باب 7- سائر ما جرى بينه صلوات الله عليه و بين معاوية و أصحابه

1-  ج، ]الإحتجاج[ روي عن الشعبي و أبي مخنف و يزيد بن أبي حبيب المصري أنهم قالوا لم يكن في الإسلام يوم في مشاجرة قوم اجتمعوا في محفل أكثر ضجيجا و لا أعلى كلاما و لا أشد مبالغة في قول من يوم اجتمع فيه عند معاوية بن أبي سفيان عمرو بن عثمان بن عفان و عمرو بن العاص و عتبة بن أبي سفيان و الوليد بن عتبة بن أبي معيط و المغيرة بن شعبة و قد تواطئوا على أمر واحد فقال عمرو بن العاص لمعاوية أ لا تبعث إلى الحسن بن علي فتحضره فقد أحيا سيرة أبيه و خفقت النعال خلفه إن أمر فأطيع و إن قال فصدق و هذان يرفعان به إلى ما هو أعظم منهما فلو بعثت إليه فقصرنا به و بأبيه و سببناه و سببنا أباه و صعرنا بقدره و قدر أبيه و قعدنا لذلك حتى صدق لك فيه فقال لهم معاوية إني أخاف أن يقلدكم قلائد يبقى عليكم عارها حتى تدخلكم قبوركم و الله ما رأيته قط إلا كرهت جنابه و هبت عتابه و إني إن بعثت إليه لأنصفته منكم قال عمرو بن العاص أ تخاف أن يتسامى باطله على حقنا و مرضه على صحتنا قال لا قال فابعث إذا إليه فقال عتبة هذا رأي لا أعرفه و الله ما تستطيعون أن تلقوه بأكثر و لا أعظم مما في أنفسكم عليه و لا يلقاكم إلا بأعظم مما في نفسه عليكم و إنه لمن أهل بيت خصم جدل  فبعثوا إلى الحسن ع فلما أتاه الرسول قال له يدعوك معاوية قال و من عنده قال الرسول عنده فلان و فلان و سمى كلا منهم باسمه فقال الحسن ع ما لهم خر عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ أَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ثم قال يا جارية أبلغيني ثيابي ثم قال اللهم إني أدرأ بك في نحورهم و أعوذ بك من شرورهم و أستعين بك عليهم فاكفنيهم بما شئت و أنى شئت من حولك و قوتك يا أرحم الراحمين و قال للرسول هذا كلام الفرج فلما أتى معاوية رحب به و حياه و صافحه فقال الحسن ع إن الذي حييت به سلامة و المصافحة أمنة فقال معاوية أجل إن هؤلاء بعثوا إليك و عصوني ليقرروك أن عثمان قتل مظلوما و أن أباك قتله فاسمع منهم ثم أجبهم بمثل ما يكلمونك و لا يمنعك مكاني من جوابهم فقال الحسن ع سبحان الله البيت بيتك و الإذن فيه إليك و الله لئن أجبتهم إلى ما أرادوا إني لأستحيي لك من الفحش و لئن كانوا غلبوك إني لأستحيي لك من الضعف فبأيهما تقر و من أيهما تعتذر أما إني لو علمت بمكانهم و اجتماعهم لجئت بعدتهم من بني هاشم و مع وحدتي هم أوحش مني مع جمعهم فإن الله عز و جل لوليي اليوم و فيما بعد اليوم فليقولوا فأسمع و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم فتكلم عمرو بن عثمان بن عفان فقال ما سمعت كاليوم إن بقي من بني عبد المطلب على وجه الأرض من أحد بعد قتل الخليفة عثمان بن عفان و كان من ابن أختهم و الفاضل في الإسلام منزلة و الخاص برسول الله ص أثرة فبئس كرامة الله حتى سفكوا دمه اعتداء و طلبا للفتنة و حسدا و نفاسة و طلب ما ليسوا بآهلين لذلك مع سوابقه و منزلته من الله و من رسوله و من الإسلام فيا ذلاه أن يكون حسن و سائر بني عبد المطلب قتلة عثمان أحياء يمشون على مناكب الأرض و عثمان مضرج بدمه مع أن لنا فيكم تسعة عشر دما بقتلى بني أمية ببدر

  ثم تكلم عمرو بن العاص فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أي يا ابن أبي تراب بعثنا إليك لنقررك أن أباك سم أبا بكر الصديق و اشترك في قتل عمر الفاروق و قتل عثمان ذا النورين مظلوما فادعى ما ليس له بحق و وقع فيه و ذكر الفتنة و عيره بشأنها ثم قال إنكم يا بني عبد المطلب لم يكن الله ليعطيكم الملك فترتكبون فيه ما لا يحل لكم ثم أنت يا حسن تحدث نفسك بأنك كائن أمير المؤمنين و ليس عندك عقل ذلك و لا رأيه فكيف و قد سلبته و تركت أحمق في قريش و ذلك لسوء عمل أبيك و إنما دعوناك لنسبك و أباك ثم أنت لا تستطيع أن تعتب علينا و لا أن تكذبنا في شي‏ء به فإن كنت ترى أنا كذبناك في شي‏ء و تقولنا عليك بالباطل و ادعينا خلاف الحق فتكلم و إلا فاعلم أنك و أباك من شر خلق الله أما أبوك فقد كفانا الله قتله و تفرد به و أما أنت فإنك في أيدينا نتخير فيك و الله أن لو قتلناك ما كان في قتلك إثم عند الله و لا عيب عند الناس ثم تكلم عتبة بن أبي سفيان فكان أول ما ابتدأ به أن قال يا حسن إن أباك كان شر قريش لقريش أقطعه لأرحامها و أسفكه لدمائها و إنك لمن قتلة عثمان و إن في الحق أن نقتلك به و إن عليك القود في كتاب الله عز و جل و إنا قاتلوك به فأما أبوك فقد تفرد الله بقتله فكفاناه و أما رجاؤك للخلافة فلست منها لا في قدحة زندك و لا في رجحة ميزانك ثم تكلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط بنحو من كلام أصحابه و قال يا معاشر بني هاشم كنتم أول من دب بعيب عثمان و جمع الناس عليه حتى قتلتموه حرصا على الملك و قطيعة للرحم و استهلاك الأمة و سفك دمائها حرصا على الملك و طلبا للدنيا الخسيسة و حبا لها و كان عثمان خالكم فنعم الخال كان  لكم و كان صهركم فكان نعم الصهر لكم قد كنتم أول من حسده و طعن عليه ثم وليتم قتله فكيف رأيتم صنع الله بكم ثم تكلم المغيرة بن شعبة و كان كلامه و قوله كله وقوعا في علي ع ثم قال يا حسن إن عثمان قتل مظلوما فلم يكن لأبيك في ذلك عذر بري‏ء و لا اعتذار مذنب غير أنا يا حسن قد ظننا لأبيك في ضمه قتلته و إيوائه لهم و ذبه عنهم أنه بقتله راض و كان و الله طويل السيف و اللسان يقتل الحي و يعيب الميت و بنو أمية خير لبني هاشم من بني هاشم لبني أمية و معاوية خير لك يا حسن منك لمعاوية و قد كان أبوك ناصب رسول الله ص في حياته و أجلب عليه قبل موته و أراد قتله فعلم ذلك من أمره رسول الله ص ثم كره أن يبايع أبا بكر حتى أتى به قودا ثم دس إليه فسقاه سما فقتله ثم نازع عمر حتى هم أن يضرب رقبته فعمل في قتله ثم طعن على عثمان حتى قتله كل هؤلاء قد شرك في دمهم فأي منزلة له من الله يا حسن و قد جعل الله السلطان لولي المقتول في كتابه المنزل فمعاوية ولي المقتول بغير حق فكان من الحق لو قتلناك و أخاك و الله ما دم علي بخطر من دم عثمان و ما كان الله ليجمع فيكم يا بني عبد المطلب الملك و النبوة ثم سكت فتكلم أبو محمد الحسن بن علي صلوات الله عليهما فقال الحمد لله الذي هدى أولكم بأولنا و آخركم بآخرنا و صلى الله على سيدنا محمد النبي و آله و سلم ثم قال اسمعوا مني مقالتي و أعيروني فهمكم و بك أبدأ يا معاوية ثم قال لمعاوية إنه لعمر الله يا أزرق ما شتمني غيرك و ما هؤلاء شتموني و لا سبني غيرك و ما هؤلاء سبوني و لكن شتمتني و سببتني فحشا منك و سوء رأي و بغيا و عدوانا و حسدا علينا و عداوة لمحمد ص قديما و حديثا و إنه و الله لو كنت أنا و هؤلاء يا أزرق مثاورين في مسجد رسول الله ص و حولنا المهاجرون و الأنصار ما قدروا أن يتكلموا بمثل ما تكلموا به و لا

