باب 6- فضل صلاة الليل و عبادته

 الآيات آل عمران وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ و قال تعالى لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَ هُمْ يَسْجُدُونَ الإسراء وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً   الفرقان وَ الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِياماً التنزيل تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ الزمر أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ   الذاريات كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ق وَ مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ أَدْبارَ السُّجُودِ الطور وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَ مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ إِدْبارَ النُّجُومِ المزمل يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا و قال تعالى إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ وَ   طائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَ اللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَ آخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَ آخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ الدهر وَ مِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَ سَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا تفسير وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ قال الطبرسي رحمة الله عليه المصلين في وقت السحر رواه الرضا ع عن أبيه عن أبي عبد الله ع و قيل السائلين المغفرة وقت السحر و قيل المصلين صلاة الصبح في جماعة و قيل الذين تنتهي صلاتهم إلى وقت السحر ثم يستغفرون و يدعون

 و روي عن أبي عبد الله ع أن من استغفر الله سبعين مرة في وقت السحر فهو من أهل هذه الآية

 و روى أنس عن النبي ص أنه قال إن الله تعالى يقول إني لأهم بأهل الأرض عذابا فإذا نظرت إلى عمار بيوتي و إلى المتهجدين و إلى المتحابين في الله و إلى المستغفرين بالأسحار صرفته عنهم

انتهى. و لفظ الآية شمل كل مستغفر في السحر و قد ورد في الأخبار تخصيصها بصلاة الوتر فيمكن أن يكون الغرض بيان أكمل الأفراد و يحتمل التخصيص

 و روي في الفقيه بسند صحيح عن أبي عبد الله ع أنه قال من قال في وتره إذا أوتر أستغفر الله و أتوب إليه سبعين مرة و واظب على ذلك حتى تمضي سنة كتبه الله عنده   من المستغفرين بالأسحار و وجبت له المغفرة من الله عز و جل

 و روي في التهذيب في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد الله ع يقول في قول الله عز و جل وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ في الوتر في آخر الليل سبعين مرة

 و في الموثق عن أبي بصير قال قلت له الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ فقال استغفر رسول الله ص في وتره سبعين مرة

 لَيْسُوا أي أهل الكتاب سَواءً في المساوي و الأعمال مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ استئناف لبيان نفي الاستواء أُمَّةٌ قائِمَةٌ أي على الحق مستقيمة في دينهم أو قائمة بطاعة الله يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ أي القرآن آناءَ اللَّيْلِ أي ساعاته و قيل يعني جوف الليل وَ هُمْ يَسْجُدُونَ أي السجود المعروف أو المعنى يصلون عبر عن الصلاة بالسجود لأنه أبلغ أركانها في التواضع و فسر الأكثر الآية بالتهجد و هو أظهر لفظا و قيل المراد بها صلاة العشاء لأن أهل الكتاب لا يصلونها و قيل الصلاة بين المغرب و العشاء الآخرة و هي الساعة التي تسمى ساعة الغفلة. وَ مِنَ اللَّيْلِ أي بعض الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ التهجد ترك الهجود أي النوم للصلاة و الضمير للقرآن أو لليل بمعنى فيه نافِلَةً لَكَ أي زائدة لك على الصلوات وضع نافلة مكان تهجدا لأن التهجد عبادة زائدة و المعنى أن التهجد زيد لك على الصلوات المفروضة فريضة عليك خاصة دون غيرك لأنه تطوع لهم أو فضيلة لك لاختصاص وجوبه بك كما روي أنها فرضت عليه و لم تفرض على غيره فكانت فضيلة له ذكره ابن عباس. و قال القطب الراوندي في فقه القرآن و إليه أشار أبو عبد الله ع

 و لعله أشار   به إلى ما رواه الشيخ بسنده عن عمار الساباطي قال كنا جلوسا بمنى فقال له رجل ما تقول في النافلة فقال فريضة ففزعنا و فزع الرجل فقال أبو عبد الله ع إنما أعني صلاة الليل على رسول الله ص إن الله يقول وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ

و قيل معناه نافلة لك و لغيرك و خص بالخطاب لما في ذلك من صلاح الأمة في الاقتداء به و الحث على الاستنان بسنته و قيل كانت واجبة عليه و على الأمة بالمزمل فبهذه الآية نسخ وجوبها عن الأمة و بقي الاستحباب و بقي الوجوب عليه ص. و ذهب قوم إلى أن الوجوب نسخ عنه كما عن الأمة فصارت نافلة لأنه تعالى قال نافِلَةً لَكَ و لم يقل عليك و التخصيص من حيث إن نوافل العباد كفارة لذنوبهم و النبي ص قد غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر فكانت نوافله لا تعمل في كفارة الذنوب بل في رفع الدرجات. مَقاماً مَحْمُوداً نصب على الظرف أو على المصدر أو على الحال أي ذا مقام و المشهور أنه الشفاعة و قيل يعم كل كرامة و قد تقدم الكلام فيه. وَ الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِياماً قال الطبرسي رحمه الله قال الزجاج كل من أدركه الليل فقد بات نام أو لم ينم و المعنى يبيتون لربهم بالليل   في الصلاة ساجدين و قائمين طالبين لثواب ربهم فيكونون سجدا في مواضع السجود و قياما في مواضع القيام. تَتَجافى جُنُوبُهُمْ أي ترتفع جنوبهم عن المضاجع لصلاة الليل و هم المتهجدون بالليل الذين يقومون عن فرشهم للصلاة قال الطبرسي رحمه الله و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع

 و روى الواحدي بالإسناد عن معاذ بن جبل قال بينما نحن مع رسول الله ص في غزوة تبوك و قد أصابنا الحر فتفرق القوم فإذا رسول الله ص أقربهم مني فدنوت منه فقلت يا رسول الله أنبئني بعمل يدخلني الجنة و يباعدني من النار قال لقد سألت عن عظيم و إنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله و لا تشرك به شيئا و تقيم الصلاة و تؤدي الزكاة المفروضة و تصوم شهر رمضان قال ص و إن شئت أنبأتك بأبواب الخير قال قلت أجل يا رسول الله قال الصوم جنة و الصدقة تكفر الخطيئة و قيام الرجل في جوف الليل يبتغي وجه الله ثم قرأ هذه الآية تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ

 و بالإسناد عن بلال قال قال رسول الله ص عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم و إن قيام الليل قربة إلى الله و منهاة عن الإثم و تكفير السيئات و مطردة الداء في الجسد

و قيل هم الذين لا ينامون حتى يصلوا العشاء الآخرة و قيل هم الذين يصلون ما بين المغرب و العشاء الآخرة و قيل هم الذين يصلون العشاء و الفجر في جماعة انتهى.  

 و يؤيد الأول ما رواه في الكافي بسند صحيح عن أبي جعفر ع قال في حديث طويل إن شئت أخبرتك بأبواب الخير قلت نعم جعلت فداك قال الصوم جنة و الصدقة تذهب بالخطيئة و قيام الرجل في جوف الليل يذكر الله ثم قرأ تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ

و سيأتي بعض الأخبار في ذلك.

 و يؤيد الثاني ما روى ابن الشيخ في مجالسه عن الصادق ع في قوله تعالى تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ قال كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة

 يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً من عذاب الله وَ طَمَعاً في رحمة الله وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ في طاعة الله. فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ أي لا يعلم أحد ما خبئ لهؤلاء مما تقر به أعينهم جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ من الطاعات في الدنيا. أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ قال الطبرسي أي هذا الذي ذكرناه خير أم من هو دائم على الطاعة عن ابن عباس و قيل على قراءة القرآن و قيام الليل و قيل يعني صلاة الليل.

 عن أبي جعفر ع آناءَ اللَّيْلِ أي ساعاته ساجِداً وَ قائِماً أي يسجد تارة في الصلاة و يقوم أخرى يَحْذَرُ الْآخِرَةَ أي عذابها وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ أي يتردد بين الخوف و الرجاء

 كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال الطبرسي أي كانوا يهجعون قليلا من الليل يصلون أكثره و الهجوع النوم بالليل دون النهار و قيل كانوا قل ليلة تمر بهم إلا صلوا فيها و هو المروي عن أبي عبد الله ع و المعنى كان الذي ينامون فيه كله قليلا و يكون الليل اسما للجنس. وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ قال الحسن مدوا الصلاة إلى الأسحار ثم أخذوا   بالأسحار في الاستغفار.

 و قال أبو عبد الله ع كانوا يستغفرون الله في الوتر سبعين مرة في السحر

و قيل معناه و بالأسحار هم يصلون و ذلك أن صلاتهم بالأسحار طلب منهم للمغفرة. أقول سيأتي الأخبار في تفسير الآية.

