باب 18- أنه صلوات الله عليه الصادق و المصدق و الصديق في القرآن

1-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ علماء أهل البيت الباقر و الصادق و الكاظم و الرضا ع و زيد بن علي في قوله تعالى وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ قالوا هو علي ع

 و روت العامة عن إبراهيم بن الحكم عن أبيه عن السدي عن ابن عباس و روى عبيدة بن حميد عن منصور عن مجاهد و روى النطنزي في الخصائص عن ليث عن مجاهد و روى الضحاك أنه قال ابن عباس فرسول الله ص جاءَ بِالصِّدْقِ و علي صَدَّقَ بِهِ

 الرضا ع قال النبي ص وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ الصدق علي بن أبي طالب ع

  الصادق و الرضا ع قالا إنه محمد و علي صلوات الله عليهما

 الكلبي و أبو صالح عن ابن عباس يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ أي كونوا مع علي بن أبي طالب ع

 ذكره الثعلبي في تفسيره عن جابر عن أبي جعفر ع و عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس و ذكره إبراهيم الثقفي عن ابن عباس و السدي و جعفر بن محمد عن أبيه ع شرف النبي عن الخركوشي و الكشف عن الثعلبي قالا روى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي ع في هذه الآية قال محمد و علي

 و قال أمير المؤمنين ع فنحن الصادقون عترته و أنا أخوه في الدنيا و الآخرة

 و في التفسير المراد بالصادقين هم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ

 عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق عن علي ع قال فينا نزلت رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فأنا و الله المنتظر و ما بدلت تبديلا

 أبو الورد عن أبي جعفر ع مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ قال علي و حمزة و جعفر فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ قال عهده و هو حمزة و جعفر وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ قال علي بن أبي طالب ع

 و قال المتكلمون و من الدلالة على إمامة علي ع قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ فوجدنا عليا بهذه الصفة لقوله وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ يعني الحرب أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ فوقع الإجماع بأن عليا أولى بالإمامة من غيره لأنه لم يفر من زحف قط كما فر غيره في غير موضع

2-  فس، ]تفسير القمي[ في روية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ لا يغيروا أبدا فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ أي أجله و هو حمزة و جعفر بن أبي طالب وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ أجله يعني عليا ع يقول وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ الآية

 3-  كشف، ]كشف الغمة[ مما أخرجه العز المحدث الحنبلي قوله وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ قال ابن عباس كونوا مع علي و أصحابه قوله تعالى وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ الذي جاء بالصدق رسول الله ص و الذي صدق به علي بن أبي طالب ع قاله مجاهد قوله وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ نزلت في علي ع

 و روى أبو بكر بن مردويه عن ابن عباس في قوله كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ قال مع علي ع

4-  كنز، ]كنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة[ محمد بن العباس عن الرجال الثقات عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال قال رسول الله ص الصديقون ثلاثة حبيب النجار و هو مؤمن آل يس و خربيل مؤمن آل فرعون و علي بن أبي طالب و هو أفضل الثلاثة

 و روى أيضا بحذف الأسانيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه ع قال هبط على النبي ص ملك له عشرون ألف رأس فوثب النبي ص يقبل يده فقال له الملك مهلا مهلا يا محمد فأنت و الله أكرم على الله من أهل السماوات و أهل الأرضين و الملك يقال له محمود فإذا بين منكبيه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله على الصديق الأكبر فقال له النبي ص حبيبي محمود منذ كم هذا مكتوب بين منكبيك قال من قبل أن يخلق الله آدم أباك باثني عشر ألف عام

