باب 6- زهده و تقواه و ورعه ع

1-  سن، ]المحاسن[ أبي عن أحمد بن النضر عن علي بن هارون عن الأصبغ بن نباتة عن أبي أيوب الأنصاري قال قال رسول الله ص إن الله زينك بزينة لم تزين العباد بشي‏ء أحب إلى الله منها و لا أبلغ عنده منها الزهد في الدنيا و إن الله قد أعطاك ذلك جعل الدنيا لا تنال منك شيئا و جعل لك من ذلك سيماء تعرف بها

2-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ من أعلامه ع قوله و اعلم أن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه يسد فورة جوعه بقرصيه لا يطعم الفلذة في حوله إلا في ستة أضحية و لن تقدروا على ذلك فأعينوني بورع و اجتهاد و كأني بقائلكم يقول إذا كان قوت ابن أبي طالب هذا قعد به الضعف عن مبارزة الأقران و منازعة الشجعان و الله ما قلعت باب خيبر بقوة جسدانية و لا بحركة غذائية و لكني أيدت بقوة ملكية و نفس بنور بارئها مضيئة و منها أن كلامه الوارد في الزهد و المواعظ و التذكير و الزواجر إذا فكر فيه المفكر و لم يدر أنه كلام علي ع لا يشك أنه كلام من لا شغل له بغير العبادة و لا حظ له في غير الزهادة و هذه من مناقبه العجيبة التي جمع بها بين الأضداد

 بيان الفلذة بالكسر القطعة من الكبد و اللحم

3-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ المعروفون من الصحابة بالورع علي و أبو بكر و عمر و ابن مسعود و أبو ذر و سلمان و عمار و المقداد و عثمان بن مظعون و ابن عمر و معلوم أن أبا بكر توفي و عليه لبيت مال المسلمين نيف و أربعون ألف درهم و عمر مات و عليه نيف و ثمانون ألف درهم و عثمان مات و عليه ما لا يحصى كثرة و علي صلوات الله عليه مات و ما ترك إلا سبعمائة درهم فضلا عن عطائه أعدها لخادم و قد ثبت من زهده أنه لم يحفل بالدنيا و لا بالرئاسة فيها دون أن انعكف على غسل رسول الله ص و تجهيزه و قول أولئك منا أمير و منكم أمير إلى أن تقمصها أبو بكر و قال الله تعالى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ و قد قال تعالى لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا الآية و اجتمعت الأمة على أنه من فقراء المهاجرين و أجمعوا على أن أبا بكر كان غنيا و كان ع جلي الصفحة نقي الصحيفة ناصح الجيب نقي الذيل عذب المشرب عفيف المطلب لم يتدنس بحطام و لم يتلبس بآثام و قد شهد النبي ص بزهده بقوله ص علي لا يرزأ من الدنيا و لا ترزأ الدنيا منه

 أمالي الطوسي في حديث عمار يا علي إن الله قد زينك بزينة لم تزين العباد بزينة أحب إلى الله منها زينك بالزهد في الدنيا و جعلك لا ترزأ منها شيئا و لا ترزأ منك شيئا و وهب لك حب المساكين فجعلك ترضى بهم أتباعا و يرضون بك إماما

 بيان قال الجزري فيه ما رزأنا من مالك شيئا أي ما نقصنا منه شيئا و لا أخذنا

4-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ اللؤلؤيان قال عمر بن عبد العزيز ما علمنا أحدا كان في هذه الأمة أزهد من علي بن أبي طالب ع بعد النبي ص

 قوت القلوب قال ابن عيينة أزهد الصحابة علي بن أبي طالب

 سفيان بن عيينة عن الزهري عن مجاهد عن ابن عباس فَأَمَّا مَنْ طَغى وَ آثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا هو علقمة بن الحارث بن عبد الدار وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ علي بن أبي طالب ع خاف فانتهى عن المعصية و نهى عن الهوى نفسه فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى خاصا لعلي ع و من كان على منهاجه هكذا عاما

 قتادة عن الحسن عن ابن عباس في قوله إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً هو علي بن أبي طالب ع سيد من اتقى عن ارتكاب الفواحش ثم ساق التفسير إلى قوله جَزاءً مِنْ رَبِّكَ لأهل بيتك خاصا لهم و للمتقين عاما

 تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان عن مجاهد و ابن عباس إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَ عُيُونٍ من اتقى الذنوب علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين ع في ظلال من الشجر و الخيام من اللؤلؤ طول كل خيمة مسيرة فرسخ في فرسخ ثم ساق الحديث إلى قوله إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ المطيعين لله أهل بيت محمد في الجنة و جاء في تفسير قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ علي بن أبي طالب ع

 الحلية قال سالم بن الجعد رأيت الغنم تبعر في بيت المال في زمن أمير المؤمنين ع

 و فيها عن الشعبي قال كان أمير المؤمنين ع ينضحه و يصلي فيه

 و روى أبو عبد الله بن حمويه البصري بإسناده عن سالم الجحدري قال شهدت علي بن أبي طالب ع أتي بمال عند المساء فقال اقتسموا هذا المال فقالوا قد أمسينا يا أمير المؤمنين فأخره إلى غد فقال لهم تقبلون لي أن أعيش إلى غد قالوا ما ذا بأيدينا فقال لا تؤخروه حتى تقسموه

 و يروى أنه كان يأتي عليه وقت لا يكون عنده قيمة ثلاثة دراهم يشتري بها إزارا و ما يحتاج إليه ثم يقسم كل ما في بيت المال على الناس ثم يصلي فيه فيقول الحمد لله الذي أخرجني منه كما دخلته

 و روى أبو جعفر الطوسي أن أمير المؤمنين ع قيل له أعط هذه الأموال لمن يخاف عليه من الناس و فراره إلى معاوية فقال ع أ تأمروني أن أطلب النصر بالجور لا و الله لا أفعل ما طلعت شمس و ما لاح في السماء نجم و الله لو كان مالهم لي لواسيت بينهم و كيف و إنما هو أموالهم و أتي إليه بمال فكوم كومة من ذهب و كومة من فضة و قال يا صفراء اصفري يا بيضاء ابيضي و غري غيري هذا جناي و خياره فيه و كل جان يده إلى فيه

 الباقر ع في خبر و لقد ولي خمس سنين و ما وضع آجرة على آجرة و لا لبنة على لبنة و لا أقطع قطيعا و لا أورث بيضاء و لا حمراء

 ابن بطة عن سفيان الثوري أن عينا نبعت في بعض ماله فبشر بذلك فقال ع بشر الوارث و سماها عين ينبع

 الفائق عن الزمخشري أن عليا ع اشترى قميصا فقطع ما فضل عن أصابعه ثم قال للرجل حصه أي خط كفافه

 بيان قال الجزري بعد ذكر الحديث أي خط كفافه حاص الثوب يحوصه حوصا إذا خاطه

5-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ خصال الكمال عن أبي الجيش البلخي أنه اجتاز بسوق الكوفة فتعلق به كرسي فتخرق قميصه فأخذه بيده ثم جاء به إلى الخياطين فقال خيطوا لي ذا بارك الله فيكم

 الأشعث العبدي قال رأيت عليا اغتسل في الفرات يوم جمعة ثم ابتاع قميصا كرابيس بثلاثة دراهم فصلى بالناس الجمعة و ما خيط جربانه بعد

 عن شبيكة قال رأيت عليا ع يأتزر فوق سرته و يرفع إزاره إلى أنصاف ساقيه

 الصادق ع كان علي ع يلبس القميص الزابي ثم يمد يده فيقطع مع أطراف أصابعه و في حديث عبد الله بن الهذيل كان إذا مده بلغ الظفر و إذا أرسله كان مع نصف الذراع

 بيان الزاب بلد بالأندلس أو كورة و نهر بالموصل و نهر بإربل و نهر بين سوراء و واسط

6-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ علي بن ربيعة رأيت عليا ع يأتزر فرأيت عليه ثيابا فقلت له في ذلك فقال و أي ثوب أستر منه للعورة و لا أنشف للعرق

 و في فضائل أحمد رئي على علي ع إزار غليظ اشتراه بخمسة دراهم و رئي عليه إزار مرقوع فقيل له في ذلك فقال ع يقتدي به المؤمنون و يخشع له القلب و تذل به النفس و يقصد به المبالغ

 و في رواية أشبه بشعار الصالحين

 و في رواية أحصن لفرجي

 و في رواية هذا أبعد لي من الكبر و أجدر أن يقتدي به المسلم

 مسند أحمد أنه قال الجعدي بن نعجة الخارجي اتق الله يا علي إنك ميت قال بل و الله قتلا ضربة على هذا قضاء مقضيا و عهدا معهودا وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَرى و كان كمه لا يجاوز أصابعه و يقول ليس للكمين على اليدين فضل و نظر إلى فقير انخرق كم ثوبه فخرق كم قميصه و ألقاه إليه

 أمير المؤمنين ع ما كان لنا إلا إهاب كبش أبيت مع فاطمة بالليل و نعلف عليها الناضح بالنهار

 مسند الموصلي الشعبي عن الحارث عن علي ع قال ما كان ليلة أهدي لي فاطمة ع شي‏ء ينام عليه إلا جلد كبش و اشترى ع ثوبا فأعجبه فتصدق به

