باب 4- حكم البئر و ما يقع فيها

1-  قرب الإسناد، بالإسناد المتقدم عن علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن رجل يذبح شاة فاضطربت فوقعت في بئر ماء و أوداجها تشخب دما هل يتوضأ من تلك البئر قال ينزح منها ما بين الثلاثين إلى الأربعين دلوا ثم يتوضأ منها و لا بأس به و سألته عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقعت من يده في بئر ماء و أوداجها تشخب دما هل يتوضأ من تلك البئر قال ينزح منها ما بين الثلاثين إلى الأربعين و سألته عن رجل يستقي من بئر ماء فرعف فيها هل يتوضأ منها قال ينزح منها دلاء يسيرة و يتوضأ منها و سألته عن بئر وقع فيها زنبيل من عذرة رطبة أو يابسة أو زنبيل من سرقين هل يصلح الوضوء منها قال لا بأس

 بيان يدل ما سوى الجواب الأخير على وجوب النزح إن قلنا بكون الأمر و ما في حكمه للوجوب و إلا فعلى الرجحان في الجملة. و اعلم أنه لا خلاف في نجاسته بالتغيير و اختلف في حكمه مع مجرد الملاقاة و الأشهر أنه ينجس بالملاقاة مطلقا و ذهب جماعة من الأصحاب كالعلامة و ولده إلى عدم نجاسته مطلقا و ذهب محمد بن محمد البصروي من المتقدمين إلى التفصيل و القول بعدم النجاسة إن كان كرا و بها إن لم يكن كرا و ألزم على العلامة القول به حيث اشترط في الجاري الكرية و فيه نظر.   ثم القائلون بالطهارة اختلفوا في وجوب النزح بوقوع النجاسات المخصوصة و المشهور بينهم الاستحباب و ذهب العلامة في المنتهى إلى الوجوب تعبدا لا للنجاسة و لم يصرح بأنه يحرم استعماله قبل النزح حتى يتفرع عليه بطلان الوضوء و الصلاة بناء على أن النهي في العبادة مستلزم للفساد أم لا. ثم إنهم اختلفوا في حكم الدم فالمفيد في المقنعة حكم بوجوب خمسة دلاء للقليل و عشرة للكثير و قال الشيخ في النهاية و المبسوط للقليل عشرة و للكثير خمسون و الصدوق قال بوجوب ثلاثين إلى أربعين في الكثير و دلاء يسيرة في القليل و إليه ميل المعتبر و الذكرى و هو أقوى و قال المرتضى في المصباح في الدم ما بين الدلو الواحد إلى عشرين و في سائر كتب الحديث في جواب السؤال عن الدجاجة و الحمامة ينزح منها دلاء يسيرة و هو أظهر. و في المغرب أوداج الدابة هي عروق الحلق من المذبح الواحد ودج و في الصحاح انشخب عروقه دما انفجر و قال الزبيل معروف فإذا كسرت شددت فقلت زبيل أو زنبيل لأنه ليس في كلامهم فعليل بالفتح انتهى و السرقين بكسر السين معرب سرگين بفتحها. قال الصدوق في الفقيه بعد إيراد مضمون الرواية هذا إذا كانت في زبيل و لم ينزل منه شي‏ء في البئر و ربما تحمل العذرة و السرقين على ما إذا كانا من مأكول اللحم أو غير ذي النفس و لا يخفى بعد الوجهين و بعد مثل هذا السؤال عن مثل علي بن جعفر رضي الله عنه بل ظاهر الخبر عدم انفعال البئر بمجرد الملاقاة كما هو الظاهر من النصوص القوية و الله يعلم

2-  بصائر الصفار، عن محمد بن إسماعيل عن علي بن الحكم عن شهاب بن عبد ربه قال أتيت أبا عبد الله ع فقال جئت لتسأل عن الماء الراكد من البئر قال فما لم يكن فيه تغيير أو ريح غالبة قلت فما التغيير قال الصفرة فتوضأ منه و كلما غلب عليه كثرة الماء فهو طاهر

