الآيات المدثر وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ تفسير المتبادر تطهير الثياب من النجاسات فيجب في جميع الأحوال إلا ما أخرجه الدليل و منها حال الصلاة و فسر في الروايات بالتشمير فيستفاد منه التطهير أيضا إذ التعبير عن التشمير بالتطهير يومي إلى أن الغرض منه عدم تنجس الثوب و قيل المراد طهر نفسك عن الرذائل أو لا تلبسها على معصية و لا غدر و هما مدفوعان بأن المجاز لا يصار إليه إلا لقرينة أو نص نعم يمكن أن يقال لعل المراد به التنظيف بناء على عدم ثبوت الحقائق الشرعية فتأمل
1- قرب الإسناد، عن الحسن بن طريف عن الحسين بن علوان عن الصادق ع عن أبيه ع أن عليا ع سئل عن البزاق يصيب الثوب فقال لا بأس به
و قال إن عليا ع كان لا يرى بالصلاة بأسا في الثواب الذي يشترى من النصارى و المجوسي و اليهودي قبل أن يغسل يعني الثياب التي تكون في أيديهم فيحبسونها و ليست بثيابهم التي يلبسونها
بيان الظاهر أن قوله يعني كلام بعض الرواة أو صاحب الكتاب و يحتمل أن يكون كلام الصادق ع و الظاهر شمول البزاق لبزاق الغير و شمول السؤال لحال الصلاة فيدل على جواز الصلاة في فضلات الإنسان من عرقه و نخامته و بصاقه و شعره و ظفره كما هو الظاهر من أكثر الأخبار و يظهر من كلام بعض الأصحاب أيضا و يشهد لذلك مصافحتهم في البلاد الحارة و معانقتهم مع أزواجهم مع عدم الأمر بالغسل للصلاة و عدم انفكاكهم عن العرق غالبا قال في المنتهى لا بأس أن يصلي الإنسان و على ثوبه شيء من شعره أو أظفاره و إن لم ينفضه لأنهما طاهران لا مانع من استصحابهما في الصلاة. و يؤيده
ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن الريان قال كتبت إلى أبي الحسن ع هل تجوز الصلاة في ثوب يكون فيه شعر من شعر الإنسان و أظفاره من قبل أن ينفضه و يلقيه عنه فوقع يجوز
فإنه إن فرض المسألة في شعر الإنسان نفسه لكن استشهاده بالخبر يعطي العموم و قد صرح بذلك بعض المتأخرين و نسب الشهيد الثاني الفرق بين شعرات الإنسان و غيره إلى بعض الأصحاب
2- قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن الرجل يرى في ثوبه خرء الحمام أو غيره هل يصلح له أن يحكه و هو في صلاته قال لا بأس و سألته عن الرجل يشتري ثوبا من السوق لبيسا لا يدري لمن كان يصلح له الصلاة فيه قال إن كان اشتراه من مسلم فليصل فيه و إن كان اشتراه من نصراني فلا يصل فيه حتى يغسله
3- السرائر، من جامع البزنطي عن الرضا ع مثله إلا أنه قال في آخره لا يلبسه و لا يصل فيه
بيان ظاهر الجواب الأول جواز الصلاة في خرء الطيور و عدم كون الحك فعلا كثيرا و الثاني يدل على جواز الصلاة في ثوب أصابه عرق الغير و على نجاسة أهل الكتاب و لعله إما محمول على العلم بالملاقاة أو النهي على التنزيه و قد مر القول فيه مع سائر الأخبار في كتاب الطهارة
4- قرب الإسناد، بسنده عن علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن أكسية المرعزى و الخفاف ينقع في البول أ يصلى فيها قال إذا غسلت بالماء فلا بأس
بيان المرعزى بكسر الميم و العين و تشديد الزاء المفتوحة الزغب الذي تحت شعر العنز و الغسل في الخفاف لعله على الاستحباب لكونها مما لا تتم الصلاة فيه منفردا و قد مر تفصيل تلك الأحكام
5- الإحتجاج، و غيبة الشيخ، بسنديهما أنه كتب الحميري إلى القائم ع أن عندنا حاكة مجوس يأكلون الميتة و لا يغتسلون من الجنابة و ينسجون لنا ثيابنا فهل تجوز الصلاة فيها قبل أن تغسل فخرج الجواب لا بأس بالصلاة فيها
بيان حمل على ما إذا لم يعلم ملاقاتهم لها بالرطوبة و إن غلب الظن بها
6- فقه الرضا، قال ع إن أصاب قلنسوتك أو عمامتك أو التكة أو الجورب أو الخف مني أو بول أو دم أو غائط فلا بأس في الصلاة فيه و ذلك أن الصلاة لا يتم في شيء من هذه وحده و قال ع روي في دم الدماميل يصيب الثوب و البدن أنه قال يجوز فيه الصلاة و أروي أنه لا بأس بدم البعوض و البراغيث و أروي ليس دمك مثل دم غيرك و نروي قليل البول و الغائط و الجنابة و كثيرها سواء لا بد من غسله إذا علم به فإذا لم يعلم به أصابه أم لم يصبه رش على موضع الشك الماء فإن تيقن أن في ثوبه نجاسة و لم يعلم في أي موضع على الثوب غسل كله و نروي أن بول ما لا يجوز أكله في النجاسة ذلك حكمه و بول ما يؤكل لحمه فلا بأس به