 الغزالي في الإحياء كان علي بن أبي طالب ع يمتنع من بيت المال حتى يبيع سيفه و لا يكون له إلا قميص واحد في وقت الغسل لا يجد غيره و رأى عقيل بن عبد الرحمن الخولاني عليا ع جالسا على برذعة حمار مبتلة فقال لأهله في ذلك فقالت لا تلومني فو الله ما يرى شيئا ينكره إلا أخذه فطرحه في بيت المال

 فضائل أحمد قال زيد بن محجن قال علي ع من يشتري سيفي هذا فو الله لو كان عندي ثمن إزار ما بعته

 الأصبغ و أبو مسعدة و الباقر ع أنه أتى البزازين فقال لرجل بعني ثوبين فقال الرجل يا أمير المؤمنين عندي حاجتك فلما عرفه مضى عنه فوقف على غلام فأخذ ثوبين أحدهما بثلاثة دراهم و الآخر بدرهمين فقال يا قنبر خذ الذي بثلاثة فقال أنت أولى به تصعد المنبر و تخطب الناس فقال و أنت شاب و لك شرة الشباب و أنا أستحيي من ربي أن أتفضل عليك سمعت رسول الله ص يقول ألبسوهم مما تلبسون و أطعموهم مما تأكلون فلما لبس القميص مد كم القميص فأمر بقطعه و اتخاذه قلانس للفقراء فقال الغلام هلم أكفه قال دعه كما هو فإن الأمر أسرع من ذلك فجاء أبو الغلام فقال إن ابني لم يعرفك و هذان درهمان ربحهما فقال ما كنت لأفعل قد ماكست و ماكسني و اتفقنا على رضى رواه أحمد في الفضائل

 علي بن أبي عمران قال خرج ابن للحسن بن علي ع و علي في الرحبة و عليه قميص خز و طوق من ذهب فقال ابني هذا قالوا نعم قال فدعاه فشقه عليه و أخذ الطوق منه فجعله قطعا قطعا

 عمرو بن نعجة السكوني قال أتي علي ع بدابة دهقان ليركبها فلما وضع رجله في الركاب قال بسم الله فلما وضع يده على القربوس زلت يده من الضفة فقال أ ديباج هي قال نعم فلم يركب

 بيان الضفة بالفتح و الكسر الجانب

7-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ الإحياء عن الغزالي أنه كان له سويق في إناء مختوم يشرب منه فقيل له أ تفعل هذا بالعراق مع كثرة طعامه فقال أما إني لا أختمه بخلا به و لكني أكره أن يجعل فيه ما ليس منه و أكره أن يدخل بطني غير طيب

 معاوية بن عمار عن الصادق ع قال كان علي ع لا يأكل مما هنا حتى يؤتى به من ثم يعني الحجاز

 الأصبغ بن نباتة قال علي ع دخلت بلادكم بأشمالي هذه و رحلتي و راحلتي ها هي فإن أنا خرجت من بلادكم بغير ما دخلت فإنني من الخائنين

 و في رواية يا أهل البصرة ما تنقمون مني إن هذا لمن غزل أهلي و أشار إلى قميصه و ترصد غداءه عمرو بن حريث فأتت فضة بجراب مختوم فأخرج منه خبزا متغيرا خشنا فقال عمرو يا فضة لو نخلت هذا الدقيق و طيبتيه قالت كنت أفعل فنهاني و كنت أضع في جرابه طعاما طيبا فختم جرابه ثم إن أمير المؤمنين ع فته في قصعة و صب عليه الماء ثم ذر عليه الملح و حسر عن ذراعه فلما فرغ قال يا عمرو لقد حانت هذه و مد يده إلى محاسنه و خسرت هذه أن أدخلها النار من أجل الطعام و هذا يجزيني و رآه عدي بن حاتم و بين يديه شنة فيها قراح ماء و كسرات من خبز شعير و ملح فقال إني لا أرى لك يا أمير المؤمنين لتظل نهارك طاويا مجاهدا و بالليل ساهرا مكابدا ثم يكون هذا فطورك فقال ع علل النفس بالقنوع و إلا طلبت منك فوق ما يكفيها و قال سويد بن غفلة دخلت عليه يوم عيد فإذا عنده فاثور عليه خبز السمراء و صفحة فيها خطيفة و ملبنة فقلت يا أمير المؤمنين يوم عيد و خطيفة فقال إنما هذا عيد من غفر له

 توضيح قال الفيروزآبادي الفاثور الطست أو الطشتخان أو الخوان من رخام أو فضة أو ذهب. و قال الجزري في حديث علي ع كان بين يديه يوم عيد فاثور عليه خبز السمراء أي خوان و قال السمراء الحنطة و قال في حديث علي ع فإذا بين يديه صحفة فيها خطيفة و ملبنة الخطيفة لبن يطبخ بدقيق و يختطف بالملاعق بسرعة و قال الملبنة بالكسر هي الملعقة هكذا شرح و قال الزمخشري الملبنة لبن يوضع على النار و يترك عليه دقيق و الأول أشبه بالحديث

8-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ ابن بطة في الإبانة عن جندب أن عليا ع قدم إليه لحم غث فقيل له نجعل لك فيه سمنا فقال ع إنا لا نأكل إدامين جميعا و اجتمع عنده في يوم عيد أطعمة فقال اجعلها بأجا و خلط بعضها ببعض فصار كلمته مثلا

 بيان قال الفيروزآبادي اجعل البأجات بأجا واحدا أي لونا و ضربا و قد لا يهمز

  -9  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ العرني وضع خوان من فالوذج بين يديه فوجأ بإصبعه حتى بلغ أسفله ثم سلها و لم يأخذ منه شيئا و تلمظ بإصبعه و قال طيب طيب و ما هو بحرام و لكن أكره أن أعود نفسي بما لم أعودها

 و في خبر عن الصادق ع أنه مد يده إليه ثم قبضها فقيل له في ذلك فقال ذكرت رسول الله ص أنه لم يأكله فكرهت أن آكله

 و في خبر آخر عن الصادق ع أنه قالوا له تحرمه قال لا و لكن أخشى أن تتوق إليه نفسي ثم تلا أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا

 الباقر ع في خبر كان ليطعم خبز البر و اللحم و ينصرف إلى منزله و يأكل خبز الشعير و الزيت و الخل

 فضائل أحمد قال علي ع ما أصبح بالكوفة أحد إلا ناعما إن أدناهم منزلة ليأكل البر و يجلس في الظل و يشرب من ماء الفرات

 أبو صادق عن علي ع أنه تزوج ليلى فجعلت له حجلة فهتكها و قال حسب آل علي ما هم فيه

 الحسن بن صالح بن حي قال بلغني أن عليا ع تزوج امرأة فنجدت له بيتا فأبى أن يدخله

 كلاب بن علي العامري قال زفت عمتي إلى علي ع على حمار بأكاف تحتها قطيفة و خلفها قفة معلقة

 إيضاح القفة بالضم كهيئة القرعة تتخذ من الخوص

  -10  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ ابن عباس و مجاهد و قتادة في قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ الآية نزلت في علي و أبي ذر و سلمان و المقداد و عثمان بن مظعون و سالم أنهم اتفقوا على أن يصوموا النهار و يقوموا الليل و لا يناموا على الفرش و لا يأكلوا اللحم و لا يقربوا النساء و الطيب و يلبسوا المسوح و يرفضوا الدنيا و يسيحوا في الأرض و هم بعضهم أن يجب مذاكيره فخطب النبي ص فقال ما بال أقوام حرموا النساء و الطيب و النوم و شهوات الدنيا أما إني لست آمركم أن تكونوا قسيسين و رهبانا فإنه ليس في ديني ترك اللحم و النساء و لا اتخاذ الصوامع و إن سياحة أمتي و رهبانيتهم الجهاد إلى آخر الخبر

 أبو عبد الله ع نزلت في علي و بلال و عثمان بن مظعون فأما علي فإنه حلف أن لا ينام بالليل أبدا إلا ما شاء الله و أما بلال فإنه حلف أن لا يفطر بالنهار أبدا و أما عثمان بن مظعون فإنه حلف أن لا ينكح أبدا

 دخل ابن عباس على أمير المؤمنين ع و قال إن الحاج قد اجتمعوا ليسمعوا منك و هو يخصف نعلا قال أما و الله إن لي لهما أحب إلي من أمركم هذا إلا أن أقيم حدا أو أدفع باطلا و كتب ع إلى ابن عباس أما بعد فلا يكن حظك في ولايتك مالا تستفيده و لا غيظا تشتفيه و لكن إماتة باطل و إحياء حق

 و قال ع يا دنيا يا دنيا أ بي تعرضت أم إلي تشوقت لا حان حينك هيهات غري غيري لا حاجة لي فيك قد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيك و له ع طلق الدنيا ثلاثا و اتخذ زوجا سواها إنها زوجة سوء لا تبالي من أتاها

 جمل، أنساب الأشراف أن أمير المؤمنين ع مر على قذر بمزبلة و قال هذا ما بخل به الباخلون

