باب 11- الأوقات المكروهة

1-  الإحتجاج، عن محمد بن جعفر الأسدي قال كان فيما ورد علي من محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه في جواب مسائلي إلى صاحب الزمان ع أما ما سألت عنه من الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها فلئن كان كما يقول الناس إن الشمس تطلع بين قرني شيطان و تغرب بين قرني شيطان فما أرغم أنف الشيطان شي‏ء مثل الصلاة فصلها و أرغم أنف الشيطان

 إكمال الدين، عن محمد بن أحمد السناني و علي بن أحمد بن محمد الدقاق و الحسين بن إبراهيم المؤدب و علي بن عبد الله الوراق قالوا حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي قال كان فيما ورد على الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري في جواب مسائلي إلى صاحب الدار ع و ذكر الحديث بعينه

 بيان قال في النهاية فيه الشمس تطلع بين قرني الشيطان أي ناحيتي رأسه و جانبيه و قيل القرن القوة أي حين تطلع يتحرك الشيطان و يتسلط فيكون كالمغلق بها و قيل بين قرنيه أي أمتيه الأولين و الآخرين و كل هذا تمثيل لمن يسجد للشمس عند طلوعها فكان الشيطان سول له ذلك فإذا سجد لها فكان الشيطان مقترن بها و قال في القاموس قرن الشيطان و قرناه أمته و المتبعون لرأيه أو قوته و انتشاره أو تسلطه و قال الطيبي في شرح المشكاة و فيه وجوه أحدها أنه ينتصب قائما في وجه الشمس عند طلوعها ليكون طلوعها كالمعين لها بين قرنيه أي فوديه فيكون مستقبلا لمن يسجد للشمس فتصير عبادتهم له فنهوا عن الصلاة في   ذلك الوقت مخالفة لعبدة الشيطان و ثانيها أن يراد بقرنيه حزباه اللذان يبعثها لإغواء الناس و ثالثها أنه من باب التمثيل شبه الشيطان فيما يسول لعبدة الشمس و يدعوهم إلى معاندة الحق بذوات القرون التي تعالج الأشياء و تدافعها بقرونها و رابعها أن يراد بالقرن القوة من قولهم أنا مقرن له أي مطيق و معنى التثنية تضعيف القوة كما يقال ما لي بهذا الأمر يد و لا يدان أي لا قدرة و لا طاقة

2-  قرب الإسناد، عن الحسن بن طريف و علي بن إسماعيل و محمد بن عيسى جميعا عن حماد بن عيسى قال رأيت أبا الحسن موسى ع صلى الغداة فلما سلم الإمام قام فدخل الطواف فطاف أسبوعين بعد الفجر قبل طلوع الشمس ثم خرج من باب بني شيبة و مضى و لم يصل

 بيان لعل ترك صلاة الطواف في هذا الوقت للتقية كما أن قران الطوافين أيضا محمول عليها كما ستعرف

3-  مجالس الصدوق، في مناهي النبي ص أنه نهى عن الصلاة في ثلاث ساعات عند طلوع الشمس و عند غروبها و عند استوائها

4-  الخصال، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة قال قال أبو جعفر ع أربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة صلاة فاتتك فمتى ذكرتها أديتها و صلاة ركعتي طواف الفريضة و صلاة الكسوف و صلاة على الميت هؤلاء يصليهن الرجل في الساعات كلها

5-  و منه، عن عبد الله بن أحمد الفقيه عن علي بن عبد العزيز عن عمرو بن عون عن خلف بن عبد الله عن أبي إسحاق الشيباني عن عبد الله بن الأسود عن أبيه عن عائشة قالت صلاتين لم يتركهما رسول الله ص سرا و   علانية ركعتين بعد العصر و ركعتين قبل الفجر

6-  و منه، عن عبد الله بن أحمد عن يعقوب بن إسحاق عن الحوضي عن شعبة عن أبي إسحاق عن مسروق عن عائشة أنها قالت كان رسول الله ص عندي يصلي بعد العصر ركعتين

