باب 22- ذم الشكاية من الله و عدم الرضا بقسم الله و التأسف بما فات

الآيات النساء وَ لا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَ لِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَ سْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيماً يوسف قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ

1-  ب، ]قرب الإسناد[ هارون عن ابن صدقة قال قال أبو عبد الله ع من شكا إلى أخيه فقد شكا إلى الله و من شكا إلى غير أخيه فقد شكا الله

2-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن آبائه ع قال قال رسول الله ص إن أحب السبحة إلى الله عز و جل سبحة الحديث و أبغض الكلام إلى الله عز و جل التحريف قيل يا رسول الله ما سبحة الحديث قال الرجل يسمع حرص الدنيا و باطلها فيغتم عند ذلك فيذكر الله عز و جل و أما التحريف فكقول الرجل إني مجهود و ما لي و ما عندي

3-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن أحمد بن محمد عن أبيه عن القاسم بن محمد الجوهري عن إسماعيل بن إبراهيم عن أبي معاوية الأشتر عن أبي عبد الله ع قال من شكا إلى مؤمن فقد شكا إلى الله عز و جل و من شكا إلى مخالف فقد شكا   الله عز و جل

4-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن النعمان بن أحمد القاضي عن محمد بن شعبة عن حفص بن عمر بن ميمون عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ع عن الباقر عن آبائه ع قال قال رسول الله ص من كثر همه سقم بدنه و من ساء خلقه عذب نفسه و من لاحى الرجال سقطت مروته و ذهبت كرامته ثم قال ص لم يزل جبرئيل ينهاني عن ملاحاة الرجال كما ينهاني عن شرب الخمر و عبادة الأوثان

5-  ل، ]الخصال[ الأربعمائة قال أمير المؤمنين ع إذا ضاق المسلم فلا يشكون ربه عز و جل و ليشك إلى ربه الذي بيده مقاليد الأمور و تدبيرها

6-  لي، ]الأمالي للصدوق[ في خبر مناهي النبي ص قال من لم يرض بما قسم الله له من الرزق و بث شكواه و لم يصبر و لم يحتسب لم ترفع له حسنة و يلقى الله و هو عليه غضبان إلا أن يتوب

7-  لي، ]الأمالي للصدوق[ عن ابن إدريس عن أبيه عن محمد بن أحمد العلوي عن أحمد بن القاسم عن أبي هاشم الجعفري قال أصابتني ضيقة شديدة فصرت إلى أبي الحسن علي بن محمد ع فأذن لي فلما جلست قال يا با هاشم أي نعم الله عز و جل عليك تريد أن تؤدي شكرها قال أبو هاشم فوجمت و لم أدر ما أقول له فابتدأ ع فقال رزقك الإيمان فحرم به بدنك على النار و رزقك العافية فأعانك على الطاعة و رزقك القنوع فصانك عن التبذل يا با هاشم إنما ابتدأتك بهذا لأني ظننت أنك تريد أن تشكو إلي من فعل بك هذا و قد أمرت لك بمائة   دينار فخذها

8-  لي، ]الأمالي للصدوق[ عن ابن الوليد عن ابن أبان عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن علي الخزاز عن الرضا ع قال قال عيسى ابن مريم للحواريين يا بني إسرائيل لا تأسوا على ما فاتكم من دنياكم إذا سلم دينكم كما لا يأسى أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا سلمت دنياهم

9-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن أبي الخطاب عن ابن أسباط عن سليم مولى طربال عن رجل عن أبي جعفر ع قال سمعته يقول الدنيا دول فما كان منها لك أتاك على ضعفك و ما كان منها عليك أتاك و لم تمتنع منه بقوة ثم اتبع هذا الكلام بأن قال من يئس مما فات أراح بدنه و من قنع بما أوتي قرت عينه

10-  محص، ]التمحيص[ عن يونس بن عمار قال سمعت أبا عبد الله ع قال أيما مؤمن شكا حاجته و ضره إلى كافر أو من يخالفه على دينه فإنما شكا الله إلى عدو من أعداء الله و أيما مؤمن شكا حاجته و ضره و حاله إلى مؤمن مثله كانت شكواه إلى الله عز و جل

11-  نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع من شكا الحاجة إلى مؤمن فكأنما شكاها إلى الله و من شكاها إلى كافر فكأنما شكا الله

