باب 1- جوامع الحقوق

1-  ل، ]الخصال[ علي بن أحمد بن موسى عن محمد الأسدي عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري عن خيران بن داهر عن أحمد بن علي بن سليمان الجبلي عن أبيه عن محمد بن علي عن محمد بن فضيل عن أبي حمزة الثمالي قال هذه رسالة علي بن الحسين ع إلى بعض أصحابه اعلم أن لله عز و جل عليك حقوقا محيطة بك في كل حركة تحركتها أو سكنة سكنتها أو حال حلتها أو منزلة نزلتها أو جارحة قلبتها أو آلة تصرفت فيها فأكبر حقوق الله تعالى عليك ما أوجب عليك لنفسه من حقه الذي هو أصل الحقوق ثم ما أوجب الله عز و جل عليك لنفسك من قرنك إلى قدمك على اختلاف جوارحك فجعل عز و جل للسانك عليك حقا و لسمعك عليك حقا و لبصرك عليك حقا و ليدك عليك حقا و لرجلك عليك حقا و لبطنك عليك حقا و لفرجك عليك حقا فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال ثم جعل عز و جل لأفعالك عليك حقوقا فجعل لصلاتك عليك حقا و لصومك عليك حقا و لصدقتك عليك حقا و لهديك عليك حقا و لأفعالك عليك حقوقا ثم يخرج الحقوق منك إلى غيرك من ذوي الحقوق عليك فأوجبها عليك حقوق أئمتك ثم حقوق رعيتك ثم حقوق رحمك فهذه حقوق يتشعب منها حقوق فحقوق أئمتك ثلاثة أوجبها عليك حق سائسك بالسلطان ثم حق سائسك بالعلم ثم حق سائسك بالملك   و حقوق رعيتك ثلاثة أوجبها عليك حق رعيتك بالسلطان ثم حق رعيتك بالعلم فإن الجاهل رعية العالم ثم حق رعيتك بالملك من الأزواج و ما ملكت الأيمان و حقوق رحمك كثيرة متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة و أوجبها عليك حق أمك ثم حق أبيك ثم حق ولدك ثم حق أخيك ثم الأقرب فالأقرب و الأولى فالأولى ثم حق مولاك المنعم عليك ثم حق مولاك الجارية نعمته عليك ثم حق ذوي المعروف لديك ثم حق مؤذنك لصلاتك ثم حق إمامك في صلاتك ثم حق جليسك ثم حق جارك ثم حق صاحبك ثم حق شريكك ثم حق مالك ثم حق غريمك الذي تطالبه ثم حق غريمك الذي يطالبك ثم حق خليطك ثم حق خصمك المدعي عليك ثم حق خصمك الذي تدعي عليه ثم حق مستشيرك ثم حق المشير عليك ثم حق مستنصحك ثم حق الناصح لك ثم حق من هو أكبر منك ثم حق من هو أصغر منك ثم حق سائلك ثم حق من سألته ثم حق من جرى لك على يديه مساءة بقول أو فعل عن تعمد منه أو غير تعمد ثم حق أهل ملتك عليك ثم حق أهل ذمتك ثم الحقوق الجارية بقدر علل الأحوال و تصرف الأسباب فطوبى لمن أعانه الله على ما أوجب عليه من حقوقه و وفقه لذلك و سدده فأما حق الله الأكبر عليك فأن تعبده لا تشرك به شيئا فإذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا و الآخرة و حق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عز و جل فتؤدي إلى لسانك حقه و إلى سمعك حقه و إلى بصرك حقه و إلى يدك حقها و إلى رجلك حقها و إلى بطنك حقه و إلى فرجك حقه و تستعين بالله على ذلك و حق اللسان إكرامه عن الخنى و تعويده الخير و ترك الفضول التي لا فائدة

