باب 14- نادر في معرفتهم صلوات الله عليهم بالنورانية و فيه ذكر جمل من فضائلهم ع

 1-  أقول ذكر والدي رحمه الله أنه رأى في كتاب عتيق، جمعه بعض محدثي أصحابنا في فضائل أمير المؤمنين ع هذا الخبر و وجدته أيضا في كتاب عتيق مشتمل على أخبار كثيرة قال روي عن محمد بن صدقة أنه قال سأل أبو ذر الغفاري سلمان الفارسي رضي الله عنهما يا أبا عبد الله ما معرفة الإمام أمير المؤمنين ع بالنورانية قال يا جندب فامض بنا حتى نسأله عن ذلك قال فأتيناه فلم نجده قال فانتظرناه حتى جاء قال صلوات الله عليه ما جاء بكما قالا جئناك يا أمير المؤمنين نسألك عن معرفتك بالنورانية قال صلوات الله عليه مرحبا بكما من وليين متعاهدين لدينه لستما بمقصرين لعمري إن ذلك الواجب على كل مؤمن و مؤمنة ثم قال صلوات الله عليه يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين قال ع إنه لا يستكمل أحد الإيمان حتى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية فإذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للإيمان و شرح صدره للإسلام و صار عارفا مستبصرا و من قصر عن معرفة ذلك فهو شاك و مرتاب يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين قال ع معرفتي بالنورانية معرفة الله عز و جل  و معرفة الله عز و جل معرفتي بالنورانية و هو الدين الخالص الذي قال الله تعالى وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا الزَّكاةَ وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ يقول ما أمروا إلا بنبوة محمد ص و هو الدين الحنيفية المحمدية السمحة و قوله يُقِيمُونَ الصَّلاةَ فمن أقام ولايتي فقد أقام الصلاة و إقامة ولايتي صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان فالملك إذا لم يكن مقربا لم يحتمله و النبي إذا لم يكن مرسلا لم يحتمله و المؤمن إذا لم يكن ممتحنا لم يحتمله قلت يا أمير المؤمنين من المؤمن و ما نهايته و ما حده حتى أعرفه قال ع يا أبا عبد الله قلت لبيك يا أخا رسول الله قال المؤمن الممتحن هو الذي لا يرد من أمرنا إليه شي‏ء إلا شرح صدره لقبوله و لم يشك و لم يرتب اعلم يا أبا ذر أنا عبد الله عز و جل و خليفته على عباده لا تجعلونا أربابا و قولوا في فضلنا ما شئتم فإنكم لا تبلغون كنه ما فينا و لا نهايته فإن الله عز و جل قد أعطانا أكبر و أعظم مما يصفه و أصفكم أو يخطر على قلب أحدكم فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون قال سلمان قلت يا أخا رسول الله و من أقام الصلاة أقام ولايتك قال نعم يا سلمان تصديق ذلك قوله تعالى في الكتاب العزيز وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ فالصبر رسول الله ص و الصلاة إقامة ولايتي فمنها قال الله تعالى وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ و لم يقل و إنهما لكبيرة لأن الولاية كبيرة حملها إلا على الخاشعين و الخاشعون هم الشيعة المستبصرون و ذلك لأن

  أهل الأقاويل من المرجئة و القدرية و الخوارج و غيرهم من الناصبية يقرون لمحمد ص ليس بينهم خلاف و هم مختلفون في ولايتي منكرون لذلك جاحدون بها إلا القليل و هم الذين وصفهم الله في كتابه العزيز فقال إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ و قال الله تعالى في موضع آخر في كتابه العزيز في نبوة محمد ص و في ولايتي فقال عز و جل وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ فالقصر محمد و البئر المعطلة ولايتي عطلوها و جحدوها و من لم يقر بولايتي لم ينفعه الإقرار بنبوة محمد