باب 7- مناظراته ع مع أبي حنيفة و غيره من أهل زمانه و ما ذكره المخالفون من نوادر علومه ع

 أقول قد مضى أخبار كثيرة في باب البدع و المقاييس و أبواب الاحتجاجات

1-  ج، ]الإحتجاج[ عن الحسن بن محبوب عن سماعة قال قال أبو حنيفة لأبي عبد الله ع كم بين المشرق و المغرب قال مسيرة يوم بل أقل من ذلك فاستعظمه فقال يا عاجز لم تنكر هذا إن الشمس تطلع من المشرق و تغرب إلى المغرب في أقل من يوم تمام الخبر

2-  ج، ]الإحتجاج[ عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال كنت عند أبي عبد الله ع بمكة إذ دخل عليه أناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد و واصل بن عطا و حفص بن سالم و أناس من رؤسائهم و ذلك حين قتل الوليد و اختلف أهل الشام بينهم فتكلموا و أكثروا و خطبوا فأطالوا فقال لهم أبو عبد الله جعفر بن محمد ع إنكم قد أكثرتم علي و أطلتم فأسندوا أمركم إلى رجل منكم فليتكلم بحجتكم و ليوجز فأسندوا أمرهم إلى عمرو بن عبيد فأبلغ و أطال فكان فيما قال أن قال قتل أهل الشام خليفتهم و ضرب الله بعضهم ببعض و تشتت أمرهم فنظرنا فوجدنا رجلا له دين و عقل و مروة و معدن للخلافة و هو محمد بن عبد الله بن الحسن فأردنا أن نجتمع معه فنبايعه ثم نظهر أمرنا معه و ندعو الناس إليه فمن بايعه كنا معه و كان معنا و من اعتزلنا كففنا عنه و من نصب لنا جاهدناه و نصبنا له على بغيه و رده إلى الحق و أهله و قد أحببنا أن نعرض ذلك عليك فإنه لا غنى بنا عن مثلك لفضلك و كثرة شيعتك فلما فرغ قال أبو عبد الله ع أ كلكم على مثل ما قال عمرو قالوا نعم فحمد الله و أثنى عليه و صلى على النبي ص ثم قال إنما نسخط إذا عصى الله فإذا أطيع رضينا أخبرني يا عمرو لو أن الأمة قلدتك أمرها فملكته بغير قتال و لا مئونة فقيل لك ولها من شئت من كنت تولى قال كنت أجعلها شورى بين المسلمين قال بين كلهم قال نعم قال بين فقهائهم و خيارهم قال نعم قال قريش و غيرهم قال العرب و العجم قال أخبرني يا عمرو أ تتولى أبا بكر و عمر أو تتبرأ منهما قال أتولاهما قال يا عمرو إن كنت رجلا تتبرأ منهما فإنه يجوز لك الخلاف عليهما و إن كنت تتولاهما فقد خالفتهما قد عهد عمر إلى أبي بكر فبايعه و لم يشاور أحدا ثم ردها أبو بكر عليه و لم يشاور أحدا ثم جعلها عمر شورى بين ستة فأخرج منها الأنصار غير أولئك الستة من قريش ثم أوصى فيهم الناس بشي‏ء ما أراك ترضى به أنت و لا أصحابك قال و ما صنع قال أمر صهيبا أن يصلي بالناس ثلاثة أيام و أن يتشاوروا أولئك الستة ليس فيهم أحد سواهم إلا ابن عمر و يشاورونه و ليس له من الأمر شي‏ء و أوصى من بحضرته من المهاجرين و الأنصار إن مضت ثلاثة أيام قبل أن يفرغوا و يبايعوا أن يضرب أعناق الستة جميعا و إن اجتمع أربعة قبل أن تمضي ثلاثة أيام و خالف اثنان أن يضرب أعناق الاثنين أ فترضون بذا فيما تجعلون من الشورى في المسلمين قالوا لا قال يا عمرو دع ذا أ رأيت لو بايعت صاحبك هذا الذي تدعو إليه ثم اجتمعت لكم الأمة و لم يختلف عليكم فيها رجلان فأفضيتم إلى المشركين الذين لم يسلموا و لم يؤدوا الجزية أ كان عندكم و عند صاحبكم من العلم ما تسيرون فيهم بسيرة رسول الله ص في المشركين في حربه قالوا نعم قال فتصنعون ما ذا قالوا ندعوهم إلى الإسلام فإن أبوا دعوناهم إلى الجزية قال و إن كانوا مجوسا و أهل الكتاب قالوا و إن كانوا مجوسا و أهل الكتاب قال و إن كانوا أهل الأوثان و عبدة النيران و البهائم و ليسوا بأهل الكتاب قالوا سواء قال فأخبرني عن القرآن أ تقرؤه قال نعم قال اقرأ قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ

قال فاستثنى الله عز و جل و اشترط من الذين أوتوا الكتاب فهم و الذين لم يؤتوا الكتاب سواء قال نعم قال ع عمن أخذت هذا قال سمعت الناس يقولونه قال فدع ذا فإنهم إن أبوا الجزية فقاتلتهم و ظهرت عليهم كيف تصنع بالغنيمة قال أخرج الخمس و أخرج أربعة أخماس بين من قاتل عليها قال تقسمه بين جميع من قاتل عليها قال نعم قال قد خالفت رسول الله ص في فعله و في سيرته و بيني و بينك فقهاء أهل المدينة و مشيختهم فسلهم فإنهم لا يختلفون و لا يتنازعون في أن رسول الله ص إنما صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم و أن لا يهاجروا على أنه إن دهمه من عدوه دهم فيستفزهم فيقاتل بهم و ليس لهم من الغنيمة نصيب و أنت تقول بين جميعهم فقد خالفت رسول الله ص في سيرته في المشركين دع ذا ما تقول في الصدقة قال فقرأ عليه هذه الآية إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها إلى آخرها قال نعم فكيف تقسم بينهم قال أقسمها على ثمانية أجزاء فأعطى كل جزء من الثمانية جزءا قال ع إن كان صنف منهم عشرة آلاف و صنف رجلا واحدا و رجلين و ثلاثة جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف قال نعم قال و كذا تصنع بين صدقات أهل الحضر و أهل البوادي فتجعلهم فيها سواء قال نعم قال فخالفت رسول الله ص في كل ما به أتى في سيرته كان رسول الله يقسم صدقة البوادي في أهل البوادي و صدقة الحضر في أهل الحضر لا يقسمه بينهم بالسوية إنما يقسم على قدر ما يحضره منهم و على ما يرى فإن كان في نفسك شي‏ء ما قلت فإن فقهاء أهل المدينة و مشيختهم كلهم لا يختلفون في أن رسول الله ص كذا كان يصنع ثم أقبل على عمرو و قال اتق الله يا عمرو و أنتم أيها الرهط فاتقوا الله فإن أبي حدثني و كان خير أهل الأرض و أعلمهم بكتاب الله و سنة رسوله إن رسول الله قال من ضرب الناس بسيفه و دعاهم إلى نفسه و في المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلف

3-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن زرارة عن عبد الكريم مثله

