باب 3- علّة عدم تغيير أمير المؤمنين عليه السلام بعض البدع في زمانه

 ج عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عليه السلام قال خطب أمير المؤمنين ]عليه السلام[ فقال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول كيف أنتم إذا ألبستم الفتنة، ينشأ فيها الوليد، و يهرم فيها الكبير، و تجري الناس عليها حتّى يتّخذوها سنّة، فإذا غيّر منها شي‏ء قيل أتى الناس بمنكر غيّرت السنّة. ثمّ تشتدّ البليّة، و تنشأ فيها الذريّة، و تدقّهم الفتن كما تدقّ النّار الحطب، و كما تدقّ الرحى بثفالها. يتفقّه الناس لغير الدين، و يتعلّمون لغير العمل، و يطلبون الدنيا بعمل الآخرة. ثمّ أقبل أمير المؤمنين عليه السلام، و معه ناس من أهل بيته و خاصّ من شيعته، فصعد المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه و صلّى على النبي صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ قال لقد عملت ]عمل »خ«[ الولاة قبلي بأمور عظيمة، خالفوا فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله متعمّدين لذلك، و لو حملت الناس على تركها و حوّلتها إلى مواضعها التي كانت عليها على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، لتفرّق عنّي جندي حتّى أبقى وحدي إلّا قليلا من شيعتي الذين عرفوا فضلي و إمامتي من كتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله. أ رأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم عليه السلام فرددته إلى المكان الذي وضعه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيه، و رددت فدك إلى ورثة فاطمة عليها السلام، و رددت صاع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و مدّه إلى ما كان، و أمضيت قطائع كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أقطعها لناس مسمّين، و رددت دار جعفر بن أبي طالب إلى ورثته و هدمتها ]و أخرجتها[ من المسجد، و رددت الخمس إلى أهله، و رددت قضاء كلّ من قضى بجور، و سبي ذراري بني تغلب، و رددت ما قسم من أرض خيبر، و محوت ديوان العطاء، و أعطيت كما كان يعطي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و لم أجعلها دولة بين الأغنياء و اللّه لقد أمرت الناس أن لا يجمعوا ]لا يجتمعوا »خ«[ في شهر رمضان إلّا في فريضة، فنادى بعض أهل عسكري ممّن يقاتل دوني، و سيفه معي أتقي به في الإسلام و أهله غيّرت سنّة عمر و نهى أن يصلّى في شهر رمضان في جماعة، حتّى خفت أن يثور بي ناحية عسكري ما لقيت هذه الأمّة من أئمّة الضّلالة و الدعاة إلى النّار. و أعظم من ذلك، سهم ذوي القربى الذين قال اللّه تبارك و تعالى ]في حقّهم[ وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ

نحن و اللّه عنى بذوي القربى الّذين قرنهم اللّه بنفسه و نبيّه صلّى اللّه عليه و آله، و لم يجعل لنا في الصّدقة نصيبا، أكرم اللّه سبحانه و تعالى نبيّه، و أكرمنا أن يطعمنا أوساخ أيدي الناس. فقال له رجل إنّي سمعت من سلمان و أبي ذرّ الغفاري و المقداد، أشياء من تفسير القرآن و الرّواية عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله، و سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، و رأيت في أيدي النّاس أشياء كثيرة من تفسير القرآن و الأحاديث عن النبي صلّى اللّه عليه و آله، ]و[ أنتم تخالفونهم و تزعمون أنّ ذلك باطل، أ فترى الناس يكذبون متعمّدين على نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و آله و يفسّرون القرآن بآرائهم قال فأقبل ]إليه أمير المؤمنين[ عليه السّلام فقال له قد سألت فافهم الجواب إنّ في أيدي النّاس حقّا و باطلا، و صدقا و كذبا، و ناسخا و منسوخا، و عامّا و خاصا، و محكما و متشابها، و حفظا و وهما، و قد كذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو حيّ، حتّى قام خطيبا فقال »أيّها الناس قد كثرت عليّ الكذابة، فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوأ مقعده من النار«. و إنّما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس رجل منافق مظهر للإيمان متصنّع بالإسلام، لا يتأثّم و لا يتحرّج في أن يكذب على اللّه و على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله متعمّدا، فلو علم النّاس أنّه منافق كاذب لم يقبلوا منه و لم يصدّقوا قوله، و لكنّهم قالوا »صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و رآه و سمع منه و لقف عنه« و يأخذون ]فيأخذون »خ«[ بقوله و قد أخبرك اللّه عن المنافقين بما أخبرك و وصفهم بما وصفهم به لك. ثمّ بقوا بعده صلّى اللّه عليه و آله فتقرّبوا إلى أئمة الضلالة، و الدعاة إلى النار بالزور و البهتان، فولّوهم الأعمال و جعلوهم حكّاما على رقاب الناس، و أكلوا بهم الدنيا و إنّما الناس مع الملوك و الدنيا إلّا من عصمه اللّه. فهذا أحد الأربعة. و ]ثاني الأربعة[ رجل سمع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شيئا لم يحفظه على وجهه، فوهم فيه و لم يتعمد كذبا، و هو في يديه يرويه و يعمل به و يقول »أنا سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله«. فلو علم المسلمون أنّه وهم فيه لم يقبلوا منه، و لو علم هو أنّه كذلك لرفضه. و رجل ثالث سمع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شيئا يأمر به ثمّ نهى ]رسول اللّه[ عنه و هو لا يعلم، أو سمعه نهى عن شي‏ء ثمّ أمر به و هو لا يعلم، فحفظ المنسوخ و لم يحفظ الناسخ. فلو علم أنّه منسوخ لرفضه، و لو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه. و آخر رابع لم يكذب على اللّه و لا على رسوله، مبغض للكذب خوفا للّه و تعظيما لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و لم يهم به، بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به على ما سمعه، و لم يزد فيه و لم ينقص منه، و حفظ الناسخ فعمل به و حفظ المنسوخ فجنب عنه، و عرف الخاصّ و العامّ فوضع كلّ شي‏ء موضعه، و عرف المتشابه و المحكم. و قد يكون من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الكلام له وجهان، فكلام خاصّ و كلام عامّ، فيسمعه من لا يعرف ما عنى اللّه به، و لا ما عنى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فيحمله السّامع و يوجّهه على غير معرفة بمعناه و لا ما قصد به و ما خرج من أجله. و ليس كلّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسأله و يستفهمه، حتّى إن كانوا ليحبّون أن يجي‏ء الأعرابي أو الطّاري فيسأله صلّى اللّه عليه و آله حتّى يسمعوا كلامه و كان لا يمرّ بي من ذلك شي‏ء إلّا سألت عنه و حفظته. فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم و عللهم في رواياتهم.

 بيان قد مرّ شرح آخر الخبر و سيأتي شرح أوّله. قوله عليه السلام »أتقي به الإسلام« في بعض النسخ »ينعى الإسلام« ]و[ النعي خبر الموت أي كان ينادي مظهرا أنّه مات الإسلام و أهله بتغيير سنّة عمر.

 شي‏ء عن حريز عن بعض أصحابنا عن أحدهما قال لمّا كان أمير المؤمنين ]عليه السلام[ في الكوفة أتاه الناس فقالوا اجعل لنا إماما يؤمّنا في ]شهر[ رمضان. فقال لا. و نهاهم أن يجتمعوا فيه، فلمّا أمسوا جعلوا يقولون ابكوا في رمضان وا رمضاناه. فأتاه الحارث الأعور في أناس فقال يا أمير المؤمنين ضجّ الناس و كرهوا قولك. فقال عليه السّلام دعوهم و ما يريدون ليصلّي بهم من شاءوا. ثمّ قال »فمن يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً«

 جا الكاتب عن الزعفراني عن الثقفي عن يوسف بن كليب عن معاوية بن هشام عن الصباح بن يحيى المزني عن الحارث بن حصيرة قال حدّثني جماعة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال يوما ادعوا ]لي[ غنيا و باهلة و حيا آخر قد سمّاهم فليأخذوا عطاياهم، فو الذي فلق الحبّة و برأ النسمة ما لهم في الإسلام نصيب، و إنّي شاهد و منزلي عند الحوض و عند المقام المحمود، أنّهم أعداء لي في الدنيا و الآخرة ]و[ لآخذن غنيا أخذة يضرط باهلة. و لئن ثبتت قدماي لأردّنّ قبائل إلى قبائل، و قبائل إلى قبائل، و لأبهرجنّ ستّين قبيلة ما لها في الإسلام نصيب.

بيان البهرج الباطل. و بهرجه أي جعل دمه هدرا.

