باب 35- قدوم الوفود على رسول الله ص و سائر ما جرى إلى حجة الوداع

1-  عم، ]إعلام الورى[ قال بعد ذكر نزول براءة ثم قدم على رسول الله ص عروة بن مسعود الثقفي مسلما و استأذن رسول الله ص في الرجوع إلى قومه فقال إني أخاف أن يقتلوك فقال إن وجدوني نائما ما أيقظوني فأذن له رسول الله ص فرجع إلى الطائف و دعاهم إلى الإسلام و نصح لهم فعصوه و أسمعوه الأذى حتى إذا طلع الفجر قام في غرفة من داره فأذن و تشهد فرماه رجل بسهم فقتله و أقبل بعد قتله من وفد ثقيف بضعة عشر رجلا هم أشراف ثقيف فأسلموا فأكرمهم رسول الله ص و حباهم و أمر عليهم عثمان بن أبي العاص بن بشر و قد كان تعلم سورا من القرآن و قد ورد في الخبر عنه أنه قال قلت يا رسول الله إن الشيطان قد حال بين صلاتي و قراءتي قال ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا خشيت فتعوذ بالله منه و اتفل عن يسارك ثلاثا قال ففعلت فأذهب الله عني رواه مسلم في الصحيح. فلما أسلمت ثقيف ضربت إلى رسول الله ص وفود العرب فدخلوا في دين الله أفواجا كما قال الله سبحانه فقدم عليه ص عطارد بن حاجب بن زرارة في أشراف من بني تميم منهم الأقرع بن حابس و الزبرقان بن بدر و قيس بن عاصم و عيينة بن حصن الفزاري و عمرو بن الأهتم و كان الأقرع و عيينة شهدا مع رسول الله ص فتح مكة و حنينا و الطائف فلما قدم وفد تميم دخلا معهم فأجارهم رسول الله و أحسن جوارهم و ممن قدم عليه وفد بني عامر فيهم عامر بن الطفيل و أربد بن قيس أخو لبيد بن ربيعة لأمه و كان عامر قد قال لأربد إني شاغل عنك وجهه فإذا فعلته فأعله بالسيف فلما قدموا عليه قال عامر يا محمد خالني فقال لا حتى تؤمن بالله وحده قالها مرتين فلما أبى عليه رسول الله قال و الله لأملأنها عليك خيلا حمرا و رجالا فلما ولى قال رسول الله ص اللهم اكفني عامر بن الطفيل فلما خرجوا قال عامر لأربد أين ما كنت أمرتك به قال و الله ما هممت بالذي أمرتني به إلا دخلت بيني و بين الرجل أ فأضربك بالسيف و بعث الله على عامر بن الطفيل في طريقه ذلك الطاعون في عنقه فقتله في بيت امرأة من سلول و خرج أصحابه حين واروه إلى بلادهم و أرسل الله على أربد و على جمله صاعقة فأحرقتهما. و في كتاب أبان بن عثمان أنهما قدما على رسول الله ص بعد غزوة بني النضير قال و جعل يقول عامر عند موته أ غدة كغدة البكر و موت في بيت سلولية قال و كان رسول الله ع قال في عامر و أربد اللهم أبدلني بهما فارسي العرب فقدم عليه زيد بن مهلهل الطائي و هو زيد الخيل و عمرو بن معديكرب. و ممن قدم على رسول الله وفد طيئ فيهم زيد الخيل و عدي بن حاتم فعرض عليهم الإسلام فأسلموا و حسن إسلامهم و سماه رسول الله ص زيد الخير و قطع له أرضين معه و كتب له كتابا فلما خرج زيد من عند رسول الله ص راجعا إلى قومه قال رسول الله ص إن ينج زيد من حمى المدينة أو من أم ملدم فلما انتهى من بلد نجد إلى ماء يقال له قردة أصابته الحمى فمات بها و عمدت امرأته إلى ما كان معه من الكتب فأحرقتها. و ذكر محمد بن إسحاق أن عدي بن حاتم فر و أن خيل رسول الله ص قد أخذوا أخته فقدموا بها على رسول الله ص و أنه من عليها و كساها و أعطاها نفقة فخرجت مع ركب حتى قدمت الشام و أشارت على أخيها بالقدوم فقدم و أسلم و أكرمه رسول الله و أجلسه على وسادة رمى بها إليه بيده. بيان في النهاية في حديث الصلاة ذلك شيطان يقال له خنزب قال أبو عمر و هو لقب له و الخنزب قطعة لحم منتنة و يروى بالكسر و الضم قوله خالني أمر من المخالة و هي المحبة الخالصة و أم ملدم كنية الحمى و لعل الترديد من الراوي أو المراد نوع منها.

