باب 5- وفاته صلوات الله عليه و الرد على من ينكره

1-  ك، ]إكمال الدين[ أبي و ابن الوليد معا عن سعد بن عبد الله قال حدثنا من حضرموت الحسن بن علي بن محمد العسكري و دفنه ممن لا يوقف على إحصاء عددهم و لا يجوز على مثلهم التواطؤ بالكذب و بعد فقد حضرنا في شعبان سنة ثمان و سبعين و مائتين و ذلك بعد مضي أبي محمد الحسن بن علي العسكري ع بثماني عشرة سنة أو أكثر مجلس أحمد بن عبيد الله بن خاقان و هو عامل السلطان يومئذ على الخراج و الضياع بكورة قم و كان من أنصب خلق الله و أشدهم عداوة لهم فجرى ذكر المقيمين من آل أبي طالب بسرمن‏رأى و مذاهبهم و صلاحهم و أقدارهم عند السلطان فقال أحمد بن عبيد الله ما رأيت و لا عرفت بسرمن‏رأى رجلا من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا و لا سمعت به في هديه و سكونه و عفافه و نبله و كرمه عند أهل بيته و السلطان و جميع بني هاشم و تقديمهم إياه على ذوي السن منهم و الخطر و كذلك القواد و الوزراء و الكتاب و عوام الناس و إني كنت قائما ذات يوم على رأس أبي و هو يوم مجلسه للناس إذ دخل عليه حجابه فقالوا له ابن الرضا على الباب فقال بصوت عال ائذنوا له فدخل رجل أسمر أعين حسن القامة جميل الوجه جيد البدن حدث السن له جلالة و هيبة فلما نظر إليه أبي قام فمشى إليه خطوات و لا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم و لا بالقواد و لا بأولياء العهد فلما دنا منه عانقه و قبل وجهه و منكبيه و أخذ بيده و أجلسه على مصلاه الذي كان عليه و جلس إلى جنبه مقبلا عليه بوجهه و جعل يكلمه و يكنيه و يفديه بنفسه و أبويه و أنا متعجب مما أرى منه إذ دخل عليه الحجاب فقالوا الموفق قد جاء و كان الموفق إذا جاء و دخل على أبي تقدم حجابه و خاصة قواده فقاموا بين مجلس أبي و بين باب الدار سماطين إلى أن يدخل و يخرج فلم يزل أبي مقبلا عليه يحدثه حتى نظر إلى غلمان الخاصة فقال حينئذ إذا شئت فقم جعلني الله فداك يا أبا محمد ثم قال لغلمانه خذوا به خلف السماطين لئلا يراه الأمير يعني الموفق و قام أبي فعانقه و قبل وجهه و مضى فقلت لحجاب أبي و غلمانه ويلكم من هذا الذي فعل به أبي هذا الذي فعل فقالوا هذا رجل من العلوية يقال له الحسن بن علي يعرف بابن الرضا فازددت تعجبا فلم أزل يومي ذلك قلقا متفكرا في أمره و أمر أبي و ما رأيت منه حتى كان الليل و كانت عادته أن يصلي العتمة ثم يجلس فينظر فيما يحتاج من المؤامرة و ما يرفعه إلى السلطان فلما نظر و جلس جئت فجلست بين يديه فقال يا أحمد أ لك حاجة قلت نعم يا أبة إن أذنت سألتك عنها فقال قد أذنت لك يا بني فقل ما أحببت فقلت يا أبة من الرجل الذي رأيتك الغداة فعلت به ما فعلت من الإجلال و الإكرام و  التبجيل و فديته بنفسك و أبويك فقال يا بني ذلك ابن الرضا ذاك إمام الرافضة فسكت ساعة فقال يا بني لو زالت الخلافة عن خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غير هذا فإن هذا يستحقها في فضله و عفافه و هديه و صيانة نفسه و زهده و عبادته و جميل أخلاقه و صلاحه و لو رأيت أباه لرأيت رجلا جليلا نبيلا خيرا فاضلا فازددت قلقا و تفكرا و غيظا على أبي مما سمعت منه فيه و لم يكن لي همة بعد ذلك إلا السؤال عن خبره و البحث عن أمره فما سألت عنه أحدا من بني هاشم و القواد و الكتاب و القضاة و الفقهاء و سائر الناس إلا وجدته عندهم في غاية الإجلال و الإعظام و المحل الرفيع و القول الجميل و التقديم له على أهل بيته و مشايخه و غيرهم و كل يقول هو إمام الرافضة فعظم قدره عندي إذ لم أر له وليا و لا عدوا إلا و هو يحسن القول فيه و الثناء عليه فقال له بعض أهل المجلس من الأشعريين يا با بكر فما حال أخيه جعفر فقال و من جعفر فيسأل عن خبره أو يقرن به إن جعفرا معلن بالفسق ماجن شريب للخمور أقل من رأيت من الرجال و أهتكهم لستره بنفسه فدم خمار قليل في نفسه خفيف و الله لقد ورد على السلطان و أصحابه في وقت وفاة الحسن بن علي ما تعجبت منه و ما ظننت أنه يكون و ذلك أنه لما اعتل بعث إلى أبي أن ابن الرضا قد اعتل فركب من ساعته مبادرا إلى دار الخلافة ثم رجع مستجعلا و معه خمسة نفر من خدم أمير المؤمنين كلهم من ثقاته و خاصته فمنهم نحرير و أمرهم بلزوم دار الحسن بن علي و تعرف خبره و حاله و بعث إلى نفر من المتطببين فأمرهم بالاختلاف إليه و تعاهده في صباح و مساء فلما كان بعد ذلك بيومين جاءه من أخبره أنه قد ضعف فركب حتى بكر إليه ثم أمر المتطببين بلزومه و بعث إلى قاضي القضاة فأحضره مجلسه و أمره أن يختار من أصحابه عشرة ممن يوثق به في دينه و أمانته و ورعه فأحضرهم فبعث بهم إلى دار الحسن و أمرهم بلزومه ليلا و نهارا فلم يزالوا هناك حتى توفي لأيام مضت من شهر ربيع الأول من سنة ستين و مائتين فصارت سرمن‏رأى ضجة واحدة مات ابن الرضا و بعث السلطان إلى داره من يفتشها و يفتش حجرها و ختم على جميع ما فيها و طلبوا أثر ولده و جاءوا بنساء يعرفن الحبل فدخلن على جواريه فنظر إليهن فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حبل فأمر بها فجعلت في حجرة و وكل بها نحرير الخادم و أصحابه و نسوة معهم ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته و عطلت الأسواق و ركب أبي و بنو هاشم و القواد و الكتاب و سائر الناس إلى جنازته فكانت سرمن‏رأى يومئذ شبيها بالقيامة فلما فرغوا من تهيئته بعث السلطان إلى أبي عيسى بن المتوكل فأمره بالصلاة عليه فلما وضعت الجنازة للصلاة دنا أبو عيسى منها فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية و العباسية و القواد و الكتاب و القضاة و الفقهاء و المعدلين و قال هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا مات حتف أنفه على فراشه حضره من خدم أمير المؤمنين و ثقاته فلان و فلان و من المتطببين فلان و فلان و من القضاة فلان و فلان ثم غطى وجهه و قام فصلى عليه و كبر عليه خمسا و أمر بحمله و حمل من وسط داره و دفن في البيت الذي دفن فيه أبوه