5-  كنز، ]كنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة[ محمد بن العباس عن عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا عن أحمد بن محمد بن يزيد عن سهل بن عامر البجلي عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي إسحاق عن جابر عن أبي عبد الله ع عن محمد بن الحنفية قال قال علي ع كنت عاهدت الله و رسوله أنا و عمي حمزة و أخي جعفر و ابن عمي عبيدة بن الحارث على أمر وفينا به لله و لرسوله فتقدمني أصحابي و خلفت بعدهم لما أراد الله عز و جل فأنزل الله تعالى فينا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ حمزة و جعفر و عبيدة وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا فأنا المنتظر و ما بدلت تبديلا

  ل، ]الخصال[ عن أبي جعفر ع في خبر طويل في خصال الأوصياء التي يمتحنهم الله بها في حياة الأنبياء و بعد وفاتهم قال ع و لقد كنت عاهدت الله و ذكر نحوه

6-  كنز، ]كنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة[ علي بن عبد الله بن أسد عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن يحيى بن صالح عن مالك بن خالد الأسدي عن الحسن بن إبراهيم عن جده عن عبد الله بن الحسن عن آبائه ع قال ما عاهد الله علي بن أبي طالب و حمزة بن عبد المطلب و جعفر بن أبي طالب أن لا يفروا في زحف أبدا فتموا كلهم فأنزل الله هذه الآية فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ حمزة استشهد يوم أحد و جعفر استشهد يوم مؤتة وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ يعني علي بن أبي طالب وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا يعني الذي عاهدوا عليه

7-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ الحسين بن سعيد معنعنا عن أبي سعيد قال قال رسول الله ص لما نزلت الآية اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ التفت النبي إلى أصحابه فقال أ تدرون فيمن نزلت هذه الآية قالوا لا و الله يا رسول الله ما ندري فقال أبو دجانة يا رسول الله كلنا من الصادقين قد آمنا بك و صدقناك قال لا يا أبا دجانة هذه نزلت في ابن عمي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب خاصة دون الناس و هو من الصادقين

8-  أقول روى ابن بطريق في المستدرك عن الحافظ أبي نعيم بإسناده عن جعفر بن محمد ع في قوله عز و جل اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ قال محمد و علي ع

 و بإسناده عن ابن عباس هو علي بن أبي طالب ع

 و روي عن أبي نعيم بإسناده عن ليث عن مجاهد في قوله عز و جل وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ جاء بالصدق محمد ص و صدق به علي بن أبي طالب ع

 و بإسناده عن عباد بن عبد الله قال سمعت عليا ع يقول أنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كذاب صليت قبل الناس سبع سنين

 و بإسناده عن ابن أبي ليلى عن أبيه قال قال رسول الله ص الصديقون ثلاثة حبيب النجار مؤمن آل يس و خربيل مؤمن آل فرعون و يروى خرقيل و علي بن أبي طالب و هو أفضلهم

 و من الجزء الثاني من كتاب الفردوس لابن شيرويه عن داود بن بلال مثله سواء

 و رواه عن أحمد بن حنبل من ثلاثة طرق و طريق من الثعلبي و من مناقب ابن المغازلي من ثلاثة طرق أقول روى تلك الأخبار في العمدة بأسانيدها فإن شئت فراجع إليه

 يف، ]الطرائف[ أحمد بن حنبل في مسنده عن ابن أبي ليلى عن أبيه و ابن شيرويه في الفردوس و ابن المغازلي مثله سواء

 أقول روى الفخر الرازي في تفسيره مثله

9-  يف، ]الطرائف[ ابن المغازلي بإسناده عن مجاهد قال الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ محمد ص وَ صَدَّقَ بِهِ علي ع

 10-  يف، ]الطرائف[ روى الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي في تفسير قوله تعالى وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ بإسناده عن قتادة عن الحسن عن ابن عباس وَ الَّذِينَ آمَنُوا يعني صدقوا بِاللَّهِ أنه واحد علي و حمزة بن عبد المطلب و جعفر الطيار أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ قال رسول الله ص صديق هذه الأمة علي بن أبي طالب و هو الصديق الأكبر و الفاروق الأعظم ثم قال وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ قال ابن عباس فهم صديقون و هم شهداء الرسل على أنهم قد بلغوا الرسالة ثم قال لَهُمْ أَجْرُهُمْ يعني ثوابهم على التصديق بالنبوة و الرسالة لمحمد ص وَ نُورُهُمْ يعني على الصراط

 بيان قال العلامة في كشف الحق روى أحمد بن حنبل أنها نزلت في علي ع.

