باب 3- باب ورود البصرة و وقعة الجمل و ما وقع فيها من الاحتجاج

131-  شا، ]الإرشاد[ من كلام أمير المؤمنين صلوات الله عليه حين دخل البصرة و جمع أصحابه فحرضهم على الجهاد و كان مما قال عباد الله انهدوا إلى هؤلاء القوم منشرحة صدوركم بقتالهم فإنهم نكثوا بيعتي و أخرجوا ابن حنيف عاملي بعد الضرب المبرح و العقوبة الشديدة و قتلوا السبابجة و مثلوا بحكيم بن جبلة العبدي و قتلوا رجالا صالحين ثم تتبعوا منهم من نجا يأخذونهم في كل حائط و تحت كل رابية ثم يأتون بهم فيضربون رقابهم صبرا ما لهم قاتلهم الله إني يؤفكون انهدوا إليهم و كونوا أشداء عليهم و القوهم صابرين محتسبين تعلمون أنكم منازلوهم و مقاتلوهم و لقد وطنتم أنفسكم على الطعن الدعسي و الضرب الطلحفي و مبارزة الأقران و أي امرئ أحس من نفسه رباطة جأش عند اللقاء و رأى من أحد من إخوانه فشلا فليذب عن أخيه الذي فضل عليه كما يذب عن نفسه فلو شاء الله لجعله مثله

 بيان نهد إلى العدو ينهد بالفتح أي نهض ذكره الجوهري و قال برح به الأمر تبريحا أي جهده و ضربه ضربا مبرحا و قال السبابجة قوم من السند كانوا بالبصرة جلاوزة و حراس السجن و الدعسي بفتح الدال و الياء المشددة قال في القاموس الدعس شدة الوطء و الطعن و الطعان و المداعسة المطاعنة و الطلحف بكسر الطاء و فتح اللام و سكون الحاء الشديد و سيأتي شرح بعض الفقرات

132-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ جمل أنساب الأشراف أنه زحف علي ع بالناس غداة يوم الجمعة لعشر ليال خلون من جمادى الآخرة سنة ست و ثلاثين على ميمنته الأشتر و سعيد بن قيس و على ميسرته عمار و شريح بن هانئ و على القلب محمد بن أبي بكر و عدي بن حاتم و على الجناح زياد بن كعب و حجر بن عدي و على الكمين عمرو بن الحمق و جندب بن زهير و على الرجالة أبو قتادة الأنصاري و أعطى رايته محمد بن الحنفية ثم أوقفهم من صلاة الغداة إلى صلاة الظهر يدعوهم و يناشدهم و يقول لعائشة إن الله أمرك أن تقري في بيتك فاتقي الله و ارجعي و يقول لطلحة و الزبير خبأتما نساءكما و أبرزتما زوجة رسول الله ص و استفززتماها فيقولان إنما جئنا للطلب بدم عثمان و أن يرد الأمر شورى و ألبست عائشة درعا و ضربت على هودجها صفائح الحديد و ألبس الهودج درعا و كان الهودج لواء أهل البصرة و هو على جمل يدعى عسكرا

 روى ابن مردويه في كتاب الفضائل من ثمانية طرق أن أمير المؤمنين ع قال للزبير أ ما تذكر يوما كنت مقبلا بالمدينة تحدثني إذ خرج رسول الله فرآك معي و أنت تتبسم إلي فقال لك يا زبير أ تحب عليا فقلت و كيف لا أحبه و بيني و بينه من النسب و المودة في الله ما ليس لغيره فقال إنك ستقاتله و أنت ظالم له فقلت أعوذ بالله من ذلك

 و قد تظاهرت الروايات أنه قال ع إن النبي ص قال لك يا زبير تقاتله ظلما و ضرب كتفك قال اللهم نعم قال أ فجئت تقاتلني فقال أعوذ بالله من ذلك ثم قال أمير المؤمنين ع دع هذا بايعتني طائعا ثم جئت محاربا فما عدا مما بدا فقال لا جرم و الله لا قاتلتك

 حلية الأولياء قال عبد الرحمن بن أبي ليلى فلقيه عبد الله ابنه فقال جبنا جبنا فقال يا بني قد علم الناس إني لست بجبان و لكن ذكرني علي شيئا سمعته من رسول الله ص فحلفت أن لا أقاتله فقال دونك غلامك فلان اعتقه كفارة ليمينك

 نزهة الأبصار عن ابن مهدي أنه قال همام الثقفي

أ يعتق مكحولا و يعصي نبيه لقد تاه عن قصد الهدى ثم عوق‏لشتان ما بين الضلالة و الهدى و شتان من يعصي الإله و يعتق

  و في رواية قالت عائشة لا و الله بل خفت سيوف ابن أبي طالب أما إنها طوال حداد تحملها سواعد أنجاد و لئن خفتها فلقد خافها الرجال من قبلك فرجع إلى القتال فقيل لأمير المؤمنين ع إنه قد رجع فقال دعوه فإن الشيخ محمول عليه ثم قال أيها الناس غضوا أبصاركم و عضوا على نواجذكم و أكثروا من ذكر ربكم و إياكم و كثرة الكلام فإنه فشل و نظرت عائشة إليه و هو يجول بين الصفين فقالت انظروا إليه كأن فعله فعل رسول الله ص يوم بدر أما و الله لا ينتظر بك إلا زوال الشمس فقال علي ع يا عائشة عما قليل لتصبحن نادمين فجد الناس في القتال فنهاهم أمير المؤمنين و قال اللهم إني أعذرت و أنذرت فكن لي عليهم من الشاهدين ثم أخذ المصحف و طلب من يقرؤه عليهم وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما الآية فقال مسلم المجاشعي ها أنا ذا فخوفه بقطع يمينه و شماله و قتله فقال لا عليك يا أمير المؤمنين فهذا قليل في ذات الله فأخذه و دعاهم إلى الله فقطعت يده اليمنى فأخذه بيده اليسرى فقطعت فأخذه بأسنانه فقتل فقالت أمه

يا رب إن مسلما أتاهم بمحكم التنزيل إذ دعاهم‏يتلو كتاب الله لا يخشاهم فرملوه رملت لحاهم

 فقال ع الآن طاب الضراب و قال لمحمد بن الحنفية و الراية في يده يا بني تزول الجبال و لا تزل عض على ناجذك أعر الله جمجمتك تد في الأرض قدميك ارم ببصرك أقصى القوم و غض بصرك و اعلم أن النصر من الله ثم صبر سويعة فصاح الناس من كل جانب من وقع النبال فقال ع تقدم يا بني فتقدم و طعن طعنا منكرا و قال

اطعن بها طعن أبيك تحمد لا خير في حرب إذا لم توقدبالمشرفي و القنا المسدد و الضرب بالخطي و المهند

 فأمر الأشتر أن يحمل فحمل و قتل هلال بن وكيع صاحب ميمنة الجمل و كان زيد يرتجز و يقول ديني ديني و بيعي و بيعي و جعل مخنف بن سليم يقول

قد عشت يا نفس و قد غنيت دهرا و قبل اليوم ما عييت‏و بعد ذا لا شك قد فنيت أ ما مللت طول ما حييت

 فخرج عبد الله بن اليثربي قائلا

يا رب إني طالب أبا الحسن ذاك الذي يعرف حقا بالفتن

 فبرز إليه علي ع قائلا

إن كنت تبغي أن ترى أبا الحسن فاليوم تلقاه مليا فاعلمن

 و ضربه ضربة مجزمة مجرفة فخرج بنو ضبة و جعل يقول بعضهم

نحن بنو ضبة أصحاب الجمل و الموت أحلى عندنا من العسل‏ردوا علينا شيخنا بمرتحل إن عليا بعد من شر النذل

 و قال آخر

نحن بنو ضبة أعداء علي ذاك الذي يعرف فيهم بالوصي

 و كان عمرو بن اليثربي يقول

إن تنكروني فأنا ابن اليثربي قاتل علباء و هند الجمل‏ثم ابن صوحان على دين علي

 فبرز إليه عمار قائلا

لا تبرح العرصة يا ابن اليثربي أثبت أقاتلك على دين علي

 فطعنه و أرداه عن فرسه و جر برجله إلى علي فقتله بيده فخرج أخوه قائلا

أضربكم و لو أرى عليا عممته أبيض مشرفياو أسمرا عنطنطا خطيا أبكي عليه الولد و الوليا

 فخرج إليه علي ع متنكرا و هو يقول

يا طالبا في حربه عليا يمنحه أبيض مشرفياأثبت ستلقاه بها مليا مهذبا سميدعا كميا

 فضربه فرمى نصف رأسه فناداه عبد الله بن خلف الخزاعي صاحب منزل عائشة بالبصرة أ تبارزني فقال علي ع ما أكره ذلك و لكن ويحك يا ابن خلف ما راحتك في القتل و قد علمت من أنا فقال ذرني من بذخك يا ابن أبي طالب ثم قال

إن تدن مني يا علي فترا فإنني دان إليك شبرابصارم يسقيك كأسا مرا ها إن في صدري عليك وترا

 فبرز علي ع قائلا

يا ذا الذي يطلب مني الوترا إن كنت تبغي أن تزور القبراحقا و تصلى بعد ذاك جمرا فادن تجدني أسدا هزبراأصعطك اليوم زعاقا صبرا

 فضربه فطير جمجمته فخرج مازن الضبي قائلا

لا تطمعوا في جمعنا المكلل الموت دون الجمل المجلل

 فبرز إليه عبد الله بن نهشل قائلا

إن تنكروني فأنا بن نهشل فارس هيجا و خطيب فيصل

 فقتله و كان طلحة يحث الناس و يقول عباد الله الصبر الصبر في كلام له البلاذري قال إن مروان بن الحكم قال و الله ما أطلب ثاري بعثمان بعد اليوم أبدا فرمى طلحة بسهم فأصاب ركبته و التفت إلى أبان بن عثمان و قال لقد كفيتك أحد قتلة أبيك معارف القتيبي إن مروان قتل طلحة يوم الجمل بسهم فأصاب ساقه و قال السيد الحميري 

و اختل من طلحة المزهو جنته سهم بكف قديم الكفر غدارفي كف مروان مروان اللعين أرى رهط الملوك ملوك غير أخيار

 و له

و اغتر طلحة عند مختلف القنا عبل الذراع شديد أصل المنكب‏فاختل حبة قلبه بمدلق ريان من دم جوفه المتصبب‏في مارقين من الجماعة فارقوا باب الهدى و حيا الربيع المخصب

 و حمل أمير المؤمنين على بني ضبة فما رأيتهم إلا كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ فانصرف الزبير فتبعه عمرو بن جرموز و جز رأسه و أتى به إلى أمير المؤمنين ع القصة قال السيد إسماعيل الحميري

