باب 2- أدعية عيد الفطر و زوائد آداب صلاته و خطبها

1-  الإقبال، روى محمد بن أبي قرة في كتابه بإسناده إلى أبي عمرو محمد بن محمد بن نصر السكري رضي الله عنه قال سألت أبا بكر أحمد بن محمد بن عثمان البغدادي رحمه الله أن يخرج إلى دعاء شهر رمضان الذي كان عمه الشيخ أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري رضي الله عنه و أرضاه يدعو به فأخرج إلي دفترا مجلدا بأحمر فيه أدعية شهر رمضان من جملتها الدعاء بعد صلاة الفجر يوم الفطر اللهم إني توجهت إليك بمحمد أمامي و علي و جعفر من خلفي و عن يميني و أئمتي عن يساري أستتر بهم من عذابك و أتقرب إليك زلفى لا أجد أحدا أقرب إليك منهم فهم أئمتي فآمن بهم خوفي من عقابك و سخطك و أدخلني برحمتك في عبادك الصالحين أصبحت بالله مؤمنا مخلصا على دين محمد و سنته و على دين علي و   سنته و على دين الأوصياء و سنتهم آمنت بسرهم و علانيتهم و أرغب إلى الله فيما رغب فيه محمد و علي و الأوصياء و لا حول و لا قوة إلا بالله و لا عزة و لا منعة و لا سلطان إلا لله الواحد القهار العزيز الجبار تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ اللهم إني أريدك فأردني و أطلب ما عندك فيسره لي و اقض لي حوائجي فإنك قلت في كتابك و قولك الحق شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَ الْفُرْقانِ فعظمت حرمة شهر رمضان بما أنزلت فيه من القرآن و خصصته و عظمته بتصييرك فيه ليلة القدر فقلت لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ اللهم و هذه أيام شهر رمضان قد انقضت و لياليه قد تصرمت و قد صرت منه يا إلهي إلى ما أنت أعلم به مني و أحصى لعدده من عددي فأسألك يا إلهي بما سألك به عبادك الصالحون أن تصلي على محمد و آل محمد و أهل بيت محمد و أن تتقبل مني ما تقربت به إليك و تتفضل علي بتضعيف عملي و قبول تقربي و قرباتي و استجابة دعائي و هب لي منك عتق رقبتي من النار و من علي بالفوز بالجنة و الأمن يوم الخوف من كل فزع و من كل هول أعددته ليوم القيامة أعوذ بحرمة وجهك الكريم و حرمة نبيك و حرمة الصالحين أن ينصرم هذا اليوم و لك قبلي تبعة تريد أن تؤاخذني بها أو ذنب تريد أن تقايسني به و تشقيني و تفضحني به أو خطيئة تريد أن تقايسني بها و تقتصها مني لم تغفرها لي و أسألك بحرمة وجهك الكريم الفعال لما يريد الذي يقول للشي‏ء كن فيكون لا إله إلا هو اللهم إني أسألك بلا إله إلا أنت إن كنت رضيت عني في هذا الشهر أن تزيدني فيما بقي من عمري رضا و إن كنت لم ترض عني في هذا الشهر فمن الآن

   فارض عني الساعة الساعة الساعة و اجعلني في هذه الساعة و في هذا المجلس من عتقائك من النار و طلقائك من جهنم و سعداء خلقك بمغفرتك و رحمتك يا أرحم الراحمين اللهم إني أسألك بحرمة وجهك الكريم أن تجعل شهري هذا خير شهر رمضان عبدتك فيه و صمته لك و تقربت به إليك منذ أسكنتني الأرض أعظمه أجرا و أتمه نعمة و أعمه عافية و أوسعه رزقا و أفضله عتقا من النار و أوجبه رحمة و أعظمه مغفرة و أكمله رضوانا و أقربه إلى ما تحب و ترضى اللهم لا تجعله آخر شهر رمضان صمته لك و ارزقني العود ثم العود حتى ترضى و بعد الرضا و حتى تخرجني من الدنيا سالما و أنت عني راض و أنا لك مرضي اللهم اجعل فيما تقضي و تقدر من الأمر المحتوم الذي لا يرد و لا يبدل أن تكتبني من حجاج بيتك الحرام في هذا العام و في كل عام المبرور حجهم المشكور سعيهم المغفور ذنوبهم المتقبل عنهم مناسكهم المعافين على أسفارهم المقبلين على نسكهم المحفوظين في أنفسهم و أموالهم و ذراريهم و كل ما أنعمت به عليهم اللهم اقبلني من مجلسي هذا في شهري هذا في يومي هذا في ساعتي هذه مفلحا منجحا مستجابا لي مغفورا ذنبي معافا من النار و معتقا منها عتقا لا رق بعده أبدا و لا رهبة يا رب الأرباب اللهم إني أسألك أن تجعل فيما شئت و أردت و قضيت و قدرت و حتمت و أنفذت أن تطيل عمري و تنسئ في أجلي و أن تقوي ضعفي و أن تغني فقري و أن تجبر فاقتي و أن ترحم مسكنتي و أن تعز ذلي و أن ترفع ضعتي و أن تغني عائلتي و أن تونس وحشتي و أن تكثر قلتي و أن تدر رزقي في عافية و يسر و خفض و أن تكفيني ما أهمني من أمر دنياي و آخرتي و لا تكلني إلى نفسي فأعجز عنها و لا إلى الناس فيرفضوني و أن تعافيني في ديني و بدني و جسدي و   روحي و ولدي و أهلي و أهل مودتي و إخواني و جيراني من المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الأحياء منهم و الأموات و أن تمن علي بالأمن و الإيمان ما أبقيتني فإنك وليي و مولاي و ثقتي و رجائي و معدن مسألتي و موضع شكواي و منتهى رغبتي فلا تخيبني في رجائي يا سيدي و مولاي و لا تبطل طمعي و رجائي فقد توجهت إليك بمحمد و آل محمد و قدمتهم إليك أمامي و أمام حاجتي و طلبتي و تضرعي و مسألتي فاجعلني بهم وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فإنك مننت علي بمعرفتهم فاختم لي بهم السعادة إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ زيادة فيه مننت علي بهم فاختم لي بالسعادة و السلامة و الأمن و الإيمان و المغفرة و الرضوان و السعادة و الحفظ يا الله أنت لكل حاجة لنا فصل على محمد و آله و عافنا و لا تسلط علينا أحدا من خلقك لا طاقة لنا به و اكفنا كل أمر من أمر الدنيا و الآخرة يا ذا الجلال و الإكرام صل على محمد و آل محمد كأفضل ما صليت و باركت و ترحمت و تحننت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد

 بيان زلفى مصدر بمعنى القرب مفعول مطلق من غير لفظ الفعل فهو حسبه أي كافيه بالغ أمره أي يبلغ ما يريد فلا يفوته مراد و قرئ بالإضافة و بغيرها اللهم إني أريدك بالعبادة و السؤال فأردني بالقبول و الثواب و الإجابة أن تقايسني به أي تجزيني بمقداره و أصل القياس تقدير الشي‏ء على مثاله و تشقيني على بناء الإفعال أي تجعلني محروما عن الخير و الثواب بسببه و الشقاوة ضد السعادة. و قال الجوهري أقص الأمير فلانا من فلان إذا اقتص له منه فجرحه مثل   جرحه أو قتله قودا و تقاص القوم إذا قاص كل واحد منهم صاحبه في حساب أو غيره انتهى. بحرمة وجهك أي ذات و ابتله أي اقطعه و البتل القطع و صدقة بتلة أي منقطعة عن المال لا رجوع فيها و أن تقوي ضعفي الإسناد فيه و فيما بعده مجازي و المعنى تقويني في حال ضعفي. و أن تغني عائلتي لم أر فيما عندنا من كتب اللغة العائلة مصدرا كما يقتضيه سياق سائر الفقرات قال الفيروزآبادي عال يعيل عيلا و عيلة و عيولا و معيلا افتقر فهو عائل و الجمع عالة و عيل و عيلى و الاسم العيلة انتهى و لعله كان في الأصل عيلتي أو المعنى تغني الجماعة العائلة المنسوبة إلي من أقاربي و أصحابي و هذه الفقرة ليست في المصباح و غيره. و أن تكثر قلتي أي قلة مالي و أولادي و أصحابي و أعواني و الخفض الدعة و الراحة و الرفض الترك. أقول أورد الشيخ و الكفعمي و غيرهما هذا الدعاء بعد صلاة العيد بأدنى تغيير فاخترت ما في الإقبال لكونه مسندا. و قال ابن البراج ره في المهذب فإذا كان يوم العيد بعد صلاة الفجر فإنه يستحب للإنسان أن يدعو بهذا الدعاء فيقول ثم ذكر الدعاء موافقا لما في المصباح و غيره فمن أراده فليرجع إليها

2-  الإقبال، قال روينا بإسنادنا إلى الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال الغسل يوم الفطر سنة

 ذكر ما يقال عند الغسل رواه محمد بن أبي قرة بإسناده إلى أبي عنبسة عن أبي عبد الله ع قال صلاة العيد يوم الفطر أن تغتسل من نهر فإن لم يكن نهر فل أنت بنفسك استقاء الماء بتخشع و ليكن غسلك تحت الظلال أو تحت حائط و تستر بجهدك فإذا هممت بذلك فقل اللهم إيمانا بك و تصديقا بكتابك و   اتباع سنة نبيك محمد ص ثم سم و اغتسل فإذا فرغت من الغسل فقل اللهم اجعله كفارة لذنوبي و طهر ديني اللهم أذهب عني الدنس

 ثم ادع عند التهيؤ للخروج إلى صلاة العيد فقل ما رويناه بإسنادنا إلى هارون بن موسى التلعكبري قدس الله روحه بإسناده إلى أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر ع قال ادع في الجمعة و العيدين إذا تهيأت للخروج اللهم من تهيأ في هذا اليوم أو تعبأ أو أعد و استعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده و جائزته و نوافله فإليك يا سيدي كانت وفادتي و تهيئتي و إعدادي و استعدادي رجاء رفدك و جوائزك و نوافلك اللهم صل على محمد عبدك و رسولك و خيرتك من خلقك و على أمير المؤمنين و وصي رسولك و صل يا رب على أئمة المؤمنين الحسن و الحسين و علي و محمد و تسميهم إلى آخرهم حتى تنتهي إلى صاحب الزمان ع و قل اللهم افتح له فتحا يسيرا و انصره نصرا عزيزا اللهم أظهر به دينك و سنة رسولك حتى لا يستخفي بشي‏ء من الحق مخافة أحد من الخلق اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام و أهله و تذل بها النفاق و أهله و تجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك و القادة إلى سبيلك و ترزقنا بها كرامة الدنيا و الآخرة اللهم ما أنكرنا من حق فعرفناه و ما قصرنا عنه فبلغناه و تدعو الله له و على عدوه و تسأل حاجتك و يكون آخر كلامك اللهم استجب لنا اللهم اجعلنا ممن يذكر فيذكر

