هذه تحيتك و تحية ذريتك

 34-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أنه سئل ابن عباس بلغنا أنك تذكر سطيحا و تزعم أن الله خلقه و لم يخلق من ولد آدم شيئا يشبهه قال نعم إن الله خلق سطيحا الغساني لحما على وضم و الوضم شرائج من جرائد النخل و كان يحمل على وضم و يؤتى به حيث يشاء و لم يكن فيه عظم و لا عصب إلا الجمجمة و العنق و كان يطوى من رجليه إلى ترقوته كما يطوى الثوب و لم يكن يتحرك منه شي‏ء سوى لسانه فلما أراد الخروج إلى مكة حمل على وضمة فأتي به مكة فخرج إليه أربعة من قريش فقالوا أتيناك لنزورك لما بلغنا من علمك فأخبرنا عما يكون في زماننا و ما يكون من بعد قال يا معشر العرب لا علم عندكم و لا فهم و ينشأ من عقبكم دهم يطلبون أنواع العلم يكسرون الصنم و يقتلون العجم و يطلبون المغنم قالوا يا سطيح من يكونون أولئك قال و البيت ذي الأركان لينشأن من عقبكم ولدان يوحدون الرحمن و يتركون عبادة الشيطان قالوا فمن نسل من يكونون أولئك قال أشرف الأشراف من عبد مناف قالوا من أي بلدة يخرج قال و الباقي الأبد ليخرجن من ذي البلد يهدي إلى الرشد يعبد ربا انفرد

 بيان قال الجوهري الوضم كل شي‏ء يجعل عليه اللحم من خشب أو بارية يوقى به من الأرض و قال الدهم العدد الكثير

 35-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن عبد المطلب قدم اليمن فقال له حبر من أهل الزبور أ تأذن لي أن أنظر إلى بعضك قال نعم إلا إلى عورة ففتح إحدى منخريه فنظر فيه ثم نظر في الأخرى فقال أشهد أن في إحدى يديك الملك و في الأخرى النبوة و إنا نجد في بني زهرة فكيف ذلك قال قلت لا أدري قال هل من شاعة قلت ما الشاعة قال الزوجة قال فإذا رجعت فتزوج منهم فرجع إلى مكة فتزوج هالة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة

 36-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن بعد مولد النبي ص بسنتين أتت أشراف العرب سيف بن ذي يزن الحميري لما ظهر على الحبشة وفد عليه قريش للتهنئة و فيهم عبد المطلب و قال أيها الملك سلفك خير سلف و أنت لنا خير خلف قال من أنت قال عبد المطلب بن هاشم قال ابن أختنا ثم أدناه و قال إني مفض إليك خيرا عظيما يولد نبي أو قد ولد اسمه محمد الله باعثه جهارا و جاعل له منا أنصارا فقال عبد المطلب كان لي ابن زوجته كريمة فجاءت بغلام سميته محمدا ثم أمر لكل قرشي بنعمة عظيمة و لعبد المطلب بأضعافها عشرة و هم يغبطونه بها فقال لو علمتم بفخري و ذكري لغبطتم به

 37-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن جبير بن مطعم قال كنت آذى قريش بمحمد فلما ظننت أنهم سيقتلونه خرجت حتى لحقت بدير فأقاموا لي الضيافة ثلاثا فلما رأوني لا أخرج قالوا إن لك لشأنا قلت إني من قرية إبراهيم و ابن عمي يزعم أنه نبي فآذاه قومه فأرادوا قتله فخرجت لئلا أشهد ذلك فأخرجوا إلي صورة قلت ما رأيت شيئا أشبه بشي‏ء من هذه الصورة بمحمد كأنه طوله و جسمه و بعد ما بين منكبيه فقالوا لا يقتلونه و ليقتلن من يريد قتله و إنه لنبي و ليظهرنه الله فلما قدمت مكة إذا هو خرج إلى المدينة و سئلوا من أين لكم هذه الصورة قالوا إن آدم ع سأل ربه أن يريه الأنبياء من ولده فأنزل عليه صورهم و كان في خزانة آدم عند مغرب الشمس فاستخرجها ذو القرنين من هناك فدفعها إلى دانيال

 38-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ من معجزاته ص حديث كعب بن مانع بينما هو في مجلس و رجل من القوم معهم يحدث أصحابه يقول رأيت في النوم أن الناس حشروا و أن الأمم تمر كل أمة مع نبيها و مع كل نبي نوران يمشي بينهما و مع كل من اتبعه نور يمشي به حتى مر محمد ص في أمته فإذا ليس معه شعرة إلا و فيها نوران من رأسه و جلده و لا من اتبعه من أمته إلا و معه نوران مثل الأنبياء فقال كعب و التفت إليهما ما هذا الذي يحدث به فقال رؤيا رأيتها فقال و الذي بعث محمدا ص بالحق إنه لفي كتاب الله كما رأيت

 39-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن زيد بن عمرو بن نفيل و ورقة بن نوفل خرجا يلتمسان الدين حتى انتهيا إلى راهب بالموصل فقال لزيد من أين أقبلت يا صاحب البعير قال من بنية إبراهيم قال و ما تلتمس قال الدين قال ارجع فإنه يوشك أن يظهر الذي تطلب في أرضك فرجع يريد مكة حتى إذا كان بأرض لخم عدوا عليه فقتلوه و كان يقول أنا على دين إبراهيم ع و أنا ساجد على نحو البنية التي بناها إبراهيم ع و كان يقول إنا ننتظر نبيا من ولد إسماعيل من ولد عبد المطلب

 40-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن جرير بن عبد الله البجلي قال بعثني النبي ص بكتابه إلى ذي الكلاع و قومه فدخلت عليه فعظم كتابه و تجهز و خرج في جيش عظيم و خرجت معه فبينما نسير إذ رفع إلينا دير راهب فقال أريد هذا الراهب فلما دخلنا عليه سأله أين تريد قال هذا النبي الذي خرج في قريش و هذا رسوله قال الراهب لقد مات هذا الرسول فقلت من أين علمت بوفاته قال إنكم قبل أن تصلوا إلي كنت أنظر في كتاب دانيال مررت بصفة محمد و نعمته و أيامه و أجله فوجدت أنه توفي في هذه الساعة فقال ذو الكلاع أنا أنصرف قال جرير فرجعت فإذا رسول الله توفي ذلك اليوم

  -41  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ قال داود في زبوره اللهم ابعث مقيم السنة بعد الفترة

 و قال عيسى في الإنجيل إن البر ذاهب و البارقليطا جائي من بعده و هو يخفف الآصار و يفسر لكم كل شي‏ء و يشهد لي كما شهدت له أنا جئتكم بالأمثال و هو يأتيكم بالتأويل