 كا ]ثقة الإسلام الكليني[ في ]كتاب[ الروضة ]عن[ عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن حمّاد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن أبي عيّاش عن سليم بن قيس الهلالي قال خطب أمير المؤمنين عليه السّلام فحمد اللّه و أثنى عليه ثمّ صلّى على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله ثمّ قال ألا إنّ أخوف ما أخاف عليكم خلّتان اتّباع الهوى، و طول الأمل. أمّا اتباع الهوى فيصدّ عن الحقّ. و أمّا طول الأمل فينسي الآخرة. ألا و إنّ الدنيا قد ترحّلت مدبرة، و إنّ الآخرة قد ترحّلت مقبلة، و لكلّ واحدة ]منهما[ بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، و لا تكونوا من أبناء الدّنيا، فإنّ اليوم عمل و لا حساب، و إنّ غدا حساب و لا عمل. و إنّما بدء وقوع الفتن من أهواء تتّبع، و أحكام تبتدع، يخالف فيها حكم اللّه، يتولّى فيها رجال رجالا. ألا إنّ الحقّ لو خلص لم يكن اختلاف، و لو أنّ الباطل خلص لم يخف على ذي حجى، لكنّه يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث، فيمزجان فيجتمعان فيجلّيان معا، فهناك يستولي الشيطان على أوليائه، و نجا الذين سبقت لهم من اللّه الحسنى، إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول كيف أنتم إذا ألبستكم فتنة يربو فيها الصّغير، و يهرم فيها الكبير، يجري النّاس عليها و يتّخذونها سنّة، فإذا غيّر منها شي‏ء قيل قد غيّرت السّنّة و أتى الناس منكرا. ثمّ تشتدّ البليّة و تسبى الذّريّة و تدقّهم الفتنة كما تدقّ النّار الحطب، و كما تدق الرّحى بثفالها، و يتفقّهون لغير اللّه، و يتعلّمون لغير العمل، و يطلبون الدّنيا بأعمال الآخرة. ثمّ أقبل ]عليه السلام[ بوجهه و حوله ناس من أهل بيته و خاصّته و شيعته، فقال قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، متعمّدين لخلافه، ناقضين لعهده، مغيّرين لسنّته، و لو حملت الناس على تركها و حوّلتها إلى مواضعها و إلى ما كانت في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لتفرّق عنّي جندي، حتّى أبقى وحدي أو ]مع[ قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي و فرض إمامتي من كتاب اللّه عزّ ذكره و سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. أ رأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم عليه السلام فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و رددت فدك إلى ورثة فاطمة عليها السلام، و رددت صاع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كما كان، و أمضيت قطائع أقطعها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأقوام لم تمض لهم و لم تنفذ، و رددت دار جعفر عليه السلام إلى ورثته و هدمتها من المسجد، و رددت قضايا من الجور قضي بها، و نزعت نساء تحت رجال بغير حقّ فرددتهنّ إلى أزواجهنّ، و استقبلت بهنّ الحكم في الفروج و الأحكام، و سبيت ذراري بني تغلب، و رددت ما قسم من أرض خيبر، و محوت دواوين العطايا، و أعطيت كما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يعطي بالسّويّة، و لم أجعلها دولة بين الأغنياء، و ألقيت المساحة و سوّيت بين المناكح، و أنفذت خمس الرسول كما أنزل اللّه عزّ و جلّ و فرضه، و رددت مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى ما كان عليه، و سددت ما فتح فيه من الأبواب و فتحت ما سدّ منه، و حرمت المسح على الخفين، و حددت على النبيذ، و أمرت بإحلال المتعتين، و أمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات، و ألزمت النّاس الجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم، و أخرجت من أدخل مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في مسجده ممّن كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أخرجه، و أدخلت من أخرج بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ممن كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أدخله، و حملت الناس على حكم القرآن و على الطلاق على السنّة، و أخذت الصدقات على أصنافها و حدودها، و رددت الوضوء و الغسل و الصلاة إلى مواقيتها و شرائعها و مواضعها، و رددت أهل نجران إلى مواضعهم، و رددت سبايا فارس و سائر الأمم إلى كتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله، إذا لتفرقوا عنّي. و اللّه لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلّا في فريضة، و أعلمتهم أنّ اجتماعهم في النوافل بدعة، فنادى بعض أهل عسكري ممّن يقاتل معي »يا أهل الإسلام غيّرت سنّة عمر، ينهانا عن الصلاة في شهر