و قد مر في الأخبار الكثيرة أنه هو الصديق أي كثير الصدق في الأفعال و الأقوال و كثير التصديق لما جاءت به الرسل و كل ذلك كان كاملا في أمير المؤمنين ع فكان أولى بالإمامة ممن هو دونه لقبح تفضيل المفضول. و قال ابن بطريق رحمه الله في العمدة اعلم أن الصدق خلاف الكذب و الصديق الملازم للصدق الدائم في صدقه و الصديق من صدق عمله قوله ذكر ذلك أحمد بن فارس اللغوي في مجمل اللغة و الجوهري في الصحاح و إذا كان هذا هو معنى الصديق و الصديق أيضا يكون ثلاثة أقسام صديق يكون نبيا و صديق يكون إماما و صديق يكون عبدا صالحا لا نبيا و لا إماما فأما ما يدل على أول الأقسام قوله سبحانه وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا و قوله تعالى يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ و أما ما يدل على كون الصديق إماما قوله تعالى فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ فذكر النبيين ثم ثنى بالصديقين لأنه ليس بعد النبيين في الذكر أخص من الأئمة ع و يدل عليه هذه الأخبار لأنه لما ذكره ع معهما و لم يكونا نبيين و لا إمامين فأراد إفراده عنهما بما لا يكون لهما و هي الإمامة قال ص و هو أفضلهم و على ما مر من معنى الصديق ينبغي اختصاصه به لأنه لم يعص الله تعالى منذ خلق و لم يشرك بالله تعالى فقد لازم الصدق و دام عليه و صدق عمله قوله

11-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ أبو عمرو عن ابن عقدة عن يعقوب بن يوسف عن حسن بن حماد عن أبيه عن جابر عن أبي جعفر ع في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ قال مع علي بن أبي طالب ع

 فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ فرات عن محمد بن عبيد بن عتبة و القاسم بن حماد عن جندل بن والق معنعنا عن الصادق عن أبيه ع مثله

12-  فس، ]تفسير القمي[ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ يقول كونوا مع علي بن أبي طالب و آل محمد ع و الدليل على ذلك قول الله مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ و هو حمزة وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ و هو علي بن أبي طالب ع يقول الله وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا

13-  ل، ]الخصال[ محمد بن علي بن إسماعيل عن النعمان بن أبي الدلهاب عن الحسين بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن موسى عن محمد بن أبي ليلى قال قال رسول الله ص الصديقون ثلاثة علي بن أبي طالب و حبيب النجار و مؤمن آل فرعون

 أقول قال السيوطي في تفسيره المسمى بالدر المنثور أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله تعالى اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ قال مع علي بن أبي طالب

 و أخرج ابن عساكر عن أبي جعفر ع مثله

 14-  كشف، ]كشف الغمة[ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ عن ابن مردويه أنها نزلت في علي ع و عن ابن مردويه في قوله تعالى فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ عن موسى بن جعفر عن أبيه ع قال هو من رد قول رسول الله ص في علي ع بيان روى العلامة رحمه الله في كشف الحق من طريقهم مثله و ظاهر أن ولايته ع من أعظم ما أتى الرسول به صادقا عن الله تعالى و التكذيب به من أعظم الظلم لأنه عمدة أركان الإيمان و لا يتم شي‏ء منها إلا به فيحتمل أن تكون الآية نازلة فيه ثم جرى في كل من كذب شيئا مما نزل من عند الله تعالى

