باب 2- علل الصلاة و نوافلها و سننها

1-  العلل، عن أبيه و محمد بن الحسن بن الوليد معا عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى اليقطيني عن ابن أبي عمير و محمد بن سنان معا عن الصباح المزني و سدير الصيرفي و محمد بن النعمان و ابن أذينة جميعا عن أبي عبد الله ع قال و حدثنا ابن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار و سعد معا عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و يعقوب بن يزيد و اليقطيني جميعا عن عبد الله بن جبلة عن المزني و سدير و محمد بن النعمان و ابن أذينة عن أبي عبد الله ع أنهم حضروه فقال يا عمر بن أذينة ما ترى هذه الناصبة في أذانهم و صلاتهم فقلت جعلت فداك إنهم يقولون إن أبي بن كعب الأنصاري رآه في النوم فقال ع كذبوا و الله إن دين الله تبارك و تعالى أعز من أن يرى في النوم فقال أبو عبد الله ع إن الله العزيز الجبار عرج بنبيه إلى سمائه سبعا أما أولاهن فبارك عليه صلوات الله عليه و الثانية علمه فيها فرضه و الثالثة أنزل الله العزيز الجبار عليه محملا من نور فيه أربعون نوعا من أنواع   النور كانت محدقة حول العرش عرشه تبارك و تعالى تغشي أبصار الناظرين أما واحد منها فأصفر فمن أجل ذلك اصفرت الصفرة و واحد منها أحمر فمن أجل ذلك احمرت الحمرة و واحد منها أبيض فمن أجل ذلك ابيض البياض و الباقي على عدد سائر ما خلق الله من الأنوار و الألوان في ذلك المحمل حلق و سلاسل من فضة فجلس فيه ثم عرج به إلى السماء الدنيا فنفرت الملائكة إلى أطراف السماء ثم خرت سجدا فقالت سبوح قدوس ربنا و رب الملائكة و الروح ما أشبه هذا النور بنور ربنا فقال جبرئيل ع الله أكبر الله أكبر فسكت الملائكة و فتحت أبواب السماء و اجتمعت الملائكة ثم جاءت فسلمت على النبي ص أفواجا ثم قالت يا محمد كيف أخوك قال بخير قالت فإن أدركته فأقرئه منا السلام فقال النبي ص أ تعرفونه فقالوا كيف لم نعرفه و قد أخذ الله عز و جل ميثاقك و ميثاقه منا و إنا لنصلي عليك و عليه ثم زاده أربعين نوعا من أنواع النور لا يشبه شي‏ء منه ذلك النور الأول و زاده في محمله حلقا و سلاسل ثم عرج به إلى السماء الثانية فلما قرب من باب السماء تنافرت الملائكة إلى أطراف السماء و خرت سجدا و قالت سبوح قدوس رب الملائكة و الروح ما أشبه هذا النور بنور ربنا فقال جبرئيل ع أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله فاجتمعت الملائكة و فتح أبواب السماء و قالت يا جبرئيل من هذا معك فقال هذا محمد ص قالوا و قد بعث قال نعم قال رسول الله ص فخرجوا إلى شبه المعانيق فسلموا و قالوا أقرئ أخاك السلام فقلت هل تعرفونه قالوا نعم و كيف لا نعرفه و قد أخذ الله ميثاقك و ميثاقه و ميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا و إنا لنتصفح وجوه شيعته في كل يوم خمسا يعنون في وقت كل صلاة قال رسول الله ص ثم زادني ربي عز و جل أربعين نوعا من أنواع النور

   لا تشبه الأنوار الأولى و زادني حلقا و سلاسل ثم عرج بي إلى السماء الثالثة فنفرت الملائكة إلى أطراف السماء و خرت سجدا و قالت سبوح قدوس رب الملائكة و الروح ما هذا النور الذي يشبه نور ربنا فقال جبرئيل ع أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله فاجتمعت الملائكة و فتحت أبواب السماء و قالت مرحبا بالأول و مرحبا بالآخر و مرحبا بالحاشر و مرحبا بالناشر محمد خاتم النبيين و علي خير الوصيين فقال رسول الله ص سلموا علي و سألوني عن علي أخي فقلت هو في الأرض خليفتي أ و تعرفونه فقالوا نعم و كيف لا نعرفه و قد نحج البيت المعمور في كل سنة مرة و عليه رق أبيض فيه اسم محمد و علي و الحسن و الحسين و الأئمة و شيعتهم إلى يوم القيامة و إنا لنبارك على رءوسهم بأيدينا ثم زادني ربي عز و جل أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه شيئا من تلك الأنوار الأول و زادني حلقا و سلاسل ثم عرج بي إلى السماء الرابعة فلم تقل الملائكة شيئا و سمعت دويا كأنه في الصدور و اجتمعت الملائكة ففتحت أبواب السماء و خرجت إلى معانيق فقال جبرئيل ع حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح فقالت الملائكة صوتين مقرونين بمحمد تقوم الصلاة و بعلي الفلاح فقال جبرئيل قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة فقالت الملائكة هي لشيعته أقاموها إلى يوم القيامة ثم اجتمعت الملائكة فقالوا للنبي ص أين تركت أخاك و كيف هو فقال لهم أ تعرفونه فقالوا نعم نعرفه و شيعته و هو نور حول عرش الله و إن في البيت المعمور لرقا من نور فيه كتاب من نور فيه اسم محمد و علي و الحسن و الحسين و الأئمة و شيعتهم لا يزيد فيهم رجل و لا ينقص منهم رجل إنه لميثاقنا الذي أخذ علينا و إنه ليقرأ علينا في كل يوم جمعة   فسجدت لله شكرا فقال يا محمد ارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا أطناب السماء قد خرقت و الحجب قد رفعت ثم قال لي طأطئ رأسك و انظر ما ترى فطأطأت رأسي فنظرت إلى بيتكم هذا و إلى حرمكم هذا فإذا هو مثل حرم ذلك البيت يتقابل لو ألقيت شيئا من يدي لم يقع إلا عليه فقال لي يا محمد هذا الحرم و أنت الحرام و لكل مثل مثال ثم قال ربي عز و جل يا محمد مد يدك فيتلقاك ماء يسيل من ساق عرشي الأيمن فنزل الماء فتلقيته باليمين فمن أجل ذلك أول الوضوء باليمنى ثم قال يا محمد خذ ذلك فاغسل به وجهك و علمه غسل الوجه فإنك تريد أن تنظر إلى عظمتي و أنت طاهر ثم اغسل ذراعيك اليمين و اليسار و علمه ذلك فإنك تريد أن تتلقى بيديك كلامي و امسح بفضل ما في يديك من الماء رأسك و رجليك إلى كعبيك و علمه المسح برأسه و رجليه و قال إني أريد أن أمسح رأسك و أبارك عليك فأما المسح على رجليك فإني أريد أن أوطئك موطئا لم يطأه أحد قبلك و لا يطؤه أحد غيرك فهذا علة الوضوء و الأذان ثم قال يا محمد استقبل الحجر الأسود و هو بحيالي و كبرني بعدد حجبي فمن أجل ذلك صار التكبير سبعا لأن الحجب سبعة و افتتح القراءة عند انقطاع الحجب فمن أجل ذلك صار الافتتاح سنة و الحجب مطابقة ثلاثا بعدد النور

   الذي نزل على محمد ص ثلاث مرات فلذلك كان الافتتاح ثلاث مرات فمن أجل ذلك كان التكبير سبعا و الافتتاح ثلاثا فلما فرغ من التكبير و الافتتاح قال الله عز و جل الآن وصلت إلي فسم باسمي فقال بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فمن أجل ذلك جعل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في أول السور ثم قال له احمدني فقال الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و قال النبي ص في نفسه شكرا فقال الله يا محمد أ قطعت حمدي فسم باسمي فمن أجل ذلك جعل في الحمد الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مرتين فلما بلغ وَ لَا الضَّالِّينَ قال النبي ص الحمد لله رب العالمين شكرا فقال الله العزيز الجبار قطعت ذكري فسم باسمي فمن أجل ذلك جعل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ بعد الحمد في استقبال السورة الأخرى فقال له اقرأ قل هو الله أحد كما أنزلت فإنها نسبتي و نعتي ثم طأطئ يديك و اجعلهما على ركبتيك فانظر إلى عرشي قال رسول الله ص فنظرت إلى عظمه ذهبت لها نفسي و غشي علي فألهمت أن قلت سبحان ربي العظيم و بحمده لعظم ما رأيت فلما قلت ذلك تجلى الغشي عني حتى قلتها سبعا ألهم ذلك فرجعت إلى نفسي كما كانت فمن أجل ذلك صار في الركوع سبحان ربي العظيم و بحمده فقال ارفع رأسك فرفعت رأسي فنظرت إلى شي‏ء ذهب منه عقلي فاستقبلت الأرض بوجهي و يدي فألهمت أن قلت سبحان ربي الأعلى و بحمده لعلو ما رأيت فقلتها سبعا فرجعت إلى نفسي كلما قلت واحدة فيها تجلى عني الغشي فقعدت فصار السجود فيه سبحان ربي الأعلى و بحمده و صارت القعدة بين السجدتين استراحة من الغشي و علو ما رأيت فألهمني ربي عز و جل و طالبتني نفسي أن أرفع رأسي فرفعت فنظرت إلى ذلك العلو فغشي علي فخررت لوجهي و استقبلت الأرض بوجهي و يدي و قلت سبحان ربي الأعلى و بحمده فقلتها سبعا ثم رفعت رأسي فقعدت قبل القيام لأثني   النظر في العلو فمن أجل ذلك صارت سجدتين و ركعة و من أجل ذلك صار القعود قبل القيام قعدة خفيفة ثم قمت فقال يا محمد اقرأ الحمد فقرأتها مثل ما قرأتها أولا ثم قال لي اقرأ إنا أنزلناه فإنها نسبتك و نسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة ثم ركعت فقلت في الركوع و السجود مثل ما قلت أولا و ذهبت أن أقوم فقال يا محمد اذكر ما أنعمت عليك و سم باسمي فألهمني الله أن قلت بسم الله و بالله و لا إله إلا الله و الأسماء الحسنى كلها لله فقال لي يا محمد صل عليك و على أهل بيتك فقلت صلى الله علي و على أهل بيتي و قد فعل ثم التفت فإذا أنا بصفوف من الملائكة و النبيين و المرسلين فقال لي يا محمد سلم فقلت السلام عليكم و رحمة الله و بركاته فقال يا محمد إني أنا السلام و التحية و الرحمة و البركات أنت و ذريتك ثم أمرني ربي العزيز الجبار أن لا ألتفت يسارا و أول سورة سمعتها بعد قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فمن أجل ذلك كان السلام مرة واحدة تجاه القبلة و من أجل ذلك صار التسبيح في السجود و الركوع شكرا

