باب 15- باب ما جرى بين معاوية و عمرو بن العاص في التحامل على علي ع

393-  لي، ]الأمالي للصدوق[ القطان عن ابن زكريا عن ابن حبيب عن علي بن زياد عن الهيثم بن عدي عن الأعمش عن يونس بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو الصقر عن عدي بن أرطاة قال قال معاوية يوما لعمرو بن العاص يا أبا عبد الله أينا أدهى قال عمرو أنا للبديهة و أنت للروية قال معاوية قضيت لي على نفسك و أنا أدهى منك في البديهة قال عمرو فأين كان دهاؤك يوم رفعت المصاحف قال بها غلبتني يا أبا عبد الله أ فلا أسألك عن شي‏ء تصدقني فيه قال و الله إن الكذب لقبيح فاسأل عما بدا لك أصدقك فقال هل غششتني منذ نصحتني قال لا قال بلى و الله لقد غششتني أما إني لا أقول في كل المواطن و لكن في موطن واحد قال و أي موطن قال يوم دعاني علي بن أبي طالب للمبارزة فاستشرتك فقلت ما ترى يا أبا عبد الله فقلت كفو كريم فأشرت علي بمبارزته و أنت تعلم من هو فعلمت أنك غششتني قال يا أمير المؤمنين دعاك رجل إلى مبارزة عظيم الشرف جليل الخطر و كنت من مبارزته  على إحدى الحسنين إما أن تقتله فتكون قد قتلت قتال الأقران و تزداد به شرفا إلى شرفك و تخلو بملكك و إما أن تعجل إلى مرافقة الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً قال معاوية هذه شر من الأولى و الله إني لأعلم أني لو قتلته دخلت النار و لو قتلني دخلت النار قال له عمرو فما حملك على قتاله قال الملك عقيم و لن يسمعها مني أحد بعدك

394-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن محمد بن عمران عن محمد بن إسحاق عن الوليد بن محمد بن إسحاق عن أبيه قال استأذن عمرو بن العاص على معاوية بن أبي سفيان فلما دخل عليه استضحك معاوية فقال له عمرو ما أضحكك يا أمير المؤمنين أدام الله سرورك قال ذكرت ابن أبي طالب و قد غشيك بسيفه فاتقيته و وليت فقال أ تشمت بي يا معاوية فأعجب من هذا يوم دعاك إلى البراز فالتمع لونك و أطت أضلاعك و انتفخ سحرك و الله لو بارزته لأوجع قذالك و أيتم عيالك و بزك سلطانك و أنشأ عمرو يقول

معاوي لا تشمت بفارس بهمة لقي فارسا لا تعتليه الفوارس‏معاوي لو أبصرت في الحرب مقبلا أبا حسن تهوي عليك الوساوس‏و أيقنت أن الموت حق و أنه لنفسك إن لم تمعن الركض خالس‏دعاك فصمت دونه الأذن إذ دعا و نفسك قد ضاقت عليها الأمالس‏أ تشمت بي أن نالني حد رمحه و عضضني ناب من الحرب ناهس‏فأي امرئ لاقاه لم يلق شلوه بمعترك تسفي عليه الروامس‏أبى الله إلا أنه ليث غابة أبو أشبل تهدي إليه الفرائس‏فإن كنت في شك فأرهج عجاجة و إلا فتلك الترهات البسابس

فقال معاوية مهلا يا أبا عبد الله و لا كل هذا قال أنت استدعيته

 بيان استضحك لعله مبالغة في الضحل أو أراد أن يضحك عمروا  و التمع لونه ذهب و تغير و أط الرجل و نحوه يئط أطيطا صوت و يقال للجبان انتفخ سحرك أي رئتك و بزه سلبه. و قال الجوهري البهمة بالضم الفارس الذي لا يدري من أين يؤتى من شدة بأسه و يقال أيضا للجيش بهمة و منه قولهم فلان فارس بهمة و ليث غابة. و في القاموس الإمليس و بهاء الفلاة ليس بها نبات و الجمع أماليس و أمالس شاذ و قال نهس اللحم كمنع و سمع أخذ بمقدم أسنانه و نتفه و قال الشلو بالكسر العضو و الجسد من كل شي‏ء كالشلا و كل مسلوح أكل منه شي‏ء و بقيت منه بقية و قال الروامس الرياح الدوافن للآبار و قال أرهج أثار الغبار و قال العجاج الغبار و قال الترهة كقبرة الباطل و قال الترهات البسابس و بالإضافة الباطل