 15-  فس، ]تفسير القمي[ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ يعني أمير المؤمنين ع و من غصبه حقه ثم ذكر أيضا أعداء آل محمد و من كذب على الله و على رسوله و ادعى ما لم يكن له فقال فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ يعني لما جاء به رسول الله ص من الحق و ولاية أمير المؤمنين ع ثم ذكر رسول الله و أمير المؤمنين ع فقال وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ يعني أمير المؤمنين ع أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ

 16-  كشف، ]كشف الغمة[ عن أبي بكر بن مردويه قوله تعالى وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ محمد ص وَ الذي صَدَّقَ بِهِ علي بن أبي طالب ع

17-  مد، ]العمدة[ بإسناده إلى الثعلبي عن علي بن الحسين عن علي بن محمد بن أحمد عن عبد الله بن محمد الحافظ عن الحسين بن علي عن محمد بن الحسن عن عمر بن سعد عن ليث عن مجاهد في قوله تعالى وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ قال جاء به محمد ص و صدق به علي ع

  بيان قال العلامة رحمه الله في كشف الحق في قوله تعالى وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ روى الجمهور عن مجاهد قال هو علي بن أبي طالب ع

و روي مثل ذلك عن الحافظ أبي نعيم بإسناده عن أبي جعفر ع و رواه الشيخ الطبرسي رحمه الله عن مجاهد قال و رواه الضحاك عن ابن عباس و هو المروي عن أئمة الهدى ع. و روى السيوطي في الدر المنثور عن ابن عساكر عن مجاهد أنه قال الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ رسول الله ص وَ صَدَّقَ بِهِ علي بن أبي طالب ع. أقول فقد صح بنقل المخالف و المؤالف نزول تلك الآية في أمير المؤمنين ع و لا عبرة بما يتفرد به شاذ من متعصبي المخالفين كالرازي أنها نزلت في أبي بكر لانتحالهم له لقب الصديق و قد عرفت بنقل الفريقين أن أمير المؤمنين ع هو الصديق في هذه الأمة و رأس جميع الصديقين و إذا ورد نقل باتفاق الفريقين و آخر تفرد به أحدهما فلا شك في أن المعول على ما اتفقا عليه مع أنه سيأتي في باب سبق إسلامه ع إثبات أنه لسبق إسلامه أولى بالوصف بالتصديق و الصديق ممن عبد الصنم أزيد من أربعين سنة من عمره ثم صدق ظاهرا و كان يظهر منه كل يوم شواهد نفاق قلبه و أما تصحيح الآية على وجه يوافق الأخبار فبوجهين. الأول أن يكون المراد بالموصول الجنس فيكون الرسول و أمير المؤمنين صلوات الله عليهما داخلين في الموصول و إنما خص الرسول ص بالجزء الأول من الصلة لكونه فيه أظهر و أقوى و كذا خص الجزء الثاني بأمير المؤمنين ع لأنه فيه أحوج إلى البيان. الثاني أن يقدر الموصول في الثاني كما هو مختار الكوفيين قال الشيخ الرضي رضي الله عنه أجاز الكوفيون حذف غير الألف و اللام من الموصولات الاسمية خلافا للبصريين قالوا قوله تعالى وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ أي إلا من له مقام معلوم ثم قال و لا وجه لمنع البصريين من ذلك من حيث القياس إذ قد يحذف بعض حروف الكلمة و ليس الموصول بألزق منها انتهى. ثم اعلم أن اختصاصه بتلك الكرامة الدالة على فضله في الإيمان و التصديق اللذين كلاهما مناط الشرف و الفضل على سائر الصحابة يدل على أنه أولى بالإمامة و الخلافة كما مر تقريره مرارا. و أما قوله تعالى وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ فقال العلامة رحمه الله روى الجمهور أنها نزلت في علي ع. و قال الشيخ الطبرسي وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ أي الذين يصدقون في أخبارهم و لا يكذبون و معناه كونوا على مذهب من يستعمل الصدق في أقواله و أفعاله و صاحبوهم و رافقوهم كقولك أنا مع فلان في هذه المسألة أي أقتدي به فيها و قد وصف الله الصادقين في سورة البقرة بقوله وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ إلى قوله أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ فأمر الله سبحانه بالاقتداء بهؤلاء و قيل المراد بالصادقين هم الذين ذكرهم الله في كتابه و هو قوله رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ يعني حمزة بن عبد المطلب و جعفر بن أبي طالب وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ يعني علي بن أبي طالب ع