 رمضان تطوّعا«. و لقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري ما لقيت من هذه الأمة من الفرقة و طاعة أئمّة الضّلالة و الدعاة إلى النار و ]لو[ أعطيت من ذلك سهم ذي القربى الذي قال اللّه عزّ و جلّ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فنحن و اللّه عنى بذي القربى الذي قرننا اللّه بنفسه و برسوله، فقال فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فينا ]خ منّا[ خاصّة كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ. وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ في ظلم آل محمد إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ لمن ظلمهم، رحمة منه لنا، و غنى أغنانا اللّه به و وصّى به نبيّه صلّى اللّه عليه و آله، و لم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا، أكرم اللّه رسوله صلّى اللّه عليه و آله، و أكرمنا أهل البيت أن يطعمنا من أوساخ الناس، فكذّبوا اللّه و كذّبوا رسوله و جحدوا كتاب اللّه الناطق بحقّنا، و منعونا فرضا فرضه اللّه لنا. ما لقي أهل بيت نبيّ من أمّته ما لقيته بعد نبيّنا وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ على من ظلمنا، و لا حول و لا قوّة إلّا باللّه العظيم

تبيين أقول وجدت في أصل كتاب سليم مثله. قوله عليه السلام »إنّ أخوف« ]لفظ »أخوف«[ مشتقّ من المبني للمفعول على خلاف القياس كأشهر. ]قوله عليه السلام[ »قد ترحّلت« قال الفيروزآبادي ارتحل القوم عن المكان انتقلوا كترحّلوا. شبّه عليه السلام انقضاء العمر في الدنيا شيئا فشيئا، و نقص لذّاتها بترحّلها و إدبارها و قرب الموت يوما فيوما بترحّل الآخرة و إقبالها. ]قوله عليه السلام اليوم[ عمل« قال ابن ميثم ]لفظ »عمل«[ قائم مقام الخبر، من قبيل استعمال المضاف إليه مقام المضاف أي اليوم يوم عمل، أو وقت عمل. ]قوله عليه السلام[ »إنّما بدء وقوع الفتن« إلى آخره قد أورد الكليني رحمه اللّه، في كتاب العقل ]من الكافي[ هذا الجزء من الخبر بسند صحيح عن ]الإمام[ الباقر عليه السلام و فيه »أيّها النّاس إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتّبع، و أحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب اللّه«. ]قوله عليه السلام[ »من هذا ضغث« الضغث مل‏ء الكفّ من الشجر و الحشيش و الشماريخ. ]قوله عليه السلام[ »فيجلّيان« و في كتاب العقل ]من الكافي[ »فيجيئان معا، فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه، و نجا الذين سبقت لهم من اللّه الحسنى« و هو أظهر. و على ما في هذا الخبر، لعلّ المراد نجا الذين قال اللّه فيهم سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى، أي سبقت لهم