 42-  د، ]العدد القوية[ قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ كان كعب بن لوي بن غالب يجتمع إليه الناس في كل جمعة و كانوا يسمونها عروبة فسماه كعب يوم الجمعة و كان يخطب فيه الناس و يذكر فيه خبر النبي آخر خطبته كلما خطب و بين موته و الفيل خمسمائة و عشرون سنة فقال أم و الله لو كنت فيها ذا سمع و بصر و يد و رجل لتنصبت فيها تنصب الجمل و لأرقلت فيها إرقال الفحل ثم قال

يا ليتني شاهد فحوى دعوته حين العشيرة تبغي الحق خذلانا

 بيان قوله لتنصبت أي حملت النصب و التعب أو انتصبت و قمت بخدمته و الإرقال الإسراع

 43-  و روى محمد بن مسعود الكازروني في كتاب المنتقى بإسناده عن أبي سلمة قال كان كعب بن لوي بن غالب يجمع قومه يوم الجمعة و كانت قريش تسمي الجمعة عروبة فيخطبهم فيقول أما بعد فاسمعوا و تعلموا و افهموا و اعلموا ليل ساج و نهار ضاح و الأرض مهاد و السماء بناء و الجبال أوتاد و النجوم أعلام و الأولون كالآخرين و الأنثى و الذكر زوج فصلوا أرحامكم و احفظوا أصهاركم و ثمروا أولادكم فهل رأيتم من هالك رجع أو ميت نشر الدار أمامكم و أظن غير ما تقولون عليكم بحرمكم زينوه و عظموه و تمسكوا به فسيأتي له نبأ عظيم و سيخرج منه نبي كريم ثم يقول

نهار و ليل كل أوب بحادث سواء علينا ليلها و نهارهايؤبان بالأحداث حين تأوبا و ما للفم الضافي عليها ستورهاعلى غفلة يأتي النبي محمد فيخبر أخبارا صدوقا خبيرها

ثم يقول و الله لو كنت فيها لتنصبت فيها تنصب الجمل و أرقلت فيها إرقال الفحل قال أهل العلم إنما ذكر كعب صفة النبي ص و نبوته من صحف إبراهيم ع

 44-  د، ]العدد القوية[ قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ كان تبع الأول من الخمسة التي كانت لهم الدنيا بأسرها فسار في الآفاق و كان يختار من كل بلدة عشرة أنفس من حكمائهم فلما وصل إلى مكة كان معه أربعة آلاف رجل من العلماء فلم يعظمه أهل مكة فغضب عليهم و قال لوزيره عمياريسا في ذلك فقال الوزير إنهم جاهلون و يعجبون بهذا البيت فعزم الملك في نفسه أن يخربها و يقتل أهلها فأخذه الله بالصدام و فتح عن عينيه و أذنيه و أنفه و فمه ماء منتنا عجزت الأطباء عنه و قالوا هذا أمر سماوي و تفرقوا فلما أمسى جاء عالم إلى وزيره و أسر إليه إن صدق الأمير بنيته عالجته فاستأذن الوزير له فلما خلا به قال له هل أنت نويت في هذا البيت أمرا قال كذا و كذا فقال العالم تب من ذلك و لك خير الدنيا و الآخرة فقال قد تبت مما كنت نويت فعوفي في الحال فآمن بالله و بإبراهيم الخليل ع و خلع على الكعبة سبعة أثواب و هو أول من كسا الكعبة و خرج إلى يثرب و يثرب هي أرض فيها عين ماء فاعتزل من بين أربعة آلاف رجل عالم أربعمائة رجل عالم على أنهم يسكنون فيها و جاءوا إلى باب الملك و قالوا إنا خرجنا من بلداننا و طفنا مع الملك زمانا و جئنا إلى هذا الملكان و نريد المقام إلى أن نموت فيه فقال الوزير ما الحكمة في ذلك قالوا اعلم أيها الوزير أن شرف هذا البيت بشرف محمد صاحب القرآن و القبلة و اللواء و المنبر مولده بمكة و هجرته إلى هاهنا إنا على رجاء أن ندركه أو تدركه أولادنا فلما سمع الملك ذلك تفكر أن يقيم معهم سنة و رجاء أن يدرك محمدا ص و أمر أن يبنوا أربع مائة دار لكل واحد دار و زوج كل واحد منهم بجارية معتقة و أعطى لكل واحد منهم مالا جزيلا

 بيان قال الفيروزآبادي الصدام ككتاب داء في رءوس الدواب

 45-  د، ]العدد القوية[ قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ روى ابن بابويه في كتاب النبوة أنه قال أبو عبد الله ع إن تبعا قال للأوس و الخزرج كونوا هاهنا حتى يخرج هذا النبي أما أنا لو أدركته لخدمته و لخرجت معه و روى أنه قال

قالوا بمكة بيت مال داثر و كنوزه من لؤلؤ و زبرجدبادرت أمرا حال ربي دونه و الله يدفع عن خراب المسجدفتركت فيه من رجالي عصبة نجباء ذوي حسب و رب محمد

 و كتب كتابا إلى النبي ص يذكر فيه إيمانه و إسلامه و أنه من أمته فليجعله تحت شفاعته و عنوان الكتاب إلى محمد بن عبد الله خاتم النبيين و رسول رب العالمين من تبع الأول و دفع الكتاب إلى العالم الذي نصح له و صار حتى مات بغلسان بلد من بلاد الهند و كان بين موته و مولد النبي ص ألف سنة ثم إن النبي لما بعث و آمن به أكثر أهل المدينة أنفذوا الكتاب إليه على يد أبي ليلى فوجد النبي ص في قبيلة بني سليم فعرفه رسول الله ص فقال له أنت أبو ليلى قال نعم قال و معك كتاب تبع الأول فتحير الرجل فقال هات الكتاب فأخرجه و دفعه إلى رسول الله ص فدفعه النبي إلى علي بن أبي طالب ع فقرأه عليه فلما سمع النبي ص كلام تبع قال مرحبا بالأخ الصالح ثلاث مرات و أمر أبا ليلى بالرجوع إلى المدينة

 46-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ أبو بكر البيهقي في دلائل النبوة أنه قال قال راهب لطلحة في سوق بصرى هل ظهر أحمد فهذا شهره الذي يظهر فيه في كلام له و قال عفكلان الحميري لعبد الرحمن بن عوف أ لا أبشرك ببشارة و هي خير لك من التجارة أنبئك بالمعجبة و أبشرك بالمرغبة إن الله قد بعث في الشهر الأول من قومك نبيا ارتضاه و صفيا أنزل عليه كتابا جعل له ثوابا ينهى عن الأصنام و يدعو إلى الإسلام أخف الوقفة و عجل الرجعة و كتب إلى النبي ص

أشهد بالله رب موسى أنك أرسلت بالبطاح‏فكن شفيعي إلى مليك يدعو البرايا إلى الفلاح

فلما دخل على النبي ص قال أحملت إلي وديعة أم أرسلك إلي مرسل برسالة فهاتها و بشر أوس بن حارثة بن ثعلبة قبل مبعثه بثلاثمائة عام و أوصى أهله باتباعه في حديث طويل و هو القائل