ص إلا أنهما مقرونان و ذلك أن النبي ص نبي مرسل و هو إمام الخلق و علي من بعده إمام الخلق و وصي محمد ص كما قال له النبي ص أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي و أولنا محمد و أوسطنا محمد و آخرنا محمد فمن استكمل معرفتي فهو على الدين القيم كما قال الله تعالى وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ و سأبين ذلك بعون الله و توفيقه يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك قال كنت أنا و محمد نورا واحدا من نور الله عز و جل فأمر الله تبارك و تعالى ذلك النور أن يشق فقال للنصف كن محمدا و قال للنصف كن عليا فمنها قال رسول الله ص علي مني و أنا من علي و لا يؤدي عني إلا علي و قد وجه أبا بكر ببراءة إلى مكة فنزل جبرئيل ع فقال يا محمد قال لبيك قال إن الله يأمرك أن تؤديها أنت أو رجل عنك فوجهني في استرداد أبي بكر فرددته فوجد في نفسه و قال يا رسول الله أ نزل في القرآن قال لا و لكن لا يؤدي إلا أنا أو علي يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أخا رسول الله قال ع من لا يصلح لحمل  صحيفة يؤديها عن رسول الله ص كيف يصلح للإمامة يا سلمان و يا جندب فأنا و رسول الله ص كنا نورا واحدا صار رسول الله ص محمد المصطفى و صرت أنا وصيه المرتضى و صار محمد الناطق و صرت أنا الصامت و إنه لا بد في كل عصر من الأعصار أن يكون فيه ناطق و صامت يا سلمان صار محمد المنذر و صرت أنا الهادي و ذلك قوله عز و جل إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ فرسول الله ص المنذر و أنا الهادي اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَ ما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَ ما تَزْدادُ وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَ مَنْ جَهَرَ بِهِ وَ مَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَ سارِبٌ بِالنَّهارِ لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ قال فضرب ع بيده على أخرى و قال صار محمد صاحب الجمع و صرت أنا صاحب النشر و صار محمد صاحب الجنة و صرت أنا صاحب النار أقول لها خذي هذا و ذري هذا و صار محمد ص صاحب الرجفة و صرت أنا صاحب الهدة و أنا صاحب اللوح المحفوظ ألهمني الله عز و جل علم ما فيه نعم يا سلمان و يا جندب و صار محمد يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ و صار محمد ن وَ الْقَلَمِ و صار محمد طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى و صار محمد صاحب الدلالات و صرت أنا صاحب المعجزات و الآيات و صار محمد خاتم النبيين و صرت

  أنا خاتم الوصيين و أنا الصراط المستقيم و أنا النبأ العظيم الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ و لا أحد اختلف إلا في ولايتي و صار محمد صاحب الدعوة و صرت أنا صاحب السيف و صار محمد نبيا مرسلا و صرت أنا صاحب أمر النبي ص قال الله عز و جل يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ و هو روح الله لا يعطيه و لا يلقي هذا الروح إلا على ملك مقرب أو نبي مرسل أو وصي منتجب فمن أعطاه الله هذا الروح فقد أبانه من الناس و فوض إليه القدرة و أحيا الموتى و علم بما كان و ما يكون و سار من المشرق إلى المغرب و من المغرب إلى المشرق في لحظة عين و علم ما في الضمائر و القلوب و علم ما في السماوات و الأرض يا سلمان و يا جندب و صار محمد الذكر الذي قال الله عز و جل قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ إني أعطيت علم المنايا و البلايا