12-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن داود الرقي عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص قال الله عز و جل إن من عبادي المؤمنين عبادا لا يصلح لهم أمر دينهم إلا بالغنى و السعة و الصحة في البدن فأبلوهم بالغنى و السعة و صحة البدن فيصلح عليهم أمر دينهم و إن من عبادي المؤمنين لعبادا لا يصلح لهم أمر دينهم إلا بالفاقة و المسكنة و السقم في   أبدانهم فأبلوهم بالفاقة و المسكنة و السقم في أبدانهم فيصلح عليهم أمر دينهم و أنا أعلم بما يصلح عليه أمر دين عبادي المؤمنين و إن من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده و لذيذ وساده فيجتهد لي الليالي فيتعب نفسه في عبادتي فأضربه بالنعاس الليلة و الليلتين نظرا مني إليه و إبقاء عليه فينام حتى يصبح فيقوم و هو ماقت لنفسه زار عليها و لو أخلي بينه و بين ما يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك فيصيره العجب إلى الفتنة بأعماله فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله و رضاه عن نفسه حتى يظن أنه قد فاق العابدين و جاز في عبادته حد التقصير فيتباعد مني عند ذلك و هو يظن أنه يتقرب إلي فلا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي فإنهم لو اجتهدوا و أتعبوا أنفسهم و أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي و النعيم في جناتي و رفيع درجات العلى في جواري و لكن فبرحمتي فليثقوا و بفضلي فليفرحوا و إلى حسن الظن بي فليطمئنوا فإن رحمتي عند ذلك تداركهم و مني يبلغهم رضواني و مغفرتي تلبسهم عفوي فإني أنا الله الرحمن الرحيم و بذلك تسميت

 توضيح الغنى بالكسر و القصر و بالفتح و المد ضد الفقر و السعة بالفتح و الكسر مصدر وسعه الشي‏ء بالكسر يسعه سعة و هي تأكيد للغنى أو المراد بها كثرة الغنى و قد مر تأويل الاختبار مرارا فظهر أن اختلاف أحوالهم مبني على اختبارهم فيختبر بعضهم بالغنى ليظهر شكره أو كفرانه و لعلمه بأنه أصلح لدينه و بعضهم بالفقر ليظهر شكره أو شكايته و لعلمه بأنه أصلح لدينه و هكذا و بالجملة يختبر كلا منهم بما هو أصلح لدينه و دنياه. و الرقاد بالضم النوم أو هو خاص بالليل و الوساد بالفتح المتكأ و المخدة كالوسادة مثلثة و إضافة اللذيذ إليه إضافة الصفة إلى الموصوف و الاجتهاد السعي و الجد في العبادة و الليالي منصوب بالظرفية فأضربه بالنعاس كأنه على الاستعارة   أي أسلطه عليه أو هو نظير قوله تعالى فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ قال الراغب الضرب إيقاع شي‏ء على شي‏ء و لتصور اختلاف الضرب خولف بين تفاسيرها كضرب الشي‏ء باليد و العصا و ضرب الأرض بالمطر و ضرب الدراهم اعتبارا بضربه بالمطرقة و الضرب في الأرض الذهاب فيه لضربها بالأرجل و ضرب الخيمة لضرب أوتادها و قال ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أي التحفتهم الذلة التحاف الخيمة لو ضربت عليه و منه استعير فضربنا على آذانهم و ضرب اللبن بعضه ببعض بالخلط. و في القاموس نظر لهم رثى لهم و أعانهم و في النهاية أبقيت عليه أبقي إبقاء إذا رحمته و أشفقت عليه و الاسم البقيا و قال المقت أشد البغض و قال زريت عليه زراية إذا عتبته. و العجب ابتهاج الإنسان و سروره بتصور الكمال في نفسه و إعجابه بأعماله بظن كمالها و خلوصها و هذا من أقبح الأدواء النفسانية و أعظم الآفات للأعمال الحسنة حتى

 روي عن النبي ص أنه قال لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر من ذلك العجب

