باب 34- تضاعف الحسنات و تأخير إثبات الذنوب بفضل الله و ثواب نية الحسنة و العزم عليها و أنه لا يعاقب على العزم على الذنوب

 الآيات النساء إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَ إِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَ يُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً و قال إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً الأنعام مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ يونس لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وَ الَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ القصص مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ حمعسق وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ

    -1  مع، ]معاني الأخبار[ ابن المتوكل عن محمد العطار عن ابن عيسى عن عثمان بن عيسى عن أبي أيوب الخزاز قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لما نزلت هذه الآية على النبي ص مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها قال رسول الله ص اللهم زدني فأنزل الله تبارك و تعالى مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها فقال رسول الله ص اللهم زدني فأنزل الله عز و جل مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً فعلم رسول الله ص أن الكثير من الله عز و جل لا يحصى و ليس له منتهى

 شي، ]تفسير العياشي[ عن علي بن عمار عنه ع مثله

2-  ل، ]الخصال[ الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي عن فرات عن محمد بن ظهير عن الحسن بن علي العبدي عن سهل بن عبد الوهاب عن عبد القدوس عن سليمان بن مهران عن جعفر بن محمد ع أنه قال إذا هم العبد بحسنة كتبت له حسنة فإذا عملها كتبت له عشر حسنات و إذا هم بسيئة لم تكتب عليه فإذا عملها أجل تسع ساعات فإن ندم عليها و استغفر و تاب لم تكتب عليه و إن لم يندم و لم يتب منها كتبت عليه سيئة واحدة

3-  ب، ]قرب الإسناد[ هارون عن ابن صدقة عن جعفر عن أبيه ع قال ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا إلا أجله الله فيه سبع ساعات فإن هو تاب منه و استغفر لم يكتب عليه و إن لم يتب كتب عليه سيئة واحدة

    -4  ب، ]قرب الإسناد[ هارون عن ابن صدقة عن جعفر عن أبيه ع قال أتى أبي رضي الله عنه الحسن البصري و قال يا أبا جعفر بلغني عنك أنك قلت ما من عبد يذنب ذنبا إلا أجله الله سبع ساعات فإن هو تاب منه و استغفر لم يكتب عليه فقال له أبي ليس هكذا قلت و لكني قلت ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا و كذلك كان قولي

5-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن محمد بن محمد بن طاهر عن ابن عقدة عن محمد بن إسماعيل عن الحسن بن زياد عن محمد بن إسحاق عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال قال رسول الله ص صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال فإذا عمل العبد السيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال لا تعجل و أنظره سبع ساعات فإن مضى سبع ساعات و لم يستغفر قال اكتب فما أقل حياء هذا العبد

6-  ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن الوليد عن الصفار عن جعفر بن محمد بن عبيد الله عن بكر بن محمد الأزدي عن أبي عبد الله ع قال إن المؤمن لينوي الذنب فيحرم رزقه

7-  سن، ]المحاسن[ ابن محبوب عن عمر بن يزيد قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إذا أحسن المؤمن عمله ضاعف الله عمله لكل حسنة سبعمائة و ذلك قول الله تبارك و تعالى وَ اللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ فأحسنوا أعمالكم التي تعملونها لثواب الله فقلت له و ما الإحسان قال فقال إذا صليت فأحسن ركوعك و سجودك و إذا صمت فتوق كل ما فيه فساد صومك و إذا حججت فتوق ما يحرم عليك في حجك و عمرتك قال و كل عمل تعمله فليكن نقيا من الدنس

    شي، ]تفسير العياشي[ عن عمر بن يزيد مثله

8-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد الوابشي عن أبي عبد الله ع قال إذا أحسن العبد المؤمن ضاعف الله له عمله بكل حسنة سبعمائة ضعف و ذلك قول الله تبارك و تعالى وَ اللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ

9-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع قالوا سألناهما عن قوله مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها أ هي لضعفاء المسلمين قال لا و لكنها للمؤمنين و إنه لحق على الله أن يرحمهم