2-  أقول قال في المنتقى في سياق حوادث السنة التاسعة و فيها قدم على رسول الله ص كتاب ملوك حمير مقدمه من تبوك و رسولهم إليه بإسلامهم الحارث بن عبد كلال و نعيم بن كلال و غيرهما. و فيها رجم رسول الله ص الغامدية

 عن بشير بن المهاجر عن أبيه قال كنت جالسا عند النبي ص فجاءته امرأة من غامد فقالت يا نبي الله إني قد زنيت و أريد أن تطهرني فقال لها النبي ص ارجعي فلما كان من الغد أتته فاعترفت عنده بالزنا فقالت يا رسول الله إني قد زنيت و أريد أن تطهرني فقال لها فارجعي فلما أن كان من الغد أتته فاعترفت عنده بالزنا فقالت يا نبي الله طهرني فلعلك تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك فو الله إني لحبلى فقال لها النبي ص ارجعي حتى تلدين فلما ولدت جاءت بالصبي تحمله قالت يا نبي الله هذا قد ولدت قال فاذهبي فأرضعيه حتى تفطميه فلما فطمته جاءت بالصبي في يده كسرة خبز قالت يا نبي الله هذا فطمته فأمر النبي ص بالصبي فدفع إلى رجل من المسلمين و أمر بها فحفر لها حفرة فجعلت فيها إلى صدرها ثم أمر الناس أن يرجموها فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فنضح الدم على وجنة خالد فسبها فسمع النبي ص سبه إياها فقال مهلا يا خالد لا تسبها فو الذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له فأمر بها فصلي عليها فدفنت

و فيها لاعن رسول الله ص بين عويمر بن الحارث العجلاني و بين امرأته بعد العصر في مسجده ص و كان قد قذفها بشريك بن سحماء

 على ما روي عن ابن عباس أنه قال لما نزلت وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الآية قرأها النبي ص يوم الجمعة على المنبر فقام عاصم بن عدي الأنصاري و قال جعلني الله فداك إن رأى رجل منا مع امرأته رجلا فأخبر بما رأى جلد ثمانين و سماه المسلمون فاسقا لا تقبل شهادته أبدا فكيف لنا بالشهداء و نحن إذا التمسنا الشهداء كان الرجل قد فرغ من حاجته و مر و كان لعاصم هذا ابن عم يقال له عويمر و له امرأة يقال لها خولة بنت قيس بن محصن فأتى عويمر عاصما و قال قد رأيت شريك بن السحماء على بطن امرأتي خولة فاسترجع عاصم و أتى رسول الله ص في الجمعة الأخرى فقال يا رسول الله ص ما أسرع ما ابتليت بالسؤال الذي سألت في الجمعة الماضية في أهل بيتي و كان عويمر و خولة و الشريك كلهم بنو عم لعاصم فدعا رسول الله ص بهم جميعا و قال لعويمر اتق الله في زوجتك و ابنة عمك فلا تقذفها بالبهتان فقال يا رسول الله أقسم بالله أني رأيت شريك على بطنها و أني ما قربتها منذ أربعة أشهر و إنها حبلى من غيري فقال رسول الله ص للمرأة اتقي الله و لا تخبريني إلا بما صنعت فقالت يا رسول الله إن عويمرا رجل غيور و إنه رآني و شريكا نطيل السمر و نتحدث فحملته الغيرة على ما قال فقال رسول الله ص لشريك ما تقول فقال ما تقوله المرأة فأنزل الله عز و جل وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ الآية فأمر رسول الله ص حتى نودي الصلاة جامعة فصلى العصر ثم قال لعويمر قم فقام فقال أشهد أن خولة زانية و أني لمن الصادقين ثم قال في الثانية أشهد بالله أني رأيت شريكا على بطنها و أني لمن الصادقين ثم قال في الثالثة أشهد أنها حبلى من غيري و أني لمن الصادقين ثم قال في الرابعة أشهد بالله أني ما قربتها منذ أربعة أشهر و أني لمن الصادقين ثم قال في الخامسة لعنة الله على عويمر يعني نفسه إن كان من الكاذبين فيما قال ثم أمره بالقعود و قال لخولة قومي فقامت فقالت أشهد بالله ما أنا بزانية و أن عويمرا لمن الكاذبين ثم قالت في الثانية أشهد بالله أنه ما رأى شريكا على بطني و أنه لمن الكاذبين ثم قالت في الثالثة أشهد بالله أنه ما رآني قط على فاحشة و أنه لمن الكاذبين ثم قالت في الرابعة أشهد بالله أني حبلى منه و أنه لمن الكاذبين ثم قالت في الخامسة إن غضب الله على خولة يعني نفسها إن كان من الصادقين ففرق رسول الله ص بينهما و قال لو لا هذه الأيمان لكان في أمرها رأي و قال تحينوا بها الولادة فإن جاءت بأصهب أثيبج يضرب إلى السواد فهو لشريك و إن جاءت بأورق جعدا جماليا خدلج الساقين فهو لغير الذي رميت

