باب 28- غزوة حنين و الطائف و أوطاس و سائر الحوادث إلى غزوة تبوك

الآيات التوبة لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَ عَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ و قال تعالى وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ تفسير قوله فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ

 قال الطبرسي رحمه الله ورد عن الصادقين ع أنهم قالوا إنها كانت المواطن ثمانين

 وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ أي في يوم حنين إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ أي سرتكم و صرتم معجبين بكثرتكم و كان سبب انهزام المسلمين يوم حنين أن بعضهم قال حين رأى كثرة المسلمين لن نغلب اليوم من قلة فانهزموا بعد ساعة و كانوا اثني عشر ألفا و قيل عشرة آلاف و قيل ثمانية آلاف و الأول أصح فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً أي فلم تدفع عنكم كثرتكم سوءا وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ أي برحبها و الباء بمعنى مع و المعنى لم تجدوا من الأرض موضعا للفرار إليه ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ أي وليتم عن عدوكم منهزمين ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ أي رحمته التي تسكن إليها النفس و يزول معها الخوف عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حين رجعوا إليهم و قاتلوهم و قيل على المؤمنين الذين ثبتوا مع رسول الله ص علي و العباس في نفر من بني هاشم عن الضحاك

 و روى الحسن بن علي بن فضال عن أبي الحسن الرضا ع أنه قال السكينة ريح من الجنة تخرج طيبة لها صورة كصورة وجه الإنسان فتكون مع الأنبياء

أورده العياشي مسندا وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها أراد به جنودا من الملائكة و قيل إن الملائكة نزلوا يوم حنين لتقوية قلوب المؤمنين و تشجيعهم و لم يباشروا القتال يومئذ و لم يقاتلوا إلا يوم بدر خاصة وَ عَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا بالقتل و الأسر و سلب الأموال و الأولاد وَ ذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ أي ذلك العذاب جزاؤهم على كفرهم ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ أي يقبل توبة من تاب عن الشرك و رجع إلى طاعة الله و الإسلام و ندم على ما فعل من القبيح أو توبة من انهزم من بعد هزيمته. و في قوله تعالى وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ قال نزلت في قسمة غنائم حنين و ذكر رواية أبي سعيد الخدري كما سيأتي بروايته في إعلام الورى و سيأتي تفسير الآية في باب جمل ما جرى بينه و بين أصحابه ص

1-  فس، ]تفسير القمي[ وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ فإنه كان سبب غزات حنين أنه لما خرج رسول الله ص إلى فتح مكة أظهر أنه يريد هوازن و بلغ الخبر الهوازن فتهيئوا و جمعوا الجموع و السلاح و اجتمع رؤساء هوازن إلى مالك بن عوف النضري فرأسوه عليهم و خرجوا و ساقوا معهم أموالهم و نساءهم و ذراريهم و مروا حتى نزلوا بأوطاس و كان دريد بن الصمة الجشمي في القوم و كان رئيس جشم و كان شيخا كبيرا قد ذهب بصره فلمس الأرض بيده فقال في أي واد أنتم قالوا بوادي أوطاس قال نعم مجال خيل لا حزن ضرس و لا سهل دهس ما لي أسمع رغاء البعير و نهيق الحمار و خوار البقر و ثغاء الشاة و بكاء الصبي فقالوا إن مالك بن عوف ساق مع الناس أموالهم و نساءهم و ذراريهم ليقاتل كل امرئ عن نفسه و ماله و أهله فقال دريد راعي ضأن و رب الكعبة ما له و للحرب ثم قال ادعوا لي مالكا فلما جاء قال له يا مالك ما فعلت قال سقت مع الناس أموالهم و نساءهم و أبناءهم ليجعل كل رجل أهله و ماله وراء ظهره فيكون أشد لحربه فقال يا مالك إنك أصبحت رئيس قوم و إنك تقاتل رجلا كريما و هذا اليوم لما بعده و لم تصنع في تقدمه بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا ويحك و هل يلوي المنهزم على شي‏ء اردد بيضة هوازن إلى عليا بلادهم و ممتنع محالهم و ألق الرجال على متون الخيل فإنه لا ينفعك إلا رجل بسيفه و فرسه فإن كان لك لحق بك من وراءك و إن كانت عليك لا تكون قد فضحت في أهلك و عيالك فقال له مالك إنك قد كبرت و كبر علمك فلم يقبل من دريد فقال دريد ما فعلت كعب و كلاب قالوا لم يحضر منهم أحد قال غاب الجد و الحزم لو كان يوم علاء و سعادة ما كانت تغيب كعب و لا كلاب فمن حضرها من هوازن قال عمرو بن عامر و عوف بن عامر قال ذينك الجذعان لا ينفعان و لا يضران ثم تنفس دريد و قال حرب عوان

ليتني فيها جذع أخب فيها و أضع‏أقود و إطفاء الزمع كأنها شاة صدع

و بلغ رسول الله ص اجتماع هوازن بأوطاس فجمع القبائل و رغبهم في الجهاد و وعدهم النصر و أن الله قد وعده أن يغنمه أموالهم و نساءهم و ذراريهم فرغب الناس و خرجوا على راياتهم و عقد اللواء الأكبر و دفعه إلى أمير المؤمنين ع و كل من دخل مكة براية أمره أن يحملها و خرج في اثني عشر ألف رجل عشرة آلاف ممن كانوا معه

 و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع قال و كان معه من بني سليم ألف رجل رئيسهم عباس بن مرداس السلمي و من مزينة ألف رجل قال فمضوا حتى كان من القوم على مسيرة بعض ليلة قال و قال مالك بن عوف لقومه ليصير كل رجل منكم أهله و ماله خلف ظهره و اكسروا جفون سيوفكم و اكمنوا في شعاب هذا الوادي و في الشجر فإذا كان في غبش الصبح فاحملوا حملة رجل واحد و هدوا القوم فإن محمدا لم يلق أحدا يحسن الحرب قال فلما صلى رسول الله ص الغداة انحدر في وادي حنين و هو واد له انحدار بعيد و كانت بنو سليم على مقدمته فخرج عليهم كتائب هوازن من كل ناحية فانهزمت بنو سليم و انهزم من وراءهم و لم يبق أحد إلا انهزم و بقي أمير المؤمنين ع يقاتلهم في نفر قليل و مر المنهزمون برسول الله ص لا يلوون على شي‏ء و كان العباس آخذا بلجام بغلة رسول الله ص عن يمينه و أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب عن يساره فأقبل رسول الله ص ينادي يا معشر الأنصار أين إلي أنا رسول الله فلم يلو أحد عليه و كانت نسيبة بنت كعب المازنية تحثو في وجوه المنهزمين التراب و تقول أين تفرون عن الله و عن رسوله و مر بها عمر فقالت له ويلك ما هذا الذي صنعت فقال لها هذا أمر الله فلما رأى رسول الله ص الهزيمة ركض نحو علي بغلته فرآه قد شهر سيفه فقال يا عباس اصعد هذا الظرب و ناد يا أصحاب البقرة و يا أصحاب الشجرة إلى أين تفرون هذا رسول الله ثم رفع رسول الله ص يده فقال اللهم لك الحمد و إليك المشتكى و أنت المستعان فنزل جبرئيل فقال يا رسول الله دعوت بما دعا به موسى حيث فلق له البحر و نجاه من فرعون ثم قال رسول الله ص لأبي سفيان بن الحارث ناولني كفا من حصى فناوله فرماه في وجوه المشركين ثم قال شاهت الوجوه ثم رفع رأسه إلى السماء و قال اللهم إن تهلك هذه العصابة لم تعبد و إن شئت أن لا تعبد لا تعبد فلما سمعت الأنصار نداء العباس عطفوا و كسروا جفون سيوفهم و هم يقولون لبيك و مروا برسول الله ص و استحيوا أن يرجعوا إليه و لحقوا بالراية فقال رسول الله للعباس من هؤلاء يا أبا الفضل فقال يا رسول الله هؤلاء الأنصار فقال رسول الله ص الآن حمي الوطيس و نزل النصر من السماء و انهزمت هوازن و كانوا يسمعون قعقعة السلاح في الجو و انهزموا في كل وجه و غنم الله رسوله أموالهم و نساءهم و ذراريهم و هو قول الله تعالى لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ

 و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَ عَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا و هو القتل وَ ذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ قال و قال رجل من بني نضر بن معاوية يقال له شجرة بن ربيعة للمؤمنين و هو أسير في أيديهم أين الخيل البلق و الرجال عليهم الثياب البيض فإنما كان قتلنا بأيديهم و ما كنا نراكم فيهم إلا كهيئة الشامة قالوا تلك الملائكة