  استقبلوني بما استقبلوني به فاسمعوا مني أيها الملأ المخيمون المعاونون علي و لا تكتموا حقا علمتموه و لا تصدقوا بباطل نطقت به و سأبدأ بك يا معاوية فلا أقول فيك إلا دون ما فيك أنشدكم بالله هل تعلمون أن الرجل الذي شتمتموه صلى القبلتين كلتيهما و أنت تراهما جميعا ضلالة تعبد اللات و العزى و بايع البيعتين كلتيهما بيعة الرضوان و بيعة الفتح و أنت يا معاوية بالأولى كافر و بالأخرى ناكث ثم قال أنشدكم بالله هل تعلمون أنما أقول حقا إنه لقيكم مع رسول الله ص يوم بدر و معه راية النبي ص و معك يا معاوية راية المشركين تعبد اللات و العزى و ترى حرب رسول الله ص و المؤمنين فرضا واجبا و لقيكم يوم أحد و معه راية النبي ص و معك يا معاوية راية المشركين و لقيكم يوم الأحزاب و معه راية النبي ص و معك يا معاوية راية المشركين كل ذلك يفلج الله حجته و يحق دعوته و يصدق أحدوثته و ينصر رايته و كل ذلك رسول الله ص يرى عنه راضيا في المواطن كلها ثم أنشدكم بالله هل تعلمون أن رسول الله ص حاصر بني قريظة و بني النضير ثم بعث عمر بن الخطاب و معه راية المهاجرين و سعد بن معاذ و معه راية الأنصار فأما سعد بن معاذ فجرح و حمل جريحا و أما عمر فرجع و هو يجبن أصحابه و يجبنه أصحابه فقال رسول الله ص لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله كرار غير فرار ثم لا يرجع حتى يفتح الله عليه فتعرض لها أبو بكر و عمر و غيرهما من المهاجرين و الأنصار و علي يومئذ أرمد شديد الرمد فدعاه رسول الله ص فتفل في عينيه فبرأ من الرمد فأعطاه الراية فمضى و لم يثن حتى فتح الله عليه بمنه و طوله و أنت يومئذ بمكة عدو لله  و رسوله فهل يسوى بين رجل نصح لله و لرسوله و رجل عادى الله و رسوله ص ثم أقسم بالله ما أسلم قلبك بعد و لكن اللسان خائف فهو يتكلم بما ليس في القلب ثم أنشدكم بالله أ تعلمون أن رسول الله ص استخلفه على المدينة في غزوة تبوك و لا سخطه ذلك و لا كرهه و تكلم فيه المنافقون فقال لا تخلفني يا رسول الله فإني لم أتخلف عنك في غزوة قط فقال رسول الله ص أنت وصيي و خليفتي في أهلي بمنزلة هارون من موسى ثم أخذ بيد علي ع ثم قال أيها الناس من تولاني فقد تولى الله و من تولى عليا فقد تولاني و من أطاعني فقد أطاع الله و من أطاع عليا فقد أطاعني و من أحبني فقد أحب الله و من أحب عليا فقد أحبني ثم قال أنشدكم بالله أ تعلمون أن رسول الله قال في حجة الوداع أيها الناس إني قد تركت فيكم ما لم تضلوا بعده كتاب الله فأحلوا حلاله و حرموا حرامه و اعملوا بمحكمه و آمنوا بمتشابهه و قولوا آمنا بما أنزل الله من الكتاب و أحبوا أهل بيتي و عترتي و والوا من والاهم و انصروهم على من عاداهم و إنهما لم يزالا فيكم حتى يردا علي الحوض يوم القيامة ثم دعا و هو على المنبر عليا فاجتذبه بيده فقال اللهم وال من والاه و عاد من عاداه اللهم من عادى عليا فلا تجعل له في الأرض مقعدا و لا في السماء مصعدا و اجعله في أسفل درك من النار أنشدكم بالله أ تعلمون أن رسول الله ص قال له أنت الذائد عن حوضي يوم القيامة تذود عنه كما يذود أحدكم الغريبة من وسط إبله أنشدكم بالله أ تعلمون أنه دخل رسول الله ص في مرضه الذي توفي فيه فبكى رسول الله ص فقال علي ما يبكيك يا رسول الله فقال يبكيني أني أعلم أن لك في قلوب رجال من أمتي ضغائن لا يبدونها حتى أتولى عنك أنشدكم بالله أ تعلمون أن رسول الله ص حين حضرته الوفاة و اجتمع

  أهل بيته قال اللهم هؤلاء أهلي و عترتي اللهم وال من والاهم و انصرهم على من عاداهم و قال إنما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من دخل فيها نجا و من تخلف عنها غرق أنشدكم بالله أ تعلمون أن أصحاب رسول الله قد سلموا عليه بالولاية في عهد رسول الله و حياته ص أنشدكم بالله أ تعلمون أن عليا أول من حرم الشهوات كلها على نفسه من أصحاب رسول الله ص فأنزل الله عز و جل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَ كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ و كان عنده علم المنايا و علم القضايا و فصل الخطاب و رسوخ العلم و منزل القرآن و كان في رهط لا نعلمهم يتمون عشرة نبأهم الله أنهم به مؤمنون و أنتم في رهط قريب من عدة أولئك لعنوا على لسان رسول الله ص فأشهد لكم و أشهد عليكم أنكم لعناء الله على لسان نبيه ص كلكم أهل البيت و أنشدكم بالله هل تعلمون أن رسول الله ص بعث إليك لتكتب لبني خزيمة حين أصابهم خالد بن الوليد فانصرف إليه الرسول فقال هو يأكل فأعاد الرسول إليك ثلاث مرات كل ذلك ينصرف الرسول و يقول هو يأكل فقال رسول الله ص اللهم لا تشبع بطنه فهي و الله في نهمتك و أكلك إلى يوم القيامة  ثم قال أنشدكم بالله هل تعلمون أنما أقول حقا إنك يا معاوية كنت تسوق بأبيك على جمل أحمر و يقوده أخوك هذا القاعد و هذا يوم الأحزاب فلعن رسول الله ص الراكب و القائد و السائق فكان أبوك الراكب و أنت يا أزرق السائق و أخوك هذا القاعد القائد ثم أنشدكم بالله هل تعلمون أن رسول الله ص لعن أبا سفيان في سبعة مواطن أولهن حين خرج من مكة إلى المدينة و أبو سفيان جاء من الشام فوقع فيه أبو سفيان فسبه و أوعده و هم أن يبطش به ثم صرفه الله عز و جل عنه و الثاني يوم العير حيث طردها أبو سفيان ليحرزها من رسول الله ص و الثالث يوم أحد يوم قال رسول الله ص الله مولانا و لا مولى لكم و قال أبو سفيان لنا العزى و لا لكم العزى فلعنه الله و ملائكته و رسوله و المؤمنون أجمعون و الرابع يوم حنين يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش و هوازن و جاء عيينة بغطفان و اليهود فردهم الله عز و جل بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً هذا قول الله عز و جل  له في سورتين في كلتيهما يسمي أبا سفيان و أصحابه كفارا و أنت يا معاوية يومئذ مشرك على رأي أبيك بمكة و علي يومئذ مع رسول الله ص و على رأيه و دينه و الخامس قول الله عز و جل وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ و صددت أنت و أبوك و مشركو قريش رسول الله ص فلعنه الله لعنة شملته و ذريته إلى يوم القيامة و السادس يوم الأحزاب يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش و جاء عيينة بن حصن بن بدر بغطفان فلعن رسول الله ص القادة و الأتباع و الساقة إلى يوم القيامة فقيل يا رسول الله أ ما في الأتباع مؤمن فقال لا تصيب اللعنة مؤمنا من الأتباع و أما القادة فليس فيهم مؤمن و لا مجيب و لا ناج و السابع يوم الثنية يوم شد على رسول الله اثنا عشر رجلا سبعة منهم من بني أمية و خمسة من سائر قريش فلعن الله تبارك و تعالى و رسوله ص من حل الثنية غير النبي و سائقه و قائده ثم أنشدكم بالله هل تعلمون أن أبا سفيان دخل على عثمان حين بويع في مسجد رسول الله ص فقال يا ابن أخي هل علينا من عين فقال لا فقال أبو سفيان تداولوا الخلافة فتيان بني أمية فو الذي نفس أبي سفيان بيده ما من جنة و لا نار و أنشدكم بالله أ تعلمون أن أبا سفيان أخذ بيد الحسين حين بويع عثمان و قال يا ابن أخي اخرج معي إلى بقيع الغرقد فخرج حتى إذا توسط القبور اجتره فصاح بأعلى صوته يا أهل القبور الذي كنتم تقاتلونا عليه صار بأيدينا و أنتم رميم فقال الحسين بن علي قبح الله شيبتك و قبح وجهك ثم نتر يده و تركه فلو لا النعمان بن بشير أخذ بيده و رده إلى المدينة لهلك

