باب 4- ما جرى بينه و بين خلفاء زمانه و بعض أحوالهم و تاريخ وفاته صلوات الله عليه

1-  عم، ]إعلام الورى[ ذكر الحسن بن محمد بن جمهور العمي في كتاب الواحدة، قال حدثني أخي الحسين بن محمد قال كان لي صديق مؤدب لولد بغا أو وصيف الشك مني فقال لي قال لي الأمير منصرفه من دار الخليفة حبس أمير المؤمنين هذا الذي يقولون ابن الرضا اليوم و دفعه إلى علي بن كركر فسمعته يقول أنا أكرم على الله من ناقة صالح تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ و ليس يفصح بالآية و لا بالكلام أي شي‏ء هذا قال قلت أعزك الله توعد انظر ما يكون بعد ثلاثة أيام فلما كان من الغد أطلقه و اعتذر إليه فلما كان في اليوم الثالث وثب عليه ياغز و يغلون و تامش و جماعة معهم فقتلوه و أقعدوا المنتصر ولده خليفة قال و حدثني سعيد بن سهل قال رفع زيد بن موسى إلى عمر بن الفرج مرارا يسأله أن يقدمه على ابن أخيه و يقول إنه حدث و أنا عم أبيه فقال عمر ذلك لأبي الحسن ع فقال افعل واحدة أقعدني غدا قبله ثم انظر فلما كان من غد أحضر عمر أبا الحسن ع فجلس في صدر المجلس ثم أذن لزيد بن موسى فدخل فجلس بين يدي أبي الحسن ع فلما كان يوم الخميس أذن لزيد بن موسى قبله فجلس في صدر المجلس ثم أذن لأبي الحسن ع فدخل فلما رآه زيد قام من مجلسه و أقعده في مجلسه و جلس بين يديه

2-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ أبو محمد الفحام قال سأل المتوكل بن الجهم من أشعر الناس فذكر شعراء الجاهلية و الإسلام ثم إنه سأل أبا الحسن ع فقال الحماني حيث يقول

لقد فاخرتنا من قريش عصابة بمط خدود و امتداد أصابع‏فلما تنازعنا المقال قضى لنا عليهم بما يهوي نداء الصوامع‏ترانا سكوتا و الشهيد بفضلنا عليهم جهير الصوت في كل جامع

 فإن رسول الله أحمد جدنا و نحن بنوه كالنجوم الطوالع

قال و ما نداء الصوامع يا أبا الحسن قال أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله ص جدي أم جدك فضحك المتوكل ثم قال هو جدك لا ندفعك عنه

3-  كش، ]رجال الكشي[ أحمد بن علي بن كلثوم عن إسحاق بن محمد عن محمد بن الحسن بن شمون و غيره قال خرج أبو محمد ع في جنازة أبي الحسن ع و قميصه مشقوق فكتب إليه أبو عون الأبرش قرابة نجاح بن سلمة من رأيت أو بلغك من الأئمة شق ثوبه في مثل هذا فكتب إليه أبو محمد ع يا أحمق و ما يدريك ما هذا قد شق موسى على هارون

4-  كش، ]رجال الكشي[ أحمد بن علي عن إسحاق عن إبراهيم بن الخضيب الأنباري قال كتب أبو عون الأبرش قرابة نجاح بن سلمة إلى أبي محمد ع أن الناس قد استوهنوا من شقك على أبي الحسن ع فقال يا أحمق ما أنت و ذاك قد شق موسى على هارون ع إن من الناس من يولد مؤمنا و يحيا مؤمنا و يموت مؤمنا و منهم من يولد كافرا و يحيا كافرا و يموت كافرا و منهم من يولد مؤمنا و يحيا مؤمنا و يموت كافرا و إنك لا تموت حتى تكفر و يتغير عقلك فما مات حتى حجبه ولده عن الناس و حبسوه في منزله في ذهاب العقل و الوسوسة و لكثرة التخليط و يرد على أهل الإمامة و انكشف عما كان عليه

  -5  مصبا، ]المصباحين[ روى إبراهيم بن هاشم القمي قال توفي أبو الحسن علي بن محمد صاحب العسكر ع يوم الإثنين لثلاث خلون من رجب سنة أربع و خمسين و مائتين

 و قال ابن عياش في اليوم الثالث من رجب سنة أربع و خمسين و مائتين كانت وفاة سيدنا أبي الحسن علي بن محمد صاحب العسكر ع و له يومئذ إحدى و أربعون سنة

6-  مهج، ]مهج الدعوات[ من نسخة عتيقة حدثني محمد بن محمد بن محسن عن أبيه عن محمد بن إبراهيم بن صدقة عن سلامة بن محمد الأزدي عن أبي جعفر بن عبد الله العقيلي عن محمد بن بريك الرهاوي عن عبد الواحد الموصلي عن جعفر بن عقيل بن عبد الله العقيلي عن أبي روح النسائي عن أبي الحسن علي بن محمد ع أنه دعا على المتوكل فقال بعد أن حمد الله و أثنى عليه اللهم إني و فلانا عبدان من عبيدك إلى آخر الدعاء

