باب 2- العسل

 

 الآيات النحل وَ أَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَ مِنَ الشَّجَرِ وَ مِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.   تفسير أقول قد مر تفسيرها في باب النحل و جملته أن الوحي إما إلهام من الله أو كناية عن جعله ذلك في غرائزها وَ مِمَّا يَعْرِشُونَ الضمير للناس و المراد بالعرش رفع البناء كالسقوف و الكروم ذُلُلًا جمع ذلول و هي حال من السبل أو من الضمير في فَاسْلُكِي فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إما بنفسه كما في بعض الأمراض البلغمية أو مع غيره كما في سائر الأمراض إذ قلما يوجد معجون لم يكن العسل جزءا منه مع أن التنكير يشعر بالتبعيض و يجوز أن يكون للتعظيم و التكثير و قيل الضمير للقرآن و هو بعيد. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً إلخ فإن من تفكر في أحوال النحل و أفعاله و وجود العسل و كيفية حصوله علم قطعا أن الله سبحانه هو المعلم له و أنه قادر مختار حكيم عليم متصف بجميع صفات الكمال و ليس فيه نقص بوجه و فيها دلالة على حل العسل بل الشمع فإنه قل ما ينفك عنه و جواز اتخاذ النحل للعسل ما لم يمنع منه مانع شرعي و جواز الاستشفاء منه مفردا و مركبا و أن الله يشفي بالدواء و إن كان قادرا عليه بغيره لحكمة في ذلك و جواز طلب علم الطب بل علم الكلام و التفكر في الأفعال و الأعمال و الاستدلال بها على وجود الواجب و صفاته و الحسن و القبح العقليين و غير ذلك كذا ذكره بعض الأفاضل و في بعضها مجال مناقشة

1-  مجمع البيان، نقلا عن العياشي مرفوعا إلى أمير المؤمنين ع أن رجلا قال له إني موجع بطني فقال أ لك زوجة قال نعم قال استوهب منها شيئا من مالها طيبة نفسها ثم اشتر به عسلا ثم اسكب عليه من ماء السماء ثم اشربه فإني سمعت الله سبحانه يقول في كتابه وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً و قال يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ و قال فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ‏ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً و إذا اجتمعت البركة و الشفاء و الهني‏ء شفيت إن شاء الله

    -2  المكارم، عن أبي عبد الله ع قال كان رسول الله ص يعجبه العسل و قال ع عليكم بالشفاء من العسل و القرآن

 و عن أبي الحسن ع قال من تغير عليه ماء بصره ينفع له اللبن الحليب بالعسل

 و عن أبي عبد الله ع قال ما استشفى الناس بمثل لعق العسل

 و من الفردوس، عن أنس قال قال رسول الله ص من شرب العسل في كل شهر مرة يريد ما جاء به القرآن عوفي من سبع و سبعين داء

 و عنه ص قال من أراد الحفظ فليأكل العسل

 و قال ص نعم الشراب العسل يرعي القلب و يذهب برد الصدر

 و من الفردوس، عن علي بن أبي طالب ع قال قال رسول الله ص خمس يذهبن بالنسيان و يزدن في الحفظ و يذهبن بالبلغم السواك و الصيام و قراءة القرآن و العسل و اللبان

 بيان يرعي القلب الإرعاء الإبقاء و الرفق و الشفقة

3-  العيون، عن محمد بن علي بن الشاه عن أبي بكر بن عبد الله عن عبد الله بن أحمد بن عامر عن أبيه و عن أحمد بن إبراهيم الخوزي عن إبراهيم بن مروان عن جعفر بن محمد بن زياد عن أحمد بن عبد الله الهروي و عن الحسين بن محمد الأشناني عن علي بن محمد بن مهرويه عن داود بن سليمان كلهم عن الرضا عن آبائه ع قال قال رسول الله ص إن يكن في شي‏ء شفاء ففي شرطة الحجام أو في شربة العسل

 و بالإسناد قال قال رسول الله ص لا تردوا شربة العسل على من أتاكم بها

 و بالإسناد قال قال أمير المؤمنين ع ثلاثة يزدن في الحفظ و يذهبن بالبلغم قراءة القرآن و العسل و اللبان

    و بالإسناد عنه ع قال الطيب نشرة و العسل نشرة و الركوب نشرة و النظر إلى الخضرة نشرة