10-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة عن أبي عبد الله ع قال إن الله تبارك و تعالى جعل لآدم ثلاث خصال في ذريته جعل لهم أن من هم منهم بحسنة أن يعملها كتب له حسنة و من هم بحسنة فعملها كتب له بها عشر حسنات و من هم بالسيئة أن يعملها لا يكتب عليه و من عملها كتبت عليه سيئة واحدة و جعل لهم التوبة حتى يبلغ حنجرة الرجل فقال إبليس يا رب جعلت لآدم ثلاث خصال فاجعل لي مثل ما جعلت له فقال قد جعلت لك لا يولد له مولود إلا ولد لك مثله و جعلت لك أن تجري منهم مجرى الدم في العروق و جعلت لك أن جعلت صدورهم أوطانا و مساكن لك فقال إبليس يا رب حسبي

11-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن أبي عمير عن جميل عن بكير عن أحدهما ع قال إن آدم ع قال يا رب سلطت علي الشيطان و أجريته مجرى الدم مني فاجعل لي شيئا أصرف كيده عني قال يا آدم قد جعلت لك أن من هم من ذريتك   بسيئة لم يكتب عليه و من هم منهم بحسنة و لم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرة قال يا رب زدني قال يا آدم قد جعلت لك أن من عمل منهم بسيئة ثم استغفر غفرت له قال يا رب زدني قال قد جعلت لهم التوبة أو بسطت لهم التوبة حتى تبلغ النفس الحنجرة قال يا رب حسبي

    -12  العيون، عن محمد بن أحمد بن الحسين عن علي بن محمد بن جعفر عن دارم بن قبيصة عن الرضا عن آبائه ع قال قال رسول الله ص يوحي الله إلى الحفظة الكرام البررة لا تكتبوا على عبدي و أمتي على ضجرهم و عثراتهم بعد العصر

13-  كتاب المسلسلات، حدثنا محمد بن علي بن الحسين قال حدثني أبي عن حبيب بن الحسن التغلبي عن عبد الله بن المنصور عن أبيه قال سألت مولانا أبا الحسن موسى بن جعفر ع عن قوله عز و جل يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى قال فقال لي سألت أبي قال سألت جدي قال سألت أبي علي بن الحسين قال سألت أبي الحسين بن علي قال سألت النبي ص عن قول الله عز و جل يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى قال سألت الله عز و جل فأوحى إلي أني خلقت في قلب آدم عرقين يتحركان بشي‏ء من الهواء فإن يكن في طاعتي كتبت له حسنات و إن يكن في معصيتي لم أكتب عليه شيئا حتى يواقع الخطيئة فاذكروا الله على ما أعطاكم أيها المؤمنون