  فهذا لك يا معاوية فهل تستطيع أن ترد علينا شيئا و من لعنتك يا معاوية أن أباك أبا سفيان كان يهم أن يسلم فبعثت إليه بشعر معروف مروي في قريش عندهم تنهاه عن الإسلام و تصده و منها أن عمر بن الخطاب ولاك الشام فخنت به و ولاك عثمان فتربصت به ريب المنون ثم أعظم من ذلك أنك قاتلت عليا صلوات الله عليه و آله و قد عرفت سوابقه و فضله و علمه على أمر هو أولى به منك و من غيرك عند الله و عند الناس و لا دنية بل أوطأت الناس عشوة و أرقت دماء خلق من خلق الله بخدعك و كيدك و تمويهك فعل من لا يؤمن بالمعاد و لا يخشى العقاب فلما بلغ الكتاب أجله صرت إلى شر مثوى و علي إلى خير منقلب و الله لك بالمرصاد فهذا لك يا معاوية خاصة و ما أمسكت عنه من مساويك و عيوبك فقد كرهت به التطويل و أما أنت يا عمرو بن عثمان فلم تكن حقيقا لحمقك أن تتبع هذه الأمور فإنما مثلك مثل البعوضة إذ قالت للنخلة استمسكي فإني أريد أن أنزل عنك فقالت لها النخلة ما شعرت بوقوعك فكيف يشق علي نزولك و إني و الله ما شعرت أنك تحسن أن تعادي لي فيشق علي ذلك و إني لمجيبك في الذي قلت إن سبك عليا أ بنقص في حسبه أو تباعده من رسول الله ص أو بسوء بلاء في الإسلام أو بجور في حكم أو رغبة في الدنيا فإن قلت واحدة منها فقد كذبت و أما قولك إن لكم فينا تسعة عشر دما بقتلى مشركي بني أمية ببدر فإن الله و رسوله قتلهم و لعمري ليقتلن من بني هاشم تسعة عشر و ثلاثة بعد تسعة عشر ثم يقتل من بني أمية تسعة عشر و تسعة عشر في موطن واحد سوى ما قتل من بني أمية لا يحصي عددهم إلا الله إن رسول الله ص قال إذا بلغ ولد الوزغ ثلاثين رجلا أخذوا مال الله بينهم دولا و عباده خولا و كتابه دغلا فإذا بلغوا ثلاثمائة و عشرا حقت  عليهم اللعنة و لهم فإذا بلغوا أربعمائة و خمسة و سبعين كان هلاكهم أسرع من لوك تمرة فأقبل الحكم بن أبي العاص و هم في ذلك الذكر و الكلام فقال رسول الله ص اخفضوا أصواتكم فإن الوزغ يسمع و ذلك حين رآهم رسول الله ص و من يملك بعده منهم أمر هذه الأمة يعني في المنام فساءه ذلك و شق عليه فأنزل الله عز و جل في كتابه لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ فأشهد لكم و أشهد عليكم ما سلطانكم بعد قتل علي إلا ألف شهر التي أجلها الله عز و جل في كتابه و أما أنت يا عمرو بن العاص الشانئ اللعين الأبتر فإنما أنت كلب أول أمرك أمك لبغية و إنك ولدت على فراش مشترك فتحاكمت فيك رجال قريش منهم أبو سفيان بن حرب و الوليد بن المغيرة و عثمان بن الحارث و النضر بن الحارث بن كلدة و العاص بن وائل كلهم يزعم أنك ابنه فغلبهم عليك من بين قريش ألأمهم حسبا و أخبثهم منصبا و أعظمهم بغية ثم قمت خطيبا و قلت أنا شانئ محمد و قال العاص بن وائل إن محمدا رجل أبتر لا ولد له فلو قد مات انقطع ذكره فأنزل الله تبارك و تعالى إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ فكانت أمك تمشي إلى عبد قيس لطلب البغية تأتيهم في دورهم و رحالهم و بطون أوديتهم ثم كنت في كل مشهد يشهد رسول الله عدوه أشدهم له عداوة و أشدهم له تكذيبا ثم كنت في أصحاب السفينة الذين أتوا النجاشي و المهرج الخارج إلى الحبشة في الإشاطة بدم جعفر بن أبي طالب و سائر المهاجرين إلى النجاشي فحاق المكر السيئ بك و جعل جدك الأسفل و أبطل أمنيتك و خيب سعيك و أكذب أحدوثتك وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا و أما قولك في عثمان فأنت يا قليل الحياء و الدين ألهبت عليه نارا ثم هربت إلى فلسطين تتربص به الدوائر فلما أتتك خبر قتله حبست نفسك على معاوية فبعته دينك يا خبيث بدنيا غيرك و لسنا نلومك على بغضنا و لا نعاتبك على حبنا و أنت عدو لبني

  هاشم في الجاهلية و الإسلام و قد هجوت رسول الله ص بسبعين بيتا من شعر فقال رسول الله ص اللهم إني لا أحسن الشعر و لا ينبغي لي أن أقوله فالعن عمرو بن العاص بكل بيت ألف لعنة ثم أنت يا عمرو المؤثر دنيا غيرك على دينك أهديت إلى النجاشي الهدايا و رحلت إليه رحلتك الثانية و لم تنهك الأولى عن الثانية كل ذلك ترجع مغلولا حسيرا تريد بذلك هلاك جعفر و أصحابه فلما أخطأك ما رجوت و أملت أحلت على صاحبك عمارة بن الوليد و أما أنت يا وليد بن عقبة فو الله ما ألومك أن تبغض عليا و قد جلدك في الخمر ثمانين و قتل أباك صبرا بيده يوم بدر أم كيف تسبه فقد سماه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن و سماك فاسقا و هو قول الله عز و جل أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ و قوله إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ و ما أنت و ذكر قريش و إنما أنت ابن عليج من أهل صفورية يقال له ذكوان و أما زعمك أنا قتلنا عثمان فو الله ما استطاع طلحة و الزبير و عائشة أن يقولوا ذلك لعلي بن أبي طالب فكيف تقوله أنت و لو سألت أمك من أبوك إذ  تركت ذكوان فألصقتك بعقبة بن أبي معيط اكتست بذلك عند نفسها سناء و رفعة مع ما أعد الله لك و لأبيك و أمك من العار و الخزي في الدنيا و الآخرة و ما الله بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ثم أنت يا وليد و الله أكبر في الميلاد ممن تدعي له النسب فكيف تسب عليا و لو اشتغلت بنفسك لبينت نسبك إلى أبيك لا إلى من تدعي له و لقد قالت لك أمك يا بني أبوك و الله ألأم و أخبث من عقبة و أما أنت يا عتبة بن أبي سفيان فو الله ما أنت بحصيف فأجاوبك و لا عاقل فأعاتبك و ما عندك خير يرجى و لا شر يخشى و ما كنت و لو سببت عليا لأغار به عليك لأنك عندي لست بكفو لعبد علي بن أبي طالب ع فأرد عليك و أعاتبك و لكن الله عز و جل لك و لأبيك و أمك و أخيك بالمرصاد فأنت ذرية آبائك الذين ذكرهم الله في القرآن فقال عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ إلى قوله مِنْ جُوعٍ و أما وعيدك إياي بقتلي فهلا قتلت الذي وجدته على فراشك مع حليلتك و قد غلبك على فرجها و شركك في ولدها حتى ألصق بك ولدا ليس لك ويلا لك لو شغلت نفسك بطلب ثأرك منه كنت جديرا و بذلك حريا إذ تسومني القتل و توعدني به و لا ألومك أن تسب عليا و قد قتل أخاك مبارزة و اشترك هو و حمزة بن عبد المطلب في قتل جدك حتى أصلاهما الله على أيديهما نار جهنم و أذاقهما العذاب  الأليم و نفي عمك بأمر رسول الله ص و أما رجائي الخلافة فلعمر الله لئن رجوتها فإن لي فيها لملتمسا و ما أنت بنظير أخيك و لا خليفة أبيك لأن أخاك أثر تمردا على الله و أشد طلبا لإراقة دماء المسلمين و طلب ما ليس له بأهل يخادع الناس و يمكرهم وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ و أما قولك إن عليا كان شر قريش لقريش فو الله ما حقر مرحوما و لا قتل مظلوما و أما أنت يا مغيرة بن شعبة فإنك لله عدو و لكتابه نابذ و لنبيه مكذب و أنت الزاني و قد وجب عليك الرجم و شهد عليك العدول البررة الأتقياء فأخر رجمك و دفع الحق بالباطل و الصدق بالأغاليط و ذلك لما أعد الله لك من العذاب الأليم و الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى و أنت ضربت فاطمة بنت رسول الله ص حتى أدميتها و ألقت ما في بطنها استذلالا منك لرسول الله ص و مخالفة منك لأمره و انتهاكا لحرمته و قد قال لها رسول الله ص أنت سيدة نساء أهل الجنة و الله مصيرك إلى النار و جاعل وبال ما نطقت به عليك فبأي الثلاثة سببت عليا أ نقصا من حسبه أم بعدا من رسول الله ص أم سوء

