باب 12- تطهير الأرض و الشمس و ما تطهرانه و الاستحالة و القدر المطهر منها

1-  مجالس الصدوق، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا الخبر

 الخصال، عن ابن الوليد عن الصفار و سعد بن عبد الله معا عن أحمد بن محمد بن عيسى و أحمد بن محمد بن خالد البرقي معا عن محمد البرقي عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن ابن جبير عن ابن عباس عن النبي ص مثله

2-  معاني الأخبار، و الخصال، عن محمد بن علي بن الشاه عن محمد بن جعفر البغدادي عن أبيه عن أحمد بن السخت عن محمد بن الأسود عن أيوب بن سليمان عن أبي البختري عن محمد بن حميد عن محمد بن المنكدر عن جابر   بن عبد الله عن النبي ص قال قال الله تعالى جعلت لك و لأمتك الأرض كلها مسجدا و ترابها طهورا الخبر

 أقول قد مضى هذا المضمون بأسانيد أخرى في كتاب النبوة

3-  قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن البواري يبل قصبها بماء قذر أ تصلح الصلاة عليها إذا يبست قال لا بأس

4-  و منه عن السندي بن محمد عن أبي البختري عن الصادق عن أبيه ع عن علي ع أنه كان لا يرى بأسا أن يطرح في المزارع العذرة

5-  المحاسن، عن أبي سعيد الآدمي قال حدثني من رأى أبا الحسن ع يأكل الكرات من المشارة يعني الدبرة يغسله بالماء و يأكله

 بيان في الصحاح المشارة الدبرة التي في المزرعة و هي بالفارسية كردو

6-  المحاسن، عن داود بن أبي داود عن رجل رأى أبا الحسن ع بخراسان يأكل الكراث في البستان كما هو فقيل إن فيه السماد فقال لا يعلق به منه شي‏ء

 بيان قال في النهاية في حديث عمر إن رجلا كان يسمد أرضه بعذرة الناس فقال أ ما يرضى أحدكم حتى يطعم الناس ما يخرج منه السماد ما يطرح   في أصول الزرع و الخضر من العذرة و الزبل ليجود نباته انتهى. قوله ع لا يعلق به منه شي‏ء إما مبني على الاستحالة أو على أنه لا يعلم ملاقاة شي‏ء منه للنابت فالغسل في الخبر السابق محمول على النظافة و الاستحباب

7-  المحاسن، عن إبراهيم بن عقبة الخزاعي عن يحيى بن سليمان قال رأيت أبا الحسن الرضا ع بخراسان في روضة و هو يأكل الكراث إلى قوله قلت فإنه يسمد فقال لا يعلق به شي‏ء

8-  و منه، عن أيوب بن نوح عن أحمد بن الفضل عن وضاح التمار قال سمعت أبا عبد الله ع يقول من أكثر أكل الهندباء أيسر قال قلت له إنه يسمد قال لا تعدل به شيئا

9-  مجالس الشيخ، عن هلال بن محمد الحفار عن إسماعيل بن علي الدعبلي عن أبيه عن الرضا ع عن آبائه ع أن رسول الله ص قال ما من صباح إلا و تقطر على الهندباء قطرة من الجنة فكلوه و لا تنفضوه

 أقول سيأتي مثلها بأسانيد في أبوابها إن شاء الله

10-  فقه الرضا، ما وقعت الشمس عليه من الأماكن التي أصابها شي‏ء من النجاسة من البول و غيرها طهرتها و أما الثياب فلا يتطهر إلا بالغسل

11-  السرائر، من كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن   المفضل عن محمد الحلبي قال قلت لأبي عبد الله ع إن طريقي إلى المسجد في زقاق يبال فيه فربما مررت فيه و ليس علي حذاء فيلصق برجلي من نداوته فقال أ ليس تمشي بعد ذلك في أرض يابسة قلت بلى قال فلا بأس إن الأرض يطهر بعضها بعضا قلت فأطأ على الروث الرطب قال لا بأس أما و الله ربما وطئت عليه ثم أصلي و لا أغسله

12-  إرشاد القلوب، عن موسى بن جعفر عن آبائه ع عن أمير المؤمنين ع قال قال الله تعالى لنبيه ليلة المعراج كانت الأمم السالفة إذا أصابهم أذى نجس قرضوه من أجسادهم و قد جعلت الماء طهورا لأمتك من جميع الأنجاس و الصعيد في الأوقات الخبر