أما الزبير فحاص حين بدت له جاءوا ببرق في الحديد الأشهب‏حتى إذا أمن الحتوف و تحته عاري النواهق ذو نجاء صهلب‏أثوى ابن جرموز عمير شلوه بالقاع منعفرا كشلو التولب

 و قال غيره

طار الزبير على إحصار ذي خضل عبل الشوى لاحق المتين محصارحتى أتى واديا لاقى الحمام به من كف محتبس كالصيد مغوار

 فقالوا يا عائشة قتل طلحة و الزبير و جرح عبد الله بن عامر كذا من يدي علي فصالحي عليا فقالت كبر عمرو عن الطوق و جل أمر عن العتاب ثم تقدمت فحزن علي ع و قال إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ فجعل يخرج واحد بعد واحد و يأخذ الزمام حتى قتل قطع ثمان و تسعون رجلا ثم تقدمهم كعب بن سور الأزدي و هو يقول

يا معشر الناس عليكم أمكم فإنها صلاتكم و صومكم‏و الحرمة العظمى التي تعمكم لا تفضحوا اليوم فداكم قومكم

 فقتله الأشتر فخرج ابن جفير الأزدي يقول

قد وقع الأمر بما لم يحذر و النبل يأخذن وراء العسكرو أمنا في خدرها المشمر

 فبرز إليه الأشتر قائلا

اسمع و لا تعجل جواب الأشتر و اقرب تلاق كأس موت أحمرينسيك ذكر الجمل المشمر

 فقتله ثم قتل عمر الغنوي و عبد الله بن عتاب بن أسيد ثم جال في الميدان جولا و هو يقول

نحن بنو الموت به غذينا

 فخرج إليه عبد الله بن الزبير فطعنه الأشتر و أرداه و جلس على صدره ليقتله فصاح عبد الله اقتلوني و مالكا و اقتلوا مالكا معي فقصد إليه من كل جانب فخلاه و ركب فرسه فلما رأوه راكبا تفرقوا عنه و شد رجل من الأزد على محمد بن الحنفية و هو يقول يا معشر الأزد كروا فضربه ابن الحنفية فقطع يده فقال يا معشر الأزد فروا فخرج الأسود بن البختري السلمي قائلا

ارحم إلهي الكل من سليم و انظر إليه نظرة الرحيم

 فقتله عمرو بن الحمق فخرج جابر الأزدي قائلا

يا ليت أهلي من عمار حاضري من سادة الأزد و كانوا ناصري

 فقتله محمد بن أبي بكر و خرج عوف القيني قائلا

يا أم يا أم خلا مني الوطن لا أبتغي القبر و لا أبغي الكفن

 فقتله محمد بن الحنفية فخرج بشر الضبي قائلا

ضبة أبدى للعراق عمعمة و أضرمي الحرب العوان المضرمة

 فقتله عمار و كانت عائشة تنادي بأرفع صوت أيها الناس عليكم بالصبر فإنما يصبر الأحرار فأجابها كوفي

يا أم يا أم عققت فاعلموا و الأم تغذوا ولدها و ترحم‏أ ما ترى كم من شجاع يكلم و تجتلي هامته و المعصم

 و قال آخر

قلت لها و هي على مهوات إن لنا سواك أمهات‏في مسجد الرسول ثاويات

 فقال الحجاج بن عمر الأنصاري

يا معشر الأنصار قد جاء الأجل إني أرى الموت عيانا قد نزل‏فبادروه نحو أصحاب الجمل ما كان في الأنصار جبن و فشل‏فكل شي‏ء ما خلا الله جلل

 و قال خزيمة بن ثابت

لم يغضبوا لله إلا للجمل و الموت خير من مقام في خمل‏و الموت أحرى من فرار و فشل و القول لا ينفع إلا بالعمل

 و قال شريح بن هانئ

لا عيش إلا ضرب أصحاب الجمل ما إن لنا بعد علي من بدل

 و قال هانئ بن عروة المذحجي

يا لك حربا جثها جمالها قائدة ينقصها ضلالهاهذا علي حوله أقيالها

 و قال سعيد بن قيس الهمداني

قل للوصي اجتمعت قحطانها إن يك حرب أضرمت نيرانها

 و قال عمار

إني لعمار و شيخي ياسر صاح كلانا مؤمن مهاجرطلحة فيها و الزبير غادر و الحق في كف علي ظاهر

 و قال الأشتر

هذا علي في الدجى مصباح نحن بذا في فضله فصاح

 و قال عدي بن حاتم 

أنا عدي و نماني حاتم هذا علي بالكتاب عالم‏لم يعصه في الناس إلا ظالم

 و قال عمرو بن الحمق

هذا علي قائد يرضى به أخو رسول الله في أصحابه‏من عوده النامي و من نصابه

 و قال رفاعة بن شداد البجلي

إن الذين قطعوا الوسيلة و نازعوا على علي الفضيلةفي حربه كالنعجة الأكيلة

 و شكت السهام الهودج حتى كأنه جناح نسر أو شوك قنفذ فقال أمير المؤمنين ع ما أراه يقاتلكم غير هذا الهودج اعقروا الجمل

 و في رواية أخرى عرقبوه فإنه شيطان و قال لمحمد بن أبي بكر انظر إذا عرقب الجمل فأدرك أختك فوارها فعرقب رجل منه فدخل تحته رجل ضبي ثم عرقب رجل أخرى منه عبد الرحمن فوقع على جنبه فقطع عمار نسعه فأتاه علي و دق رمحه على الهودج و قال يا عائشة أ هكذا أمرك رسول الله ع أن تفعلي فقالت يا أبا الحسن ظفرت فأحسن و ملكت فأسجح فقال علي لمحمد بن أبي بكر شأنك و أختك فلا يدنو أحد منها سواك فقال محمد فقلت لها ما فعلت بنفسك عصيت ربك و هتكت سترك ثم أبحت حرمتك و تعرضت للقتل فذهب بها إلى دار عبد الله بن خلف الخزاعي فقالت أقسمت عليك أن تطلب عبد الله بن الزبير جريحا كان أو قتيلا فقال إنه كان هدفا للأشتر فانصرف محمد إلى العسكر فوجده فقال اجلس يا ميشوم أهل بيته فأتاها به فصاحت و بكت ثم قالت يا أخي استأمن له من علي فأتى محمد أمير المؤمنين ع فاستأمن له منه فقال ع أمنته و أمنت جميع الناس و كانت وقعة الجمل بالخريبة و وقع القتال بعد الظهر و انقضى عند المساء فكان مع أمير المؤمنين ع عشرون ألف رجل منهم البدريون ثمانون رجلا و ممن بايع تحت الشجرة مائتان و خمسون و من الصحابة ألف و خمسمائة رجل و كانت عائشة في ثلاثين ألف أو يزيدون منها المكيون ست مائة رجل

 قال قتادة قتل يوم الجمل عشرون ألفا

 و قال الكلبي قتل من أصحاب علي ع ألف راجل و سبعون فارسا منهم زيد بن صوحان و هند الجملي و أبو عبد الله العبدي و عبد الله بن رقية

 و قال أبو مخنف و الكلبي قتل من أصحاب الجمل من الأزد خاصة أربعة آلاف رجل و من بني عدي و مواليهم تسعون رجلا و من بني بكر بن وائل ثمانمائة رجل و من بني حنظلة تسعمائة رجل و من بني ناجية أربعمائة رجل و الباقي من أخلاط الناس إلى تمام تسعة آلاف إلا تسعين رجلا القرشيون منهم طلحة و الزبير و عبد الله بن عتاب بن أسيد و عبد الله بن حكيم بن حزام و عبد الله بن شافع بن طلحة و محمد بن طلحة و عبد الله بن أبي بن خلف الجمحي و عبد الرحمن بن معد و عبد الله بن معد و عرقب الجمل أولا أمير المؤمنين و يقال المسلم بن عدنان و يقال رجل من الأنصار و يقال رجل ذهلي و قيل لعبد الرحمن بن صرد التنوخي لم عرقبت الجمل فقال

عقرت و لم أعقر بها لهوانها علي و لكني رأيت المهالكا

 إلى قوله فيا ليتني عرقبته قبل ذلكا و قال عثمان بن حنيف

شهدت الحروب فشيبنني فلم أر يوما كيوم الجمل‏أشد على مؤمن فتنة و أقتل منهم لحرق بطل‏فليت الظعينة في بيتها و يا ليت عسكر لم يرتحل

 بيان رحله بالدم أي لطخه و المشرفية سيوف نسب إلى مشارف و هي قرى من أرض العرب تدنو من الريف ذكره الجوهري و قال المهند السيف المطبوع من حديد الهند و قال الفيروزآبادي جرفه جرفا و جرفة ذهبت به كله و النذل الخسيس من الناس و الأسمر الرمح و العنطنط الطويل و الخط موضع باليمامة تنسب إليه الرماح الخطية لأنها تحمل من بلاد الهند فتقوم به و الملئ بالهمز و قد يخفف الثقة و بغير همز طائفة من الزمان و السميدع بالفتح السيد الموطوء الأكتاف و الكمي الشجاع المتكمي في سلاحه لأنه كمى نفسه أي سترها بالدرع و البيضة و البذخ الكبر و الفتر بالكسر ما بين طرف السبابة و الإبهام إذا فتحتهما و الصارم السيف القاطع و الوتر بالفتح و الكسر الحقد و طلب الدم و الهزبر الأسد و سعطه الدواء كمنعه و نصره و أسعطه أدخله في أنفه و أسعطه الرمح طعنه به في أنفه و السعيط دردي الخمر و صعطه و أصعطه سعطه و اختله بسهم أي انتظمه و رجل عبل الذراعين أي ضخمهما و دلق السيف من غمده أخرجه و الحيا بالقصر الخصب و المطر قولها كبر عمرو عن الطوق أي لم يبق للصلح مجال قال الزمخشري في المستقصى هو عمرو بن عدي بن أخت جذيمة قد طوق صغيرا ثم استهوته الجن مدة فلما عاد همت أمه بإعادة الطوق إليه فقال جذيمة ذلك و قيل إنها نظفته و طوقته و أمرته بزيارة خاله فلما رأى لحيته و الطوق قال ذلك انتهى و العماعم الجماعات المتفرقة و العوان من الحرب التي قوتل فيها مرة و الجلل بالتحريك العظيم و الهين و هو من الأضداد و شكه بالرمح انتظمه

