باب 6- عصمتهم و لزوم عصمة الإمام ع

 الآيات البقرة قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ تفسير قال الطبرسي رحمه الله قال مجاهد العهد الإمامة و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع أي لا يكون الظالم إماما للناس فهذا يدل على أنه يجوز أن يعطى ذلك بعض ولده إذا لم يكن ظالما لأنه لو لم يرد أن يجعل أحدا منهم إماما للناس لوجب أن يقول في الجواب لا أو لا ينال عهدي ذريتك. و قال الحسن إن معناه أن الظالمين ليس لهم عند الله عهد يعطيهم به خيرا و إن كانوا قد يعاهدون في الدنيا فيوفى لهم و قد كان يجوز في العربية أن يقال لا ينال عهدي الظالمون لأن ما نالك فقد نلته و قد روي ذلك في قراءة ابن مسعود و استدل أصحابنا بهذه الآية على أن الإمام لا يكون إلا معصوما عن القبائح لأن الله سبحانه نفى أن ينال عهده الذي هو الإمامة ظالم و من ليس بمعصوم فقد يكون ظالما إما لنفسه و إما لغيره. فإن قيل إنما نفى أن ينال ظالم في حال ظلمه فإذا تاب فلا يسمى ظالما فيصح أن يناله. و الجواب أن الظالم و إن تاب فلا يخرج من أن تكون الآية قد تناولته في حال كونه ظالما فإذا نفى أن يناله فقد حكم عليه بأنها لا ينالها و الآية مطلقة غير مقيدة بوقت دون وقت فيجب أن تكون محمولة على الأوقات كلها فلا ينالها الظالم و إن تاب فيما بعد انتهى كلامه رفع الله مقامه. فإن قلت على القول باشتراط بقاء المشتق منه في صدق المشتق كيف يستقيم الاستدلال قلت لا ريب أن الظالم في الآية لا يحتمل الماضي و الحال لأن إبراهيم ع إنما سئل ذلك لذريته من بعده فأجاب تعالى بعدم نيل العهد لمن يصدق عليه أنه ظالم بعده فكل من صدق عليه بعد مخاطبة الله لإبراهيم بهذا الخطاب أنه ظالم و صدر عنه الظلم في أي زمان من أزمنة المستقبل يشمله هذا الحكم أنه لا ينال العهد فإن قلت تعليق الحكم بالوصف مشعر بالعلية. قلت العلية لا تدل على المقارنة إذ ليس مفاد الحكم إلا أن عدم نيل العهد إنما هو للاتصاف بالظلم في أحد الأزمنة المستقبلة بالنسبة إلى صدور الحكم فتأمل

 1-  ل، ]الخصال[ ع، ]علل الشرائع[ مع، ]معاني الأخبار[ لي، ]الأمالي للصدوق[ ماجيلويه عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير قال ما سمعت و لا استفدت من هشام بن الحكم في طول صحبتي إياه شيئا أحسن من هذا الكلام في صفة عصمة الإمام فإني سألته يوما عن الإمام أ هو معصوم قال نعم قلت له فما صفة العصمة فيه و بأي شي‏ء تعرف قال إن جميع الذنوب لها أربعة أوجه لا خامس لها الحرص و الحسد و الغضب و الشهوة فهذه منتفية عنه لا يجوز أن يكون حريصا على هذه الدنيا و هي تحت خاتمه لأنه خازن المسلمين فعلى ما ذا يحرص و لا يجوز أن يكون حسودا لأن الإنسان إنما يحسد من هو فوقه و ليس فوقه أحد فكيف يحسد من هو دونه و لا يجوز أن يغضب لشي‏ء من أمور الدنيا إلا أن يكون غضبه لله عز و جل فإن الله قد فرض عليه إقامة الحدود و أن لا تأخذه في الله لومة لائم و لا رأفة في دينه حتى يقيم حدود الله عز و جل و لا يجوز أن يتبع الشهوات و يؤثر الدنيا على الآخرة لأن الله عز و جل حبب إليه الآخرة كما حبب إلينا الدنيا فهو ينظر إلى الآخرة كما ننظر إلى الدنيا فهل رأيت أحدا ترك وجها حسنا لوجه قبيح و طعاما طيبا لطعام مر و ثوبا لينا لثوب خشن و نعمة دائمة باقية لدنيا زائلة فانية

 2-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ماجيلويه و أحمد بن علي بن إبراهيم و ابن تاتانة جميعا عن علي عن أبيه عن محمد بن علي التميمي قال حدثني سيدي علي بن موسى الرضا ع عن آبائه عن علي ع عن النبي ص أنه قال من سره أن ينظر إلى القضيب الياقوت الأحمر الذي غرسه الله عز و جل بيده و يكون متمسكا به فليتول عليا و الأئمة من ولده فإنهم خيرة الله عز و جل و صفوته و هم المعصومون من كل ذنب خطيئة

