باب 4- الركوع و أحكامه و آدابه و علله

 الآيات البقرة وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ آل عمران مخاطبا لمريم ع وَ ارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ الحج يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا ص وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ الواقعة فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ   المرسلات وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ. تفسير وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ قال الطبرسي رحمه الله الركوع الانحناء و الانخفاض في اللغة و قال ابن دريد الراكع الذي يكبو على وجهه و منه   الركوع في الصلاة و قال صاحب العين كل شي‏ء ينكب لوجهه فيمس ركبتيه الأرض أو لا يمس بعد أن يطأطئ رأسه فهو راكع. قال و إنما خص الركوع بالذكر و هو من أفعال الصلاة بعد قوله وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ لأحد وجوه أحدها أن الخطاب لليهود و لم يكن في صلاتهم ركوع فكان الأحسن ذكر المختص دون المشترك لأنه أبعد من اللبس و ثانيها أنه عبر بالركوع عن الصلاة لأنه أول ما يشاهد من الأفعال التي يستدل بها على أن الإنسان يصلي فكأنه كرر ذكر الصلاة تأكيدا و ثالثها أنه حث على صلاة الجماعة لتقدم ذكر الصلاة في أول الآية انتهى. ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا قيل أي صلوا فإنهما من أعظم أركانها و افعلوهما فيها

 كما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة قال سألته عن الركوع و السجود هل نزل في القرآن فقال نعم قول الله عز و جل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا

الخبر و قيل كان الناس أول ما أسلموا يسجدون بلا ركوع و يركعون بلا سجود فأمروا أن تكون صلاتهم بركوع و سجود. وَ خَرَّ راكِعاً قال الطبرسي أي صلى لله تعالى و أناب إليه و قيل سقط ساجدا لله و رجع إليه و قد يعبر عن السجود بالركوع قال الحسن إنما قال وَ خَرَّ راكِعاً لأنه لا يصير ساجدا حتى يركع   و قال في قوله تعالى فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ أي فبرئ الله تعالى مما يقولون في وصفه و نزهه عما لا يليق بصفاته و قيل معناه قل سبحان ربي العظيم فقد صح عن النبي ص أنه لما نزلت هذه الآية قال اجعلوها في ركوعكم انتهى و روى الصدوق في الفقيه مرسلا مثله. وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ قال الطبرسي أي صلوا لا يصلون

 قال مقاتل نزلت في ثقيف حين أمرهم رسول الله ص بالصلاة فقالوا لا ننحني فإن ذلك مسبة علينا فقال ع لا خير في دين ليس فيه ركوع و سجود

و قيل إن المراد بذلك يوم القيامة حين يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ عن ابن عباس انتهى. ثم اعلم أنه لا خلاف في وجوب الركوع في الصلاة بل هو من ضروريات الدين و لا خلاف بين الأصحاب في كونه ركنا في الجملة و ذهب الشيخ في المبسوط إلى أنه ركن في الأوليين و في ثالثة المغرب دون غيرها و سيأتي تحقيقه

1-  المحاسن، عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة عن أبي جعفر ع قال بينا رسول الله ص جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام يصلي فلم يتم ركوعه   و لا سجوده فقال رسول الله ص نقر كنقر الغراب لئن مات هذا و هكذا صلاته ليموتن على غير ديني

2-  أربعين الشهيد، بإسناده عن شيخ الطائفة عن أبي الحسن بن أحمد القمي عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة مثله

 بيان يدل على وجوب الطمأنينة بقدر الذكر في الركوع و السجود و ادعى عليه الإجماع جماعة و ذهب الشيخ في الخلاف إلى أنها ركن و المشهور خلافه و هو الأصح

3-  العيون، و العلل، عن ابن عبدوس عن ابن قتيبة عن الفضل فيما رواه من العلل عن الرضا ع قال فإن قال فلم جعل التسبيح في الركوع و السجود قيل لعلل منها أن يكون العبد مع خضوعه و خشوعه و تعبده و تورعه و استكانته و تذلله و تواضعه و تقربه إلى ربه مقدسا له ممجدا مسبحا معظما شاكرا لخالقه و رازقه فلا يذهب به الفكر و الأماني إلى غير الله فإن قال فلم جعل ركعة و سجدتين قيل لأن الركوع من فعل القيام و السجود من فعل القعود و صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم فضوعف السجود ليستوي بالركوع فلا يكون بينهما تفاوت لأن الصلاة إنما هي ركوع و سجود و في العلل بعد قوله لخالقه و رازقه و ليستعمل التسبيح و التحميد كما   استعمل التكبير و التهليل و ليشغل قلبه و ذهنه بذكر الله و لم يذهب به الفكر و الأماني إلى غير الله

4-  قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل قرأ في ركوعه من سورة غير السورة التي كان يقرؤها قال إن كان فرغ فلا بأس في السجود و أما الركوع فلا يصلح

 كتاب المسائل، لعلي بن جعفر عنه ع مثله و فيه قال إن نزع بآية فلا بأس في السجود قال و سألته عن الرجل هل يصلح له أن يقرأ في ركوعه أو سجوده الشي‏ء يبقى عليه من السورة يكون يقرؤها قال أما في الركوع فلا يصلح و أما في السجود فلا بأس

