باب 4- جامع في صفات الإمام و شرائط الإمامة

 الآيات البقرة قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ يونس أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ. تفسير لا يخفى على منصف أن تعليق الاصطفاء و تعليله في الآية الأولى على زيادة البسطة في العلم و الجسم يدل على أن الأعلم و الأشجع أولى بالخلافة و الإمامة و بيان أولوية متابعة من يهدي إلى الحق على متابعة من يحتاج إلى التعلم و السؤال على أبلغ وجه و أتمه في الثانية يدل على أن الأعلم أولى بالخلافة و لا خلاف في أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان أعلم و أشجع من المتقدمين عليه و لا في أن كلا من أئمتنا ع كان أعلم ممن كان في زمانه من المدعين للخلافة و بالجملة دلالة الآيتين على اشتراط الأعلمية و الأشجعية في الإمام ظاهر. قال البيضاوي في تفسير الآية الأولى لما استبعدوا تملكه لفقره و سقوط نسبه رد عليهم ذلك أولا بأن العمدة فيه اصطفاء الله و قد اختاره عليكم و هو أعلم بالمصالح منكم و ثانيا بأن الشرط فيه وفور العلم ليتمكن به من معرفة الأمور السياسية و جسامة البدن ليكون أعظم خطرا في القلوب و أقوى على مقاومة العدو و مكابدة الحروب و قد زاده فيهما. و ثالثا بأنه تعالى مالك الملك على الإطلاق فله أن يؤتيه من يشاء. و رابعا بأنه واسع الفضل يوسع على الفقير و يغنيه عليم بمن يليق الملك انتهى. أقول إذا تأملت في كلامه يظهر لك وجوه من الحجة عليه كما أومأنا إليه و قد مر سائر الآيات في أوائل هذا المجلد و ستأتي في المجلدات الآتية لا سيما المجلد التاسع فلم نوردها هاهنا حذرا من التكرار

 1-  مع، ]معاني الأخبار[ ل، ]الخصال[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الطالقاني عن أحمد الهمداني عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا ع قال للإمام علامات يكون أعلم الناس و أحكم الناس و أتقى الناس و أحلم الناس و أشجع الناس و أسخى الناس و أعبد الناس و يلد مختونا و يكون مطهرا و يرى من خلفه كما يرى من بين يديه و لا يكون له ظل و إذا وقع إلى الأرض من بطن أمه وقع على راحتيه رافعا صوته بالشهادتين و لا يحتلم و تنام عينه و لا ينام قلبه و يكون محدثا و يستوي عليه درع رسول الله ص و لا يرى له بول و لا غائط لأن الله عز و جل قد وكل الأرض بابتلاع ما يخرج منه و تكون رائحته أطيب من رائحة المسك و يكون أولى بالناس منهم بأنفسهم و أشفق عليهم من آبائهم و أمهاتهم و يكون أشد الناس تواضعا لله عز و جل و يكون آخذ الناس بما يأمر به و أكف الناس عما ينهى عنه و يكون دعاؤه مستجابا حتى أنه لو دعا على صخرة لانشقت بنصفين و يكون عنده سلاح رسول الله ص و سيفه ذو الفقار و تكون عنده صحيفة فيها أسماء شيعتهم إلى يوم القيامة و صحيفة فيها أسماء أعدائهم إلى يوم القيامة و تكون عنده الجامعة و هي صحيفة طولها سبعون ذراعا فيها جميع ما يحتاج إليه ولد آدم و يكون عنده الجفر الأكبر و الأصفر إهاب ماعز و إهاب كبش فيهما جميع العلوم حتى أرش الخدش و حتى الجلدة و نصف الجلدة و ثلث الجلدة و يكون عنده مصحف فاطمة ع

 ج، ]الإحتجاج[ الحسن بن علي بن فضال عنه ع مثله

 2-  ل، ]الخصال[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ و في حديث آخر أن الإمام مؤيد بروح القدس و بينه و بين الله عز و جل عمود من نور يرى فيه أعمال العباد و كل ما احتاج إليه لدلالة اطلع عليه و يبسط له فيعلم و يقبض عنه فلا يعلم

 و الإمام يولد و يلد و يصح و يمرض و يأكل و يشرب و يبول و يتغوط و ينكح و ينام و ينسى و يسهو و يفرح و يحزن و يضحك و يبكي و يحيا و يموت و يقبر فيزار و يحشر و يوقف و يعرض و يسأل و يثاب و يكرم و يشفع. و دلالته في العلم و استجابة الدعوة و كل ما أخبر به من الحوادث التي تحدث قبل كونها فذلك بعهد معهود إليه من رسول الله ص توارثه عن آبائه عنه ع و يكون ذلك مما عهده إليه جبرئيل عن علام الغيوب عز و جل. و جميع الأئمة الأحد عشر بعد النبي ص قتلوا منهم بالسيف و هو أمير المؤمنين بعد النبي ص و الحسين ع و الباقون قتلوا بالسم قتل كل واحد منهم طاغوت زمانه و جرى ذلك عليهم على الحقيقة و الصحة لا كما تقوله الغلاة و المفوضة لعنهم الله. فإنهم يقولون إنهم ع لم يقتلوا على الحقيقة و إنه شبه للناس أمرهم و كذبوا عليهم غضب الله فإنه ما شبه أمر أحد من أنبياء الله و حججه عليهم السلام للناس إلا أمر عيسى ابن مريم ع وحده لأنه رفع من الأرض حيا و قبض روحه بين السماء و الأرض ثم رفع إلى السماء و رد عليه روحه و ذلك قول الله عز و جل إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ و قال الله عز و جل حكاية لقول عيسى يوم القيامة وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ شَهِيدٌ. و يقول المتجاوزون للحد في أمر الأئمة ع إنه إن جاز أن يشبه أمر عيسى للناس فلم لا يجوز أن يشبه أمرهم أيضا و الذي يجب أن يقال لهم إن عيسى عليه السلام هو مولود من غير أب فلم لا يجوز أن يكونوا مولودين من غير آباء فإنهم لا يجسرون على إظهار مذهبهم لعنهم الله في ذلك و متى جاز أن يكون جميع أنبياء الله و رسله و حججه بعد آدم ع مولودين من الآباء و الأمهات و كان عيسى من بينهم مولودا من غير أب جاز أن يشبه للناس أمره دون أمر غيره من الأنبياء و الحجج ع كما جاز أن يولد من غير أب دونهم و إنما أراد الله عز و جل أن يجعل أمره ع آية و علامة ليعلم بذلك أنه على كل شي‏ء قدير. بيان و يلد مختونا كذا في أكثر نسخ ل، ]الخصال[ و ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ و الظاهر يولد كما في ج، ]الإحتجاج[ و غيره و يكون مطهرا أي من الدم و سائر الكثافات أو مقطوع السرة أو مختونا فيكون تأكيدا. و يرى من خلفه يمكن أن يقرأ في الموضعين بالكسر حرف جر و بالفتح اسم موصول و على الأول مفعول يرى محذوف أي الأشياء و الظاهر أن الرؤية في الأول بمعنى العلم فإن الرؤية الحقيقية لا تكون إلا بشرائطها. و ما يقال من أن الرؤية بمعنى العلم يتعدى إلى مفعولين و بالعين إلى مفعول واحد فهو إذا استعمل في العلم حقيقة و أما إذا استعمل في الرؤية بالعين ثم استعير للعلم للدلالة على غاية الانكشاف فيتعدى إلى مفعول واحد كما مر

 من قول أمير المؤمنين ع لم أكن لأعبد ربا لم أره ثم قال ع لم تره العيون بمشاهدة الأبصار و لكن رأته القلوب بحقائق الإيمان و أمثال ذلك كثيرة

و ما قيل من أن الله تعالى خلق لهم إدراكا في القفا كما يخلق النطق في اليد و الرجل في الآخرة أو أنه كان ينعكس شعاع أبصارهم إذا وقع على ما يقابله كما في المرآة فهما تكلفان مستغنى عنهما. و القول بأن يدركوا بالعين ما ليس بمقابل لها من باب خرق العادة بناء على أن شروط الإبصار إنما هي بحسب العادة فيجوز أن تنخرق فيخلق الله الإبصار في غير العين من الأعضاء فيرى المرئي أو يرى بالعين ما لا يقابله فهي إنما يستقيم على أصول الأشاعرة المجوزين للرؤية على الله سبحانه و أما على أصول المعتزلة و الإمامية فلا يجري هذا الاحتمال و الله أعلم بحقيقة الحال. و يستوي عليه درع رسول الله كان هذه غير الدرع ذات الفضول التي استواؤها من علامات القائم ع كما سيأتي في محله أو المعنى أن هذه من علامات الأئمة عليهم السلام و إن كان بعضها مختصا ببعضهم و الأول أظهر. و يكون أولى بالناس يحتمل أن يكون هذا أيضا من معجزاته و صفاته لا من أحكامه كسائر ما في الخبر أي يسخر الله له قلوب شيعته بحيث يكون عندهم اضطرارا أولى من أنفسهم و يفدون أنفسهم دونه و لعله أنسب بسياق الخبر

 3-  شا، ]الإرشاد[ ابن قولويه عن الكليني عن أحمد بن محمد بن مهران عن محمد بن علي عن الحسن بن الجهم قال كنت مع أبي الحسن ع جالسا فدعا بابنه و هو صغير فأجلسه في حجري و قال لي جرده و انزع قميصه فنزعته فقال لي انظر بين كتفيه قال فنظرت فإذا في أحد كتفيه شبه الخاتم داخل اللحم ثم قال لي أ ترى هذا مثله في هذا الموضع كان من أبي ع

 بيان ظاهره أن للإمام أيضا علامة في جسده تدل على إمامته ع كخاتم النبوة و يحتمل اختصاصها بالإمامين ع

 4-  ك، ]إكمال الدين[ مع، ]معاني الأخبار[ لي، ]الأمالي للصدوق[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الطالقاني عن القاسم بن محمد الهاروني عن عمران بن موسى عن الحسن بن قاسم الرقام عن القاسم بن مسلم عن أخيه عبد العزيز بن مسلم قال كنا في أيام علي بن موسى الرضا ع بمرو فاجتمعنا في مسجد جامعها في يوم جمعة في بدء مقدمنا فأدار الناس أمر الإمامة و ذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدي و مولاي الرضا ع فأعلمته ما خاض الناس فيه فتبسم ثم قال يا عبد العزيز جهل القوم و خدعوا عن أديانهم إن الله تبارك و تعالى لم يقبض نبيه ص حتى أكمل له الدين و أنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شي‏ء بين فيه الحلال و الحرام و الحدود و الأحكام و جميع ما يحتاج إليه الناس كملا فقال عز و جل ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ و أنزل في حجة الوداع و هي آخر عمره ص الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فأمر الإمامة من تمام الدين و لم يمض ع حتى بين لأمته معالم دينه و أوضح لهم سبله و تركهم على قصد الحق و أقام لهم عليا ع علما و إماما و ما ترك شيئا تحتاج إليه الأمة إلا بينه فمن زعم أن الله عز و جل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله عز و جل و من رد كتاب الله فهو كافر هل يعرفون قدر الإمامة و محلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم أن الإمامة أجل قدرا و أعظم شأنا و أعلى مكانا و أمنع جانبا و أبعد غورا من أن يبلغها بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم إن الإمامة خص الله عز و جل بها إبراهيم الخليل ع بعد النبوة و الخلة مرتبة ثالثة و فضيلة شرفه بها و أشاد بها ذكره فقال عز و جل إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً فقال الخليل ع سرورا بها وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قال الله عز و جل لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة و صارت في الصفوة ثم أكرمه الله بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة و الطهارة فقال عز و جل وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها النبي ص فقال الله جل جلاله إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ فكانت له خاصة فقلدها ص عليا ع بأمر الله عز و جل على رسم ما فرضها الله فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم و الإيمان بقوله عز و جل وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فهي في ولد علي ع خاصة إلى يوم القيامة إذ لا نبي بعد محمد ص فمن أين يختار هؤلاء الجهال أن الإمامة هي منزلة الأنبياء و إرث الأوصياء إن الإمامة خلافة الله عز و جل و خلافة الرسول و مقام أمير المؤمنين و ميراث الحسن و الحسين ع إن الإمامة زمام الدين و نظام المسلمين و صلاح الدنيا و عز المؤمنين إن الإمامة أس الإسلام النامي و فرعه السامي بالإمام تمام الصلاة و الزكاة و الصيام و الحج و الجهاد و توفير الفي‏ء و الصدقات و إمضاء الحدود و الأحكام و منع الثغور و الأطراف و الإمام يحلل حلال الله و يحرم حرام الله و يقيم حدود الله و يذب عن دين الله و يدعو إلى سبيل ربه بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ و الحجة البالغة الإمام كالشمس الطالعة للعالم و هي في الأفق بحيث لا تناله الأيدي و الأبصار الإمام البدر المنير و السراج الزاهر و النور الساطع و النجم الهادي في غياهب الدجى و البلد القفار و لجج البحار الإمام الماء العذب على الظمإ و الدال على الهدى و المنجي من الردى الإمام النار على اليفاع الحار لمن اصطلى به و الدليل في المهالك من فارقه فهالك الإمام السحاب الماطر و الغيث الهاطل و الشمس المضيئة و السماء الظليلة و الأرض البسيطة و العين الغزيرة و الغدير و الروضة الإمام الأمين الرفيق و الأخ الشفيق