133-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول دخل علي أناس من أهل البصرة فسألوني عن طلحة و الزبير فقلت لهم كانا إمامين من أئمة الكفر إن عليا يوم البصرة لما صف الخيول قال لأصحابه لا تعجلوا على القوم حتى أعذر فيما بيني و بين الله و بينهم فقام إليهم فقال يا أهل البصرة هل تجدون علي جورا في حكم قالوا لا قال فحيفا في قسم قالوا لا قال فرغبه في دنيا أصبتها لي و لأهل بيتي دونكم فنقمتم علي فنكثتم علي بيعتي قالوا لا قال فأقمت فيكم الحدود و عطلتها عن غيركم قالوا لا قال فما بال بيعتي تنكث و بيعة غيري لا تنكث إني ضربت الأمر أنفه و عينيه و لم أجد إلا الكفر أو السيف ثم ثنى إلى أصحابه فقال إن الله يقول في كتابه وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ فقال أمير المؤمنين و الذي فلق الحبة و برئ النسمة و اصطفى محمدا بالنبوة إنهم لأصحاب هذه الآية و ما قوتلوا منذ نزلت

  -134  ب، ]قرب الإسناد[ محمد بن عبد الحميد و عبد الصمد بن محمد جميعا عن حنان بن سدير قال سمعت أبا عبد الله و ذكر مثله

135-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي الطفيل قال سمعت عليا ع يوم الجمل و هو يحرض الناس على قتالهم و يقول و الله ما رمي أهل هذه الآية بكنانة قبل اليوم فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ فقلت لأبي الطفيل ما الكنانة قال السهم موضع الحديد فيه عظم يسميه بعض العرب الكنانة

 بيان الكنانة بهذا المعنى غير معروف فيما عندنا من كتب اللغة

136-  جا، ]المجالس للمفيد[ المراغي عن الحسن بن علي عن جعفر بن محمد بن مروان عن أبيه عن إسحاق بن يزيد عن خالد بن مختار عن الأعمش عن حبة العرني قال سمعت حذيفة اليماني قبل أن يقتل عثمان بن عفان بسنة و هو يقول كأني بأمكم الحميراء قد سارت يساق بها على جمل و أنتم آخذون بالشوى و الذنب معها الأزد أدخلهم الله النار و أنصارها بني ضبة جد الله أقدامهم قال فلما كان يوم الجمل و برز الناس بعضهم لبعض نادى منادي أمير المؤمنين ع لا يبدأن أحد منكم بقتال حتى آمركم قال فرموا فينا فقلنا يا أمير المؤمنين قد رمينا فقال كفوا ثم رمونا فقتلوا منا قلنا يا أمير المؤمنين قد قتلونا فقال احملوا على بركة الله قال فحملنا عليهم فأنشب بعضنا في بعض الرماح حتى لو مشى ماش لمشى عليها ثم نادى منادي علي ع عليكم بالسيوف فجعلنا نضرب بها البيض فتنبو لنا قال فنادى منادي أمير المؤمنين عليكم بالأقدام قال فما رأينا يوما كان أكثر قطع أقدام منه قال فذكرت حديث حذيفة أنصارها بني ضبة جد الله أقدامهم فعلمت أنها دعوة مستجابة ثم نادى منادي أمير المؤمنين عليكم بالبعير فإنه شيطان قال فعقره رجل برمحه و قطع إحدى يديه رجل آخر فبرك و رغا و صاحت عائشة صيحة شديدة فولى الناس منهزمين فنادى منادي أمير المؤمنين ع لا تجيزوا على جريح و لا تبتغوا مدبرا و من أغلق بابه فهو آمن و من ألقى سلاحه فهو آمن

 بيان الشوى بفتح الشين اليدان و الرجلان و الرأس من الآدميين و شوى الفرس قوائمه ذكره الجوهري و قال جددت الشي‏ء أجده جدا قطعته و قال نبا السيف إذا لم يعمل في الضريبة و قال قال الأصمعي أجهزت على الجريح إذا أسرعت قتله و تممت عليه و لا تقل أجزت على الجريح انتهى. و الرواية مع ضبط النسخ تدل على كونه فصيحا بهذا المعنى

137-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ دعا أمير المؤمنين محمد بن الحنفية يوم الجمل فأعطاه رمحه و قال له اقصد بهذا الرمح قصد الجمل فذهب فمنعوه بنو ضبة فلما رجع إلى والده انتزع الحسن رمحه من يده و قصد قصد الجمل و طعنه برمحه و رجع إلى والده و على رمحه أثر الدم فتمغر وجه محمد من ذلك فقال أمير المؤمنين لا تأنف فإنه ابن النبي و أنت ابن علي

138-  كش، ]رجال الكشي[ جبرئيل بن أحمد عن موسى بن معاوية بن وهب عن علي بن معبد عن عبيد الله بن عبد الله الواسطي عن واصل بن سليمان عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله قال لما صرع زيد بن صوحان رحمة الله عليه يوم الجمل جاء أمير المؤمنين ع حتى جلس عند رأسه فقال رحمك الله يا زيد قد كنت حفيف المئونة عظيم المعونة قال فرفع زيد رأسه إليه ثم قال و أنت فجزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين فو الله ما علمتك إلا بالله عليما و في أم الكتاب عليا حكيما و إن الله في صدرك لعظيم و الله ما قتلت معك على جهالة و لكني سمعت أم سلمة زوج النبي تقول سمعت رسول الله ص يقول من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله فكرهت و الله أن أخذلك فيخذلني الله

139-  ختص، ]الإختصاص[ جعفر بن الحسين و جماعة من مشايخنا عن محمد الحميري عن أبيه عن موسى بن جعفر البغدادي عن علي بن معبد عن عبيد الله بن الدهقان عن واصل مثله

140-  كشف، ]كشف الغمة[ لما تراءى الجمعان و تقاربا و رأى علي تصميم عزمهم على قتاله فجمع أصحابه و خطبهم خطبة بليغة قال فيها و اعلموا أيها الناس إني قد تأنيت هؤلاء القوم و راقبتهم و ناشدتهم كيما يرجعوا و يرتدعوا فلم يفعلوا و لم يستجيبوا و قد بعثوا إلي أن أبرز إلى الطعان و اثبت للجلاد و قد كنت و ما أهدد بالحرب و لا أدعي إليها و قد أنصف القارة من راماها منها فأنا أبو الحسن الذي فللت حدهم و فرقت جماعتهم فبذلك القلب ألقى عدوي و أنا على بينة من ربي لما وعدني من النصر و الظفر و إني لعلى غير شبهة من أمري ألا و إن الموت لا يفوته المقيم و لا يعجزه الهارب و من لم يقتل يمت فإن أفضل الموت القتل و الذي نفس علي بيده لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة على الفراش ثم رفع يده إلى السماء و قال اللهم إن طلحة بن عبيد الله أعطاني صفقة يمينه طائعا ثم نكث بيعتي اللهم فعاجله و لا تمهله و إن الزبير بن العوام قطع قرابتي و نكث عهدي و ظاهر عدوي و نصب الحرب لي و هو يعلم أنه ظالم لي اللهم فاكفنيه كيف شئت و أنى شئت ثم تقاربوا و تعبوا لابسي سلاحهم و دروعهم متأهبين للحرب كل ذلك و علي ع بين الصفين عليه قميص و رداء و على رأسه عمامة سوداء و هو راكب على بغلة فلما رأى أنه لم يبق إلا مصافحة الصفاح و المطاعنة بالرماح صاح بأعلى صوته أين الزبير بن العوام فليخرج إلي فقال الناس يا أمير المؤمنين أ تخرج إلى الزبير و أنت حاسر و هو مدجج في الحديد فقال ع ليس علي منه بأس ثم نادى ثانية فخرج إليه الزبير و دنا منه حتى واقفه فقال له علي يا أبا عبد الله ما حملك على ما صنعت فقال الطلب بدم عثمان فقال أنت و أصحابك قتلتموه فيجب عليك أن تقيد من نفسك و لكن أنشدك الله الذي لا إله إلا هو الذي أنزل الفرقان على نبيه محمد ص أ ما تذكر يوما قال لك رسول الله ص يا زبير أ تحب عليا فقلت و ما يمنعني من حبه و هو ابن خالي فقال لك أما أنت فستخرج عليه يوما و أنت له ظالم فقال الزبير اللهم بلى فقد كان ذلك فقال علي ع فأنشدك الله الذي أنزل الفرقان على نبيه محمد ص أ ما تذكر يوما جاء رسول الله ص من عند ابن عوف و أنت معه و هو آخذ بيدك فاستقبلته أنا فسلمت عليه فضحك في وجهي فضحكت أنا إليه فقلت أنت لا يدع ابن أبي طالب زهوه أبدا فقال لك النبي ص مهلا يا زبير فليس به زهو و لتخرجن

 عليه يوما و أنت ظالم له فقال الزبير اللهم بلى و لكن أنسيت فأما إذا ذكرتني ذلك فلا نصرفن عنك و لو ذكرت هذا لما خرجت عليك ثم رجع إلى عائشة فقالت ما وراءك يا أبا عبد الله فقال الزبير و الله ورائي إني ما وقفت موقفا في شرك و لا إسلام إلا و لي فيه بصيرة و أنا اليوم على شك من أمري و ما أكاد أبصر موضع قدمي ثم شق الصفوف و خرج من بينهم و نزل على قوم من بني تميم فقام إليه عمرو بن جرموز المجاشعي فقتله حين نام و كان في ضيافته فنفذت دعوة أمير المؤمنين ع فيه و أما طلحة فجاءه سهم و هو قائم للقتال فقتله ثم التحم القتال و قال علي ع يوم الجمل وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ثم حلف حين قرأها أنه ما قوتل عليها منذ نزلت حتى اليوم و اتصل الحرب و كثر القتل و الجروح ثم تقدم رجل من أصحاب الجمل يقال له عبد الله فحال بين الصفوف و قال أين أبو الحسن فخرج إليه علي و شد عليه و ضربه بالسيف فأسقط عاتقه و وقع قتيلا فوقف عليه و قال لقد رأيت أبا الحسن فكيف وجدته و لم يزل القتل يؤجج ناره و الجمل يفني أنصاره حتى خرج رجل مدجج يظهر بأسا و يعرض بعلي بذكر علي حتى قال أضربكم و لو أرى عليا عممته أبيض مشرفيا فخرج إليه علي متنكرا و ضربه على وجهه فرمى بنصف قحف رأسه ثم انصرف فسمع صائحا من ورائه فالتفت فرأى ابن أبي خلف الخزاعي من أصحاب الجمل فقال هل لك يا علي في المبارزة فقال علي ما أكره ذلك و لكن ويحك يا ابن أبي خلف ما راحتك في القتل و قد علمت من أنا فقال ذرني يا ابن أبي طالب من بذخك بنفسك و ادن مني لترى أينا يقتل صاحبه فثنى علي عنان فرسه إليه فبدره ابن خلف بضربة فأخذها علي في جحفته ثم عطف عليه بضربة أطار بها يمينه ثم ثنى بأخرى أطار بها قحف رأسه و استعر الحرب حتى عقر الجمل فسقط و قد احمرت البيداء بالدماء و خذل الجمل و حزبه و قامت النوادب بالبصرة على القتلى و كان عدة من قتل من جند الجمل ستة عشر ألفا و سبعمائة و تسعين إنسانا و كانوا ثلاثين ألفا فأتى القتل على أكثر من نصفهم و قتل من أصحاب علي ع ألف و سبعون رجلا و كانوا عشرين ألفا و كان محمد بن طلحة المعروف بالسجاد قد خرج مع أبيه و أوصى علي ع أن لا يقتله من عساه أن يظفر به و كان شعار أصحاب علي ع حم فلقيه شريح بن أوفى العبسي من أصحاب علي ع فطعنه فقال حم و قد سبق كما قيل السيف العذل فأتى على نفسه و قال شريح هذا

