باب 2- جوامع أحكام الأغسال الواجبة و المندوبة و آدابها

1-  قرب الإسناد، و كتاب المسائل، بإسنادهما عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته هل يجزيه أن يغتسل قبل طلوع الفجر و هل يجزيه ذلك من غسل العيدين قال إن اغتسل يوم الفطر و الأضحى قبل طلوع الفجر لم يجزه و إن اغتسل بعد طلوع الفجر أجزأه

 بيان في بعض النسخ هل يجزيه فالظاهر أنه تأكيد لقوله هل يجزيه سابقا و في بعضها و هل يجزيه مع الواو فالظاهر كون السؤال الأول عن إيقاع غسل الجنابة قبل الفجر و الثاني عن إجزائه عن غسل العيدين فيدل على تداخل الأغسال المسنونة و الواجبة

2-  قرب الإسناد، عن محمد بن الوليد عن عبد الله بن بكير قال سألت أبا عبد الله ع عن الغسل في رمضان و أي الليل أغتسل قال تسع عشرة و إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين و في ليلة تسع عشرة يكتب وفد الحاج و فيها ضرب أمير المؤمنين و قضى ع ليلة إحدى و عشرين و الغسل أول الليل

 و بهذا الإسناد قال قلت لأبي عبد الله ع فإن نام بعد الغسل قال فقال أ ليس هو مثل غسل يوم الجمعة إذا اغتسلت بعد الفجر كفاك

3-  العيون، و العلل، عن الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله   عن أبيه عن أحمد بن محمد عن الحسن بن النضر قال سألت أبا الحسن الرضا ع عن القوم يكونون في السفر فيموت منهم ميت و معهم جنب و معهم ماء قليل قدر ما يكفي أحدهم أيهم يبدأ به قال يغتسل الجنب و يترك الميت لأنه هذا فريضة و هذا سنة

 بيان اعلم أن الأصحاب فرضوا المسألة فيما إذا اجتمع ميت و محدث و جنب و معهم من الماء ما يكفي أحدهم كما ورد في رواية رواها

 الصدوق في الفقيه بسند صحيح عن ابن أبي نجران أنه سأل أبا الحسن موسى بن جعفر ع عن ثلاثة نفر كانوا في سفر أحدهم جنب و الثاني ميت و الثالث على غير وضوء و حضرت الصلاة و معهم من الماء قدر ما يكفي أحدهم من يأخذ الماء و كيف يصنعون فقال يغتسل الجنب و يدفن الميت بتيمم و يتيمم الذي هو على غير وضوء لأن الغسل من الجنابة فريضة و غسل الميت سنة و التيمم للآخر جائز

و ذكروا أنه إن كان الماء ملكا لأحدهم اختص به و لم يكن له بذلة لغيره و لو كان مباحا وجب على كل من المحدث و الجنب المبادرة إلى حيازته فإن سبق إليه أحدهما و حازه اختص به و لو توافيا دفعة اشتراكا و لو تغلب أحدهما أثم و ملك و إن كان ملكا لهم جميعا أو لمالك يسمح ببذله فلا ريب أن لملاكه الخيرة في تخصيص من شاءوا به و إنما الكلام في من الأولى. فقال الشيخ في النهاية إنه الجنب و اختاره الأكثر و قيل الميت و قال الشيخ في الخلاف إن كان لأحدهم فهو أحق به و إن لم يكن لواحد بعينه تخيروا في التخصيص   و الروايتان معتبرتان مؤيدتان بالشهرة و معللتان فلا معدل عنهما و وردت رواية مرسلة بتقديم الميت فيمكن حملها على ما إذا كان الماء ملكا للميت و يمكن القول بأن الجنب مع كونه أولى يجوز له إيثار الميت بل يستحب له ذلك كما يظهر من الشيخ في الخلاف و قد عرفت أن المراد بالفرض ما ظهر وجوبه من القرآن و بالسنة غيره

4-  الخصال، في حديث الأعمش عن الصادق ع قال غسل الجنابة و الحيض واحد

 المقنع، و الأمالي، و الهداية، مرسلا مثله

5-  تحف العقول، عن أمير المؤمنين ع قال غسل الأعياد طهور لمن أراد طلب الحوائج بين يدي الله عز و جل و اتباع للسنة