 و يروى أن أمير المؤمنين ع كان في بعض حيطان فدك و في يده مسحاة فهجمت عليه امرأة من أجمل النساء فقالت يا ابن أبي طالب إن تزوجني أغنك عن هذه المسحاة و أدلك على خزائن الأرض و يكون لك الملك ما بقيت قال لها فمن أنت حتى أخطبك من أهلك قالت أنا الدنيا فقال ع ارجعي فاطلبي زوجا غيري فلست من شأني فأقبل على مسحاته و أنشأ

لقد خاب من غرته دنيا دنية و ما هي أن غرت قرونا بطائل‏أتتنا على زي العروس بثينة و زينتها في مثل تلك الشمائل‏فقلت لها غري سواي فإنني عزوف عن الدنيا و لست بجاهل‏و ما أنا و الدنيا و إن محمدا رهين بقفر بين تلك الجنادل‏و هبنا أتتني بالكنوز و درها و أموال قارون و ملك القبائل‏أ ليس جميعا للفناء مصيرنا و يطلب من خزانها بالطوائل‏فغري سوائي إنني غير راغب لما فيك من عز و ملك و نائل‏و قد قنعت نفسي بما قد رزقته فشأنك يا دنيا و أهل الغوائل‏فإني أخاف الله يوم لقائه و أخشى عذابا دائما غير زائل

 بيان الطائل النافع و البثينة على التصغير بنت عامر الجحمي كانت يضرب المثل بحسنها و عزفت نفسي عنه زهدت فيه و انصرفت عنه و الجنادل الأحجار و يقال هبني فعلت أي احسبني فعلت و اعددني و الطوائل جمع الطائلة و هي العداوة و الترة و الغوائل الدواهي

11-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ الباقر ع أنه ما ورد عليه أمران كلاهما لله رضى إلا أخذ بأشدهما على بدنه و قال معاوية لضرار بن ضمرة صف لي عليا قال كان و الله صواما بالنهار قواما بالليل يحب من اللباس أخشنه و من الطعام أجشبه و كان يجلس فينا و يبتدئ إذا سكتنا و يجيب إذا سألنا يقسم بالسوية و يعدل في الرعية لا يخاف الضعيف من جوره و لا يطمع القوي في ميله و الله لقد رأيته ليلة من الليالي و قد أسدل الظلام سدوله و غارت نجومه و هو يتململ في المحراب تململ السليم و يبكي بكاء الحزين و لقد رأيته مسيلا للدموع على خده قابضا على لحيته يخاطب دنياه فيقول يا دنيا أ بي تشوقت و لي تعرضت لا حان حينك فقد أبنتك ثلاثا لا رجعة لي فيك فعيشك قصير و خطرك يسير آه من قلة الزاد و بعد السفر و وحشة الطريق

12-  سن، ]المحاسن[ إسماعيل بن مهران عن حماد بن عثمان عن زيد بن الحسن قال سمعت أبا عبد الله ع يقول كان أمير المؤمنين ع أشبه الناس طعمة برسول ص يأكل الخبز و الخل و الزيت و يطعم الناس الخبز و اللحم

13-  كشف، ]كشف الغمة[ من مناقب الخوارزمي عن أبي مريم قال سمعت عمار بن ياسر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ص يقول يا علي إن الله تعالى زينك بزينة لم يزين العباد بزينة هي أحب إليه منها زهدك فيها و بغضها إليك و حبب إليك الفقراء فرضيت بهم أتباعا و رضوا بك إماما يا علي طوبى لمن أحبك و صدق عليك و الويل لمن أبغضك و كذب عليك أما من أحبك و صدق عليك فإخوانك في دينك و شركاؤك في جنتك و أما من أبغضك و كذب عليك فحقيق على الله تعالى يوم القيامة أن يقيمه مقام الكذابين

 و منه عن عبد الله بن أبي الهذيل قال رأيت على علي ع قميصا زريا إذا مده بلغ الظفر و إذا أرسله كان مع نصف الذراع

 و منه قال عمر بن عبد العزيز ما علمنا أن أحدا كان في هذه الأمة بعد النبي ص أزهد من علي بن أبي طالب ع قال حدثنا أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني المعروف بالمروزي بهذا الحديث عاليا عن الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الأصفهاني

 و منه عن سويد بن غفلة قال دخلت على علي بن أبي طالب ع العصر فوجدته جالسا بين يديه صحيفة فيها لبن حازر أجد ريحه من شدة حموضته و في يده رغيف أرى قشار الشعير في وجهه و هو يكسر بيده أحيانا فإذا غلبه كسره بركبته و طرحه فيه فقال ادن فأصب من طعامنا هذا فقلت إني صائم فقال سمعت رسول الله ص يقول من منعه الصوم من طعام يشتهيه كان حقا على الله أن يطعمه من طعام الجنة و يسقيه من شرابها قال فقلت لجاريته و هي قائمة بقريب منه ويحك يا فضة ألا تتقين الله في هذا الشيخ ألا تنخلون له طعاما مما أرى فيه من النخالة فقالت لقد تقدم إلينا أن لا ننخل له طعاما قال ما قلت لها فأخبرته فقال بأبي و أمي من لم ينخل له طعام و لم يشبع من خبز البر ثلاثة أيام حتى قبضه الله عز و جل

 قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ عن ابن غفلة مثله ثم قال و قال لعقبة بن علقمة يا أبا الجندب أدركت رسول الله ص يأكل أيبس من هذا و يلبس أخشن من هذا فإن أنا لم آخذ به خفت أن لا ألحق به

بيان الحازر الحامض من اللبن

14-  كشف، ]كشف الغمة[ المناقب عن أبي مطر قال خرجت من المسجد فإذا رجل ينادي من خلفي ارفع إزارك فإنه أبقى لثوبك و أتقى لك و خذ من رأسك إن كنت مسلما فمشيت من خلفه و هو مؤتزر بإزار و مرتد برداء و معه الدرة كأنه أعرابي بدوي فقلت من هذا فقال لي رجل أراك غريبا بهذا البلد قلت أجل رجل من أهل البصرة قال هذا علي أمير المؤمنين حتى انتهى إلى دار بني معيط و هو سوق الإبل فقال بيعوا و لا تحلفوا فإن اليمين ينفق السلعة و يمحق البركة ثم أتى أصحاب التمر فإذا خادمة تبكي فقال ما يبكيك قالت باعني هذا الرجل تمرا بدرهم فرده موالي و أبى أن يقبله فقال خذ تمرك و أعطها درهما فإنها خادم ليس لها أمر فدفعه فقلت أ تدري من هذا قال لا قلت علي بن أبي طالب أمير المؤمنين فصب تمرة و أعطاها درهمها و قال أحب أن ترضى عني فقال ما أرضاني عنك إذا وفيتهم حقوقهم ثم مر مجتازا بأصحاب التمر فقال يا أصحاب التمر أطعموا المساكين يربو كسبكم ثم مر مجتازا و معه المسلمون حتى أتى أصحاب السمك فقال لا يباع في سوقنا طاف ثم أتى دار فرات و هو سوق الكرابيس فقال يا شيخ أحسن بيعي في قميصي بثلاثة دراهم فلما عرفه لم يشتر منه شيئا ثم أتى آخر فلما عرفه لم يشتر منه شيئا فأتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم و لبسه ما بين الرسغين إلى الكعبين و قال حين لبسه الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس و أواري به عورتي فقيل له يا أمير المؤمنين هذا شي‏ء ترويه عن نفسك أو شي‏ء سمعته من رسول الله ص قال بل شي‏ء سمعته من رسول الله ص يقول عند الكسوة فجاء أبو الغلام صاحب الثوب فقيل يا فلان قد باع ابنك اليوم من أمير المؤمنين قميصا بثلاثة دراهم قال أ فلا أخذت منه درهمين فأخذ أبوه درهما و جاء به إلى أمير المؤمنين ع و هو جالس على باب الرحبة و معه المسلمون فقال أمسك هذا الدرهم يا أمير المؤمنين قال ما شأن هذا الدرهم قال كان ثمن قميصك درهمين فقال باعني برضاي و أخذت برضاه

 و منه عن قبيصة بن جابر قال ما رأيت أزهد في الدنيا من علي بن أبي طالب ع

 و نقلت من كتاب اليواقيت لأبي عمر الزاهد قال أمير المؤمنين ع و قد أمر بكنس بيت المال و رشه فقال يا صفراء غري غيري يا بيضاء غري غيري ثم تمثل

هذا جناي و خياره فيه إذ كل جان يده إلى فيه

 و عنه قال ابن الأعرابي إن عليا ع دخل السوق و هو أمير المؤمنين فاشترى قميصا بثلاثة دراهم و نصف فلبسه في السوق فطال أصابعه فقال للخياط قصه قال فقصه و قال الخياط أحوصه يا أمير المؤمنين قال لا و مشى و الدرة على كتفه و هو يقول شرعك ما بلغك المحل شرعك ما بلغك المحل

 بيان قال الجزري في النهاية في حديث علي ع هذا جناي و خياره فيه إذ كل جان يده إلى فيه هذا مثل أول من قاله عمرو بن أخت جذيمة الأبرش كان يجني الكمأة مع أصحاب له فكانوا إذا وجدوا خيار الكمأة أكلوها و إذا وجدها عمرو جعلها في كمه حتى يأتي بها خاله فقال هذه الكلمة فصارت مثلا و أراد علي ع بقوله إنه لم يتلطخ بشي‏ء من في‏ء المسلمين بل وضعه مواضعه يقال جنى و اجتنى و الجنى اسم ما يجتنى من الثمر و قال و في حديث علي ع شرعك ما بلغك المحلا أي حسبك و كافيك و هو مثل يضرب في التبليغ باليسير و قال الميداني في مجمع الأمثال أي حسبك من الزاد ما بلغك مقصدك