بيان الفرق بين الركوع و السجود في ذلك غير معهود في كلام الأصحاب و المشهور كراهة القراءة فيهما مطلقا كما ورد النهي في سائر الأخبار و يمكن حمل هذا على النافلة و الرواية الأولى على ما في كتاب المسائل يمكن حملها على استخراج ذكر من القرآن أو تسبيح سوى التسبيح المشهور فيقرؤه بدلا من التسبيح بناء على إجزاء مطلق الذكر أو مطلق التسبيح أو حمل هذا على الجواز و أخبار المنع على الكراهة و لا يبعد حمل أخبار النهي على التقية لاشتهارها بين العامة و كون رجالها في أكثرها رجال العامة و الأحوط الترك في الفريضة. قال في المنتهى لا تستحب القراءة في الركوع و السجود

 و هو وفاق لما رواه علي ع أن النبي ص نهى عن قراءة القرآن في الركوع و السجود

رواه الجمهور   و لأنها عبادة فتستفاد كيفيتها من صاحب الشرع ع و قد ثبت أنه لم يقرأ فيهما فلو كان مستحبا لنقل فعله. و قال يستحب أن يدعو في ركوعه لأنه موضع إجابة لكثرة الخضوع فيه. و قال في الدروس تكره قراءة القرآن في الركوع و السجود و قال في الذكرى كره الشيخ القراءة في الركوع و كذا يكره عنده في السجود و التشهد

 و قد روى العامة عن علي ع عن النبي ص أنه قال ألا إني نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا

و لعله ثبت طريقه عند الشيخ ره و قد روى في التهذيب قراءة المسبوق مع التقية في ركوعه

 و روي عن عمار عن الصادق ع في الناسي حرفا من القرآن لا يقرؤه راكعا بل ساجدا

5-  العلل، عن علي بن حاتم عن إبراهيم بن علي عن أحمد بن محمد الأنصاري عن الحسين بن علي العلوي عن أبي حكيم الزاهد عن أحمد بن عبد الله قال قال رجل لأمير المؤمنين ع يا ابن عم خير خلق الله ما معنى مد عنقك في الركوع قال تأويله آمنت بوحدانيتك و لو ضربت عنقي

 و منه عن علي بن حاتم عن القاسم بن محمد عن حمدان بن الحسين عن الحسن بن الوليد عن الحسين بن إبراهيم عن محمد بن زياد عن هشام بن الحكم عن أبي الحسن موسى ع قال قلت له لأي علة يقال في الركوع سبحان ربي العظيم و بحمده و يقال في السجود سبحان ربي الأعلى و بحمده قال يا هشام إن الله تبارك و تعالى لما أسرى بالنبي ص و كان من ربه كقاب قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى رفع له حجاب من حجبه فكبر رسول الله ص سبعا حتى رفع له سبع حجب فلما ذكر ما رأى من عظمة الله ارتعدت فرائصه فانبرك على ركبتيه و أخذ يقول سبحان ربي العظيم و بحمده فلما اعتدل من ركوعه قائما و نظر إليه في موضع أعلى من ذلك الموضع خر على وجهه و جعل يقول سبحان ربي الأعلى و بحمده فلما قال سبع مرات   سكن ذلك الرعب فلذلك جرت به السنة

6-  مجالس الشيخ، عن الحسين بن إبراهيم عن محمد بن وهبان عن محمد بن إسماعيل بن حبان عن محمد بن الحسين الحفص عن عباد بن يعقوب عن أبي علي خلاد عن أبي عبد الله ع قال اتقوا الله و أحسنوا الركوع و السجود و كونوا أطوع عباد الله فإنكم لن تنالوا ولايتنا إلا بالورع الخبر

7-  كتاب الغارات، لإبراهيم بن محمد الثقفي عن يحيى بن صالح عن مالك بن خالد عن عبد الله بن الحسن عن عباية قال كتب أمير المؤمنين ع إلى محمد بن أبي بكر انظر ركوعك و سجودك فإن النبي ص كان أتم الناس صلاة و أحفظهم لها و كان إذا ركع قال سبحان ربي العظيم ثلاث مرات و إذا رفع صلبه قال سمع الله لمن حمده اللهم لك الحمد مل‏ء سماواتك و مل‏ء أرضك و مل‏ء ما شئت من شي‏ء فإذا سجد قال سبحان ربي الأعلى و بحمده ثلاث مرات

8-  عدة الداعي، روى سعيد القماط عن الفضل قال قلت لأبي عبد الله ع جعلت فداك علمني دعاء جامعا فقال لي احمد الله فإنه لا يبقى أحد يصلي إلا دعا لك يقول سمع الله لمن حمده

9-  قرب الإسناد، عن السندي بن محمد عن أبي البختري عن الصادق عن أبيه عن علي ع قال لا قراءة في ركوع و لا سجود إنما فيهما المدحة لله عز و جل ثم المسألة فابتدءوا قبل المسألة بالمدحة لله عز و جل ثم اسألوا بعد