و فصل الخطاب و استودعت علم القرآن و ما هو كائن إلى يوم القيامة و محمد ص أقام الحجة حجة للناس و صرت أنا حجة الله عز و جل جعل الله لي ما لم يجعل لأحد من الأولين و الآخرين لا لنبي مرسل و لا لملك مقرب يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين قال ع أنا الذي حملت نوحا في السفينة بأمر ربي و أنا الذي أخرجت يونس من بطن الحوت بإذن ربي و أنا الذي جاوزت بموسى بن عمران البحر بأمر ربي و أنا الذي أخرجت إبراهيم من النار بإذن ربي و أنا الذي أجريت أنهارها و فجرت عيونها و غرست أشجارها بإذن ربي و أنا عذاب يوم الظلة و أنا المنادي من مكان قريب قد سمعه الثقلان الجن و الإنس و فهمه قوم  إني لأسمع كل قوم الجبارين و المنافقين بلغاتهم و أنا الخضر عالم موسى و أنا معلم سليمان بن داود و أنا ذو القرنين و أنا قدرة الله عز و جل يا سلمان و يا جندب أنا محمد و محمد أنا و أنا من محمد و محمد مني قال الله تعالى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين قال إن ميتنا لم يمت و غائبنا لم يغب و إن قتلانا لن يقتلوا يا سلمان و يا جندب قالا لبيك صلوات الله عليك قال ع أنا أمير كل مؤمن و مؤمنة ممن مضى و ممن بقي و أيدت بروح العظمة و إنما أنا عبد من عبيد الله لا تسمونا أربابا و قولوا في فضلنا ما شئتم فإنكم لن تبلغوا من فضلنا كنه ما جعله الله لنا و لا معشار العشر لأنا آيات الله و دلائله و حجج الله و خلفاؤه و أمناؤه و أئمته و وجه الله و عين الله و لسان الله بنا يعذب الله عباده و بنا يثيب و من بين خلقه طهرنا و اختارنا و اصطفانا و لو قال قائل لم و كيف و فيم لكفر و أشرك لأنه لا يسأل عما يفعل و هم يسألون يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك قال ع من آمن بما قلت و صدق بما بينت و فسرت و شرحت و أوضحت و نورت و برهنت فهو مؤمن ممتحن امتحن الله قلبه للإيمان و شرح صدره للإسلام و هو عارف مستبصر قد انتهى و بلغ و كمل و من شك و عند و جحد و وقف و تحير و ارتاب فهو مقصر و ناصب يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك قال ع أنا أحيي و أميت بإذن ربي و أنا أنبئكم بما تأكلون و ما تدخرون في بيوتكم بإذن ربي و أنا عالم بضمائر قلوبكم و الأئمة من أولادي ع يعلمون و يفعلون هذا إذا أحبوا و أرادوا لأنا كلنا واحد أولنا محمد و آخرنا محمد و أوسطنا محمد و كلنا محمد

  فلا تفرقوا بيننا و نحن إذا شئنا شاء الله و إذا كرهنا كره الله الويل كل الويل لمن أنكر فضلنا و خصوصيتنا و ما أعطانا الله ربنا لأن من أنكر شيئا مما أعطانا الله فقد أنكر قدرة الله عز و جل و مشيته فينا يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك قال ع لقد أعطانا الله ربنا ما هو أجل و أعظم و أعلى و أكبر من هذا كله قلنا يا أمير المؤمنين ما الذي أعطاكم ما هو أعظم و أجل من هذا كله قال قد أعطانا ربنا عز و جل علمنا للاسم الأعظم الذي لو شئنا خرقت السماوات و الأرض و الجنة و النار و نعرج به إلى السماء و نهبط به الأرض و نغرب و نشرق و ننتهي به إلى العرش فنجلس عليه بين يدي الله عز و جل و يطيعنا كل شي‏ء حتى السماوات و الأرض و الشمس و القمر و النجوم و الجبال و الشجر و الدواب و البحار و الجنة و النار أعطانا الله ذلك كله بالاسم الأعظم الذي علمنا و خصنا به و مع هذا كله نأكل و نشرب و نمشي في الأسواق و نعمل هذه الأشياء بأمر ربنا و نحن عباد الله المكرمون الذين لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ و جعلنا معصومين مطهرين و فضلنا على