15-  كشف، ]كشف الغمة[ و روى الحافظ أبو نعيم بسنده في حليته أن النبي ص قال يا علي إن الله قد زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب إلى الله منها هي زينة الأبرار عند الله تعالى الزهد في الدنيا فجعلك لا ترزأ من الدنيا شيئا و لا ترزأ منك الدنيا شيئا

 و قال هارون بن عنترة حدثني أبي قال دخلت على علي بن أبي طالب ع بالخورنق و هو يرعد تحت سمل قطيفة فقلت يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قد جعل لك و لأهل بيتك في هذا المال ما يعم و أنت تصنع بنفسك ما تصنع فقال و الله ما أرزأكم من أموالكم شيئا و إن هذا لقطيفتي التي خرجت بها من منزلي من المدينة ما عندي غيرها و خرج ع يوما و عليه إزار مرقوع فعوتب عليه فقال يخشع القلب بلبسه و يقتدي به المؤمن إذا رآه علي و اشترى يوما ثوبين غليظين فخير قنبرا فيهما فأخذ واحدا و لبس هو الآخر و رأى في كمه طولا عن أصابعه فقطعه و خرج يوما إلى السوق و معه سيفه ليبيعه فقال من يشتري مني هذا السيف فو الذي فلق الحبة لطال ما كشفت به الكرب عن وجه رسول الله ص و لو كان عندي من إزار لما بعته و كان ع قد ولى على عكبرا رجلا من ثقيف قال قال له علي ع إذا صليت الظهر غدا فعد إلي فعدت إليه في الوقت المعين فلم أجد عنده حاجبا يحبسني دونه فوجدته جالسا و عنده قدح و كوز ماء فدعا بوعاء مشدود مختوم فقلت في نفسي لقد أمنني حتى يخرج إلي جوهرا فكسر الختم و حله فإذا فيه سويق فأخرج منه فصبه في القدح و صب عليه ماء فشرب و سقاني فلم أصبر فقلت يا أمير المؤمنين أ تصنع هذا في العراق و طعامه كما ترى في كثرته فقال أما و الله ما أختم عليه بخلا به و لكني أبتاع قدر ما يكفيني فأخاف أن ينقص فيوضع فيه من غيره و أنا أكره أن أدخل بطني إلا طيبا فلذلك أحترز عليه كما ترى فإياك و تناول ما لا تعلم حله

16-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن أبي عبد الله ع قال كان رسول الله ص يسلم على النساء و يرددن عليه السلام و كان أمير المؤمنين ع يسلم على النساء و كان يكره أن يسلم على الشابة منهن و يقول أتخوف أن تعجبني صوتها فيدخل علي أكثر مما أطلب من الأجر

 بيان لعله ع إنما فعل ذلك و قال ما قال تعليما للأمة

  -17  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن حماد عن حميد و جابر العبدي قال قال أمير المؤمنين ع إن الله جعلني إماما لخلقه ففرض علي التقدير في نفسي و مطعمي و مشربي و ملبسي كضعفاء الناس كي يقتدي الفقير بفقري و لا يطغى الغني غناه

18-  كا، ]الكافي[ العدة عن البرقي عن أبيه عن محمد بن يحيى الخزاز عن حماد بن عثمان قال حضرت أبا عبد الله ع و قال له رجل أصلحك الله ذكرت أن علي بن أبي طالب ع كان يلبس الخشن يلبس القميص بأربعة دراهم و ما أشبه ذلك و نرى عليك اللباس الجديد فقال له إن علي بن أبي طالب ع كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر و لو لبس مثل ذلك اليوم شهر به فخير لباس كل زمان لباس أهله غير أن قائمنا أهل البيت إذا قام لبس ثياب علي ع و سار بسيرة علي ع

19-  نهج، ]نهج البلاغة[ من كلام له ع بالبصرة و قد دخل على العلاء بن زياد الحارثي يعوده و هو من أصحابه فلما رأى سعة داره قال ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا أما أنت إليها في الآخرة كنت أحوج و بلى إن شئت بلغت بها الآخرة تقري فيها الضيف و تصل منها الرحم و تطلع منها الحقوق مطالعها فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة فقال له العلاء يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي عاصم بن زياد قال و ما له قال لبس العباء و تخلى من الدنيا قال علي به فلما جاء قال يا عدي نفسه لقد استهام بك الخبيث أ ما رحمت أهلك و ولدك أ ترى الله أحل لك الطيبات و هو يكره أن تأخذها أنت أهون على الله من ذلك قال يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك و جشوبة مأكلك قال ويحك إني لست كأنت إن الله فرض على أئمة الحق أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره

 بيان قوله كنت أحوج كنت هاهنا زائدة مثل قوله تعالى مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا و مطالع الحقوق وجوهها الشرعية قوله ع علي به أي أحضره و الأصل اعجل به علي فحذف فعل الأمر و دل الباقي عليه و العدي تصغير عدو و قيل إنما صغره من جهة حقارة فعله ذلك لكونه عن جهل منه و قيل أريد به الاستعظام لعداوته لها و قيل خرج مخرج التحنن و الشفقة كقولهم يا بني قوله لقد استهام بك الخبيث أي جعلك الشيطان هائما ضالا و الباء زائدة و طعام جشب أي غليظ و تبيغ الدم بصاحبه إذا هاج

20-  نهج، ]نهج البلاغة[ قيل له ع كيف تجدك يا أمير المؤمنين فقال ع كيف يكون حال من يفنى ببقائه يسقم بصحته و يؤتى من مأمنه

 بيان الباء في قوله ببقائه للسببية فإن البقاء مقرب للأجل موجب لضعف القوى و في قوله بصحته للملابسة و يمكن الحمل على السببية بتكلف فإن الصحة غالبا موجبة لجرأة الإنسان و عدم تحرزه عن الأمور المضرة له و قوله ع يؤتى من مأمنه أي يأتيه المصائب من الجهة التي لا يتوقع إتيانها منها و في حال أمنه و غفلته و يحتمل أن يكون المأمن مصدرا فإن أمنه و غفلته من أسباب تركه للحزم و ظفر الأعداء عليه

21-  نهج، ]نهج البلاغة[ قال ع و الله لدنياكم هذه أهون في عيني من عراق خنزير في يد مجذوم

22-  نبه، ]تنبيه الخاطر[ ابن محبوب يرفعه عن علي بن أبي رافع قال كنت على بيت مال علي بن أبي طالب ع و كاتبه و كان في بيته عقد لؤلؤ و هو كان أصابه يوم البصرة قال فأرسلت إلي بنت علي بن أبي طالب ع فقالت لي بلغني أن في بيت مال أمير المؤمنين عقد لؤلؤ و هو في يدك و أنا أحب أن تعيرنيه أتجمل به في أيام عيد الأضحى فأرسلت إليها و قلت عارية مضمونة يا ابنة أمير المؤمنين فقالت نعم عارية مضمونة مردودة بعد ثلاثة أيام فدفعته إليها و إن أمير المؤمنين رآه عليها فعرفه فقال لها من أين صار إليك هذا العقد فقالت استعرته من ابن أبي رافع خازن بيت مال أمير المؤمنين لأتزين به في العيد ثم أرده قال فبعث إلي أمير المؤمنين ع فجئته فقال أ تخون المسلمين يا ابن أبي رافع فقلت له معاذ الله أن أخون المسلمين فقال كيف أعرت بنت أمير المؤمنين العقد الذي في بيت مال المسلمين بغير إذني و رضاهم فقلت يا أمير المؤمنين إنها ابنتك و سألتني أن أعيرها إياه تتزين به فأعرتها إياه عارية مضمونة مردودة و ضمنته في مالي و علي أن أرده مسلما إلى موضعه فقال رده من يومك و إياك أن تعود لمثل هذا فتنالك عقوبتي ثم أولى لابنتي لو كانت أخذت العقد على غير عارية مضمونة مردودة لكانت إذن أول هاشمية قطعت يدها في سرقة قال فبلغ مقالته ابنته فقالت له يا أمير المؤمنين أنا ابنتك و بضعة منك فمن أحق بلبسه مني فقال لها أمير المؤمنين ع يا بنت علي بن أبي طالب لا تذهبي بنفسك عن الحق أ كل نساء المهاجرين تتزين في هذا العيد بمثل هذا فقبضته منها و رددته إلى موضعه

 بيان قال الجوهري قولهم أولى لك تهدد و وعيد قال الأصمعي معناه قاربه بما يهلكه أي نزل به

23-  أقول قال السيد بن طاوس في كشف المحجة، رأيت في كتاب إبراهيم بن محمد الأشعري الثقة بإسناده عن أبي جعفر ع قال قبض علي ع و عليه دين ثمانمائة ألف درهم فباع الحسن ع ضيعة له بخمسمائة ألف و قضاها عنه و باع له ضيعة أخرى بثلاثمائة ألف درهم فقضاها عنه و ذلك أنه لم يكن يذر من الخمس شيئا و كانت تنوبه نوائب