 بيان أوطاس موضع على ثلاث مراحل من مكة و الحزن ما غلظ من الأرض و الضرس بالكسر الأكمة الخشنة و الدهس بالفتح المكان السهل اللين و الرغاء بالضم صوت البعير و الثغاء بالفتح صوت الشاة و المعز و ما شاكلهما و بيضة القوم مجتمعهم و موضع سلطانهم و يقال لا يلوي أحد على أحد أي لا يلتفت و لا يعطف عليه و قوله و كبر علمك أي ضعف علمك و أصابه ضعف الكبر و في بعض النسخ و ساخ علمك أي غار و في مجمع البيان و ذهب علمك و قال الجزري فيه ليتني فيها جذعا أي ليتني كنت شابا عند ظهور النبوة حتى أبالغ في نصرتها و قال الجوهري الخبب ضرب من العدو تقول خب الفرس يخب خبا و خبيبا إذا راوح بين يديه و رجليه و أخبه صاحبه و قال وضع البعير و غيره أسرع في سيره و قال دريد

يا ليتني فيها جذع أخب فيها و أضع

. و قال الفيروزآبادي الزمع محركة شبه الرعدة تأخذ الإنسان و الدهش و الخوف و قال الصدع محركة من الأوعال و الظباء و الحمر و الإبل الفتى الشاب القوي و تسكن الدال و الغبش محركة بقية الليل أو ظلمة آخره و الكتائب جمع كتيبة و هي الجيش و الظرب ككتف الجبل المنبسط أو الصغير

2-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن الحسن بن موسى بن خلف عن جعفر بن محمد بن فضل عن عبد الله بن موسى العبسي عن طلحة بن خير المكي عن المطلب بن عبد الله عن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال لما افتتح النبي ص مكة انصرف إلى الطائف يعني إلى حنين فحاصرهم ثم إلى عشرة أو سبع عشرة فلم يفتحها ثم أوغل روحة أو غدوة ثم نزل ثم هجر فقال أيها الناس إني لكم فرط و إن موعدكم الحوض و أوصيكم بعترتي خيرا ثم قال و الذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة و لتؤتن الزكاة أو لأبعثن إليكم رجلا مني أو كنفسي فليضربن أعناق مقاتليكم و ليسبين ذراريكم فرأى أناس أنه يعني أبا بكر أو عمر فأخذ بيد علي ع فقال هو هذا قال المطلب بن عبد الله فقلت لمصعب بن عبد الرحمن فما حمل أباك على ما صنع قال أنا و الله أعجب من ذلك

 و أخبرنا جماعة عن أبي المفضل عن محمد بن إسحاق بن فروخ عن محمد بن عثمان بن كرامة في مسند عبيد الله بن موسى قال و حدثني محمد بن أحمد بن عبد الله بن صفوة الضرير و كتبه من أصل كتابه عن يوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي عن عبيد الله بن موسى عن علي بن خير عن المطلب بن عبد الله عن مصعب عن أبيه و ذكر نحوه

3-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن إبراهيم بن حفص العسكري عن عبيد بن الهيثم عن عباد بن صهيب الكلبي عن جعفر بن محمد عن أبيه ع عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال لما أوقع و ربما قال فزع رسول الله ص من هوازن سار حتى نزل الطائف فحصر أهل وج أياما فسأله القوم أن يبرح عنهم ليقدم عليه وفدهم فيشترط له و يشترطون لأنفسهم فسار ص حتى نزل مكة فقدم عليه نفر منهم بإسلام قومهم و لم يبخع القوم له بالصلاة و لا الزكاة فقال ص إنه لا خير في دين لا ركوع فيه و لا سجود أما و الذي نفسي بيده ليقيمن الصلاة و ليؤتن الزكاة أو لأبعثن إليهم رجلا هو مني كنفسي فليضرب أعناق مقاتليهم و ليسبين ذراريهم هو هذا و أخذ بيد علي ع فأشالها فلما صار القوم إلى قومهم بالطائف أخبروهم بما سمعوا من رسول الله ص فأقروا له بالصلاة و أقروا له بما شرط عليهم فقال ص ما استعصى علي أهل مملكة و لا أمة إلا رميتهم بسهم الله عز و جل قالوا يا رسول الله و ما سهم الله قال علي بن أبي طالب ما بعثته في سرية إلا رأيت جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره و ملكا أمامه و سحابة تظله حتى يعطي الله عز و جل حبيبي النصر و الظفر

 بيان قال الجوهري بخع بالحق بخوعا أقر به و خضع له

  -4  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة قال ما كان أحد أبغض إلي من محمد و كيف لا يكون و قد قتل منا ثمانية كل منهم يحمل اللواء فلما فتح مكة آيست مما كنت أتمناه من قتله و قلت في نفسي قد دخلت العرب في دينه فمتى أدرك ثاري منه فلما اجتمعت هوازن بحنين قصدتهم لآخذ منه غرة فأقتله و دبرت في نفسي كيف أصنع فلما انهزم الناس و بقي محمد وحده و النفر الذين معه جئت من ورائه و رفعت السيف حتى إذا كدت أحطه غشي فؤادي فلم أطق ذلك فعلمت أنه ممنوع

 و روي أنه قال رفع إلي شواظ من نار حتى كاد أن يمحيني ثم التفت إلي محمد فقال لي ادن يا شيبة فقاتل و وضع يده في صدري فصار أحب الناس إلي و تقدمت و قاتلت بين يديه فلو عرض لي أبي لقتلته في نصرة رسول الله فلما انقضى القتال دخلنا على رسول الله ص فقال لي الذي أراد الله بك خير مما أردته لنفسك و حدثني بجميع ما رويته في نفسي فقلت ما اطلع على هذا إلا الله و أسلمت

 بيان قوله أن يمحيني أي يبطلني و يذهب بأثري يقال محاه يمحوه محوا و يمحيه محيا و يمحاه و في بعض النسخ يحمسني بالحاء المهملة أي يقليني و يحرقني و هو أظهر و في بعضها يمحشني كما سيأتي

5-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أنه لما حاصر النبي ص أهل الطائف قال عتبة بن الحصين ائذن لي حتى آتي حصن الطائف فأكلمهم فأذن رسول الله ص فجاءهم فقال أدنو منكم و أنا آمن قالوا نعم و عرفه أبو محجن فقال ادن فدخل عليهم فقال فداكم أبي و أمي لقد سرني ما رأيت منكم و ما في العرب أحد غيركم و الله ما في محمد مثلكم و لقد قل المقام و طعامكم كثير و ماؤكم وافر لا تخافون قطعه فلما خرج قال ثقيف لأبي محجن فإنا قد كرهنا دخوله و خشينا أن يخبر محمدا بخلل إن رآه فينا أو في حصننا فقال أبو محجن أنا كنت أعرف به ليس أحد منا أشد على محمد منه و إن كان معه فلما رجع إلى رسول الله ص قال قلت لهم ادخلوا في الإسلام فو الله لا يبرح محمد من عقر داركم حتى تنزلوا فخذوا لأنفسكم أمانا فخذلتهم ما استطعت فقال له رسول الله ص لقد كذبت لقد قلت لهم كذا و كذا و عاتبه جماعة من الصحابة قال أستغفر الله و أتوب إليه و لا أعود أبدا

 بيان عقر الدار بالضم وسطها و أصلها و قد يفتح.

 6-  شا، ]الإرشاد[ ثم كانت غزاة حنين حين استظهر رسول الله فيها بكثرة الجمع فخرج ص متوجها إلى القوم في عشرة آلاف من المسلمين فظن أكثرهم أنهم لم يغلبوا لما شاهدوه من جمعهم و كثرة عدتهم و سلاحهم و أعجب أبا بكر الكثرة يومئذ فقال لن نغلب اليوم من قلة و كان الأمر في ذلك بخلاف ما ظنوا و عانهم أبو بكر بعجبه بهم فلما التقوا مع المشركين لم يلبثوا حتى انهزموا بأجمعهم و لم يبق منهم مع النبي ص إلا عشرة أنفس تسعة من بني هاشم خاصة و عاشرهم أيمن ابن أم أيمن فقتل أيمن رحمة الله عليه و ثبتت التسعة الهاشميون حتى ثاب إلى رسول الله ص من كان انهزم فرجعوا أولا فأولا حتى تلاحقوا و كانت لهم الكرة على المشركين و في ذلك أنزل الله تعالى و في إعجاب أبي بكر بالكثرة وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ يعني أمير المؤمنين عليا ع و من ثبت معه من بني هاشم و هم يومئذ ثمانية أمير المؤمنين ع تاسعهم العباس بن عبد المطلب عن يمين رسول الله ص و الفضل بن العباس عن يساره و أبو سفيان بن الحارث ممسك بسرجه عند نفر بغلته و أمير المؤمنين ع بين يديه يضرب بالسيف و نوفل بن الحارث و ربيعة بن الحارث و عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب و عتبة و معتب ابنا أبي لهب حوله و قد ولت الكافة مدبرين سوى من ذكرناه و في ذلك يقول مالك بن عبادة الغافقي

لم يواس النبي غير بني هاشم عند السيوف يوم حنين‏هرب الناس غير تسعة رهط فهم يهتفون بالناس أين‏ثم قاموا مع النبي على الموت فآتوا زينا لنا غير شين‏و سوى أيمن الأمين من القوم شهيدا فاعتاض قرة عين.