   فيها و البر بالناس و حسن القول فيهم و حق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة و سماع ما لا يحل سماعه و حق البصر أن تغمضه عما لا يحل لك و تعتبر بالنظر به و حق يدك أن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك و حق رجليك أن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك فيهما تقف على الصراط فانظر أن لا تزل بك فتتردى في النار و حق بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام و لا تزيد على الشبع و حق فرجك أن تحصنه عن الزناء و تحفظه من أن ينظر إليه و حق الصلاة أن تعلم أنها وفادة إلى الله عز و جل و أنك فيها قائم بين يدي الله عز و جل فإذا علمت ذلك قمت مقام الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون و الوقار و تقبل عليها بقلبك و تقيمها بحدودها و حقوقها و حق الحج أن تعلم أنه وفادة إلى ربك و فرار إليه من ذنوبك و به قبول توبتك و قضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك و حق الصوم أن تعلم أنه حجاب ضربه الله على لسانه و سمعك و بصرك و بطنك و فرجك ليسترك به من النار فإن تركت الصوم خرقت ستر الله عليك و حق الصدقة أن تعلم أنها ذخرك عند ربك عز و جل و وديعتك التي لا تحتاج إلى الإشهاد عليها و كنت بما تستودعه سرا أوثق منك بما تستودعه علانية و تعلم أنها تدفع البلايا و الأسقام عنك في الدنيا و تدفع عنك النار في الآخرة و حق الهدي أن تريد به الله عز و جل و لا تريد به خلقه و لا تريد به إلا التعرض لرحمة الله و نجاة روحك يوم تلقاه و حق السلطان أن تعلم أنك جعلت له فتنة و أنه مبتلى فيك بما جعل الله عز و جل له عليك من السلطان و أن عليك أن لا تتعرض لسخطه فتلقي بيديك إلى   التهلكة و تكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء و حق سائسك بالعلم التعظيم له و التوقير لمجلسه و حسن الاستماع إليه و الإقبال عليه و أن لا ترفع عليه صوتك و لا تجيب أحدا يسأله عن شي‏ء حتى يكون هو الذي يجيب و لا تحدث في مجلسه أحدا و لا تغتاب عنده أحدا و أن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء و أن تستر عيوبه و تظهر مناقبه و لا تجالس له عدوا و لا تعادي له وليا فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنك قصدته و تعلمت علمه لله جل اسمه لا للناس فأما حق سائسك بالملك فأن تطيعه و لا تعصيه إلا فيما يسخط الله عز و جل فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق و أما حق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم و قوتك فيجب أن تعدل فيهم و تكون لهم كالوالد الرحيم و تغفر لهم جهلهم و لا تعاجلهم بالعقوبة و تشكر الله عز و جل على ما آتاك من القوة عليهم و أما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله عز و جل إنما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم و فتح لك من خزائنه فإن أحسنت في تعليم الناس و لم تخرق بهم و لم تضجر عليهم زادك الله من فضله و إن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقا على الله عز و جل أن يسلبك العلم و بهاءه و يسقط من القلوب محلك و أما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عز و جل جعلها لك سكنا و أنسا فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها و ترفق بها و إن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك و تطعمها و تكسوها و إذا جهلت عفوت عنها و أما حق مملوكك فأن تعلم أنه خلق ربك و ابن أبيك و أمك و لحمك و دمك تملكه لا أنت صنعته من دون الله و لا خلقت شيئا من جوارحه و لا أخرجت

   له رزقا و لكن الله عز و جل كفاك ذلك ثم سخره لك و ائتمنك عليه و استودعك إياه ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه فأحسن إليه كما أحسن الله إليك و إن كرهته استبدلت به و لم تعذب خلق الله عز و جل و لا قوة إلا بالله و أما حق أمك فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا و أعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا و وقتك بجميع جوارحها و لم تبال أن تجوع و تطعمك و تعطش و تسقيك و تعرى و تكسوك و تضحى و تظلك و تهجر النوم لأجلك و وقتك الحر و البرد لتكون لها فإنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله و توفيقه و أما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك و أنه لولاه لم تكن فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه فاحمد الله و اشكره على قدر ذلك و لا قوة إلا بالله و أما حق ولدك فأن تعلم أنه منك و مضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و شره و أنك مسئول عما وليته به من حسن الأدب و الدلالة على ربه عز و جل و المعونة له على طاعته فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه و أما حق أخيك فأن تعلم أنه يدك و عزك و قوتك فلا تتخذه سلاحا على معصية الله و لا عدة للظلم لخلق الله و لا تدع نصرته على عدوه و النصيحة له فإن أطاع الله و إلا فليكن الله أكرم عليك منه و لا قوة إلا بالله و أما حق مولاك المنعم عليك فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله و أخرجك من ذل الرق و وحشته إلى عز الحرية و أنسها فأطلقك من أسر الملكة و فك عنك قيد العبودية و أخرجك من السجن و ملكك نفسك و فرغك لعبادة ربك و تعلم أنه أولى الخلق بك في حياتك و موتك و إن نصرته عليك واجبة بنفسك و ما احتاج إليه منك و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ

   و أما حق مولاك الذي أنعمت عليه فأن تعلم أن الله عز و جل جعل عتقك له وسيلة إليه و حجابا لك من النار و أن ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافاة بما أنفقت من مالك و في الآجل الجنة و أما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره و تذكر معروفه و تكسبه المقالة الحسنة و تخلص له الدعاء فيما بينك و بين الله عز و جل فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا و علانية ثم إن قدرت على مكافاته يوما كافأته و حق المؤذن أن تعلم أنه مذكر لك ربك عز و جل و داع لك إلى حظك و عونك على قضاء فرض الله عليك فاشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك و حق إمامك في صلاتك فأن تعلم أنه تقلد السفارة فيما بينك و بين ربك عز و جل و تكلم عنك و لم تتكلم عنه و دعا لك و لم تدع له و كفاك هول المقام بين يدي الله عز و جل فإن كان نقص كان به دونك و إن كان تماما كنت شريكه و لم يكن له عليك فضل فوقى نفسك بنفسه و صلاتك بصلاته فتشكر له على قدر ذلك و أما حق جليسك فأن تلين له جانبك و تنصفه في مجاراة اللفظ و لا تقوم من مجلسك إلا بإذنه و من يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنه و تنسى زلاته و تحفظ خيراته و لا تسمعه إلا خيرا و أما حق جارك فحفظه غائبا و إكرامه شاهدا و نصرته إذا كان مظلوما و لا تتبع له عورة فإن علمت عليه سوءا سترته عليه و إن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك و بينه و لا تسلمه عند شديدة و تقيل عثرته و تغفر ذنبه و تعاشره معاشرة كريمة و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق الصاحب فأن تصحبه بالتفضل و الإنصاف و تكرمه كما يكرمك و لا تدعه يسبق إلى مكرمة فإن سبق كافأته و توده كما يودك و تزجره عما يهم به من معصية و كن عليه رحمة و لا تكن عليه عذابا و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق الشريك فإن غاب كفيته و إن حضر رعيته و لا تحكم دون   حكمه و لا تعمل برأيك دون مناظرته و تحفظ عليه ماله و لا تخونه فيما عز أو هان من أمره فإن يد الله تبارك و تعالى على أيدي الشريكين ما لم يتخاونا و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق مالك فأن لا تأخذه إلا من حله و لا تنفقه إلا في وجهه و لا تؤثر به على نفسك من لا يحمدك فاعمل فيه بطاعة ربك و لا تبخل به فتبوء بالحسرة و الندامة مع التبعة و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق غريمك الذي يطالبك فإن كنت موسرا أعطيته و إن كنت معسرا أرضيته بحسن القول و رددته عن نفسك ردا لطيفا و حق الخليط أن لا تغره و لا تغشه و لا تخدعه و تتقي الله تبارك و تعالى في أمره و حق الخصم المدعي عليك فإن كان ما يدعي عليك حقا كنت شاهده على نفسك و لم تظلمه و أوفيته حقه و إن كان ما يدعي به باطلا رفقت به و لم تأت في أمره غير الرفق و لم تسخط ربك في أمره و لا قوة إلا بالله و حق خصمك الذي تدعي عليه إن كنت محقا في دعواك أجملت مقاولته و لم تجحد حقه و إن كنت مبطلا في دعواك اتقيت الله عز و جل و تبت إليه و تركت الدعوى و حق المستشير إن علمت أن له رأيا أشرت عليه و إن لم تعلم أرشدته إلى من يعلم و حق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه و إن وافقك حمدت الله عز و جل و حق المستنصح أن تؤدي إليه النصيحة و ليكن مذهبك الرحمة له و الرفق به و حق الناصح أن تلين له جناحك و تصغي إليه بسمعك فإن أتى بالصواب حمدت الله عز و جل و إن لم يوافق رحمته و لم تتهمه و علمت أنه أخطأ و لم تؤاخذه

   بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة فلا تعبأ بشي‏ء من أمره على حال و لا قوة إلا بالله و حق الكبير توقيره لسنه و إجلاله لتقدمه في الإسلام قبلك و ترك مقابلته عند الخصام و لا تسبقه إلى طريق و لا تتقدمه و لا تستجهله و إن جهل عليك احتملته و أكرمته لحق الإسلام و حرمته و حق الصغير رحمته في تعليمه و العفو عنه و الستر عليه و الرفق به و المعونة له و حق السائل إعطاؤه على قدر حاجته و حق المسئول إن أعطى فاقبل منه بالشكر و المعرفة بفضله و إن منع فاقبل عذره و حق من سرك الله تعالى به أن تحمد الله عز و جل أولا ثم تشكره و حق من ساءك أن تعفو عنه و إن علمت أن العفو يضر انتصرت قال الله تبارك و تعالى وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ و حق أهل ملتك إضمار السلامة لهم و الرحمة لهم و الرفق بمسيئهم و تألفهم و استصلاحهم و شكر محسنهم و كف الأذى عنهم و تحب لهم ما تحب لنفسك و تكره لهم ما تكره لنفسك و أن تكون شيوخهم بمنزلة أبيك و شبابهم بمنزلة إخوتك و عجائزهم بمنزلة أمك و الصغار بمنزلة أولادك و حق الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عز و جل منهم و لا تظلمهم ما وفوا لله عز و جل بعهده

 لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن موسى عن الأسدي عن البرمكي عن عبد الله بن أحمد عن إسماعيل بن الفضل عن الثمالي عن سيد العابدين علي بن الحسين ع قال حق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عز و جل و حق اللسان إكرامه عن الخنى إلى آخر الخبر