 فلما دفن و تفرق الناس اضطرب السلطان و أصحابه في طلب ولده و كثر التفتيش في المنازل و الدور و توقفوا عن قسمة ميراثه و لم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهموا عليه الحبل ملازمين لها سنتين و أكثر حتى تبين لهم بطلان الحبل فقسم ميراثه بين أمه و أخيه جعفر و ادعت أمه وصيته و ثبت ذلك عند القاضي و السلطان على ذلك يطلب أثر ولده فجاء جعفر بعد قسمة الميراث إلى أبي و قال له اجعل لي مرتبة أبي و أخي و أوصل إليك في كل سنة عشرين ألف دينار فزبره أبي و أسمعه و قال له يا أحمق إن السلطان أعزه الله جرد سيفه و سوطه في الذين زعموا أن أباك و أخاك أئمة ليردهم عن ذلك فلم يقدر عليه و لم يتهيأ له صرفهم عن هذا القول فيهما و جهد أن يزيل أباك و أخاك عن تلك المرتبة فلم يتهيأ له ذلك فإن كنت عند شيعة أبيك و أخيك إماما فلا حاجة بك إلى سلطان يرتبك مراتبهم و لا غير سلطان و إن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بها و استقله عند ذلك و استضعفه و أمر أن يحجب عنه فلم يأذن له بالدخول عليه حتى مات أبي و خرجنا و الأمر على تلك الحال و السلطان يطلب أثر ولد الحسن بن علي حتى اليوم