4-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ دخل عمرو بن عبيد على الصادق ع و قرأ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ و قال أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله فقال نعم يا عمرو ثم فصله بأن الكبائر الشرك بالله إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ و اليأس وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ و عقوق الوالدين لأن العاق جبار شقي وَ بَرًّا بِوالِدَتِي وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا و قتل النفس وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً و قذف المحصنات و أكل مال اليتيم إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً و الفرار من الزحف وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ و أكل الربا الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا و السحر وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ و الزنا وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً و اليمين الغموس إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً و الغلول وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ و منع الزكاة يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ و شهادة الزور و كتمان الشهادة  وَ مَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ و شرب الخمر لقوله ع شارب الخمر كعابد وثن و ترك الصلاة لقوله من ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمة الله و ذمة رسوله و نقض العهد و قطيعة الرحم الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ و قول الزور وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ و الجرأة على الله أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ و كفران النعمة وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ و بخس الكيل و الوزن وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ و اللواط الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ و البدعة قوله ع من تبسم في وجه مبتدع فقد أعان على هدم دينه قال فخرج عمرو و له صراخ من بكائه و هو يقول هلك من سلب تراثكم و نازعكم في الفضل و العلم

 و ذكر أبو القاسم البغار في مسند أبي حنيفة قال الحسن بن زياد سمعت أبا حنيفة و قد سئل من أفقه من رأيته قال جعفر بن محمد لما أقدمه المنصور بعث إلي فقال يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من مسائلك الشداد فهيأت له أربعين مسألة ثم بعث إلي أبو جعفر و هو بالحيرة فأتيته فدخلت عليه و جعفر جالس عن يمينه فلما بصرت به دخلت من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر فسلمت عليه فأومأ إلي فجلست ثم التفت إليه فقال يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة قال نعم أعرفه ثم التفت إلي فقال يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد الله من مسائلك فجعلت ألقي عليه فيجيبني فيقول أنتم تقولون كذا و أهل المدينة يقولون كذا و نحن نقول كذا فربما تابعنا و ربما تابعهم و ربما خالفنا جميعا حتى أتيت على الأربعين مسألة فما أخل منها بشي‏ء ثم قال أبو حنيفة أ ليس أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس

 أبان بن تغلب في خبر أنه دخل يماني على الصادق ع فقال له مرحبا بك يا سعد فقال الرجل بهذا الاسم سمتني أمي و قل من يعرفني به فقال صدقت يا سعد المولى فقال جعلت فداك بهذا كنت ألقب فقال لا خير في اللقب إن الله يقول وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ ما صناعتك يا سعد قال أنا من أهل بيت ننظر في النجوم فقال كم ضوء الشمس على ضوء القمر درجة قال لا أدري قال فكم ضوء القمر على ضوء الزهرة درجة قال لا أدري قال فكم للمشتري من ضوء عطارد قال لا أدري قال فما اسم النجوم التي إذا طلعت هاجت البقر قال لا أدري فقال يا أخا أهل اليمن عندكم علماء قال نعم أن عالمهم ليزجر الطير و يقفو الأثر في الساعة الواحدة مسيرة سير الراكب المجد فقال ع إن عالم المدينة أعلم من عالم اليمن لأن عالم المدينة ينتهي إلى حيث لا يقفو الأثر و يزجر الطير و يعلم ما في اللحظة الواحدة مسيرة الشمس يقطع اثني عشر برجا و اثني عشر بحرا و اثني عشر عالما قال ما ظننت أن أحدا يعلم هذا و يدري سالم الضرير إن نصرانيا سأل الصادق ع عن تفصيل الجسم فقال ع إن الله تعالى خلق الإنسان على اثني عشر وصلا و على مائتين و ستة و أربعين عظما و على ثلاث مائة و ستين عرقا فالعروق هي التي تسقي الجسد كله و العظام تمسكها و اللحم يمسك العظام و العصب يمسك اللحم و جعل في يديه اثنين و ثمانين عظما في كل يد أحد و أربعون عظما منها في كفه خمسة و ثلاثون عظما و في ساعده اثنان و في عضده واحد و في كتفه ثلاثة فذلك أحد و أربعون عظما و كذلك في الأخرى و في رجله ثلاثة و أربعون عظما منها في قدمه خمسة و ثلاثون عظما و في ساقه اثنان و في ركبته ثلاثة و في فخذه واحد و في وركه اثنان و كذلك في الأخرى و في صلبه ثماني عشرة فقارة و في كل واحد من جنبيه تسعة أضلاع و في وقصته ثمانية و في رأسه ستة و ثلاثون عظما و في فيه ثمانية و عشرون و اثنان و ثلاثون

 بيان لعل المراد بالوقصة العنق قال الفيروزآبادي وقص عنقه كوعد كسرها و الوقص بالتحريك قصر العنق و يحتمل أن يكون و في قصه و هي عظام وسط الظهر قوله ع و في فيه ثمانية و عشرون أي في بدو الإنبات ثم تنبت في قريب من العشرين أربعة أخرى فلذا قال ع بعده و اثنان و ثلاثون. و يحتمل أن يكون باعتبار اختلافها في الأشخاص و يدل الخبر على أن السن ليس بعظم

5-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ قال بعض الخوارج لهشام بن الحكم العجم تتزوج في العرب قال نعم قال فالعرب تتزوج في قريش قال نعم قال فقريش تتزوج في بني هاشم قال نعم فجاء الخارجي إلى الصادق ع فقص عليه ثم قال أ سمعه منك فقال ع نعم قد قلت ذاك قال الخارجي فها أنا ذا قد جئتك خاطبا فقال له أبو عبد الله ع إنك لكفو في دينك و حسبك في قومك و لكن الله عز و جل صاننا عن الصدقات و هي أوساخ أيدي الناس فنكره أن نشرك فيما فضلنا الله به من لم يجعل الله له مثل ما جعل لنا فقام الخارجي و هو يقول بالله ما رأيت رجلا مثله ردني و الله أقبح رد و ما خرج من قول صاحبه

 و حدث أبو هفان و ابن ماسويه حاضر أن جعفر بن محمد ع قال الطبائع أربع الدم و هو عبد و ربما قتل العبد سيده و الريح و هو عدو إذا سددت له بابا أتاك من آخر و البلغم و هو ملك يداري و المرة و هي الأرض إذا رجفت رجفت بمن عليها فقال أعد علي فو الله ما يحسن جالينوس أن يصف هذا الوصف

  و في امتحان الفقهاء، رجل صانع قطع عضو صبي بأمر أبيه فإن مات فعليه نصف الدية و إن عاش فعليه الدية كاملة هذا حجام قطع حشفة صبي و هو يختنه فإن مات فعليه نصف الدية و نصف الدية على أبيه لأنه شاركه في موته و إن عاش فعليه الدية كاملة لأنه قطع النسل و به ورد الأثر عن الصادق ع و فيه أن رجلا حضرته الوفاة فأوصى أن غلامي يسار هو ابني فورثوه و غلامي يسار فأعتقوه فهو حر الجواب يسأل أي الغلامين كان يدخل عليهن فيقول أبوهم لا يستترن منه فإنما هو ولده فإن قال أولاده إنما أبونا قال لا يستترن منه فإنه نشأ في حجورنا و هو صغير فيقال لهم أ فيكم أهل البيت علامة فإن قالوا نعم نظر فإن وجدت تلك العلامة بالصغير فهو أخوهم و إن لم توجد فيه يقرع بين الغلامين فأيهما خرج سهمه فهو حر بالمروي عنه ع

