باب 7- يقينه صلوات الله عليه و صبره على المكاره و شدة ابتلائه

1-  يد، ]التوحيد[ أبي عن سعد عن ابن أبي الخطاب عن جعفر بن بشير عن العرزمي عن أبي عبد الله ع قال كان لعلي ع غلام اسمه قنبر و كان يحب عليا حبا شديدا فإذا خرج علي خرج على أثره بالسيف فرآه ذات ليلة فقال يا قنبر ما لك قال جئت لأمشي خلفك فإن الناس كما تراهم يا أمير المؤمنين فخفت عليك قال ويحك أ من أهل السماء تحرسني أم من أهل الأرض قال لا بل من أهل الأرض قال إن أهل الأرض لا يستطيعون بي شيئا إلا بإذن الله عز و جل من السماء فارجع فرجع

 2-  يد، ]التوحيد[ القطان عن ابن زكريا عن ابن حبيب عن علي بن زياد عن مروان بن معاوية عن الأعمش عن أبي حيان التيمي عن أبيه و كان مع علي ع يوم صفين و فيما بعد ذلك قال بينما علي بن أبي طالب ع يعبئ الكتائب يوم صفين و معاوية مستقبلة على فرس له يتأكل تحته تأكلا و علي ع على فرس رسول الله ص المرتجز و بيده حربة رسول الله ص و هو متقلد سيفه ذا الفقار فقال رجل من أصحابه احترس يا أمير المؤمنين فإنا نخشى أن يغتالك هذا الملعون فقال علي ع لئن قلت ذاك إنه غير  مأمون على دينه و إنه لأشقى القاسطين و ألعن الخارجين على الأئمة المهتدين و لكن كفى بالأجل حارسا ليس أحد من الناس إلا و معه ملائكة حفظة يحفظونه من أن يتردى في بئر أو يقع عليه حائط أو يصيبه سوء فإذا حان أجله خلوا بينه و بين ما يصيبه فكذلك أنا إذا حان أجلي انبعث أشقاها فخضب هذه من هذا و أشار إلى لحيته و رأسه عهدا معهودا و وعدا غير مكذوب و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة

3-  يد، ]التوحيد[ الوراق و ابن المغيرة معا عن سعد عن النهدي عن ابن علوان عن عمرو بن ثابت عن ابن طريف عن ابن نباتة قال إن أمير المؤمنين ع عدل من عند حائط مائل إلى حائط آخر فقيل له يا أمير المؤمنين تفر من قضاء الله قال أفر من قضاء الله إلى قدر الله عز و جل

 بيان لعل المعنى أن فراري أيضا مما قدره الله تعالى فلا ينافي الاحتراز عن المكاره الإيمان بقضائه تعالى و قد مر توضيحه في كتاب العدل

4-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ كان أمير المؤمنين ع يطوف بين الصفين بصفين في غلالة فقال الحسن ع ما هذا زي الحرب فقال يا بني إن أباك لا يبالي وقع على الموت أو وقع الموت عليه و كان ع يقول ما ينتظر أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم و لما ضربه ابن ملجم قال فزت و رب الكعبة فقد قال الله تعالى قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ الآية و من صبره ما قال الله تعالى فيه الصَّابِرِينَ وَ  الصَّادِقِينَ وَ الْقانِتِينَ وَ الْمُنْفِقِينَ وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ و الدليل على أنها نزلت فيه أنه قام الإجماع على صبره مع النبي ص في شدائده من صغره إلى كبره و بعد وفاقه و قد ذكر الله تعالى صفة الصابرين في قوله وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا و هذا صفته بلا شك

 مجمع البيان و تفسير علي بن إبراهيم و أبان بن عثمان أنه أصاب عليا ع يوم أحد ستون جراحة

 تفسير القشيري قال أنس بن مالك إنه أتي رسول الله ص بعلي ع و عليه نيف و ستون جراحة قال أبان أمر النبي ص أم سليم و أم عطية أن تداوياه فقالتا قد خفنا عليه فدخل النبي ص و المسلمون يعودونه و هو قرحة واحدة فجعل النبي ص يمسحه بيده و يقول إن رجلا لقي هذا في الله لقد أبلى و أعذر فكان يلتئم فقال علي ع الحمد لله الذي جعلني لم أفر و لم أولي الدبر فشكر الله تعالى له ذلك في موضعين من القرآن و هو قوله تعالى سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ وَ سَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ

 سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ يعني بالشاكرين صاحبك علي بن أبي طالب ع و المرتدين على أعقابهم الذين ارتدوا عنه

 سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود في قوله تعالى   إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا يعني صبر علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين ع في الدنيا على الطاعات و على الجوع و على الفقر و صبروا على البلاء لله في الدنيا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ و قال علي بن عبد الله بن عباس وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ علي بن أبي طالب ع و لما نعى رسول الله ص عليا بحال جعفر في غزوة مؤتة قال إنا لله و إنا إليه راجعون فأنزل الله عز و جل الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ الآية و قال له رجل إني و الله لأحبك في الله تعالى فقال إن كنت تحبني فأعد للفقر تجفافا أو جلبابا

 قال أبو عبيدة و تغلب أي استعد جلبابا من العمل الصالح و التقوى يكون لك جنة من الفقر يوم القيامة و قال آخرون أي فليرفض الدنيا و ليزهد فيها و ليصبر على الفقر يدل عليه

 قول أمير المؤمنين ع و ما لي لا أرى منهم سيماء الشيعة قيل و ما سيماء الشيعة يا أمير المؤمنين قال خمص البطون من الطوى يبس الشفاه من الظماء عمش العيون من البكاء

