باب 17- مداحيه و ما قالوا فيه صلوات الله عليه

1-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ البيهقي عن الصولي عن أحمد بن إسماعيل بن الخضيب قال لما ولي الرضا ع العهد خرج إليه إبراهيم بن العباس و دعبل بن علي و كانا لا يفترقان و رزين بن علي أخو دعبل فقطع عليهم الطريق فالتجئوا إلى أن ركبوا إلى بعض المنازل حميرا كانت تحمل الشوك فقال إبراهيم

أعيدت بعد حمل الشوك أحمالا من الخزف‏نشاوى لا من الخمرة بل من شدة الضعف

ثم قال لرزين بن علي أجزها فقال

فلو كنتم على ذاك تصيرون إلى القصف‏تساوت حالكم فيه و لا تبقوا على الخسف

ثم قال لدعبل أجز يا أبا علي فقال

إذا فات الذي فات فكونوا من ذوي الظرف‏و خفوا نقصف اليوم فإني بائع خفي

 بيان الإجازة في الشعر أن تتم مصراع غيرك أو تضيف إلى شعره شعرا و القصف اللهو و اللعب و الخسف النقصان و بات فلان الخسف أي جائعا و يقال سامه الخسف و سامه خسفا أي أولاه ذلا و خف القوم ارتحلوا مسرعين

2-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ البيهقي عن الصولي عن هارون بن عبد الله المهلبي قال لما وصل إبراهيم بن العباس و دعبل بن علي إلى الرضا ع و قد بويع له بالعهد أنشده دعبل

مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات

و أنشده إبراهيم بن العباس

أزال عزاء القلب بعد التجلد مصارع أولاد النبي محمد

فوهب لهما عشرين ألف درهم من الدراهم التي عليها اسمه كان المأمون أمر بضربها في ذلك الوقت قال فأما دعبل فصار بالعشرة آلاف التي حصته إلى قم فباع كل درهم بعشرة دراهم فتخلصت له مائة ألف درهم و أما إبراهيم فلم تزل عنده بعد أن أهدى بعضها و فرق بعضها على أهله إلى أن توفي رحمه الله فكان كفنه و جهازه منها

3-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ أحمد بن يحيى المكتب عن أحمد بن محمد الوراق عن علي بن هارون الحميري عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال إن المأمون لما جعل علي بن موسى الرضا ع ولي عهده و إن الشعراء قصدوا المأمون و وصلهم بأموال جمة حين مدحوا الرضا ع و صوبوا رأي المأمون في الأشعار دون أبي نواس فإنه لم يقصده و لم يمدحه و دخل إلى المأمون فقال له يا أبا نواس قد علمت مكان علي بن موسى الرضا مني و ما أكرمته به فلما ذا أخرت مدحه و أنت شاعر زمانك و قريع دهرك فأنشأ يقول

قيل لي أنت أوحد الناس طرا في فنون من الكلام النبيه‏لك من جوهر الكلام بديع يثمر الدر في يدي مجتنيه‏فعلى ما تركت مدح ابن موسى و الخصال التي تجمعن فيه‏قلت لا أهتدي لمدح إمام كان جبريل خادما لأبيه

فقال له المأمون أحسنت و وصله من المال بمثل الذي وصل به كافة الشعراء و فضله عليهم

  عم، ]إعلام الورى[ مرسلا مثله بيان في منهاج الكرامة هكذا

قيل لي أنت أفضل الناس طرا في المعاني و في الكلام البديه‏فلما ذا تركت مدح ابن موسى و الخصال التي تجمعن فيه.قلت لا أستطيع مدح إمام

 اه و القريع السيد يقال فلان قريع دهره ذكره الجوهري

4-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ محمد بن الحسن بن إبراهيم عن محمد بن صقر الغساني عن الصولي قال سمعت أبا العباس محمد بن يزيد المبرد يقول خرج أبو نواس ذات يوم من داره فبصر براكب قد حاذاه فسأل عنه و لم ير وجهه فقيل إنه علي بن موسى الرضا ع فأنشأ يقول

إذا أبصرتك العين من بعد غاية و عارض فيه الشك أثبتك القلب‏و لو أن قوما أمموك لقادهم نسيمك حتى يستدل بك الركب

5-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ المكتب عن علي عن أبيه عن محمد بن يحيى الفارسي قال نظر أبو نواس إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا ع ذات يوم و قد خرج من عند المأمون على بغلة له فدنا منه أبو نواس فسلم عليه و قال يا ابن رسول الله قد قلت فيك أبياتا فأحب أن تسمعها مني قال هات فأنشأ يقول

مطهرون نقيات ثيابهم تجري الصلاة عليهم أينما ذكروامن لم يكن علويا حين تنسبه فما له من قديم الدهر مفتخرفالله لما بدا خلقا فأتقنه صفاكم و اصطفاكم أيها البشرو أنتم الملأ الأعلى و عندكم علم الكتاب و ما جاءت به السور

فقال الرضا ع قد جئتنا بأبيات ما سبقك إليها أحد ثم قال يا غلام هل معك من نفقتنا شي‏ء فقال ثلاثمائة دينار فقال أعطها إياه ثم قال ع لعله استقلها يا غلام سق إليه البغلة و لما كانت سنة إحدى و مائتين حج بالناس إسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى و دعا للمأمون و لعلي بن موسى ع من بعده بولاية العهد فوثب إليه حمدويه بن علي بن عيسى بن موسى بن عيسى بن ماهان فدعا إسحاق بسواد ليلبسه فلم يجده فأخذ علما أسود فالتحف به و قال أيها الناس إني قد بلغتكم ما أمرت به و لست أعرف إلا أمير المؤمنين المأمون و الفضل بن سهل ثم نزل و دخل عبد الله بن مطرف بن ماهان على المأمون يوما و عنده علي بن موسى الرضا ع فقال له المأمون ما تقول في أهل البيت فقال عبد الله ما قولي في طينة عجنت بماء الرسالة و غرست بماء الوحي هل ينفح منها إلا مسك الهدى و عنبر التقى قال فدعا المأمون بحقة فيها لؤلؤ فحشا فاه

 كشف، ]كشف الغمة[ عن الفارسي مثله إلى قوله سق إليه البغلة

6-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الهمداني عن علي عن أبيه عن الهروي قال سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول أنشدت مولاي علي بن موسى الرضا ع قصيدتي التي أولها

مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات

فلما انتهيت إلى قولي

خروج إمام لا محالة خارج يقوم على اسم الله و البركات‏يميز فينا كل حق و باطل و يجزي على النعماء و النقمات