إذا بعث المبعوث من آل غالب بمكة فيما بين زمزم و الحجر

 هنالك فاشروا نصره ببلادكم بني عامر إن السعادة في النصر

و فيه يقول النبي ص رحم الله أوسا مات في الحنيفية و حث على نصرتنا في الجاهلية

 د، ]العدد القوية[ و بشر أوس بن حارثة و ذكر نحوه

 47-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ ذكر الماوردي أن عبد المطلب رأى في منامه كأنه خرج من ظهره سلسلة بيضاء لها أربعة أطراف طرف قد أخذ المغرب و طرف أخذ المشرق و طرف لحق بأعنان السماء و طرف لحق بثرى الأرض فبينما هو يتعجب إذ التفت الأنوار فصارت شجرة خضراء مجتمعة الأغصان متدلية الأثمار كثيرة الأوراق قد أخذ أغصانها أقطار الأرض في الطول و العرض و لها نور قد أخذ الخافقين و كأني قد جلست تحت الشجرة و بإزائي شخصان بهيان و هما نوح و إبراهيم ع قد استظلا به فقص ذلك على كاهن ففسره بولادة النبي ص

 48-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ المفسرون عن عبد الله بن عباس في قوله لِإِيلافِ قُرَيْشٍ أنه كانت لهم في كل سنة رحلتان باليمن و الشام فكان من وقاية أبي طالب أنه عزم على الخروج في ركب من قريش إلى الشام تاجرا سنة ثمان من مولده أخذ النبي ص بزمام ناقته و قال يا عم على من تخلفني و لا أب لي و لا أم و كان قيل لي ما يفعل به في هذا الحر و هو غلام صغير فقال و الله لأخرجن به و لا أفارقه أبدا

 49-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع في قوله وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فقال كانت اليهود تجد في كتبها أن مهاجر محمد ص ما بين عير و أحد فخرجوا يطلبون الموضع فمروا بجبل تسمى حداد فقالوا حداد و أحد سواء فتفرقوا عنده فنزل بعضهم بفدك و بعضهم بخيبر و بعضهم بتيماء فاشتاق الذين بتيماء إلى بعض إخوانهم فمر بهم أعرابي من قيس فتكاروا منه و قال لهم أمر بكم ما بين عير و أحد فقالوا له إذا مررت بهما فأرناهما فلما توسط بهم أرض المدينة قال لهم ذاك عير و هذا أحد فنزلوا عن ظهر إبله فقالوا له قد أصبنا بغيتنا فلا حاجة لنا في إبلك فاذهب حيث شئت و كتبوا إلى إخوانهم الذين بفدك و خيبر أنا قد أصبنا الموضع فهلموا إلينا فكتبوا إليهم أنا قد استقرت بنا الدار و اتخذنا الأموال و ما أقربنا منكم و إذا كان ذلك فما أسرعنا إليكم فاتخذوا بأرض المدينة الأموال فلما كثرت أموالهم بلغ تبع فغزاهم فتحصنوا منه فحاصرهم و كانوا يرقون لضعفاء أصحاب تبع فيلقون إليهم بالليل التمر و الشعير فبلغ ذلك تبع فرق لهم و آمنهم فنزلوا إليه فقال لهم إني قد استطبت بلادكم و لا أراني إلا مقيما فيكم فقالوا له إنه ليس ذلك لك إنها مهاجر نبي و ليس ذلك لأحد حتى يكون ذلك فقال لهم فإني مخلف فيكم من أسرتي من إذا كان ذلك ساعده و نصره فخلف فيهم حين بوأهم الأوس و الخزرج فلما كثروا بها كانوا يتناولون أموال اليهود فكانت اليهود يقول لهم أما لو بعث محمد لنخرجنكم من ديارنا و أموالنا فلما بعث الله محمدا ع آمنت به الأنصار و كفرت به اليهود و هو قول الله  وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا إلى فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ

 كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن الأهوازي عن النضر عن زرعة عن أبي بصير مثله

 50-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الثمالي عن أبي جعفر ع قال قوله يَجِدُونَهُ يعني اليهود و النصارى صفة محمد و اسمه مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ

 51-  جا، ]المجالس للمفيد[ الحسين بن محمد التمار عن محمد بن القاسم الأنباري عن حميد بن محمد بن حميد عن محمد بن نعيم العبدي عن أبي علي الرواسي عبد الله عن عبيد بن سميع عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال لما قدم على النبي ص وفد إياد قال لهم ما فعل قس بن ساعدة كأني أنظر إليه بسوق عكاظ على جمل أورق و هو يتكلم بكلام عليه حلاوة ما أجدني أحفظه فقال رجل من القوم أنا أحفظه يا رسول الله سمعته و هو يقول بسوق عكاظ أيها الناس اسمعوا و عوا و احفظوا من عاش مات و من مات فات و كل ما هو آت آت ليل داج و سماء ذات أبراج و بحار ترجرج و نجوم تزهر و مطر و نبات و آباء و أمهات و ذاهب و آت و ضوء و ظلام و بر و أثام و لباس و رياش و مركب و مطعم و مشرب إن في السماء لخبرا و إن في الأرض لعبرا ما لي أرى الناس يذهبون و لا يرجعون أ رضوا بالمقام هناك فأقاموا أم تركوا فناموا يقسم بالله قس بن ساعدة قسما برا لا إثم فيه ما لله على الأرض دين أحب إليه من دين قد أظلكم زمانه و أدرككم أوانه طوبى لمن أدرك صاحبه فبايعه و ويل لمن أدركه ففارقه ثم أنشأ يقول

في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائرلما رأيت مواردا للموت ليس لها مصادرو رأيت قومي نحوها يمضي الأصاغر و الأكابرلا يرجع الماضي إليك و لا من الماضين غابرأيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر

فقال رسول الله ص يرحم الله قس بن ساعدة إني لأرجو أن يأتي يوم القيامة أمة وحده فقال رجل من القوم يا رسول الله لقد رأيت من قس عجبا قال و ما الذي رأيت قال بينما أنا يوما بجبل في ناحيتنا يقال له سمعان في يوم قائظ شديد الحر إذا أنا بقس بن ساعدة في ظل شجرة عندها عين ماء و إذا حواليه سباع كثيرة و قد وردت حتى تشرب من الماء و إذا زار سبع منها على صاحبه ضربه بيده و قال كف حتى يشرب الذي ورد قبلك فلما رأيته و ما حوله من السباع هالني ذلك و دخلني رعب شديد فقال لي لا بأس عليك لا تخف إن شاء الله و إذا أنا بقبرين بينهما مسجد فلما آنست به قلت ما هذان القبران قال قبر أخوين كانا لي يعبدان الله في هذا الموضع معي فماتا فدفنتهما في هذا الموضع و اتخذت فيما بينهما مسجدا أعبد الله فيه حتى ألحق بهما ثم ذكر أيامهما و فعالهما فبكى ثم قال