 بيان يدل على استحباب الذكر و الدعاء في الركوع كما مر قال في الذكرى يستحب الذكر أمام التسبيح إجماعا و ذكر الدعاء الآتي ثم قال قال ابن الجنيد لا بأس بالدعاء فيهما يعني الركوع و السجود لأمر الدين و الدنيا من غير أن يرفع يديه في الركوع عن ركبتيه و لا عن الأرض في سجوده

    -10  الخصال، عن حمزة العلوي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن السكوني عن الصادق ع عن آبائه عن علي ع قال سبعة لا يقرءون القرآن الراكع و الساجد و في الكنيف و في الحمام و الجنب و النفساء و الحائض

 الهداية، مرسلا مثله

11-  العيون، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال رأيت الرضا ع إذا سجد يحرك ثلاث أصابع من أصابعه واحدة بعد واحدة تحريكا خفيفا كأنه يعد التسبيح ثم يرفع رأسه قال و رأيته يركع ركوعا أخفض من ركوع كل من رأيته ركع كان إذا ركع جنح بيديه

 توضيح يدل على جواز عد التسبيحات بالأصابع و لعله ع فعل ذلك لبيان الجواز إذ الظاهر أنه لا يحتاج إلى ذلك و لا يسهو قال في الذكرى قال ابن الجنيد لو عد التسبيح في ركوعه و سجوده و حفظ على نفسه صلاته لم أر بذلك بأسا و لو نسي التسبيح إلا أنه لبث راكعا و ساجدا بمقدار تسبيحة واحدة أجزأه و مفهومه أنه لو لم يلبث لم يجزه فيكون إشارة إلى أن الطمأنينة ركن كقول الشيخ و الله أعلم

12-  العلل، عن أبيه عن أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن يحيى الأشعري عن يوسف بن الحارث عن عبد الله بن يزيد المنقري عن موسى بن أيوب الغافقي عن عمه أياس بن عامر عن عقبة بن عامر الجهني أنه قال لما أنزلت فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قال لنا رسول الله ص اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال لنا رسول الله ص اجعلوها في سجودكم

    -13  معاني الأخبار، عن حمزة العلوي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال قال علي ع نهاني رسول الله ص و لا أقول نهاكم عن التختم بالذهب و عن ثياب القسي و عن مياثر الأرجوان و عن الملاحف المفدمة و عن القراءة و أنا راكع

 قال الصدوق رحمه الله قال حمزة بن محمد القسي ثياب يؤتى بها من مصر فيها حرير و أصحاب الحديث يقولون القسي بكسر القاف و أهل مصر يقولون القسي تنسب إلى بلاد يقال لها القس هكذا ذكره العبيد بن سلام و قال قد رأيتها و لم يعرفها الأصمعي انتهى. أقول و المفدم هو الثوب المشبع حمرة و قد مر

14-  معاني الأخبار، عن محمد بن هارون الزنجاني عن علي بن عبد العزيز عن القاسم بن سلام رفعه قال قال رسول الله ص إني قد نهيت عن القراءة في الركوع و السجود فأما الركوع فعظموا الله فيه و أما السجود فأكثروا فيها الدعاء فإنه قمن أن يستجاب لكم

 قوله قمن كقولك جدير و حري أن يستجاب لكم

 و نهى ص أن يذبح الرجل في الصلاة كما يذبح الحمار و معناه أن يطأطئ الرجل رأسه في الركوع حتى يكون أخفض من ظهره و كان ع إذا ركع لم يصوب رأسه و لم يقنعه معناه أنه لم يرفعه حتى يكون أعلى من جسده و لكن بين ذلك

 و الإقناع رفع الرأس و إشخاصه قال الله تعالى مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ   و الذي يستحب من هذا أن يستوي ظهر الرجل و رأسه في الركوع لأن رسول الله ص كان إذا ركع لو صب على ظهره ماء لاستقر

 و قال الصادق ع لا صلاة لمن لم يقم صلبه في ركوعه و سجوده

بيان قال الفيروزآبادي القمين الخليق الجدير كالقمن ككتف و جبل و قال في النهاية فيه أنه نهى أن يدبح الرجل في الصلاة هو الذي يطأطئ رأسه في الركوع حتى يكون أخفض من ظهره و قيل دبح تدبيحا إذا طأطأ رأسه و دبح ظهره إذا ثناه فارتفع وسطه كأنه سنام قال الأزهري رواه الليث بالذال المعجمة و هو تصحيف و الصحيح بالمهملة و قال في المعجمة ذبح الرجل إذا طأطأ رأسه للركوع و منه الحديث أنه نهى عن التذبيح في الصلاة هكذا جاء في رواية و المشهور بالمهملة انتهى. أقول أكثر نسخ الكتاب بالمعجمة. و قال في النهاية فيه كان إذا ركع لا يصوب رأسه و لا يقنعه صوب رأسه نكسه و صوب يده أي حطها و لا يقنعه أي لا يرفعه حتى يكون أعلى من ظهره و قد أقنعه يقنعه إقناعا. و قال في الذكرى يكره في الركوع خمسة أشياء التبازخ و هو تسريح الظهر و إخراج الصدر و هو بالزاء و الخاء المعجمتين الثاني التدبيح بالخاء و الحاء و هو أن يقبب الظهر و يطأطئ الرأس روي ذلك في نهي النبي ص و روي أيضا بالذال المعجمة و الدال أعرف و النهي للكراهة هنا