 و روي في التهذيب بسند موثق كالصحيح عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال كان القوم ينامون و لكن كلما انقلب أحدهم قال الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر

أقول يمكن حمله على أن قبل القيام إلى صلاة الليل كانوا يفعلون ذلك أو أن الآية تشمل هؤلاء أيضا و يمكن حمله على ذوي الأعذار و سيأتي في دعاء الوتر ما يؤيد الأول و قد مر تفسير آيات ق و الطور بصلاة الليل في باب أوقات الصلاة. يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قيل أصله المتزمل من تزمل بثيابه إذا تلفف بها فأدغم في الزاء فقيل كان ص متزملا في قطيفة فنبه و نودي بما يهجن إليه الحالة التي كان عليها من استعداده للاشتغال بالنوم فأمر بأن يختار على الهجود التهجد و على التزمل التشمر للعبادة و المجاهدة فيما بعد لا جرم أن رسول الله ص قد تشمر لذلك و طائفة من أصحابه حق التشمر و أقبلوا على إحياء لياليهم و رفضوا الرقاد و الدعة و جاهدوا في الله حتى انتفخت أقدامهم و اصفرت ألوانهم و ترامى أمرهم إلى حد رحمهم ربهم فخفف بما يأتي في آخر السورة. و قيل أي المتزمل بأعباء النبوة أي المتحمل لأثقالها و قيل معناه يا أيها النائم قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا. قال المحقق الأردبيلي قدس سره أي قم للصلاة في جميع الليل أو إن   القيام بالليل كناية عن الصلاة بالليل إِلَّا قَلِيلًا منه و هو نصفه فنصفه بدل عن قليلا كما هو الظاهر و قلته بالنسبة إلى جميع الليل و انقص و زد عطف على قم بتقدير فتأمل و ضمير منه و عليه للنصف أو قليلا فمعناه قم و اشتغل بالصلاة في نصف الليل أو أقل منه أو أزيد منه.

 و إلى هذا أشار الصادق ع على ما نقل في مجمع البيان قال ع القليل النصف أو انقص من القليل أو زد على القليل

و يبعد كون نصفه بدلا من الليل لتوسط الاستثناء بين البدل و المبدل مع الالتباس بل ظهور خلافه و لزوم لغوية أَوِ انْقُصْ مِنْهُ لأنه بعينه معنى قوله قم نصف الليل إلا قليلا فيحتاج إلى العذر بأنه قيل أو انقص لمناسبة أو زد كما قال في مجمع البيان أو أنه قد يحسن الترديد بين الشي‏ء على البت و بينه و بين غيره على التخيير كما فعله الكشاف و البيضاوي و صاحب كنز العرفان و كلاهما تكلف بعيد عن فصاحة كلام الله تعالى خصوصا الثاني لأن مرجعه إلى التخيير بينهما. قال البيضاوي أو نصفه بدل من الليل فالاستثناء منه و الضمير في منه و عليه للأقل من النصف كالثلث فيكون التخيير بينه و بين الأقل منه كالربع و الأكثر منه كالنصف و لا يخفى ما فيه من لزوم لغوية الاستثناء فإنه ينبغي أن يقول حينئذ قم نصف الليل أو انقص منه و من أن الأقل ليس له مرتبة معينة حتى يقال أو انقص منه أو زد عليه ليصل إلى الربع و النصف و هو ظاهر. و كذا كون المراد بإلا قليلا قليلا من الليالي و هي ليالي العذر و المرض لعدم ظهور كون الليل للاستغراق و عدم الاحتياج إلى الاستثناء و للاحتياج إلى التكلف في الاستثناء و البدل في أو انقص أو زد و لما سيجي‏ء في هذه السورة من قوله إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ إلى آخرها.   فيمكن أن تكون هذه الآية إشارة إلى وجوب صلاة الليل عليه ص كقوله تعالى وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ أي يجب عليك التهجد و هو الصلاة بالليل زيادة على باقي الصلوات مخصوصة بك دون أمتك على ما قيل و يكون المراد بالترخص المفهوم من قوله تعالى في آخر هذه السورة فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ و قوله فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ التخفيف في الوقت لا إسقاط الصلاة بالكلية على تقدير كون المراد بالقراءة الصلاة و أما على تقدير حملها على القراءة فقط فيلزم السقوط بالكلية فيمكن حملها على عدم القدرة فتأمل. و عن ابن عباس تكون مندوبة على الأمة لدليل الاختصاص من الإجماع و ظاهر الآية و الأخبار و الأصل انتهى كلامه رفع الله مقامه. و أقول الاحتمال الأخير ليس بذلك البعد و الاستثناء هنا قرينة الاستغراق فيكون نظير ما مر في الخبر في قوله سبحانه كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ.

 و روى الشيخ في التهذيب بسند صحيح على الظاهر عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال سألته عن قول الله تعالى قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا قال أمره الله أن يصلي كل ليلة إلا أن يأتي عليه ليلة من الليالي لا يصلي فيها شيئا

و عدم الاحتياج إلى الاستثناء غير معلوم إذ يحتمل أن يكون المراد الأعذار القليلة التي لا يدل العقل و النقل على استثنائها مع أن دلالة العقل و العمومات لا ينافي حسن التنصيص لمزيد التوضيح و للتأكيد فيما سواها و يكون حاصل الكرم قم في جميع أفراد الليالي للعبادة إلا قليلا من الليالي تكون فيها معذورا و لما كان قيام الليل مجملا يحتمل كله و بعضه بين ذلك بأن المراد قيام نصف الليل أو أقل منه بقليل أو أزيد منه   و قال الرازي اعلم أن الناس قد أكثروا في تفسير هذه الآية و عندي فيه وجهان الأول أن المراد بقوله إِلَّا قَلِيلًا الثلث و الدليل عليه قوله في آخر السورة إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ فهذه الآية دلت على أن أكثر المقادير الواجبة الثلثان فهذا يدل على أن نوم الثلث جائز و إذا كان كذلك وجب أن يكون المراد بالقليل في قوله قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا هو الثلث فإذن قوله قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا معناه ثلثي الليل ثم قال نِصْفَهُ المعنى أو قم نصفه و هو كما تقول جالس الحسن أو ابن سيرين أي جالس ذا أو ذا أيهما شئت فحذف واو العطف فتقدير الآية قم الثلثين قم النصف أو انقص من النصف أو زد عليه فعلى هذا تكون الثلثان أقصى الزيادة و يكون الثلث أقصى النقصان فيكون الواجب هو الثلث و الزائد عليه يكون مندوبا. الوجه الثاني أن يكون قوله نِصْفَهُ تفسيرا لقوله قَلِيلًا و هذا التفسير جائز بوجهين الأول أن نصف الشي‏ء قليل بالنسبة إلى الكل و الثاني أن الواجب إذا كان النصف لم يخرج صاحبه عن عهدة ذلك بيقين إلا بزيادة شي‏ء قليل عليه فيصير في الحقيقة نصفا و شيئا فيكون الباقي بعد ذلك أقل منه فإذا ثبت هذا فنقول قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا معناه قم الليل إلا نصفه فيكون الحاصل قم نصف الليل ثم قال أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا يعني أو انقص من هذا النصف نصفه حتى يبقى الربع ثم قال أَوْ زِدْ عَلَيْهِ يعني أو زد على النصف نصفه حتى يصير المجموع ثلاثة أرباعه. فحاصل الآية أنه تعالى خيره بين أن يقوم تمام النصف أو ربعه أو ثلاثة أرباعه و على هذا التقدير يكون من المندوبات انتهى. و قال في الكشاف قوله تعالى نِصْفَهُ بدل من الليل و إِلَّا قَلِيلًا استثناء من النصف كأنه قال قم أقل من نصف الليل و الضمير في منه و عليه للنصف و المعنى التخيير بين أمرين بين أن يقوم أقل من نصف الليل على البت و بين أن يختار أحد الأمرين و هما النقصان من النصف و الزيادة عليه و إن شئت جعلت   نصفه بدلا من قليلا و كان تخييرا بين ثلاث بين قيام النصف بتمامه و بين قيام الناقص منه و بين قيام الزائد عليه و إنما وصف النصف بالقلة بالنسبة إلى الكل. و إن شئت قلت لما كان معنى قم الليل إلا قليلا نصفه إذا أبدلت النصف من الليل قم أقل من نصف الليل رجع الضمير في منه و عليه إلى الأقل من النصف فكأنه قيل قم أقل من نصف الليل أو قم أنقص من ذلك الأقل أو أزيد منه قليلا فيكون التخيير فيما وراء النصف بينه و بين الثلث. و يجوز إذا أبدلت نصفه من قليلا و فسرت به أن تجعل قليلا الثاني بمعنى نصف النصف و هو الربع كأنه قيل أو انقص منه قليلا نصفه و يجعل المزيد على هذا القليل أعني الربع نصف الربع كأنه قيل أو زد عليه قليلا نصفه و يجوز أن يجعل الزيادة لكونها مطلقة تتمة الثلث فيكون تخييرا بين النصف و الثلث و الربع انتهى. و لا يخفى ما في أكثر تلك الوجوه من التكلف و التصلف. و قيل نصفه بدل من الليل المستثنى منه قليلا أي ما بقي بعد الاستثناء و يرجع ضميرا منه و عليه إلى قيام ذلك أو إلى نصفه و ربما كان القليل المستثنى عبارة عما يصرف في العشاءين و نحوهما من أول الليل و يمكن أن يقال على بعض الوجوه عبر عن نصف الليل بالليل إلا القليل إشارة إلى أن النصف الذي هو وقت القيام أكثر بركة و أقوى شرفا حتى كأنه أكثر بحيث إذا قام فيه قام الليل إلا قليلا أو الاستثناء إشارة إلى وقت النوم و الاستراحة من النصف الآخر دون ما صرف