كثير من عباده المؤمنين فنحن نقول الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ و حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ أعني الجاحدين بكل ما أعطانا الله من الفضل و الإحسان يا سلمان و يا جندب فهذا معرفتي بالنورانية فتمسك بها راشدا فإنه لا يبلغ أحد من شيعتنا حد الاستبصار حتى يعرفني بالنورانية فإذا عرفني بها كان مستبصرا بالغا كاملا قد خاض بحرا من العلم و ارتقى درجة من الفضل و اطلع على سر من سر الله و مكنون خزائنه

 بيان قوله أنا الذي حملت نوحا أقول لو صح صدور الخبر عنه ع  لاحتمل أن يكون المراد به و بأمثاله أن الأنبياء ع بالاستشفاع بنا و التوسل بأنوارنا رفعت عنهم المكاره و الفتن كما دلت عليه الأخبار الصحيحة

 2-  و حدثني والدي من الكتاب المذكور قال حدثنا أحمد بن عبيد الله قال حدثنا سليمان بن أحمد قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن محمد الموصلي قال أخبرني أبي عن خالد عن جابر بن يزيد الجعفي و قال حدثنا أبو سليمان أحمد قال حدثنا محمد بن سعيد عن أبي سعيد عن سهل بن زياد قال حدثنا محمد بن سنان عن جابر بن يزيد الجعفي قال لما أفضت الخلافة إلى بني أمية سفكوا فيها الدم الحرام و لعنوا فيها أمير المؤمنين ع على المنابر ألف شهر و تبرءوا منه و اغتالوا الشيعة في كل بلدة و استأصلوا بنيانهم من الدنيا لحطام دنياهم فخوفوا الناس في البلدان و كل من لم يلعن أمير المؤمنين ع و لم يتبرأ منه قتلوه كائنا من كان قال جابر بن يزيد الجعفي فشكوت من بني أمية و أشياعهم إلى الإمام المبين أطهر الطاهرين زين العباد و سيد الزهاد و خليفة الله على العباد علي بن الحسين صلوات الله عليهما فقلت يا ابن رسول الله قد قتلونا تحت كل حجر و مدر و استأصلوا شافتنا و أعلنوا لعن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه على المنابر و المنارات و الأسواق و الطرقات و تبرءوا منه حتى أنهم ليجتمعون في مسجد رسول الله ص فيلعنون علينا ع علانية لا ينكر ذلك أحد و لا ينهر فإن أنكر ذلك أحد منا حملوا عليه بأجمعهم و قالوا هذا رافضي أبو ترابي و أخذوه إلى سلطانهم و قالوا هذا ذكر أبا تراب بخير فضربوه ثم حبسوه ثم بعد ذلك قتلوه فلما سمع الإمام صلوات الله عليه ذلك مني نظر إلى السماء فقال سبحانك اللهم سيدي ما أحلمك و أعظم شأنك في حلمك و أعلى سلطانك يا رب قد أمهلت  عبادك في بلادك حتى ظنوا أنك أمهلتهم أبدا و هذا كله بعينك لا يغالب قضاؤك و لا يرد المحتوم من تدبيرك كيف شئت و أنى شئت و أنت أعلم به منا قال ثم دعا صلوات الله عليه و آله ابنه محمدا ع فقال يا بني قال لبيك يا سيدي قال إذا كان غدا فاغد إلى مسجد رسول الله ص و خذ معك الخيط الذي أنزل مع جبرئيل على جدنا ص فحركه تحريكا لينا و لا تحركه شديدا الله الله فيهلك الناس كلهم قال جابر فبقيت متفكرا متعجبا من قوله فما أدري ما أقول لمولاي ع فغدوت إلى محمد ع و قد بقي علي ليل حرصا أن أنظر إلى الخيط و تحريكه فبينما أنا على دابتي إذ خرج الإمام ع فقمت و سلمت عليه فرد علي السلام و قال ما غدا بك فلم تكن تأتينا في هذا الوقت فقلت يا ابن رسول الله سمعت أباك ص يقول بالأمس خذ الخيط و سر إلى مسجد رسول الله ص فحركه تحريكا لينا و لا تحركه تحريكا شديدا فتهلك الناس كلهم فقال يا جابر لو لا الوقت المعلوم و الأجل المحتوم و القدر المقدور لخسفت و الله بهذا الخلق المنكوس في طرفة عين لا بل في لحظة لا بل في لمحة و لكننا عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ قال قلت