13-  كتاب المسائل، بإسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الجص يطبخ بالعذرة أ يصلح أن يجصص به المسجد قال ع لا بأس

14-  و منه، و من قرب الإسناد، عنه عن أخيه ع قال سألته عن الخمر يكون أوله خمرا ثم يصير خلا أ يؤكل قال نعم إذا ذهب سكره فلا بأس

15-  كتاب عاصم بن حميد، عن أبي عبيدة الحذاء قال دخلت الحمام فلما خرجت دعوت بماء و أردت أن أغسل قدمي قال فزبرني أبو جعفر ع و نهاني عن ذلك و قال إن الأرض ليطهر بعضها بعضا

    -16  دعائم الإسلام، قالوا ع في المتطهر إذا مشى على أرض نجسة ثم على طاهرة طهرت قدميه

17-  و قالوا ع في الأرض تصيبها النجاسة لا يصلى عليها إلا أن تجففها الشمس و تذهب بريحها فإنها إذا صارت كذلك و لم يوجد فيها عين النجاسة و لا ريحها طهرت

18-  توحيد المفضل، برواية ابن سنان عن أبي عبد الله ع قال فاعتبر بما ترى من ضروب المآرب في صغير الخلق و كبيره و بما له قيمة و بما لا قيمة له و أخس من هذا و أحقره الزبل و العذرة التي اجتمعت فيه الخساسة و النجاسة معا و موقعها من الزروع و البقول و الخضر أجمع الموقع الذي لا يعدله شي‏ء حتى أن كل شي‏ء من الخضر لا يصلح و لا يزكو إلا بالزبل و السماد الذي يستقذره الناس و يكرهون الدنو منه الخبر

 بيان الزبل بالكسر السرقين و في القاموس السماد السرقين برماد و في النهاية هو ما يطرح في أصول الزرع و الخضر من العذرة و الزبل ليجود نباته. ثم اعلم أن تحقيق المطالب التي تضمنتها تلك الأخبار يتوقف على بيان أمور. الأول أن القوم عدوا من المطهرات الشمس و المشهور بين المتأخرين أنها تطهر ما تجففه من البول و شبهه من النجاسات التي لا جرم لها بأن تكون مائعة أو كان لها جرم لكن أزيل بغير المطهر و بقي لها رطوبة و إنما تطهره إذا كان في الأرض أو البواري أو الحصر أو ما لا ينقل عادة كالأبنية و النباتات. و قيل باختصاص الحكم المذكور بالبول و قيل باختصاصه بالأرض و البواري و الحصر و منهم من اعتبر الخصوصيتين و منهم من قال لا يطهر المحل و لكن يجوز السجود عليه و المسألة قوية الإشكال و إن كان الأظهر   مع اعتبار الخصوصيتين الطهارة و الأحوط صب الماء قبل التجفيف كما يدل عليه بعض الأخبار. و المشهور أن الجفاف الحاصل بغير الشمس لا يوجب الطهارة خلافا للشيخ في الخلاف حيث قال الأرض إذا أصابتها نجاسة مثل البول و ما أشبهه و طلعت عليها الشمس أو هبت عليها الريح حتى زالت عين النجاسة فإنها تطهر و يجوز السجود عليها و التيمم بترابها و إن لم يطرح عليها الماء انتهى و قالوا يطهر الباطن بتجفيف الشمس مع اتصاله بالظاهر أما مع الانفصال كوجهي الحائط إذا كانت النجاسة فيها غير خارقة فتختص الطهارة بما صدق عليه الإشراق. إذا عرفت هذا فاعلم أن رواية علي بن جعفر ظاهرها أن جواز الصلاة لمحض الجفاف إما لأنه يطهر بالجفاف مطلقا أو لأنه لا يشترط الطهارة في محل الصلاة مطلقا أو بالحمل على ما عدا الجبهة إن ثبت الإجماع على اشتراط طهارة موضع الجبهة أو دليل آخر و حملها الأكثر على الجفاف بالشمس. و أما رواية الفقه فتدل على الطهارة بالشمس لكن في خصوص الأماكن. الثاني أنهم عدوا من المطهرات الاستحالة و هي أنواع الأول ما أحالته النار و صيرته رمادا من الأعيان النجسة و المشهور فيه الطهارة و تردد فيه المحقق في الشرائع و الطهارة أقوى و يدل عليه رواية الجص إذ المتبادر من العذرة عذرة الإنسان. و رواه

 الشيخ قال سأل الحسن بن محبوب أبا الحسن ع عن الجص يوقد عليه بالعذرة و عظام الموتى ثم يجصص به المسجد أ يسجد عليه فكتب إليه بخطه إن الماء و النار قد طهراه