 و قال العباس بن عبد المطلب في هذا المقام

نصرنا رسول الله في الحرب تسعة و قد فر من قد فر عنه فأقشعواو قولي إذا ما الفضل شد بسيفه على القوم أخرى يا بني ليرجعواو عاشرنا لاقى الحمام بنفسه لما ناله في الله لم يتوجع

. يعني به أيمن ابن أم أيمن رحمه الله و لما رأى رسول الله ص هزيمة القوم عنه قال للعباس و كان رجلا جهوريا صيتا ناد بالقوم و ذكرهم العهد فنادى العباس بأعلى صوته يا أهل بيعة الشجرة يا أصحاب سورة البقرة إلى أين تفرون اذكروا العهد الذي عاهدتم عليه رسول الله ص و القوم على وجوههم قد ولوا مدبرين و كانت ليلة ظلماء و رسول الله ص في الوادي و المشركون قد خرجوا عليه من شعاب الوادي و جنباته و مضايقه مصلتين سيوفهم و عمدهم و قسيهم قال فنظر رسول الله ص إلى الناس ببعض وجهه في الظلماء فأضاء كأنه القمر ليلة البدر ثم نادى المسلمين أين ما عاهدتم الله عليه فأسمع أولهم و آخرهم فلم يسمعها رجل إلا رمى بنفسه إلى الأرض فانحدروا إلى حيث كانوا من الوادي حتى لحقوا بالعدو فقاتلوه. قال و أقبل رجل من هوازن على جمل أحمر بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام القوم إذا أدرك ظفرا من المسلمين أكب عليهم و إذا فاته الناس رفعه لمن وراءه من المشركين فاتبعوه و هو يرتجز و يقول

أنا أبو جرول لا براح حتى نبيح القوم أو نباح.

 فصمد له أمير المؤمنين ع فضرب عجز بعيره فصرعه ثم ضربه فقطره ثم قال

قد علم القوم لدى الصباح أني في الهيجاء ذو نصاح

. فكانت هزيمة المشركين بقتل أبي جرول لعنه الله ثم التأم الناس و صفوا للعدو فقال رسول الله ص اللهم إنك أذقت أول قريش نكالا فأذق آخرها نوالا و تجالد المسلمون و المشركون فلما رآهم النبي ص قام في ركابي سرجه حتى أشرف على جماعتهم ثم قال الآن حمي الوطيس.

أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب.

 فما كان بأسرع من أن ولى القوم أدبارهم و جي‏ء بالأسرى إلى رسول الله ص مكتفين و لما قتل أمير المؤمنين ع أبا جرول و خذل القوم بقتله وضع القوم سيوفهم فيهم و أمير المؤمنين ع يقدمهم حتى قتل بنفسه أربعين رجلا من القوم ثم كانت الهزيمة و الأسر حينئذ و كان أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية في هذه الغزاة فانهزم في جملة من انهزم من المسلمين و روي عن معاوية بن أبي سفيان أنه قال لقيت أبي منهزما مع بني أمية من أهل مكة فصحت به يا ابن حرب و الله ما صبرت من ابن عمك و لا قاتلت عن دينك و لا كففت هؤلاء الأعراب عن حريمك فقال من أنت قلت معاوية قال ابن هند قلت نعم قال بأبي و أمي ثم وقف و اجتمع معه الناس من أهل مكة و انضمت إليهم ثم حملنا على القوم فضعضعناهم و ما زال المسلمون يقتلون المشركين و يأسرون منهم حتى ارتفع النهار فأمر رسول الله ص بالكف و نادى أن لا يقتل أسير من القوم و كانت هذيل بعث رسولا يقال له ابن الأكوع أيام الفتح عينا على النبي ص حتى علم علمه فجاء إلى هذيل بخبره و أسر يوم حنين فمر به عمر بن الخطاب فلما رآه أقبل على رجل من الأنصار و قال هذا عدو الله الذي كان علينا عينا ها هو أسير فاقتله فضرب الأنصاري عنقه و بلغ ذلك النبي ص فكره ذلك و قال أ لم آمركم أن لا تقتلوا أسيرا و قتل بعده جميل بن معمر بن زهير و هو أسير فبعث رسول الله ص إلى الأنصار و هو مغضب فقال ما حملكم على قتله و قد جاءكم الرسول أن لا تقتلوا أسيرا فقالوا إنما قتلناه بقول عمر فأعرض رسول الله ص حتى كلمه عمير بن وهب في الصفح عن ذلك و قسم رسول الله ص غنائم حنين في قريش خاصة و أجزل القسم للمؤلفة قلوبهم كأبي سفيان صخر بن حرب و عكرمة بن أبي جهل و صفوان بن أمية و الحارث بن هشام و سهيل بن عمرو و زهير بن أبي أمية و عبد الله بن أبي أمية و معاوية بن أبي سفيان و هشام بن المغيرة و الأقرع بن حابس و عيينة بن حصن في أمثالهم و قيل إنه جعل للأنصار شيئا يسيرا و أعطى الجمهور لمن سميناه فغضب قوم من الأنصار لذلك و بلغ رسول الله ص عنهم مقال أسخطه فنادى فيهم فاجتمعوا و قال لهم اجلسوا و لا يقعد معكم أحد من غيركم فلما قعدوا جاء النبي ص يتبعه أمير المؤمنين صلوات الله عليهما حتى جلس وسطهم و قال لهم إني سائلكم عن أمر فأجيبوني عنه فقالوا قل يا رسول الله قال أ لستم كنتم ضالين فهداكم الله بي فقالوا بلى فلله المنة و لرسوله قال أ لم تكونوا على شفا حفرة من النار فأنقذكم الله بي قالوا بلى فلله المنة و لرسوله قال أ لم تكونوا قليلا فكثركم الله بي قالوا بلى فلله المنة و لرسوله قال أ لم تكونوا أعداء فألف الله بين قلوبكم بي قالوا بلى فلله المنة و لرسوله ثم سكت النبي ص هنيئة ثم قال أ لا تجيبوني بما عندكم قالوا بم نجيبك فداؤك آباؤنا و أمهاتنا قد أجبناك بأن لك الفضل و المن و الطول علينا قال أما لو شئتم لقلتم و أنت قد كنت جئتنا طريدا فآويناك و جئتنا خائفا فآمناك و جئتنا مكذبا فصدقناك فارتفعت أصواتهم بالبكاء و قام شيوخهم و ساداتهم إليه فقبلوا يديه و رجليه ثم قالوا رضينا بالله و عنه و برسوله و عنه و هذه أموالنا بين يديك فإن شئت فاقسمها على قومك و إنما قال من قال منا على غير وغر صدر و غل في قلب و لكنهم ظنوا سخطا عليهم و تقصيرا لهم و قد استغفروا الله من ذنوبهم فاستغفر لهم يا رسول الله فقال النبي ص اللهم اغفر للأنصار و لأبناء الأنصار و لأبناء أبناء الأنصار يا معشر الأنصار أ ما ترضون أن يرجع غيركم بالشاء و النعم و ترجعون أنتم و في سهمكم رسول الله قالوا بلى رضينا قال النبي ص حينئذ الأنصار كرشي و عيبتي لو سلك الناس واديا و سلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار اللهم اغفر للأنصار. و قد كان رسول الله ص أعطى العباس بن مرداس أربعا من الإبل فسخطها و أنشأ يقول

أ تجعل نهبي و نهب العبيد بين عيينة و الأقرع‏فما كان حصن و لا حابس يفوقان شيخي في المجمع‏و ما كنت دون امرئ منهما و من تضع اليوم لم يرفع.

 فبلغ النبي ص قوله فاستحضره و قال له أنت القائل أ تجعل نهبي و نهب العبيد بين الأقرع و عينية فقال له أبو بكر بأبي أنت و أمي لست بشاعر فقال و كيف قال قال بين عينية و الأقرع فقال رسول الله ص لأمير المؤمنين ع قم يا علي و اقطع لسانه قال فقال العباس بن مرداس و الله لهذه الكلمة كانت أشد علي من يوم خثعم حين أتونا في ديارنا فأخذ بيدي علي بن أبي طالب ع فانطلق بي و لو أدري أن أحدا يخلصني منه لدعوته فقلت يا علي إنك لقاطع لساني قال إني لممض فيك ما أمرت قال ثم مضى بي فقلت يا علي إنك لقاطع لساني قال إني لممض فيك ما أمرت قال فما زال بي حتى أدخلني الحظائر فقال لي اعقل ما بين أربع إلى مائة قال فقلت بأبي أنت و أمي ما أكرمكم و أحلمكم و أعلمكم قال فقال إن رسول الله ص أعطاك أربعا و جعلك مع المهاجرين فإن شئت فخذها و إن شئت فخذ المائة و كن مع أهل المائة قال قلت أشر علي قال فإني آمرك أن تأخذ ما أعطاك رسول الله ص و ترضى قلت فإني أفعل و لما قسم رسول الله ص غنائم حنين أقبل رجل طويل آدم أحنى بين عينيه أثر السجود فسلم و لم يخص النبي ص ثم قال قد رأيتك و ما صنعت في هذه الغنائم قال و كيف رأيت قال لم أرك عدلت فغضب رسول الله ص و قال ويلك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون فقال المسلمون أ لا نقتله قال دعوه فإنه سيكون له أتباع يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يقتلهم الله على يد أحب الخلق إليه من بعدي فقتله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فيمن قتل يوم النهروان من الخوارج. بيان عانه يعينه عينا أصابه بالعين و أقشع الريح السحاب كشفته فأقشع و انقشع و قولي مبتدأ و أخرى خبره أي أحمل حملة أخرى و الجملة حالية أو التقدير كان قولي و الحمام ككتاب الموت أو قدره و في النهاية جهوري أي شديد عال و الواو زائدة قوله يا أصحاب سورة البقرة كأنه وبخهم بذلك لقوله تعالى فيها فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ أو لاختتامها بقوله فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ أو لاشتمالها على آيات الجهاد كقوله تعالى وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ و قوله وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ كما ورد في أخبار العامة هذا مقام الذي أنزل عليه سورة البقرة و قالوا حضها لأن معظم أحكام المناسك فيها سيما ما يتعلق بوقت الرمي انتهى أو لأن أكثر آيات النفاق و ذم المنافقين فيها أو لأنها أول سورة ذكر فيها قصة مخالفة بني إسرائيل موسى بعبادة العجل و ترك دخول باب حطة و الجهاد مع