  بلاء في الإسلام أم جورا في حكم أم رغبة في الدنيا إن قلت بها فقد كذبت و كذبك الناس أ تزعم أن عليا قتل عثمان مظلوما فعلي و الله أتقى و أنقى من لائمة في ذلك و لعمري إن كان عليا قتل عثمان مظلوما فو الله ما أنت من ذلك في شي‏ء فما نصرته حيا و لا تعصبت له ميتا و ما زالت الطائف دارك تتبع البغايا و تحيي أمر الجاهلية و تميت الإسلام حتى كان في أمس ما كان و أما اعتراضك في بني هاشم و بني أمية فهو ادعاؤك إلى معاوية و أما قولك في شأن الإمارة و قول أصحابك في الملك الذي ملكتموه فقد ملك فرعون مصر أربعمائة سنة و موسى و هارون ع نبيان مرسلان يلقيان ما يلقيان و هو ملك الله يعطيه البر و الفاجر و قال الله عز و جل وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ و قال وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً ثم قام الحسن ع فنفض ثيابه و هو يقول الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَ الْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ هم و الله يا معاوية أنت و أصحابك هؤلاء و شيعتك وَ الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَ الطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ هم علي بن أبي طالب و أصحابه و شيعته ثم خرج و هو يقول ذق وبال ما كسبت يداك و ما جنيت و ما قد أعد الله لك و لهم من الخزي في الحياة الدنيا و العذاب الأليم في الآخرة فقال معاوية لأصحابه و أنتم فذوقوا وبال ما قد جنيتم فقال له الوليد بن عقبة و الله ما ذقنا إلا كما ذقت و لا اجترأ إلا عليك فقال معاوية أ لم أقل لكم إنكم لن تنتصفوا من الرجل فهل أطعتموني أول مرة أو انتصرتم من الرجل  إذ فضحكم و الله ما قام حتى أظلم علي البيت و هممت أن أسطو به فليس فيكم خير اليوم و لا بعد اليوم قال و سمع مروان بن الحكم بما لقي معاوية و أصحابه المذكورون من الحسن بن علي ع فأتاهم فوجدهم عند معاوية في البيت فسألهم ما الذي بلغني عن الحسن و زعله قالوا قد كان ذلك فقال لهم مروان فهلا أحضرتموني ذلك فو الله لأسبنه و لأسبن أباه و أهل البيت سبا تغنى به الإماء و العبيد فقال معاوية و القوم لم يفتك شي‏ء و هم يعلمون من مروان بذر لسان و فحش فقال مروان فأرسل إليه يا معاوية فأرسل معاوية إلى الحسن بن علي ع فلما جاءه الرسول قال له الحسن ع ما يريد هذا الطاغية مني و الله لئن أعاد الكلام لأوقرن مسامعه ما يبقى عليه عاره و شناره إلى يوم القيامة فأقبل الحسن ع فلما أن جاءهم وجدهم بالمجلس على حالتهم التي تركهم فيها غير أن مروان قد حضر معهم في هذا الوقت فمشى الحسن ع حتى جلس على السرير مع معاوية و عمرو بن العاص ثم قال الحسن لمعاوية لم أرسلت إلي قال لست أنا أرسلت إليك و لكن مروان الذي أرسل إليك فقال مروان أنت يا حسن السباب رجال قريش فقال و ما الذي أردت فقال و الله لأسبنك و أباك و أهل بيتك سبا تغنى به الإماء و العبيد فقال الحسن بن علي ع أما أنت يا مروان فلست أنا سببتك و لا سببت أباك و لكن الله عز و جل لعنك و لعن أباك و أهل بيتك و ذريتك و ما خرج من صلب أبيك إلى يوم القيامة على لسان نبيه محمد ص  و الله يا مروان ما تنكر أنت و لا أحد ممن حضر هذه اللعنة من رسول الله ص لك و لأبيك من قبلك و ما زادك الله يا مروان بما خوفك إلا طغيانا كبيرا صدق الله و صدق رسوله يقول وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً و أنت يا مروان و ذريتك الشجرة الملعونة في القرآن عن رسول الله ص فوثب معاوية فوضع يده على فم الحسن و قال يا با محمد ما كنت فحاشا فنفض الحسن ع ثوبه و قام و خرج فتفرق القوم عن المجلس بغيظ و حزن و سواد الوجوه

 بيان فقصرنا به على بناء المجرد و الباء للتعدية أي أظهرنا أنه قاصر عن بلوغ الكمال أو مقصر قوله حتى صدق لك فيه على بناء المجهول و يحتمل المعلوم. و قال الفيروزآبادي الجناب الفناء و الرحل و الناحية و بالضم ذات الجنب و بالكسر فرس طوع الجناب سلس القياد و لج في جناب قبيح بالكسر أي مجانبة أهله. قوله يتسامى من السمو بمعنى الرفعة قوله فبئس كرامة الله أي فبئس ما رعوها قوله لا في قدحة زندك القدحة بالكسر اسم من اقتداح النار و بالفتح للمرة و هي كناية عن التدبير في الملك و استخراج الأمور بالنظر و رجحة الميزان كناية عن كونه أفضل من غيره في الكمالات قوله من دب بعيب عثمان أي مشى به كناية عن السعي في إظهاره و الخطر بالتحريك العوض و المثل و المثاورة المواثبة و المنازعة و يقال خيموا بالمكان أي أقاموا.  قوله ع قريظة و بني النضير هذا إشارة إلى غزوة خيبر و فيه إشكالان أحدهما أن قريظة و النضير كانا من يهود المدينة إلا أن يقال لعل بعضهم لحقوا خيبرا و الثاني أن سعد بن معاذ جرح يوم الأحزاب و مات بعد الحكم في بني قريظة و لم يبق إلى غزوة خيبر و الظاهر أنه ع كان أشار إلى ما ظهر منه ع في تلك الوقائع جميعا فاشتبه على الراوي قوله ع و لم يثن أي لم يعطف الراية و لم يردها. و قال الفيروزآبادي الغرقد شجر عظام أو هي العوسج إذا عظم و بها سموا و بقيع الغرقد مقبرة المدينة لأنه كان منبتها انتهى و النتر جذب فيه قوة و جفوة و ريب المنون حوادث الدهر أو الموت و قال الجوهري العشوة أن تركب أمرا على غير بيان يقال أوطأتني عشوة و عشوة و عشوة أي أمرا ملتبسا انتهى و اللوك أهون المضغ أو مضغ صلب. قوله ع و المهرج قال الفيروزآبادي هرج الناس يهرجون وقعوا في فتنة و اختلاط و قتل و الفرس جرى و إنه لمهرج كمنبر و في بعض النسخ و المهجر فيكون عطفا على النجاشي بأن يكون مصدرا ميميا أي أهل الهجرة و يقال أشاط بدمه و أشاط دمه أي عرضه للقتل قوله ع و جعل جدك بالكسر أي اجتهادك و سعيك أو بالفتح و هو الحظ و البخت. و قال الجزري فلسطين بكسر الفاء و فتح اللام الكورة المعروفة ما بين الأردن و ديار مصر و أم بلادها بيت المقدس و الدوائر صروف الزمان و حوادث الدهر و العواقب المذمومة ذكرها في مجمع البيان قوله ع و لو سألت لو للتمني قوله ع أكبر في الميلاد أي كنت أكبر سنا من  عقبة فكيف تكون ابنه أو أنت أكبر من أن تكون ابنه فإنه في وقت ميلادك لم يكن في سن الرجال و الحصيف المحكم العقل. قوله ع على أيديهما أي كانا هما الباعثان على ذلك حيث اختارا المقاتلة و كأنه كان يديه فصحف قوله فبأي الثلاثة الظاهر فبأي الخمسة و يمكن أن يقال على الثلاثة الأخيرة واحدا لتقاربها أو الأولين واحدا و كذا الآخرين أو يقال أنه ع بعد ذكر الثلاثة ذكر أمرين آخرين. قوله ع فما زالت الطائف دارك أي كنت دائما في الطائف تتبع الزواني عند تلك الحروب و الغزوات حتى جئت منه أمس و المراد بالأمس الزمان القريب مجازا قوله فهو ادعاؤك إلى معاوية يحتمل أن يكون إلى بمعنى مع أي لا يدعي هذا إلا أنت و معاوية و يحتمل أن يكون على التضمين أي داعيا أو منتميا إلى معاوية و لا يبعد أن يكون أصله دعاؤك فزيدت الهمزة من النساخ و الزعل بالتحريك النشاط

2-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن عمرو بن العاص قال لمعاوية إن الحسن بن علي رجل عيي و إنه إذا صعد المنبر و رمقوه بأبصارهم خجل و انقطع لو أذنت له فقال معاوية يا أبا محمد لو صعدت المنبر و وعظتنا فقام فحمد الله و أثنى عليه ثم قال من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا الحسن بن علي و ابن سيدة النساء فاطمة بنت رسول الله ص أنا ابن رسول الله أنا ابن نبي الله أنا ابن السراج المنير  أنا ابن البشير النذير أنا ابن من بعث رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ أنا ابن من بعث إلى الجن و الإنس أنا ابن خير خلق الله بعد رسول الله أنا ابن صاحب الفضائل أنا ابن صاحب المعجزات و الدلائل أنا ابن أمير المؤمنين أنا المدفوع عن حقي أنا واحد سيدي شباب أهل الجنة أنا ابن الركن و المقام أنا ابن مكة و منى أنا ابن المشعر و عرفات فاغتاظ معاوية و قال خذ في نعت الرطب و دع ذا فقال الريح تنفخه و الحر ينضجه و برد الليل يطيبه ثم عاد فقال أنا ابن الشفيع المطاع أنا ابن من قاتل معه الملائكة أنا ابن من خضعت له قريش أنا ابن إمام الخلق و ابن محمد رسول الله ص فخشي معاوية أن يفتتن به للناس فقال يا أبا محمد انزل فقد كفى ما جرى فنزل فقال له معاوية ظننت أن ستكون خليفة و ما أنت و ذاك فقال الحسن ع إنما الخليفة من سار بكتاب الله و سنة رسول الله ليس الخليفة من سار بالجور و عطل السنة و اتخذ الدنيا أبا و أما ملك ملكا متع به قليلا ثم تنقطع لذته و تبقى تبعته و حضر المحفل رجل من بني أمية و كان شابا فأغلظ للحسن كلامه و تجاوز الحد في السب و الشتم له و لأبيه فقال الحسن ع اللهم غير ما به من النعمة و اجعله أنثى ليعتبر به فنظر الأموي في نفسه و قد صار امرأة قد بدل الله له فرجه بفرج النساء و سقطت لحيته فقال الحسن ع اعزبي ما لك و محفل الرجال فإنك امرأة ثم إن الحسن ع سكت ساعة ثم نفض ثوبه و نهض ليخرج فقال ابن العاص اجلس فإني أسألك مسائل قال ع سل عما بدا لك قال عمرو أخبرني عن الكرم و النجدة و المروءة فقال ع أما الكرم فالتبرع بالمعروف و الإعطاء قبل السؤال و أما النجدة فالذب عن المحارم و الصبر في المواطن  عند المكاره و أما المروءة فحفظ الرجل دينه و إحرازه نفسه من الدنس و قيامه بأداء الحقوق و إفشاء السلام فخرج فعذل معاوية عمرا فقال أفسدت أهل الشام فقال عمرو إليك عني إن أهل الشام لم يحبوك محبة إيمان و دين إنما أحبوك للدنيا ينالونها منك و السيف و المال بيدك فما يغني عن الحسن كلامه ثم شاع أمر الشاب الأموي و أتت زوجته إلى الحسن ع فجعلت تبكي و تتضرع فرق له و دعا فجعله الله كما كان