 بيان إنما ذكر الروايتين مع أنهما ليسا بمعتمدين لبيان أن المخالفين يروون عنه ع و يثقون بقوله و الأخيرة فيها موافقة في الجملة للأصول و لتحقيقها مقام آخر

6-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ سأل زنديق الصادق ع فقال ما علة الغسل من الجناية و إنما أتى حلالا و ليس في الحلال تدنيس فقال ع لأن الجناية بمنزلة الحيض و ذلك أن النطفة دم لم يستحكم و لا يكون الجماع إلا بحركة غالبة فإذا فرغ تنفس البدن و وجد الرجل من نفسه رائحة كريهة فوجب الغسل لذلك غسل الجنابة أمانة ائتمن الله عليها عبيده ليختبرهم بها و سأله ع أبو حنيفة عن قوله وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ فقال ما تقول فيها يا أبا حنيفة فقال أقول إنهم لم يكونوا مشركين فقال أبو عبد الله ع قال الله تعالى انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ فقال ما تقول فيها يا ابن رسول الله فقال هؤلاء قوم من أهل القبلة أشركوا من حيث لا يعلمون و سأله ع عباد المكي عن رجل زنى و هو مريض فإن أقيم عليه الحد خافوا أن يموت ما تقول فيه فقال هذه المسألة من تلقاء نفسك أو أمرك بها إنسان فقال إن سفيان الثوري أمرني بها فقال ع إن رسول الله أتي برجل أحبن قد استسقى بطنه و بدت عروق فخذيه و قد زنى بامرأة مريضة فأمر رسول الله فأتي بعرجون فيه مائة شمراخ فضربه به ضربة و ضربها ضربة و خلى سبيلهما و ذلك قوله وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ

 بيان الحبن محركة داء في البطن يعظم منه و يرم فهو أحبن

7-  كشف، ]كشف الغمة[ روى محمد بن طلحة عن سفيان الثوري قال دخلت على جعفر بن محمد و عليه جبة خز دكناء و كساء خز فجعلت أنظر إليه تعجبا فقال لي يا ثوري ما لك تنظر إلينا لعلك تعجب مما ترى فقلت يا ابن رسول الله ليس هذا من لباسك و لا لباس آبائك قال يا ثوري كان ذلك زمان إقتار و افتقار و كانوا يعملون على قدر إقتاره و افتقاره و هذا زمان قد أسبل كل شي‏ء عزاليه ثم حسر ردن جبته فإذا تحتها جبة صوف بيضاء يقصر الذيل عن الذيل و الردن عن الردن و قال يا ثوري لبسنا هذا لله تعالى و هذا لكم و ما كان لله أخفيناه و ما كان لكم أبديناه

8-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن إبراهيم بن محمد عن السلمي عن داود الرقي قال سألني بعض الخوارج عن هذه الآية مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ما الذي أحل الله من ذلك و ما الذي حرم فلم يكن عندي فيه شي‏ء فدخلت على أبي عبد الله و أنا حاج فأخبرته بما كان فقال إن الله عز و جل أحل في الأضحية بمنى الضأن و المعز الأهلية و حرم أن يضحى بالجبلية و أما قوله وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ فإن الله تبارك و تعالى أحل في الأضحية الإبل العراب و حرم فيها البخاتي و أحل البقر الأهلية أن يضحى بها و حرم الجبلية فانصرفت إلى الرجل فأخبرته بهذا الجواب فقال هذا شي‏ء حملته الإبل من الحجاز

9-  كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن ابن أسباط عن علي بن عبد الله عن الحسين بن يزيد قال سمعت أبا عبد الله ع يقول و قد قال أبو حنيفة عجب الناس منك أمس و أنت بعرفة تماكس ببدنك أشد مكاسا يكون قال فقال له أبو عبد الله ع و ما لله من الرضا أن أغبن في مالي قال فقال أبو حنيفة لا و الله ما لله في هذا من الرضا قليل و لا كثير و ما نجيئك بشي‏ء إلا جئتنا بما لا مخرج لنا منه

10-  كا، ]الكافي[ العدة عن البرقي عن أبيه عن خلف بن حماد عن عبد الله بن سنان قال لما قدم أبو عبد الله ع على أبي العباس و هو بالحيرة خرج يوما يريد عيسى بن موسى فاستقبله بين الحيرة و الكوفة و معه ابن شبرمة القاضي فقال له إلى أين يا أبا عبد الله فقال أردتك فقال قد قصر الله خطوك قال فمضى معه فقال له ابن شبرمة ما تقول يا أبا عبد الله في شي‏ء سألني عنه الأمير فلم يكن عندي فيه شي‏ء فقال و ما هو قال سألني عن أول كتاب كتب في الأرض قال نعم إن الله عز و جل عرض على آدم ذريته عرض العين في صور الذر نبيا فنبيا و ملكا فملكا و مؤمنا فمؤمنا و كافرا فكافرا فلما انتهى إلى داود ع قال من هذا الذي نبأته و كرمته و قصرت عمره قال فأوحى الله عز و جل إليه هذا ابنك داود عمره أربعون سنة و إني قد كتبت الآجال و قسمت الأرزاق و أنا أمحو ما أشاء و أثبت و عندي أم الكتاب فإن جعلت له شيئا من عمرك ألحقته له قال يا رب قد جعلت له من عمري ستين سنة تمام المائة قال فقال الله عز و جل لجبرئيل و ميكائيل و ملك الموت اكتبوا عليه كتابا فإنه سينسى قال فكتبوا عليه كتابا و ختموه بأجنحتهم من طينة عليين قال فلما حضرت آدم الوفاة أتاه ملك الموت فقال آدم يا ملك الموت ما جاء بك قال جئت لأقبض روحك قال قد بقي من عمري ستون سنة فقال إنك جعلتها لابنك داود قال و نزل عليه جبرئيل و أخرج له الكتاب فقال أبو عبد الله ع فمن أجل ذلك إذا خرج الصك على المديون ذل المديون فقبض روحه

11-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن الحسن بن علي عن أبي جعفر الصائغ عن محمد بن مسلم قال دخلت على أبي عبد الله ع و عنده أبو حنيفة فقلت له جعلت فداك رأيت رؤيا عجيبة فقال يا ابن مسلم هاتها فإن العالم بها جالس و أومأ بيده إلى أبي حنيفة قال فقلت رأيت كأني دخلت داري و إذا أهلي قد خرجت علي فكسرت جوزا كثيرا و نثرته علي فتعجبت من هذه الرؤيا فقال أبو حنيفة أنت رجل تخاصم و تجادل لئاما في مواريث أهلك فبعد نصب شديد تنال حاجتك منها إن شاء الله فقال أبو عبد الله ع أصبت و الله يا أبا حنيفة قال ثم خرج أبو حنيفة من عنده فقلت جعلت فداك إني كرهت تعبير هذا الناصب فقال يا ابن مسلم لا يسؤك الله فما يواطئ تعبيره تعبيرنا و لا تعبيرنا تعبيرهم و ليس التعبير كما عبره قال فقلت له جعلت فداك فقولك أصبت و تحلف عليه و هو مخطئ قال نعم حلفت عليه أنه أصاب الخطاء قال فقلت له فما تأويلها قال يا ابن مسلم إنك تتمتع بامرأة فتعلم بها أهلك فتخرق عليك ثيابا جددا فإن القشر كسوة اللب قال ابن مسلم فو الله ما كان بين تعبيره و تصحيح الرؤيا إلا صبيحة الجمعة فلما كان غداة الجمعة أنا جالس بالباب إذ مرت بي جارية فأعجبتني فأمرت غلامي فردها ثم أدخلها داري فتمتعت بها فأحست بي و بها أهلي فدخلت علينا البيت فبادرت الجارية نحو الباب فبقيت أنا فمزقت علي ثيابا جددا كنت ألبسها في الأعياد

