باب 8- سجود التلاوة

 الآيات الانشقاق وَ إِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ تفسير قال الطبرسي ره عطف على قوله فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ أي ما الذي يصرفهم عن الإيمان و عن السجود لله تعالى إذا يتلى عليهم القرآن و قيل معنى لا يسجدون لا يصلون لله تعالى و في خبر مرفوع عن أبي هريرة قال قرأ رسول الله ص إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ فسجد. أقول و لا يبعد حمله على السجدات الواجبة أو الأعم منها و من المندوبة و قد مر سائر الآيات التي يحتمل فيها ذلك في باب السجود

1-  كتاب المسائل، لعلي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل يكون في صلاة في جماعة فيقرأ إنسان السجدة كيف يصنع قال يومي برأسه قال و سألته عن الرجل يكون في صلاته فيقرأ آخر السجدة قال يسجد إذا سمع شيئا من العزائم الأربع ثم يقوم فيتم صلاته إلا أن يكون في فريضة فيومي برأسه إيماء

2-  شرح النفلية، للشهيد الثاني روي أنه يقول في سجدة اقرأ إلهي آمنا بما كفروا و عرفنا منك ما أنكروا و أجبناك إلى ما دعوا إلهي العفو العفو

3-  السرائر، نقلا من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب عن محمد   بن الحسين عن محمد بن يحيى الخزاز عن غياث عن جعفر عن أبيه عن علي ع قال لا تقضي الحائض الصلاة و لا تسجد إذا سمعت السجدة

 و منه من الكتاب المذكور عن علي بن خالد عن أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار الساباطي قال سئل أبو عبد الله ع عن الرجل إذا قرئ العزائم كيف يصنع قال ليس فيها تكبير إذا سجدت و لا إذا قمت و لكن إذا سجدت قلت ما تقول في السجود

4-  العلل، عن جعفر بن محمد بن مسرور عن الحسين بن محمد بن عامر عن عمه عبد الله عن محمد بن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال سألته عن الرجل يقرأ السجدة و هو على ظهر دابته قال يسجد حيث توجهت به فإن رسول الله ص كان يصلي على ناقته و هو مستقبل المدينة يقول الله عز و جل فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ

5-  العياشي، عن حماد بن عثمان عنه ع مثله

6-  مجمع البيان، روى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال العزائم الم تنزيل و حم السجدة و النجم إذا هوى و اقرأ باسم ربك و ما عداها في جميع القرآن مسنون و ليس بمفروض

 و منه قال عن أئمتنا ع أن السجود في سورة فصلت عند قوله إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ

7-  غوالي اللآلي، روي في الحديث أنه لما نزل قوله تعالى وَ اسْجُدْ   وَ اقْتَرِبْ سجد النبي ص فقال في سجوده أعوذ برضاك من سخطك و بمعافاتك من عقوبتك و أعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك

8-  السرائر، نقلا من كتاب النوادر لأحمد بن محمد بن أبي نصر عن عبد الله بن المغيرة عن عبد الله بن سنان عن الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله ع قال فيمن قرأ السجدة و عنده رجل على غير وضوء قال يسجد

 و منه عن علي بن رئاب عن الحلبي قال قلت لأبي عبد الله ع يقرأ الرجل السجدة و هو على غير وضوء قال يسجد إذا كانت من العزائم

9-  الخصال، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله ع قال إن العزائم أربع اقرأ باسم ربك الذي خلق و النجم و تنزيل السجدة و حم السجدة

10-  المعتبر، نقلا من جامع البزنطي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع فيمن يقرأ السجدة من القرآن من العزائم لا يكبر حين يسجد و لكن يكبر إذا رفع رأسه

11-  السرائر، نقلا من نوادر أحمد بن محمد بن أبي نصر عن العلا عن محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يقرأ بالسورة فيها السجدة فينسى فيركع و يسجد سجدتين ثم يذكر بعد قال يسجد إذا كانت من العزائم و العزائم أربع الم تنزيل و حم السجدة و النجم و اقرأ باسم ربك و كان علي بن الحسين ع يعجبه أن يسجد في كل سورة فيها سجدة