    -2  ف، ]تحف العقول[ رسالة علي بن الحسين ع المعروفة برسالة الحقوق اعلم رحمك الله أن لله عليك حقوقا محيطة بك في كل حركة حركتها أو سكنة سكنتها أو منزلة نزلتها أو جارحة قلبتها أو آلة تصرفت بها بعضها أكبر من بعض و أكبر حقوق الله عليك ما أوجبه لنفسه تبارك و تعالى من حقه الذي هو أصل الحقوق و منه تفرع ثم ما أوجبه عليك لنفسك من قرنك إلى قدمك على اختلاف جوارحك فجعل لبصرك عليك حقا و لسمعك عليك حقا و للسانك عليك حقا و ليدك عليك حقا و لرجلك عليك حقا و لبطنك عليك حقا و لفرجك عليك حقا فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال ثم جعل عز و جل لأفعالك حقوقا فجعل لصلاتك عليك حقا و لصومك عليك حقا و لصدقتك عليك حقا و لهديك عليك حقا و لأفعالك عليك حقا ثم تخرج الحقوق منك إلى غيرك من ذوي الحقوق الواجبة عليك و أوجبها عليك حقا أئمتك ثم حقوق رعيتك ثم حقوق رحمك فهذه حقوق يتشعب منها حقوق فحقوق أئمتك ثلاثة أوجبها عليك حق سائسك بالسلطان ثم حق سائسك بالعلم ثم حق سائسك بالملك و كل سائس إمام و حقوق رعيتك ثلاثة أوجبها عليك حق رعيتك بالسلطان ثم حق رعيتك بالعلم فإن الجاهل رعية العالم و حق رعيتك بالملك من الأزواج و ما ملكت من الأيمان و حقوق رحمك كثيرة متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة فأوجبها عليك حق أمك ثم حق أبيك ثم حق ولدك ثم حق أخيك ثم الأقرب فالأقرب و الأول فالأول ثم حق مولاك المنعم عليك ثم حق مولاك الجاري نعمته عليك ثم حق ذي المعروف لديك ثم حق مؤذنك بالصلاة ثم حق إمامك في صلاتك ثم حق جليسك ثم حق جارك ثم حق صاحبك ثم حق شريكك ثم حق مالك ثم حق غريمك الذي تطالبه ثم حق غريمك الذي يطالبك ثم حق خليطك ثم حق خصمك المدعي عليك ثم حق خصمك الذي تدعي عليه ثم حق مستشيرك ثم حق المشير عليك   ثم حق مستنصحك ثم حق الناصح لك ثم حق من هو أكبر منك ثم حق من هو أصغر منك ثم حق سائلك ثم حق من سألته ثم حق من جرى لك على يديه مساءة بقول أو فعل أو مسرة بذلك بقول أو فعل عن تعمد منه أو غير تعمد منه ثم حق أهل ملتك عامة ثم حق أهل الذمة ثم الحقوق الحادثة بقدر علل الأحوال و تصرف الأسباب فطوبى لمن أعانه الله على قضاء ما أوجب عليه من حقوقه و وفقه و سدده فأما حق الله الأكبر فأنك تعبده لا تشرك به شيئا فإذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا و الآخرة و يحفظ لك ما تحب منها و أما حق نفسك عليك فأن تستوفيها في طاعة الله فتؤدي إلى لسانك حقه و إلى سمعك حقه و إلى بصرك حقه و إلى يدك حقها و إلى رجلك حقها و إلى بطنك حقه و إلى فرجك حقه و تستعين بالله على ذلك و أما حق اللسان فإكرامه عن الخنى و تعويده الخير و حمله على الأدب و إجمامه إلا لموضع الحاجة و المنفعة للدين و الدنيا و إعفاؤه عن الفضول الشنعة القليلة الفائدة التي لا يؤمن ضررها مع قلة عائدتها و يعد شاهد العقل و الدليل عليه و تزين العاقل بعقله و حسن سيرته في لسانه و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العلي العظيم و أما حق السمع فتنزيهه عن أن تجعله طريقا إلى قلبك إلا لفوهة كريمة تحدث في قلبك خيرا أو تكسبك خلقا كريما فإنه باب الكلام إلى القلب يؤدي إليه ضروب المعاني على ما فيها من خير أو شر و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق بصرك فغضه عما لا يحل لك و ترك ابتذاله إلا لموضع عبرة تستقبل بها بصرا أو تستفيد بها علما فإن البصر باب الاعتبار و أما حق رجليك فأن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك و لا تجعلها مطيتك في الطريق المستخفة بأهلها فيها فإنها حاملتك و سالكة بك مسلك الدين و السبق لك و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق يدك فأن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك فتنال بما تبسطها إليه من الله العقوبة

   في الآجل و من الناس بلسان اللائمة في العاجل و لا تقبضها مما افترض الله عليها و لكن توقرها به تقبضها عن كثير مما لا يحل لها و تبسطها بكثير مما ليس عليها فإذا هي قد عقلت و شرفت في العاجل وجب لها حسن الثواب من الله في الآجل و أما حق بطنك فأن لا تجعله وعاء لقليل من الحرام و لا لكثير و أن تقتصد له في الحلال و لا تخرجه من حد التقوية إلى حد التهوين و ذهاب المروة فإن الشبع المنتهى بصاحبه إلى التخم مكسلة و مثبطة و مقطعة عن كل بر و كرم و إن الرأي المنتهى بصاحبه إلى السكر مسخفة و مجهلة و مذهبة للمروة و أما حق فرجك فحفظه مما لا يحل لك و الاستعانة عليه بغض البصر فإنه من أعون الأعوان و ضبطه إذا هم بالجوع و الظمإ و كثرة ذكر الموت و التهدد لنفسك بالله و التخويف لها به و بالله العصمة و التأييد و لا حول و لا قوة إلا به ثم حقوق الأفعال فأما حق الصلاة فأن تعلم أنها وفادة إلى الله و أنك قائم بها بين يدي الله فإذا علمت ذلك كنت خليقا أن تقوم فيها مقام الذليل الراغب الراهب الخائف الراجي المسكين المتضرع المعظم من قام بين يديه بالسكون و الإطراق و خشوع الأطراف و لين الجناح و حسن المناجاة له في نفسه و الطلب إليه في فكاك رقبتك التي أحاطت بها خطيئتك و استهلكتها ذنوبك و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق الصوم فأن تعلم أنه حجاب ضربه الله على لسانك و سمعك و بصرك و فرجك و بطنك ليسترك به من النار و هكذا جاء في الحديث الصوم جنة من النار فإن سكنت أطرافك في حجبتها رجوت أن تكون محجوبا و إن أنت تركتها تضطرب في حجابها و ترفع جنبات الحجاب فتطلع إلى ما ليس لها بالنظرة الداعية للشهوة و القوة الخارجة عن حد التقية لله لم يؤمن أن تخرق الحجاب و تخرج منه و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق الصدقة فأن تعلم أنها ذخرك عند ربك و وديعتك التي لا تحتاج إلى الإشهاد فإذا علمت ذلك كنت بما استودعته سرا أوثق بما استودعته علانية و كنت جديرا أن تكون أسررت إليه أمرا أعلنته و كان الأمر بينك و بينه فيها سرا على كل