2-  عم، ]إعلام الورى[ شا، ]الإرشاد[ ابن قولويه عن الكليني عن الحسن بن محمد الأشعري و محمد بن يحيى و غيرهما قالوا كان أحمد بن عبيد الله بن خاقان على الضياع و الخراج بقم و ذكر مثله

 بيان سماط القوم بالكسر صفهم و الفدم العي عن الكلام في ثقل و رخاوة و قلة فهم و الغليظ الأحمق الجافي و الزبر المنع و أسمعه أي شتمه. و أقول ذكر الشيخ في فهرسته في ترجمة أحمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان له مجلس يصف فيه أبا محمد الحسن بن علي العسكري ع أخبرنا به ابن أبي جيد عن ابن الوليد عن عبد الله بن جعفر الحميري قال حضرت و حضر جماعة من آل سعد بن مالك و آل طلحة و جماعة من التجار في شعبان لإحدى عشرة ليلة مضت من سنة ثمان و سبعين و مائتين مجلس أحمد بن عبيد الله بكورة قم فجرى ذكر من كان بسرمن‏رأى من العلوية و آل أبي طالب فقال أحمد بن عبيد الله ما كان بسرمن‏رأى رجل من العلوية مثل رجل رأيته يوما عند أبي عبيد الله بن يحيى يقال له الحسن بن علي ع ثم وصفه و ساق الحديث انتهى. و قال النجاشي في فهرسته أحمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان ذكره أصحابنا في المصنفين و أن له كتابا يصف فيه سيدنا أبا محمد لم أر هذا الكتاب

3-  ير، ]بصائر الدرجات[ الحسن بن علي الزيتوني عن إبراهيم بن مهزيار و سهل بن الهرمزان عن محمد بن أبي الزعفران عن أم أبي محمد ع قالت قال لي أبو محمد يوما من الأيام تصيبني في سنة ستين حزازة أخاف أن أنكب فيها نكبة فإن سلمت منها فإلى سنة سبعين قالت فأظهرت الجزع و بكيت فقال لا بد لي من وقوع أمر الله فلا تجزعي فلما أن كان أيام صفر أخذها المقيم المقعد و جعلت تقوم و تقعد و تخرج في الأحايين إلى الجبل و تجسس الأخبار حتى ورد عليها الخبر