و قال والدي العلامة قدس الله روحه الظاهر أن مراد السائل أن الجص ينجس بملاقاة النجاسة له غالبا أو أنه يبقى رماد النجس فيه و أنه ينجس المسجد بالتجصيص أو أنه يسجد عليه و لا يجوز السجود على النجس.   و الجواب يمكن أن يكون باعتبار عدم النجاسة بالملاقاة و إن كان الظاهر ذلك تغليبا للأصل و يكون المراد بالتطهير التنظيف أو باعتبار تقدير النجاسة فإن الماء و النار مطهران له إما باعتبار توهم السائل كون الرماد النجس معه فإنه صار بالاستحالة طاهرا و يكون الماء علاوة للتنظيف فإن مثل هذا الماء يطهر النجاسة الموهومة كما ورد عنهم ع استحباب صب الماء على الأرض التي يتوهم نجاستهم أو باعتبار تقدير نجاسة الجص بالملاقاة فإن النار مطهرة له بالاستحالة و يكون هذا القدر من الاستحالة كافيا و يكون تنظيف الماء علاوة أو يقال إن هذا المقدار من الماء كاف للتطهير و تكون الغسالة طاهرة كما هو ظاهر الخبر أو إن الماء و النار هما معا مطهران لهذه النجاسة و لا استبعاد فيه و هذا المعنى أظهر و إن لم يقل به أحد فيما وصل إلينا انتهى. و الشيخ في الخلاف استدل للطهارة بهذا الخبر و اعترض عليه المحقق بأن الماء الذي يمازج الجص هو ما يجبل به و ذاك لا يطهره بإجماعنا و النار لم تصيره رمادا و قد اشترط صيرورة النجاسة رمادا و صيرورة العظام و العذرة رمادا بعد الحكم بنجاسة الجص غير مؤثرة في طهارته ثم قال و يمكن أن يستدل بإجماع الناس على عدم التوقي من دواخن السراجين النجسة فلو لم يكن طاهرا بالاستحالة لتورعوا منه. و قد اقتفى العلامة أثره في الكلام على الخبر فقال إن في الاستدلال به إشكالا من وجهين أحدهما أن الماء الممازج هو الذي يجبل به و ذاك غير مطهر إجماعا و الثاني أنه حكم بنجاسة الجص ثم بتطهيره قال و في نجاسته بدخان الأعيان النجسة إشكال انتهى. و قد عرفت مما نقلنا من الوالد قدس سره جواب الاعتراضات إذ يمكن أن يجاب بأن مراد السائل أن العذرة الموقدة على الجص تختلط به و غرضه استعلام حالها بعد الإحراق فإنها لو كانت نجسة لزم نجاسة المختلط بها لملاقاتها له برطوبة الماء الممتزج فأجاب ع بأن الماء و النار قد طهراه بأن يكون