24-  يب، ]تهذيب الأحكام[ علي بن الحسن عن محمد بن الحسن بن أبي الجهم عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله عن أبيه ع قال جاء قنبر مولى علي ع بفطره إليه قال فجاء بجراب فيه سويق عليه خاتم فقال له رجل يا أمير المؤمنين إن هذا لهو البخل تختم على طعامك قال فضحك علي ع ثم قال أو غير ذلك لا أحب أن يدخل بطني إلا شي‏ء أعرف سبيله قال ثم كسر الخاتم فأخرج سويقا فجعل منه في قدح فأعطاه إياه فأخذ القدح فلما أراد أن يشرب قال بسم الله اللهم لك صمنا و على رزقك أفطرنا فتقبل منا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

25-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحسين بن إبراهيم عن محمد بن وهبان عن محمد بن أحمد بن زكريا عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن عقبة عن سعيد بن عمر الجعفي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال إن كان صاحبكم يعني أمير المؤمنين ليجلس جلسة العبد و يأكل أكل العبد و يطعم الناس الخبز و اللحم و يرجع إلى رحله فيأكل الخل و الزيت و إن كان ليشتري القميصين السنبلانيين ثم يخير غلامه خيرهما ثم يلبس الآخر فإذا جاز أصابعه قطعه و إن جاز كعبه حذفه و ما ورد عليه أمران قط كلاهما لله رضى إلا أخذ بأشدهما على بدنه و لقد ولي الناس خمس سنين ما وضع آجرة على آجرة و لا لبنة على لبنة و لا أقطع قطيعة و لا أورث بيضاء و لا حمراء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها لأهله خادما و ما أطاق عمله منا أحد و إن كان علي بن الحسين ع لينظر في كتاب من كتب علي ع فيضرب به الأرض و يقول من يطيق هذا

26-  دعوات الراوندي، أكل أمير المؤمنين ع من تمر دقل ثم شرب عليه الماء و ضرب يده على بطنه و قال من أدخله بطنه النار فأبعده الله ثم تمثل شعر

و إنك مهما تعط بطنك سؤله و فرجك نالا منتهى الذم أجمعا

27-  نهج، ]نهج البلاغة[ من كتاب له ع إلى عثمان بن حنيف الأنصاري و هو عامله على البصرة و قد بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم من أهلها فمضى إليها أما بعد يا ابن حنيف فقد بلغني أن رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها يستطاب لك الألوان و تنقل إليك الجفان و ما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو و غنيهم مدعو فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم فما اشتبه عليك علمه فالفظه و ما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه ألا و إن لكل مأموم إماما يقتدي به و يستضي‏ء بنور علمه ألا و إن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه و من طعمه بقرصيه ألا و إنكم لا تقدرون على ذلك و لكن أعينوني بورع و اجتهاد فو الله ما كنزت من دنياكم تبرا و لا ادخرت من غنائهما وفرا و لا أعددت لبالي ثوبي طمرا بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء فشحت عليها نفوس قوم و سخت عنها نفوس آخرين و نعم الحكم الله و ما أصنع بفدك و غير فدك و النفس مظانها في غد جدث تنقطع في ظلمته آثارها و تغيب أخبارها و حفرة لو زيد في فسحتها و أوسعت يدا حافرها لأضغطها الحجر و المدر و سد فرجها التراب المتراكم و إنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر و تثبت على جوانب المزلق و لو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل و لباب هذا القمح و نسائج هذا القز و لكن هيهات أن يغلبني هواي و يقيدني جشعي إلى تخير الأطعمة و لعل بالحجاز أو باليمامة من لا طمع له في القرص و لا عهد له بالشبع أو أن أبيت مبطانا و حولي بطون غرثى و أكباد حرى أ و أكون كما قال القائل

و حسبك داء أن تبيت ببطنة و حولك أكباد تحن إلى القد

أ أقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين و لا أشاركهم في مكاره الدهر أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همها علفها أو المرسلة شغلها تقمهما تكترش من أعلافها و تلهو عما يراد بها أو أترك سدى أو أهمل عابثا أو أجر حبل الضلالة أو أعتسف طريق المتاهة و كأني بقائلكم يقول إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران و منازلة الشجعان ألا و إن الشجرة البرية أصلب عودا و الرواتع الخضرة أرق جلودا و النابتات العذية أقوى وقودا و أبطأ خمودا و أنا من رسول الله ص كالصنو من الصنو و الذراع من العضد و الله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها و لو أمكنت الفرصة من رقابها لسارعت إليها و سأجهد في أن أطهر الأرض من هذا الشخص المعكوس و الجسم المركوس حتى تخرج المدرة من بين حب الحصيد إليك عني يا دنيا فحبلك على غاربك قد انسللت من مخالبك و أفلت من حبائلك و اجتنبت الذهاب في مداحضك أين القرون الذين غررتهم بمداعبك أين الأمم الذين فتنتهم بزخارفك ها هم رهائن القبور و مضامين اللحود و الله لو كنت شخصا مرئيا و قالبا حسيا لأقمت عليك حدود الله في عباد غررتهم بالأماني و أمم ألقيتهم في المهاوي و ملوك أسلمتهم إلى التلف و أوردتهم موارد البلاء إذ لا ورد و لا صدر هيهات من وطئ دحضك زلق و من ركب لججك غرق و من أزور عن حبالك وفق و السالم منك لا يبالي إن ضاق به مناخه و الدنيا عنده كيوم حان انسلاخه اعزبي عني فو الله لا أذل لك فتستذليني و لا أسلس لك فتقوديني و ايم الله يمينا أستثني فيها بمشيئة الله لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما و تقنع بالملح مأدوما و لأدعن مقلتي كعين ماء نضب معينها مستفرغة دموعها أ تمتلئ السائمة من رعيها فتبرك و تشبع الربيضة عن عشبها فتربض و يأكل علي من زاده فيهجع قرت إذا عينه إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة و السائمة المرعية طوبى لنفس أدت إلى ربها فرضها و عركت بجنبها بؤسها و هجرت في الليل غمضها حتى إذا غلب الكرى عليها افترشت أرضها و توسدت كفها في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم و تجافت عن مضاجعهم جنوبهم و همهمت بذكر ربهم شفاههم و تقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم فاتق الله يا ابن حنيف و لتكفك أقراصك ليكون من النار خلاصك

  إيضاح المأدبة بضم الدال الطعام يدعى إليه القوم و العائل الفقير و الجفاء نقيض الصلة و القضم الأكل بأطراف الأسنان و ظاهر كلامه ع أن النهي عن إجابة مثل هذه الدعوة من وجهين أحدهما أنه من طعام قوم عائلهم مجفو و غنيهم مدعو فهم من أهل الرئاء و السمعة فالأحرى عدم إجابتهم و ثانيهما أنه مظنة المحرمات فيمكن أن يكون النهي عاما على الكراهة أو خاصا بالولاء فيحتمل أن يكون النهي للتحريم و يمكن أن يستفاد من قوله تستطاب لك الألوان وجه آخر من النهي و هو المنع من إجابة دعوة المسرفين و المبذرين و يحتمل أيضا الكراهة و التحريم و العموم و الخصوص. و الطمر بالكسر الثوب الخلق و الطمران الإزار و الرداء و القرصان للغداء و العشاء و التبر من الذهب ما كان غير مضروب و بعضهم يقول للفضة أيضا و القمح البر و الجشع أشد الحرص و المبطان الذي لا يزال عظيم البطن من كثرة الأكل و الغرث الجوع و الحرى العطش و الهمزة في قوله أ و أكون للاستفهام و الواو للعطف و البطنة أن يمتلئ من الطعام امتلاء شديدا و القد بالكسر سير يقد من جلد غير مدبوغ. قوله ع و لا أشاركهم معطوف على أقنع أو يقال أو الواو للحال و طعام جشيب أي غليظ قوله كالبهيمة هذا تشبيه للأغنياء لاهتمامهم بالتلذذ بما يحضر عندهم قوله أو المرسلة تشبيه للفقراء الذين يحصلون من كل وجه ما يتلذذون به و ليس همتهم إلا ذلك و التقمم أكل الشاة ما بين يديها بمقمتها أي بشفتيها قوله ع تكترش أي تملأ بها كرشه و هو لكل مجتر بمنزلة المعدة للإنسان قوله ع عما يراد بها أي من الذبح و الاستخدام و المتاهة محل التيه و هو الضلال و الباء في قعد به للتعدية. و قال الفيروزآبادي النزال بالكسر أن ينزل الفريقان عن إبلهما إلى خيلهما فيضاربوا قوله ع و الرواتع أي الأشجار الراتعة من قولهم رتع رتوعا أكل و شرب ما شاء في خصب و العذي بالكسر الزرع لا يسقيه إلا ماء المطر الصنو بالكسر المثل و أصله أن تطلع النخلتان من عرق واحد و في بعض النسخ كالضوء من الضوء أي كالضوء المنعكس من ضوء آخر كنور القمر المستفاد من ضوء الشمس قوله ع و الذراع من العضد وجه التشبيه أن العضد أصل للذراع و الذراع وسيلة إلى التصرف و البطش بالعضد و الركس رد الشي‏ء مقلوبا. و قال ابن ميثم سمي معاوية معكوسا لانعكاس عضديه و مركوسا لكونه تاركا للفطرة الأصلية و يحتمل أن يكون تشبيها له بالبهائم قوله ع حتى يخرج أي حتى يخرج معاوية أو جميع المنافقين من بين المؤمنين و يخلصهم من وجودهم كما يفعل من يصفي الغلة. و قال الجوهري الغارب ما بين السنام و العنق و منه قولهم حبلك على قاربك أي اذهبي حيث شئت و أصله أن الناقة إذا رعت و عليها الخطام ألقي على غاربها لأنها إذا رأت الخطام لا يهنؤها شي‏ء انتهى. و المداحض المزالق و الحبائل المصائد و المداعب من الدعابة و هي المزاح و الزخرف الذهب و كمال حسن الشي‏ء و المهوى و المهواة ما بين الجبلين و الصدر بالتحريك الرجوع عن الماء خلاف الورود و أزور عنه عدل و انحرف و ضيق المناخ كناية عن شدائد الدنيا كالفقر و المرض و الحبوس و السجون و حان أي قرب و رجل سلس أي منقاد لين و هش أي فرح و استبشر و نضب الماء غار و نفد و ماء معين أي ظاهر على وجه الأرض و الربيضة جماعة من البقر و الغنم و ربوض الغنم و البقر و الفرس و الكلب مثل بروك الإبل و الهجوع النوم ليلا و الهمل بالتحريك الإبل بلا راع يقال إبل همل و هاملة قوله و عركت بجنبها يقال يعرك الأذى بجنبه أي يحتمله و يقال ما اكتحلت غمضا أي ما نمت و الكرى النعاس قوله ع و تقشعت أي زالت و ذهبت كما يتقشع السحاب