خليلي هبا طال ما قد رقدتما أجدكما لا تقضيان كراكماأ لم تعلما أني بسمعان مفرد و ما لي بها ممن حببت سواكماأقيم على قبريكما لست بارحا طوال الليالي أو يجيب صداكماأبكيكما طول الحياة و ما الذي يرد على ذي عولة إن بكاكماكأنكما و الموت أقرب غاية بروحي في قبري كما قد أتاكما

 فلو جعلت نفس لنفس وقاية لجدت بنفسي أن أكون فداكما

 بيان قوله ص ما أجدني لعله كان في الأصل ما أجودني فصحف و يحتمل أن يكون قال ذلك على جهة المصلحة ليسمع الناس من القوم و الزئير صوت الأسد من صدره و قد زأر كضرب و منع و سمع و الهب الانتباه من النوم و نشاط كل سائر و سرعته و الكرى النوم. و قال الجوهري الصدى الذي يجيبك بمثل صوتك في الجبال و غيرها يقال صم صداه و أصم الله صداه أي أهلكه لأن الرجل إذا مات لم يسمع الصدى منه شيئا فيجيبه. و قال الفيروزآبادي الصدى الجسد من الآدمي بعد موته و طائر يخرج من رأس المقتول إذ بلي بزعم الجاهلية انتهى و ما في البيت يحتمل المعنيين و على التقديرين أو بمعنى إلى أن أي أقيم على قبريكما إلى أن تحييا و تجيباني

 52-  نجم، ]كتاب النجوم[ وجدت في كتاب درة الإكليل تأليف محمد بن أحمد بن عمرو بن حسين القطيعي في الجزء الثالث منه عند قوله مفاريد الأسماء على التقييد فذكر في ترجمة عبد الأول بن عيسى بن شعيب بن إبراهيم بن إسحاق الشجري الأصل الهروي المولد الصوفي الشيخ الثقة أبي الوقت بن أبي عبد الله حديث دلالة النجوم عند هرقل ملك الروم على نبوة نبينا محمد صلوات الله عليه و على آله و الحديث طويل يتضمن سؤال هرقل لبعض قريش عن صفات النبي ص و لفظ كتاب النبي ص إلى هرقل ثم قال ما هذا لفظه و كان ابن الناطور صاحب إيليا و هرقل أسقفا على نصارى الشام يحدث أن هرقل حين قدم إيليا أصبح يوما خبيث النفس فقال بعض بطارقته قد استنكرنا هيئتك قال ابن الناطور و كان هرقل جيدا ينظر في النجوم فقال لهم حين سألوه إني رأيت الليلة حين نظرت ملك قد ظهر من مختتن هذه الأمة قالوا ليس مختتن إلا اليهود فلا يهمنك شأنهم و اكتب إلى مدائن ملكك يقتلون من بهم من اليهود فبينا هم على أمرهم إذ أتي هرقل برجل أرسل إليه ملك غسان يخبر عن رسول الله ص فلما استخبره هرقل قال اذهبوا فانظروا أ مختتن هو أم لا فنظروا فحدثوه أنه مختتن و سأله عن العرب فقال هم يختتنون فقال هرقل هذا ملك هذه الأمة قد ظهر ثم كتب إلى صاحب له برومية و كان نظيره في العلم و سار هرقل إلى حمص فلم يرم حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق رأي هرقل على خروج النبي ص أنه نبي فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص ثم أمر بأبوابها فغلقت ثم اطلع فقال يا معشر الروم هل لكم في الفلاح و الرشد و أن يثبت ملككم فبايعوا هذا الرجل فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غلقت فلما رأى هرقل نفرتهم و آيس من الإيمان قال ردوهم علي و قال إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها شدتكم على دينكم و قد رأيت فسجدوا له و رضوا عنه فكان ذلك آخر شأن هرقل

 بيان قوله فلم يرم حمص أي لم يبرحه و لم يزل عنه من رام يريم و الدسكرة القرية و الصومعة و حاص عنه يحيص حيصا و حيصة عدل و حاد

 53-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله تبارك و تعالى وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ قال كان قوم فيما بين محمد ص و عيسى ع و كانوا يتوعدون أهل الأصنام بالنبي ص و يقولون ليخرجن نبي فليكسرن أصنامكم و ليفعلن بكم و ليفعلن فلما خرج رسول الله ص كفروا به

 54-  د، ]العدد القوية[ البشائر به من ذلك بشائر موسى في السفر الأول و بشائر إبراهيم ع في السفر الثاني و في السفر الخامس عشر و في الثالث و الخمسين من مزامير داود ع و بشائر عويديا و حيقوق و حزقيل و دانيال و شعيا و قال داود في زبوره اللهم ابعث مقيم السنة بعد الفترة

 و قال عيسى ع في الإنجيل إن البر ذاهب و البارقليطا جائي من بعده و هو يخفف الآصار و يفسر كل شي‏ء و يشهد لي كما شهدت له أنا جئتكم بالأمثال و هو يأتيكم بالتأويل