12-  كا، ]الكافي[ أحمد بن محمد و علي بن محمد جميعا عن علي بن الحسن التيمي عن محمد بن الخطاب الواسطي عن يونس بن عبد الرحمن عن أحمد بن عمر الحلبي عن حماد الأزدي عن هشام الخفاف قال قال لي أبو عبد الله ع كيف بصرك بالنجوم قال قلت ما خلفت بالعراق أبصر بالنجوم مني فقال كيف دوران الفلك عندكم قال فأخذت قلنسوتي عن رأسي فأدرتها قال فقال فإن كان الأمر على ما تقول فما بال بنات نعش و الجدي و الفرقدين لا يرون يدورون يوما من الدهر في القبلة قال قلت و الله هذا شي‏ء لا أعرفه و لا سمعت أحدا من أهل الحساب يذكره فقال لي كم السكينة من الزهرة جزءا في ضوئها قال قلت هذا و الله نجم ما سمعت به و لا سمعت أحدا من الناس يذكره فقال سبحان الله فأسقطتم نجما بأسره فعلى ما تحسبون ثم قال فكم الزهرة من القمر جزءا في ضوئه قال فقلت هذا شي‏ء لا يعلمه إلا الله عز و جل قال فكم القمر جزءا من الشمس في ضوئها قال فقلت ما أعرف هذا قال صدقت ثم قال ما بال العسكرين يلتقيان في هذا حاسب و في هذا حاسب فيحسب هذا لصاحبه بالظفر و يحسب هذا لصاحبه بالظفر ثم يلتقيان فيهزم أحدهما الآخر فأين كانت النجوم قال فقلت لا و الله ما أعلم ذلك قال فقال ع صدقت إن أصل الحساب حق و لكن لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق كلهم

13-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن نوح بن شعيب و محمد بن الحسن قال سأل ابن أبي العوجاء هشام بن الحكم فقال له أ ليس الله حكيما قال بلى هو أحكم الحاكمين قال فأخبرني عن قول الله عز و جل فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أ ليس هذا فرض قال بلى قال فأخبرني عن قوله عز و جل وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ أي حكيم يتكلم بهذا فلم يكن عنده جواب فرحل إلى المدينة إلى أبي عبد الله ع فقال يا هشام في غير وقت حج و لا عمرة قال نعم جعلت فداك لأمر أهمني إن ابن أبي العوجاء سألني عن مسألة لم يكن عندي فيها شي‏ء قال و ما هي قال فأخبره بالقصة فقال له أبو عبد الله ع أما قوله عز و جل فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً يعني في النفقة و أما قوله وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ يعني في المودة قال فلما قدم عليه هشام بهذا الجواب و أخبره قال و الله ما هذا من عندك

14-  كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن البزنطي عن أبي المغراء عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله ع قال إني لذات يوم عند زياد بن عبيد الله الحارثي إذ جاء رجل يستعدي على أبيه فقال أصلح الله الأمير إن أبي زوج ابنتي بغير إذني فقال زياد لجلسائه الذين عنده ما تقولون فيما يقول هذا الرجل قالوا نكاحه باطل قال ثم أقبل علي فقال ما تقول يا أبا عبد الله فلما سألني أقبلت على الذين أجابوه فقلت لهم أ ليس فيما تروون أنتم عن رسول الله ص أن رجلا جاء يستعديه على أبيه في مثل هذا فقال رسول الله ص أنت و مالك لأبيك فقالوا بلى فقلت لهم فكيف يكون هذا و هو و ماله لأبيه و لا يجوز نكاحه قال فأخذ بقولهم و ترك قولي

15-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن محمد بن يحيى عن معاوية بن عمار قال ماتت أخت مفضل بن غياث فأوصت بشي‏ء من مالها الثلث في سبيل الله و الثلث في المساكين و الثلث في الحج فإذا هو لا يبقى ما يبلغ ما قالت فذهبت أنا و هو إلى ابن أبي ليلى فقص عليه القصة فقال اجعلوا ثلثا في ذا و ثلثا في ذا و ثلثا في ذا فأتينا ابن شبرمة فقال أيضا كما قال ابن أبي ليلى فأتينا أبا حنيفة فقال كما قالا فخرجنا إلى مكة فقال لي سل أبا عبد الله ع و لم تكن حجت المرأة فسألت أبا عبد الله ع فقال لي ابدأ بالحج فإنه فريضة من الله عليها و ما بقي اجعله بعضا في ذا و بعضا في ذا قال فقدمت فدخلت المسجد و استقبلت أبا حنيفة و قلت له سألت جعفر بن محمد عن الذي سألتك عنه فقال لي ابدأ بحق الله أولا فإنه فريضة عليها و ما بقي فاجعله بعضا في ذا و بعضا في ذا قال فو الله ما قال لي خيرا و لا شرا و جئت إلى حلقته و قد طرحوها و قالوا قال أبو حنيفة ابدأ بالحج فإنه فريضة الله عليها قال فقلت هو بالله قال كذا و كذا فقالوا هو خبرنا هذا

16-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن أحمد بن عبد الله العقيلي عن عيسى بن عبد الله القرشي قال دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله ع فقال له يا أبا حنيفة بلغني أنك تقيس قال نعم قال لا تقس فإن أول من قاس إبليس حين قال خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ فقال ما بين النار و الطين و لو قاس نورية آدم بنورية النار عرف فضل ما بين النورين و صفاء أحدهما على الآخر

17-  كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن راشد عن علي بن إسماعيل الميثمي عن حبيب الخثعمي قال كتب أبو جعفر المنصور إلى محمد بن خالد و كان عامله على المدينة أن يسأل أهل المدينة عن الخمس في الزكاة من المائتين كيف صارت وزن سبعة و لم يكن هذا على عهد رسول الله ص و أمره أن يسأل فيمن يسأل عبد الله بن الحسن و جعفر بن محمد ع قال فسأل أهل المدينة فقالوا أدركنا من كان قبلنا على هذا فبعث إلى عبد الله بن الحسن و جعفر بن محمد ع فسأل عبد الله بن الحسن فقال كما قال المستفتون من أهل المدينة فقال ما تقول يا أبا عبد الله فقال إن رسول الله ص جعل في كل أربعين أوقية أوقية فإذا حسبت ذلك كان وزن سبعة و قد كانت على وزن ستة كانت الدراهم خمسة دوانق قال حبيب فحسبناه فوجدناه كما قال فأقبل عليه عبد الله بن الحسن فقال من أين أخذت هذا قال قرأت في كتاب أمك فاطمة قال ثم انصرف فبعث إليه محمد بن خالد ابعث إلي بكتاب فاطمة ع فأرسل إليه أبو عبد الله ع إني إنما أخبرتك أني قرأته و لم أخبرك أنه عندي قال حبيب فجعل يقول محمد بن خالد يقول لي ما رأيت مثل هذا قط