6-  فقه الرضا ع، الوضوء في كل غسل ما خلا غسل الجنابة لأن غسل الجنابة فريضة تجزيه عن الفرض الثاني و لا تجزيه سائر الأغسال عن الوضوء لأن الغسل سنة و الوضوء فريضة و لا تجزي سنة عن فرض و غسل الجنابة و الوضوء فريضتان فإذا اجتمعا فأكبرهما يجزي عن أصغرهما و إذا اغتسلت لغير جنابة فابدأ بالوضوء ثم اغتسل و لا يجزيك الغسل عن الوضوء فإن اغتسلت و نسيت الوضوء فتوضأ و أعد الصلاة

 بيان نقل الصدوق هذه العبارة بعينها في الفقيه و أكثر ما يذكره هو   و والده بلا سند مأخوذ من هذا الكتاب. و أجمع علماؤنا على أن غسل الجنابة مجز عن الوضوء و اختلف في غيره من الأغسال فالمشهور أنه لا يكفي بل يجب معه الوضوء للصلاة سواء كان فرضا أو نفلا و قال المرتضى رحمه الله لا يجب الوضوء مع الغسل سواء كان فرضا أو نفلا هو مختار ابن الجنيد و كثير من المتأخرين و عليه دلت الأخبار الكثيرة. و أكثر القائلين بالوجوب خيروا بين تقديم الوضوء على الغسل و تأخيره عنه مع أفضلية التقديم و نقل عن الشيخ في الجمل القول بوجوب تقديم الوضوء للحائض و النفساء على الغسل و نقله المحقق عن الراوندي و تتخير بين نية الرفع و الاستباحة فيهما على الحالين و عن ابن إدريس أنها تنوي نية الاستباحة لا الرفع في الوضوء و الأمر في النية هين و الأحوط تقديم الوضوء و مع التأخير النقض بالحدث الأصغر و الوضوء بعده و الله يعلم

7-  السرائر، من كتاب حريز بن عبد الله عن الفضيل و زرارة عن أبي جعفر ع قالا قلنا له أ يجزي إذا اغتسلت بعد الفجر للجمعة قال نعم

 و عن زرارة عن أبي جعفر ع قال إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة و الجمعة و عرفة و النحر و الحلق و الذبح و الزيارة فإذا اجتمعت عليك لله حقوق أجزأك عنها غسل واحد قال زرارة قال و كذلك المرأة يجزيها غسل واحد لجنابتها و إحرامها و جمعتها و غسلها من حيضها و عيدها

 و منه نقلا من كتاب محمد بن علي بن محبوب عن علي بن السندي   عن حماد عن حريز عن زرارة عن أحدهما ع مثله و زاد في آخره و قال زرارة حرم اجتمعت في حرمة يجزيك عنها غسل واحد

 و بهذا الإسناد عن زرارة عن أبي جعفر ع قال إذا حاضت المرأة و هي جنب أجزأها غسل واحد

 و منه من الكتاب المذكور عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن الحسن عن زرعة عن سماعة قال سألته عن الرجل يجامع المرأة فتحيض قبل أن تغتسل من الجنابة قال غسل الجنابة عليها واجب