 بيان أخذها المقيم المقعد أي الحزن الذي يقيمها و يقعدها

4-  ك، ]إكمال الدين[ وجدت مثبتا في بعض الكتب المصنفة في التواريخ و لم أسمعه عن محمد بن الحسين بن عباد أنه قال مات أبو محمد ع يوم الجمعة مع صلاة الغداة و كان في تلك الليلة قد كتب بيده كتبا كثيرة إلى المدينة و ذلك في شهر ربيع الأول لثمان خلون سنة ستين و مائتين للهجرة و لم يحضره في ذلك الوقت إلا صقيل الجارية و عقيد الخادم و من علم الله غيرهما قال عقيد فدعا بماء قد أغلي بالمصطكى فجئنا به إليه فقال أبدأ بالصلاة جيئوني فجئنا به و بسطنا في حجره المنديل و أخذ من صقيل الماء فغسل به وجهه و ذراعيه مرة مرة و مسح على رأسه و قدميه مسحا و صلى صلاة الصبح على فراشه و أخذ القدح ليشرب فأقبل القدح يضرب ثناياه و يده ترعد فأخذت صقيل القدح من يده و مضى من ساعته صلى الله عليه و دفن في داره بسرمن‏رأى إلى جانب أبيه ع و صار إلى كرامة الله جل جلاله و قد كمل عمره تسعا و عشرين سنة قال و قال لي ابن عباد في هذا الحديث قدمت أم أبي محمد ع من المدينة و اسمها حديث حين اتصل بها الخبر إلى سرمن‏رأى فكانت لها أقاصيص يطول شرحها مع أخيه جعفر من مطالبته إياها بميراثه و سعايته بها إلى السلطان و كشف ما أمر الله عز و جل بستره و ادعت عند ذلك صقيل أنها حامل فحملت إلى دار المعتمد فجعلن نساء المعتمد و خدمه و نساء الموفق و خدمه و نساء القاضي ابن أبي الشوارب يتعاهدن أمرها في كل وقت و يراعونه إلى أن دهمهم أمر الصفار و موت عبيد الله بن يحيى بن خاقان بغتة و خروجهم عن سرمن‏رأى و أمر صاحب الزنج بالبصرة و غير ذلك فشغلهم عنها

5-  ك، ]إكمال الدين[ قال أبو الحسن علي بن محمد بن حباب حدثنا أبو الأديان قال كنت أخدم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع و أحمل كتبه إلى الأمصار فدخلت إليه في علته التي توفي فيها صلوات الله عليه فكتب معي كتبا و قال تمضي بها إلى المدائن فإنك ستغيب خمسة عشر يوما فتدخل إلى سرمن‏رأى يوم الخامس عشر و تسمع الواعية في داري و تجدني على المغتسل قال أبو الأديان فقلت يا سيدي فإذا كان ذلك فمن قال من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم بعدي فقلت زدني فقال من يصلي علي فهو القائم بعدي فقلت زدني فقال من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي ثم منعتني هيبته أن أسأله ما في الهميان و خرجت بالكتب إلى المدائن و أخذت جواباتها و دخلت سرمن‏رأى يوم الخامس عشر كما قال لي ع فإذا أنا بالواعية في داره و إذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار و الشيعة حوله يعزونه و يهنئونه فقلت في نفسي إن يكن هذا الإمام فقد حالت الإمامة لأني كنت أعرفه بشرب النبيذ و يقامر في الجوسق و يلعب بالطنبور فتقدمت فعزيت و هنيت فلم يسألني عن شي‏ء ثم خرج عقيد فقال يا سيدي قد كفن أخوك فقم للصلاة عليه فدخل جعفر بن علي و الشيعة من حوله يقدمهم السمان و الحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة فلما صرنا بالدار إذا نحن بالحسن بن علي ع على نعشه مكفنا فتقدم جعفر بن علي ليصلي على أخيه فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة بشعره قطط بأسنانه تفليج فجبذ رداء جعفر بن علي و قال تأخر يا عم فأنا أحق بالصلاة على أبي فتأخر جعفر و قد اربد وجهه فتقدم الصبي فصلى عليه و دفن إلى جانب قبر أبيه ثم قال يا بصري هات جوابات الكتب التي معك فدفعتها إليه و قلت في نفسي هذه اثنتان بقي الهميان ثم خرجت إلى جعفر بن علي و هو يزفر فقال له حاجز الوشاء يا سيدي من الصبي ليقيم عليه الحجة فقال و الله ما رأيت قط و لا عرفته فنحن جلوس إذ قدم نفر من قم فسألوا عن الحسن بن علي فعرفوا موته فقالوا فمن فأشار الناس إلى جعفر بن علي فسلموا عليه و عزوه و هنئوه و قالوا معنا كتب و مال فتقول ممن الكتب و كم المال فقام ينفض أثوابه و يقول يريدون منا أن نعلم الغيب قال فخرج الخادم فقال معكم كتب فلان و فلان و هميان فيه ألف دينار عشرة دنانير منها مطلية فدفعوا الكتب و المال و قالوا الذي وجه بك لأجل ذلك هو الإمام فدخل جعفر بن علي على المعتمد و كشف له ذلك فوجه المعتمد خدمه فقبضوا على صقيل الجارية و طالبوها بالصبي فأنكرته و ادعت حملا بها لتغطي على حال الصبي فسلمت إلى ابن أبي الشوارب القاضي و بغتهم موت عبيد الله بن يحيى بن خاقان فجاءة و خروج صاحب الزنج بالبصرة فشغلوا بذلك عن الجارية فخرجت عن أيديهم وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ

 بيان الجوسق القصر و جبذ أي جذب و في النهاية اربد وجهه أي تغير إلى الغبرة و قيل الربدة لون بين السواد و الغبرة. أقول أوردنا بعض الأخبار في ذلك في باب من رأى القائم ع

  -6  شا، ]الإرشاد[ مرض أبو محمد الحسن في أول شهر ربيع الأول سنة ستين و مات في يوم الجمعة لثمان خلون من هذا الشهر في السنة المذكورة و له يوم وفاته ثمان و عشرون سنة فدفن في البيت الذي دفن أبوه من دارهما بسرمن‏رأى و خلف ابنه المنتظر لدولة الحق و كان قد أخفى مولده و ستر أمره لصعوبة الوقت و شدة طلب سلطان الزمان له و اجتهاده في البحث عن أمره لما شاع من مذهب الشيعة الإمامية فيه و عرف من انتظارهم له فلم يظهر ولده ع في حياته و لا عرفه الجمهور بعد وفاته و تولى جعفر بن علي أخو أبي محمد ع أخذ تركته و سعى في حبس جواري أبي محمد ع و اعتقال حلائله و شنع على أصحابه بانتظارهم ولده و قطعهم بوجوده و القول بإمامته و أغرى بالقوم حتى أخافهم و شددهم و جرى على مخلفي أبي الحسن ع بسبب ذلك كل عظيمة من اعتقال و حبس و تهديد و تصغير و استخفاف و ذل و لم يظفر السلطان منهم بطائل و حاز جعفر ظاهر تركة أبي محمد ع و اجتهد في القيام على الشيعة مقامه فلم يقبل أحد منهم ذلك و لا اعتقدوه فيه فصار إلى سلطان الوقت يلتمس مرتبة أخيه و بذل مالا جليلا و تقرب بكل ما ظن أنه يتقرب به فلم ينتفع بشي‏ء من ذلك

 و لجعفر أخبار كثيرة في هذا المعنى رأيت الإعراض عن ذكرها لأسباب لا يحتمل الكتاب شرحها و هي مشهورة عند الإمامية و من عرف أخبار الناس من العامة و بالله أستعين

7-  نص، ]كفاية الأثر[ علي بن محمد الدقاق عن العطار عن أبيه عن الفزاري عن محمد بن أحمد المدائني عن أبي غانم قال سمعت أبا محمد ع يقول في سنة مائتين و ستين تفترق شيعتي و فيها قبض أبو محمد ع و تفرقت شيعته و أنصاره فمنهم من انتهى إلى جعفر و منهم من أتاه و شك و منهم من وقف على الحيرة و منهم من ثبت على دينه بتوفيق الله عز و جل

8-  مصبا، ]المصباحين[ في أول يوم من ربيع الأول كانت وفاة أبي محمد الحسن بن علي العسكري ع و مصير الأمر إلى القائم بالحق ع