و لا ينشأ ذلك إلا من جهل بآفات النفس و أدوائها و بشرائط الأعمال و مفسداتها و عظمة المعبود و جلاله و غنائه عن طاعة المخلوقين فيصيره العجب إلى الفتنة بأعماله أي إلى أن يفتتن بها و يحبها و يراها كاملة فائقة على أعمال غيره أو إلى الضلالة أو الإثم بسبب أعماله و الأول أظهر. قال في القاموس الفتنة بالكسر إعجابك بالشي‏ء و الضلال و الإثم و الكفر و الفضيحة و العذاب و المحنة. فلا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي لأنها و إن كان كاملة فهي في جنب عظمة المعبود ناقصة و في جنب الثواب الذي يرجونه قاصرة و كأن في العبارة إشعارا بذلك و أيضا قد عرفت أن شرائط الأعمال و آفاتها كثيرة يخفى أكثرها على الإنسان و فيه دلالة على جواز العمل بقصد الثواب كما   مر تحقيقه. فيما يطلبون أي في جنب ما يطلبونه عندي و هي كرامتهم علي في الدنيا و الآخرة و قربهم عندي في جواري مجاورة رحمتي أو مجاورة أوليائي أو في أماني و لكن فبرحمتي و في مجالس الشيخ برحمتي فليثقوا و فضلي فليرجوا و في غيره و من فضلي فليرجوا و ما في الكتاب أنسب بقوله تعالى قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا و الباء متعلقة بفعل يفسره ما بعده و الفاء لمعنى الشرط كأنه قيل إن وثقوا بشي‏ء فبرحمتي فليثقوا. و إلى حسن الظن بي فليطمئنوا أي ينبغي أن يروا أعمالهم قاصرة و يظنوا بسعة رحمته و عفوه قبولها فإن رحمتي عند ذلك تداركهم أي تتلافاهم بحذف إحدى التاءين و في المجالس و غيره تدركهم قال الجوهري الإدراك اللحوق و استدركت ما فات و تداركته بمعنى و تدارك القوم أي تلاحقوا و مني بالفتح أي نعمتي يبلغهم رضواني أي يوصلهم إليه و في المجالس و بمني أبلغهم رضواني و ألبسهم عفوي و في فقه الرضا ع و منتي تبلغهم و رضواني و مغفرتي تلبسهم

13-  كا، ]الكافي[ عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن محمد بن إسماعيل عن علي بن النعمان عن عمرو بن نهيك بياع الهروي قال قال أبو عبد الله ع قال الله عز و جل عبدي المؤمن لا أصرفه في شي‏ء إلا جعلته خيرا له فليرض بقضائي و ليصبر على بلائي و ليشكر نعمائي أكتبه يا محمد من الصديقين عندي

    بيان بياع الهروي أي بياع الثوب المعمول في هراة بخراسان لا أصرفه في شي‏ء بالتخفيف و كأن في بمعنى إلى كقوله تعالى وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ أو على بناء التفعيل يقال صرفته في الأمر تصريفا فتصرف قلبته فتقلب و الصديق الكثير الصدق في الأقوال و الأفعال بحيث يكون فعله لقوله موافقا أو الكثير التصديق للأنبياء المتقدم في ذلك على غيره

14-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن مالك بن عطية عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله ع قال إن فيما أوحى الله عز و جل إلى موسى بن عمران ع يا موسى بن عمران ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن فإني إنما أبتليه لما هو خير له و أعافيه لما هو خير له و أزوي عنه لما هو خير له و أنا أعلم بما يصلح عليه عبدي فليصبر على بلائي و ليشكر نعمائي و ليرض بقضائي أكتبه في الصديقين عندي إذا عمل برضاي و أطاع أمري

 بيان البلاء يكون في الخير و الشر و الأول هنا أظهر قال في النهاية قال القتيبي يقال من الخير أبليته أبليه إبلاء و من الشر بلوته أبلوه بلاء و المعروف أن الابتلاء يكون في الخير و الشر معا من غير فرق بين فعليهما و منه قوله تعالى وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً و قال في حديث الدعاء و ما زويت عني مما أحب أي صرفته عني و قبضته انتهى

15-  كا، ]الكافي[ عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن فضيل بن عثمان عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال عجبت للمرء المسلم لا يقضي الله عز و جل له قضاء إلا كان خيرا له و إن قرض بالمقاريض كان خيرا له و إن ملك مشارق الأرض و مغاربها كان خيرا له