 و روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ مع علي و أصحابه

 روى جابر عن أبي عبد الله ع في قوله كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ قال مع آل محمد ع

و قيل مع النبيين و الصديقين في الجنة بالعمل الصالح في الدنيا عن الضحاك و قيل مع محمد و أصحابه عن نافع و قيل مع الذين صدقت نياتهم و استقامت قلوبهم و أعمالهم و خرجوا مع رسول الله ص و لم يتخلفوا عنه عن ابن عباس و قيل إن معنى مع هاهنا معنى من انتهى أقول الصادق هو من لا يكذب في قوله و لا فعله و الصدق في قراءة سورة الحمد فقط يوجب العصمة لأنه يقول في كل يوم عشر مرات و أكثر إِيَّاكَ نَعْبُدُ و قد سمى الله طاعة الشيطان عبادة في مواضع و كل معصية طاعة للشيطان و قس على ذلك قوله وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ و سائر ما يقول الإنسان و يدعيه من الإيمان بالله و اليوم الآخر و حب الله تعالى و الإخلاص له و التوكل عليه و غير ذلك و أخبار الخاصة و العامة مشحونة بذلك فظهر أن الصادق حقيقة هو المعصوم و سيأتي تحقيق ذلك في كتاب مكارم الأخلاق و أيضا قد ثبت بما مر في كتاب الإمامة في باب أنهم ع صادقون و في هذا الباب من أخبار الفريقين أنهم المراد بالصادقين في الآية و لا ريب في أن المراد بالكون معهم الاقتداء بهم و طاعتهم و متابعتهم إذ ظاهر أن ليس المراد محض الكون معهم بالجسم و البدن فيدل على إمامتهم إذ لا يجب متابعة غير الإمام في كل ما يقول و يفعل بإجماع الأمة. و قال أبو الصلاح الحلبي في كتاب تقريب المعارف بعد ذكر الآية فأمر باتباع المذكورين و لم يخص جهة الكون بشي‏ء دون شي‏ء فيجب اتباعهم في كل شي‏ء و ذلك يقتضي عصمتهم لقبح الأمر بطاعة الفاسق أو من يجوز منه الفسق و لا أحد ثبتت له العصمة و لا ادعيت فيه غيرهم ع فيجب القطع على إمامتهم و اختصاصهم بالصفة الواجبة للإمامة و لأنه لا أحد فرق بين دعوى العصمة لهم و الإمامة انتهى.

 و أما قوله تعالى رِجالٌ صَدَقُوا فقد روى الطبرسي رحمه الله عن أبي القاسم الحسكاني بالإسناد عن عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق عن علي ع قال فينا نزلت  رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فأنا و الله المنتظر و ما بدلت تبديلا