 14-  قال الشهيد رفع الله درجته في القواعد لا يؤثر نية المعصية عقابا و لا ذما ما لم يتلبس بها و هو مما ثبت في الأخبار العفو عنه و لو نوى المعصية و تلبس بما يراه معصية فظهر خلافها ففي تأثير هذه النية نظر من حيث إنها لم تصادف المعصية فقد صارت كنية مجردة و هي غير مؤاخذ بها نظر و من دلالتها على انتهاكه الحرمة و جرأته على   المعاصي و قد ذكر بعض الأصحاب أنه لو شرب المباح متشبها بشراب المسكر فعل حراما و لعله ليس لمجرد النية بل بانضمام فعل الجوارح إليها و يتصور محل النظر في صور منها ما لو وجد امرأته في منزل غيره فظنها أجنبية فأصابها فتبين أنها زوجته أو أمته و منها ما لو وطئ زوجته فظنها حائضا فبان طاهرا و منها لو هجم على طعام بيد غيره فأكل منه فتبين ملك الآكل و منها لو ذبح شاة فظنها للغير بقصد العدوان فظهرت ملكه و منها إذا قتل نفسا فظنها معصومة فبانت مهدورة و قد قال بعض العامة يحكم بفسق متعاطي ذلك لدلالته على عدم المبالاة بالمعاصي و يعاقب في الآخرة ما لم يتب عقابا متوسطا بين عقاب الكبيرة و الصغيرة و كلاهما تحكم و تخرص على الغيب انتهى و قال شيخنا البهائي قدس الله روحه في بعض تعليقاته على الكتاب المذكور قوله لا يؤثر نية المعصية عقابا و لا ذما إلخ غرضه طاب ثراه أن نية المعصية و إن كانت معصية إلا أنه لما وردت الأخبار بالعفو عنها لم يترتب على فعلها عقاب و لا ذم و إن ترتب استحقاقهما و لم يرد أن قصد المعصية و العزم على فعلها غير محرم كما يتبادر إلى بعض الأوهام حتى لو قصد الإفطار مثلا في شهر رمضان و لم يفطر لم يكن آثما كيف و المصنف مصرح في كتب الفروع بتأثيمه و الحاصل أن تحريم العزم على المعصية مما لا ريب فيه عندنا و كذا عند العامة و كتب الفريقين من التفاسير و غيرها مشحونة بذلك بل هو من ضروريات الدين و لا بأس بنقل شي‏ء من كلام الخاصة و العامة في هذا الكتاب ليرتفع به جلباب الارتياب في الجوامع عند تفسير قوله تعالى إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا يقال للإنسان لم سمعت ما لا يحل لك سماعه و لم نظرت إلى ما لا يحل لك النظر إليه و لم عزمت على ما يحل لك العزم عليه انتهى و كلامه   رحمه الله في مجمع البيان قريب من كلامه هذا و قال البيضاوي و غيره من علماء العامة عند تفسير هذه الآية فيها دليل على أن العبد مؤاخذ بعزمه على المعصية انتهى و عبارة الكشاف موافقة لعبارة الطبرسي ره و كذا عبارة التفسير الكبير للفخري و قال السيد المرتضى علم الهدى أنار الله برهانه في كتاب تنزيه الأنبياء عند ذكر قوله تعالى إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَ اللَّهُ وَلِيُّهُما إنما أراد تعالى أن الفشل خطر ببالهم و لو كان الهم في هذا المكان عزما لما كان الله وليهما ثم قال و إرادة المعصية و العزم عليها معصية و قد تجاوز قوم حتى قالوا العزم على الكبيرة كبيرة و على الكفر كفر انتهى كلامه نور الله مرقده و كلام صاحب الكشاف في تفسير هذه الآية مطابق لكلامه طاب ثراه و كذا كلام البيضاوي و غيره و أيضا فقد صرح الفقهاء بأن الإصرار على الصغائر الذي هو معدود من الكبائر إما فعلي و هو المداومة على الصغائر بلا توبة و إما حكمي و هو العزم على فعل الصغائر متى تمكن منها و بالجملة فتصريحات المفسرين و الفقهاء و الأصوليين بهذا المطلب أزيد من أن تحصى و الخوض فيه من قبيل توضيح الواضحات و من تصفح كتب الخاصة و العامة لا يعتريه ريب فيما تلوناه فإن قلت قد ورد عن أئمتنا ع أخبار كثيرة تشعر بأن العزم على المعصية ليس بمعصية

 كما رواه ثقة الإسلام في الكافي عن زرارة عن أحدهما ع أنه قال إن الله تعالى جعل لآدم في ذريته من هم بحسنة و لم يعملها كتبت له حسنة و من هم بحسنة و عملها كتبت له عشرا و من هم بسيئة لم تكتب عليه و من هم   بها و عملها كتبت عليه سيئة

 و كما رواه عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع   أنه قال إن المؤمن ليهم بالسيئة أن يعملها فلا تكتب عليه و الأحاديث الواردة في الكافي و غيره بهذا المضمون كثيرة قلت لا دلالة في تلك الأحاديث على ما ظننت من أن العزم على المعصية ليس معصية و إنما دلت على أن من عزم على معصية كشرب الخمر و الزنا مثلا و لم يعملها لم يكتب عليه تلك المعصية التي عزم عليها و أين هذا عن المعنى الذي ظننته قوله فهو غير مؤاخذ بها أي غير معاقب عليها لأنها معفو عنها قوله منها ما لو وجد امرأته إلخ عد بعضهم من هذه الصور ما لو صلى في ثوب يظن أنه حرير أو مغصوب عالما بالحكم فظهر بعد الصلاة أنه ممزوج أو مباح و فرع على ذلك التردد في بطلان صلاته و الأولى عدم التردد في بطلانها نعم يتمشى صحتها عند القائل بعدم دلالة النهي في العبادة على الفساد   قوله و كلاهما أي الحكم بفسق متعاطي ذلك و بعقابه عقابا متوسطا قول بلا دليل و فيه أن دليل الأول مذكور و سيما على القول بأن العزم على الكبيرة كبيرة فتأمل قوله و تخرص بالخاء المعجمة و الصاد المهملة أي كذب و تخمين باطل