    بيان للمرء المسلم كأن المراد بالمسلم المعنى الأخص أي المؤمن المنقاد لله و ربما يقرأ بالتشديد من التسليم و إن قرض على بناء المجهول من باب ضرب أو على بناء التفعيل للتكثير و المبالغة في المصباح قرضت الشي‏ء قرضا من باب ضرب قطعته بالمقراضين و المقراض أيضا بكسر الميم و الجمع مقاريض و لا يقال إذا جمع بينهما مقراض كما تقوله العامة و إنما يقال عند اجتماعهما قرضته قرضا من باب ضرب قطعته بالمقراضين و في الواحد قطعته بالمقراض انتهى. و إن ملك على بناء المجرد المعلوم من باب ضرب أو على بناء المفعول من التفعيل و ربما يحمل التعجب هنا على المجاز إظهارا لغرابة الأمر و عظمه فإنه محل التعجب و أما التعجب حقيقة فلا يكون إلا عند خفاء الأسباب و هي لم تكن مخفية عليه ع

16-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن ابن سنان عن صالح بن عقبة عن عبد الله بن محمد الجعفي عن أبي جعفر ع قال أحق خلق الله أن يسلم لما قضى الله عز و جل من عرف الله عز و جل و من رضي بالقضاء أتى عليه القضاء و عظم الله أجره و من سخط القضاء مضى عليه القضاء و أحبط الله أجره

 بيان أن يسلم بفتح الهمزة بتقدير الباء أي بأن يسلم على بناء التفعيل و يحتمل الإفعال بما قضى الله أي من البلايا و المصائب و تقتير الرزق و أمثال ذلك مما ليس فيه اختيار و عظم الله أجره الضمير راجع إلى القضاء فالمراد بالأجر العوض على طريقة المتكلمين لا الثواب الدائم و يحتمل رجوع الضمير إلى من فالأجر يشملها أي ثواب الرضا و أجر القضاء أو الأعم منهما أيضا فإن الصفات الكمالية تصير سببا لتضاعف أجر سائر الطاعات أيضا. و كذا قوله ع أحبط الله أجره يحتمل الوجوه و قيل يحتمل أن يكون المراد به إحباط ثواب الرضا و إحباط أجر القضاء أيضا و يؤيد الأول ما

 روي عن أبي عبد الله ع قال ثواب المؤمن من ولده إذا مات الجنة صبر   أو لم يصبر

17-  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع الإيمان أربعة أركان الرضا بقضاء الله و التوكل على الله و تفويض الأمر إلى الله و التسليم لأمر الله

 بيان الإيمان أربعة أركان أي مركب منها أوله هذه الأربعة و عليها بناؤه و استقراره فكأنه عينها

18-  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن صالح عن بعض أشياخ بني النجاشي عن أبي عبد الله ع قال رأس طاعة الله الصبر و الرضا عن الله فيما أحب العبد أو كره و لا يرضى عبد عن الله فيما أحب أو كره إلا كان خيرا له فيما أحب أو كره

 بيان رأس طاعة الله أي أشرفها أو ما به بقاؤها فشبه الطاعة بإنسان و أثبت له الرأس في القاموس الرأس معروف و أعلى كل شي‏ء و سيد القوم و في بعض الروايات كل طاعة الله. فيما أحب أي العبد مثل الصحة و السعة و الأمن أو كره كالسقم و الضيق إلا كان أي ما قضاه الله بقرينة المقام فإن الرضا عن الله هو الرضا بقضائه و إرجاعه إلى الرضا بعيد و الرضا به لا ينافي الفرار عنه و الدعاء لدفعه لأنهما أيضا بأمره و قضائه سبحانه

19-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن أبيه عن حماد عن ابن مسكان عن ليث المرادي عن أبي عبد الله ع قال إن أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله عز و جل

 توضيح يدل على أن الرضا بالقضاء تابع للعلم و المعرفة و أنه قابل للشدة و الضعف مثلهما و ذلك لأن الرضا مبني على العلم بأنه سبحانه قادر   قاهر عدل حكيم لطيف بعباده لا يفعل بهم إلا الأصلح و أنه المدبر للعالم و بيده نظامه فكلما كان العلم بتلك الأمور أتم كان الرضا بقضائه أكمل و أعظم و أيضا الرضا من ثمرات المحبة و المحبة تابعة للمعرفة فبعد حصول المحبة لا يأتي من محبوبه إليه شي‏ء إلا كان أحلى من كل شي‏ء