    -3  فقه الرضا، ماء البئر طهور ما لم ينجسه شي‏ء يقع فيه و أكبر ما يقع فيه إنسان فيموت فانزح منها سبعين دلوا و أصغر ما يقع فيها الصعوة فانزح منها دلوا واحدا و فيما بين الصعوة و الإنسان على قدر ما يقع فيها فإن وقع فيها حمار فانزح منها كرا من الماء فإن وقع فيها كلب أو سنور فانزح منها ثلاثين دلوا إلى أربعين و الكر ستون دلوا و قد روي سبعة أدل و هذا الذي وصفناه في ماء البئر ما لم يتغير الماء فإن تغير الماء وجب أن ينزح الماء كله فإن كان كثيرا و صعب نزحه فالواجب عليه أن يكتري عليه أربعة رجال يستقون منها على التراوح من الغدوة إلى الليل فإن توضأت منه أو اغتسلت أو غسلت ثوبا بعد ما تبين و كل آنية صب فيه ذلك الماء غسل و إن وقعت فيها حية أو عقرب أو خنافس أو بنات وردان فاستق للحية أدل و ليس لسواها شي‏ء و إن مات فيها بعير أو صب فيها خمر فانزح منها الماء كله و إن قطر فيها قطرات من دم فاستق منها دلاء و إن بال فيها رجل فاستق منها أربعين دلوا و إن بال صبي و قد أكل الطعام استق منها ثلاثة أدل و إن كان رضيعا استق منها دلوا واحدا و كل بئر عمق مائها ثلاثة أشبار و نصف في مثلها فسبيلها سبيل الماء الجاري إلا أن يتغير لونها و طعمها و رائحتها فإن تغيرت نزحت حتى تطيب و إذا سقط في البئر فأرة أو طائر أو سنور و ما أشبه ذلك فمات فيها و لم يتفسخ نزح منه سبعة أدل من دلاء هجر و الدلو أربعون رطلا و إن تفسخ نزح منها عشرون دلوا و روي أربعون دلوا اللهم إلا أن يتغير اللون و الطعم و الرائحة فينزح حتى تطيب