 و قوله سمع الله لمن حمده لأن النبي ص قال سمعت ضجة الملائكة فقلت سمع الله لمن حمده بالتسبيح و التهليل فمن أجل ذلك جعلت الركعتان الأولتان كلما أحدث فيها حدث كان على صاحبها إعادتها و هي الفرض الأول و هي أول ما فرضت عند الزوال يعني صلاة الظهر. توضيح قوله إن أبي بن كعب لا خلاف بين علمائنا في أن شرعية الأذان كان بالوحي لا بالنوم قال في المعتبر و المنتهى الأذان عند أهل البيت ع وحي على لسان جبرئيل ع علمه رسول الله ص و عليا ع و أطبق الجمهور على خلافه و رووا أنه برؤيا عبد الله بن زيد و عمر و رواية رؤيا أبي غير مشتهر الآن بينهم و تدل على أن بالنوم لا تثبت الأحكام و يمكن أن يخص بابتداء   شرعيتها و رأيت في بعض أجوبة العلامة رحمه الله عما سئل عنه تجويز العمل بما سمع في المنام عن النبي و الأئمة ع إذا لم يكن مخالفا للإجماع لما روي من أن الشيطان لا يتمثل بصورتهم و فيه إشكال. قوله ع أنزل الله و في بعض النسخ و الثالثة أنزل و الظاهر أنها زيدت من المصلحين فأفسدوا الكلام بل هذا تفصيل لما أجمل سابقا و عود إلى أول الكلام كما سيظهر مما سيأتي و الأنوار تحتمل الصورية و المعنوية أو الأعم منهما. و أما نفرة الملائكة فلغلبة النور على أنوارهم و عجزهم عن إدراك الكمالات التي أعطاها الله نبينا ص كما

 قال ص لي مع الله وقت لا يسعني ملك مقرب و لا نبي مرسل الخبر

و يؤيد المعنوية قول الملائكة ما أشبه هذا النور بنور ربنا و على تقدير أن يكون المراد الصورية فالمعنى ما أشبه هذا النور بنور خلقه الله في العرش و على التقديرين لما كان كلامهم و فعلهم موهما لنوع من التشبيه قال جبرئيل الله أكبر تنزيها له عن تلك المشابهة أي أكبر من أن يشبهه أحد أو يعرفه و قد مر تفسير الأنوار في كتاب التوحيد و التكرير للتأكيد أو الأول لنفي المشابهة و الثاني لنفي الإدراك. و قال الجزري سبوح قدوس يرويان بالضم و الفتح أقيس و الضم أكثر استعمالا و هو من أبنية المبالغة و المراد بهما التنزيه و قال فيه فانطلقنا معانيق أي مسرعين و في القاموس المعناق الفرس الجيد العنق و الجمع معانيق و العنق بالتحريك ضرب من سير الدابة و التشبيه في الإسراع.   و تثنية التكبير يمكن أن يكون اختصارا من الراوي أو يكون الزيادة بوحي آخر كما ورد في تعليم جبرئيل أمير المؤمنين ع أو يكون من النبي ص كزيادة الركعات بالتفويض أو يكون التكبيران الأولان خارجين عن الأذان كما يومي إليه حديث العلل و به يجمع بين الأخبار و الأظهر أن الغرض في هذا الخبر بيان الإقامة و أطلق عليها الأذان مجازا. و يمكن أن يكون سؤالهم عن البعثة لزيادة الاطمئنان كما في سؤال إبراهيم إذ تصفح وجوه شيعة أخيه في وقت كل صلاة موقوف على العلم بالبعثة و يمكن أن يكون قولهم و إنا لنتصفح إخبارا عما أمروا به أن يفعلوا بعد ذلك و يؤيده عدم وجوب الصلاة قبل ذلك كما هو الظاهر و إن أمكن أن يكون هذا في معراج تحقق بعد وجوب الصلاة لكنه بعيد عن سياق الخبر. و يحتمل أيضا أن يكونوا عرفوه ص و عرفوا وصيه و شيعة وصيه بأنهم يكونون كذلك و لذا كانوا يتصفحون وجوه شيعته في أوقات الصلوات ليعرفوا هل وجبت عليهم صلاة أم لا فلا ينافي عدم علمهم بالبعثة و فيه أيضا بعد. و يحتمل أن يكون التصفح كناية عن رواية أسمائهم في رق بيت المعمور كما سيأتي أو عن رؤية أشباحهم و أمثلتهم حول العرش كما يومي إليه قولهم و هم نور حول العرش و قريب منه ما ذكره بعض الأفاضل أن علمهم به و بأخيه و شيعته و أحوالهم في عالم فوق عالم الحس و هو العالم الذي أخذ عليهم فيه الميثاق و العلم فيه لا يتغير و هذا لا ينافي جهلهم ببعثه في عالم الحس الذي يتغير العلم فيه. أقول هذا موقوف على مقدمات مباينة لطريقة العقل. قوله مرحبا بالأول أي خلقا و رتبة و مرحبا بالآخر أي ظهورا و بعثه و مرحبا بالحاشر أي بمن يتصل زمان أمته بالحشر و مرحبا بالناشر أي بمن ينشر قبل الخلق و إليه الجمع و الحساب و قد مر شرح الكل في مواضعها و الرق بالفتح و يكسر جلد رقيق يكتب فيه و الصحيفة البيضاء و دوي الريح و الطائر و النحل صوتها.

    صوتين مقرونين أن نسمع صوتين و في الكافي صوتان مقرونان معروفان و كونهما مقرونين لأن الصلاة مستلزمة للفلاح و سبب له و يحتمل أن تكون الفقرتان اللتان بعدهما مفسرتين لهما و الغرض بيان اشتراط قبول الصلاة و صحتها بولايتهما. و يحتمل أن يكون إشارة إلى ما ورد في بعض الأخبار من تفسير الصلاة و العبادات بهم أي الصلاة رسول الله ص و الفلاح أمير المؤمنين صلوات الله عليه و هما متحدان من نور واحد مقرونان قولا و فعلا و بما فسر في هذا الخبر يظهر سر تلك الأخبار و معناها و الضمير في قوله لشيعته راجع إلى الرسول أو إلى علي صلوات الله عليهما و الأخير أظهر و ترك حي على خير العمل الظاهر أنه من الإمام ع أو من الرواة تقية و يحتمل أن يكون قرر بعد ذلك كما مر و يؤيده عدم ذكر بقية فصول الأذان. و أطناب السماء لعله كناية عن الأطباق و الجوانب قال الجزري فيه ما بين طنبي المدينة أحوج مني إليها أي ما بين طرفيها و الطنب أحد أطناب الخيمة فاستعارة للطرف و الناحية انتهى و في الكافي أطباق السماء و هو أظهر. ثم إنه يحتمل أن يكون خرق الأطباق و الحجب من تحته أو من فوقه أو منهما معا و أيضا يحتمل أن يكون هذا في السماء الرابعة أو بعد عروجه إلى السابعة و الأخير أوفق بما بعده فعلى الأول إنما خرقت الحجب من تحته لينظر إلى الكعبة و إلى البيت المعمور فلما نظر إليهما وجدهما متحاذيين متطابقين متماثلين و لذا قال و لكل مثل مثال أي كل شي‏ء في الأرض له مثال في السماء فعلى الثاني يحتمل أن تكون الصلاة تحت العرش محاذيا للبيت المعمور أو في البيت المعمور بعد النزول و على التقديرين استقبال الحجر مجاز أي استقبل ما يحاذيه أو ما يشاكله و يشبهه. قوله و أنت الحرام أي المحترم المكرم و لعله إشارة إلى أن حرمة البيت إنما هي لحرمتك كما ورد في غيره و يدل على استحباب أخذ ماء الوضوء   أولا باليمنى و في الكافي صار الوضوء باليمنى فيمكن أن يفهم منه استحباب الإدارة. قوله تعالى بعدد حجبي الظاهر أن المراد بالحجب هنا غير السماوات كما يظهر من سائر الأخبار و أن ثلاثة منها ملتصقة ثم تفصل بينها بحار النور ثم اثنان منها ملتصقان فلذا استحب التوالي بين ثلاث من التكبيرات ثم الفصل بالدعاء ثم بين اثنتين ثم الفصل بالدعاء ثم يأتي باثنتين متصلتين فكل شروع في التكبير ابتداء افتتاح و في الكافي هكذا و الحجب متطابقة بينهن بحار النور و ذلك النور الذي أنزل الله على محمد ص فمن أجل ذلك صار الافتتاح ثلاث مرات لافتتاح الحجب ثلاث مرات فصار التكبير سبعا و الافتتاح ثلاثا. و حمل الوالد العلامة الافتتاح ثلاثا على تكبيره الإحرام التي هي افتتاح القراءة و تكبير افتتاح الركوع و تكبير افتتاح السجود و لعل ما ذكرناه أظهر. و قوله شكرا يحتمل أن يكون كلام الإمام ع أي قال النبي ص على وجه الشكر الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و الظاهر أنه من تتمة التحميد و يؤيد الأول أنه ورد تحميد المأموم في هذا المقام بدون هذه التتمة و يؤيد الثاني أنه ص أضمر شكرا عند قوله الحمد لله رب العالمين أولا و يدل على استحباب التحميد في هذا المقام للإمام و المنفرد أيضا و لعله خص بعد ذلك للمأموم. قوله تعالى قطعت ذكري لعله لما كانت سورة الفاتحة بالوحي و انقطع الوحي بتمامها و حمد الله من قبل نفسه قال الله تعالى لما قطعت القرآن بالحمد فاستأنف البسملة فالمراد بالذكر القرآن و قوله ع كما أنزلت يدل على تغيير في سورة التوحيد و في الكافي هكذا ثم أوحى الله عز و جل إليه اقرأ يا محمد نسبة ربك تبارك و تعالى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ثم أمسك عنه الوحي فقال رسول الله ص الله الواحد الأحد

