باب 3- حكم الماء القليل و حد الكثير و أحكامه و حكم الجاري

1-  قرب الإسناد و كتاب المسائل، بالإسنادين المتقدمين عن علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن الدجاجة و الحمامة و أشباههن تطأ العذرة ثم تدخل في الماء أ يتوضأ منه قال لا إلا أن يكون الماء كثيرا قدر كر قال و سألته عن الرجل يتوضأ في الكنيف بالماء يدخل يده فيه أ يتوضأ من فضله للصلاة قال إذا أدخل يده و هي نظيفة فلا بأس و لست أحب أن يتعود ذلك إلا أن يغسل يده قبل ذلك و سألته عن جنب أصابت يده من جنابته فمسحه بخرقة ثم أدخل يده في غسله قبل أن يغسلها هل يجزيه أن يغتسل من ذلك الماء قال إن وجد ماء غيره فلا يجزيه أن يغتسل به و إن لم يجد غيره أجزأه

 بيان الجواب الأول يدل على انفعال القليل و اشتراط الكرية في عدمه ردا على ابن أبي عقيل و من تبعه قوله يتوضأ في الكنيف أي يستنجى و يدل على انفعال القليل و إن كان البأس أعم من النجاسة و يدل على استحباب غسل اليد مع النظافة أيضا.   و الجواب الأخير يدل على عدم انفعال القليل و أن رعاية الكرية للاستحباب و حمله على الكر بعيد جدا و يمكن حمله على التقية أو على أن المراد بقوله من جنابته ما يتبع الجنابة من العرق و شبهه لا المني

2-  علل الصدوق، عن أبيه عن سعد عن محمد بن الحسين عن ابن بزيع عن يونس عن رجل من أهل المشرق عن العيزار عن الأحول قال دخلت على أبي عبد الله ع فقال سل عما شئت فأرتجت على المسائل فقال لي سل ما بدا لك فقلت جعلت فداك الرجل يستنجي فيقع ثوبه في الماء الذي استنجى به فقال لا بأس به فسكت فقال أ و تدري لم صار لا بأس به قلت لا و الله جعلت فداك فقال ع إن الماء أكثر من القذر

 توضيح قال الجوهري أرتج على القارئ على ما لم يسم فاعله إذا لم يقدر على القراءة كأنه أطبق عليه كما يرتج الباب و لا تقل ارتج عليه بالتشديد انتهى و يدل على طهارة غسالة الاستنجاء مع عدم التغيير بل يفهم من التعليل عدم نجاسة غسالة الخبث مطلقا مع عدم التغيير و اختلف الأصحاب في غسالة الخبث فذهب جماعة من القدماء إلى الطهارة و الأشهر النجاسة و استثني منها غسالة استنجاء الحدثين فإن المشهور فيها الطهارة و قيل إنه نجس لكنه معفو و هو ضعيف و اشترط فيه عدم التغير و عدم وقوعه على نجاسة خارجة و بعض عدم تميز أجزاء النجاسة في الماء و بعض عدم تقدم اليد على الماء في الورود على النجاسة و بعض عدم زيادة الوزن و اشترط أيضا عدم كون الخارج غير الحدثين و أن لا يخالط نجاسة الحدثين نجاسة أخرى و أن لا تكون متعدية و إطلاق النص بدفع الجميع سوى الأولين و الأخير مع التفاحش بحيث لا يعد استنجاء

3-  البصائر، للصفار عن إبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله البرقي عن إبراهيم بن محمد عن شهاب بن عبد ربه قال دخلت على أبي عبد الله ع   و أنا أريد أن أسأله من الجنب يغرف الماء من الحب فلما صرت عنده أنسيت المسألة فنظر إلي أبو عبد الله ع فقال يا شهاب لا بأس أن يغرف الجنب من الحب

4-  و منه، عن محمد بن إسماعيل عن علي بن الحكم عن شهاب بن عبد ربه قال أتيت أبا عبد الله ع أسأله فابتدأني فقال إن شئت فاسأل يا شهاب و إن شئت أخبرناك بما جئت له قلت أخبرني جعلت فداك قال جئت لتسأل عن الجنب يغرف الماء من الحب بالكوز فيصيب يده الماء قال نعم قال ليس به بأس قال و إن شئت سل و إن شئت أخبرتك قال قلت له أخبرني جعلت فداك قال جئت لتسأل عن الجنب يسهو و يغمر يده في الماء قبل أن يغسلها قلت و ذاك جعلت فداك قال إذا لم يكن أصاب يده شي‏ء فلا بأس بذاك فسل و إن شئت أخبرتك قلت أخبرني قال جئت لتسألني عن الغدير يكون في جانبه الجيفة أتوضأ أو لا قال نعم فتوضأ من الجانب الآخر إلا أن يغلب على الماء الريح فينتن و جئت لتسأل عن الماء الراكد من البئر قال فما لم يكن فيه تغيير أو ريح غالبة قلت فما التغيير قال الصفرة فتوضأ منه و كلما غلب عليه كثرة الماء فهو طاهر