7-  و منه، عن عبد الله بن أحمد عن محمد بن علي بن طرخان عن عبد الله بن الصباح عن محمد بن سيار عن أبي حمزة عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه قال قال رسول الله ص من صلى البردين دخل الجنة يعني بعد الغداة و بعد العصر

8-  و منه، عن عبد الله بن أحمد عن علي بن عبد العزيز عن أبي نعيم عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه عن عائشة أنه دخل عليها يسألها عن الركعتين بعد العصر قالت و الذي ذهب بنفسه تعني رسول الله ص ما تركهما حتى لقي الله عز و جل و حتى ثقل عن الصلاة و كان يصلي كثيرا من صلاته و هو قاعد فقلت إنه لما ولي عمر كان ينهى عنهما قالت صدقت و لكن رسول الله ص كان لا يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على أمته و كان يحب ما خفف عليهم

 قال الصدوق ره كان مرادي بإيراد هذه الأخبار الرد على المخالفين لأنهم لا يرون بعد الغداة و بعد العصر صلاة فأحببت أن أبين أنهم قد خالفوا النبي ص في قوله و فعله. بيان اختلف المخالفون في توجيه هذه الصلاة فمنهم من قال إن النبي ص إنما صلى هاتين الركعتين بعد العصر لأنه أتاه مال فشغله عن الركعتين بعد الظهر فصلاهما بعد العصر و لم يعد إليهما رووا ذلك عن ابن عباس و رووا عن عائشة أنها قالت كان يصليهما قبل العصر ثم إنه شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر ثم أثبتهما فكان إذا صلى صلاة أثبتها و هذا بينهم   أشهر و قالوا إن ذلك كان من خصائصه ص و لا يستحب لغيره ذلك و دعوى الاختصاص اقتراح بلا دليل

9-  الخصال، فيما أجاب به أمير المؤمنين عن مسائل اليهود أن قال إن الشمس تطلع من قرني الشيطان

 أقول قد مضى مسندا في أبواب الاحتجاجات و قد سبق أيضا خبر نفر من اليهود في باب علل الصلاة

10-  مجموع الدعوات، لمحمد بن هارون التلعكبري في وصف صلاة الاستخارة عن الصادق ع و سيأتي قال ع فيوقف إلى أن تحضر صلاة مفروضة ثم قم فصل ركعتين كما وصفت لك ثم صل الصلاة المفروضة أو صلهما بعد الفرض ما لم تكن الفجر و العصر فأما الفجر فعليك بعدها بالدعاء إلى أن تبسط الشمس ثم صلهما و أما العصر فصلهما قبلها

11-  العلل، عن محمد بن علي ماجيلويه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري عن أحمد بن يحيى عن ابن أسباط عن الحسن بن علي عن سليمان بن جعفر الجعفري قال سمعت الرضا ع يقول لا ينبغي لأحد أن يصلي إذا طلعت الشمس لأنها تطلع بقرني شيطان فإذا ارتفعت و صفت فارقها فيستحب الصلاة ذلك الوقت و القضاء و غير ذلك فإذا انتصف النهار قارنها فلا ينبغي لأحد أن يصلي في ذلك الوقت لأن أبواب السماء قد غلقت فإذا زالت الشمس و هبت الريح فارقها

 بيان و صفت أي عن كدورة الأبخرة التي تحول بيننا و بينها عند قربها من الأفق فلذا يتغير لونها و يحتمل أن يكون مقارنة الشيطان لها عند قرب الزوال لأنها عند ذلك في نهاية الارتفاع و الضياء فيكون تسويل الشيطان لعبدتها بهذا الوضع أكثر و أشد فلما زالت حصل فيها الأفول و الانحطاط الذي   هو علامة كونها مخلوقة مدبرة فينتقض استيلاء الشيطان و تنحل شبهه فكأنه يفارقها