 و وجدت هذا الدعاء مذكورا بطريق آخر هذا لفظه ذكر بإسناده عن زرافة حاجب المتوكل و كان شيعيا أنه قال كان المتوكل لحظوة الفتح بن خاقان عنده و قربه منه دون الناس جميعا و دون ولده و أهله و أراد أن يبين موضعه عندهم فأمر جميع مملكته من الأشراف من أهله و غيرهم و الوزراء و الأمراء و القواد و سائر العساكر و وجوه الناس أن يزينوا بأحسن التزيين و يظهروا في أفخر عددهم و ذخائرهم و يخرجوا مشاة بين يديه و أن لا يركب أحد إلا هو و الفتح بن خاقان خاصة بسرمن‏رأى و مشى الناس بين أيديهما على مراتبهم رجالة و كان يوما قائظا شديد الحر و أخرجوا في جملة الأشراف أبا الحسن علي بن محمد ع و شق عليه ما لقيه من الحر و الزحمة قال زرافة فأقبلت إليه و قلت له يا سيدي يعز و الله علي ما تلقى من هذه الطغاة و ما قد تكلفته من المشقة و أخذت بيده فتوكأ علي و قال يا زرافة ما ناقة صالح عند الله بأكرم مني أو قال بأعظم قدرا مني و لم أزل أسائله و أستفيد منه و أحادثه إلى أن نزل المتوكل من الركوب و أمر الناس بالانصراف فقدمت إليهم دوابهم فركبوا إلى منازلهم و قدمت بغلة له فركبها و ركبت معه إلى داره فنزل و ودعته و انصرفت إلى داري و لولدي مؤدب يتشيع من أهل العلم و الفضل و كانت لي عادة بإحضاره عند الطعام فحضر عند ذلك و تجارينا الحديث و ما جرى من ركوب المتوكل و الفتح و مشى الأشراف و ذوي الأقدار بين أيديهما و ذكرت له ما شاهدته من أبي الحسن علي بن محمد ع و ما سمعته من قوله ما ناقة صالح عند الله بأعظم قدرا مني و كان المؤدب يأكل معي فرفع يده و قال بالله إنك سمعت هذا اللفظ منه فقلت له و الله إني سمعته يقوله فقال لي اعلم أن المتوكل لا يبقى في مملكته أكثر من ثلاثة أيام و يهلك فانظر في أمرك و أحرز ما تريد إحرازه و تأهب لأمرك كي لا يفجئكم هلاك هذا الرجل فتهلك أموالكم بحادثة تحدث أو سبب يجري فقلت له من أين لك ذلك فقال لي أ ما قرأت القرآن في قصة الناقة و قوله تعالى تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ و لا يجوز أن تبطل قول الإمام قال زرافة فو الله ما جاء اليوم الثالث حتى هجم المنتصر و معه بغاء و وصيف و الأتراك على المتوكل فقتلوه و قطعوه و الفتح بن خاقان جميعا قطعا حتى لم يعرف أحدهما من الآخر و أزال الله نعمته و مملكته فلقيت الإمام أبا الحسن ع بعد ذلك و عرفته ما جرى مع المؤدب و ما قاله فقال صدق إنه لما بلغ مني الجهد رجعت إلى كنوز نتوارثها من آبائنا هي أعز من الحصون و السلاح و الجنن و هو دعاء المظلوم على الظالم فدعوت به عليه فأهلكه الله فقلت يا سيدي إن رأيت أن تعلمنيه فعلمنيه إلى آخر ما أوردته في كتاب الدعاء

 ق، ]كتاب العتيق الغروي[ بإسناده عن زرافة مثله

7-  ع، ]علل الشرائع[ ل، ]الخصال[ ابن المتوكل عن علي بن إبراهيم عن عبد الله بن أحمد الموصلي عن الصقر بن أبي دلف الكرخي قال لما حمل المتوكل سيدنا أبا الحسن العسكري ع جئت أسأل عن خبره قال فنظر إلي الزرافي و كان حاجبا للمتوكل فأمر أن أدخل إليه فأدخلت إليه فقال يا صقر ما شأنك فقلت خير أيها الأستاذ فقال اقعد فأخذني ما تقدم و ما تأخر و قلت أخطأت في المجي‏ء قال فوحى الناس عنه ثم قال لي ما شأنك و فيم جئت قلت لخير ما فقال لعلك تسأل عن خبر مولاك فقلت له و من مولاي مولاي أمير المؤمنين فقال اسكت مولاك هو الحق فلا تحتشمني فإني على مذهبك فقلت الحمد لله قال أ تحب أن تراه قلت نعم قال اجلس حتى يخرج صاحب البريد من عنده قال فجلست فلما خرج قال لغلام له خذ بيد الصقر و أدخله إلى الحجرة التي فيها العلوي المحبوس و خل بينه و بينه قال فأدخلني إلى الحجرة و أومأ إلى بيت فدخلت فإذا هو جالس على صدر حصير و بحذاه قبر محفور قال فسلمت عليه فرد علي ثم أمرني بالجلوس ثم قال لي يا صقر ما أتى بك قلت سيدي جئت أتعرف خبرك قال ثم نظرت إلى القبر فبكيت فنظر إلي فقال يا صقر لا عليك لن يصلوا إلينا بسوء الآن فقلت الحمد لله ثم قلت يا سيدي حديث يروى عن النبي ص لا أعرف معناه قال و ما هو فقلت قوله ص لا تعادوا الأيام فتعاديكم ما معناه فقال نعم الأيام نحن ما قامت السماوات و الأرض فالسبت اسم رسول الله ص و الأحد كناية عن أمير المؤمنين ع و الإثنين الحسن و الحسين و الثلاثاء علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و الأربعاء موسى بن جعفر و علي بن موسى و محمد بن علي و أنا و الخميس ابني الحسن بن علي و الجمعة ابن ابني و إليه تجمع عصابة الحق و هو الذي يملؤها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا فهذا معنى الأيام فلا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة ثم قال ع ودع و اخرج فلا آمن عليك

