باب 4- احتجاجه صلوات الله عليه على معاوية و أوليائه لعنهم الله و ما جرى بينه و بينهم

1-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ ج، ]الإحتجاج[ عن موسى بن عقبة أنه قال لقد قيل لمعاوية إن الناس قد رموا أبصارهم إلى الحسين ع فلو قد أمرته يصعد المنبر فيخطب فإن فيه حصرا و في لسانه كلالة فقال لهم معاوية قد ظننا ذلك بالحسن فلم يزل حتى عظم في أعين الناس و فضحنا فلم يزالوا به حتى قال للحسين ع يا با عبد الله لو صعدت المنبر فخطبت فصعد الحسين ع المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم صلى على النبي ص فسمع رجلا يقول من هذا الذي يخطب فقال الحسين ع نحن حزب الله الغالبون و عترة رسول الله الأقربون و أهل بيته الطيبون و أحد الثقلين الذين جعلنا رسول الله ثاني كتاب الله تبارك و تعالى الذي فيه تفصيل كل شي‏ء لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ و المعول علينا في تفسيره و لا يبطئنا تأويله بل نتبع حقائقه فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله و رسوله مقرونة قال الله عز و جل أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ و قال وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا و أحذركم الإصغاء إلى هتوف الشيطان بكم ف إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكُمْ فتلقون للسيوف ضربا و للرماح وردا و للعمد حطما و لسهام غرضا ثم لا يقبل من نفس إيمانها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قال معاوية حسبك يا با عبد الله فقد أبلغت

 بيان الضرب بالتحريك المضروب و الورد بالتحريك أي ما ترد عليه الرماح و قد مر مثله في خطبة الحسن ع

2-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ ج، ]الإحتجاج[ عن محمد بن السائب أنه قال قال مروان بن الحكم يوما للحسين بن علي ع لو لا فخركم بفاطمة بما كنتم تفتخرون علينا فوثب الحسين ع و كان ع شديد القبضة فقبض على حلقه فعصره و لوى عمامته على عنقه حتى غشي عليه ثم تركه و أقبل الحسين ع على جماعة من قريش فقال أنشدكم بالله إلا صدقتموني إن صدقت أ تعلمون أن في الأرض حبيبين كانا أحب إلى رسول الله مني و من أخي أو على ظهر الأرض ابن بنت نبي غيري و غير أخي قالوا لا قال و إني لا أعلم أن في الأرض ملعون بن ملعون غير هذا و أبيه طريد رسول الله ص و الله ما بين جابرس و جابلق أحدهما بباب المشرق و الآخر بباب المغرب رجلان ممن ينتحل الإسلام أعدى لله و لرسوله و لأهل بيته منك و من أبيك إذ كان و علامة قولي فيك أنك إذا غضبت سقط رداؤك عن منكبك قال فو الله ما قام مروان من مجلسه حتى غضب فانتقض و سقط رداؤه عن عاتقه

3-  شي، ]تفسير العياشي[ عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله ع قال دخل مروان بن الحكم المدينة قال فاستلقى على السرير و ثم مولى للحسين ع فقال رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ قال فقال الحسين لمولاه ما ذا قال هذا حين دخل قال استلقى على السرير فقرأ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ إلى قوله الْحاسِبِينَ قال فقال الحسين ع نعم و الله رددت أنا و أصحابي إلى الجنة و رد هو و أصحابه إلى النار