بكى الرضا ع بكاء شديدا ثم رفع رأسه إلي فقال لي يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين فهل تدري من هذا الإمام و متى يقوم فقلت لا يا مولاي إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد و يملؤها عدلا فقال يا دعبل الإمام بعدي محمد ابني و بعد محمد ابنه علي و بعد علي ابنه الحسن و بعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره و لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملؤها عدلا كما ملئت جورا و أما متى فإخبار عن الوقت و لقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم الصلاة و السلام أن النبي ص قيل له يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك فقال مثله مثل الساعة لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً

 كشف، ]كشف الغمة[ عن الهروي مثله

7-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحفار عن أبي القاسم إسماعيل الدعبلي عن أبيه عن علي بن علي ابن أخي دعبل الخزاعي قال حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا ع بطوس سنة ثمان و تسعين و مائة و فيها رحلنا إليه على طريق البصرة و صادفنا عبد الرحمن بن مهدي عليلا فأقمنا عليه أياما و مات عبد الرحمن بن مهدي و حضرنا جنازته صلى عليه إسماعيل بن جعفر و رحلنا إلى سيدي أنا و أخي دعبل فأقمنا عنده إلى آخر سنة مائتين و خرجنا إلى قم بعد أن خلع سيدي أبو الحسن الرضا ع على أخي دعبل قميص خز أخضر و خاتما فصه عقيق و دفع إليه دراهم رضوية و قال له يا دعبل صر إلى قم فإنك تفيد بها و قال له احتفظ بهذا القميص فقد صليت فيه ألف ليلة ألف ركعة و ختمت فيه القرآن ألف ختمة

8-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحفار عن إسماعيل بن علي الدعبلي عن محمد بن إبراهيم بن كثير قال دخلنا على أبي نواس الحسن بن هانئ نعوده في مرضه الذي مات فيه فقال له عيسى بن موسى الهاشمي يا أبا علي أنت في آخر يوم من أيام الدنيا و أول يوم من أيام الآخرة و بينك و بين الله هناة فتب إلى الله عز و جل قال أبو نواس سندوني فلما استوى جالسا قال إياي تخوفني بالله و قد حدثني حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال قال رسول الله ص لكل نبي شفاعة و أنا خبأت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي يوم القيامة أ فترى لا أكون منهم

 بيان قال الجوهري في فلان هنات أي خصلات شر

9-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ المكتب و الوراق معا عن علي عن أبيه عن الهروي قال دخل دعبل بن علي الخزاعي رحمه الله على أبي الحسن علي بن موسى الرضا ع بمرو فقال له يا ابن رسول الله إني قد قلت فيك قصيدة و آليت على نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلك فقال ع هاتها فأنشده

مدارس آيات خلت عن تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات

فلما بلغ إلى قوله

أرى فيئهم في غيرهم متقسما و أيديهم من فيئهم صفرات

فلما بلغ إلى قوله هذا بكى أبو الحسن الرضا ع و قال له صدقت يا خزاعي فلما بلغ إلى قوله

إذا وتروا مدوا إلى واتريهم أكفا عن الأوتار منقبضات

جعل أبو الحسن ع يقلب كفيه و يقول أجل و الله منقبضات فلما بلغ إلى قوله

لقد خفت في الدنيا و أيام سعيها و إني لأرجو الأمن بعد وفاتي

قال الرضا ع آمنك الله يوم الفزع الأكبر فلما انتهى إلى قوله

و قبر ببغداد لنفس زكية تضمنها الرحمن في الغرفات

قال له الرضا ع أ فلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك فقال بلى يا ابن رسول الله فقال ع

و قبر بطوس يا لها من مصيبة توقد بالأحشاء في الحرقات‏إلى الحشر حتى يبعث الله قائما يفرج عنا الهم و الكربات

فقال دعبل يا ابن رسول الله هذا القبر الذي بطوس قبر من هو فقال الرضا ع قبري و لا تنقضي الأيام و الليالي حتى يصير طوس مختلف شيعتي و زواري ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفورا له ثم نهض الرضا ع بعد فراغ دعبل من إنشاد القصيدة و أمره أن لا يبرح من موضعه و دخل الدار فلما كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضوية فقال له يقول لك مولاي اجعلها في نفقتك فقال دعبل و الله ما لهذا جئت و لا قلت هذه القصيدة طمعا في شي‏ء يصل إلي و رد الصرة و سأل ثوبا من ثياب الرضا ع ليتبرك به و يتشرف به فأنفذ إليه الرضا ع جبة خز مع الصرة و قال للخادم قل له خذ هذه الصرة فإنك ستحتاج إليها و لا تراجعني فيها فأخذ دعبل الصرة و الجبة و انصرف و صار من مرو في قافلة فلما بلغ ميان‏قوهان وقع عليهم اللصوص فأخذوا القافلة بأسرها و كتفوا أهلها و كان دعبل فيمن كتف و ملك اللصوص القافلة و جعلوا يقسمونها بينهم فقال رجل من القوم متمثلا بقول دعبل في قصيدته

أرى فيئهم في غيرهم متقسما و أيديهم من فيئهم صفرات

فسمعه دعبل فقال لهم دعبل لمن هذا البيت فقال لرجل من خزاعة يقال له دعبل بن علي قال دعبل فأنا دعبل قائل هذه القصيدة التي منها هذا البيت فوثب الرجل إلى رئيسهم و كان يصلي على رأس تل و كان من الشيعة و أخبره فجاء بنفسه حتى وقف على دعبل و قال له أنت دعبل فقال نعم فقال له أنشد القصيدة فأنشدها فحل كتافه و كتاف جميع أهل القافلة و رد إليهم جميع ما أخذوا منهم لكرامة دعبل و سار دعبل حتى وصل إلى قم فسأله أهل قم أن ينشدهم القصيدة فأمرهم أن يجتمعوا في المسجد الجامع فلما اجتمعوا صعد المنبر فأنشدهم القصيدة فوصله الناس من المال و الخلع بشي‏ء كثير و اتصل بهم خبر الجبة فسألوه أن يبيعها منهم بألف دينار فامتنع من ذلك فقالوا له فبعنا شيئا منها بألف دينار فأبى عليهم و سار عن قم فلما خرج من رستاق البلد لحق به قوم من أحداث العرب و أخذوا الجبة منه فرجع دعبل إلى قم و سألهم رد الجبة عليه فامتنع الأحداث من ذلك و عصوا المشايخ في أمرها فقالوا لدعبل لا سبيل لك إلى الجبة فخذ ثمنها ألف دينار فأبى عليهم فلما يئس من ردهم الجبة عليه سألهم أن يدفعوا إليه شيئا منها فأجابوه إلى ذلك و أعطوه بعضها و دفعوا إليه ثمن باقيها ألف دينار و انصرف دعبل إلى وطنه فوجد اللصوص قد أخذوا جميع ما كان في منزله فباع المائة دينار التي كان الرضا ع وصله بها من الشيعة كل دينار بمائة درهم فحصل في يده عشرة آلاف درهم فذكر قول الرضا ع إنك ستحتاج إلى الدنانير و كانت له جارية لها من قلبه محل فرمدت رمدا عظيما فأدخل أهل الطب عليها فنظروا إليها فقالوا أما العين اليمنى فليس لنا فيها حيلة و قد ذهبت و أما اليسرى فنحن نعالجها و نجتهد و نرجو أن تسلم فاغتم لذلك دعبل غما شديدا و جزع عليها جزعا عظيما ثم ذكر ما كان معه من فضلة الجبة فمسحها على عيني الجارية و عصبها بعصابة منها من أول الليل فأصبحت و عيناها أصح مما كانتا قبل ببركة أبي الحسن الرضا ع