 و مفزع العباد في الداهية الإمام أمين الله في أرضه و حجته على عباده و خليفته في بلاده الداعي إلى الله و الذاب عن حرم الله الإمام المطهر من الذنوب المبرأ من العيوب مخصوص بالعلم موسوم بالحلم نظام الدين و عز المسلمين و غيظ المنافقين و بوار الكافرين الإمام واحد دهره لا يدانيه أحد و لا يعادله عالم و لا يوجد منه بدل و لا له مثل و لا نظير مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له و لا اكتساب بل اختصاص من المفضل الوهاب فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام و يمكنه اختياره هيهات هيهات ضلت العقول و تاهت الحلوم و حارت الألباب و حسرت العيون و تصاغرت العظماء و تحيرت الحكماء و تقاصرت الحلماء و حصرت الخطباء و جهلت الألباء و كلت الشعراء و عجزت الأدباء و عييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله فأقرت بالعجز و التقصير و كيف يوصف أو ينعت بكنهه أو يفهم شي‏ء من أمره أو يوجد من يقوم مقامه و يغني غناءه لا كيف و أنى و هو بحيث النجم من أيدي المتناولين و وصف الواصفين فأين الاختيار من هذا و أين العقول عن هذا أو أين يوجد مثل هذا ظنوا أن ذلك يوجد في غير آل الرسول صلى الله عليهم كذبتهم و الله أنفسهم و منتهم الباطل فارتقوا مرتقى صعبا دحضا تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم راموا إقامة الإمامة بعقول حائرة بائرة ناقصة و آراء مضلة فلم يزدادوا منه إلا بعدا قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ لقد راموا صعبا و قالوا إفكا و ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً و وقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة و زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل و كانوا مستبصرين رغبوا عن اختيار الله و اختيار رسوله إلى اختيارهم و القرآن يناديهم وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ و قال عز و جل وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ و قال عز و جل ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ و قال عز و جل أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها أم طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون أم قالوا سمعنا و هم لا يسمعون إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ و قالُوا سَمِعْنا وَ عَصَيْنا بل هو فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ فكيف لهم باختيار الإمام و الإمام عالم لا يجهل داعي لا ينكل معدن القدس و الطهارة و النسك و الزهادة و العلم و العبادة مخصوص بدعوة الرسول ص و هو نسل المطهرة البتول لا مغمز فيه في نسب و لا يدانيه ذو حسب في البيت من قريش و الذروة من هاشم و العترة من آل الرسول و الرضا من الله شرف الأشراف و الفرع من عبد مناف نامي العلم كامل الحلم مضطلع بالإمامة عالم بالسياسة مفروض الطاعة قائم بأمر الله ناصح لعباد الله حافظ لدين الله

 إن الأنبياء و الأئمة يوفقهم الله و يؤتيهم من مخزون علمه و حكمه ما لا يؤتيه غيرهم فيكون علمهم فوق كل علم أهل زمانهم في قوله تبارك و تعالى أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ و قوله عز و جل وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً و قوله عز و جل في طالوت إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ و قال عز و جل لنبيه ص وَ كانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً و قال عز و جل في الأئمة من أهل بيته و عترته و ذريته أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً و إن العبد إذا اختاره الله عز و جل لأمور عباده شرح صدره لذلك و أودع قلبه ينابيع الحكمة و ألهمه العلم إلهاما فلم يعي بعده بجواب و لا يحير فيه عن الصواب و هو معصوم مؤيد موفق مسدد قد أمن الخطايا و الزلل و العثار يخصه الله عز و جل بذلك ليكون حجته على عباده و شاهده على خلقه و ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ فهل يقدرون على مثل هذا فيختاروه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدموه تعدوا و بيت الله الحق و نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون و في كتاب الله الهدى و الشفاء فنبذوه و اتبعوا أهواءهم فذمهم الله و مقتهم و أتعسهم فقال عز و جل وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ و قال عز و جل فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ و قال عز و جل كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ

 قال و حدثني بهذا الحديث ابن عصام و الدقاق و الوراق و المكتب و الحسن بن أحمد المؤدب جميعا عن الكليني عن أبي محمد القاسم بن العلاء عن القاسم بن مسلم عن أخيه عنه ع لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن المتوكل عن الكليني مثله ج، ]الإحتجاج[ القاسم بن مسلم عن أخيه عنه ع مثله ف، ]تحف العقول[ عبد العزيز مثله  ني، ]الغيبة للنعماني[ الكليني عن القاسم بن العلاء عن عبد العزيز بن مسلم عنه ع مثله كا، ]الكافي[ أبو محمد عن القاسم بن العلاء عن عبد العزيز بن مسلم مثله بيان قوله ع و خدعوا عن أديانهم أي خدعهم الشيطان صارفا لهم عن أديانهم و في الكافي عن آرائهم فعن تعليلية قوله تعالى ما فَرَّطْنا الاستشهاد بالآية على وجهين الأول أن الإمامة أعظم الأشياء فيجب أن يكون مبينا فيه الثاني أنه تعالى أخبر ببيان كل شي‏ء في القرآن و لا خلاف في أن غير الإمام لا يعرف كل شي‏ء من القرآن فلا بد من وجود الإمام المنصوص و على التقديرين مبنى الاستدلال على كون المراد بالكتاب القرآن كما هو الظاهر و قيل هو اللوح قوله ع من تمام الدين أي لا شك أنه من أمور الدين بل أعظمها كيف لا و قد قدموه على تجهيز الرسول ص الذي كان من أوجب الأمور فلا بد أن يكون داخلا فيما بلغه ص و القصد الطريق الوسط و الإضافة بيانية. إلا بينه لعلي ع أو للناس بالنص عليه قوله ع هل يعرفون الغرض أن نصب الإمام موقوف على العلم بصفاته و شرائط الإمامة و هم جاهلون بها فكيف يتيسر لهم نصبه و تعيينه. قوله و أمنع جانبا أي جانبه أشد منعا من أن يصل إليه يد أحد و الإشادة رفع الصوت بالشي‏ء يقال أشاده و أشاد به إذا أشاعه و رفع ذكره. و صارت في الصفوة مثلثة أي أهل الطهارة و العصمة أو أهل الاصطفاء و الاختيار و النافلة العطية الزائدة أو ولد الولد يهدون بأمرنا أي لا بتعيين الخلق قرنا فقرنا منصوبان على الظرفية قوله تعالى إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ أي أخصهم و أقربهم من الولي بمعنى القرب أو أحقهم بمقامه و الاستدلال بالآية مبني على أن المراد بالمؤمنين فيها الأئمة ع أو على أن تلك الإمامة انتهت إلى النبي ص و هو لم يستخلف غير علي ع بالاتفاق. قوله وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أقول قبل هذه الآية قوله تعالى وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ فالظاهر أن هذا جواب قول المجرمين و القائل هم الذين أوتوا العلم و الإيمان و مصداقهم الأكمل النبي و الأئمة صلوات الله عليهم أو هم المقصودون لا غيرهم. و ربما يوهم ظاهر الخبر أن المخاطب هم الأئمة ع و المراد لبثهم في علم الكتاب لكن لا يساعده سابقه و لاحقه. نعم قال علي بن إبراهيم هذه الآية مقدمة و مؤخرة و إنما هو و قال الذين أوتوا العلم و الإيمان في كتاب الله لقد لبثتم إلى يوم البعث و هو لا ينافي ما ذكرنا قوله ع إذ لا نبي إما تعليل لكون الخلافة فيهم و التقريب أنه لا نبي بعد محمد ص حتى يجعل الإمامة في غيرهم بعد جعل النبي ص فيهم أو لكونهم أئمة لا أنبياء أو لامتداد ذلك إلى يوم القيامة و التقريب ظاهر و هو قريب من الأول. منزلة الأنبياء أي منزلة لهم و لمن هو في مثلهم أو كانت لهم فيجب أن ينتقل إلى من هو مثلهم. و الزمام الخيط الذي يشد في طرفه المقود و قد يطلق على المقود و الأس أصل البناء و السامي العالي و الثغور حدود بلاد الإسلام المتصلة ببلاد الكفر و الذب المنع و الدفع و الفعل كنصر. قوله ع لا تناله الأيدي أي أيدي الأوهام و العقول و الساطع المرتفع و الغيهب الظلمة و شدة السواد و الدجى بضم الدال الظلمة و الإضافة للمبالغة و استعير لظلمات الفتن و الشكوك و الشبهة و في الكافي و أجواز البلدان القفار و جوز كل شي‏ء وسطه و القفار جمع القفر و هو مفازة لا نبات فيها و لا ماء و في الإحتجاج و البيد القفار جمع البيداء و هو أظهر و اللجة بالضم معظم الماء و الظمأ بالتحريك شدة العطش و الردى الهلاك و البقاع ما ارتفع من الأرض

  و الاصطلاء افتعال من الصلي بالنار و هو التسخن بها و الهطل بالسكون و التحريك تتابع المطر و سيلانه و الغزيرة الكثيرة. قوله ع الأمين في الكافي الأنيس الرفيق و الوالد الشفيق و الأخ الشقيق و إنما وصف الأخ بالشقيق لأنه شق نسبه من نسبه و بعده و الأم البرة بالولد الصغير و مفزع العباد في الداهية الناد يقال ند أي شرد و نفر و الأظهر أنه مهموز كسحاب أو كحبالى في القاموس نأد الداهية فلانا دهته و النآد كسحاب و النآدى كحبالى الداهية و في الصحاح النآد و النأدى الداهية قال الكميت

فإياكم و داهية نآدى. أظلتكم بعارضها المخيل.