15-  ثواب الأعمال، عن محمد بن موسى بن المتوكل عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد الأشعري عن السندي بن ربيع عن سعيد بن جناح قال كنت عند أبي جعفر ع في منزله بالمدينة فقال مبتدئا من أتم ركوعه لم تدخله وحشة في قبره

 دعوات الراوندي، عنه ع مثله

    -16  ثواب الأعمال، عن محمد بن علي ماجيلويه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد الأشعري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه عن عبد الله عن محمد بن أبي حمزة عن أبيه قال قال أبو جعفر ع من قال في ركوعه و سجوده و قيامه اللهم صل على محمد و آل محمد كتب الله له ذلك بمثل الركوع و السجود و القيام

 توضيح أي ضاعف ثواب تلك الأعمال بسبب الصلاة و يدل على استحبابها في تلك الأحوال و قال في الدروس تجوز الصلاة على النبي و آله في الركوع و السجود و قال في الذكرى و تجوز الصلاة على النبي و آله في الركوع و السجود بل يستحب

17-  مصباح الشريعة، قال الصادق ع لا يركع عبد لله ركوعا على الحقيقة إلا زينه الله بنور بهائه و أظله في ظلال كبريائه و كساه كسوة أصفيائه و الركوع أول و السجود ثاني فمن أتى بمعنى الأول صلح للثاني و في الركوع أدب و في السجود قرب و من لا يحسن الأدب لا يصلح للقرب فاركع ركوع خاشع لله بقلبه متذلل وجل دخل تحت سلطانه خافض له بجوارحه خفض خائف حزن على ما يفوته من فائدة الراكعين حكي أن الربيع بن خثيم كان يسهر الليل إلى الفجر في ركعة واحدة فإذا هو أصبح تزفر و قال آه سبق المخلصون و قطع بنا و استوف ركوعك باستواء ظهرك و انحط عن همتك في القيام بخدمته إلا بعونه و فر بالقلب من وساوس الشيطان و خدائعه و مكايده فإن الله تعالى يرفع عباده بقدر تواضعهم له و يهديهم إلى أصول التواضع و الخضوع و الخشوع بقدر اطلاع عظمته على سرائرهم

18-  السرائر، نقلا من كتاب النوادر للبزنطي عن ابن بكير عن حمزة   بن حمران و الحسن بن زياد قالا دخلنا على أبي عبد الله ع و عنده قوم فصلى بهم العصر و كنا قد صلينا العصر فعددنا له في كل ركعة سبحان ربي العظيم ثلاثا و ثلاثين مرة و قال أحدهما في حديثه و بحمده في الركوع و السجود معا سواء

 قال ابن إدريس و معنى ذلك و الله أعلم أنه كان يعلم أن القوم كانوا يحبون أن يطول بهم في الصلاة ففعل لأنه ينبغي للإمام إذا صلى بقوم أن يخفف بهم. بيان قال في الذكرى ظاهر الشيخ و ابن الجنيد و كثير أن السبع نهاية الكمال في التسبيح و في رواية هشام إشارة إليه لكن روى حمزة بن حمران و الحسن بن زياد و ذكر هذه الرواية ثم قال و روى أبان بن تغلب أنه عد على الصادق ع في الركوع و السجود ستين تسبيحة قال في المعتبر الوجه استحباب ما لا يحصل معه السأم إلا أن يكون إماما و هو حسن و لو علم من المأمومين حب الإطالة استحب له أيضا التكرار

19-  السرائر، نقلا من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب عن أحمد عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن الحكم قال قال أبو عبد الله ع ما من كلمة أخف على اللسان و لا أبلغ من سبحان الله قلت فيجزي أن أقول في الركوع و السجود مكان التسبيح لا إله إلا الله و الحمد لله و الله أكبر قال نعم كل ذا ذكر الله

 بيان يدل على الاكتفاء بمطلق الذكر في الركوع و لا خلاف بين الأصحاب في وجوب الذكر فيه و اختلفوا في موضعين. الأول أنه هل يكفي مطلق الذكر أم يتعين فيه التسبيح و الثاني هو المشهور بل نقل جماعة عليه الإجماع و الأول مذهب الشيخ في المبسوط و الجمل و كثير من المتأخرين و هو أقوى لهذا الخبر و غيره من الأخبار الصحيحة و الحسنة.   الثاني القائلون بالتسبيح اختلفوا على أقوال الأول جواز التسبيح مطلقا ذهب إليه السيد في الإنتصار الثاني وجوب تسبيحة واحدة كبرى و هي سبحان ربي العظيم و بحمده ذهب إليه الشيخ في النهاية الثالث التخيير بين واحدة كبرى و ثلاث صغريات و هي سبحان الله و هو ظاهر الصدوق و الشيخ في التهذيب الرابع وجوب ثلاث على المختار و واحدة على المضطر و هو منسوب إلى أبي الصلاح الخامس نسب في التذكرة القول بوجوب ثلاث تسبيحات كبريات إلى بعض علمائنا و على القول بوجوب التسبيح لعل الأول أقوى و الأخير أحوط و بالعمل أحرى و الأظهر على التقادير استحباب و بحمده لخلو كثير من الروايات عنه و إن اشتملت الصحاح عليه