4-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ عبد الملك بن عمير و الحاكم و العباس قالوا خطب الحسن ع عائشة بنت عثمان فقال مروان أزوجها عبد الله بن الزبير ثم إن معاوية كتب إلى مروان و هو عامله على الحجاز يأمره أن يخطب أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر لابنه يزيد فأتى عبد الله بن جعفر فأخبره بذلك فقال عبد الله إن أمرها ليس إلي إنما هو إلى سيدنا الحسين ع و هو خالها فأخبر الحسين بذلك فقال أستخير الله تعالى اللهم وفق لهذه الجارية رضاك من آل محمد فلما اجتمع الناس في مسجد رسول الله ص أقبل مروان حتى جلس إلى الحسين ع و عنده من الجلة و قال إن أمير المؤمنين أمرني بذلك و أن أجعل مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ مع صلح ما بين هذين الحيين مع قضاء دينه و اعلم أن من يغبطكم بيزيد أكثر ممن يغبطه بكم و العجب كيف يستمهر يزيد و هو كفو من لا كفو له و بوجهه يستسقى الغمام فرد خيرا يا أبا عبد الله فقال الحسين ع الحمد لله الذي اختارنا لنفسه و ارتضانا لدينه و اصطفانا على خلقه إلى آخر كلامه ثم قال يا مروان قد قلت فسمعنا أما قولك مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنة رسول الله ص في بناته و نسائه و أهل بيته و هو ثنتا عشرة أوقية يكون أربعمائة و ثمانين درهما و أما قولك مع قضاء دين أبيها فمتى كن نساؤنا يقضين عنا ديوننا و أما صلح ما بين هذين الحيين فإنا قوم عاديناكم في الله و لم نكن نصالحكم للدنيا فلعمري فلقد أعيا النسب فكيف السبب و أما قولك العجب ليزيد كيف يستمهر فقد استمهر من هو خير من يزيد و من أبي يزيد و من جد يزيد و أما قولك إن يزيد كفو من لا كفو له فمن كان كفوه قبل اليوم فهو كفوه اليوم ما زادته إمارته في الكفاءة شيئا و أما قولك بوجهه يستسقى الغمام فإنما كان ذلك بوجه رسول الله ص و أما قولك من يغبطنا به أكثر ممن يغبطه بنا فإنما يغبطنا به أهل الجهل و يغبطه بنا أهل العقل ثم قال بعد كلام فاشهدوا جميعا أني قد زوجت أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر على أربعمائة و ثمانين درهما و قد نحلتها ضيعتي بالمدينة أو قال أرضي بالعقيق و إن غلتها في السنة ثمانية آلاف دينار ففيها لهما غنى إن شاء الله قال فتغير وجه مروان و قال غدرا يا بني هاشم تأبون إلا العداوة فذكره الحسين ع خطبة الحسن عائشة و فعله ثم قال فأين موضع الغدر يا مروان فقال مروان

أردنا صهركم لنجد ودا قد أخلقه به حدث الزمان‏فلما جئتكم فجبهتموني و بحتم بالضمير من الشنآن

فأجابه ذكوان مولى بني هاشم

أماط الله منهم كل رجس و طهرهم بذلك في المثاني‏فما لهم سواهم من نظير و لا كفو هناك و لا مداني‏أ تجعل كل جبار عنيد إلى الأخيار من أهل الجنان

ثم إنه كان الحسين ع تزوج بعائشة بنت عثمان

 بيان قال الجوهري مشيخة جلة أي مسان و قال باح بسره أظهره و الشنآن بفتح النون و سكونها العداوة

  -5  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ محاسن البرقي قال عمرو بن العاص للحسين ع ما بال أولادنا أكثر من أولادكم فقال ع

بغاث الطير أكثرها فراخا و أم الصقر مقلات نزور

فقال ما بال الشيب إلى شواربنا أسرع منه إلى شواربكم فقال ع إن نساءكم نساء بخرة فإذا دنا أحدكم من امرأته نهكنه في وجهه فشاب منه شاربه فقال ما بال لحائكم أوفر من لحائنا فقال ع وَ الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ الَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً فقال معاوية بحقي عليك إلا سكت فإنه ابن علي بن أبي طالب فقال ع

إن عادت العقرب عدنا لها و كانت النعل لها حاضرةقد علم العقرب و استيقنت أن لا لها دنيا و لا آخرة

 إيضاح قال الجوهري ابن السكيت البغاث طائر أبغث إلى الغبرة دوين الرخمة بطي‏ء الطيران و قال الفراء بغاث الطير شرارها و ما لا يصيد منها و بغاث و بغاث و بغاث ثلاث لغات. قوله مقلات لعله من القلى بمعنى البغض أي لا تحب الولد و لا تحب زوجها لتكثر الولد أو من قولهم قلا العير أتنه يقلوها قلوا إذا طردها و الصواب أنه من قلت قال الجوهري المقلات من النوق التي تضع واحدا ثم لا تحمل بعدها و المقلات من النساء التي لا يعيش لها ولد. و قال النزور المرأة القليلة الولد ثم استشهد بهذا الشعر. و يقال نهكته الحمى إذا جهدته و أضنته و نهكه أي بالغ في عقوبته و الأصوب نكهته قال الجوهري استنكهت الرجل فنكه في وجهي ينكه و ينكه نكها إذا أمرته بأن ينكه لتعلم أ شارب هو أم غير شارب