 بيان اعلم أن الدرهم كان في زمن الرسول ص ستة دوانيق ثم نقص فصار خمسة دوانيق فصار ستة منها على وزن خمسة مما كان في زمن الرسول ص ثم تغير إلى أن صار سبعة دراهم على وزن خمسة من دراهم زمانه ص فإذا عرفت هذا فيمكن توجيه الخبر بوجهين الأول أن يقال إنهم لما سمعوا أن النصاب الأول مائتا درهم و فيه خمسة دراهم و رأوا في زمانهم أن الفقهاء يحكمون بأن النصاب الأول مائتان و أربعون و فيها سبعة دراهم و لم يدروا ما السبب في ذلك فأجابهم ع بأن علة ذلك نقص وزن الدراهم و إنما ذكر الأوقية لأنهم كانوا يعلمون أن الأوقية كان في زمن الرسول ص وزن أربعين درهما و كانت الأوقية لم تتغير عما كانت عليه فلما حسبوا ذلك علموا النسبة بين الدرهمين كذا أفاده الوالد العلامة قدس الله روحه الثاني أن يقال إنهم كانوا يعلمون تغير الدراهم و نقصها و إنما اشتبه عليهم أنه لم لا يجزي في مائتي درهم من دراهم زمن الرسول ص خمسة من دراهم زمانهم فأجاب ع بأن النبي ص قرر لذلك نصف العشر حيث جعل في كل أربعين أوقية أوقية فلا يجزي في تينك المائتين إلا سبعة من دراهم زمانهم حتى يكون ربع العشر فحسبوه فوجدوه كما قال ع قوله مثل هذا أي مثل هذا الرجل أو هذا الجواب

18-  كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن أبي جعفر الأحول قال سألني رجل من الزنادقة فقال كيف صارت الزكاة من كل ألف خمسة و عشرين درهما فقلت له إنما ذلك مثل الصلاة ثلاث و ثنتان و أربع قال فقبل مني ثم لقيت بعد ذلك أبا عبد الله ع فسألته عن ذلك فقال إن الله عز و جل حسب الأموال و المساكين فوجد ما يكفيهم من كل ألف خمسة و عشرين و لو لم يكفهم لزادهم قال فرجعت إليه فأخبرته فقال جاءت هذه المسألة على الإبل من الحجاز ثم قال لو أني أعطيت أحدا طاعة لأعطيت صاحب هذا الكلام

19-  كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن المعلى عن محمد بن علي بن سماعة عن الكلبي النسابة قال دخلت المدينة و لست أعرف شيئا من هذا الأمر فأتيت المسجد فإذا جماعة من قريش فقلت أخبروني عن عالم أهل هذا البيت فقالوا عبد الله بن الحسن فأتيت منزله فاستأذنت فخرج إلي رجل ظننت أنه غلام له فقلت له استأذن لي على مولاك فدخل ثم خرج فقال لي ادخل فدخلت فإذا أنا بشيخ معتكف شديد الاجتهاد فسلمت عليه فقال لي من أنت فقلت أنا الكلبي النسابة فقال ما حاجتك فقلت جئت أسألك فقال أ مررت بابني محمد قلت بدأت بك فقال سل قلت أخبرني عن رجل قال لامرأته أنت طالق عدد نجوم السماء فقال تبين برأس الجوزاء و الباقي وزر عليه و عقوبة فقلت في نفسي واحدة فقلت ما يقول الشيخ في المسح على الخفين فقال قد مسح قوم صالحون و نحن أهل بيت لا نمسح فقلت في نفسي ثنتان فقلت ما تقول في أكل الجري أ حلال هو أم حرام فقال حلال إلا أنا أهل البيت نعافه فقلت في نفسي ثلاث فقلت و ما تقول في شرب النبيذ فقال حلال إلا أنا أهل البيت لا نشربه فقمت فخرجت من عنده و أنا أقول هذه العصابة تكذب على أهل هذا البيت فدخلت المسجد فنظرت إلى جماعة من قريش و غيرهم من الناس فسلمت عليهم ثم قلت لهم من أعلم أهل هذا البيت فقالوا عبد الله بن الحسن فقلت قد أتيته فلم أجد عنده شيئا فرفع رجل من القوم رأسه فقال ائت جعفر بن محمد ع فهو عالم أهل هذا البيت فلامه بعض من كان بالحضرة فقلت إن القوم إنما منعهم من إرشادي إليه أول مرة الحسد فقلت له ويحك إياه أردت فمضيت حتى صرت إلى منزله فقرعت الباب فخرج غلام له فقال ادخل يا أخا كلب فو الله لقد أدهشني فدخلت و أنا مضطرب و نظرت فإذا بشيخ على مصلى بلا مرفقة و لا بردعة فابتدأني بعد أن سلمت عليه فقال لي من أنت فقلت في نفسي يا سبحان الله غلامه يقول لي بالباب ادخل يا أخا كلب و يسألني المولى من أنت فقلت له أنا الكلبي النسابة فضرب بيده على جبهته و قال كذب العادلون بالله و ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً قد خسروا خُسْراناً مُبِيناً يا أخا كلب إن الله عز و جل يقول وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ وَ قُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً أ فتنسبها أنت فقلت لا جعلت فداك فقال لي أ فتنسب نفسك قلت نعم أنا فلان بن فلان بن فلان حتى ارتفعت فقال لي قف ليس حيث تذهب ويحك أ تدري من فلان بن فلان قلت نعم فلان بن فلان قال إن فلان بن فلان الراعي الكردي إنما كان فلان الكردي الراعي على جبل آل فلان فنزل إلى فلانة امرأة فلان من جبله الذي كان يرعى غنمه عليه فأطعمها شيئا و غشيها فولدت فلانا فلان بن فلان من فلانة و فلان بن فلان ثم قال أ تعرف هذه الأسامي قلت لا و الله جعلت فداك فإن رأيت أن تكف عن هذا فعلت فقال إنما قلت فقلت فقلت إني لا أعود قال لا نعود إذا و أسأل عما جئت له فقلت له أخبرني عن رجل قال لامرأته أنت طالق عدد النجوم فقال ويحك أ ما تقرأ سورة الطلاق قلت بلى قال فاقرأ فقرأت فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ قال أ ترى هاهنا نجوم السماء قلت لا قلت فرجل قال لامرأته أنت طالق ثلاثا قال ترد إلى كتاب الله و سنة نبيه ص ثم قال لا طلاق إلا على طهر من غير جماع بشاهدين مقبولين فقلت في نفسي واحدة ثم قال سل فقلت ما تقول في المسح على الخفين فتبسم ثم قال إذا كان يوم القيامة و رد الله كل شي‏ء إلى شيئه و رد الجلد إلى الغنم فترى أصحاب المسح أين يذهب وضوؤهم فقلت في نفسي ثنتان ثم التفت إلي فقال سل فقلت أخبرني عن أكل الجري فقال إن الله عز و جل مسخ طائفة من بني إسرائيل فما أخذ منهم بحرا فهو الجري و الزمار و المارماهي و ما سوى ذلك و ما أخذ منهم برا فالقردة و الخنازير و الوبر و الورل و ما سوى ذلك فقلت في نفسي ثلاث ثم التفت إلي و قال سل و قم فقلت ما تقول في النبيذ فقال ع حلال فقلت إنا ننبذ فنطرح فيه العكر و ما سوى ذلك و نشربه فقال شه شه تلك الخمرة المنتنة فقلت جعلت فداك فأي نبيذ تعني فقال