قال ابن عباس فجاءت بأشبه خلق بشريك. و في هذه السنة توفي النجاشي و اسمه أصحمة و هو الذي هاجر إليه المسلمون و أسلم و توفي في رجب هذه السنة فنعاه رسول الله ص إلى المسلمين و خرج إلى المصلى و صف أصحابه خلفه و صلى عليه. و روي عن عائشة قالت لما مات النجاشي كنا نتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور. و فيها ماتت أم كلثوم بنت رسول الله ص كانت تزوجها عتبة بن أبي لهب قبل النبوة فلما نزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ قال له أبوه رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق ابنته ففارقها و لم يكن دخل بها فلم تزل بمكة مع رسول الله ص ثم هاجرت فلما توفيت رقية خلف عليها عثمان في ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة و أدخلت عليه في جمادى الآخرة فماتت عنده في شعبان من هذه السنة فغسلتها أسماء بنت عميس و صفية بنت عبد المطلب و أم عطية و نزل في حفرتها أبو طلحة. و فيها مات عبد الله بنعبدبهم بن عفيف ذو البجادين. و فيها مات عبد الله بن سلول المنافق. ثم ذكر في وقائع السنة العاشرة فيها بعث خالد بن الوليد إلى بني الحارث بن كعب و ذلك أن رسول الله ص بعث في ربيعها الآخر من سنة عشر خالدا إلى بني الحارث بنجران و أمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم ثلاثا فإن استجابوا فاقبل منهم و أقم فيهم و علمهم كتاب الله و سنة نبيه و معالم الإسلام و إن لم يفعلوا فقاتلهم فخرج خالد حتى قدم عليهم فبعث الركبان يضربون في كل ناحية يدعون الناس إلى الإسلام و يقولون يا أيها الناس أسلموا تسلموا فأسلم الناس و دخلوا فيما دعاهم إليه فأقام خالد فيهم يعلمهم الإسلام و كتاب الله و سنة نبيه ثم كتب إلى رسول الله ص بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لمحمد رسول الله ص من خالد بن الوليد السلام عليك يا رسول الله و رحمة الله و بركاته فإني أحمد إليك اللهالذي لا إله إلا هو أما بعد يا رسول الله صلى الله عليك فإنك بعثتني إلى بني الحارث بن كعب و أمرتني إذا أتيتهم أن لا أقاتلهم ثلاثة أيام و أن أدعوهم إلى الإسلام ثلاثة أيام فإن أسلموا قبلت منهم و إني قدمت عليهم و دعوتهم إلى الإسلام فأسلموا و أنا مقيم أعلمهم معالم الإسلام.

