باب 8- التذكية و أنواعها و أحكامها

 الآيات البقرة إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً إلى قوله فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا يَفْعَلُونَ المائدة حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ الأنعام فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ وَ ما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ و قال تعالى وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ وَ إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ و قال تعالى وَ أَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ و قال تعالى أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ الحج لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ و قال تعالى وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها الكوثر فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ. تفسير أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ظاهره أن البقرة مذبوحة لا منحورة قال الطبرسي رحمه الله الذبح فري الأوداج و ذلك في البقر و الغنم و النحر في الإبل و لا يجوز فيها عندنا غير ذلك و فيه خلاف بين الفقهاء

 و قيل للصادق ع إن أهل مكة يذبحون   البقرة في اللبة فما ترى في أكل لحمها فسكت هنيئة ثم قال قال الله فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا يَفْعَلُونَ لا تأكل إلا من ذبح من مذبحه

أقول و قد مضى تفسير آية المائدة و تدل على وجوب التذكية و حرمة ما ذكي بغير اسم الله من الأصنام و غيرها و سيأتي في الأخبار تفسيرها. فَكُلُوا قال الطبرسي رحمه الله إن المشركين لما قالوا للمسلمين أ تأكلون ما قتلتم أنتم و لا تأكلون ما قتل ربكم فكأنه سبحانه قال لهم أعرضوا عن جهلكم فكلوا و المراد به الإباحة و إن كانت الصيغة صيغة الأمر مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يعني ذكر الله عند ذبحه دون الميتة و ما ذكر عليه اسم الأصنام و الذكر هو قول بسم الله و قيل هو كل اسم يختص الله سبحانه به أو صفة تختصه كقول باسم الرحمن أو باسم القديم أو باسم القادر لنفسه أو العالم لنفسه و ما يجري مجراه و الأول مجمع على جوازه و الظاهر يقتضي جواز غيره لقوله سبحانه قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى. إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ يعني إن كنتم مؤمنين بأن عرفتم الله و رسوله و صحة ما أتاكم به من عند الله فكلوا ما أحل دون ما حرم و في هذه الآية دلالة على وجوب التسمية على الذبيحة و على أن ذبائح الكفار لا يجوز أكلها لأنهم لا يسمون الله عليها و من سمى منهم لا يعتقد وجوب ذلك و لأنه يعتقد أن الذي يسميه هو الذي أبد شرع موسى أو عيسى فإذن لا يذكرون الله حقيقة وَ ما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ تقديره أي شي‏ء لكم في أن لا تأكلوا فيكون ما للاستفهام و هو اختيار الزجاج و غيره من البصريين و معناه ما الذي يمنعكم أن تأكلوا مما ذكر اسم الله عند ذبحه و قيل معناه ليس لكم أن لا تأكلوا فيكون ما للنفي وَ قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ أي بين لكم ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ قيل هو ما ذكر في سورة المائدة من قوله حُرِّمَتْ   عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ الآية و اعترض عليه بأنها نزلت بعد الأنعام بمدة إلا أن يحمل على أنه بين على لسان الرسول ص و بعد ذلك نزل به القرآن و قيل إنه ما فصل في هذه السورة في قوله قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً الآية و قرأ أهل الكوفة غير حفص فَصَّلَ لَكُمْ بالفتح ما حرم بالضم و قرأ أهل المدينة و حفص و يعقوب و سهل فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ كليهما بالفتح و قرأ الباقون فصل لكم ما حرم بالضم فيهما وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يعني عند الذبح من الذبائح و هذا تصريح في وجوب التسمية على الذبيحة لأنه لو لم يكن كذلك لكان ترك التسمية غير محرم لها وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ يعني و إن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه لفسق وَ إِنَّ الشَّياطِينَ يعني علماء الكافرين و رؤساءهم المتمردين في كفرهم لَيُوحُونَ أي يؤمون و يشيرون إِلى أَوْلِيائِهِمْ الذين اتبعوهم من الكفار لِيُجادِلُوكُمْ في استحلال الميتة قال الحسن كان مشركو العرب يجادلون المسلمين فيقولون لهم كيف تأكلون ما تقتلونه أنتم و لا تأكلون مما يقتله الله و قتيل الله أولى بأكل من قتلكم فهذه مجادلتهم و قال عكرمة إن قوما من مجوس فارس كتبوا إلى مشركي قريش و كانوا أولياءهم في الجاهلية أن محمدا و أصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله ثم يزعمون أن ما ذبحوه حلال و ما قتله الله حرام فوقع ذلك في نفوسهم فذلك إيحاؤهم إليهم و قال ابن عباس معناه أن الشياطين من الجن و هم إبليس و جنوده ليوحون إلى أوليائهم من الإنس و الوحي إلقاء المعنى إلى النفس من وجه خفي و هم يلقون الوسوسة إلى قلوب أهل الشرك ثم قال سبحانه وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ أيها المؤمنون فيما يقولونه من استحلال الميتة و غيره إِنَّكُمْ إذا لَمُشْرِكُونَ لأن من استحل الميتة فهو كافر بالإجماع و من أكلها محرما لها مختارا فهو فاسق و هو قول الحسن و جماعة المفسرين و قال عطا إنه مختص بذبائح العرب التي كانت تذبحها للأوثان. لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا قال البيضاوي أي في الذبح و إنما يذكرون أسماء

    الأصنام عليها و قيل لا يحجون على ظهورها افْتِراءً عَلَيْهِ نصب على المصدر لأن ما قالوه تقول على الله و الجار متعلق بقالوا أو بمحذوف فهو صفة له أو على الحال أو المفعول له و الجار متعلق به أو بالمحذوف سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ بسببه أو بدله أَوْ فِسْقاً قد مر تفسيره و يدل على تحريم ما ذكر اسم غير الله عند ذبحه لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ يدل على أن النسك إنما يصح و يتقبل إذا ذكر عليه عند ذبحه اسم الله دون غيره و إنما خص بالأنعام إيماء إلى أن الهدي لا يكون إلا منها و يدل على أن الهدي و الأضحية و ذكر اسم الله على الذبيحة كان في جميع الشرائع حيث قال وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ إلخ. فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها قال الطبرسي ره أي في حال نحرها و عبر به عن النحر و قال ابن عباس هو أن يقول الله أكبر لا إله إلا الله و الله أكبر اللهم منك و لك صَوافَّ أي قياما مقيدة على سنة محمد ص عن ابن عباس و قيل هو أن تعقل إحدى يديها و تقوم على ثلاث تنحر كذلك و تسوي بين أوظفتها لئلا يتقدم بعضها على بعض عن مجاهد و قيل هو أن تنحر و هي صافة أي قائمة قد ربطت يداها بين الرسغ و الخف إلى الركبة عن أبي عبد الله ع هذا في الإبل فأما البقر فإنه تشد يداها و رجلاها و يطلق ذنبها و الغنم تشد ثلاث قوائم منها و يطلق فرد رجل منها فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها أي سقطت إلى الأرض و عبر بذلك عن تمام خروج الروح منها فَكُلُوا مِنْها و هذا إذن و ليس بأمر لأن أهل الجاهلية كانوا يحرمونها على نفوسهم و قيل إن الأكل منها واجب إذا تطوع بها انتهى    فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ في الجمع أي فصل صلاة العيد و انحر هديك و قيل صل صلاة الغداة بجمع و انحر البدن بمنى و الجمع هو المشعر

 قال محمد بن كعب إن أناسا كانوا يصلون لغير الله و ينحرون لغير الله فأمر الله تعالى نبيه ص أن تكون صلاته و نحره للبدن تقربا إلى الله و خالصا له