 ثم قل ما روينا بإسنادنا إلى الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر ع قال ادع في العيدين و الجمعة إذا تهيأت للخروج بهذا الدعاء و قل اللهم من تهيأ في هذا اليوم إلى آخر ما سبق في أدعية الجمعة

    بيان إيمانا بك أي أغتسل لإيماني بك أو أومن إيمانا و الأول أظهر و يقال عبأت المتاع و عبأته إذا هيأته و الاستعداد للأمر أيضا التهيؤ له أي من هيأ أسباب السفر و استعد له و يقال وفد فلان على الأمير أي ورد رسولا أو أتاه لفائدة و الاسم الوفادة بالكسر و قال الجوهري النافلة عطية التطوع من حيث لا يجب

3-  الإقبال، روينا بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي الله عنه بإسناده إلى جابر بن يزيد الجعفي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال كنت بالمدينة و قد ولاها مروان بن الحكم من قبل يزيد بن معاوية و كان شهر رمضان فلما كان في آخر ليلة منه أمر مناديه أن ينادي في الناس بالخروج إلى البقيع لصلاة العيد فغدوت من منزلي أريد إلى سيدي علي بن الحسين ع غلسا فما مررت بسكة من سكك المدينة إلا لقيت أهلها خارجين إلى البقيع فيقولون إلى أين تريد يا جابر فأقول إلى مسجد رسول الله ص حتى أتيت المسجد فدخلته فما وجدت فيه إلا سيدي علي بن الحسين ع قائما يصلي صلاة الفجر وحده فوقفت و صليت بصلاته فلما أن فرغ من صلاته سجد سجدة الشكر ثم إنه جلس يدعو و جعلت أؤمن على دعائه فما أتى إلى آخر دعائه حتى بزغت الشمس فوثب قائما على قدميه تجاه القبلة و تجاه قبر رسول الله ص ثم إنه رفع يديه حتى صارتا بإزاء وجهه و قال إلهي و سيدي أنت فطرتني و ابتدأت خلقي لا لحاجة منك إلي بل تفضلا منك علي و قدرت لي أجلا و رزقا لا أتعداهما و لا ينقصني أحد منهما شيئا و كنفتني منك بأنواع النعم و الكفاية طفلا و ناشئا من غير عمل عملته فعلمته مني فجازيتني عليه بل كان ذلك منك تطولا علي و امتنانا فلما بلغت بي أجل الكتاب من علمك و وفقتني لمعرفة وحدانيتك و الإقرار بربوبيتك فوحدتك مخلصا لم أدع لك شريكا في ملكك و لا معينا على قدرتك و لم أنسب إليك صاحبة و لا ولدا   فلما بلغت بي تناهي الرحمة منك علي مننت بمن هديتني به من الضلالة و استنقذتني به من الهلكة و استخلصتني به من الحيرة و فككتني به من الجهالة و هو حبيبك و نبيك محمد ص أزلف خلقك عندك و أكرمهم منزلة لديك فشهدت معه بالوحدانية و أقررت لك بالربوبية و له بالرسالة و أوجبت له على الطاعة فأطعته كما أمرت و صدقته فيما حتمت و خصصته بالكتاب المنزل عليه و السبع المثاني الموحات إليه و سميته القرآن و أكنيته الفرقان العظيم فقلت جل اسمك وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ و قلت جل قولك له حين اختصصته بما سميته من الأسماء طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى و قلت عز قولك يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ و قلت تقدست أسماؤك ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ و قلت عظمت آلاؤك ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ فخصصته أن جعلته قسمك حين أسميته و قرنت القرآن معه فما في كتابك من شاهد قسم و القرآن مردف به إلا و هو اسمه و ذلك شرف شرفته به و فضل بعثته إليه تعجز الألسن و الأفهام عن علم وصف مرادك به و تكل عن علم ثنائك عليه فقلت عز جلالك في تأكيد الكتاب و قبول ما جاء فيه هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ و قلت عزيت و جليت ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ و قلت تباركت و تعاليت في عامة ابتدائه الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ و الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ و في أمثالها من السور و الطواسين و الحواميم في كل ذلك ثنيت بالكتاب مع القسم الذي هو اسم من اختصصته لوحيك و استودعته سر غيبك فأوضح لنا منه شروط فرائضك و أبان لنا عن واضح سنتك و أفصح لنا عن الحلال و الحرام و أنار لنا مدلهمات الظلام و جنبنا ركوب الآثام و ألزمنا الطاعة و وعدنا من بعدها الشفاعة فكنت ممن أطاع أمره و أجاب دعوته و استمسك بحبله فأقمت الصلاة و آتيت الزكاة و التزمت الصيام الذي جعلته حقا فقلت جل اسمك كُتِبَ عَلَيْكُمُ   الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ

ثم إنك أبنته فقلت عزيت و جليت شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ و قلت فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ و رغبت في الحج بعد إذ فرضته إلى بيتك الذي حرمته فقلت جل اسمك وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا و قلت عزيت و جليت وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ اللهم إني أسألك أن تجعلني من الذين يستطيعون إليه سبيلا و من الرجال الذين يأتونه لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ و ليكبروا الله على ما هداهم و أعني اللهم على جهاد عدوك في سبيلك مع وليك كما قلت جل قولك إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ و قلت جلت أسماؤك وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ اللهم فأرني ذلك السبيل حتى أقاتل فيه بنفسي و مالي طلب رضاك فأكون من الفائزين إلهي أين المفر عنك فلا يسعني بعد ذلك إلا حلمك فكن بي رءوفا رحيما و اقبلني و تقبل مني و أعظم لي فيه بركة المغفرة و مثوبة الأجر و أرني صحة التصديق بما سألت و أن أنت عمرتني إلى عام مثله و لم تجعله آخر العهد مني فأعني بالتوفيق على بلوغ رضاك و أشركني يا إلهي في هذا اليوم في جميع دعاء من أجبته من المؤمنين و المؤمنات و أشركهم في دعائي إذا أجبتني في مقامي هذا بين يديك فإني راغب إليك لي و لهم و عائذ بك لي و لهم فاستجب لي يا أرحم الراحمين

 اختيار ابن الباقي، و جنة الأمان، عن جابر مثله   بيان الطفل يكون واحدا و جمعا كما قال تعالى أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ و الناشي الغلام إذا شب و ارتفع عن حد الصبا و قرب من الإدراك فلما بلغت بي أجل الكتاب أي من إيجادي أو إيصالي حد المعرفة و كلمة من في قوله من علمك تعليلية و يحتمل التبعيض أيضا أي مما تعلم من مصالحي و أحوالي و نسبه ينسبه بالضم و ينسبه بالكسر ذكر نسبه و الجوهري لم يذكر الكسر و أسميته أي الكتاب. ثم إن هذا الدعاء يدل على أن جميع فواتح السور من أسماء النبي ص قال الكفعمي قلت اختلف في الحروف المفتتح بها السور على أقوال الأول أنها من المتشابهات التي لا يعلم تأويلها إلا الله و هو المروي عن الأئمة ع. الثاني أنها من أسماء السور و مفاتحها. الثالث أن المراد بها أسماء الله تعالى لأن عليا ع كان يقول في دعائه يا كهيعص و يا حم عسق و لعله أراد يا منزلهما. الرابع أن المراد بها الدلالة على أسمائه تعالى فمعنى الم أنا الله أعلم و المر أنا الله أعلم و أرى و المص أنا الله أعلم و أفصل و الكاف في كهيعص من كاف و الهاء من هاد و الياء من حكيم كذا و العين من عليم و الصاد من صادق و قيل الكاف كربلاء و الهاء هلاك العترة و الياء يزيد العين عطش الحسين و الصاد صبره و قيل الألف يدل على اسم الله و اللام على اسم جبرئيل و الميم على اسم محمد ص أي القرآن منزل من الله بلسان جبرئيل على محمد ص و قيل الألف مفتاح اسم الله و اللام مفتاح اسم اللطيف و الميم مفتاح اسم محمد ص. و قال أهل الإشارة الألف من أنا و اللام من لي و الميم من مني فأشار بالألف إلى أنه الكل و باللام إلى أن له الكل و بالميم إلى أن منه الكل و قيل الألف   من الآلاء و اللام من اللطيف و الميم من المجيد أقسم سبحانه من آلائه و لطفه و مجده و قيل الألف من أقصى الحلق و هو مبدأ المخارج و اللام من طرف اللسان و هو وسطها و الميم من الشفة و هو آخرها جمع سبحانه بينها في الم إيماء إلى أن العبد ينبغي أن يكون أول كلامه و وسطه و آخره في ذكره تعالى. و ذكر الثعلبي في تفسيره عن علي ع في قوله تعالى الم إن في الألف ستة صفات من صفاته تعالى الأول الابتداء فإنه تعالى ابتداء جميع الخلق و الألف ابتداء الحروف الثاني الاستواء فإنه تعالى عادل غير جائر و الألف مستوفي ذاته الثالث الانفراد فإنه تعالى فرد و الألف فرد الرابع اتصال الخلق بالله و الله تعالى لا يتصل بهم و كذلك الألف لا يتصل بالحروف و هي المتصلة به الخامس أنه تعالى مباين لجميع خلقه بصفاته و الألف مباين لجميع الحروف السادس أنه تعالى سبب ألفة الخلق و كذلك الألف سبب ألفة الحروف. و عن علي ع أن لكل كتاب صفوة و صفوة القرآن حروف التهجي و عن الشعبي أن لله تعالى في كل كتاب سرا و سره في القرآن حروف الهجاء المذكورة. قلت و هذه الحروف إذا جمعتها و حذفت المتكرر كانت على صراط حق نمسكه و هي أربعة عشر حرفا نصف حروف المعجم و هي قد اشتملت على أنصاف أجناس الحروف و بيان ذلك أن فيها من المهموسة نصفها و من المجهورة نصفها و من الشديدة نصفها و من الرخوة نصفها و من المطبقة نصفها و من المنفتحة نصفها و من المستعلية نصفها و من المنخفضة نصفها و من حروف القلقلة نصفها. و أما كهيعص فقد مر تفسيرها و قيل إن معناها كاف لعباده هاد لهم يده فوق أيديهم عالم بهم صادق بوعده. و أما طسم و طس قيل فيهما ما مر في الم و قيل إنه سبحانه أقسم بطوله و