فكتب رسول الله من محمد رسول الله إلى خالد بن الوليد سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإن كتابك جاءني مع رسولك يخبرني أن بني الحارث قد أسلموا قبل أن يقاتلوا فبشرهم و أنذرهم و أقبل معهم و ليقبل معك وفدهم و السلام عليك و رحمة الله و بركاته

فأقبل خالد بن الوليد إلى رسول الله ص و أقبل معه وفد بني الحارث فيهم قيس بن الحصين فسلموا عليه و قالوا نشهد أنك رسول الله و أن لا إله إلا الله فقال رسول الله ص و أنا أشهد أن لا إله إلا الله و أني رسول الله و أمر عليهم قيسا فلم يمكثوا في قومهم إلا أربعة أشهر حتى توفي رسول الله ص و بعث إلى بني الحارث بعد أن ولى وفدهم عمرو بن حزم الأنصاري ليفقههم و يعلمهم السنة و الإسلام و يأخذ منهم صدقاتهم. و فيها قدم وفد سلامان في شوالها و هم سبعة نفر رأسهم حبيب السلاماني. و فيها قدم وفد محارب في حجة الوداع و هم عشرة نفر فيهم سواء بن الحارث و ابنه خزيمة و لم يكن أحد أفظ و لا أغلظ على رسول الله ص منهم و كان في الوفد رجل منهم فعرفه رسول الله ص فقال الحمد لله الذي أبقاني حتى صدقت بك فقال رسول الله ص إن هذه القلوب بيد الله و مسح وجه خزيمة فصارت له غرة بيضاء و أجازهم كما يجيز الوفد و انصرفوا. و فيها قدم وفد الأزد رأسهم صرد بن عبد الله الأزدي في بضعة عشر. و فيها قدم وفد غسان و وفد عامر كلاهما في شهر رمضان. و فيها قدم وفد زبيد على رسول الله ص فيهم عمرو بن معديكرب فأسلم فلما توفي رسول الله ص ارتد عمرو ثم عاد إلى الإسلام. و فيها قدم وفد عبد القيس و الأشعث بن قيس في وفد كندة و وفد بني حنيفة معهم مسيلمة الكذاب ثم ارتد بعد أن رجع إلى وطنه. و فيها قدم وفد بجيلة قدم جرير بن عبد الله البجلي و معه من قومه مائة و خمسون رجلا فقال رسول الله ص يطلع عليكم من هذا الفج من خير ذي يمن على وجهه مسحة ملك فطلع جرير على راحلته و معه قومه فأسلموا و بايعوا قال جرير و بسط رسول الله يده فبايعني و قال على أن تشهد أن لا إله إلا الله و أني رسول الله و تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة و تصوم شهر رمضان و تنصح للمسلمين و تطيع الوالي و إن كان عبدا حبشيا فقلت نعم فبايعته و كان رسول الله ص يسأله عما وراءه فقال يا رسول الله قد أظهر الله الإسلام و الأذان و هدمت القبائل أصنامهم التي تعبد قال فما فعل ذو الخلصة قال هو على حاله فبعثه رسول الله ص إلى هدم ذي الخلصة و عقد له لواء فقال إني لا أثبت على الخيل فمسح رسول الله ص صدره و قال اللهم اجعله هاديا مهديا فخرج في قومه و هم زهاء مائتين فما أطال الغيبة حتى رجع فقال رسول الله ص أهدمته قال نعم و الذي بعثك بالحق و أحرقته بالنار فتركته كما يسوء أهله فبرك رسول الله ص على خيل أخمس و رجالها.