6-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ يقال دخل الحسين ع على معاوية و عنده أعرابي يسأله حاجة فأمسك و تشاغل بالحسين ع فقال الأعرابي لبعض من حضر من هذا الذي دخل قالوا الحسين بن علي فقال الأعرابي للحسين ع أسألك يا ابن بنت رسول الله لما كلمته في حاجتي فكلمه الحسين ع في ذلك فقضى حاجته فقال الأعرابي

أتيت العبشمي فلم يجد لي إلى أن هزه ابن الرسول‏هو ابن المصطفى كرما و جودا و من بطن المطهرة البتول‏و إن لهاشم فضلا عليكم كما فضل الربيع على المحول

فقال معاوية يا أعرابي أعطيك و تمدحه فقال الأعرابي يا معاوية أعطيتني من حقه و قضيت حاجتي بقوله العقد عن الأندلسي دعا معاوية مروان بن الحكم فقال له أشر علي في الحسين فقال أرى أن تخرجه معك إلى الشام و تقطعه عن أهل العراق و تقطعهم عنه فقال أردت و الله أن تستريح منه و تبتليني به فإن صبرت عليه صبرت على ما أكره و إن أسأت إليه قطعت رحمه فأقامه و بعث إلى سعيد بن العاص فقال له يا أبا عثمان أشر علي في الحسين فقال إنك و الله ما تخاف الحسين إلا على من بعدك و إنك لتخلف له قرنا إن صارعه ليصرعنه و إن سابقة ليسبقنه فذر الحسين بمنبت النخلة يشرب الماء و يصعد في الهواء و لا يبلغ إلى السماء

 بيان قوله يشرب الماء الظاهر أنه صفة النخلة أي كما أن النخلة في تلك البلاد تشرب الماء و تصعد في الهواء و كلما صعدت لا تبلغ السماء فكذلك هو كلما تمنى و طلب الرفعة لا يصل إلى شي‏ء و يحتمل أن يكون الضمائر راجعة إليه صلوات الله عليه

7-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ علي بن حمدون معنعنا عن أبي الجارية و الأصبغ بن نباتة الحنظلي قالا لما كان مروان على المدينة خطب الناس فوقع في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع قال فلما نزل عن المنبر أتى الحسين بن علي أبي طالب ع فقيل له إن مروان قد وقع في علي قال فما كان في المسجد الحسن قالوا بلى قال فما قال له شيئا قالوا لا قال فقام الحسين مغضبا حتى دخل على مروان فقال له يا ابن الزرقاء و يا ابن آكلة القمل أنت الواقع في علي قال له مروان إنك صبي لا عقل لك قال فقال له الحسين أ لا أخبرك بما فيك و في أصحابك و في علي فإن الله تعالى يقول إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا فذلك لعلي و شيعته فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ فبشر بذلك النبي العربي لعلي بن أبي طالب عليه الصلاة و السلام

8-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن البرقي عن عبد الرحمن بن محمد العرزمي قال استعمل معاوية مروان بن الحكم على المدينة و أمره أن يفرض لشباب قريش ففرض لهم فقال علي بن الحسين ع فأتيته فقال ما اسمك فقلت علي بن الحسين فقال ما اسم أخيك فقلت علي فقال علي و علي ما يريد أبوك أن يدع أحدا من ولده إلا سماه عليا ثم فرض لي فرجعت إلى أبي ع فأخبرته فقال ويلي على ابن الزرقاء دباغة الأدم لو ولد لي مائة لأحببت أن لا أسمي أحدا منهم إلا عليا

 بيان ويلي على ابن الزرقاء أي ويل و عذاب و شدة مني عليه قال الجوهري ويل كلمة مثل ويح إلا أنها كلمة عذاب يقال ويله و ويلك و ويلي و في الندبة ويلاه قال الأعشى. ويلي عليك و ويلي منك يا رجل