و أشعث قوام بآيات ربه قليل الأذى فيما ترى العين مسلم‏شككت بصدر الرمح حبيب قميصه فخر صريعا لليدين و للفم‏على غير شي‏ء غير أن ليس تابعا عليا و من لم يتبع الحق يندم‏يذكرني حم و الرمح شاجر فهلا تلا حم قبل التقدم

و جاء علي حتى وقف عليه و قال هذا رجل قتله بره بأبيه و كان مالك الأشتر قد لقي عبد الله بن الزبير في المعركة و وقع عبد الله إلى الأرض و الأشتر فوقه فكان ينادي اقتلوني و مالكا فلم ينتبه أحد من أصحاب الجمل لذلك و لو علموا أنه الأشتر لقتلوه ثم أفلت عبد الله من يده و هرب فلما وضعت الحرب أوزارها و دخلت عائشة إلى البصرة دخل عليها عمار بن ياسر و معه الأشتر فقالت من معك يا أبا اليقظان فقال مالك الأشتر فقالت أنت فعلت بعبد الله ما فعلت فقال نعم و لو لا كوني شيخا كبيرا و طاويا لقتلته و أرحت المسلمين منه قالت أ و ما سمعت قول النبي ص إن المسلم لا يقتل إلا عن كفر بعد إيمان أو زنى بعد إحصان أو قتل النفس التي حرم الله قتلها فقال يا أم المؤمنين على أحد الثلاثة قاتلناه ثم أنشد

أ عائش لو لا أنني كنت طاويا ثلاثا لألفيت ابن أختك هالكاعشية يدعو و الرجال تجوزه بأضعف صوت اقتلوني و مالكافلم يعرفوه إذ دعاهم و عمه خدب عليه في العجاجة باركافنجاه مني أكله و شبابه و إني شيخ لم أكن متماسكا

 بيان الحاسر الذي لا مغفر عليه و لا درع ذكره الجوهري و قال رجل مدجج و مدجج أي شاك في السلاح تقول متنه مدجج في شكته أي دخل في سلاحه و قال الزهو الكبر و الفخر قوله و قد سبق كما قيل قوله كما قيل معترضة بين المثل و أصل المثل سبق السيف العذل و العذل بالتحريك الملامة. قال الميداني قاله ضبة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر لما لامه الناس على قتله قاتل ابنه في الحرم و ذكر لذلك قصة طويلة. و قال الزمخشري يضرب في الأمر الذي لا يقدر على رده قال جريرة

تكلفني رد الغرائب بعد ما سبقن كسبق السيف ما قال عاذله.

 و شجره بالرمح طعنه قوله قتله بره أي لم يكن يرى الخروج جائزا لكن خرج لطاعة أبيه فقتل مع أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. قوله و عمه يعني نفسه و رجل خدب بكسر الخاء و فتح الدال و تشديد الباء أي ضخم

  -141  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ جعفر بن محمد الفزاري معنعنا عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال أخبر جبرئيل النبي ص أن أمتك سيختلفون من بعدك فأوحى الله إلى النبي ص قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قال أصحاب الجمل قال فقال النبي ص فأنزل الله عليه وَ إِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ قال فلما نزلت هذه الآية جعل النبي ص لا يشك أنه سيرى ذلك قال جابر بينما أنا جالس إلى جنب النبي ص و هو بمنى يخطب الناس فحمد الله تعالى و أثنى عليه ثم قال أيها الناس أ ليس قد بلغتكم قالوا بلى فقال ألا لا ألفينكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض أما لئن فعلتم ذلك لتعرفنني في كتيبة أضرب وجوهكم فيها بالسيف فكأنه غمز من خلفه فالتفت ثم أقبل علينا محمد فقال أو علي بن أبي طالب ع فأنزل الله تعالى فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ و هي واقعة الجمل

142-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن محبوب رفعه أن أمير المؤمنين ع خطب يوم الجمل فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس إني أتيت هؤلاء القوم و دعوتهم و احتججت عليهم فدعوني إلى أن أصبر للجلاد و أبرز للطعان فلأمهم الهبل و قد كنت و ما أهدد بالحرب و لا أرهب بالضرب أنصف القارة من راماها فلغيري فليبرقوا و ليرعدوا فأنا أبو الحسن الذي فللت حدهم و فرقت جماعتهم و بذلك القلب ألقى عدوي و أنا على ما وعدني ربي من النصر و التأييد و الظفر و إني لعلى يقين من ربي و غير شبهة من أمري أيها الناس إن الموت لا يفوته المقيم و لا يعجزه الهارب ليس عن الموت محيص و من لم يقتل يمت و إن أفضل الموت القتل و الذي نفسي بيده لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة على فراشي وا عجبا لطلحة ألب الناس على ابن عفان حتى إذا قتل أعطاني صفقته بيمينه طائعا ثم نكث بيعتي اللهم خذه و لا تمهله و إن الزبير نكث بيعتي و قطع رحمي و ظاهر على عدوي فاكفنيه اليوم بما شئت

143-  مد، ]العمدة[ صحيح البخاري بإسناده إلى الحسن بن أبي بكرة قال لقد نفعني الله بكلمة أيام الجمل لما بلغ النبي ص أن فارسا ملكوا ابنة كسرى فقال لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة

 و بإسناده أيضا عن عبد الله بن زياد الأسدي قال لما سار طلحة و الزبير و عائشة بعث علي ع إلى عمار بن ياسر و حسن بن علي فقدما علينا الكوفة فصعدا المنبر فكان الحسن فوق المنبر في أعلاه و قام عمار أسفل من الحسن فاجتمعنا إليه فسمعت عمارا يقول إن عائشة سارت إلى البصرة و الله إنها لزوجة نبيكم ص في الدنيا و الآخرة و لكن الله عز و جل ابتلاكم بها ليعلم إياه تطيعون أم هي

 و بإسناده عن حذيفة اليمان رضي الله عنه قال إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد رسول الله ص و كانوا يومئذ يسرون و اليوم يجهرون

144-  نهج، ]نهج البلاغة[ من كلامه ع لابنه محمد بن الحنفية لما أعطاه الراية يوم الجمل تزول الجبال و لا تزل عض على ناجذك أعر الله جمجمتك تد في الأرض قدمك ارم ببصرك أقصى القوم و غض بصرك و اعلم أن النصر من عند الله سبحانه

 بيان قوله ع تزول الجبال خبر فيه معنى الشرط فالمعنى إن زالت الجبال فلا تزل و النواجد أقصى الأضراس و قيل الأضراس كلها. و العض على الناجذ يستلزم أمرين. أحدهما رفع الرعدة و الاضطراب في حال الخوف كما يشاهد ذلك في حال البرد. و ثانيهما أن الضرب في الرأس لا يؤثر مع ذلك كما ذكر ع في موضع آخر و قال و عضوا على النواجذ فإنه أنبى للسيوف عن الهام فيحتمل أن يراد به شدة الحنق و الغيظ. قوله أعر الله أمر من الإعارة أي ابذلها في طاعة الله و الجمجمة عظم الرأس المشتمل على الدماغ. قيل و في ذلك إشعار بأنه لا يقتل في ذلك الحرب لأن العارية مردودة بخلاف ما لو قال بع الله جمجمتك. و هذا الوجه و إن كان لطيفا لكن الظاهر أن إطلاق الإعارة باعتبار الحياة عند ربهم و في جنة النعيم. قوله ع تد أي أثبتها في الأرض كالوتد قوله ع ارم ببصرك أي اجعل سطح نظرك أقصى القوم و لا تقصر نظرك على الأداني و احمل عليهم فإذا حملت و عزمت فلا تنظر إلى شوكتهم و سلاحهم و لا تبال ما أمامك. قوله ع و غض بصرك أي عن بريق السيوف و لمعانها لئلا يحصل خوف بسببه 145-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن الصلت عن ابن عقدة عن محمد بن جبارة عن سعاد بن سلمان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال شهد مع علي ع يوم الجمل ثمانون من أهل بدر و ألف و خمسمائة من أصحاب رسول الله ص

146-  الكافية لإبطال توبة الخاطئة عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي ع أن أمير المؤمنين واقف طلحة و الزبير في يوم الجمل و خاطبهما فقال في كلامه لهما لقد علم المستحفظون من آل محمد

 و في حديث آخر من أصحاب عائشة ابنة أبي بكر و ها هي ذه فاسألوها أن أصحاب الجمل ملعونون على لسان النبي ص و قد خاب من افترى فقال له طلحة سبحان الله تزعم أنا ملعونون و قد قال رسول الله ص عشرة من أصحابي في الجنة فقال أمير المؤمنين ع هذا حديث سعيد بن زيد بن نفيل في ولاية عثمان سموا إلى العشرة قال فسموا تسعة و أمسكوا عن واحد فقال لهم فمن العاشر قالوا أنت قال الله أكبر أما أنتم فقد شهدتم لي أني من أهل الجنة و أنا بما قلتما من الكافرين و الذي فلق الحبة و برأ النسمة لعهد النبي الأمي ص إلي أن في جهنم جبا فيه ستة من الأولين و ستة من الآخرين على رأس ذلك الجب صخرة إذا أراد الله تعالى أن يسعر جهنم على أهلها أمر بتلك الصخرة فرفعت إن فيهم أو معهم لنفرا ممن ذكرتم و إلا فأظفركم الله بي و إلا فأظفرني الله بكما و قتلكما بمن قتلتما من شيعتي