 قوله ع الذاب عن حرم الله الحرم بضم الحاء و فتح الراء جمع الحرمة و هي ما لا يحل انتهاكه و تضييعه أي يدفع الضرر و الفساد عن حرمات الله و هي ما عظمها و أمر بتعظيمها من بيته و كتابه و خلفائه و فرائضه و أوامره و نواهيه و البوار الهلاك و الحلوم أيضا العقول كالألباب. و ضلت و تاهت و حارت متقاربة المعاني و حسر بصره كضرب أي كل و انقطع نظره من طول مدى و ما أشبه ذلك و في كا خسئت كمنعت بمعناه و يقال تصاغرت إليه نفسه أي صغرت و التقاصر مبالغة في القصر أو إظهاره كالتطاول و حصر كعلم عيي في المنطق و يقال ما يغني عنك هذا أي ما ينفعك و يجديك و الغناء بالفتح النفع. لا تصريح بالإنكار المفهوم من الاستفهام حذفت الجملة لدلالة ما قبلها على المراد أي لا يوصف إلى آخر الجمل كيف تكرار للاستفهام الإنكاري الأول تأكيدا و أنى مبالغة أخرى بالاستفهام الإنكاري عن إمكان الوصف و ما بعده و هو بحيث النجم الواو للحال و الباء بمعنى في و الخبر محذوف أي مرئي لأن حيث لا يضاف إلا إلى الجمل من أيدي المتناولين متعلق بحيث. قوله ع كذبتهم أي قال لهم كذبا أو بالتشديد أي إذا رجعوا إلى أنفسهم شهدت أنفسهم بكذب مقالهم قوله و منتهم الباطل و في كا، ]الكافي[ و غيره الأباطيل أي ألقت في أنفسهم الأماني و يقال منه السير أي أضعفه و أعياه و يقال مكان دحض و دحض بالتحريك أي زلق و في القاموس رجل حائر بائر أي لم يتجه لشي‏ء و لا يأتمر رشدا و لا يطيع مرشدا قوله ع أم طبع الله على قلوبهم هذا من كلامه ع اقتبسه من الآيات و ليس في القرآن بهذا اللفظ و كذا قوله أم قالوا سمعنا و في القرآن هكذا وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا و كذا قوله و قالُوا سَمِعْنا وَ عَصَيْنا و إن كان موافقا للفظ الآية كما لا يخفى و كذا قوله بل هو فضل الله لعدم الموافقة و وجه الاستدلال بالآيات ظاهر و تفسيرها موكول إلى مظانها. و أما قوله تعالى وَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا فلم يرد به العموم بأن يكون المراد و لو أسمعهم على أي وجه كان لتولوا حتى ينتج و لو علم الله فيهم خيرا لتولوا بل المراد أنه لو أسمعهم و هم على تلك الحال التي لا يعلم الله فيهم خيرا لتولوا فهو كالتأكيد و التعليل للسابق و قد أجيب عنه بوجوه لا يسمن و لا يغني من جوع و لا نطيل الكلام بإيرادها. قوله لا ينكل بالضم أي لا يجبن و النسك بالضم العبادة و الجمع بضمتين قوله ع بدعوة الرسول أي بدعوة الخلق نيابة عن الرسول

 كما قال النبي ص لا يبلغه إلا أنا أو رجل مني

و كما قال تعالى أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي أو بدعاء الرسول ص إياه للإمامة أو بدعاء الرسول له في قوله اللهم وال من والاه و قوله اللهم أذهب عنهم الرجس و قوله اللهم ارزقهم فهمي و علمي و غيرها. قوله لا مغمز أي لا مطعن و يقال فلان مضطلع بهذا الأمر أي قوي عليه قوله قائم بأمر الله أي لا باختيار الأمة أو بإجراء أمر الله قوله في قوله تعالى متعلق بمقدر أي ذلك مذكور في قوله تعالى و يحتمل أن يكون تعليلية. قوله و قال عز و جل لنبيه ص في الكافي بعد ذلك أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَ كانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً و الغرض من إيراد هذا الآية أن الله تعالى امتن على نبيه ص بإنزال الكتاب و الحكمة و إيتاء نهاية العلم و عد ذلك فضلا عظيما و أثبت ذلك الفضل لجماعة من تلك الأمة بأنهم المحسودون على ما آتاهم الله من فضله ثم بين أنهم من آل إبراهيم فهم الأئمة ع و الفضل العلم و الحكمة و الخلافة مع أنه يظهر من الآيتين أن الفضل و الشرف بالعلم و الحكمة و لا ريب في أنهم ع أعلم من غيرهم من المدعين للخلافة و منه يظهر وجه الاستشهاد بقوله تعالى وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ و التعس الهلاك و العثار و السقوط و الشر و البعد و الانحطاط

 5-  ب، ]قرب الإسناد[ محمد بن خالد الطيالسي عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي الحسن الماضي ع قال دخلت عليه فقلت جعلت فداك بم يعرف الإمام فقال بخصال أما أولهن فشي‏ء تقدم من أبيه فيه و عرفه الناس و نصبه لهم علما حتى يكون حجة عليهم لأن رسول الله ص نصب عليا و عرفه الناس و كذلك الأئمة يعرفونهم الناس و ينصبونهم لهم حتى يعرفوه و يسأل فيجيب و يسكت عنه فيبتدئ و يخبر الناس بما في غد و يكلم الناس بكل لسان فقال لي يا أبا محمد الساعة قبل أن تقوم أعطيك علامة تطمئن إليها فو الله ما لبثت أن دخل علينا رجل من أهل خراسان فتكلم الخراساني بالعربية فأجابه هو بالفارسية فقال له الخراساني أصلحك الله ما منعني أن أكلمك بكلامي إلا أني ظننت أنك لا تحسن فقال سبحان الله إذا كنت لا أحسن أجيبك فما فضلي عليك ثم قال يا أبا محمد إن الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس و لا طير و لا بهيمة و لا شي‏ء فيه روح بهذا يعرف الإمام فإن لم تكن فيه هذه الخصال فليس هو بإمام

  -6  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ تميم القرشي عن أبيه عن أحمد بن علي الأنصاري عن الحسن بن الجهم قال حضرت مجلس المأمون يوما و عنده علي بن موسى الرضا ع و قد اجتمع الفقهاء و أهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم فقال له يا ابن رسول الله بأي شي‏ء تصح الإمامة لمدعيها قال بالنص و الدلائل قال له فدلالة الإمام فيما هي قال في العلم و استجابة الدعوة قال فما وجه إخباركم بما يكون قال ذلك بعهد معهود إلينا من رسول الله ص قال فما وجه إخباركم بما في قلوب الناس قال ع أ ما بلغك قول الرسول ص اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله قال بلى قال فما من مؤمن إلا و له فراسة ينظر بنور الله على قدر إيمانه و مبلغ استبصاره و علمه و قد جمع الله للأئمة منا ما فرقه في جميع المؤمنين و قال عز و جل في كتابه إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ فأول المتوسمين رسول الله ص ثم أمير المؤمنين ع من بعده ثم الحسن و الحسين و الأئمة من ولد الحسين إلى يوم القيامة قال فنظر إليه المأمون فقال له يا أبا الحسن زدنا مما جعل الله لكم أهل البيت فقال الرضا ع إن الله عز و جل قد أيدنا بروح منه مقدسة مطهرة ليست بملك لم تكن مع أحد ممن مضى إلا مع رسول الله ص و هي مع الأئمة منا تسددهم و توفقهم و هو عمود من نور بيننا و بين الله عز و جل قال له المأمون يا أبا الحسن بلغني أن قوما يغلون فيكم و يتجاوزون فيكم الحد فقال له الرضا ع حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب ع قال قال رسول الله ص لا ترفعوني فوق حقي فإن الله تبارك و تعالى اتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا قال الله تبارك و تعالى ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَ بِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ وَ لا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَ النَّبِيِّينَ أَرْباباً أَ يَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ و قال علي ع يهلك في اثنان و لا ذنب لي محب مفرط و مبغض مفرط و إنا لنبرأ إلى الله عز و جل ممن يغلو فينا فيرفعنا فوق حدنا كبراءة عيسى ابن مريم ع من النصارى قال الله عز و جل وَ إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُمْ وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ شَهِيدٌ و قال عز و جل لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَ لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ و قال عز و جل مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَ أُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ و معناه أنهما كانا يتغوطان فمن ادعى للأنبياء ربوبية أو ادعى للأئمة ربوبية أو نبوة أو لغير الأئمة إمامة فنحن منه براء في الدنيا و الآخرة فقال المأمون يا أبا الحسن فما تقول في الرجعة فقال الرضا ع إنها الحق و قد كانت في الأمم السالفة و نطق بها القرآن و قد قال رسول الله ص يكون في هذه الأمة كل ما كان في الأمم السالفة حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة و قال

 ع إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسى ابن مريم ع فصلى خلفه و قال ع بدأ الإسلام غريبا و سيعود غريبا فطوبى للغرباء قيل يا رسول الله ثم يكون ما ذا قال ثم يرجع الحق إلى أهله فقال المأمون يا أبا الحسن فما تقول في القائلين بالتناسخ فقال الرضا ع من قال بالتناسخ فهو كافر بالله العظيم يكذب بالجنة و النار فقال المأمون فما تقول في المسوخ قال الرضا ع أولئك قوم غضب الله عليهم فمسخهم فعاشوا ثلاثة أيام ثم ماتوا و لم يتناسلوا فما يوجد في الدنيا من القردة و الخنازير و غير ذلك مما أوقع عليه اسم المسوخية فهي مثلها لا يحل أكلها و الانتفاع بها قال المأمون لا أبقاني الله بعدك يا أبا الحسن و الله ما يوجد العلم الصحيح إلا عند أهل هذا البيت و إليك انتهى علوم آبائك فجزاك الله عن الإسلام و أهله خيرا قال الحسن بن جهم فلما قام الرضا ع تبعته فانصرف إلى منزله فدخلت عليه و قلت له يا ابن رسول الله الحمد لله الذي وهب لك من جميل رأي أمير المؤمنين ما حمله على ما أرى من إكرامه لك و قبوله لقولك فقال ع يا ابن الجهم لا يغرنك ما ألفيته عليه من إكرامي و الاستماع مني فإنه سيقتلني بالسم و هو ظالم لي أعرف ذلك بعهد معهود إلي من آبائي عن رسول الله ص فاكتم هذا علي ما دمت حيا قال الحسن بن الجهم فما حدثت أحدا بهذا الحديث إلى أن مضى الرضا ع بطوس مقتولا بالسم و دفن في دار حميد بن قحطبة الطائي في القبة التي فيها قبر هارون إلى جانبه

 بيان القذة بالضم ريش السهم بدأ الإسلام غريبا أي في زمان شاع الكفر و يعد مستغربا و يقل أهله و من يقبله و سيعود كذلك في زمان القائم ع عند انقطاع الإسلام و الإيمان فطوبى للتابعين للحق في ذلك الزمان أو في الزمانين قال في النهاية فيه إن الإسلام بدأ غريبا و سيعود كما بدأ فطوبى للغرباء. أي إنه كان في أول أمره كالغريب الوحيد الذي لا أهل له عنده لقلة المسلمين يومئذ و سيعود غريبا كما كان أي يقل المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغرباء فطوبى للغرباء أي الجنة لأولئك المسلمين الذين كانوا في أول الإسلام و يكونون في آخره و إنما خصهم بها لصبرهم على أذى الكفار أولا و آخرا و لزومهم دين الإسلام

 7-  ل، ]الخصال[ أبي عن محمد العطار عن الأشعري عن عبد الصمد بن محمد عن حنان بن سدير عن أبي عبد الله ع عن أبيه قال إن الإمامة لا تصلح إلا لرجل فيه ثلاث خصال ورع يحجزه عن المحارم و حلم يملك به غضبه و حسن الخلافة على من ولي عليه حتى يكون له كالوالد الرحيم

 8-  ل، ]الخصال[ أبي عن محمد العطار عن ابن أبي الخطاب عن البزنطي قال سئل أبو الحسن ع الإمام بأي شي‏ء يعرف بعد الإمام قال إن للإمام علامات أن يكون أكبر ولد أبيه بعده و يكون فيه الفضل و إذا قدم الراكب المدينة قال إلى من أوصى فلان قالوا إلى فلان و السلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل يدور مع السلاح حيث كان

  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن البزنطي مثله

 9-  ل، ]الخصال[ أبي عن محمد العطار عن الأشعري عن الخشاب عن يزيد بن إسحاق شعر عن الغنوي عن عبد الأعلى قال قلت لأبي عبد الله ع ما الحجة على المدعي لهذا الأمر بغير حق قال ثلاثة من الحجة لم يجتمعن في رجل إلا كان صاحب هذا الأمر أن يكون أولى الناس بمن قبله و يكون عنده سلاح رسول الله ص و يكون صاحب الوصية الظاهرة الذي إذا قدمت المدينة سألت العامة و الصبيان إلى من أوصى فلان فيقولون إلى فلان

 كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن يزيد شعر مثله بيان أولى الناس بمن قبله أي في النسب أو في الخلطة و العلم و الإخلاص و الأول أظهر كما مر

 10-  ل، ]الخصال[ أبي عن محمد العطار عن الأشعري عن محمد بن الوليد عن حماد بن عثمان عن الحارث بن المغيرة النضري قال قلت لأبي عبد الله ع بما يعرف صاحب هذا الأمر قال بالسكينة و الوقار و العلم و الوصية

  ير، ]بصائر الدرجات[ الحسين بن محمد عن المعلى عن محمد بن جمهور عن موسى عن حنان عن الحارث مثله

