باب 21- شهادته و تغسيله و دفنه و مبلغ سنه صلوات الله عليه و لعنة الله على من ظلمه

1-  شا، ]الإرشاد[ قبض الرضا ع بطوس من أرض خراسان في صفر سنة ثلاث و مائتين و له يومئذ خمس و خمسون سنة و أمه أم ولد يقال لها أم البنين و كانت مدة خلافته و إمامته و قيامه بعد أبيه في خلافته عشرين سنة

2-  كا، ]الكافي[ قبض ع في صفر من سنة ثلاث و مائتين و هو ابن خمس و خمسين سنة و توفي ع بطوس في قرية يقال لها سناباد من نوقان على دعوة و دفن ع بها و كان المأمون أشخصه من المدينة إلى مرو على طريق البصرة و فارس فلما خرج المأمون و شخص إلى بغداد أشخصه معه فتوفي في هذه القرية

3-  كا، ]الكافي[ سعد و الحميري معا عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي عن الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان قال قبض علي بن موسى ع و هو ابن تسع و أربعين سنة و أشهر في عام اثنتين و مائتين عاش بعد موسى بن جعفر ع عشرين سنة إلا شهرين أو ثلاثة

  -4  كف، ]المصباح للكفعمي[ توفي الرضا ع في سابع عشر شهر صفر يوم الثلاثاء سنة ثلاث و مائتين سمه المأمون في عنب و كان له إحدى و خمسون سنة

5-  ضه، ]روضة الواعظين[ كان وفاته ع يوم الجمعة في شهر رمضان سنة ثلاث و مائتين و هو يومئذ ابن خمس و خمسين سنة و كانت مدة خلافته عشرين سنة

6-  الدروس، قبض ع بطوس في صفر سنة ثلاث و مائتين

7-  د، ]العدد القوية[ في الثالث و العشرين من ذي القعدة كانت وفاة مولانا أبي الحسن الرضا ع و في كتاب مواليد الأئمة في عام اثنتين و مائتين و في كتاب المناقب يوم الجمعة لسبع بقين من رمضان سنة اثنتين و مائتين و قيل سنة ثلاث و في الدر يوم الجمعة غرة شهر رمضان سنة اثنتين و مائتين و كذا في كتاب الذخيرة و قال الطبرسي في آخر صفر سنة ثلاث و مائتين و قيل يوم الاثنين رابع عشر سنة اثنتين و مائتين بالسم في العنب في زمن المأمون بطوس و قيل دفن في دار حميد بن قحطبة في قرية يقال لها سناباد بأرض طوس من رستاق نوقان و فيها قبر الرشيد و عمره يومئذ خمس و خمسون سنة و قيل تسع و أربعون سنة و ستة أشهر و قيل و أربعة أشهر و قيل تسع و أربعون سنة إلا ثمانية أيام أقام مع أبيه تسعا و عشرين سنة و أشهرا و بعد أبيه اثنتين و عشرين سنة إلا شهرا و قيل عشرين سنة

8-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ تميم القرشي عن أبيه عن محمد بن يحيى عن محمد بن خلف الطاطري عن هرثمة بن أعين قال كنت ليلة بين يدي المأمون حتى مضى من الليل أربع ساعات ثم أذن لي في الانصراف فانصرفت فلما مضى من الليل نصفه قرع قارع الباب فأجابه بعض غلماني فقال له قل لهرثمة أجب سيدك قال فقمت مسرعا و أخذت على أثوابي و أسرعت إلى سيدي الرضا ع فدخل الغلام بين يدي و دخلت وراءه فإذا أنا بسيدي ع في صحن داره جالس فقال يا هرثمة فقلت لبيك يا مولاي فقال لي اجلس فجلست فقال لي اسمع و ع يا هرثمة هذا أوان رحيلي إلى الله تعالى و لحوقي بجدي و آبائي ع و قد بلغ الكتاب أجله و قد عزم هذا الطاغي على سمي في عنب و رمان مفروك فأما العنب فإنه يغمس السلك في السم و يجذبه بالخيط في العنب و أما الرمان فإنه يطرح السم في كف بعض غلمانه و يفرك الرمان بيده ليلطخ حبه في ذلك السم و إنه سيدعوني في ذلك اليوم المقبل و يقرب إلي الرمان و العنب و يسألني أكلهما فآكلهما ثم ينفذ الحكم و يحضر القضاء فإذا أنا مت فسيقول أنا أغسله بيدي فإذا قال ذلك فقل له عني بينك و بينه إنه قال لي لا تتعرض لغسلي و لا لتكفيني و لا لدفني فإنك إن فعلت ذلك عاجلك من العذاب ما أخر عنك و حل بك أليم ما تحذر فإنه سينتهي قال فقلت نعم يا سيدي قال فإذا خلي بينك و بين غسلي فسيجلس في علو من أبنيته مشرفا على موضع غسلي لينظر فلا تعرض يا هرثمة لشي‏ء من غسلي حتى ترى فسطاطا أبيض قد ضربت في جانب الدار فإذا رأيت ذلك فاحملني في أثوابي التي أنا فيها فضعني من وراء الفسطاط و قف من ورائه و يكون من معك دونك و لا تكشف عن الفسطاط حتى تراني فتهلك فإنه سيشرف عليك و يقول لك يا هرثمة أ ليس زعمتم أن الإمام لا يغسله إلا إمام مثله فمن يغسل أبا الحسن علي بن موسى و ابنه محمد بالمدينة من بلاد الحجاز و نحن بطوس فإذا قال ذلك فأجبه و قل له إنا نقول إن الإمام لا يجب أن يغسله إلا إمام فإن تعدى متعد و غسل الإمام لم تبطل إمامة الإمام لتعدي غاسله و لا بطلت إمامة الإمام الذي بعده بأن غلب على غسل أبيه و لو ترك أبو الحسن علي بن موسى بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهرا مكشوفا و لا يغسله الآن أيضا إلا هو من حيث يخفى فإذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مدرجا في أكفاني فضعني على نعش و احملني فإذا أراد أن يحفر قبري فإنه سيجعل قبر أبيه هارون الرشيد قبلة لقبري و لا يكون ذلك أبدا فإذا ضربت المعاول نبت عن الأرض و لم ينحفر منها شي‏ء و لا