   حال و لم يستظهر عليه فيما استودعته منها إشهاد الأسماع و الأبصار عليه بها كأنها أوثق في نفسك و كأنك لا تثق به في تأدية وديعتك إليك ثم لم تمتن بها على أحد لأنها لك فإذا امتننت بها لم تأمن أن يكون بها مثل تهجين حالك منها إلى من مننت بها عليه لأن في ذلك دليلا على أنك لم ترد نفسك بها و لو أردت نفسك بها لم تمتن بها على أحد و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق الهدي فأن تخلص بها الإرادة إلى ربك و التعرض لرحمته و قبوله و لا ترد عيون الناظرين دونه فإذا كنت كذلك لم تكن متكلفا و لا متصنعا و كنت إنما تقصد إلى الله و اعلم أن الله يراد باليسير و لا يراد بالعسير كما أراد بخلقه التيسير و لم يرد بهم التعسير و كذلك التذلل أولى بك من التدهقن لأن الكلفة و المئونة في المتدهقنين فأما التذلل و التمسكن فلا كلفة فيهما و لا مئونة عليهما لأنهما الخلقة و هما موجودان في الطبيعة و لا قوة إلا بالله ثم حقوق الأئمة فأما حق سائسك بالسلطان فأن تعلم أنك جعلت له فتنة و أنه مبتلى فيك بما جعله الله له عليك من السلطان و أن تخلص له في النصيحة و أن لا تماحكه و قد بسطت يده عليك فتكون سبب هلاك نفسك و هلاكه و تذلل و تلطف لإعطائه من الرضى ما يكفه عنك و لا يضر بدينك و تستعين عليه في ذلك بالله و لا تعازه و لا تعانده فإنك إن فعلت ذلك عققته و عققت نفسك فعرضتها لمكروهه و عرضته للهلكة فيك و كنت خليقا أن تكون معينا له على نفسك و شريكا له فيما أتى إليك و لا قوة إلا بالله و أما حق سائسك بالعلم فالتعظيم له و التوقير لمجلسه و حسن الاستماع إليه و الإقبال عليه و المعونة له على نفسك فيما لا غنى بك عنه من العلم بأن تفرغ له عقلك و تحضره فهمك و تذكي له قلبك و تجلي له بصرك بترك اللذات و نقض الشهوات و أن تعلم أنك فيما ألقى رسوله إلى من لقيك من أهل الجهل فلزمك حسن التأدية عنه إليهم و لا تخنه في تأدية رسالته و القيام بها عنه إذا تقلدتها و لا حول

   و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق سائسك بالملك فنحو من سائسك بالسلطان إلا أن هذا يملك ما لا يملكه ذاك تلزمك طاعته فيما دق و جل منك إلا أن تخرجك من وجوب حق الله فإن حق الله يحول بينك و بين حقه و حقوق الخلق فإذا قضيته رجعت إلى حقه فتشاغلت به و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثم حقوق الرعية فأما حقوق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنك إنما استرعيتهم بفضل قوتك عليهم فإنه إنما أحلهم محل الرعية لك ضعفهم و ذلهم فما أولى من كفاكه ضعفه و ذله حتى صيره لك رعية و صير حكمك عليه نافذا لا يمتنع منك بعزة و لا قوة و لا يستنصر فيما تعاظمه منك إلا بالله بالرحمة و الحياطة و الأناة و ما أولاك إذا عرفت ما أعطاك الله من فضل هذه العزة و القوة التي قهرت بها أن تكون لله شاكرا و من شكر الله أعطاه فيما أنعم عليه و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله قد جعلك لهم قيما فيما آتاك من العلم و ولاك من خزانة الحكمة فإن أحسنت فيما ولاك الله من ذلك و قمت به لهم مقام الخازن الشفيق الناصح لمولاه في عبيده الصابر المحتسب الذي إذا رأى ذا حاجة أخرج له من الأموال التي في يديه راشدا و كنت لذلك آملا معتقدا و إلا كنت له خائنا و لخلقه ظالما و لسلبه و غيره متعرضا و أما حق رعيتك بملك النكاح فأن تعلم أن الله جعلها سكنا و مستراحا و أنسا و واقية و كذلك كل أحد منكما يجب أن يحمد الله على صاحبه و يعلم أن ذلك نعمة منه عليه و وجب أن يحسن صحبة نعمة الله و يكرمها و يرفق بها و إن كان حقك عليها أغلظ و طاعتك لها ألزم فيما أحببت و كرهت ما لم تكن معصية فإن لها حق الرحمة و المؤانسة و موضع السكون إليها قضاء اللذة التي لا بد من قضائها و ذلك عظيم و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق رعيتك بملك اليمين فأن تعلم أنه خلق ربك و لحمك و دمك و أنك تملكه لا أنت صنعته دون الله و لا خلقت له سمعا و لا بصرا و لا أجريت له رزقا