    منه في صلاة المغرب و العشاء و توابعهما فكأنه يدخل في حكم القيام حينئذ فكان كما قال قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ انتهى. و أقول يحتمل أن يكون المراد بقوله سبحانه قُمِ اللَّيْلَ الأمر بعبادة الليل مطلقا ليشمل ما يقع في أول الليل من العشاءين و نوافلهما و تعقيباتهما بل الأدعية عند النوم أيضا و قوله نِصْفَهُ نقدر فيه فعلا أي قم نصفه بمعنى القيام بعد النوم فيكون إشارة إلى وقت صلاة الليل فإنه بعد نصف الليل و النقص من النصف لبيان أنه لا يجب أو لا يتأكد قيام تمام النصف كما يدل عليه آخر السورة و الزيادة لصرفها في مقدمات الصلاة من التخلي و التطهر و الاستياك فيصرف جميع النصف في الصلاة و الدعاء كما ستأتي الرواية من دأبه و سنته في ذلك و إذا انضم هذا إلى ما وقع من العبادة في أول الليل لا يبقى من الليل للنوم إلا قليل. و هذا وجه وجيه متين مؤيد بالأخبار و لا تكلف فيه إلا التقدير الشائع في الكلام و بالجملة هذه الآيات من المتشابهات و لا يعلم تأويلها إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ عليهم أفضل الصلوات. وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا قد مر تفسيره. إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا القول الثقيل القرآن و ما فيه من الأوامر و   النواهي التي هي تكاليف شاقة ثقيلة على المكلفين خاصة عليه ص لأنه متحملها بنفسه و محملها لأمته فهي أثقل عليه و أبهظ له فيحتاج في ضبط ذلك و تأديته إلى قيام الليل و قيل أراد بهذا الاعتراض أن ما كلفه من قيام الليل من جملة التكاليف الثقيلة الصعبة التي ورد بها القرآن لأن الليل وقت السبات و الراحة فلا بد لمن أحياه من مضادة لطبعه و مجاهدة لنفسه

 و يؤيده ما ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا قال قيام الليل و هو قوله إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا قال أصدق القول

انتهى. و قيل نزوله أو تلقيه لما روي أنه ص كان يتغير حاله عند نزوله و يعرق و إذا كان راكبا تبرك راحلته و لا تستطيع المشي و قيل ثقيلا في الميزان و قيل على المنافقين و قيل كلام له وزن و رجحان فيحتاج إلى مزيد تدبر و تأمل و وقت لائق بذلك فلا بد من قيام الليل. إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا ناشئة الليل النفس التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة أي تنهض و ترتفع من نشأت السحابة إذا ارتفعت و نشأ من مكانه إذا نهض أو قيام الليل على أن الناشئة مصدر من نشأ إذا قام و نهض.

 و يؤيده ما صح عن أبي عبد الله ع أنه قال هي قيام الرجل عن فراشه لا يريد به إلا الله

كما سيأتي و إن احتمل معنى آخر. و قال الطبرسي رحمة الله عليه معناه ساعات الليل لأنها تنشأ ساعة بعد ساعة و تقديره أن ساعات الليل الناشئة و قال ابن عباس هو الليل كله لأنه ينشأ بعد النهار و قال مجاهد هي ساعات التهجد من الليل و قيل هي بالحبشية قيام الليل و قيل هي القيام بعد النوم و قيل هي ما كان بعد العشاء الآخرة عن الحسن و قتادة

 و المروي عن أبي جعفر ع و أبي عبد الله ع أنهما قالا هي   القيام في آخر الليل إلى صلاة الليل

انتهى. و قيل هي الساعات الأول منها من نشأت إذا ابتدأت

 و روي عن علي بن الحسين ع أنه كان يصلي بين المغرب و العشاء و يقول أ ما سمعتم قول الله تعالى إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هذه ناشئة الليل

 أَشَدُّ وَطْئاً أي ثبات قدم و أبعد من الزلل و أثقل و أغلظ على المصلي كما ورد في الحديث اللهم اشدد وطأتك على مضر و قرأ أبو عمرو بن عامر وطاء بالكسر و المد أي مواطاة القلب للسان أو موافقة لما يراد من الخضوع و الإخلاص. وَ أَقْوَمُ قِيلًا أي أشد مقالا و أثبت قراءة لحضور القلب و هدو الأصوات و يحتمل أن يكون المراد بالقيل دعوى الإخلاص في إِيَّاكَ نَعْبُدُ و نحوه

 كما رواه الشيخ في التهذيب بسند صحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا قال يعني بقوله أَقْوَمُ قِيلًا قيام الرجل عن فراشه يريد به الله عز و جل لا يريد به غيره

و بسند صحيح آخر مثله لكن ليس فيه يعني بقوله أَقْوَمُ قِيلًا فيحتمل أن يكون تفسيرا للناشئة كما مر أو وطئا كما أومأنا إليه و روى في الكافي خبرا مرسلا فسرت الآية فيه بصلاة مخصوصة بين العشاءين كما مر. إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا أي تصرفا و تقلبا في مهماتك و اشتغالا بها فعليك بالتهجد فإن مناجات الحق تستدعي فراغا

 و في تفسير علي بن إبراهيم   في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع قوله إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا يقول فراغا طويلا لنومك و حاجتك

و قال الطبرسي فيه دلالة على أنه لا عذر لأحد في ترك صلاة الليل لأجل التعليم و التعلم لأن النبي ص كان يحتاج إلى التعليم أكثر مما يحتاج الواحد منا إليه ثم لم يرض سبحانه منه أن يترك حظه من قيام الليل. وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ أي دم على ما تذكره من الأذكار و العبادات و التعليم و الإرشاد و قيل أي اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في أول صلاتك فاستدل بها على وجوبها. وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا قال علي بن إبراهيم أي أخلص إليه إخلاصا و قيل انقطع إليه انقطاعا.

 و قال الطبرسي روى محمد بن مسلم و زرارة و حمران عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع أن التبتل هنا رفع اليدين في الصلاة