في علم اللّه و قضائه و مشيئته، الخصلة الحسنى و هي السعادة أو التوفيق للطاعة، أو البشرى بالجنّة، أو العاقبة الحسنى. ]قوله عليه السلام[ »لبستم« كذا في بعض النسخ و هو الظاهر و في بعضها »ألبستم« على بناء المجهول من الأفعال و هو أظهر. و في أكثره »ألبستكم« فيحتمل المعلوم و المجهول بتكلّف، إمّا لفظا و إمّا معنى. ]قوله عليه السلام[ »يربو فيها الصغير« قال الفيروزآبادي ربا ]المال[ ربوّا كعلوا زاد و نما. و الغرض بيان كثرة امتدادها. ]قوله عليه السلام[ »و قد أتى الناس منكرا« لعلّه داخل تحت القول و يحتمل العدم. ]قوله عليه السلام[ »و كما تدقّ الرحى بثقالها« في أكثر النسخ بالقاف و لعلّه تصحيف. و الظاهر الفاء، قال الجزري و في حديث عليّ عليه السلام »تدقّهم الفتن دقّ الرحى بثفالها« الثفال بالكسر جلدة تبسط تحت رحى اليد، ليقع عليها الدقيق و يسمّى الحجر الأسفل ثفالا بها، و المعنى أنّها تدقّهم دقّ الرّحى بالحبّ إذا كانت مثقلة، و لا تثقل إلّا عند الطحن. و قال الفيروزآبادي و قول زهير »فنعرككم عرك الرحى بثفالها« أي على ثفالها، أي حال كونها طاحنة لأنّهم لا يثفلونها إلّا إذا طحنت انتهى. و على ما في أكثر النسخ، لعلّ المراد مع ثقالها أي إذا كانت معها ما يثقلها من الحبوب، فيكون أيضا كناية عن كونها طاحنة. ]قوله عليه السلام[ »أو قليل« أي أو يبقى معي قليل. ]قوله عليه السلام[ »لو أمرت بمقام إبراهيم«. إشارة إلى ما فعله عمر من تغيير المقام عن الموضع الذي وضعه فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، إلى موضع كان فيه في الجاهلية. ]و قد[ رواه الخاصّة و العامّة كما مرّ في بدعه. ]قوله عليه السلام[ »و نزعت نساء« إلخ كالمطلّقات ثلاثا في مجلس واحد و غيرها مما خالفوا فيه حكم اللّه. »و سبيت ذراري بن تغلب« لأنّ عمر رفع عنهم الجزية كما مرّ في بدعه، فهم ليسوا بأهل ذمّة فيحلّ سبي ذراريهم. ]قوله عليه السّلام[ »و محوت دواوين العطايا« أي التي بنيت على التفضيل بين المسلمين في زمن الثلاثة. ]قوله عليه السلام[ »و لم أجعلها دولة« قال الجزري في حديث أشراط الساعة »إذا كان المغنم دولا« ]هي[ جمع دولة بالضمّ، و هو ما يتداول من المال فيكون لقوم دون قوم. ]قوله عليه السلام[ »و ألقيت المساحة« إشارة إلى ما عدّه الخاصّة و العامّة من بدع عمر، أنّه قال ينبغي أن يجعل مكان هذا العشر و نصف العشر دراهم، نأخذها من أرباب الأملاك، فبعث إلى البلدان من مسح على أهلها فألزمهم الخراج، فأخذه من العراق و ما يليها ما كان أخذه منهم ملوك الفرس على كلّ جريب درهما واحدا، و قفيزا من أصناف الحبوب، و أخذ من مصر و نواحيها دينارا و إردبا عن مساحة جريب، كما كان يأخذ منهم ملوك الإسكندرية.