    سنائه و ملكه و عن النبي ص الطاء طور سينا و السين الإسكندرية و الميم مكة و قيل الطاء شجرة طوبى و السين سدرة المنتهى و الميم محمد المصطفى و أما ن فقيل هو الحوت الذي تحت الأرض و قيل هو الدواب و قيل هو نهر في الجنة قال الله تعالى له كن مدادا فجمد و كان أشد بياضا من اللبن و أحلى من الشهد فقال للقلم اكتب فكتب القلم ما كان و ما هو كائن إلى يوم القيامة روي ذلك عن الباقر ع. ثم قال هذا الكلام يدل على أن ن و ق و ص و يس و طه من أسماء النبي ص فأما ق و ص فلم أر في التفاسير ما يدل على ذلك و أما يس فذكر الطبرسي في تفسيره أن معناه يا إنسان عن أكثر المفسرين و قيل يا رجل و قيل يا محمد و قيل معناه يا سيد الأولين و الآخرين و عن الصادق ع هو اسم النبي ص و أما طه فهو يا رجل بلغة عكة قال الشاعر إن السفاهة طه من خلائقكم. لا بارك الله في القوم الملاعين. قال الحسن هو جواب للمشركين حين قالوا إنه شقي فقال سبحانه يا رجل ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى لكن لتسعد به و لتنال الكرامة في الدارين قيل و كان يصلي الليل كله و يعلق صدره بحبل لا يغلبه النوم فأمره سبحانه بالتخفيف على   نفسه و أنه ما أنزل عليه القرآن ليتعب كل هذا التعب. و قرئ شاذا بفتح الطاء و سكون الهاء و معناه طاء الأرض بقدميك جميعا فعن الصادق ع كان يعتمد على إحدى رجليه في الصلاة ليزيد تعبه فيها فأنزل الله   تعالى عليه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى. و أما ص فروي عن الصادق ع أنه اسم من أسمائه تعالى أقسم به و قيل هو اسم للسورة و قيل اسم من أسماء القرآن و قيل إن محمدا ص قد صدق و أما ق فهو اسم للسورة أو اسم من أسمائه تعالى أو اسم للجبل المحيط بالأرض ملخص من تفسير الطبرسي و البيضاوي و الكشاف و الثعلبي و علي بن إبراهيم انتهى. و قلت عزيت و جليت كذا في أكثر النسخ بالتشديد و لا وجه له و يحتمل أن يكون بالتخفيف بقلب الثانية ياء من قبيل أمليت و أمللت و في بعض   النسخ عززت و جللت و هو أظهر إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى قيل حقيقة الاشتراء لا يجوز عليه لأن المشتري إنما يشتري ما لا يملك و هو تعالى مالك الأشياء كلها لكنه مثل قوله سبحانه مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً في أنه تعالى ذكر لفظ الشراء و القرض تلطفا لتأكيد الجزاء و لما كان سبحانه ضمن الثواب على نفسه

    عبر عن ذلك بالاشتراء و جعل الثواب ثمنا و الطاعات مثمنا على ضرب من المجاز و أخبر أنه اشترى من المؤمنين أنفسهم يبذلونها في الجهاد في سبيله و أموالهم ينفقونها في مرضاته على أن يكون في مقابل ذلك الجنة. و اللام في لَنَبْلُوَنَّكُمْ للقسم أي نعاملكم معاملة المختبر بما نكلفكم من الأمور الشاقة حتى يتميز المجاهدون من جملتكم و الصابرون على الجهاد و قيل معناه حتى يعلم أولياؤنا المجاهدين منكم و أضافه إلى نفسه تعظيما لهم و تشريفا كما قال إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أي يؤذون أولياء الله. وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ أي نختبر أسراركم و البلاء على ثلاثة أوجه نعمة و اختبار و مكروه و أصل البلاء المحنة و الله تعالى يمتحن العبد بنعمه ليمتحن شكره و يمتحنه بما يكرهه ليمتحن صبره

4-  الإقبال، و البلد الأمين، و الجنة، ]جنة الأمان[ قال قال استفتح خروجك بهذا الدعاء إلى أن تدخل مع الإمام في الصلاة فإن فاتك منه شي‏ء فاقضه بعد الصلاة اللهم إليك وجهت وجهي و إليك فوضت أمري و عليك توكلت الله أكبر كما هدانا الله أكبر إلهنا و مولانا الله أكبر على ما أولانا و حسن ما أبلانا الله أكبر ولينا الذي اجتبانا الله أكبر ربنا الذي برأنا الله أكبر الذي أنشأنا الله أكبر الذي بقدرته هدانا الله أكبر الذي خلقنا فسوانا الله أكبر الذي بدينه حبانا الله أكبر الذي من فتنته عافانا الله أكبر الذي بالإسلام اصطفانا الله أكبر الذي فضلنا بالإسلام على من سوانا الله أكبر و أكبر سلطانا الله أكبر و أعلى برهانا الله أكبر و أجل سبحانا   الله أكبر و أقدم إحسانا الله أكبر و أعز أركانا الله أكبر و أعلى مكانا الله أكبر و أسنى شأنا الله أكبر ناصر من استنصر الله أكبر ذو المغفرة لمن استغفر الله أكبر الذي خلق و صور الله أكبر أمات و أقبر الله أكبر الذي إذا شاء أنشر الله أكبر و أعلى و أكبر الله أكبر و أقدس من كل شي‏ء و أطهر الله أكبر رب الخلق و البر و البحر الله أكبر كما يحب ربنا أن يكبر اللهم صل على محمد عبدك و رسولك و نبيك و صفيك و نجيبك و أمينك و حبيبك و صفوتك من خلقك و خليلك و خاصتك و خيرتك من بريتك اللهم صل على محمد عبدك و رسولك الذي هديتنا به من الضلالة و علمتنا به من الجهالة و بصرتنا به من العمى و أقمتنا به على المحجة العظمى و سبيل التقوى و كما أرشدتنا و أخرجتنا به من الغمرات إلى جميع الخيرات و أنقذتنا به من شفا جرف الهلكات اللهم صل على محمد و آل محمد أفضل و أكمل و أشرف و أكبر و أطهر و أطيب و أتم و أعم و أزكى و أنمى و أحسن و أجمل ما صليت على أحد من العالمين اللهم شرف بنيانه و عظم برهانه و أعل مكانه و كرم في القيامة مقامه و عظم على رءوس الخلائق حاله اللهم اجعل محمدا و آل محمد يوم القيامة أقرب الخلق منك منزلة و أعلاهم منك مكانا و أفسحهم لديك منزلة و مجلسا و أعظمهم عندك شرفا و أرفعهم منزلا اللهم صل على محمد و الأئمة المهتدين و الحجج على خلقك و الأدلاء على سبيلك و الباب الذي منه تؤتى و التراجمة لوحيك كما سنوا سنتك الناطقين بحكمتك و الشهداء على خلقك اللهم صل على وليك المنتظر أمرك المنتظر لفرج أوليائك اللهم اشعب به الصدع و ارتق به الفتق و أمت به الجور و أظهر به العدل و زين بطول بقائه الأرض و أيده بنصرك و انصره بالرعب و قو ناصرهم و اخذل خاذلهم و دمدم على من نصب لهم و دمر على من غشهم و اقصم بهم رءوس الضلالة و   شارعة البدع و مميتة السنة و المتعززين بالباطل و أعز بهم المؤمنين و أذل بهم الكافرين و المنافقين و جميع الملحدين و المخالفين في مشارق الأرض و مغاربها يا أرحم الراحمين اللهم فصل على جميع المرسلين و النبيين الذين بلغوا عنك الهدى و اعتقدوا لك المواثيق بالطاعة و دعوا العباد إليك بالنصيحة و صبروا على ما لقوا من الأذى و التكذيب في جنبك اللهم و صل على محمد و عليهم و على ذراريهم و أهل بيوتاتهم و أزواجهم الطاهرات و جميع أشياعهم و أتباعهم من المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الأحياء منهم و الأموات و السلام عليهم جميعا في هذه الساعة و في هذا اليوم و رحمة الله و بركاته اللهم اخصص أهل بيت نبينا محمد المباركين السامعين المطيعين لك الذين أذهبت عنهم الرجس و طهرتهم تطهيرا بأفضل صلواتك و نوامي بركاتك و السلام عليه و عليهم و رحمة الله و بركاته

 المتهجد، مثله إلا أنه ليس فيه فإن فاتك إلى آخره

بيان على ما أولانا أي أكبره لما أنعم علينا و في الإقبال و أقدم إحسانا الله أكبر و أعز غفرانا الله أكبر و أسنى و سقطت سائر الفقرات من البين و في المتهجد اللهم صل على محمد عبدك و رسولك و نبيك و صفيك و حبيبك و نجيك و أمينك و نجيبك و صفوتك من خلقك و خليلك و خاصتك و خالصتك و خيرتك من خلقك إلى قوله أحد من العالمين اللهم شرف في القيامة مقامه و عظم على رءوس الخلائق حاله إلى قوله اللهم صل على محمد و آل محمد أئمة الهدى الحجج على خلقك إلى قوله لوحيك المستنين بسنتك إلى قوله على خلقك اللهم اشعب بهم الصدع و بعد ذلك سائر الضمائر على الجمع و كذا في سائر الكتب غير الإقبال.   و قال الجوهري الشعب الصدع في الشي‏ء و إصلاحه أيضا و شعبت الشي‏ء فرقته و شعبته جمعته و هو من الأضداد و قال الصدع الشق و قال الرتق ضد الفتق و قد رتقت الفتق فارتتق أي التأم و قال دمدمت الشي‏ء إذا ألزقته بالأرض و طحطحته و دمدم الله عليهم أي أهلكهم و قال الدمار الهلاك يقال دمره تدميرا و دمر عليه بمعنى انتهى و قصمه يقصمه بالكسر كسره و في المتهجد و غيره و افضض و الفض الكسر بالتفرقة و انفض القوم تفرقوا. و قال الكفعمي شارعة البدع أي سالكي طريق البدع أو الذين يشرعونها أي يجعلونا شريعة تتبع و يسلك طريقها و شرعت في كذا خضت و المتعززين المتغلبين. قوله ع و اعتقدوا لك المواثيق بالطاعة يقال اعتقدت كذا أي عقدت عليه القلب و الضمير و اعتقد مالا و ضيعة اقتناها أي أيقنوا بأن جميع مواثيقك بطاعة العباد لك حق أو جمعوا جميع مواثيقك و عملوا بها و جعلوا أخذ مواثيق طاعتك على العباد مالا و ضيعة لهم و لم يتوجهوا إلى غيره و لا يبعد أن يكون اعتقدوا مبالغة في عقدوا أي أحكموا مواثيق طاعتك على العباد و ألزموا عليهم الحجة في ذلك في جنبك أي في قربك و طاعتك

5-  المتهجد، و البلد الأمين، و الجنة، ]جنة الأمان[ فإذا توجهت إلى المصلى فادع بهذا الدعاء اللهم من تهيأ و تعبأ و أعد و استعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده و طلب جوائزه و فواضله و نوافله فإليك يا سيدي وفادتي و تهيئتي و تعبئتي و إعدادي و استعدادي و رجاء رفدك و جوائزك و نوافلك فلا تخيب اليوم رجائي يا مولاي يا من لا يخيب عليه سائل و لا ينقصه نائل إني لم آتك اليوم بعمل صالح قدمته و لا شفاعة مخلوق رجوته و لكن أتيتك مقرا بالظلم و الإساءة على نفسي و لا حجة لي و لا عذر فأسألك يا رب أن تعطيني مسألتي و تقلبني برغبتي و لا تردني مجبوها و لا خائبا   يا عظيم يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم أسألك يا عظيم أن تغفر لي العظيم لا إله إلا أنت اللهم صل على محمد و آل محمد و ارزقني خير هذا اليوم الذي شرفته و عظمته و تغسلني فيه من جميع ذنوبي و خطاياي و زدني من فضلك إنك أنت الوهاب