 بيان لعل المراد بالأكبر الأكبر بحسب النزح بالنسبة إلى ما ينزح بالدلاء أو بالإضافة إلى ما يقع فيها غالبا و في أكثر نسخ التهذيب بالثاء المثلثة و لا خلاف بين القائلين بوجوب النزح أنه يجب نزح سبعين بموت الإنسان و المشهور بينهم   شموله للكافر أيضا و ذهب ابن إدريس إلى نزح الجميع لموت الكافر. قوله على قدر ما يقع فيها قال الوالد العلامة رحمه الله يمكن أن يكون بتخمين المكلف أو بنصهم ع و الغرض من ذكره أنه لا ينقص من واحد و لا يزيد على السبعين فإن سئلوا ع عنه بينوا و إلا احتاطوا بنزح السبعين و هو أحسن من نزح الكل و يمكن أن يكون المراد الأكبر باعتبار النزح لا الجثة و يكون عاما في الميتة إلا ما أخرجه الدليل من الكل و الكر و نحوهما انتهى كلامه رفع مقامه. و الكر للحمار هو المشهور بل لم يظهر مخالف و أما تحديد الكر بما ذكر فغير معروف و لم أر به قولا و لا رواية غير هذا و ما ذكر في الكلب و السنور اختاره الصدوق في المقنع و قال بعد ذلك و روي سبعة دلاء و المشهور أربعون فيهما و في ما أشبههما و أما حكم التغير فعلى القول بعدم نجاسة البئر و عدم وجوب النزح فاكتفوا بالنزح حتى يزول التغير كما يدل عليه الخبر مع كرية البئر. و على القول بوجوب النزح و انفعال البئر ففيه أقوال الأول وجوب نزح الجميع فإن تعذر فالتراوح كما دلت عليه هذه الرواية مع عدم الكرية الثاني نزح الجميع فإن تعذر فإلى أن يزول التغير الثالث النزح حتى يزول التغير الرابع نزح أكثر الأمرين من استيفاء المقدر و زوال التغير الخامس نزح أكثر   الأمرين إن كان للنجاسة مقدر و إلا فالجميع فإن تعذر فالتراوح السادس نزح الجميع فإن غلب الماء اعتبر أكثر الأمرين من زوال التغير و المقدر السابع نزح ما يزيل التغير أولا ثم استيفاء المقدر بعده إن كان لتلك النجاسة مقدر و إلا فالجميع فإن تعذر فالتراوح الثامن أكثر الأمرين إن كان لها مقدر و إلا فزوال التغير. و أما الحية فذهب كثير من الأصحاب إلى أن فيها ثلاث دلاء و العلامة في المختلف أسند إلى علي بن بابويه في بحث الحية القول بنزح سبع دلاء لها. و قال في مسألة العقرب و قال علي بن بابويه في رسالته إذا وقعت فيها حية أو عقرب أو خنافس أو بنات وردان فاستق منها للحية سبع دلاء و ليس عليك فيما سواها شي‏ء لكن نقل المحقق في المعتبر عبارة الرسالة بنحو آخر و فيها موضع سبع دلاء دلوا واحدا و قال صاحب المعالم و فيما عندنا من نسخة الرسالة القديمة التي عليها آثار الصحة دلاء بدون السبع. و أما البعير فلا خلاف بين القائلين بوجوب النزح في وجوب نزح الجميع و كذا أكثر القائلين بنجاسة البئر بالملاقاة أوجبوا نزح الجميع بوقوع الخمر مطلقا سواء كان قليلا أم كثيرا و الصدوق في المقنع فرق بين قليله و كثيره فحكم بوجوب عشرين دلوا لوقوع قطرة منه و يفهم من ظاهر المعتبر الميل إليه. و أما الأربعون لبول الرجل فهو المشهور و أما الثلاثة للصبي فهو مختار الصدوق و المرتضى في المصباح و ذهب الشيخان و أتباعهما إلى السبع و في الرضيع المشهور الدلو الواحد و قال أبو الصلاح و ابن زهرة ينزح له ثلاث دلاء و يدل على أن مع الكرية لا ينفعل ماء البئر بالنجاسة و على أن الكر ثلاثة أشبار و نصف كما هو المشهور. و أما الفأرة فالمشهور أنه مع عدم التفسخ أو الانتفاخ ثلاث دلاء و مع   أحدهما السبع و قال المرتضى في المصباح في الفأرة سبع و قد روي ثلاث و قال الصدوق في الفقيه فإن وقع فيها فأرة و لم تتفسخ ينزح منها دلو واحد و إذا تفسخت فسبع دلاء و لعل رواية الأربعين إشارة إلى

 ما رواه الشيخ عن أبي خديجة عن أبي عبد الله ع قال سئل عن الفأرة تقع في البئر قال إذا ماتت و لم تنتن فأربعين دلوا و إذا تفسخت فيه و نتنت نزح الماء كله

و المعروف بين الأصحاب في الطير السبع و يفهم من الإستبصار جواز الاكتفاء بالثلاث و أما السنور فلعله وقع في أحد الموضعين اشتباه من النساخ أو السبع على الوجوب و الزائد على الاستحباب. و في الفقيه قال في الكلب ثلاثون إلى أربعين و في السنور سبع دلاء و قال الشهيد رحمه الله في الذكرى المراد بالدلو حيث تذكر ما كانت عادية و قيل هجرية ثلاثون رطلا و قال الجعفي أربعون رطلا

