باب 27- مواعظ أبي جعفر محمد بن علي الجواد صلوات الله عليه

1-  ف، ]تحف العقول[ قال للجواد ع رجل أوصني قال و تقبل قال نعم قال توسد الصبر و اعتنق الفقر و ارفض الشهوات و خالف الهوى و اعلم أنك لن تخلو من عين الله فانظر كيف تكون

 و قال ع أوحى الله إلى بعض الأنبياء أما زهدك في الدنيا فتعجلك الراحة و أما انقطاعك إلي فيعززك بي و لكن هل عاديت لي عدوا أو واليت لي وليا و كتب إلى بعض أوليائه أما هذه الدنيا فإنا فيها مغترفون و لكن من كان هواه هوى صاحبه و دان بدينه فهو معه حيث كان و الآخرة هي دار القرار

 و قال ع المؤمن يحتاج إلى ثلاث خصال توفيق من الله و واعظ من نفسه و قبول ممن ينصحه

2-  كا، ]الكافي[ من الروضة عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن عمه حمزة بن بزيع و الحسين بن محمد الأشعري عن أحمد بن محمد بن عبد الله عن يزيد بن عبد الله عمن حدثه قال كتب أبو جعفر ع إلى سعد الخير بسم الرحمن الرحيم أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله فإن فيها السلامة من   التلف و الغنيمة في المنقلب إن الله عز و جل يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله و يجلي بالتقوى عنه عماه و جهله و بالتقوى نجا نوح و من معه في السفينة و صالح و من معه من الصاعقة و بالتقوى فاز الصابرون و نجت تلك العصب من المهالك و لهم إخوان على تلك الطريقة يلتمسون تلك الفضيلة نبذوا طغيانهم من الإيراد بالشهوات لما بلغهم في الكتاب من المثلات حمدوا ربهم على ما رزقهم و هو أهل الحمد و ذموا أنفسهم على ما فرطوا و هم أهل الذم و اعلموا أن الله تبارك و تعالى الحليم العليم إنما غضبه على من لم يقبل منه رضاه و إنما يمنع من لم يقبل منه عطاه و إنما يضل من لم يقبل منه هداه ثم أمكن أهل السيئات من التوبة بتبديل الحسنات دعا عباده في الكتاب إلى ذلك بصوت رفيع لم ينقطع و لم يمنع دعاء عباده فلعن الله الذين يكتمون ما أنزل الله و كتب على نفسه الرحمة فسبقت قبل الغضب فتمت صدقا و عدلا فليس يبتدئ العباد بالغضب قبل أن يغضبوه و ذلك من علم اليقين و علم التقوى و كل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه و ولاهم عدوهم حين تولوه و كان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه و حرفوا حدوده فهم يروونه و لا يرعونه و الجهال يعجبهم حفظهم للرواية و العلماء يحزنهم تركهم للرعاية و كان من نبذهم الكتاب أن ولوه الذين لا يعلمون فأوردوهم الهوى و أصدروهم إلى الردي و غيروا عرى الدين ثم ورثوه في السفه و الصبا فالأمة يصدرون عن أمر   الناس بعد أمر الله تبارك و تعالى و عليه يردون بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ولاية الناس بعد ولاية الله و ثواب الناس بعد ثواب الله و رضا الناس بعد رضا الله فأصبحت الأمة كذلك و فيهم المجتهدون في العبادة على تلك الضلالة معجبون مفتونون فعبادتهم فتنة لهم و لمن اقتدى بهم و قد كان في الرسل ذكرى للعابدين إن نبيا من الأنبياء كان يستكمل الطاعة ثم يعصي الله تبارك و تعالى في الباب الواحد فيخرج به من الجنة و ينبذ به في بطن الحوت ثم لا ينجيه إلا الاعتراف و التوبة فاعرف أشباه الأحبار و الرهبان الذين ساروا بكتمان الكتاب و تحريفه فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَ ما كانُوا مُهْتَدِينَ ثم اعرف أشباههم من هذه الأمة الذين أقاموا حروف الكتاب و حرفوا حدوده فهم مع السادة و الكبرة فإذا تفرقت قادة الأهواء كانوا مع أكثرهم دنيا و ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ لا يزالون كذلك في