 و قد روى البغوي في ]كتاب[ شرح السنة و غيره من علمائهم عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال منعت العراق درهمها و قفيزها، و منعت الشام مدّها و دينارها، و منعت مصر إردبها و دينارها.

و الإردب لأهل مصر أربعة و ستّون منا و فسرّه أكثرهم بأنّه قد محا ذلك شريعة الإسلام. و كان أوّل بلد مسحه عمر بلد الكوفة، و قد مرّ الكلام فيه في باب بدع عمر. ]قوله عليه السلام[ »و سوّيت بين المناكح« بأن يزوّج الشريف و الوضيع كما فعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و زوّج بنت عمّه مقدادا. و عمر نهى عن تزويج الموالي و العجم كما في بعض الروايات. ]قوله عليه السلام[ »و أمرت بإحلال المتعتين« أي متعة النساء و متعة الحجّ اللّتين حرّمهما عمر. و »خمس تكبيرات« أي لا أربعا كما ابتدعه العامّة و نسبوه إلى عمر كما مرّ. ]قوله عليه السلام[ »و ألزمت الناس« إلخ. يدلّ ظاهرا على وجوب الجهر بالبسملة مطلقا، و إن أمكن حمله على تأكّد الاستحباب. ]قوله عليه السلام[ »و أخرجت« إلخ الكلام يحتمل أن يكون المراد إخراج جسدي المعلومين الذين دفنا في بيته ]صلّى اللّه عليه و آله و سلم[ بغير إذنه، مع أن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يأذن لهما لخوخة في مسجده، و إدخال جسد فاطمة عليها السلام و دفنها عند النّبي صلّى اللّه عليه و آله، أو رفع الجدار من بين قبريهما. و يحتمل أن يكون المراد، إدخال من كان ملازما لمسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حياته، كعمّار و أضرابه، و إخراج من أخرجه الرسول صلّى اللّه عليه و آله من المطرودين. و يمكن ]أن يكون[ تأكيدا لما مر من فتح الأبواب و سدّها. ]قوله عليه السلام[ »و رددت أهل نجران إلى مواضعهم« لم أظفر إلى الآن بكيفية إخراجهم و سببه و بمن أخرجهم. ]قوله عليه السلام[ »و رددت سبايا فارس« لعلّ المراد الاسترداد ممن اصطفاهم أو أخذ زائدا من حظّه. ]و قوله عليه السلام[ »ما لقيت« كلام مستأنف للتعجّب. و ]قوله[ »أعطيت« رجوع إلى الكلام السابق و لعلّ التأخير من الرواة. و في رواية الإحتجاج »و أعظم من ذلك« كما مرّ و هو أظهر. ]قوله[ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ هذه من تتمّة آية الخمس، حيث قال تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ. قال البيضاوي ]جملة[ ) إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ( متعلّق بمحذوف دلّ عليه ]قوله[ » وَ اعْلَمُوا« أي إن كنتم آمنتم باللّه فاعلموا أنّه جعل الخمس لهؤلاء، فسلّموا إليهم و اقتنعوا بالأخماس الأربعة الباقية، فإنّ العلم المتعلّق بالعمل إذا أمر به لم يرد منه العلم المجرّد لأنّه مقصود بالعرض، و المقصود بالذات هو العمل. وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا محمد من الآيات و الملائكة و النصر يَوْمَ الْفُرْقانِ يوم بدر فإنّه فرّق فيه بين الحق و الباطل يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ المسلمون و الكفار. أقول لعلّ نزول حكم الخمس كان في غزاة بدر و ]قوله[ » وَ ما أَنْزَلْنا« إشارة إليه كما يظهر من بعض الأخبار. و فسّر عليه السلام »ذي القربى« بالأئمة كما دلّت عليه الأخبار المستفيضة، و عليه انعقد إجماع الشيعة. ]قوله[ » كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً« هذه تتمّة لآية أخرى ورد ]ت[ في فيئهم عليهم السلام حيث قال ]تعالى[ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ أي الفي‏ء الذي هو حقّ الإمام عليه السلام. دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ )الدّولة بالضمّ ما يتداوله الأغنياء و تدور بينهم كما كان في الجاهلية. ]قوله عليه السلام[ »رحمة لنا« أي فقرّر الخمس و الفي‏ء لنا رحمة منه لنا، و ليغنينا بهما أوساخ أيدي الناس.

 نهج ]و[ قال عليه السّلام لو قد استوت قدماي من هذه المداحض لغيّرت أشياء.

بيان المداحض المزالق. و استواء القدمين كناية عن تمكّنه عليه السلام من إجراء الأحكام الشرعية على وجوهها لأنّه عليه السلام لم يتمكن من تغيير بعض ما كان في أيّام الخلفاء كما عرفت.

 كا محمد بن يحيى عن محمد بن إسماعيل القمي عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة رفعه قال مرّ أمير المؤمنين برجل يصلّي الضحى في مسجد الكوفة، فغمز جنبه بالدرة و قال نحرت صلاة الأوّابين نحرك اللّه قال فأتركها قال فقال أ رأيت الذي ينهى عبدا إذا صلّى. فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام و كفى بإنكار عليّ عليه السلام نهيا.

بيان »أ رأيت الذي« أي أقول اتركها، فتقول أنت و أمثالك مثل هذا أو قال ذلك تقية.

 يب عليّ بن الحسن بن فضّال عن أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد المدائني عن مصدق بن صدقة عن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الصلاة في ]شهر[ رمضان في المساجد. قال لمّا قدم أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة أمر الحسن بن عليّ أن ينادي في الناس لا صلاة في شهر رمضان في المساجد جماعة، فنادى في الناس الحسن بن عليّ عليه السلام بما أمره به أمير المؤمنين عليه السلام، فلمّا سمع الناس مقالة الحسن بن عليّ عليه السلام، صاحوا وا عمراه وا عمراه. فلمّا رجع إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال له ما هذا الصوت فقال يا أمير المؤمنين الناس يصيحون وا عمراه وا عمراه فقال أمير المؤمنين قل لهم صلّوا.

 كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي عن مخوّل بن إبراهيم عن إسرائيل عن عاصم بن سليمان عن محمد بن سيرين عن شريح قال بعث إليّ علي عليه السلام أن اقضي بما كنت أقضي ]سابقا[ حتى يجتمع أمر الناس.