 11-  ل، ]الخصال[ أبي عن أحمد بن إدريس عن ابن عيسى عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن أبي جعفر ع قال قلت له جعلت فداك إذا مضى عالمكم أهل البيت فبأي شي‏ء يعرفون من يجي‏ء بعده قال بالهدى و الإطراق و إقرار آل محمد له بالفضل و لا يسأل عن شي‏ء مما بين صدفيها إلا أجاب فيه

 ير، ]بصائر الدرجات[ الحسين بن محمد عن أبي جعفر محمد بن الربيع عن رجل من أصحابنا عن الجارود مثله بيان الهدى السيرة الحسنة و يحتمل الهدى بالضم و الإطراق لعله أراد به السكوت في حال التقية أو كناية عن السكينة و الوقار قال الفيروزآبادي أطرق سكت و لم يكلم و أرخى عينيه ينظر إلى الأرض و قوله بين صدفيها أي جميع الأرض فإن الجبل محيط بالدنيا و صدف الجبل هو ما قابلك من جانبه و في البصائر بين دفتين و دافتا المصحف ضامتاه كناية عن الكل

 12-  ير، ]بصائر الدرجات[ عمران بن موسى عن محمد بن الحسين عن عبيس بن هشام عن الحسين بن يونس عن أبي عبد الله ع قال إذا أراد الله أن يخلق إماما أخذ الله بيده شربة من تحت عرشه فدفعه إلى ملك من ملائكته فأوصلها إلى الإمام فكان الإمام من بعده منها فإذا مضت عليه أربعون يوما سمع الصوت و هو في بطن أمه فإذا ولد أوتي الحكمة و كتب على عضده الأيمن وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فإذا كان الأمر يصل إليه أعانه الله بثلاثمائة و ثلاثة عشر ملكا بعدد أهل بدر و كانوا معه و معهم سبعون رجلا و اثنا عشر نقيبا فأما السبعون فيبعثهم إلى الآفاق يدعون الناس إلى ما دعوا إليه أولا و يجعل الله له في كل موضع مصباحا يبصر به أعمالهم

 يج، ]الخرائج و الجرائح[ عن يونس مثله

 13-  ل، ]الخصال[ العجلي عن ابن زكريا القطان عن ابن حبيب عن ابن بهلول عن أبي معاوية عن سليمان بن مهران عن أبي عبد الله ع قال عشر خصال من صفات الإمام العصمة و النصوص و أن يكون أعلم الناس و أتقاهم لله و أعلمهم بكتاب الله و أن يكون صاحب الوصية الظاهرة و يكون له المعجز و الدليل و تنام عينه و لا ينام قلبه و لا يكون له في‏ء و يرى من خلفه كما يرى من بين يديه

 قال الصدوق رحمة الله عليه معجز الإمام و دليله في العلم و استجابة الدعوة فأما إخباره بالحوادث التي تحدث قبل حدوثها فذلك بعهد معهود إليه من رسول الله ص و إنما لا يكون له في‏ء لأنه مخلوق من نور الله عز و جل و أما رؤيته من خلفه كما يرى من بين يديه فذلك بما أوتي من التوسم و التفرس في الأشياء قال الله عز و جل إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ

 14-  مع، ]معاني الأخبار[ إبراهيم بن هارون العبسي عن ابن عقدة عن جعفر بن عبد الله عن كثير بن عياش عن أبي الجارود قال سألت أبا جعفر الباقر ع بم يعرف الإمام قال بخصال أولها نص من الله تبارك و تعالى عليه و نصبه علما للناس حتى يكون عليهم حجة لأن رسول الله ص نصب عليا و عرفه الناس باسمه و عينه و كذلك الأئمة ع ينصب الأول الثاني و أن يسأل فيجيب و أن يسكت عنه فيبتدئ و يخبر الناس بما يكون في غد و يكلم الناس بكل لسان و لغة

 قال الصدوق رحمه الله إن الإمام إنما يخبر بما يكون في غد بعهد واصل إليه من رسول الله ص و ذلك مما نزل به عليه جبرئيل من أخبار الحوادث الكائنة إلى يوم القيامة. بيان الأخبار المتواترة الدالة على كون الإمام محدثا و أنه مؤيد بروح القدس و أن الملائكة و الروح تنزل عليه في ليلة القدر و غيرها تغني عن هذا التكلف و إن كان له وجه صحة و سيأتي تمام القول في ذلك في أبواب العلم

 15-  يد، ]التوحيد[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير عن محمد بن حمران عن الفضل بن السكن عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع اعرفوا الله بالله و الرسول بالرسالة و أولي الأمر بالمعروف و العدل و الإحسان

 16-  ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن عبد الجبار عن أبي عبد الله البرقي عن فضالة عن عبد الحميد بن نصر قال قال أبو عبد الله ع ينكرون الإمام المفترض الطاعة و يجحدون به و الله ما في الأرض منزلة أعظم عند الله من مفترض الطاعة فقد كان إبراهيم دهرا ينزل عليه الأمر من الله و ما كان مفترض الطاعة حتى بدا لله أن يكرمه و يعظمه فقال إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً فعرف إبراهيم ما فيها من الفضل ف قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي ف قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ قال أبو عبد الله ع أي إنما هي ذريتك لا يكون في غيرهم

 بيان قوله ع و ما كان مفترض الطاعة أي كان نبيا و لم يكن مرسلا أو كان رسولا و لم تعم رسالته لجميع أهل الأرض أو لم يكن إماما مفترض الطاعة لكل من يأتي بعده من الأنبياء و أما قوله ع أي إنما هي في ذريتك فلعل المراد به أن الله تعالى لما علم أنه لا يكون المعصوم إلا في ذرية إبراهيم ع قال لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ أي لا تكون الإمامة إلا في المعصومين فلا ينالها غير ذريتك و على هذا التأويل الجواب أشد مطابقة للسؤال و الله أعلم بحقيقة الحال

 17-  ع، ]علل الشرائع[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن أبيه عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه قال سأل ضرار هشام بن الحكم عن الدليل على الإمام بعد النبي ص فقال هشام الدلالة عليه ثمان دلالات أربعة منها في نعت نسبه و أربعة في نعت نفسه أما الأربعة التي في نعت نسبه فأن يكون معروف القبيلة معروف الجنس معروف النسب معروف البيت و ذلك أنه إذا لم يكن معروف القبيلة معروف الجنس معروف النسب معروف البيت جاز أن يكون في أطراف الأرض و في كل جنس من الناس فلما لم يجز أن يكون إلا هكذا و لم نجد جنسا في العالم أشهر من جنس محمد ص و هو جنس العرب الذي منه صاحب الملة و الدعوة الذي ينادى باسمه في كل يوم و ليلة خمس مرات على الصوامع في المساجد في جميع الأماكن أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و وصل دعوته إلى كل بر و فاجر من عالم و جاهل معروف غير منكر في كل يوم و ليلة فلم يجز أن يكون الدليل إلا في أشهر الأجناس و لما لم يجز أن يكون إلا في هذا الجنس لشهرته لم يجز إلا أن يكون في هذه القبيلة التي منها صاحب الملة دون سائر القبائل من العرب و لما لم يجز إلا أن يكون في هذه القبيلة التي منها صاحب الدعوة لاتصالها بالملة لم يجز إلا أن يكون في هذا البيت الذي هو بيت النبي ص لقرب نسبه من النبي ص إشارة إليه دون غيره من أهل بيته ثم إن لم يكن إشارة إليه اشترك أهل هذا البيت و ادعيت فيه فإذا وقعت الدعوة فيه وقع الاختلاف و الفساد بينهم و لا يجوز إلا أن يكون من النبي ص إشارة إلى رجل من أهل بيته دون غيره لئلا يختلف فيه أهل هذا البيت أنه أفضلهم و أعلمهم و أصلحهم لذلك الأمر و أما الأربعة التي في نعت نفسه فأن يكون أعلم الخلق و أسخى الخلق و أشجع الخلق و أعف الخلق و أعصمهم من الذنوب صغيرها و كبيرها لم تصبه فترة و لا جاهلية و لا بد من أن يكون في كل زمان قائم بهذه الصفة إلى أن تقوم الساعة فقال عبد الله بن يزيد الإباضي و كان حاضرا من أين زعمت يا هشام أنه لا بد أن يكون أعلم الخلق قال إن لم يكن عالما يؤمن أن ينقلب شرائعه و أحكامه فيقطع من يجب عليه الحد و يحد من يجب عليه القطع و تصديق ذلك قول الله عز و جل أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ قال فمن أين زعمت أنه لا بد أن يكون معصوما من جميع الذنوب قال إن لم يكن معصوما لم يؤمن أن يدخل فيما دخل فيه غيره من الذنوب فيحتاج إلى من يقيم عليه الحد كما يقيمه على غيره و إذا دخل في الذنوب لم يؤمن أن يكتم على جاره و حبيبه و قريبه و صديقه و تصديق ذلك قول الله عز و جل إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ قال فمن أين زعمت أنه أشجع الخلق قال لأنه قيمهم الذي يرجعون إليه في الحرب فإن هرب فقد باء بغضب من الله و لا يجوز أن يبوء الإمام بغضب من الله و ذلك قوله عز و جل إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ قال فمن أين زعمت أنه لا بد أن يكون أسخى الخلق قال لأنه إن لم يكن سخيا لم يصلح للإمامة لحاجة الناس إلى نواله و فضله و القسمة بينهم بالسوية ليجعل الحق في موضعه لأنه إذا كان سخيا لم تتق نفسه إلى أخذ شي‏ء من حقوق الناس و المسلمين و لا يفضل نصيبه في القسمة على أحد من رعيته و قد قلنا إنه معصوم فإذا لم يكن أشجع الخلق و أعلم الخلق و أسخى الخلق و أعف الخلق لم يجز أن يكون إماما

 بيان قوله فترة أي ضعف و لين في إجراء أحكام الله تعالى قوله لم تتق مضارع من تاق إليه أي اشتاق

  -18  ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ في علل الفضل عن الرضا ع فإن قال فلم لا يجوز أن يكون الإمام من غير جنس الرسول قيل لعلل منها أنه لما كان الإمام مفترض الطاعة لم يكن بد من دلالة تدل عليه و يتميز بها من غيره و هي القرابة المشهورة و الوصية الظاهرة ليعرف من غيره و يهتدى إليه بعينه و منها أنه لو جاز في غير جنس الرسول لكان قد فضل من ليس برسول على الرسل إذ جعل أولاد الرسل أتباعا لأولاد أعدائه كأبي جهل و ابن أبي معيط لأنه قد يجوز بزعمه أن ينتقل ذلك في أولادهم إذا كانوا مؤمنين فيصير أولاد الرسول تابعين و أولاد أعداء الله و أعداء رسوله متبوعين و كان الرسول أولى بهذه الفضيلة من غيره و أحق و منها أن الخلق إذا أقروا للرسول بالرسالة و أذعنوا له بالطاعة لم يتكبر أحد منهم عن أن يتبع ولده و يطيع ذريته و لم يتعاظم ذلك في أنفس الناس و إذا كان في غير جنس الرسول كان كل واحد منهم في نفسه أنه أولى به من غيره و دخلهم من ذلك الكبر و لم تسخ أنفسهم بالطاعة لمن هو عندهم دونهم فكان يكون ذلك داعية لهم إلى الفساد و النفاق و الاختلاف

 19-  ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن الحسين عن أبي داود المسترق عن عيسى الفراء عن مالك الجهني قال كنت بين يدي أبي عبد الله ع فوضعت يدي على خدي و قلت لقد عصمك الله و شرفك فقال يا مالك الأمر أعظم مما تذهب إليه

  بيان أي ليس محض العصمة و التشريف كما زعمت بل هي الخلافة الكبرى و فرض الطاعة على كافة الورى و غير ذلك مما سيأتي و مضى