9-  قل، ]إقبال الأعمال[ ذكر الشيخ الثقة محمد بن جرير الطبري الإمامي في كتاب التعريف و محمد بن هارون التلعكبري و حسين بن حمدان الخطيب و المفيد في كتاب مولد النبي و الأوصياء و الشيخ في التهذيب و حسين بن خزيمة و نصر بن علي الجهضمي في كتاب المواليد و كذلك الخشاب في كتاب المواليد و ابن شهرآشوب في كتاب المواليد أن وفاة مولانا الحسن العسكري ع كانت لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأول

10-  الدروس، قبض ع بسرمن‏رأى يوم الأحد و قال المفيد يوم الجمعة ثامن شهر ربيع الأول سنة ستين و مائتين

11-  كا، ]الكافي[ قبض ع يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين و مائتين و هو ابن ثمان و عشرين سنة و دفن في داره في البيت الذي دفن فيه أبوه ع بسرمن‏رأى

12-  ضه، ]روضة الواعظين[ مثله و قال و كانت مدة خلافته ست سنين و مرض في أول شهر ربيع الأول و توفي يوم الجمعة

13-  كف، ]المصباح للكفعمي[ توفي ع في أول يوم من ربيع الأول و قال في موضع آخر في يوم الجمعة ثامنه سمه المعتمد

14-  عيون المعجزات، عن أحمد بن إسحاق بن مصقلة قال دخلت على أبي محمد ع فقال لي يا أحمد ما كان حالكم فيما كان الناس فيه من الشك و الارتياب قلت لما ورد الكتاب بخبر مولد سيدنا ع لم يبق منا رجل و لا امرأة و لا غلام بلغ الفهم إلا قال بالحق قال ع أ ما علمتم أن الأرض لا تخلو من حجة الله تعالى ثم أمر أبو محمد ع والدته بالحج في سنة تسع و خمسين و مائتين و عرفها ما يناله في سنة ستين ثم سلم الاسم الأعظم و المواريث و السلاح إلى القائم الصاحب ع و خرجت أم أبي محمد إلى مكة و قبض ع في شهر ربيع الآخر سنة ستين و مائتين و دفن بسرمن‏رأى إلى جانب أبيه صلوات الله عليهما و كان من مولده إلى وقت مضيه تسع و عشرون سنة

15-  مروج الذهب، في سنة ستين و مائتين قبض أبو محمد الحسن بن علي ع في خلافة المعتمد و هو ابن تسع و عشرين سنة و هو أبو المهدي المنتظر و الإمام الثاني عشر عند القطعية من الإمامية و هم جمهور الشيعة و قد تنازع هؤلاء في المنتظر من آل محمد بعد وفاة الحسن بن علي ع و افترقوا على عشرين فرقة