 مثل قلامة ظفر فإذا اجتهدوا في ذلك و صعب عليهم فقل له عني إني أمرتك أن تضرب معولا واحدا في قبلة قبر أبيه هارون الرشيد فإذا ضربت نفذ في الأرض إلى قبر محفور و ضريح قائم فإذا انفرج ذلك القبر فلا تنزلي إليه حتى يفور من ضريحه الماء الأبيض فيمتلئ منه ذلك القبر حتى يصير الماء مع وجه الأرض ثم يضطرب فيه حوت بطوله فإذا اضطرب فلا تنزلني إلى القبر إلا إذا غاب الحوت و غار الماء فأنزلني في ذلك القبر و ألحدني في ذلك الضريح و لا تتركهم يأتوا بتراب يلقونه علي فإن القبر ينطبق بنفسه و يمتلئ قال قلت نعم يا سيدي ثم قال لي احفظ ما عهدت إليك و اعمل به و لا تخالف قلت أعوذ بالله أن أخالفك أمرا يا سيدي قال هرثمة ثم خرجت باكيا حزينا فلم أزل كالحبة على المقلاة لا يعلم ما في نفسي إلا الله تعالى ثم دعاني المأمون فدخلت إليه فلم أزل قائما إلى ضحى النهار ثم قال المأمون امض يا هرثمة إلى أبي الحسن فأقرئه مني السلام و قل له تصير إلينا أو نصير إليك فإن قال لك بل نصير إليه فتسأله عني أن يقدم ذلك قال فجئته فإذا اطلعت عليه قال لي يا هرثمة أ ليس قد حفظت ما أوصيتك به قلت بلى قال قدموا نعلي فقد علمت ما أرسلك به قال فقدمت نعله و مشى إليه فلما دخل المجلس قام إليه المأمون قائما فعانقه و قبل بين عينيه و أجلسه إلى جانبه على سريره و أقبل عليه يحادثه ساعة من النهار طويلة ثم قال لبعض غلمانه يؤتي بعنب و رمان قال هرثمة فلما سمعت ذلك لم أستطع الصبر و رأيت النفضة قد عرضت في بدني فكرهت أن يتبين ذلك في فتراجعت القهقرى حتى خرجت فرميت نفسي في موضع من الدار فلما قرب زوال الشمس أحسست بسيدي قد خرج من عنده و رجع إلى داره ثم رأيت الآمر قد خرج من عند المأمون بإحضار الأطباء و المترفقين قلت ما هذا فقيل لي علة عرضت لأبي الحسن علي بن موسى الرضا ع فكان الناس في شك و كنت على يقين لما أعرف منه قال فلما كان من الثلث الثاني من الليل علا الصياح و سمعت الوجبة من الدار فأسرعت فيمن أسرع فإذا نحن بالمأمون مكشوف الرأس محل الأزرار قائما على قدميه ينتحب و يبكي قال فوقفت فيمن وقفوا و أنا أتنفس الصعداء ثم أصبحنا فجلس المأمون للتعزية ثم قام فمشى إلى الموضع الذي فيه سيدنا ع فقال أصلحوا لنا موضعا فإني أريد أن أغسله فدنوت منه فقلت له ما قاله سيدي بسب الغسل و التكفين و الدفن فقال لي لست أعرض لذلك ثم قال شأنك يا هرثمة قال فلم أزل قائما حتى رأيت الفسطاط قد ضرب فوقفت من ظاهره و كل من في الدار دوني و أنا أسمع التكبير و التهليل و التسبيح و تردد الأواني و صب الماء و تضوع الطيب الذي لم أشم أطيب منه قال فإذا أنا بالمأمون قد أشرف علي من بعض علالي داره فصاح بي يا هرثمة أ ليس زعمتم أن الإمام لا يغسله إلا إمام مثله فأين محمد بن علي ابنه عنه و هو بمدينة الرسول و هذا بطوس بخراسان قال قلت له يا أمير المؤمنين إنا نقول إن الإمام لا يجب أن يغسله إلا إمام مثله فإن تعدى متعد فغسل الإمام لم تبطل إمامة الإمام لتعدي غاسله و لا بطلت إمامة الإمام الذي بعده بأن غلب على غسل أبيه و لو ترك أبو الحسن علي بن موسى الرضا ع بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهرا و لا يغسله الآن أيضا إلا هو من حيث يخفى قال فسكت عني ثم ارتفع الفسطاط فإذا أنا بسيدي ع مدرج في أكفانه