 ك، ]إكمال الدين[ الهمداني عن علي بن إبراهيم مثله بيان قوله فأخذني ما تقدم و ما تأخر أي صرت متفكرا فيما تقدم من الأمور و ما تأخر منها فاهتممت لها جميعا و الحاصل أني تفكرت فيما يترتب على مجيئي من المفاسد فندمت على المجي‏ء. و يحتمل أن يكون فأخذ بي بالباء أي سأل عني سؤالات كثيرة عما تقدم و عما تأخر فظننت أنه تفطن بسبب مجيئي فندمت فوحى الناس أي أشار إليهم أن يبعدوا عنه و يمكن أن يقرأ الناس بالرفع أي أسرع الناس في الذهاب فإن الوحي يكون بمعنى الإشارة و بمعنى الإسراع و يمكن أن يقرأ على بناء التفعيل أي عجل الناس في الانصراف عنه و صاحب البريد الرسول المستعجل إذ البريد يطلق على الرسول و على بغلته

8-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روى أبو سليمان عن ابن أورمة قال خرجت أيام المتوكل إلى سرمن‏رأى فدخلت على سعيد الحاجب و دفع المتوكل أبا الحسن إليه ليقتله فلما دخلت عليه قال أ تحب أن تنظر إلى إلهك قلت سبحان الله الذي لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ قال هذا الذي تزعمون أنه إمامكم قلت ما أكره ذلك قال قد أمرت بقتله و أنا فاعله غدا و عنده صاحب البريد فإذا خرج فادخل إليه و لم ألبث أن خرج قال ادخل فدخلت الدار التي كان فيها محبوسا فإذا بحياله قبر يحفر فدخلت و سلمت و بكيت بكاء شديدا فقال ما يبكيك قلت لما أرى قال لا تبك لذلك لا يتم لهم ذلك فسكن ما كان بي فقال إنه لا يلبث أكثر من يومين حتى يسفك الله دمه و دم صاحبه الذي رأيته قال فو الله ما مضى غير يومين حتى قتل فقلت لأبي الحسن ع حديث رسول الله ص لا تعادوا الأيام فتعاديكم قال نعم إن لحديث رسول الله ص تأويلا أما السبت فرسول الله ص و الأحد أمير المؤمنين ع و الإثنين الحسن و الحسين ع و الثلاثاء علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و الأربعاء موسى بن جعفر و علي بن موسى و محمد بن علي و أنا علي بن محمد و الخميس ابني الحسن و الجمعة القائم منا أهل البيت

9-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روى أبو سعيد سهل بن زياد قال حدثنا أبو العباس فضل بن أحمد بن إسرائيل الكاتب و نحن في داره بسامرة فجرى ذكر أبي الحسن فقال يا أبا سعيد إني أحدثك بشي‏ء حدثني به أبي قال كنا مع المعتز و كان أبي كاتبه فدخلنا الدار و إذا المتوكل على سريره قاعد فسلم المعتز و وقف و وقفت خلفه و كان عهدي به إذا دخل رحب به و يأمر بالقعود فأطال القيام و جعل يرفع رجلا و يضع أخرى و هو لا يأذن له بالقعود و نظرت إلى وجهه يتغير ساعة بعد ساعة و يقبل على الفتح بن خاقان و يقول هذا الذي تقول فيه ما تقول و يردد القول و الفتح مقبل عليه يسكنه و يقول مكذوب عليه يا أمير المؤمنين و هو يتلظى و يقول و الله لأقتلن هذا المرائي الزنديق و هو يدعي الكذب و يطعن في دولتي ثم قال جئني بأربعة من الخزر فجي‏ء بهم و دفع إليهم أربعة أسياف و أمرهم أن يرطنوا بألسنتهم إذا دخل أبو الحسن و يقبلوا عليه بأسيافهم فيخبطوه و هو يقول و الله لأحرقنه بعد القتل و أنا منتصب قائم خلف المعتز من وراء الستر فما علمت إلا بأبي الحسن قد دخل و قد بادر الناس قدامه و قالوا قد جاء و التفت فإذا أنا به و شفتاه يتحركان و هو غير مكروب و لا جازع فلما بصر به المتوكل رمى بنفسه عن السرير إليه و هو سبقه و انكب عليه فقبل بين عينيه و يده و سيفه بيده و هو يقول يا سيدي يا ابن رسول الله يا خير خلق الله يا ابن عمي يا مولاي يا أبا الحسن و أبو الحسن ع يقول أعيذك يا أمير المؤمنين بالله أعفني من هذا فقال ما جاء بك يا سيدي في هذا الوقت قال جاءني رسولك فقال المتوكل يدعوك فقال كذب ابن الفاعلة ارجع يا سيدي من حيث شئت يا فتح يا عبيد الله يا معتز شيعوا سيدكم و سيدي فلما بصر به الخزر خروا سجدا مذعنين فلما خرج دعاهم المتوكل ثم أمر الترجمان أن يخبره بما يقولون ثم قال لهم لم لم تفعلوا ما أمرتم قالوا شدة هيبته رأينا حوله أكثر من مائة سيف لم نقدر أن نتأملهم فمنعنا ذلك عما أمرت به و امتلأت قلوبنا من ذلك فقال المتوكل يا فتح هذا صاحبك و ضحك في وجه الفتح و ضحك الفتح في وجهه فقال الحمد لله الذي بيض وجهه و أنار حجته

10-  شا، ]الإرشاد[ كان مولد أبي الحسن الثالث ع بصريا من مدينة الرسول ص للنصف من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة و مائتين و توفي بسرمن‏رأى في رجب من سنة أربع و خمسين و مائتين و له يومئذ إحدى و أربعون سنة و كان المتوكل قد أشخصه مع يحيى بن هرثمة بن أعين من المدينة إلى سرمن‏رأى فأقام بها حتى مضى لسبيله و كان مدة إمامته ثلاثا و ثلاثين سنة و أمه أم ولد يقال لها سمانة