3-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ إسماعيل بن أبان بإسناده عن الحسن بن علي ع أنه مر في مسجد رسول الله بحلقة فيها قوم من بني أمية فتغامزوا به و ذلك عند ما تغلب معاوية على ظاهر أمره فرآهم و تغامزهم به فصلى ركعتين ثم قال قد رأيت تغامزكم أما و الله لا تملكون يوما إلا ملكنا يومين و لا شهرا إلا ملكنا شهرين و لا سنة إلا ملكنا سنتين و إنا لنأكل في سلطانكم و نشرب و نلبس و ننكح و نركب و أنتم لا تأكلون في سلطاننا و لا تشربون و لا تنكحون فقال له رجل فكيف يكون ذلك يا أبا محمد و أنتم أجود الناس و أرأفهم و أرحمهم تأمنون في سلطان القوم و لا يأمنون في سلطانكم فقال لأنهم عادونا بكيد الشيطان و كيد الشيطان ضعيف و عاديناهم بكيد الله و كيد الله شديد

4-  ج، ]الإحتجاج[ روى الشعبي أن معاوية قدم المدينة فقام خطيبا فنال من علي بن أبي طالب ع فقام الحسن بن علي ع فخطب فحمد الله و أثنى عليه ثم قال له إنه لم يبعث نبي إلا جعل له وصي من أهل بيته و لم يكن نبي إلا و له عدو من المجرمين و إن عليا ع كان وصي رسول الله ص من بعده و أنا ابن علي و أنت ابن صخر و جدك حرب و جدي رسول الله ص و أمك هند و أمي فاطمة و جدتي خديجة و جدتك نثيلة فلعن الله ألأمنا حسبا و أقدمنا كفرا  و أخملنا ذكرا و أشدنا نفاقا فقال عامة أهل المسجد آمين فنزل معاوية فقطع خطبته

5-  ج، ]الإحتجاج[ روي أنه لما قدم معاوية الكوفة قيل له إن الحسن بن علي ع مرتفع في أنفس الناس فلو أمرته أن يقوم دون مقامك على المنبر فتدركه الحداثة و العي فيسقط من أنفس الناس فأبى عليهم و أبوا عليه إلا أن يأمره بذلك فأمره فقام دون مقامه في المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أما بعد فإنكم لو طلبتم ما بين كذا و كذا لتجدوا رجلا جده نبي لم تجدوه غيري و غير أخي و إنا أعطينا صفقتنا هذا الطاغية و أشار بيده إلى أعلى المنبر إلى معاوية و هو في مقام رسول الله ص من المنبر و رأينا حقن دماء المسلمين أفضل من إهراقها وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ و أشار بيده إلى معاوية فقال له معاوية ما أردت بقولك هذا فقال أردت به ما أراد الله عز و جل فقام معاوية فخطب خطبة عيية فاحشة فثلب فيها أمير المؤمنين ع فقام الحسن بن علي ع فقال و هو على المنبر يا ابن آكلة الأكباد أ و أنت تسب أمير المؤمنين و قد قال رسول الله ص من سب عليا فقد سبني و من سبني فقد سب الله و من سب الله أدخله الله نار جهنم خالدا فيها مخلدا و له عذاب مقيم ثم انحدر الحسن ع عن المنبر فدخل داره و لم يصل هناك بعد ذلك

 بيان قوله عيية بتشديد الياء الثانية على فعيل من العي خلاف البيان يقال عي في منطقه فهو عيي و يحتمل أن عتية بالتاء المثناة الفوقانية من العتو و الفساد أو بالغين المعجمة و الباء الموحد من الغباوة خلاف الفطنة و على التقادير توصيف الخطبة بها مجاز و يقال ثلبه ثلبا إذا صرح بالعيب و تنقصه

6-  لي، ]الأمالي للصدوق[ القطان عن السكري عن الجوهري عن عبد الله بن الضحاك عن هشام بن محمد عن أبيه قال هشام و أخبرني ببعضه أبو مخنف لوط بن يحيى  و غير واحد من العلماء في كلام كان بين الحسن بن علي ع و بين الوليد بن عقبة فقال له الحسن ع لا ألومك أن تسب عليا و قد جلدك في الخمر ثمانين سوطا و قتل أباك صبرا بأمر رسول الله ص في يوم بدر و قد سماه الله عز و جل في غير آية مؤمنا و سماك فاسقا و قد قال الشاعر فيك و في علي ع

أنزل الله في الكتاب علينا في علي و في الوليد قرآنافتبوأ الوليد منزل كفر و علي تبوأ الإيماناليس من كان مؤمنا يعبد الله كمن كان فاسقا خواناسوف يدعى الوليد بعد قليل و علي إلى الجزاء عيانافعلي يجزى هناك جنانا و هناك الوليد يجزى هوانا

7-  أقول قال ابن أبي الحديد قال أبو الحسن المدائني طلب زياد رجلا من أصحاب الحسن ممن كان في كتاب الأمان فكتب إليه الحسن من الحسن بن علي إلى زياد أما بعد فقد علمت ما كنا أخذنا من الأمان لأصحابنا و قد ذكر لي فلان إنك تعرضت له فأحب أن لا تتعرض له إلا بخير و السلام فلما أتاه الكتاب و ذلك بعد أن ادعاه معاوية غضب حيث لم ينسبه إلى أبي سفيان فكتب إليه من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن أما بعد فإنه أتاني كتابك في فاسق يؤويه الفساق من شيعتك و شيعة أبيك و ايم الله لأطلبنه بين جلدك و لحمك و إن أحب الناس إلي لحما أنا آكله للحم أنت منه و السلام فلما قرأ الحسن الكتاب بعث به إلى معاوية فلما قرأه غضب و كتب من معاوية بن أبي سفيان إلى زياد أما بعد فإن لك رأيين رأيا من أبي سفيان و رأيا من سمية فأما رأيك من أبي سفيان فحلم و حزم و أما رأيك من سمية فما يكون من مثلها إن الحسن بن علي كتب إلي أنك عرضت لصاحبه فلا تعرض له فإني  لم أجعل لك عليه سبيلا

8-  ج، ]الإحتجاج[ مفاخرة الحسن بن علي ع على معاوية و مروان بن الحكم و المغيرة بن شعبة و الوليد بن عقبة و عتبة بن أبي سفيان لعنهم الله أجمعين قيل وفد الحسن بن علي ع على معاوية فحضر مجلسه و إذا عنده هؤلاء القوم ففخر كل رجل منهم على بني هاشم فوضعوا منهم و ذكروا أشياء ساءت الحسن ع و بلغت منه فقال الحسن بن علي ع أنا شعبة من خير الشعب آبائي أكرم العرب لنا الفخر و النسب و السماحة عند الحسب من خير شجرة أنبتت فروعا نامية و أثمارا زاكية و أبدانا قائمة فيها أصل الإسلام و علم النبوة فعلونا حين شمخ بنا الفخر و استطلنا حين امتنع منا العز بحور زاخرة لا تنزف و جبال شامخة لا تقهر فقال مروان مدحت نفسك و شمخت بأنفك هيهات يا حسن نحن و الله الملوك السادة و الأعزة القادة لا ننحجز فليس لك مثل عزنا و لا فخر كفخرنا ثم أنشأ يقول

شفينا أنفسا طابت وقورا فنالت عزها فيمن يليناو أبنا بالغنيمة حيث أبنا و أبنا بالملوك مقرنينا

ثم تكلم المغيرة بن شعبة فقال نصحت لأبيك فلم يقبل النصح لو لا كراهية قطع القرابة لكنت في جملة أهل الشام فكان يعلم أبوك أني أصدر الوراد عن مناهلها بزعارة قيس و حلم ثقيف و تجار بها للأمور على القبائل فتكلم الحسن ع فقال يا مروان أ جبنا و خورا و ضعفا و عجزا أ تزعم أني مدحت نفسي و أنا ابن رسول الله ص و شمخت بأنفي و أنا سيد شباب أهل الجنة  و إنما يبذخ و يتكبر ويلك من يريد رفع نفسه و يتبجح من يريد الاستطالة فأما نحن فأهل بيت الرحمة و معدن الكرامة و موضع الخيرة و كنز الإيمان و رمح الإسلام و سيف الدين أ لا تصمت ثكلتك أمك قبل أن أرميك بالهوائل و أسمك بميسم تستغني به عن اسمك فأما إيابك بالنهاب و الملوك أ في اليوم الذي وليت فيه مهزوما و انحجزت مذعورا فكانت غنيمتك هزيمتك و غدرك بطلحة حين غدرت به فقتلته قبحا لك ما أغلظ جلدة وجهك فنكس مروان رأسه و بقي المغيرة مبهوتا فالتفت إليه الحسن ع فقال يا أعور ثقيف ما أنت من قريش فأفاخرك أ جهلتني يا ويحك و أنا ابن خيرة الإماء و سيدة النساء غذانا رسول الله ص بعلم الله تبارك و تعالى فعلمنا تأويل القرآن و مشكلات الأحكام لنا العزة الغلباء و الكلمة العلياء و الفخر و السناء و أنت من قوم لم يثبت لهم في الجاهلية نسب و لا لهم في الإسلام نصيب عبد آبق ما له و الافتخار عند مصادمة الليوث و مجاحشة الأقران نحن السادة و نحن المذاويد القادة نحمي الذمار و ننفي عن ساحتنا العار و أنا ابن نجيبات الأبكار ثم أشرت زعمت بخير وصي خير الأنبياء كان هو بعجزك أبصر و بخورك أعلم و كنت للرد عليك منه أهلا لو غرك في صدرك و بدو الغدر في عينك هيهات لم يكن ليتخذ الْمُضِلِّينَ عَضُداً و زعمت لو أنك كنت بصفين بزعارة قيس و حلم ثقيف  في ما ذا ثكلتك أمك أ بعجز عند المقامات و فرارك عند المجاحشات أما و الله لو التفت عليك من أمير المؤمنين الأشاجع لعلمت أنه لا يمنعه منك الموانع و لقامت عليك المرنات الهوالع و أما زعارة قيس فما أنت و قيسا إنما أنت عبد آبق فتسمى ثقيفا فاحتل لنفسك من غيرها فلست من رجالها أنت بمعالجة الشرك و موالج الزرائب أعرف منك بالحروب فأي الحلم عند العبيد القيون ثم تمنيت لقاء أمير المؤمنين ع فذلك من قد عرفت أسد باسل و سم قاتل لا تقاومه الأبالسة عند الطعن و المخالسة فكيف ترومه الضبعان و تناوله الجعلان بمشيتها القهقرى و أما وصلتك فمنكولة و قرابتك فمجهولة و ما رحمك منه إلا كبنات الماء من خشفان الظبا بل أنت أبعد منه نسبا فوثب المغيرة و الحسن ع يقول عذرنا من بني أمية أن تجاورنا بعد مناطقة القيون و مفاخرة العبيد فقال معاوية ارجع يا مغيرة هؤلاء بنو عبد مناف لا تقاومهم الصناديد و لا تفاخرهم المذاويد ثم أقسم على الحسن ع بالسكوت فسكت