    الصمد فأوحى الله إليه لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ كذلك الله ربنا كذلك الله ربنا. قوله تعالى فانظر إلى عرشي أي بالقلب أو بمؤخر العين أو ارفع رأسك في تلك الحالة فانظر إليه. و في الكافي فلما قال ذلك أوحى الله إليه اركع لربك يا محمد فركع فأوحى الله إليه و هو راكع قل سبحان ربي العظيم و بحمده ففعل ذلك ثلاثا ثم أوحى الله إليه ارفع رأسك يا محمد ففعل رسول الله ص فقام منتصبا فأوحى الله عز و جل إليه أن اسجد لربك يا محمد فخر رسول الله ساجدا فأوحى الله إليه قل سبحان ربي الأعلى و بحمده ففعل ص ذلك ثلاثا ثم أوحى الله إليه استو جالسا يا محمد ففعل فلما رفع رأسه عن سجوده و استوى جالسا نظر إلى عظمة تجلت له فخر ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمر به فسبح أيضا ثلاثا فأوحى الله إليه انتصب قائما ففعل فلم ير ما كان رأى من العظمة فمن أجل ذلك صارت الصلاة ركعة و سجدتين. قوله و علو ما رأيت أي استراحة من شدة و دهشة عرضت لي بسببه أو طلبا لهذا الأمر العالي و إعادة النظر إليه فيكون منصوبا بنزع الخافض. و قوله تعالى فإنها نسبتك أي مبينة شرفك و كرامتك و كرامة أهل بيتك أو مشتملة على نسبتك و نسبتهم إلى الناس و جهة احتياج الناس إليك و إليهم فإن نزول الملائكة و الروح بجميع الأمور التي يحتاج الناس إليها إذا كان إليه و إليهم فبهذا الجهة هم محتاجون إليك و إليهم. قوله تعالى إني أنا السلام و التحية لعل التحية معطوفة على السلام تفسيرا و تأكيدا و قوله و الرحمة مبتدأ أي أنت المراد بالرحمة و ذريتك بالبركات أو المراد أن كلا منهم رحمة و بركة و يحتمل أن يكون قوله و التحية مبتدأ و على التقادير حاصل المعنى سلام الله و تحيته أو رحمته و شفاعته محمد و أهل بيته صلوات الله عليهم و دعاؤهم و هدايتهم و إعانتهم عليكم أي لكم.   قوله تعالى تجاه القبلة أي من غير التفات إلى اليسار أو إلى اليمين أيضا كثيرا بأن يحتمل ما فعله ص على الالتفات القليل و يؤيده قوله ع أن لا ألتفت يسارا و ما قيل من أنه رأى الملائكة و النبيين تجاه القبلة فسلم عليهم لأنهم المقربون ليسوا من أصحاب اليمين و لا من أصحاب الشمال فلا يخفى ما فيه لأن الظاهر أنهم كانوا مؤتمين به ص. قوله تعالى صار التسبيح في السجود في الكافي كان التكبير في السجود شكرا فلعل المعنى أنه ص لما كان هوته إلى السجود لمشاهدة عظمة تجلت له كبر قبل سجوده شكرا لتلك النعمة كما قال تعالى وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي على ما هدى و ما هنا أظهر كما لا يخفى. قوله ع عند الزوال لعل المعنى أن هذه الصلاة التي فرضت و علمها الله نبيه في السماء أنها فرضت أو وقعت أولا في الأرض عند الزوال فلا يلزم أن يكون إيقاعها في السماء عند الزوال مع أنه يحتمل أن يكون النبي ص في ذلك الوقت محاذيا لموضع يكون في الأرض وقت الزوال لكنه بعيد إذ الظاهر من الخبر أنها وقعت في موضع كان محاذيا لمكة و لما كان الظاهر من الأخبار تعدد المعراج فيمكن حمل هذا الخبر على معراج وقع في اليوم و بهذا الوجه يمكن التوفيق بين أكثر الأخبار المختلفة الواردة في كيفية المعراج. ثم إنه يظهر من هذا الخبر أن الصلاة لما كانت معراج المؤمن فكما أن النبي ص نفض عن ذيله الأطهر علائق الدنيا الدنية و توجه إلى عرش القرب و الوصال و مكالمة الكبير المتعال و كلما خرق حجابا من الحجب الجسمانية كبر الرب تعالى و كشف بسببه حجابا من الحجب العقلانية حتى وصل إلى عرش العظمة و الجلال و دخل مجلس الأنس و الوصال فبعد رفع الحجب المعنوية بينه و بين مولاه كلمه و ناجاه فاستحق لأن يتجلى له نور من أنوار الجبروت فركع و خضع لذلك النور فاستحق أن يتجلى عليه نور أعلى منه فرفع رأسه و شاهده و خر

    ساجدا لعظمته. ثم بعد طي تلك المقامات و الوصول إلى درجة الشهود و الاتصال بالرب الودود رفع له الأستار من البين و قربه إلى مقام قاب قوسين فأكرمه بأن يقرن اسمه باسمه في الشهادتين ثم حباه بالصلاة عليه و على أهل بيته المصطفين فلما لم يكن بعد الوصول إلا السلام أكرمه بهذا الإنعام أو أمره بأن يسلم على مقربي جنابه الذين فازوا قبله بمثل هذا المقام تشريفا له بإنعامه و تأليفا بين مقربي جنابه أو أنه لما أذنه بالرجوع عن مقام لي مع الله الذي لا يرحمه فيه سواه و لم يخطر بباله غير مولاه التفت إليهم فسلم عليهم كما يومي إليه هذا الخبر فكذا ينبغي للمؤمن إذا أراد أن يتوجه إلى جنابه تعالى بعد تشبثه بالعلائق الدنية و توغله في العلائق الدنيوية أن يدفع عنه الأنجاس الظاهرة و الباطنة و يتحلى بما يستر عورته الجسمانية و الروحانية و يتعطر بروائح الأخلاق الحسنة و يتطهر من دنس الذنوب و الأخلاق الذميمة و يخرج من بيته الأصنام و الكلاب و الصور و الخمور الصورية و عن قلبه صور الأغيار و كلب النفس الأمارة و سكر الملك و المال و العزة و أصنام حب الذهب و الفضة و الأموال و الأولاد و النساء و سائر الشهوات الدنيوية. ثم يتذكر بالأذان و الإقامة ما نسيه بسبب الاشتغال بالشبهات و الأعمال من عظمة الله و جلاله و لطفه و قهره و فضل الصلاة و سائر العبادات مرة بعد أخرى و يتذكر أمور الآخرة و أهوالها و سعاداتها و شقاواتها عند الاستنجاء و الوضوء و الغسل و أدعيتها إذا علم أسرارها ثم يتوجه إلى المساجد التي هي بيوت الله في الأرض و يخطر بباله عظمة صاحب البيت و جلاله إذا وصل إلى أبوابها فلا يكون عنده أقل عظمة من أبواب الملوك الظاهرة التي إذا وصل إليها دهش و تحير و ارتعد و خضع و استكان. فإذا دخل المسجد و قرب المحراب الذي هو محل مجاذبة النفس و الشيطان   استعاذ بالكريم الرحمن من شرورهما و غرورهما و توجه بصورته إلى بيت الله و بقلبه إلى الله و أعرض عن كل شي‏ء سواه ثم يستفتح صلاته بتكبير الله و تعظيمه ليضمحل في نظره من عداه و يخرق بكل تكبير حجابا من الحجب الظلمانية الراجعة إلى نقصه و النورانية الراجعة إلى كمال معبوده فيقبل بعد تلك المعرفة و الانقياد و التسليم بشراشره إلى العليم الحكيم و استعان في أموره باسم المعبود الرحمن الرحيم و يحمده على نعمائه و يقر بأنه رب العالمين و أخرجه من كتم العدم إلى أن أوصله إلى مقام العابدين. ثم بأنه الرحمن الرحيم و بأنه مالك يوم الدين يجزي المطيعين و العاصين و إذا عرفه بهذا الوجه استحق لأن يرجع من مقام الغيبة إلى الخطاب مستعينا بالكريم الوهاب و يطلب منه الصراط المستقيم و صراط المقربين و الأنبياء و الأئمة المكرمين مقرا بأنهم على الحق و اليقين و أن أعداءهم ممن غضب الله عليهم و لعنهم و من الضالين و يتبرأ منهم و من طريقتهم تبرؤ الموقنين. ثم يصفه سبحانه بتلاوة التوحيد بالوحدانية و التنزيه عما لا يليق بذاته و صفاته فإذا عبد ربه بتلك الشرائط و عرفه بتلك الصفات يتجلى له نور من أنوار الجلال فيخضع لذلك بالركوع و الخضوع و يقر بأني أعبدك و إن ضربت عنقي ثم بعد هذا الخضوع و الانقياد يستحق معرفة أقوى و يناسبه خضوع أدنى فيقر بأنك خلقتني من التراب و المخلوق منه خليق بالتذلل عند رب الأرباب ثم بأنك تعيدني بعد الموت إلى التراب فيناسب تلك الحالة خضوع آخر. فإذا عبد الله بتلك الآداب إلى آخر الصلاة و خاض في خلال ذلك بحار جبروته و اكتسب أنوار فيضه و معرفته وصل إلى مقام القرب و الشهود فيقر بوحدانية معبوده و يثني على مقربي جنابه ثم يسلم عليهم بعد الحضور و الشهود و في هذا المقام لطائف و دقايق لا يسع المقام ذكرها و أوردنا شذرا منها في بعض   مؤلفاتنا و إنما أومأنا هاهنا إلى بعضها لمناسبة شرح الرواية و الله ولي التوفيق و الهداية

2-  العلل، و مجالس الصدوق، و التوحيد، عن محمد بن محمد بن عصام عن الكليني عن علي بن محمد علان عن محمد بن سليمان عن إسماعيل بن إبراهيم عن جعفر بن محمد التميمي عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي ع قال سألت أبي سيد العابدين ع فقلت له يا أبه أخبرني عن جدنا رسول الله ص لما عرج به إلى السماء و أمره ربه عز و جل بخمسين صلاة كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتى قال له موسى بن عمران ع ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك فقال يا بني إن رسول الله ص لا يقترح على ربه عز و جل و لا يراجعه في شي‏ء يأمره به فلما سأله موسى ع ذلك و صار شفيعا لأمته إليه لم يجز له رد شفاعة أخيه موسى ع فرجع إلى ربه عز و جل فسأله التخفيف إلى أن ردها إلى خمس صلوات قال فقلت فلم لم يرجع إلى ربه عز و جل و لم يسأله التخفيف بعد خمس صلوات فقال يا بني أراد ع أن يحصل لأمته التخفيف مع أجر خمسين صلاة لقول الله عز و جل مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها أ لا ترى أنه ع لما هبط إلى الأرض نزل عليه جبرئيل ع فقال يا محمد إن ربك يقرئك السلام و يقول إنها خمس بخمسين ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ

 بيان المراد بأجر خمسين ثوابها الاستحقاقي لا التفضلي كما مر تحقيقه قوله ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ لعل المعنى أنه كان قصدي بالخمسين أن أعطيهم ثوابها   أو أنه تعالى لما قرر لهم خمسين صلاة فلو بدلها و لم يعطهم ثوابها كان ظلما في جنب عظمته و قدرته و سعته و افتقار خلقه إليه و عجزهم و قيل هو تأكيد لما قبله من الكلام أي ما وعدت من ثواب الخمسين لا يبدل فإني لا أخلف الوعد و لا أظلم العباد به و التعبير بصيغه المبالغة على سائر الوجوه للإشعار بأن مثل هذا ظلم عظيم أو الظلم القليل من القادر الحكيم الغني بالذات ظلم عظيم أو أنه لو كان الظلم من صفاته لكان صفة كمال فكان يتصف بكاملها أو أن كل صفة من العظيم لا بد أن يكون عظيما و قد مر الخبر بتمامه مشروحا مع تحقيقات أخرى تركناها هاهنا حذرا من التكرار في باب المعراج

3-  مجالس الصدوق، عن الحسن بن محمد بن سعيد عن فرات بن إبراهيم عن محمد بن أحمد الهمداني عن الحسن بن علي الشامي عن أبيه عن أبي جرير عن عطاء الخراساني رفعه عن عبد الصمد بن غنم قال لما أسري بالنبي ص و انتهى حيث انتهى فرضت عليه الصلاة خمسون صلاة قال فأقبل فمر على موسى ع فقال يا محمد كم فرض على أمتك قال خمسون صلاة قال ارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عن أمتك قال فرجع ثم مر على موسى فقال كم فرض على أمتك قال كذا و كذا قال فإن أمتك أضعف الأمم ارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عن أمتك فإني كنت في بني إسرائيل فلم يكونوا يطيقون إلا دون هذا فلم يزل يرجع إلى ربه عز و جل حتى جعلها خمس صلوات قال ثم مر على موسى ع فقال كم فرض على أمتك قال خمس صلوات قال ارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عن أمتك قال قد استحييت من ربي مما أرجع إليه

4-  و منه، و من العلل، عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه عن   أحمد بن محمد البرقي عن علي بن الحسين الرقي عن عبد الله بن جبلة عن معاوية بن عمار عن الحسن بن عبد الله عن أبيه عن جده الحسن بن علي ع قال جاء نفر من اليهود إلى رسول الله ص فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله أخبرني عن الله لأي شي‏ء وقت هذه الخمس الصلوات في خمس مواقيت على أمتك في ساعات الليل و النهار قال النبي ص إن الشمس إذا طلعت عند الزوال لها حلقة تدخل فيها فإذا دخلت فيها زالت الشمس فيسبح كل شي‏ء دون العرش لوجه ربي و هي الساعة التي يصلي علي فيها ربي ففرض الله عز و جل علي و على أمتي فيها الصلاة و قال أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ و هي الساعة التي يؤتى فيها بجهنم يوم القيامة فما من مؤمن يوفق تلك الساعة أن يكون ساجدا أو راكعا أو قائما إلا حرم الله عز و جل جسده على النار و أما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل فيها آدم من الشجرة فأخرجه الله من الجنة فأمر الله ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة و اختارها لأمتي فهي من أحب الصلوات إلى الله عز و جل و أوصاني أن أحفظها من بين الصلوات و أما صلاة المغرب فهي الساعة التي تاب الله فيها على آدم و كان بين ما أكل من الشجرة و بين ما تاب الله عليه ثلاث مائة سنة من أيام الدنيا و في أيام الآخرة يوم كألف سنة من وقت صلاة العصر إلى العشاء فصلى آدم ثلاث ركعات ركعة لخطيئته و ركعة لخطيئة حواء و ركعة لتوبته فافترض الله عز و جل هذه الثلاث الركعات على أمتي و هي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء فوعدني ربي أن يستجيب لمن دعاه فيها و هذه الصلاة التي أمرني بها ربي عز و جل فقال فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ و أما صلاة العشاء الآخرة فإن للقبر ظلمة و ليوم القيامة ظلمة أمرني الله و أمتي بهذه الصلاة في ذلك الوقت لتنور لهم القبور و ليعطوا النور على الصراط   و ما من قدم مشت إلى صلاة العتمة إلا حرم الله جسدها على النار و هي الصلاة التي اختاره الله للمرسلين قبلي و أما صلاة الفجر فإن الشمس إذا طلعت تطلع على قرني الشيطان فأمرني الله عز و جل أن أصلي صلاة الفجر قبل طلوع الشمس و قبل أن يسجد لها الكافر فتسجد أمتي لله و سرعتها أحب إلى الله و هي الصلاة التي تشهدها ملائكة الليل و ملائكة النهار قال صدقت يا محمد

 إيضاح يحتمل أن يكون المراد بالحلقة دائرة نصف النهار المارة بقطبي الأفق و بقطبي معدل النهار و إنما يكون زوال الشمس بمجاوزتها عنها و صيرورتها إلى جانب المغرب منها و لا ريب أنها مختلفة بالنسبة إلى البقاع و البلاد و تختلف أوقات صلوات أهلها فالمراد بقوله ع فيسبح كل شي‏ء تسبيح أهل كل بقعة عند بلوغها إلى نصف نهارها و يكون ابتداء التسبيح عند بلوغ نصف نهار أول بلد من المعمورة. و أما صلاة الله على النبي ص في تلك الساعة فإما أن يعتبر فيها نصف نهار بلده أو يقال بتكررها من ابتداء نصف النهار من أول المعمورة إلى أن يخرج من جميع أنصاف النهار لها. و أما الإتيان بجهنم في تلك الساعة فالمراد بلوغ نصف نهار المحشر تقديرا إذ ليس للشمس في القيامة حركة أو يقال جميع ذلك اليوم لمحاذاة الشمس بسمت رأسهم بمنزلة الزوال فالمعنى أنه لما كانت الشمس يوم القيامة مسامتة لرءوس أهلها لا تزول فينبغي في الدنيا إذا صارت بتلك الهيئة أن يذكروا أهوالها و شدائدها التي من جملتها إحضار جهنم فيها. و المراد بكل شي‏ء دون العرش عنده أو تحته أو العرش و ما دونه كما قيل في قول أمير المؤمنين ع سلوني عما دون العرش أو كل شي‏ء عند عرش علمه تعالى أي جميع المكونات.   قيل و إنما يسبح لله كل شي‏ء دون العرش عند الزوال خاصة مع تسبيحه إياه في كل وقت على الدوام لظهور النقص بالزوال و الانحطاط و الهبوط للشمس التي هي رئيس السماء و واهب الضياء بأمر الله سبحانه و طاعته و هي مما يعبد من دون الله و هي أعظم كوكب في السماء جسما و نورا فيسبح الله عند ذلك عما يوجب النقص و الأفول قال الخليل ع لما أفلت إني لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ و إنما يصلي الله على نبيه ص في تلك الساعة لتسبيحه ص إياه في تلك الساعة زيادة على غيرها من الساعات و ليشار بذلك إلى أنه ليس لارتفاع منزلته ص انحطاط و لا لصعوده إلى جنابه سبحانه هبوط و علة فرض الصلاة في تلك الساعة هي علة التسبيح. ثم إن الخبر يدل على أن صلاة العصر هي الوسطى و سيأتي تحقيقها. قوله ص من وقت صلاة العصر و في الفقيه ما بين العصر و المراد بالعشاء هو المغرب و الجملة بيان لقوله ثلاث مائة أو خبر بعد خبر لكان و قوله في أيام الآخرة جملة معترضة لبيان أن الثلاثمائة من أيام الدنيا لا الآخرة فإن أيام الآخرة كل منها كألف سنة من أيام الدنيا و لذا كان ما بين عصره إلى المغرب الذي هو قريب من ثلث اليوم ثلاث مائة سنة التي تقرب من ثلث الألف و يفهم منه أن وقت العصر يدخل بعد مضي سبعة أعشار من اليوم و هو قريب من مضى مثل القامة من الظل. قوله ص إلى صلاة العتمة إلى الجماعة بها أو إلى المسجد لإيقاعها أو الأعم و العتمة وقت صلاة العشاء و يدل على عدم كراهة تسمية العشاء بالعتمة و لا الصبح بالفجر خلافا للشيخ ره قال في المنتهى قال الشيخ يكره تسمية

    العشاء بالعتمة و كأنه نظر إلى ما روي عن رسول الله ص لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم فإنها العشاء و إنهم يعتمون بالإبل و لكن هذا الحديث لم يرد من طرق الأصحاب قال و كذا يكره تسمية الصبح بالفجر انتهى. و قال في النهاية في الحديث لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء فإن اسمها في كتاب الله العشاء و إنما يعتم بحلاب الإبل قال الأزهري أرباب النعم في البادية يريحون الإبل ثم ينيخونها في مراحها حتى يعتموا أي يدخلوا في عتمة الليل و هي ظلمته و كانت الأعراب يسمون صلاة العشاء صلاة العتمة تسمية بالوقت فنهاهم عن الاقتداء بهم و استحب لهم التمسك بالاسم الناطق به لسان الشريعة و قيل أراد لا يغرنكم فعلهم هذا فتؤخروا صلاتكم و لكن صلوا إذا حان وقتها انتهى. أقول الحكم بالكراهة لهذا الخبر العامي مع ورود هذه اللفظة في الأخبار الكثيرة المعتبرة و احتمال الخبر معنى آخر لا يخلو من غرابة و أغرب و أعجب منه الحكم الثاني مع ورود الفجر بهذا المعنى في التنزيل الحكيم في مواضع عديدة و لا ندري ما العلة فيه إلا أن يريد كراهة إطلاقه على الصلاة و هو أيضا ضعيف لتفسير جماعة من المفسرين الفجر بها و عدم ظهور رواية بالمنع و لعلها وصلت إليه و ليست حجة علينا و كون العلة فيه إشعاره بالفجور بعيد. قوله ص جسدها أي الجسد المحمول عليها و يفهم منه حكم القدم بالطريق الأولى أو كل الجسد الذي منه القدم و سيأتي تفسير الآيات قريبا