 بيان قال الجوهري جبهته صككت جبهته و جبهته بالمكروه إذا استقبلته به

6-  الإقبال، روينا بإسنادنا إلى أبي عبد الله ع قال فإذا قمت للصلاة مستقبل القبلة فكبر و قل اللهم إني عبدك و ابن عبديك هارب منك إليك أتيتك وافدا إليك تائبا من ذنوبي إليك زائرا لك و حق الزائر على المزور التحفة فاجعل تحفتي منك و تحفتك لي رضاك و الجنة اللهم إنك عظمت حرمة شهر رمضان ثم أنزلت فيه القرآن أي رب و جعلت فيه ليلة خيرا من ألف شهر ثم مننت علي بصيامه و قيامه فيما مننت علي فتمم علي منك و رحمتك أي رب إن لك فيه عتقاء فإن كنت ممن أعتقتني فيه فتمم علي و لا تردني في ذنب ما أبقيتني و إن لم تكن فعلت يا رب لضعف عمل أو لعظم ذنب فبكرمك و فضلك و رحماتك و كتابك الذي أنزلت في شهر رمضان ليلة القدر و ما أنزلت فيها و حرمة من عظمت فيها و بمحمد و علي عليهما سلامك و صلواتك و بك يا الله أتوجه إليك و بمحمد و من بعده صلى الله عليه و عليهم أتوجه بكم إلى الله يا الله أعتقني فيمن أعتقت الساعة بمحمد ص

7-  الإقبال، و زوائد الفوائد، الدعاء بعد صلاة العيد اللهم إني سألتك أن ترزقني صيام شهر رمضان و أن تحسن معونتي عليه و أن تبلغني استتمامه و فطره و أن تمن علي في ذلك بعبادتك و حسن معونتك و تسهيل أسباب توفيقك فأجبتني   و أحسنت معونتي عليه و فعلت ذلك بي و عرفتني حسن صنيعك و كريم إجابتك فلك الحمد على ما رزقتني من ذلك و على ما أعطيتني منه اللهم و هذا يوم عظمت قدره و كرمت حاله و شرفت حرمته و جعلته عيدا للمسلمين و أمرت عبادك أن يبرزوا لك فيه لتوفي كل نفس ما عملت و ثواب ما قدمت و لتفضل على أهل النقص في العبادة و التقصير في الاجتهاد في أداء الفريضة بما لا يملكه غيرك و لا يقدر عليه سواك اللهم و قد وافاك في هذا اليوم في هذا المقام من عمل لك عملا قل ذلك العمل أو كثر كلهم يطلب أجر ما عمل و يسأل الزيادة من فضلك في ثواب صومه لك و عبادته إياك على حسب ما قلت يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ اللهم و أنا عبدك العارف بما ألزمتني و المقر بما أمرتني المعترف بنقص عملي و التقصير في اجتهادي و المخل بفرضك علي و التارك لما ضمنت لك على نفسي اللهم و قد صمت فشبت صومي لك في أحوال الخطاء و العمد و النسيان و الذكر و الحفظ بأشياء نطق بها لساني أو رأتها عيني و هوتها نفسي و مال إليها هواي و أحبها قلبي أو اشتهتها روحي أو بسطت إليها يدي أو سعيت إليها برجلي من حلالك المباح بأمرك إلى حرامك المحظور بنهيك اللهم و كل ما كان مني محصي علي غير مخل بقليل و لا كثير و لا صغير و لا كبير اللهم و قد برزت إليك و خلوت بك لأعترف لك بنقص عملي و تقصيري فيما يلزمني و أسألك العود علي بالمغفرة و العائدة الحسنة علي بأحسن رجائي و أفضل أملي و أكمل طمعي في رضوانك اللهم فصل على محمد و آل محمد و اغفر لي كل نقص و كل تقصير و إساءة و كل تفريط و كل جهل و كل عمد و كل خطاء دخل علي في شهري هذا و في صومي له و في فرضك علي و هبه لي و تصدق به علي و تجاوز لي عنه يا غاية كل رغبة و يا منتهى كل مسألة و اقبلني من وجهي هذا و قد عظمت فيه جائزتي و

   أجزلت فيه عطيتي و كرمت فيه حبائي و تفضلت علي بأفضل من رغبتي و أعظم من مسألتي يا إلهي يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله الذي ليس كمثلك شي‏ء و صل على محمد و آل محمد و اغفر لي ذنوبي العمد منها و الخطاء في هذا اليوم و في هذه الساعة يا رب كل شي‏ء و وليه افعل ذلك بي و تب بمنك و فضلك و رأفتك و رحمتك علي توبة نصوحا لا أشقى بعدها أبدا يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله لك الأمثال العليا و الأسماء الحسنى أعوذ بك من الشك بعد اليقين و الكفر بعد الإيمان يا إلهي اغفر لي يا إلهي تفضل علي يا إلهي تب علي يا إلهي ارحمني يا إلهي ارحم فقري يا إلهي ارحم ذلي يا إلهي ارحم مسكنتي يا إلهي ارحم عبرتي يا إلهي لا تخيبني و أنا أدعوك و لا تعذبني و أنا أرجوك و أنا أستغفرك اللهم إنك قلت لنبيك عليه و آله السلام وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ أستغفرك يا رب و أتوب إليك أستغفر الله أستغفر الله من جميع ذنوبي كلها ما تعمدت منها و ما أخطأت و ما حفظت و ما نسيت اللهم إنك قلت لنبيك عليه و آله الصلاة و السلام وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ اللهم إني أدعوك كما أمرتني فاستجب لي كما وعدتني إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ اللهم صل على محمد و آل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك و بارك عليهم بأفضل بركاتك و أدخلني في كل خير أدخلتهم فيه و أخرجني من كل سوء أخرجتهم منه في الدنيا و الآخرة يا أرحم الراحمين اللهم صل على محمد و آل محمد و أعتق رقبتي من النار عتقا بتلا لا رق بعده أبدا و لا حرق بالنار و لا ذل و لا وحشة و لا رعب و لا روعة و لا فزعة و لا رهبة بالنار و من علي بالجنة بأفضل حظوظ أهلها و أشرف كراماتهم و أجزل عطاياك لهم و أفضل جوائزك إياهم و خير حبائك لهم

   اللهم صل على محمد و آل محمد و اقلبني من مجلسي هذا و من مخرجي هذا و لم تبق فيما بيني و بين أحد من خلقك ذنبا إلا غفرته و لا خطيئة إلا محوتها و لا عثرة إلا أقلتها و لا فاضحة إلا صفحت عنها و لا جريرة إلا خلصت منها و لا سيئة إلا وهبتها لي و لا كربة إلا و قد خلصتني منها و لا دينا إلا قضيته و لا عائلة إلا أغنيتها و لا فاقة إلا سددتها و لا عريا إلا كسوته و لا مرضا إلا شفيته و لا سقما إلا داويته و لا هما إلا فرجته و لا غما إلا أذهبته و لا خوفا إلا آمنته و لا عسرا إلا يسرته و لا ضعفا إلا قويته و لا حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة إلا قضيتها على أفضل الأمل و أحسن الرجاء و أكمل الطمع إنك على كل شي‏ء قدير اللهم إنك أمرتني بالدعاء و دللتني عليه فسألتك و وعدتني الإجابة فتنجزت بوعدك و أنت الصادق القول الوفي العهد اللهم و قد قلت ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ و قلت وَ سْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً و قلت وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ اللهم و أنا أدعوك كما أمرتني متنجزا لوعدك فصل على محمد و آل محمد و أعطني كل ما وعدتني و كل أمنيتي و كل سوء لي و كل همي و كل نهمتي و كل هواي و كل محبتي و اجعل ذلك كله سائحا في حلالك ثابتا في طاعتك مترددا في مرضاتك متصرفا فيما دعوت إليه غير مصروف منه قليلا و لا كثيرا في شي‏ء من معاصيك و لا في مخالفة لأمرك إله الحق رب العالمين اللهم و كما وفقتني لدعائك فصل على محمد و آل محمد و وفق لي إجابتك إنك على كل شي‏ء قدير اللهم من تهيأ أو تعبأ أو أعد أو استعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده و جوائزه و نوافله و فرائضه و عطاياه فإليك يا سيدي كانت تهيئتي و تعبئتي و إعدادي و استعدادي رجاء رفدك و جوائزك و فواضلك و نوافلك و عطاياك و قد غدوت إلى عيد من أعياد أمة محمد ص و لم آتك اليوم بعمل صالح أثق به قدمته و لا توجهت بمخلوق رجوته و لكني أتيتك خاضعا مقرا بذنوبي و إساءتي إلى نفسي و لا حجة

   لي و لا عذر لي أتيتك أرجو أعظم عفوك الذي عفوت به عن الخاطئين و أنت الذي غفرت لهم عظيم جرمهم و لم يمنعك طول عكوفهم على عظيم جرمهم أن عدت عليهم بالرحمة فيا من رحمته واسعة و فضله عظيم يا عظيم يا عظيم يا عظيم يا كريم يا كريم يا كريم صل على محمد و آل محمد و عد علي برحمتك و امنن علي بعفوك و عافيتك و تعطف علي بفضلك و أوسع علي رزقك يا رب إنه ليس يرد غضبك إلا حلمك و لا يرد سخطك إلا عفوك و لا يجير من عقابك إلا رحمتك و لا ينجيني منك إلا التضرع إليك فصل على محمد و آل محمد و هب لي يا إلهي فرجا بالقدرة التي بها تحيي أموات العباد و بها تنشر ميت البلاد و لا تهلكني يا إلهي غما حتى تستجيب لي و تعرفني الإجابة في دعائي و أذقني طعم العافية إلى منتهى أجلي و لا تشمت بي عدوي و لا تسلطه علي و لا تمكنه من عنقي يا رب إن رفعتني فمن ذا الذي يضعني و إن وضعتني فمن الذي يرفعني و من ذا الذي يرحمني إن عذبتني و من ذا الذي يعذبني إن رحمتني و من ذا الذي يكرمني إن أهنتني و من ذا الذي يهينني إن أكرمتني و إن أهلكتني فمن ذا الذي يعرض لك في عبدك أو يسألك عن أمره و قد علمت يا إلهي أنه ليس في حكمك جور و لا في عقوبتك عجلة و إنما يعجل من يخاف الفوت و إنما يحتاج إلى الظلم الضعيف و قد تعاليت عن ذلك سيدي علوا كبيرا اللهم فصل على محمد و آل محمد و لا تجعلني للبلاء غرضا و لا لنقمتك نصبا و مهلني و نفسني و أقل عثرتي و ارحم تضرعي و لا تتبعني ببلاء على أثر بلاء فقد ترى ضعفي و قلة حيلتي و تضرعي إليك أعوذ بك اليوم من غضبك فصل على محمد و آله و أعذني و أستجير بك من سخطك فصل على محمد و آل محمد و أجرني و أسترحمك فصل على محمد و آل محمد و ارحمني و أستهديك فصل على محمد و آل محمد و اهدني و أستنصرك فصل على محمد و آل محمد و انصرني و أستكفيك فصل على محمد