 و فيها قدم السيد و العاقب من نجران فكتب لهم رسول الله ص كتاب صلح. و فيها قدم وفد عبس و وفد خولان و هم عشرة و كان رسول الله ص إذا قدم الوفد لبس أحسن ثيابه و أمر أصحابه بذلك. و فيها قدم وفد عامر بن صعصعة و فيهم عامر بن الطفيل و أربد بن ربيعة و كانا قد أقبلا يريدان رسول الله ص فقيل يا رسول الله هذا عامر بن الطفيل قد أقبل نحوك فقال رسول الله ص دعه فإن يرد الله به خيرا يهده فأقبل حتى قام عليه فقال يا محمد ما لي إن أسلمت قال لك ما للمسلمين و عليك ما عليهم قال تجعل لي الأمر بعدك قال ليس ذلك إلي إنما ذلك إلى الله يجعله حيث شاء قال فتجعلني على الوبر و أنت على المدر قال لا قال فما ذا تجعل لي قال أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها قال أ و ليس ذلك إلي اليوم و كان عامر قد قال لأربد إذا رأيتني أكلمه فدر من خلفه فاضربه بالسيف فدار أربد ليضربه فاخترط من سيفه شبرا ثم حبسه الله فيبست يده على سيفه و لم يقدر على سله فعصم الله نبيه فرأى أربد و ما يصنع بسيفه قال اكفنيهما بما شئت فأرسل الله تعالى على أربد صاعقة فأحرقته و ولى عامر هاربا و قال يا محمد دعوت ربك فقتل أربد و الله لأملأنها عليك خيلا جردا و فتيانا مردا فقال رسول الله ص يمنعك الله من ذلك و أبناء قيلة يعني الأوس و الخزرج فنزل عامر بيت امرأة سلولية فلما أصبح ضم عليه سلاحه و خرج و هو يقول و الله لئن أصحر إلى محمد و صاحبه يعني ملك الموت لأنفذهما برمحي فأرسل الله تعالى ملكا فأثراه في التراب و خرجت عليه غدة كغدة البعير عظيمة فعاد إلى بيت السلولية و هو يقول أ غدة كغدة البعير و موت في بيت سلولية. ثم ركب فرسه فمات على ظهر الفرس فأنزل الله تعالى وَ يُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ و فيها خرج بديل بن أبي مارية مولى العاص بنوائل في تجارة إلى الشام و صحبه نميم الداري و عدي بن بداء و هما على النصرانية فمرض ابن أبي مارية و قد كتب وصية و جعلها في ماله فقدموا بالمال و الوصية ففقدوا جاما أخذه تميم و عدي و أحلفهما رسول الله ص بعد العصر ثم ظهر عليه فحلف عبد الله بن عمرو بن العاص و المطلب بن أبي وداعة و استحقا.

3-  و قال في الكامل و في السنة العاشرة بعث رسول الله ص أمراءه على الصدقات فبعث المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة إلى صنعاء فخرج عليه العبسي و هو بها و بعث زياد بن أسد الأنصاري إلى حضرموت على صدقاتها و بعث عدي بن حاتم الطائي على صدقة طيئ و أسد و بعث مالك بن نويرة على صدقات حنظلة و جعل الزبرقان بدر و قيس بن عاصم على صدقات زيد بن مناة بن تميم و بعث العلاء بن الحضرمي إلى البحرين و بعث علي بن أبي طالب ع إلى نجران ليجمع صدقاتهم و جزيتهم ففعل و عاد فلقي رسول الله ص في حجة الوداع و استخلف على الجيش الذين معه رجلا من أصحابه و سبقهم إلى النبي ص فلقيه بمكة فعمد الرجل إلى الجيش فكساهم كل رجل حلة من البرد الذي مع علي ع فلما دنا الجيش خرج علي ع ليتلقاهم فرأى عليهم الحلل فنزعها عنهم فشكاه الجيش إلى رسول الله ص

فقام رسول الله ص خطيبا فقال أيها الناس لا تشكوا عليا فإنه و الله لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله

بيان قوله صاحب مكس أي عشار و قال الجزري في حديث الأذان كانوا يتحينون وقت الصلاة أي يطلبون حينها و الحين الوقت و قال الأصهب الذي يعلو لونه صهبة و هي كالشقرة و قال في حديث اللعان إن جاءت به أثيبج فهو لهلال تصغير الأثبج و هو الناتئ الثبج أي ما بين الكتفين و الكاهل و رجل أثبج أيضا عظيم الجوف و قال الأورق الأسمر و الجعد شديد الخلق أو مجتمعة الخلق أو جعد الشعر ضد السبوطة و قال الجمالي بالتشديد الضخم الأعضاء التام الأوصال يقال ناقة جمالية شبيهة بالجمل عظما و بدانة و قال خدلج الساقين عظيمهما و قال البجاد الكساء و منه تسمية رسول الله ص عبد الله بن عبدبهم ذا البجادين لأنه حين أراد المصير إلى النبي ص قطعت أمه بجادا قطعتين فارتدى بإحداهما و ائتزر بالأخرى و قال يقال على وجهه مسحة ملك و مسحة جمال أي أثر ظاهر منه و لا يقال ذلك إلا في المدح و قال في صفة المهدي قرشي يمان ليس من ذي و لا ذو أي ليس فيه نسب أذواء اليمن و هم ملوك حمير منهم ذو يزن و ذو رعين و منه حديث جرير يطلع عليكم رجل من ذي يمن على وجهه مسحة من ذي ملك كذا أورده عمر الزاهد و قال ذي هاهنا صلة أي زائدة و قال ذو الخلصة هو بيت كان فيه صنم لدوس و خثعم و بجيلة و غيرهم و قيل ذو الخلصة الكعبة اليمانية التي كانت باليمن فأنفذ إليها رسول الله ص جرير بن عبد الله البجلي فخربها و قيل ذو الخلصة اسم الصنم و فيه نظر لأن ذو لا يضاف إلا إلى أسماء الأجناس و في القاموس فرس أجرد قصير الشعر رقيقة و الأجرد السباق. و في النهاية أخيشن في ذات الله هو تصغير الأخشن للخشن.

4-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ بعث ص رسله إلى الآفاق في سنة عشر و بين فتح مكة و وفاته كانت الوفود منهم بنو سليم و فيهم العباس بن مرداس و بنو تيم و فيهم عطارد بن زرارة و بنو عامر و فيهم عامر بن الطفيل و أربد بن قيس و بنو سعد بن بكر و فيهم ضمام بن ثعلبة و عبد القيس و الجارود بن عمرو و بنو حنيفة و فيهم مسيلمة الكذاب و طيئ و فيهم زيد الخيل و عدي بن حاتم و زبيد و فيهم عمرو بن معديكرب و كندة و فيهم الأشعث بن قيس و نجران و فيهم السيد و العاقب و أبو الحارث و الأزد و بعث حمير إلى رسول الله ص بإسلامهم و بعث فروة الجذامي رسولا باسمه و بنو الحارث بن كعب و فيهم قيس بن الحصين و يزيد بن عبد المدان و ثقيف و سيدهم عبد نائل بنو أسد و أسلم.

5-  كنز الكراجكي، روي أن النبي ص كان يوما جالسا في نفر من أصحابه و قد صلى الغداة إذ أقبل أعرابي على ناقة له حتى وقف بباب المسجد فأناخها ثم عقلها و دخل المسجد يتخطى الناس و الناس يوسعون له و إذا هو رجل مديد القامة عظيم الهامة معتجر بعمامة فلما مثل بين يدي رسول الله ص أسفر عن لثامه ثم هم أن يتكلم فارتج ثم هم أن يتكلم فارتج حتى اعترضه ذلك ثلاث مرات فلما رآه النبي ص و قد ركبه الزمع لهى عنه بالحديث ليذهب عنه بعض الذي أصابه و قد كسا الله نبيه جلالة و هيبة فلما أنس و فرخ روعه قال له النبي ص قل لله أنت ما أنت قائل فأنشد أبياتا اعتذارا عما أصابه فاستوى رسول الله ص و كان متكئا فقال أنت أهيب بن سماع و لم يره قط قبل وقته ذلك فقال أنا أهيب بن سماع الآبي الدفاع القوي المناع قال أنت الذي ذهب جل قومك بالغارات و لم ينفضوا رءوسهم من الهفوات إلا منذ أشهر و سنوات قال أنا ذاك قال أ تذكر الأزمة التي أصابت قومك احرنجم لها الذيخ و أخلف نوء المريخ و امتنعت السماء و انقطعت الأنواء و احترقت العنمة و خفت البرمة حتى أن الضيف لينزل بقومك و ما في الغنم عرق و لا غزر فترصدون الضب المكنون فتقتنصونه و كأنك قلت في طريقك إلي لتسألني عن حل ذلك و عن حرجه ألا و لا حرج على مضطر و من كرم الأخلاق بر الضيف قال فقال لا و الله لا أطلب أثرا بعد عين لكأنك كنت معي في طريقي و شريكي في أمري أشهد أن لا إله إلا الله و أنك محمد رسول الله ثم قال يا رسول الله زدني شرحا و بيانا أزدد بك إيمانا فقال له النبي ص أ تذكر إذ أتيت صنمك في الظهيرة فعترت له العتيرة فقال نعم بأبي أنت و أمي يا رسول الله إن الحارث بن أبي ضرار المصطلقي جمع لك جموعا ليدهمك بالمدينة و استعان بي على حربك و كان لي صنم يقال له واقب فرقبت خلوته و قممت ساحته ثم نفضت التراب عن رأسه ثم عترت له عتيرة فإني لأستخبره في أمري و أستشيره في حربك إذ سمعت له صوتا قف له شعري و اشتد منه ذعري فوليت عنه و هو يقول