 ك، ]إكمال الدين[ الهمداني عن علي عن أبيه مثله

10-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ أبو علي أحمد بن محمد الهرمزي عن أبي الحسن داود البكري قال سمعت علي بن دعبل بن علي الخزاعي يقول لما حضر أبي الوفاة تغير لونه و انعقد لسانه و اسود وجهه فكدت الرجوع عن مذهبه فرأيته بعد ثلاث في ما يرى النائم و عليه ثياب بيض و قلنسوة بيضاء فقلت له يا أبه ما فعل الله بك فقال يا بني إن الذي رأيته من اسوداد وجهي و انعقاد لساني كان من شربي الخمر في دار الدنيا و لم أزل كذلك حتى لقيت رسول الله ص و عليه ثياب بيض و قلنسوة بيضاء فقال لي أنت دعبل قلت نعم يا رسول الله قال فأنشدني قولك في أولادي فأنشدته قولي

لا أضحك الله سن الدهر إن ضحكت يوما و آل أحمد مظلومون قد قهروامشردون نفوا عن عقر دارهم كأنهم قد جنوا ما ليس يغتفر

قال فقال لي أحسنت و شفع في و أعطاني ثيابه و ها هي و أشار إلى ثياب بدنه

 11-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ سمعت أبا نصر محمد بن الحسن الكرخي الكاتب يقول رأيت على قبر دعبل بن علي الخزاعي مكتوبا

أعد لله يوم يلقاه دعبل أن لا إله إلا هويقول مخلصا عساه بها يرحمه في القيامة الله‏الله مولاه و الرسول و من بعدهما فالوصي مولاه

12-  كشف، ]كشف الغمة[ قال محمد بن طلحة من مناقبه ع قصة دعبل بن علي الخزاعي الشاعر قال دعبل لما قلت مدارس آيات قصدت بها أبا الحسن علي بن موسى الرضا ع و هو بخراسان ولي عهد المأمون في الخلافة فوصلت المدينة و حضرت عنده و أنشدته إياها فاستحسنها و قال لي لا تنشدها أحدا حتى آمرك و اتصل خبري بالخليفة المأمون فأحضرني و سألني عن خبري ثم قال يا دعبل أنشدني

مدارس آيات خلت من تلاوة

فقلت ما أعرفها يا أمير المؤمنين فقال يا غلام أحضر أبا الحسن علي بن موسى الرضا قال فلم يكن ساعة حتى حضر فقال له يا أبا الحسن سألت دعبلا عن مدارس آيات فذكر أنه لا يعرفها فقال لي أبو الحسن يا دعبل أنشد أمير المؤمنين فأخذت فيها فأنشدتها فاستحسنها و أمر لي بخمسين ألف درهم و أمر لي أبو الحسن علي بن موسى الرضا ع بقريب من ذلك فقلت يا سيدي إن رأيت أن تهبني شيئا من ثيابك ليكون كفني فقال نعم ثم رفع إلي قميصا قد ابتذله و منشفة لطيفة و قال لي احفظ هذا تحرس به ثم دفع إلي ذو الرئاستين أبو العباس الفضل بن سهل وزير المأمون صلة و حملني على برذون أصفر خراساني و كنت أسايره في يوم مطير و عليه ممطر خز و برنس منه فأمر لي به و دعا بغيره جديد فلبسه و قال إنما آثرتك باللبيس لأنه خير الممطرين قال فأعطيت به ثمانين دينارا فلم تطب نفسي ببيعة ثم كررت راجعا إلى العراق فلما صرت في بعض الطريق خرج علينا الأكراد فأخذونا و كان ذلك اليوم يوما مطيرا فبقيت في قميص خلق و ضر جديد و أنا متأسف من جميع ما كان معي على القميص و المنشفة و مفكر في قول سيدي الرضا ع إذ مر بي واحد من الأكراد الحرامية تحته الفرس الأصفر الذي حملني عليه ذو الرئاستين و عليه الممطر و وقف بالقرب مني ليجتمع عليه أصحابه و هو ينشد

مدارس آيات خلت من تلاوة

و يبكي فلما رأيت ذلك منه عجبت من لص من الأكراد يتشيع ثم طمعت في القميص و المنشفة فقلت يا سيدي لمن هذه القصيدة فقال ما أنت و ذاك ويلك فقلت لي فيه سبب أخبرك به فقال هي أشهر بصاحبها أن تجهل فقلت من هو قال دعبل بن علي شاعر آل محمد جزاه الله خيرا فقلت له و الله يا سيدي أنا دعبل و هذه قصيدتي فقال ويلك ما تقول قلت الأمر أشهر من ذلك فأرسل إلى أهل القافلة فاستحضر منهم جماعة و سألهم عني فقالوا بأسرهم هذا دعبل بن علي الخزاعي فقال قد أطلقت كل ما أخذ من القافلة خلالة فما فوقها كرامة لك ثم نادى في أصحابه من أخذ شيئا فليرده فرجع على الناس جميع ما أخذ منهم و رجع إلى جميع ما كان معي ثم بذرقنا إلى المأمن فحرست أنا و القافلة ببركة القميص و المنشفة فانظر إلى هذه المنقبة ما أشرفها و ما أعلاها و قد يقف على هذه القصة بعض الناس ممن يطالع هذا الكتاب و يقرؤه فتدعوه نفسه إلى معرفة هذه الأبيات المعروفة بمدارس آيات و يشتهي الوقوف عليها و ينسبني في إعراضي عن ذكرها إما إلى أنني لم أعرفها أو أنني جهلت ميل النفوس حينئذ إلى الوقوف عليها فأحببت أن أدخل راحة على بعض النفوس و أن أدفع عني هذا النقص المتطرق إلي ببعض الظنون فأوردت منها ما يناسب ذلك و هي