 لي، ]الأمالي للصدوق[ أحمد بن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبيه مثله

 3-  كنز الفوائد للكراجكي، حدثني القاضي أسيد بن إبراهيم السلمي عن عمر بن علي العتكي عن أحمد بن محمد بن صفوة عن الحسن بن علي العلوي عن الحسن بن حمزة النوفلي عن عمه عن أبيه عن جده عن الحسن بن علي عن فاطمة ابنة رسول الله عنه ص قال أخبرني جبرئيل عن كاتبي علي أنهما لم يكتبا على علي ذنبا مذ صحباه

  -4  و حدثني السلمي عن العتكي عن سعيد بن محمد الحضرمي عن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن الصدفي عن محمد بن عبد الرحمن عن أحمد بن إبراهيم العوفي عن أحمد بن أبي الحكم البراجمي عن شريك بن عبد الله عن أبي الوفاء عن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه قال سمعت النبي ص يقول إن حافظي علي ليفخران على سائر الحفظة بكونهما مع علي ع و ذلك أنهما لم يصعدا إلى الله عز و جل بشي‏ء منه فيسخطه

 5-  مع، ]معاني الأخبار[ أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المنقري عن محمد بن جعفر المقري عن محمد بن الحسن الموصلي عن محمد بن عاصم الطريفي عن عباس بن يزيد بن الحسن الكحال عن أبيه عن موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عن علي بن الحسين ع قال الإمام منا لا يكون إلا معصوما و ليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها فلذلك لا يكون إلا منصوصا فقيل له يا ابن رسول الله فما معنى المعصوم فقال هو المعتصم بحبل الله و حبل الله هو القرآن لا يفترقان إلى يوم القيامة و الإمام يهدي إلى القرآن و القرآن يهدي إلى الإمام و ذلك قول الله عز و جل إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ

 بيان قوله ع هو المعتصم كان المعنى أن معصوميته بسبب اعتصامه بحبل الله و لذا خص بالعصمة لا مجازفة أو معنى المعصومية أنه جعله الله معتصما بالقرآن لا يفارقه

 6-  مع، ]معاني الأخبار[ علي بن الفضل البغدادي عن أحمد بن محمد بن سليمان عن محمد بن علي بن خلف عن الحسين الأشقر قال قلت لهشام بن الحكم ما معنى قولكم إن الإمام لا يكون إلا معصوما قال سألت أبا عبد الله ع عن ذلك فقال المعصوم هو الممتنع بالله من جميع محارم الله و قد قال تبارك و تعالى وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ

 بيان الممتنع بالله أي بتوفيق الله. قال الصدوق في المعاني بعد خبر هشام الدليل على عصمة الإمام أنه لما كان كل كلام ينقل عن قائله يحتمل وجوها من التأويل و كان أكثر القرآن و السنة مما أجمعت الفرق على أنه صحيح لم يغير و لم يبدل و لم يزد فيه و لم ينقص منه محتملا لوجوه كثيرة من التأويل وجب أن يكون مع ذلك مخبر صادق معصوم من تعمد الكذب و الغلط منبئ عما عنى الله عز و جل و رسوله في الكتاب و السنة على حق ذلك و صدقه لأن الخلق مختلفون في التأويل كل فرقة تميل مع القرآن و السنة إلى مذهبها. فلو كان الله تبارك و تعالى تركهم بهذه الصفة من غير مخبر عن كتابه صادق فيه لكان قد سوغهم الاختلاف في الدين و دعاهم إليه إذ أنزل كتابا يحتمل التأويل و سن نبيه ص سنة يحتمل التأويل و أمرهم بالعمل بهما فكأنه قال تأولوا و اعملوا و في ذلك إباحة العمل بالمتناقضات و الاعتماد للحق و خلافه. فلما استحال ذلك على الله عز و جل وجب أن يكون مع القرآن و السنة في كل عصر من يبين عن المعاني التي عناها الله عز و جل في القرآن بكلامه دون ما يحتمله ألفاظ القرآن من التأويل و يعبر عن المعاني التي عناها رسول الله ص في سننه و أخباره دون التأويل الذي يحتمله ألفاظ الأخبار المروية عنه ع المجمع على صحة نقلها. و إذا وجب أنه لا بد من مخبر صادق وجب أن لا يجوز عليه الكذب و تعمدا و لا الغلط فيما يخبر به عن مراد الله عز و جل في كتابه و عن مراد رسول الله ص في أخباره و سنته و إذا وجب ذلك وجب أنه معصوم. و مما يؤكد هذا الدليل أنه لا يجوز عند مخالفينا أن يكون الله عز و جل أنزل القرآن على أهل عصر النبي ص و لا نبي فيهم و يتعبدهم بالعمل بما فيه على حقه و صدقه فإذا لم يجز أن ينزل القرآن على قوم و لا ناطق به و لا معبر عنه و لا مفسر لما استعجم منه و لا مبين لوجوهه فكذلك لا يجوز أن نتعبد نحن به إلا و معه من يقوم فينا مقام النبي ص في قومه و أهل عصره في التبيين لناسخه و منسوخه و خاصه و عامه و المعاني التي عناها الله جل عز بكلامه دون ما يحتمله التأويل كما كان النبي ص مبينا لذلك كله لأهل عصره و لا بد من ذلك ما لزموا المعقول و الدين. فإن قال قائل إن المؤدي إلينا ما نحتاج إلى عمله من متشابه القرآن و من معانيه التي عناها الله دون ما يحتمله ألفاظه هو الأمة أكذبه اختلاف الأمة و شهادتها بأجمعها على أنفسها في كثير من آي القرآن لجهلهم بمعناه الذي عناه الله عز و جل و في ذلك بيان أن الأمة ليست هي المؤدية عن الله عز و جل ببيان القرآن و إنها ليست تقوم في ذلك مقام النبي ص. فإن تجاسر متجاسر فقال قد كان يجوز أن ينزل القرآن على أهل عصر النبي ص و لا يكون معه نبي و يتعبدهم بما فيه مع احتماله للتأويل. قيل له هب ذلك كله و قد وقع من الخلاف في معانيه ما قد وقع في هذا الوقت ما الذي كانوا يصنعون. فإن قال ما قد صنعوا الساعة. قيل الذي فعلوه الساعة أخذ كل فرقة من الأمة جانبا من التأويل و عمله

  عليه و تضليل الفرقة المخالفة لها في ذلك و شهادتها عليها بأنها ليست على الحق. فإن قال إنه كان يجوز أن يكون في أول الإسلام كذلك و إن ذلك حكمة من الله و عدل فيهم ركب خطأ عظيما و ما لا أرى أحدا من الخلق يقدم عليه فيقال له عند ذلك فحدثنا إذا تهيأ للعرب الفصحاء أهل اللغة أن يتأولوا القرآن و يعمل كل واحد منهم بما يتأوله على اللغة العربية فكيف يصنع من لا يعرف اللغة من الناس و كيف يصنع العجم من الترك و الفرس و إلى أي شي‏ء يرجعون في علم ما فرض الله عليهم في كتابه و من أي الفرق يقبلون مع اختلاف الفرق في التأويل و أباحتك كل فرقة أن تعمل بتأويلها. و لا بد لك من أن يجري العجم و من لا يفهم اللغة مجرى أصحاب اللغة من أن لهم أن يتبعوا أي الفرق شاءوا و إلا أن ألزمت من لا يفهم اللغة اتباع بعض الفرق دون بعض لزمك أن تجعل الحق كله في تلك الفرقة دون غيرها فإن جعلت الحق في فرقة دون فرقة نقضت ما بنيت عليه كلامك و احتجت إلى أن يكون مع تلك الفرقة علم و حجة تبين بها من غيرها و ليس هذا من قولك. و لو جعلت الفرق كلها متساوية في الحق مع تناقض تأويلاتها فيلزمك أيضا أن تجعل للعجم و من لا يفهم اللغة أن يتبعوا أي الفرق شاءوا و إذا فعلت ذلك لزمك في هذا الوقت أن لا يلزم أحدا من مخالفيك من الشيعة و الخوارج و أصحاب التأويلات و جميع من خالفك ممن له فرقة و من مبتدع لا فرقة له على مخالفتك ذما. و هذا نقص الإسلام و الخروج من الإجماع و يقال لك و ما ينكر على هذا الإعطاء أن يتعبد الله عز و جل الخلق بما في كتاب مطبق لا يمكن أحدا أن يقرأ ما فيه و يأمر أن يبحثوا و يرتادوا و يعمل كل فرقة بما ترى أنه في الكتاب فإن أجزت ذلك أجزت على الله عز و جل العبث لأن ذلك صفة العابث. و يلزمك أن تجيز على كل من نظر بعقله في شي‏ء و استحسن أمرا من الدين أن يعتقده لأنه سواء أباحهم أن يعملوا في أصول الحلال و الحرام و فروعهما بآرائهم و أباحهم أن ينظروا بعقولهم في أصول الدين كله و فروعه من توحيد و غيره و أن يعملوا أيضا بما استحسنوه و كان عندهم حقا فإن أجزت ذلك أجزت على الله عز و جل أن يبيح الخلق أن يشهدوا عليه أنه ثاني اثنين و أن يعتقدوا الدهر و جحدوا البارئ جل و عز. و هذا آخر ما في هذا الكلام لأن من أجاز أن يتعبدنا الله عز و جل بالكتاب على احتمال التأويل و لا مخبر صادق لنا عن معانيه لزمه أن يجيز على أهل عصر النبي ص مثل ذلك. فإذا أجاز مثل ذلك لزمه أن يبيح الله عز و جل كل فرقة العمل بما رأت و تأولت لأنه لا يكون لهم غير ذلك إذا لم يكن معهم حجة في أن هذا التأويل أصح من هذا التأويل و إذا أباح ذلك أباح متبعيهم ممن لا يعرف اللغة فإذا أباح أولئك أيضا لزمه أن يبيحنا في هذا العصر و إذا أباحنا ذلك في الكتاب لزمه أن يبيحنا ذلك في أصول الحلال و الحرام و مقاييس العقول و ذلك خروج من الدين كله. و إذا وجب بما قدمنا ذكره أنه لا بد من مترجم عن القرآن و أخبار النبي ص وجب أن يكون معصوما ليجب القبول منه. و إذا وجب أن يكون معصوما بطل أن يكون هو الأمة لما بينا من اختلافها في تأويل القرآن و الأخبار و تنازعها في ذلك و من إكفار بعضها بعضا و إذا ثبت ذلك وجب أن يكون المعصوم هو الواحد الذي ذكرناه و هو الإمام و قد دللنا على أن الإمام لا يكون إلا معصوما و أدينا أنه إذا وجبت العصمة في الإمام لم يكن بد من أن ينص النبي ص عليه لأن العصمة ليست في ظاهر الخلقة فيعرفها الخلق بالمشاهدة فواجب أن ينص عليها علام الغيوب تبارك و تعالى على لسان نبيه ص و ذلك لأن الإمام لا يكون إلا منصوصا عليه و قد صح لنا النص بما بيناه من الحجج و ما رويناه من الأخبار الصحيحة