4-  المعتبر، عن علي بن حديد عن بعض أصحابنا قال كنت مع أبي عبد الله ع في طريق مكة فصرنا إلى بئر فاستقى غلام أبي عبد الله ع دلوا فخرج فيه فأرتان فقال أبو عبد الله ع أرقه قال فاستقى آخر فخرج فيه فأرة فقال أبو عبد الله ع أرقه قال فاستقى الثالث فلم يخرج فيه شي‏ء فقال صبه في الإناء فصبه فتوضأ منه و شرب

 بيان هذا الخبر مما يدل على عدم انفعال البئر بالملاقاة و الشيخ في التهذيب أورد هذا الخبر إلى قوله صبه في الإناء و بعد الطعن في السند قال يحتمل أن يكون أراد بالبئر المصنع الذي فيه الماء ما يزيد مقداره على الكر فلا يجب نزح شي‏ء منه ثم إنه لم يقل إنه توضأ منه بل قال صبه في الإناء و ليس في قوله صبه في الإناء دلالة على جواز استعماله في الوضوء و يجوز أن يكون إنما أمره بالصب في الإناء لاحتياجهم إليه في الشرب و هذا يجوز عندنا عند   الضرورة انتهى. و لا يخفى أن هذا الوجه الأخير لا يستقيم مع التتمة التي رواها في المعتبر و ربما يحمل على أنه كانت الفأرة حية

5-  السرائر، قال الأخبار متواترة عن الأئمة الطاهرين سلام الله عليهم بأن ينزح لبول الإنسان أربعون دلوا

 بيان إن كان النقل بتلك العبارة كما ادعاه رحمه الله فهو شامل لبول المرأة فيدل على ما اختاره من مساواة بولها لبوله في الحكم و ألحقه جماعة بما لا نص فيه و المحقق أوجب في المعتبر فيه ثلاثين دلوا

6-  المعتبر، روى الحسين بن سعيد في كتابه عن القاسم بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله ع قال سألته عن السنور فقال أربعون دلوا و للكلب و شبهه

 بيان أي شبهه في الجثة أو في الأوصاف أيضا كالخنزير

7-  كتاب المسائل، بالإسناد المتقدم عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن فأرة وقعت في بئر فأخرجت و قد تقطعت هل يصلح الوضوء من مائها قال ينزح منها عشرون دلوا إذا تقطعت ثم تتوضأ و لا بأس و سألته عن صبي بال في بئر هل يصلح الوضوء منها فقال ينزح الماء كله

 بيان لعل نزح العشرين في الفأرة موافقا لما مر في الفقه الرضوي و نزح كل الماء لبول الصبي محمولان على الاستحباب أو في الأخير على التغير و قال سيد المحققين في المدارك الأظهر نزح دلاء للقطرات من البول مطلقا   لصحيحة ابن بزيع و نزح الجميع لانصبابه فيها كذلك لصحيحة معاوية بن عمار عن الصادق ع في البئر يبول فيها الصبي أو يصب فيها خمر أو بول فقال ينزح الماء كله

8-  الهداية، ماء البئر واسع لا يفسده شي‏ء و أكبر ما يقع في البئر الإنسان فيموت فيها ينزح منها سبعون دلوا و أصغر ما يقع فيها الصعوة ينزح منها دلو واحد و فيما بين الإنسان و الصعوة على قدر ما يقع فيها و إن وقع فيها ثور أو بعير أو صب فيها خمر نزح الماء كله و إن وقع فيها حمار نزح منها كر من ماء و إن وقع فيها كلب أو سنور نزح منها ثلاثون دلوا إلى أربعين دلوا و إن وقعت فيها دجاجة أو طير نزح منها سبع دلاء و إن وقعت فيها فأرة نزح منها دلو واحد و إن تفسخت فسبع دلاء و إن بال فيها رجل نزح منها أربعون دلوا و إن بال فيها صبي قد أكل الطعام نزح منها ثلاث دلاء فإن كان رضيعا نزح منها دلو واحد و إن وقعت فيها عذرة استقي منها عشرة دلاء فإن ذابت فيها فأربعون دلوا إلى خمسين دلوا