 صحيفة الرضا، عنه ع مثل الجميع

بيان النشرة ما يزيل الهموم و الأحزان التي يتوهم أنها من الجن قال في النهاية فيه أنه سئل عن النشرة فقال هو من عمل الشيطان النشرة بالضم ضرب من الرقية و العلاج يعالج به من كان يظن أن به مسا من الجن سميت نشرة لأنه بها ينشر عنه ما خامره من الداء أي يكشف و يزال

4-  الخصال، عن أبيه عن سعد عن محمد بن عيسى عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير و محمد بن مسلم عن الصادق ع عن آبائه ع قال قال أمير المؤمنين ع لعق العسل شفاء من كل داء قال الله تعالى يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ و هو مع قراءة القرآن

 المحاسن، عن القاسم بن يحيى عن جده عن محمد بن مسلم عن أبيه عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع مثله و زاد في آخره و مضغ اللبان يذيب البلغم

5-  و منه، عن بعض أصحابنا عن عبد الرحمن بن شعيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال لعق العسل فيه شفاء قال الله يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ

 المكارم، عنه ع مثله

6-  المحاسن، عن أبيه و عبد الله بن المغيرة عن إسماعيل بن جعفر عن أبيه عن علي ع قال العسل فيه شفاء

    -7  و منه، عن بعض أصحابنا رواه عن أبي الحسن ع قال العسل شفاء من كل داء إذا أخذته من شهده

 بيان أي أخذته جديدا من شمعه أو من خالصه قال في الصحاح الشهد و الشهد العسل في شمعها و الشهدة أخص منها

8-  المحاسن، عن أبي القاسم و يعقوب بن يزيد عن القندي عن ابن سنان و أبي البختري عن أبي عبد الله ع قال ما استشفى مريض بمثل العسل

 و منه عن علي بن حسان عن موسى بن بكر عن أبي الحسن ع مثله

9-  و منه، عن محمد بن عيسى عن أبي نصر قرابة بن سلام الحلاسي عن أحمد بن محمد بن نصر عن حماد بن عثمان عن محمد بن سوقة عن أبي عبد الله ع قال ما استشفى الناس بمثل العسل

10-  و منه، عن أبيه عن فضالة رفعه قال قال أمير المؤمنين ع لم يستشف مريض بمثل شربة عسل

11-  و منه، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم و حماد عن زرارة عن أبي عبد الله ع قال كان رسول الله ص يعجبه العسل و كان بعض نسائه يأتيه به فقالت له إحداهن إني ربما وجدت منك الرائحة فتركه

 بيان أقول قد مرت هذه القصة مفصلة في أبواب أحوال نبينا ص و قد أوردناها بوجوه مختلفة منها

 ما روي عن عائشة أنها قالت إن رسول الله ص كان يمكث عند زينب بنت جحش و يشرب عندها عسلا فتواطأت أنا و حفصة أيتنا دخل عليها النبي ص فلتقل إني أجد منك ريح المغافير فدخل ص على إحداهما فقالت له ذلك فقال لا بل شربت عسلا عند زينب فحرم العسل على نفسه أو زينب فنزلت سورة التحريم فعاد إليهما و لم يتركهما

12-  المحاسن، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن سكين عن أبي عبد الله ع قال كان رسول الله ص يأكل العسل

    الكافي، عن محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن محمد بن عيسى عن ابن عبد الحميد مثله و زاد في آخره و يقول آيات من القرآن و مضغ اللبان يذيب البلغم

13-  المحاسن، عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن أبيه عن علي ع قال العسل فيه شفاء

14-  و منه، عن محمد بن أحمد عن موسى بن جعفر البغدادي عن أبي علي بن راشد قال سمعت أبا الحسن الثالث ع يقول أكل العسل حكمة

 بيان أي سبب لها أو مسبب عنها

15-  المحاسن، عن أبيه عن بعض أصحابنا قال رفعت إلي امرأة غزلا فقالت ادفعه بمكة لتخاط به كسوة الكعبة قال فكرهت أن أدفعه إلى الحجبة و أنا أعرفهم فلما صرت إلى المدنية دخلت إلى أبي جعفر ع فقلت له جعلت فداك إن امرأة أعطتني غزلا و حكيت له قول المرأة و كراهتي لدفع الغزل إلى الحجبة فقال اشتر به عسلا و زعفرانا و خذ من طين قبر الحسين ع و اعجنه بماء السماء و اجعل فيه شيئا من عسل و زعفران و فرقه على الشيعة ليتداووا به مرضاهم