   و آل محمد و اكفني و أسترزقك فصل على محمد و آل محمد و أغنني و أستعصمك فيما بقي من عمري فصل على محمد و آل محمد و اعصمني و أستغفرك لما سلف من ذنوبي فصل على محمد و آل محمد و اغفر لي فإني لن أعود لشي‏ء كرهته إن شئت ذلك يا رب يا حنان يا منان يا ذا الجلال و الإكرام صل على محمد و آل محمد و استجب لي جميع ما سألتك و طلبته منك و رغبت فيه إليك و قدره و أرده و اقضه و أمضه و خر لي فيما تقضي منه و تفضل علي به و أسعدني بما تعطيني منه و زدني من فضلك و سعة ما عندك فإنك واسع كريم و صل ذلك كله بخير الآخرة و نعيمها يا أرحم الراحمين إله الحق رب العالمين اللهم صل على محمد و آل محمد و افتح لهم فتحا يسيرا و اجعل لهم من لدنك سلطانا نصيرا اللهم انصر به دينك و سنة نبيك عليه و آله السلام حتى لا يستخفي بشي‏ء من الحق مخافة أحد من الخلق اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام و أهله و تذل بها النفاق و أهله و تجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك و القادة إلى سبيلك و ترزقنا بها كرامة الدنيا و الآخرة اللهم ما أنكرنا من الحق فعرفناه و ما قصرنا عنه فبلغناه اللهم و استجب لنا و اجعلنا ممن يتذكر فتنفعه الذكرى اللهم و قد غدوت إلى عيد من أعياد أمة محمد ص و لم أثق بغيرك و لم آتك بعمل صالح أثق به و لا توجهت بمخلوق رجوته اللهم بارك لنا في عيدنا هذا كما هديتنا له و رزقتنا و أعنا عليه اللهم تقبل منا ما أديت عنا فيه من حق و ما قضيت عنا فيه من فريضة و ما اتبعنا فيه من سنة و ما تنفلنا فيه من نافلة و ما أذنت لنا فيه من تطوع و ما تقربنا إليك من نسك و ما استعملنا فيه من الطاعة و ما رزقتنا فيه من العافية و العبادة اللهم تقبل منا ذلك كله زاكيا كافيا يا أرحم الراحمين اللهم لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا و لا تذلنا بعد إذ أعززتنا و لا تضلنا بعد إذ وفقتنا و لا تهنا بعد إذ أكرمتنا و لا تفقرنا بعد إذ أغنيتنا و لا تمنعنا بعد إذ

   أعطيتنا و لا تحرمنا بعد إذ رزقتنا و لا تغير شيئا من نعمك علينا و لا إحسانك إلينا لشي‏ء كان منا و لا لما هو كائن فإن في كرمك و عفوك و فضلك سعة لمغفرتك ذنوبنا برحمتك فأعتق رقابنا من النار بلا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت أسألك بوجهك الكريم إن كنت رضيت عني في هذا الشهر أن تزداد عني رضا لا سخط بعده أبدا علي و إن كنت لم ترض عني و أعوذ بك من ذلك فمن الآن فارض عني رضا لا سخط بعده أبدا علي و ارحمني رحمة لا تعذبني بعدها أبدا و أسعدني سعادة لا أشقى بعدها أبدا و أغنني غنى لا فقر بعده أبدا و اجعل أفضل جائزتك لي اليوم فكاك رقبتي من النار و أعطني من الجنة ما أنت أهله و إن كنت بلغتنا به ليلة القدر و إلا فأخر آجالنا إلى قابل حتى تبلغناه في يسر منك و عافية يا أرحم الراحمين و لا تجعله آخر العهد منا لشهر رمضان و أعط جميع المؤمنين و المؤمنات ما سألتك لنفسي برحمتك يا أرحم الراحمين ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ و صلى الله على خير خلقه محمد و آله و سلم تسليما اللهم إنك ترى و لا ترى و أنت بالمنظر الأعلى فالق الحب و النوى تعلم السر و أخفى فلك الحمد يا رب العالمين و لك الحمد في أعلى عليين و لك الحمد في النور و لك الحمد في الظل و الحرور و لك الحمد في الغدو و الآصال و لك الحمد في الأزمان و الأحوال و لك الحمد في قفر أرضك و لك الحمد على كل حال إلهي صلينا خمسنا و حصنا فروجنا و صمنا شهرنا و أطعناك ربنا و أدينا زكاة رءوسنا طيبة بها نفوسنا و خرجنا إليك لأخذ جوائزنا فصل اللهم على محمد و آل محمد و لا تخيبنا و امنن علينا بالتوبة و المغفرة و لا تردنا على عقبنا و لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا و لا تجعله آخر العهد منا و ارزقنا صيامه و قيامه أبدا ما أبقيتنا و امنن علينا بالجنة و نجنا من النار و زوجنا من الحور العين آمين رب العالمين إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ و صلى الله على خيرته   من خلقه محمد النبي و آله الطيبين الطاهرين و سلم تسليما

 بيان أو مال إليها في بعض النسخ بالواو هنا و قوله أو اشتهتها و هو أظهر و على نسخة أو فهي إما بمعنى الواو أو محمول على شدة مراتب المحبة و العزم و ضعفهما من خلالك يحتمل أن تكون من ابتدائية أي حال كوني في ذلك السعي مبتدأ من الحلال معرضا عنه منتهيا إلى الحرام أو بيانية و إلى بمعنى مع لبيان تعميم ما يتكلم به و يشتهيه و يبسط يده إليه و يسعى إليه سواء كان مباحا لغوا لا فائدة فيه أو حراما فإن كلا منهما مخل بكمال الصوت و يؤيد الثاني أن في زوائد الفوائد أو حرامك. و قوله و كل ما كان إما بالجر عطفا على حلالك أو أشياء أو بالرفع بتقدير الخبر أي هي أيضا كذلك أي كان ينبغي أن يكون صومي مخلوطا بطاعتك بجميع جوارحي في جميع أحوالي فشبته بأشياء منها محظور بنهيك و منها مباح غير مخل بقليل و لا كثير و لا صغير و لا كبير من أوامرك و نواهيك لكنها مخلة بكمال الصوم و قد برزت إليك في هذا العيد لأن تتدارك ذلك بفضلك. و قال الجوهري العائدة العطف و المنفعة يقال هذا الشي‏ء أعود عليك في كذا أي أنفع و قال الحباء العطاء. لك الأمثال العليا إشارة إلى قوله سبحانه لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَ لِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى أي الصفة الأعلى و هو الوجوب الذاتي و الغنى المطلق و النزاهة عن صفات المخلوقين أو الحجة الغالبة أو الأمثال التي مثل بها في القرآن الحكيم. و لا روعة و في بعض النسخ و لا لوعة و لوعة الحب حرقته و رجل هاع لاع أي جبان جزوع و الأول أظهر و قال الفيروزآبادي النهمة الحاجة و بلوغ الهمة و الشهوة و النهم بالتحريك إفراط الشهوة في الطعام انتهى.   سائحا في حلالك أي جاريا فيه و في بعض النسخ بالباء الموحدة من السباحة على المجاز و في بعضها بالنون من سنح له الرأي أي عرض و الغرض محركة هدف يرمى فيه و النصب أيضا قريب منه أي ما ينصب ليرمى و إن لم يصرح به في كتب اللغة قال الفيروزآبادي النصب العلم المنصوب و يحرك و الغاية. و نفسني كأن فيه حذفا و إيصالا أي نفس عني يقال نفس الله عنه كربته أي فرجها و في بعض النسخ الدعاء و مهلني و نفسي أي اتركني مع نفسي كناية عن رفع البلاء عنها و ما أذنت لنا لعله كناية عن التوفيق و التقدير كما يومي إليه بعض أخبار القضاء و القدر كما مر من العافية أي عن المعاصي فإنها المناسبة للقبول. لا تُزِغْ قُلُوبَنا أي لا تملها عن الإيمان أي لا تسلبني التوفيق بل ثبتني على الاهتداء الذي منحتني به يا لا إله أي يا من لا إله إلا أنت بلغتنا ليلة القدر أي فضلها فالق الحب و النوى أي يشقهما و يخرج منهما النبات و الشجر و قيل المراد به الشقاق الذي في الحنطة و النواة. تعلم السر و أخفى أي و أخفى من السر و اختلف فيهما فقيل السر ما حدث به العبد غيره في خفية و أخفى منه ما أضمره في نفسه ما لم يحدث غيره و قيل السر ما أضمره العبد في نفسه و أخفى منه ما لم يكن أضمره أحد و قيل السر ما تحدث به نفسك و أخفى منه ما تريد أن تحدث به نفسك في ثاني الحال و قيل السر العمل الذي تستره عن الناس و أخفى منه الوسوسة

 و روي عن الباقر و الصادق ع أن السر ما أخفيته في نفسك و أخفى ما خطر ببالك ثم أنسيته

أقول ثم ذكر السيدان دعاء الندبة الذي يدعى به في الأعياد الأربعة و سيأتي في كتاب المزار تركنا ذكره هنا حذرا من التكرار ثم قالا قدس سرهما فإذا فرغت من الدعاء فتأهب للسجود بين يدي مولاك

 و قل ما روينا بإسنادنا إلى أبي عبد الله ع قال إذا فرغت من دعاء العيد المذكور ضع خدك الأيمن على الأرض و قل   سيدي سيدي كم من عتيق لك فاجعلني ممن أعتقت سيدي سيدي و كم من ذنب قد غفرت فاجعل ذنبي فيما غفرت سيدي سيدي كم من حاجة قد قضيت فاجعل حاجتي فيما قضيت سيدي سيدي و كم من كربة قد كشفت فاجعل كربتي فيما كشفت سيدي سيدي و كم من مستغيث قد أغثت فاجعلني فيمن أغثت سيدي سيدي كم من دعوة قد أجبت فاجعل دعوتي فيما أجبت سيدي سيدي و ارحم سجودي في الساجدين و ارحم عبرتي في المستعبرين و ارحم تضرعي فيمن تضرع من المتضرعين سيدي سيدي و كم من فقر قد أغنيت فاجعل فقري فيما أغنيت سيدي سيدي ارحم دعوتي في الداعين سيدي و إلهي أسأت و ظلمت و عملت سوءا و اعترفت بذنبي و بئس ما عملت فاغفر لي يا مولاي أي كريم أي عزيز أي جميل فإذا فرغت و انصرفت رفعت يديك ثم حمدت ربك ثم تقول ما تقدر عليه و سلمت على النبي ص و حمدت الله تبارك و تعالى و الحمد لله رب العالمين