انتهى. و أقول يدل هذه التفاسير على كون النحر مشروعا في البدن بل عدم جواز غيره فيها. و لنرجع إلى تفاصيل الأحكام المستنبطة من تلك الآيات الأول تدل بعمومها على حل كل ما ذكر اسم الله عليها إلا ما أخرجه الدليل و قد مر الكلام فيه. الثاني استدل بها على وجوب التسمية عند الذبح بل عند الاصطياد أيضا مطلقا إلا ما أخرجه الدليل من السمك و الجراد و لعل مرادهم بالوجوب الوجوب الشرطي بمعنى اشتراطها في حل الذبيحة و لذا عبر الأكثر بالاشتراط و أما الوجوب بالمعنى المصطلح فيشكل إثباته إلا بأن يتمسك بأن ترك التسمية إسراف و إتلاف للمال بغير الجهة الشرعية و أما الاشتراط فلا خلاف فيه من بين الأصحاب فلو أخل بها عمدا لم يحل قطعا و ظاهر الآية عدم الحل مع تركها نسيانا أيضا لكن الأصحاب خصوها بالعمد للأخبار الكثيرة الدالة على الحل مع النسيان و في بعضها إن كان ناسيا فليسم حين يذكر و يقول بسم الله على أوله و آخره و حمل على الاستحباب إذ لا قائل ظاهرا بالوجوب و في الجاهل وجهان و ظاهر الأصحاب التحريم و لعله أقرب لعموم الآية و الأقوى الاكتفاء بها و إن لم يعتقد وجوبها لعموم الآية خلافا للعلامة ره في المختلف قال في الدروس لو تركها عمدا فهو ميتة إذا كان معتقدا لوجوبها و في غير المعتقد نظر و ظاهر الأصحاب التحريم و لكنه يشكل بحكمهم بحل ذبيحة المخالف على الإطلاق   ما لم يكن ناصبيا و لا ريب أن بعضهم لا يعتقد وجوبها و يحلل الذبيحة و إن تركها عمدا انتهى. و قال في الروضة يمكن دفعه بأن حكمهم بحل ذبيحته من حيث هو مخالف و ذلك لا ينافي تحريمها من حيث الإخلال بشرط آخر نعم يمكن أن يقال بحلها منه عند اشتباه الحال عملا بأصالة الصحة و إطلاق الأدلة و ترجيحا للظاهر من حيث رجحانها عند من لا يوجبها و عدم اشتراط اعتقاده الوجوب بل المعتبر فعلها و إنما يحكم بالتحريم مع العلم بعدم تسميته و هذا حسن و مثله القول في الاستقبال. الثالث تدل الآية على الاكتفاء بمطلق ذكر اسمه تعالى عند الذبح أو النحر أو إرسال الكلب أو السهم و نحوه فيكفي التكبير أو التسبيح أو التحميد أو التهليل و أشباهها كما صرح به الأكثر و لو اقتصر على لفظة الله ففي الاكتفاء به قولان من صدق ذكر اسم الله عليه و من دعوى أن العرف يقتضي كون المراد ذكر الله بصفة كمال و ثناء و كذا الخلاف لو قال اللهم ارحمني و اغفر لي و قالوا لو قال بسم الله و محمد بالجر لم يجز لأنه شرك و كذا لو قال و محمد رسول الله و لو رفع فيهما لم يضر لصدق التسمية بالأولى تامة و عطف الشهادة للرسول ص زيادة خير غير منافية بخلاف ما لو قصد التشريك و لو قال اللهم صل على محمد و آله فالأقوى الإجزاء و هل يشترط التسمية بالعربية يحتمله لظاهر قوله اسم الله و عدمه لأن المراد من الله هنا الذات المقدسة فيجزي ذكر غيره من أسمائه و هو متحقق بأي لغة اتفقت و على ذلك يتحرج ما لو قال بسم الرحمن و غيره من أسمائه المختصة أو الغالبة غير لفظ الله. الرابع ذكر الأصحاب أنه يستحب في ذبح الغنم أن يربط يداه و رجل واحد و يطلق الأخرى و يمسك صوفه أو شعره حتى يبرد و في البقر أن يعقل يداه و رجلاه و يطلق ذنبه و في الإبل أن تربط خفا يديه معا إلى إبطيه و تطلق رجلاه و تنحر قائمة أو تعقل يده اليسرى من الخف إلى الركبة و يوقفها على اليمنى و يمكن أن يفهم من الآية الكريمة استحباب كون البدن قائمة عند النحر لقوله تعالى صَوافَّ. قال البيضاوي قائمات قد صففن أيديهن و أرجلهن و قرئ صوافن من

    صفن الفرس إذا أقام على ثلاث و طرف سنبك الرابعة لأن البدنة تعقل إحدى يديها فتقوم على ثلاث. و قال الطبرسي ره قرأ ابن مسعود و ابن عباس و ابن عمر و أبو جعفر الباقر و قتادة و عطا و الضحاك صوافن بالنون و قرأ الحسن و شقيق و أبو موسى الأشعري و سليمان التيمي صوافي و قال فأما صوافن فمثل الصَّافِناتُ و هي الجياد من الخيل إلا أنه استعمل هاهنا في الإبل و الصافن الرافع إحدى رجليه متعمدا على سنبكها و الصوافي الخوالص لوجه الله انتهى. و أقول فعلى هذا القراءة المروية عن الباقر ع و غيره يدل على استحباب قيامها و عقل إحدى يديها بل على نحرها على القراءتين و أن ذبحها قائمة غير جائز جدا و أما الأخبار الواردة في ذلك

 فقد روي بسند فيه جهالة عن حمران عن أبي عبد الله ع قال سألته عن الذبح فقال إذا ذبحت فأرسل و لا تكتف و لا تقلب السكين لتدخلها من تحت الحلقوم و تقطعه إلى فوق و الإرسال للطير خاصة فإن تردى في جب أو وهدة من الأرض فلا تأكله و لا تطعمه فإنك لا تدري التردي قتله أو الذبح و إن كان شي‏ء من الغنم فأمسك صوفه أو شعره و لا تمسك يدا و لا رجلا و أما البقرة فاعقلها و أطلق الذنب و أما البعير فشد أخفافه إلى إباطه و أطلق رجليه و إن أفلتك شي‏ء من الطير و أنت تريد ذبحه أو ند عليك فارم بسهمك فإذا هو سقط فذكه بمنزلة الصيد

   و قال في المسالك المراد بشد أخفافه إلى إباطه أن يجمع يديه و يربطهما فيها بين الخف و الركبة و بهذا صرح في رواية أبي الصباح و في رواية أبي خديجة أنه يعقل يدها اليسرى خاصة و ليس المراد في الأول أنه يعقل خفي يديه معا إلى إباطه لأنه لا يستطيع القيام حينئذ و المستحب في الإبل أن تكون قائمة و المراد في الغنم بقوله و لا تمسك يدا و لا رجلا أنه يربط يديه و إحدى رجليه من غير أن يمسكها بيده انتهى. و أقول لم أر في الأخبار شد رجلي الغنم و إحدى يديه لكن ذكره الأصحاب فإن كان له مستند كما هو الظاهر يمكن حمل هذا الخبر على عدم إمساك اليد و الرجل بعد الذبح و إنما يمسك صوفه أو شعره لئلا يتردى في بئر أو غيرها.

 و روى الكليني في الصحيح عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ قال ذلك حين تصف للنحر تربط يديها ما بين الخف إلى الركبة و وجوب جنوبها إذا وقعت على الأرض

 و عن أبي الصباح الكناني قال سألت أبا عبد الله ع كيف تنحر البدنة فقال تنحر و هي قائمة من قبل اليمين

 و عن أبي خديجة قال رأيت أبا عبد الله و هو ينحر بدنته معقولة يدها اليسرى ثم يقوم من جانب يدها اليمنى و يقول بسم الله و الله أكبر اللهم هذا منك و لك اللهم تقبله مني ثم يطعن في لبتها ثم يخرج السكين بيده فإذا وجبت قطع موضع الذبح بيده

الخامس ظاهر قوله تعالى فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها الاكتفاء في حلها   بسقوطها على الأرض و لا يجب الصبر إلى أن يبرد أو تزول حياتها بالكلية و إن أوله الأصحاب بالموت و لم أر من استدل به على ذلك فإنما ذكروه تأويلا لا يصار إليه إلا بدليل. قال في المسالك سلخ الذبيحة قبل بردها أو قطع شي‏ء منها فيه قولان أحدهما التحريم ذهب إليه الشيخ في النهاية بل ذهب إلى تحريم الأكل أيضا و تبعه ابن البراج و ابن حمزة استنادا إلى

 رواية محمد بن يحيى رفعه قال قال أبو الحسن الرضا ع الشاة إذا ذبحت و سلخت أو سلخ شي‏ء منها قبل أن تموت فليس يحل أكلها