   و لكن الله كفاك ذلك بمن سخره لك و ائتمنك عليه و استودعك إياه لتحفظه فيه و تسير فيه بسيرته فتطعمه مما تأكل و تلبسه مما تلبس و لا تكلفه ما لا يطيق فإن كرهته خرجت إلى الله منه و استبدلت به و لم تعذب خلق الله و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق الرحم فحق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا و أطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحدا و أنها وقتك بسمعها و بصرها و يدها و رجلها و شعرها و بشرها و جميع جوارحها مستبشرة بذلك فرحة موبلة محتملة لما فيه مكروهها و ألمه و ثقله و غمه حتى دفعتها عنك يد القدرة و أخرجتك إلى الأرض فرضيت أن تشبع و تجوع هي و تكسوك و تعرى و ترويك و تظمأ و تظلك و تضحى و تنعمك ببؤسها و تلذذك بالنوم بارقها و كان بطنها لك وعاء و حجرها لك حواء و ثديها لك سقاء و نفسها لك وقاء تباشر حر الدنيا و بردها لك و دونك فتشكرها على قدر ذلك و لا تقدر عليه إلا بعون الله و توفيقه و أما حق أبيك فتعلم أنه أصلك و أنك فرعه و أنك لولاه لم تكن فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه و احمد الله و اشكره على قدر ذلك و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق ولدك فتعلم أنه منك و مضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و شره و أنك مسئول عما وليته من حسن الأدب و الدلالة على ربه و المعونة له على طاعته فيك و في نفسه فمثاب على ذلك و معاقب فاعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا المعذر إلى ربه فيما بينك و بينه بحسن القيام عليه و الأخذ له منه و لا قوة إلا بالله و أما حق أخيك فتعلم أنه يدك التي تبسطها و ظهرك الذي تلتجي إليه و عزك الذي تعتمد عليه و قوتك التي تصول بها فلا تتخذه سلاحا على معصية الله و لا عدة للظلم بخلق الله و لا تدع نصرته على نفسه و معونته على عدوه و الحول بينه و بين شياطينه و تأدية النصيحة إليه و الإقبال عليه في الله فإن انقاد لربه و أحسن الإجابة له و إلا فليكن الله آثر عندك و أكرم عليك منه

   و أما حق المنعم عليك بالولاء فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله و أخرجك من ذل الرق و وحشته إلى عز الحرية و أنسها و أطلقك من أسر الملكة و فك عنك حلق العبودية و أوجدك رائحة العز و أخرجك من سجن القهر و دفع عنك العسر و بسط لك لسان الإنصاف و أباحك الدنيا كلها فملكك نفسك و حل أسرك و فرغك لعبادة ربك و احتمل بذلك التقصير في ماله فتعلم أنه أولى الخلق بك بعد أولى رحمك في حياتك و موتك و أحق الخلق بنصرك و معونتك و مكانفتك في ذات الله فلا تؤثر عليه نفسك ما احتاج إليك أبدا و أما حق مولاك الجارية عليه نعمتك فأن تعلم أن الله جعلك حامية عليه و واقية و ناصرا و معقلا و جعله لك وسيلة و سببا بينك و بينه فبالحري أن يحجبك عن النار فيكون في ذلك ثوابك منه في الآجل و يحكم لك بميراثه في العاجل إذا لم يكن له رحم مكافاة لما أنفقته من مالك عليه و قمت به من حقه بعد إنفاق مالك فإن لم تخفه خيف عليك أن لا يطيب لك ميراثه و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره و تذكر معروفه و تنشر به القالة الحسنة و تخلص له الدعاء فيما بينك و بين الله سبحانه فإنك إذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا و علانية ثم إن أمكنك مكافاته بالفعل كافأته و إلا كنت مرصدا له موطنا نفسك عليها و أما حق المؤذن فأن تعلم أنه مذكرك بربك و داعيك إلى حظك و أفضل أعوانك على قضاء الفريضة التي افترضها الله عليك فتشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك و إن كنت في بيتك متهما لذلك لم تكن لله في أمره متهما و علمت أنه نعمة من الله عليك لا شك فيها فأحسن صحبة نعمة الله بحمد الله عليها على كل حال و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق إمامك في صلاتك فأن تعلم أنه قد تقلد السفارة فيما بينك و بين الله و الوفادة إلى ربك و تكلم عنك و لم تتكلم عنه و دعا لك و لم تدع له و طلب فيك و لم تطلب فيه و كفاك هم المقام بين يدي الله و المسألة له فيك و لم تكفه ذلك فإن كان في شي‏ء من ذلك تقصير كان به دونك و إن كان آثما لم تكن شريكه فيه و لم