  -9  كش، ]رجال الكشي[ روي أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية و هو عامله على المدينة أما بعد فإن عمرو بن عثمان ذكر أن رجالا من أهل العراق و وجوه أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين بن علي و ذكر أنه لا يأمن وثوبه و قد بحثت عن ذلك فبلغني أنه لا يريد الخلاف يومه هذا و لست آمن أن يكون هذا أيضا لما بعده فاكتب إلي برأيك في هذا و السلام فكتب إليه معاوية أما بعد فقد بلغني و فهمت ما ذكرت فيه من أمر الحسين فإياك أن تعرض للحسين في شي‏ء و اترك حسينا ما تركك فإنا لا نريد أن نعرض له في شي‏ء ما وفى بيعتنا و لم ينازعنا سلطاننا فاكمن عنه ما لم يبد لك صفحته و السلام و كتب معاوية إلى الحسين بن علي ع أما بعد فقد انتهت إلي أمور عنك إن كانت حقا فقد أظنك تركتها رغبة فدعها و لعمر الله إن من أعطى الله عهده و ميثاقه لجدير بالوفاء فإن كان الذي بلغني باطلا فإنك أنت أعزل الناس لذلك و عظ نفسك فاذكر و بعهد الله أوف فإنك متى ما تنكرني أنكرك و متى ما تكدني أكدك فاتق شق عصا هذه الأمة و أن يردهم الله على يديك في فتنة فقد عرفت الناس و بلوتهم فانظر لنفسك و لدينك و لأمة محمد و لا يستخفنك السفهاء و الذين لا يعلمون فلما وصل الكتاب إلى الحسين صلوات الله عليه كتب إليه أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر أنه قد بلغك عني أمور أنت لي عنها راغب و أنا بغيرها عندك جدير فإن الحسنات لا يهدي لها و لا يسدد إليها إلا الله و أما ما ذكرت أنه انتهى إليك عني فإنه إنما رقاه إليك الملاقون المشاءون بالنميم و ما أريد لك حربا و لا عليك خلافا و ايم الله إني لخائف لله في ترك ذلك و ما أظن الله راضيا بترك ذلك و لا عاذرا بدون الإعذار فيه إليك و في أولئك القاسطين الملحدين حزب الظلمة و أولياء الشياطين أ لست القاتل حجرا أخا كندة و المصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم و يستعظمون البدع وَ لا يَخافُونَ في الله لَوْمَةَ لائِمٍ ثم قتلتهم ظلما و عدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلظة و المواثيق المؤكدة و لا تأخذهم بحدث كان بينك و بينهم و لا بإحنة تجدها في نفسك أ و لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله ص العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه و صفرت لونه بعد ما أمنته و أعطيته من عهود الله و مواثيقه ما لو أعطيته طائرا لنزل إليك من رأس الجبل ثم قتلته جرأة على ربك و استخفافا بذلك العهد أ و لست المدعي زياد ابن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف فزعمت أنه ابن أبيك و قد قال رسول الله ص الولد للفراش و للعاهر الحجر فتركت سنة رسول الله تعمدا و تبعت هواك بغير هدى من الله ثم سلطته على العراقين يقطع أيدي المسلمين و أرجلهم و يسمل أعينهم و يصلبهم على جذوع النخل كأنك لست من هذه الأمة و ليسوا منك أ و لست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية أنهم كانوا على دين علي صلوات الله عليه فكتبت إليه أن اقتل كل من كان على دين علي فقتلهم و مثل بهم بأمرك و دين علي ع و الله الذي كان يضرب عليه أباك و يضربك و به جلست مجلسك الذي جلست و لو لا ذلك لكان شرفك و شرف أبيك الرحلتين و قلت فيما قلت انظر لنفسك و لدينك و لأمة محمد و اتق شق عصا هذه الأمة و أن تردهم إلى فتنة و إني لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأمة من ولايتك عليها و لا أعلم نظرا لنفسي و لديني و لأمة محمد ص علينا أفضل من أن أجاهدك فإن فعلت فإنه قربة إلى الله و إن تركته فإني أستغفر الله لذنبي و أسأله توفيقه لإرشاد أمري و قلت فيما قلت إني إن أنكرتك تنكرني و إن أكدك تكدني فكدني ما بدا لك فإني أرجو أن لا يضرني كيدك في و أن لا يكون على أحد أضر منه