له يا سيدي و لم تفعل هذا بهم قال ما حضرت أبي بالأمس و الشيعة يشكون إليه ما يلقون من الناصبية الملاعين و القدرية المقصرين فقلت بلى يا سيدي قال فإني أرعبهم و كنت أحب أن يهلك طائفة منهم و يطهر الله منهم البلاد و يريح العباد قلت يا سيدي فكيف ترعبهم و هم أكثر من أن يحصوا قال امض بنا إلى المسجد لأريك قدرة الله تعالى قال جابر فمضيت معه إلى المسجد فصلى ركعتين ثم وضع خده في التراب و كلم بكلمات ثم رفع رأسه و أخرج من كمه خيطا دقيقا يفوح منه رائحة المسك و كان

  أدق في المنظر من خيط المخيط ثم قال خذ إليك طرف الخيط و امش رويدا و إياك ثم إياك أن تحركه قال فأخذت طرف الخيط و مشيت رويدا فقال صلوات الله عليه قف يا جابر فوقفت فحرك الخيط تحريكا لينا فما ظننت أنه حركه من لينه ثم قال ناولني طرف الخيط قال فناولته فقلت ما فعلت به يا ابن رسول الله قال ويحك أخرج الناس و انظر ما حالهم قال فخرجت من المسجد فإذا صياح و ولولة من كل ناحية و زاوية و إذا زلزلة و هدة و رجفة و إذا الهدة أخربت عامة دور المدينة و هلك تحتها أكثر من ثلاثين ألف رجل و امرأة و إذا بخلق يخرجون من السكك لهم بكاء و عويل و ضوضاة و رنة شديدة و هم يقولون إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ قد قامت الساعة و وقعت الواقعة و هلك الناس و آخرون يقولون الزلزلة و الهدة و آخرون يقولون الرجفة و القيامة هلك فيها عامة الناس و إذا أناس قد أقبلوا يبكون يريدون المسجد و بعضهم يقولون لبعض كيف لا يخسف بنا و قد تركنا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و ظهر الفسق و الفجور و كثر الزنا و الربا و شرب الخمر و اللواطة و الله لينزلن بنا ما هو أشد من ذلك و أعظم أو نصلح أنفسنا قال جابر فبقيت متحيرا أنظر إلى الناس يبكون و يصيحون و يولولون و يغدون زمرا إلى المسجد فرحمتهم حتى و الله بكيت لبكائهم و إذا لا يدرون من أين أتوا و أخذوا فانصرفت إلى الإمام الباقر ع و قد اجتمع الناس له و هم يقولون يا ابن رسول الله ما ترى ما نزل بنا بحرم رسول الله ص و قد هلك الناس و ماتوا فادع الله عز و جل لنا فقال لهم افزعوا إلى الصلاة و الصدقة و الدعاء ثم سألني فقال يا جابر ما حال الناس فقلت يا سيدي لا تسأل يا ابن رسول الله خربت الدور و القصور و هلك الناس و رأيتهم بغير رحمة فرحمتهم فقال  لا رحمهم الله أبدا أما إنه قد بقي عليك بقية لو لا ذلك ما رحمت أعداءنا و أعداء أوليائنا ثم قال ع سحقا سحقا بعدا بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ و الله لو حركت الخيط أدنى تحريكة لهلكوا أجمعين و جعل أعلاها أسفلها و لم يبق دار و لا قصر و لكن أمرني سيدي و مولاي أن لا أحركه شديدا ثم صعد المنارة و الناس لا يرونه فنادى بأعلا صوته ألا أيها الضالون المكذبون فظن الناس أنه صوت من السماء فخروا لوجوههم و طارت أفئدتهم و هم يقولون في سجودهم الأمان الأمان فإذا هم يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ و لا يرون الشخص ثم أشار بيده صلوات الله عليه و أنا أراه و الناس لا يرونه فزلزلت المدينة أيضا زلزلة خفيفة ليست كالأولى و تهدمت فيها دورة كثيرة ثم تلا هذه الآية ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ ثم تلا بعد ما نزل فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَ أَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ و تلا ع فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ أَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ قال و خرجت المخدرات في الزلزلة الثانية من خدورهن مكشفات الرءوس و إذا الأطفال يبكون و يصرخون فلا يلتفت أحد فلما بصر الباقر ع ضرب بيده إلى الخيط فجمعه في كفه فسكنت الزلزلة ثم أخذ بيدي و الناس لا يرونه و خرجنا من المسجد فإذا قوم قد اجتمعوا إلى باب حانوت الحداد و هم خلق كثير يقولون ما سمعتم في مثل هذا المدرة من