28-  نهج، ]نهج البلاغة[ من خبر ضرار بن ضمرة الضبائي عند دخوله على معاوية و مسألته له عن أمير المؤمنين ع قال فأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه و لقد أرخى الليل سدوله و هو قائم في محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السليم و يبكي بكاء الحزين و يقول يا دنيا يا دنيا إليك عني أ بي تعرضت أم إلي تشوقت لا حان حينك هيهات غري غيري لا حاجة لي فيك قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها فعيشك قصير و خطرك يسير و أملك حقير آه من قلة الزاد و طول الطريق و بعد السفر و عظم المورد و خشونة المضجع

 بيان السديل ما أسدل على الهودج و الجمع السدول و يقال هو يتململ على فراشه إذا لم يستقر من الوجع و السليم اللديغ يقال سلمته الحية أي لدغته و قيل إنما سمي سليما تفؤلا بالسلامة و إليك من أسماء الأفعال أي تنح و عني متعلق بما فيه من معنى الفعل و يقال حان حينه أي قرب وقته و هذا دعاء عليها أي لا قرب وقت انخداعي بك و غرورك لي قوله ع غري غيري ليس الغرض الأمر بغرور غيره بل بيان أنه ع لا ينخدع بها بل غيره ينخدع بها قوله ع و أملك أي ما يؤمل منك و فيك

29-  لي، ]الأمالي للصدوق[ علي بن أحمد الدقاق عن محمد بن الحسن الطاري عن محمد بن الحسين الخشاب عن محمد بن محسن عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن أبيه ع قال قال أمير المؤمنين ع و الله ما دنياكم عندي إلا كسفر على منهل حلوا إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا و لا لذاذتها في عيني إلا كحميم أشربه غساقا و علقم أتجرعه زعاقا و سم أفعاة أسقاه دهاقا و قلادة من نار أوهقها خناقا و لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها و قال لي اقذف بها قذف الأتن لا يرتضيها ليراقعها فقلت له اعزب عني فعند الصباح يحمد القوم السرى و تنجلي عنا علالات الكرى و لو شئت لتسربلت بالعبقري المنقوش من ديباجكم و لأكلت لباب هذا البر بصدور دجاجكم و لشربت الماء الزلال برقيق زجاجكم و لكني أصدق الله جلت عظمته حيث يقول مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَ هُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ فكيف أستطيع الصبر على نار لو قذفت بشررة إلى الأرض لأحرقت نبتها و لو اعتصمت نفس بقلة لأنضجها وهج النار في قلتها و إنما خير لعلي أن يكون عند ذي العرش مقربا أو يكون في لظى خسيئا مبعدا مسخوطا عليه بجرمه مكذبا و الله لأن أبيت على حسك السعدان مرقدا و تحتي أطمار على سفاها ممددا أو أجر في أغلالي مصفدا أحب إلي من أن ألقى في القيامة محمدا خائنا في ذي يتمة أظلمه بفلسه متعمدا و لم أظلم اليتيم و غير اليتيم لنفس تسرع إلى البلى قفولها و يمتد في أطباق الثرى حلولها و إن عاشت رويدا فبذي العرش نزولها معاشر شيعتي احذروا فقد عضتكم الدنيا بأنيابها تختطف منكم نفسا بعد نفس كذئابها و هذه مطايا الرحيل قد أنيخت لركابها إلا أن الحديث ذو شجون فلا يقولن قائلكم إن كلام علي متناقض لأن الكلام عارض و لقد بلغني أن رجلا من قطان المدائن تبع بعد الحنيفية علوجه و لبس من نالة دهقانه منسوجة و تضمخ بمسك هذه النوافج صباحه و تبخر بعود الهند رواحه و حوله ريحان حديقة يشم تفاحه و قد مد له مفروشات الروم على سرره تعسا له بعد ما ناهز السبعين من عمره و حوله شيخ يدب على أرضه من هرمه و ذا يتمه تضور من ضره و من قرمه فما واساهم بفاضلات من علقمه لئن أمكنني الله منه لأخضمنه خضم البر و لأقيمن عليه حد المرتد و لأضربنه الثمانين بعد حد و لأسدن من جهله كل مسد تعسا له أ فلا شعر أ فلا صوف أ فلا وبر أ فلا رغيف قفار الليل إفطار مقدم أ فلا عبرة على خد في ظلمة ليالي تنحدر و لو كان مؤمنا لاتسقت له الحجة إذا ضيع ما لا يملك و الله لقد رأيت عقيلا أخي و قد أملق حتى استماحني من بركم صاعة و عاودني في عشر وسق من شعيركم يطعمه جياعه و يكاد يلوي ثالث أيامه خامصا ما استطاعه و رأيت أطفاله شعث الألوان من ضرهم كأنما اشمأزت وجوههم من قرهم فلما عاودني في قوله و كرره أصغيت إليه سمعي فغره و ظنني أوتغ ديني فأتبع ما سره أحميت له حديدة ينزجر إذ لا يستطيع منها دنوا و لا يصبر ثم أدنيتها من جسمه فضج من ألمه ضجيج ذي دنف يئن من سقمه و كاد يسبني سفها من كظمه و لحرقة في لظى أضنى له من عدمه فقلت له ثكلتك الثواكل يا عقيل أ تئن من حديدة أحماها إنسانها لمدعبه و تجرني إلى نار سجرها جبارها من غضبه أ تئن من الأذى و لا أئن من لظى و الله لو سقطت المكافاة عن الأمم و تركت في مضاجعها باليات في الرمم لاستحييت

 من مقت رقيب يكشف فاضحات من الأوزار تنسخ فصبرا على دنيا تمر بلأوائها كليلة بأحلامها تنسلخ كم بين نفس في خيامها ناعمة و بين أثيم في جحيم يصطرخ فلا تعجب من هذا و أعجب بلا صنع منا من طارق طرقنا بملفوفات زملها في وعائها و معجونة بسطها في إنائها فقلت له أ صدقة أم نذر أم زكاة و كل ذلك يحرم علينا أهل بيت النبوة و عوضنا منه خمس ذي القربى في الكتاب و السنة فقال لي لا ذاك و لا ذاك و لكنه هدية فقلت له ثكلتك الثواكل أ فعن دين الله تخدعني بمعجونة عرقتموها بقندكم و خبيصة صفراء أتيتموني بها بعصير تمركم أ مختبط أم ذو جنة أم تهجر أ ليست النفوس عن مثقال حبة من خردل مسئولة فما ذا أقول في معجونة أتزقمها معمولة و الله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها و استرق لي قطانها مذعنة بأملاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها شعيرة فألوكها ما قبلت و لا أردت و لدنياكم أهون عندي من ورقة في في جرادة تقضمها و أقذر عندي من عراقة خنزير يقذف بها أجذمها و أمر على فؤادي من حنظلة يلوكها ذو سقم فيبشمها فكيف أقبل ملفوفات عكمتها في طيها و معجونة كأنها عجنت بريق حية أو قيئها اللهم إني نفرت عنها نفار المهرة من كيها أريه السها و يريني القمر أ أمتنع من وبرة من قلوصها ساقطة و أبتلع إبلا في مبركها رابطة أ دبيب العقارب من وكرها ألتقط أم قواتل الرقش في مبيتي أرتبط فدعوني أكتفي من دنياكم بملحي و أقراصي فبتقوى الله أرجو خلاصي ما لعلي و نعيم يفنى و لذة تنحتها المعاصي سألقى و شيعتي ربنا بعيون ساهرة و بطون خماص لِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَمْحَقَ الْكافِرِينَ و نعوذ بالله من سيئات الأعمال و صلى الله على محمد و آله