395-  كشف، ]كشف الغمة[ لما عزم معاوية على قتال علي ع شاور فيه ثقاته و أهل وده فقالوا هذا أمر عظيم لا يتم إلا بعمرو بن العاص فإنه قريع زمانه في الدهاء و المكر و قلوب أهل الشام مائلة إليه و هو يخدع و لا يخدع فقال صدقتم و لكنه يحب عليا فأخاف أن يمتنع فقالوا رغبة بالمال و أعطه مصر فكتب إليه من معاوية بن أبي سفيان خليفة عثمان بن عفان إمام المسلمين و خليفة رسول رب العالمين ذي النورين ختن المصطفى على ابنتيه و صاحب جيش العسرة و بئر رومة المعدوم الناصر الكثير الخاذل المحصور في منزله المقتول عطشا و ظلما في محرابه المعذب بأسياف الفسقة إلى عمرو بن العاص صاحب رسول الله ص و ثقته و أمير عسكره بذات السلاسل المعظم رأيه المفخم تدبيره أما بعد فلن يخفى عليك احتراق قلوب المؤمنين و فجعتهم بقتل عثمان و ما ارتكبه جاره بغيا و حسدا و امتناعه عن نصرته و خذلانه إياه حتى قتل في محرابه فيا لها  مصيبة عمت الناس و فرضت عليهم طلب دمه من قتلته و أنا أدعوك إلى الحظ الأجزل من الثواب و النصيب الأوفر من حسن المآب بقتال من آوى قتلة عثمان فكتب إليه عمرو بن العاص من عمرو بن العاص صاحب رسول الله ص إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد فقد وصل كتابك فقرأته و فهمته فأما ما دعوتني إليه من قتال علي فقد دعوتني و الله إلى خلع ربقة الإسلام من عنقي و التهور في الضلالة معك و إعانتي إياك على الباطل و اختراط السيف في وجه علي بن أبي طالب ع و هو أخو رسول الله ص و وصيه و وارثه و قاضي دينه و منجز وعده و زوج ابنته سيدة نساء العالمين و أبو السبطين سيدي شباب أهل الجنة و أما قولك إنك خليفة عثمان صدقت و لكن تبين اليوم عزلك من خلافته و قد بويع لغيره فزالت خلافتك و أما ما عظمتني به و نسبتني إليه من صحبة رسول الله ص و إني صاحب جيشه فلا أغتر بالتزكية و لا أميل بها عن الملة و أما ما نسبت أبا الحسن أخا رسول الله ص و وصيه إلى البغي و الحسد لعثمان و سميت الصحابة فسقة و زعمت أنه أشلاهم على قتله فهذا كذب و غواية ويحك يا معاوية أ ما علمت أن أبا الحسن بذل نفسه بين يدي رسول الله ص و بات على فراشه و هو صاحب السبق إلى الإسلام و الهجرة و قال فيه رسول الله ص هو مني و أنا منه و هو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي و قال فيه يوم الغدير من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله و قال فيه يوم خيبر لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله  و قال فيه يوم الطير اللهم ائتني بأحب خلقك إليك فلما دخل قال و إلي و إلي و قال فيه يوم النضير علي إمام البررة و قاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله و قال فيه علي وليكم بعدي و أكد القول علي و عليك و على جميع المسلمين و قال إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي و قال أنا مدينة العلم و علي بابها و قد علمت يا معاوية ما أنزل الله من الآيات المتلوات في فضائله التي لا يشركه فيها أحد كقوله تعالى يُوفُونَ بِالنَّذْرِ و كقوله إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ و كقوله أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ و كقوله رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ و كقوله قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى و قال رسول الله ص أ ما ترضى أن يكون سلمك سلمي و حربك حربي و تكون أخي و وليي في الدنيا و الآخرة يا أبا الحسن من أحبك فقد أحبني و من أبغضك فقد أبغضني و من أحبك أدخله الله الجنة و من أبغضك أدخله الله النار و كتابك يا معاوية الذي هذا جوابه ليس مما ينخدع به من له عقل و دين و السلام فكتب إليه معاوية يعرض عليه الأموال و الولايات و كتب في آخر كتابه

جهلت و لم تعلم محلك عندنا فأرسلت شيئا من خطاب و ما تدري‏فثق بالذي عندي لك اليوم آنفا من العز و الإكرام و الجاه و النصرفاكتب عهدا ترتضيه مؤكدا و اشفعه بالبذل مني و بالبر

فكتب إليه عمرو بأبيات ليس بالشعر الجيد يطلب فيها مصر و أولها  

أبى القلب مني أن أخادع بالمكر بقتل ابن عفان أجر إلى الكفر

فكتب له معاوية بذلك و أنفذه إليه ففكر عمرو و لم يدر ما يصنع و ذهب عنه النوم فقال

تطاول ليلى بالهموم الطوارق و صافحت من دهري وجوه البوائق‏أ أخدعه و الخدع مني سجية أم أعطيه من نفسي نصيحة وامق‏أم أقعد في بيتي و في ذاك راحة لشيخ يخاف الموت في كل شارق