   يكن لك عليه فضل فوقى نفسك بنفسه و وقى صلاتك بصلاته فتشكر له على ذلك و لا حول و لا قوة إلا بالله و أما حق الجليس فأن تلين له كنفك و تطيب له جانبك و تنصفه في مجاواة اللفظ و لا تغرق في نزع اللحظ إذا لحظت و تقصد في اللفظ إلى إفهامه إذا لفظت و إن كنت الجليس إليه كنت في القيام عنه بالخيار و إن كان الجالس إليك كان بالخيار و لا تقوم إلا بإذنه و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق الجار فحفظه غائبا و كرامته شاهدا و نصرته و معونته في الحالين جميعا لا تتبع له عورة و لا تبحث له عن سوأة لتعرفها فإن عرفتها منه من غير إرادة منك و لا تكلف كنت لما علمت حصنا حصينا و سترا ستيرا لو بحثت الأسنة عنه ضميرا لم تتصل إليه لانطوائه عليه لا تستمع عليه من حيث لا يعلم لا تسلمه عند شديدة و لا تحسده عند نعمة تقيله عثرته و تغفر زلته و لا تذخر حلمك عنه إذا جهل عليك و لا تخرج أن تكون سلما له ترد عنه لسان الشتيمة و تبطل فيه كيد حامل النصيحة و تعاشره معاشرة كريمة و لا حول و لا قوة إلا بالله و أما حق الصاحب فأن تصحبه بالفضل ما وجدت إليه سبيلا و إلا فلا أقل من الإنصاف و أن تكرمه كما يكرمك و تحفظه كما يحفظك و لا يسبقك فيما بينك و بينه إلى مكرمة فإن سبقك كافأته و لا تقصر به عما يستحق من المودة تلزم نفسك نصيحته و حياطته و معاضدته على طاعة ربه و معونته على نفسه فيما يهم به من معصية ربه ثم تكون عليه رحمة و لا تكون عليه عذابا و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق الشريك فإن غاب كفيته و إن حضر ساويته لا تعزم على حكمك دون حكمه و لا تعمل برأيك دون مناظرته تحفظ عليه ماله و تنفي عنه خيانته فيما عز أو هان فإنه بلغنا أن يد الله على الشريكين ما لم يتخاونا و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق المال فأن لا تأخذه إلا من حله و لا تنفقه إلا في حله و لا تحرفه عن مواضعه و لا تصرفه عن حقائقه و لا تجعله إذا كان من الله إلا إليه و سببا إلى الله و لا تؤثر به على نفسك من لعله لا يحمدك و بالحري أن لا يحسن خلافتك في

   تركتك و لا يعمل فيه بطاعة ربك فتكون معينا له على ذلك أو بما أحدث في مالك أحسن نظرا لنفسه فيعمل بطاعة ربه فيذهب بالغنيمة و تبوء بالإثم و الحسرة و الندامة مع التبعة و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق الغريم الطالب لك فإن كنت موسرا أوفيته و كفيته و أغنيته و لم ترده و تمطله فإن رسول الله ص قال مطل الغني ظلم و إن كنت معسرا أرضيته بحسن القول و طلبت إليه طلبا جميلا و رددته عن نفسك ردا لطيفا و لم تجمع عليه ذهاب ماله و سوء معاملته فإن ذلك لؤم و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق الخليط فأن لا تغره و لا تغشه و لا تكذبه و لا تغفله و لا تخدعه و لا تعمل في انتقاضه عمل العدو الذي لا يبقى على صاحبه و إن اطمأن إليك استقصيت له على نفسك و علمت أن غبن المسترسل ربا و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق الخصم المدعي عليك فإن كان ما يدعي عليك حقا لم تنفسخ في حجته و لم تعمل في إبطال دعوته و كنت خصم نفسك له و الحاكم عليها و الشاهد له بحقه دون شهادة الشهود و إن كان ما يدعيه باطلا رفقت به و روعته و ناشدته بدينه و كسرت حدته عنك بذكر الله و ألقيت حشو الكلام و لفظة السوء الذي لا يرد عنك عادية عدوك بل تبوء بإثمه و به يشحذ عليك سيف عداوته لأن لفظة السوء تبعث الشر و الخير مقمعة للشر و لا قوة إلا بالله و أما حق الخصم المدعي عليه فإن كان ما تدعيه حقا أجملت في مقاولته بمخرج الدعوى فإن للدعوى غلظة في سمع المدعى عليه و قصدت قصد حجتك بالرفق و أمهل المهلة و أبين البيان و ألطف اللطف و لم تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل و القال فتذهب عنك حجتك و لا يكون لك في ذلك درك و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق المستشير فإن حضرك له وجه رأي جهدت له في النصيحة و أشرت عليه بما تعلم أنك لو كنت مكانه عملت به و ذلك ليكن منك في رحمة و لين فإن اللين يونس الوحشة و إن الغلظ يوحش من موضع الأنس و إن لم يحضرك له رأي و عرفت له من تثق برأيه و ترضى به لنفسك دللته عليه و أرشدته إليه فكنت لم