ذكرت محل الربع من عرفات فأسبلت دمع العين بالعبرات‏و قل عرى صبري و هاجت صبابتي رسوم ديار أقفرت وعرات‏مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات‏لآل رسول الله بالخيف من منى و بالبيت و التعريف و الجمرات‏ديار علي و الحسين و جعفر و حمزة و السجاد ذي الثفنات‏ديار عفاها جور كل معاند و لم تعف بالأيام و السنوات‏ديار لعبد الله و الفضل صنوه سليل رسول الله ذي الدعوات‏منازل كانت للصلاة و للتقى و للصوم و التطهير و الحسنات‏منازل جبرئيل الأمين يحلها من الله بالتسليم و الزكوات‏منازل وحي الله معدن علمه سبيل رشاد واضح الطرقات‏منازل وحي الله ينزل حولها على أحمد الروحات و الغدوات‏فأين الأولى شطت بهم غربة النوى أفانين في الأقطار مختلفات‏هم آل ميراث النبي إذا انتموا و هم خير سادات و خير حماةمطاعيم في الأعسار في كل مشهد فقد شرفوا بالفضل و البركات‏إذا لم نناج الله في صلواتنا بذكرهم لم يقبل الصلوات‏أئمة عدل يهتدى بفعالهم و نؤمن منهم زلة العثرات‏فيا رب زد قلبي هدى و بصيرة و زد حبهم يا رب في حسناتي‏ديار رسول الله أصبحن بلقعا و دار زياد أصبحت عمرات

 و آل رسول الله هلب رقابهم و آل زياد غلظ القصرات‏و آل رسول الله تدمى نحورهم و آل زياد زينوا الحجلات‏و آل رسول الله يسبى حريمهم و آل زياد آمنوا السربات‏و آل زياد في القصور مصونة و آل رسول الله في الفلوات‏فيا وارثي علم النبي و آله عليكم سلامي دائم النفحات‏لقد أمنت نفسي بكم في حياتها و إني لأرجو الأمن عند مماتي

 بيان كأن المراد بالمنشفة المنديل يتمسح به في القاموس نشف الثوب العرق شربه و النشفة خرقة ينشف بها ماء المطر و يعصر في الأوعية و النشافة منديل يتمسح به و في النهاية فيه كان لرسول الله ص نشافة ينشف بها غسالة وجهه يعني منديلا يمسح بها وضوءه و الربع بالفتح الدار و المحلة و المنزل و السليل الولد و استعمل هنا مجازا و السليل أيضا الخالص الصافي من القذى و الكدر. و الهلب بالضم الشعر كله أو ما غلظ منه و بالتحريك كثرة الشعر و هو أهلب و الأهلب الذنب المنقطع و الذي لا شعر عليه و الكثير الشعر ضد كذا في القاموس و كأنه هنا كناية عن دقة أعناقهم كالشعر أو عن فقرهم و رثاثتهم و أنهم لا يقدرون على الحلق. و القصرة العنق و أصل الرقبة مصونة خبر أو حال و نفح الطيب كمنع فاح و النفحة من الريح الدفعة و سيأتي شرح باقي الأبيات إن شاء الله تعالى

13-  كشف، ]كشف الغمة[ عن أبي الصلت الهروي قال دخل دعبل بن علي الخزاعي على الرضا ع بمرو فقال له يا ابن رسول الله إني قد قلت فيكم قصيدة و آليت على نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلك فقال الرضا ع هاتها فأنشد

تجاوبن بالأرنان و الزفرات نوائح عجم اللفظ و النطقات

 يخبرن بالأنفاس عن سر أنفس أسارى هوى ماض و آخر آت‏فأسعدن أو أسعفن حتى تقوضت صفوف الدجى بالفجر منهزمات‏على العرصات الخاليات من ألمها سلام شج صب على العرصات‏فعهدي بها خضر المعاهد مألفا من العطرات البيض و الخفرات‏ليالي يعدين الوصال على القلى و يعدي تدانينا على العزبات‏و إذ هن يلحظن العيون سوافرا و يسترن بالأيدي على الوجنات‏و إذ كل يوم لي بلحظي نشوة يبيت بها قلبي على نشوات‏فكم حسرات هاجها بمحسر وقوفي يوم الجمع من عرفات‏أ لم تر للأيام ما جر جورها على الناس من نقض و طول شتات‏و من دول المستهزءين و من غدا بهم طالبا للنور في الظلمات‏فكيف و من أنى بطالب زلفة إلى الله بعد الصوم و الصلوات‏سوى حب أبناء النبي و رهطه و بغض بني الزرقاء و العبلات‏و هند و ما أدت سمية و ابنها أولو الكفر في الإسلام و الفجرات‏هم نقضوا عهد الكتاب و فرضه و محكمه بالزور و الشبهات‏و لم تك إلا محنة كشفتهم بدعوى ضلال من هن و هنات‏تراث بلا قربى و ملك بلا هدى و حكم بلا شورى بغير هداةرزايا أرتنا خضرة الأفق حمرة و ردت أجاجا طعم كل فرات‏و ما سهلت تلك المذاهب فيهم على الناس إلا بيعة الفلتات‏و ما قيل أصحاب السقيفة جهرة بدعوى تراث في الضلال نتات‏و لو قلدوا الموصى إليه أمورها لزمت بمأمون على العثرات‏أخي خاتم الرسل المصفى من القذى و مفترس الأبطال في الغمرات‏فإن جحدوا كان الغدير شهيده و بدر و أحد شامخ الهضبات‏و آي من القرآن تتلى بفضله و إيثاره بالقوت في اللزبات‏و عز خلال أدركته بسبقها مناقب كانت فيه مؤتنفات

 مناقب لم تدرك بخير و لم تنل بشي‏ء سوى حد القنا الذربات‏نجي لجبريل الأمين و أنتم عكوف على العزى معا و منات‏بكيت لرسم الدار من عرفات و أذريت دمع العين بالعبرات‏و بان عرى صبري و هاجت صبابتي رسوم ديار قد عفت وعرات‏مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات‏لآل رسول الله بالخيف من منى و بالبيت و التعريف و الجمرات‏ديار لعبد الله بالخيف من منى و للسيد الداعي إلى الصلوات‏ديار علي و الحسين و جعفر و حمزة و السجاد ذي الثفنات‏ديار لعبد الله و الفضل صنوه نجي رسول الله في الخلوات‏و سبطي رسول الله و ابني وصيه و وارث علم الله و الحسنات‏منازل وحي الله ينزل بينها على أحمد المذكور في الصلوات‏منازل قوم يهتدى بهداهم فيؤمن منهم زلة العثرات‏منازل كانت للصلاة و للتقى و للصوم و التطهير و الحسنات‏منازل لا تيم يحل بربعها و لا ابن صهاك فاتك الحرمات‏ديار عفاها جور كل منابذ و لم تعف للأيام و السنوات‏قفا نسأل الدار التي خف أهلها متى عهدها بالصوم و الصلوات‏و أين الأولى شطت بهم غربة النوى أفانين في الأقطار مفترقات‏هم أهل ميراث النبي إذا اعتزوا و هم خير سادات و خير حماةإذا لم نناج الله في صلواتنا بأسمائهم لم يقبل الصلوات‏مطاعيم للأعسار في كل مشهد لقد شرفوا بالفضل و البركات