 إيضاح قال الجوهري زخر الوادي إذا امتد جدا و ارتفع يقال بحر زاخر و قال نزفت ماء البئر نزفا أي نزحته كله يتعدى و لا يتعدى و قال  الجبال الشوامخ هي الشواهق و شمخ الرجل بأنفه تكبر انتهى. و الانحجاز الامتناع و الإصدار الإرجاع و المنهل عين ماء ترده الإبل في المراعي قوله ع أ جبنا أي أ تزعم أني أقول هذا جبنا و الخور بالتحريك الضعف و البذخ الكبر و قد بذخ بالكسر و تبذخ أي تكبر و علا و البجح بتقديم الجيم على الحاء الفرح و بجحته أنا تبجيحا فتبجح أي أفرحته ففرح و الهوائل المفزعات و الإياب الرجوع و النهب الغنيمة و الجمع النهاب بالكسر إشارة إلى قوله و أبنا بالغنيمة. و المجاحشة المدافعة و الذائد الحامي الدافع و المذواد مبالغة فيه و قال الجوهري فلان حامي الذمار أي إذا ذمر و غضب حمي و فلان أمنع ذمارا من فلان و يقال الذمار ما وراء الرجل مما يحق عليه أن يحميه لأنهم قالوا حامي الذمار كما قالوا حامي الحقيقة انتهى. و الوغر بالفتح و بالتحريك الضغن و الحقد و بدو الغدر ظهوره و الأشاجع أصول الأصابع التي تتصل بعصب ظاهر الكف و التفاف الأشاجع كناية عن التمكن و الاقتدار منه و المرنات البواكي الصائحات عند المصيبة و الهلع أفحش الجزع و الزرائب جمع الزريبة و هي الطنفسة و حظيرة الغنم و كلاهما مناسبان و في بعض النسخ الزرانب و هو جمع الزرنب فرج المرأة. و القيون جمع القين بمعنى العبد أو الحداد و الصانع و أكثر ما يجمع بالمعنى الأول على قيان لكنه أنسب بالمقام و البسالة الشجاعة و قد بسل فهو باسل أي بطل و بنات الماء الحيوانات المتولدة فيه أو طيوره و قال المطرزي و بنات الماء من الطير استعارة قوله ع عذرنا على بناء المفعول أي صرنا معذورين إن آذيناهم و كافيناهم بعد المجاورة لما فعلوا بنا من مناطقة القيون قال الجزري فيه من يعذرني من رجل قد بلغني عنه كذا و كذا أي من يقوم بعذري إن كافأته على سوء صنيعه فلا يلومني و يحتمل أن يكون تحاورنا بالحاء المهملة من المحاورة أي إن تكلمنا مع بني أمية مع عدم قابليتهم لذلك فنحن معذورون بعد

   محاورة القيون

9-  ج، ]الإحتجاج[ روى سليم بن قيس قال سمعت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ع قال قال لي معاوية ما أشد تعظيمك للحسن و الحسين ما هما بخير منك و لا أبوهما بخير من أبيك لو لا أن فاطمة بنت رسول الله ص لقلت ما أمك أسماء بنت عميس بدونها قال فغضبت من مقالته و أخذني ما لا أملك فقلت إنك لقليل المعرفة بهما و بأبيهما و أمهما بلى و الله هما خير مني و أبوهما خير من أبي و أمهما خير من أمي و لقد سمعت رسول الله ص يقول فيهما و في أبيهما و أنا غلام فحفظته منه و وعيته فقال معاوية و ليس في المجلس غير الحسن و الحسين ع و ابن جعفر رحمه الله و ابن عباس و أخيه الفضل هات ما سمعت فو الله ما أنت بكذاب فقال إنه أعظم مما في نفسك قال و إن كان أعظم من أحد و حرى فإنه ما لم يكن أحد من أهل الشام لا أبالي أما إذا قتل الله طاغيتكم و فرق جمعكم و صار الأمر في أهله و معدنه فلا نبالي ما قلتم و لا يضرنا ما ادعيتم قال سمعت رسول الله ص يقول أنا أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ من كنت أولى به من نفسه فأنت يا أخي أولى به من نفسه و علي بين يديه ع في البيت و الحسن و الحسين و عمر ابن أم سلمة و أسامة بن زيد و في البيت فاطمة ع و أم أيمن و أبو ذر و المقداد و الزبير بن العوام و ضرب رسول الله ص على عضده و أعاد ما قال فيه ثلاثا ثم نص بالإمامة على الأئمة تمام الاثني عشر ع ثم قال صلوات الله عليه و لأمتي اثنا عشر إمام ضلالة كلهم ضال مضل عشرة من بني أمية و رجلان من قريش وزر جميع الاثني عشر و ما أضلوا في أعناقهما ثم سماهما رسول الله ص و سمى العشرة معهما قال فسمهم لنا قال فلان و فلان و فلان و صاحب السلسلة و ابنه من آل  أبي سفيان و سبعة من ولد الحكم بن أبي العاص أولهم مروان قال معاوية لئن كان ما قلت حقا لقد هلكت و هلكت الثلاثة قبلي و جميع من تولاهم من هذه الأمة و لقد هلك أصحاب رسول الله ص من المهاجرين و الأنصار و التابعين غيركم أهل البيت و شيعتكم قال ابن جعفر فإن الذي قلت و الله حق سمعته من رسول الله ص قال معاوية للحسن و الحسين و ابن عباس ما يقول ابن جعفر قال ابن عباس و معاوية بالمدينة أول سنة اجتمع عليه الناس بعد قتل علي ع أرسل إلى الذين سمى فأرسل إلى عمر ابن أم سلمة و أسامة فشهدوا جميعا أن الذي قال ابن جعفر حق قد سمعوا من رسول الله ص كما سمعه ثم أقبل معاوية إلى الحسن و الحسين و ابن عباس و الفضل و ابن أم سلمة و أسامة فقال كلكم على ما قال ابن جعفر قالوا نعم قال معاوية فإنكم يا بني عبد المطلب لتدعون أمرا عظيما و تحتجون بحجة قوية فإن كانت حقا فإنكم لتصبرون على أمر و تسترونه و الناس في غفلة و عمى و لئن كان ما تقولون حقا لقد هلكت الأمة و رجعت عن دينها و كفرت بربها و جحدت نبيها إلا أنتم أهل البيت و من قال بقولكم فأولئك قليل في الناس فأقبل ابن عباس على معاوية فقال قال الله وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ و قال وَ قَلِيلٌ ما هُمْ و ما تعجب مني يا معاوية أعجب من بني إسرائيل أن السحرة قالوا لفرعون فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ فآمنوا بموسى و صدقوه ثم سار بهم و من اتبعهم من بني إسرائيل فأقطعهم البحر و أراهم العجائب و هم مصدقون بموسى و بالتوراة يقرون له بدينه ثم مروا بأصنام تعبد فقالوا اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ و عكفوا على العجل جميعا غير هارون

  فقالوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى و قال لهم موسى بعد ذلك ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فكان من جوابهم ما قص الله عز و جل عليهم فقال موسى ع رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَ أَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ فما اتباع هذه الأمة رجالا سودوهم و أطاعوهم لهم سوابق مع رسول الله و منازل قريبة منه و أصهار مقرين بدين محمد و بالقرآن حملهم الكبر و الحسد أن خالفوا إمامهم و وليهم بأعجب من قوم صاغوا من حليهم عجلا ثم عكفوا عليه يعبدونه و يسجدون له و يزعمون أنه رب العالمين و اجتمعوا على ذلك كلهم غير هارون وحده و قد بقي مع صاحبنا الذي هو من نبينا بمنزلة هارون من موسى من أهل بيته ناس سلمان و أبو ذر و المقداد و الزبير ثم رجع الزبير و ثبت هؤلاء الثلاثة مع إمامهم حتى لقوا الله و تتعجب يا معاوية أن سمى الله من الأئمة واحدا بعد واحد قد نص عليهم رسول الله ص بغدير خم و في غير موطن و احتج بهم عليهم و أمرهم بطاعتهم و أخبر أن أولهم علي بن أبي طالب ع ولي كل مؤمن و مؤمنة من بعده و أنه خليفته فيهم و وصيه و قد بعث رسول الله ص جيشا يوم موتة فقال عليكم جعفر فإن هلك فزيد فإن هلك فعبد الله بن رواحة فقتلوا جميعا أ فتراه يترك الأمة و لم يبين لهم من الخليفة بعده ليختاروا هم لأنفسهم الخليفة كان رأيهم لأنفسهم أهدى لهم و أرشد من رأيه و اختياره و ما ركب القوم ما ركبوا إلا بعد ما بينه و ما تركهم رسول الله ص في عمى و لا شبهة فأما ما قال الرهط الأربعة الذين تظاهروا على علي ع و كذبوا على رسول الله ص و زعموا أنه قال إن الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوة و الخلافة فقد شبهوا على الناس بشهادتهم و كذبهم و مكرهم قال معاوية ما تقول يا حسن قال يا معاوية قد سمعت ما قلت و ما قال ابن عباس العجب منك يا معاوية و من قلة حيائك و من جرأتك على الله حين قلت قد قتل الله طاغيتكم و رد الأمر إلى معدنه فأنت يا معاوية معدن الخلافة دوننا ويل لك يا معاوية و للثلاثة قبلك الذين أجلسوك هذا المجلس و سنوا لك هذه السنة لأقولن كلاما ما أنت أهله و لكني أقول لتسمعه بنو أبي هؤلاء حولي إن الناس قد اجتمعوا على أمور كثيرة ليس بينهم اختلاف فيها و لا تنازع و لا فرقة على شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و عبده و الصلوات الخمس و الزكاة المفروضة و صوم شهر رمضان و حج البيت ثم أشياء كثيرة من طاعة الله التي لا تحصى و لا يعدها إلا الله و اجتمعوا على تحريم الزنا و السرقة و الكذب و القطيعة و الخيانة و أشياء كثيرة من معاصي الله لا تحصى و لا يعدها إلا الله و اختلفوا في سنن اقتتلوا فيها و صاروا فرقا يلعن بعضهم بعضا و هي الولاية و يبرأ بعضهم من بعض و يقتل بعضهم بعضا أيهم أحق و أولى بها إلا فرقة تتبع كتاب الله و سنة نبيه ص فمن أخذ بما عليه أهل القبلة الذي ليس فيه اختلاف و رد علم ما اختلفوا فيه إلى الله سلم و نجا به من النار و دخل الجنة و من وفقه الله و من عليه و احتج عليه بأن نور قلبه بمعرفة ولاة الأمر من أئمتهم و معدن العلم أين هو فهو عند الله سعيد و لله ولي و قد قال رسول الله ص رحم الله امرأ علم حقا فقال فغنم أو سكت فسلم نحن نقول أهل البيت إن الأئمة منا و إن الخلافة لا تصلح إلا فينا و إن الله جعلنا أهلها في كتابه و سنة نبيه ص و إن العلم فينا و نحن أهله و هو عندنا مجموع كله بحذافيره و إنه لا يحدث شي‏ء إلى يوم القيامة حتى أرش الخدش إلا و هو عندنا مكتوب بإملاء رسول الله ص و خط علي ع بيده و زعم قوم أنهم أولى بذلك منا حتى أنت يا ابن هند تدعي ذلك و تزعم

 أن عمر أرسل إلى أبي أني أريد أن أكتب القرآن في مصحف فابعث إلي بما كتبت من القرآن فأتاه فقال تضرب و الله عنقي قبل أن يصل إليك قال و لم قال لأن الله تعالى قال وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ قال إياي عنى و لم يعنك و لا أصحابك فغضب عمر ثم قال إن ابن أبي طالب يحسب أن أحدا ليس عنده علم غيره من كان يقرأ من القرآن شيئا فليأتني فإذا جاء رجل فقرأ شيئا معه فيه آخر كتبه و إلا لم يكتبه ثم قالوا قد ضاع منه قرآن كثير بل كذبوا و الله بل هو مجموع محفوظ عند أهله ثم أمر عمر قضاته و ولاته أجهدوا آراءكم و اقضوا بما ترون أنه الحق فلا يزال هو و بعض ولاته قد وقعوا في عظيمة فيخرجهم منها أبي ليحتج عليهم بها فتجتمع القضاة عند خليفتهم و قد حكموا في شي‏ء واحد بقضايا مختلفة فأجازها لهم لأن الله لم يؤته الحكمة و فصل الخطاب و زعم كل صنف من مخالفينا من أهل هذه القبلة أن معدن الخلافة و العلم دوننا فنستعين بالله على من ظلمنا و جحدنا حقنا و ركب رقابنا و سن للناس علينا ما يحتج به مثلك و حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ إنما الناس ثلاثة مؤمن يعرف حقنا و يسلم لنا و يأتم بنا فذلك ناج محب لله و لي و ناصب لنا العداوة يتبرأ منا و يلعننا و يستحل دماءنا و يجحد حقنا و يدين الله بالبراءة منا فهذا كافر مشرك فاسق و إنما كفر و أشرك من حيث لا يعلم كما سبوا الله عدوا بغير علم كذلك يشرك بالله بغير علم و رجل آخذ بما لا يختلف فيه و رد علم ما أشكل عليه إلى الله مع ولايتنا و لا يأتم بنا و لا يعادينا و لا يعرف حقنا فنحن نرجو أن يغفر الله له و يدخله الجنة فهذا مسلم ضعيف فلما سمع ذلك معاوية أمر لكل واحد منهم بمائة ألف درهم غير الحسن و الحسين و ابن جعفر فإنه أمر لكل واحد منهم بألف ألف درهم

 أقول وجدته في كتاب سليم برواية ابن أبي عياش عنه بتغيير ما و قد أوردته في كتاب الفتن و قد مر بعض الخبر بأسانيد في باب نص النبي ص على الاثني عشر صلوات الله عليهم.

 و قال ابن أبي الحديد روى المدائني قال لقي عمرو بن العاص الحسن في الطواف فقال له يا حسن زعمت أن الدين لا يقوم إلا بك و بأبيك فقد رأيت الله أقام معاوية فجعله راسيا بعد ميله و بينا بعد خفائه أ فيرضى الله بقتل عثمان أو من الحق أن تطوف بالبيت كما يدور الجمل بالطحين عليك ثياب كغرقئ البيض و أنت قاتل عثمان و الله إنه لألم للشعث و أسهل للوعث أن يوردك معاوية حياض أبيك فقال الحسن ع إن لأهل النار علامات يعرفون بها إلحاد لأولياء الله و موالاة لأعداء الله و الله إنك لتعلم أن عليا لم يرتب في الدين و لم يشك في الله ساعة و لا طرفة عين قط و و الله لتنتهين يا ابن أم عمرو أو لأنفذن حضنيك بنوافذ أشد من الأقضبة فإياك و الهجم علي فإني من قد عرفت ليس بضعيف الغمزة و لا هش المشاشة و لا مري‏ء المأكلة و إني من قريش كواسطة القلادة يعرف حسبي و لا أدعى لغير أبي و أنت من تعلم و يعلم الناس تحاكمت فيك رجال قريش فغلب عليك جزارها ألأمهم حسبا و أعظمهم لؤما فإياك عني فإنك رجس و نحن أهل بيت الطهارة أذهب الله عنا الرجس و طهرنا تطهيرا فأفحم عمرو و انصرف كئيبا

10-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ تفاخرت قريش و الحسن بن علي ع حاضر لا ينطق فقال معاوية يا أبا محمد ما لك لا تنطق فو الله ما أنت بمشوب الحسب و لا بكليل اللسان قال الحسن ع ما ذكروا فضيلة إلا و لي محضها و لبابها ثم قال

فيم الكلام و قد سبقت مبرزا سبق الجواد من المدى المتنفس

 بيان المتنفس البعيد من قولهم أنت من في نفس من أمرك أي سعة

11-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ أخبار أبي حاتم أن معاوية فخر يوما فقال أنا ابن بطحاء و مكة أنا ابن أغزرها جودا و أكرمها جدودا أنا ابن من ساد قريشا فضلا ناشئا و كهلا فقال الحسن بن علي ع أ علي تفتخر يا معاوية أنا ابن عروق الثرى أنا ابن مأوى التقى أنا ابن من جاء بالهدى أنا ابن من ساد أهل الدنيا بالفضل السابق و الحسب الفائق أنا ابن من طاعته طاعة الله و معصيته معصية الله فهل لك أب كأبي تباهيني به و قديم كقديمي تساميني به قل نعم أو لا قال معاوية بل أقول لا و هي لك تصديق فقال الحسن 

الحق أبلج ما يحيل سبيله و الحق يعرفه ذوو الألباب

 كشف، ]كشف الغمة[ عن الشعبي مثله بيان رأيت في بعض الكتب أن عروق الثرى إبراهيم ع لكثرة ولده في البادية و لعله ع عرض بكون معاوية ولد زنا ليس من ولد إبراهيم قوله ما يحيل سبيله أي ما يتغير قال الفيروزآبادي حال يحيل حيولا تغير و في كشف الغمة تخيل بالخاء المعجمة على صيغة الخطاب و نصب السبيل أي لا يمكنك أن توقع في الخيال غيره