147-  ج، ]الإحتجاج[ عن سليم بن قيس الهلالي قال لما التقى أمير المؤمنين أهل البصرة يوم الجمل نادى الزبير يا أبا عبد الله اخرج إلي فخرج الزبير و معه طلحة فقال و الله إنكما لتعلمان و أولو العلم من آل محمد و عائشة بنت أبي بكر أن أصحاب الجمل ملعونون على لسان محمد ص و قد خاب من افترى قال الزبير كيف نكون ملعونين و نحن أهل الجنة فقال علي ع لو علمت أنكم من أهل الجنة لما استحللت قتالكم فقال له الزبير أ ما سمعت حديث سعيد بن عمرو بن نفيل و هو يروي أنه سمع رسول الله ص يقول عشرة من قريش في الجنة قال علي ع سمعته يحدث بذلك عثمان في خلافته فقال الزبير أ فتراه يكذب على رسول الله ص فقال علي ع لست أخبرك بشي‏ء حتى تسميهم قال الزبير أبو بكر و عمر و عثمان و طلحة و الزبير و عبد الرحمن بن عوف و سعد بن أبي وقاص و أبو عبيدة بن الجراح و سعيد بن عمرو بن نفيل فقال له علي ع عددت تسعة فمن العاشر قال أنت قال له علي ع قد أقررت لي بالجنة و أما ما ادعيت لنفسك و أصحابك فأنا به من الجاحدين الكافرين قال الزبير أ فتراه كذب على رسول الله ص قال ما أراه كذب و لكنه و الله اليقين و و الله إن بعض من ذكرت لفي تابوت في شعب في جب في أسفل درك من جهنم على ذلك الجب صخرة إذا أراد الله أن يسعر جهنم رفع تلك الصخرة سمعت ذلك من رسول الله ص و إلا أظفرك الله بي و سفك دمي على يديك و إلا أظفرني الله عليك و على أصحابك و عجل أرواحكم إلى النار فرجع الزبير إلى أصحابه و هو يبكي

148-  ج، ]الإحتجاج[ روى نصر بن مزاحم أن أمير المؤمنين ع حين وقع القتال و قتل طلحة تقدم على بغلة رسول الله ص الشهباء بين الصفين فدعا الزبير فدنا إليه حتى اختلف أعناق دابتيهما فقال يا زبير أنشدك بالله أ سمعت رسول الله ص يقول إنك ستقاتل عليا و أنت له ظالم قال اللهم نعم قال فلم جئت قال جئت لأصلح بين الناس فأدبر الزبير و هو يقول

ترك الأمور التي تخشى عواقبها لله أجمل في الدنيا و في الدين‏نادى علي بأمر لست أذكره إذ كان عمر أبيك الخير مذ حين‏فقلت حسبك من عذل أبا حسن فبعض ما قلته ذا اليوم يكفيني‏فاخترت عارا على نار مؤججة ما إن يقوم لها خلق من الطين‏أخاك طلحة وسط القوم منجدلا ركن الضعيف و مأوى كل مسكين‏قد كنت أنصر أحيانا و ينصرني في النائبات و يرمي من يراميني‏حتى ابتلينا بأمر ضاق مصدره فأصبح اليوم ما يعنيه يعنيني

قال فأقبل الزبير على عائشة فقال يا أمة و الله ما لي في هذا بصيرة و أنا منصرف قالت عائشة أبا عبد الله أ فررت من سيوف ابن أبي طالب فقال إنها و الله طوال حداد تحملها فتية أنجاد ثم خرج الزبير راجعا فمر بوادي السباع و فيه الأحنف بن قيس قد اعتزل في بني تميم فأخبر الأحنف بانصرافه فقال ما أصنع به إن كان الزبير لف بين غارين من المسلمين و قتل أحدهما بالآخر ثم هو يريد اللحاق بأهله فسمعه ابن جرموز فخرج هو و رجلان معه و قد كان لحق بالزبير رجل من كلب و معه غلامه فلما أشرف ابن جرموز و صاحباه على الزبير حرك الرجلان رواحلهما و خلفا الزبير وحده فقال لهما الزبير ما لكما هم ثلاثة و نحن ثلاثة فلما أقبل ابن جرموز قال له الزبير إليك عني فقال ابن جرموز يا أبا عبد الله إنني جئتك أسألك عن أمور الناس قال تركت الناس على الركب يضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف قال ابن جرموز يا أبا عبد الله أخبرني عن أشياء أسألك عنها قال هات قال أخبرني عن خذلك عثمان و عن بيعتك عليا و عن نقضك بيعته و عن إخراجك أم المؤمنين و عن صلاتك خلف ابنك و عن هذه الحرب الذي جنيتها و عن لحوقك بأهلك قال أما خذلي عثمان فأمر قدم الله فيه الخطيئة و أخر فيه التوبة و أما بيعتي عليا فلم أجد منها بدا إذ بايعه المهاجرون و الأنصار و أما نقضي بيعته فإنما بايعته بيدي دون قلبي و أما إخراجي أم المؤمنين فأردنا أمرا و أراد الله غيره و أما صلاتي خلف ابني فإن خالته قدمته فتنحى ابن جرموز و قال قتلني الله إن لم أقتلك

 توضيح قال ابن الأثير في مادة غور من كتاب النهاية في حديث علي ع يوم الجمل ما ظنك بامرئ جمع بين هذين الغارين أي الجيشين و الغار الجماعة هكذا أخرجه أبو موسى في الغين و الواو و ذكره الهروي في الغين و الياء و قال و منه حديث الأحنف قال في الزبير منصرفة من الجمل ما أصنع به إن كان جمع بين غارين ثم تركهم. و الجوهري ذكره في الواو و الواو و الياء متقاربان في الانقلاب

149-  ج، ]الإحتجاج[ روي أنه جي‏ء إلى أمير المؤمنين برأس الزبير و سيفه فتناول سيفه و قال طال ما جلى به الكرب عن وجه رسول الله ص و لكن الحين و مصارع السوء

 بيان الحين بالفتح الهلاك أي الهلاك المعنوي أو أجل الموت

150-  ج، ]الإحتجاج[ روي أنه ع لما مر على طلحة بين القتلى قال أقعدوه فأقعد فقال إنه كانت لك سابقة لكن الشيطان دخل منخريك فأوردك النار

151-  ج، ]الإحتجاج[ روي أنه مر عليه فقال هذا الناكث بيعتي و المنشئ للفتنة في الأمة و المجلب علي و الداعي إلى قتلي و قتل عترتي أجلسوا طلحة فأجلس فقال أمير المؤمنين ع يا طلحة بن عبيد الله لقد وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدت ما وعدك ربك حقا ثم قال أضجعوا طلحة و سار فقال بعض من كان معه يا أمير المؤمنين أ تكلم طلحة بعد قتله فقال أما و الله لقد سمع كلامي كما سمع أهل القليب كلام رسول الله ص يوم بدر و هكذا فعل ع بكعب بن سور لما مر به قتيلا و قال هذا الذي خرج علينا في عنقه المصحف يزعم أنه ناصر أمه يدعو الناس إلى ما فيه و هو لا يعلم ما فيه ثم استفتح وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ أما إنه دعا الله أن يقتلني فقتله الله

  -152  الكافية في إبطال توبة الخاطئة روى خالد بن مخلد عن زياد بن المنذر عن أبي جعفر عن آبائه ع قال مر أمير المؤمنين على طلحة و هو صريع فقال أجلسوه فأجلس فقال أم و الله لقد كانت لك صحبة و لقد شهدت و سمعت و رأيت و لكن الشيطان أزاغك و أمالك فأوردك جهنم

 أقول و أورد الأخبار السابقة بأسانيد عن الباقر ع و غيره تركناها حذرا عن الإطناب

153-  ج، ]الإحتجاج[ روي أن مروان بن الحكم هو الذي قتل طلحة بسهم رماه به و روي أيضا أن مروان يوم الجمل كان يرمي بسهامه في العسكرين معا و يقول من أصبت منهما فهو فتح لقلة دينه و تهمته للجميع و قيل إن اسم الجمل الذي ركبته يوم الجمل عائشة عسكر و رئي منه ذلك اليوم كل عجب لأنه كلما أبين منه قائمة من قوائمه ثبت على أخرى حتى نادى أمير المؤمنين اقتلوا الجمل فإنه شيطان و تولى محمد بن أبي بكر و عمار بن ياسر رحمة الله عليهما عقره بعد طول دعائه

154-  ج، ]الإحتجاج[ روي عن الباقر ع أنه قال لما كان يوم الجمل و قد رشق هودج عائشة بالنبل قال علي ع و الله ما أراني إلا مطلقها فأنشد الله رجلا سمع من رسول الله ص يقول يا علي أمر نسائي بيدك من بعدي لما قام فشهد فقام ثلاثة عشر رجلا فيهم بدريان فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله ص يقول يا علي أمر نسائي بيدك من بعدي قال فبكت عائشة عند ذلك حتى سمعوا بكاءها فقال علي ع لقد أنبأني رسول الله ص بنبإ و قال يا علي إن الله يمدك بخمسة آلاف من الملائكة مسومين

 بيان رشقه رماه بالسهام و النبل السهام العربية و لا واحد لها من لفظها فلا يقال نبلة ذكرهما في النهاية

155-  ج، ]الإحتجاج[ عن الأصبغ بن نباتة قال كنت واقفا مع أمير المؤمنين ع يوم الجمل فجاء رجل حتى وقف بين يديه فقال يا أمير المؤمنين كبر القوم و كبرنا و هلل القوم و هللنا و صلى القوم و صلينا فعلى ما نقاتلهم فقال أمير المؤمنين على ما أنزل الله عز و جل في كتابه فقال يا أمير المؤمنين ليس كلما أنزل الله في كتابه أعلمه فعلمنيه فقال ع ما أنزل الله في سورة البقرة فقال يا أمير المؤمنين ليس كلما أنزل الله في سورة البقرة أعلمه فعلمنيه فقال ع هذه الآية تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ فنحن الذي آمنا و هم الذين كفروا فقال الرجل كفر القوم و رب الكعبة ثم حمل فقاتل حتى قتل رحمه الله

  -156  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن علي بن خالد عن الحسن بن علي الكوفي عن القاسم بن محمد الدلال عن يحيى بن إسماعيل المزني عن جعفر بن علي عن علي بن هاشم عن بكير بن عبيد الله الطويل و عمار بن أبي معاوية قالا حدثنا أبو عثمان البجلي مؤذن بني قصي قال بكير أذن لنا أربعين سنة قال سمعت عليا ع يقول يوم الجمل وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ثم حلف حين قرأها أنه ما قوتل أهلها منذ نزلت حتى اليوم قال بكير فسألت عنها أبا جعفر ع فقال صدق الشيخ هكذا قال علي ع هكذا كان