    المراد بالطهارة المسندة إلى الماء معناها اللغوي لأن الماء يفيد الجص نوع نظافة توجب إزالة النفرة الحاصلة من اشتماله على العذرة و العظام المحرقة و هذا غير مناف لإرادة المعنى الشرعي في تطهير النار إذ لا مانع من الجمع بين المعنى الحقيقي و المجازي إذا دلت القرينة عليه و يحتمل أن يراد فيهما المعنى المجازي و تكون الطهارة الشرعية مستفادة مما علم من الجواب ضمنا. و قال الشيخ البهائي رحمه الله يمكن أن يراد بالماء في كلامه ع ماء المطر الذي يصيب أرض المسجد المجصصة بذلك الجص إذ ليس في الحديث أن ذلك المسجد كان مسقفا و أن المراد يوقد عليه بحيث تختلط به تلك الأعيان كان يوقد بها من فوقه مثلا لكن يبقى إشكال آخر و هو أن النار إذا طهرته أولا فكيف يحكم بتطهير الماء له ثانيا. ثم أجاب بأن غرض الإمام ع أنه ورد على ذلك الجص أمران مطهران هما الماء و النار فلم يبق ريب في طهارته و لا يلزم من ورود المطهر الثاني التأثير في التطهير انتهى ثم اعلم أن مورد الحديث و كلام كثير من الأصحاب استحالة عين النجاسة و عمم بعضهم الحكم بحيث يتناول المتنجس أيضا تعويلا على القياس بالطريق الأولى و فيه نظر. الثاني الدخان المستحيل من الأعيان النجسة و المشهور الطهارة و يعزى إلى بعضهم نقل الإجماع عليه و تردد في طهارته المحقق في الشرائع و ينسب إلى الشيخ في المبسوط القول بنجاسة دخان الدهن النجس معللا بأنه لا بد من تصاعد بعض أجزائه قبل إحالة النار لها بواسطة السخونة و في التعليل تأمل. و قال العلامة في النهاية بعد الحكم بطهارة الدخان مطلقا للاستحالة كالرماد أنه لو استصحب شيئا من أجزاء النجاسة باعتبار الحرارة المقتضية للصعود فهو نجس و لهذا نهي عن الاستصباح بالدهن النجس تحت الظلال و فيه أيضا نظر كما عرفت.   الثالث ألحق بعضهم بالرماد الفحم محتجا بزوال الصورة و الاسم و توقف فيه بعضهم و هو في محله. الرابع اختلف الأصحاب في طهارة الطين النجس إذا أحالته النار خزفا أو آجرا فذهب الشيخ في الخلاف و العلامة في النهاية و موضع من المنتهى و الشهيد في البيان إلى طهارته و توقف المحقق في المعتبر و العلامة في موضع آخر من المنتهى و جزم جماعة من المتأخرين بعدم طهارته و ربما يستدل على الطهارة بالرواية المتقدمة فإن التغيير الحاصل في الجص ليس بأكثر منه في الآجر و قد عرفت ما فيه و مع التسليم ففيه ما فيه. الخامس إذا استحالت الأعيان النجسة ترابا أو دودا فالمشهور بين الأصحاب الطهارة و هو قول الشيخ في موضع من المبسوط و يعزى إليه في المبسوط قول آخر بالنجاسة في الاستحالة بالتراب و تردد المحقق في ذلك و توقف العلامة في التذكرة و التحرير و القواعد في الاستحالة ترابا و جزم بالطهارة في الاستحالة دودا و الأول أقرب للعمومات الدالة على طهورية التراب و غيرها. و قال في المعتبر لو كانت النجاسة رطبة و مازجت التراب فقد نجس فلو استحالت النجاسة بعد ذلك و امتزجت بقيت الأجزاء الترابية على النجاسة و المستحيلة أيضا لاشتباهها بها و حسنه جماعة من المتأخرين و ربما كان في قولهم ع الأرض يطهر بعضها بعضا دلالة على الطهارة. السادس إذا عجن العجين بالماء النجس ثم خبز لم يطهر على الأشهر و قال الشيخ في الإستبصار و في موضع من النهاية بالطهارة و الروايات في ذلك مختلفة ففي بعضها يباع ممن يستحل أكل الميتة و في بعضها يدفن و لا يباع.