 فوضعته على نعشه ثم حملناه فصلى عليه المأمون و جميع من حضر ثم جئنا إلى موضع القبر فوجدتهم يضربون بالمعاول دون قبر هارون ليجعلوه قبلة لقبره و المعاول تنبو عنه لا تحفر ذرة من تراب الأرض فقال لي ويحك يا هرثمة أ ما ترى الأرض كيف تمتنع من حفر قبر له فقلت يا أمير المؤمنين إنه قد أمرني أن أضرب معولا واحدا في قبلة قبر أمير المؤمنين أبيك الرشيد لا أضرب غيره قال فإذا ضربت يا هرثمة يكون ما ذا قلت إنه أخبر أنه لا يجوز أن يكون قبر أبيك قبلة لقبره فإن أنا ضربت هذا المعول الواحد نفذ إلى قبر محفور من غير يد تحفره و بان ضريح في وسطه فقال المأمون سبحان الله ما أعجب هذا الكلام و لا عجب من أمر أبي الحسن فاضرب يا هرثمة حتى نرى قال هرثمة فأخذت المعول بيدي فضربت في قبلة قبر هارون الرشيد فنفذ إلى قبر محفور و بان ضريح في وسطه و الناس ينظرون إليه فقال أنزله إليه يا هرثمة فقلت يا أمير المؤمنين إن سيدي أمرني أن لا أنزل إليه حتى ينفجر من أرض هذا القبر ماء أبيض فيمتلئ منه القبر حتى يكون الماء مع وجه الأرض ثم يضطرب فيه حوت بطول القبر فإذا غاب الحوت و غار الماء وضعته على جانب قبره و خليت بينه و بين ملحده قال فافعل يا هرثمة ما أمرت به قال هرثمة فانتظرت ظهور الماء و الحوت فظهر ثم غاب و غار الماء و الناس ينظرون إليه ثم جعلت النعش إلى جانب قبره فغطي قبره بثوب أبيض لم أبسطه ثم أنزل به إلى قبره بغير يدي و لا يد أحد ممن حضر فأشار المأمون إلى الناس أن هالوا التراب بأيديكم فاطرحوه فيه فقلت لا تفعل يا أمير المؤمنين قال فقال ويحك فمن يملؤه فقلت قد أمرني أن لا يطرح عليه التراب و أخبرني أن القبر يمتلئ من ذات نفسه ثم ينطبق و يتربع على وجه الأرض فأشار المأمون إلى الناس أن كفوا قال فرموا ما في أيديهم من التراب ثم امتلأ القبر و انطبق و تربع على وجه الأرض فانصرف المأمون و انصرفت و دعاني المأمون و خلا بي ثم قال أسألك بالله يا هرثمة لما أصدقتني عن أبي الحسن ع قدس الله روحه بما سمعته منك فقلت قد أخبرت أمير المؤمنين بما قال لي فقال بالله إلا ما قد صدقتني عما أخبرك به غير الذي قلت لي قلت يا أمير المؤمنين فعما تسألني فقال يا هرثمة هل أسر إليك شيئا غير هذا قلت نعم قال ما هو قلت خبر العنب و الرمان قال فأقبل المأمون يتلون ألوانا يصفر مرة و يحمر أخرى و يسود أخرى ثم تمدد مغشيا عليه فسمعته في غشيته و هو يهجر و يقول ويل للمأمون من الله ويل له من رسوله ويل له من علي ويل للمأمون من فاطمة ويل للمأمون من الحسن و الحسين ويل للمأمون من علي بن الحسين ويل له من محمد بن علي ويل للمأمون من جعفر بن محمد ويل له من موسى بن جعفر ويل له من علي بن موسى الرضا هذا و الله هو الخسران المبين يقول هذا القول و يكرره فلما رأيته قد أطال ذلك وليت عنه و جلست في بعض نواحي الدار قال فجلس و دعاني فدخلت إليه و هو جالس كالسكران فقال و الله ما أنت أعز علي منه و لا جميع من في الأرض و السماء لئن بلغني أنك أعدت بعد ما سمعت و رأيت شيئا ليكونن هلاكك فيه قال فقلت يا أمير المؤمنين إن ظهرت على شي‏ء من ذلك مني فأنت في حل من دمي قال لا و الله أو تعطيني عهدا و ميثاقا على كتمان هذا و ترك إعادته فأخذ علي العهد و الميثاق و أكده علي قال فلما وليت عنه صفق بيده و قال يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَ لا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَ هُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَ كانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً و كان للرضا ع من الولد محمد الإمام و كان يقال له الرضا و الصادق و الصابر و الفاضل و قرة أعين المؤمنين و غيظ الملحدين

 بيان نبت عن الأرض أي ارتفعت و لم تؤثر فيها من قولهم نبا الشي‏ء عني أي تجافى و تباعد و نبا السيف إذا لم يعمل في الضريبة قوله و المترفقين أي الأطباء المعالجين برفق قال الجزري في الحديث أنت رفيق و الله الطبيب أي أنت ترفق بالمريض و تتلطفه و هو الذي يبرئه و يعافيه و الوجبة صوت السقطة و العلالي جمع العلية بالكسر و هي الغرقة