157-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الحسن بن عبد الله المرزباني عن أبي دريد عن إسحاق بن عبد الله الطلحي قال قال الأصمعي ولى عمر بن الخطاب كعب بن سور قضاء البصرة و كان سبب ذلك أنه حضر مجلس عمر فجاءت امرأة فقالت يا أمير المؤمنين إن زوجي صوام قوام فقال عمر إن هذا الرجل صالح ليتني كنت كذا فردت عليه القول فقال عمر كما قال فقال كعب بن سور الأزدي يا أمير المؤمنين إنها تشكو زوجها بخير و لكن تقول إنها لا حظ لها منه فقال علي بزوجها فأتي به فقال ما بالها تشكوك و ما رأيت أكرم شكوى منها قال له أمير المؤمنين إني امرؤ أفزعني ما قد نزل في الحجر و النحل و في السبع الطوال فقال له كعب إن لها عليك حقا يا بعل فأوفها الحق و صم و صل فقال عمر لكعب اقض بينهما قال نعم أحل الله للرجال أربعا فأوجب لكل واحدة ليلة فلها من كل أربع ليال ليلة و يصنع بنفسه في الثلاث ما شاء فألزمه ذلك و قال عمر لكعب اخرج قاضيا على البصرة فلم يزل عليها حتى قتل عثمان فلما كان يوم الجمل خرج مع أهل البصرة و في عنقه مصحف فقتل هو يومئذ و ثلاثة إخوة له أو أربعة فجاءت أمهم فوجدتهم في القتلى فحملتهم و جعلت تقول

أيا عين أبكي بدمع سرب على فتية من خيار العرب‏فما ضرهم غير حين النفوس و أي امرئ لقريش غلب

158-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن علي بن محمد الكاتب عن الحسن بن علي الزعفراني عن الثقفي عن إبراهيم بن عمر قال حدثني أبي عن أخيه عن بكر بن عيسى قال لما اصطفت الناس للحرب بالبصرة خرج طلحة و الزبير في صف أصحابهما فنادى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الزبير بن العوام فقال له يا أبا عبد الله ادن مني لأفضي إليك بسر عندي فدنا منه حتى اختلفت أعناق فرسيهما فقال أمير المؤمنين نشدتك الله إن ذكرتك شيئا فذكرته أ ما تعترف به فقال له نعم فقال أ ما تذكر يوما كنت مقبلا علي بالمدينة تحدثني إذ خرج رسول الله ص فرآك معي و أنت تبسم إلي فقال لك يا زبير أ تحب عليا فقلت و كيف لا أحبه و بيني و بينه من النسب و المودة في الله ما ليس لغيره فقال إنك ستقاتله و أنت له ظالم فقلت أعوذ بالله من ذلك فنكس الزبير رأسه ثم قال إني أنسيت هذا المقام فقال له أمير المؤمنين دع هذا أ فلست بايعتني طائعا قال بلى قال أ فوجدت مني حدثا يوجب مفارقتي فسكت ثم قال لا جرم و الله لا قاتلتك و رجع متوجها نحو البصرة فقال له طلحة ما لك يا زبير ما لك تنصرف عنا سحرك ابن أبي طالب فقال لا و لكن ذكرني ما كان أنسانيه الدهر و احتج علي ببيعتي له فقال له طلحة لا و لكن جبنت و انتفخ سحرك فقال الزبير لم أجبن و لكن اذكرت فذكرت فقال له عبد الله يا أبة جئت بهذين العسكرين العظيمين حتى إذا اصطفا للحرب قلت أ تركهما و انصرف فما تقول قريش غدا بالمدينة الله الله يا أبت لا تشمت الأعداء و لا تشن نفسك بالهزيمة قبل القتال قال يا بني ما أصنع و قد حلفت له بالله أن لا أقاتله قال له فكفر عن يمينك و لا تفسد أمرنا فقال الزبير عبدي مكحول حر لوجه الله كفارة ليميني ثم عاد معهم للقتال فقال همام الثقفي في فعل الزبير و ما فعل و عتقه عبده في قتال علي ع

أ يعتق مكحولا و يعصي نبيه لقد تاه عن قصد الهدى ثم عوق‏أ ينوي بهذا الصدق و البر و التقى سيعلم يوما من يبر و يصدق‏لشتان ما بين الضلال و الهدى و شتان من يعصي النبي و يعتق‏و من هو في ذات الإله مشمر يكبر برا ربه و يصدق‏أ في الحق أن يعصي النبي سفاهة و يعتق من عصيانه و يطلق‏كدافق ماء للسراب يؤمه إلا في ضلال ما يصب و يدفق

159-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن عمر بن محمد الصيرفي عن محمد بن القاسم عن جعفر بن عبد الله المحمدي عن يحيى بن الحسن بن فرات عن المسعودي عن الحارث بن حصيرة عن أبي محمد العنزي قال حدثني ابن عمي أبو عبد الله العنزي قال أنا لجلوس مع علي بن أبي طالب ع يوم الجمل إذ جاءه الناس يهتفون به يا أمير المؤمنين لقد نالنا النبل و النشاب فسكت ثم جاء آخرون فذكروا مثل ذلك فقالوا قد جرحنا فقال علي ع يا قوم من يعذرني من قوم يأمرونني بالقتال و لم ينزل بعد الملائكة فقال العنزي أنا لجلوس و ما نرى ريحا و لا نحسها إذ هبت ريح طيبة من خلفنا و الله لوجدت بردها بين كتفي من تحت الدرع و الثياب قال فلما هبت صب أمير المؤمنين درعه ثم قام إلى القوم فما رأيت فتحا كان أسرع منه

160-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ عن أبي عبد الله الغنوي مثله

161-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن علي بن محمد بن مخلد عن عباد بن سعيد الجعفي عن محمد بن عثمان بن أبي البهلول عن صالح بن أبي الأسود عن هاشم بن البريد عن أبي سعيد التيمي عن ثابت مولى أبي ذر رحمه الله قال شهدت مع علي يوم الجمل فلما رأيت عائشة واقفة دخلني من الشك بعض ما يدخل الناس فلما زالت الشمس كشف الله ذلك عني فقاتلت مع أمير المؤمنين ثم أتيت بعد ذلك أم سلمة زوج النبي ص و رحمها الله فقصصت عليها قصتي فقالت كيف صنعت حين طارت القلوب مطايرها قال قلت إلى أحسن ذلك و الحمد لله كشف الله عز و جل عني ذلك عند زوال الشمس فقاتلت مع أمير المؤمنين قتالا شديدا فقالت أحسنت سمعت رسول الله ص يقول علي مع القرآن و القرآن معه لا يفترقان حتى يردا علي الحوض

  -162  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن محمد بن جرير الطبري عن محمد بن عمارة الأسدي عن عمرو بن حماد بن طلحة عن علي بن هاشم بن البريد عن أبيه عن أبي سعيد عن ثابت مثله

 بيان قوله إلى أحسن ذلك أي آل أمري و رجع إلى أحسن الأمور و الأحوال. أقول قد سبق خبر اليهودي الذي سأل أمير المؤمنين عما فيه من خصال الأنبياء

163-  شا، ]الإرشاد[ من كلام أمير المؤمنين ع عند تطوافه على القتلى هذه قريش جدعت أنفي و شفيت نفسي فقد تقدمت إليكم أحذركم عض السيف و كنتم أحداثا لا علم لكم بما ترون و لكنه الحين و سوء المصرع و أعوذ بالله من سوء المصرع ثم مر على معبد بن المقداد فقال رحم الله أبا هذا أما إنه لو كان حيا لكان رأيه أحسن من رأي هذا فقال عمار بن ياسر الحمد لله الذي أوقعه و جعل خده الأسفل أنا و الله يا أمير المؤمنين لا نبالي من عند عن الحق من والد و ولد فقال أمير المؤمنين ع رحمك الله و جزاك عن الحق خيرا قال و مر بعبد الله بن ربيعة بن دراج و هو في القتلى و قال هذا البائس ما كان أخرجه أ دين أخرجه أم نصر لعثمان و الله ما كان رأي عثمان فيه و لا في أبيه بحسن ثم مر بمعبد بن زهير بن أبي أمية فقال لو كانت الفتنة برأس الثريا لتناولها هذا الغلام و الله ما كان فيها بذي نخيرة و لقد أخبرني من أدركه و إنه ليولول فرقا من السيف ثم مر بمسلم بن قرظة فقال البر أخرج هذا و الله لقد كلمني أن أكلم له عثمان في شي‏ء كان يدعيه قبله بمكة فأعطاه عثمان و قال لو لا أنت ما أعطيته إن هذا ما علمت بئس أخو العشيرة ثم جاء المشوم للحين ينصر عثمان ثم مر بعبد الله بن حميد بن زهير فقال هذا أيضا ممن أوضع في قتالنا زعم يطلب الله بذلك و لقد كتب إلي كتبا يؤذي عثمان فيها فأعطاه شيئا فرضي عنه ثم مر بعبد الله بن حكيم بن حزام فقال هذا خالف أباه في الخروج و أبوه حين لم ينصرنا قد أحسن في بيعته لنا و إن كان قد كف و جلس حين شك في القتال ما ألوم اليوم من كف عنا و عن غيرنا و لكن المليم الذي يقاتلنا ثم مر بعبد الله بن أبي عثمان بن الأخنس بن شريق فقال أما هذا فقتل أبوه يوم قتل عثمان في الدار فخرج مغضبا لقتل أبيه و هو غلام حدث جبن لقتله ثم مر بعبد الله بن أبي عثمان بن الأخنس بن شريق فقال أما هذا فكأني أنظر إليه و قد أخذت القوم السيوف هاربا يعدو من الصف فنهنهت عنه فلم يسمع من نهنهت حتى قتله و كان هذا مما خفي على فتيان قريش أغمار لا علم لهم بالحرب خدعوا و استنزلوا فلما وقفوا لحجوا فقتلوا ثم مشى قليلا فمر بكعب بن سور فقال هذا الذي خرج علينا في عنقه المصحف يزعم أنه ناصر أمة يدعو الناس إلى ما فيه و هو لا يعلم ما فيه ثم استفتح فخاب كل جبار عنيد أما إنه دعا الله أن يقتلني فقتله الله أجلسوا كعب بن سور فأجلس فقال له أمير المؤمنين ع يا كعب لقد وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدت ما وعدك ربك حقا ثم قال أضجعوا كعبا و مر على طلحة بن عبيد الله فقال هذا الناكث بيعتي و المنشئ الفتنة في الأمة و المجلب علي و الداعي إلى قتلي و قتل عترتي أجلسوا طلحة بن عبيد الله فأجلس فقال له أمير المؤمنين يا طلحة قد وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدت ما وعدك ربك حقا ثم قال أضجعوا طلحة و سار فقال له بعض من كان معه يا أمير المؤمنين أ تكلم كعبا و طلحة بعد قتلهما فقال أم و الله لقد سمعا كلامي كما سمع أهل القليب كلام رسول الله ص يوم بدر