11-  عم، ]إعلام الورى[ شا، ]الإرشاد[ ابن قولويه عن الكليني عن علي بن محمد عن إبراهيم بن محمد الطاهري قال مرض المتوكل من خراج خرج به فأشرف منه على التلف فلم يجسر أحد أن يمسه بحديدة فنذرت أمه إن عوفي أن يحمل إلى أبي الحسن علي بن محمد ع مالا جليلا من مالها و قال له الفتح بن خاقان لو بعثت إلى هذا الرجل يعني أبا الحسن فسألته فإنه ربما كان عنده صفة شي‏ء يفرج الله به عنك قال ابعثوا إليه فمضى الرسول و رجع فقال خذوا كسب الغنم فديفوه بماء ورد و ضعوه على الخراج فإنه نافع بإذن الله فجعل من بحضرة المتوكل يهزأ من قوله فقال لهم الفتح و ما يضر من تجربة ما قال فو الله إني لأرجو السلاح به فأحضر الكسب و ديف بماء الورد و وضع على الخراج فانفتح و خرج ما كان فيه و بشرت أم المتوكل بعافيته فحملت إلى أبي الحسن ع عشرة آلاف دينار تحت ختمها فاستقل المتوكل من علته فلما كان بعد أيام سعى البطحائي بأبي الحسن ع إلى المتوكل فقال عنده سلاح و أموال فتقدم المتوكل إلى سعيد الحاجب أن يهجم ليلا عليه و يأخذ ما يجد عنده من الأموال و السلاح و يحمل إليه فقال إبراهيم بن محمد قال لي سعيد الحاجب صرت إلى دار أبي الحسن ع بالليل و معي سلم فصعدت منه إلى السطح و نزلت من الدرجة إلى بعضها في الظلمة فلم أدر كيف أصل إلى الدار فناداني أبو الحسن ع من الدار يا سعيد مكانك حتى يأتوك بشمعة فلم ألبث أن أتوني بشمعة فنزلت فوجدت عليه جبة من صوف و قلنسوة منها و سجادته على حصير بين يديه و هو مقبل على القبلة فقال لي دونك بالبيوت فدخلتها و فتشتها فلم أجد فيها شيئا و وجدت البدرة مختومة بخاتم أم المتوكل و كيسا مختوما معها فقال أبو الحسن ع دونك المصلى فرفعت فوجدت سيفا في جفن غير ملبوس فأخذت ذلك و صرت إليه فلما نظر إلى خاتم أمه على البدرة بعث إليها فخرجت إليه فسألها عن البدرة فأخبرني بعض خدم الخاصة أنها قالت له كنت نذرت في علتك إن عوفيت أن أحمل إليه من مالي عشرة آلاف دينار فحملتها إليه و هذا خاتمك على الكيس ما حركها و فتح الكيس الآخر و كان فيه أربع مائة دينار فأمر أن يضم إلى البدرة بدرة أخرى و قال لي احمل ذلك إلى أبي الحسن و اردد عليه السيف و الكيس بما فيه فحملت ذلك إليه و استحييت منه و قلت يا سيدي عز علي بدخول دارك بغير إذنك و لكني مأمور به فقال لي سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ

 يج، ]الخرائج و الجرائح[ عن إبراهيم بن محمد مثله دعوات الراوندي، مرسلا مثله بيان قوله كسب الغنم الكسب بالضم عصارة الدهن و لعل المراد هنا ما يشبهها مما يتلبد من السرقين تحت أرجل الشاة و الدوف الخلط و البل بماء و نحوه قوله و استقل في ربيع الشيعة استبل أي حسنت حاله بعد الهزال قوله عز علي أي اشتد علي

12-  شا، ]الإرشاد[ كان سبب شخوص أبي الحسن ع من المدينة إلى سرمن‏رأى أن عبد الله بن محمد كان يتولى الحرب و الصلاة في مدينة الرسول ص فسعى بأبي الحسن إلى المتوكل و كان يقصده بالأذى و بلغ أبا الحسن ع سعايته به فكتب إلى المتوكل يذكر تحامل عبد الله بن محمد عليه و كذبه فيما سعى به فتقدم المتوكل بإجابته عن كتابه و دعائه فيه إلى حضور العسكر على جميل من الفعل و القول فخرجت نسخة الكتاب و هي بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإن أمير المؤمنين عارف بقدرك راع لقرابتك موجب لحقك مؤثر من الأمور فيك و في أهل بيتك ما يصلح الله به حالك و حالهم و يثبت به من عزك و عزهم و يدخل الأمن عليك و عليهم يبتغي بذلك رضا ربه و أداء ما فرض عليه فيك و فيهم فقد رأى أمير المؤمنين صرف عبد الله بن محمد عما كان يتولى من الحرب و الصلاة بمدينة الرسول إذ كان على ما ذكرت من جهالته بحقك و استخفافه بقدرك و عند ما قرفك به و نسبك إليه من الأمر الذي قد علم أمير المؤمنين براءتك منه و صدق نيتك في برك و قولك و أنك لم تؤهل نفسك لما قرفت بطلبه و قد ولى أمير المؤمنين ما كان يلي من ذلك محمد بن الفضل و أمره بإكرامك و تبجيلك و الانتهاء إلى أمرك و رأيك و التقرب إلى الله و إلى أمير المؤمنين بذلك و أمير المؤمنين مشتاق إليك يحب إحداث العهد بك و النظر إلى وجهك فإن نشطت لزيارته و المقام قبله ما أحببت شخصت و من اخترت من أهل بيتك و مواليك و حشمك على مهلة و طمأنينة ترحل إذا شئت و تنزل إذا شئت و تسير كيف شئت فإن أحببت أن يكون يحيى بن هرثمة مولى أمير المؤمنين و من معه من الجند يرحلون برحيلك يسيرون بمسيرك فالأمر في ذلك إليك و قد تقدمنا إليه بطاعتك فاستخر الله حتى توافي أمير المؤمنين فما أحد من إخوته و ولده و أهل بيته و خاصته ألطف منه منزلة و لا أحمد له أثرة و لا هو لهم أنظر و عليهم أشفق و بهم أبر و إليهم أسكن منه إليك و السلام عليك و رحمة الله و بركاته و كتب إبراهيم بن العباس في جمادى الأخرى سنة ثلاث و أربعين و مائتين فلما وصل الكتاب إلى أبي الحسن ع تجهز للرحيل و خرج معه يحيى بن هرثمة حتى وصل سرمن‏رأى فلما وصل إليها تقدم المتوكل بأن يحجب عنه في يومه فنزل في خان يقال له خان الصعاليك و أقام به يومه ثم تقدم المتوكل بإفراد دار له فانتقل إليها

 أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد بن عبد الله عن محمد بن يحيى عن صالح بن سعيد قال دخلت على أبي الحسن ع يوم وروده فقلت له جعلت فداك في كل الأمور أرادوا إطفاء نورك و التقصير بك حتى أنزلوك هذا المكان الأشنع خان الصعاليك فقال هاهنا أنت يا ابن سعيد ثم أومأ بيده فإذا أنا بروضات أنيقات و أنهار جاريات و جنات فيها خيرات عطرات و ولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون فحار بصري و كثر عجبي فقال ع لي حيث كنا فهذا لنا يا ابن سعيد لسنا في خان الصعاليك و أقام أبو الحسن ع مدة مقامه بسرمن‏رأى مكرما في ظاهر حاله يجتهد المتوكل في إيقاع حيلة به فلا يتمكن من ذلك و له معه أحاديث يطول بذكرها الكتاب فيها آيات له و بينات إن عمدنا لإيراد ذلك خرجنا عن الغرض فيما نحوناه و توفي أبو الحسن ع في رجب سنة أربع و خمسين و مائتين و دفن في داره بسرمن‏رأى و خلف من الولد أبا محمد الحسن ابنه و هو الإمام بعده و الحسين و محمد و جعفر و ابنته عائشة و كان مقامه في سرمن‏رأى إلى أن قبض عشر سنين و أشهرا و توفي و سنه يومئذ على ما قدمناه إحدى و أربعين سنة

13-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ أبو محمد الفحام بالإسناد عن سلمة الكاتب قال قال خطيب يلقب بالهريسة للمتوكل ما يعمل أحد بك ما تعمله بنفسك في علي بن محمد فلا في الدار إلا من يخدمه و لا يتعبونه يشيل الستر لنفسه فأمر المتوكل بذلك فرفع صاحب الخبر أن علي بن محمد دخل الدار فلم يخدم و لم يشل أحد بين يديه الستر فهب هواء فرفع الستر حتى دخل و خرج فقال شيلوا له الستر بعد ذلك فلا نريد أن يشيل له الهواء

 و في تخريج أبي سعيد العامري رواية عن صالح بن الحكم بياع السابري قال كنت واقفيا فلما أخبرني حاجب المتوكل بذلك أقبلت أستهزئ به إذ خرج أبو الحسن فتبسم في وجهي من غير معرفة بيني و بينه و قال يا صالح إن الله تعالى قال في سليمان فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ و نبيك و أوصياء نبيك أكرم على الله تعالى من سليمان قال و كأنما انسل من قلبي الضلالة فتركت الوقف

 الحسين بن محمد قال لما حبس المتوكل أبا الحسن ع و دفعه إلى علي بن كركر قال أبو الحسن أنا أكرم على الله من ناقة صالح تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ فلما كان من الغد أطلقه و اعتذر إليه فلما كان في اليوم الثالث وثب عليه ياغز و تامش و معطون فقتلوه و أقعدوا المنتصر ولده خليفة

 و في رواية أبي سالم أن المتوكل أمر الفتح بسبه فذكر الفتح له ذلك فقال قل تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ الآية و أنهي ذلك إلى المتوكل فقال أقتله بعد ثلاثة أيام فلما كان اليوم الثالث قتل المتوكل و الفتح

14-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ أبو الهلقام و عبد الله بن جعفر الحميري و الصقر الجبلي و أبو شعيب الحناط و علي بن مهزيار قالوا كانت زينب الكذابة تزعم أنها ابنة علي بن أبي طالب ع فأحضرها المتوكل و قال اذكري نسبك فقالت أنا زينب ابنة علي ع و إنها كانت حملت إلى الشام فوقعت إلى بادية من بني كلب فأقامت بين ظهرانيهم فقال لها المتوكل إن زينب بنت علي قديمة و أنت شابة فقالت لحقتني دعوة رسول الله ص بأن يرد شبابي في كل خمسين سنة فدعا المتوكل وجوه آل أبي طالب فقال كيف يعلم كذبها فقال الفتح لا يخبرك بهذا إلا ابن الرضا ع فأمر بإحضاره و سأله فقال ع إن في ولد علي ع علامة قال و ما هي قال لا تعرض لهم السباع فألقها إلى السباع فإن لم تعرض لها فهي صادقة فقالت يا أمير المؤمنين الله الله في فإنما أراد قتلي و ركبت الحمار و جعلت تنادي ألا إنني زينب الكذابة

 و في رواية أنه عرض عليها ذلك فامتنعت فطرحت للسباع فأكلتها قال علي بن مهزيار فقال علي بن الجهم جرب هذا على قائله فأجيعت السباع ثلاثة أيام ثم دعا بالإمام ع و أخرجت السباع فلما رأته لاذت و تبصبصت بآذانها فلم يلتفت الإمام ع إليها و صعد السقف و جلس عند المتوكل ثم نزل من عنده و السباع تلوذ به و تبصبص حتى خرج ع و قال قال النبي ص حرم لحوم أولادي على السباع