9-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الهمداني عن علي بن إبراهيم عن ياسر الخادم قال لما كان بيننا و بين طوس سبعة منازل اعتل أبو الحسن ع فدخلنا طوس و قد اشتدت به العلة فبقينا بطوس أياما فكان المأمون يأتيه في كل يوم مرتين فلما كان في آخر يومه الذي قبض فيه كان ضعيفا في ذلك اليوم فقال لي بعد ما صلى الظهر يا ياسر أكل الناس شيئا قلت يا سيدي من يأكل هاهنا مع ما أنت فيه فانتصب ع ثم قال هاتوا المائدة و لم يدع من حشمه أحدا إلا أقعده معه على المائدة يتفقد واحدا واحدا فلما أكلوا قال ابعثوا إلى النساء بالطعام فحمل الطعام إلى النساء فلما فرغوا من الأكل أغمي عليه و ضعف فوقعت الصيحة و جاءت جواري المأمون و نساؤه حافيات حاسرات و وقعت الوجبة بطوس و جاء المأمون حافيا و حاسرا يضرب على رأسه و يقبض على لحيته و يتأسف و يبكي و تسيل الدموع على خديه فوقف على الرضا ع و قد أفاق فقال يا سيدي و الله ما أدري أي المصيبتين أعظم علي فقدي لك و فراقي إياك أو تهمة الناس لي أني اغتلتك و قتلتك قال فرفع طرفه إليه ثم قال أحسن يا أمير المؤمنين معاشرة أبي جعفر فإن عمرك و عمره هكذا و جمع بين سبابتيه قال فلما كان من تلك الليلة قضى عليه بعد ما ذهب من الليل بعضه فلما أصبح اجتمع الخلق و قالوا هذا قتله و اغتاله يعني المأمون و قالوا قتل ابن رسول الله و أكثروا القول و الجلبة و كان محمد بن جعفر بن محمد ع استأمن إلى المأمون و جاء إلى خراسان و كان عم أبي الحسن فقال له المأمون يا أبا جعفر اخرج إلى الناس و أعلمهم أن أبا الحسن لا يخرج اليوم و كره أن يخرجه فتقع الفتنة فخرج محمد بن جعفر إلى الناس فقال أيها الناس تفرقوا فإن أبا الحسن لا يخرج اليوم فتفرق الناس و غسل أبو الحسن في الليل و دفن قال علي بن إبراهيم و حدثني ياسر بما لم أحب ذكره في الكتاب

10-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ماجيلويه و ابن المتوكل و الهمداني و أحمد بن علي بن إبراهيم و ابن تاتانة و المكتب و الوراق جميعا عن علي عن أبيه عن أبي الصلت الهروي قال بينا أنا واقف بين يدي أبي الحسن ع إذ قال لي يا أبا الصلت ادخل هذه القبة التي فيها قبر هارون و ائتني بتراب من أربعة جوانبها قال فمضيت فأتيت به فلما مثلت بين يديه قال لي ناولني هذا التراب و هو من عند الباب فناولته فأخذه و شمه ثم رمى به ثم قال سيحفر لي هاهنا فتظهر صخرة لو جمع عليها كل معول بخراسان لم يتهيأ قلعها ثم قال في الذي عند الرجل و الذي عند الرأس مثل ذلك ثم قال ناولني هذا التراب فهو من تربتي ثم قال سيحفر لي في هذا الموضع فتأمرهم أن يحفروا إلى سبع مراقي إلى أسفل و أن تشق لي ضريحه فإن أبوا إلا أن يلحدوا فتأمرهم أن يجعلوا اللحد ذراعين و شبرا فإن الله تعالى سيوسعه ما يشاء و إذا فعلوا ذلك فإنك ترى عند رأسي نداوة فتكلم بالكلام الذي أعلمك فإنه ينبع الماء حتى يمتلئ اللحد و ترى فيه حيتانا صغارا ففتت لها الخبز الذي أعطيك فإنها تلتقطه فإذا لم يبق منه شي‏ء خرجت منه حوتة كبيرة فالتقطت الحيتان الصغار حتى لا يبقى منها شي‏ء ثم تغيب فإذا غابت فضع يدك على الماء ثم تكلم بالكلام الذي أعلمك فإنه ينضب الماء و لا يبقى منه شي‏ء و لا تفعل ذلك إلا بحضرة المأمون ثم قال ع يا أبا الصلت غدا أدخل على هذا الفاجر فإن أنا خرجت مكشوف الرأس فتكلم أكلمك و إن خرجت و أنا مغطى الرأس فلا تكلمني قال أبو الصلت فلما أصبحنا من الغد لبس ثيابه و جلس فجعل في محرابه ينتظر فبينا هو كذلك إذ دخل عليه غلام المأمون فقال له أجب أمير المؤمنين فلبس نعله و رداءه و قام و مشى و أنا أتبعه حتى دخل على المأمون و بين يديه طبق عليه عنب و أطباق فاكهة و بيده عنقود عنب قد أكل بعضه و بقي بعضه فلما أبصر الرضا ع وثب إليه فعانقه و قبل ما بين عينيه و أجلسه معه ثم ناوله العنقود و قال يا ابن رسول الله ما رأيت عنبا أحسن من هذا فقال له الرضا ع ربما كان عنبا حسنا يكون من الجنة فقال له كل منه فقال له الرضا ع تعفيني عنه فقال لا بد من ذلك و ما يمنعك منه لعلك تتهمنا بشي‏ء فتناول العنقود فأكل منه ثم ناوله فأكل منه الرضا ع ثلاث حبات ثم رمى به و قام فقال المأمون إلى أين فقال إلى حيث وجهتني و خرج مغطى الرأس فلم أكلمه حتى دخل الدار فأمر أن يغلق الباب فغلق ثم نام على فراشه و مكثت واقفا في صحن الدار مهموما محزونا فبينا أنا كذلك إذ دخل علي شاب حسن الوجه قطط الشعر أشبه الناس بالرضا ع فبادرت إليه و قلت له من أين دخلت و الباب مغلق فقال الذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت هو الذي أدخلني الدار و الباب مغلق فقلت له و من أنت فقال لي أنا حجة الله عليك يا أبا الصلت أنا محمد بن علي ثم مضى نحو أبيه ع فدخل و أمرني بالدخول معه فلما نظر إليه الرضا ع وثب إليه فعانقه و ضمه إلى صدره و قبل ما بين عينيه ثم سحبه سحبا في فراشه و أكب عليه محمد بن علي ع يقبله و يساره بشي‏ء لم أفهمه و رأيت في شفتي الرضا ع زبدا أشد بياضا من الثلج و رأيت أبا جعفر ع يلحسه بلسانه ثم أدخل يده بين ثوبيه و صدره فاستخرج منه شيئا شبيها بالعصفور فابتلعه أبو جعفر و مضى الرضا ع فقال أبو جعفر ع يا أبا الصلت قم ائتني