5-  تفسير علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص لما أسري بي إلى السماء و انتهيت إلى سدرة المنتهى سمعت الأذان فإذا ملك يؤذن لم ير في السماء قبل تلك الليلة فقال الله أكبر الله أكبر فقال الله عز و جل صدق عبدي أنا أكبر فقال أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله فقال الله صدق عبدي أنا الله   الذي لا إله غيري فقال أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله فقال الله صدق عبدي إن محمدا عبدي و رسولي أنا بعثته و انتجبته فقال حي على الصلاة حي على الصلاة فقال الله صدق عبدي و دعا إلى فريضتي فمن مشى إليها راغبا فيها محتسبا كانت له كفارة لما مضى من ذنوبه فقال حي على الفلاح حي على الفلاح فقال الله هي الصلاح و النجاح و الفلاح ثم أممت الملائكة في السماء كما أممت الأنبياء في بيت المقدس قال ثم غشيتني صبابة فخررت ساجدا فناداني ربي أني قد فرضت على كل نبي كان قبلك خمسين صلاة و فرضتها عليك و على أمتك فقم بها أنت في أمتك فقال رسول الله ص فانحدرت حتى مررت على إبراهيم فلم يسألني عن شي‏ء حتى انتهيت إلى موسى فقال ما صنعت يا محمد ص فقلت قال ربي فرضت على كل نبي كان قبلك خمسين صلاة و فرضتها عليك و على أمتك فقال موسى يا محمد إن أمتك آخر الأمم و أضعفها و إن ربك لا يرده شي‏ء و إن أمتك لا يستطيع أن تقوم بها فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت إلى ربي حتى انتهيت إلى سدرة المنتهى فخررت ساجدا ثم قلت فرضت علي و على أمتي خمسين صلاة و لا أطيق ذلك و لا أمتي فخفف عني فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى و أخبرته فقال ارجع لا تطيق فرجعت إلى ربي فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع و في كل رجعة أرجع إليه أخر ساجدا حتى رجع إلى عشر صلوات فرجعت إلى موسى و أخبرته فقال لا تطيق فرجعت إلى ربي فوضع عني خمسا فرجعت إلى موسى و أخبرته فقال لا تطيق فقلت قد استحييت من ربي و لكن أصبر عليها فناداني مناد كما صبرت عليها فهذه الخمس بخمسين كل صلاة بعشر و من هم من أمتك بحسنة يعملها فعملها كتبت له عشرا و إن لم يعمل كتبت له واحدة و من هم من أمتك بسيئة فعملها كتبت عليه واحدة و إن لم يعملها لم أكتب   عليه شيئا فقال الصادق ع جزى الله موسى عن هذه الأمة خيرا

 بيان قال الجوهري الصبابة رقة الشوق و حرارته قوله ع لا يرده شي‏ء بالتخفيف أي لا يرد عليه نفع شي‏ء من عبادة و غيرها و في بعض النسخ لا يزيده شي‏ء أي لا يزيد في ملكه طاعة مطيع و قد مر تمام الخبر بطوله في باب المعراج

6-  الخصال، عن محمد بن جعفر بن بندار عن سعيد بن أحمد عن يحيى بن الفضل عن يحيى بن موسى عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس قال فرضت على النبي ص ليلة أسري به الصلاة خمسين ثم نقصت فجعلت خمسا نودي يا محمد إنه لا يبدل القول لدي إن لك بهذه الخمس خمسين

7-  و منه، عن أبيه عن عبد الله بن جعفر الحميري عن معاوية بن حكيم عن ابن أبي عمير عن أبي الحسن الأزدي عن أبي عبد الله ع قال لما خفف الله عز و جل عن النبي ص حتى صارت خمس صلوات أوحى الله إليه يا محمد إنها خمس بخمسين

8-  العلل، و الخصال، عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد الأشعري عن إبراهيم بن إسحاق عن محمد بن الحسن بن شمون عن أبي هاشم الخادم قال قلت لأبي الحسن الماضي ع لم جعلت صلاة الفريضة و السنة خمسين ركعة لا يزاد فيها و لا ينقص منها قال إن ساعات الليل اثنتا عشرة ساعة و فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ساعة و ساعات النهار اثنتا عشرة ساعة فجعل لكل ساعة ركعتين و ما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق   غسق فجعل للغسق ركعة

 بيان هذا اصطلاح شرعي للساعات و هي مختلفة باختلاف الاصطلاحات فمنها مستوية و منها معوجة إلى غير ذلك و الركعة التي جعلت للغسق لعلها ركعتا الوتيرة فإنهما تعدان بركعة و في الخصال ليس قوله فجعل للغسق ركعة و فيه مكان الشفق القرص فالمراد سقوطه بالكلية بذهاب الحمرة المشرقية و ما في العلل في الموضعين أظهر و أصح و في الكافي أيضا كذلك. و قال السيد الداماد رحمه الله كون كل من الليل و النهار اثنتي عشرة ساعة إما بحسب الساعات المعوجة أو بحسب الساعات المستوية في خط الإستواء أو و في الآفاق المائلة أيضا عند تساوي الليل و النهار و ذلك إذا كان مدار اليومي للشمس معدل النهار و أما إخراج ما بين طلوع الفجر و طلوع الشمس من الليل و النهار و اعتبار زمانه على حياله ساعة برأسها فقد ورد به بعض الأخبار عنهم صلوات الله عليهم. و من ذلك ما رواه جماعة من مشيخة علمائنا رضوان الله عليهم عن مولانا الصادق ع أن مطران النصارى سأل أباه الباقر ع عن مسائل عديدة عويصة منها الساعة التي ليست هي من ساعات الليل و لا من ساعات النهار أية ساعة هي فقال ع هي الساعة التي بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فاستشكل ذلك من باعه في تتبع العلوم و تعرف المذاهب قاصر زاعما أن هذا أمر لم ينعقد عليه اصطلاح و لم يذهب إليه ذاهب أصلا. و لعل مزجاة من بضاعة المتمهر حسبك لإزاحة هذه المرية أ ليس هذا   الاصطلاح منقولا في كتب أعاظم علماء الهيئة عن حكماء الهند و أ ليس الأستاد أبو ريحان البيروني في القانون المسعودي ذكر أن براهمة الهند ذهبوا إلى أن ما بين طلوع الفجر و طلوع الشمس و كذلك ما بين غروب الشمس و غروب الشفق غير داخل في شي‏ء من الليل و النهار بل إن ذلك بمنزلة الفصل المشترك بينهما و أورد ذلك الفاضل البرجندي في شرح زيج الجديد و في شرح التذكرة. ثم إن ما في أكثر رواياتنا عن أئمتنا المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين و ما عليه العمل عند أصحابنا رضي الله تعالى عنهم إجماعا هو أن زمان ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس من النهار و معدود من ساعاته و كذلك زمان غروب الشمس إلى ذهاب الحمرة من جانب المشرق فإن ذلك غروبها في أفق الغرب فالنهار الشرعي في باب الصلاة و الصوم و في سائر الأبواب من طلوع الفجر المستطير إلى ذهاب الحمرة المشرقية و هذا هو المعتبر و المعول عليه عند أساطين الإلهيين و الرياضيين من حكماء يونان. و ثاوذوسيوس بنى أساس الاصطلاح في كتاب المساكن عليه و حكم أن مبدأ النهار عند ظهور الضياء و اختفاء الكواكب الثابتة و منتهاه حين اختفاء الضياء و اشتباك النجوم. و العلامة الشيرازي قطب فلك التحصيل و التحقيق شارح حكمة الإشراق و كليات القانون أظهر في كتبه نهاية الإدراك و التحفة و الإختيارات المظفرية أن أول الليل في اصطلاح الشرع و عند علماء الدين مجاوزة الشمس أفق المغرب حيث تذهب الحمرة المشرقية و تستبين الظلمة في جانب المشرق و ما ذكره إن هو إلا مذهب الإمامية. و أما أصحاب الأحكام من المنجمين فالنهار عندهم محدود في طرفي المبدإ و المنتهى بطلوع مركز الشمس من أفق المشرق و غروبه في أفق المغرب و زمان ظهور جرم الشمس إلى طلوع مركزها محسوب عندهم من الليل و زمان غروب المركز إلى اختفاء الجرم أيضا كذلك فليتعرف

    -9  العلل، عن علي بن أحمد بن محمد عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن محمد بن إسماعيل البرمكي عن علي بن العباس عن عمر بن عبد العزيز عن هشام بن الحكم قال سألت أبا عبد الله ع عن علة الصلاة فإن فيها مشغلة للناس عن حوائجهم و متعبة لهم في أبدانهم قال فيها علل و ذلك أن الناس لو تركوا بغير تنبيه و لا تذكير للنبي ص بأكثر من الخبر الأول و بقاء الكتاب في أيديهم فقط لكانوا على ما كان عليه الأولون فإنهم قد كانوا اتخذوا دينا و وضعوا كتبا و دعوا أناسا إلى ما هم عليه و قتلوهم على ذلك فدرس أمرهم و ذهب حين ذهبوا و أراد الله تبارك و تعالى أن لا ينسيهم أمر محمد ص ففرض عليهم الصلاة يذكرونه في كل يوم خمس مرات ينادون باسمه و تعبدوا بالصلاة و ذكروا الله لكيلا يغفلوا عنه فينسوه فيندرس ذكره

 بيان درس الرسم يدرس دروسا عفا و درسته الريح يتعدى و لا يتعدى ذكره الجوهري و قال التعبد التنسك. أقول لعل ذكر النبي ص على سبيل المثال أو الغرض تذكر ربهم بصفاته الجميلة و نبيهم و أئمتهم و الحشر و الجنة و النار و سائر ما يمكنهم الغفلة عنه بسبب الأشغال الدنيوية و اللذات الدنية كما مرت الإشارة إليه