 إن أهل المدينة شكوا إلى رسول الله ص تغير الماء و فساد طبائعهم فأمرهم أن ينبذوا فكان الرجل يأمر خادمه أن ينبذ له فيعمد إلى كف من التمر فيقذف به في الشن فمنه شربه و منه طهوره فقلت و كم كان عدد التمر الذي في الكف فقال ما حمل الكف فقلت واحدة و ثنتان فقال ربما كانت واحدة و ربما كانت ثنتين فقلت و كم كان يسع الشن فقال ما بين الأربعين إلى الثمانين إلى ما فوق ذلك فقلت بالأرطال فقال نعم أرطال بمكيال العراق قال سماعة قال الكلبي ثم نهض ع فقمت فخرجت و أنا أضرب بيدي على الأخرى و أنا أقول إن كان شي‏ء فهذا فلم يزل الكلبي يدين الله بحب أهل هذا البيت حتى مات

 توضيح المرفقة بالكسر المخدة و البرذعة الحلس الذي يلقى تحت الرحل و الوبر بسكون الباء دويبة على قدر السنور غبراء أو بيضاء و الورل محركة دابة كالضب و العكر دردي الزيت و غيره و شاه وجهه شوها قبح و شاهه يشيهه عابه

20-  يب، ]تهذيب الأحكام[ محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن محمد بن مسلم و الحسين بن محمد عن عبد الله بن عامر عن علي بن مهزيار عن فضالة بن أيوب عن أحمد بن سليمان جميعا عن قرة مولى خالد قال صاح أهل المدينة إلى محمد بن خالد في الاستسقاء فقال لي انطلق إلى أبي عبد الله ع فسله ما رأيك فإن هؤلاء قد صاحوا إلي فأتيته فقلت له ما قال لي فقال لي قل له فليخرج قلت له متى يخرج جعلت فداك قال يوم الإثنين قلت له كيف يصنع قال يخرج المنبر ثم يخرج يمشي كما يخرج يوم العيدين و بين يديه المؤذنون في أيديهم عنزهم حتى إذا انتهى إلى المصلى صلى بالناس ركعتين بغير أذان و لا إقامة ثم يصعد المنبر فيقلب رداءه فيجعل الذي على يمينه على يساره و الذي على يساره على يمينه ثم يستقبل القبلة فيكبر الله مائة تكبيرة رافعا بها صوته ثم يلتفت إلى الناس عن يمينه فيسبح الله مائة تسبيحة رافعا بها صوته ثم يلتفت إلى الناس عن يساره فيهلل الله مائة تهليلة رافعا بها صوته ثم يستقبل الناس فيحمد الله مائة تحميدة ثم يرفع يديه فيدعو ثم يدعون فإني لأرجو أن لا يخيبوا قال ففعل فلما رجعنا قالوا هذا من تعليم جعفر و في رواية يونس فما رجعنا حتى أهمتنا أنفسنا

21-  كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن علي بن محمد عن الحسن بن علي أو غيره عن حماد بن عثمان قال كان بمكة رجل مولى لبني أمية يقال له ابن أبي عوانة له عباءة و كان إذا دخل إلى مكة أبو عبد الله ع أو أحد من أشياخ آل محمد يعبث به و إنه أتى أبا عبد الله ع و هو في الطواف فقال يا أبا عبد الله ما تقول في استلام الحجر فقال استلمه رسول الله ص فقال ما أراك استلمته قال أكره أن أوذي ضعيفا أو أتأذى قال فقال فقد زعمت أن رسول الله ص استلمه قال نعم و لكن كان رسول الله ص إذا رأوه عرفوا له حقه و أنا فلا يعرفون لي حقي

22-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله ع فرأى عليه ثياب بياض كأنها غرقئ البيض فقال له إن هذا اللباس ليس من لباسك فقال له اسمع مني و ع ما أقول لك فإنه خير لك عاجلا و آجلا إن أنت مت على السنة و الحق و لم تمت على بدعة أخبرك أن رسول الله ص كان في زمان مقفر جدب فأما إذا أقبلت الدنيا فأحق أهلها بها أبرارها لا فجارها و مؤمنوها لا منافقوها و مسلموها لا كفارها فما أنكرت يا ثوري فو الله إنني لمع ما ترى ما أتى علي مذ عقلت صباح و لا مساء و لله في مالي حق أمرني أضعه موضعا إلا وضعته قال و أتاه قوم ممن يظهرون التزهد و يدعون الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف فقالوا له إن صاحبنا حصر علي كلامك و لم يحضره حججه فقال لهم فهاتوا حججكم فقالوا له إن حججنا من كتاب الله فقال لهم فأدلوا بها فإنها أحق ما اتبع و عمل به فقالوا يقول الله تبارك و تعالى مخبرا عن قوم من أصحاب النبي ص وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فمدح فعلهم و قال في موضع آخر وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً فنحن نكتفي بهذا فقال رجل من الجلساء إنا رأيناكم تزهدون في الأطعمة الطيبة و مع ذلك تأمرون الناس بالخروج من أموالهم حتى تمتعوا أنتم منها فقال له أبو عبد الله ع دعوا عنكم ما لا ينتفع به أخبروني أيها النفر أ لكم علم بناسخ القرآن من منسوخه و محكمه من متشابهه الذي في مثله ضل من ضل و هلك من هلك من هذه الأمة فقالوا له أو بعضه فأما كله فلا فقال لهم فمن هاهنا أتيتم و كذلك أحاديث رسول الله ص فأما ما ذكرتم من إخبار الله عز و جل إيانا في كتابه عن القوم الذين أخبر عنهم بحسن فعالهم فقد كان مباحا جائزا و لم يكونوا نهوا عنه و ثوابهم منه على الله عز و جل و ذلك أن الله جل و تقدس أمر بخلاف ما عملوا به فصار أمره ناسخا لفعلهم و كان نهي الله تبارك و تعالى رحمة منه للمؤمنين و نظرا لكي لا يضروا بأنفسهم و عيالاتهم منهم الضعفة الصغار و الولدان و الشيخ الفاني و العجوزة الكبيرة الذين لا يصبرون على الجوع فإن تصدقت برغيفي و لا رغيف لي غيره ضاعوا و هلكوا جوعا فمن ثم قال رسول الله ص خمس تمرات أو خمس قرص أو دنانير أو درهم يملكها الإنسان