20-  فلاح السائل، يقول في ركوعه ما روي عن الباقر ع اللهم لك ركعت و لك خشعت و بك آمنت و لك أسلمت و عليك توكلت و أنت ربي خشع لك سمعي و بصري و مخي و عصبي و عظامي و ما أقلته قدماي لله رب العالمين

 و روينا بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما رواه في كتاب زهد مولانا علي بن أبي طالب ع عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن سعيد عن المفضل بن صالح عن أبي الصباح عن أبي عبد الله ع قال كان علي يركع فيسيل عرقه حتى يطأ في عرقه من طول قيامه فإذا رفع المصلي رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أهل الكبرياء و العظمة و الجود و الجبروت

تبيين

 أقول نسخ الحديث و الدعاء في دعاء الركوع مختلفة ففي الكافي و التهذيب في صحيحة زرارة عن الباقر ع ثم اركع و قل اللهم لك ركعت و لك أسلمت   و بك آمنت و عليك توكلت و أنت ربي خشع لك سمعي و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخي و عصبي و عظامي و ما أقلته قدماي غير مستنكف و لا مستكبر و لا مستحسر سبحان ربي العظيم و بحمده ثلاث مرات في ترسل. و في الفقيه اللهم لك ركعت و خشعت و لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكلت و أنت ربي خشع لك وجهي و سمعي و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخي و عصبي و عظامي و ما أقلت الأرض مني لله رب العالمين. و ذكر الشهيد ره في الذكرى كما في الكافي و في النفلية نحوا مما في فلاح السائل. و قال الشهيد الثاني قدس سره و معنى ما أقلته قدماي أي حملتاه و قامتا به و معناه جميع جسمي و في الإتيان به بعد قوله خشع لك سمعي و بصري إلخ تعميم بعد التخصيص و قوله لله رب العالمين يمكن كونه خبر مبتدإ محذوف أي جميع ذلك لله و إن كان قد ذكر أن بعضه لله فإن بعضه و هو قوله و بك آمنت و عليك توكلت لم يدل لفظه على كونه له و يمكن كونه بدلا من قوله لك سمعي إلى آخره إبدال الظاهر من المضمر و التفت من الخطاب إلى الغيبة انتهى. و أقول يحتمل كون ما أقلته مبتدأ و لله خبره و الاستنكاف الأنفة من العبادة و الاستكبار طلب الكبر من غير استحقاق و الاستحسار بالحاء و السين المهملتين التعب أي لا أجد من الركوع تعبا و لا كلالا و لا مشقة بل أجد لذة و راحة و أما الدعاء بعد التسبيح كما ذكره فهو مأخوذ من مصباح الشيخ و لم أر به رواية و في صحيحة زرارة ثم قل سمع الله لمن حمده و أنت منتصب قائم الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة لله رب العالمين و في بعض الكتب بعد قوله و العظمة الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. و في نهاية الشيخ بعد التسميع و التحميد أهل الجود و الجبروت و الكبرياء و العظمة و في النفلية وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أهل الكبرياء و الجود و العظمة لله

    رب العالمين و قال الشهيد الثاني رحمه الله هكذا وجدته بخط المصنف ره بإثبات الألف في الله آخرا و في بعض نسخ الرسالة بخط غيره لله بغير ألف و هو الموافق لرواية زرارة عن الباقر ع برواية التهذيب و خط الشيخ أبي جعفر رحمه الله ثم على ما هنا يمكن كون أهل الكبرياء مبتدأ و الله خبره و يمكن كون أهل صفة ثانية لله و الله رب العالمين مستأنفا إما مبتدأ و خبر أو خبر مبتدإ محذوف تقديره ذلك أو هو و نحو ذلك و على حذف الألف يمكن كون لله رب العالمين تأكيدا لما سبق و يكون الجود و العظمة معطوفين على الكبرياء مجرورين و كونه خبرا للجود و العظمة معطوفة عليه و كونه خبرا للعظمة فتكون مرفوعة و الجود مجرورا على ما سبق و في الذكرى اقتصر على قوله رب العالمين و هو أوضح و اتفق كثير على أن صدر الرواية الحمد لله رب العالمين أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة خلاف ما ذكر في الرسالة انتهى. ثم اعلم أن ظاهر الأصحاب عموم استحباب التسميع للإمام و المأموم و المنفرد و بهذا التعميم صرح المحقق و العلامة قدس الله روحهما في المعتبر و المنتهى و أسنداه إلى علمائنا و هو الظاهر من أكثر الأخبار. و قال بعض أفاضل المتأخرين و لو قيل باستحباب التحميد خاصة للمأموم كان حسنا

 لما رواه الكليني في الصحيح عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله ع قلت ما يقول الرجل خلف الإمام إذا قال سمع الله لمن حمده قال يقول الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و يخفض من الصوت

انتهى و لا يخفى ضعف دلالته على التخصيص و لا يتأتى تخصيص الأخبار الكثيرة به.