   طمع و طبع و لا يزال يسمع صوت إبليس على ألسنتهم بباطل كثير يصبر منهم العلماء على الأذى و التعنيف و يعيبون على العلماء بالتكليف و العلماء في أنفسهم خانة إن كتموا النصيحة إن رأوا تائها ضالا لا يهدونه أو ميتا لا يحيونه فبئس ما يصنعون لأن الله تبارك و تعالى أخذ عليهم الميثاق في الكتاب أن يأمروا بالمعروف و بما أمروا به و أن ينهوا عما نهوا عنه و أن يتعاونوا على البر و التقوى و لا يتعاونوا على الإثم و العدوان فالعلماء من الجهال في جهد و جهاد إن وعظت قالوا طغت و إن علموا الحق الذي تركوا قالوا خالفت و إن اعتزلوهم قالوا فارقت و إن قالوا هاتوا برهانكم على ما تحدثون قالوا نافقت و إن أطاعوهم قالوا عصت الله عز و جل فهلك جهال فيما لا يعلمون أميون فيما يتلون يصدقون بالكتاب عند التعريف و يكذبون به عند التحريف فلا ينكرون أولئك أشباه الأحبار و الرهبان قادة في الهوى سادة في الردى و آخرون منهم جلوس بين الضلالة و الهدى لا يعرفون إحدى الطائفتين من الأخرى يقولون ما كان الناس يعرفون هذا و لا يدرون ما هو و صدقوا تركهم رسول الله ص على البيضاء ليلها من نهارها لم يظهر فيهم بدعة و لم يبدل فيهم سنة لا خلاف عندهم و لا اختلاف فلما غشي الناس ظلمة خطاياهم صاروا إمامين داع إلى الله تبارك و تعالى و داع إلى النار فعند ذلك نطق الشيطان فعلى صوته على لسان أوليائه و كثر خيله و رجله و شارك في المال و الولد من أشركه فعمل بالبدعة و ترك الكتاب و السنة و نطق أولياء الله بالحجة و أخذوا بالكتاب و الحكمة فتفرق من ذلك   اليوم أهل الحق و أهل الباطل و تخاذل و تهادن أهل الهدى و تعاون أهل الضلالة حتى كانت الجماعة مع فلان و أشباهه فاعرف هذا الصنف و صنف آخر فأبصرهم رأي العين تحيا و ألزمهم حتى ترد أهلك ف إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ إلى هاهنا رواية الحسين و في رواية محمد بن يحيى زيادة لهم علم بالطريق فإن كان دونهم بلاء فلا تنظر إليهم فإن كان دونهم عسف من أهل العسف و خسف و دونهم بلايا تنقضي ثم تصير إلى رخاء ثم اعلم أن إخوان الثقة ذخائر بعضهم لبعض و لو لا أن تذهب بك الظنون عني لجليت لك عن أشياء من الحق غطيتها و لنشرت لك أشياء من الحق كتمتها و لكني أتقيك و أستبقيك و ليس الحليم الذي لا يتقى أحدا في مكان التقوى و الحلم لباس العالم فلا تعرين منه و السلام