 55-  كنز الكراجكي، قال ذكر الرواة من أهل العلم أن ربيعة بن نصر رأى رؤيا هالته فبعث في أهل مملكته فلم يدع كاهنا و لا ساحرا و لا قائفا و لا منجما إلا أحضره إليه فلما جمعهم قال لهم إني قد رأيت رؤيا هالتني فأخبروني بتأويلها قالوا اقصصها علينا لنخبرك بتأويلها قال إني إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم عن تأويلها إنه لا يعرف تأويلها إلا من يعرفها قبل أن أخبره بها فلما قال لهم ذلك قال رجل من القوم إن كان الملك يريد هذا فليبعث إلى سطيح و شق فإنه ليس أحد أعلم منهما فهما يخبرانك بما سألت فلما قيل له ذلك بعث إليهما فقدم عليه سطيح قبل شق و لم يكن في زمانهما مثلهما من الكهان فلما قدم عليه سطيح دعاه فقال له يا سطيح إني قد رأيت رؤيا هالتني و فظعت بها فأخبرني بها فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها قال أفعل رأيت جمجمة خرجت من ظلمة فوقعت بأرض تهمة فأكلت منها كل ذات جمجمة قال له الملك ما أخطأت منها شيئا يا سطيح فما عندك في تأويلها فقال أحلف بما بين الحرتين من حنش ليهبطن أرضكم الحبش فليملكن ما بين أنين إلى جرش قال له الملك و أبيك يا سطيح إن هذا لنا لغائظ موجع فمتى هو كائن يا سطيح أ في زماني أم بعده قال لا بل بعده بحين أكثر من ستين أو سبعين يمضين من السنين ثم يقتلون بها أجمعون و يخرجون منها هاربين قال الملك من ذا الذي يلي ذلك من قتلهم و إخراجهم قال يليه إرم ذي يزن يخرج عليهم من عدن فلا يترك منهم أحدا باليمن قال أ فيدوم ذلك من سلطانه أو ينقطع قال بل ينقطع قال و من يقطعه قال نبي زكي يأتيه الوحي من قبل العلي قال و ممن هذا النبي قال رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر قال و هل للدهر يا سطيح من آخر قال نعم يوم يجمع فيه الأولون و الآخرون و يسعد فيه المحسنون و يشقى فيه المسيئون قال أ حق ما تخبرنا يا سطيح قال نعم و الشفق و الفلق و الليل إذا اتسق إن ما أنبأتك به لحق فلما فرغ قدم عليه شق فدعاه فقال له يا شق إني رأيت رؤيا هالتني و فظعت بها فأخبرني عنها فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها كما قال لسطيح و قد كتمه ما قال سطيح لينظر أ يتفقان أم يختلفان قال نعم رأيت جمجمة خرجت من ظلمة فوقعت بين روضة و أكمة فأكلت منها كل ذات نسمة قال له الملك ما أخطأت منها فما عندك في تأويلها قال أحلف بما بين الحرتين من إنسان لينزلن أرضكم الحبشان فليغلبن على كل طفلة البنان و ليملكن ما بين أنين إلى نجران فقال له الملك و أبيك إن هذا لنا لغائظ موجع فمتى كائن أ في زماني أم بعده قال بعده بزمان ثم يستنقذكم منهم عظيم الشأن و يذيقهم أشد الهوان قال و من هذا العظيم الشأن قال غلام ليس بدني و لا مدن يخرج من بيت ذي يزن قال فهل يدوم سلطانه أو ينقطع قال بل ينقطع برسول مرسل يأتي بالحق و العدل بين أهل الدين و الفضل يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل قال و ما يوم الفصل قال يوم يجزى فيه الولاة يدعى فيه من السماء بدعوات يسمع منها الأحياء و الأموات و يجمع الناس للميقات يكون فيه لمن اتقى الفوز و الخيرات قال أ حق ما تقول يا شق قال إي و رب السماء و الأرض و ما بينهما من رفع و خفض إن ما أنبأتك لحق ما فيه أمض

 بيان قال في النهاية قيل الحنش ما أشبه رأسه رءوس الحيات من الوزغ و الحرباء و غيرهما و قيل الأحناش هو أم الأرض و منه حديث سطيح أحلف بما بين الحرتين من حنش و في القاموس الجرش بالتحريك بلد بالأردن و قال أمض كفرح لم يبال من المعاتبة و عزيمته ماضية في قلبه و كذا إذا أبدى لسانه غير ما يريده

 56-  كنز الكراجكي، روي أن رجلا حدث رسول الله ص فقال في حديثه خرجت في طلب بعير لي ضل فوجدته في ظل شجرة يهش من ورقها فدنوت منه فزممته و استويت على كوره ثم اقتحمت واديا فإذا أنا بعين خرارة و روضة مدهامة و شجرة عادية و إذا أنا بقس قائما يصلي بين قبرين قد اتخذ له بينهما مسجدا قال فلما انفتل من صلاته قلت له ما هذان القبران فقال هذان قبرا أخوين كانا لي يعبدان الله عز و جل معي في هذا المكان فأنا أعبد الله بينهما إلى أن ألحق بهما قال ثم التفت إلى القبرين فجعل يبكي و هو يقول  

خليلي هبا طال ما قد رقدتما أجدكما أم تقضيان كراكماأرى خللا في الجلد و العظم منكما كأن الذي يسقي العقار سقاكماأ لم تعلما أني بسمعان مفرد و ما لي بسمعان حبيب سواكمافلو جعلت نفس لنفس فداءها لجدت بنفسي أن تكون فداكما

قال فقلت له فلم لا تلحق بقومك فتكون معهم في خيرهم و شرهم فقال ثكلتك أمك أ ما علمت أن ولد إسماعيل تركوا دين أبيهم و اتبعوا الأضداد و عظموا الأنداد قلت فما هذه الصلاة التي لا تعرفها العرب فقال أصليها لإله السماء فقلت و للسماء إله غير اللات و العزى فأسقط و امتقع لونه و قال إليك عني يا أخا إياد إن للسماء إلها هو الذي خلقها و بالكواكب زينها و بالقمر المنير أشرقها أظلم ليلها و أضحى نهارها و سوف تعمهم من هذه الرحمة و أومأ بيده نحو مكة برجل أبلج من ولد لوي بن غالب يقال له محمد يدعو إلى كلمة الإخلاص ما أظن أني أدركه و لو أدركت أيامه لصفقت بكفي على كفه و لسعيت معه حيث يسعى فقال رسول الله ص رحم الله أخي قسا يحشر يوم القيامة أمة وحده

 بيان قال في النهاية في حديث قس ذكر العقار و هو بالضم من أسماء الخمر و في القاموس العقار بالضم الخمر لمعاقرته أي ملازمته الدن أو لعقرها شاربها عن المشي