 بالمغتسل و الماء من الخزانة فقلت ما في الخزانة مغتسل و لا ماء فقال لي انته إلى ما آمرك به فدخلت الخزانة فإذا فيها مغتسل و ماء فأخرجته و شمرت ثيابي لأغسله معه فقال لي تنح يا أبا الصلت فإن لي من يعينني غيرك فغسله ثم قال لي ادخل الخزانة فأخرج لي السفط الذي فيه كفنه و حنوطه فدخلت فإذا أنا بسفط لم أره في تلك الخزانة قط فحملته إليه فكفنه و صلى عليه ثم قال لي ائتني بالتابوت فقلت أمضي إلى النجار حتى يصلح التابوت قال قم فإن في الخزانة تابوتا فدخلت الخزانة فوجدت تابوتا لم أره قط فأتيته به فأخذ الرضا ع بعد ما صلى عليه فوضعه في التابوت و صف قدميه و صلى ركعتين لم يفرغ منهما حتى علا التابوت فانشق السقف فخرج منها التابوت و مضى فقلت يا ابن رسول الله الساعة يجيئنا المأمون و يطالبنا بالرضا ع فما نصنع فقال لي اسكت فإنه سيعود يا أبا الصلت ما من نبي يموت بالمشرق و يموت وصيه بالمغرب إلا جمع الله تعالى بين أرواحهما و أجسادهما فما أتم الحديث حتى انشق السقف و نزل التابوت فقام ع فاستخرج الرضا ع من التابوت و وضعه على فراشه كأنه لم يغسل و لم يكفن ثم قال لي يا أبا الصلت قم فافتح الباب للمأمون ففتحت الباب فإذا المأمون و الغلمان بالباب فدخل باكيا حزينا قد شق جيبه و لطم رأسه و هو يقول يا سيداه فجعت بك يا سيدي ثم دخل و جلس عند رأسه و قال خذوا في تجهيزه فأمر بحفر القبر فحفرت الموضع فظهر كل شي‏ء على ما وصفه الرضا ع فقال له بعض جلسائه أ لست تزعم أنه إمام قال بلى قال لا يكون إلا مقدم الناس فأمر أن يحفر له في القبلة فقلت أمرني أن أحفر له سبع مراقي و أن أشق له ضريحه فقال انتهوا إلى ما يأمر به أبو الصلت سوى الضريح و لكن يحفر له و يلحد فلما رأى ما ظهر من النداوة و الحيتان و غير ذلك قال المأمون لم يزل الرضا ع يرينا عجائبه في حياته حتى أراناها بعد وفاته أيضا فقال له وزير كان معه أ تدري ما أخبرك به الرضا ع قال لا قال إنه أخبرك أن ملككم يا بني العباس مع كثرتكم و طول مدتكم مثل هذه الحيتان حتى إذا فنيت آجالكم و انقطعت آثاركم و ذهبت دولتكم سلط الله تعالى عليكم رجلا منا فأفناكم عن آخركم قال له صدقت ثم قال لي يا أبا الصلت علمني الكلام الذي تكلمت به قلت و الله لقد نسيت الكلام من ساعتي و قد كنت صدقت فأمر بحبسي و دفن الرضا ع فحبست سنة فضاق علي الحبس و سهرت الليلة و دعوت الله تعالى بدعاء ذكرت فيه محمدا و آله صلوات الله عليهم و سألت الله تعالى بحقهم أن يفرج عني فلم أستتم الدعاء حتى دخل علي أبو جعفر محمد بن علي ع فقال يا أبا الصلت ضاق صدرك فقلت إي و الله قال قم فاخرجني ثم ضرب يده إلى القيود التي كانت ففكها و أخذ بيدي و أخرجني من الدار و الحرسة و الغلمة يرونني فلم يستطيعوا أن يكلموني و خرجت من باب الدار ثم قال لي امض في ودائع الله فإنك لن تصل إليه و لا يصل إليك أبدا فقال أبو الصلت فلم ألتق مع المأمون إلى هذا الوقت

 بيان قوله ع ربما كان عنبا أي كثيرا ما يكون العنب عنبا حسنا يكون من الجنة و الحاصل أن العنب الحسن إنما يكون في الجنة التي أنت محروم منها و السحب الجر

11-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ البيهقي عن الصولي عن أبي ذكوان قال سمعت إبراهيم بن العباس قال كانت البيعة للرضا ع لخمس خلون من شهر رمضان سنة إحدى و مائتين و زوجه ابنته أم حبيب في أول سنة اثنتين و مائتين و توفي سنة ثلاث و مائتين بطوس و المأمون متوجه إلى العراق في رجب و روى لي غيره أن الرضا ع توفي و له تسع و أربعون سنة و ستة أشهر و الصحيح أنه توفي في شهر رمضان لتسع بقين منه يوم الجمعة سنة ثلاث و مائتين من هجرة النبي ص

  -12  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الطالقاني عن الحسن بن علي بن زكريا عن محمد بن خليلان قال حدثني أبي عن أبيه عن جده عن عتاب بن أسيد قال سمعت جماعة من أهل المدينة يقولون ولد الرضا علي بن موسى ع بالمدينة يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة ثلاث و خمسين و مائة عن الهجرة بعد وفاة أبي عبد الله بخمس سنين و توفي بطوس في قرية يقال لها سناباد من رستاق نوقان و دفن في دار حميد بن قحطبة الطائي في القبة التي فيها هارون الرشيد إلى جانبه مما يلي القبلة و ذلك في شهر رمضان لتسع بقين منه سنة ثلاث و مائتين و قد تم عمره تسعا و أربعين سنة و ستة أشهر منها مع أبيه موسى بن جعفر ع تسعا و عشرين سنة و شهرين و بعد أبيه أيام إمامته عشرين سنة و أربعة أشهر و قام ع بالأمر و له تسع و عشرون سنة و شهران