  بيان الغساق بالتخفيف و التشديد ما يسيل من صديد أهل النار و غسالتهم أو ما يسيل من دموعهم و العلقم شجر مر و يقال للحنظل و لكل شي‏ء مر علقم و السم الزعاق هو الذي يقتل سريعا و الماء الزعاق الملح الغليظ لا يطاق شربه و الدهاق الممتلئ و الوهق محركة و يسكن الحبل يرمى به في أنشوطة فيؤخذ به الدابة و الإنسان و المدرعة القميص قوله قذف الأتن هو بضمتين جمع الأتان و هي الحمارة و التشبيه بقذفها لكونها أشد امتناعا للحمل من غيرها و ربما يقرأ الأبن بالباء الموحدة المفتوحة و ضم الهمزة جمع الأبنة و هي العيب و القبيح فيكون الإضافة إلى المفعول و العلالة بالضم بقية كل شي‏ء و الكرى النعاس و النوم أي من يسير بالليل يعرضه في اليوم نعاس لكن ينجلي عنه بعد النوم فكذلك يذهب مشقة الطاعات بعد الموت و في بعض النسخ غلالات بالغين المعجمة جمع الغلالة بالكسر و هي شعار تلبس تحت الثوب استعير لما يشتمل الإنسان من حالة النوم و في بعض النسخ غيابات الكرى كما في مجمع الأمثال للميداني و في بعضها عمايات كما في مستقصى الزمخشري قال الجوهري الغيابة كل شي‏ء أظل الإنسان فوق رأسه مثل السحابة و الغبرة و الظلمة و نحو ذلك و في النهاية فيه في عماية الصبح أي في بقية ظلمة الليل. و قال الميداني عند الصباح يحمد القوم السرى قال المفضل إن أول من قال ذلك خالد بن الوليد لما بعث إليه أبو بكر و هو باليمامة أن سر إلى العراق فأراد سلوك المفازة فقال له رافع الطائي قد سلكتها في الجاهلية هي خمس للإبل الواردة و لا أظنك تقدر عليها إلا أن تحمل الماء فاشترى مائة شارف فعطشها ثم سقاها الماء حتى رويت ثم كتبها و كعم أفواهها ثم سلك المفازة حتى إذا مضى يومان و خاف العطش على الناس و الخيل و خشي أن يذهب ما في بطون الإبل نحر الإبل و استخرج ما في بطونها من الماء فسقى الناس و الخيل و مضى فلما كان في الليلة الرابعة قال رافع انظر هل ترى بيدرا عظاما فإن رأيتموها و إلا فهو الهلاك فنظر الناس فرأوا البيدر فأخبروه فكبر و كبر الناس ثم هجموا على الماء فقال خالد

لله در رافع أن اهتدى فوز من قراقر إلى سرى‏خمسا إذا سار به الجيش بكى ما سارها من قبله أيش ترى‏عند الصباح يحمد القوم السرى و تنجلي عنهم غيابات الكرى

. يضرب للرجل يحتمل المشقة رجاء الراحة انتهى. و قال في المستقصى بعد إيراد المثل إذا أصبح الذين قاسوا كذ السرى و قد خلفوا البعد تبجحوا بذلك و حمدوا ما فعلوا يضرب في الحث على مزاولة الأمر بالصبر و توطين النفس حتى تحمد عاقبته قال الجليح

إني إذا الجيش على الكور انثنى لو سأل الماء فدى لأفتدى‏و قال كم أتعبت قلت قد أرى عند الصباح يحمد القوم السرى‏و تنجلي منهم عمايات الكرى

. و العبقري هو الديباج و قيل البسط الوشية و قيل الطنافس الثخان قوله ع و لو اعتصمت أي بعد قذف الشررة لو التجأت نفس أي رأس جبل لأنضج تلك النفس وهج النار بسكون الهاء أي اتقادها و حرها و الضمير في قلتها للنفس أو للنار و الإضافة للملابسة و الخسي‏ء الصاغر و المبعد و السعدان نبت له حسك و هو من أفضل مراعي الإبل و الأطمار جمع طمر بالكسر و هو الثوب الخلق البالي و السفا التراب الذي تسفيه الريح و كل شجر له شوك و الضمير في سفاها راجع إلى الأرض بقرينة المقام أو إلى حسك السعدان أي ما ألقته الرياح من تلك الأشجار و قيل الواو للحال عن ضمير مرقدا قدم للسجع و أطمار بكسر الراء على حذف ياء المتكلم يريد أطماره الملبوسة له بدون فراش على حده و الظرف متعلق بممدد و الضمير في سفاها لسعدان و ممددا على صيغة اسم المفعول حال أخرى عن ضمير أبيت و فائدة ذكر هذه الفقرة أن البيتوتة على حسك السعدان على قسمين الأول البيتوتة على الساقط منه و الشدة فيها قليلة الثاني البيتوتة عليه حين هو على الشجرة و الشدة فيها عظيمة و لا سيما إذا لم يكن مع فراش و هو المراد هنا. و في النهاية قفل يقفل قفولا إذا عاد من سفره و قد يقال للسفر قفول للذهاب و المجي‏ء انتهى فالمراد هنا رجوعها من الشباب إلى المشيب الذي معد للبلى و الاندراس أو إلى الآخرة فإنها المكان الأصلي و فيها تبلى الأجساد و يحتمل أن يكون جمع قفل بالضم فإنه يجمع على أقفال و قفول فاستعير هنا لمفاصل الجسد قوله ع رويدا أي قليلا و الضمير في قوله كذئابها راجع إلى الدنيا أي كما تخطف الذئاب في الدنيا الأغنام من القطيع و الشجون الطرق و يقال الحديث ذو شجون أي يدخل بعضه في بعض ذكره الجوهري. و المراد بالتناقض هنا عدم التناسب و لقد أبدع من حمله على ظاهره و أوله

  بأن المعنى لا يزعم زاعم أنه مناقض لكلام آخر له مذكور في الكافي موافقا لقوله تعالى قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الآية كما توهمه عاصم بن زياد و معنى عارض أنه لا يلزم طريقة واحدة بل هو بحسب اقتضاء المقام فإن كان في مقام بيان حال الأمراء حسن فيه ذم الزينة و أكل الطيبات و إن كان في مقام بيان حال الرعية قبح فيه الذم المذكور إلا إذا لم يكن مؤمنا وافيا بحقوق ماله كما سيشير إليه انتهى و لا يخفى ما فيه

و الرجل الذي ذمه يحتمل أن يكون معاوية بل هو الظاهر فالمدائن جمع المدينة لا الناحية الموسومة بذلك و المراد بعلوجه آباؤه الكفرة شبههم في كفرهم بالعلوج و النالة جمع النائل و هو العطاء كالقادة و الزادة و النال أيضا العطاء أو هو مصدر بمعنى المفعول يقال نلته أناله نيلا و ناله أي أصبته و الضمير في منسوجه راجع إلى الدهقان أو إلى النالة بتأويل أي ليس من عطايا دهقانه أو مما أصاب و أخذ منه ما نسجه الدهقان أو ما كان منسوجا من عطاياه و تضمخ بالطيب تلطخ به و النوافج جمع نافجة معرب نافة و نفح الطيب نفاحا بالضم أي فاح و يقال ناهز الصبي البلوغ أي داناه ذكره الجوهري و قال دب الشيخ أي مشى مشيا رويدا و الضمير في أرضه إما راجع إلى الشيخ أو الرجل و قال الجزري فيه أنه دخل على امرأة و هي تتضور من شدة الحمى أي تتلوى و تصيح و تتقلب ظهرا لبطن و الضمر بالضم سوء الحال و القرم شدة شهوة اللحم و العلقم الحنظل و كل شي‏ء مر و إنما شبه ما يأكله من الحرام بالعلقم لسوء عاقبته و كثيرا ما يشبه الحرام في عرف العرب و العجم بسم الحية و الحنظل و الخضم الأكل بأقصى الأضراس و ضرب الثمانين لشرب الخمر أو قذف المحصنة. و قوله و لأسدن من جهله كل مسد كناية عن إتمام الحجة و قطع أعذاره أو تضييق الأمر عليه قوله أ فلا رغيف بالرفع و يجوز في مثله الرفع و النصب و البناء على الفتح و القفار بالفتح ما لا إدام معه من الخبز و أضيف إلى الليل و هو صفة للرغيف و إفطار و مقدم أيضا صفتان له و في بعض النسخ لليل إفطار معدم فالظرف صفة أخرى لرغيف و ليل مضاف إلى الإفطار المضاف إلى المعدم أي الفقير. و الاتساق الانتظام و الإملاق الفقر و الاستماحة طلب السماحة و الجود و عاوده بالمسألة أي سأله مرة بعد أخرى قوله يكاد يلوي لعله من لي الغريم و هو مطله أي يماطل أولاده في ثالث الأيام ما استطاع حالكونه خامصا أي جائعا و الشعث انتشار الأمر و الأشعث المغبر الرأس و اشمأز الرجل انقبض و القر بالضم البرد و أوتغ أهلك قوله فأتبع على صيغة المتكلم أو الغيبة و على الأخير لعله إشارة إلى ذهابه إلى معاوية و السفه خفة الحلم استعمل هنا في مطلق الخفة أو استناده إلى الكظم مجازي أو من تعليلية و فيه تقدير مضاف أي بسبب قلة كظمه للغيظ و قوله لحرقة عطف على قوله سفها و لما لم يكن الحرقة كالسفه من فعل الساب أتي باللام و أضنى أفعل من قولهم ضني كرضي ضنا أي مرض مرضا مخامرا كلما ظن برؤه نكس و هو صفة لحرقة أي كاد يسبني لحرقة كانت أمرض له من عدمه الذي كان به و يمكن أن يقرأ بفتح اللام إي و الله لحرقة في جهنم أمض و أمرض له من فقره أو في هذه النار فكيف نار دار القرار و سجرت التنور أسجره سجرا أحميته قوله و تركت على بناء المجهول أي الأمم و الرمم جمع الرمة و هي العظم البالي و فيه تجريد و الحاصل كونها