 20-  ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن عيسى و يعقوب بن يزيد و غيرهما عن ابن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله ع قال مضى رسول الله ص و خلف في أمته كتاب الله و وصيه علي بن أبي طالب ع أمير المؤمنين و إمام المتقين و حبل الله المتين و عروته الوثقى التي لَا انْفِصامَ لَها و عهده المؤكد صاحبان مؤتلفان يشهد كل واحد لصاحبه بتصديق ينطق الإمام عن الله عز و جل في الكتاب بما أوجب الله فيه على العباد من طاعة الله و طاعة الإمام و ولايته و أوجب حقه الذي أراه الله عز و جل من استكمال دينه و إظهار أمره و الاحتجاج بحجته و الاستضاءة بنوره في معادن أهل صفوته و مصطفى أهل خيرته فأوضح الله بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا عن دينه و أبلج بهم عن سبيل مناهجه و فتح بهم عن باطن ينابيع علمه فمن عرف من أمة محمد ص و أوجب حق إمامه وجد طعم حلاوة إيمانه و علم فضل طلاوة إسلامه لأن الله نصب الإمام علما لخلقه و جعله حجة على أهل عالمه ألبسه الله تاج الوقار و غشاه من نور الجبار يمد بسبب إلى السماء لا ينقطع عنه مواده و لا ينال ما عند الله تبارك و تعالى إلا بجهة أسباب سبيله و لا يقبل الله أعمال العباد إلا بمعرفته فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الوحي و معميات السنن و مشتبهات الفتن و لم يكن الله لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ و تكون الحجة من الله على العباد بالغة

 توضيح قوله ع و أوجب حقه في بعض النسخ و واجب حقه و هو عطف على الموصول أو على طاعة الله و الضمير عائد إليه تعالى أو على ولايته و الضمير عائد إلى الإمام. و قوله من استكمال بيان للموصول و قوله في معادن صفة للنور أو حال عنه و المراد بالصفوة هنا معناه المصدري و إضافة المعادن إلى الأهل إما بيانية أو لامية فالمراد بالأهل جميع قرابة الرسول ص. و قوله مصطفى معطوف على المعادن أو الأهل و الأمر في الإضافة و المصدرية كما مر و يحتمل أن يراد بالصفوة و الخيرة النبي ص و قوله من أهل بيت حال عن الأئمة أو بيان لها و تعدية الإيضاح و أخواتها بعن لتضمين معنى الكشف و إضافة السبيل إلى المناهج إما بيانية أو المراد بالسبيل العلوم و بالمناهج العبادات التي توجب الوصول إلى قربه تعالى و في بعض النسخ منهاجه و المنهاج الطريق الواضح. قوله و فتح و في بعض النسخ و ميح بتشديد الياء و المائح الذي ينزل البرء فيملأ الدلو و هو أنسب و التشديد للمبالغة و الطلاوة مثلثة الحسن و البهجة و القبول و السبب الحبل و ما يتوصل به إلى الشي‏ء و لعل المعنى أنه يعرج الله به في مدارج الكمال إلى سماء العظمة و الجلال قوله مواده المادة الزيادة المتصلة أي المواد المقررة له من الهدايات و الإلهامات و الضمير راجع إلى الإمام و يحتمل رجوعه إلى الله و إلى السبب. قوله بجهة أسباب سبيله في بعض النسخ أسبابه و على التقديرين الضمير للإمام و التباس الأمور اختلاطها على وجه يعسر الفرق بينها و الدجى كما في بعض النسخ جميع الدجية و هي الظلمة الشديدة

 21-  ير، ]بصائر الدرجات[ سلمة بن الخطاب عن سليمان بن سماعة الحذاء و عبد الله بن محمد جميعا عن عبد الله بن القاسم عن أبي الجارود قال قال أبو جعفر ع الإمام منا ينظر من خلفه كما ينظر من قدامه

 22-  ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن موسى عن الحسن بن علي الخشاب عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير قال قال أبو جعفر ع يوما و نحن عنده جماعة من الشيعة قوموا تفرقوا عني مثنى و ثلاث فإني أراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي فليسر عبد في نفسه ما شاء فإن الله يعرفنيه

 23-  ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن الأهوازي عن مقاتل عن الحسين بن أحمد عن يونس ظبيان قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن الله إذا أراد خلق إمام أنزل قطرة من تحت عرشه على بقلة من بقل الأرض أو ثمرة من ثمارها فأكل منها الإمام فتكون نطفته من تلك القطرة فإذا مكث في بطن أمه أربعين يوما سمع الصوت فإذا تمت له أربعة أشهر كتب على عضده الأيمن وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فإذا وضعته أمه على الأرض زين بالحكمة و جعل له مصباح من نور يرى به أعمالهم

  ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن عبد الجبار عن ابن أبي نجران عن ابن محبوب عن مقاتل مثله

 24-  ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن الخيبري عن يونس بن ظبيان قال قال أبو عبد الله ع وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثم قال هذا حرف في الأئمة خاصة ثم قال يا يونس إن الإمام يخلقه الله بيده لا يليه أحد غيره و هو جعله يسمع و يرى في بطن أمه حتى إذا صار إلى الأرض خط بين كتفيه وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

 بيان الخلق باليد كناية عن غاية اللطف و الاهتمام بشأنه فإن من يهتم بأمر يليه بنفسه أو المراد أنه يخلقه بقدرته من غير ملك في تسبيب أسبابه

 25-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله ع أن مما استحقت به الإمامة التطهير و الطهارة من الذنوب و المعاصي الموبقة التي توجب النار ثم العلم المنور بجميع ما يحتاج إليه الأمة من حلالها و حرامها و العلم بكتابها خاصه و عامه و المحكم و المتشابه و دقائق علمه و غرائب تأويله و ناسخه و منسوخه قلت و ما الحجة بأن الإمام لا يكون إلا عالما بهذه الأشياء الذي ذكرت قال قول الله فيمن أذن الله لهم في الحكومة و جعلهم أهلها إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَ نُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ فهذه الأئمة دون الأنبياء الذين يربون الناس بعلمهم و أما الأحبار فهم العلماء دون الربانيين ثم أخبر فقال بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَ كانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ و لم يقل بما حملوا منه

 بيان قال الطبرسي رحمه الله الرباني هو الذي يرب أمر الناس بتدبيره له و إصلاحه إياه يقال رب فلان أمره ربابة فهو ربان إذا دبره و أصلحه و قيل إنه مضاف إلى علم الرب و هو علم الدين و المعنى يحكم بالتوراة النبيون الذين أذعنوا لحكم الله و أقروا به لِلَّذِينَ هادُوا أي تابوا من الكفر أو لليهود و اللام فيه يتعلق بيحكم أي يحكمون بالتوراة لهم و فيما بينهم. و الربانيون أي الذين علت درجاتهم في العلم أو المدبرون لأمر الدين في الولاية بالإصلاح أو المعلمون للناس من علمهم أو الذين يعملون بما يعلمون و الأحبار العلماء الخيار بِمَا اسْتُحْفِظُوا أي بما استودعوا من كتاب الله و أمروا بحفظه و القيام به و ترك تضييعه و كانوا على الكتاب شهداء أنه من عند الله انتهى. أقول فسر ع الربانيين بالأئمة ع كما روي أن عليا ع كان رباني هذه الأمة و الأحبار بالعلماء من شيعتهم ثم استدل على ذلك بقوله تعالى بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ فإن طلب حفظ الكتاب لفظا و معنى إنما يكون لمن عنده علم الكتاب و جميع الأحكام و كان وارثا للعلوم من جهة النبي ص و لو قال بما حملوا لم يظهر منه هذه الرتبة كما لا يخفى

 26-  ني، ]الغيبة للنعماني[ الكليني عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله ع في خطبة له يذكر فيها حال الأئمة ع و صفاتهم فقال إن الله تبارك و تعالى أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبيه ص عن دينه و أبلج بهم عن سبيل منهاجه و فتح لهم عن باطن ينابيع علمه فمن عرف من أمة محمد ص واجب حق إمامه وجد طعم حلاوة إيمانه و علم فضل طلاوة إسلامه إن الله نصب الإمام علما لخلقه و جعله حجة على أهل طاعته ألبسه الله تاج الوقار و غشاه من نور الجبار يمد بسبب من السماء لا ينقطع عنه مواده و لا ينال ما عند الله إلا بجهة أسبابه و لا يقبل الله الأعمال للعباد إلا بمعرفته فهو عالم بما يرد عليه من مشكلات الوحي و معميات السنن و مشتبهات الدين لم يزل الله يختارهم لخلقه من ولد الحسين صلوات الله عليه من عقب كل إمام فيصطفيهم لذلك و يجتبيهم و يرضى بهم لخلقه و يرتضيهم لنفسه كلما مضى منهم إمام نصب عز و جل لخلقه من عقبه إماما علما بينا و هاديا منيرا و إماما قيما و حجة عالما أئمة من الله يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ حجج الله و دعاته و رعاته على خلقه يدين بهداهم العباد و تستهل بنورهم البلاد و تنمي ببركتهم التلاد و جعلهم الله حياة الأنام و مصابيح الظلام و دعائم الإسلام جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها فالإمام هو المنتجب المرتضى و الهادي المجتبى و القائم المرتجى اصطفاه الله لذلك و اصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه و في البرية حين برأه ظلا قبل خلقه نسمة عن يمين عرشه محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده اختاره بعلمه و انتجبه بتطهيره بقية من آدم و خيرة من ذرية نوح و مصطفى من آل إبراهيم و سلالة من إسماعيل و صفوة من عترة محمد ص لم يزل مرعيا بعين الله يحفظه بملائكته مدفوعا عنه وقوب الغواسق و نفوث كل فاسق مصروفا عنه قواذف السوء مبرأ من العاهات محجوبا عن الآفات مصونا من الفواحش كلها معروفا بالحلم و البر في بقاعه منسوبا إلى العفاف و العلم و الفضل عند انتهائه مسندا إليه أمر والده صامتا عن المنطق في حياته فإذا انقضت مدة والده انتهت به مقادير الله إلى مشيته و جاءت الإرادة من عند الله فيه إلى محبته و بلغ منتهى مدة والده فمضى و صار أمر الله إليه من بعده و قلده الله دينه و جعله الحجة على عباده و قيمه في بلاده و أيده بروحه و أعطاه علمه و استودعه سره و انتدبه لعظيم أمره و آتاه فضل بيان علمه و نصبه علما لخلقه و جعله حجة على أهل عالمه و ضياء لأهل دينه و القيم على عباده رضي الله به إماما لهم استحفظه علمه و استخبأه حكمته و استرعاه لدينه و حباه مناهج سبله و فرائضه و حدوده فقام بالعدل عند تحير أهل الجهل و تحبير أهل الجدل بالنور الساطع و الشفاء النافع بالحق الأبلج و البيان من كل مخرج على طريق المنهج الذي مضى عليه الصادقون من آبائه فليس يجهل حق هذا العالم إلا شقي و لا يجحده إلا غوي و لا يصد عنه إلا جري‏ء على الله جل و علا