 و في رواية أبي بصير قال هو رفع يدك إلى الله و تضرعك إليه

و سيأتي معنى التبتل و أخواته في كتاب الدعاء و يومئ إلى استحباب كثرة الدعاء و الذكر و التضرع في صلاة الليل. إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى أي أقرب و أقل مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ قرأ ابن كثير و أهل الكوفة نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ بالنصب و الباقون بالجر فعلى الأول عطف على الأدنى و على الثاني على ثلثي الليل قال الطبرسي و المعنى أنك تقوم في بعض الليالي قريبا من الثلثين و في بعضها قريبا من نصف الليل و قريبا من ثلثه و قيل إن الهاء تعود إلى الثلثين أي و أقرب من نصف الثلثين و من ثلث الثلثين و إذا نصبت فالمعنى تقوم نصفه و ثلثه وَ تقوم طائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ و عن ابن عباس أنهم علي ع و أبو ذر. وَ اللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ أي يقدر أوقاتهما لتعملوا فيهما على ما يأمركم   به و قيل معناه لا يفوته علم ما تفعلون عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ قال مقاتل كان الرجل يصلي الليل كله مخافة أن لا يصيب ما أمر به من القيام فقال سبحانه عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ أي لن تطيقوا معرفة ذلك و قال الحسن قاموا حتى انتفخت أقدامهم فقال سبحانه إنكم لا تطيقون إحصاءه على الحقيقة و قيل معناه لن تطيقوا المداومة على قيام الليل و يقع منكم التقصير فيه فَتابَ عَلَيْكُمْ بأن جعله تطوعا و لم يجعله فرضا و قيل معناه فلم يلزمكم إثما كما لا يلزم التائب أي رفع التبعة فيه كرفع التبعة عن التائب و قيل فَتابَ عَلَيْكُمْ أي خفف عليكم فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ الآن يعني في صلاة الليل عند أكثر المفسرين و أجمعوا أيضا على أن المراد بالقيام المتقدم في قوله قُمِ اللَّيْلَ هو القيام إلى الصلاة إلا أبا مسلم فإنه قال أراد القيام لقراءة القرآن لا غير و قيل معناه فصلوا ما تيسر من الصلاة و عبر عن الصلاة بالقرآن لأنها تتضمنه و من قال المراد به قراءة القرآن في غير الصلاة فهو محمول على الاستحباب عند الأكثرين دون الوجوب لأنه لو وجبت القراءة لوجب الحفظ و قال بعضهم هو محمول على الوجوب لأن القارئ يقف على إعجاز القرآن و ما فيه من دلائل التوحيد و إرسال الرسل و لا يلزم حفظ القرآن لأنه من القرب المستحبة المرغب فيها. ثم اختلفوا في القدر الذي تضمنه هذا الأمر من القراءة فقال ابن جبير خمسون   آية و قال ابن عباس مائة آية و عن الحسن قال من قرأ مائة آية في ليلة لم يحاجه القرآن و قال السدي مائتا آية و قال جويبر ثلث القرآن لأن الله يسره على عباده و الظاهر أن معنا ما تيسر مقدار ما أردتم و أحببتم. عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى و ذلك يقتضي التخفيف عنكم وَ آخَرُونَ أي و منكم قوم آخرون يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ أي يسافرون للتجارة و طلب الأرباح وَ آخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فكل ذلك يقتضي التخفيف عنكم فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ.

 و روي عن الرضا عن أبيه عن جده ع قال ما تيسر منه لكم فيه خشوع القلب و صفاء السر

 وَ مِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ قال في مجمع البيان دخلت من للتبعيض و المعنى فاسجد له في بعض الليل و قيل يعني المغرب و العشاء وَ سَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا أي في ليل طويل يريد التطوع بعد المكتوبة

 و روي عن الرضا ع أنه سأله أحمد بن محمد عن هذه الآية و قال ما ذلك التسبيح قال صلاة الليل

1-  تفسير علي بن إبراهيم، أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا قال انقص من القليل أَوْ زِدْ عَلَيْهِ أي على القليل قليلا

 و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ   أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ ففعل النبي ص ذلك و بشر الناس فاشتد ذلك عليهم عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ و كان الرجل يقوم و لا يدري متى ينتصف الليل و متى يكون الثلثان و كان الرجل يقوم حتى يصبح مخافة أن لا يحفظه فأنزل الله إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ إلى قوله عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ يقول متى يكون النصف و الثلث نسخت هذه الآية فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ و اعلموا أنه لم يأت نبي إلا خلا بصلاة الليل و لا جاء نبي قط بصلاة الليل في أول الليل

 توضيح ففعل النبي ص ذلك يحتمل أن يكون إشارة إلى الآيات التي سبقت في أول السورة فالبشارة لأن العبادة عند المحبين أعظم الراحة أو يكون إشارة إلى الرخصة و التخفيف الذي يدل عليه تلك الآيات فقوله فاشتد ذلك إشارة إلى ما مر أولا أي و قد اشتد أي نزلت هذه الآيات بعد اشتداد الأمر عليهم قوله إلا خلا أي مضى من الدنيا مواظبا على صلاة الليل و يحتمل أن يكون من الخلوة أي أوقعها في الخلوة. قوله ع أول الليل رد على من جوز صلاة الليل أوله بغير عذر و في بعض النسخ إلا أول الليل أي كان وقت صلاتهم مخالفا لوقتها في تلك الشريعة و لعلها من زيادة النساخ

2-  كتاب الحسين بن عثمان، عن زرارة عن أبي عبد الله ع قال صلاة الليل كفارة لما اجترح بالنهار

3-  مجالس الصدوق، عن محمد بن إبراهيم الطالقاني عن أحمد بن عقدة الهمداني عن محمد بن أحمد التميمي عن أبيه عن أحمد بن هشام عن منصور بن مجاهد عن الربيع بن بدر عن سوار بن منيب عن وهب عن ابن عباس قال قال رسول الله ص من رزق صلاة الليل من عبد أو أمة قام لله عز و جل مخلصا فتوضأ وضوءا سابغا و صلى لله عز و جل بنية صادقة و قلب سليم و بدن خاشع و عين دامعة جعل الله تبارك و تعالى خلفه تسعة صفوف من الملائكة في كل صف ما لا يحصي   عددهم إلا الله تعالى أحد طرفي كل صف في المشرق و الآخر بالمغرب قال فإذا فرغ كتب له بعددهم درجات الخبر

 و منه عن أحمد بن هارون الفامي عن محمد بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عن آبائه ع أن رسول الله ص قال إن الله تبارك و تعالى إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي و فيها ثلاثة نفر من المؤمنين ناداهم جل جلاله و تقدست أسماؤه يا أهل معصيتي لو لا من فيكم من المؤمنين المتحابين بجلالي العامرين بصلاتهم أرضي و مساجدي وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ خوفا مني لأنزلت بكم عذابي ثم لا أبالي

 مشكاة الأنوار، نقلا من كتاب المحاسن عنه ص مرسلا مثله بيان المتحابين بجلالي في أكثر النسخ بالجيم كما في روايات المخالفين أي يتحببون و يتوددون لتذكر جلالي و عظمتي لا للدنيا و أغراضها و قال الطيبي الباء للظرفية أي لأجلي و لوجهي لا للهوى انتهى و لا يخفى ما فيه و في بعض النسخ بالحاء المهملة أي بما منحتهم من الحلال لا بالحرام

4-  مجالس الصدوق، عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي القرشي عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه ع قال قال رسول الله ص إن الله جل جلاله أوحى إلى الدنيا أن أتعبي من خدمك و اخدمي من رفضك و إن العبد إذا تخلى بسيده في جوف الليل المظلم و ناجاه أثبت الله النور في قلبه فإذا قال يا رب يا رب ناداه الجليل جل جلاله لبيك عبدي سلني أعطك و توكل علي أكفك ثم يقول جل جلاله لملائكته ملائكتي انظروا إلى عبدي فقد تخلى في جوف هذا الليل المظلم و البطالون لاهون   و الغافلون نيام اشهدوا أني قد غفرت له الخبر

 مشكاة الأنوار، نقلا من المحاسن مرسلا مثله بيان أوحى إلى الدنيا لعل المراد بالوحي هنا الأمر التكويني أي جعلها كذلك كما في قوله تعالى كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ أو استعارة تمثيلية

5-  معاني الأخبار، و الخصال، و المحاسن، للصدوق عن محمد بن أحمد الأسدي عن محمد بن جرير و الحسن بن عروة و عبد الله بن محمد الوهبي جميعا عن محمد بن حميد عن زافر بن سليمان عن محمد بن عيينة عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال جاء جبرئيل ع إلى النبي ص فقال يا محمد عش ما شئت فإنك ميت و أحبب من شئت فإنك مفارقه و اعمل ما شئت فإنك مجزي به و اعلم أن شرف الرجل قيامه بالليل و عزه استغناؤه عن الناس

 بيان عش ما شئت شبيه بأمر التخيير و يحتمل التهديد إن كان المقصود بالخطاب الأمة

6-  المعاني، و الخصال، و المجالس، عن محمد بن أحمد بن أسد الأسدي عن عمر بن أبي غيلان الثقيفي و عيسى بن سليمان القرشي معا عن إبراهيم الترجماني عن سعد بن سعيد الجرجاني عن نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس قال قال رسول الله ص أشراف أمتي حملة القرآن و أصحاب الليل

    -7  المجالس، عن علي بن عيسى عن علي بن محمد ماجيلويه عن البرقي عن أبيه عن الحسين بن علوان عن عمرو بن ثابت عن زيد بن علي عن أبيه عن جده قال قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع إن في الجنة لشجرة يخرج من أعلاها الحلل و من أسفلها خيل بلق مسرجة ملجمة ذوات أجنحة لا تروث و لا تبوك فيركبها أولياء الله فتطير بهم في الجنة حيث شاءوا فيقول الذين أسفل منهم يا ربنا ما بلغ بعبادك هذه الكرامة فيقول الله جل جلاله إنهم كانوا يقومون الليل و لا ينامون و يصومون النهار و لا يأكلون و يجاهدون العدو و لا يجبنون و يتصدقون و لا يبخلون

