باب 14- البوم

1-  كامل الزيارة، عن محمد بن الحسن بن الوليد و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد الله عن اليقطيني عن صفوان عن الحسين بن أبي غندر عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول في البومة فقال هل أحد منكم رآها نهارا قيل له لا تكاد تظهر بالنهار و لا تظهر إلا ليلا قال أما إنها لم تزل تأوي العمران فلما أن قتل الحسين ع آلت على نفسها أن لا تأوي العمران أبدا و و لا تأوي إلا الخراب فلا تزال نهارها صائمة حزينة حتى يجنها الليل فإذا جنها الليل فلا تزال ترن على الحسين ع حتى تصبح

2-  و منه، عن حكيم بن داود بن حكيم عن سلمة عن الحسين بن علي بن صاعد البربري و كان قيما لقبر الرضا ع قال حدثني أبي قال دخلت على الرضا ع فقال لي ما يقول الناس قال قلت جعلت فداك جئنا نسألك قال فقال ترى هذه البومة كانت على عهد جدي رسول الله ص تأوي المنازل و القصور و الدور   و كانت إذا أكل الناس الطعام تطير فتقع أمامهم فيرمى إليها بالطعام و تسقى ثم ترجع إلى مكانها و لما قتل الحسين بن علي ع خرجت من العمران إلى الخراب و الجبال و البراري و قالت بئس الأمة أنتم قتلتم ابن نبيكم و لا آمنكم على نفسي

3-  و منه، عن محمد بن جعفر الرزاز عن ابن أبي الخطاب عن ابن فضال عن رجل عن أبي عبد الله ع قال إن البومة لتصوم النهار فإذا أفطرت تدلهت على الحسين ع حتى تصبح

 بيان تدلهت كذا في أكثر النسخ بالدال المهملة و في القاموس الدله و الدلهة محركة و الدلوة ذهاب الفؤاد من هم و نحوه و دلهه العشق بكذا تدليها فتدله و المدله كمعظم الساهي القلب الذاهب العقل من عشق و نحوه و في بعض النسخ بالواو و في القاموس الوله محركة الحزن و ذهاب العقل حزنا و الحيرة و الخوف وله كورث و وجل و وعد فهو ولهان و واله و توله و اتله و هي ولهى و والهة و واله و ميلاه شديدة الحزن و الجزع على ولدها

4-  الكامل، عن علي بن الحسين عن سعد بن موسى بن عمر عن الحسن بن علي الميثمي قال قال أبو عبد الله ع يا با يعقوب رأيت بومة قط تنفس بالنهار فقال لا قال و تدري لم ذلك قال لا قال لأنها تظل يومها صائمة فإذا جنها الليل أفطرت على ما رزقت ثم لم تزل ترنم على الحسين ع حتى تصبح

 بيان تنفس كذا في أكثر النسخ بالنون و الفاء و كأنه كناية عن التصويت و الترنم و لا يبعد أن يكون تنغش بالنون و الغين المعجمة قال في القاموس النغش تحرك الشي‏ء من مكانه كالانتغاش و التنغش و كل طائر أو هامة تحرك في مكانه فقد تنغش

    -5  دلائل الطبري، عن الحسن بن علي الوشاء عن عبد الصمد بن بشير عن عطية أخي أبي العوام قال كنت مع أبي جعفر ع في مسجد الرسول ص إذ أقبل أعرابي على لقوح له فعقله ثم دخل فضرب ببصره يمينا و شمالا كأنه طائر العقل فهتف به أبو جعفر ع فلم يسمعه فأخذ كفا من حصى فحصبه فأقبل الأعرابي حتى نزل بين يديه فقال له يا أعرابي من أين أقبلت قال من أقصى الأرض فقال له أبو جعفر الأرض أوسع من ذلك فمن أين أقبلت قال من أقصى الدنيا و ما خلفي من شي‏ء أقبلت من الأحقاف قال أي الأحقاف قال أحقاف عاد قال يا أعرابي فما مررت به في طريقك قال مررت بكذا فقال أبو جعفر ع و مررت بكذا قال الأعرابي نعم قال أبو جعفر ع و مررت بكذا فلم يزل يقول الأعرابي إني مررت و يقول له أبو جعفر ع و مررت بكذا إلى أن قال له أبو جعفر فمررت بشجرة يقال له شجرة الرقاق قال فوثب الأعرابي على رجليه ثم صفق بيده و قال و الله ما رأيت رجلا أعلم بالبلاد منك أ وطئتها قال لا يا أعرابي و لكنها عندي في كتاب يا أعرابي إن من ورائكم لواديا يقال له البرهوت تسكنه البوم و الهام يعذب فيه أرواح المشركين إلى يوم القيامة