    و في بعضها أكلت النار ما فيه و في بعضها إذا أصابته النار فلا بأس بأكله و يمكن الجمع بحمل الأولين على ما إذا علم قبل الطبخ و أولهما على الجواز و ثانيهما على الاستحباب و الأخيرين على ما إذا علم بعد الخبز أو الأخيرين على ما إذا لم يعلم النجاسة بل يظن أو على ماء البئر بناء على عدم انفعاله بالنجاسة كما يدل عليه الأخير منهما و الأحوط الاجتناب و الشبهة الواردة في البيع ممن يستحل الميتة ببطلان بيع النجس أو المعاونة على الإثم فليس هنا مقام تحقيقها و حلها. السابع اختلف الأصحاب في طهارة الخنزير إذا وقع في المملحة و استحال ملحا و العذرة إذا وقع في البئر فصار حمأة و ذهب المحقق في المعتبر و العلامة في جملة من كتبه إلى عدم حصول الطهارة بذلك و توقف في التذكرة و القواعد و الأكثر على الطهارة كما هو الأقوى. الثامن من باب الاستحالة المطهرة استحالة النطفة حيوانا طاهرا و الماء النجس بولا لحيوان مأكول اللحم و الغذاء النجس روثا أو لبنا لمأكول اللحم و الدم النجس قيحا أو جزء من حيوان لا نفس له و العذرة نباتا أو فاكهة و الظاهر أنه لا خلاف في شي‏ء من ذلك و يدل عليه خبر أبي البختري. و منه استحالة الخمر خلا و لو بعلاج و قد نقل العلامة اتفاق علماء الإسلام عليه إذا كانت استحالته من قبل نفسه و الأخبار في هذا الباب كثيرة و منها ما مر من رواية علي بن جعفر و في بعض الأخبار المنع مما لم يكن من   قبل نفسه و حملها الشيخ على الاستحباب و يطهر العصير على تقدير نجاسته باستحالته خلا عندهم كالخمر أو بذهاب ثلثيه و لم تثبت نجاسته و المعروف بينهم أنه يطهر بطهارة العصير أيدي مزاوليه و ثيابهم و آلات الطبخ و الخطب عندنا فيه أيسر لقولنا بالطهارة. التاسع قال في المنتهى البخار المتصاعد من الماء النجس إذا اجتمع منه نداوة على جسم صيقل تقاطر فهو نجس إلا أن يعلم تكونه من الهواء كالقطرات الموجودة على طرف إناء في أسفله جمد نجس فإنها طاهرة انتهى و يمكن أن يقال الحكم بالطهارة غير متوقف على العلم بالتكون من الهواء بل يكفي فيه احتمال ذلك. الثالث عد من المطهرات الأرض فإن المشهور أنها تطهر باطن النعل و القدم و الخف سواء كان إزالة النجاسة بالمشي أو بالدلك و سواء كان على التراب أو الحجر أو الرمل و توقف بعض الأصحاب في القدم و لا وجه له لاشتمال الأخبار عليه أيضا و لا يشترط جفاف النجاسة قبل الدلك و لا أن يكون لها جرم فلو كان أسفل القدم أو النعل متنجسا بنجاسة غير مرئية كالبول اليابس طهر بمجرد المشي على الأرض خلافا لبعض العامة و اعتبار طهارة الأرض أحوط. و ربما يستفاد من كلام ابن الجنيد الاكتفاء بمسحها بكل طاهر و إن لم يكن أرضا و هو بعيد و ظاهر كلامه اشتراط كون الأرض التي يمشي عليها خمس عشرة ذراعا لرواية حملت على الغالب من زوال النجاسة بالمشي في تلك المسافة و في اشتراط جفافها قولان أحوطهما ذلك و في رواية الحلبي دلالة   عليه و إن احتمل أن يكون المراد باليبوسة عدم الرطوبة التي مر ذكرها أي رطوبة البول و استشكل تطهير الوحل و القول بالتطهير غير بعيد. و قوله ع في هذا الخبر يطهر بعضها بعضا يمكن أن يكون معناه أن الأرض يطهر بعضها و هو المماس لأسفل النعل و القدم أو الطاهر منها بعض الأشياء و هو النعل و القدم و يحتمل أن يكون المراد أن أسفل القدم و النعل إذا تنجس بملاقاة بعض الأرض النجسة يطهره البعض الآخر الطاهر إذا مشى عليه فالمطهر في الحقيقة ما ينجس بالبعض الآخر و علقه بنفس البعض مجازا ذكرهما سيد المحققين في المدارك.

    و قال في المعالم نحوا من الوجه الأخير حيث قال المراد أن النجاسة الحاصلة في أسفل القدم و ما هو بمعناه بملاقاة الأرض المتنجسة على الوجه المؤثر يطهر بالمسح في محل آخر من الأرض فسمي زوال الأثر الحاصل من الأرض تطهيرا لها كما تقول الماء مطهر للبول بمعنى أنه مزيل للأثر الحاصل منه و على هذا يكون الحكم المستفاد من الحديث المذكور و ما في معناه مختصا بالنجاسة المكتسبة من الأرض المتنجسة انتهى. أقول يمكن أن يكون هذا إشارة إلى أنه بمحض المسح على الأرض لا يذهب الأثر الحاصل من الأرض السابقة مطلقا بل يبقى فيه بعض الأجزاء من الأرض المتنجسة فتلك الأجزاء تطهرها الأرض الطاهرة فلا ينافي عموم الحكم لورود تلك العبارة في مقامات أخرى. و قال في الحبل المتين لعل المراد بالأرض ما يشمل نفس الأرض و ما عليها من القدم و النعل و الخف انتهى و قيل الوجه في هذا التطهير انتقال النجاسة بالوطي عليها من موضع إلى آخر مرة بعد أخرى حتى يستحيل و لا يبقى منها شي‏ء.

تذنيب

ذكر الشيخ ره في الخلاف أن في أصحابنا من قال بأن الجسم الصيقل كالسيف و المرآة و القوارير إذا أصابته نجاسة كفى في طهارته مسح النجاسة منه و عزي إلى المرتضى اختياره ثم قال و لست أعرف به أثرا و ذكر أن عدم طهارته بدون غسله بالماء هو الظاهر و عليه الأكثر و هو أظهر