 و منه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن سنان عن المفضل قال سمعت مولاي الصادق ع يقول كان فيما ناجى الله عز و جل به موسى بن عمران ع أن قال له يا ابن عمران كذب من زعم أنه يحبني فإذا جنه الليل نام عني أ ليس كل محب يحب خلوة حبيبه ها أنا ذا يا ابن عمران مطلع على أحبائي إذا جنهم الليل حولت أبصارهم في قلوبهم و مثلت عقوبتي بين أعينهم يخاطبوني عن المشاهدة و يكلموني عن الحضور يا ابن عمران هب لي من قلبك الخشوع و من بدنك الخضوع و من عينيك الدموع في ظلم الليل و ادعني فإنك تجدني قريبا مجيبا

 و منه في مناهي النبي ص أنه قال ما زال جبرئيل يوصيني بقيام الليل حتى ظننت أن خيار أمتي لن يناموا

    و منه عن محمد بن موسى المتوكل عن عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان قال سمعت الصادق ع يقول ثلاثة هن فخر المؤمن و زينة في الدنيا و الآخرة الصلاة في آخر الليل و يأسه مما في أيدي الناس و ولاية الإمام من آل محمد ص

8-  تفسير علي بن إبراهيم، وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ الغداة و المغرب وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ العشاء الآخرة إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ قال صلاة المؤمنين بالليل تذهب بما عملوا بالنهار من السيئات و الذنوب

 و منه وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ قال صلاة الليل و قال سبب النور في القيامة الصلاة في جوف الليل

 و منه عن أبيه عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي عبد الله ع قال ما من عمل حسن يعمله العبد إلا و له ثواب في القرآن إلا صلاة الليل فإن الله لم يبين ثوابها لعظيم خطرها عنده فقال تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ

 مجمع البيان، مرسلا عنه ع مثله

9-  تفسير علي بن إبراهيم، وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ قال لصلاة   الليل فَسَبِّحْهُ قال صلاة الليل

10-  الخصال، عن أبيه عن علي بن موسى الكمنداني و محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال شرف المؤمن صلاته بالليل و عزه كف الأذى عن الناس

11-  الخصال، عن أبيه عن الكمنداني عن أحمد بن محمد عن أبيه عن عبد الله بن جبلة عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص لجبرئيل عظني فقال يا محمد عش ما شئت فإنك ميت و أحبب ما شئت فإنك مفارقه و اعمل ما شئت فإنك ملاقيه شرف المؤمن صلاته بالليل و عزه كفه عن أعراض الناس

 و منه عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال قال أبو ذر رحمه الله عند الكعبة فذكر مواعظه إلى أن قال و صل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور

 و منه عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن هارون بن الجهم عن ثوير بن أبي فاختة عن أبي جميلة عن سعد بن طريف عن أبي جعفر ع قال ثلاث درجات إفشاء السلام و إطعام الطعام و الصلاة بالليل و الناس نيام

 معاني الأخبار، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد البرقي عن هارون بن الجهم مثله

    -12  الخصال، عن أبيه عن عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن عبد الله بن الفضل النوفلي عن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن خاله محمد بن سليمان عن رجل عن ابن المنكدر بإسناده قال قال رسول الله ص خيركم من أطعم الطعام و أفشى السلام و صلى بالليل و الناس نيام

 المحاسن، عن علي بن محمد القاساني عمن حدثه عن عبد الله بن القاسم عن أبي عبد الله ع عن آبائه عن النبي ص مثله

13-  الخصال، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس رفعه إلى أبي عبد الله ع قال كان فيما أوصى به رسول الله ص يا علي ثلاث فرحات للمؤمن في الدنيا لقى الإخوان و الإفطار من الصيام و التهجد من آخر الليل الخبر

 و منه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن حماد بن يعلى عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر ع قال لهو المؤمن في ثلاثة أشياء التمتع بالنساء و مفاكهة الإخوان و الصلاة بالليل

 بيان المفاكهة الممازحة و عد صلاة الليل من جملة اللهو و الفرحات و جعلها مع ما مر في قرن لبيان أنه ينبغي للمؤمن أن يكون متلذذا بمناجاة ربه و الخلوة مع حبيبه فرحا بهما بل فيه تنبيه إلى أنه ليس المؤمن على الحقيقة إلا من كان كذلك

14-  العيون، عن محمد بن عمر الجعابي عن الحسن بن عبد الله التميمي عن أبيه عن الرضا عن آبائه ع قال قال النبي ص خيركم من أطاب الكلام   و أطعم الطعام و صلى بالليل و الناس نيام

15-  مجالس ابن الشيخ عن أبيه عن المفيد عن أحمد بن الوليد عن أبيه عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن أبان بن عثمان عن بحر السقاء قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن من روح الله تعالى ثلاثة التهجد بالليل و إفطار الصائم و لقاء الإخوان

 دعائم الإسلام، عنه ع مثله بيان من روح الله الروح بالفتح الراحة و الرحمة و نسيم الريح أي راحة جعلها الله للمؤمن يتروح إليها لأنه يستريح من معاشرة المخالفين بلقاء الإخوان في الدين و من أشغال اليوم إلى عبادة الليل و الإفطار ظاهرا و هذه الثلاثة من رحمة الله بالعبد و تفضله و لطفه و حسن توفيقه أو أنها تصير سببا لرحمته تعالى و الدعاء عندها مستجاب أو عندها تهب نسائم لطفه و فيضه و رحمته على المؤمن و الأول أظهر

16-  مجالس ابن الشيخ، عن أبيه عن أبي محمد الفحام عن محمد بن أحمد الهاشمي المنصوري عن موسى بن عيسى عن أبي الحسن العسكري عن آبائه عن الصادق ع في قوله تعالى إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ قال صلاة الليل تذهب بذنوب النهار

17-  الخصال، عن أحمد بن الحسن القطان عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن بكر بن عبد الله بن حبيب عن تميم بن بهلول عن أبي معاوية عن الأعمش عن الصادق ع في خبر طويل ذكر فيه الأئمة و علامة الإمامة فقال و دينهم الورع و العفة   و الصدق و الصلاح و الاجتهاد و أداء الأمانة إلى البر و الفاجر و طول السجود و قيام الليل و اجتناب المحارم و انتظار الفرج بالصبر و حسن الصحبة و حسن الجوار

 و منه في وصايا أبي ذر رضي الله عنه أنه سأل النبي ص أي الليل أفضل قال جوف الليل الغابر

 و منه، و ثواب الأعمال، عن أبيه عن سعيد بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن أبي بصير و محمد بن مسلم عن الصادق ع عن آبائه قال قال أمير المؤمنين ع قيام الليل مصحة للبدن و مرضاة للرب عز و جل و تعرض للرحمة و تمسك بأخلاق النبيين

 المحاسن، عن القاسم بن يحيى مثله

18-  العلل، عن محمد بن عمرو بن علي البصري عن محمد بن إبراهيم بن خارج الأصم عن محمد بن عبد الله بن الجنيد عن عمرو بن سعيد عن علي بن زاهر عن حريز عن الأعمش عن عطية العوفي عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله ص يقول ما اتخذ الله إبراهيم خليلا إلا لإطعامه الطعام و صلاته بالليل و الناس نيام

 و منه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى اليقطيني عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن ابن أذينة عن حمران عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص لا يبيتن الرجل و عليه وتر

 بيان أي لا ينقضي ليله و في ذمته وتر تركها قال في القاموس بات يفعل كذا   أي يفعله ليلا و ليس من النوم من أدركه الليل فقد بات انتهى و من قال لا ينامن و حمله على الوتيرة فقد أتى ببعيد. قال في المصباح المنير بات يبيت بيتوتة و مبيتا و مباتا فهو بائت و لذلك معنيان أشهرهما اختصاص ذلك الفعل بالليل كما اختص الفعل في ظل بالنهار فإذا قلت بات يفعل كذا فمعناه فعله بالليل و لا يكون إلا مع السهر و عليه قوله تعالى وَ الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِياماً. و قال الأزهري قال الفراء بات الليل إذا سهر الليل كله في طاعة أو معصية و قال الليث من قال بات بمعنى نام فقد أخطأ أ لا ترى أنك تقول بات يرعى النجوم و معناه ينظر إليها و كيف ينام من يراقب النجوم. و قال ابن القطاع و غيره بات يفعل كذا إذا فعله ليلا و لا يقال بمعنى نام. و المعنى الثاني يكون بمعنى صار يقال بات بموضع كذا أي صار به يقال سواء كان في ليل أو نهار و عليه قوله ص لا يدري أين باتت يده و المعنى صارت و وصلت. و على هذا قول الفقهاء بات عند امرأته ليلة أي صار عندها سواء حصل معه نوم أو لا انتهى. و الحق أن بات في غالب الاستعمال يعتبر فيه كون الفعل بالليل و لا يعتبر فيه النوم و لا السهر كما يظهر من الشيخ الرضي ره و غيره و قال الرضي و أما مجي‏ء بات بمعنى صار ففيه نظر