 إيضاح جدعت أنفي أي لم أكن أحب قتل هؤلاء و هم من قبيلتي و عشيرتي و لكن اضطررت إلى ذلك. قوله بذي نخيرة النخير صوت بالأنف أي كان يقيم الفتنة لكن لم يكن له بعد قيامها صوت و حركة بل كان يخاف و يولول يقال ولولت المرأة إذا اعولت و ما علمت أي فيما علمت و في علمي ممن أوضع على بناء المعلوم أي ركض دابته و أسرع أو على بناء المجهول قال الجوهري يقال وضع الرجل في تجارته و أوضع على ما لم يسم فاعله فيهما أي خسر فنهنهت عنه أي كففت و زجرت. و كان هذا مما خفي علي أي لم أعلم بوقت قتله. فتيان قريش مبتدأ و الأغمار خبره و هو جمع الغمر بالضم و بضمتين و هو الذي لم يجرب الأمور ذكره الجوهري و قال لحج السيف و غيره بالكسر يلحج لحجا أي نشب في الغمد فلا يخرج و مكان لحج أي ضيق. ثم استفتح إشارة إلى قوله تعالى وَ اسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ أي سألوا من الله الفتح على أعدائهم أو القضاء بينهم و بين أعدائهم من الفتاحة

164-  كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان بن عثمان عن أبي حمزة الثمالي قال قلت لعلي بن الحسين ع إن عليا ع سار في أهل القبلة بخلاف سيرة رسول الله ص في أهل الشرك قال فغضب ثم جلس ثم قال سار فيهم و الله بسيرة رسول الله ص يوم الفتح إن عليا كتب إلى مالك و هو على مقدمته يوم البصرة بأن لا يطعن في غير مقبل و لا يقتل مدبرا و لا يجهز على جريح و من أغلق بابه فهو آمن فأخذ الكتاب فوضعه بين يديه على القربوس من قبل أن يقرأه ثم قال اقتلوا فقتلهم حتى أدخلهم سكك البصرة ثم فتح الكتاب فقرأه ثم أمر مناديا فنادى بما في الكتاب

165-  ني، ]الغيبة للنعماني[ محمد بن همام عن أحمد بن مابندار عن أحمد بن هليل عن ابن أبي عمير عن أبي المغراء عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع لما التقى أمير المؤمنين ع و أهل البصرة نشر الراية راية رسول الله ص فتزلزلت أقدامهم فما اصفرت الشمس حتى قالوا آمنا يا ابن أبي طالب فعند ذلك قال لا تقتلوا الأسراء و لا تجهزوا على جريح و لا تتبعوا موليا و من ألقى سلاحه فهو آمن و من أغلق بابه فهو آمن و لما كان يوم صفين سألوه نشر الراية فأبى عليهم فتحملوا عليه بالحسن و الحسين و عمار بن ياسر فقال للحسن يا بني إن للقوم مدة يبلغونها و إن هذه راية لا ينشرها بعدي إلا القائم ع

  -166  د، ]العدد القوية[ في تاريخ المفيد في النصف من جمادى الأول سنة ست و ثلاثين من الهجرة كان فتح البصرة و نزول النصر من الله تعالى على أمير المؤمنين ع و في كتاب التذكرة في هذه السنة أظهر معاوية الخلافة و فيها بايع جارية بن قدامة السعدي لعلي بالبصرة و هرب منها عبد الله بن عامر و فيها لحق الزبير بمكة و كانت عائشة معتمرة فأشار عليهم ابن عامر بقصد البصرة و جهزهم بألف ألف درهم و مائة بعير و قدم يعلى بن منية من البصرة فأعانهم بمائة ألف درهم و بعث إلى عائشة بالجمل الذي اشتراه بمائتي دينار و سار علي ع إليهم و كان معه سبعمائة من الصحابة و فيهم أربعمائة من المهاجرين و الأنصار منهم سبعون بدريا و كانت وقعة الجمل بالخريبة يوم الخميس لخمس خلون من جمادى الآخرة قتل فيها طلحة و قتل فيها محمد بن طلحة و كعب بن سور و أوقف على الزبير ما سمعه من النبي ص و هو أنك تحاربه و أنت ظالم فقال أ ذكرتني ما أنسانيه الدهر و انصرف راجعا فلحقه عمرو بن جرموز بوادي السباع و هو قائم يصلي فطعنه فقتله و هو ابن خمس و سبعين سنة و قيل إن عدة من قتل من أصحاب الجمل ثلاثة عشر ألفا و من أصحاب علي أربعة آلاف أو خمسة آلاف و سار أمير المؤمنين ع إلى الكوفة و استخلف على البصرة عبد الله بن عباس و سير عائشة إلى المدينة و في هذه السنة صالح معاوية الروم على مال حمله إليهم لشغله بحرب علي ع

167-  نهج، ]نهج البلاغة[ و من كلام له ع لما مر بطلحة و عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد و هما قتيلان يوم الجمل لقد أصبح أبو محمد بهذا المكان غريبا أما و الله لقد كنت أكره أن تكون قريش قتلى تحت بطون الكواكب أدركت و ترى من بني عبد مناف و أفلتتني أعيان بني جمح لقد أتلعوا أعناقهم إلى أمر لم يكونوا أهله فوقصوا دونه

 بيان عبد الرحمن من التابعين و أبوه كان أمير مكة في زمن الرسول ص و الوتر الجناية التي يجنيها الرجل على غيره من قتل أو نهب أو سبي. و أعيان بني جمح في بعض النسخ بالراي أي ساداتهم أو جمع عير بمعنى الحمار و هو ذم لجماعة من بني جمح حضروا الجمل و هربوا و لم يقتل منهم إلا اثنان و أتلعوا أعناقهم أي رفعوها و الوقص كسر العنق يقال واقص الرجل فهو موقوص 168-  و قال ابن أبي الحديد ركبت عائشة يوم الحرب الجمل المسمى عسكرا في هودج قد ألبس الرفوف ثم ألبس جلود النمر ثم ألبس فوق ذلك دروع الحديد و روى الشعبي عن مسلم بن أبي بكرة عن أبيه قال لما قدم طلحة و الزبير البصرة تقلدت سيفي و أنا أريد نصرهما فدخلت على عائشة و إذا هي تأمر و تنهى و إذا الأمر أمرها فذكرت حديثا كنت سمعته من رسول الله ص لن يفلح قوم يدبر أمرهم امرأة فانصرفت و اعتزلتهم و قد روي هذا الخبر على صورة أخرى إن قوما يخرجون بعدي في فئة رأسها امرأة لا يفلحون أبدا و كان الجمل لواء عسكر البصرة لم يكن لواء غيره فلما تواقف الجمعان قال علي ع لا تقاتلوا القوم حتى يبدءوكم فإنكم بحمد الله على حجة و كفكم عنهم حتى يبدءوكم حجة أخرى و إذا قاتلتموهم فلا تجهزوا على جريح فإذا هزمتموهم فلا تتبعوا مدبرا و لا تكشفوا عورة و لا تمثلوا بقتيل و إذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا و لا تدخلوا دارا و لا تأخذوا من أموالهم شيئا و لا تهيجوا امرأة بأذى و إن شتمن أعراضكم و سببن أمراءكم و صلحاءكم فإنهن ضعفاء القوى و الأنفس و العقول و لقد كنا نؤمر بالكف عنهن و إنهن لمشركات و إن كان الرجل ليتناول المرأة بالهراوة و الجريدة فيعير بها و عقبه من بعده قال و قتل بنو ضبة حول الجمل فلم يبق فيهم إلا من لا نفع عنده و أخذت الأزد بخطامه فقالت عائشة من أنتم قالوا الأزد قالت صبرا فإنما يصبر الأحرار و رمي الجمل بالنبل حتى صارت القبة عليه كهيئة القنفذ فقال علي ع لما فني الناس على خطام الجمل و قطعت الأيدي و سالت النفوس ادعوا لي الأشتر و عمارا فجاءا فقال اذهبا فاعقرا هذا الجمل فإنهم قد اتخذوه قبلة فذهبا و معهما فتيان من مراد يعرف أحدهما بعمر بن عبد الله فما زالا يضربان الناس حتى خلصا إليه فضربه المرادي على عرقوبيه فأقعى و له رغاء ثم وقع لجنبه و فر الناس من حوله فنادى علي اقطعوا أنساع الهودج ثم قال لمحمد بن أبي بكر اكفني أختك فحملها محمد حتى أنزلها دار عبد الله بن خلف الخزاعي

169-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه و القاساني جميعا عن الأصبهاني عن المنقري عن فضيل بن عياض عن أبي عبد الله قال قال أمير المؤمنين يوم البصرة نادى فيهم لا تسبوا لهم ذرية و لا تجهزوا على جريح و لا تتبعوا مدبرا و من أغلق بابه و ألقى سلاحه فهو آمن

170-  أقول قال السيد بن طاوس في كتاب سعد السعود نقلا من كتاب ما نزل من القرآن في علي برواية أبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال حدثنا عبد الله بن محمد بن ياسين عن محمد بن الكند عن عبيد الله بن موسى عن أسباط بن عروة عن سعيد بن كرز قال كنت مع مولاي يوم الجمل مع اللواء فأقبل فارس فقال يا أم المؤمنين قالت عائشة سلوه من هو قيل له من أنت قال أنا عمار بن ياسر قالت قولوا له ما تريد قال أنشدك بالله الذي أخرج الكتاب على نبيه ص في بيتك أ تعلمين أن رسول الله جعل عليا وصيه على أهله قالت اللهم نعم

171-  كا، ]الكافي[ العدة عن سهل و محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد و علي عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن حماد بن عيسى عن سوار عن الحسن قال إن عليا ع لما هزم طلحة و الزبير أقبل الناس منهزمين فمروا بامرأة حامل على ظهر الطريق ففزعت منهم فطرحت ما في بطنها حيا فاضطرب حتى مات ثم ماتت أمه من بعده فمر بها علي ع و أصحابه و هي مطروحة و ولدها على الطريق فسألهم عن أمرها فقالوا له إنها كانت حبلى ففزعت حين رأت القتال و الهزيمة قال فسألهم أيهما مات قبل صاحبه فقيل إن ابنها مات قبلها قال فدعا بزوجها أبي الغلام الميت فورثه من ابنه ثلثي الدية و ورث أمه ثلث الدية ثم ورث الزوج أيضا من المرأة نصف ثلث الدية الذي ورثته من ابنها و ورث قرابة المرأة الميتة الباقي ثم ورث الزوج أيضا من دية امرأته الميتة نصف الدية و هو ألفان و خمسمائة درهم و ورث قرابة المرأة الميتة نصف الدية و هو ألفان و خمسمائة درهم و ذلك أنه لم يكن لها ولد غير الذي رمت به حين فزعت قال و أدى ذلك كله من بيت مال البصرة