 و روى العامة عن أبي هريرة عن النبي ص أنه قال إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد

و قال أبو حنيفة و مالك لا يزيد الإمام على سمع الله لمن حمده و لا المأموم على ربنا لك الحمد فيمكن حمل الخبر   على التقية أيضا. و قال في الذكرى نقل في المعتبر عن الخلاف أن الإمام و المأموم يقولان الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أهل الكبرياء و العظمة ثم قال و هو مذهب علمائنا و أنكر في المعتبر ربنا و لك الحمد و ذكر أن المروي ما ذكره الشيخ قال في المبسوط و إن قال ربنا و لك الحمد لم تفسد صلاته و روايتنا لا واو فيها. و العامة مختلفون في ثبوتها و سقوطها فمنهم من أسقطها لأنها زيادة لا معنى لها و هو منسوب إلى الشافعي و الأكثر على ثبوتها فمنهم من زعم أنها واو العطف و المعطوف هنا مقدر و الواو يدل عليه و تقديره ربنا حمدناك و لك الحمد فيكون ذلك أبلغ في الحمد و زعم بعضهم أن الواو قد تكون مقحمة في كلام العرب و هذه منها لورود اللفظين في الأخبار الصحاح عندهم. قال ابن أبي عقيل و روي اللهم لك الحمد مل‏ء السماوات و مل‏ء الأرض و مل‏ء ما شئت من شي‏ء بعد و الذي أنكره في المعتبر تدفعه قضية الأصل و الخبر حجة عليه و طريقه صحيح و إليه ذهب صاحب الفاخر و اختاره ابن الجنيد و لم يقيده بالمأموم. و استحب في الذكر هنا بالله أقوم و أقعد و ذهب ابن أبي عقيل في ظاهر كلامه و ابن إدريس و صرح به أبو الصلاح و ابن زهرة إلى أنه يقول سمع الله لمن حمده في حال ارتفاعه و باقي الأذكار بعد انتصابه و هو مردود بالأخبار المصرحة بأن الجميع بعد انتصابه و هو قول الأكثر انتهى. أقول إنما عدل المحقق قدس سره و غيره عن ربنا لك الحمد لاشتهاره بين العامة و ذلك مما يحدث الريب فيه و كذا عدلوا عما رواه ابن أبي عقيل لذلك   و لعله اختاره لأنهم رووه عن علي ع برواية عبد الله بن أبي رافع أو وصل إليه خبر آخر.

فائدة

 اعلم أن المشهور بين الأصحاب أن استحباب رفع اليدين إنما هو في حال التكبير و أنه ليس في حال الرفع من الركوع تكبير و لا رفع يد حتى أن المحقق في المعتبر قال رفع اليدين بالتكبير مستحب في كل رفع و وضع إلا في الرفع من الركوع فإنه يقول سمع الله لمن حمده من غير تكبير و لا رفع يد و هو مذهب علمائنا. ثم قال بعد فاصلة و قد روي في بعض أخبارنا استحباب رفع اليدين عند الرفع من الركوع أيضا

 روى ذلك معاوية بن وهب قال رأيت أبا عبد الله ع يرفع يديه إذا ركع و إذا رفع رأسه من الركوع و إذا سجد و إذا رفع رأسه من السجود و إذا أراد السجود للثانية

 و روى ابن مسكان عن أبي عبد الله ع قال يرفع يديه كلما أهوى إلى الركوع و السجود و كلما رفع رأسه من ركوع و سجود و قال هي العبودية

و قال في الذكرى بعد نقل الروايتين و ظاهرهما مقارنة الرفع للرفع و عدم تقييد الرفع بالتكبير فلو ترك التكبير فظاهرهما استحباب الرفع و الحديثان أوردهما في التهذيب و لم ينكر منهما شيئا و هما يتضمنان رفع اليدين عند رفع الرأس من الركوع و لم أقف على قائل باستحبابه إلا ابني بابويه و صاحب الفاخر و نفاه ابن أبي عقيل و الفاضل و هو ظاهر ابن الجنيد و الأقرب استحبابه لصحة سند الحديثين و أصالة الجواز و عموم أن الرفع زينة الصلاة و استكانة من المصلي و حينئذ يبتدئ بالرفع عند ابتداء رفع الرأس و ينتهي بانتهائه و عليه جماعة من العامة انتهى. أقول ميل أكثر العامة إلى استحباب الرفع صار سببا لرفع الاستحباب عند أكثرنا.   و قال في الذكرى يستحب للإمام رفع صوته بالذكر في الركوع و الرفع و أما المأموم فيسر و أما المنفرد فمخير إلا التسميع فإنه جهر لصحيحة زرارة