19-  العلل، عن أبيه عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن حماد عن حريز عن زرارة قال قال أبو جعفر ع من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يبيتن إلا بوتر

 و منه عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن عمران بن موسى عن   الحسن بن علي بن النعمان عن أبيه عن بعض رجاله قال جاء رجل إلى أمير المؤمنين ع فقال يا أمير المؤمنين إني قد حرمت الصلاة بالليل فقال أمير المؤمنين أنت رجل قد قيدتك ذنوبك

 و منه عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الصفار عن هارون بن مسلم عن علي بن الحكم عن حسين بن حسن الكندي عن أبي عبد الله ع قال إن الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة الليل فإذا حرم بها صلاة الليل حرم بها الرزق

 ثواب الأعمال، عن محمد بن الحسن عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن سهل بن زياد عن هارون بن مسلم مثله

20-  العلل، عن محمد بن الحسن عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد بن إسحاق عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال قال أبو عبد الله ع يا سليمان لا تدع قيام الليل فإن المغبون من حرم قيام الليل

 معاني الأخبار، عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار مثله

21-  العلل، عن أبيه عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن علي بن أسباط عن محمد بن علي بن أبي عبد الله عن أبي الحسن ع في قول الله عز و جل وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ قال صلاة الليل

 توضيح قوله ع صلاة الليل أي رهبانية هذه الأمة في صلاة الليل أو   رهبانيتهم كانت هي فيدل على أن الآية مسوقة لمدح الرهبانية لا ذمها و الآية تحتملهما و على المدح كانت مندوبة في شريعتهم فأوجبوها على أنفسهم بالنذر و شبهه كما يفهم من قوله تعالى ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ قال الطبرسي ره الرهبانية هي الخصلة من العبادة يظهر فيها معنى الرهبة إما في لبسه أو الانفراد عن الجماعة أو غير ذلك من الأمور التي يظهر فيها نسك صاحبه و المعنى ابتدعوا رهبانية لم نكتبها عليهم. و قيل إن الرهبانية التي ابتدعوها هي رفض النساء و اتخاذ الصوامع عن قتادة قال و تقديره و رهبانية ما كتبناها عليهم إلا أنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها. و قيل إن الرهبانية التي ابتدعوها لحاقهم بالبراري و الجبال

 في خبر مرفوع عن النبي ص فما رعاها الذين بعدهم حق رعايتها و ذلك لتكذيبهم بمحمد ص

عن ابن عباس و قيل إن الرهبانية هي الانقطاع عن الناس للانفراد بالعبادة ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ أي ما فرضناها عليهم. و قال الزجاج إن التقدير ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله و ابتغاء رضوان الله اتباع ما أمر الله به فهذا وجه و قال و فيها وجه آخر جاء في التفسير أنهم كانوا يرون من ملوكهم ما لا يصبرون عليه فاتخذوا أسرابا و صوامع و ابتدعوا ذلك فلما ألزموا أنفسهم ذلك التطوع و دخلوا فيه لزمهم إتمامه كما أن الإنسان إذا جعل على نفسه صوما لم يفرض عليه لزمه أن يتمه. قال و قوله فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها على ضربين أحدهما أن يكونوا قصروا فيما ألزموه أنفسهم و الآخر و هو الأجود أن يكونوا حين بعث النبي ص فلم يؤمنوا به كانوا تاركين إطاعة الله فما رعوا تلك الرهبانية حق رعايتها و دليل ذلك قوله فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ يعني الذين آمنوا بالنبي ص وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ أي كافرون انتهى

    -22  العلل، عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن حسان الرازي عن محمد بن علي رفعه قال قال رسول الله ص من صلى بالليل حسن وجهه بالنهار

 و منه عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع في قوله تعالى إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا قال يعني بقوله وَ أَقْوَمُ قِيلًا قيام الرجل عن فراشه بين يدي الله عز و جل لا يريد به غيره

 و منه عن محمد بن علي ماجيلويه عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد الأشعري عن موسى بن جعفر البغدادي عن محمد بن الحسن بن شمون عن علي بن محمد النوفلي قال سمعته يقول إن العبد ليقوم في الليل فيميل به النعاس يمينا و شمالا و قد وقع ذقنه على صدره فيأمر الله تبارك و تعالى أبواب السماء فتفتح ثم يقول لملائكته انظروا إلى عبدي ما يصيبه في التقرب إلي بما لم أفرض عليه راجيا مني لثلاث خصال ذنبا أغفره أو توبة أجددها أو رزقا أزيده فيه أشهدكم ملائكتي أني قد جمعتهن له

 ثواب الأعمال، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن موسى مثله

23-  العلل، عن أبيه عن محمد بن إسحاق بن خزيمة عن حريش بن محمد بن حريش عن جده عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله ص يقول الركعتان في جوف الليل أحب إلي من الدنيا و ما فيها

 و منه عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن   إبراهيم بن عمر عمن حدثه عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ قال صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب النهار

 ثواب الأعمال، عن محمد بن الحسن عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن حماد مثله العياشي، عن إبراهيم بن عمر مثله

 الهداية، عنه ع مرسلا مثله قال و قال ع من صلى بالليل حسن وجهه بالنهار

24-  العلل، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر ع قال قلت آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ قال يعني صلاة الليل

25-  ثواب الأعمال، و العلل، عن أبيه عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن أبي زهير النهدي عن آدم بن إسحاق عن معاوية بن عمار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال عليكم بصلاة الليل فإنها سنة نبيكم و دأب الصالحين قبلكم و مطردة الداء عن أجسادكم

 و قال أبو عبد الله ع صلاة الليل تبيض الوجه   و صلاة الليل تطيب الريح و صلاة الليل تجلب الرزق

 بيان لعل طيب الريح لأنها تصحح الجسم و تهضم الغذاء فتندفع به البخارات و الأدواء الموجبة لنتن الفم و الإبط و غيرهما و يحتمل أن يكون كناية عن حسن الخلق أو عن رغبة الناس إليه و قد جاء الريح بمعنى الغلبة و القوة و الرحمة و النصرة و الدولة

 و منه عن أبيه عن محمد بن يحيى عن العمركي عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عن أبيه عن علي ع قال إن الله عز و جل إذا أراد أن يصيب أهل الأرض بعذاب قال لو لا الذين يتحابون بجلالي و يعمرون مساجدي و يستغفرون بالأسحار لأنزلت بهم عذابي

 ثواب الأعمال، عن أبيه عن علي بن الحسين الكوفي عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن السكوني عن الصادق عن آبائه ع مثله

26-  معاني الأخبار، عن أبيه عن عبد الله بن الحسن المؤدب عن أحمد بن علي الأصفهاني عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن مكي بن محمد شيخ من أهل الري عن منصور بن العباس و الحسن بن علي بن النصر عن سعيد بن النصر عن جعفر بن محمد ع قال الْمالُ وَ الْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا و ثمان ركعات من آخر الليل و الوتر زينة الآخرة و قد يجمعهما الله لأقوام

 العلل، عن أبيه عن عبد الله بن جعفر الحميري عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد ع قال قال أبي قال أمير المؤمنين ع إن الله جل جلاله إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي و فيها ثلاثة نفر من المؤمنين   ناداهم جل جلاله و تقدست أسماؤه يا أهل معصيتي لو لا ما فيكم من المؤمنين المتحابين بجلالي العامرين بصلاتهم أرضي و مساجدي المستغفرين بالأسحار خوفا مني لأنزلت بكم عذابي ثم لا أبالي

 و منه عن جعفر بن علي بن الحسن عن جده الحسن بن علي عن العباس بن عامر عن جابر عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عن أبي عبد الله ع قال تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ لعلك ترى أن القوم لم يكونوا ينامون قال قلت الله و رسوله و ابن رسوله أعلم قال فقال لا بد لهذا البدن أن تريحه حتى يخرج نفسه فإذا خرج النفس استراح البدن و رجع الروح و فيه قوة على العمل فإنما ذكرهم تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً أنزلت في أمير المؤمنين ع و أتباعه من شيعتنا ينامون في أول الليل فإذا ذهب ثلثا الليل أو ما شاء الله فزعوا إلى ربهم راغبين مرهبين طامعين فيما عنده فذكرهم الله في كتابه فأخبرك الله بما أعطاهم أنه أسكنهم في جواره و أدخلهم جنته و آمن خوفهم و أذهب رعبهم قال قلت جعلت فداك إن أنا قمت في آخر الليل أي شي‏ء أقول إذا قمت قال قل الحمد لله رب العالمين و إله المرسلين و الحمد لله الذي يحيي الموتى و يبعث من في القبور فإنك إذا قلتها ذهب عنك رجز الشيطان و وسواسه