 و ما الناس إلا غاصب و مكذب و مضطغن ذو إحنة و ترات‏إذا ذكروا قتلى ببدر و خيبر و يوم حنين أسبلوا العبرات‏فكيف يحبون النبي و رهطه و هم تركوا أحشاءهم وغرات‏لقد لاينوه في المقال و أضمروا قلوبا على الأحقاد منطويات‏فإن لم يكن إلا بقربى محمد فهاشم أولى من هن و هنات‏سقى الله قبرا بالمدينة غيثه فقد حل فيه الأمن بالبركات‏نبي الهدى صلى عليه مليكه و بلغ عنا روحه التحفات‏و صلى عليه الله ما ذر شارق و لاحت نجوم الليل مبتدرات‏أ فاطم لو خلت الحسين مجدلا و قد مات عطشانا بشط فرات‏إذا للطمت الخد فاطم عنده و أجريت دمع العين في الوجنات‏أ فاطم قومي يا ابنة الخير و اندبي نجوم سماوات بأرض فلاةقبور بكوفان و أخرى بطيبة و أخرى بفخ نالها صلواتي‏و أخرى بأرض الجوزجان محلها و قبر بباخمرا لدى الغربات‏و قبر ببغداد لنفس زكية تضمنها الرحمن في الغرفات‏و قبر بطوس يا لها من مصيبة ألحت على الأحشاء بالزفرات‏إلى الحشر حتى يبعث الله قائما يفرج عنا الغم و الكربات‏علي بن موسى أرشد الله أمره و صلى عليه أفضل الصلوات‏فأما الممضات التي لست بالغا مبالغها مني بكنه صفات‏قبور ببطن النهر من جنب كربلاء معرسهم منها بشط فرات‏توفوا عطاشا بالفرات فليتني توفيت فيهم قبل حين وفاتي‏إلى الله أشكو لوعة عند ذكرهم سقتني بكأس الثكل و الفظعات‏أخاف بأن أزدارهم فتشوقني مصارعهم بالجزع فالنخلات‏تغشاهم ريب المنون فما ترى لهم عقرة مغشية الحجرات‏خلا أن منهم بالمدينة عصبة مدينين أنضاء من اللزبات

 قليلة زوار سوى أن زورا من الضبع و العقبان و الرخمات‏لهم كل يوم تربة بمضاجع ثوت في نواحي الأرض مفترقات‏تنكبت لأواء السنين جوارهم و لا تصطليهم جمرة الجمرات‏و قد كان منهم بالحجاز و أرضها مغاوير نجارون في الأزمات‏حمى لم تزره المذنبات و أوجه تضي‏ء لدى الأستار و الظلمات‏إذا وردوا خيلا بسمر من القنا مساعير حرب أقحموا الغمرات‏فإن فخروا يوما أتوا بمحمد و جبريل و الفرقان و السورات‏و عدوا عليا ذا المناقب و العلى و فاطمة الزهراء خير بنات‏و حمزة و العباس ذا الهدي و التقى و جعفرا الطيار في الحجبات‏أولئك لا ملقوح هند و حزبها سمية من نوكى و من قذرات‏ستسأل تيم عنهم و عديها و بيعتهم من أفجر الفجرات‏هم منعوا الآباء عن أخذ حقهم و هم تركوا الأبناء رهن شتات‏و هم عدلوها عن وصي محمد فبيعتهم جاءت عن الغدرات‏وليهم صنو النبي محمد أبو الحسن الفراج للغمرات‏ملامك في آل النبي فإنهم أحباي ما داموا و أهل ثقاتي‏تخيرتهم رشدا لنفسي إنهم على كل حال خيرة الخيرات‏نبذت إليهم بالمودة صادقا و سلمت نفسي طائعا لولاتي‏فيا رب زدني في هواي بصيرة و زد حبهم يا رب في حسناتي‏سأبكيهم ما حج لله راكب و ما ناح قمري على الشجرات‏و إني لمولاهم و قال عدوهم و إني لمحزون بطول حياتي‏بنفسي أنتم من كهول و فتية لفك عتاة أو لحمل ديات‏و للخيل لما قيد الموت خطوها فأطلقتم منهن بالذربات‏أحب قصي الرحم من أجل حبكم و أهجر فيكم زوجتي و بناتي

 و أكتم حبيكم مخافة كاشح عنيد لأهل الحق غير موات‏فيا عين بكيهم و جودي بعبرة فقد آن للتسكاب و الهملات‏لقد خفت في الدنيا و أيام سعيها و إني لأرجو الأمن بعد وفاتي‏أ لم تر أني مذ ثلاثون حجة أروح و أغدو دائم الحسرات‏أرى فيئهم في غيرهم متقسما و أيديهم من فيئهم صفرات‏و كيف أداوي من جوى بي و الجوى أمية أهل الكفر و اللعنات‏و آل زياد في الحرير مصونة و آل رسول الله منهتكات‏سأبكيهم ما ذر في الأفق شارق و نادى مناد الخير بالصلوات‏و ما طلعت شمس و حان غروبها و بالليل أبكيهم و بالغدوات‏ديار رسول الله أصبحن بلقعا و آل زياد تسكن الحجرات‏و آل رسول الله تدمى نحورهم و آل زياد ربة الحجلات‏و آل رسول الله يسبى حريمهم و آل زياد آمنوا السربات‏إذا وتروا مدوا إلى واتريهم أكفا عن الأوتار منقبضات‏فلو لا الذي أرجوه في اليوم أو غد تقطع نفسي أثرهم حسرات‏خروج إمام لا محالة خارج يقوم على اسم الله و البركات‏يميز فينا كل حق و باطل و يجزي على النعماء و النقمات‏فيا نفس طيبي ثم يا نفس فأبشري فغير بعيد كل ما هو آت‏و لا تجزعي من مدة الجور إنني أرى قوتي قد آذنت بثبات‏فيا رب عجل ما أؤمل فيهم لأشفي نفسي من أسى المحنات‏فإن قرب الرحمن من تلك مدتي و أخر من عمري و وقت وفاتي‏شفيت و لم أترك لنفسي غصة و رويت منهم منصلي و قناتي‏فإني من الرحمن أرجو بحبهم حياة لدى الفردوس غير تباتي‏عسى الله أن يرتاح للخلق إنه إلى كل قوم دائم اللحظات