 تبيين الرعاة جمع الراعي قوله و تستهل على بناء المجهول أي تتنور قال الفيروزآبادي استهل المطر اشتد انصبابه و استهل الهلال بالضم ظهر و استهل رفع صوته و التلاد المال القديم الأصلي الذي ولد عندك و هو نقيض الطارف و التخصيص به لأنه أبعد من النمو أو لأن الاعتناء به أكثر و يحتمل أن يكون كناية عن تجديد الآثار القديمة المندرسة جرت بذلك الباء للسببية و الإشارة إلى مصدر جعلهم أو جميع ما تقدم مقادير الله أي تقدير الله. قوله ع على محتومها حال عن المقادير و الضمير راجع إليها أي كائنة على محتومها أي قدرها تقديرا حتما لا بداء فيه و لا تغيير. قوله و اصطنعه على عينه أي خلقه و رباه و أكرمه و أحسن إليه معنيا بشأنه عالما بكونه أهلا لذلك قال الله تعالى وَ لِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي قال البيضاوي أي و لتربي و ليحسن إليك و أنا راعيك و راقبك. و قال غيره على عيني أي بمرأى مني كناية عن غاية الإكرام و الإحسان و قال تعالى وَ اصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي قال البيضاوي أي و اصطفيتك لمحبتي مثله فيما خوله من الكرامة بمن قربه الملك و استخلصه لنفسه. قوله في الذر أي في عالم الأرواح و في البرية أي في عالم الأجساد فقوله ظلا متعلق بالأول و هو بعيد و يحتمل أن يكون ذرأ و برأ كلاهما في عالم الأرواح أو يكون المراد بالذرء تفريقهم في الميثاق و بالبرء خلق الأرواح و الحبوة العطية. قوله بعلمه أي بسبب علمه بأنه يستحقه أو بأن أعطاه علمه و انتجبه لطهره أي لعصمته أي لأن يجعله مطهرا و على أحد الاحتمالين الضميران لله و على الآخر للإمام. قوله بعين الله أي بحفظه و حراسته أو إكرامه. و الوقوب الدخول و الغسق أول ظلمة الليل و الغاسق ليل عظم ظلامه و ظاهره أنه إشارة إلى قوله تعالى وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ و فسر بأن المراد ليل دخل ظلامه في كل شي‏ء و تخصيصه لأن المضار فيه يكثر و يعسر الدفع فيكون كناية عن أنه يدفع عنه الشرور التي يكثر حدوثها بالليل غالبا و لا يبعد أن يكون المراد شرور الجن و الهوام الموذية فإنها تقع بالليل غالبا كما يدل عليه الأخبار. أو يكون المراد عدم دخول ظلمات و الشكوك و الشبه و الجهالات عليه قوله و نفوث كل فاسق أي لا يؤثر فيه سحر الساحرين من قوله تعالى وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ أو يكون كناية عن وساوس شياطين الإنس و الجن و الأول أظهر و ما ورد من تأثير السحر في النبي ص و في الحسنين ع فمحمول على التقية و ردها أكثر علمائنا و يمكن حمله على أنه لا يؤثر فيهم تأثيرا لا يمكنهم دفعه فلا ينافي الأخبار لو صحت. قوله ع قوارف السوء أي كواسب السوء من اقتراف الذنب بمعنى اكتسابه أو الاتهام بالسوء من قولهم قرف فلانا عابه أو اتهمه و أقرفه وقع فيه و ذكره بسوء و أقرف به عرضه للتهمة و المراد بالعاهات و الآفات الأمراض التي توجب نفرة الخلق و تشويه الخلقة كالعمى و العرج و الجذام و البرص و أشباهها و يحتمل أن يكون المراد بالثاني الآفات النفسانية و أمراضها. قوله في بقاعه و في بعض النسخ بالياء المثناة التحتانية و الفاء أي في بدو شبابه يقال يفع الغلام إذا راهق و في بعض النسخ بالباء الموحدة و القاف أي في بلاده التي نشأ فيها و الأظهر الأول لمقابلة الفقرة الثانية. قوله مسندا إليه أمر والده أي يكون وصيه. قوله إلى مشيته الضمير راجع إلى الله و الضمير في قوله به راجع إلى الولد و يحتمل الوالد أي انتهت مقادير الله بسبب الولد إلى ما شاء و أراد من إمامته و جاءت الإرادة من عند الله فيه إلى ما أحب من خلافته. و قوله فمضى جزاء الشرط و القيم القائم بأمور الناس و مدبرهم. قوله و انتدبه أي دعاه و حثه و في كتب اللغة المشهور أن الندب الطلب و الانتداب الإجابة و يظهر من الخبر أن الانتداب أيضا يكون بمعنى الطلب كما قال في مصباح اللغة انتدبته للأمر فانتدب يستعمل لازما و متعديا. قوله و آتاه في الكافي و آتاه علمه و أنبأه فصل بيانه أي بيانه الفاصل بين الحق و الباطل. قوله و استخبأه بالهمز أو بالتخفيف أي استكتمه و في بعض النسخ بالحاء المهملة أي طلب منه أن يحبوا الناس الحكمة. قوله و استرعاه لدينه أي استحفظه الناس لأمر دينه أو اللام زائدة و التحبير التحسين و التزيين

 27-  ني، ]الغيبة للنعماني[ علي بن أحمد عن عبد الله بن موسى عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن أبي سعيد المكاري عن الحارث بن المغيرة قال قلت لأبي عبد الله ع بأي شي‏ء يعرف الإمام قال بالسكينة و الوقار قلت بأي شي‏ء قال و تعرفه بالحلال و الحرام و بحاجة الناس إليه و لا يحتاج إلى أحد و يكون عنده سلاح رسول الله ص قلت يكون إلا وصيا ابن وصي قال لا يكون إلا وصيا و ابن وصي

 28-  ني، ]الغيبة للنعماني[ محمد بن همام و محمد بن الحسن بن محمد جميعا عن الحسن بن محمد بن جمهور عن سليمان بن سماعة عن أبي الجارود قال قلت لأبي جعفر ع إذا مضى الإمام القائم من أهل البيت فبأي شي‏ء يعرف من يجي‏ء بعده قال بالهدى و الإطراق و إقرار آل محمد ص له بالفضل و لا يسأل عن شي‏ء إلا بين

 29-  كشف، ]كشف الغمة[ من كتاب الدلائل للحميري عن محمد بن الأقرع قال كتبت إلى أبي محمد ع أسأله عن الإمام هل يحتلم و قلت في نفسي بعد ما فصل الكتاب الاحتلام شيطنة و قد أعاذ الله أولياءه من ذلك فرد الجواب الأئمة حالهم في المنام حالهم في اليقظة لا يغير النوم منهم شيئا قد أعاذ الله أولياءه من لمة الشيطان كما حدثتك نفسك

 يج، ]الخرائج و الجرائح[ عن محمد بن أحمد الأقرع مثله بيان لمة الشيطان مسه و قربه و خطراته

 30-  كش، ]رجال الكشي[ حمدويه عن محمد بن عيسى و محمد بن مسعود عن محمد بن نصير عن محمد بن عيسى عن صفوان عن أبي الحسن ع قال صفوان أدخلت عليه إبراهيم و إسماعيل ابني أبي سمال فسلما عليه و أخبراه بحالهما و حال أهل بيتهما في هذا الأمر و سألاه عن أبي الحسن فخبرهما أنه قد توفي قالا فأوصى قال نعم قالا إليك قال نعم قالا وصية مفردة قال نعم قالا فإن الناس قد اختلفوا علينا فنحن ندين الله بطاعة أبي الحسن ع إن كان حيا فإنه كان إمامنا و إن كان مات فوصيه الذي أوصى إليه إمامنا فما حال من كان هذا حاله مؤمن هو قال نعم قد جاءكم أنه من مات و لم يعرف إمامه مات ميتة جاهلية قال و هو كافر قالا فلم تكفره قالا فما حاله قال أ تريدون أن أضللكم قالا فبأي شي‏ء نستدل على أهل الأرض قال كان جعفر ع يقول تأتي المدينة فتقول إلى من أوصى فلان فيقولون إلى فلان و السلاح عندنا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل حيث ما دار دار الأمر و قالا فالسلاح من يعرفه ثم قالا جعلنا الله فداك فأخبرنا بشي‏ء نستدل به فقد كان الرجل يأتي أبا الحسن ع يريد أن يسأله عن الشي‏ء فيبتدي به و يأتي أبا عبد الله ع فيبتدي به قبل أن يسأله قال فهكذا كنتم تطلبون من جعفر و أبي الحسن ع قال له إبراهيم جعفر ع لم ندركه و قد مات و الشيعة مجتمعون عليه و على أبي الحسن ع و هم اليوم مختلفون قال ما كانوا مجتمعين عليه كيف يكونون مجتمعين عليه و كان مشيختكم و كبراؤكم يقولون في إسماعيل و هم يرونه يشرب كذا و كذا فيقولون هو أجود قالوا إسماعيل لم يكن أدخله في الوصية فقال قد كان أدخله في كتاب الصدقة و كان إماما فقال له إسماعيل بن أبي سمال هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ الكذا و الكذا و استقصى يمينه ما سرني أني زعمت أنك لست هكذا و لي ما طلعت عليه الشمس أو قال الدنيا بما فيها و قد أخبرناك بحالنا فقال له إبراهيم قد أخبرناك بحالنا فما كان حال من كان هكذا مسلم هو قال أمسك فسكت

 بيان لا يخفى تشويش الخبر و اضطرابه و النسخ فيه مختلفة ففي بعضها هكذا قال نعم قد جاءكم أنه من مات و لم يعرف إمامه مات ميتة جاهلية قال و هو كافر قالا فلم تكفره قالا فما حاله قال أ تريدون أن أضل لكم و في بعضها قال نعم قالا قد جاء منكم إلى قوله قال و كافر هو قالا فلم لم نكفره قال فما حاله قالا أ تريدون أن أضللكم و في بعضها قال نعم قد جاءكم إلى قوله قالا إنه كافر هو قال فلم نكفره قالا فما حاله قال أ تريدون أن أضللكم. فعلى الأول يمكن حمله على أن المراد بقوله نعم إني أجيبك ثم أجاب بما يدل على عدم إيمانه ثم سألا عن سبب التكفير فلما لم يجبهما استأنفا السؤال فقال ع أ تريدون أن أضللكم و أجيبكم بخلاف ما أعلم. و على الثانية فالمعنى أنه أجاب بأنه مؤمن فاعترضا عليه بأن الحديث المشهور يدل على كفر من هذا حاله فأجاب ع على الاستفهام الإنكاري و أنه كافر هو أي ميتة الجاهلية أعم من الكفر ببعض معانيه فاعترضا بأنا لم لم نكفره مع موته على الجاهلية ثم أعاد السؤال عن حاله فأجاب بقوله أ تريدون أن أضللكم أي أنسبكم إلى الكفر و الضلال فإن هذا حالكم. و على الثالثة أجاب ع بالإجمال لمصلحة الحال فحكم أولا بإيمانهم ببعض المعاني للإيمان ثم روى ما يدل على كفرهم فأراد أن يصرح بالكفر فأجاب ع بأنا لم نكفره بل روينا خبرا. ثم قالا فما حاله فأجاب ع بأنكم مع إصراركم على مذهبكم إن حكمت بكفركم يصير سببا لزيادة ضلالكم و إنكاركم لي رأسا فلا أريد أن أضلكم و مع تشبيك النسخ و ضم بعضها مع بعض يحصل احتمالات أخرى لا يخفى توجيهها على من تأمل فيما ذكرنا. ثم قالا فبأي علامة نستدل على أهل الأرض أنك إمام أو على أحد منهم أنه إمام فلما أجاب ع بالوصية و السلاح قالا لا نعرف السلاح اليوم عند من هو ثم سألا عن الدلالة و اعترفا بأن العلم أو الإخبار بالضمير دليل الإمام فلما اعترفا بذلك ألزمهما ع بأنكم كنتم تأتون الإمامين و تسألون عنهما كما تأتونني و تسألون عني فلم لا تقبلون مني مع أنكم تشهدون العلامة أو كنتما تنازعانهما مع وضوح الكفر أو المعنى أنكم كنتم تسألون منه العلامة و تجادلونه مثل ذلك ثم بعد المعرفة رأيتم العلامة. أو هو على الاستفهام الإنكاري أي أ كنتم تطلبون العلامة منهما على وجه المجادلة و الإنكار أي لم يكن كذلك بل أتاهما الناس على وجه القبول و الإذعان و طلب الحق فرأوا العلامة فرجعا عن قولهما و تمسكا بالإجماع على الإمامين ع و الاختلاف فيه ع. فأجاب ع بأن مشايخكم و كبراءكم كانوا مختلفين في الكاظم ع كما اختلفوا في إذ جماعة منهم قالوا بإمامة إسماعيل مع أنه كان يشرب النبيذ و كانوا يقولون إن إسماعيل أجود من موسى ع أو القول به أجود من القول بموسى ع. فقالا الأمر في إسماعيل كان واضحا لأنه لم يكن داخلا في الوصية و إنما لم يتمسكوا بظهور موته لأن هذا كان يبطل مذهبهم لأن موت الكاظم ع أيضا كان ظاهرا و لعله ع لهذا تعرض لإسماعيل للرد عليهم دون عبد الله لأن قصته كانت شبيه بهذه القصة إذ جماعة منهم كانوا يقولون بغيبة إسماعيل و عدم موته. فأجاب ع بأن الشبهة كانت فيه أيضا قائمة و إن لم يكن داخلا في الوصية لأنه كان داخلا في كتاب الصدقات التي أوقفها الصادق ع أو كتاب الصدقات جمع كاتب. و كان إماما أي و كان الناس يأتمون به في الصلاة أو كان الناس يزعمون أنه إمام قبل موته لأنه كان أكبر و قد اشتهر فيه البداء و يحتمل أن يكون حالا عن فاعل أدخله لكنه بعيد. قوله الكذا و الكذا أي غلظ في اليمين بغير ما ذكر من الأسماء العظام كالضار النافع المهلك المدرك و حاصل يمينه أني لا يسرني أن تكون لي الدنيا و ما فيها و لا تكون إماما أي إني أحب بالطبع إمامتك لكني متحير في الأمر ثم أخبره أخوه بمثله و أعاد السؤال الأول فأمره ع بالسكوت و يحتمل أن يكون أمسك فعلا. و المشيخة بفتح الميم و الياء و سكون الشين و بكسر الشين و سكون الياء جمع الشيخ