  الهمة فقال بعضهم بلى لهمهمة كثيرة و قال آخرون بل و الله صوت و كلام و صياح كثير و لكنا و الله لم نقف على الكلام قال جابر فنظر الباقر ع إلى قصتهم ثم قال يا جابر دأبنا و دأبهم إذا بطروا و أشروا و تمردوا و بغوا أرعبناهم و خوفناهم فإذا ارتدعوا و إلا أذن الله في خسفهم قال جابر يا ابن رسول الله فما هذا الخيط الذي فيه الأعجوبة قال هذه بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إلينا يا جابر إن لنا عند الله منزلة و مكانا رفيعا و لو لا نحن لم يخلق الله أرضا و لا سماء و لا جنة و لا نارا و لا شمسا و لا قمرا و لا برا و لا بحرا و لا سهلا و لا جبلا و لا رطبا و لا يابسا و لا حلوا و لا مرا و لا ماء و لا نباتا و لا شجرا اخترعنا الله من نور ذاته لا يقاس بنا بشر بنا أنقذكم الله عز و جل و بنا هداكم الله و نحن و الله دللناكم على ربكم فقفوا على أمرنا و نهينا و لا تردوا كل ما ورد عليكم منا فأنا أكبر و أجل و أعظم و أرفع من جميع ما يرد عليكم ما فهمتموه فاحمدوا الله عليه و ما جهلتموه فكلوا أمره إلينا و قولوا أئمتنا أعلم بما قالوا قال ثم استقبله أمير المدينة راكبا و حواليه حراسه و هم ينادون في الناس معاشر الناس احضروا ابن رسول الله ص علي بن الحسين ع و تقربوا إلى الله عز و جل به لعل الله يصرف عنكم العذاب فلما بصروا بمحمد بن علي الباقر ع تبادروا نحوه و قالوا يا ابن رسول الله أ ما ترى ما نزل بأمة جدك محمد ص هلكوا و فنوا عن آخرهم أين أبوك حتى نسأله أن يخرج إلى المسجد و نتقرب به إلى الله ليرفع الله به عن أمة جدك هذا البلاء قال لهم محمد بن علي ع يفعل الله تعالى إن شاء الله أصلحوا أنفسكم و عليكم بالتضرع و التوبة و الورع و النهي عما أنتم عليه فإنه لا يأمن مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ قال جابر فأتينا علي بن الحسين ع و هو يصلي فانتظرناه حتى فرغ من  صلاته و أقبل علينا فقال يا محمد ما خبر الناس فقال ذلك لقد رأى من قدرة الله عز و جل ما لا زال متعجبا منها قال جابر إن سلطانهم سألنا أن نسألك أن تحضر إلى المسجد حتى يجتمع الناس يدعون و يتضرعون إلى الله عز و جل و يسألونه الإقالة قال فتبسم ع ثم تلا أَ وَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ وَ لَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَ كَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَ حَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ فقلت سيدي العجب أنهم لا يدرون من أين أتوا قال أجل ثم تلا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَ ما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ و هي و الله آياتنا و هذه أحدها و هي و الله ولايتنا يا جابر ما تقول في قوم أماتوا سنتنا و توالوا أعداءنا و انتهكوا حرمتنا فظلمونا و غصبونا و أحيوا سنن الظالمين و ساروا بسيرة الفاسقين قال جابر الحمد لله الذي من علي بمعرفتكم و ألهمني فضلكم و وفقني لطاعتكم موالاة مواليكم و معاداة أعدائكم قال صلوات الله عليه يا جابر أ و تدري ما المعرفة المعرفة إثبات التوحيد أولا ثم معرفة المعاني ثانيا ثم معرفة الأبواب ثالثا ثم معرفة الأنام رابعا ثم معرفة الأركان خامسا ثم معرفة النقباء سادسا ثم معرفة النجباء سابعا و هو قوله تعالى لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً

  و تلا أيضا وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ يا جابر إثبات التوحيد و معرفة المعاني أما إثبات التوحيد معرفة الله القديم الغائب الذي لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ و هو غيب باطن ستدركه كما وصف به نفسه و أما المعاني فنحن معانيه و مظاهره فيكم اخترعنا من نور ذاته و فوض إلينا أمور عباده فنحن نفعل بإذنه ما نشاء و نحن إذا شئنا شاء الله و إذا أردنا أراد الله و نحن أحلنا الله عز و جل هذا المحل و اصطفانا من بين عباده و جعلنا حجته في بلاده فمن أنكر شيئا و رده فقد رد على الله جل اسمه و كفر بآياته و أنبيائه و رسله يا جابر من عرف الله تعالى بهذه الصفة فقد أثبت التوحيد لأن هذه الصفة موافقة لما في الكتاب المنزل و ذلك قوله تعالى لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ و قوله تعالى لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ قال جابر يا سيدي ما أقل أصحابي قال ع هيهات هيهات أ تدري كم على وجه الأرض من أصحابك قلت يا ابن رسول الله كنت أظن في كل بلدة ما بين المائة إلى المائتين و في كل ما بين الألف إلى الألفين بل كنت أظن أكثر من مائة ألف في أطراف الأرض و نواحيه قال ع يا جابر خالف ظنك و قصر رأيك أولئك المقصرون و ليسوا لك بأصحاب قلت يا ابن رسول الله و من المقصر قال الذين قصروا في معرفة الأئمة و عن معرفة ما فرض الله عليهم من أمره و روحه قلت يا سيدي و ما معرفة روحه قال ع أن يعرف كل من خصه الله تعالى بالروح فقد فوض إليه أمره يخلق بإذنه  و يحيي بإذنه و يعلم الغير ما في الضمائر و يعلم ما كان و ما يكون إلى يوم القيامة و ذلك أن هذا الروح من أمر الله تعالى فمن خصه الله تعالى بهذا الروح فهذا كامل غير ناقص يفعل ما يشاء بإذن الله يسير من المشرق إلى المغرب في لحظة واحدة يعرج به إلى السماء و ينزل به إلى الأرض و يفعل ما شاء و أراد قلت يا سيدي أوجدني بيان هذا الروح من كتاب الله تعالى و إنه من أمر خصه الله تعالى بمحمد ص قال نعم اقرأ هذه الآية وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا قوله تعالى أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ قلت فرج الله عنك كما فرجت عني و وفقتني على معرفة الروح و الأمر ثم قلت يا سيدي صلى الله عليك فأكثر الشيعة مقصرون و أنا ما أعرف من أصحابي على هذه الصفة واحدا قال يا جابر فإن لم تعرف منهم أحدا فإني أعرف منهم نفرا قلائل يأتون و يسلمون و يتعلمون مني سرنا و مكنوننا و باطن علومنا قلت إن فلان بن فلان و أصحابه من أهل هذه الصفة إن شاء الله تعالى و ذلك أني سمعت منهم سرا من أسراركم و باطنا من علومكم و لا أظن إلا و قد كملوا و بلغوا قال يا جابر ادعهم غدا و أحضرهم معك قال فأحضرتهم من الغد فسلموا على الإمام ع و بجلوه و وقروه و وقفوا بين يديه فقال ع يا جابر أما إنهم إخوانك و قد بقيت عليهم بقية أ تقرون أيها النفر أن الله تعالى يَفْعَلُ ما يَشاءُ و يَحْكُمُ ما يُرِيدُ و لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ و لا راد لقضائه و لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ قالوا نعم إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ و يَحْكُمُ ما يُرِيدُ قلت الحمد لله قد استبصروا و عرفوا و بلغوا قال يا جابر لا تعجل بما لا تعلم فبقيت متحيرا