 فإن قلت عرفا أنكروه بمنكر و غطوا على التحقيق بالشبهات‏تقاصر نفسي دائما عن جدالهم كفاني ما ألقى من العبرات‏أحاول نقل الصم عن مستقرها و إسماع أحجار من الصلدات‏فحسبي منهم أن أبوء بغصة تردد في صدري و في لهواتي‏فمن عارف لم ينتفع و معاند تميل به الأهواء للشهوات‏كأنك بالأضلاع قد ضاق ذرعها لما حملت من شدة الزفرات

لما وصل إلى قوله و قبر ببغداد قال ع له أ فلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك قال بلى يا ابن رسول الله فقال و قبر بطوس و الذي يليه قال دعبل يا ابن رسول الله لمن هذا القبر بطوس فقال ع قبري و لا ينقضي الأيام و السنون حتى تصير طوس مختلف شيعتي فمن زارني في غربتي كان معي في درجتي يوم القيامة مغفورا له و نهض الرضا ع و قال لا تبرح و أنفذ إلي صرة فيها مائة دينار إلى آخر ما رواه الصدوق رحمة الله عليه من القصة

 بيان قوله عجم اللفظ أي لا يفهم معناه و الأعجم الذي لا يفصح و لا يبين كلامه و المراد أصوات الطيور و نغماتها قوله أسارى هوى ماض أي يخبرن عن العشاق الماضين و الآتين قوله فأسعدن أي العشاق و الإسعاد الإعانة و الإسعاف الإيصال إلى البغية و الأصوب فأصعدن أو أسففن من أسف الطائر إذا دنا من الأرض في طيرانه فالضمير للنوائح أي كن يطرن تارة صعودا و تارة هبوطا و تقوضت الصفوف انتقضت و تفرقت و المها بالفتح جمع مهاة و هي البقرة الوحشية و رجل شج أي حزين و رجل صب عاشق مشتاق. و قوله على العرصات ثانيا تأكيد للأولى أو متعلق بشج و صب قوله خضر المعاهد أي كنت أعهدها خضرة أماكنها المعهودة و الظاهر أنه من قبيل ضربي زيدا قائما أو عهدي مبتدأ و بها خبره باعتبار المتعلق و خضرا حال عن المجرور بها و مألفا أيضا حال منه أو من المعاهد و من للتعليل متعلق بمألفا و الخفر بالتحريك شدة الحياء تقول منه رجل خفر بالكسر و جارية خفرة و متخفرة ليالي متعلقة بعهدي يغدين أي الليالي و العطرات أي يغدين فيها و أعداه عليه أعانه عليه و القلى بالكسر البغض أي ينصرن الوصال على الهجران و يعدي تدانينا أي يعدينا تدانينا و قربنا أو تعدي الليالي قربنا على العزبات أي المفارقات البعيدة من قولهم عزب عني فلان أي بعد و في بعض النسخ بإعجام الأول و إهمال الثاني من الغربة و هو أظهر و إذ هن عطف على ليالي يلحظن أي ينظرن أي العطرات العيون أي بالعيون و المراد عيون الناظرين و سوافرا حال و الصرف للضرورة و الوجنة ما ارتفع من الخدين و كل يوم منصوب و متعلق بعامل الظرف بعده و النشوة بالفتح السكر. قوله بمحسر أي بوادي محسر بكسر السين المشددة و هو حد منى إلى جهة عرفة و في القاموس يوم جمع يوم عرفة قوله ما جر من الجريرة و هي الجناية أو الجر من نقص من للبيان و يحتمل التعليل و المراد نقض العهود في الإمامة و الشتات التفرق و من دول المستهزءين أي بالشرع و الدين و بأئمة المسلمين و في بعض النسخ المستهترين من استهتر أي اتبع هواه فلا يبالي بما يفعل. قوله و من غدا بهم عطف على المستهزءين أو الدول أي من صار بهم في الظلمات طالبا للنور أي يطلبون الهداية منهم و هذا محال و يحتمل على الثاني أن يكون المراد بهم الأئمة و أتباعهم. قوله بني الزرقاء قال الطيبي الزرقة أبغض الألوان إلى العرب لأنه لون أعدائهم الروم و المراد بهم بنو مروان فإن أمه كانت زرقاء زانية كما

 روى ابن الجوزي أن الحسين ع قال لمروان يا ابن الزرقاء الداعية إلى نفسها بسوق عكاظ

و قال الجوهري عبلة اسم أمية الصغرى و هم من قريش يقال لهم العبلات بالتحريك و سمية أم زياد و ما أدت أي حصل منها و من أبيها من الأولاد و الأفعال و أولو خبر مبتدإ محذوف أي هم و الفجرات عطف على الكفر. و فرضه عطف على أحد قوله و لم تك إلا محنة أي لم يكن إلا امتحان أصابهم بعد النبي ص فظهر كفرهم و نفاقهم بدعوى ضلال. قوله من هن و هنات كناية عن الشي‏ء القبيح أي من شي‏ء و أشياء من القبائح و بسبب الكفر و الأغراض الباطلة و الأحقاد القديمة و العقائد الفاسدة تراث بالرفع خبر مبتدإ محذوف أو بالجر بدلا من ضلال و كذا ملك و حكم يحتملهما و التراث الإرث و التاء بدل من الواو و الملك السلطنة و الخلافة أي ورثوا النبي ص بلا قرابة و ملكوا الخلافة بلا هداية و علم و حكموا في النفوس و الأموال و الفروج بغير مشورة من الهداة و رزايا أي تلك الأمور مصائب صارت بسببها خضرة أفق السماء حمرة و ردت أي صيرت تلك الرزايا طعم كل فرات أي عذب أجاجا أي مالحا و بيعة الفلتات إشارة إلى قول عمر كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها كما مر و في القاموس كان الأمر فلتة أي فجاءة من غير تدبر و تردد و هما على الاستعارة أو أشار بهما إلى ما مر من أن بعد السقيفة انقطع ماء السماء و صار ماء أجاجا و إن اشتداد حمرة الأفق حصل بعد شهادة الحسين ع. قوله و ما قيل مصدر بمعنى القول اسم ما و خبره قوله نتأت من نتأ أي ارتفع و جهرة حال عن قيل و في الضلال صفة أو متعلق بنتات و تقليد الولاة الأعمال تفويضها إليهم و ضمير أمورها للخلافة أو الأمة قوله لزمت أي الأمور من الزمام كناية عن انتظامها و أخي بدل من مأمون و قوله شامخ الهضبات صفة لأحد و الشامخ المرتفع و الهضبة الجبل المنبسط على وجه الأرض و اللزبات بالسكون جمع اللزبة بالتحريك و هي الشدة و القحط أدركته ضمير المفعول للعز و فاعله مناقب و ضمير بسبقها للمناقب قوله مؤتنفات أي طريات مبتدعات لم يسبقه إليها أحد من قولهم روضة أنف كعنق و محسن لم ترع و كذلك كأس أنف لم يشرب و أمر أنف مستأنف قوله بخير أي بمال و في بعض النسخ بكيد و لعله أصوب نجي أي كان يناجيه و يساره جبرئيل لأنه كان يسمع الوحي و أنتم عكوف أي و الحال أنتم ملازمون و محبوسون على عبادة الأصنام و الخطاب لغاصبي الخلافة معا و منات فيه تقديم و تأخير أي و منات معا. بكيت هذا مطلع ثان و المراد رسم دار أهل البيت ع و الذرابة الحدة و الذرب إلحاد من كل شي‏ء و سيف ذرب و قال الجوهري أذريت الشي‏ء إذا ألقيته كإلقائك الحب للزرع و الذرى اسم الدمع المصبوب و بان أي افترق و بعد قوله و هاجت يقال هاج الشي‏ء و هاجه غيره فعلى الأول فقوله صبابتي فاعله و قوله رسوم منصوب بنزع الخافض أي لرسوم و على الثاني فقوله رسوم فاعله. قوله عفت أي انمحت و اندرست و الوعر ضد السهل و الصبابة رقة الشوق و حرارته مدارس بالرفع مبتدأ و لآل خبره أو مجرور بدل ديار و لآل حينئذ يحتمل الوصفية للمدارس و المنزل و كونه خبرا لمحذوف و يحتمل أن يكون الظرف خبرا لديار المذكور بوضع الظاهر موضع المضمر و القفر مفازة لا نبات فيها و لا ماء و أقفرت الدار خلت و الخيف مسجد منى و التعريف وقوف عرفة و المراد هنا محلة و الصنوان نخلتان نبتتا من أصل واحد و في الحديث عم الرجل صنو أبيه و وارث عطف على وصيه و الربع الدار و المحلة و الفاتك الجري‏ء الشجاع و فتك به انتهز منه فرصة فقتله و في الأمر لج و الأظهر هاتك كما في بعض النسخ و نابذه الحرب كاشفه.