10-  العلل، و العيون، عن علي بن أحمد بن محمد بن محمد بن يعقوب عن محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل عن علي بن العباس عن القاسم بن الربيع الصحاف عن محمد بن سنان فيما كتب الرضا ع عن جواب مسائله قال علة الصلاة أنها إقرار بالربوبية لله عز و جل و خلع الأنداد و قيام بين يدي الجبار جل جلاله بالذل و المسكنة و الخضوع و الاعتراف و الطلب للإقالة من سالف الذنوب و وضع الوجه على الأرض كل يوم خمس مرات إعظاما لله عز و جل و أن يكون ذاكرا غير ناس و لا بطر و يكون   خاشعا متذللا راغبا طالبا للزيادة في الدين و الدنيا مع ما فيه من الانزجار و و المداومة على ذكر الله عز و جل بالليل و النهار لئلا ينسى العبد سيده و مدبره و خالقه فيبطر و يطغى و يكون في ذكره لربه و قيامه بين يديه زاجرا له من المعاصي و مانعا من أنواع الفساد

 توضيح قوله ع إقرار بالربوبية قال الوالد قدس سره إما لاشتمالها على الإقرار بالربوبية و التوحيد و الإخلاص أو لأن أصل عبادته تعالى دون غيره خلع للأنداد و إقرار بالربوبية و كذا طلب الإقالة و طلب الزيادة يحتملانهما و الند بالكسر المثل و النظير و الظاهر عطف الاعتراف و وضع الوجه على الذل و ربما يتوهم عطفهما على الإقرار و البطر الأشر و شدة المرح و النشاط. قوله من الانزجار أي عن المعاصي ف إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ و في أكثر نسخ الفقيه من الإيجاب أي مجرد إيجاب الله تعالى على العبد أو إيجاب العبد على نفسه عبادته تعالى كماله أو سبب كماله و قيل أي إيجاب الذكر إذ لو لم يوجب لنسي و لم يؤت به و في بعض نسخه الإنجاب بالنون أي يصير به نجيبا حسن الأخلاق من قولهم أنجب أي صار نجيبا و أنجب أي ولد نجيبا و ما هنا أظهر

11-  العلل، عن أحمد بن محمد العطار عن أبيه عن أبي محمد العلوي الدينوري بإسناده رفع الحديث إلى الصادق ع قال قلت له لم صارت المغرب ثلاث ركعات و أربعا بعدها ليس فيها تقصير في حضر و لا سفر فقال إن الله عز و جل أنزل على نبيه ص لكل صلاة ركعتين في الحضر فأضاف إليها رسول الله ص لكل صلاة ركعتين في الحضر و قصر فيها في السفر إلا المغرب فلما   صلى المغرب بلغه مولد فاطمة ع فأضاف إليها ركعة شكرا لله عز و جل فلما أن ولد الحسن ع أضاف إليها ركعتين شكرا لله عز و جل فلما أن ولد الحسين ع أضاف إليها ركعتين شكرا لله عز و جل فقال لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فتركها على حالها في الحضر و السفر

 بيان فتركها أي مجموع الخمس ركعات لأنها زيدت لشكر نعم لا تذهب على حال من الأحوال فينبغي أن لا يسقط شكرها أيضا في وقت من الأوقات

12-  العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي حمزة الثمالي عن سعيد بن المسيب قال سألت علي بن الحسين ع فقلت له متى فرضت الصلاة على المسلمين على ما هم اليوم عليه قال فقال بالمدينة حين ظهرت الدعوة و قوي الإسلام و كتب الله عز و جل على المسلمين الجهاد زاد رسول الله ص في الصلاة سبع ركعات في الظهر ركعتين و في العصر ركعتين و في المغرب ركعة و في العشاء الآخرة ركعتين و أقر الفجر على ما فرضت بمكة لتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء و لتعجيل نزول ملائكة النهار إلى الأرض فكان ملائكة الليل و ملائكة النهار يشهدون مع رسول الله ص صلاة الفجر فلذلك قال الله عز و جل وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً يشهده المسلمون و يشهده ملائكة النهار و ملائكة الليل

    العياشي، عن ابن المسيب مثله تبيين التعليل بتعجيل عروج ملائكة الليل ظاهر إما من حيث إنه سبب لتعجيلهم أو مسبب عنه و أما التعليل بتعجيل نزول ملائكة النهار فلا يخلو من خفاء و يمكن توجيهه بوجوه الأول أن يكون قصر الصلاة معللا بتعجيل العروج فقط و يكون تعجيل النزول علة لما بعده أعني شهود ملائكة الليل و النهار معا و أما أن مدخول الفاء لا يعمل فيما قبله فأمره هين لوقوعه في القرآن المجيد و كلام الفصحاء كثيرا كقوله تعالى وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ و التأويل مشترك و هذا إنما يستقيم فيه هذا التوجيه. الثاني أن يقال إذا كانت صلاة الفجر قصيره يتعجلون في النزول ليدركوها بخلاف ما إذا كانت طويلة لإمكان تأخيرهم النزول إلى الركعة الثالثة أو الرابعة و هذا إنما يتوجه لو لم يلزم شهودهم من أول الصلاة و الظاهر من الخبر خلافه. الثالث أن يقال إرادة الله تعالى متعلقة بعدم اجتماع ملائكة الليل و ملائكة النهار في الأرض كثيرا لمصلحة من المصالح فيكون تعجيل عروج ملائكة الليل أمرا مطلوبا في نفسه و معللا أيضا بتعجيل نزول ملائكة النهار. الرابع أن يكون شهود ملائكة النار لصلاة الفجر في الهواء و يكون المراد بنزولهم نزولهم إلى الأرض

13-  العلل، عن علي بن حاتم عن القاسم بن محمد عن حمدان بن الحسين عن الحسين بن الوليد عن عبد الله بن حماد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال قلت لأي علة أوجب رسول الله ص صلاة الزوال ثمان قبل الظهر و ثمان قبل العصر و لأي علة رغب في وضوء المغرب كل الرغبة و لأي علة أوجب الأربع الركعات من بعد المغرب و لأي علة كان يصلي صلاة الليل في آخر الليل و لا يصلي في أول الليل قال لتأكيد الفرائض لأن الناس لو لم يكن إلا أربع ركعات الظهر   لكانوا مستخفين بها حتى كاد يفوتهم الوقت فلما كان شيئا غير الفريضة أسرعوا إلى ذلك لكثرته و كذلك التي من قبل العصر ليسرعوا إلى ذلك لكثرته و ذلك لأنهم يقولون إن سوفنا و نريد أن نصلي الزوال يفوتنا الوقت و كذلك الوضوء في المغرب يقولون حتى نتوضأ يفوتنا الوقت فيسرعوا إلى القيام و كذلك الأربعة ركعات التي من بعد المغرب و كذلك صلاة الليل في آخر الليل ليسرعوا إلى القيام إلى صلاة الفجر فلتلك العلة وجب هذه هكذا

 بيان حمل الوجوب على الاستحباب المؤكد و هو شائع في الأخبار فإن مراتب الطاعات مختلفة فأولها الفرائض و هي التي ثبت وجوبها بالقرآن ثم الواجبات التي ثبت وجوبها بالسنة ثم السنن التي كان رسول الله ص يواظب عليها في أواخر عمره و هي تالية للواجبات و قد يعبر عنها بالواجب ثم التطوعات و هي المستحبات التي لم يكن النبي ص يواظب عليها في آخره عمره للتوسعة على الأمة و كذا النواهي أولها الكبائر ثم الصغائر ثم المكروهات الشديدة التي قد يعبر عنها بالحرمة ثم المكروهات الخفيفة. و حاصل هذا التعليل أن الإنسان بسبب كثرة أشغاله و كسله يؤخر الأمر الذي يلزم عليه إلى آخر أوقات إمكان الفعل و قد يخطأ في تقدير الوقت فيقع بعضها خارجا عن الوقت فضمت النوافل إلى الفرائض لتكون وقاية لها فإذا قدر وقت اثنتي عشرة ركعة للظهر مثلا و أخطأ يقع النقص في النافلة و تقع الفريضة في وقتها بخلاف ما إذا قدر وقت الأربع الركعات و أخطأ يقع بعض الفريضة خارج الوقت فظهر أن النوافل كما أنها مكملة كذلك هي وقاية لها

14-  العلل، عن محمد بن موسى بن المتوكل عن علي بن الحسين السعدآبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن فضالة عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله ع قال لما هبط آدم من الجنة ظهرت فيه شامة سوداء في وجهه من قرنه إلى قدمه فطال حزنه و بكاؤه على ما ظهر به فأتاه جبرئيل ع فقال له   ما يبكيك يا آدم قال لهذا الشامة التي ظهرت بي قال قم فصل فهذا وقت الصلاة الأولى فقام فصلى فانحطت الشامة إلى عنقه فجاءه في وقت الصلاة الثانية فقال يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الثانية فقام فصلى فانحطت الشامة إلى سرته فجاءه في الصلاة الثالثة فقال يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الثالثة فقام فصلى فانحطت الشامة إلى ركبتيه فجاءه في الصلاة الرابعة فقال يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الرابعة فقام فصلى فانحطت الشامة إلى رجليه فجاءه في الصلاة الخامسة فقال يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الخامسة فقام فصلى فخرج منها فحمد الله و أثنى عليه فقال جبرئيل يا آدم مثل ولدك في هذه الصلاة كمثلك في هذه الشامة من صلى من ولدك في كل يوم و ليلة خمس صلوات خرج من ذنوبه كما خرجت من هذه الشامة

 المحاسن، عن أبيه عن فضالة مثله بيان الشامة بغير همز الخال و قال الوالد قدس سره يمكن أن يكون ظهور الشامة لردع أولاده عن الخطايا و اعتبارهم أو لأنه كلما كان الصفاء أكثر كان تأثير المخالفات أشد و يحتمل على بعد أن تكون الشامة كناية عن حط رتبته و حطها عن رفعها و يكون ذكر العنق و السرة و الركبة من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس أو يكون كناية عن ذهاب أثر الخطأ عن تلك الأعضاء و يدل الخبر على أن الصلاة مكفرة لجميع الذنوب للجمع المضاف