8-  المتهجد، روى أبو مخنف عن جندب بن عبد الله الأزدي عن أبيه أن عليا ع كان يخطب يوم الفطر فيقول الحمد لله الذي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ لا أشرك بالله شيئا و لا أتخذ من دونه وليا و الحمد لله الذي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَ ما يَخْرُجُ مِنْها وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَ ما يَعْرُجُ فِيها وَ هُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ كذلك الله ربنا جل ثناؤه لا أمد له و لا غاية له و لا نهاية و لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ و الحمد لله الذي يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ اللهم ارحمنا برحمتك و أعممنا بعافيتك و أمددنا بعصمتك و لا تخلنا من رحمتك إنك أنت الغفور الرحيم و الحمد لله لا مقنوطا من رحمته و لا مخلوا من   نعمته و لا مؤيسا من روحه و لا مستنكفا عن عبادته الذي بكلمته قامت السماوات السبع و قرت الأرضون السبع و ثبتت الجبال الرواسي و جرت الرياح اللواقح و سارت في جو السماء السحاب و قامت على حدودها البحار فتبارك الله رب العالمين إله قاهر قادر ذل له المتعززون و تضاءل له المتكبرون و دان طوعا و كرها له العالمون نحمده بما حمد به نفسه و كما هو أهله و نستعينه و نستغفره و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يعلم ما تخفي النفوس و ما تجن البحار و ما تواري الأسراب وَ ما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَ ما تَزْدادُ وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ لا تواري منه ظلمة و لا تغيب عنه غائبة و ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ و يعلم ما يعمل العاملون و إلى أي منقلب ينقلبون و نستهدي الله بالهدى و نعوذ به من الضلال و الردى و نشهد أن محمدا عبده و نبيه و رسوله إلى الناس كافة و أمينه على وحيه و أنه بلغ رسالة ربه و جاهد في الله المدبرين عنه و عبده حتى أتاه اليقين ص أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي لا تبرح منه نعمة و لا تفقد له رحمة و لا يستغني عنه العباد و لا تجزي أنعمه الأعمال الذي رغب في الآخرة و زهد في الدنيا و حذر المعاصي و تعزز بالبقاء و تفرد بالعز و البهاء و جعل الموت غاية المخلوقين و سبيل الماضين فهو معقود بنواصي الخلق كلهم حتم في رقابهم لا يعجزه لحوق الهارب و لا يفوته ناء و لا آئب يهدم كل لذة و يزيل كل بهجة و يقشع كل نعمة عباد الله إن الدنيا دار رضي الله لأهلها الفناء و قدر عليهم بها الجلاء فكل ما فيها نافد و كل من يسلكها بائد و هي مع ذلك حلوة خضرة رائقة نضرة قد زينت للطالب و لاطت بقلب الراغب يطيبها الطامع و يحتويها الوجل الخائف فارتحلوا رحمكم الله منها بأحسن ما بحضرتكم من الزاد و لا تطلبوا منها سوى البلغة و كونوا فيها كسفر نزلوا منزلا فتمتعوا منه بأدنى ظل ثم ارتحلوا لشأنهم

   و لا تمدوا أعينكم فيها إلى ما متع به المترفون و أضروا فيها بأنفسكم فإن ذلك أخف للحساب و أقرب من النجاة ألا و إن الدنيا قد تنكرت و أدبرت و آذنت بوداع ألا و إن الآخرة قد أقبلت و أشرفت و نادت باطلاع ألا و إن المضمار اليوم و غدا السباق ألا و إن السبقة الجنة و الغاية النار أ فلا تائب من خطيئته قبل هجوم منيته أ و لا عامل لنفسه قبل يوم فقره و بؤسه جعلنا الله و إياكم ممن يخافه و يرجو ثوابه ألا و إن هذا اليوم يوم جعله الله عيدا و جعلكم له أهلا فاذكروا الله يذكركم و كبروه و عظموه و سبحوه و مجدوه و ادعوه يستجب لكم و استغفروه يغفر لكم و تضرعوا و ابتهلوا و توبوا و أنيبوا و أدوا فطرتكم فإنها سنة نبيكم و فريضة واجبة من ربكم فليخرجها كل امرئ منكم عن نفسه و عن عياله كلهم ذكرهم و أنثاهم صغيرهم و كبيرهم و حرهم و مملوكهم يخرج عن كل واحد منهم صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو نصف صاع من بر من طيب كسبه طيبة بذلك نفسه عباد الله و تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى و تراحموا و تعاطفوا و أدوا فرائض الله عليكم فيما أمركم به من إقامة الصلوات المكتوبات و أداء الزكوات و صيام شهر رمضان و حج البيت الحرام و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الإحسان إلى نسائكم و ما ملكت أيمانكم و اتقوا الله فيما نهاكم عنه و أطيعوه في اجتناب قذف المحصنات و إتيان الفواحش و شرب الخمر و بخس المكيال و نقص الميزان و شهادة الزور و الفرار من الزحف عصمنا الله و إياكم بالتقوى و جعل الآخرة خيرا لنا و لكم من هذه الدنيا إن أحسن الحديث و أبلغ الموعظة كلام الله تعالى أعوذ بالله من الشيطان   الرجيم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إلى آخرها ثم جلس و قام و قال الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نستهديه و نؤمن به و نتوكل عليه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَ مَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله و ذكر باقي الخطبة القصيرة في يوم الجمعة

توضيح

 الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أخبر بأنه تعالى حقيق بالحمد و نبه على أنه المستحق له على هذه النعم الجسام حمد أو لم يحمد ليكون حجة على الذين هم بربهم يعدلون و جمع السماوات دون الأرض و هي مثلهن لأن طبقاتها مختلفة بالذات متفاوتة الآثار و الحركات و قدمها لشرفها و علو مكانها و تقدم وجودها كما قيل. و جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ أي أنشأهما و الفرق بين خلق و جعل الذي له مفعول واحد أن خلق فيه معنى التقدير و جعل فيه معنى التضمين و لذلك عبر عن إحداث النور و الظلمة بالجعل تنبيها على أنهما لا يقومان بأنفسهما كما زعمت الثنوية و جمع الظلمات لكثرة أسبابها و الأجرام الحاملة لها أو لأن المراد بالظلمة الضلال و بالنور الهدى و الهدى واحد و الضلال كثير و تقديمها لتقديم الأعدام على الملكات. و قيل من زعم أن الظلمة عرض يضاد النور احتج بهذه الآية و لم يعلم أن عدم الملكة كالعمى ليس صرف العدم حتى لا يتعلق به الجعل. ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ عطف على قوله الْحَمْدُ لِلَّهِ على معنى أن الله حقيق بالحمد على ما خلقه نعمة على العباد ثم الذين كفروا به يعدلون فيكفرون نعمته و يكون بربهم تنبيها على أنه خلق هذه الأشياء أسبابا لتكونهم و   تعيشهم فمن حقه أن يحمد عليها و لا يكفر أو على قوله خلق على معنى أنه خلق ما لا يقدر عليه أحد سواه ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شي‏ء منه. و معنى ثم استبعاد عدولهم بعد هذا البيان و الباء على الأول متعلقة بكفروا و صلة يعدلون محذوفة أي يعدلون عنه ليقع الإنكار على نفس الفعل و على الثاني متعلقة بيعدلون و المعنى أن الكفار يعدلون بربهم الأوثان أي يسوونها به. ثم استأنف ع الكلام تبريا عن المشركين و إظهارا لتوحيد رب العالمين بقوله لا تشرك بالله شيئا فكأن سائلا يسأل فكيف تقولون أنتم فأجاب بأنا لا ندعي لا في الخلق و التربية و لا في استحقاق العبادة و لا في الاستعانة و لا نتخذ من دونه وليا أي ناصرا و محبا أو متوليا لأمورنا. و الحمد لله الذي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ خلقا و نعمة فله الحمد في الدنيا لكمال قدرته و على تمام نعمته و لَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ لأن ما في الآخرة أيضا كذلك و تقديم الصلة للاختصاص فإن النعم الدنيوية قد تكون بواسطة من يستحق الحمد لأجلها و لا كذلك نعم الآخرة و هو الحكيم الذي أحكم أمور الدارين الخبير ببواطن الأشياء. يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ كالغيث ينفذ في موضع و ينبع في موضع آخر و كالكنوز و الدفائن و الأموات و الحبات وَ ما يَخْرُجُ مِنْها كالحيوان في النشأتين و النبات و الفلذات و مياه العيون وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ كالملائكة و الكتب و المقادير و الأرزاق و الأنداء و الصواعق وَ ما يَعْرُجُ فِيها كالملائكة و أعمال العباد و الأبخرة و الأدخنة و هو الرحيم الغفور للمفرطين في شكر نعمته مع كثرتها أي في الآخرة مع ما له من سوابق هذه النعم الفائتة للحصر. و لما اقتبس تلك الآيات من الكتاب الحكيم أكدها و أظهر الإيمان و الإذعان بها بقوله كذلك الله ربنا جل ثناؤه عن أن يمكننا القيام به كما هو حقه و لا أمد له أزلا و لا غاية له أبدا و لا نهاية لنعمه و ألطافه و كمالاته و لا إله أي معبود أو خالق إلا هو و إليه المصير في الآخرة.

    أن تقع أي من أن تقع أو كراهة أن تقع بأن خلقها على صورة متداعية إلى الاستمساك إلا بإذنه أي بمشيته و ذلك في القيامة لرءوف رحيم حيث هيأ لهم أسباب الاستدلال و فتح عليهم أبواب المنافع و دفع عنهم أنواع المضار. ثم إنه ع لما عدد أصول نعمه الجسام و حمده على ما خص عباده به من الإنعام شرع في السؤال فابتدأ بأهم المطالب و هو الرحمة و المغفرة و العصمة عن الخطايا و أن لا يخلينا في حال من أحوالنا في الدنيا و الآخرة من رحمته. و في الفقيه و أعممنا بمغفرتك إنك أنت العلي الكبير أي اغفر لنا جميعا أو جميع خطايانا أو الأعم و أمددنا على بناء الإفعال أو بضم الدال على المجرد أي قونا و أيدنا قال الجوهري أمدت الجيش بمدد قال أبو زيد مددنا القوم أي صرنا مددا لهم و أمددناهم بغيرنا وَ أَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ و المادة الزيادة المتصلة. ثم استأنف ع الحمد على وجه آخر ليصير سببا لمزيد معرفتهم به سبحانه و بنعمه فتؤثر فيهم مواعظه فقال و الحمد لله لا مقنوطا من رحمته لا مقنوطا حال عن الجلالة و من رحمته قائم مقام الفاعل لقوله مقنوطا كممرور به أي أحمده حال كونه لسعة رحمته و وفور نعمته بحيث لا ينبغي أن يقنط من رحمته أحد و كذا سائر الفقرات. و الروح الرحمة قال تعالى نقلا عن يعقوب وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ و قوله و لا مستنكفا في بعض النسخ بفتح الكاف على سياق سائر الفقرات و في أكثرها بكسر الكاف فالمعنى أنه سبحانه مع غاية علوه و رفعته و استغنائه لم يستنكف عن أن يعبده العباد و يدعوه لصغير حوائجهم و كبيرها و سمي دعاءه عبادة و تركه استكبارا.  