  العمالقة أو أراد جماعة حفظوا سورة البقرة تعريضا بأنه لا يناسب حالهم تلك فعلهم ذلك هذه الوجوه خطر بالبال في ذلك و في أكثر روايات المخالفين يا أصحاب السمرة فقط و هي الشجرة التي بايعوا تحتها بيعة الرضوان و يقال طعنه فقطره تقطيرا أي ألقاه على أحد قطريه و هما جانباه فتقطر أي سقط. و قال الجزري في حديث حنين الآن حمي الوطيس الوطيس التنور و هو كناية عن شدة الأمر و اضطرام الحرب و يقال إن هذه الكلمة أول من قالها النبي ص لما اشتد البأس يومئذ و لم تسمع قبله و هي من أحسن الاستعارات و قال في موضع آخر الوطيس شبه التنور و قيل هو الضراب في الحرب و قيل هو الوطء الذي يطس الناس أي يدقهم و قال الأصمعي هو حجارة مدورة إذا حميت لم يقدر أحد أن يطأها عبر به عن اشتباك الحرب و قيامها على ساق و قال فيه الأنصار كرشي و عيبتي أراد أنهم بطانته و موضع سره و أمانته و الذين يعتمد عليهم في أموره و استعار الكرش و العيبة لذلك لأن المجتر يجمع علفه في كرشه و الرجل يضع ثيابه في عيبته و قيل أراد بالكرش الجماعة أي جماعتي و صحابتي يقال عليه كرش من الناس أي جماعة. و قال الفيروزآبادي الكرش بالكسر و ككتف لكل مجتر بمنزلة المعدة للإنسان قوله ص بين الأقرع و عيينة لعله ص إنما تعمد ذلك لئلا يجري على لسانه الشعر فلم يفهم أبو بكر و الآدم من الناس الأسمر. أقول زاد الطبرسي رحمه الله بعد قوله ص لسلكت شعب الأنصار و لو لا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار و ساق القصة نحوه في التفسير.

 7-  شا، ]الإرشاد[ لما فض الله تعالى جمع المشركين بحنين تفرقوا فرقتين فأخذت الأعراب و من تبعهم إلى أوطاس و أخذت ثقيف و من تبعها إلى الطائف فبعث النبي ص أبا عامر الأشعري إلى أوطاس في جماعة منهم أبو موسى الأشعري و بعث أبا سفيان صخرا إلى الطائف فأما أبو عامر فإنه تقدم بالراية و قاتل حتى قتل دونها فقال المسلمون لأبي موسى أنت ابن عم الأمير و قد قتل فخذ الراية حتى نقاتل دونها فأخذها أبو موسى فقاتل المسلمون حتى فتح الله عليهم و أما أبو سفيان فإنه لقيته ثقيف فضربوه على وجهه فانهزم و رجع إلى النبي ص فقال بعثتني مع قوم لا يرفع بهم الدلاء من هذيل و الأعراب فما أغنوا عني شيئا فسكت النبي ص عنه ثم سار بنفسه إلى الطائف فحاصرهم أياما و أنفذ أمير المؤمنين ع في خيل و أمره أن يطأ ما وجده و يكسر كل صنم وجده فخرج حتى لقيته خيل خثعم في جمع كثير فبرز لهم رجل من القوم يقال له شهاب في غبش الصبح فقال هل من مبارز فقال أمير المؤمنين ع من له فلم يقم إليه أحد فقام إليه أمير المؤمنين ع فوثب أبو العاص بن الربيع زوج بنت النبي ص فقال تكفاه أيها الأمير فقال لا و لكن إن قتلت فأنت على الناس

فبرز إليه أمير المؤمنين صلوات الله و سلامه عليه و هو يقول

إن على كل رئيس حقا أن يروي الصعدة أو يدقا.

 ثم ضربه و قتله و مضى في تلك الخيل حتى كسر الأصنام و عاد إلى رسول الله ص و هو محاصر أهل الطائف فلما رآه النبي ص كبر للفتح و أخذ بيده فخلا به و ناجاه طويلا

 فروى عبد الرحمن بن سيابة و الأجلح جميعا عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله ص لما خلى بعلي ع يوم الطائف أتاه عمر بن الخطاب فقال أ تناجيه دوننا و تخلو به دوننا فقال يا عمر ما أنا انتجيته بل الله انتجاه قال فأعرض عمر و هو يقول هذا كما قلت لنا قبل الحديبية لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين فلم ندخله و صددنا عنه فناداه النبي ص لم أقل لكم إنكم تدخلونه في ذلك العام

ثم خرج من حصن الطائف نافع بن غيلان بن معتب في خيل من ثقيف فلقيه أمير المؤمنين ع ببطن وج فقتله و انهزم المشركون و لحق القوم الرعب فنزل منهم جماعة إلى النبي ص فأسلموا و كان حصار النبي ص للطائف بضعة عشر يوما. توضيح قال الجزري في حديث الأحنف

إن على كل رئيس حقا أن يخضب الصعدة أو تندقا.

 الصعدة القناة التي تنبت مستقيمة و وج بالتشديد اسم بلد بالطائف

8-  شي، ]تفسير العياشي[ عن سماعة عن أبي عبد الله أو أبي الحسن ع قال ذكر أحدهما أن رجلا دخل على رسول الله ص يوم غنيمة حنين و كان يعطي المؤلفة قلوبهم يعطي الرجل منهم مائة راحلة و نحو ذلك و قسم رسول الله ص حيث أمر فأتاه ذلك الرجل قد أزاغ الله قلبه و ران عليه فقال له ما عدلت حين قسمت فقال له رسول الله ص ويلك ما تقول أ لا ترى قسمت الشاة حتى لم يبق معي شاة أ و لم أقسم البقر حتى لم يبق معي بقرة واحدة أ و لم أقسم الإبل حتى لم يبق معي بعير واحد فقال بعض أصحابه له اتركنا يا رسول الله حتى نضرب عنق هذا الخبيث فقال لا هذا يخرج في قوم يقرءون القرآن لا يجوز تراقيهم بلى قاتلهم غيري

 9-  عم، ]إعلام الورى[ كان سبب غزوة حنين أن هوازن جمعت له جمعا كثيرا فذكر لرسول الله ص أن صفوان بن أمية عنده مائة درع فسأله ذلك فقال أ غصبا يا محمد قال لا و لكن عارية مضمونة قال لا بأس بهذا فأعطاه فخرج رسول الله ص في ألفين من مكة و عشرة آلاف كانوا معه فقال أحد أصحابه لن نغلب اليوم من قلة فشق ذلك على رسول الله ص فأنزل الله سبحانه وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ الآية. و أقبل مالك بن عوف النصري فيمن معه من قبائل قيس و ثقيف فبعث رسول الله عبد الله بن أبي حدرد عينا فسمع ابن عوف يقول يا معشر هوازن إنكم أحد العرب و أعده و إن هذا الرجل لم يلق قوما يصدقونه القتال فإذا لقيتموه فاكسروا جفون سيوفكم و احملوا عليه حملة رجل واحد فأتى ابن أبي حدرد رسول الله ص فأخبره فقال عمر أ لا تسمع يا رسول الله ما يقول ابن أبي حدرد فقال قد كنت ضالا فهداك الله يا عمر و ابن أبي حدرد صادق.