27-  توحيد الصدوق، عن علي بن أحمد النسابة عن أحمد بن سلمان بن الحسن عن جعفر بن محمد الصائغ عن خالد العرني عن هيثم عن أبي سفيان مولى مزينة عمن حدث عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه أتاه رجل فقال يا أبا عبد الله إني لا أقوى على الصلاة بالليل فقال لا تعص الله بالنهار و جاء رجل إلى أمير المؤمنين ع فقال يا أمير المؤمنين إني قد حرمت الصلاة   بالليل فقال له أمير المؤمنين ع أنت رجل قد قيدتك ذنوبك

28-  مجالس الصدوق، عن محمد بن الحسن عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد الأشعري عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال سمعت أبا عبد الله ع يقول الشتاء ربيع المؤمن يطول فيه ليله فيستعين به على قيامه و يقصر فيه نهاره فيستعين به على صيامه

 معاني الأخبار، عن محمد بن الحسن عن محمد بن يحيى العطار عن الأشعري مثله

29-  الخصال، و مجالس الصدوق، عن محمد بن أحمد بن علي الأسدي عن محمد بن أبي أيوب عن جعفر بن سدير بن داود عن أبيه عن يوسف بن المنكدر عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله ص قالت أم سليمان بن داود لسليمان يا بني و إياك و كثرة النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا يوم القيامة

 أقول قد سبقت الأخبار في ذم كثرة النوم في كتاب الآداب و السنن

30-  ثواب الأعمال، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن سعدان عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله قال شرف المؤمن صلاة الليل و عز المؤمن كفه عن الناس

 و منه عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن أبيه عن محمد بن أحمد   الأشعري عن عمر بن علي بن عمر عن عمه محمد بن عمر عمن حدثه عن أبي عبد الله ع قال إن كان الله عز و جل قد قال الْمالُ وَ الْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا إن الثمان ركعات يصليها العبد آخر الليل زينة الآخرة

 بيان كلمة إن للشرط فجزاؤه إن الثمانية بتقدير إنه قال إن الثمانية

 و رواه العياشي عن محمد بن عمر مثله إلا أن فيه قال قال الله عز و جل الْمالُ وَ الْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا كما أن ثماني ركعات

31-  ثواب الأعمال، بالإسناد المتقدم عن أبي عبد الله ع أنه جاءه رجل فشكا إليه الحاجة فأفرط في الشكاية حتى كاد أن يشكو الجوع فقال له أبو عبد الله ع يا هذا أ تصلي بالليل قال فقال الرجل نعم قال فالتفت أبو عبد الله ع إلى أصحابه فقال كذب من زعم أنه يصلي بالليل و يجوع بالنهار إن الله عز و جل ضمن بصلاة الليل قوت النهار

 و منه عن الحسين بن أحمد بن إدريس عن أبيه عن محمد بن أحمد الأشعري عن محمد بن عبد الله بن أحمد عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن محمد بن أبي حمزة الثمالي عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال صلاة الليل تحسن الوجه و تحسن الخلق و تطيب الريح و تدر الرزق و تقضي الدين و تذهب بالهم و تجلو البصر

 دعوات الراوندي، عنه ع مثله

32-  ثواب الأعمال، عن أبيه عن عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد   بن محمد عن الحسن بن محبوب عن جميل بن دراج عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله ع قال إن البيوت التي يصلى فيها بالليل بتلاوة القرآن تضي‏ء لأهل السماء كما يضي‏ء نجوم السماء لأهل الأرض

33-  المحاسن، في رواية يعقوب بن يزيد عن أبي عبد الله ع قال كذب من زعم أنه يصلي صلاة الليل و هو يجوع إن صلاة الليل تضمن رزق النهار

 و منه عن العباس بن الفضل عن إبراهيم بن محمد عن موسى بن سابق عن جعفر عن أبيه قال إن الله إذا أراد أن يعذب أهل الأرض بعذاب قال لو لا الذين يتحابون في جلالي و يعمرون مساجدي و يستغفرون بالأسحار لأنزلت عذابي

34-  فقه الرضا، حافظوا على صلاة الليل فإنها حرمة الرب تدر الرزق و تحسن الوجه و تضمن رزق النهار و طولوا الوقوف في الوتر فإنه روي أن من طول الوقوف في الوتر قل وقوفه يوم القيامة

35-  المحاسن، عن محمد بن علي عن الحسن بن علي عن سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع قال كان علي ع يقول إنا أهل البيت أمرنا أن نطعم الطعام و نؤدي في النائبة و نصلي إذا نام الناس

36-  العياشي، عن إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله ع قال قال الله في كتابه إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ قال قال صلاة الليل تذهب بذنوب النهار و قال تذهب بما جرحتم

    و منه عن أبي عبد الله ع قال إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ قال صلاة الليل تكفر ما كان من ذنوب النهار

37-  مجالس المفيد، بإسناده عن جابر الأنصاري عن النبي ص أنه قال أيها الناس ما من عبد إلا و هو يضرب عليه بخزائم معقودة فإذا ذهب ثلثا الليل و بقي ثلثه أتاه ملك فقال له قم فاذكر الله فقد دنا الصبح قال فإن هو تحرك و ذكر الله انحلت عنه عقدة و إن قام فتوضأ و دخل في الصلاة انحلت عنه العقد كلهن فيصبح قرير العين

 أقول تمامه بإسناده في باب فضل الصلاة

38-  دعوات الراوندي، قال أمير المؤمنين ع قيام الليل مصحة للبدن

 و عن النبي ص عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم و إن قيام الليل قربة إلى الله و تكفير السيئات و منهاة عن الإثم و مطردة الداء عن الجسد

 و قال أبو عبد الله ع عليكم بصلاة الليل فإنها سنة نبيكم و مطردة الداء عن أجسادكم

 و يروى أن الرجل إذا قام يصلي أصبح طيب النفس و إذا نام حتى يصبح أصبح ثقيلا موصما و أوحى الله إلى موسى ع قم في ظلمة الليل أجعل قبرك روضة من رياض الجنان

 بيان قال في النهاية فيه و إن نام حتى يصبح أصبح ثقيلا موصما الوصم الفترة و الكسل و التواني

    -39  أعلام الدين، و عدة الداعي، عن الصادق ع قال لا تعطوا العين حظها فإنها أقل شي‏ء شكرا

40-  العدة، ]عدة الداعي[ و روضة الواعظين، و أعلام الدين، عن النبي ص إذا قام العبد من لذيذ مضجعه و النعاس في عينيه ليرضي ربه جل و عز بصلاة ليله باهى الله به ملائكته فقال أ ما ترون عبدي هذا قد قام من لذيذ مضجعه إلى صلاة لم أفرضها عليه اشهدوا أني قد غفرت له

41-  العدة، ]عدة الداعي[ قال دخل ضرار بن ضمرة على معاوية فقال له صف لي عليا فقال له أ و تعفيني من ذلك فقال لا أعفيك فقال كان و الله بعيد المدى شديد القوى يقول فصلا و يحكم عدلا يتفجر العلم من جوانبه و تنطف الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا و زهرتها و يستأنس بالليل و وحشته كان و الله غزير العبرة طويل الفكرة يقلب كفه و يخاطب نفسه و يناجي ربه يعجبه من اللباس ما خشن و من الطعام ما جشب كان و الله فينا كأحدنا يدنينا إذا أتيناه و يجيبنا إذا سألناه و كنا مع دنوه منا و قربنا منه لا نكلمه لهيبته و لا نرفع أعيننا إليه لعظمته فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم يعظم أهل الدين و يحب المساكين لا يطمع القوي في باطله و لا ييأس الضعيف من عدله و أشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه و قد أرخى الليل سدوله و غارت نجومه و هو قائم في محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السليم و يبكي بكاء الحزين فكأني الآن أسمعه و هو يقول يا دنيا يا دنيا أ بي تعرضت أم إلي تشوقت هيهات هيهات غري غيري لا حاجة لي فيك قد أبنتك ثلاثا لا رجعة لي فيها فعمرك قصير و خطرك يسير و أملك حقير آه آه من قلة الزاد و بعد السفر و وحشة الطريق و عظم المورد   فوكفت دموع معاوية على لحيته فنشفها بكمه و اختنق القوم بالبكاء ثم قال كان و الله أبو الحسن كذلك فكيف كان حبك إياه قال كحب أم موسى لموسى و أعتذر إلى الله من التقصير قال فكيف صبرك عنه يا ضرار قال صبر من ذبح واحدها على صدرها فهي لا ترقى عبرتها و لا تسكن حرارتها ثم قام و خرج و هو باك فقال معاوية أما إنكم لو فقدتموني لما كان فيكم من يثني علي مثل هذا الثناء فقال له بعض من كان حاضرا الصاحب على قدر صاحبه