 7-  فس، ]تفسير القمي[ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا قال لا تكون الخلافة في آل فلان و لا آل فلان و لا آل طلحة و لا آل الزبير

 بيان على هذا التأويل يكون المعنى بيوتهم خاوية من الخلافة و الإمامة بسبب ظلمهم فالظلم ينافي الخلافة و كل فسق ظلم و يحتمل أن يكون المعنى أنهم لما ظلموا و غصبوا الخلافة و حاربوا إمامهم أخرجها الله من ذريتهم ظاهرا و باطنا إلى يوم القيامة

 8-  ل، ]الخصال[ في خبر الأعمش عن الصادق ع الأنبياء و أوصياؤهم لا ذنوب لهم لأنهم معصومون مطهرون

 9-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ فيما كتب الرضا ع للمأمون لا يفرض الله تعالى طاعة من يعلم أنه يضلهم و يغويهم و لا يختار لرسالته و لا يصطفي من عباده من يعلم أنه يكفر به و بعبادته و يعبد الشيطان دونه

 10-  ل، ]الخصال[ قوله عز و جل لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ عنى به أن الإمامة لا تصلح لمن قد عبد صنما أو وثنا أو أشرك بالله طرفة عين و إن أسلم بعد ذلك و الظلم وضع الشي‏ء في غير موضعه و أعظم الظلم الشرك قال الله عز و جل إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ و كذلك لا تصلح الإمامة لمن قد ارتكب من المحارم شيئا صغيرا كان أو كبيرا و إن تاب منه بعد ذلك و كذلك لا يقيم الحد من في جنبه حد فإذا لا يكون الإمام إلا معصوما و لا تعلم عصمته إلا بنص الله عز و جل عليه على لسان نبيه ص لأن العصمة ليست في ظاهر الخلقة فترى كالسواد و البياض و ما أشبه ذلك و هي مغيبة لا تعرف إلا بتعريف علام الغيوب عز و جل

 11-  ع، ]علل الشرائع[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن أبيه عن حماد بن عيسى عن ابن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس قال سمعت أمير المؤمنين ع يقول إنما الطاعة لله عز و جل و لرسوله و لولاة الأمر و إنما أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصيته

 12-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحفار عن إسماعيل بن علي بن علي الدعبلي عن أبيه و إسحاق بن إبراهيم الديري معا عن عبد الرزاق عن أبيه عن مثنى مولى عبد الرحمن بن عوف عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله ص أنا دعوة أبي إبراهيم قلنا يا رسول الله و كيف صرت دعوة أبيك إبراهيم قال أوحى الله عز و جل إلى إبراهيم إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً فاستخف إبراهيم الفرح فقال يا رب و من ذريتي أئمة مثلي فأوحى الله عز و جل إليه أن يا إبراهيم إني لا أعطي لك عهدا لا أفي لك به قال يا رب ما العهد الذي لا تفي لي به قال لا أعطيك عهد الظالم من ذريتك قال يا رب و من الظالم من ولدي لا ينال عهدي قال من سجد لصنم من دوني لا أجعله إماما أبدا و لا يصح أن يكون إماما قال إبراهيم وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ قال النبي ص فانتهت الدعوة إلي و إلى أخي علي ع لم يسجد أحد منا لصنم قط فاتخذني الله نبيا و عليا وصيا

 كنز، ]كنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة[ ابن المغازلي بإسناده إلى ابن مسعود مثله

 13-  ك، ]إكمال الدين[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الوراق عن سعد عن النهدي عن ابن علوان عن عمرو بن خالد عن ابن طريف عن ابن نباتة عن ابن عباس قال سمعت رسول الله ص يقول أنا و علي و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون

 14-  شي، ]تفسير العياشي[ روي بأسانيد عن صفوان الجمال قال كنا بمكة فجرى الحديث في قول الله وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قال أتمهن بمحمد و علي و الأئمة من ولد علي صلى الله عليهم في قول الله ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ثم قال إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ قال يا رب و يكون من ذريتي ظالم قال نعم فلان و فلان و فلان و من اتبعهم قال يا رب فعجل لمحمد و علي ما وعدتني فيهما و عجل نصرك لهما و إليه أشار بقوله وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَ لَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ فالملة الإمامة فلما أسكن ذريته بمكة قال رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ إلى مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ فاستثنى من آمن خوفا أن يقول له لا كما قال له في الدعوة الأولى وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ فلما قال الله وَ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ قال يا رب و من الذين متعتهم قال الذين كفروا بآياتي فلان و فلان و فلان

 15-  شي، ]تفسير العياشي[ عن حريز عمن ذكره عن أبي جعفر ع في قول الله لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ أي لا يكون إماما ظالما

 16-  كشف، ]كشف الغمة[ فائدة سنية كنت أرى الدعاء الذي كان يقوله أبو الحسن ع في سجدة الشكر و هو رب عصيتك بلساني و لو شئت و عزتك لأخرستني و عصيتك ببصري و لو شئت و عزتك لأكمهتني و عصيتك بسمعي و لو شئت و عزتك لأصممتني و عصيتك بيدي و لو شئت و عزتك لكنعتني و عصيتك بفرجي و لو شئت و عزتك لأعقمتني و عصيتك برجلي و لو شئت و عزتك لجذمتني و عصيتك بجميع جوارحي التي أنعمت بها علي و لم يكن هذا جزاك مني

 بخط عميد الرؤساء لعقمتني و المعروف عقمت المرأة و عقمت و أعقمها الله فكنت أفكر في معناه و أقول كيف يتنزل على ما تعتقده الشيعة من القول بالعصمة و ما اتضح لي ما يدفع التردد الذي يوجبه. فاجتمعت بالسيد السعيد النقيب رضي الدين أبي الحسن علي بن موسى بن طاوس العلوي الحسني رحمه الله و ألحقه بسلفه الطاهر فذكرت له ذلك فقال إن الوزير السعيد مؤيد الدين العلقمي رحمه الله تعالى سألني عنه فقلت كان يقول هذا ليعلم الناس ثم إني فكرت بعد ذلك فقلت هذا كان يقوله في سجدته في الليل و ليس عنده من يعلمه. ثم سألني عنه الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي رحمه الله فأخبرته بالسؤال الأول الذي قلت و الذي أوردته عليه و قلت ما بقي إلا أن يكون يقوله على سبيل التواضع و ما هذا معناه فلم يقع مني هذه الأقوال بموقع و لا حلت من قلبي في موضع. و مات السيد رضي الدين رحمه الله فهداني الله إلى معناه و وفقني على فحواه فكان الوقوف عليه و العلم به و كشف حجابه بعد السنين المتطاولة و الأحوال المجرمة و الأدوار المكررة من كرامات الإمام موسى ع و معجزاته و لتصح نسبة العصمة إليه و تصدق على آبائه البررة الكرام و تزول الشبهة التي عرضت من ظاهر هذا الكلام. و تقريره أن الأنبياء و الأئمة ع تكون أوقاتهم مشغولة بالله تعالى و قلوبهم مملوة به و خواطرهم متعلقة بالملإ الأعلى و هم أبدا في المراقبة