 في مسند أبي يعلى و اعتقاد الأشنهي و مجموع أبي العلاء الهمداني عن أنس و أبي برزة و أبي رافع و في إبانة ابن بطة من ثلاثة طرق أن النبي ص خرج يتمشى إلى قباء فمر بحديقة فقال علي ع ما أحسن هذه الحديقة فقال النبي ص حديقتك يا علي في الجنة أحسن منها حتى مر بسبع حدائق على ذلك  ثم أهوى إليه فاعتنقه فبكى و بكى علي ع ثم قال علي ع ما الذي أبكاك يا رسول الله قال أبكي لضغائن في صدور قوم لن تبدو لك إلا من بعدي قال يا رسول الله كيف أصنع قال تصبر فإن لم تصبر تلق جهدا و شدة قال يا رسول الله أ تخاف فيها هلاك ديني قال بل فيها حياة دينك و قال أمير المؤمنين ع ما رأيت منذ بعث الله محمدا رخاء فالحمد لله و لقد خفت صغيرا و جاهدت كبيرا أقاتل المشركين و أعادي المنافقين حتى قبض الله نبيه فكانت الطامة الكبرى فلم أزل محاذرا وجلا أخاف أن يكون ما لا يسعني فيه المقام فلم أر بحمد الله إلا خيرا حتى مات عمر فكانت أشياء ففعل الله ما شاء ثم أصيب فلان فما زلت بعد فيما ترون دائبا أضرب بسيفي صبيا حتى كنت شيخا الخبر

 عمرو بن حريث في حديثه قال أمير المؤمنين ع كنت أحسب أن الأمراء يظلمون الناس فإذا الناس يظلمون الأمراء

 أبو الفتح الحفار بإسناده أن عليا ع قال ما زلت مظلوما منذ كنت قيل له عرفنا ظلمك في كبرك فما ظلمك في صغرك فذكر أن عقيلا كان به رمد فكان لا يذرهما حتى يبدءوا بي

5-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة و ابن عباس في قوله تعالى فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ يقول يا محمد لا يكذبك علي بن أبي طالب ع بعد ما آمن بالحساب

 و قال أمير المؤمنين ع في مقامات كثيرة أنا باب المقام و حجة الخصام و دابة الأرض و صاحب العصا و فاصل القضاء و سفينة النجاة من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق و قال أيضا أنا شجرة الندى و حجاب الورى و صاحب الدنيا و حجة  الأنبياء و اللسان المبين و الحبل المتين و النبأ العظيم الذي عنه تعرضون و عنه تسألون و فيه تختلفون و قال ع فو عزتك و جلالك و علو مكانك في عظمتك و قدرتك ما هبت عدوا و لا تملقت وليا و لا شكرت على النعماء أحدا سواك و في مناجاته اللهم إني عبدك و وليك اخترتني و ارتضيتني و رفعتني و كرمتني بما أورثتني من مقام أصفيائك و خلافة أوليائك و أغنيتني و أفقرت الناس في دينهم و دنياهم إلي و أعززتني و أذللت العباد إلي و أسكنت قلبي نورك و لم تحوجني إلى غيرك و أنعمت علي و أنعمت بي و لم تجعل منة علي لأحد سواك و أقمتني لإحياء حقك و الشهادة على خلقك و أن لا أرضى و لا أسخط إلا لرضاك و سخطك و لا أقول إلا حقا و لا أنطق إلا صدقا

 فانظر إلى جسارته على الحق و خذلان جماعة كما تكلموا بما روي عنهم في حلية الأولياء و غريب الحديث و غيرهما

6-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن زيد الشحام عن أبي عبد الله ع أن أمير المؤمنين ع جلس إلى حائط مائل يقضي بين الناس فقال بعضهم لا تقعد تحت هذا الحائط فإنه معور فقال أمير المؤمنين ع حرس امرأ أجله فلما قام أمير المؤمنين ع سقط الحائط قال و كان أمير المؤمنين ع مما يفعل هذا و أشباهه و هذا اليقين

7-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن الوشاء عن عبد الله بن سنان عن أبي حمزة عن سعيد بن قيس الهمداني قال نظرت يوما في الحرب إلى رجل  عليه ثوبان فحركت فرسي فإذا هو أمير المؤمنين ع فقلت يا أمير المؤمنين في مثل هذا الموضع فقال نعم يا سعيد بن قيس إنه ليس من عبد إلا و له من الله عز و جل حافظ و واقية معه ملكان يحفظانه من أن يسقط من رأس جبل أو يقع في بئر فإذا نزل القضاء خليا بينه و بين كل شي‏ء

8-  نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع لما أنزل الله سبحانه قوله الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ علمت أن الفتنة لا تنزل بنا و رسول الله ص بين أظهرنا فقلت يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله تعالى بها فقال يا علي إن أمتي سيفتنون من بعدي فقلت يا رسول الله أ و ليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين و أخرت عني الشهادة فشق ذلك علي فقلت لي أبشر فإن الشهادة من ورائك فقال لي إن ذلك لكذلك فكيف صبرك إذا فقلت يا رسول الله ليس هذا من مواطن الصبر و لكن من مواطن البشرى و الشكر

9-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ المفسر بإسناده إلى أبي محمد العسكري عن آبائه ع قال قيل لأمير المؤمنين ع ما الاستعداد للموت قال أداء الفرائض و اجتناب المحارم و الاشتمال على المكارم ثم لا يبالي إن وقع على الموت أو وقع الموت عليه و الله ما يبالي ابن أبي طالب إن وقع على الموت أو وقع الموت عليه