15-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ قال أبو جنيد أمرني أبو الحسن العسكري بقتل فارس بن حاتم القزويني فناولني دراهم و قال اشتر بها سلاحا و اعرضه علي فذهبت فاشتريت سيفا فعرضته عليه فقال رد هذا و خذ غيره قال و رددته و أخذت مكانه ساطورا فعرضته عليه فقال هذا نعم فجئت إلى فارس و قد خرج من المسجد بين الصلاتين المغرب و العشاء الآخرة فضربته على رأسه فسقط ميتا و رميت الساطور و اجتمع الناس و أخذت إذ لم يوجد هناك أحد غيري فلم يروا معي سلاحا و لا سكينا و لا أثر الساطور و لم يروا بعد ذلك فخليت

16-  كا، ]الكافي[ مضى ع لأربع بقين من جمادى الآخرة سنة أربع و خمسين و مائتين و له إحدى و أربعون سنة و ستة أشهر أو أربعون سنة على المولد الآخر الذي روي و كان المتوكل أشخصه مع يحيى بن هرثمة بن أعين من المدينة إلى سرمن‏رأى فتوفي بها ع و دفن في داره

17-  ضه، ]روضة الواعظين[ توفي ع بسرمن‏رأى لثلاث ليال خلون نصف النهار من رجب سنة أربع و خمسين و مائتين و له يومئذ إحدى و أربعون سنة و سبعة أشهر و كانت مدة إمامته ثلاثا و ثلاثين سنة و كانت مدة مقامه بسرمن‏رأى إلى أن قبض ع عشرين سنة و أشهرا

18-  الدروس، أمه سمانة ولد بالمدينة منتصف ذي الحجة سنة اثنتي عشرة و مائتين و قبض بسرمن‏رأى في يوم الإثنين ثالث رجب سنة أربع و خمسين و مائتين و دفن في داره بها

19-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ في آخر ملك المعتمد استشهد مسموما و قال ابن بابويه و سمه المعتمد

20-  قل، ]إقبال الأعمال[ في أدعية شهر رمضان و ضاعف العذاب على من شرك في دمه و هو المتوكل

21-  كشف، ]كشف الغمة[ قال الحافظ عبد العزيز قال علي بن يحيى بن أبي منصور كنت يوما بين يدي المتوكل و دخل علي بن محمد بن علي بن موسى ع فلما جلس قال له المتوكل ما يقول ولد أبيك في العباس بن عبد المطلب قال ما يقول ولد أبي يا أمير المؤمنين في رجل فرض الله تعالى طاعة نبيه على جميع خلقه و فرض طاعته على نبيه ص

22-  عم، ]إعلام الورى[ قبض ع بسرمن‏رأى في رجب سنة أربع و خمسين و مائتين و له يومئذ إحدى و أربعون سنة و أشهر و كان المتوكل قد أشخصه مع يحيى بن هرثمة بن أعين من المدينة إلى سرمن‏رأى فأقام بها حتى مضى لسبيله و كانت مدة إمامته ثلاثا و ثلاثين سنة و كان في أيام إمامته بقية ملك المعتصم ثم ملك الواثق خمس سنين و سبعة أشهر ثم ملك المتوكل أربع عشرة سنة ثم ملك ابنه المنتصر أشهرا ثم ملك المستعين و هو أحمد بن محمد بن المعتصم سنتين و تسعة أشهر ثم ملك المعتز و هو الزبير بن المتوكل ثماني سنين و ستة أشهر و في آخر ملكه استشهد ولي الله علي بن محمد ع و دفن في داره بسرمن‏رأى و كان مقامه ع بسرمن‏رأى إلى أن توفي عشرين سنة و أشهرا

23-  مروج الذهب للمسعودي، كانت وفاة أبي الحسن علي بن محمد ع في خلافة المعتز بالله و ذلك يوم الإثنين لأربع بقين من جمادى الآخرة سنة أربع و خمسين و مائتين و هو ابن أربعين سنة و قيل ابن اثنتين و أربعين سنة و قيل أقل من ذلك و سمعت في جنازته جارية سوداء و هي تقول ما ذا لقينا من يوم الإثنين و صلى عليه أحمد بن المتوكل على الله في شارع أبي أحمد و دفن هناك في داره بسامراء

 و حدثنا ابن أبي الأزهر عن القاسم بن أبي عباد عن يحيى بن هرثمة قال وجهني المتوكل إلى المدينة لإشخاص علي بن محمد بن علي بن موسى ع لشي‏ء بلغه عنه فلما صرت إليها ضج أهلها و عجوا ضجيجا و عجيجا ما سمعت مثله فجعلت أسكنهم و أحلف أني لم أؤمر فيه بمكروه و فتشت منزله فلم أصب فيه إلا مصاحف و دعاء و ما أشبه ذلك فأشخصته و توليت خدمته و أحسنت عشرته فبينا أنا في يوم من الأيام و السماء صاحية و الشمس طالعة إذا ركب و عليه ممطر قد عقد ذنب دابته فتعجبت من فعله فلم يكن من ذلك إلا هنيئة حتى جاءت سحابة فأرخت عزاليها و نالنا من المطر أمر عظيم جدا فالتفت إلي فقال أنا أعلم أنك أنكرت ما رأيت و توهمت أني أعلم من الأمر ما لم تعلم و ليس ذلك كما ظننت و لكني نشأت بالبادية فأنا أعرف الرياح التي تكون في عقبها المطر فتأهبت لذلك فلما قدمت إلى مدينة السلام بدأت بإسحاق بن إبراهيم الطاهري و كان على بغداد فقال يا يحيى إن هذا الرجل قد ولده رسول الله ص و المتوكل من تعلم و إن حرضته عليه قتله و كان رسول الله ص خصمك فقلت و الله ما وقفت منه إلا على أمر جميل فصرت إلى سامراء فبدأت بوصيف التركي و كنت من أصحابه فقال لي و الله لئن سقط من رأس هذا الرجل شعرة لا يكون الطالب بها غيري فتعجبت من قولهما و عرفت المتوكل ما وقفت عليه من أمره و سمعته من الثناء فأحسن جائزته و أظهر بره و تكرمته