 بيان قوله من البئر كذا في أكثر النسخ فيدل على عدم انفعال البئر بدون التغيير إلا أن يحمل على غير النابع مجازا و في بعضها من الكر فيوافق المشهور و ذكر الصفرة على المثال

5-  فقه الرضا، إن اغتسلت من ماء الحمام و لم يكن معك ما تغرف به   و يداك قذرتان فاضرب يدك في الماء و قل بسم الله هذا مما قال الله تبارك و تعالى ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ و قال ع كل غدير فيه من الماء أكثر من كر لا ينجسه ما يقع فيه من النجاسات إلا أن يكون فيه الجيف فتغير لونه و طعمه و رائحته فإذا غيرته لم تشرب منه و لم تطهر منه و اعلموا رحمكم الله أن كل ماء جار لا ينجسه شي‏ء

 بيان المراد بالقذر الدنس غير النجس و التسمية لجبر النجاسة الوهمية و تدارك ترك المستحب من غسل اليد قبل إدخال القليل اضطرارا أو هي كناية عن الشروع بلا توقف كما هو الشائع أو المراد الإتيان بالتسمية التي هي أول الأفعال المستحبة في الوضوء و الغسل أو المراد بالقذر النجس فيحمل الماء على الكر

6-  السرائر، من كتاب البزنطي عن عبد الكريم عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله ع عن الجنب يجعل الركوة أو التور فيدخل إصبعه فيها فقال إن كانت يده قذرة فليهرقه و إن كان لم يصبها قذر فليغتسل به هذا مما قال الله عز و جل ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ

 بيان قال في النهاية الركوة إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء و قال التور إناء من صفر أو حجارة كالإجانة و قد يتوضأ منه

7-  كشف الغمة، من كتاب الدلائل لعبد الله بن جعفر الحميري عن أبي عبد الله ع أنه قال لما كان في الليلة التي وعد فيها علي بن الحسين ع قال لمحمد يا بني أبغني وضوءا قال فقمت فجئته بماء فقال لا تبغ هذا فإن فيه شيئا ميتا قال فخرجت فجئت بالمصباح فإذا فيه فأرة ميتة فجئته   بوضوء غيره

 البصائر، لسعد بن عبد الله عن محمد بن عبد الله عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن سعد بن مسلم عن أبي عمران عن أبي عبد الله ع مثله بيان قال في النهاية يقال ابغني كذا بهمزة الوصل أي اطلب لي و أبغني بهمزة القطع أي أعني على الطلب و منه الحديث أبغوني حديدة أستطيب بها بهمزة الوصل و القطع

8-  كتاب المسائل، بالإسناد المتقدم عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن جرة ماء فيه ألف رطل وقع فيه أوقية بول هل يصلح شربه أو الوضوء منه قال لا يصلح

9-  مجالس الصدوق، قال روي أن الكر هو ما يكون ثلاثة أشبار طولا في ثلاثة أشبار عرضا في ثلاثة أشبار عمقا

10-  المقنع، الكر ما يكون ثلاثة أشبار طولا في عرض ثلاثة أشبار في عمق ثلاثة أشبار

 و روي أن الكر ذراعان و شبر في ذراعين و شبر و سئل أبو عبد الله ع عن الماء الذي لا ينجسه شي‏ء قال ذراعان عمقه في ذراع و شبر سعته

 و روي أن الكر ألف و مائتا رطل

 تحقيق و تفصيل اعلم أن للأصحاب في معرفة الكر طريقين المقدار و الأشبار و الأول ألف   و مائتا رطل و ظاهر المعتبر اتفاق الأصحاب عليه لكن اختلفوا في تعيين الأرطال فذهب الأكثر إلى أنه العراقي و ذهب علم الهدى و الصدوق إلى أنه المدني و هو رطل و نصف بالعراقي و الأول أظهر و أما الثاني فالمشهور أنه ثلاثة أشبار و نصف في ثلاثة أشبار و نصف في ثلاثة أشبار و نصف. و ذهب الصدوق و جماعة من القميين إلى أنه ثلاثة في ثلاثة يرتقي إلى سبعة و عشرين و هذا لا يخلو من قوة و حكي عن ابن الجنيد تحديده بما بلغ تكسيره نحوا من مائة شبر و عن القطب الراوندي بما بلغت أبعاده الثلاثة عشرة أشبار و نصفا و لم يعتبر التكسير و قال المتأخرون من أصحابنا و لم نقف لهما على دليل. و أما خبر الذراعين في ذراع و شبر فهو أصح الأخبار الواردة في هذا الباب رواه الشيخ بسند صحيح عن إسماعيل بن جابر فلو حملنا السعة على الطول و العرض يصير ستة و ثلاثين شبرا و هذا و إن لم يعمل به أحد من حيث الأشبار لكنه أقرب التحديدات من التحديد بحسب المقدار كما حققته في رسالة الأوزان و لم أر من تفطن به و ترك العمل به حينئذ أغرب و لو حملناه على الحوض المدور يصير مضروبه ثمانية و عشرين شبرا و سبعي شبر فيقرب من مذهب القميين و ربما كان الشبران زائدين على الذراع بقليل و يؤيده أن راوي الخبرين واحد و هو إسماعيل بن جابر و الحوض المدور في المصانع و الغدران التي بين الحرمين شائع و لعل القطر بالسعة أقرب و أنسب. و أما ذراعان و شبر في ذراعين و شبر فلم أره رواية و مذهبا إلا في هذا الكتاب و هو أيضا إذا حملناه على الطول و العرض بأن حملنا الثاني على السعة التي تشمل الطول و العرض أو يقال اكتفى بذكر الجهتين عن الثالثة يصير مائة و خمسة و عشرين و لم يقل به أحد و لو حملناه على الحوض المدور يصير مضروبة ثمانية و تسعين و سبعا و نصف سبع و يقرب من مذهب ابن الجنيد مع أنه بني الكلام على التقريب فهو يصلح أن يكون دليلا على ما اختاره و الأصوب حمله على   الاستحباب أو التقية