20-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن يحيى بن إبراهيم عن عاصم بن حميد عن الثمالي عن علي بن الحسين ع قال الصبر و الرضا عن الله رأس طاعة الله و من صبر و رضي عن الله فيما قضى عليه فيما أحب أو كره لم يقض الله عز و جل له فيما أحب أو كره إلا ما هو خير له

 بيان مضمونه موافق لحديث بعض الأشياخ فإن قوله ع و من صبر و رضي إلخ المراد به أن الصبر و الرضا وقعا موقعهما فإن المقضي عليه لا محالة خير له لا أنه إذا لم يصبر و لم يرض لم يكن خيرا له و لو حمل على هذا الوجه و اعتبر المفهوم يحتمل أن يكون الرضا سببا لمزيد الخيرية و لو لم يكن إلا الأجر المترتب على الصبر و الرضا لكفى في ذلك مع أنه قد جرب أن الراضي بالسوء من القضاء تتبدل حاله سريعا من الشدة إلى الرخاء. و قيل لا بد من القول بأن المفهوم غير معتبر أو القول بأن ما قضاه الله شر له لفقده أجر الصبر و الرضا أو في نظره بخلاف الصابر و الراضي فإنه خير في نظرهما و في الواقع

21-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن سهل عن البزنطي عن صفوان الجمال عن أبي الحسن الأول ع قال ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئه في رزقه و لا يتهمه في قضائه

22-  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن القاسم بن محمد عن المنقري عن علي بن هاشم بن البريد عن أبيه قال قال علي بن الحسين ع الزهد عشرة أجزاء   أعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع و أعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين و أعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضا

 بيان يدل على أن للزهد في الدنيا و ترك الرغبة فيها مراتب تنتهي أعلاها إلى أدنى درجات الورع أي ترك المحرمات و الشبهات و له أيضا مراتب تنتهي أعلاها إلى أدنى درجات الرضا بقضاء الله فهو أعلى درجات القرب و الكمال

23-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن محمد بن علي عن علي بن أسباط عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال لقي الحسن بن علي ع عبد الله بن جعفر فقال يا عبد الله كيف يكون المؤمن مؤمنا و هو يسخط قسمه و يحقر منزلته و الحاكم عليه الله و أنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إلا الرضا أن يدعو الله فيستجاب له

 توضيح كيف للإنكار مؤمنا أي كاملا في الإيمان مستحقا لهذا الاسم و هو الواو للحال يسخط قسمه القسم بالكسر و هو النصيب أو بالفتح مصدر قسمه كضربه أو بكسر القاف و فتح السين جمع قسمة بالكسر مصدرا أيضا و على الأول الضمير البارز راجع إلى المؤمن و على الأخيرين إما راجع إليه أيضا بالإضافة إلى المفعول أو إلى الله. و يحقر منزلته الضمير راجع إلى المؤمن أيضا أي يحقر منزلته التي أعطاه الله إياها بين الناس في المال و العزة و غيرهما و قيل أي منزلته عند الله لأنه تعالى جعل ذلك قسما له لرفع منزلته فتحقير القسم السبب لها تحقير لها و ما ذكرنا أظهر و يمكن إرجاعه إلى القسم أو إلى الله بالإضافة إلى الفاعل و الحاكم عليه الله الواو للحال و ضمير عليه للمؤمن أو للقسم و قيل الحاكم عطف على منزلته و الله بدل عن الحاكم أي و يحقر الحاكم عليه و هو الله لأن تحقير حكم الحاكم تحقير له و لا يخفى بعده و في القاموس هجس الشي‏ء في صدره يهجس خطر بباله أو هو أن يحدث نفسه في صدره مثل الوسواس و يدل   على أن الرضا بالقضاء موجب لاستجابة الدعاء

24-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن أبيه عن ابن سنان عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال قلت له بأي شي‏ء يعلم المؤمن بأنه مؤمن قال بالتسليم لله و الرضا فيما ورد عليه من سرور أو سخط

 بيان بأنه مؤمن أي متصف بكمال الإيمان بالتسليم لله أي في أحكامه و أوامره و نواهيه فيما ورد عليه أي من قضاياه و تقديراته