 و في نهج البلاغة هكذا الحمد لله غير مقنوط من رحمته و لا مخلو من نعمته و لا مأيوس من مغفرته و لا مستنكف عن عبادته الذي لا تبرح منه رحمة و لا تفقد له نعمة

 و في الفقيه هكذا و الحمد لله الذي لا مقنوط من رحمته و لا مخلو من نعمته و لا مؤيس من روحه و لا مستنكف عن عبادته

فيمكن أن يقرأ مقنوط و نظائره بالرفع فتكون مع الظرف بتقدير الجملة أي لا يقنط من رحمته أو يكون صدر الصلة ضميرا محذوفا و يمكن أن يقرأ الجميع بالنصب و يكون المفعول في المقنوط و المخلو بمعنى الفاعل كما قيل في حِجاباً مَسْتُوراً أي لا قانط من رحمته و لا خالي من نعمته فالمستنكف يكون على بناء الفاعل مع أن قنط أتى متعديا قال الفيروزآبادي القنط المنع. الذي بكلمته أي بقوله كن أو بقدرته و إرادته مجازا أو باسمه الأعظم كما مر و سيأتي و قرت الأرضون السبع كونها سبعا إما باعتبار الأقاليم أو   أن لها طبقات بينها فرج تسكن فيها الجن و غيرهم أو المراد بالأرض غير السماء فباعتبار كرة النار و طبقتي كرة الهواء و كرة الماء و ثلاث طبقات الأرض المركبة   و الطينية و الخالصة تصير سبعا و له وجوه أخرى أو أن محدب الأرض مع محدب السماوات الست إلى السادسة كل منها أرض لسماء فوقها و مستقر لجماعة من المخلوقات من الإنس و سائر الحيوانات و الملائكة كما ورد في بعض الأخبار و قد مر تحقيقه مفصلا في كتاب السماء و العالم. و في الفقيه و استقرت الأرض المهاد و قال الفيروزآبادي المهاد ككتاب الفراش و أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً أي بساطا ممكنا للسلوك فيه و الرواسي الثوابت الرواسخ و اللواقح أي الحوامل شبه الريح التي جاءت بخير من إنشاء سحاب ماطر بالحامل كما شبه ما لا يكون كذلك بالعقيم أو ملقحات للشجر و السحاب و نظيره الطوائح بمعنى المطيحات في قوله و مختبط مما تطيح الطوائح. و قامت على حدودها الضمير راجع إلى البحار أي قامت البحار على حدودها التي عينها الله لها لم تتجاوز عنها و يمكن إرجاعه إلى الأرض بقرينة المقام و يحتمل إرجاعه إلى السحاب أيضا إيذانا بأنها تنبعث منها ذل له المتعززون أي الذين صاروا بين الخلق أعزاء أو الذين يتكلفون العزة و ليسوا متصفين بها فإنها مخصوصة به سبحانه. و تضاءل أي تصاغر و الضئيل النحيف الجسم الحقير و دان أي ذل و أطاع و جنه و أجنه بمعنى ستره و الأسراب جمع السرب بالتحريك و هو جحر الوحشي و الحفير تحت الأرض وَ ما تَغِيضُ الْأَرْحامُ أي تنقض من المدة أو عدد الولد أو أعضائه أو دم الحيض و النفاس و الاستحاضة وَ ما تَزْدادُ على جميع الوجوه و غاض و ازداد جاءا لازمين و متعديين.    وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ أي بقدر لا يتجاوزه و لا ينقص عنه أو بتقدير و قضاء وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها مبالغة في إحاطة علمه تعالى بالجزئيات وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا يابِسٍ كلها معطوفات على ورقة و قوله إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ بدل من الاستثناء الأول بدل الكل على أن الكتاب المبين علم الله أو بدل الاشتمال أريد به اللوح أو القرآن و قرئت بالرفع بالعطف على محل ورقة أو للابتداء و الخبر إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ. و في الفقيه و ما تسقط ورقة من شجرة و لا حبة في ظلمة إلا يعلمها لا إله إلا هو و لا رطب إلخ. و أي مجرى يجرون في الآخرة و الدنيا و مجراهم الجسماني و العقلاني و إلى أي منقلب ينقلبون في الآخرة أو الأعم و نستهدي الله بالهدى أي طلبنا الهداية أيضا بهدايته تعالى أو حال كوننا متلبسين بالهداية فنطلب مزيدها المدبرين عنه و في الفقيه الحائدين عنه أي المائلين عن دينه. حتى أتاه اليقين أي الموت فإنه متيقن كافة كل حي مخلوق إشارة إلى قوله تعالى وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ. الذي لا تبرح منه نعمة أي لا تزول و لا تفقد على بناء المجهول أي لا تعدم و في بعض النسخ لا تنفد على المعلوم من النفاد و هو الفناء و الانتهاء و كذا في الفقيه لا تبرح عنه رحمة و لا نفقد له نعمة و عدم البراح و الفقدان و النفاد مطرد على تقدير قابلية المحل لاقتضاء ذاته سبحانه الرحمة و الإنعام و عدم الشرط لا ينافي الاقتضاء. الذي رغب في الآخرة في الفقيه في التقوى و تعزز بالبقاء أي صار عزيزا غالبا بوجوب الوجود و امتناع طريان العدم عليه و تفرد بالعز أي الغلبة على من سواه و البهاء أي الحسن و الصفات الكمالية الذاتية و في الفقيه مكان تلك الفقرة و ذلل خلقه بالموت و الفناء.

    و سبيل الماضين و في الفقيه العالمين و معقود بنواصي الباقين لا يعجزه إباق الهاربين و عند حلوله يأسر أهل الهوى يهدم إلخ و العقد بالنواصي كناية عن الحتم و اللزوم مع الإشعار بالتذلل و عدم الامتناع كما أن الأخذ بالناصية كناية عنه قال تعالى ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها. لا يعجزه لحوق الهارب أي لا يصعب و يمتنع عليه لحوقه و على ما في الفقيه لا يعجزه الإباق من اللحوق و الإدراك و لا يفوته ناء أي بعيد و لا آئب أي راجع و يمكن أن يكون المراد بالنائي العاصي و بالآئب التائب المطيع أو البعيد عن وطنه و الراجع إليه أو المراد بالآئب الغائب المختفي من آبت الشمس إذا غابت و الأوب أيضا سرعة تقليب اليدين و الرجلين في السير و التأويب أن يسير النهار أجمع و ينزل الليل و أبت إلى بني فلان أتيتهم ليلا و بعض هذه المعاني أيضا لا يخلو من مناسبة لكن بتكلف. و البهجة الحسن و السرور و قشعت الريح السحاب أي كشفته فانقشع و تقشع و في الفقيه و يزيل كل نعمة و يقطع كل بهجة و الدنيا دار كتب الله لها الفناء و لأهلها منها الجلاء فأكثرهم ينوي بقاءها و يعظم بناءها و هي حلوة و في النهج و الدنيا دار مني لها الفناء و لأهلها منها الجلاء و مني أي قدر و الجلاء الخروج من البلد و النافد الفاني و البائد الهالك و الحلاوة و الخضرة و النضارة إشارة إلى الجهات التي تميل إليها القاصرون الغافلون عن العواقب و في بعض النسخ غضرة مكان خضرة من الغضارة و هي طيب العيش. و راقني الشي‏ء أعجبني و النضرة و هي الحسن و الرونق قد زينت للطالب و في الفقيه و النهج قد عجلت أي قدمت له لحقارتها على العادة في تقديم اليسير للطالب فإن كان قصير الهمة رضي به و قعد عن طلب المخزون و إلا لم يلتفت إليه و طلب ما هو خير له و أبقى كما قال سبحانه مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها   نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَ هُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ و قال تعالى فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ. و لاطت بقلب الراغب قال الجوهري لاط الشي‏ء بقلبي يلوط و يليط و إني لأجد له في قلبي لوطا و ليطا يعني الحب اللازق بالقلب انتهى و في الفقيه و النهج و التبست بقلب الناظر و الالتباس الاختلاط و الاشتباه و التباس الدنيا بالقلب خلطة المحاسن بالمساوي لافتتانه بحسن منظرها و الغفلة عن عاقبتها أو اشتباهها بحيث يتوهمها باقية لذيذة و لا يعلم فناءها و مرارتها. و استطاب الشي‏ء وجده طيبا و أطابه و طيبه جعله طيبا و النسخ هنا مختلفة و أجودها يستطيبها و في بعض النسخ يطبيها بتقديم الباء الموحدة على الياء من قولهم طباه يطبوه و يطبيه إذا دعاه و الظاهر أنه أيضا تصحيف و في الفقيه بعد ذلك و يضنى ذو الثروة الضعيف أي تصير رؤية حال صاحب الثروة و كثرة المال سببا لحزن الضعيف الفاقد له و مرض قلبه و من قولهم ضني كرضي أي مرض مرضا مخامرا كلما ظن برؤه نكس و أضناه المرض و المضاناة المعاناة و يحتمل أن يكون كناية عن تحقير ذي الثروة له و على التقديرين لا يخلو من تكلف و لعله لذلك أسقطها الشيخ. و يجتويها الوجل الخائف في بعض نسخ الكتاب و الفقيه بالجيم من قولهم اجتواه أي كرهه و في بعضها بالحاء المهملة من قولهم احتواه و احتوى عليه أي جمعه و أحرزه أي يجمعها و يحوزها الخائف الوجل من عذاب الله لشدة الداعي إليها فكيف الغافل الآمن المغتر و الأول أظهر. فارتحلوا منها رحمكم الله بأحسن ما بحضرتكم من الزاد الارتحال السفر و الانتقال و الباء للمصاحبة و الحضرة الحضور و قرب الرجل   و فناؤه أي أحسن ما هو موجود عندكم و حاضر لديكم من الزاد و هو التقوى قال الله تعالى وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى و الزاد طعام يتخذ للسفر و يحتمل أن يكون المراد هنا ما ينتفع به في الدنيا من أسبابها و بالأحسن ما يمكن أن يكون وسيلة لتحصيل الآخرة و لعله أنسب بما بعده.