 دفع شبهة

 أقول قد وقعت داهية عظمى و فتنة كبرى في سنة ست و مائة بعد الألف من الهجرة في الروضة المنورة بسرمن‏رأى و ذلك أنه لغلبة الأروام و أجلاف العرب على سرمن‏رأى و قلة اعتنائهم بإكرام الروضة المقدسة و جلاء السادات و الأشراف لظلم الأروام عليهم منها وضعوا ليلة من الليالي سراجا داخل الروضة المطهرة في غير المحل المناسب له فوقعت من الفتيلة نار على بعض الفروش أو الأخشاب و لم يكن أحد في حوالي الروضة فيطفيها. فاحترقت الفروش و الصناديق المقدسة و الأخشاب و الأبواب و صار ذلك فتنة لضعفاء العقول من الشيعة و النصاب من المخالفين جهلا منهم بأن أمثال ذلك لا يضر بحال هؤلاء الأجلة الكرام و لا يقدح في رفعة شأنهم عند الملك العلام و إنما ذلك غضب على الناس و لا يلزم ظهور المعجز في كل وقت و إنما هو تابع للمصالح الكلية و الأسرار في ذلك خفية و فيه شدة تكليف و افتتان و امتحان للمكلفين. و قد وقع مثل ذلك في الروضة المقدسة النبوية بالمدينة أيضا صلوات الله على مشرفها و آله. قال الشيخ الفاضل الكامل السديد يحيى بن سعيد قدس الله روحه في كتاب جامع الشرائع في باب اللعان إنه إذا وقع بالمدينة يستحب أن يكون بمسجدها عند منبره ع. ثم قال و في هذه السنة و هي سنة أربع و خمسين و ست مائة في شهر رمضان احترق المنبر و سقوف المسجد ثم عمل بدل المنبر. و قال صاحب كتاب عيون التواريخ من أفاضل المخالفين في وقائع السنة الرابع و الخمسين و الستمائة و في ليلة الجمعة أول ليلة من شهر رمضان احترق مسجد رسول الله ص في المدينة و كان ابتداء حريقه من زاوية الغربية من الشمال و كان أحد القومة قد دخل إلى خزانة و معه نار فعلقت في بعض الآلات ثم اتصلت بالسقف بسرعة ثم دبت في السقوف آخذة مقبلة فأعجلت الناس عن قطعها. فما كان إلا ساعة حتى احترق سقوف المسجد أجمع و وقع بعض أساطينه و ذاب رصاصها و كل ذلك قبل أن ينام الناس و احترق سقف الحجرة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة و السلام و وقع ما وقع منه بالحجرة و بقي على حاله و أصبح الناس يوم الجمعة فعزلوا موضع الصلاة انتهى. و القرامطة هدموا الكعبة و نقلوا الحجر الأسود و نصبوها في مسجد الكوفة و في كل ذلك لم تظهر معجزة في تلك الحال و لم يمنعوا من ذلك على الاستعجال بل ترتب على كل منها آثار غضب الله تعالى في البلاد و العباد بعدها بزمان كما أن في هذا الاحتراق ظهرت آثار سخط الله على المخالفين في تلك البلاد فاستولى الأعراب على الروم و أخذوا منهم أكثر البلاد و قتلوا منهم جما غفيرا و جمعا كثيرا و تزداد في كل يوم نائرة الفتنة و النهب و الغارة في تلك الناحية اشتعالا. و قد استولى الأفرنج على سلطانهم مرارا و قتلوا منهم خلقا كثيرا و كل هذه الأمور من آثار مساهلتهم في أمور الدين و قلة اعتنائهم بشأن أئمة الدين سلام الله عليهم أجمعين.

  و كفى شاهدا لما ذكرنا من أن هذه الأمور من آثار غضب الله تعالى استيلاء بخت‏نصر على بيت المقدس و تخريبه إياه و هتك حرمته له مع أنه كان من أبنية الأنبياء و الأوصياء ع و أعظم معابدهم و مساجدهم و قبلتهم في صلاتهم و قتل آلافا من أصفياء بني إسرائيل و صلحائهم و أخيارهم و رهبانهم. و كل ذلك لعدم متابعتهم للأنبياء ع و تركب نصرتهم و الاستخفاف بشأنهم و شتمهم و قتلهم. ثم إن هذا الخبر الموحش لما وصل إلى سلطان المؤمنين و مروج مذهب آبائه الأئمة الطاهرين و ناصر الدين المبين نجل المصطفين السلطان حسين برأه الله من كل شين و مين عد ترميم تلك الروضة البهية و تشييدها فرض العين فأمر بإتمام صناديق أربعة في غاية الترصيص و التزيين و ضريح مشبك كالسماء ذاتِ الْحُبُكِ زينة للناظرين و رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وفقه الله تعالى لتأسيس جميع مشاهد آبائه الطاهرين و ترويج آثارهم في جميع العالمين. و قد كان تم المجلد الثاني عشر من كتاب بحار الأنوار على يدي مؤلفه أفقر عباد الله إلى رحمة ربه الغني محمد باقر بن محمد تقي عفا الله عن جرائمهما و حشرهما مع أئمتهما في يوم الجمعة سابع عشر شهر ذي الحجة الحرام من شهور سنة سبع و سبعين بعد الألف من الهجرة المقدسة و الحمد لله أولا و آخرا و صلى الله على محمد و أهل بيته الطاهرين