13-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ذكر أبو علي الحسين بن أحمد السلامي في كتابه الذي صنفه في أخبار خراسان أن المأمون لما ندم من ولاية عهد الرضا بإشارة الفضل بن سهل خرج من مرو منصرفا إلى العراق و احتال على الفضل بن سهل حتى قتله غالب خال المأمون في حمام سرخس بمغافصة في شعبان سنة ثلاث و مائتين و احتال على علي بن موسى الرضا ع حتى سم في علة كانت أصابته فمات و أمر بدفنه بسناباد من طوس بجنب قبر الرشيد و ذلك في صفر سنة ثلاث و مائتين و كان ابن اثنتين و خمسين سنة و قيل ابن خمس و خمسين سنة هذا ما حكاه أبو علي الحسين بن أحمد السلامي في كتابه و الصحيح عندي أن المأمون إنما ولاه العهد و بايع له للنذر الذي قد تقدم ذكره و أن الفضل بن سهل لم يزل معاديا و مبغضا له و كارها لأمره لأنه كان من صنائع آل برمك و مبلغ سنين الرضا ع سبع و أربعون سنة و ستة أشهر و كانت وفاته في سنة ثلاث و مائتين كما قد أسندته في هذا الباب

14-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ البيهقي عن الصولي عن عبيد الله بن عبد الله و محمد بن موسى بن نصر الرازي عن أبيه و الحسين بن عمر الأخباري عن علي بن الحسين كاتب بقاء الكبير في آخرين أن الرضا ع حم فعزم على الفصد فركب المأمون و قد كان قال لغلام له فت هذا بيدك لشي‏ء أخرجه من برنية ففته في صينية ثم قال كن معي و لا تغسل يدك و ركب إلى الرضا ع و جلس حتى فصد بين يديه و قال عبيد الله بل أخر فصده و قال المأمون لذلك الغلام هات من ذلك الرمان و كان الرمان في شجرة في بستان في دار الرضا ع فقطف منه ثم قال اجلس ففته ففت منه في جام فأمر بغسله ثم قال للرضا ع مص منه شيئا فقال حتى يخرج أمير المؤمنين فقال لا و الله إلا بحضرتي و لو لا خوفي أن يرطب معدتي لمصصته معك فمص منه ملاعق و خرج المأمون فما صليت العصر حتى قام الرضا ع خمسين مجلسا فوجه إليه المأمون قد علمت أن هذه إفاقة و فتار للفضل الذي في بدنك و زاد الأمر في الليل فأصبح ع ميتا فكان آخر ما تكلم به قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً و بكر المأمون من الغد فأمر بغسله و تكفينه و مشى خلف جنازته حافيا حاسرا يقول يا أخي لقد ثلم الإسلام بموتك و غلب القدر تقديري فيك و شق لحد الرشيد فدفنه معه و قال أرجو أن ينفعه الله تبارك و تعالى بقربه

 بيان البرنية بفتح الباء و كسر النون و تشديد الياء إناء من خزف قوله إفاقة و فتار يقال فتر فتارا أي سكن بعد حدة أي هذا موجب للإفاقة و سكون الحدة و الحرارة التي حصلت بسبب فضول الأخلاط في البدن و في بعض النسخ آفة و فتار للفصد الذي في يديك أي هذه آفة حصلت بسبب فتور و ضعف نشأ من الفصد

15-  ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن الوشاء عن الرضا ع قال لمسافر يا مسافر هذه القناة فيها حيتان قال نعم جعلت فداك قال أما إني رأيت رسول الله ص البارحة و هو يقول يا علي ما عندنا خير لك

 بيان لعل ذكر الحيتان إشارة إلى ما ظهر في قبره منها أو المعنى أن علمي بموتي كعلمي بها

16-  غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ محمد بن عبد الله بن الحسن الأفطس قال كنت عند المأمون يوما و نحن على شراب حتى إذا أخذ منه الشراب مأخذه صرف ندماءه و احتبسني ثم أخرج جواريه و ضربن و تغنين فقال لبعضهن بالله لما رثيت من بطوس قاطنا فأنشأت تقول

سقيا لطوس و من أضحى بها قطنا من عترة المصطفى أبقى لنا حزناأعني أبا حسن المأمول إن له حقا على كل من أضحى بها شجنا

قال محمد بن عبد الله فجعل يبكي حتى أبكاني ثم قال ويلك يا محمد أ يلومني أهل بيتي و أهل بيتك أن أنصب أبا الحسن علما و الله أن لو بقي لخرجت من هذا الأمر و لأجلسته مجلسي غير أنه عوجل فلعن الله عبيد الله و حمزة ابني الحسن فإنهما قتلاه ثم قال لي يا محمد بن عبد الله و الله لأحدثنك بحديث عجيب فاكتمه قلت ما ذاك يا أمير المؤمنين قال لما حملت زاهرية ببدر أتيته فقلت له جعلت فداك بلغني أن أبا الحسن موسى بن جعفر و جعفر بن محمد و محمد بن علي و علي بن الحسين و الحسين كانوا يزجرون الطير و لا يخطئون و أنت وصي القوم و عندك علم ما كان عندهم و زاهرية حظيتي و من لا أقدم عليها أحدا من جواري و قد حملت غير مرة كل ذلك تسقط فهل عندك في ذلك شي‏ء ننتفع به فقال لا تخش من سقطها فستسلم و تلد غلاما صحيحا مسلما أشبه الناس بأمه قد زاده الله في خلقه مزيدتين في يده اليمنى خنصر و في رجله اليمنى خنصر فقلت في نفسي هذه و الله فرصة إن لم يكن الأمر على ما ذكر خلعته فلم أزل أتوقع أمرها حتى أدركها المخاض فقلت للقيمة إذا وضعت فجيئني بولدها ذكرا كان أم أنثى فما شعرت إلا بالقيمة و قد أتتني بالغلام كما وصفه زائد اليد و الرجل كأنه كوكب دري فأردت أن أخرج من الأمر يومئذ و أسلم ما في يدي إليه فلم تطاوعني نفسي لكن رفعت إليه الخاتم فقلت دبر الأمر فليس عليك مني خلاف و أنت المقدم و بالله أن لو فعل لفعلت

 قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ الجلاء و الشفاء عن محمد بن عبد الله مثله

17-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن الحسن بن عباد و كان كاتب الرضا ع قال دخلت عليه ع و قد عزم المأمون بالمسير إلى بغداد فقال يا ابن عباد ما ندخل العراق و لا نراه فبكيت و قلت فآيستني أن آتي أهلي و ولدي قال ع أما أنت فستدخلها و إنما عنيت نفسي فاعتل و توفي بقرية من قرى طوس و قد كان تقدم في وصيته أن يحفر قبره مما يلي الحائط بينه و بين قبر هارون ثلاث أذرع و قد كانوا حفروا ذلك الموضع لهارون فكسرت المعاول و المساحي فتركوه و حفروا حيث أمكن الحفر فقال احفروا ذلك المكان فإنه سيلين عليكم و تجدون صورة سمكة من نحاس و عليها كتابة بالعبرانية فإذا حفرتم لحدي فعمقوه و ردوها مما يلي رجلي فحفرنا ذلك المكان و كان المحافر تقع في الرمل اللين و وجدنا السمكة مكتوبا عليها بالعبرانية هذه روضة علي بن موسى و تلك حفرة هارون الجبار فرددناها و دفناها في لحده عند موضع قاله

18-  شا، ]الإرشاد[ كان الرضا علي بن موسى ع يكثر وعظ المأمون إذا خلا به و يخوفه بالله و يقبح له ما يركبه من خلافه و كان المأمون يظهر قبول ذلك منه و يبطن كراهيته و استثقاله و دخل الرضا ع يوما عليه فرآه يتوضأ للصلاة و الغلام يصب الماء على يديه فقال لا تشرك يا أمير المؤمنين بعبادة ربك أحدا فصرف المأمون الغلام و تولى تمام وضوء نفسه و زاد ذلك في غيظه و وجده و كان ع يزري على الفضل و الحسن ابني سهل عند المأمون إذا ذكرهما و يصف له مساويهما و ينهاه عن الإصغاء إلى قولهما و عرفا ذلك منه فجعلا يخطئان عليه عند المأمون و يذكران له عنده ما يبعده منه و يخوفانه من حمل الناس عليه فلم يزالا كذلك حتى قلبا رأيه فيه و عمل على قتله ع فاتفق أنه أكل هو و المأمون يوما طعاما فاعتل منه الرضا ع و أظهر المأمون تمارضا فذكر محمد بن علي بن حمزة عن منصور بن بشر عن أخيه عبد الله بن بشر قال أمرني المأمون أن أطول أظفاري على العادة و لا أظهر ذلك لأحد ففعلت ثم استدعاني فأخرج إلي شيئا يشبه التمر الهندي فقال لي اعجن هذا بيديك جميعا ففعلت ثم قام و تركني و دخل على الرضا ع و قال له ما خبرك قال أرجو أن أكون صالحا قال له أنا اليوم بحمد الله أيضا صالح فهل جاءك أحد من المترفقين في هذا اليوم قال لا فغضب المأمون و صاح على غلمانه ثم قال فخذ ماء الرمان الساعة فإنه مما لا يستغنى عنه ثم دعاني فقال ائتنا برمان فأتيته به فقال لي اعصر بيديك ففعلت و سقاه المأمون الرضا ع بيده و كان ذلك سبب وفاته فلم يلبث إلا يومين حتى مات ع

 و ذكر عن أبي الصلت الهروي أنه قال دخلت على الرضا ع و قد خرج المأمون من عنده فقال لي يا أبا الصلت قد فعلوها و جعل يوحد الله و يمجده

 و روي عن محمد بن الجهم أنه قال كان الرضا ع يعجبه العنب فأخذ له منه شيئا فجعل في موضع أقماعه الإبر أياما ثم نزع و جي‏ء به إليه فأكل منه و هو في علته التي ذكرنا فقتله و ذكر أن ذلك من لطيف السموم و لما توفي الرضا ع كتم المأمون موته يوما و ليلة ثم أنفذ إلى محمد بن جعفر الصادق ع و جماعة آل أبي طالب الذين كانوا عنده فلما حضروه نعاه إليهم و بكى و أظهر حزنا شديدا و توجع و أراهم إياه صحيح الجسد و قال يعز علي يا أخي أن أراك في هذه الحال قد كنت أؤمل أن أقدم قبلك فأبى الله إلا ما أراد ثم أمر بغسله و تكفينه و تحنيطه و خرج مع جنازته فحملها حتى أتى إلى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن فدفنه و الموضع دار حميد بن قحطبة في قرية يقال لها سناباد على دعوة من نوقان من أرض طوس و فيها قبر هارون الرشيد و قبر أبي الحسن ع بين يديه في قبلته و مضى الرضا ع و لم يترك ولدا نعلمه إلا ابنه الإمام بعده أبا جعفر محمد بن علي ع و كان سنه يوم وفاة أبيه سبع سنين و أشهر