 قال الصادق ع و كان مع هوازن دريد بن صحة خرجوا به شيخا كبيرا يتيمنون برأيه فلما نزلوا بأوطاس قال نعم مجال الخيل لا حزن ضرس و لا سهل دهس ما لي أسمع رغاء البعير و نهاق الحمير و بكاء الصغير قالوا ساق مالك بن عوف مع الناس أموالهم و نساءهم و ذراريهم قال فأين مالك فدعي مالك له فأتاه فقال يا مالك أصبحت رئيس قومك و إن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام ما لي أسمع رغاء البعير و نهاق الحمير و بكاء الصغير و ثغاء الشاء قال أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله و ماله ليقاتل عنهم قال ويحك لم تصنع شيئا قدمت بيضة هوازن في نحور الخيل و هل يرد وجه المنهزم شي‏ء إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه و رمحه و إن كانت عليك فضحت في أهلك و مالك قال إنك قد كبرت و كبر عقلك فقال دريد إن كنت قد كبرت فتورث غدا قومك ذلا بتقصير رأيك و عقلك هذا يوم لم أشهده و لم أغب عنه ثم قال حرب عوان

يا ليتني فيها جذع أخب فيها و أضع.

 قال جابر فسرنا حتى إذا استقبلنا وادي حنين كان القوم قد كمنوا في شعاب الوادي و مضايقه فما راعنا إلا كتائب الرجال بأيديها السيوف و العمد و القنى فشدوا علينا شدة رجل واحد فانهزم الناس راجعين لا يلوي أحد على أحد و أخذ رسول الله ص ذات اليمين و أحدق ببغلته تسعة من بني عبد المطلب و أقبل مالك بن عوف يقول أروني محمدا فأروه فحمل على رسول الله ص و كان رجلا أهوج فلقيه رجل من المسلمين فالتقيا فقتله مالك و قيل إنه أيمن ابن أم أيمن ثم أقدم فرسه فأبى أن يقدم نحو رسول الله ص و صاح كلدة بن الحنبل و هو أخو صفوان بن أمية لأمه و صفوان يومئذ مشرك ألا بطل السحر اليوم فقال صفوان اسكت فض الله فاك فو الله لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن. قال محمد بن إسحاق و قال شيبة بن عثمان بن أبي طلحة أخو بني عبد الدار اليوم أدرك ثاري و كان أبوه قتل يوم أحد اليوم أقتل محمدا قال فأدرت برسول الله لأقتله فأقبل شي‏ء حتى تغشى فؤادي فلم أطق ذلك فعرفت أنه ممنوع. و روى عكرمة عن شيبة قال لما رأيت رسول الله ص يوم حنين قد عري ذكرت أبي و عمي و قتل علي و حمزة إياهما فقلت أدرك ثاري اليوم من محمد فذهبت لأجيئه عن يمينه فإذا أنا بالعباس بن عبد المطلب قائما عليه درع بيضاء كأنها فضة يكشف عنها العجاج فقلت عمه و لن يخذله ثم جئته عن يساره فإذا أنا بأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب فقلت ابن عمه و لن يخذله ثم جئته من خلفه فلم يبق إلا أن أسوره سورة بالسيف إذ رفع لي شواظ من نار بيني و بينه كأنه برق فخفت أن يمحشني فوضعت يدي على بصري و مشيت القهقرى و التفت رسول الله ص و قال يا شيب يا شيب ادن مني اللهم أذهب عنه الشيطان قال فرفعت إليه بصري و لهو أحب إلي من سمعي و بصري و قال يا شيب قاتل الكفار. و عن موسى بن عقبة قال قام رسول الله ص في الركابين و هو على البغلة فرفع يديه إلى الله يدعو و يقول اللهم إني أنشدك ما وعدتني اللهم لا ينبغي لهم أن يظهروا علينا و نادى أصحابه و ذمرهم يا أصحاب البيعة يوم الحديبية الله الله الكرة على نبيكم و قيل إنه قال يا أنصار الله و أنصار رسوله يا بني الخزرج و أمر العباس بن عبد المطلب فنادى في القوم بذلك فأقبل إليه أصحابه سراعا يبتدرون. و روي أنه ص قال الآن حمي الوطيس

أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب

 قال سلمة بن الأكوع و نزل رسول الله ص عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب ثم استقبل به وجوههم و قال شاهت الوجوه فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينه ترابا بتلك القبضة فولوا مدبرين و اتبعهم المسلمون فقتلوهم و غنمهم الله نساءهم و ذراريهم و شاءهم و أموالهم و فر مالك بن عوف حتى دخل حصن الطائف في ناس من أشراف قومه و أسلم عند ذلك كثير من أهل مكة حين رأوا نصر الله و إعزاز دينه.

 قال أبان و حدثني محمد بن الحسن بن زياد عن أبي عبد الله ع قال سبى رسول الله ص يوم حنين أربعة آلاف رأس و اثني عشر ألف ناقة سوى ما لا يعلم من الغنائم و خلف رسول الله ص الأنفال و الأموال و السبايا بالجعرانة و افترق المشركون فرقتين فأخذت الأعراب و من تبعهم أوطاس و أخذت ثقيف و من تبعهم الطائف و بعث رسول الله ص أبا عامر الأشعري إلى أوطاس فقاتل حتى قتل فأخذ الراية أبو موسى الأشعري و هو ابن عمه فقاتل بها حتى فتح عليه.

ثم كانت غزوة الطائف سار رسول الله ص إلى الطائف في شوال سنة ثمان فحاصرهم بضعة عشر يوما و خرج نافع بن غيلان بن معتب في خيل من ثقيف فلقيه علي ص في خيله فالتقوا ببطن وج فقتله علي ع و انهزم المشركون و نزل من حصن الطائف إلى رسول الله ص جماعة من أرقائهم منهم أبو بكرة و كان عبدا للحارث بن كلدة و المنبعث و كان اسمه المضطجع فسماه رسول الله ص المنبعث و وردان و كان عبدا لعبد الله بن ربيعة فأسلموا فلما قدم وفد الطائف على رسول الله فأسلموا قالوا يا رسول الله رد علينا رقيقنا الذين أتوك فقال لا أولئك عتقاء الله. و ذكر الواقدي عن شيوخه قال شاور رسول الله ص أصحابه في حصن الطائف فقال له سلمان الفارسي يا رسول الله أرى أن تنصب المنجنيق على حصنهم فأمر رسول الله ص فعمل منجنيق و يقال قدم بالمنجنيق يزيد بن زمعة و دبابتين و يقال خالد بن سعيد فأرسل عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار فأحرقت الدبابة فأمر رسول الله بقطع أعنابهم و تحريقها فنادى سفيان بن عبد الله الثقفي لم تقطع أموالنا إما أن تأخذها إن ظهرت علينا و إما أن تدعها لله و الرحم فقال رسول الله ص فإني أدعها لله و الرحم فتركها. و أنفذ رسول الله ص عليا في خيل عند محاصرته أهل الطائف و أمر أن يكسر كل صنم وجده فخرج فلقيته جمع كثير من خثعم فبرز له رجل من القوم و قال هل من مبارز فلم يقم أحد فقام إليه علي ع فوثب أبو العاص بن الربيع زوج بنت النبي ص فقال تكفاه أيها الأمير فقال لا و لكن إن قتلت فأنت على الناس

فبرز إليه علي ع و هو يقول

إن على كل رئيس حقا أن تروي الصعدة أو تندقا.

 ثم ضربه فقتله و مضى حتى كسر الأصنام و انصرف إلى رسول الله ص و هو بعد محاصر لأهل الطائف ينتظره فلما رآه كبر و أخذ بيده و خلا به.

 فروى جابر بن عبد الله قال لما خلا رسول الله ص بعلي بن أبي طالب ع يوم الطائف أتاه عمر بن الخطاب فقال أ تناجيه دوننا و تخلو به دوننا فقال يا عمر ما أنا انتجيته بل الله انتجاه قال فأعرض و هو يقول هذا كما قلت لنا يوم الحديبية لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ فلم ندخله و صددنا عنه فناداه ص لم أقل لكم إنكم تدخلونه ذلك العام.

قال فلما قدم علي فكأنما كان رسول الله ص على وجل فارتحل فنادى سعيد بن عبيد ألا أن الحي مقيم فقال لا أقمت و لا ظعنت فسقط فانكسر فخذه و عن محمد بن إسحاق قال حاصر رسول الله ص أهل الطائف ثلاثين ليلة أو قريبا من ذلك ثم انصرف عنهم و لم يؤذن فيهم فجاءه وفده في شهر رمضان فأسلموا. ثم رجع رسول الله إلى الجعرانة بمن معه من الناس و قسم بها ما أصاب من الغنائم يوم حنين في المؤلفة قلوبهم من قريش و من سائر العرب و لم يكن في الأنصار منها شي‏ء قليل و لا كثير قيل إنه جعل للأنصار شيئا يسيرا و أعطى الجمهور للمتألفين قال محمد بن إسحاق و أعطى أبا سفيان بن حرب مائة بعير و معاوية ابنه مائة بعير و حكيم بن حزام من بني أسد بن عبد العزى مائة بعير و أعطى النضر بن الحارث بن كلدة مائة بعير و أعطى العلاء بن حارثة الثقفي حليف بني وهدة مائة بعير و أعطى الحارث بن هشام من بني مخزوم مائة و جبير بن مطعم من بني نوفل بن عبد مناف مائة و مالك بن عوف النصري مائة فهؤلاء أصحاب المائة و قيل إنه أعطى علقمة بن علاثة مائة و الأقرع بن حابس مائة و عيينة بن حصن مائة و أعطى العباس بن مرداس أربعا فتسخطها و أنشأ يقول