12-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ و قال معاوية للحسن بن علي ع أنا أخير منك يا حسن قال و كيف ذاك يا ابن هند قال لأن الناس قد أجمعوا علي و لم يجمعوا عليك قال هيهات هيهات لشر ما علوت يا ابن آكلة الأكباد المجتمعون عليك رجلان بين مطيع و مكره فالطائع لك عاص لله و المكره معذور بكتاب الله و حاش لله أن أقول أنا خير منك فلا خير فيك و لكن الله برأني من الرذائل كما برأك من الفضائل

 كتاب الشيرازي روى سفيان الثوري عن واصل عن الحسن عن ابن عباس في قوله وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ أنه جلس الحسن بن علي و يزيد بن معاوية بن أبي سفيان يأكلان الرطب فقال يزيد يا حسن إني مذ كنت أبغضك قال الحسن اعلم يا يزيد أن إبليس شارك أباك في جماعة فاختلط الماءان فأورثك ذلك عداوتي لأن الله تعالى يقول وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ و شارك الشيطان حربا عند جماعة فولد له صخر فلذلك كان يبغض جدي رسول الله ص و هرب سعيد بن سرح من زياد إلى الحسن بن علي ع فكتب الحسن إليه يشفع فيه فكتب زياد من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن بن فاطمة أما بعد فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي و أنت طالب حاجة و أنا سلطان و أنت سوقة و ذكر نحوا من ذلك فلما قرأ الحسن الكتاب تبسم و أنفذ بالكتاب إلى معاوية فكتب معاوية إلى زياد يؤنبه و يأمره أن يخلي عن أخي سعيد و ولده و امرأته و رد ماله و بناء ما قد هدمه من داره ثم قال و أما كتابك إلى الحسن باسمه و اسم أمه لا تنسبه إلى أبيه و أمه بنت رسول الله و ذلك أفخر له إن كنت تعقل و ذكروا أن الحسن بن علي ع دخل على معاوية يوما فجلس عند رجله و هو مضطجع فقال له يا أبا محمد أ لا أعجبك من عائشة تزعم أني لست للخلافة أهلا فقال الحسن ع و أعجب من هذا جلوسي عند رجلك و أنت نائم فاستحيا معاوية و استوى قاعدا و استعذره

 كشف، ]كشف الغمة[ مثله ثم قال قلت و الحسن ع لم يعجب من قول عائشة إن معاوية لا يصلح للخلافة فإن ذلك عنده ضروري لكنه قال و أعجب من توليك الخلافة قعودي

 بيان يحتمل أن يكون التعجب من صدور هذا القول منها و إن كان حقا لكونها مقرة بخلافة أبيها مع اشتراكهما في عدم الاستحقاق و داعية لمعاوية إلى مقاتلة أمير المؤمنين ع

13-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ و في العقد أن مروان بن الحكم قال للحسن بن علي ع بين يدي معاوية أسرع الشيب إلى شاربك يا حسن و يقال إن ذلك من الخرق فقال ع ليس كما بلغك و لكنا معشر بني هاشم طيبة أفواهنا عذبة شفاهنا فنساؤنا يقبلن علينا بأنفاسهن و أنتم معشر بني أمية فيكم بخر شديد فنساؤكم يصرفن أفواههن و أنفاسهن إلى أصداغكم فإنما يشيب منكم موضع العذار من أجل ذلك قال مروان أما إن فيكم يا بني هاشم خصلة سوء قال و ما هي قال الغلمة قال أجل نزعت من نسائنا و وضعت في رجالنا و نزعت الغلمة من رجالكم و وضعت في نسائكم فما قام لأموية إلا هاشمي ثم خرج يقول و مارست هذا الدهر خمسين حجة و خمسا أرجي قابلا بعد قابل فما أنا في الدنيا بلغت جسيمها و لا في الذي أهوى كدحت بطائل فقد أشرعتني في المنايا أكفها و أيقنت أني رهن موت معاجل

14-  كشف، ]كشف الغمة[ قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ و قال الحسن بن علي ع لحبيب بن مسلمة الفهري رب مسير لك في غير طاعة قال أما مسيري إلى أبيك فلا قال بلى و لكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة فلئن كان قام بك في دنياك لقد قعد بك في آخرتك فلو كنت إذا فعلت شرا قلت خيرا كنت كما قال الله عز و جل خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً و لكنك كما قال بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ

15-  د، ]العدد القوية[ كشف، ]كشف الغمة[ لما خرج حوثرة الأسدي على معاوية وجه معاوية إلى الحسن ع يسأله أن يكون هو المتولي لقتاله فقال و الله لقد كففت عنك لحقن دماء المسلمين و ما أحسب ذلك يسعني أن أقاتل عنك قوما أنت و الله أولى بقتالي منهم و قيل له ع فيك عظمة قال لا بل في عزة قال الله تعالى وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ و قال معاوية إذا لم يكن الهاشمي جوادا لم يشبه قومه و إذا لم يكن الزبيري شجاعا لم يشبه قومه و إذا لم يكن الأموي حليما لم يشبه قومه و إذا لم يكن المخزومي تياها لم يشبه قومه فبلغ ذلك الحسن ع فقال ما أحسن ما نظر لقومه أراد أن يجود بنو هاشم بأموالهم فيفتقروا و يزهى بنو مخزوم فتبغض و تشنأ و تحارب بنو الزبير فيتفانوا و تحلم بنو أمية فتحب

16-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن علي بن مالك النحوي عن محمد بن القاسم الأنباري عن أبيه عن عبد الصمد بن محمد الهاشمي عن الفضل بن سليمان النهدي عن ابن الكلبي عن شرقي القطامي عن أبيه قال خاصم عمرو بن عثمان بن عفان أسامة بن زيد إلى معاوية بن أبي سفيان مقدمه المدينة في حائط من حيطان المدينة فارتفع الكلام بينهما حتى تلاحيا فقال عمرو تلاحيني و أنت مولاي فقال أسامة و الله ما أنا بمولاك و لا يسرني أني في نسبك مولاي رسول الله ص فقال أ لا تسمعون ما يستقبلني به هذا العبد ثم التفت إليه عمرو فقال له يا ابن السوداء ما أطغاك فقال أنت أطغى مني و لم تعيرني بأمي و أمي و الله خير من أمك و هي أم أيمن مولاة رسول الله ص بشرها رسول الله في غير موطن بالجنة و أبي خير من أبيك زيد بن حارثة صاحب رسول الله ص و حبه و مولاه قتل شهيدا بموته على طاعة الله و طاعة رسول الله ص و أنا أمير على أبيك و على من هو خير من أبيك على أبي بكر و عمر و على أبي عبيدة و سروات المهاجرين و الأنصار فأنى تفاخرني يا ابن عثمان فقال عمرو يا قوم أ ما تسمعون ما يجيبني به هذا العبد فقام مروان بن الحكم فجلس إلى جنب عمرو بن عثمان فقام الحسن بن علي ع فجلس إلى جنب أسامة فقام سعيد بن العاص فجلس إلى جنب عمرو فقام عبد الله بن جعفر فجلس إلى جنب أسامة فلما رآهم معاوية قد صاروا فريقين من بني هاشم و بني أمية خشي أن يعظم البلاء فقال إن عندي من هذا الحائط لعلما قالوا فقل بعلمك فقد رضينا فقال معاوية أشهد أن رسول الله ص جعله لأسامة بن زيد قم يا أسامة فاقبض حائطك هنيئا مريئا فقام أسامة و الهاشميون فجزوا معاوية خيرا فأقبل عمرو بن عثمان على معاوية فقال لا جزاك الله عن الرحم خيرا ما زدت على أن كذبت قولنا و فسخت حجتنا و أشمت بنا عدونا فقال معاوية ويحك يا عمرو إني لما رأيت هؤلاء الفتية من بني هاشم قد اعتزلوا ذكرت أعينهم تدور إلي من تحت المغافر بصفين و كاد يختلط على عقلي و ما يؤمني يا ابن عثمان منهم و قد أحلوا بأبيك ما أحلوا و نازعوني مهجة نفسي حتى نجوت منهم بعد نبإ عظيم و خطب جسيم فانصرف فنحن مخلفون لك خيرا من حائطك إن شاء الله

 بيان التلاحي التخاصم و التنازع و الحب بالكسر المحبوب و السروات جمع سراة و هي جمع سري و السري الشريف و جمع السري على سراة عزيز. أقول

 قال ابن أبي الحديد روى أبو جعفر محمد بن حبيب في أماليه عن ابن عباس قال دخل الحسن بن علي ع على معاوية بعد عام الجماعة و هو جالس في مجلس ضيق فجلس عند رجليه فتحدث معاوية بما شاء أن يتحدث ثم قال عجبا لعائشة تزعم أني في غير ما أنا أهله و أن الذي أصبحت فيه ليس في الحق ما لها و لهذا يغفر الله لها إنما كان ينازعني في هذا الأمر أبو هذا الجالس و قد استأثر الله به فقال الحسن ع أ و عجب ذلك يا معاوية قال إي و الله قال أ فلا أخبرك بما هو أعجب من هذا قال ما هو قال جلوسك في صدر المجلس و أنا عند رجليك فضحك معاوية و قال يا ابن أخي بلغني أن عليك دينا قال إن علي دينا قال كم هو قال مائة ألف فقال قد أمرنا لك بثلاثمائة ألف مائة منها لدينك و مائة تقسمها في أهل بيتك و مائة لخاصة نفسك فقم مكرما فاقبض صلتك فلما خرج الحسن ع قال يزيد بن معاوية لأبيه تالله ما رأيت استقبلك بما استقبلك به ثم أمرت له بثلاثمائة ألف قال يا بني إن الحق حقهم فمن أتاك منهم فاحث له