 أقول شرح الخبر لا يناسب هذا المقام و قد شرحناه في موضعه

 وجدت في كتاب سليم بن قيس قال أبان سمعت سليما يقول شهدت يوم الجمل عليا ع و كنا اثني عشر ألفا و كان أصحاب الجمل زيادة على عشرين و مائة ألف و كان مع علي ع من المهاجرين و الأنصار نحو من أربعة آلاف ممن شهد مع رسول الله ص بدرا و الحديبية و مشاهده و سائر الناس من أهل الكوفة إلا من تبعه من أهل البصرة و الحجاز ليست له هجرة ممن أسلم بعد الفتح و جل الأربعة آلاف من الأنصار و لم يكره أحدا على البيعة و لا على القتال إنما ندبهم فانتدبوا من أهل بدر سبعون و مائة رجل و جلهم من الأنصار ممن شاهد أحدا و الحديبية و لم يتخلف عنه أحد و ليس أحد من المهاجرين و الأنصار إلا و هواه معه يتولونه و يدعون له بالظفر و النصر و يحبون ظهوره على من ناواه و لم يخرجهم و لا يضيق عليهم و قد بايعوه و ليس كل أناس يقاتل في سبيل الله و الطاعن عليه و المتبرئ منه قليل مستتر عنه مظهر له الطاعة غير ثلاثة رهط بايعوه ثم شكوا في القتال معه و قعدوا في بيوتهم و هم محمد بن مسلمة و سعد بن أبي وقاص و ابن عمر و أما أساتر بن زيد فقد سلم بعد ذلك و رضي و دعا لعلي ع و استغفر له و بري‏ء من عدوه و شهد أنه على الحق و من خالفه ملعون حلال الدم

 قال أبان قال سليم لما التقى أمير المؤمنين ع و أهل البصرة يوم الجمل نادى علي ع الزبير يا أبا عبد الله اخرج إلي فقال له أصحابه يا أمير المؤمنين تخرج إلى الزبير الناكث بيعته و هو على فرس شاك في السلاح و أنت على بغلة بلا سلاح فقال علي ع إن علي جنة واقية لن يستطيع أحد فرارا من أجله و إني لا أموت و لا أقتل إلا على يدي أشقاها كما عقر ناقة الله أشقى ثمود فخرج إليه الزبير فقال أين طلحة ليخرج فخرج طلحة فقال نشدتكما الله أ تعلمان و أولو العلم من آل محمد و عائشة بنت أبي بكر أن أصحاب الجمل و أهل النهر ملعونون على لسان محمد و قد خاب من افترى فقال الزبير كيف نكون ملعونين و نحن من أهل الجنة قال علي ع لو علمت أنكم من أهل الجنة لما استحللت قتالكم فقال الزبير أ ما سمعت رسول الله ص يقول يوم أحد أوجب طلحة الجنة و من أراد أن ينظر إلى شهيد يمشي على الأرض حيا فلينظر إلى طلحة أ و ما سمعت رسول الله ص يقول عشرة من قريش في الجنة فقال علي ع فسمهم فقال فلان و فلان و فلان حتى عد تسعة فيهم أبو عبيدة بن الجراح و سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل فقال علي ع عددت تسعة فمن العاشر قال الزبير أنت فقال أما أنت فقد أقررت أني من أهل الجنة و أما ما ادعيت لنفسك و أصحابك فإني به لمن الجاحدين و الله إن بعض من سميت لقي تابوت في جب في أسفل درك من جهنم على ذلك الجب صخرة إذا أراد الله أن يسعر جهنم رفع تلك الصخرة فأسعر جهنم سمعت ذلك من رسول الله ص و إلا أظفرك الله بي و سفك دمي بيدك و إلا فأظفرني الله بك و أصحابك فرجع الزبير إلى أصحابه و هو يبكي ثم أقبل على طلحة فقال يا طلحة معكما نساؤكما قال لا قال عمدتما إلى امرأة موضعها في كتاب الله القعود في بيتها فأبرزتماها و صنتما حلائلكما في الخيام و الحجال ما أنصفتما رسول الله ص قد أمر الله أن لا يكلمن إلا من وراء حجاب أخبرني من صلاة ابن الزبير بكما أ ما يرضى أحدكما بصاحبه أخبرني عن دعائكما الأعراب إلى قتالي ما يحملكما على ذلك فقال طلحة يا هذا كنا في الشورى ستة مات منا واحد و قتل آخر فنحن اليوم أربعة كلنا لك كاره فقال له علي ع ليس ذاك علي قد كنا في الشورى و الأمر في يد غيرنا و هو اليوم في يدي أ رأيت لو أردت بعد ما بايعت عثمان أن أرد هذا الأمر شورى أ كان ذلك لي قال لا قال و لم قال لأنك بايعت طائعا فقال علي ع و كيف ذلك و الأنصار معهم السيوف مخترطة يقولون لأن فرغتم و بايعتم واحدا منكم و إلا ضربنا أعناقكم أجمعين فهل قال لك و لأصحابك أحد شيئا من هذا وقت ما بايعتماني و حجتي في الاستكراه في البيعة أوضح من حجتك و قد بايعتني أنت و أصحابك طائعين غير مكرهين و كنتما أول من فعل ذلك و لم يقل أحد لتبايعان أو لنقتلكما فانصرف طلحة و نشب القتال فقتل طلحة و انهزم الزبير

 بيان قوله أ كان ذلك بي أي بحسب معتقدكم أو هل كانوا يسمعون مني ذلك. و اعلم أن الدلائل على بطلان ما ادعوا من ورود الحديث ببشارة العشرة أنهم من أهل الجنة كثيرة قد مر بعضها و كفى بإنكاره ع و رده في بطلانه و مقاتلة بعضهم معه ع أدل دليل على بطلانه للأخبار المتواترة بين الفريقين عن النبي ص كقوله ع لا يبغضك إلا منافق و قوله حربك حربي و غير ذلك مما مر و سيأتي في المجلد التاسع و العشرة بزعمهم أمير المؤمنين ع و أبو بكر و عمر و عثمان و طلحة و الزبير و سعد بن أبي وقاص و سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي و عبد الرحمن بن عوف و أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح على التسعة اللعنة. تذنيب قال أبو الصلاح رحمه الله في تقريب المعارف تناصر الخبر من طريقي الشيعة و أصحاب الحديث بأن عثمان و طلحة و الزبير و سعدا و عبد الرحمن من جملة أصحاب العقبة الذين نفروا برسول الله ص و أن عثمان و طلحة القائلان أ ينكح محمد نساءنا و لا تنكح نساءه و الله لو قد مات لأجلنا على نسائه بالسهام. و قول طلحة لأتزوجن أم سلمة فأنزل الله سبحانه وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً. و قول عثمان لطلحة و قد تنازعا و الله إنك أول أصحاب محمد تزوج بيهودية فقال طلحة و أنت و الله لقد قلت ما يحبسنا هاهنا إلا نلحق بقومنا. و قد روي من طريق موثوق به ما يصحح قول عثمان لطلحة فروي أن طلحة عشق يهودية فخطبها ليتزوجها فأبت إلا أن يتهود ففعل و قدحوا في نسبه بأن أباه عبيد الله كان عبدا راعيا بالبلقاء فلحق بمكة فادعاه عثمان بن عمرو بن كعب التيمي فنكح الصعبة بنت دزمهر الفارسي و كان بعث به كسرى إلى اليمن فكان بحضرموت خرازا. و أما الزبير فكان أبوه ملاحا بجدة و كان جميلا فادعاه خويلد و زوجه عبد المطلب صفية. و قال العلامة قدس الله روحه في كشف الحق و مؤلف كتاب إلزام النواصب و صاحب كتاب تحفة الطالب ذكر أبو المنذر هشام بن محمد الكلبي من علماء الجمهور أن من جملة البغايا و ذوات الرايات صعبة بنت الحضرمي كانت لها راية بمكة و استبضعت بأبي سفيان فوقع عليها أبو سفيان و تزوجها عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم فجاءت بطلحة بن عبيد الله لستة أشهر فاختصم أبو سفيان و عبيد الله في طلحة فجعلا أمرهما إلى صعبة فألحقته بعبيد الله فقيل لها كيف تركت أبا سفيان فقالت يد عبيد الله طلقة و يد أبي سفيان نكرة. و قال العلامة في كشف الحق أيضا و ممن كان يلعب به و يتخنث عبيد الله أبو طلحة فهل يحل لعاقل المخاصمة مع هؤلاء لعلي ع انتهى. و قال مؤلف كتاب إلزام النواصب و صاحب تحفة الطالب قد ورد أن العوام كان عبدا لخويلد ثم أعتقه و تبناه و لم يكن من قريش و ذلك أن العرب في الجاهلية كان إذا كان لأحدهم عبد و أراد أن ينسب إلى نفسه و يلحق به نسبه أعتقه و زوجه كريمة من العرب فيلحق بنسبه و كان هذا من سنن العرب. و يصدق ذلك شعر عدي بن حاتم في عبد الله بن الزبير بحضرة معاوية و عنده جماعة قريش و فيهم عبد الله بن الزبير فقال عبد الله لمعاوية يا أمير المؤمنين ذرنا نكلم عديا فقد زعم أن عنده جوابا فقال إني أحذركموه فقال لا عليك دعنا و إياه فرضي معاوية فقال يا أبا طريف متى فقئت عينك فقال يوم فر أبوك و قتل شر قتلة و ضربك الأشتر على استك فوقعت هاربا من الزحف و أنشد يقول 

أما و أبي يا ابن الزبير لو أنني لقيتك يوم الزحف رمت مدى شحطا.و كان أبي في طي‏ء و أبو أبي صحيحين لم ينزع عروقهما القبطا.

 قال معاوية قد حذرتكموه فأبيتم. و قوله صحيحين لم ينزع عروقهما القبطا تعريض بابن الزبير بأن أباه و أبا أبيه ليسا بصحيحي النسب و أنهما من القبط و لم يستطع ابن الزبير إنكار ذلك في مجلس معاوية. أقول و روى صاحب كتاب تحفة الطالب الأبيات هكذا

أما و أبي يا ابن الزبير لو أنني لقيتك يوم الزحف ما رمت لي سخطا.و لو رمت شقي عند عدل قضاؤه لرمت به يا ابن الزبير مدى شحطا