 و حدثني محمد بن الفرج عن أبي دعامة قال أتيت علي بن محمد ع عائدا في علته التي كانت وفاته بها فلما هممت بالانصراف قال لي يا أبا دعامة قد وجب علي حقك أ لا أحدثك بحديث تسر به قال فقلت له ما أحوجني إلى ذلك يا ابن رسول الله قال حدثني أبي محمد بن علي قال حدثني أبي علي بن موسى قال حدثني أبي موسى بن جعفر قال حدثني أبي جعفر بن محمد قال حدثني أبي محمد بن علي قال حدثني أبي علي بن الحسين قال حدثني أبي الحسين بن علي قال حدثني أبي علي بن أبي طالب ع قال قال لي رسول الله ص يا علي اكتب فقلت ما أكتب فقال اكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الإيمان ما وقر في القلوب و صدقته الأعمال و الإسلام ما جرى على اللسان و حلت به المناكحة قال أبو دعامة فقلت يا ابن رسول الله و الله ما أدري أيهما أحسن الحديث أم الإسناد فقال إنها لصحيفة بخط علي بن أبي طالب ع و إملاء رسول الله ص نتوارثهما صاغر عن كابر

  قال المسعودي و قد ذكرنا خبر علي بن محمد مع زينب الكذابة بحضرة المتوكل و نزوله إلى بركة السباع و تذللها له و رجوع زينب عما ادعته من أنها ابنة للحسين و أن الله أطال عمرها إلى ذلك الوقت في كتابنا أخبار الزمان و قيل إنه ع مات مسموما

24-  عيون المعجزات، روي أن بريحة العباسي كتب إلى المتوكل إن كان لك في الحرمين حاجة فأخرج علي بن محمد منها فإنه قد دعا الناس إلى نفسه و اتبعه خلق كثير ثم كتب إليه بهذا المعنى زوجة المتوكل فنفذ يحيى بن هرثمة و كتب معه إلى أبي الحسن ع كتابا جيدا يعرفه أنه قد اشتاق إليه و سأله القدوم عليه و أمر يحيى بالمسير إليه و كتب إلى بريحة يعرفه ذلك فقدم يحيى المدينة و بدأ ببريحة و أوصل الكتاب إليه ثم ركبا جميعا إلى أبي الحسن ع و أوصلا إليه كتاب المتوكل فاستأجلها ثلاثة أيام فلما كان بعد ثلاثة عادا إلى داره فوجدا الدواب مسرجة و الأثقال مشدودة قد فرغ منها فخرج صلوات الله عليه متوجها إلى العراق و معه يحيى بن هرثمة

 و روي أنه لما كان في يوم الفطر في السنة التي قتل فيها المتوكل أمر المتوكل بني هاشم بالترجل و المشي بين يديه و إنما أراد بذلك أن يترجل أبو الحسن ع فترجل بنو هاشم و ترجل أبو الحسن ع و اتكأ على رجل من مواليه فأقبل عليه الهاشميون و قالوا يا سيدنا ما في هذا العالم أحد يستجاب دعاؤه و يكفينا الله به تعزز هذا قال لهم أبو الحسن ع في هذا العالم من قلامة ظفره أكرم على الله من ناقة ثمود لما عقرت الناقة صاح الفصيل إلى الله تعالى فقال الله سبحانه تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ فقتل المتوكل يوم الثالث

  و روي أن المتوكل قتل في الرابع من شوال سنة سبع و أربعين و مائتين في سبع و عشرين سنة من إمامة أبي الحسن ع و بويع لابنه محمد بن جعفر المنتصر و ملك سبعة أشهر و مات و بويع لأحمد المستعين بن المعتصم و كان ملكه أربع سنين ثم خلع و بويع للمعتز بن المتوكل و روي أن اسمه الزبير في سنة اثنتين و خمسين و مائتين و ذلك في اثنتين و ثلاثين سنة من إمامة أبي الحسن ع في سنة أربع و خمسين و مائتين و أحضر ابنه أبا محمد الحسن ع و أعطاه النور و الحكمة و مواريث الأنبياء و السلاح و نص عليه و أوصى إليه بمشهد ثقات من أصحابه و مضى ع و له أربعون سنة و دفن بسرمن‏رأى

  -25  البرسي في مشارق الأنوار، عن محمد بن الحسن الجهني قال حضر مجلس المتوكل مشعبذ هندي فلعب عنده بالحق فأعجبه فقال له المتوكل يا هندي الساعة يحضر مجلسنا رجل شريف فإذا حضر فالعب عنده بما يخجله قال فلما حضر أبو الحسن ع المجلس لعب الهندي فلم يلتفت إليه فقال له يا شريف ما يعجبك لعبي كأنك جائع ثم أشار إلى صورة مدورة في البساط على شكل الرغيف و قال يا رغيف مر إلى هذا الشريف فارتفعت الصورة فوضع أبو الحسن ع يده على صورة سبع في البساط و قال قم فخذ هذا فصارت الصورة سبع و ابتلع الهندي و عاد إلى مكانه في البساط فسقط المتوكل لوجهه و هرب من كان قائما