21-  دعائم الإسلام، عن جعفر بن محمد ع أنه قال إذا ركعت فضع كفيك على ركبتيك و ابسط ظهرك و لا تقنع رأسك و لا تصوبه و قال كان رسول الله ص إذا ركع لو صب على ظهره ماء لاستقر و قال فرج أصابعك على ركبتيك في الركوع و أبلغ أطراف أصابعك عيون الركبتين

 و عنه ع أنه قال و قل في الركوع سبحان ربي العظيم ثلاث مرات

 و مما رويناه مما يقال في الركوع عن جعفر بن محمد ع اللهم لك ركعت و لك خشعت و بك آمنت و عليك توكلت و أنت ربي خشع لك سمعي و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخي و عصبي و عظامي و ما أقلت قدماي غير مستنكف و لا مستكبر و لا مستحسر عن عبادتك و الخشوع لك و التذلل لطاعتك سبحان ربي العظيم و بحمده ثلاث مرات

 و عنه ع أنه قال و إذا رفعت رأسك من الركوع فقل سمع الله لمن حمده ثم تقول ربنا لك الحمد

 و روينا عنه أيضا و عن آبائه الطاهرين ع في القول بعد الركوع وجوها كثيرة منها أن تقول ربنا لك الحمد الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة و الجلال و القدرة اللهم اغفر لي و ارحمني و أجبرني و ارفعني ف إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فهذا و ما هو في معناه يقوله من صلى لنفسه و يجزئ في صلاة الجماعة أن يقول سمع الله لمن حمده يجهر بها و يقول في نفسه ربنا لك الحمد ثم يكبر و يسجد

22-  السرائر، نقلا من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب عن محمد   بن أبي الصهبان عن عبد الرحمن بن أبي نجران عمن ذكره عن مسمع أبي سيار عن أبي عبد الله ع قال يجزيك من القول في الركوع و السجود ثلاث تسبيحات أو قدرهن مترسلا و ليس له و لا كرامة أن يقول سبح سبح سبح

 بيان ظاهره جواز الاكتفاء بثلاث تسبيحات صغريات أو قدرهن من سائر الأذكار و استحباب التأني و ذم الاستعجال

23-  الهداية، قال الصادق ع سبح في ركوعك ثلاثا تقول سبحان ربي العظيم و بحمده ثلاث مرات و في السجود ثلاث مرات سبحان ربي الأعلى و بحمده لأن الله عز و جل لما أنزل على نبيه فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قال النبي ص اجعلوها في ركوعكم فلما أنزل الله سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال اجعلوها في سجودكم فإن قلت سبحان الله سبحان الله سبحان الله أجزأك و تسبيحة واحدة تجزي للمعتل و المريض و المستعجل

24-  المحاسن، عن ابن محبوب عن عمر بن يزيد قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إذا أحسن المؤمن عمله ضاعف الله عمله لكل حسنة سبعمائة و ذلك قول الله تبارك و تعالى وَ اللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ فأحسنوا أعمالكم التي تعملونها لثواب الله فقلت له و ما الإحسان قال فقال إذا صليت فأحسن ركوعك و سجودك و إذا صمت فتوق كل ما فيه فساد صومك و إذا حججت فتوق ما يحرم عليك في حجك و عمرتك قال و كل عمل تعمله فليكن نقيا من الدنس

25-  العلل، لمحمد بن علي بن إبراهيم سئل أمير المؤمنين ع ما معنى الركوع فقال معناه آمنت بك و لو ضربت عنقي و معنى قوله سبحان ربي العظيم و بحمده فسبحان الله أنفة لله عز و جل و ربي خالقي و العظيم هو العظيم   في نفسه غير موصوف بالصغر و عظيم في ملكه و سلطانه و أعظم من أن يوصف تعالى الله قوله سمع الله لمن حمده فهو أعظم الكلمات فلها وجهان فوجه منه معناه أن حمد الله سمعه و الوجه الثاني يدعو لمن حمد الله فيقول اللهم اسمع لمن حمدك

 و قال الصادق ع أقل ما يجب من التسبيح في الركوع و السجود فثلاث تسبيحات لا بد منها يكون في خمس صلوات مائة و ثلاث و خمسون تسبيحة ففي الظهر ست و ثلاثون و في العصر ست و ثلاثون و في المغرب سبع و عشرون و في العتمة ست و ثلاثون و في الفجر ثمان عشرة

26-  السرائر، نقلا من كتاب الحسن بن محبوب عن الحرث بن الأحول عن بريد العجلي قال قلت لأبي جعفر ع أيهما أفضل في الصلاة كثرة القراءة أو طول اللبث في الركوع و السجود قال فقال كثرة اللبث في الركوع و السجود في الصلاة أفضل أ ما تسمع لقول الله تعالى فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ إنما عنى بإقامة الصلاة طول اللبث في الركوع و السجود قلت فأيهما أفضل كثرة القراءة أو كثرة الدعاء فقال كثرة الدعاء أفضل أ ما تسمع لقول الله لنبيه ص قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ

 توضيح قوله ع إنما عنى لعله ع استدل بالمقابلة في الآية و أنه لما ذكر الاكتفاء في القراءة بما تيسر ثم أمر بإقامة الصلاة و عمدة أجزاء الصلاة الركوع و السجود فيفهم منها طول اللبث فيهما أو يقال يفهم من الإقامة الاعتدال و الاستواء فينبغي أن يكون الركوع و السجود مثل القراءة و الأول أظهر

27-  الذكرى، قال روى الحسين بن سعيد بإسناده إلى أبي بصير عن الصادق ع أنه كان يقول بعد رفع رأسه سمع الله لمن حمده الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ   الْعالَمِينَ بحول الله و قوته أقوم و أقعد أهل الكبرياء و العظمة و الجبروت

 قال و بإسناده الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده قال من خلفه ربنا لك الحمد و إن كان وحده إماما أو غيره قال سمع الله لمن حمده الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ

 و منه عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ع أن عليا ع كان يعتدل في الركوع مستويا حتى يقال لو صب الماء على ظهره لاستمسك و كان يكره أن يحدر رأسه و منكبيه في الركوع

28-  العلل، علي بن أحمد عن محمد بن أبي عبد الله عن موسى بن عمران عن الحسين بن يزيد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع لم صارت الصلاة ركعتين و أربع سجدات قال لأن ركعة من قيام بركعتين من جلوس

29-  قرب الإسناد، و كتاب المسائل، بإسنادهما عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن تفريج الأصابع في الركوع أ سنة هو قال من شاء فعل و من شاء ترك

 بيان لا ينافي جواز الترك استحبابه الذي دلت عليه الأخبار الأخر و المراد أنه ليس سنة مؤكدة أو ليس من الواجبات التي ظهرت من السنة قال في المنتهى يستحب للمصلي وضع الكفين على عيني الركبتين مفرجات الأصابع عند الركوع و هو مذهب العلماء كافة إلا ما روي عن ابن مسعود أنه كان إذا ركع طبق يديه و جعلهما بين ركبتيه و في الذكرى عد التطبيق من مكروهات الركوع و لا يحرم على الأقرب و هو قول أبي الصلاح و الفاضلين و ظاهر الخلاف و ابن الجنيد التحريم   و حينئذ يمكن البطلان للنهي عن العبادة و الصحة لأن النهي عن وصف خارج. و عد أيضا من المكروهات الركوع و يده تحت ثيابه و قال ابن الجنيد و لو ركع و يداه تحت ثيابه جاز ذلك إذا كان عليه مئزر أو سراويل و قال أبو الصلاح يكره إطلاق اليدين في الكمين أو تحت الثياب و أطلق انتهى و التفصيل الذي ذكره ابن الجنيد دلت عليه رواية عمار عن الصادق ع

30-  قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل يكون راكعا أو ساجدا فيحكه بعض جسده هل يصلح له أن يرفع يده من ركوعه أو سجوده فيحكه مما حكه قال لا بأس إذا شق عليه و الصبر إلى أن يفرغ أفضل

31-  المعتبر، عن معاوية بن عمار و ابن مسلم و الحلبي قالوا و بلغ بأطراف أصابعك عين الركبة فإن وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك و أحب أن تمكن كفيك من ركبتيك فإذا أردت أن تسجد فارفع يديك بالتكبير و خر ساجدا

 المنتهى، في الصحيح عن الثلاثة نحوه إلى قوله من ركبتيك

بيان يدل على الاكتفاء بالانحناء بمقدار ما يمكن وصول أطراف الأصابع إلى الركبتين و عبارات الأصحاب في ذلك مختلفة فمن بعضها يظهر ذلك و من بعضها وصول الكفين إلى الركبتين كما ذكره في المعتبر أو الراحتين كما ذكره في التذكرة و ادعيا عليه الإجماع من غير أبي حنيفة و لعلهما سامحا في التعبير بل مرادهما وصول جزء من اليد كما في المنتهى و يدل عليه أن في المعتبر استدل عليه بهذه   الرواية مع صراحتها في الاكتفاء بوصول رءوس الأصابع و صرح الشيخ علي و الشهيد الثاني رحمه الله بأن وصول شي‏ء من رءوس الأصابع غير كاف و لا ريب أنه أحوط و نقلوا الإجماع على عدم وجوب وضع اليد و أن المعتبر إمكان وصولها و أما الوضع فهو مستحب و يظهر من بعض الأخبار الوجوب و الأحوط عدم الترك إلا لضرورة

32-  المعتبر، روى جماعة منهم زرارة عن الباقر ع قال ثم قل سمع الله لمن حمده أهل الجود و الكبرياء و العظمة

33-  مشكاة الأنوار، من كتاب المحاسن عن إسحاق بن عمار قال سمعت أبا عبد الله ع يعظ أهله و نساءه و هو يقول لهن لا تقلن في ركوعكن و سجودكن أقل من ثلاث تسبيحات فإنكن إن فعلتن لم يكن أحسن عملا منكن

 أقول قد مضى بعض الأخبار في باب علل الصلاة و باب وصف الصلاة و باب التكبير و سيأتي بعضها في باب السجود