و روى العلامة و مؤلف كتاب تنبيه الغافلين نحو ذلك و النحب النذر الذي عاهدوا عليه في نصرة الدين و جهاد الكافرين و معاونة سيد المرسلين أو الأجل و دلالة الآية على فضله ع من جهات شتى غير مستور على أولي النهى. تتميم قال السيد المرتضى رضوان الله عليه في كتاب الفصول سئل الشيخ المفيد قدس الله روحه عن قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ فقيل له فيمن نزلت هذه الآية فقال في أمير المؤمنين ع و جرى حكمها في الأئمة من ذريته الصادقين ع قال الشيخ أدام الله عزه و قد جاءت آثار كثيرة في ذلك و يدل على صحة هذا التأويل ما أنا ذاكره بمشية الله و عونه. قد ثبت أن الله سبحانه دعا المؤمنين إلى اتباع الصادقين في هذه الآية و الكون معهم فيما يقتضيه الدين و ثبت أن المنادى به يجب أن يكون غير المنادى إليه لاستحالة أن يدعى الإنسان إلى الكون مع نفسه و اتباعها فلا يخلو أن يكون الصادقون الذين دعا الله تعالى إليهم جميع من صدق و كان صادقا حتى يعمهم اللفظ و يستغرق جنسهم أو أن يكون بعض الصادقين و قد تقدم إفسادنا لمقال من يزعم أنه عم الصادقين لأن كل مؤمن فهو صادق بإيمانه فكان يجب بذلك أن يكون الدعاء للإنسان إلى اتباع نفسه و ذلك محال على ما ذكرناه و إن كانوا بعض المؤمنين دون بعض فلا يخلو من أن يكونوا معهودين معروفين فتكون الألف و اللام إنما دخلا للمعهود أو يكونوا غير معهودين فإن كانوا معهودين فيجب أن يكونوا معروفين غير مختلف فيهم فيأتي الروايات بأسمائهم و الإشارة إليهم خاصة و أنهم طائفة معروفة عند من سمع الخطاب من رسول الله ص و في عدم ذلك دليل على بطلان مقال من ادعى أن هذه الآية نزلت في جماعة غير من ذكرناه كانوا معهودين و إن كانوا غير معهودين فلا بد من الدلالة عليهم ليمتازوا ممن يدعى مقامهم و إلا بطلت الحجة لهم و سقط تكليف أتباعهم و إذا ثبت أنه لا بد من الدليل عليهم و لم يدع أحد من الفرق دلالة على غير من ذكرناه ثبت أنها فيهم خاصة لفساد خلو الأمة كلها من تأويلها و عدم أن يكون القصد إلى أحد منهم بها. على أن الدليل قائم على أنها فيمن ذكرناه لأن الأمر ورد باتباعهم على الإطلاق و ذلك يوجب عصمتهم و براءة ساحتهم و الأمان من زللهم بدلالة إطلاق الأمر باتباعهم و العصمة توجب النص على صاحبها بلا ارتياب و إذا اتفق مخالفونا على نفي العصمة و النص على من ادعوا له تأويل هذه الآية فقد ثبت أنها في الأئمة ع لوجود النقل للنص عليهم و إلا خرج الحق عن أمة محمد ص و ذلك فاسد. مع أن القرآن دليل على ما ذكرناه و هو أن الله سبحانه قال لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ الْكِتابِ وَ النَّبِيِّينَ وَ آتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ وَ السَّائِلِينَ وَ فِي الرِّقابِ وَ أَقامَ الصَّلاةَ وَ آتَى الزَّكاةَ وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ فجمع الله تبارك و تعالى هذه الخصال كلها ثم شهد لمن كملت فيه بالصدق و التقى على الإطلاق فكان مفهوم معنى الآيتين الأولى و هذه الثانية أن اتبعوا الصادقين الذين باجتماع هذه الخصال التي عددناها فيهم استحقوا بالإطلاق اسم الصادقين و لم نجد أحدا من أصحاب رسول الله ص اجتمعت فيه هذه الخصال إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فوجب أنه الذي عناه الله سبحانه بالآية و أمر فيها باتباعه و الكون معه فيما يقتضيه الدين و ذلك أنه ذكر الإيمان به جل اسمه و اليوم الآخر و الملائكة و الكتاب و النبيين و كان أمير المؤمنين ع أول الناس إيمانا به و بما وصف بالأخبار المتواترة بأنه أول من أجاب رسول الله ص من الذكور