 بيان يستفاد من تلك الأخبار تداخل الأغسال مطلقا كما هو مختار كثير من المحققين و نفاه جماعة مطلقا و قال بعضهم بالتفصيل. و جملة القول فيه أنه إذا اجتمع على المكلف غسلان فصاعدا فإما أن يكون الكل واجبا أو يكون الكل مستحبا أو بعضها واجبا و بعضها مستحبا فإن كان الكل واجبا فإن قصد الجميع في النية فالظاهر إجزاؤه عن الجميع و إن لم يقصد تعيينا أصلا فالظاهر أيضا إجزاؤه عن الجميع إن تحقق ما يعتبر في صحة النية من القربة و غيرها إن قلنا باعتبار أمر زائد على القربة و إن قصد حدثا معينا فإن كان الجنابة فالمشهور بين الأصحاب إجزاؤه عن غيره بل قيل إنه متفق عليه و إن كان غيرها ففيه قولان و الأقوى أنه كالأول و ظاهر القول بعدم التداخل عدم الإجزاء مطلقا و لو كان كلها مستحبا فالظاهر التداخل أيضا سواء قصد الأسباب بأسرها أم لا. و قال العلامة رحمه الله لو نوى بالواحد الجميع فالوجه الإجزاء و الأحوط ذلك. و لو كان بعضها واجبا و بعضها مستحبا فإن نوى الجميع فالظاهر الإجزاء و إن نوى الواجب كالجنابة فالظاهر أيضا الإجزاء كما اختاره الشيخ في الخلاف   و المبسوط و إن منعه العلامة و استشكله المحقق و لو نوى المندوب كالجمعة دون الواجب كالجنابة فلا يبعد أيضا الإجزاء كما يدل عليه بعض الأخبار و الأحوط قصد الجميع. تقريب قال الكراجكي رحمه الله في كنز الفوائد ذكر شيخنا المفيد في كتاب الأشراف رجل اجتمع عليه عشرون غسلا فرض و سنة و مستحب أجزأه عن جميعها غسل واحد هذا رجل احتلم و أجنب نفسه بإنزال الماء و جامع في الفرج و غسل ميتا و مس آخر بعد برده بالموت قبل تغسيله و دخل المدينة لزيارة رسول الله ص و أراد زيارة الأئمة ع هناك و أدرك فجر يوم العيد و كان يوم جمعة و أراد قضاء غسل يوم عرفة و عزم على صلاة الحاجة و أراد أن يقضي صلاة الكسوف و كان عليه في يومه بعينه صلاة ركعتين بغسل و أراد التوبة من كبيرة على ما جاء عن النبي ص و أراد صلاة الاستخارة و حضرت صلاة الاستسقاء و نظر إلى مصلوب و قتل وزغة و قصد إلى المباهلة و أهرق عليه ماء غالب النجاسة انتهى. أقول في عد الأخير في الأغسال تمحل و يظهر منه استحباب قضاء غسل عرفة و لم نقف له على مستند

8-  تفسير علي بن إبراهيم، عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود عن المنقري عن حماد عن أبي عبد الله ع قال في وصف لقمان ع لم يره أحد من الناس على بول و لا غائط و لا اغتسال لشدة تستره و عموق نظره و تحفظه في أمره

9-  العيون، و العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى اليقطيني عن درست عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن ع قال   دخل رسول الله ص على عائشة و قد وضعت قمقمتها في الشمس فقال يا حميراء ما هذا قالت أغسل رأسي و جسدي قال لا تعودي فإنه يورث البرص

 المقنع، مرسلا مثله بيان قال الصدوق رحمه الله في العيون أبو الحسن صاحب هذا الحديث يجوز أن يكون الرضا ع و يجوز أن يكون موسى ع لأن إبراهيم بن عبد الحميد قد لقيهما جميعا و هذا الحديث من المراسيل انتهى. ثم اعلم أنه يحتمل أن يكون مرادها من غسل الرأس و الجسد الغسل الشرعي أو معناه الظاهر و على التقديرين يفهم منه كراهة الغسل بالماء المسخن بالشمس على بعض الوجوه و قوله ص لا تعودي إما من العود أو بمعنى التعود بمعنى العادة و الأول أظهر و أما قول الصدوق رحمه الله إن الخبر من المراسيل فلا أعرف له معنى إلا أن يريد أن الإمام ع أرسله و هو من مثله بعيد و قد مضى في أبواب الوضوء كراهة الاغتسال بالماء المسخن بالشمس في رواية أخرى

10-  فلاح السائل، نقلا من كتاب مدينة العلم للصدوق قال روي أن غسل يومك يجزيك لليلتك و غسل ليلتك يجزيك ليومك

    بيان الإجزاء في الفضل في الجملة لا ينافي استحباب إعادة بعض الأغسال بعد النوم أو سائر الأحداث أو لبس ما لا يجوز لبسه في الإحرام أو انقضاء اليوم أو الليل كما يومي إليه بعض الأخبار

11-  الهداية، كل غسل فيه وضوء إلا غسل الجنابة لأن كل غسل سنة إلا غسل الجنابة فإنه فريضة و غسل الحيض فريضة مثل غسل الجنابة فإذا اجتمع فرضان فأكبرهما يجزي عن أصغرهما و من اغتسل لغير جنابة فليبدأ بالوضوء ثم يغتسل و لا يجزيه الغسل عن الوضوء لأن الغسل سنة و الوضوء فريضة و لا يجزي سنة عن فرض

 بيان يحتمل أن يكون المراد بإجزاء الأكبر عن الأصغر أنه تعالى ذكرهما في القرآن في موضع واحد متقابلين فالظاهر كون الوضوء في غير موضع الغسل و الأظهر أنه من الخطابيات لإلزام المخالفين أو بيان لما علموا من العلل الواقعية