 و في الفقيه بأحسن ما بحضرتكم و لا تطلبوا منها أكثر من القليل و لا تسألوا منها فوق الكفاف و ارضوا منها باليسير و لا تمدن أعينكم منها إلى ما متع المترفون به و استهينوا بها و لا توطنوها و أضروا بأنفسكم فيها و إياكم و التنعم و التلهي و الفاكهات و في بعض النسخ و الفكاهات فإن في ذلك غفلة و اغترارا ألا إن الدنيا

 و في النهج و لا تسألوا فيها فوق الكفاف و لا تطلبوا منها أكثر من البلاغ

و الكفاف بالفتح ما كف عن الناس و أغنى و البلاغ ما يتبلغ به و يتوصل إلى المطلوب. و لا تمدوا أعينكم أي لا تنظروا نظر رغبة أو لا تطمحوا بأنفسكم طموح راغب إلى ما متع به المترفون أي أنعم على الذين أترفتهم و أطغتهم النعم من الأموال و الأولاد و غير ذلك من زهرات الدنيا فإنها في معرض الزوال و الفناء مع ما يتبعها من الحساب و الجزاء قال الفيروزآبادي المترف كمكرم المتروك يصنع ما يشاء لا يمنع و المتنعم لا يمنع من تنعمه و استهينوا بها أي عدوها هينا حقيرا و لا تستعظموها و لا توطنوها أي لا تعدوها وطنا بل منزلا و معبرا تنتقلون منها إلى دار القرار و المراد به النهي عما هو لازم التوطن من سكون القلب إليها و السعي في عمارتها و ترك الاستعداد للخروج عنها. و أضروا فيها بأنفسكم بتحمل مشقة الطاعات و ترك المشتهيات و اللذات و الاكتفاء بالقليل من الحلال في المأكل و الملبس و غيرهما و التنعم التلذذ بالنعم و لعل المراد هنا شدة الاعتناء بها و كثرة السعي في تحصيلها أو يحمل على ما إذا   حصلت من حرام أو شبهة و يحتمل الأعم على الكراهة لكن ينافيه كثير من الأخبار و قد مر الكلام فيه في كتاب مكارم الأخلاق. و التلهي الاشتغال بما يلهي و يغفل عن الآخرة و تحصيلها و الفاكهات أي السعي في تحصيل أنواع الفواكه و الاعتناء بها أو المفاكهة و الممازحة و الفكاهات أظهر قال الجوهري الفكاهة بالضم المزاح و بالفتح مصدر فكه الرجل بالكسر فهو فكه إذا كان طيب النفس مزاحا و الفكه أيضا الأشر البطر ألا و إن الدنيا قد تنكرت أي تغيرت عن حال تسرك إلى حال تكرهها و النكرة ضد المعرفة و التنكر إما إظهار عدم المعرفة أو تغيره إلى حال لا تعرفه فشبه ع الدنيا بشخص أقبل عليك و وعدك بمواعيد من الإعانة و الموافقة و الإحسان ثم تغير كأنه لا يعرفك و أدبر عنك و أعلمك بأنه يفارقك و لا تنتفع منه بشي‏ء و إدبارها كناية عن سرعة تصرمها و تطرق النقص و الفناء إلى متاعها من صحة و شباب و جاه و مال و ذلك علة لإقبال الآخرة التي تتلوها. و الإيذان الإعلام و الوداع بالفتح الاسم من التوديع و هو تخليف المسافر الناس خافضين و هم يودعونه تفاؤلا بالدعة التي تصير إليها إذا رجع و الاطلاع الإشراف من مكان عال و المقبل إلى الانحدار أحرى بالوصول و قيل إسناد الإشراف إلى رب الآخرة و عبر بها للتعظيم كما يكنى عن الفاضل بمجلسه و حضرته و لا يخفى بعده. و في النهج أما بعد فإن الدنيا قد أدبرت و آذنت بوداع و إن الآخرة قد أقبلت و أشرفت باطلاع و في الفقيه ألا إن الدنيا قد تنكرت و أدبرت و احلولت و في بعض النسخ و احلوت و آذنت بوداع ألا و إن الآخرة قد رحلت فأقبلت و أشرفت و آذنت باطلاع يقال حلا الشي‏ء و احلولى إذا صار حلوا و احلوت بإثبات الواو خلاف القياس و كأنه تصحيف قد رحلت أي متوجهة إليك. ألا و إن المضمار اليوم و غدا السباق ألا و إن السبقة الجنة و الغاية النار

    و في الفقيه و السباق غدا و في النهج ألا و إن اليوم المضمار و غدا السباق و السبقة الجنة و الغاية النار. أقول قال السيد الرضي ره بعد إيراد هذه الفقرات و قليل من سائر الفقرات لو كان كلام يأخذ بالأعناق إلى الزهد في الدنيا و يضطر إلى عمل الآخرة لكان هذا الكلام و كفى به قاطعا لعلائق الآمال و قادحا زناد الاتعاظ و الانزجار. و من أعجبه قوله ألا و إن اليوم المضمار و غدا السباق و السبقة الجنة و الغاية النار فإن فيه مع فخامة اللفظ و عظم قدر المعنى و صادق التمثيل و واقع التشبيه سرا عجيبا و معنى لطيفا و هو قوله ع و السبقة الجنة و الغاية النار فخالف بين اللفظين لاختلاف المعنيين و لم يقل السبقة النار كما قال و السبقة الجنة لأن الاستباق إنما يكون إلى أمر محبوب و غرض مطلوب و هذه صفة الجنة و ليس هذا المعنى موجودا في النار نعوذ بالله منها. فلم يجز أن يقول و السبقة النار بل قال و الغاية النار لأن الغاية قد ينتهي إليها من لا يسره الانتهاء إليها و من يسره ذلك فصلح أن يعبر بها عن الأمرين معا فهي في هذا الموضع كالمصير و المال قال الله تعالى قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ و لا يجوز في هذا الموضع أن يقال فإن سبقتكم إلى النار فتأمل ذلك فباطنه عجيب و غوره بعيد و كذلك أكثر كلامه ع. و في بعض النسخ و قد جاء في رواية أخرى و السبقة الجنة بضم السين و السبقة عندهم اسم لما يجعل للسابق إذا سبق من مال أو عرض و المعنيان متقاربان لأن ذلك لا يكون جزاء على فعل الأمر المذموم و إنما يكون جزاء على فعل الأمر المحمود انتهى كلامه رفع الله مقامه. و أقول المضمار مدة تضمير الفرس و موضعه أيضا و قد يطلق على ميدان   المسابقة و على غاية الفرس في السباق أيضا و تضمير الفرس هو أن تعلفه حتى يسمن ثم ترده إلى القوت و ذلك في أربعين يوما و السباق المسابقة و ليس جمعا للسبقة بالضم أي الذي يستبق إليه كما توهم فإن جمعها أسباق و السبقة بالتحريك الخطر أي المال الذي يوضع بين أهل السباق و غاية كل شي‏ء منتهاه و لا يعتبر في مفهومها أن يكون مطلوبا حتى يتكلف لكون النار غاية بأنها غاية عرضية لمحبة الدنيا و الانهماك في لذاتها كما يفهم من كلام بعض شراح النهج بل النار غاية لأن المصير إليها منتهى فعل السيئات و في أكثر نسخ النهج السبقة بفتح السين و سكون الباء و في بعضها بالتحريك و هو أظهر. و لنرجع إلى بيان حاصل التشبيه و تطبيق المشبه على المشبه به و لم يتعرض له أحد و يخطر بالبال فيه وجوه الأول أن يكون المراد بالمضمار زمان تضمير الفرس فمدة عمر الدنيا مدة تضمير النفس و تقويتها بالعلم و العمل و الإخلاص و العقائد الحسنة للاستباق في ميدان القيامة و شبه القيامة بميدان السباق و النار بالغاية التي توضع في منتهى الميدان و الجنة بالعوض الذي يأخذه السابق فكل من كان أخف و أقل وزرا و نفسه أقوى بالعلم و العمل يكون قطعه لعرصة القيامة أسرع و وصوله إلى النار التي لا بد من وصول كل أحد يومئذ إليها لقوله سبحانه وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها أسبق كان عوضه من الجنة أكثر و على هذا يكون تشبيها تاما منطبقا على سائر الآيات و الأخبار الواردة في ذلك. الثاني أن يكون المراد بالمضمار مكان التضمير فالدنيا محل تضمير النفس بالكمالات و سائر أجزاء التشبيه كما مر في الوجه الأول و على هذين الوجهين يمكن أن لا تجعل الغاية بمعنى غاية الميدان و لا يكون ذكرها داخلا في التشبيه فالمعنى أنهم يتسابقون في القيامة فمن سبق يعطى الجنة و من لم يسبق يحرم الجنة

    فيكون مصيره إلى النار كما أن المسبوق في الدنيا يحرم العوض و يقع في نار الحسرة و الندامة في عدم تضمير فرسه و الأول أبلغ و أكمل في التشبيه. الثالث أن يكون المراد بالمضمار ميدان المسابقة و بالسباق عوض السباق على حذف المضاف أي يتسابقون في الدنيا إلى السعادات و الكمالات فالسابق خطره و عوضه الجنة يأخذها في الآخرة و المسبوق غايته و مصيره النار لعدم استحقاق الجنة و على هذا يمكن أن يقرأ السباق بالضم و التشديد أي السابقون يحضرون غدا لأخذ سبقهم لكنه مخالف للمضبوط في النسخ. الرابع أن يكون المراد بالسبقة ما يسبقون إليه كما يظهر من كلام السيد و إن لم نر في اللغة بهذا المعنى أي يستبقون في القيامة إلى الجنة فمن صير نفسه في مضمار الدنيا صالحا للوصول إليها ينتهي إليها و من لم يكن كذلك فغاية سيره النار لانتهاء قوته عندها و عدم قدرته على التجاوز عنها. الخامس أن يكون المراد باليوم كل زمان سابق من أزمنة عمر الدنيا و بالغد الزمان الذي بعده أي كل عمل تعمله اليوم من خير تصير به نفسك أقوى للعمل في الغد فكل يوم مضمار للمسابقة في غده و غاية سير السعداء في هذا المضمار الجنة و غاية سير الأشقياء في هذا الميدان النار إذ بعد قطع الحياة ينتهي المضمار فهو إما إلى الجنة أو إلى النار

 كما قال ع ليس بين أحدكم و بين الجنة و النار إلا الموت

و هذا معنى لطيف و يمكن أن تتنبه به لما هو ألطف من ذلك. قبل هجوم منيته الهجوم الدخول بغتة و المنية الموت البؤس الخضوع و شدة الحاجة و في الفقيه قبل يوم منيته يوم بؤسه و فقره فاذكروا الله بالثناء و الطاعة يذكركم بالثواب و المغفرة و الرحمة أو يباهي بكم في الملإ الأعلى و الابتهال التضرع و الإنابة التوبة أو الرجوع إلى الطاعة. أو نصف صاع كذا في أكثر النسخ و نسب إلى خطه رحمه الله و في   بعض النسخ كما في الفقيه صاعا من بر و على الأول محمول على التقية لأنه من بدع عثمان كما سيأتي و البخس النقص و الظلم. ثم جلس في الفقيه ثم يجلس جلسة كجلسة العجلان أي يقعد متجافيا و لا يجلس متمكنا أو لا يمكث إلا قليلا