و الأقوى الكراهة و هو قول الأكثر للأصل و ضعف الرواية بالإرسال فلا يصلح دليلا على التحريم بل الكراهة للتسامح في دليلها و ذهب الشهيد رحمه الله إلى تحريم الفعل دون الذبيحة أما الأول فلتعذيب الحيوان المنهي عنه و أما الثاني فلعموم قوله تعالى فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ انتهى. و قال في المختلف عد أبو الصلاح في المحرمات ما قطع من الحيوان قبل الذكاة و بعدها قبل أن يجب جنوبها و يبرد بالموت و جعله ميتة و الذي ذكره في المقطوع قبل الذكاة جيد أما المقطوع بعدها فهو في موضع المنع لنا أنه امتثل الأمر بالتذكية و قد وجدت احتج بقوله فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها و الجواب أنه مفهوم خرج مخرج الأغلب فلا يكون حجة انتهى. و أقول قيد البرد في غاية الغرابة فإن نهاية ما يعتبر فيه زوال الحياة و الحرارة تبقى بعده غالبا بزمان و لذا لم يكتفوا في وجوب الغسل بالمس بالموت بل اعتبروا البرد بعده و اعتباره في حكم خاص لا يستلزم اعتباره في جميع الأحكام. السادس قوله تعالى إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ يدل على أن ما أكل السبع أو الأعم منه   و مما تقدم إذا أدركت تذكيته حل و اختلف الأصحاب في وقت أدرك الذكاة قال في المسالك اختلف الأصحاب فيما به تدرك الذكاة من الحركة و خروج الدم بعد الذبح و النحر فاعتبر المفيد و ابن الجنيد في حلها الأمرين معا الحركة و خروج الدم و اكتفى الأكثر و منهم الشيخ و ابن إدريس و المحقق و أكثر المتأخرين بأحد الأمرين و منهم من اعتبر الحركة وحدها و منشأ الاختلاف الاكتفاء في بعض الروايات بالحركة و في بعضها بخروج الدم انتهى. و أقول كان الاكتفاء بأحدهما أظهر و إن كانت الحركة أقوى سندا ثم الظاهر من كلام الأصحاب أن المعتبر الحركة بعد التذكية و في أكثر الأخبار إجمال و صريح بعضها أن العبرة بها قبل التذكية و كان الأحوط اعتبار البعد. و قال المحقق الأردبيلي رحمه الله الظاهر أن كون الحركة أو الدم أو كليهما على الخلاف علامة للحل إنما هو في المشتبه لأنه إن علم حياته قبل الذبح فذبح و لم يوجد أحدهما فالظاهر الحل لأنه قد علم حياته و ذبحه على الوجه المقرر فأزال روحه به فيحل فتأمل فإن بعض الأخبار الصحيحة تدل على اعتبار الدم بعد إبانة الرأس من غير المشتبه و لعل ذلك أيضا للاشتباه الحاصل بعده بأن الإزالة بقطع الأعضاء الأربعة أو غيره فلا يخرج عن الاشتباه فتأمل انتهى. و أما استقرار الحياة التي اعتبرها جماعة من الأصحاب و أومأنا إليه سابقا فالأخبار خالية عنه. و قال في الدروس المشرف على الموت كالنطيحة و المتردية و أكيل السبع و ما ذبح من قفاه اعتبر في حله استقرار الحياة فلو علم بموته قطعا في الحال حرم عند الجماعة و لو علم بقاء الحياة فهو حلال و لو اشتبه اعتبر بالحركة و خروج الدم قال و ظاهر الأخبار و القدماء أن خروج الدم و الحركة أو أحدهما كاف و لو لم يكن فيه حياة مستقرة و في الآية إيماء إليه من قوله تعالى حُرِّمَتْ   عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ

 إلى قوله إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ ثم قال و نقل عن الشيخ يحيى أن استقرار الحياة ليس من المذهب و نعم ما قال انتهى. و أقول نعم ما قالا رضي الله عنهما فإن الظاهر أن هذا مأخوذ من المخالفين و ليس في أخبارنا منه عين و لا أثر و تفصيل القول في ذلك أن اعتبار استقرار الحياة مذهب الشيخ و تبعه الفاضلان و فسره بعضهم بأن مثله يعيش اليوم أو الأيام و قيل نصف يوم و هذا مما لم يدل عليه دليل و لا هو معروف بين القدماء و أما إذ علم أنه ميت بالفعل و أن حركته حركة المذبوح كحركة الشاة بعد إخراج حشوها ففي وقوع التذكية عليه إشكال و إن كان ظاهر الأدلة وقوعها أيضا قال المحقق الأردبيلي بعد إيراد ما في الدروس و لا يخفى الإجمال و الإغلاق في هذه المسألة و الذي معلوم أنه إذا صار الحيوان الذي يجري فيه الذبح بحيث علم أو ظن على الظاهر موته أي أنه ميت بالفعل و أن حركته حركة المذبوح مثل حركة الشاة بعد إخراج حشوها و ذبحها و قطع أعضائها و الطير كذلك فهو ميتة لا ينعقد الذبح و إن علم عدمه فهو حي يقبل التذكية و يصير بها طاهرا و يجري فيه أحكام المذبوح و الظاهر أنه كذلك و إن علم أنه يموت في الحال و الساعة لعموم الأدلة التي تقتضي ذبح ذي الحياة فإنه حي مقتول و مذبوح بالذبح الشرعي و لا يؤثر في ذلك أنه لو لم يذبح لمات سريعا أو بعد ساعة فما في الدروس فلو علم موته إلخ محل تأمل فإنه يفهم منه أن المدار على قلة الزمان و كثرته فتأمل و بالجملة فينبغي أن يكون المدار على الحياة و عدمها لا طول زمانها و عدمه لما مر فافهم و أما إذا اشتبه حاله و لم يعلم موته بالفعل و لا حياته و أن حركته حركة المذبوح أو حركة ذي الحياة فيمكن الحكم بالحل للاستصحاب و التحريم للقاعدة السالفة ثم أجرى رحمه الله فيه اعتبار الحركة أو الدم كما ذكرنا.

    و أقول ما ذكره قدس سره من حركة المذبوح إن أراد بها حركة التقلص التي تكون في اللحم المسلوخ و نحوه فلا شبهة في أنه لا عبرة بها و أنه قد زالت عنه الحياة فلا تقع تذكية و إن أراد بها الحركة التي تكون بعد فري الأوداج و شبهه و تسمى في العرف حركة المذبوح فعدم قبول التذكية أول الكلام لأنه لا شك أنه لم يفارقه الروح بعد كمن كان في النزع و بلغت روحه حلقومه فإنه لا يحكم عليه حينئذ بالموت و إن علم أنه لا يعيش ساعة بل عشرها و لذا اختلفوا فيما إذا ذبح الإبل ثم نحره بعد الذبح أو نحر الغنم أو البقر ثم ذبح بعده هل يحل أم لا فذهب الشيخ في النهاية و جماعة إلى الحل لتحقق التذكية مع بقاء الحياة عندها فهو داخل تحت قوله تعالى إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ و سائر العمومات و من اعتبر استقرار الحياة حكم بالحرمة و الظاهر أن مراده الثاني حيث قال رحمه الله في ذيل هذه المسألة بعد ما نقل وجوه الحل فتأمل لأن الحكم بالحل و الدم بعد قطع الأعضاء المهلك مشكل فإنه بعد ذلك في حكم الميت و الاعتبار بتلك الحركة و الدم مشكل فإن مثلهما لا يدل على الحياة الموجبة للحل فلا ينبغي جعلها دليلا و التحقيق ما أشرنا إليه انتهى. السابع المشهور بين الأصحاب أنه يعتبر في الذبح قطع أربعة أعضاء من الحلق الحلقوم و هو مجرى النفس دخولا و خروجا و المري‏ء كأمير بالهمز و هو مجرى الطعام و الشراب و الودجان و هما عرقان في صفحتي العنق يحيطان بالحلقوم و اقتصر ابن الجنيد على قطع الحلقوم

 لصحيحة زيد الشحام قال سألت أبا عبد الله ع عن رجل لم يكن بحضرته سكين أ فيذبح بقصبة فقال اذبح بالحجر و العظم و القصبة و العود إذا لم تصب الحديد إذا قطع الحلقوم و خرج الدم فلا بأس

و   استدل للمشهور بصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا إبراهيم ع عن المروة و القصبة و العود أ يذبح بهن إذا لم يجدوا سكينا قال إذا فرى الأوداج فلا بأس بذلك