  -57  أقول وجدت في كتاب سليم بن قيس عن أبان بن أبي عياش عنه قال أقبلنا من صفين مع أمير المؤمنين ع فنزل العسكر قريبا من دير نصراني إذ خرج علينا من الدير شيخ جميل حسن الوجه حسن الهيئة و السمت معه كتاب في يده حتى أتى أمير المؤمنين ع فسلم عليه بالخلافة فقال له علي ع مرحبا يا أخي شمعون بن حمون كيف حالك رحمك الله فقال بخير يا أمير المؤمنين و سيد المسلمين و وصي رسول رب العالمين إني من نسل رجل من حواري عيسى ابن مريم ع و في رواية أخرى أنا من نسل حواري أخيك عيسى ابن مريم ع من نسل شمعون بن يوحنا و كان أفضل حواري عيسى ابن مريم ع الاثني عشر و أحبهم إليه و آثرهم عنده و إليه أوصى عيسى ع و إليه دفع كتبه و علمه و حكمته فلم يزل أهل بيته على دينه متمسكين عليه لم يكفروا و لم يبدلوا و لم يغيروا و تلك الكتب عندي إملاء عيسى ابن مريم ع و خط أبينا بيده و فيه كل شي‏ء يفعل الناس من بعده ملك ملك و ما يملك و ما يكون في زمان كل ملك منهم حتى يبعث الله رجلا من العرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من أرض تدعى تهامة من قرية يقال لها مكة يقال له أحمد الأنجل العينين المقرون الحاجبين صاحب الناقة و الحمار و القضيب و التاج يعني العمامة له اثنا عشر اسما ثم ذكر مبعثه و مولده و هجرته و من يقاتله و من ينصره و من يعاديه و كم يعيش و ما تلقى أمته بعده إلى أن ينزل الله عيسى ابن مريم ع من السماء فذكر في ذلك الكتاب ثلاثة عشر رجلا من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله ص هم خير من خلق الله و أحب من خلق الله إلى الله و إن الله ولي من والاهم و عدو من عاداهم من أطاعهم اهتدى و من عصاهم ضل طاعتهم لله طاعة و معصيتهم لله معصية مكتوبة فيه أسماؤهم و أنسابهم و نعتهم و كم يعيش كل رجل منهم واحد بعد واحد و كم رجل منهم يستر أدلة للناس حتى ينزل الله عيسى ع على آخرهم فيصلي عيسى ع خلفه و يقول إنكم أئمة لا ينبغي لأحد أن يتقدمكم فيتقدم فيصلي بالناس و عيسى ع خلفه في الصف أولهم و أفضلهم و خيرهم له مثل أجورهم و أجور من أطاعهم و اهتدى بهداهم أحمد رسول الله ص و اسمه محمد و ياسين و الفتاح و الختام و الحاشر و العاقب و الماحي و في نسخة أخرى مكان الماحي الفتاح و القائد و هو نبي الله و خليل الله و حبيب الله و صفيه و أمينه و خيرته يرى تقلبه في الساجدين و في نسخة أخرى يراه تقلبه في الساجدين يعني في أصلاب النبيين و يكلمه برحمته فيذكر إذا ذكر و هو أكرم خلق الله على الله و أحبهم إلى الله لم يخلق الله خلقا ملكا مقربا و لا نبيا مرسلا آدم فمن سواه خيرا عند الله و لا أحب إلى الله منه يقعده يوم القيامة على عرشه و يشفعه في كل من شفع فيه باسمه جرى القلم في اللوح المحفوظ في أم الكتاب ثم أخوه صاحب اللواء إلى يوم المحشر الأكبر و وصيه و وزيره و خليفته في أمته و أحب خلق الله إلى الله بعده علي بن أبي طالب ع ولي كل مؤمن بعده ثم أحد عشر إماما من ولد محمد و ولد الأول اثنان منهم سميا ابني هارون شبر و شبير

 و في نسخة أخرى ثم أحد عشر من ولد ولده أولهم شبر و الثاني شبير و تسعة من شبير واحد بعد واحد و في نسخة الأولى و تسعة من ولد أصغرهما و هو الحسين واحد بعد واحد آخرهم الذي يصلي عيسى ابن مريم ع خلفه فيه تسمية كل من يملك منهم و من يستتر بدينه و من يظهر فأول من يظهر منهم يملأ جميع بلاد الله قسطا و عدلا و يملك ما بين المشرق و المغرب حتى يظهره الله على الأديان كلها فلما بعث النبي ص و أبي حي صدق به و آمن به و شهد أنه رسول الله ص و كان شيخا كبيرا لم يكن به شخوص فمات و قال يا بني إن وصي محمد ص و خليفته الذي اسمه في هذا الكتاب و نعته سيمر بك إذا مضى ثلاثة من أئمة الضلالة يسمون بأسمائهم و قبائلهم فلان و فلان و فلان و نعتهم و كم يملك كل واحد منهم فإذا مر بك فاخرج إليه و بايعه و قاتل معه عدوه فإن الجهاد معه كالجهاد مع محمد ص و الموالي له كالموالي لمحمد ص و المعادي له كالمعادي لمحمد ص و في هذا الكتاب يا أمير المؤمنين اثني عشر إماما من قريش و من قومه من أئمة الضلالة يعادون أهل بيته و يدعون حقهم و يمنعونهم منه و يطردونهم و يحرمونهم و يتبرءون منهم و يخيفونهم مسمون واحدا واحدا بأسمائهم و نعتهم و كم يملك كل واحد منهم و ما يلقى منهم ولدك و أنصارك و شيعتك من القتل و الحرب و البلاء و الخوف و كيف يديلكم الله منهم و من أوليائهم و أنصارهم و ما يلقون من الذل و الحرب و البلاء و الخزي و القتل و الخوف منكم أهل البيت يا أمير المؤمنين ابسط يدك أبايعك بأني أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله و أشهد أنك خليفة رسول الله ص في أمته و وصيه و شاهده على خلقه و حجته في أرضه و أن الإسلام دين الله و أني أبرأ من كل دين خالف دين الإسلام فإنه دين الله الذي اصطفاه لنفسه و رضيه لأوليائه و إنه دين عيسى ابن مريم ع و من كان قبله من أنبياء الله و رسله و هو الذي دان به من مضى من آبائي و إني أتولاك و أتولى أولياءك و أبرأ من عدوك و أتولى الأئمة من ولدك و أبرأ من عدوهم و ممن خالفهم و بري‏ء منهم و ادعى حقهم و ظلمهم من الأولين و الآخرين ثم تناول يده فبايعه ثم قال له أمير المؤمنين ع ناولني كتابك فناوله إياه و قال علي ع لرجل من أصحابه قم مع الرجل فأحضر ترجمانا يفهم كلامه فلينسخه لك بالعربية فلما أتاه به قال لابنه الحسن يا بني ايتني بالكتاب الذي دفعته إليك يا بني اقرأه و انظر أنت يا فلان في نسخة هذا الكتاب فإنه خطي بيدي و إملاء رسول الله ص فقرأه فما خالف حرفا واحدا ليس فيه تقديم و لا تأخير كأنه إملاء رجل واحد على رجلين فحمد الله و أثنى عليه و قال الحمد لله الذي لو شاء لم تختلف الأمة و لم تفترق و الحمد لله الذي لم ينسني و لم يضع أمري و لم يخمل ذكري عنده و عند أوليائه إذ صغر و خمل عنده ذكر أولياء الشيطان و حزبه ففرح بذلك من حضر من شيعة علي ع و شكر كثير ممن حوله حتى عرفنا ذلك في وجوههم و ألوانهم