11-  كتاب المسائل، بالإسناد المتقدم عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل و هو يتوضأ فيقطر قطرة في إنائه هل يصلح له الوضوء منه قال لا و سألته عن رجل رعف فامتخط فطار بعض ذلك الدم قطرا قطرا صغارا فأصاب إناءه هل يصلح الوضوء منه قال إن لم يكن شي‏ء يستبين في الماء فلا بأس و إن كان شيئا بينا فلا يتوضأ منه

 بيان استدل به على ما نسب إلى الشيخ من عدم انفعال القليل بما لا يدركه الطرف من الدم و يمكن حمل السؤال على أن مراده أن إصابة الدم الإناء معلوم و لكنه لا يرى في الماء شيئا و الظاهر وصوله إلى الماء أيضا و الأصل عدمه فهل يحكم هنا بالظاهر أو بالأصل و هو محمل قريب

12-  نوادر الراوندي، بإسناده إلى موسى بن جعفر عن آبائه ع قال قال علي ع الماء الجاري لا ينجسه شي‏ء

 و بهذا الإسناد قال قال علي ع الماء يمر بالجيف و العذرة و الدم يتوضأ منه و يشرب ليس ينجسه شي‏ء

 بيان حمل على الجاري أو الكثير مع عدم التغيير و الأول أظهر

13-  دعائم الإسلام، عن أمير المؤمنين ع قال في الماء الجاري يمر بالجيف و العذرة و الدم يتوضأ منه و يشرب و ليس ينجسه شي‏ء ما لم يتغير أوصافه طعمه و لونه و ريحه

 و عنه صلوات الله عليه أنه قال ليس ينجس الماء شي‏ء

 و عن أبي عبد الله ع أنه سئل عن ميضاة كانت بقرب مسجد تدخل الحائض فيها يدها أو الغلام فيها يده قال توضأ منها فإن الماء لا ينجسه شي‏ء

    و عنه ع أنه سئل عن الغدير يكون بجانب القرية يكون فيه العذرة و يبول فيه الصبي و تبول فيه الدابة و تروث قال إن عرض بقلبك شي‏ء منه فقل هكذا و توضأ و أشار بيده أي حركه و أفرج بعضه عن بعض و قال إن الدين ليس بضيق قال الله عز و جل ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ و سئل ع عن غدير فيه جيفة فقال إن كان الماء قاهرا لا يوجد فيه ريحها فتوضأ و سئل أيضا عن الغدير تبول فيه الدواب و تلغ منه الكلاب و يغتسل منه الجنب و الحائض فقال إن كان قدر كر لم ينجسه شي‏ء و سئل عن الغدير يبول فيه الدواب و تروث و يغتسل فيه الجنب فقال لا بأس إن رسول الله ص نزل بأصحابه في سفر لهم على غدير و كانت دوابهم تبول فيه و تروث فيغتسلون فيه و يتوضئون منه و يشربون

 و عنه ع أنه قال إذا مر الجنب بالماء و فيه الجيفة أو الميتة فإن كان قد تغير لذلك طعمه أو ريحه أو لونه فلا يشرب منه و لا يتوضأ   و لا يتطهر منه

 و عنه عن آبائه ع قال سئل رسول الله ص عن الماء ترده السباع و الكلاب و البهائم فقال لها ما أخذت بأفواهها و لكم ما بقي

14-  الهداية، لا يفسد الماء إلا ما كانت له نفس سائلة و إذا كان الماء كرا لم ينجسه شي‏ء و الكر ثلاثة أشبار طول في عرض ثلاثة أشبار في عمق ثلاثة أشبار و إن أهل البادية سألوا رسول الله ص فقالوا يا رسول الله إن حياضنا هذه تردها السباع و الكلاب و البهائم فقال ص لها ما أخذت أفواهها و لكم سائر ذلك

 بيان حمل على الكثير أو على عدم ملاقاة الكلاب و أشباهها بل الظن الغالب و هو غير معتبر في هذا الباب و ظاهره عدم انفعال القليل