 6-  حياة الحيوان، البوم بضم الباء طائر يقع على الذكر و الأنثى حتى تقول صدى أو قيادا فيختص بالذكر كنية الأنثى أم الخراب و أم الصبيان و يقال لها غراب الليل و من طبعها أن تدخل على كل طائرة في وكره و تخرجه منه و تأكل فراخه و بيضه و هي قوية السلطان في الليل لا يحتملها شي‏ء من الطير و لا تنام الليل فإذا رآها الطير في النهار قتلوها و نتفوا ريشها للعداوة التي بينها و بينهم و من   أجل ذلك صار الصيادون يجعلونها تحت شباكهم ليقع لهم الطير و نقل المسعودي عن الجاحظ أن البومة لا تطير بالنهار خوفا من أن تصاب بالعين لحسنها و جمالها و لما تصور في نفسها أنها أحسن الطير لم تظهر إلا بالليل و تزعم العرب في أكاذيبها أن الإنسان إذا مات أو قتل يتصور نفسه في صورة طائر يصرخ على قبره مستوحشة لجسدها و البوم أصناف و كلها تحب الخلوة بنفسها و التفرد و في أصل طبعها عداوة الغربان و في تاريخ ابن النجار أن كسرى قال لعامل له صد لي شر الطير و اشوه بشر الوقود و أطعمه شر الناس فصاد بومة و شواها بحطب الدفلى و أطعمها ساعيا و في سراج الملوك لأبي بكر الطرطوسي أن عبد الملك بن مروان أرق ليلة فاستدعى سميرا له يحدثه فكان فيما حدثه به أن قال يا أمير المؤمنين كان بالموصل بومة و بالبصرة بومة فخطبت بومة الموصل إلى بومة البصرة بنتها لابنها فقالت بومة البصرة لا أفعل إلا أن تجعل لي صداقها مائة ضيعة خراب فقالت بومة الموصل لا أقدر على ذلك الآن و لكن إن دام والينا علينا سلمه الله تعالى سنة واحدة فعلت ذلك فاستيقظ لها عبد الملك و جلس للمظالم و أنصف الناس بعضهم عن بعض و تفقد أمر الولاة و رأيت في بعض المجاميع بخط بعض العلماء الأكابر أن المأمون أشرف يوما من قصره فرأى رجلا قائما و بيده فحمة و هو يكتب بها على حائط قصره فقال المأمون   لبعض خدمه اذهب إلى ذلك الرجل فانظر ما كتب و ائتني به فبادر الخادم إلى الرجل مسرعا و قبض عليه و تأمل ما كتب فإذا هو

يا قصر جمع فيك الشوم و اللوم حتى يعشش في أركانك البوم‏يوما يعشش فيك البوم من فرحي أكون أول من يرعاك مرغوم

 ثم إن الخادم قال له أجب أمير المؤمنين فقال له الرجل سألتك بالله لا تذهب بي إليه فقال الخادم لا بد من ذلك فلما مثله بين يدي المأمون أعلمه بما كتب فقال له المأمون ويلك ما حملك على هذا قال يا أمير المؤمنين إنه لن يخفى عليك ما حواه قصرك هذا من خزائن الأموال و الحلي و الحلل و الطعام و الشراب و الفرش و الأواني و الأمتعة و الجواري و الخدم و غير ذلك مما يقصر عنه وصفي و يعجز عنه فهمي و إني يا أمير المؤمنين قد مررت عليه الآن و أنا في غاية من الجوع و الفاقة فوقفت متفكرا في أمري فقلت في نفسي هذا القصر عامر عال و أنا جائع و لا فائدة لي فيه فلو كان خرابا و مررت به لم أعدم منه رخامة أو خشبة أو مسمارا أبيعه و أتقوت بثمنه أ و ما علم أمير المؤمنين ما قال الشاعر

إذا لم يكن للمرء في دولة امرئ نصيب و لا حظ تمنى زوالهاو ما ذاك من بغض له غير أنه يرجى سواها فهو يهوي انتقالها

 فقال المأمون يا غلام أعطه ألف دينار ثم قال له هي لك في كل سنة ما دام قصرنا عامرا بأهله