 بيان في قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ الإبر المسمومة و لعله المراد هنا و يحتمل أن يكون هذا خاصية ترك الإبر في العنب أياما

19-  أقول ذكر أبو الفرج في المقاتل ما ذكره المفيد رحمه الله من أوله إلى آخره بأسانيد ثم روى بإسناده عن أبي الصلت الهروي أنه قال دخل المأمون إلى الرضا يعوده فوجده يجود بنفسه فبكى و قال أعزز علي يا أخي بأن أعيش ليومك فقد كان في بقائك أمل و أغلظ علي من ذلك و أشد إن الناس يقولون إني سقيتك سما و أنا إلى الله من ذلك بري‏ء ثم خرج المأمون من عنده و مات الرضا ع فحضره المأمون قبل أن يحفر قبره و أمر أن يحفر له إلى جانب أبيه ثم أقبل علينا فقال حدثني صاحب هذا النعش أنه يحفر له قبر فيظهر فيه ماء و سمك احفروا فحفروا فلما انتهوا إلى اللحد نبع ماء و ظهر فيه سمك ثم غاص فدفن فيه الرضا ع

20-  كشف، ]كشف الغمة[ من دلائل الحميري عن معمر بن خلاد عن أبي جعفر أو عن رجل عن أبي جعفر الشك من أبي علي قال قال أبو جعفر ع يا معمر اركب قلت إلى أين قال اركب كما يقال لك قال فركبت فانتهيت إلى واد أو إلى وهدة الشك من أبي علي فقال لي قف هاهنا فوقفت فأتاني فقلت له جعلت فداك أين كنت قال دفنت أبي الساعة و كان بخراسان

 يج، ]الخرائج و الجرائح[ أحمد بن محمد عن معمر مثله

21-  عم، ]إعلام الورى[ روى محمد بن أحمد بن يحيى في كتاب نوادر الحكمة عن موسى بن جعفر عن أمية بن علي قال كنت بالمدينة و كنت أختلف إلى أبي جعفر ع و أبو الحسن ع بخراسان و كان أهل بيته و عمومة أبيه يأتونه و يسلمون عليه فدعا يوما الجارية فقال قولي لهم يتهيئون للمأتم فلما تفرقوا قالوا لا سألناه مأتم من فلما كان من الغد فعل مثل ذلك فقالوا مأتم من قال مأتم خير من على ظهرها فأتانا خبر أبي الحسن بعد ذلك بأيام فإذا هو قد مات في ذلك اليوم

 تذييل

 اعلم أن أصحابنا و المخالفين اختلفوا أن الرضا ع هل مات حتف أنفه أو مضى شهيدا بالسم و على الأخير هل سمه المأمون لعنه الله أو غيره و الأشهر بيننا أنه ع مضى شهيدا بسم المأمون و ينسب إلى السيد علي بن طاوس أنه أنكر ذلك و كذا أنكره الإربلي في كشف الغمة و رد ما ذكره المفيد بوجوه سخيفة حيث قال بعد إيراد كلام المفيد. بلغني ممن أثق به أن السيد رضي الدين علي بن طاوس رحمه الله كان لا يوافق على أن المأمون سقى عليا ع السم و لا يعتقده و كان ره كثير المطالعة و التنقيب و التفتيش على مثل ذلك و الذي كان يظهر من المأمون من حنوه عليه و ميله إليه و اختياره له دون أهله و أولاده مما يؤيد ذلك و يقرره و قد ذكر المفيد رحمه الله شيئا ما يقبله عقلي و لعلي واهم و هو أن الإمام ع كان يعيب ابني سهل و يقبح ذكرهما إلى غير ذلك و ما كان أشغله بأمور دينه و آخرته و اشتغاله بالله عن مثل ذلك. و على رأي المفيد رحمه الله أن الدولة المذكورة من أصلها فاسدة و على غير قاعدة مرضية فاهتمامه ع بالوقيعة فيهما حتى أغراهما بتغيير رأي الخليفة عليه فيه ما فيه ثم إن نصيحته للمأمون و إشارته عليه بما ينفعه في دينه لا توجب أن يكون سببا لقتله و موجبا لركوب هذا الأمر العظيم منه و قد كان يكفي في هذا الأمر أن يمنعه عن الدخول عليه أو يكفه عن وعظه ثم إنا لا نعرف أن الإبر إذا غرست في العنب صار العنب مسموما و لا يشهده القياس الطبي و الله تعالى أعلم بحال الجميع و إليه المصير و عند الله يجتمع الخصوم انتهى كلامه. و لا يخفى وهنه إذ الوقيعة في ابني سهل لم يكن للدنيا حتى يمنعه عنه الاشتغال بعبادة الله تعالى بل كان ذلك لما وجب عليه من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و رفع الظلم عن المسلمين مهما أمكن و كون خلافة المأمون فاسدة أيضا لا يمنع منه كما لا يمنع بطلان خلافة الغاصبين إرشاد أمير المؤمنين إياهم لمصالح المسلمين في الغزوات و غيرها. ثم إنه ظاهر أن نصيحة الأشقياء و وعظهم بمحضر الناس لا سيما المدعين للفضل و الخلافة مما يثير حقدهم و حسدهم و غيظهم مع أنه لعنه الله كان أول أمره مبنيا على الحيلة و الخديعة لإطفاء نائرة الفتن الحادثة من خروج الأشراف و السادة من العلويين في الأطراف فلما استقر أمره أظهر كيده فالحق ما اختاره الصدوق و المفيد و غيرهما من أجلة أصحابنا أنه ع مضى شهيدا بسم المأمون اللعين عليه اللعنة و على سائر الغاصبين و الظالمين أبد الآبدين