 كما قال ع اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك

فهم أبدا متوجهون إليه و مقبلون بكلهم عليه فمتى انحطوا عن تلك الرتبة العالية و المنزلة الرفيعة إلى الاشتغال بالمأكل و المشرب و التفرغ إلى النكاح و غيره من المباحات عدوه ذنبا و اعتقدوه خطيئة و استغفروا منه. أ لا ترى أن بعض عبيد أبناء الدنيا لو قعد و أكل و شرب و نكح و هو يعلم أنه بمرأى من سيده و مسمع لكان ملوما عند الناس و مقصرا فيما يجب عليه من خدمة سيده و مالكه فما ظنك بسيد السادات و ملك الأملاك

 و إلى هذا أشار ع إنه ليغان على قلبي و إني لأستغفر بالنهار سبعين مرة

و لفظة السبعين إنما هي لعدد الاستغفار لا إلى الرين

 و قوله حسنات الأبرار سيئات المقربين.

و نزيده إيضاحا من لفظه ليكون أبلغ من التأويل و يظهر من قوله ع أعقمتني و العقيم الذي لا يولد له و الذي يولد من السفاح لا يكون ولدا فقد بأن بهذا أنه كان يعد اشتغاله في وقت ما بما هو ضرورة للأبدان معصية و يستغفر الله منها و على هذا فقس البواقي و كل ما يرد عليك من أمثالها و هذا معنى شريف يكشف بمدلوله حجاب الشبه و يهدي به الله من حسر عن بصره و بصيرته رين العمى و العمة. و ليت السيد رحمه الله كان حيا لأهدي هذه العقيلة إليه و أجلو عرائسها عليه فما أظن أن هذا المعنى اتضح من لفظ الدعاء لغيري و لا أن أحدا سار في إيضاح مشكله و فتح مقفله مثل سيري و قد ينتج الخاطر العقيم فيأتي بالعجائب و قديما ما قيل مع الخواطئ سهم صائب. بيان عقم في بعض ما عندنا من كتب اللغة جاء لازما و متعديا قال الفيروزآبادي عقم كفرح و نصر و كرم و عنى و عقمها الله يعقمها و أعقهما انتهى ما ذكره رحمه الله وجه حسن في تأويل ما نسبوا إلى أنفسهم المقدسة من الذنب و الخطاء و العصيان و سيأتي تمام القول في ذلك

 17-  ختص، ]الإختصاص[ بإسناده عن أبي الحسين الأسدي عن صالح بن أبي حماد رفعه قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن الله اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا و إن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا و إن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا و إن الله اتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما فلما جمع له الأشياء قال إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قال فمن عظمها في عين إبراهيم ع قال وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ قال لا يكون السفيه إمام التقى

 18-  ختص، ]الإختصاص[ أبو محمد بن حمزة الحسيني عن الكليني عن العدة عن ابن عيسى عن أبي يحيى الواسطي عن هشام بن سالم و درست عنهم ع قال إن الأنبياء و المرسلين على أربع طبقات فنبي منبأ في نفسه لا يعدو غيره يرى في النوم و يسمع الصوت و لا يعاين في اليقظة و لم يبعث إلى أحد و عليه إمام مثل ما كان إبراهيم ع على لوط و نبي يرى في نومه و يسمع الصوت و يعاين الملك و قد أرسل إلى طائفة قلوا أو كثروا كما قال الله عز و جل ليونس وَ أَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ قال يزيدون ثلاثون ألفا و عليه إمام و الذي يرى في نومه و يسمع الصوت و يعاين في اليقظة و هو إمام على أولي العزم و قد كان إبراهيم نبيا و ليس بإمام حتى قال الله تبارك و تعالى إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي فقال الله تبارك و تعالى لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ من عبد صنما أو وثنا أو مثالا لا يكون إماما

 19-  ختص، ]الإختصاص[ عن جابر عن أبي جعفر ع قال سمعته يقول إن الله اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا و اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا و اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا و إن الله اتخذ إبراهيم خليلا قبل أن يتخذه إماما فلما جمع له الأشياء و قبض يده قالَ له يا إبراهيم إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً فمن عظمها في عين إبراهيم قالَ يا رب وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ

 بيان قوله و قبض يده من كلام الراوي و الضميران المستتر و البارز راجعان إلى الباقر ع أي لما قال ع فلما جمع له هذه الأشياء قبض يده أي ضم أصابعه إلى كفه لبيان اجتماع تلك الخمسة له أي العبودية و النبوة و الرسالة و الخلة و الإمامة و هذا شائع في أمثال هذه المقامات. و قيل أي أخذ الله يده و رفعه من حضيض الكمالات إلى أوجها هذا إذا كان الضمير في يده راجعا إلى إبراهيم ع و إن كان راجعا إلى الله فقبض يده كناية عن إكمال الصنعة و إتمام الحقيقة في إكمال ذاته و صفاته أو تشبيه للمعقول بالمحسوس للإيضاح فإن الصانع منا إذا أكمل صنعة الشي‏ء رفع يده عنه و لا يعمل فيه شيئا لتمام صنعته و قيل فيه إضمار أي قبض إبراهيم هذه الأشياء بيده أو قبض المجموع في يده

 20-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ الجوهري عن حبيب الخثعمي قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إنا لنذنب و نسي‏ء ثم نتوب إلى الله متابا

 قال الحسين بن سعيد لا خلاف بين علمائنا في أنهم ع معصومون عن كل قبيح مطلقا و أنهم ع يسمون ترك المندوب ذنبا و سيئة بالنسبة إلى كمالهم ع.

 أقول قال العلامة قدس الله روحه في كشف الحق، روى الجمهور عن ابن مسعود قال قال رسول الله ص انتهت الدعوة إلي و إلى علي ع لم يسجد أحدنا قط لصنم فاتخذني نبيا و اتخذ عليا وصيا

و قال الناصب الشارح هذه الرواية ليست في كتب أهل السنة و الجماعة و لا أحد من المفسرين ذكر هذا و إن صح دل على أن عليا وصي رسول الله ص و المراد بالوصاية ميراث العلم و الحكمة و ليست هي نصا في الإمامة كما ادعاه. و قال صاحب إحقاق الحق هذه الرواية مما رواه ابن المغازلي الشافعي في كتاب المناقب بإسناده إلى ابن مسعود و الإنكار و الإصرار فيه عناد و إلحاد و المراد بالدعوة المذكور فيها دعوة إبراهيم و طلب الإمامة لذريته من الله تعالى فدلت الرواية على أن المراد بالوصاية الإمامة و أن سبق الكفر و سجود الصنم ينافي الإمامة في ثاني الحال أيضا كما أوضحناه سابقا فينفي إمامة الثلاثة و يصير نصا في إرادة الإمامة دون ميراث العلم و الحكمة. إن قيل لا يلزم من هذه الرواية عدم إمامة الثلاثة إذ كما أن انتهاء الدعوة إلى النبي ص لا يدل على عدم نبي قبله فكذلك انتهاء الدعوة إلى علي لا يدل على عدم إمام قبله بل اللازم من الرواية أن الإمام المنتهى إليه الدعوة يجب أن لا يسجد صنما قط و لا يلزم منها أن يكون قبل الانتهاء أيضا كذلك. قلت قوله ص انتهت بصيغة الماضي يدل على وقوع الانتهاء عند تكلم النبي ص و سبق إمامة غير علي ع ينافي ذلك نعم لو قال ص ينتهي الدعوة إلخ لكان بذلك الاحتمال مجال و ليس فظهر الفرق بين انتهاء الدعوة إلى النبي ص و بين انتهائها إلى علي ع. لا يقال لو صح هذه الرواية لزم أن لا يكون باقي الأئمة إماما. لأنا نقول الملازمة ممنوعة فإن الانتهاء بمعنى الوصول لا الانقطاع و في هذا الجواب مندوحة عما قيل إن عدم صحة هذه الرواية لا يضرنا إذ غرضنا إلزامهم بأن أبا بكر و عمر و عثمان ليسوا أئمة فتأمل هذا.

 و يقرب عن هذه الرواية مما رواه النسفي الحنفي في تفسير المدارك عند تفسير آية النجوى عن أمير المؤمنين ع أنه قال سألت رسول الله ص عن مسائل إلى أن قال قلت و ما الحق قال الإسلام و القرآن و الولاية إذا انتهت إليك

انتهى. و أقول مفهوم الشرط حجة عند المحققين من أئمة الأصول فيدل على أن الإمامة و الولاية قبل الانتهاء إليه ع باطل و يلزم بطلان خلافة من تقدم فيها عليه كما لا يخفى

 22-  كنز، ]كنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة[ في تفسير الثعلبي قال قال جعفر بن محمد الصادق ع قوله عز و جل طه أي طهارة أهل البيت صلوات الله عليهم من الرجس ثم قرأ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً

 23-  كنز، ]كنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة[ محمد بن العباس عن الحسين بن أحمد المالكي عن محمد بن عيسى عن يونس عن محمد بن سنان عن محمد بن النعمان قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن الله عز و جل لم يكلنا إلى أنفسنا و لو وكلنا إلى أنفسنا لكنا كبعض الناس و لكن نحن الذين قال الله عز و جل لنا ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ

تذنيب

اعلم أن الإمامية رضي الله عنهم اتفقوا على عصمة الأئمة ع من الذنوب صغيرها و كبيرها فلا يقع منهم ذنب أصلا لا عمدا و لا نسيانا و لا لخطإ في التأويل و لا للإسهاء من الله سبحانه و لم يخالف فيه إلا الصدوق محمد بن بابويه و شيخه ابن الوليد رحمة الله عليهما فإنها جوزا الإسهاء من الله تعالى لمصلحة في غير ما يتعلق بالتبليغ و بيان الأحكام لا السهو الذي يكون من الشيطان و قد مرت الأخبار و الأدلة الدالة عليها في المجلد السادس و الخامس و أكثر أبواب هذا المجلد مشحونة بما يدل عليها فأما ما يوهم خلاف ذلك من الأخبار و الأدعية فهي مأولة بوجوه. الأول أن ترك المستحب و فعل المكروه قد يسمى ذنبا و عصيانا بل ارتكاب بعض المباحات أيضا بالنسبة إلى رفعة شأنهم و جلالتهم ربما عبروا عنه بالذنب لانحطاط ذلك عن سائر أحوالهم كما مرت الإشارة إليه في كلام الإربلي رحمه الله. الثاني أنهم بعد انصرافهم عن بعض الطاعات التي أمروا بها من معاشرة الخلق و تكميلهم و هدايتهم و رجوعهم عنها إلى مقام القرب و الوصال و مناجاة ذي الجلال ربما وجدوا أنفسهم لانحطاط تلك الأحوال عن هذه المرتبة العظمى مقصرين فيتضرعون لذلك و إن كان بأمره تعالى كما أن أحدا من ملوك الدنيا إذا بعث واحدا من مقربي حضرته إلى خدمة من خدماته التي يحرم بها من مجلس الحضور و الوصال فهو بعد رجوعه يبكي و يتضرع و ينسب نفسه إلى الجرم و التقصير لحرمانه عن هذا المقام الخطير. الثالث أن كمالاتهم و علومهم و فضائلهم لما كانت من فضله تعالى و لو لا ذلك لأمكن أن يصدر منهم أنواع المعاصي فإذا نظروا إلى أنفسهم و إلى تلك الحال أقروا بفضل ربهم و عجز نفسهم بهذه العبارات الموهمة لصدور السيئات فمفادها أني أذنبت لو لا توفيقك و أخطأت لو لا هدايتك. الرابع أنهم لما كانوا في مقام الترقي في الكلمات و الصعود على مدارج الترقيات في كل آن من الآنات في معرفة الرب تعالى و ما يتبعها من السعادات فإذا نظروا إلى معرفتهم السابقة و عملهم معها اعترفوا بالتقصير و تابوا منه و يمكن أن ينزل عليه قول النبي ص و إني لأستغفر الله في كل يوم سبعين مرة. الخامس أنهم ع لما كانوا في غاية المعرفة لمعبودهم فكل ما أتوا به من الأعمال بغاية جهدهم ثم نظروا إلى قصورها عن أن يليق بجناب ربهم عدوا طاعاتهم من المعاصي و استغفروا منها كما يستغفر المذنب المعاصي و من ذاق من كأس المحبة جرعة شائقة لا يأبى عن قبول تلك الوجوه الرائقة و العارف المحب الكامل إذا نظر إلى غير محبوبه أو توجه إلى غير مطلوبه يرى نفسه من أعظم الخاطئين رزقنا الله الوصول إلى درجات المحبين

 24-  عد، ]العقائد[ اعتقادنا في الأنبياء و الرسل و الأئمة ع أنهم معصومون مطهرون من كل دنس و أنهم لا يذنبون ذنبا صغيرا و لا كبيرا و لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ و من نفى العصمة عنهم في شي‏ء من أحوالهم فقد جهلهم و اعتقادنا فيهم أنهم الموصوفون بالكمال و التمام و العلم من أوائل أمورهم إلى آخرها لا يوصفون في شي‏ء من أحوالهم بنقص و لا عصيان و لا جهل

 أقول قد مضى تحقيق العصمة و مزيد بيان في إثباتها و ما يتعلق بها في باب عصمة النبي ص فلا نعيدها