12-  العلل، عن محمد بن محمد بن عصام عن الكليني عن الحسين بن الحسن الحسيني و علي بن محمد بن عبد الله جميعا عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر عن عبد الرحمن بن   عبد الله الخزاعي عن نصر بن مزاحم عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع قال إن أبي ع ما ذكر لله نعمة عليه إلا سجد و لا قرأ آية من كتاب الله عز و جل فيها سجدة إلا سجد إلى أن قال فسمي السجاد لذلك

13-  قرب الإسناد، و كتاب المسائل، بإسنادهما عن علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن الرجل يقرأ في الفريضة سورة النجم أ يركع بها أو يسجد ثم يقوم فيقرأ بغيرها قال يسجد ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ثم يركع و لا يعود يقرأ في الفريضة بسجدة قال و سألته عن إمام يقرأ السجدة فأحدث قبل أن يسجد كيف يصنع قال يقدم غيره فيسجد و يسجدون و ينصرف فقد تمت صلاتهم

14-  دعائم الإسلام، مواضع السجود في القرآن خمسة عشر موضعا   أولها آخر الأعراف و في سورة الرعد وَ ظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ و في النحل وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ و في بني إسرائيل وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً و في كهيعص خَرُّوا   سُجَّداً وَ بُكِيًّا و في الحج إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ و فيها وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ و في الفرقان وَ زادَهُمْ نُفُوراً و في النمل رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ و في تنزيل السجدة وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ و في ص وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ و في حم السجدة    إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ و في آخر النجم و في إذا السماء انشقت وَ إِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ و آخر اقرأ باسم ربك

 و روينا عن أبي جعفر محمد بن علي ع أنه قال العزائم من سجود القرآن أربع في الم تنزيل السجدة و حم السجدة و النجم و اقرأ باسم ربك قال فهذه العزائم لا بد من السجود فيها و أنت في غيرها بالخيار إن شئت فاسجد و إن شئت فلا تسجد

    قال و كان علي بن الحسين ع يعجبه أن يسجد فيهن كلهن

 و عن جعفر بن محمد ع أنه قال من قرأ السجدة أو سمعها من قارئ يقرؤها و كان يستمع قراءته فليسجد فإن سمعها و هو في صلاة فريضة من غير إمام أومأ برأسه و إن قرأها و هو في الصلاة سجد و سجد معه من خلفه إن كان إماما و لا ينبغي للإمام أن يتعمد قراءة سورة فيها سجدة في صلاة فريضة

 و عنه أنه قال و من قرأ السجدة أو سمعها سجد أي وقت كان ذلك مما تجوز الصلاة فيه أو لا تجوز و عند طلوع الشمس و عند غروبها و يسجد و إن كان على غير طهارة و إذا سجد فلا يكبر و لا يسلم إذا رفع و ليس في ذلك غير السجود و يسبح و يدعو في سجوده بما تيسر من الدعاء

 و عنه ع أنه قال إذا قرأ المصلي سجدة انحط فسجد ثم قام فابتدأ من حيث وقف فإن كانت في آخر السورة فليسجد ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب و يركع و يسجد

 و عن أبي جعفر محمد بن علي ع أنه قال إذا قرأت السجدة و أنت جالس فاسجد متوجها إلى القبلة و إذا قرأتها و أنت راكب فاسجد حيث توجهت فإن رسول الله ص كان يصلي على راحلته و هو متوجه إلى المدينة بعد انصرافه من مكة يعني النافلة قال و في ذلك قول الله فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ

   فروع لا بد من التعرض لها لفهم تلك الأخبار

 الأول لا خلاف بين الأصحاب في أن سجدات القرآن خمس عشرة كما مر و نقل الشهيد إجماع الأصحاب عليه و قال الصدوق و يستحب أن يسجد في كل سورة فيها سجدة فيدخل فيه آل عمران عند قوله يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي و غيرها و يومئ إليه ما مر في خبر العلل و الواجب منها الأربع المشهورة و لا خلاف فيه بين الأصحاب و قد سبقت الأخبار الدالة عليه. الثاني لا خلاف بين الأصحاب في وجوب السجود على القارئ و المستمع و إنما اختلفوا في السامع من غير إصغاء فذهب الشيخ إلى عدم وجوبه عليه و نقل الإجماع عليه في الخلاف و قال ابن إدريس يجب السجود على السامع و ذكر أنه إجماع الأصحاب و الأخبار مختلفة و يمكن الجمع بينها بحمل ما دل على الأمر بالسجود على الاستحباب أو حمل ما دل على عدم الوجوب على التقية لموافقته لمذهب العامة و هو أحوط. الثالث الأظهر أن موضع السجود في الأربع بعد الفراغ من الآية و قال المحقق في المعتبر قال الشيخ في الخلاف موضع السجدة في حم السجدة عند قوله وَ اسْجُدُوا لِلَّهِ و قال في المبسوط إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ و الأول أولى و قال الشافعي و أهل الكوفة عند قوله وَ هُمْ لا يَسْأَمُونَ لنا أن الأمر بالسجود مطلق و يكون للفور فلا يجوز التأخير. و قال في الذكرى ليس كلام الشيخ صريحا فيه و لا ظاهرا بل ظاهره السجود عند تمام الآية لأنه ذكر في أول المسألة أن موضع السجود في حم عند قوله وَ اسْجُدُوا   لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ. ثم قال و أيضا قوله وَ اسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ أمر و الأمر يقتضي الفور عندنا و ذلك يقتضي السجود عقيب الآية و من المعلوم أن آخر الآية تَعْبُدُونَ و لأن تخلل السجود في أثناء الآية يؤدي إلى الوقوف على المشروط دون الشرط و إلى ابتداء القاري بقوله إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ و هو مستهجن عند القراء و لأنه لا خلاف فيه بين المسلمين إنما الخلاف في تأخير السجود إلى يسأمون فإن ابن عباس و الثوري و أهل الكوفة و الشافعي يذهبون إليه و الأول هو المشهور عند الباقين فإذا ما اختاره في المعتبر لا قائل به فإن احتج بالفور قلنا هذا القدر لا يخل بالفور و إلا لزم وجوب السجود في باقي الآي العزائم عند صيغة الأمر و حذف ما بعده من اللفظ و لم يقل به أحد انتهى كلامه رفع الله مقامه و لا يخفى متانته. و رأيت في بعض تعليقات الشيخ البهائي قدس سره قول بعض الأصحاب بوجوب السجود عند التلفظ بلفظ السجدة في جميع السجدات الأربع و لم أر هذا القول في كلام غيره و قد صرح في الذكرى بعدم القول به فلعله اشتباه. الرابع هل الطهارة شرط فيها الأقرب عدمه و الروايات في الحائض متعارضة و وجوبه عليها أقوى و الأحوط لها عدم الاستماع و السجود مع السماع ثم القضاء بعد الطهر قال في الذكرى الأظهر أن الطهارة غير شرط في هذا السجود للأصل و لرواية أبي بصير و في النهاية منع من سجود الحائض و ابن الجنيد ظاهره اعتبار الطهارة و أما ستر العورة و الطهارة من الخبث و استقبال القبلة فظاهر الأكثر أنه لا خلاف في عدم اشتراطها و يظهر الخلاف فيها أيضا من بعضهم و الأقوى عدمه.