و يمكن الاعتراض عليه بوجوه الأول أن الأوداج و إن كان جمعا فلو سلم كونه حقيقة في الثلاث فما فوقها فإطلاقه على الاثنين أيضا مجاز شائع حتى قيل إنه حقيقة فيه و لو لم يكن هذا أولى من تغليب الودج على الحلقوم و المري‏ء فليس أدنى منه إذ لا شك أن إطلاق الودج عليهما مجاز. قال في القاموس الودج محركة عرق في العنق كالوداج بالكسر و في الصحاح الودج و الوداج عرق في العنق و هما ودجان. و في المصباح الودج بفتح الدال و الكسر لغة عرق الأخدع الذي يقطعه الذابح فلا تبقى معه حياة و يقال في الجسد عرق واحد حيث ما قطع مات صاحبه و له في كل عضو اسم فهو في العنق الودج و الوريد أيضا و في الظهر النياط و هو عرق ممتد فيه و الأبهر و هو عرق مستبطن الصلب و القلب متصل به و الوتين في البطن و النساء في الفخذ و الأيجل في الرجل و الأكحل في اليد و الصافن في الساق. و قال في المجرد أيضا الوريد عرق كبير يدور في البدن و ذكر معنى ما تقدم لكنه خالف في بعضه ثم قال و الودجان عرقان غليظان يكتنفان بثغرة النحر و الجمع أوداج و في النهاية في حديث الشهداء و أوداجهم تشخب دما هي ما أحاط بالعنق من العروق التي يقطعها الذابح واحدها ودج بالتحريك و قيل الودجان   عرقان غليظان من جانبي ثغرة النحر و منه الحديث كل ما أفرى الأوداج انتهى. فيمكن الجمع بين الصحيحتين بالتخيير إن لم تاب عن إحداث قول لم يظهر به قائل و بالجمع إن أبينا لأنه يظهر من العلامة في المختلف الميل إليه. الثاني أن دلالة الخبر الثاني على عدم الاجتزاء بقطع الحلقوم بالمفهوم و دلالة الأول على الاجتزاء بالمنطوق و هو مقدم على المفهوم. الثالث أن مفهوم الخبر الثاني تحقق بأس عند عدم فري الأوداج و البأس أعم من الحرمة فيمكن حمله على الكراهة. الرابع أن فري الأوداج لا يقتضي قطعها رأسا الذي هو المعتبر على القول المشهور لأن الفري الشق و إن لم ينقطع قال الهروي في حديث ابن عباس كل ما أفرى الأوداج أي شققها و أخرج ما فيها من الدم. قال في المسالك بعد ذكر هذا الوجه و الوجه الثاني فقد ظهر أن اعتبار قطع الأربعة لا دليل عليها إلا الشهرة و لو عمل بالروايتين لاكتفى بقطع الحلقوم وحده أو فري الأوداج بحيث يخرج منها الدم و لم يستوعبها إلا أنه لا قائل بهذا الثاني من الأصحاب نعم هو مذهب بعض العامة. و في المختلف قال بعد نقل الخبرين هذا أصح ما وصل إلينا في هذا الباب و لا دلالة فيه على قطع ما زاد على الحلقوم و الأوداج.   و أراد بذلك أن قطع المري‏ء لا دليل عليه إذ لو أراد بالأوداج ما يشمله لم يفتقر إلى إثبات أمر آخر لأن ذلك غاية ما قيل و فيه ميل إلى قول آخر و هو اعتبار قطع الحلقوم و الودجين لكن قد عرفت أن الرواية لا تدل على اعتبار قطعها رأسا و أن الأوداج بصيغة الجمع تطلق على أربعة فتخصيصها بالودجين و الحلقوم ليس بجيد و كيف قرر فالوقوف مع القول المشهور هو الأحوط انتهى. و أقول إطلاق الأوداج على الأربعة إطلاق مجازي من الفقهاء و لا حجر في المجاز فيمكن إطلاقها على الثلاثة أيضا بل هو أقرب إلى الحقيقة. ثم إن هذا القول و قول ابن الجنيد و القول بالتخيير الذي ذكرنا سابقا كل ذلك أوفق لعموم الآيات من المشهور فإن قوله تعالى فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يشملها و أيضا قوله إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ يشملها و أيضا لأن التذكية ليس إلا الذبح أو النحر و لم يثبت كونها حقيقة شرعية في المعنى الذي ذكره القوم. قال الراغب في المفردات حقيقة التذكية إخراج الحرارة الغريزية لكن خص في الشرع بإبطال الحياة على وجه دون وجه و يدل على هذا الاشتقاق قولهم في الميت خامد و هامد و في النار الهامدة ميتة و قال الذبح شق حلق الحيوانات. و في الصحاح التذكية الذبح و قال الذبح الشق و الذبح مصدر ذبحت الشاة انتهى و الظاهر أن التذكية و الذبح لغة و عرفا يتحققان بفري الحلقوم أو الودجين. الثامن أن إطلاق الآيات تدل على تحقق التذكية بكل آلة يتحقق بها الذبح إلا أن يقال المطلق ينصرف إلى الفرد الشائع الغالب و هو التذكية بالحديد

    لكن الأصحاب اتفقوا على أنه لا تتحقق التذكية إلا بالحديد مع الاختيار و لا يجزي غيره و إن كان من المعادن المنطبعة كالنحاس و الرصاص و الفضة و الذهب و غيرها. و أما مع الاضطرار فجوزوا بكل ما فرى الأعضاء من المحددات و لو من خشب أو قصب أو حجر عد السن و الظفر و ادعوا الإجماع عليه و دلت الأخبار الكثيرة على عدم جواز التذكية بغير الحديد في حال الاختيار و جواز التذكية بما سوى السن و الظفر في حال الاضطرار و أما السن و الظفر ففي جواز التذكية بهما عند الضرورة قولان أحدهما العدم ذهب إليه الشيخ في المبسوط و الخلاف و ادعى فيه إجماعنا و استدل عليه

 برواية رافع بن خديج أن النبي ص قال ما أنهر الدم و ذكر اسم الله عليه فكلوا إلا ما كان من سن أو ظفر و سأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم من الإنسان و أما الظفر فمدى الحبشة

و الثاني الجواز ذهب إليه ابن إدريس و أكثر المتأخرين للأصل و عدم ثبوت المانع فإن خبره عامي و التصريح بجوازه بالعظم في صحيحة الشحام السابقة و دلالة التعليل الوارد في هذا الخبر على عدم الجواز بالعظم فيتعارض الخبران فيقدم الصحيح منهما أو يحمل الآخر على الكراهة كذا قال في المسالك. و قال و ربما فرق بين المتصلين و المنفصلين من حيث إن المنفصلين كغيرهما من الآلات بخلاف المتصلين فإن القطع بهما يخرج عن مسمى الذبح بل هو أشبه بالأكل و التقطيع و المقتضي للذكاة هو الذبح و يحمل النهي في الخبر على المتصلين جمعا و الشهيد في الشرح استقرب المنع من التذكية بالسن و الظفر مطلقا للحديث المتقدم و جوزها بالعظم و غيرهما لما فيه من الجمع بين الخبرين لكن يبقى فيه منافاة التعليل لذلك.   و قال في الروضة و على تقدير الجواز هل يساويان غيرهما مما يفري غير الحديد أو يترتبان على غيرهما مطلقا مقتضى استدلال المجوز بالحديثين الأول. و في الدروس استقرب الجواز مطلقا مع عدم غيرهما و هو الظاهر من تعليقه الجواز بهما هنا على الضرورة إذ لا ضرورة مع وجود غيرهما و هذا هو الأولى انتهى. و أقول الفرق بين المتصلين و المنفصلين كأنه مأخوذ من العامة و لم أره في كلام القوم و إن كان له وجه

1-  قرب الإسناد، عن الحسن بن ظريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عن علي ع قال أيما إنسية تردت في بئر فلم يقدر على منحرها فلينحرها من حيث يقدر عليها و يسمي الله عليها و تؤكل قال و سئل علي ع عما تردى على منحره فيقطع و يسمى عليه فقال لا بأس به و أمر بأكله

 بيان أيما إنسية أي بدنة إنسية أو دابة فالمراد بالنحر أعم من الذبح تغليبا على منحره في بعض النسخ بالخاء المعجمة و في بعضها بالمهملة و لكل وجه يرجعان إلى معنى واحد و لا خلاف في أن كل ما يتعذر ذبحه أو نحره من الحيوان إما لاستعصائه أو لحصوله في موضع لا يتمكن المذكى من الوصول إلى موضع الذكاة منه و خيف فوته جاز أن يعقر بالسيوف أو غيرهما مما يجرح و يحل و إن لم يصادف موضع الذكاة و كما يسقط اعتبار موضع الذبح أو النحر يسقط الاستقبال به مع تعذره و لو أمكن أحدهما وجب و سقط المعتذر. و قالوا كما يجوز ذلك للخوف من فوته يجوز للاضطرار إلى أكله و قيل و المراد بالضرورة هنا مطلق الحاجة إليه

2-  قرب الإسناد، بالإسناد المتقدم عن جعفر عن أبيه ع أن عليا ع كان يقول لا بأس بذبيحة المرأة

    بيان لا خلاف بين الأصحاب في حل ذبيحة المرأة و لم أر من حكم بالكراهة أيضا لكن ورد في بعض الأخبار أنها لا تذبح إلا عند الضرورة و في بضعها إذا كن نساء ليس معهن رجل فلتذبح أعقلهن و في بعضها إذا لم يوجد من يذبح غيرها و في بعضها لا بأس بذبيحة الصبي و الخصي و المرأة إذا اضطروا إليه و فيها دلالة على المرجوحية و الكراهة في الجملة إن لم تكن محمولة على التقية

3-  قرب الإسناد، عن السندي بن محمد عن أبي البختري عن جعفر عن أبيه ع أن عليا ع قال إذا استصعبت عليكم الذبيحة فعرقبوها فإن لم تقدروا أن تعرقبوها فإنه يحلها ما يحل الوحش

 بيان فعرقبوها أي لتمكنوا من ذبحها فإنه يحلها ظاهره الحل بصيد الكلب أيضا لكن الرواية ضعيفة و الراوي عامي

4-  الخصال، عن محمد بن علي بن الشاه عن أحمد بن محمد بن الحسين عن أحمد بن خالد الخالدي عن محمد بن أحمد بن صالح التميمي عن أنس بن محمد عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه ع عن النبي ص قال لا تذبح المرأة إلا عند الضرورة

 التحف، و المكارم، مرسلا مثله

5-  العيون، عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان عن الرضا ع فيما كتب للمأمون قال الصلاة على النبي واجبة في   كل موطن و عند العطاس و الذبائح و غير ذلك

 بيان روي مثل ذلك في الخصال عن الأعمش عن الصادق ع و فيه و الرياح مكان ذبائح

و ما في العيون أظهر و كأنه محمول على تأكيد الاستحباب قال الشيخ في الخلاف يستحب أن يصلي على النبي ص عند الذبيحة و أن يقول اللهم تقبل مني و به قال الشافعي و قال مالك تكره الصلاة على النبي ص و أن يقول اللهم تقبل مني دليلنا إجماع الفرقة و أخبارهم و أيضا قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ و ذلك على عمومه إلا ما أخرجه الدليل و قد روي في التفسير قوله تعالى وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ألا ما أذكر إلا و تذكر معي و قد أجمعنا على ذكر الله فوجب أن يذكر رسول الله ص. أقول ثم ذكر رحمه الله دلائل أخرى لا تخلو من ضعف و كان هذا الخبر الحسن يكفي لإثبات الاستحباب مع ثبوته في جميع الأوقات و أما قوله تقبل مني فسيأتي في باب الأضحية الأدعية المشتملة عليه.