 و هو يريد أن يمضيها فاضلها ما أنفقه الإنسان على والديه ثم الثانية على نفسه و عياله ثم الثالثة على قرابته الفقراء ثم الرابعة على جيرانه الفقراء ثم الخامسة في سبيل الله و هو أحسنها أجرا و قال ص للأنصاري حين أعتق عند موته خمسة أو ستة من الرقيق و لم يكن يملك غيرهم و له أولاد صغار لو أعلمتموني أمره ما تركتكم تدفنوه مع المسلمين يترك صبيته صغارا يتكففون الناس ثم قال حدثني أبي أن رسول الله ص قال ابدأ بمن تعول الأدنى فالأدنى ثم هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم و نهيا عنه مفروضا من الله العزيز الحكيم قال وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً أ فلا ترون أن الله تبارك و تعالى قال غير ما أراكم تدعون الناس إليه من الأثرة على أنفسهم و سمي من فعل ما تدعون إليه مسرفا و في غير آية من كتاب الله يقول إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ فنهاهم عن الإسراف و نهاهم عن التقتير لكن أمر بين الأمرين لا يعطي جميع ما عنده ثم يدعو الله أن يرزقه فلا يستجيب له للحديث الذي جاء عن النبي ص أن أصنافا من أمتي لا يستجاب لهم دعاؤهم رجل يدعو على والديه و رجل يدعو على غريم ذهب له بمال فلم يكتب عليه و لم يشهد عليه و رجل يدعو على امرأته و قد جعل عز و جل تخلية سبيلها بيده و رجل يقعد في بيته و يقول رب ارزقني و لا يخرج و لا يطلب الرزق فيقول الله عز و جل له عبدي أ لم أجعل لك السبيل إلى الطلب و الضرب في الأرض بجوارح صحيحة فتكون قد اعتذرت فيما بيني و بينك في الطلب لاتباع أمري و لكيلا تكون كلا على أهلك فإن شئت رزقتك و إن شئت قترت عليك و أنت معذور عندي و رجل رزقه الله عز و جل مالا كثيرا فأنفقه ثم أقبل يدعو يا رب ارزقني فيقول الله عز و جل أ لم أرزقك رزقا واسعا فهلا اقتصدت فيه كما أمرتك و لم

 تسرف و قد نهيتك عن الإسراف و رجل يدعو في قطيعة رحم ثم علم الله عز و جل اسمه نبيه ص كيف ينفق و ذلك أنه كانت عنده أوقية من الذهب فكره أن تبيت عنده فتصدق بها فأصبح و ليس عنده شي‏ء و جاءه من يسأله فلم يكن عنده ما يعطيه فلامه السائل و اغتم هو حيث لم يكن عنده ما يعطيه و كان رحيما رقيا فأدب الله عز و جل نبيه ص بأمره فقال وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً يقول إن الناس قد يسألونك و لا يعذرونك فإذا أعطيت جميع ما عندك من المال كنت قد حسرت من المال فهذه أحاديث رسول الله ص يصدقها الكتاب و الكتاب يصدقه أهله من المؤمنين و قال أبو بكر عند موته حيث قيل له أوص فقال أوص بالخمس و الخمس كثير فإن الله جل و عز قد رضي بالخمس فأوصى بالخمس و قد جعل الله عز و جل له الثلث عند موته و لو علم أن الثلث خير له أوصى بها ثم من قد علمتم بعده في فضله و زهده سلمان رض و أبو ذر ره فأما سلمان فكان إذا أخذ عطاءه رفع من قوته لسنته حتى يحضر عطاؤه من قابل فقيل له يا أبا عبد الله أنت في زهدك تصنع هذا و أنت لا تدري لعلك تموت اليوم أو غدا فكان جوابه أن قال ما لكم لا ترجون لي البقاء كما خفتم علي الفناء أ ما علمتم يا جهلة أن النفس قد تلتاث على صاحبها إذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه فإذا هي أحرزت معيشتها اطمأنت و أما أبو ذر رض فكانت له نويقات و شويهات يحلبها و يذبح منها إذا اشتهى أهله اللحم أو نزل به ضيف أو رأى بأهل الماء الذين هم معه خصاصة نحر لهم الجزور أو من الشاة على قدر ما يذهب عنهم بقرم اللحم فيقسمه بينهم و يأخذ هو كنصيب واحد منهم لا يتفضل عليهم و من أزهد من هؤلاء و قد قال فيهم رسول الله ص ما قال و لم يبلغ من أمرهما أن صارا لا يملكان شيئا البتة كما تأمرون الناس بإلقاء أمتعتهم و شيئهم و يؤثرون به على أنفسهم و عيالاتهم

 و اعلموا أيها النفر أني سمعت أبي يروي عن آبائه ع أن رسول الله ص قال يوما ما عجبت من شي‏ء كعجبي من المؤمن إنه إن قرض جسده في دار الدنيا بالمقاريض كان خيرا له و إن ملك ما بين مشارق الأرض و مغاربها كان خيرا له و كل ما يصنع الله عز و جل به فهو خير له فليت شعري هل يحق فيكم ما قد شرحت لكم منذ اليوم أم أزيدكم أ ما علمتم أن الله عز و جل قد فرض على المؤمنين في أول الأمر يقاتل الرجل منهم عشرة من المشركين ليس له أن يولي وجهه عنهم و من ولاهم يومئذ دبره فقد تبوأ مقعده من النار ثم حولهم من حالهم رحمة منه لهم فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفا من الله عز و جل للمؤمنين فنسخ الرجلان العشرة و أخبروني أيضا عن القضاة أ جورة هم حيث يقضون على الرجل منكم نفقة امرأته إذا قال إني زاهد و إني لا شي‏ء لي فإن قلتم جورة ظلمكم أهل الإسلام و إن قلتم بل عدول خصمتم أنفسكم و حيث يردون صدقة من تصدق على المساكين عند الموت بأكثر من الثلث أخبروني لو كان الناس كلهم كالذين تريدون زهادا لا حاجة لهم في متاع غيرهم فعلى من كان يصدق بكفارات الأيمان و النذور و الصدقات من فرض الزكاة من الذهب و الفضة و التمر و الزبيب و سائر ما وجب فيه الزكاة من الإبل و البقر و الغنم و غير ذلك إذا كان الأمر كما تقولون لا ينبغي لأحد أن يحبس شيئا من عرض الدنيا إلا قدمه و إن كان به خصاصة فبئس ما ذهبتم فيه و حملتم الناس عليه من الجهل بكتاب الله عز و جل و سنة نبيه ص و أحاديثه التي يصدقها الكتاب المنزل و ردكم إياها بجهالتكم و ترككم النظر في غرائب القرآن من التفسير بالناسخ من المنسوخ و المحكم و المتشابه و الأمر و النهي و أخبروني أين أنتم عن سليمان بن داود ع حيث سأل الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه الله عز و جل اسمه ذلك و كان يقول الحق و يعمل به ثم لم نجد الله عز و جل عاب عليه ذلك و لا أحدا من المؤمنين و داود النبي قبله في ملكه و شدة سلطانه ثم يوسف النبي ص حيث قال لملك مصر اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ فكان من أمره الذي كان أن اختار مملكة الملك و ما حولها إلى اليمن و كانوا يمتارون الطعام من عنده لمجاعة أصابتهم و كان يقول الحق و يعمل به فلم نجد أحدا عاب ذلك عليه ثم ذو القرنين ع عبد أحب الله فأحبه الله طوى له الأسباب و ملكه مشارق الأرض و مغاربها و كان يقول الحق و يعمل به ثم لم نجد أحدا عاب ذلك عليه فتأدبوا أيها النفر بآداب الله عز و جل للمؤمنين اقتصروا على أمر الله و نهيه و دعوا عنكم ما اشتبه عليكم مما لا علم لكم به و ردوا العلم إلى أهله تؤجروا و تعذروا عند الله تبارك و تعالى و كونوا في طلب علم ناسخ القرآن من منسوخه و محكمه من متشابهه و ما أحل الله فيه مما حرم فإنه أقرب لكم من الله و أبعد لكم من الجهل و دعوا الجهالة لأهلها فإن أهل الجهل كثير و أهل العلم قليل و قد قال الله عز و جل وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ

 بيان الغرقئ كزبرج القشرة الملتزقة ببياض البيض و المتقشف المتبلغ بقوت و مرقع و من لا يبالي بما يلطخ بجسده و أدلى بحجته أي أظهرها قوله ع حسرت على بناء المجهول من الحسر بمعنى الكشف أي مكشوفا عاريا من المال أو من الحسور و هو الانقطاع يقال حسره السفر إذا قطع به و على التقديرين تفسير لقوله تعالى مَحْسُوراً. و الالتياث الاختلاط و الالتفاف و الإبطاء و القرم محركة شهوة اللحم قوله ع ظلمكم على بناء التفعيل أي نسبوكم إلى الظلم و قوله حيث يردون معطوف على قوله حيث يقضون

  -23  ج، ]الإحتجاج[ بالإسناد إلى أبي محمد العسكري عن آبائه عن الصادق ع أنه قال قوله عز و جل اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ يقول أرشدنا الصراط المستقيم أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك و المبلغ إلى جنتك من أن نتبع أهواءنا فنعطب أو نأخذ بآرائنا فنهلك فإن من اتبع هواه و أعجب برأيه كان كرجل سمعت غثاء الناس تعظمه و تصفه فأحببت لقاءه من حيث لا يعرفني لأنظر مقداره و محله فرأيته في موضع قد أحرق به خلق من غثاء العامة فوقفت منتبذا عنهم مغشيا بلثام أنظر إليه و إليهم فما زال يراوغهم حتى خالف طريقهم و فارقهم و لم يقر فتفرقت العوام عنه لحوائجهم و تبعته أقتفي أثره فلم يلبث أن مر بخباز فتغفله فأخذ من دكانه رغيفين مسارقة فتعجبت منه ثم قلت في نفسي لعله معاملة ثم مر من بعده بصاحب رمان فما زال به حتى تغفله فأخذ من عنده رمانتين مسارقة فتعجبت منه ثم قلت في نفسي لعله معاملة ثم أقول و ما حاجته إذا إلى المسارقة ثم لم أزل أتبعه حتى مر بمريض فوضع الرغيفين و الرمانتين بين يديه و مضى و تبعته حتى استقر في بقعة من صحراء فقلت له يا عبد الله لقد سمعت بك و أحببت لقاءك فلقيتك لكني رأيت منك ما شغل قلبي و إني سائلك عنه ليزول به شغل قلبي قال ما هو قلت رأيتك مررت بخباز و سرقت منه رغيفين ثم بصاحب الرمان فسرقت منه رمانتين فقال لي قبل كل شي‏ء حدثني من أنت قلت رجل من ولد آدم من أمة محمد ص قال حدثني ممن أنت قلت رجل من أهل بيت رسول الله ص قال أين بلدك قلت المدينة قال لعلك جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قلت بلى قال لي فما ينفعك شرف أصلك مع جهلك بما شرفت به و تركك علم جدك و أبيك لأن لا تنكر ما يجب أن يحمد و يمدح فاعله قلت و ما هو قال القرآن كتاب الله قلت و ما الذي جهلت قال قول الله عز و جل مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها و إني لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين و لما سرقت الرمانتين كانت سيئتين فهذه أربع سيئات فلما تصدقت بكل واحد منها كانت أربعين حسنة فانتقص من أربعين حسنة أربع سيئات بقي لي ست و ثلاثون قلت ثكلتك أمك أنت الجاهل بكتاب الله أ ما سمعت الله عز و جل يقول إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ إنك لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين و لما سرقت الرمانتين كانت سيئتين و لما دفعتهما إلى غير صاحبهما بغير أمر صاحبهما كنت إنما أضفت أربع سيئات إلى أربع سيئات و لم تضف أربعين حسنة إلى أربع سيئات فجعل يلاحيني فانصرفت و تركته

 بيان قال الفيروزآبادي راغ الرجل مال و حاد عن الشي‏ء و روغان الثعلب مشهور بين العجم و العرب و لاحاه نازعه

24-  ختص، ]الإختصاص[ عن سماعة قال سأل رجل أبا حنيفة عن اللاشي‏ء و عن الذي لا يقبل الله غيره فعجز عن لا شي‏ء فقال اذهب بهذه البغلة إلى إمام الرافضة فبعها منه بلا شي‏ء و اقبض الثمن فأخذ بعذارها و أتى بها أبا عبد الله ع فقال له أبو عبد الله عليه الصلاة و السلام استأمر أبا حنيفة في بيع هذه البغلة قال فأمرني ببيعها قال بكم قال بلا شي‏ء قال لا ما تقول قال الحق أقول فقال قد اشتريتها منك بلا شي‏ء قال و أمر غلامه أن يدخله المربط قال فبقي محمد بن الحسن ساعة ينتظر الثمن فلما أبطأ الثمن قال جعلت فداك الثمن قال الميعاد إذا كان الغداة فرجع إلى أبي حنيفة فأخبره فسر بذلك فريضة منه فلما كان من الغد وافى أبو حنيفة فقال أبو عبد الله ع جئت لتقبض ثمن البغلة لا شي‏ء قال نعم قال و لا شي‏ء ثمنها قال نعم فركب أبو عبد الله ع البغلة و ركب أبو حنيفة بعض الدواب فتصحرا جميعا فلما ارتفع النهار نظر أبو عبد الله ع إلى السراب يجري قد ارتفع كأنه الماء الجاري فقال أبو عبد الله ع يا أبا حنيفة ما ذا عند الميل كأنه يجري قال ذاك الماء يا ابن رسول الله فلما وافيا الميل وجداه أمامهما فتباعد فقال أبو عبد الله ع اقبض ثمن البغل قال الله تعالى كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَ وَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ قال خرج أبو حنيفة إلى أصحابه كئيبا حزينا فقالوا له ما لك يا أبا حنيفة قال ذهبت البغلة هدرا و كان قد أعطي بالبغلة عشرة آلاف درهم

25-  كنز الفوائد للكراجكي ذكر أن أبا حنيفة أكل طعاما مع الإمام الصادق جعفر بن محمد ع فلما رفع ع يده من أكله قال الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اللهم إن هذا منك و من رسولك فقال أبو حنيفة يا أبا عبد الله أ جعلت مع الله شريكا فقال له ويلك إن الله تعالى يقول في كتابه وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ و يقول في موضع آخر وَ لَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ رَسُولُهُ فقال أبو حنيفة و الله لكأني ما قرأتهما قط من كتاب الله و لا سمعتهما إلا في هذا الوقت فقال أبو عبد الله ع بلى قد قرأتهما و سمعتهما و لكن الله تعالى أنزل فيك و في أشباهك أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها و قال كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