12-  السرائر، من جامع أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن علي بن سليمان عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن محمد بن الفضيل البصري قال قلت لأبي الحسن ع إن يونس كان يفتي الناس عن آبائك ع أنه لا بأس بالصلاة بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس و بعد العصر إلى أن تغيب الشمس فقال كذب لعنه الله على أبي أو قال على آبائي

13-  كتاب الراوندي، عن علي بن مزيد قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن الشمس تطلع كل يوم بين قرني شيطان إلا صبيحة ليلة القدر

14-  المجازات النبوية، عن النبي ص فإذا طلع حاجب الشمس فلا تصلوا حتى تبرز و إذا غاب حاجب الشمس فلا تصلوا حتى تغيب

 قال السيد المراد بحاجب الشمس أول ما يبدو من قرصها فكأنه ع شبه الشمس عند صعودها من حدبة الأرش بالطالع من وراء سترة تستره أو غيب يطمره فأول ما يبدو منه وجهه و أول ما يبدو من مخاطيط وجهه حاجبه ثم بقية وجهه ثم سائر جسده شيئا شيئا و جزءا جزءا و كأنه ع نهى عن الصلاة عند ظهور بعض الشمس للعيون حتى يظهر جميعا و عند مغيب بعضها حتى يغيب جميعها. و قد يجوز أن يكون الحاجب الشمس هاهنا معنى آخر و هو أن يراد به ما يبدو من شعاعها قبل أن يظهر جرمها و كذلك ما يغيب من شعاعها قبل أن يغيب قرصها فأقام ذلك بها مقام الحاجب لأنه يدل عليها و يظهر بين يديها فكأنه ص نهى عن الصلاة قبل أن يظهر قرص الشمس بعد الشعاع الذي يظهر قبل طلوعها و كذا في الغروب و الصلاة المراد هاهنا صلاة التطوع دون   صلاة الفرض أ لا ترى أن أول ما يظهر قرص الشمس ليس بوقت لشي‏ء من الصلوات المفروضات

 و منه عنه ص و قد ذكر صلاة العصر و لا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد

 قال السيد المراد بالشاهد هنا النجم و العرب يسمون الكواكب شاهد الليل كأنه يشهد بإدبار النهار و إقبال الظلام و كل شي‏ء يدل على شي‏ء فهو يجري مجرى الشاهد به و المخبر عنه إذ ليس كل دال بإنسان و لا كل دليل من جهة اللسان

15-  المناقب، عن علي بن محمد عن أبيه رفعه قال قال رجل لأبي عبد الله ع إن الشمس تطلع بين قرني الشيطان قال نعم إن إبليس اتخذ عرشا بين السماء و الأرض فإذا طلعت الشمس و سجد في ذلك الوقت أناس قال إبليس إن بني آدم يصلون لي

   تحقيق و توفيق

 ذهب أكثر الأصحاب إلى كراهة فعل النوافل المبتدئات التي لا سبب لها عند طلوع الشمس إلى أن ترفع و يذهب شعاعها و عند ميلها إلى الغروب و اصفرارها إلى أن يكمل الغروب بذهاب الحمرة المشرقية و عند قيامها في وسط السماء إلى أن يزول إلا يوم الجمعة فإنه لا يكره فيها الصلاة في هذا الوقت و بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس و بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس و هذا مختار الشيخ في المبسوط. و قال في الخلاف الأوقات التي تكره فيها الصلاة خمسة وقتان تكره الصلاة لأجل الفعل و ثلاثة لأجل الوقت فما كره لأجل الفعل بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس و بعد العصر إلى غروبها و ما كره لأجل الوقت ثلاثة عند طلوع الشمس و عند قيامها و عند غروبها و الأول إنما يكره ابتداء الصلاة فيه نافلة فأما كل صلاة لها سبب من قضاء فريضة أو نافلة أو تحية مسجد أو صلاة زيارة أو صلاة إحرام أو صلاة طواف أو نذر أو صلاة كسوف أو جنازة فإنه لا بأس به و لا يكره و أما ما نهي فيه لأجل الوقت فالأيام و البلاد و الصلوات فيها سواء إلا يوم الجمعة فإن له أن يصلي عند قيامها النوافل. ثم قال و من أصحابنا من قال التي لها سبب مثل ذلك و قال في النهاية من فاته شي‏ء من صلاة النوافل فليقضها أي وقت شاء من الليل أو نهار ما لم يكن وقت فريضة أو عند طلوع الشمس و غروبها فإنه تكره صلاة النوافل في هذين الوقتين و قد وردت رواية بجواز النوافل في الوقتين اللذين ذكرناهما فمن عمل بها لم يكن مخطئا لكن الأحوط ما ذكرناه و صرح بكراهة النوافل أداء و قضاء في الوقتين من غير استثناء. و كذا المفيد جزم بكراهة النوافل المبتدأة و ذات السبب عند الطلوع و الغروب و قال إن من زار أحد المشاهد عند طلوع الشمس أو غروبها أخر الصلاة حتى تذهب حمرة الشمس عند طلوعها و صفرتها عند غروبها و قال ابن الجنيد