 و بقول النبي ص لفاطمة ع زوجتك أقدمهم سلما و أكثرهم علما

 و قول أمير المؤمنين ع أنا عبد الله و أخو رسوله لم يقلها أحد قبلي و لا يقولها أحد بعدي إلا كذاب مفتر صليت قبلهم سبع سنين

 و قوله ع اللهم إني لا أقر لأحد من هذه الأمة عبدك قبلي

 و قوله ع و قد بلغه من الخوارج مقال أنكره أم يقولون إن عليا يكذب فعلى من أكذب أ على الله فأنا أول من عبده أم على رسوله فأنا أول من آمن به و صدقه و نصره

 و قول الحسن ع صبيحة الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين ع لقد قبض في هذه الليلة رجل ما سبقه الأولون و لا يدركه الآخرون

في أدلة يطول شرحها على ذلك. ثم أردف الوصف الذي تقدم الوصف بإيتاء المال على حبه ذوي القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل و السائلين و في الرقاب و وجدنا ذلك لأمير المؤمنين ع بالتنزيل و تواتر الأخبار فيه على التفصيل قال الله تعالى وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ و اتفقت الرواة من الفريقين الخاصة و العامة على أن هذه الآية بل السورة كلها نزلت في أمير المؤمنين و زوجته فاطمة ع و قال سبحانه الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ و جاءت الرواية أيضا مستفيضة بأن المعني بهذه أمير المؤمنين ع و لا خلاف في أنه صلوات الله عليه أعتق من كد يده جماعة لا يحصون كثرة و وقف أراضي كثيرة استخرجها و أحباها بعد موتها فانتظم الصفات على ما ذكرناه. ثم أردف ذلك بقوله وَ أَقامَ الصَّلاةَ وَ آتَى الزَّكاةَ فكان هو المعني بها بدلالة قوله تعالى إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ و اتفق أهل النقل على أنه ع هو المزكي في حال ركوعه في الصلاة فطابق هذا الوصف وصفه في الآية المتقدمة و شاركه في معناه. ثم أعقب ذلك بقوله عز اسمه وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا و ليس أحد من الصحابة إلا من نقض عهده في الظاهر أو تقول ذلك عليه إلا أمير المؤمنين ع فإنه لا يمكن أحدا أن يزعم أنه نقض ما عاهد عليه رسول الله ص من النصرة و المواساة فاختص أيضا بهذا الوصف. ثم قال سبحانه وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ و لم يوجد أحد صبر مع رسول الله ص عند الشدائد غير أمير المؤمنين ع فإنه باتفاق وليه و عدوه لم يول دبرا و لا فر من قرن و لا هاب في الحرب خصما فلما استكمل هذه الخصال بأسرها قال سبحانه أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ يعني به أن المدعو إلى اتباعه من جملة الصادقين و هو من دل على اجتماع الخصال فيه و ذلك أمير المؤمنين ع و إنما عبر عنه بحرف الجمع تعظيما له و تشريفا إذ العرب تضع لفظ الجمع على الواحد إذا أرادت أن تدل على نباهته و علو قدره و شرفه و محله و إن كان قد يستعمل فيمن لا يراد له ذلك إذا كان الخطاب يتوجه إليه و يعم غيره بالحكم

  و لو جعلنا المعني في لفظ الجمع بالعبارة عن علي أمير المؤمنين ع لكان ذلك وجها لأنه و إن خص بالذكر فإن الحكم جار فيمن يليه من الأئمة المهديين ع على ما شرحناه و هذا بين نسأل الله توفيقا نصل به إلى الرشاد برحمته. بيان قوله فطابق هذا الوصف كأنه قدس سره حمل الواو في قوله وَ آتَى الزَّكاةَ على الحال لا العطف بقرينة ذكر إيتاء المال الشامل للزكاة سابقا مع ذكر أكثر مصارفها و التأسيس أولى من التأكيد و تؤيده هذه الآية