 و روى الشيخ في الخلاف أن النبي ص أخذ الكبش فأضجعه و ذبحه و قال اللهم تقبل من محمد و آل محمد و من أمة محمد

    -6  كتاب المسائل، بالإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل يذبح على غير قبلة قال لا بأس إذا لم يتعمد و إن ذبح و لم يسم فلا بأس أن يسمي إذا ذكر بسم الله على أوله و آخره ثم يأكل

 بيان أجمع الأصحاب على اشتراط استقبال القبلة في الذبح و النحر و أنه لو أخل به عامدا حرمت و لو كان ناسيا لم تحرم و الجاهل كالناسي و دلت على جميع ذلك الأخبار المعتبرة منها

 ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر ع عن رجل ذبح ذبيحة فجهل أن يوجهها إلى القبلة قال كل منها قلت له فإنه لم يوجهها قال فلا تأكل منها و قال ع إذا أردت أن تذبح فاستقبل بذبيحتك القبلة

 و أيضا روي بسند مثله عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله ع عن ذبيحة ذبحت بغير القبلة قال كل و لا بأس بذلك ما لم يتعمده

و قال في المسالك من لا يعتقد وجوب الاستقبال في معنى الجاهل فلا تحرم ذبيحته و المعتبر الاستقبال بمذبح الذبيحة و مقاديم بدنها و لا يشترط استقبال الذابح و إن كان ظاهر العبارة يوهم ذلك حيث إن ظاهر الاستقبال بها أن يستقبل هو معها أيضا على حد قولك ذهبت بزيد و انطلقت به بمعنى ذهابهما و انطلاقهما معا و وجه عدم اعتبار استقباله أن التعدية بالباء يفيد معنى التعدية بالهمزة كما في قوله تعالى ذَهَبَ اللَّهُ   بِنُورِهِمْ أي أذهب نورهم و في الخبر الثاني ما يرشد إلى الاكتفاء بتوجهها إلى القبلة خاصة. و ربما قيل بأن الواجب هنا الاستقبال بالمنحر و المذبح خاصة و ليس ببعيد و يستحب استقبال الذابح أيضا هذا كله مع العلم بجهة القبلة أما لو جهلها سقط اعتبارها لتعذرها كما يسقط اعتبارها في المستعصي لذلك انتهى. و أقول الظاهر أنه يكفي الاستقبال بأي وجه كان سواء أضجعها على اليمين أو على اليسار كما هو الشائع أو لم يضجعها و أقامها و استقبل بمقاديمها إليها كالطير لإطلاق الاستقبال الشامل لجميع تلك الصور و كون استقبال الملحود بالإضجاع على اليمين لا يستلزم كونه في جميع الموارد كذلك مع أن الذبح على هذا الوجه في غاية العسر غالبا إلا للأعسر الذي يعمل باليد اليسرى و هو نادر بين الناس بل يمكن أن يقال الإطلاق ينصرف إلى الفرد الشائع الغالب و هو الإضجاع على اليسار فيشكل الحكم بأن الاحتياط يقتضي الإضجاع على اليمين فتأمل

7-  كتاب المسائل، بالإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن ذبيحة الجارية هل يصلح قال إذا كانت لا تنخع و لا تكسر الرقبة فلا بأس و قال قد كانت لأهل علي بن الحسين ع جارية تذبح لهم

 بيان المشهور بين الأصحاب كراهة نخع الذبيحة و هو أن يبلغ بالسكين النخاع مثلث النون فيقطعه أو يقطعه قبل موتها و النخاع هو الخيط الأبيض وسط الفقار بالفتح ممتدا من الرقبة إلى عجب الذنب بفتح العين و سكون الجيم و هو أصله و قيل يحرم لورود النهي عنه في الخبر الصحيح و هو أحوط و على تقديره لا تحرم الذبيحة و ربما   قيل بالتحريم أيضا و إنما يحرم الفعل على القول به مع تعمده فلو سبقت يده فقطعه فلا بأس. و من مكروهات الذبح أشياء ذكرها الأصحاب الأول أن يقلب السكين أي يدخلها تحت الحلقوم و يقطعه مع باقي الأعضاء إلى خارج و حرم الشيخ في التهذيب و تبعه القاضي و قد ورد النهي عنه في رواية حمران. الثاني يكره أن يذبح حيوان و آخر ينظر إليه لرواية غياث بن إبراهيم و حرمه الشيخ في النهاية و هو ضعيف. الثالث يكره إيقاعها ليلا إلا أن يخاف الفوت لرواية أبان بن تغلب عن الصادق ع. الرابع إيقاعها يوم الجمعة إلى الزوال إلا عن ضرورة لرواية الحلبي عن الصادق ع و الظاهر كراهة الفعل في جميع ذلك و لا تسري الكراهة إلى أكل المذبوح كما يوهمه كلام بعض الأصحاب إذ لا تلازم بينهما. و قال في المسالك قد بقي للذبح وظائف منصوصة ينبغي إلحاقها بما ذكر و هي تحديد الشفرة و سرعة القطع و أن لا يرى الشفرة للحيوان و أن يستقبل الذابح القبلة و لا يحركه و لا يجره من مكان إلى آخر بل يتركه إلى أن يفارقه الروح و أن يساق إلى المذبح برفق و يضجع برفق و يعرض عليه الماء قبل الذبح و يمر السكين بقوة و يجد في الإسراع ليكون أوحى و أسهل.

 و روى شداد بن أوس أن النبي ص قال إن الله كتب عليكم الإحسان في   كل شي‏ء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة و ليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته

 و في حديث آخر أنه ص أمر أن يحد الشفار و أن يواري عن البهائم و قال إذا ذبح أحدكم فليجهز

انتهى. و أقول الأخبار عامية لكنها موافقة لاعتبار العقل و العمومات و ما سيأتي من الأخبار

8-  الدعائم، و من ذبح في الحلق دون الغلصمة ما يجوز ذبحه من الحيوان على ما يجب من سنة الذبح فقطع الحلقوم و المري‏ء و الودجين و أنهر الدم و ماتت الذبيحة من فعله ذلك فهي ذكية بإجماع فيما علمناه

 و عن علي و أبي جعفر ع أنهما قالا ما قطع من الحيوان فبان عنه قبل أن يذكى فهو ميتة لا يؤكل و يذكى الحيوان و يؤكل باقيه إن أدرك ذكاته

9-  و عن علي ع أنه قال علامة الذكاة أن تطرف العين أو يركض الرجل أو يتحرك الذنب أو الأذن فإن لم يكن من ذلك شي‏ء و هراق منها دم عند الذبائح و هي لا تتحرك لم تؤكل

10-  و عن أبي جعفر ع أنه قال ترفق بالذبيحة و لا يعنف بها قبل الذبح و لا بعد و كره أن يضرب عرقوب الشاة بالسكين

11-  و عنه ع أنه سئل عن الذبيحة تتردى بعد أن تذبح عن مكان عال أو تقع في ماء أو نار قال إن كنت قد أجدت الذبح و بلغت الواجب فيه فكل

12-  و عنه ع أنه نهى عن ذبيحة المرتد

13-  و عن جعفر بن محمد ع أنه سئل عن الشاة تذبح قائمة قال لا ينبغي ذاك السنة أن تضجع و تستقبل بها القبلة

14-  و عنه ع أنه سئل عن البعير يذبح أو ينحر قال السنة أن ينحر   قيل كيف ينحر قال يقام قائما حيال القبلة و يعقل يده الواحدة و يقوم الذي ينحره حيال القبلة فيضرب في لبته بالشفرة حتى تقطع و تفري