    ورد النهي عن رسول الله ص عن الابتداء بالصلاة عند طلوع الشمس و غروبها و قيامها نصف النهار إلا يوم الجمعة في قيامها و عن الجعفي كراهة الصلاة في الأوقات الثلاثة إلا القضاء و عن المرتضى و مما انفردت الإمامية به كراهية صلاة الضحى فإن التنفل بالصلاة بعد طلوع الشمس إلى الزوال محرمة إلا يوم الجمعة خاصة قال في الذكرى و كأنه عنى به يعني بالتنفل صلاة الضحى لذكرها من قبل و جوز في الناصرية أن يصلي في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها كل صلاة لها سبب متقدم. و ظاهر الصدوق التوقف في أصل هذه المسألة فإنه قال و قد روي نهي عن الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها لأن الشمس تطلع بين قرني شيطان و تغرب بين قرني شيطان إلا أنه روى لي جماعة من مشايخنا عن أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي رضي الله عنه ثم أورد الرواية التي أثبتناها في أول الباب. و قال الشيخ في التهذيب بعد أن أورد الأخبار المتضمنة للكراهة و قد روي رخصة في الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها و نقل الرواية بعينها و الظاهر صحة الرواية لأن قول الصدوق ره روى لي جماعة من مشايخنا يدل على استفاضتها عنده و المشايخ الأربعة الذين ذكرهم في إكمال الدين و إن لم يوثقوا في كتب الرجال لكنهم من مشايخ الصدوق و يروي عنهم كثيرا و يقول غالبا بعد ذكر كل منهم رضي الله عنه و اتفاق هذا العدد من المشايخ على النقل لا يقصر عن نقل واحد قال فيه بعض أصحاب الرجال ثقة فلا يبعد حمل أخبار النهي مطلقا على التقية أو الاتقاء لاشتهار الحكم بين المخالفين و اتفاقهم على إضرار من صلى في هذه الأوقات.   و قد أكثر الشيخ الأجل السعيد المفيد قدس الله روحه في كتابه المسمى بإفعل لا تفعل من التشنيع على العامة في روايتهم ذلك عن النبي ص و قال إنهم كثيرا ما يخبرون عن النبي ص بتحريم شي‏ء و بعلة تحريمه و تلك العلة خطاء لا يجوز أن يتكلم بها النبي ص و لا يحرم الله من قبلها شيئا فمن ذلك ما أجمعوا عليه من النهي عن الصلاة في وقتين عند طلوع الشمس حتى يلتام طلوعها و عند غروبها فلو لا أن علة النهي أنها تطلع بين قرني الشيطان و تغرب بين قرني شيطان لكان ذلك جائزا فإذا كان آخر الحديث موصولا بأوله و آخره فاسد أفسد الجميع و هذا جهل من قائله و الأنبياء لا تجهل فلما بطلت هذه الرواية بفساد آخر الحديث ثبت أن التطوع جائز فيهما