فلما أصبح دعا مولاه وردان و كان عاقلا فشاوره في ذلك فقال وردان إن مع علي آخرة و لا دنيا معه و هي التي تبقى لك و تبقى فيها و إن مع معاوية دنيا و لا آخرة معه و هي التي لا تبقى على أحد فاختر ما شئت فتبسم عمرو و قال

يا قاتل الله وردانا و فطنته لقد أصاب الذي في القلب وردان‏لما تعرضت الدنيا عرضت لها بحرص نفسي و في الأطباع أدهان‏نفس تعف و أخرى الحرص يغلبها و المرء يأكل نتنا و هو غرثان‏أما علي فدين ليس يشركه دنيا و ذاك له دنيا و سلطان‏فاخترت من طمعي دنيا على بصري و ما معي بالذي أختار برهان‏إني لأعرف ما فيها و أبصره و في أيضا لما أهواه ألوان‏لكن نفسي تحب العيش في شرف و ليس يرضى بذل العيش إنسان

ثم إن عمرا رحل إلى معاوية فمنعه ابنه عبد الله و وردان فلم يمتنع فلما بلغ مفرق الطريقين الشام و العراق قال له وردان طريق العراق طريق الآخرة و طريق الشام طريق الدنيا فأيهما تسلك قال طريق الشام توضيح قال الجوهري القريع الفحل و السيد يقال فلان قريع دهره و قريعك الذي يقارعك.  و قال في النهاية فيه ذكر بئر رومة هي بضم الراء اسم بئر بالمدينة اشتراها عثمان و سبلها و في القاموس أشلا دابته أراها المخلاة لتأتيه و الناقة دعاها للحلب و الوامق المحب و الشارق الشمس و شرقت الشمس طلعت و الغرثان الجائع

396-  نهج، ]نهج البلاغة[ و لم يبايع حتى شرط أن يؤتيه على البيعة ثمنا فلا ظفرت يد المبايع و خزيت أمانة المبتاع فخذوا للحرب أهبتها و أعدوا لها عدتها فقد شب لظاها و علا سناها و استشعروا الصبر فإنه أدعى إلى النصر

 بيان قوله عليه و لم يبايع قال الشارحون إشارة إلى ما اشتهر من أن أمير المؤمنين ع لما نزل بالكوفة بعد فراغه من البصرة كتب إلى معاوية كتابا يدعوه إلى البيعة فدعا قوما من أهل الشام إلى الطلب بدم عثمان فأجابوه و أشار إليه أخوه بالاستعانة بعمرو بن العاص فلما قدم عليه و عرف حاجته إليه تباعد عنه و جعل يمدح عليا ع في وجهه حتى رضي معاوية أن يعطيه المصر فبايعه فذلك معنى قوله ع أن يؤتيه على البيعة ثمنا ثم أردف ذلك بالدعاء على البائع لدينه و هو عمرو بعدم الظفر في الحرب أو بالثمن أو بشي‏ء مما يأمله و ألحقه بالتوبيخ للمبتاع و هو معاوية بذكر هوان أمانته عليه و هي بلاد المسلمين و أموالهم. و يحتمل أن يكون إسناد الخزي إلى الأمانة إسنادا مجازيا. و ذهب بعض الشارحين إلى أن المراد بالبائع معاوية و بالمبتاع عمرو و هو ضعيف لأن الثمن إذا كان مصرا فالمبتاع هو معاوية كذا ذكره ابن ميثم. و قال ابن أبي الحديد في أكثر النسخ فلا ظفرت يد المبايع بميم المفاعلة و الظاهر ما رويناه.  قوله ع فقد شب لظاها أي أوقدت نارها و أثيرت و روي بالبناء للفاعل أي ارتفع لهبها و السنا بالقصر الضوء. أقول قال ابن أبي الحديد روى ابن قتيبة في كتاب عيون الأخبار قال رأى عمرو بن العاص معاوية يوما فضحك فقال مم تضحك يا أمير المؤمنين أضحك الله سنك قال أضحك من حضور ذهنك حين إبدائك سوأتك يوم ابن أبي طالب ع و الله لقد وجدته منانا و لو شاء أن يقتلك لقتلك فقال عمرو يا أمير المؤمنين أما و الله إني لعن يمينك حين دعاك إلى البراز فاحولت عيناك و انتفخ سحرك و بدا منك ما أكره ذكره فمن نفسك اضحك أو فدع