   تأله خيرا و لم تدخره نصحا و لا حول و لا قوة إلا بالله و أما حق المشير عليك فلا تتهمه فيما يوافقك عليه من رأيه إذا أشار عليك فإنما هي الآراء و تصرف الناس فيها و اختلافهم فكن عليه في رأيه بالخيار إذا اتهمت رأيه فأما تهمته فلا تجوز لك إذا كان عندك ممن يستحق المشاورة و لا تدع شكره على ما بدا لك من إشخاص رأيه و حسن وجه مشورته فإذا وافقك حمدت الله و قبلت ذلك من أخيك بالشكر و الإرصاد بالمكافاة في مثلها إن فزع إليك و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق المستنصح فإن حقه أن تؤدي إليه النصيحة على الحق الذي ترى له أن يحمل و يخرج المخرج الذي يلين على مسامعه و تكلمه من الكلام بما يطيقه عقله فإن لكل عقل طيقة من الكلام يعرفه و يجيبه و ليكن مذهبك الرحمة و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق الناصح فأن تلين له جناحك ثم تشرئب له قلبك و تفتح له سمعك حتى تفهم عنه نصيحته ثم تنظر فيها فإن كان وفق فيها للصواب حمدت الله على ذلك و قبلت منه و عرفت له نصيحته و إن لم يكن وفق لها فيها رحمته و لم تتهمه و علمت أنه لم يألك نصحا إلا أنه أخطأ إلا أن يكون عندك مستحقا للتهمة فلا تعني بشي‏ء من أمره على كل حال و لا قوة إلا بالله و أما حق الكبير فإن حقه توقير سنه و إجلال إسلامه إذا كان من أهل الفضل في الإسلام بتقديمه فيه و ترك مقابلته عند الخصام لا تسبقه إلى طريق و لا تؤمه في طريق و لا تستجهله و إن جهل عليك تحملت و أكرمته بحق إسلامه مع سنه فإنما حق السن بقدر الإسلام و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق الصغير فرحمته و تثقيفه و تعليمه و العفو عنه و الستر عليه و الرفق به و المعونة له و الستر على جرائر حداثته فإنه سبب للتوبة و المداراة له و ترك مما حكته فإن ذلك أدنى لرشده   و أما حق السائل فإعطاؤه إذا تهبأت صدقه و قدرت على سد حاجته و الدعاء له فيما نزل به و المعاونة له على طلبته و إن شككت في صدقه و سبقت إليه التهمة له لم تعزم على ذلك و لم تأمن أن يكون من كيد الشيطان أراد أن يصدك عن حظك و يحول بينك و بين التقرب إلى ربك و تركته بستره و رددته ردا جميلا و إن غلبت نفسك في أمره و أعطيته على ما عرض في نفسك منه فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ و أما حق المسئول إن أعطى فاقبل منه ما أعطى بالشكر له و المعرفة لفضله و اطلب وجه العذر في منعه و أحسن به الظن و اعلم أنه إن منع ماله منع و أن ليس التثريب في ماله و إن كان ظالما ف إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ و أما حق من سرك الله به و على يديه فإن كان تعمدها لك حمدت الله أولا ثم شكرته على ذلك بقدره في موضع الجزاء و كافأته على فضل الابتداء و أرصدت له المكافاة و إن لم يكن تعمدها حمدت الله و شكرته و علمت أنه منه توحدك بها و أحببت هذا إذ كان سببا من أسباب نعم الله عليك و ترجو له بعد ذلك خيرا فإن أسباب النعم بركة حيث ما كانت و إن كان لم يتعمد و لا قوة إلا بالله و أما حق من ساءك القضاء على يديه بقول أو فعل فإن كان تعمدها كان العفو أولى بك لما فيه له من القمع و حسن الأدب مع كبير أمثاله من الخلق فإن الله يقول وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إلى قوله لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ و قال عز و جل وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ هذا في العمد فإن لم يكن عمدا لم تظلمه بتعمد الانتصار منه فتكون قد كافأته في تعمد على خطاء و رفقت به و رددته بألطف ما تقدر عليه و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و أما حق أهل بيتك عامة فإضمار السلامة و نشر جناح الرحمة و الرفق بمسيئهم و تألفهم و استصلاحهم و شكر محسنهم إلى نفسه و إليك فإن إحسانه إلى نفسه إحسانه إليك إذا كف عنك أذاه و كفاك مئونته و حبس عنك نفسه فعمهم

   جميعا بدعوتك و انصرهم جميعا بنصرتك و أنزلهم جميعا منك منازلهم كبيرهم بمنزلة الوالد و صغيرهم بمنزلة الولد و أوسطهم بمنزلة الأخ فمن أتاك تعاهدته بلطف و رحمة و صل أخاك بما يجب للأخ على أخيه و أما حق أهل الذمة فالحكم فيهم أن تقبل منهم ما قبل الله و تفي بما جعل الله لهم من ذمته و عهده و تكلمهم إليه فيما طلبوا من أنفسهم و أجبروا عليه و تحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك فيما جرى بينك و بينهم من معاملة و ليكن بينك و بين ظلمهم من رعاية ذمة الله و الوفاء بعهده و عهد رسوله ص حائل فإنه بلغنا أنه قال من ظلم معاهدا كنت خصمه فاتق الله و لا حول و لا قوة إلا بالله فهذه خمسون حقا محيطة بك لا تخرج منها في حال من الأحوال يجب عليك رعايتها و العمل في تأديتها و الاستعانة بالله جل ثناؤه على ذلك و لا حول و لا قوة إلا بالله وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ

 إنما أوردناه مكررا للاختلاف الكثير بينهما و قوة سند الأول و كثرة فوائد الثاني

3-  ضا، ]فقه الرضا عليه السلام[ روي لا تقطع أوداء أبيك فيطفي نورك و روي أن الرحم إذا بعدت غبطت و إذا تماست عطبت و روي سر سنتين بر والديك سر سنة صل رحمك سر ميلا عد مريضا سر ميلين شيع جنازة سر ثلاثة أميال أجب دعوة سر أربعة أميال زر أخاك في الله سر خمسة أميال انصر مظلوما و سر ستة أميال أغث ملهوفا سر عشرة أميال في قضاء حاجة المؤمن و عليك بالاستغفار و نروي بروا أباكم يبركم أبناؤكم كفوا عن نساء الناس يعف نساءكم و أروي الأخ الكبير بمنزلة الأب و أروي أن رسول الله كان يقسم لحظاته بين جلسائه و ما سئل عن شي‏ء قط فقال لا بأبي و أمي و لا عاتب أحدا على ذنب أذنب و نروي من عرض لأخيه المؤمن في حديثه فكأنما خدش وجهه و نروي أن رسول الله ص لعن ثلاثة آكل زاده وحده و راكب الفلاة وحده و النائم في بيت وحده و أروي أطرفوا أهاليكم في كل جمعة بشي‏ء من الفاكهة و اللحم حتى يفرحوا بالجمعة