 المكارم، عنه ع مثله

16-  فقه الرضا، قال العالم ع عليكم بالعسل و حبة السوداء و قال العسل شفاء في ظاهر الكتاب كما قال الله عز و جل و قال ع في العسل شفاء من كل داء و من لعق لعقة عسل على الريق يقطع البلغم و يكسر الصفراء و يقطع المرة السوداء و يصفو الذهن و يجود الحفظ إذا كان مع اللبان الذكر

17-  العياشي، عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال لعقة العسل فيه شفاء قال الله تعالى مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ

    أقول قد أوردنا تأويلا آخر للآية في باب غرائب التأويل في الأئمة ع في كتاب الإمامة

18-  المكارم، عن أمير المؤمنين ع قال العسل شفاء من كل داء و لا داء فيه يقل البلغم و يجلو القلب

 و عن الرضا ع قال قال رسول الله ص إن الله عز و جل جعل البركة في العسل و فيه شفاء من الأوجاع و قد بارك عليه سبعون نبيا

19-  كتاب الإمامة و التبصرة، عن سهل بن أحمد عن محمد بن محمد بن الأشعث عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه ع قال قال رسول الله ص العسل شفاء يطرد الريح و الحمى

20-  حياة الحيوان، اعلم أن الله سبحانه و تعالى جمع في النحلة السم و العسل دليلا على كمال قدرته و أخرج منها العسل ممزوجا بالشمع و كذلك عمل المؤمن ممزوج بالخوف و الرجاء و في العسل ثلاثة أشياء الشفاء و الحلاوة و اللين و كذلك المؤمن قال الله تعالى ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ و يخرج من الشباب خلاف ما يخرج من الكهل و الشيخ و كذلك حال المقتصد و السابق و أمرها الله تعالى بأكل الحلال حتى صار لعابها شفاء و كل ذباب في النار إلا النحل و دواء الله حلو و هو العسل و دواء الأطباء مر و هي تأكل من كل شجر و لا يخرج منها إلا الحلو و لا يغيرها اختلاف مآكلها وَ الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ و قوله تعالى فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ لا يقتضي العموم لكل علة و في كل إنسان لأنه نكرة و ليس في سياق النفي بل إنه خبر عن أنه يشفي كما يشفي غيره من الأدوية في حال دون حال و عن ابن عمر أنه كان لا يشكو شيئا إلا تداوى بالعسل حتى كان يدهن به الدمل و القرحة و يقرأ هذه الآية و هذا يقتضي أنه كان يحمله على العموم و روى ابن ماجة و الحاكم عن ابن مسعود أن النبي ص قال العسل شفاء   من كل داء و القرآن شفاء لما في الصدور فعليكم بالشفاءين القرآن و العسل و حكى النقاش عن أبي وجزة أنه كان يكتحل بالعسل و يتداوى به من كل سقم و روي أيضا عن عون بن مالك أنه مرض فقال ائتوني بماء فإن الله تعالى قال وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً ثم قال ائتوني بعسل و قرأ الآية ثم قال ائتوني بزيت فإنه مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ فخلط الجميع ثم شربه فشفي

 و روى البخاري و مسلم و النسائي و الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال جاء رجل إلى النبي ص فقال إن أخي استطلق بطنه فقال ص اسقه عسلا فسقاه ثم جاءه فقال يا رسول الله صلى الله عليك قد سقيته فلم يزد إلا استطلاقا فقال ص اسقه عسلا ثلاث مرات ثم جاء في الرابعة فقال اسقه عسلا قال قد سقيته فلم يزده إلا استطلاقا فقال ص صدق الله و كذب بطن أخيك اسقه عسلا فسقاه فبرأ انتهى