 رميما و قيل المراد بالرمة هنا الأرضة يعني أشباهها و الرمة أيضا النملة ذات الجناحين و في بمعنى مع نحو خرج على قومه في زينته. قوله ع من مقت رقيب قال السيد الداماد على الإضافة إلى المفعول أي مقتي إياه و لا يخفى ما فيه و قال رحمه الله تنسخ بفتح تاء المضارعة و تشديد النون إدغاما لنون الانفعال في نون جوهر الكلمة و هو مطاوع نسخه ينسخه نسخا كمنعه يمنعه منعا إما من النسخ بمعنى إثبات الشي‏ء و نقل صورته من موضع إلى موضع آخر و منه نسخت الكتاب و انتسخته و استنسخته و في تنزيل الكريم إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ و إما من نسخ الشي‏ء أو الحكم بمعنى إبطاله و إزالته بشي‏ء أو حكم آخر يتعقبه و منه ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها و تنسخ في قوله متعلقة بفاضحات الأمور و محلها النصب على الحالية و أما في نظائر ذلك كما في سمعته يقول و رأيته يمشي فيحتمل الحال و التمييز فليعلم انتهى. أقول لعل معناه على الثاني ذهاب ثمراتها و لذاتها. قوله ع فصبرا أي اصبروا صبرا و الفاء للتفريع و الباء في قوله بلأوائها بمعنى مع و اللأواء الشدة و الأحلام جمع حلم بالضم و بضمتين و هي الرؤيا و الظرف متعلق بتنسلخ و الجملة صفة ليلة و انسلاخ الوقت مضيه قوله ع كم بين نفس كم للاستفهام التعجبي و الضمير في خيامها راجع إلى الجنة لكونها معلومة و إن لم يسبق ذكرها و الاصطراخ الصياح الشديد للاستغاثة. قوله ع بلا صنع منا حال عن مفعول أعجب أي أعجب مما صدر من طارق منا من غير أن يكره منا فيما فعله مدخل و في بعض النسخ ما صنع مفعول أعجب و منا فاعل صنع أي رجل منا و هذا جائز في من التبعيضية و من في قوله من طارق بيانية و يحتمل أن يكون صلة التعجب بدلا من قوله ما صنع ثم أعجب من قائل قرأ ما صنع على بناء المجهول و منا مصدر من عليه إذا أنعم و قال المصنوع الطعام كالصنيع و منا مفعول له و من طارق صفة منا. قوله ع زملها أي لفها قوله ع أم نذر لعل المراد كفارة النذر و يحتمل أن يكون المراد بالصدقة سائر الكفارات الواجبة و لو كان المراد الصدقة المستحبة ففي التحريم تجوز على المشهور بين الأصحاب و الزقم اللقم الشديد و الشرب المفرط. قوله ع مذعنة بأملاكها الضمير راجع إلى القطان أي معترفة بأني أملكها و يحتمل إرجاعه إلى الأقاليم أي مذعنة بأني أملك الأقاليم و ليس لهم فيها حق و قوله أسلبها بدل أعصي أو عطف بيان له و اللوك العلك و هو دون المضغ و قبحه يدل على قبح العلك بطريق أولى و على قبح السلب بغير انتفاع أيضا بطريق أولى لأن النفس قد تنازع إلى السلب في صورة الانتفاع بخلاف غيرها كما قيل و في بعض النسخ عرادة مكان جرادة و هي الجرادة الأنثى و العراقة بالضم العظم إذا أكل لحمه و ضمير بها للجرادة و ضمير أجذمها للدنيا أو الجرادة بأدنى ملابسة و الجذام هو الداء المعروف المسري و فيه من المبالغات في الإنكار ما لا يتصور فوقها و كذا في الحنظلة التي مضغها ذو السقم فبشمها أي لفظها بغضا و عداوة لها فلفظه مع اختلال ذائقته يدل على كمال مرارته و ملفوظة أقذر من ملفوظ غيره لمرارة فيه و لتوهم سراية مرضه أيضا. و عكمت المتاع شددته و المراد بالطي هنا ما يطوى فيه الشي‏ء أي المطوي على الشي‏ء و الضمير راجع إلى الملفوفات و المهر ولد الفرس قوله ع أريه السها أي إني في وفور العلم و دقة النظر أري الناس خفايا الأمور و هو يعامل معي معاملة من يخفى عليه أوضح الأمور عند إرادة مخادعتي. قال الزمخشري في مستقصى الأمثال أريها السها و تريني القمر السها هو كوكب صغير خفي في بنات النعش و أصله أن رجلا كان يكلم امرأة بالخفي الغامض من الكلام و هي تكلمه بالواضح البين فضرب السها و القمر مثلا لكلامه و كلامها يضرب لمن اقترح على صاحبه شيئا فأجابه بخلاف مراده. قال الكميت.

شكونا إليه خراب السواد فحرم علينا لحوم البقرفكنا كما قال من قبلنا أريها السها و تريني القمر

الضمير في إليه للحجاج بن يوسف شكا إليه أهل السواد خراب السواد و ثقل الخراج فقال حرمت عليكم ذبح الثيران أراد بذلك أنها إذا لم تذبح كثرت و إذا كثرت كثرت العمارة و خف الخراج انتهى. أقول و أتي بهذا المثل في مجمع الأمثال على وجه آخر لا يناسب المقام و هو هكذا أريها استها و تريني القمر قال قال الشرقي بن القطامي كانت في الجاهلية امرأة أكملت خلقا و جمالا و كانت تزعم أن أحدا لا يقدر على جماعها لقوتها و كانت بكرا فخاطبها ابن ألغز الأبادي و كان واثقا بما عنده على أنه إن غلبها أعطته مائة من الإبل فلما واقعها رأت لمحا باصرا و وهرا شديدا و أمرا لم تر مثله قط فقال كيف ترين قالت طعنا بالركبة يا ابن ألغز قال انظري إليه فيك قالت القمر هذا فقال أريها استها و تريني القمر فأرسلها مثلا و ظفر بها فأخذ مائة من الإبل و بعضهم يروي أريها السها و تريني القمر يضرب لمن يغالط فيما لا يخفى. و القلوص من النوق الشابة و الاستفهام للإنكار أي إني لزهدي أمتنع من أخذ وبرة ساقطة من ناقة فكيف أبتلع إبلا كثيرة رابطة في مرابطها لملاكها و قيل القلوص بفتح القاف من الإبل الباقية على السير خصها بالذكر لأن الوبر الساقط من الإبل حين السير أهون عند صاحبها من الساقط من الرابطة و منه يظهر فائدة قيد الربط في الأخير. قوله ع أ دبيب العقارب قال الجوهري كلما مشى على وجه الأرض دابة و دبيب أي ألتقط العقارب الكبيرة التي تدب من وكرها أي جحرها مجازا فإنها إذا أريد أخذها من جحرها كان أشد للدغها شبه بها الأموال المحرمة المنتزعة من محالها و مما ينبغي شرعا أن يكون فيه لما يترتب على أخذها من العقوبات الأخروية و قال بعض الأفاضل الدبيب مصدر دب من باب ضرب إذا مشى و هو مفعول ألتقط و في الكلام مجاز يقال دبت عقارب فلان علينا أي طعن في عرضنا فالمقصود أ أجعل عرضي في عرضه طعن الناس طعنا صادقا لا افتراء فيه و كان طعنهم صدقا و ناشيا من وكره و محله لأن أخذ الرشوة الملفوفات إذا صدر عن التارك لجميع الدنيا للاحتراز عن معصيته في نملة من السفاهة بحيث لا يخفى انتهى و الرقش بالضم جمع الرقشاء و هي الأفعى سميت بذلك لترقيش في ظهرها و هي خطوط و نقط و الارتباط شد الفرس و نحوه للانتفاع به قوله تنتجها المعاصي أي تفيدها و في بعض النسخ تنحتها من النحت و هو بري النبل و نحوه ففيه استعارة. أقول سيجي‏ء تفسير بعض الفقرات فيما سيأتي في باب جوامع المكارم و إنما أطنبنا الكلام في هذه الخطبة و كررنا إيرادها لكثرة فوائدها و احتياجها إلى الشرح