    الخامس اختلف الأصحاب في غير الجبهة من أعضاء السجود هل يجب وضعها و السجود عليها و اختلفوا أيضا في وجوب وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه و الأحوط رعاية جميع ذلك و إن لم يقم دليل مقنع على الاشتراط قال في الذكرى و في اشتراط السجود على الأعضاء السبعة أو الاكتفاء بالجبهة نظر من أنه السجود المعهود و من صدقه بوضع الجبهة و كذا في السجود على ما يصح السجود عليه في الصلاة من التعليل هناك بأن الناس عبيد ما يأكلون و يلبسون و هو يشعر بالتعميم. السادس المشهور بين الأصحاب عدم وجوب التكبير لها و الذكر فيها و قال أكثر العامة بوجوب التكبير قبلها نعم يستحب التكبير عند الرفع و ظاهر الشهيد في الذكرى و الشيخ في المبسوط و الخلاف الوجوب و صرح العلامة في المنتهى و غيره بالاستحباب و هو أقوى و الأحوط عدم الترك لورود الأمر به في الأخبار و قال في المنتهى يستحب أن يقول في سجوده إلهي آمنا بما كفروا و عرفنا منك ما أنكروا و أجبناك إلى ما دعوا فالعفو العفو قاله ابن بابويه و قال أيضا و قد روي أنه يقال في سجدة العزائم لا إله إلا الله حقا حقا لا إله إلا الله إيمانا و تصديقا لا إله إلا الله عبودية و رقا سجدت لك يا رب تعبدا و رقا لا مستنكفا و لا مستكبرا بل أنا عبد ذليل خائف مستجير انتهى. و أقول قال الصدوق في مجالسه فيما وصف لأصحابه من دين الإمامية و أما سجدة العزائم فيقال فيها لا إله إلا الله حقا حقا إلى قوله مستجير و قال و يكبر إذا رفع رأسه. و قال الشهيد في البيان و في المعتبر للراوندي من قرأ في نافلة اقرأ سجد و قال إلهي آمنا إلى قوله إلهي العفو العفو ثم يرفع رأسه و يكبر و روي أنه يقال في العزائم لا إله إلا الله حقا حقا إلى قوله تعبدا و رقا

 و قال فيه و روى ابن   محبوب عن عمار عن الصادق ع لا تكبر إذا سجدت و لا إذا قمت و إذا سجدت قلت ما تقول في السجود

و هو خيرة ابن الجنيد و قال يكبر لرفعه منها إن كان في صلاة خاصة. أقول

 و روى الكليني في الصحيح عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله ع قال إذا قرأ أحدكم السجدة من العزائم فليقل في سجوده سجدت لك تعبدا و رقا لا مستكبرا عن عبادتك و لا مستنكفا و لا متعظما بل أنا عبد ذليل خائف مستجير

السابع قيل وقت نيتها عند الهوي إليها و قيل عند وضع الجبهة و لعل التخيير أقوى و قيل يجوز عند استدامة الوضع و فيه إشكال و إن كان الأمر في النية هينا. الثامن نقلوا الإجماع على فوريتها فلو أخرها عن الفراغ من الآية بما يخرج به عن الفورية أثم و هل تصير حينئذ قضاء أم تبقى مدة العمر أداء اختار في المعتبر الثاني و في الذكرى الأول و لعل المعتبر مختار المعتبر و كونه على الفور لا يوجب القضاء بفواته كالحج و صلاة الزلزلة و لعله لا حاجة إلى نية الأداء و القضاء و كذا الكلام في المستحب. التاسع قال في الذكرى تتعدد السجدة بتعدد السبب سواء تخلل السجود أو لا لقيام السبب و أصالة عدم التداخل

 و روى محمد بن مسلم عن الباقر ع قال سألته عن الرجل يتعلم السورة من العزائم فيعاد عليه مرارا في المقعد الواحد قال ع عليه أن يسجد كلما سمعها و على الذي يعلمه أيضا أن يسجد

أقول لا شك مع تخلل السجود في التعدد و أما مع عدمه فالحكم به مشكل إذ لا نسلم أن الأصل عدم التداخل بل تدل أخبار كثيرة على أنه إذا   اجتمعت لله عليك حقوق كفاك حق واحد و الخبر و إن كان صحيحا لا يدل على هذا الشق و الأحوط العمل بالمشهور. العاشر قال في المنتهى إذا قرأ السجدة على الراحلة في السفر و أمكنه السجود وجب و إن لم يتمكن أومأ بالسجود حيث كان وجهه لأن عليا ع أومأ على الراحلة نقله الجمهور و لو كان ماشيا و أمكن السجود على الأرض وجب و إلا أومأ. أقول قد مر بعض الأخبار و الأحكام في باب القراءة و باب الحيض