3-  كا، ]الكافي[ رسالة أيضا منه إليه عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن عمه حمزة بن بزيع قال كتب أبو جعفر ع إلى سعد الخير    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أما بعد فقد جاءني كتابك تذكر فيه معرفة ما لا ينبغي تركه و طاعة من رضا الله رضاه فقبلت من ذلك لنفسك ما كانت نفسك مرتهنة لو تركته تعجب إن رضا الله و طاعته و نصيحته لا تقبل و لا توجد و لا تعرف إلا في عباد غرباء أخلاء من الناس قد اتخذهم الناس سخريا لما يرمونهم به من المنكرات و كان يقال لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون أبغض إلى الناس من جيفة الحمار و لو لا أن يصيبك من البلاء مثل الذي أصابنا فتجعل فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ و أعيذك بالله و إيانا من ذلك لقربت على بعد منزلتك و اعلم رحمك الله أنا لا ننال محبة الله إلا ببغض كثير من الناس و لا ولايته إلا بمعاداتهم و فوت ذلك قليل يسير لدرك ذلك من الله لقوم يعلمون يا أخي إن الله عز و جل جعل في كل من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى و يصبرون معهم على الأذى يجيبون داعي الله و يدعون إلى الله فأبصرهم رحمك الله فإنهم في منزلة رفيعة و إن أصابتهم في الدنيا وضيعة إنهم يحيون بكتاب الله الموتى و يبصرون بنور الله من العمى كم من قتيل لإبليس قد أحيوه و كم من تائه ضال قد هدوه يبذلون دماءهم دون هلكة العباد و ما أحسن أثرهم على العباد و أقبح آثار العباد عليهم

4-  الدرة الباهرة، قال أبو جعفر الجواد ع كيف يضيع من الله كافله   و كيف ينجو من الله طالبه و من انقطع إلى غير الله وكله الله إليه و من عمل على غير علم ما يفسد أكثر مما يصلح القصد إلى الله تعالى بالقلوب أبلغ من إتعاب الجوارح بالأعمال من أطاع هواه أعطى عدوه مناه من هجر المداراة قاربه المكروه و من لم يعرف الموارد أعيته المصادر و من انقاد إلى الطمأنينة قبل الخبرة فقد عرض نفسه للهلكة و للعاقبة المتعبة من عتب من غير ارتياب أعتب من غير استعتاب راكب الشهوات لا تستقال له عثرة اتئد تصب أو تكد الثقة بالله ثمن لكل غال و سلم إلى كل عال إياك و مصاحبة الشرير فإنه كالسيف المسلول يحسن منظره و يقبح أثره إذا نزل القضاء ضاق الفضاء كفى بالمرء خيانة أن يكون أمينا للخونة غنى المؤمن غناه عن الناس نعمة لا تشكر كسيئة لا تغفر لا يضرك سخط من رضاه الجور من لم يرض من أخيه بحسن النية لم يرض بالعطية

5-  أعلام الدين، قال أبو جعفر محمد بن علي الجواد ع كيف يضيع من الله كافله و كيف ينجو من الله طالبه و من انقطع إلى غير الله وكله الله إليه و من عمل على غير علم ما أفسد أكثر مما يصلح

 و قال ع من أطاع هواه أعطى عدوه مناه

 و قال ع من هجر المداراة قارنه المكروه و من لم يعرف الموارد أعيته المصادر و من انقاد إلى الطمأنينة قبل الخبرة فقد عرض نفسه للهلكة و للعاقبة المتعبة

 و قال ع قد عاداك من ستر عنك الرشد اتباعا لما تهواه

 و قال ع راكب الشهوات لا تقال عثرته

 و قال ع الثقة بالله تعالى ثمن لكل غال و سلم إلى كل عال

 و قال ع إياك و مصاحبة الشرير فإنه كالسيف يحسن منظره و يقبح أثره

    و قال ع الحوائج تطلب بالرجاء و هي تنزل بالقضاء و العافية أحسن عطاء

 و قال ع إذا نزل القضاء ضاق الفضاء

 و قال ع لا تعادي أحدا حتى تعرف الذي بينه و بين الله تعالى فإن كان محسنا فإنه لا يسلمه إليك و إن كان مسيئا فإن علمك به يكفيكه فلا تعاده

 و قال ع لا تكن وليا لله في العلانية عدوا له في السر

 و قال ع التحفظ على قدر الخوف

 و قال ع عز المؤمن في غناه عن الناس

 و قال ع نعمة لا تشكر كسيئة لا تغفر

 و قال ع لا يضرك سخط من رضاه الجور

 و قال ع من لم يرض من أخيه بحسن النية لم يرض منه بالعطية

 و قال ع الأيام تهتك لك الأمر عن الأسرار الكامنة

 و قال ع تعرف عن الشي‏ء إذا صنعته لقلة صحبته إذا أعطيته