 31-  كش، ]رجال الكشي[ قال أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة و مما وقع عبد الله بن حمدويه البيهقي و كتبته من رقعته أن أهل النيسابور قد اختلفوا في دينهم و خالف بعضهم بعضا و يكفر بعضهم بعضا و بها قوم يقولون إن النبي ص عرف جميع لغات أهل الأرض و لغات الطيور و جميع ما خلق الله و كذلك لا بد أن يكون في كل زمان من يعرف ذلك و يعلم ما يضمر الإنسان و يعلم ما يعمل أهل كل بلاد في بلادهم و منازلهم و إذا لقي طفلين فيعلم أيهما مؤمن و أيهما يكون منافقا و أنه يعرف أسماء جميع من يتولاه في الدنيا و أسماء آبائهم و إذا رأى أحدهم عرفه باسمه من قبل أن يكلمه و يزعمون جعلت فداك أن الوحي لا ينقطع و النبي ص لم يكن عنده كمال العلم و لا كان عند أحد من بعده و إذا حدث الشي‏ء في أي زمان كان و لم يكن علم ذلك عند صاحب الزمان أوحى الله إليه و إليهم فقال كذبوا لعنهم الله و افتروا إثما عظيما و بها شيخ يقال له فضل بن شاذان يخالفهم في هذه الأشياء و ينكر عليهم أكثرها و قوله شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أن الله عز و جل في السماء السابعة فوق العرش كما وصف نفسه عز و جل أنه جسم فوصفه بخلاف المخلوقين في جميع المعاني لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ و إن من قوله إن النبي ص قد أتى بكمال الدين و قد بلغ عن الله عز و جل ما أمره به و جاهد في سبيله و عبده حتى أتاه اليقين و إنه ع أقام رجلا يقوم مقامه من بعده فعلمه من العلم الذي أوحى الله فعرف ذلك الرجل الذي عنده من العلم الحلال و الحرام و تأويل الكتاب و فصل الخطاب و كذلك في كل زمان لا بد من أن يكون واحد يعرف هذا و هو ميراث من رسول الله ص يتوارثونه و ليس يعلم أحد منهم شيئا من أمر الدين إلا بالعلم الذي ورثوه عن النبي ص و هو ينكر الوحي بعد رسول الله ص فقال قد صدق في بعض و كذب في بعض و في آخر الورقة قد فهمنا رحمك الله كل ما ذكرت و يأبى الله عز و جل أن يرشد أحدكم و أن يرضى عنكم و أنتم مخالفون معطلون الدين لا تعرفون إماما و لا تتولون وليا كلما تلافاكم الله عز و جل برحمته و أذن لنا في دعائكم إلى الحق و كتبنا إليكم بذلك و أرسلنا إليكم رسولا لم تصدقوه فاتقوا الله عباد الله و لا تلجوا في الضلالة من بعد المعرفة و اعلموا أن الحجة قد لزمت أعناقكم و اقبلوا نعمته عليكم تدم لكم بذلك السعادة في الدارين عن الله عز و جل إن شاء الله و هذا الفضل بن شاذان ما لنا و له يفسد علينا موالينا و يزين لهم الأباطيل و كلما كتبنا إليهم كتابا اعترض علينا في ذلك و أنا أتقدم إليه أن يكف عنا و إلا و الله سألت الله أن يرميه بمرض لا يندمل جرحه في الدنيا و لا في الآخرة أبلغ موالينا هداهم الله سلامي و أقرئهم هذه الرقعة إن شاء الله تعالى

 بيان قوله فقال كذبوا أي كتب ع تحت هذا الفصل في الكتاب كذبوا و قوله و بها شيخ تتمة الرقعة و قوله فقال قد صدق أي كتب ع بعد هذا الفصل من كلام الفضل هذا القول قوله ع و لا تلجوا إما مخفف من الولوج أو مشدد من اللجاج

 32-  كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن محمد بن حسن بن شمون عن علي بن محمد النوفلي عن أبي الحسن ع قال ذكرت الصوت عنده فقال إن علي بن الحسين ع كان يقرأ القرآن فربما مر به المار فصعق من حسن صوته و إن الإمام لو أظهر من ذلك شيئا لما احتمله الناس من حسنه قلت و لم يكن رسول الله ص يصلي بالناس و يرفع صوته بالقرآن فقال إن رسول الله ص كان يحمل الناس من خلفه ما يطيقون

 33-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ أحمد بن القاسم معنعنا عن أبي خليفة قال دخلت أنا و أبو عبيدة الحذاء على أبي جعفر ع فقال يا جارية هلمي بمرفقة قلت بل نجلس قال يا أبا خليفة لا ترد الكرامة لأن الكرامة لا يردها إلا حمار قلت لأبي جعفر ع كيف لنا بصاحب هذا الأمر حتى نعرف قال فقال قول الله تعالى الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ إذ رأيت هذا الرجل منا فاتبعه فإنه هو صاحبك

 أقول سيأتي في كتاب القرآن من تفسير النعماني بإسناده عن إسماعيل بن جابر عن الصادق ع قال قال أمير المؤمنين ع و الإمام المستحق للإمامة له علامات فمنها أن يعلم أنه معصوم من الذنوب كلها صغيرها و كبيرها لا يزل في الفتيا و لا يخطئ في الجواب و لا يسهو و لا ينسى و لا يلهو بشي‏ء من أمر الدنيا و الثاني أن يكون أعلم الناس بحلال الله و حرامه و ضروب أحكامه و أمره و نهيه جميع ما يحتاج إليه الناس فيحتاج الناس إليه و يستغني عنهم و الثالث يجب أن يكون أشجع الناس لأنه فئة المؤمنين التي يرجعون إليها إن انهزم من الزحف انهزم الناس لانهزامه و الرابع يجب أن يكون أسخى الناس و إن بخل أهل الأرض كلهم لأنه إن استولى الشح عليه شح بما في يديه من أموال المسلمين الخامس العصمة من جميع الذنوب و بذلك يتميز عن المأمومين الذين هم غير معصومين لأنه لو لم يكن معصوما لم يؤمن عليه أن يدخل فيما يدخل الناس فيه من موبقات الذنوب المهلكات و الشهوات و اللذات و لو دخل في هذه الأشياء لاحتاج إلى من يقيم عليه الحدود فيكون حينئذ إماما مأموما و لا يجوز أن يكون إمام بهذه الصفة و أما وجوب كونه أعلم الناس فإنه لو لم يكن عالما لم يؤمن أن يقلب الأحكام و الحدود و تختلف عليه القضايا المشكلة فلا يجيب عنها أو يجيب عنها ثم يجيب بخلافها و أما وجوب كونه أشجع الناس فبما قدمناه لأنه لا يصح أن ينهزم فيبوء بغضب من الله تعالى و هذه لا يصح أن تكون صفة الإمام و أما وجوب كونه أسخى الناس فبما قدمناه و ذلك لا يليق بالإمام و ساقه بطوله إلى أن قال ردا على مستحلي القياس و الرأي و ذلك أنهم لما عجزوا عن إقامة الأحكام على ما أنزل الله في كتابه و عدلوا عن أخذها من أهلها ممن فرض الله سبحانه طاعتهم على عباده ممن لا يزل و لا يخطئ و لا ينسى الذين أنزل الله كتابه عليهم و أمر الأمة برد ما اشتبه عليهم من الأحكام إليهم و طلبوا الرئاسة رغبة في حطام الدنيا و ركبوا طريق أسلافهم ممن ادعى منزلة أولياء الله لزمهم المعجز فادعوا أن الرأي و القياس واجب

 34-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم و حفص بن البختري عن أبي عبد الله ع قال قيل له بأي شي‏ء يعرف الإمام قال بالوصية الظاهرة و بالفضل إن الإمام لا يستطيع أحد أن يطعن عليه في فم و لا بطن و لا فرج فيقال كذاب و يأكل أموال الناس و ما أشبه هذا

 35-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن محمد بن إسماعيل عن علي بن الحكم عن معاوية بن وهب قال قلت لأبي عبد الله ع ما علامة الإمام الذي بعد الإمام فقال طهارة الولادة و حسن المنشإ و لا يلهو و لا يلعب

 بيان حسن المنشإ أن يظهر منه آثار الفضل و الكمال من حد الصبا إلى آخر العمر و أما طهارة الولادة فظاهر أن المراد به أن لا يطعن في نسبه و ربما قيل أريد به أن يولد مختونا مسرورا منقى من الدم و الكثافات و لا يخفى بعده

 36-  كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن أحمد بن عمر عن الرضا ع قال سألته عن الدلالة على صاحب هذا الأمر فقال الدلالة عليه الكبر و الفضل و الوصية إذا قدم الركب المدينة فقالوا إلى من أوصى فلان قيل إلى فلان و دوروا مع السلاح حيث ما دار فأما المسائل فليس فيها حجة

 بيان أي ليس فيها حجة للعوام لعدم تمييزهم بين الحق و الباطل

 37-  نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع في بعض خطبه و قد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون على الفروج و الدماء و المغانم و الأحكام و إمامة المسلمين البخيل فتكون في أموالهم نهمته و لا الجاهل فيضلهم بجهله و لا الجافي فيقطعهم بجفائه و لا الحائف للدول فيتخذ قوما دون قوم و لا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق و يقف بها دون المقاطع و لا المعطل للسنة فيهلك الأمة

 بيان النهمة بالفتح الحاجة و بلوغ الهمة و الحاجة و الشهوة في الشي‏ء و بالتحريك كما في بعض النسخ إفراط الشهوة في الطعام و الجفاء خلاف البر و الصلة و الغلظة في الخلق فيقطعهم بجفائه أي عن حاجتهم لغلظته عليهم أو بعضهم عن بعض لأنه يصير سببا لتفرقتهم و الحائف بالمهملة الظالم و الدول بالضم جمع دولة و هي المال الذي يتداول به فالمعنى الذي يجور و لا يقسم بالسوية و كما فرض الله فيتخذ قوما مصرفا أو حبيبا فيعطيهم ما شاء و يمنع آخرين حقوقهم. و في بعض النسخ بالخاء المعجمة و الدول بالكسر جمع دولة بالفتح و هي الغلبة في الحرب و غيره و انقلاب الزمان فالمراد الذي يخاف تقلبات الدهر و غلبة أعدائه فيتخذ قوما يتوقع نصرهم و نفعهم في دنياه و يقويهم بتفضيل العطاء و غيره و يضعف آخرين. و في بعضها بالمعجمة و ضم الدال أي الذي يخاف ذهاب الأموال و عدمها عند الحاجة فيذهب بالحقوق أي يبطلها و يقف بها دون المقاطع أي يجعلها موقوفة عند مواضع قطعها فلا يحكم بها بل يحكم بالباطل أو يسوف في الحكم حتى يضطر المحق و يرضى بالصلح و يحتمل أن يكون دون بمعنى غير أي يقف بها في غير مقاطعها و هو الباطل

 38-  كا، ]الكافي[ علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن أبي عمير عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر ع قال للإمام عشر علامات يولد مطهرا مختونا و إذا وقع على الأرض وقع على راحتيه رافعا صوته بالشهادتين و لا يجنب و تنام عينه و لا ينام قلبه و لا يتثاءب و لا يتمطى و يرى من خلفه كما يرى من أمامه و نجوه كرائحة المسك و الأرض موكلة بستره و ابتلاعه و إذا لبس درع رسول الله ص كانت عليه وفقا و إذا لبسه غيره من الناس طويلهم و قصيرهم زادت عليه شبرا و هو محدث إلى أن تنقضي أيامه