أ تجعل نهبي و نهب العبيد بين عيينة و الأقرع

 فما كان حصن و لا حابس يفوقان مرداس في مجمع‏و ما كنت دون امرئ منهما و من تضع اليوم لا يرفع‏و قد كنت في الحرب ذا تدرأ فلم أعط شيئا و لم أمنع

. فقال له رسول الله ص أنت القائل أ تجعل نهبي و نهب العبيد بين الأقرع و عيينة فقال أبو بكر بأبي أنت و أمي لست بشاعر قال كيف قال فأنشده أبو بكر فقال رسول الله ص يا علي قم إليه فاقطع لسانه قال عباس فو الله لهذه الكلمة كانت أشد علي من يوم خثعم فأخذ علي بيدي فانطلق بي و قلت يا علي إنك لقاطع لساني قال إني ممض فيك ما أمرت حتى أدخلني الحظائر فقال اعقل ما بين أربعة إلى مائة قال قلت بأبي أنتم و أمي ما أكرمكم و أحلمكم و أجملكم و أعلمكم فقال لي إن رسول الله ص أعطاك أربعا و جعلك مع المهاجرين فإن شئت فخذها و إن شئت فخذ المائة و كن مع أهل المائة فقال فقلت لعلي ع أشر أنت علي قال فإني آمرك أن تأخذ ما أعطاك و ترضى قال فإني أفعل. قال و غضب قوم من الأنصار لذلك و ظهر منهم كلام قبيح حتى قال قائلهم لقي الرجل أهله و بني عمه و نحن أصحاب كل كريهة. فلما رأى رسول الله ص ما دخل على الأنصار من ذلك أمرهم أن يقعدوا و لا يقعد معهم غيرهم ثم أتاهم شبه المغضب يتبعه علي ع حتى جلس وسطهم فقال أ لم آتكم و أنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم الله منها بي قالوا بلى و لله و لرسوله المن و الطول و الفضل علينا قال أ لم آتكم و أنتم أعداء فألف الله بين قلوبكم بي قالوا أجل ثم قال أ لم آتكم و أنتم قليل فكثركم الله بي و قال ما شاء الله أن يقول ثم سكت ثم قال أ لا تجيبوني قالوا بم نجيبك يا رسول الله فداك أبونا و أمنا لك المن و الفضل و الطول قال بل لو شئتم قلتم جئتنا طريدا مكذبا فآويناك و صدقناك و جئتنا خائفا فآمناك فارتفعت أصواتهم و قام إليه شيوخهم فقبلوا يديه و رجليه و ركبتيه ثم قالوا رضينا عن الله و عن رسوله و هذه أموالنا أيضا بين يديك فاقسمها بين قومك إن شئت فقال يا معشر الأنصار أ وجدتم في أنفسكم إذ قسمت مالا أتألف به قوما و وكلتم إلى إيمانكم أ ما ترضون أن يرجع غيركم بالشاء و النعم و رجعتم أنتم و رسول الله في سهمكم ثم قال ص الأنصار كرشي و عيبتي لو سلك الناس واديا و سلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار اللهم اغفر للأنصار و لأبناء الأنصار و لأبناء أبناء الأنصار قال و قد كان فيما سبي أخته بنت حليمة فلما قامت على رأسه قالت يا محمد أختك سبي بنت حليمة قال فنزع رسول الله ص برده فبسطه لها فأجلسها عليه ثم أكب عليها يسائلها و هي التي كانت تحضنه إذا كانت أمها ترضعه. و أدرك وفد هوازن رسول الله ص بالجعرانة و قد أسلموا فقالوا يا رسول الله لنا أصل و عشيرة و قد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامنن علينا من الله عليك و قام خطيبهم زهير بن صرد فقال يا رسول الله إنا لو ملحنا الحارث بن أبي شمر أو النعمان بن المنذر ثم ولي منا مثل الذي وليت لعاد علينا بفضله و عطفه و أنت خير المكفولين و إنما في الحظائر خالاتك و بنات خالاتك و حواضنك و بنات حواضنك اللاتي أرضعنك و لسنا نسألك مالا إنما نسألكهن و قد كان رسول الله قسم منهن ما شاء الله فلما كلمته أخته قال أما نصيبي و نصيب بني عبد المطلب فهو لك و أما ما كان للمسلمين فاستشفعي بي عليهم فلما صلوا الظهر قامت فتكلمت و تكلموا فوهب لها الناس أجمعون إلا الأقرع بن حابس و عيينة بن حصن فإنهما أبيا أن يهبا و قالوا يا رسول الله إن هؤلاء قوم قد أصابوا من نسائنا فنحن نصيب من نسائهم مثل ما أصابوا فأقرع رسول الله ص بينهم ثم قال اللهم توه سهميهما فأصاب أحدهما خادما لبني عقيل و أصاب الآخر خادما لبني نمير فلما رأيا ذلك وهبا ما منعا قال و لو لا أن النساء وقعن في القسمة لوهبهن لها كما وهب ما لم يقع في القسمة و لكنهن وقعن في أنصباء الناس فلم يأخذ منهم إلا بطيبة النفس.

 و روي أن رسول الله ص قال من أمسك منكم بحقه فله بكل إنسان ست فرائض من أول في‏ء يصيبه

فردوا إلى الناس نساءهم و أبناءهم قال و كلمته أخته في مالك بن عوف فقال إن جاءني فهو آمن فأتاه فرد عليه ماله و أعطاه مائة من الإبل.

 و روى الزهري عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري قال بينا نحن عند رسول الله و هو يقسم إذ أتاه ذو الخويصرة رجل من بني تميم فقال يا رسول الله اعدل فقال رسول الله ص ويلك من يعدل إن أنا لم أعدل و قد خبت أو خسرت إن أنا لم أعدل فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه فقال رسول الله ص دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته و صيامه مع صيامه يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شي‏ء ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شي‏ء ثم ينظر إلى نضيه و هو قدحه فلا يوجد فيه شي‏ء ثم ينظر في قذذه فلا يوجد فيه شي‏ء قد سبق الفرث و الدم آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر يخرجون على خير فرقة من الناس. قال أبو سعيد فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله ص و أشهد أن علي بن أبي طالب ع قاتلهم و أنا معه و أمر بذلك الرجل فالتمس فوجد فأتي به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله الذي نعت

رواه البخاري في الصحيح. قالوا ثم ركب رسول الله ص و اتبعه الناس يقولون يا رسول الله اقسم علينا فيئنا حتى ألجئوه إلى شجرة فانتزع عنه رداؤه فقال أيها الناس ردوا علي ردائي فو الذي نفسي بيده لو كان عندي عدد شجرتها نعما لقسمته عليكم ثم ما ألفيتموني بخيلا و لا جبانا ثم قام إلى جنب بعير و أخذ من سنامه و بره فجعلها بين إصبعيه فقال يا أيها الناس و الله ما لي من فيئكم هذه الوبر إلا الخمس و الخمس مردود عليكم فأدوا الخياط و المخيط فإن الغلول عار و نار و شنار على أهله يوم القيامة فجاءه رجل من الأنصار بكبة من خيوط شعر فقال يا رسول الله أخذت هذا لأخيط بها برذعة بعير لي فقال رسول الله ص أما حقي منها فلك فقال الرجل أما إذا بلغ الأمر هذا فلا حاجة لي بها و رمى بها من يده. ثم خرج رسول الله ص من الجعرانة في ذي القعدة إلى مكة فقضى بها عمرته ثم صدر إلى المدينة و خليفته على أهل مكة معاذ بن جبل و قال محمد بن إسحاق استخلف عتاب بن أسيد و خلف معه معاذا يفقه الناس في الدين و يعلمهم و حج بالناس في تلك السنة و هي سنة ثمان عتاب بن أسيد و أقام ص بالمدينة ما بين ذي الحجة إلى رجب. بيان قال الجوهري يقال صدقوهم القتال و يقال للرجل الشجاع و الفرس الجواد إنه لذو مصدق بالفتح أي صادق الحملة و صادق الجري كأنه ذو صدق فيما يعدك من ذلك. و في القاموس أبو حدرد الأسلمي صحابي و لم يجئ فعلع بتكرير العين غيره و الحدرد القصير كذا في التسهيل قوله ص قد كنت ضالا لعله كان يكذبه لكونه جديد الإسلام فقال ص أنت أيضا كنت كذلك و النهيق بالفتح و النهاق بالضم صوت الحمار لم أشهده و لم أغب عنه أي أنا حاضر بنفسي لكن لما لم يمكنني القتال فيه و لا تعملون برأيي فكأني غائب أو إني و إن لم أر مثل هذا القوم لكن أعلم عاقبة الأمر فيه و العوان من الحرب التي قوتل فيها مرة و كأنه ليس من المصرع. و في الدر النظيم أخب فيها تارة ثم أقع. و في النهاية فلم يرعني إلا رجل أخذ بمنكبي أي لم أشعر و إن لم يكن من لفظه كأنه فاجأه بغتة من غير موعد و لا معرفة فراعه ذلك و أفزعه. و قال الجوهري رجل أهوج أي طويل و به تسرع و حمق و قال ربيت القوم سستهم أي كنت فوقهم و منه قول صفوان لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن. قوله فأدرت أي رأيي أو نظري أو هو بمعنى درت. قد عري أي بقي بلا أعوان إلا أن أسوره هكذا فيما عندنا من النسخ بالسين يقال سار الرجل إليه سورا أي وثب و سرت الحائط أي تسلقته و لعل الأصوب أنه بالصاد من صار الشي‏ء أي قطعه و فصله و الشواظ بالضم و الكسر لهب لا دخان فيه أو دخان النار و حرها ذكره الفيروزآبادي و قال الماحش المحرق كالممحش و امتحش احترق و قال الذمر الملامة. و قال الجوهري الذمر الشجاع و ذمرته أذمره ذمرا حثثته و فلان حامي الذمار أي إذا ذمر و غضب حمي.