42-  أعلام الدين، و روضة الواعظين، قال رسول الله ص في وصيته لأمير المؤمنين ع و عليك يا علي بصلاة الليل و كرر ذلك ثلاث دفعات

 و قال الصادق ع كذب من زعم أنه يصلي الليل و يجوع بالنهار

43-  دعائم الإسلام، عن علي ع أن رسول الله ص قال إن في الجنة شجرة تخرج من أصلها خيل بلق لا تروث و لا تبول مسرجة ملجمة لجمها الذهب و سروجها الدر و الياقوت فيستوي عليها أهل عليين فيمرون على من أسفل منهم فيقول أهل الجنة ربنا بم بلغت بعبادك هذه الكرامة فيقال لهم كانوا يقومون الليل و كنتم تنامون و كانوا يصومون النهار و كنتم تأكلون و كانوا يتصدقون و كنتم تبخلون و كانوا يجاهدون و كنتم تجبنون

 عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي ع أن رسول الله ص أمر بالوتر و أن عليا كان يشدد فيه و لا يرخص في تركه

 و عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل وَ مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ إِدْبارَ النُّجُومِ قال هو الوتر من آخر الليل

    -44  مجمع البيان، عن أبي سعيد الخدري عن النبي ص قال إذا أيقظ الرجل أهله من الليل و صليا كتبا من الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَ الذَّاكِراتِ

45-  مشكاة الأنوار، من كتاب المحاسن عن الصادق ع قال إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل إن أحببت أن تلقاني في حظيرة القدس فكن في الدنيا وحيدا غريبا مهموما محزونا مستوحشا من الناس بمنزلة الطير الذي يطير في الأرض القفار و يأكل من رءوس الأشجار و يشرب من ماء العيون فإذا كان الليل أوكر وحده و استأنس بربه و استوحش من الطيور

 و عن الباقر ع قال إن الله تبارك و تعالى يحب المداعب في الجماعة بلا رفث المتوحد بالفكر المتخلي بالعبر الساهر بالصلاة

46-  كتاب الغايات، عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال قلت له أخبرني جعلت فداك أي ساعة يكون العبد أقرب إلى الله و الله منه قريب قال إذا قام في آخر الليل و العيون هادئة فيمشي إلى وضوئه حتى يتوضأ بأسبغ وضوء ثم يجي‏ء حتى يقوم في مسجده فيوجه وجهه إلى الله و يصف قدميه و يرفع صوته و يكبر و افتتح الصلاة فقرأ أجزاء و صلى ركعتين و قام ليعيد صلاته ناداه مناد من عنان السماء عن يمين العرش أيها العبد المنادي ربه إن البر لينشر على رأسك من عنان السماء و الملائكة محيطة بك من لدن قدميك إلى عنان السماء و الله ينادي عبدي لو تعلم من تناجي إذا ما انفتلت قال قلت جعلت فداك يا ابن رسول الله ما الانفتال قال تقول بوجهك و جسدك هكذا ثم ولى وجهه فذلك الانفتال و قال أبغض الخلق إلى الله جيفة بالليل بطال بالنهار

 و قال رسول الله ص خياركم أولو النهى قيل يا رسول الله من أولو النهى فقال المتهجدون بالليل و الناس نيام

    -47  دعائم الإسلام، عن جعفر بن محمد ع أنه قال إني لأمقت العبد يكون قد قرأ القرآن ثم ينتبه من الليل فلا يقوم حتى إذا دنا الصبح قام فبادر الصلاة

 و عنه ع في قول الله عز و جل وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَ مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ إِدْبارَ النُّجُومِ قال أمره أن يصلي بالليل

 و عنه ع أنه قال في قوله عز و جل وَ مِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَ سَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا قال أمره أن يصلي في ساعات من الليل ففعل ص

 و عن علي ع أنه قال نهى رسول الله ص أن يكون الرجل طول الليل كالجيفة الملقاة و أمر بالقيام من الليل و التهجد بالصلاة

 و قال أفشوا السلام و أطعموا الطعام و صلوا بالليل و الناس نيام تدخلوا الجنة بسلام

48-  العلل، و العيون، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن إسماعيل بن موسى عن أخيه الرضا ع عن أبيه عن جده قال سئل علي بن الحسين ع ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجها قال لأنهم خلوا بربهم فكساهم الله من نوره

 مجالس الشيخ، عن أبي الحسن عن خاله جعفر بن محمد بن قولويه عن حكيم بن داود عن سلمة بن الخطاب عن سليمان بن سماعة عن عمه عاصم عن   الصادق ع مثله

49-  المجازات النبوية، من ذلك قوله ع في ذم أقوام من المنافقين خشب بالليل جدر بالنهار في كلام طويل

 قال السيد و هذه استعارة و المراد أنهم ينامون الليل كله من غير قيام لصلاة و لا استيقاظ لمناجاة فهم كالخشب الملقاة و في التنزيل كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يريد تعالى أنهم لا خير فيهم و لا نفع عندهم كالخشب الواهية التي تدعم لئلا تتهافت و تمسك لئلا تتساقط

50-  المحاسن، عن الحسين بن علي بن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن علي بن عبد العزيز قال قال أبو عبد الله ع أ لا أخبرك بأصل الإسلام و فرعه و ذروته و سنامه قال قلت بلى جعلت فداك قال أصله الصلاة و فرعه الزكاة و ذروته و سنامه الجهاد في سبيل الله أ لا أخبرك بأبواب الخير الصوم جنة و الصدقة تحط الخطيئة و قيام الرجل في جوف الليل يناجي ربه ثم تلا تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ

 مشكاة الأنوار، مرسلا مثله

51-  دعائم الإسلام، عن جعفر بن محمد قال وقف أبو ذر رحمة الله عليه عند حلقة باب الكعبة فوعظ الناس ثم قال حج حجة لعظائم الأمور و صم يوما لزجرة النشور و صل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور إلى آخر الخبر

52-  تنبيه الخاطر، و إرشاد القلوب، عن النبي ص قال صلاة الليل   سراج لصاحبها في ظلمة القبر

 و روي عن الصادق ع قال قال أمير المؤمنين ع قال رسول الله ص صلاة الليل مرضاة الرب و حب الملائكة و سنة الأنبياء و نور المعرفة و أصل الإيمان و راحة الأبدان و كراهية الشيطان و سلاح على الأعداء و إجابة للدعاء و قبول الأعمال و بركة في الرزق و شفيع بين صاحبها و بين ملك الموت و سراج في قبره و فراش تحت جنبه و جواب مع منكر و نكير و مونس و زائر في قبره إلى يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة كانت الصلاة ظلا فوقه و تاجا على رأسه و لباسا على بدنه و نورا يسعى بين يديه و سترا بينه و بين النار و حجة للمؤمن بين يدي الله تعالى و ثقلا في الميزان و جوازا على الصراط و مفتاحا للجنة لأن الصلاة تكبير و تحميد و تسبيح و تمجيد و تقديس و تعظيم و قراءة و دعاء و إن أفضل الأعمال كلها الصلاة لوقتها

 البلد الأمين، عن النبي ص قال صلاة الليل مرضاة الرب إلى آخر الخبر

53-  روضة الواعظين، قال الرضا ع عليكم بصلاة الليل فما من عبد يقوم آخر الليل فيصلي ثمان ركعات و ركعتي الشفع و ركعة الوتر و استغفر الله في قنوته سبعين مرة إلا أجير من عذاب القبر و من عذاب النار و مد له في عمره و وسع عليه في معيشته ثم قال ع إن البيوت التي يصلى فيها بالليل يزهر نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض   و سأل الصادق ع عبد الله بن سنان عن قول الله عز و جل سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ قال هو السهر في الصلاة و قال الصادق ع ليس من شيعتنا من لم يصل صلاة الليل

54-  فقه الرضا، قال ع عليك بالصلاة في الليل فإن رسول الله ص أوصى بها عليا فقال في وصيته عليك بصلاة الليل قالها ثلاثا و صلاة الليل تزيد في الرزق و بهاء الوجه و تحسن الخلق