15-  العلل، عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي الكوفي عن صباح الحذاء عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا الحسن موسى بن جعفر ع كيف صارت الصلاة ركعة و سجدتين و كيف إذا صارت سجدتين لم تكن ركعتين فقال إذا سألت عن شي‏ء ففرغ قلبك لتفهم   إن أول صلاة صلاها رسول الله ص إنما صلاها في السماء بين يدي الله تبارك و تعالى قدام عرشه جل جلاله و ذلك أنه لما أسري به و صار عند عرشه تبارك و تعالى قال يا محمد ادن من صاد فاغسل مساجدك و طهرها و صل لربك فدنا رسول الله ص إلى حيث أمر الله تعالى فتوضأ فأسبغ وضوءه ثم استقبل الجبار تبارك و تعالى قائما فأمره بافتتاح الصلاة ففعل فقال يا محمد اقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ إلى آخرها ففعل ذلك ثم أمره أن يقرأ نسبة ربه تبارك و تعالى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ ثم أمسك عنه القول فقال رسول الله ص قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ فقال قل لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ فأمسك عنه القول فقال رسول الله ص كذلك الله ربي كذلك الله ربي كذلك الله ربي فلما قال ذلك قال اركع يا محمد لربك فركع رسول الله ص فقال له و هو راكع قل سبحان ربي العظيم و بحمده ففعل ذلك ثلاثا ثم قال ارفع رأسك يا محمد ففعل ذلك رسول الله ص فقام منتصبا بين يدي الله فقال اسجد يا محمد لربك فخر رسول الله ص ساجدا فقال قل سبحان ربي الأعلى و بحمده ففعل ذلك رسول الله ص ثلاثا فقال له استو جالسا يا محمد ففعل فلما استوى جالسا ذكر جلال ربه جل جلاله فخر رسول الله ص ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمره ربه عز و جل فسبح أيضا ثلاثا فقال انتصب قائما ففعل فلم ير ما كان رأى من عظمة ربه جل جلاله فقال له اقرأ يا محمد و افعل كما فعلت في الركعة الأولى ففعل ذلك رسول الله ص ثم سجد سجدة واحدة فلما رفع رأسه ذكر جلالة ربه تبارك و تعالى الثانية فخر رسول الله ص ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمره ربه عز و جل فسبح أيضا ثم قال له ارفع رأسك ثبتك الله و أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أن الساعة آتية لا ريب فيها و أن الله يبعث من في القبور   اللهم صل على محمد و آل محمد و ارحم محمدا و آل محمد كما صليت و باركت و ترحمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم تقبل شفاعته في أمته و ارفع درجته ففعل فقال يا محمد سلم فاستقبل رسول الله ص ربه تبارك و تعالى وجهه مطرقا فقال السلام عليك فأجابه الجبار جل جلاله فقال و عليك السلام يا محمد بنعمتي قويتك على طاعتي و بعصمتي إياك اتخذتك نبيا و حبيبا ثم قال أبو الحسن ع و إنما كانت الصلاة التي أمر بها ركعتين و سجدتين و هو ص إنما سجد سجدتين في كل ركعة عما أخبرتك من تذكره لعظمة ربه تبارك و تعالى فجعله الله عز و جل فرضا قلت جعلت فداك و ما صاد الذي أمر أن يغتسل منه فقال عين ينفجر من ركن من أركان العرش يقال له ماء الحياة و هو ما قال الله عز و جل ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ إنما أمره أن يتوضأ و يقرأ و يصلي

16-  و منه، عن علي بن أحمد عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن محمد بن إسماعيل البرمكي عن علي بن العباس عن عكرمة بن عبد العرش عن هشام بن الحكم قال سألت أبا عبد الله ع عن علة الصلاة كيف صارت ركعتين و أربع سجدات ألا كانت ركعتين و سجدتين فذكر نحو حديث إسحاق بن عمار عن أبي الحسن ع يزيد اللفظ و ينقص

 بيان يظهر من هذا الخبر سر كون السجدتين معا ركنا و عدم بطلان الصلاة بزيادة واحدة منهما و نقصانها سهوا لأن ما كان بأمره تعالى كان واحدة منهما و الثانية كانت من قبله ص بالتفويض أو بالإلهام فلم يكن لها حكم الفرائض و الأركان فإذا تركنا معا تركت الفريضة و الركن و تبطل الصلاة و كذا إذا زيدتا معا بأن يأتي بأربع فتكرر الفريضة بخلاف ما إذا أتى بثلاث فإنه يحتمل أن يكون المكرر ما زيد من قبله ص فلا يزيد الركن.   و ربما يقال الركن هو السجدة الأولى و به يندفع الإشكال المورد هاهنا بأنه إن كان الركن السجدتين يلزم الإخلال به بترك واحدة و إن كان الواحدة أو الطبيعة يلزم الزيادة بالإتيان بسجدتين و أكثر و يرد عليه أنه لا ينفع في دفع الإشكال إذ لا يعقل حينئذ زيادة الركن أصلا لأن السجدة الأولى لا تتكرر إلا أن يفرض أنه سها عن الأولى و سجد أخرى بقصد الأولى فعلى تقدير تسليم أنه يصدق عليه تكرر الأولى يلزم زيادة الركن بسجدتين أيضا و يلزم أنه إذا سجد ألف سجدات بغير هذا الوجه لم يكن زاد ركنا على أنه لو اعتبرت النية في ذلك يلزم بطلان صلاة من ظن أنه سجد سجدة الأولى و سجد بنية الأخيرة فظهر له بعد تجاوز المحل ترك الأولى و لعله لم يقل به أحد و قيل في دفع أصل الإشكال أن الركن هو أحد الأمرين من إحداهما و كلتيهما و هو أيضا غير نافع إذ يرد الإشكال فيما إذا سجد ثلاث سجدات إذ حينئذ يلزم زيادة الركن إن أخذا لا بشرط شي‏ء و إن أخذا بشرط لا يلزم عدم تحقق الركن فيما إذا سجد ثلاث سجدات. و تفصى بعضهم بوجه آخر و قال الركن المفهوم المردد بين السجدة الواحدة بشرط لا و السجدتين بشرط لا و ثلاث سجدات بشرط لا فيندفع الإشكال إذ ترك الركن حينئذ إنما يكون بترك السجدة مطلقا أو الإتيان بأربع فما زاد و هذا وجه متين لكن يرد عليه أن القوم إنما جعلوا بطلان الأربع فما زاد لزيادة الركن لا لتركه. و يخطر بالبال وجه آخر و هو أن يقال الركن أحد الأمرين من سجدة واحدة بشرط لا أو سجدتين لا بشرط شي‏ء فإذا سجد سجدة واحدة سهوا فقد أتى بفرد من الركن و كذا إذا أتى بهما و لا ينتفي الركن إلا بانتفاء الفردين بأن لا يسجد أصلا و إذا سجد ثلاث سجدات لم يأت إلا بفرد واحد من الركن و هو الاثنتان و أما الواحدة الزائدة فليست فردا له لكونها مع أخرى و ما كان فردا له كان بشرط لا و إذا أتى بأربع فما زاد أتى بفردين من الاثنتين و هذا وجه   وجيه لم أر أحدا سبقني إليه و مع ذلك لا يخلو من تكلف. و الأظهر في الجواب أن غرضهم إما إيراد الإشكال على الأخبار فلا إشكال فيها لخلوها عن ذكر الركن و تلك القواعد الكلية ورد فيها حكم كل ركن من الأركان بوجه مخصوص و ورد حكم السجود هكذا و لا يلزم توافق أجزاء الصلاة في الأحكام و أما على كلام الأصحاب رضوان الله عليهم فلا يرد عليه أيضا لأنه بعد تصريحهم بحكم السجود صارت قاعدتهم الكلية مخصوصة بغير السجود و مثل هذا في كلامهم كثير و أمثال تلك المناقشات بعد وضوح المقصود لا طائل تحتها

17-  العلل، عن علي بن أحمد عن محمد بن جعفر الأسدي عن موسى بن عمران النخعي عن الحسين بن يزيد النوفلي عن علي بن أبي حمزة البطائني عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع لم صارت الصلاة ركعتين و أربع سجدات قال لأن ركعة من قيام بركعتين من جلوس

 بيان لعل الغرض أن العلة في الحكمين واحدة لأن علة كون الركعتين من جلوس بركعة من قيام كون الصلاة من جلوس أخف على المصلي و أسهل و هذه العلة بعينها متحققة في الركوع و السجود

18-  العلل، عن علي بن حاتم عن إبراهيم بن علي عن أحمد بن محمد الأنصاري عن الحسن بن علي العلوي عن أبي حكيم الزاهد عن أحمد بن عبد الله قال بينما أمير المؤمنين ع مار بفناء بيت الله الحرام إذا نظر إلى رجل يصلي فاستحسن صلاته فقال يا هذا الرجل أ تعرف تأويل صلاتك قال الرجل يا ابن عم خير خلق الله و هل للصلاة تأويل غير التعبد قال علي ع اعلم يا هذا الرجل أن الله تبارك و تعالى ما بعث نبيه ص بأمر من الأمور إلا و له متشابه و تأويل و تنزيل و كل ذلك على التعبد فمن لم يعرف تأويل صلاته فصلاته كلها خداج ناقصة غير تامة فقال الرجل يا ابن عم خير خلق الله ما معنى رفع يديك في التكبيرة   الأولى فقال ع الله الواحد الأحد الذي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ لا يقاس بشي‏ء و لا يلمس بالأخماس و لا يدرك بالحواس قال الرجل ما معنى مد عنقك في الركوع قال تأويله آمنت بوحدانيتك و لو ضربت عنقي قال الرجل ما معنى السجدة الأولى فقال تأويلها اللهم إنك منها خلقتني يعني من الأرض و رفع رأسك و منها أخرجتنا و السجدة الثانية و إليها تعيدنا و رفع رأسك من الثانية و منها تخرجنا تارة أخرى قال الرجل ما معنى رفع رجلك اليمنى و طرحك اليسرى في التشهد قال تأويله اللهم أمت الباطل و أقم الحق

 بيان قال في النهاية فيه كل صلاة ليست فيها قراءة فهي خداج الخداج النقصان يقال خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوانه و إن كان تام الخلق و أخدجته إذا ولدته ناقص الخلق و إن كان لتمام الحمل و إنما قال فهي خداج و الخداج مصدر على حذف المضاف أي ذات خداج أو يكون قد وصفها بالمصدر نفسه مبالغة كقوله فإنما هي إقبال و إدبار