 أقول قال ابن حجر في فتح الباري في شرح هذا الخبر قال الخطابي و غيره أهل الحجاز يطلقون الكذب في موضع الخطاء يقال كذب سمعك أي زل فلم يدرك حقيقة ما قيل له فمعنى كذب بطنه أي لم يصلح لقبول الشفاء بل زل عنه. و قد اعترض بعض الملاحدة فقال العسل مسهل فكيف يوصف لمن وقع به الإسهال. و الجواب أن ذلك جهل من قائله بل هو كقول الله تعالى بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ فقد اتفق الأطباء على أن المرض الواحد يختلف علاجه باختلاف السن و العادة و الزمان و الغذاء المألوف و التدبير و قوة الطبيعة و على أن الإسهال يحدث من أنواع منها الهيضة التي تحدث عن تخمة و اتفقوا على أن علاجها بترك الطبيعة و فعلها فإن احتاجت إلى مسهل أعينت ما دام بالعليل قوة.   فكأن هذا الرجل كان استطلاق بطنه عن تخمة أصابته فوصف له النبي ص العسل لدفع الفضول المجتمعة في نواحي المعدة و الأمعاء لما في العسل من الجلاء و دفع الفضول التي تصيب المعدة من أخلاط لزجة تمنع استقرار الغذاء فيها و للمعدة خمل كخمل المنشفة فإذا علقت بها الأخلاط اللزجة أفسدتها و أفسدت الغذاء الواصل إليها فكان دواؤها استعمال ما يجلو تلك الأخلاط و لا شي‏ء في ذلك مثل العسل لا سيما إن مزج بالماء الحار و إنما لم يفده في أول مرة لأن الدواء يجب أن يكون له مقدار و كمية بحسب الداء إن قصر عنه لم يدفعه بالكلية و إن جاوزه أوهى القوة و أحدث ضررا آخر و كأنه شرب منه أولا مقدارا لا يفي بمقاومة الداء فأمره بمعاودة سقيه فلما تكررت الشربات بحسب ما فيه من الداء برئ بإذن الله. و في قوله ص و كذب بطن أخيك إشارة إلى أن هذا الدواء نافع و أن بقاء الداء ليس لقصور الدواء في نفسه و لكن لكثرة المادة الفاسدة فمن ثم أمر بمعاودة شرب العسل لاستفراغها و كان كذلك و برئ بإذن الله. قال الخطابي و الطب نوعان طب اليونان و هو قياسي و طب العرب و الهند و هو تجاربي و كان أكثر ما يصفه النبي ص لمن يكون عليلا على طريقة طب العرب و منه ما يكون مما اطلع عليه بالوحي و قد قال صاحب كتاب المائة في الطب إن العسل تارة يجري سريعا إلى العروق و ينفذ معه جل الغذاء و يدر البول و يكون قابضا و تارة يبقى في المعدة فيهيجان بلذعها حتى يدفع الطعام و يسهل البطن فيكون مسهلا فإنكار وصفه للمسهل مطلقا قصور من المنكر. و قال غيره طب النبي ص متيقن البرء لصدوره عن الوحي و طب غيره أكثره حدس أو تجربة و قد يختلف الشفاء عن بعض من يستعمل طب النبوة و ذلك لمانع قام بالمستعمل من ضعف اعتقاد الشفاء به و تلقيه بالقبول و أظهر الأمثلة في ذلك القرآن الذي هو شفاء لما في الصدور و مع ذلك فقد لا يحصل لبعض الناس شفاء صدره به لقصوره في الاعتقاد و التلقي بالقبول بل لا يزيد المنافق إلا رجسا إلى رجسه و مرضا إلى مرضه فطب النبوة لا تناسب إلا الأبدان الطيبة كما أن شفاء القرآن لا يناسب

    إلا القلوب الطيبة و الله أعلم. و قال ابن الجوزي في وصفه ص العسل للذي به الإسهال أربعة أقوال أحدها أنه حمل الآية على عمومها في الشفاء و إلى ذلك إشارة بقوله صدق الله أي في قوله شِفاءٌ لِلنَّاسِ فلما نبهه على هذه الحكمة تلقاها بالقبول فشفي بإذن الله الثاني أن الوصف المذكور على المألوف من عادتهم من التداوي بالعسل في الأمراض كلها. الثالث أن الموصوف له ذلك كانت به هيضة كما تقدم تقريره. الرابع يحتمل أن يكون أمره أولا بطبخ العسل قبل شربه فإنه يعقد البلغم فلعله شربه أولا بغير طبخ انتهى و الثاني و الرابع ضعيفان و في كلام الخطابي احتمال آخر و هو أن يكون الشفاء يحصل للمذكور ببركة النبي ص و بركة وصفه و دعائه فيكون خاصا بذلك الرجل دون غيره و هو ضعيف أيضا و يؤيد الأول حديث ابن مسعود عليكم بالشفاء من العسل و القرآن و أثر علي ع إذا اشتكى أحدكم فليستوهب من امرأته من صداقها و ليشتر به عسلا ثم يأخذ ماء السماء فيجمع هنيئا مريئا شفاء مباركا أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير بسند حسن انتهى و قال بعض الأطباء العسل حار يابس في الثانية يجلو ظلمة البصر و يقوي المعدة و يشهي و يسهل البطن و يوافق السعال و أجوده الصادق الحلاوة الأبيض الربيعي و قيل أجوده المائل إلى الحمرة