 أقول قال المسعودي في مروج الذهب، سعي إلى المتوكل بعلي بن محمد الجواد ع أن في منزله كتبا و سلاحا من شيعته من أهل قم و أنه عازم على الوثوب بالدولة فبعث إليه جماعة من الأتراك فهجموا داره ليلا فلم يجدوا فيها شيئا و وجدوه في بيت مغلق عليه و عليه مدرعة من صوف و هو جالس على الرمل و الحصى و هو متوجه إلى الله تعالى يتلو آيات من القرآن فحمل على حاله تلك إلى المتوكل و قالوا له لم نجد في بيته شيئا و وجدناه يقرأ القرآن مستقبل القبلة و كان المتوكل جالسا في مجلس الشرب فدخل عليه و الكأس في يد المتوكل فلما رآه هابه و عظمه و أجلسه إلى جانبه و ناوله الكأس التي كانت في يده فقال و الله ما يخامر لحمي و دمي قط فاعفني فأعفاه فقال أنشدني شعرا فقال ع إني قليل الرواية للشعر فقال لا بد فأنشده ع و هو جالس عنده

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم غلب الرجال فلم تنفعهم القلل‏و استنزلوا بعد عز من معاقلهم و أسكنوا حفرا يا بئسما نزلواناداهم صارخ من بعد دفنهم أين الأساور و التيجان و الحلل

 أين الوجوه التي كانت منعمة من دونها تضرب الأستار و الكلل‏فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم تلك الوجوه عليها الدود تقتتل‏قد طال ما أكلوا دهرا و قد شربوا و أصبحوا اليوم بعد الأكل قد أكلوا

قال فبكى المتوكل حتى بلت لحيته دموع عينيه و بكى الحاضرون و دفع إلى علي ع أربعة آلاف دينار ثم رده إلى منزله مكرما

 أقول روى الكراجكي في كنز الفوائد، و قال فضرب المتوكل بالكأس الأرض و تنغص عيشه في ذلك اليوم

26-  كتاب الاستدراك، عن ابن قولويه بإسناده إلى محمد بن العلا السراج قال أخبرني البختري قال كنت بمنبج بحضرة المتوكل إذ دخل عليه رجل من أولاد محمد بن الحنفية حلو العينين حسن الثياب قد قرف عنده بشي‏ء فوقف بين يديه و المتوكل مقبل على الفتح يحدثه فلما طال وقوف الفتى بين يديه و هو لا ينظر إليه قال له يا أمير المؤمنين إن كنت أحضرتني لتأديبي فقد أسأت الأدب و إن كنت قد أحضرتني ليعرف من بحضرتك من أوباش الناس استهانتك بأهلي فقد عرفوا فقال له المتوكل و الله يا حنفي لو لا ما يثنيني عليك من أوصال الرحم و يعطفني عليك من مواقع الحلم لانتزعت لسانك بيدي و لفرقت بين رأسك و جسدك و لو كان بمكانك محمد أبوك قال ثم التفت إلى الفتح فقال أ ما ترى ما نلقاه من آل أبي طالب إما حسني يجذب إلى نفسه تاج عز نقله الله إلينا قبله أو حسيني يسعى في نقض ما أنزل الله إلينا قبله أو حنفي يدل بجهله أسيافنا على سفك دمه فقال له الفتى و أي حلم تركته لك الخمور و إدمانها أم العيدان و فتيانها و متى عطفك الرحم على أهلي و قد ابتززتهم فدكا إرثهم من رسول الله ص فورثها أبو حرملة و أما ذكرك محمدا أبي فقد طفقت تضع عن عز رفعة الله و رسوله و تطاول شرفا تقصر عنه و لا تطوله فأنت كما قال الشاعر

فغض الطرف إنك من نمير فلا كعبا بلغت و لا كلابا

ثم ها أنت تشكو لي علجك هذا ما تلقاه من الحسني و الحسيني و الحنفي ف لَبِئْسَ الْمَوْلى وَ لَبِئْسَ الْعَشِيرُ ثم مد رجليه ثم قال هاتان رجلاي لقيدك و هذه عنقي لسيفك فبؤ بإثمي و تحمل ظلمي فليس هذا أول مكروه أوقعته أنت و سلفك بهم يقول الله تعالى قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فو الله ما أجبت رسول الله ص عن مسألته و لقد عطفت بالمودة على غير قرابته فعما قليل ترد الحوض فيذودك أبي و يمنعك جدي صلوات الله عليهما قال فبكى المتوكل ثم قام فدخل إلى قصر جواريه فلما كان من الغد أحضره و أحسن جائزته و خلى سبيله

27-  و من الكتاب المذكور، بإسناده أن المتوكل قيل له إن أبا الحسن يعني علي بن محمد بن علي الرضا ع يفسر قول الله عز و جل يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ الآيتين في الأول و الثاني قال فكيف الوجه في أمره قالوا تجمع له الناس و تسأله بحضرتهم فإن فسرها بهذا كفاك الحاضرون أمره و إن فسرها بخلاف ذلك افتضح عند أصحابه قال فوجه إلى القضاة و بني هاشم و الأولياء و سئل ع فقال هذان رجلان كني عنهما و من بالستر عليهما أ فيحب أمير المؤمنين أن يكشف ما ستره الله فقال لا أحب

 كتاب المقتضب، لابن عياش رحمه الله قال لمحمد بن إسماعيل بن صالح الصيمري رحمه الله قصيدة يرثي بها مولانا أبا الحسن الثالث ع و يعزي ابنه أبا محمد ع أولها

الأرض خوفا زلزلت زلزالها و أخرجت من جزع أثقالها

إلى أن قال

عشر نجوم أفلت في فلكها و يطلع الله لنا أمثالهابالحسن الهادي أبي محمد تدرك أشياع الهدى آمالهاو بعده من يرتجى طلوعه يظل جواب الفلا أجزالهاذو الغيبتين الطول الحق التي لا يقبل الله من استطالهايا حجج الرحمن إحدى عشرة آلت بثاني عشرة مآلها