19-  العلل، و العيون، عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس عن علي بن محمد بن قتيبة في علل الفضل بن شاذان عن الرضا ع فإن قال فلم أمروا بالصلاة قيل لأن في الصلاة الإقرار بالربوبية و هو صلاح عام لأن فيه خلع الأنداد و القيام بين يدي الجبار بالذل و الاستكانة و الخضوع و الاعتراف و طلب الإقالة من سالف الذنوب و وضع الجبهة على الأرض كل يوم و ليلة ليكون العبد ذاكرا لله تعالى غير ناس له و يكون خاشعا وجلا متذللا طالبا راغبا في الزيادة للدين و الدنيا مع ما فيه من الانزجار عن الفساد و صار ذلك عليه في كل يوم و ليلة لئلا ينسى العبد مدبره و خالقه فيبطر و يطغى و ليكون في ذكر خالقه و القيام بين يدي ربه زاجرا له عن المعاصي و عاجزا و مانعا عن أنواع الفساد فإن قال فلم جعل أصل الصلاة ركعتين و لم زيد على بعضها ركعة و على   بعضها ركعتين و لم يزد على بعضها شي‏ء قيل لأن أصل الصلاة إنما هي ركعة واحدة لأن أصل العدد واحد فإذا نقصت من واحد فليست هي صلاة فعلم الله عز و جل أن العباد لا يؤدون تلك الركعة الواحدة التي لا صلاة أقل منها بكمالها و تمامها و الإقبال عليها فقرن إليها ركعة ليتم بالثانية ما نقص من الأولى ففرض الله عز و جل أصل الصلاة ركعتين ثم علم رسول الله ص أن العباد لا يؤدون هاتين الركعتين بتمام ما أمروا به و كماله فضم إلى الظهر و العصر و العشاء الآخرة ركعتين ركعتين ليكون فيهما تمام الركعتين الأوليين ثم علم أن صلاة المغرب يكون شغل الناس في وقتها أكثر للانصراف إلى الأوطان و الأكل و الوضوء و التهيئة للمبيت فزاد فيها ركعة واحدة ليكون أخف عليهم و لأن تصير ركعات الصلاة في اليوم و الليلة فردا ثم ترك الغداة على حالها لأن الاشتغال في وقتها أكثر و المبادرة إلى الحوائج فيها أعم و لأن القلوب فيها أخلى من الفكر لقلة معاملات الناس بالليل و لقلة الأخذ و الإعطاء فالإنسان فيها أقبل على صلاته منه في غيرها من الصلوات لأن الفكر قد تقدم العمل من الليل فإن قال فلم جعل ركعة و سجدتين قيل لأن الركوع من فعل القيام و السجود من فعل القعود و صلاة القاعد على النصف من صلاة القيام فضوعف السجود ليستوي بالركوع فلا يكون بينهما تفاوت لأن الصلاة إنما هي ركوع و سجود

 بيان الإقرار بالربوبية لأن الصلاة مشتملة على الإقرار بما ذكر أو لأن أصل عبادته تعالى دون غيره خلع للأنداد و إقرار بالربوبية كما مر و كذا الطلب في الإقالة و الطلب للدين و الدنيا قوله و هو صلاح الضمير راجع إلى الإقرار و القيام عطف على الإقرار و البطر الطغيان بالنعمة و كراهة الشي‏ء من غير أن يستحق الكراهة

    -20  المحاسن، عن أبيه عن فضالة عن الحسين بن أبي العلاء قال قلت لأبي عبد الله ع إن أصحاب الدهر يقولون كيف صارت الصلاة ركعة و سجدتين و لم تكن ركعتين و سجدتين فقال إذا سألت عن شي‏ء ففرغ قلبك لفهمه إن الناس يزعمون أن أول صلاة صلاها رسول الله ص في الأرض أتاه جبرئيل بها و كذبوا إن أول صلاة صلاها في السماء بين يدي الله تبارك و تعالى مقابل عرشه جل جلاله و أوحى إليه و أمره أن يدنو من صاد فيتوضأ و قال أسبغ وضوءك و طهر مساجدك و صل لربك قلت له و ما الصاد قال عين تحت ركن من أركان العرش أعدت لمحمد ص ثم قرأ أبو عبد الله ع ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ فتوضأ و أسبغ وضوءه ثم استقبل عرش الرحمن فقام قائما فأوحى الله إليه بافتتاح الصلاة ففعل ثم أوحى الله إليه بفاتحة الكتاب و أمره أن يقرأها ثم أوحى إليه أن اقرأ يا محمد نسبة ربك فقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ ثم أمسك تبارك و تعالى عنه القول فقرأ رسول الله ص من تلقاء نفسه الله أحد الله الصمد الله الواحد الأحد الصمد ثم أوحى الله إليه تبارك و تعالى أن اقرأ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ فقرأ و أمسك الله عنه القول فقرأ رسول الله ص من تلقاء نفسه كذلك الله ربنا فلما قال ذلك أوحى الله إليه أن اركع لربك يا محمد و انحر فاستوى و نصب نفسه بين يدي الله فأوحى الله إليه أن اسجد لربك فخر ساجدا فأوحى الله إليه أن استو جالسا يا محمد ففعل فلما رفع رأسه من أول السجدة تجلى له تبارك و تعالى فخر ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمره ربه فجرى ذلك الفضل من الله و سنة من رسول الله ص

 بيان قوله و انحر أي رافعا يدك إلى نحرك أو سو بعد الركوع بين نحرك و صدرك و استو قائما أو سو في الركوع بين نحرك و صدرك و سيأتي تمام   القول فيه

21-  أقول قال السيد بن طاوس في كتاب سعد السعود وجدت في صحف إدريس ع عند ذكر قصة آدم ع أنه كان إقامة آدم ع في الجنة و أكله من الشجرة خمس ساعات من نهار ذلك اليوم قال ثم نادى الله تعالى آدم أن أفضل أوقات العبادة الوقت الذي أدخلتك و زوجتك الجنة عند زوال الشمس فسبحتماني فيها فكتبتها صلاة و سميتها لذلك الأولى و كانت في أفضل الأيام يوم الجمعة ثم أهبطتكما إلى الأرض وقت العصر فسبحتماني فيها فكتبتها لكما أيضا صلاة و سميتها لذلك بصلاة العصر ثم غابت الشمس فصليت لي فيها فسميتها صلاة المغرب ثم جلست لي حين غاب الشفق فسميتها صلاة العشاء ثم قال و قد فرضت عليك و على نسلك في كل يوم و ليلة خمسين ركعة فيها مائة سجدة فصلها يا آدم أكتب لك و لمن صلاها من نسلك ألفين و خمس مائة صلاة

22-  إرشاد القلوب، عن موسى بن جعفر عن آبائه ع عن أمير المؤمنين ع قال قال الله تعالى لنبيه ص ليلة أسري به كانت الأمم السالفة مفروضا عليهم صلاتها في كبد الليل و أنصاف النهار و هي من الشدائد التي كانت و قد رفعتها عن أمتك و فرضت عليهم صلاتهم في أطراف الليل و النهار في أوقات نشاطهم و كانت الأمم السالفة مفروضا عليهم خمسون صلاة في خمسين وقت و هي من الآصار التي كانت عليهم و قد رفعتها عن أمتك ثم قال أمير المؤمنين ع في بيان فضل أمة نبينا ص إن الله عز و جل فرض عليهم في الليل و النهار خمس صلوات في خمسة أوقات اثنتان بالليل و ثلاث بالنهار ثم جعل هذه الخمس صلوات تعدل خمسين صلاة و جعلها كفارة خطاياهم فقال عز و جل إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ يقول صلاة الخمس تكفر الذنوب ما اجتنب العبد الكبائر ثم قال ع إن النبي ص رأى في السماء ليلة عرج به إليها ملائكة   قياما و ركوعا منذ خلقوا فقال يا جبرئيل هذه هي العبادة فقال جبرئيل يا محمد فاسأل ربك أن يعطي أمتك القنوت و الركوع و السجود في صلاتهم فأعطاهم الله ذلك فأمة محمد ص يقتدون بالملائكة الذين في السماء الخبر

23-  نهج البلاغة، قال أمير المؤمنين ع في ذم التكبر و من ذلك ما حرض الله عباده المؤمنين بالصلاة و الزكاة و مجاهدة الصيام في الأيام المفروضات تسكينا لأطرافهم و تخشعا لأبصارهم و تذليلا لنفوسهم و تخفيضا لقلوبهم و إذهابا للخيلاء عنهم و لما في ذلك من تعفير عتاق الوجوه بالتراب تواضعا و إلصاق كرائم الجوارح بالأرض تصاغرا و لحوق البطون بالمتون من الصيام تذللا إلى آخر ما مر مشروحا في آخر المجلد الخامس

24-  كتاب العلل، لمحمد بن علي بن إبراهيم قال العلة في الصلاة الاستعباد و الإقرار بربوبيته و خلع الأنداد مكررا ذلك عليهم في كل يوم و ليلة خمس مرات و لئلا ينسوا خالقهم و رازقهم و لا يغفلوا عن طاعته و يكونوا ذاكرين حامدين شاكرين لنعمه و تفضله عليهم و علة أخرى ليذل فيها كل جبار عنيد و متكبر و يعترف و يخشع و يخضع و يسجد له و يعلم أن له خالقا و رازقا و محييا و مميتا و حتى تكون له في قيامه بين يديه زاجرا عن معاصي الله ففي الصلاة علة الاستعباد و علة نجاة نفسه و علة شكر نعمه و علة ذل كل جبار عنيد و متكبر و خشوعه و خضوعه و علة نوافل الصلاة لتمام ما ينقص من الفرائض مما يقع فيها من السهو و التقصير و التخفيف و حديث النفس و السهو عن الوقت قال و سئل أبو عبد الله ع عن علة مواقيت الصلاة و لم فرضت في خمسة   أوقات مختلفة و لم لم تفرض في وقت واحد فقال فرض الله صلاة الغداة لأول ساعة من النهار و هي سعد و فرض الظهر لست ساعات من النهار و هي سعد و فرض العصر لسبع ساعات من النهار و هي سعد و فرض المغرب لأول ساعة من الليل و هي سعد و فرض العشاء الآخرة لثلاث ساعات من الليل و هي سعد فهذه إحدى العلل لمواقيت الصلاة و لا يجوز أن تؤخر الصلاة من هذه الأوقات السعد فتصير في أوقات النحوس