 58-  و قال السيد بن طاوس روح الله روحه في كتاب سعد السعود وجدت في صحف إدريس النبي ع فيما خاطب الله به إبليس و أنظره إلى يوم الوقت المعلوم قال و انتخبت لذلك الوقت عبادا لي امتحنت قلوبهم للإيمان إلى أن قال أولئك أوليائي اخترت لهم نبيا مصطفى و أمينا مرتضى فجعلته لهم نبيا و رسولا و جعلتهم له أولياء و أنصارا تلك أمة اخترتها لنبيي المصطفى و أميني المرتضى ثم قال و نظر آدم إلى طائفة من ذريته يتلألأ نورهم قال آدم ما هؤلاء قال هؤلاء الأنبياء من ذريتك قال يا رب فما بال نور هذا الأخير ساطعا على نورهم جميعا قال لفضله عليهم جميعا قال و من هذا النبي يا رب و ما اسمه قال هذا محمد نبيي و رسولي و أميني و نجيبي و نجيي و خيرتي و صفوتي و خالصتي و حبيبي و خليلي و أكرم خلقي علي و أحبهم إلي و آثرهم عندي و أقربهم مني و أعرفهم لي و أرجحهم حلما و علما و إيمانا و يقينا و صدقا و برا و عفافا و عبادة و خشوعا و ورعا و سلما و إسلاما أخذت له ميثاق حملة عرشي فما دونهم من خلائقي في السماوات و الأرض بالإيمان به و الإقرار بنبوته فآمن به يا آدم تزدد مني قربة و منزلة و فضلا و نورا و وقارا قال آمنت بالله و رسوله محمد ص قال الله قد أوجبت لك يا آدم و قد زدتك فضلا و كرامة و أنت يا آدم أول الأنبياء و الرسل و ابنك محمد خاتم الأنبياء و الرسل و أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة و أول من يكسى و يحمل إلى الموقف و أول شافع و أول مشفع و أول قارع لأبواب الجنان و أول من يفتح له و أول من يدخل الجنة و قد كنيتك به فأنت أبو محمد فقال آدم الحمد لله الذي جعل من ذريتي من فضله بهذه الفضائل و سبقني إلى الجنة و لا أحسده ثم ذكر ما نقله الراوندي عن التوراة و الإنجيل و بسط الكلام فيها و إنما تركناه مخافة التطويل ثم قال رأيت في السورة السابعة عشر من الزبور داود اسمع ما أقول و مر سليمان يقول بعدك إن الأرض أورثها محمد و أمته و هم خلافكم و لا تكون صلاتهم بالطنابير و لا يقدسون الأوتار فازدد من تقديسك و إذا زمرتم بتقديسي فأكثروا البكاء بكل ساعة و ساعة لا تذكرني فيها عدمتها من ساعة انتهى

 59-  أقول و روى محمد بن مسعود الكازروني بإسناده إلى الأعمش عن أبي صالح عن كعب قال نجد مكتوبا محمد رسول الله لا فظ و لا غليظ و لا صخاب بالأسواق و لا يجزي بالسيئة السيئة و لكن يعفو و يغفر أمته الحامدون يكبرون الله على كل نجد و يحمدونه في كل منزل يتأزرون على أنصافهم و يتوضئون على أطرافهم مناديهم يناديهم في جو السماء صفهم في القتال و صفهم في الصلاة سواء لهم بالليل دوي كدوي النحل مولده بمكة و مهاجره بطابة و ملكه بالشام

 أقول و ذكر بشائر كثيرة في كتابه لا نطيل الكلام بإيرادها و في ما ذكرناه كفاية

 60-  مقتضب الأثر في النص على الاثني عشر، لأحمد بن محمد بن عياش عن محمد بن لاحق بن سابق الأنباري عن جده سابق بن قرين عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن الشرقي بن قطامي عن تميم بن وهلة المري عن الجارود بن المنذر العبدي و كان نصرانيا فأسلم عام الحديبية و حسن إسلامه و كان قارئا للكتب عالما بتأويلها على وجه الدهر و سالف العصر بصيرا بالفلسفة و الطب ذا رأي أصيل و وجه جميل أنشأ يحدثنا في إمارة عمر بن الخطاب قال وفدت على رسول الله ص في رجال من عبد القيس ذوي أحلام و أسنان و فصاحة و بيان و حجة و برهان فلما بصروا به ص راعهم منظره و محضره و أفحموا عن بيانهم و عن بهم العرواء في أبدانهم فقال زعيم القوم لي دونك من أقمت بنا أممه فما نستطيع كلمة فاستقدمت دونهم إليه و وقفت بين يديه و قلت السلام عليك يا نبي الله بأبي أنت و أمي ثم أنشأت أقول شعر  

يا نبي الهدى أتتك رجال قطعت قرددا و آلا فآلاجابت البيد و المهامة حتى غالها من طوي السري ما غالاقطعت دونك الصحاصح تهوى لا تعد الكلال فيك كلالاكل دهناء تقصر الطرف عنها أرقلتها قلاصنا إرقالاو طوتها العتاق تجمح فيها بكماة مثل النجوم تلالاثم لما رأتك أحسن مرأى أفحمت عنك هيبة و جلالاتتقي شر بأس يوم عصيب هائل أوجل القلوب و هالاو نداء لمحشر الناس طرا و حسابا لمن تأدى ضلالانحو نور من الإله و برهان و بز و نعمة لن تنالاو أمان منه لدى الحشر و النشر إذ الخلق لا يطيق السؤالافلك الحوض و الشفاعة و الكوثر و الفضل إذ ينص السؤالافلك الحوض خصك يا ابن آمنة الخير إذا ما تلت سجال سجالاأنبأ الأولون باسمك فينا و بأسماء بعده تتتالا

 فأقبل علي رسول الله بصفحة وجهه المبارك شمت منه ضياء لامعا ساطعا كوميض البرق فقال يا جارود لقد تأخر بك و بقومك الوعد و قد كنت وعدته قبل عامي ذلك أن أفد إليه بقومي فلم آته و آتيته في عام الحديبية فقلت يا رسول الله بأبي أنت ما كان إبطائي عنك إلا أن جلة قومي أبطئوا عن إجابتي حتى ساقها الله إليك لما أراد لها به إليك من الخير فأما من تأخر فحظه فات منك فتلك أعظم حوبة و أكبر عقوبة و لو كانوا ممن سمع بك أو رآك لما ذهبوا عنك فإن برهان الحق في مشهدك محتدك و قد كنت على دين النصرانية قبل أتيتي إليك الأولى فها أنا تاركه بين يديك إذ ذلك مما يعظم الأجر و يمحو المآثم و الحوب و يرضي الرب عن المربوب فقال رسول الله ص أنا ضامن لك يا جارود قلت أعلم يا رسول الله أنك مذ كنت ضمين قمين قال فدن الآن بالوحدانية و دع عنك النصرانية قلت أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أنك عبده و رسوله و لقد أسلمت على علم بك و نبإ فيك علمته من قبل فتبسم ص كأنه علم ما أردته من الإنباء فيه فأقبل علي و على قومي فقال أ فيكم من يعرف قس بن ساعدة الإيادي قلت يا رسول الله كلنا نعرفه غير أني من بينهم عارف بخبره واقف على أثره كان قس بن ساعدة يا رسول الله سبطا من أسباط العرب عمر خمسمائة عام تقفر منها في البراري خمسة أعمار يضج بالتسبيح على منهاج المسيح لا يقره قرار و لا يكنه جدار و لا يستمع منه جار لا يفتر من الرهبانية و يدين الله بالوحدانية يلبس المسوح و يتحسى في سياحته بيض النعام و يعتبر بالنور و الظلام يبصر فيتفكر و يفكر فيختبر يضرب بحكمته الأمثال أدرك رأس الحواريين شمعون و أدرك لوقا و يوحنا و فقه منهم تحوب الدهر و جانب الكفر و هو القائل بسوق عكاظ و ذي المجاز شرق و غرب و يابس و رطب و أجاج و عذب و حب و نباتو جمع و أشتات و ذهاب و ممات و آباء و أمهات و سرور مولود و رزء مفقود نبأ لأرباب الغفلة ليصلحن العامل عمله قبل أن يفقد أجله كلا بل هو الله الواحد ليس بمولود و لا والد أمات و أحيا و خلق الذكر و الأنثى و هو رب الآخرة و الأولى ثم أنشد شعر كلمة له