  فقال ع سلهم هل يقدر علي بن الحسين أن يصير صورة ابنه محمد قال جابر فسألتهم فأمسكوا و سكتوا قال ع يا جابر سلهم هل يقدر محمد أن يصير بصورتي قال جابر فسألتهم فأمسكوا و سكتوا قال فنظر إلي و قال يا جابر هذا ما أخبرتك أنهم قد بقي عليهم بقية فقلت لهم ما لكم ما تجيبون إمامكم فسكتوا و شكوا فنظر إليهم و قال يا جابر هذا ما أخبرتك به قد بقيت عليهم بقية و قال الباقر ع ما لكم لا تنطقون فنظر بعضهم إلى بعض يتساءلون قالوا يا ابن رسول الله لا علم لنا فعلمنا قال فنظر الإمام سيد العابدين علي بن الحسين ع إلى ابنه محمد الباقر ع و قال لهم من هذا قالوا ابنك فقال لهم من أنا قال أبوه علي بن الحسين قال فتكلم بكلام لم نفهم فإذا محمد بصورة أبيه علي بن الحسين و إذا علي بصورة ابنه محمد قالوا لا إله إلا الله فقال الإمام ع لا تعجبوا من قدرة الله أنا محمد و محمد أنا و قال محمد يا قوم لا تعجبوا من أمر الله أنا علي و علي أنا و كلنا واحد من نور واحد و روحنا من أمر الله أولنا محمد و أوسطنا محمد و آخرنا محمد و كلنا محمد قال فلما سمعوا ذلك خروا لوجوههم سجدا و هم يقولون آمنا بولايتكم و بسركم و بعلانيتكم و أقررنا بخصائصكم فقال الإمام زين العابدين يا قوم ارفعوا رءوسكم فأنتم الآن العارفون الفائزون المستبصرون و أنتم الكاملون البالغون الله الله لا تطلعوا أحدا من المقصرين المستضعفين على ما رأيتم مني و من محمد فيشنعوا عليكم و يكذبوكم قالوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا قال ع فانصرفوا راشدين كاملين فانصرفوا قال جابر قلت سيدي و كل من لا يعرف هذا الأمر على الوجه الذي صنعته و بينته إلا أن عنده محبة و يقول بفضلكم و يتبرأ من أعدائكم ما يكون حاله قال ع يكون في خير إلى أن يبلغوا قال جابر قلت يا ابن رسول الله هل بعد ذلك شي‏ء يقصرهم قال ع نعم إذا قصروا في حقوق إخوانهم و لم يشاركوهم في أموالهم و في سر أمورهم و علانيتهم  و استبدوا بحطام الدنيا دونهم فهنالك يسلب المعروف و يسلخ من دونه سلخا و يصيبه من آفات هذه الدنيا و بلائها ما لا يطيقه و لا يحتمله من الأوجاع في نفسه و ذهاب ماله و تشتت شمله لما قصر في بر إخوانه قال جابر فاغتممت و الله غما شديدا و قلت يا ابن رسول الله ما حق المؤمن على أخيه المؤمن قال ع يفرح لفرحه إذا فرح و يحزن لحزنه إذا حزن و ينفذ أموره كلها فيحصلها و لا يغتم لشي‏ء من حطام الدنيا الفانية إلا واساه حتى يجريان في الخير و الشر في قرن واحد قلت يا سيدي فكيف أوجب الله كل هذا للمؤمن على أخيه المؤمن قال ع لأن المؤمن أخو المؤمن لأبيه و أمه على هذا الأمر لا يكون أخاه و هو أحق بما يملكه قال جابر سبحان الله و من يقدر على ذلك قال ع من يريد أن يقرع أبواب الجنان و يعانق الحور الحسان و يجتمع معنا في دار السلام قال جابر فقلت هلكت و الله يا ابن رسول الله لأني قصرت في حقوق إخواني و لم أعلم أنه يلزمني على التقصير كل هذا و لا عشرة و أنا أتوب إلى الله تعالى يا ابن رسول الله مما كان مني من التقصير في رعاية حقوق إخواني المؤمنين

 بيان قال الجوهري الشأفة قرحة تخرج في أسفل القدم فتكوى فتذهب يقال في المثل استأصل الله شأفته أي أذهبه الله كما أذهب تلك القرحة بالكي و في القاموس أمهله رفق به و مهله تمهيلا أجله و المخيط كمنبر ما خيط به الثوب و قال الضوضاة أصوات الناس و جلبتهم. أقول إنما أفردت لهذه الأخبار بابا لعدم صحة أسانيدها و غرابة مضامينها فلا نحكم بصحتها و لا ببطلانها و نرد علمها إليهم ع