بيان قد مر من الكلام في تلك الأحكام في كتاب الطهارة
7- كتاب المسائل، لعلي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن رجل أصاب ثوبه خنزير فذكر و هو في صلاته قال فليمض فلا بأس و إن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه إلا أن يكون فيه أثر فيغسله
8- و منه، قال سألته عن ثياب النصراني و اليهودي أ يصلح أن يصلي فيه المسلم قال لا
بيان الجواب الأول يدل على عدم وجوب غسل ما لاقاه الخنزير يابسا على الظاهر و الثاني محمول على العلم بالملاقاة رطبا أو على الاستحباب كما عرفت
9- نوادر الراوندي، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه ع قال سئل علي بن أبي طالب ع عن الصلاة في الثوب الذي فيه أبوال الخنافس و دماء البراغيث فقال لا بأس
10- دعوات الراوندي، عن محمد بن علي ع أنه سئل عن قوله تعالى وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ قال يعني فشمر ثم قال لا يجوز ثوبك كعبك فإن الإسبال من عمل بني أمية
11- قرب الإسناد، بسنده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن رجل عريان و قد حضرت الصلاة فأصاب ثوبه بعضه دم أو كله أ يصلي فيه أو يصلي عريانا قال إن وجد ماء غسله فإن لم يجد ماء صلى فيه و لم يصل عريانا
بيان اختلف الأصحاب في هذه المسألة فذهب الشيخ و أكثر الأصحاب إلى أن من ليس معه إلا ثوب نجس و تعذر تطهيره و نزعه و صلى عريانا موميا و قال ابن الجنيد لو كان مع الرجل ثوب فيه نجاسة لا يقدر على غسلها كان صلاته فيه أحب إلي من صلاته عريانا و قال العلامة في المنتهى و المحقق في المعتبر بالتخيير من غير ترجيح و الأخبار في ذلك مختلفة و جمع ابن الجنيد بينها بحمل أخبار الصلاة عاريا على الجواز و هذا و مثله على الاستحباب و هذا وجه قريب و يؤيده أن في الصلاة عاريا يفوت أصل الشرط أعني الستر مع الركوع و السجود و القيام بخلاف ما إذا صلى في الثواب النجس فإنه يفوت وصف من أوصاف الشرط و يأتي بالأركان صحيحة و أيضا أخبار الصلاة في الثوب أصح سندا. و أجاب الشيخ عن هذه الأخبار بحمل الصلاة على صلاة الجنازة و بأن المراد الصلاة فيه إذا لم يتمكن من نزعه و حمل خصوص هذا الخبر على أن المراد بالدم ما تجوز الصلاة فيه كدم السمك و لا يخفى ما في الجميع من التكلف و الأولى الصلاة في الثوب و إن كان الأحوط الصلاة عاريا أيضا
12- قرب الإسناد، عن السندي بن محمد عن أبي البختري عن جعفر بن محمد ع عن أبيه عن علي ع قال السيف بمنزلة الرداء تصلي فيه ما لم تر فيه دما
بيان التقييد بعدم رؤية الدم إما على الاستحباب أو هو مبني على اختصاص الحكم بالملابس و الأثواب و قد مر القول فيه
13- دعائم الإسلام، عن رسول الله ص أنه نهى عن الصلاة في ثياب اليهود و النصارى و المجوس يعني التي لبسوها
14- الهداية، كل ما لا تتم الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه إذا أصابه قذر مثل العمامة و القلنسوة و التكة و الجورب و الخف
بيان إطلاق كلامه يقتضي عدم الفرق في ما لا تتم الصلاة فيه كونه من الملابس و غيرها و لا في الملابس بين كونها في محالها أم لا و إلى هذا التعميم أشار في المعتبر و نقل عن القطب الراوندي أنه حصر ذلك في خمسة أشياء القلنسوة و التكة و الخف و النعل و الجورب و عن ابن إدريس أنه خص الحكم بالملابس و اختاره العلامة في جملة من كتبه و اعتبر كونها في محالها و التعميم أظهر. ثم اعلم أن إدخال العمامة في ذلك مما تفرد ره به و كان أخذه من الفقه و يشكل بأن أكثر العمائم مما تتم الصلاة فيها وحدها و لعل مراده عدم تمام الصلاة فيها مع بقائها على تلك الهيئة و فيه ما لا يخفى و ربما يحمل كلامه على العمامة الصغيرة التي لا يمكن ستر العورة بها كالعصابة كما ذكره القطب الراوندي و بالجملة العمل بظاهر مشكل و إن احتمله بعض المحققين من المتأخرين