أهيب ما لك تجزع لا تنأ عني و ارجع‏و اسمع مقالا ينفع جاءك ما لا يدفع‏نبي صدق أروع فاقصد إليه و اسرع‏تأمن وبال المصرع

قال أهيب فأتيت أهلي و لم أطلع أحدا على أمري فلما كان من الغد أتيته في الظهيرة فرقبت خلوته و قممت ساحته و عترت له عتيرة ثم جسدته بدمها فبينا أنا كذلك إذ سمعت منه صوتا هائلا فوليت عنه هاربا و هو يقول كلاما في معنى كلامه الأول قال فلما كان من غد ركبت ناقتي و لبست لأمتي و تكبدت الطريق حتى أتيتك فأنر لي سراجك و أوضح لي منهاجك قال فقال النبي ص قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أني محمد عبده و رسوله فقالها غير مستنكف و أسلم و حسن إسلامه و وقر حب الإسلام في قلبه فقال النبي ص لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع خذ بيده فعلمه القرآن فأقام عند النبي ص فلما حذق شيئا من القرآن قال يا نبي الله إن الحارث بن أبي ضرار قد جمع لك جموعا ليدهمك بالمدينة فلو وجهت معي قوما بسرية تشن عليهم الغارة فوجه النبي ص معه أمير المؤمنين و جماعة من المؤمنين فظفروا بهم و استاقوا إبلهم و ماشيتهم

توضيح يقال ارتج على القاري على ما لم يسم فاعله إذا لم يقدر على القراءة و الزمع بالتحريك الدهش و فرخ الروع تفريخا ذهب كأفرخ و الأزمة الشدة و الضيق و احرنجم أراد الأمر ثم رجع عنه و القوم أو الإبل اجتمع بعضها و ازدحموا و الذيخ بالكسر الذئب و الجري‏ء و الفرس الحصان و ذكر الضباع الكثير الشعر و النوء سقوط نجم من المنازل في المغرب مع الفجر و طلوع رقيبه من المشرق يقابله من ساعته في كل ليلة إلى ثلاثة عشر يوما و هكذا كل نجم منها إلى انقضاء السنة ما خلا الجبهة فإن لها أربعة عشر يوما و كانت العرب تضيف الأمطار و الرياح و الحر و البرد إلى الساقط كذا ذكر الجوهري و قال العنم شجر لين الأعضاء يشبه به بنان الجواري و قال البرم ثمر العضاة الواحدة برمة و في بعض النسخ بالزاء يقال بزم عليه أي عض بمقدم أسنانه و البزمة في الأكل هو أن يأكل في اليوم و الليل مرة و العرق اللبن و لعل المراد هنا اللبن القليل و بالغزر الكثير قال في القاموس الغزير الكثير من كل شي‏ء و الغزيرة الكثيرة الدر و اقتنصه اصطاده قوله لا أطلب أثرا بعد عين الأثر الخبر أي لا أنتظر سماع خبر بحقيتك بعد ما عاينت من معجزاتك و العتيرة الذبيحة كانت تذبح للأصنام فيصب دمها على رأسها و قف شعره قام فزعا و الأروع من الرجال الذي يعجبك حسنه و جسد الدم به كفرح لصق و ثوب مجسد مجسد مصبوغ بالزعفران و اللأمة الدرع أو جميع أدوات الحرب و الكبد الشدة و قال الجوهري حذق الصبي القرآن و العمل يحذق حذقا و حذقا إذا مهر و حذق بالكسر حذقا لغة فيه