  قوله قفا قد شاع في الأشعار هذا النوع من الخطاب فقيل إن العرب قد يخاطب الواحد مخاطبة الاثنين و قيل هو للتأكيد من قبيل لبيك أي قف قف و قيل خطاب إلى أقل ما يكون معه من جمل و عبد و قيل إنما فعلت العرب ذلك لأن الرجل يكون أدنى أعوانه اثنين راعي إبله و غنمه و كذلك الرفقة أدنى ما يكون ثلاثة فجرى خطاب الاثنين على الواحد لمرون ألسنتهم عليه و قيل أراد قفن على جهة التأكيد فقلبت النون ألفا في حال الوصل لأن هذه النون تقلب ألفا في حال الوقف فحمل الوصل على الوقف و نسأل جواب الأمر. قوله متى عهدها الضمير للدار أي بعد عهدها عن الصوم و الصلوات لجور المخالفين على أهلها و إخراجهم عنها. قوله و أين الأولى أولى هنا اسم موصول قال الجوهري و أما أولى بوزن العلى فهو أيضا جمع لا واحد له من لفظه واحده الذي شطت بتشديد الطاء أي بعدت و النوى الوجه الذي ينويه المسافر و الأفانين الأغصان جمع أفنان و هو جمع فنن و هنا كناية عن التفرق و اعتزى أي انتسب و المطاعيم جمع المطعام أي كثير الإطعام و القرى. و تضاغن القوم و اضطغنوا انطووا على الأحقاد و الإحنة بالكسر الحقد و الموتور الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه تقول منه وتره يتره وترا و ترة. إذا ذكروا أي منافقي قريش و أهل الكتاب معا و لو خص بالأول فذكر خيبر لأنهم انهزموا فيه و جرى الفتح على يد علي ع فبكاؤهم للحسد و لو كان مكان خيبر أحد كان أنسب و الوغرة شدة توقد الحر و منه قيل في صدره على وغر بالتسكين أي ضغن و عداوة و توقد من الغيظ. قوله إلا بقربى محمد إشارة إلى ما احتج به المهاجرون على الأنصار في السقيفة بكونهم أقرب من الرسول ص و لا يبعد أن يكون هن و هنات إشارة إلى قدح في أنسابهم أيضا و غيثه مفعول ثان لسقى و نبي الهدى بدل من الأمن مليكه أي ربه و مالكه و التحفات مفعول ثان لبلغ. و ذر الشمس طلع و الشرق الشمس و يتحرك و شرقت الشمس طلعت و الشارق الشمس حين تشرق و لاحت أي ظهرت و تلألأت مبتدرات أي يبتدرن طلوع الشمس أو كناية عن سرعتهن في الحركة و جدله صرعه على الجدالة و هي التراب. قوله و أخرى بفخ إشارة إلى القتلى بفخ في زمن الهادي و هم الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ع و سليمان بن عبد الله بن الحسن و أتباعهما. قوله و أخرى بأرض الجوزجان إشارة إلى قتل يحيى بن زيد بن علي بن الحسين ع فإنه قتل بجوزجان و صلب بها في زمن الوليد و كان مصلوبا حتى ظهر أبو مسلم و أنزله و دفنه و محلها مبتدأ و بأرض خبره و باخمراء اسم موضع على ستة عشر فرسخا من الكوفة قتل فيها إبراهيم بن عبد الله بن الحسن. قوله تضمنها أي قبل ضمانها أو اشتمل عليه مجازا و الممضات من قولهم أمضه الجرح أي أوجعه و المضض وجع المصيبة قوله لست بالغا أي لا أبلغ بكنه صفاتي أن أصف أنها بلغت مني أي مبلغ من الحزن و يحتمل أن يكون صفات بالتنوين أي صفات المبالغ فالتنوين بدل من المضاف إليه و قوله قبور خبر للممضات حذفت الفاء منه للضرورة ببطن النهر أي بقربه و النهر هو الشعبة التي أجريت من الفرات إلى كربلاء و هو الذي منع الحسين ع منه و المراد بالفرات هنا أصل النهر العظيم و التعريس النزول آخر الليل و موضع معرس و هنا يحتمل المصدر و الحاصل أن قبورهم قريبة من الفرات بحيث إذا لم ينزل المسافر بقربها يذهب اليوم إلى الفرات فهو نصف منزل و الغرض تعظيم جورهم و شناعته بأنهم ماتوا عطشا مع كونهم بجنب النهر الصغير و بقرب النهر الكبير و لوعة الحب حرقته و أزدار أفتعل من الزيارة و يقال شاقني حبها أي هاجني و شاق الطنب إلى الوتد شده و أوثقه و الجزع بالكسر منعطف الوادي و وسطه أو