15-  و عنه ع أنه سئل عن البقر ما يصنع بها تنحر أو تذبح قال السنة أن تذبح و تضجع للذبح و لا بأس إن نحرت

16-  و عنه ع سئل عن الذبيحة إن ذبحت من القفا قال إن لم يتعمد ذلك فلا بأس و إن تعمده و هو يعرف سنة النبي ص لم تؤكل ذبيحته و يحسن أدبه

17-  و عن علي ع أنه سئل عن شاتين أحدهما ذكية و الأخرى غير ذكية لم تعرف الذكية منهما قال رمى بهما جميعا

 بيان في القاموس هراق الماء يهريق بفتح الهاء هراقة بالكسر صبه و أصله أراقه يريقه إراقة. و قال العرقوب عصب غليظ فوق عقب الإنسان و من الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها قوله لا ينبغي ظاهره الجواز مع الكراهة و الشفرة بالفتح السكين العظيم و الفري الشق قوله و لا بأس إن نحرت محمول على التقية و المشهور كراهة الذبح من القفا و قال العلامة رحمه الله و غيره لو قطع رقبة المذبوح من قفاه و بقيت أعضاء الذبح فإن كانت حياة مستقرة ذبحت و حلت و إن لم تبق حياة مستقرة لم تحل. و أقول قد عرفت عدم الدليل على اشتراط استقرار الحياة و ما يتوهم من أنه اشترك في إزهاق روحه الذبح الشرعي و غيره فلا وجه له و أنه مع تحقق الذبح و بقاء الحياة لا عبرة بذلك كأكيل السبع و غيره

18-  قرب الإسناد، عن أحمد بن إسحاق عن بكر بن محمد الأزدي قال جاء محمد بن عبد السلام إلى أبي عبد الله ع فقال له إن رجلا ضرب بقرة بفأس فوقذها ثم   ذبحها فلم يرسل إليه الجواب و دعا سعيدة فقال لها إن هذا جاءني فقال إنك أرسلت إلي في صاحب البقرة التي ضربها بفأس فإن كان الدم خرج معتدلا فكلوا و أطعموا و إن كان خرج خروجا عتيا فلا تقربوه قال فأخذت الغلام فأرادت ضربة فبعث إليها اسقيه السويق فإنه ينبت اللحم و يشد العظم

 تبيان رواه الكليني رحمه الله عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن الحسن بن مسلم قال كنت عند أبي عبد الله ع إذ جاءه محمد بن عبد السلام فقال له جعلت فداك يقول لك جدي إن رجلا ضرب بقرة بفأس فسقطت ثم ذبحها فلم يرسل معه بالجواب و دعا سعيدة مولاة أم فروة فقال لها إن محمدا جاءني برسالة منك فكرهت أن أرسل إليك بالجواب معه فإن كان الرجل الذي ذبح البقرة حين ذبح خرج الدم معتدلا فكلوا و أطعموا و إن كان خرج خروجا متثاقلا فلا تقربوه

 و روى التهذيب، أيضا بإسناده عن أحمد بن محمد و الظاهر أن سعيدة أرسلها إلى جد محمد و التقرير فقال لها قولي له إن محمدا و يحتمل أن يكون في الأصل جدتي و كانت هي سعيدة كما هو ظاهر قرب الإسناد. و في القاموس الوقذ شدة الضرب و شاة و قيذ و موقوذة قتلت بالخشب و الوقيذ   السريع و الشديد المرض المشرف كالموقوذ و وقذه صرعه و سكته و غلبه و تركه عليلا كأوقذه و قوله عتيا تصحيف و الظاهر متثاقلا كما في الكتابيين و على تقديره كناية عن التثاقل لأن عتيا بضم العين و كسرها مصدر عتا بمعنى استكبر و تجاوز عن الحد كأن الدم يستكبر عن الخروج. و في بعض النسخ عننا بنونين من قولهم عن السير فلانا أضعفه و أعناه قال فأخذت الغلام أي أخذت سعيدة أو الجلدة و إن كانت غيرها محمدا فأرادت ضربة لظنها أنه قصر في الإبلاغ أو كان السؤال بغير أمرها و الأمر بسقي السويق لتلافي ما أصابه من خوف الضرب و الخبر الصحيح يدل على الاكتفاء في إدراك التذكية بخروج الدم المعتدل

19-  الخصال، عن أحمد بن زياد و الحسين بن إبراهيم و علي بن عبد الله الوراق و حمزة بن محمد العلوي جميعا عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن زياد الأزدي و أحمد بن محمد البزنطي معا عن أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر ع أنه قال في قوله عز و جل حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ الآية قال الميتة و الدم و لحم الخنزير معروف وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ يعني ما ذبح للأصنام و أما المنخنقة فإن المجوس كانوا لا يأكلون الذبائح و يأكلون الميتة و كانوا يخنقون البقر و الغنم فإذا اختنقت و ماتت أكلوها وَ الْمُتَرَدِّيَةُ كانوا يشدون أعينها و يلقونها من السطح فإذا ماتت أكلوها و النَّطِيحَةُ كانوا يناطحون بالكباش فإذا ماتت إحداها أكلوها وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ فكانوا يأكلون ما يقتله الذئب و الأسد   فحرم الله ذلك وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ كانوا يذبحون لبيوت النيران و قريش كانوا يعبدون الشجر و الصخر فيذبحون لهما وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ قال كانوا يعمدون إلى الجزور فيجزونه عشرة أجزاء ثم يجتمعون عليه فيخرجون السهام و يدفعونها إلى رجل و السهام عشرة سبعة لها أنصباء و ثلاثة لا أنصباء لها فالتي لها أنصباء الفذ و التوأم و المسبل و النافس و الحلس و الرقيب و المعلى فالفذ له سهم و التوأم له سهمان و المسبل له ثلاثة أسهم و النافس له أربعة أسهم و الحلس له خمسة أسهم و الرقيب له ستة أسهم و المعلى له سبعة أسهم و التي لا أنصباء لها السفيح و المنيح و الوغد و ثمن الجزور على من لم يخرج له من الأنصباء شي‏ء و هو القمار فحرمه الله عز و جل

 تفسير علي بن إبراهيم، مرسلا مثله إلا أنه قال قبل المتردية وَ الْمَوْقُوذَةُ كانوا يشدون أرجلها و يضربونها حتى تموت فإذا ماتت أكلوها وَ الْمُتَرَدِّيَةُ كانوا يشدون أعينها إلخ

و كأنه سقط من النساخ أو الرواة و أقول هذا الخبر صريح في مخالفة المشهور في السبعة إلا في الأول و الثاني و السابع كما عرفت قوله ع على من لم يخرج له من الأنصباء اللام للعهد أي الثلاثة و في بعض النسخ على من لم يخرج فالمراد بالأنصباء السبعة

20-  قرب الإسناد، عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال سئل الصادق عن ذبيحة الأغلف فقال ع كان علي ع لا يرى بها بأسا

 بيان لا خلاف فيه ظاهرا بين الأصحاب قال في الدروس يحل ذبيحة المميز و المرأة و الخصي و الخنثى و الجنب و الحائض و الأغلف و الأعمى إذا سدد لما روي   عنهما ع و ولد الزنا على الأقرب

21-  قرب الإسناد، عن الحسن بن ظريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه ع قال كان علي ع يقول لا بأس بذبيحة المروة و العود و أشباههما ما خلا السن و العظم

22-  بالإسناد عن علي ع أنه كان يقول إذا أسرعت السكين في الذبيحة فقطعت الرأس فلا بأس بأكلها

 بيان يدل الخبر الأول على جواز الذبح بالحجارة المحددة و العود و أشباههما و حمل الضرورة و الثاني منطوقا على عدم البأس بإبانة الرأس إذا كان بغير اختيار و مفهوما على مرجوحية الأكل إذا كانت الإبانة عمدا و فيه قولان أحدهما التحريم ذهب إليه الشيخ في النهاية و ابن الجنيد و جماعة

 لصحيحة محمد بن مسلم عن الباقر ع أنه قال لا تنخع و لا تقطع الرقبة بعد ما يذبح

قالوا هو نهي و الأصل فيه التحريم. و الثاني الكراهة ذهب إليه الشيخ في الخلاف و ابن إدريس و المحقق و العلامة في غير المختلف ثم على تقدير التحريم هل تحرم الذبيحة أم لا فيه قولان أحدهما التحريم ذهب إليه الشيخ في النهاية و ابن زهرة و قيل لا يحرم

 لصحيحة محمد بن مسلم عن الصادق ع أنه سئل عن ذابح طير قطع رأسه أ يؤكل منه قال نعم و لكن لا يتعمد

   و لو أبان الرأس بغير تعمد فلا إشكال في عدم التحريم لهذا الخبر و غيره من الأخبار

23-  كتاب المسائل، بالإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل ذبح فقطع الرأس قبل أن تبرد الذبيحة كان ذلك منه خطأ أو سبقه السكين أ يؤكل ذلك قال نعم و لكن لا يعود