 على نفسك لأنك قد ركبت جهلك و تحرصت على نقض عهدك و لعمري ما وفيت بشرط و لقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح و الأيمان و العهود و المواثيق فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا و قتلوا و لم تفعل ذلك بهم إلا لذكرهم فضلنا و تعظيمهم حقنا فقتلتهم مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا أو ماتوا قبل أن يدركوا فأبشر يا معاوية بالقصاص و استيقن بالحساب و اعلم أن لله تعالى كتابا لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها و ليس الله بناس لأخذك بالظنة و قتلك أولياءه على التهم و نفيك أولياءه من دورهم إلى دار الغربة و أخذك الناس ببيعة ابنك غلام حدث يشرب الخمر و يلعب بالكلاب لا أعلمك إلا و قد خسرت نفسك و بترت دينك و غششت رعيتك و أخزيت أمانتك و سمعت مقالة السفيه الجاهل و أخفت الورع التقي لأجلهم و السلام فلما قرأ معاوية الكتاب قال لقد كان في نفسه ضب ما أشعر به فقال يزيد يا أمير المؤمنين أجبه جوابا يصغر إليه نفسه و تذكر فيه أباه بشر فعله قال و دخل عبد الله بن عمرو بن العاص فقال له معاوية أ ما رأيت ما كتب به الحسين قال و ما هو قال فأقرئه الكتاب فقال و ما يمنعك أن تجيبه بما يصغر إليه نفسه و إنما قال ذلك في هوى معاوية فقال يزيد كيف رأيت يا أمير المؤمنين رأيي فضحك معاوية فقال أما يزيد فقد أشار علي بمثل رأيك قال عبد الله فقد أصاب يزيد فقال معاوية أخطأتما أ رأيتما لو إني ذهبت لعيب علي محقا ما عسيت أن أقول فيه و مثلي لا يحسن أن يعيب بالباطل و ما لا يعرف و متى ما عبت رجلا بما لا يعرفه الناس لم يحفل بصاحبه و لا يراه الناس شيئا و كذبوه و ما عسيت أن أعيب حسينا و و الله ما أرى للعيب فيه موضعا و قد رأيت أن أكتب إليه أتوعده و أتهدده ثم رأيت أن لا أفعل و لا أمحكه

  -10  ج، ]الإحتجاج[ أما بعد فقد بلغني كتابك أنه قد بلغك عني أمور أن بي عنها غنى و زعمت أني راغب فيها و أنا بغيرها عنك جدير و ساق الحديث نحوا مما مر إلى قوله و ما أرى فيه للعيب موضعا إلا أني قد أردت أن أكتب إليه و أتوعده و أتهدده و أسفهه و أجهله ثم رأيت أن لا أفعل قال فما كتب إليه بشي‏ء يسوؤه و لا قطع عنه شيئا كان يصله به كان يبعث إليه في كل سنة ألف ألف درهم سوى عروض و هدايا من كل ضرب

 بيان قوله فقد أظنك تركتها أي الظن بك أن تتركها رغبة في ثواب الله أو في بقاء المودة أو أظنك تركتها لرغبتي عن فعلك ذلك و عدم رضائي بذلك شفقة عليك و يمكن أن يكون تركبها بالباء الموحدة أي أظنك ركبت هذه الأمور للرغبة في الدنيا و ملكها و رئاستها و يؤيد الأخير ما في نسخة الإحتجاج في جواب ذلك و يؤيد الوسط ما في رواية الكشي أنت لي عنها راغب. و شق العصا كناية عن تفريق الجمع قوله ع و ما أظن الله راضيا بترك ذلك أي بعد حصول شرائطه و الإحنة بالكسر الحقد و العداوة. قوله ع الرحلتين أي رحلة الشتاء و الصيف و في الإحتجاج و لو لا ذلك لكان أفضل شرفك و شرف أبيك تجشم الرحلتين اللتين بنا من الله عليكم فوضعهما عنكم و فيه بعد قوله و إن أكدك تكدني و هل رأيك إلا كيد الصالحين منذ خلقت فكدني ما بدا لك إن شئت فإني أرجو أن لا يضرني كيدك و أن لا يكون على أحد أضر منه على نفسك على أنك تكيد فتوقظ عدوك و توبق نفسك كفعلك بهؤلاء الذين قتلتهم و مثلت بهم بعد الصلح و العهد و الميثاق و فيه غلام من الغلمان يشرب الشراب و يلعب بالكعاب. قوله لعنه الله لقد كان في نفسه ضب في أكثر النسخ بالصاد المهملة و لعله بالضم قال الجزري و فيه لتعودن فيها أساود صبا الأساود الحيات و الصب جمع صبوب على أن أصله صبب كرسول و رسل ثم خفف كرسل فأدغم و هو غريب من حيث الإدغام قال النضر إن الأسود إذا أراد أن ينهش ارتفع ثم انصب على الملدوغ انتهى. أقول الأظهر أنه بالضاد المعجمة قال الجوهري الضب الحقد تقول أضب فلان على غل في قلبه أي أضمره انتهى و يقال لم يحفل بكذا أي لم يبال به و في الإحتجاج لم يحفل به صاحبه و لعله أظهر قوله و لا أمحكه من المحك اللجاج و المماحكة الملاجة و في بعض النسخ باللام و لعله من المحل بمعنى الكيد و الأول أظهر