  الله أي أذكركم الله في الكرة و الرجعة إليه أو أسألكم الكرة. و قال الفيروزآبادي الدبابة مشددة آلة تتخذ للحروب فتدفع في أصل الحصن فينقبون و هم في جوفها قوله على وجل كناية عن سرعة ارتحاله ص بعد مجيئه ألا إن الحي مقيم أي من كان حيا ينبغي أن لا يزول حتى يفتح أو المراد بالحي القبيلة إظهارا لعدم براحه. و قوله ص لا أقمت و لا ظعنت دعاء عليه بعدم قدرته على الإقامة كما يريد و لا الظعن بنفسه فصار كذلك و قال الجوهري الملح الرضاع و الملح بالفتح مصدر قولك ملحنا لفلان ملحا أرضعناه قوله ص توه سهميهما أي أهلك و ضيع من التوى و هو الهلاك و الهاء للسكت أو من التوه و هو الهلاك و الذهاب. و قال الجزري في حديث الخوارج يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية أي يجوزونه و يخرقونه و يبعدونه كما يمرق السهم الشي‏ء المرمي به و يخرج منه و قال الرصاف هو عقب يلوى على مدخل النصل فيه و قال في حديث الخوارج فينظر في نضيه النضي نصل السهم و قيل هو السهم قبل أن ينحت إذا كان قدحا و هو أولى لأنه جاء في الحديث ذكر النصل بعد النضي و هو من السهم ما بين الريش و النصل و القذذ ريش السهم واحدتها قذة انتهى. أقول شبه ص خروجهم من الدين و عدم انتفاعهم بشي‏ء منه بسهم رمي به حيوان فخرج منه بحيث لم يبق في شي‏ء من أجزاء السهم أثر من أجزاء الحيوان و قال الجزري تدردر أي ترجرج تجي‏ء و تذهب و الأصل تتدردر فحذف إحدى التاءين تخفيفا و قال الجزري الجعرانة موضع قريب من مكة و هو في الحل و ميقات الإحرام و هي بتسكين العين و التخفيف و قد تكسر و تشدد الراء

10-  كا، ]الكافي[ حميد بن زياد عن عبيد الله بن أحمد الدهقان عن علي بن الحسن الطاطري عن محمد بن زياد بياع السابري عن أبان عن عجلان بن صالح قال سمعت أبا عبد الله ع يقول قتل علي بن أبي طالب بيده يوم حنين أربعين

  -11  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر ع قال سألته عن قول الله عز و جل الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ قال هم قوم وحدوا الله عز و جل و خلعوا عبادة من يعبد من دون الله و شهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ص و هم في ذلك شكاك في بعض ما جاء به محمد ص فأمر الله عز و جل نبيه ص أن يتألفهم بالمال و العطاء لكي يحسن إسلامهم و يثبتوا على دينهم الذي دخلوا فيه و أقروا به و إن رسول الله ص يوم حنين تألف رؤساء العرب و من قريش و سائر مضر منهم أبو سفيان بن حرب و عيينة بن حصين الفزاري و أشباههم من الناس فغضبت الأنصار و اجتمعت إلى سعد بن عبادة فانطلق بهم إلى رسول الله ص بالجعرانة فقال يا رسول الله أ تأذن لي في الكلام فقال نعم فقال إن كان هذا الأمر من هذه الأموال التي قسمت بين قومك شيئا أنزل الله رضينا و إن كان غير ذلك لم نرض

 قال زرارة و سمعت أبا جعفر ع يقول فقال رسول الله ص يا معشر الأنصار أ كلكم على قول سيدكم فقالوا سيدنا الله و رسوله ثم قالوا في الثالثة نحن على مثل قوله و رأيه قال زرارة فسمعت أبا جعفر ع يقول فحط الله نورهم و فرض الله للمؤلفة قلوبهم سهما في القرآن

  -12  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة مثله ثم قال قال زرارة قال أبو جعفر ع فلما كان في قابل جاءوا بضعف الذي أخذوا و أسلم ناس كثير قال فقام رسول الله ص خطيبا فقال هذا خير أم الذي قلتم قد جاءوا من الإبل بكذا و كذا ضعف ما أعطيتهم و قد أسلم لله عالم و ناس كثير و الذي نفس محمد بيده لوددت أن عندي ما أعطي كل إنسان ديته على أن يسلم لله رب العالمين

 ثم روى العياشي بسند آخر عن زرارة عنه ع مثله

13-  ثم قال الحسن بن موسى و من غير هذا الوجه رفعه قال قال رجل منهم حين قسم النبي ص غنائم حنين ما هذه القسمة ما يريد الله بها فقال له بعضهم يا عدو الله تقول هذا لرسول الله ص ثم جاء إلى النبي ص فأخبره بمقالته فقال ص قد أوذي أخي موسى بأكثر من هذا فصبر قال و كان يعطي لكل رجل من المؤلفة قلوبهم مائة راحلة

 14-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن أحمد بن عبيد الله بن عمار الثقفي عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي سنة خمس و أربعين و مائتين عن أبيه عن يزيد بن عبد الملك النوفلي عن أبيه عن المغيرة بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب عن أبيه عن جده نوفل أنه كان يحدث عن يوم حنين قال فر الناس جميعا و أعروا رسول الله ص فلم يبق معه إلا سبعة نفر من بني عبد المطلب العباس و ابنه الفضل و علي و أخوه عقيل و أبو سفيان و ربيعة و نوفل بنو الحارث بن عبد المطلب و رسول الله ص مصلت سيفه في المجتلد و هو على بغلته الدلدل و هو يقول

أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب

 قال الحارث بن نوفل فحدثني الفضل بن العباس قال التفت العباس يومئذ و قد أقشع الناس عن بكرة أبيهم فلم ير عليا فيمن ثبت فقال شوهة بوهة أ في مثل هذه الحال يرغب ابن أبي طالب بنفسه عن رسول الله ص و هو صاحب ما هو صاحبه يعني المواطن المشهورة له فقلت نقص قولك لابن أخيك يا أبة قال ما ذاك يا فضل قلت أ ما تراه في الرعيل الأول أ ما تراه في الرهج قال أشعره لي يا بني قلت ذو كذا ذو البردة قال فما تلك البرقة قلت سيفه يزيل به بين الأقران فقال بر بن بر فداه عم و خال قال فضرب علي يومئذ أربعين مبارزا كلهم يقده حتى أنفه و ذكره قال و كانت ضرباته مبتكرة. بيان قال الفيروزآبادي أعروا صاحبهم تركوه و قال قشع القوم كمنع فرقهم فأقشعوا و هو نادر قوله عن بكرة أبيهم أي عن آخرهم و قد مر و قال الفيروزآبادي شاه وجهه شوها و شوهة قبح و قال البوهة بالضم الصقر سقط ريشه و الرجل الطائش و الأحمق و البوه بالفتح اللعن و الرعيل جماعة الخيل و الرهج و يحرك الغبار و زيله فرقه و قال في النهاية في الحديث كانت ضربات علي مبتكرات لا عوانا أي إن ضربته كانت بكرا يقتل بواحدة منها لا يحتاج أن يعيد الضربة ثانيا يقال ضربة بكر إذا كانت قاطعة لا تثنى

15-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن محمد بن معاذ بن سعيد الحضرمي عن محمد بن زكريا بن سارية المكي القرشي عن أبيه عن كثير بن طارق عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن أبي ذر قال قال رسول الله ص و قد قدم عليه وفد أهل الطائف يا أهل الطائف و الله لتقيمن الصلاة و لتؤتن الزكاة أو لأبعثن عليكم رجلا كنفسي يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله يقصعكم بالسيف فتطاول لها أصحاب رسول الله ص فأخذ بيد علي فأشالها ثم قال هو هذا فقال أبو بكر و عمر ما رأينا كاليوم في الفضل قط

 بيان القصع شدة المضغ و قصع الغلام كمنع ضرب ببسط كفه على رأسه

16-  ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن معروف عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله ع قال ما مر بالنبي ص يوم كان أشد عليه من يوم حنين و ذلك أن العرب تباغت عليه