24-  الخصال، عن أحمد بن الحسن القطان عن الحسن بن علي السكري عن محمد بن زكريا الجوهري عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن جابر الجعفي عن الباقر ع قال لا تذبح المرأة إلا من اضطرار

25-  مجالس، ابن الشيخ عن أبيه عن الحسين عبيد الله عن هارون بن موسى التلعكبري عن عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة البرقي عن محمد البرقي عن زكريا المؤمن عن إسحاق بن عبد الله الأشعري قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لا تستعن بالمجوس و لو على أخذ قوائم شاتك و أنت تريد ذبحها

 بيان محمول على الكراهة و يدل على أنه يجوز أن يأخذ غير الذابح قوائم الشاة عند الذبح

26-  معاني الأخبار، عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار عن فضالة عن أبان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها قال وقعت على الأرض فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ الخبر

    -27  العيون، و العلل، بالأسانيد المتقدمة في باب علل تحريم المحرمات عن محمد بن سنان أن أبا الحسن الرضا ع كتب إليه حرم ما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ للذي أوجب على خلقه من الإقرار به و ذكر اسمه على الذبائح المحللة و لئلا يساوى بين ما تقرب به إليه و بين ما جعل عبادة للشياطين و الأوثان لأن في تسمية الله عز و جل الإقرار بربوبيته و توحيده و ما في الإهلال لغير الله من الشرك به و التقرب به إلى غيره ليكون ذكر الله و تسميته على الذبيحة فرقا بين ما أحل و بين ما حرم

 توضيح كأن قوله حرم ما أهل به إلى قوله المحللة تعليل لوجوب ذكر اسمه سبحانه على الذبائح و المعنى أنه لما كان أعظم أصول الدين الإقرار به سبحانه و كان تكرير ذلك سببا لرسوخ هذا الاعتقاد و إعلان الأمر الذي به يتحقق إسلام العباد و كان الذبح مما يحتاج إليه الناس و يتكرر وقوعه فلذا أوجب على العباد الإقرار بذلك عنده و بقية الكلام تعليل لتحريم ذكر اسم غيره تعالى عند الذبائح لأنه يتضمن خلاف هذا المقصود و إعلان الشرك و الإقرار به فحرم الذبيحة عند ذلك لينزجروا فقوله ليكون ذكر الله كالنتيجة لما تقدم و الله يعلم

27-  العياشي، عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله ع إن أهل مكة يذبحون البقر في اللبب فما ترى في أكل لحومها قال فسكت هنيهة ثم قال قال الله فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا يَفْعَلُونَ لا تأكل إلا ما ذبح من مذبحه

28-  و منه، عن زرارة عن أبي جعفر ع قال كل كل شي‏ء من الحيوان غير الخنزير و النطيحة و الموقوذة و المتردية و ما أكل السبع و هو قول الله إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ فإن أدركت شيئا منها و عين تطرف أو قائمة تركض أو ذنب يمصع فذبحت فقد أدركت ذكاته فكله قال و إن ذبحت ذبيحة فأجدت الذبح فوقعت في النار أو في الماء   أو من فوق بيت أو من فوق جبل إذا كنت قد أجدت الذبح فكل

 بيان قوله و النطيحة إما عطف على الخنزير فالمراد بها و بما بعدها عدم إدراك ذكاتها أو عطف على الحيوان أو على كل شي‏ء و المراد إدراك التذكية و هو أظهر و أنسب بما بعده و على التقديرين مخصص بالكلب و المسوخات و غيرهما مما مر و مصعت الدابة بذنبها حركة و هو كمنع و المراد بإجادة الذبح قطع ما يجب قطعة من أعضاء الذبح و يدل على أنه إذا وقع على الذبيحة بعد الذبح و قبل الموت ما يوجب هلاكه لو لم يذبح لم يضر. قال في التحرير إذا قطع الأعضاء فوقع المذبوح في الماء قبل خروج الروح أو وطئه ما خرج الروح به لم يحرم

29-  العياشي، عن الحسن بن علي الوشاء عن أبي الحسن الرضا ع قال سمعته يقول المتردية و النطيحة و ما أكل السبع إذا أدركت ذكاته فكله

30-  و منه، عن عيوق بن قسوط عن أبي عبد الله ع في قول الله الْمُنْخَنِقَةُ قال التي تختنق في رباطها و الموقوذة المريضة التي لا تجد ألم الذبح و لا تضطرب و لا يخرج لها دم و المتردية التي تردى من فوق بيت أو نحوه و النطيحة التي ينطح صاحبها

 بيان ينطح صاحبها أي ينطحها صاحبها

31-  العياشي، عن محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يذبح الذبيحة فيهلل أو يسبح أو يحمد أو يكبر قال هذا كله من أسماء الله

32-  العياشي، عن ابن سنان عن أبي عبد الله ع قال سألته عن ذبيحة المرأة و الغلام هل يؤكل قال نعم إذا كانت المرأة مسلمة و ذكرت اسم الله حلت ذبيحتها   و إذا كان الغلام قويا على الذبح و ذكر اسم الله حلت ذبيحته و إن كان الرجل مسلما فنسي أن يسمي فلا بأس إذا لم تتهمه

 بيان لا خلاف في عدم حل ذبيحة المجنون و الصبي غير المميز و لا في أنه تحل ذبيحة الصبي المميز إذا أحسن الذبح و سمى و في بعض الأخبار إذا تحرك و كان له خمسة أشبار و أطاق الشفرة و كأن تلك الأوصاف لبيان القدرة و التميز و في بعض الأخبار إذا خيف فوت الذبيحة و لم يوجد غيره و في بعضها إذا اضطروا إليه و كأنها محمولة على الكراهة مع عدم الضرورة و إن لم يذكرها الأصحاب و الأحوط العمل بها قوله ع إذا لم تتهمه بأن يكون مخالفا لا يعتقد وجوب التسمية و يتهم بتركه عمدا موافقا لعقيدته

33-  تفسير الإمام، قال ع قال الله عز و جل إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ التي ماتت حتف أنفها بلا ذباحة من حيث أذن الله فيها وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ أن يأكلوه وَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ما ذكر عليه اسم غير الله من الذبائح و هي التي تتقرب بها الكفار بأسامي أندادهم التي اتخذوها من دون الله

34-  النجاشي، عن أحمد بن علي بن نوح عن فهد بن إبراهيم عن محمد بن الحسن عن محمد بن موسى الحرشي عن ربعي بن عبد الله بن الجارود قال سمعت الجارود يحدث قال كان رجل من بني رياح يقال له سحيم بن أثيل نافر غالبا أبا الفرزدق بظهر الكوفة على أن يعقر هذا من إبله مائة إذا وردت الماء فلما وردت الماء قاموا إليها بالسيوف فجعلوا يضربون عراقيبها فخرج الناس على الحميرات و البغال يريدون اللحم قال و علي ع بالكوفة قال فجاء على بغلة رسول الله ص إلينا و هو ينادي أيها الناس   لا تأكلوا من لحومها و إنما أهل بها لغير الله

 توضيح نافر بالنون و الفاء أي غالبه بالمراهنة بالسباق أو بالمفاخرة بالحسب أو الكرم و السخاء في القاموس النفر الغلبة و النفارة بالضم ما يأخذه النافر من المنفور أي الغالب من المغلوب و أنفره عليه و نفره قضى له عليه بالغلبة و نافرا حاكما في الحسب أو المفاخرة. و في النهاية في حديث أبي ذر نافر أخي أنيس فلانا الشاعر تنافر الرجلان إذا تفاخرا ثم حكما بينهما واحدا أراد أنهما تفاخرا أيهما أجود شعرا و المنافرة المفاخرة و المحاكمة يقال نافره فنفره ينفره بالضم إذا غلبه انتهى. فالأظهر أن المراد أنهما تفاخرا فراهنا على أن من حكم عليه يعقر مائة من الإبل و قوله ع أهل بها لغير الله لعله أراد به أنها أخذت بالمراهنة كالقمار و لا يحل أكلها فيحمل على أنهم نحروها بعد العقر أو ذكر ع أحد أسباب حرمتها و يحمل على أنها كانت نافرة لا يقدر عليها و لم يسموا عليها فلذا علل بعد التسمية و كان الأول أظهر

35-  كتاب الغارات، لإبراهيم بن محمد الثقفي عن بشيرين خيثمة عن عبد القدوس عن أبي إسحاق عن الحارث عن أمير المؤمنين ع أنه دخل السوق و قال يا معشر اللحامين من نفخ منكم في اللحم فليس منا

 بيان النفخ في اللحم يحتمل الوجهين الأول ما هو الشائع من النفخ في الجلد لسهولة السلخ و الثاني التدليس الذي يفعل بعض الناس من النفخ في الجلد الرقيق الذي على اللحم ليرى سمينا و هذا أظهر