 توضيح الظاهر أن المختون تفسير للمطهر فإن إطلاق التطهير على الختان شائع في عرف الشرع و الكليني رحمه الله عنون باب الختان بالتطهير. و عن النبي ص طهروا أولادكم يوم السابع الخبر. و ربما يحمل التطهير هنا على سقوط السرة فيكون قوله مختونا تأسيسا و يحتمل أن يراد به عدم التلوث بالدم و الكثافات كما أشرنا إليه سابقا و على الأخيرين عدا علامة واحدة لتشابههما و شمول معنى واحد لهما و هو تطهره عما ينبغي تطهيره عنه. و إذا وقع هي الثانية و لا يجنب الثالثة أي لا يحتلم كما مر في الخبر الأول و غيره أو أنه لا يلحقه خبث الجنابة و إن وجب عليه الغسل تعبدا

 و يؤيده ما سيأتي في أخبار كثيرة أن النبي ص قال لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد إلا أنا و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و من كان من أهلي فإنه مني

 و في خبر آخر ألا إن هذا المسجد لا يحل لجنب إلا لمحمد و آله

و تنام عينه هي الرابعة أي لا يرى الأشياء في النوم ببصره و لكن يراها و يعلمها بقلبه و لا يغير النوم منه شيئا كما مر و التثاؤب مهموزا من باب التفعل كسل ينفتح الفم عنده و لا يسمع صاحبه حينئذ صوتا و التمطي التمدد باليدين طبعا و عدهما معا الخامسة لتشابههما في الأسباب و يرى من خلفه هي السادسة و نجوه هي السابعة و النجو الغائط و فيه تقدير مضاف أي رائحة نجوه و الأرض موكلة هي الثامنة و يمكن عدها مع السابعة علامة واحدة و عد التثاؤب و التمطي أو التطهر و الختان على بعض الاحتمالات علامتين و إذا لبس هي التاسعة وفقا أي موافقا و هو محدث هي العاشرة

 39-  البرسي في مشارق الأنوار عن طارق بن شهاب عن أمير المؤمنين ع أنه قال يا طارق الإمام كلمة الله و حجة الله و وجه الله و نور الله و حجاب الله و آية الله يختاره الله و يجعل فيه ما يشاء و يوجب له بذلك الطاعة و الولاية على جميع خلقه فهو وليه في سماواته و أرضه أخذ له بذلك العهد على جميع عباده فمن تقدم عليه كفر بالله من فوق عرشه فهو يفعل ما يشاء و إذا شاء الله شاء و يكتب على عضده وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا فهو الصدق و العدل و ينصب له عمود من نور من الأرض إلى السماء يرى فيه أعمال العباد و يلبس الهيبة و علم الضمير و يطلع على الغيب و يرى ما بين المشرق و المغرب فلا يخفى عليه شي‏ء من عالم الملك و الملكوت و يعطى منطق الطير عند ولايته فهذا الذي يختاره الله لوحيه و يرتضيه لغيبه و يؤيده بكلمته و يلقنه حكمته و يجعل قلبه مكان مشيته و ينادي له بالسلطنة و يذعن له بالإمرة و يحكم له بالطاعة و ذلك لأن الإمامة ميراث الأنبياء و منزلة الأصفياء و خلافة الله و خلافة رسل الله فهي عصمة و ولاية و سلطنة و هداية و إنه تمام الدين و رجح الموازين الإمام دليل للقاصدين و منار للمهتدين و سبيل السالكين و شمس مشرقة في قلوب العارفين ولايته سبب للنجاة و طاعته مفترضة في الحياة و عدة بعد الممات و عز المؤمنين و شفاعة المذنبين و نجاة المحبين و فوز التابعين لأنها رأس الإسلام و كمال الإيمان و معرفة الحدود و الأحكام و تبيين الحلال من الحرام فهي مرتبة لا ينالها إلا من اختاره الله و قدمه و ولاه و حكمه فالولاية هي حفظ الثغور و تدبير الأمور و تعديد الأيام و الشهور الإمام الماء العذب على الظمإ و الدال على الهدى الإمام المطهر من الذنوب المطلع على الغيوب الإمام هو الشمس الطالعة على العباد بالأنوار فلا تناله الأيدي و الأبصار و إليه الإشارة بقوله تعالى وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ و المؤمنون علي و عترته فالعزة للنبي و للعترة و النبي و العترة لا يفترقان في العزة إلى آخر الدهر فهم رأس دائرة الإيمان و قطب الوجود و سماء الجود و شرف الموجود و ضوء شمس الشرف و نور قمره و أصل العز و المجد و مبدؤه و معناه و مبناه فالإمام هو السراج الوهاج و السبيل و المنهاج و الماء الثجاج و البحر العجاج و البدر المشرق و الغدير المغدق و المنهج الواضح المسالك و الدليل إذا عمت المهالك و السحاب الهاطل و الغيث الهامل و البدر الكامل و الدليل الفاضل و السماء الظليلة و النعمة الجليلة و البحر الذي لا ينزف و الشرف الذي لا يوصف و العين الغزيرة و الروضة المطيرة و الزهر الأريج و البدر البهيج و النير اللائح و الطيب الفائح و العمل الصالح و المتجر الرابح و المنهج الواضح و الطيب الرفيق و الأب الشفيق مفزع العباد في الدواهي و الحاكم و الآمر و الناهي مهيمن الله على الخلائق و أمينه على الحقائق حجة الله على عباده و محجته في أرضه و بلاده مطهر من الذنوب مبرأ من العيوب مطلع على الغيوب ظاهره أمر لا يملك و باطنه غيب لا يدرك واحد دهره و خليفة الله في نهيه و أمره لا يوجد له مثيل و لا يقوم له بديل فمن ذا ينال معرفتنا أو يعرف درجتنا أو يشهد كرامتنا أو يدرك منزلتنا حارت الألباب و العقول و تاهت الأفهام فيما أقول تصاغرت العظماء و تقاصرت العلماء و كلت الشعراء و خرست البلغاء و لكنت الخطباء و عجزت الفصحاء و تواضعت الأرض و السماء عن وصف شأن الأولياء و هل يعرف أو يوصف أو يعلم أو يفهم أو يدرك أو يملك من هو شعاع جلال الكبرياء و شرف الأرض و السماء جل مقام آل محمد ص عن وصف الواصفين و

 نعت الناعتين و أن يقاس بهم أحد من العالمين كيف و هم الكلمة العلياء و التسمية البيضاء و الوحدانية الكبرى التي أعرض عنها مَنْ أَدْبَرَ وَ تَوَلَّى و حجاب الله الأعظم الأعلى فأين الاختيار من هذا و أين العقول من هذا و من ذا عرف أو وصف من وصفت ظنوا أن ذلك في غير آل محمد كذبوا و زلت أقدامهم اتخذوا العجل ربا و الشياطين حزبا كل ذلك بغضة لبيت الصفوة و دار العصمة و حسدا لمعدن الرسالة و الحكمة وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فتبا لهم و سحقا كيف اختاروا إماما جاهلا عابدا للأصنام جبانا يوم الزحام و الإمام يجب أن يكون عالما لا يجهل و شجاعا لا ينكل لا يعلو عليه حسب و لا يدانيه نسب فهو في الذروة من قريش و الشرف من هاشم و البقية من إبراهيم و النهج من النبع الكريم و النفس من الرسول و الرضى من الله و القول عن الله فهو شرف الأشراف و الفرع من عبد مناف عالم بالسياسة قائم بالرئاسة مفترض الطاعة إلى يوم الساعة أودع الله قلبه سره و أطلق به لسانه فهو معصوم موفق ليس بجبان و لا جاهل فتركوه يا طارق وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ و الإمام يا طارق بشر ملكي و جسد سماوي و أمر إلهي و روح قدسي و مقام علي و نور جلي و سر خفي فهو ملك الذات إلهي الصفات زائد الحسنات عالم بالمغيبات خصا من رب العالمين و نصا من الصادق الأمين و هذا كله لآل محمد لا يشاركهم فيه مشارك لأنهم معدن التنزيل و معنى التأويل و خاصة الرب الجليل و مهبط الأمين جبرئيل صفوة الله و سره و كلمته شجرة النبوة و معدن الصفوة عين المقالة و منتهى الدلالة و محكم الرسالة و نور الجلالة جنب الله و وديعته و موضع كلمة الله و مفتاح حكمته و مصابيح رحمة الله و ينابيع نعمته السبيل إلى الله و السلسبيل و القسطاس المستقيم و المنهاج القويم و الذكر الحكيم و الوجه الكريم و النور القديم أهل التشريف و التقويم و التقديم و التعظيم و التفضيل خلفاء النبي الكريم و أبناء الرءوف الرحيم و أمناء العلي العظيم ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ السنام الأعظم و الطريق الأقوم من عرفهم و أخذ عنهم فهو منهم و إليه الإشارة بقوله فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي خلقهم الله من نور عظمته و ولاهم أمر مملكته فهم سر الله المخزون و أولياؤه المقربون و أمره بين الكاف و النون إلى الله يدعون و عنه يقولون و بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ علم الأنبياء في علمهم و سر الأوصياء في سرهم و عز الأولياء في عزهم كالقطرة في البحر و الذرة في القفر و السماوات و الأرض عند الإمام كيده من راحته يعرف ظاهرها من باطنها و يعلم برها من فاجرها و رطبها و يابسها لأن الله علم نبيه علم ما كان و ما يكون و ورث ذلك السر المصون الأوصياء المنتجبون و من أنكرت ذلك فهو شقي ملعون يلعنه الله و يلعنه اللاعنون و كيف يفرض الله على عباده طاعة من يحجب عنه ملكوت السماوات و الأرض و إن الكلمة من آل محمد تنصرف إلى سبعين وجها و كل ما في الذكر الحكيم و الكتاب الكريم و الكلام القديم من آية تذكر فيها العين و الوجه و اليد و الجنب فالمراد منها الولي

 لأنه جنب الله و وجه الله يعني حق الله و علم الله و عين الله و يد الله فهم الجنب العلي و الوجه الرضي و المنهل الروي و الصراط السوي و الوسيلة إلى الله و الوصلة إلى عفوه و رضاه سر الواحد و الأحد فلا يقاس بهم من الخلق أحد فهم خاصة الله و خالصته و سر الديان و كلمته و باب الإيمان و كعبته و حجة الله و محجته و أعلام الهدى و رايته و فضل الله و رحمته و عين اليقين و حقيقته و صراط الحق و عصمته و مبدأ الوجود و غايته و قدرة الرب و مشيته و أم الكتاب و خاتمته و فصل الخطاب و دلالته و خزنة الوحي و حفظته و آية الذكر و تراجمته و معدن التنزيل و نهايته فهم الكواكب العلوية و الأنوار العلوية المشرقة من شمس العصمة الفاطمية في سماء العظمة المحمدية و الأغصان النبوية النابتة في دوحة الأحمدية و الأسرار الإلهية المودعة في الهياكل البشرية و الذرية الزكية و العترة الهاشمية الهادية المهدية أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ فهم الأئمة الطاهرون و العترة المعصومون و الذرية الأكرمون و الخلفاء الراشدون و الكبراء الصديقون و الأوصياء المنتجبون و الأسباط المرضيون و الهداة المهديون و الغر الميامين من آل طه و ياسين و حجج الله على الأولين و الآخرين اسمهم مكتوب على الأحجار و على أوراق الأشجار و على أجنحة الأطيار و على أبواب الجنة و النار و على العرش و الأفلاك و على أجنحة الأملاك و على حجب الجلال و سرادقات العز و الجمال و باسمهم تسبح الأطيار و تستغفر لشيعتهم الحيتان في لجج البحار و إن الله لم يخلق أحدا إلا و أخذ عليه الإقرار بالوحدانية و الولاية للذرية الزكية و البراءة من أعدائهم و إن العرش لم يستقر حتى كتب عليه بالنور لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله

 بيان و رجح الموازين أي بالإمامة ترجح موازين العباد في القيامة أغدق المطر كثر قطره و الهطل المطر المتفرق العظيم القطر و هملت السماء دام مطرها و الأرج محركة و الأريج توهج ريح الطيب و فاح المسك انتشرت رائحته و لكنت كخرست بكسر العين و يقال لمن لا يقيم العربية لعجمة لسانه و يقال خصه بالشي‏ء خصا و خصوصا و أمره بين الكاف و النون أي هم عجيب أمر الله المكنون الذي ظهر بين الكاف و النون إشارة إلى قوله تعالى إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. أقول صفات الإمام ع متفرقة في الأبواب السابقة و الآتية لا سيما باب احتجاجات هشام بن الحكم