17-  ل، ]الخصال[ بالإسناد عن عامر بن واثلة قال قال أمير المؤمنين ع يوم الشورى نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله ص لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي طاعته كطاعتي و معصيته كمعصيتي يغشاهم بالسيف غيري قالوا اللهم لا

18-  ج، ]الإحتجاج[ عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع أن أمير المؤمنين ع قال يوم الشورى نشدتكم بالله هل فيكم أحد ناجاه رسول الله ص يوم الطائف فقال أبو بكر و عمر ناجيت عليا دوننا فقال لهما النبي ص ما أنا ناجيته بل الله أمرني بذلك غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله ص لأبعثن إليكم رجلا امتحن الله قلبه للإيمان قالوا لا

  -19  أقول قال الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان، ذكر أهل التفسير و أصحاب السير أن رسول الله ص لما افتتح مكة خرج منها متوجها إلى حنين لقتال هوازن و ثقيف في آخر شهر رمضان أو في شوال سنة ثمان من الهجرة و ذكر القصة نحوا مما مر إلى أن ذكر هزيمة المسلمين و نداء العباس ثم قال فلما سمع المسلمون صوت العباس تراجعوا و قالوا لبيك لبيك و تبادر الأنصار خاصة و نزل النصر من عند الله و انهزمت هوازن هزيمة قبيحة فمروا في كل وجه و لم يزل المسلمون في آثارهم و مر مالك بن عوف فدخل حصن الطائف و قتل منهم زهاء مائة رجل و أغنم الله المسلمين أموالهم و نساءهم و أمر رسول الله ص بالذراري و الأموال أن تحدر إلى الجعرانة و ولى على الغنائم بديل بن ورقاء الخزاعي و مضى ع في أثر القوم فوافى الطائف في طلب مالك بن عوف و حاصر أهل الطائف بقية الشهر فلما دخل ذو القعدة انصرف إلى الجعرانة و قسم بها غنائم حنين و أوطاس قال سعيد بن المسيب حدثني رجل كان في المشركين يوم حنين قال لما التقينا نحن و أصحاب رسول الله ص لم يقفوا لنا حلب شاة فلما كشفناهم جعلنا نسوقهم حتى انتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء يعني رسول الله ص فتلقانا رجال بيض الوجوه فقالوا لنا شاهت الوجوه ارجعوا فرجعنا و ركبوا أكتافنا فكانوا إياها يعني الملائكة قال الزهري و بلغني أن شيبة بن عثمان قال استدبرت رسول الله ص يوم حنين و أنا أريد أن أقتله بطلحة بن عثمان و عثمان بن طلحة و كانا قد قتلا يوم أحد فأطلع الله رسوله على ما في نفسي فالتفت إلي و ضرب في صدري و قال أعيذك بالله يا شيبة فأرعدت فرائصي فنظرت إليه و هو أحب إلي من سمعي و بصري فقلت أشهد أنك رسول الله و أن الله أطلعك على ما في نفسي و قسم رسول الله ص الغنائم بالجعرانة و كان معه من سبي هوازن ستة آلاف من الذراري و النساء و من الإبل و الشاء ما لا يدرى عدته

 قال أنس بن مالك كان رسول الله ص أمر مناديا فنادى يوم أوطاس ألا لا توطأ الحبالى حتى يضعن و لا الحيالى حتى يستبرأن بحيضة

ثم أقبلت وفود هوازن و قدمت على رسول الله ص بالجعرانة مسلمين و قام خطيبهم فقال يا رسول الله إن ما في الحظائر من السبايا خالاتك و حواضنك اللاتي كن يكفنك فلو أنا ملحنا ابن أبي شمر أو النعمان بن المنذر ثم أصابنا منهما مثل الذي أصابنا منك رجونا عائدتهما و عطفهما و أنت خير المكفولين ثم أنشد أبياتا فقال ص أي الأمرين أحب إليكم السبي أم الأموال قالوا يا رسول الله خيرتنا بين الحسب و بين الأموال و الحسب أحب إلينا و لا نتكلم في شاة و لا بعير فقال رسول الله أما الذي لبني هاشم فهو لكم و سوف أكلم لكم المسلمين و أشفع لكم فكلموهم و أظهروا إسلامكم فلما صلى رسول الله ص الهاجرة قاموا فتكلموا فقال النبي ص قد رددت الذي لبني هاشم و الذي بيدي عليهم فمن أحب منكم أن يعطي غير مكره فليفعل و من كره أن يعطي فليأخذ الفداء و علي فداؤهم فأعطى الناس ما كان بأيديهم إلا قليلا من الناس سألوا الفداء. بيان قال الجوهري قولهم هم زهاء مائة قدر مائة

20-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ عن الصادق ع سبى رسول الله ص يوم حنين أربعة آلاف رأس و اثني عشر ألف ناقة سوى ما لا يعلم من الغنائم

 و قال الزهري ستة آلاف من الذراري و النساء و من البهائم ما لا يحصى و لا يدرى

 21-  أقول قال الكازروني في المنتقى بعد تلك الغزوات و في تلك السنة يعني الثامنة تزوج رسول الله مليكة الكندية و كان قتل أباها يوم الفتح فقالت لها بعض أزواج النبي ص أ لا تستحين تزوجين رجلا قتل أباك فاستعاذت منها ففارقها و فيها ولد إبراهيم بن رسول الله ص من مارية في ذي الحجة و كانت قابلتها مولاة رسول الله ص فخرجت إلى زوجها أبي رافع فأخبرته بأنها قد ولدت غلاما فجاء أبو رافع إلى رسول الله ص فبشره بأنها قد ولدت غلاما فوهب له عبدا و سماه إبراهيم و عق عنه يوم سابعه و حلق رأسه فتصدق بزنة شعره فضة على المساكين و أمره بشعره فدفنت في الأرض و تنافست فيه نساء الأنصار أيهن ترضعه فدفعه رسول الله ص إلى أم بردة بنت المنذر بن زيد و زوجها البراء بن أوس و كان ص يأتي أم بردة فيقيل عندها و يؤتى بإبراهيم و غارت نساء رسول الله ص و اشتد عليهن حين رزق منها الولد

 و روي عن أنس قال لما ولدت إبراهيم جاء جبرئيل إلى رسول الله ص فقال السلام عليك يا أبا إبراهيم

 و روي عنه أيضا قال قال رسول الله ص ولد الليلة لي غلام فسميته باسم أبي إبراهيم قال ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين بالمدينة يقال له أبو يوسف

و فيها ماتت زينب بنت رسول الله ص و كانت أكبر بناته و أول من تزوجت منهن تزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع قبل النبوة فولد له عليا و أمامة أما علي فمات في ولاية عمر و أما أمامة فماتت سنة خمسين.

 22-  و قال ابن الأثير في الكامل، و فيها بعث رسول الله ص عمرو بن العاص إلى جيفر و عمرو ابني الجلندى فأخذ الصدقة من أغنامهم و ردها على فقرائهم و فيها بعث رسول الله ص كعب بن عمير إلى ذات اطلاع من الشام فأصيب هو و أصحابه و فيها بعث أيضا عيينة بن حصن الفزاري إلى بني العنبر من تميم فأغار عليهم و سبى منهم نساء.

 23-  وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجبعي رحمه الله نقلا من خط الشيخ الشهيد قدس الله روحه من طرق العامة مرفوعا إلى أبي عمرو زياد بن طارق عن أبي جرول زهير الجشمي قال لما أسرنا رسول الله ص يوم هوازن و ذهب يفرق السبي و النساء أتيته فأنشدته

امنن علينا رسول الله في كرم فإنك المرء نرجوه و ننتظرامنن على بيضة قد عاقها قدر مشتت شملها في دهرها غيرأبقت لنا الدهر هتافا على حزن على قلوبهم الغماء و الغمرإن لم تداركهم نعماء تنشرها يا أرجح الناس حلما حين تختبرامنن على نسوة قد كنت ترضعها إذ فوك يملؤه من مخضها الدرر

 إذ أنت طفل صغير كنت ترضعها و إذ يريبك ما تأتي و ما تذرلا تجعلنا كمن شالت نعامته و استبق منا فإنا معشر زهرإنا لنشكر للنعماء إذ كفرت و عندها بعد هذا اليوم مدخرفألبس العفو من قد كنت ترضعه من أمهاتك إن العفو منتشريا خير من مرحت كمت الجياد به عند الهياج إذا ما استوقد الشررإنا نؤمل عفوا منك تلبسه هذي البرية إذ تعفو و تنتصرفاعف عفا الله عما أنت راهبه يوم القيامة إذ يهدى لك الظفر

 قال فلما سمع هذا الشعر قال ص ما كان لي و لبني عبد المطلب فهو لهم و قال قريش ما كان لنا فهو لله و لرسوله و قالت الأنصار ما كان لنا فهو لله و لرسوله قال ابن عساكر هذا غريب تفرد به زياد بن طارق عن زهير و هو معدود في السباعيات