35-  المجازات النبوية، نهى رسول الله ص في حديث طويل عن الذبح بالسن و الظفر أما السن فعظم و أما الظفر فمدى الحبشة

    قال السيد رضي الله عنه و هذا استعارة و المدى السكاكين فكأنه ع قال و الأظفار سكاكين الحبشة لأنهم يذبحون بحدها و يقيمونها مقام المدى في التذكية بها و الظفر هاهنا اسم للجنس كالدينار و الدرهم في قولهم أهلك الناس الدينار و الدرهم أي الدنانير و الدراهم و لذلك صح أن يقول مدى الحبشة و المدى جمع لأن الواحدة مدية. تأييد قال في القاموس المدية مثلثة الشفرة و الجمع مدى و مدى

36-  المحاسن، عن علي بن الريان عن عبيد الله بن عبد الله الواسطي عن واصل بن سليمان عن درست عن أبي عبد الله ع قال الرأس موضع الذكاة الحديث

37-  قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن جده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن البدنة كيف ينحرها قائمة أو باركة قال يعقلها و إن شاء قائمة و إن شاء باركة

38-  الدعائم، عن جعفر بن محمد عن آبائه ع أن رسول الله ص قال من ذبح ذبيحة فليحد شفرته و ليرح ذبيحته

39-  و عن أبي جعفر ع أنه قال إذا أردت أن تذبح ذبيحة فلا تعذب البهيمة أحد الشفرة و استقبل القبلة و لا تنخعها حتى تموت يعني بقوله و لا تنخعها قطع النخاع و هو عظم في العنق

40-  و عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع أنهما قالا فيمن ذبح بغير القبلة إن كان أخطأ أو نسي أو جهل فلا شي‏ء عليه و تؤكل ذبيحته و إن تعمد ذلك فقد أساء و لا يجب أن تؤكل ذبيحته تلك إذا تعمد خلاف السنة

    -41  و عن علي ع أنه قال إذا ذبح أحدكم فليقل بسم الله و الله أكبر

42-  قال أبو جعفر ع و يجزيه أن يذكر الله و ما ذكر الله عز و جل به أجزأه و إن ترك التسمية متعمدا لم تؤكل ذبيحته و إن جهل ذلك أو نسيه سمى إذا ذكر و أكل

43-  و عن رسول الله ع أنه نهى عن المثلة بالحيوان و عن صبر البهائم

 و الصبر الحبس و من حبس شيئا فقد صبره و منه قيل قتل فلان صبرا إذا أمسك على الموت فالمصبورة من البهائم هي المختمة كالدجاجة و غيرها من الحيوان تربط و توضع في مكان ثم ترمى حتى تموت

44-  و عن أبي جعفر ع أنه قال من قتل عصفورا عبثا أتى الله به يوم القيامة و له صراخ يقول يا رب سل هذا فيم قتلني بغير ذبح فليحذر أحدكم من المثلة و ليحد شفرته و لا يعذب البهيمة

45-  و عن رسول الله ص أنه نهى عن أن تسلخ الذبيحة أو تقطع رأسها حتى تموت و تهدأ

46-  و عن أبي جعفر ع أنه قال اذبح في المذبح يعني دون الغلصمة و لا تنخع الذبيحة و لا تكسر الرقبة حتى يموت

47-  و عن أبي عبد الله ع أنه سئل عمن ينخع الذبيحة من قبل أن تموت يعني كسر عنقها قال قد أساء و لا بأس بأكلها

48-  و عن رسول الله ص أنه نهى عن قطع رأس الذبيحة في وقت الذبح

49-  و عن علي ع أنه كتب إلى رفاعة أن يأمر القصابين أن يحسنوا الذبح فمن صمم فليعاقبه و ليلق ما ذبح إلى الكلاب

50-  و عن أبي جعفر ع أنه قال و لا يتعمد الذابح قطع الرأس فإن ذلك جهل

51-  و عنه و عن أبي عبد الله ع أنهما قالا فيمن لم يتعمد قطع رأس   الذبيحة في وقت الذبح و لكن سبقه السكين فأبان رأسها قالا تؤكل إذا لم يتعمد ذلك

52-  و عن رسول الله ص أنه نهى عن الذبح إلا في الحلق يعني إذا كان ممكنا

53-  قال أبو جعفر ع و لا تؤكل ذبيحة لم تذبح من مذبحها

54-  و قال أبو عبد الله ع و لو تردى ثور أو بعير في بئر أو حفرة أو هاج فلم يقدر على منحره و لا مذبحه فإنه يسمي الله عليه و يطعن حيث أمكن منه و يؤكل

55-  و عن رسول الله ص أنه نهى عن الذبح بغير الحديد

56-  و عن علي و أبي جعفر و أبي عبد الله ع أنهم قالوا لا ذكاة إلا بحديدة

57-  و عن رسول الله ص أنه كره ذبح ذات الجنين و ذات الدر بغير علة

58-  و عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع أنهما رخصا في ذبيحة الغلام إذا قوي على الذبح و ذبح على ما ينبغي و كذلك الأعمى إذا سدد و كذلك المرأة إذا أحسنت

59-  و عن علي ع أنه سئل عن الذبح على غير طهارة فرخص فيه

60-  و عن أبي جعفر ع أنه رخص في ذبيحة الأخرس إذا عقل التسمية و أشار بها

 توضيح قال في النهاية فيه أنه نهى عن المثلة يقال مثلت بالحيوان أمثل به مثلا إذا قطعت أطرافه و شوهت به و الاسم المثلة و منه الحديث نهي أن يمثل بالدواب أي تنصب فترمى أو تقطع أطرافها و هي حية و زاد في الرواية و أن يؤكل الممثول بها.   و قال فيه أنه نهى عن قتل شي‏ء من الدواب صبرا هو أن يمسك شي‏ء من ذوات الروح حيا ثم يرمى بشي‏ء حتى يموت و منه الحديث نهي عن المصبورة و نهي عن صبر ذي الروح انتهى و فسر بعض أصحابنا الذبح صبرا بأن يذبحه و حيوان آخر ينظر إليه و لم أجد هذا المعنى في اللغة و تهدأ أي تسكن و قال الجوهري الغلصمة رأس الحلقوم و هو الموضع الناتي في الحلق و غلصمه أي قطع غلصمته. فمن صمم كذا في النسخ فهو إما بالتخفيف كعلم بفك الإدغام كما جوز هنا أي لم يسمع و لم يقل أو بالتشديد على بناء التفعيل أي عزم على ما هو عليه و لم يرتدع و قال في المسالك الأخرس إن كان له إشارة مفهمة حلت ذبيحته و إلا فهو كغير القاصد

61-  التهذيب، بإسناده عن علي بن أسباط عن أبي مخلد السراج قال كنت عند أبي عبد الله ع إذ دخل عليه معتب فقال بالباب رجلان فقال أدخلهما فدخلا فقال أحدهما إني رجل سراج أبيع جلود النمر فقال مدبوغة هي قال نعم قال ليس به بأس

62-  و منه، بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي القاسم الصيقل قال كتبت إليه قوائم السيوف التي تسمى السفن أتخذها من جلود السمك فهل يجوز العمل بها و لسنا نأكل لحومها فكتب لا بأس

 بيان اعلم أن الحيوان منه ما تقع عليه الزكاة إجماعا و هو ما يؤكل لحمه و منه ما لا تقع عليه إجماعا و هو الآدمي مطلقا و نجس العين كالكلب و الخنزير   بمعنى أن الآدمي لا تطهر ميتته بالذبح و إن جاز ذبحه كالكافر و نجس العين لا يطهر بالذكاة بل تبقى على نجاسته و منه ما في وقوعها عليه خلاف فمنها المسوخ فمن قال بنجاستها كالشيخين و سلار قال بعدم وقوع الذكاة عليها كما لا تقع على الكلب و الخنزير و هو ضعيف و من قال بطهارتها كأكثر الأصحاب اختلفوا فذهب المرتضى و جماعة إلى وقوعها عليها و نفاه جماعة و منها الحشرات كالفأر و ابن عرس و الضب و الخلاف فيه كالخلاف في سابقه. الثالث السباع كالأسد و النمر و الفهد و الثعلب و المشهور بين الأصحاب وقوع الذكاة عليها بمعنى إفادتها جواز الانتفاع بجلدها لطهارته و قال الشهيد رحمه الله لا يعلم القائل بعدم وقوع الذكاة عليها و قد دلت عليه أخبار و إن قدح في إسناد أكثرها و إذا قلنا بوجوب الذكاة على السباع أو غيرها من غير المأكول فالأشهر بين المتأخرين أن طهارة جلدها لا يتوقف على الدباغ و قال الشيخان و المرتضى و القاضي و ابن إدريس بافتقاره إلى الدبغ ببعض الأخبار التي يمكن حملها على الاستحباب