  منقطعه أو منحناه أو لا يسمى جزعا حتى تكون له سعة تنبت الشجر أو هو مكان بالوادي لا شجر فيه و ربما كان رملا و محلة القوم كذا في القاموس أي أخاف من زيارتهم أن يهيج حزني عند رؤية مصارعهم الواقعة بين الوادي و أشجار النخل و في بعض النسخ النحلات بالحاء المهملة أي فتشدني رؤية مصارعهم إلى الجزع و النحول و هو بعيد. تغشاهم أي أحاط و نزل بهم و في بعض النسخ القديمة تقسمهم أي فرقهم و الريب ما يقلق النفوس من الحوادث و المنون الدهر و الموت و العقر بالضم و الفتح محلة القوم و وسط الدار و أصلها أي ليس لهم دار و حجرة القوم بالفتح ناحية دارهم و جمعها حجرات بالتحريك و ساحة يأتي الناس حجراتها. قوله مدينين أي أذلاء أقضاء أي مهزولين أو مجردين و في القاموس اللزبة الشدة و الجمع اللزبات بالتسكين إن زورا أي إن لهم زائرين و العقبان جمع العقاب و الرخمات جمع الرخمة أي لا يزور قبورهم سوى هذه الطيور ثوت أي أقامت و التنكيب العدول و اللأواء الشدة أي لا يجاورهم لأواء السنين لفراقهم الدنيا و المراد بالجمرات جمرات الجحيم و رجل مغوار كثير الغارات و غارهم الله بخير أصابهم بخصب و مطر و الحمى كإلى ما حمي من شي‏ء قوله لم تزره المذنبات أي لم تقربه إلا المطهرات من الذنوب و السمرة بين البياض و السواد و القنا جمع القنات و هي الرمح و المسعر بكسر الميم الخشب الذي تسعر به النار و منه قيل للرجل إنه مسعر حرب أي تحمى به الحرب و هو بالنصب حال و يحتمل الرفع أقحموا أي أدخلوا أنفسهم بلا روية و الغمرة الشدة و غمرة البحر معظمه ملقوح هند أي لم يحصلوا من لقاحها و وطئها و قوم نوكى أي حمقى و يمكن أن يكون من النيك و هو الجماع لكن لا يساعده اللغة قوله ملامك بالنصب أي كف عني ملامك و قوم عناة أي أسارى أي كانوا معدين مرجون لفك الأسارى و حمل الديات عن القوم و لنجاة قوم من الركبان وقعوا في مخمصة فأشرفوا على الموت و القيد كأنه قيد خيولهم فأطلقتم و حللتم القيود عن الخيول بالقنا و السيوف الذربة الحديدة. قوله قصي الرحم أي أحب من كان بعيدا من جهة الرحم إذا كان محبا لكم و أهجر زوجتي و بناتي إذا كن مخالفات لكم قوله حبيكم أي حبي إياكم و المؤاتاة المطاوعة و الموافقة و قد نقلت الهمزة واوا و التسكاب الانصباب و هملت عينه فاضت. و الحجة بالكسر السنة و الجوى الحرقة و شدة الوجد من عشق أو حزن و البلقع الأرض القفر التي لا شي‏ء بها و ربة الحجلات أي المربوبة فيها أو صاحبتها و الحجلة بالتحريك موضع يزين بالثياب و الستور للعروس و فلان آمن من سربه بالكسر أي في نفسه و فلان واسع السرب أي رخي البال إذا وتروا أي قتل منهم أحد لم يقدروا على القصاص و أخذ الدية بل احتاجوا إلى السؤال منهم و لم يقدروا على إظهار الجناية و قيل أي مدوا أيديهم لأخذ الدية و لم يقدروا على الأخذ و الأول أبلغ و أظهر. و المنصل بضمتين السيف قوله غير بتات أي غير منقطع و يقال ارتاح الله لفلان أي رحمه و يقال باء بغضب أي رجع به و اللهوات اللحمات في أقصى الفم

14-  د، ]العدد القوية[ قال صاحب الأغاني قصد دعبل بن علي الخزاعي بقصيدته هذه علي بن موسى الرضا ع بخراسان فأعطاه عشرة آلاف درهم من الدراهم المضروبة باسمه و خلع عليه خلعة من ثيابه فأعطاه بها أهل قم ثلاثين ألف درهم فلم يبعها فقطعوا عليه الطريق فأخذوها فقال لهم إنها تراد لله عز و جل و هي محرمة عليكم فحلف أن لا يبيعها أو يعطونه بعضها فيكون في كفنه فأعطوه فرد كم كان في أكفانه و كتب قصيدته مدارس آيات فيما يقال على ثوب و أحرم فيه و أمر بأن يكون في كفنه و لم يزل دعبل مرهوب اللسان و يخاف من هجائه الخلفاء قال ابن المدبر لقيت دعبلا فقلت له أنت أجسر الناس حيث تقول في المأمون

إني من القوم الذين سيوفهم قتلت أخاك و شرفتك بمقعدرفعوا محلك بعد طول خموله و استنقذوك من الحضيض الأوهد

فقال لي يا أبا إسحاق إني أحمل خشبتي مذ أربعين سنة و لا أجد من يصلبني عليها

15-  كش، ]رجال الكشي[ قال أبو عمرو قد بلغني أن دعبل بن علي الخزاعي وفد على أبي الحسن الرضا ع بخراسان فلما دخل عليه قال إني قد قلت قصيدة و جعلت في نفسي أن لا أنشدها أحدا أولى منك فقال هاتها فأنشد قصيدته التي يقول فيها

أ لم تر أنني مذ ثلاثون حجة أروح و أغدو دائم الحسرات‏أرى فيئهم في غيرهم متقسما و أيديهم من فيئهم صفرات

فلما فرغ من إنشاده قام أبو الحسن ع و دخل منزله و بعث بخرقة فيها ستمائة دينار و قال للجارية قولي له يقول لك مولاي استعن بهذه على سفرك و أعذرنا فقال لها دعبل لا و الله ما هذا أردت و لا له خرجت و لكن قولي له هب لي ثوبا من ثيابك فردها أبو الحسن ع و قال له خذها و بعث إليه بجبة من ثيابه فخرج دعبل حتى ورد قم فنظروا إلى الجبة فأعطوه فيها ألف دينار فأبى عليهم و قال لا و الله و لا خرقة منها بألف دينار ثم خرج من قم فاتبعوه و قد جمعوا عليه و أخذوا الجبة فرجع إلى قم و كلمهم فيها فقالوا ليس إليها سبيل و لكن إن شئت فهذه ألف دينار فقال نعم و خرقة منها فأعطوه ألف دينار و خرقة منها