ذكر القلب من جواه أذكار و ليال خلا لهن نهارو شموس تحتها قمر الليل و كل متابع موارو جبال شوامخ راسيات و بحار مياههن غزارو صغير و أشمط و رضيع كلهم في الصعيد يوما بواركل هذا هو الدليل على الله ففيه لنا هدى و اعتبار

ثم صاح يا معشر إياد فأين ثمود و أين عاد و أين الآباء و الأجداد و أين العليل و العواد و أين الطالبون و الرواد كل له معاد أقسم قس برب العباد و ساطح المهاد و خالق سبع الشداد سماوات بلا عماد ليحشرن على الانفراد و على قرب و بعاد إذا نفخ في الصور و نقر في الناقور و أشرقت الأرض بالنور فقد وعظ الواعظ و انتبه القائظ و أبصر اللاحظ و لفظ اللافظ فويل لمن صدف عن الحق الأشهر و كذب بيوم المحشر و السراج الأزهر في يوم الفصل و ميزان العدل ثم أنشأ يقول شعر

يا ناعي الموت و الأموات في جدث عليهم من بقايا بزهم خرق‏منهم عرات و موتى في ثيابهم منها الجديد و منها الأورق الخلق‏دعهم فإن لهم يوما يصاح بهم كما ينبه من رقداته الصعق‏حتى يجيئوا بحال غير حالهم خلق مضوا ثم ما ذا بعد ذاك لقوا

ثم أقبلت على أصحابه فقلت على علم به آمنتم قبل مبعثه كما آمنت به أنا فنصت إلى رجل منهم و أشارت إليه و قالوا هذا صاحبه و طالبه على وجه الدهر و سالف العصر و ليس فينا خير منه و لا أفضل فبصرت به أغر أبلج قد وقذته الحكمة أعرف ذلك في أسارير وجهه و إن لم أحط علما بكنهه قلت و من هو قالوا هذا سلمان الفارسي ذو البرهان العظيم و الشأن القديم فقال سلمان عرفته يا أخا عبد القيس من قبل إتيانه فأقبلت على رسول الله ص و هو يتلألأ و يشرق وجهه نورا و سرورا فقلت يا رسول الله إن قسا كان ينتظر زمانك و يتوكف إبانك و يهتف باسمك و أبيك و أمك و بأسماء لست أصيبها معك و لا أراها فيمن اتبعك قال سلمان فأخبرنا فأنشأت أحدثهم و رسول الله ص يسمع و القوم سامعون واعون قلت يا رسول الله لقد شهدت قسا خرج من ناد من أندية إياد إلى صحصيح ذي قتاد و سمرة و عتاد و هو مشتمل بنجاد فوقف في إضحيان ليل كالشمس رافعا إلى السماء وجهه و إصبعه فدنوت منه فسمعته يقول اللهم رب هذه السبعة الأرقعة و الأرضين الممرعة و بمحمد و الثلاثة المحامدة معه و العليين الأربعة و سبطيه التبعة و الأرفعة الفرعة و السري اللامعة و سمي الكليم الضرعة أولئك النقباء الشفعة و الطريق المهيعة درسة الإنجيل و حفظة التنزيل على عدد النقباء من بني إسرائيل محاة الأضاليل و نفاة الأباطيل الصادقو القيل عليهم تقوم الساعة و بهم تنال الشفاعة و لهم من الله فرض الطاعة ثم قال اللهم ليتني مدركهم و لو بعد لأي من عمري و محياي ثم أنشأ يقول شعر

متى أنا قبل الموت للحق مدرك و إن كان لي من بعد هاتيك مهلك‏و إن غالني الدهر الخئون بغوله فقد غال من قبلي و من بعد يوشك‏فلا غرو إني سالك مسلك الأولى وشيكا و من ذا للردى ليس يسلك

ثم آب يكفكف دمعه و يرن رنين البكرة و قد برئت ببراة و هو يقول  

أقسم قس قسما ليس به مكتتما لو عاش ألفي سنة لم يلق منها سأماحتى يلاقي أحمد و النقباء الحكماء هم أوصياء أحمد أكرم من تحت السماءيعمى العباد عنهم و هم جلاء للعمى ليس بناس ذكرهم حتى أحل الرجما

ثم قلت يا رسول الله أنبئني أنبأك الله بخير عن هذه الأسماء التي لم نشهدها و أشهدنا قس ذكرها فقال رسول الله ص يا جارود ليلة أسري بي إلى السماء أوحى الله عز و جل إلي أن سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا فقلت على ما بعثتم قالوا على نبوتك و ولاية علي بن أبي طالب و الأئمة منكما ثم أوحى إلي أن التفت عن يمين العرش فالتفت فإذا علي و الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و موسى بن جعفر و علي بن موسى و محمد بن علي و علي بن محمد و الحسن بن علي و المهدي في ضحضاح من نور يصلون فقال الرب تعالى هؤلاء الحجج لأوليائي و هذا المنتقم من أعدائي قال الجارود فقال سلمان يا جارود هؤلاء المذكورون في التوراة و الإنجيل و الزبور كذلك فانصرفت بقومي و قلت في توجهي إلى قومي شعر

أتيتك يا ابن آمنة الرسولا لكي بك أهتدي النهج السبيلافقلت و كان قولك قول حق و صدق ما بدا لك أن تقولاو بصرت العمى من عبد قيس و كل كان من عمه ضليلاو أنبأناك عن قس الإيادي مقالا فيك ظلت به جديلاو أسماء عمت عنا فآلت إلى علم و كن بها جهولا

  بيان قال الجوهري العرواء مثال الغلواء قرة الحمى و مسها في أول ما تأخذ بالرعدة و فلان قمين بكذا أي جدير خليق و فلان يتحوب من كذا أي يتأثم و التحوب أيضا التوجع و التحزن. قوله قد وقذته الحكمة أي أثرت فيه و بانت فيه آثارها قال الجوهري وقذه يقذه وقذا ضربه حتى استرخى و أشرف على الموت و يقال وقذه النعاس إذا غلبه و في النهاية فيه فيقذه الورع أي يسكنه و يمنعه من انتهاك ما لا يحل و لا يحمد يقال وقذه الحلم إذا سكته. أقول سيأتي الخبر مختصرا مع شرح بعض أجزائه في باب المعراج