باب 44- الحياء من الله و من الخلق

1-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن سهل عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبي عبيدة عن أبي عبد الله ع قال الحياء من الإيمان و الإيمان في الجنة

 تبيين الحياء ملكة للنفس توجب انقباضها عن القبيح و انزجارها عن خلاف الآداب خوفا من اللوم و من في قوله من الإيمان إما سببية أي تحصل بسبب الإيمان لأن الإيمان بالله و برسوله و بالثواب و العقاب و قبح ما بين الشارع قبحه يوجب الحياء من الله و من الرسول و من الملائكة و انزجار النفس من القبائح و المحرمات لذلك أو تبعيضية أي من الخصال التي هي من أركان الإيمان أو توجب كماله. و قال الراوندي رحمه الله في ضوء الشهاب الحياء انقباض النفس عن القبائح و تركها لذلك يقال حيي يحيا حياء فهو حيي و استحيا فهو مستحي و استحى فهو مستح و الحياء إذا نسب إلى الله فالمراد به التنزيه و أنه لا يرضى فيوصف بأنه يستحي منه و يتركه كرما و ما أكثر ما يمنع الحياء من الفواحش و الذنوب و لذلك قال ص الحياء من الإيمان الحياء خير كله الحياء لا يأتي إلا بالخير فإن الرجل إذا كان حييا لم يرخص حياؤه من الخلق في شي‏ء من الفواحش فضلا عن الحياء من الله

 و روى ابن مسعود أنه جاء قوم إلى النبي ص فقالوا إن صاحبنا قد أفسده الحياء فقال النبي ص إن الحياة من الإسلام و إن البذاء من لؤم المرء

انتهى و الإيمان في الجنة أي صاحبه

2-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن حسن الصيقل قال قال أبو عبد الله ع الحياء و العفاف و العي أعني   عي اللسان لا عي القلب من الإيمان

 بيان العفاف أي ترك المحرمات بل الشبهات أيضا و يطلق غالبا على عفة البطن و الفرج و في القاموس عي بالأمر و عيي كرضي و تعايا و استعيا و تعيا لم يهتد لوجه مراده أو عجز منه و لم يطق أحكامه و عيي في المنطق كرضي عيا بالكسر حصر و أعيا الماشي كل انتهى و المراد بعي اللسان ترك الكلام فيما لا فائدة فيه و عدم الاجتراء على الفتوى بغير علم و على إيذاء الناس و أمثاله و هذا ممدوح و عي القلب عجزه عن إدراك دقائق المسائل و حقائق الأمور و هو مذموم. من الإيمان قيل أي من قبيلة في المنع عن القبائح أو من أفراده أو من أجزائه أو من شيم أهله و محاسنه التي ينبغي التخلق بها انتهى.

 أقول و روى الحسين بن سعيد في كتاب الزهد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن الصيقل قال كنت عند أبي عبد الله ع جالسا فبعث غلاما له أعجميا في حاجة إلى رجل فانطلق ثم رجع فجعل أبو عبد الله ع يستفهمه الجواب و جعل الغلام لا يفهمه مرارا قال فلما رأيته لا يتعبر لسانه و لا يفهمه ظننت أن أبا عبد الله ع سيغضب عليه قال و أحد أبو عبد الله النظر إليه ثم قال أما و الله لئن كنت عيي اللسان فما أنت بعيي القلب ثم قال إن الحياء و العي عي اللسان لا عي القلب من الإيمان و الفحش و البذاء و السلاطة من النفاق

3-  كا، ]الكافي[ عن الحسين بن محمد عن محمد بن أحمد النهدي عن مصعب بن يزيد عن العوام بن الزبير عن أبي عبد الله ع قال من رق وجهه رق علمه

 بيان المراد برقة الوجه الاستحياء عن السؤال و طلب العلم و هو مذموم فإنه لا حياء في طلب العلم و لا في إظهار الحق و إنما الحياء عن الأمر القبيح قال تعالى إن الله لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ و رقة العلم كناية عن قلته و ما قيل إن المراد برقة الوجه قلة الحياء فضعفه ظاهر و في القاموس الرقة بالكسر   الرحمة رققت له أرق و الاستحياء و الدقة رق يرق فهو رقيق و رقاق انتهى و استعارة رقة الوجه للحياء شائع بين العرب و العجم و قيل المراد برقة العلم الاكتفاء بما يجب و يحسن طلبه لا الغلو فيه بطلب ما لا يفيد بل يضر كعلم الفلاسفة و نحوه أو استعارة للإنتاج فإن الثوب الرقيق يحكي ما تحته أو يكون نسبة الرقة إلى العلم على المجاز و المراد رقة المعلوم أي يتعلق علمه بالدقائق و الحقائق الخفية و لا يخفى ما في الجميع من التكلف و التعسف

4-  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن يحيى أخي دارم عن معاذ بن كثير عن أحدهما ع قال الحياء و الإيمان مقرونان في قرن فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه

 بيان في القاموس القرن بالتحريك حبل يجمع به البعيران و خيط من سلب يشد في عنق الفدان انتهى و الغرض بيان تلازمهما و لا ينافي الجزئية و يحتمل أن يكون المراد هنا بالإيمان العقائد اليقينية المستلزمة للأخلاق الجميلة و الأفعال الحسنة كما عرفت أنه أحد معانيه

5-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن سهل عن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن يقطين عن الفضيل بن كثير عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال لا إيمان لمن لا حياء له

6-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن بعض أصحابنا رفعه قال قال رسول الله ص الحياء حياءان حياء عقل و حياء حمق فحياء العقل هو العلم و حياء الحمق هو الجهل

 بيان يدل على انقسام الحياء إلى قسمين ممدوح و مذموم فأما الممدوح فهو حياء ناش عن العقل بأن يكون حياؤه و انقباض نفسه عن أمر يحكم العقل الصحيح أو الشرع بقبحه كالحياء عن المعاصي أو المكروهات و أما المذموم فهو الحياء الناشي عن الحمق بأن يستحيي عن أمر يستقبحه أهل العرف من العوام   و ليست له قباحة واقعية يحكم بها العقل الصحيح و الشرع الصريح كالاستحياء عن سؤال المسائل العلمية أو الإتيان بالعبادات الشرعية التي يستقبحها الجهال فحياء العقل هو العلم أي موجب لوفور العلم أو سببه العلم المميز بين الحسن و القبح و حياء الحمق سببه الجهل و عدم التمييز المذكور أو موجب للجهل لأنه يستحيي عن طلب العلم فهو مؤيد لما ذكرنا في الخبر الثالث

7-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن بكر بن صالح عن الحسن بن علي عن عبد الله بن إبراهيم عن علي بن أبي علي اللهبي عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص أربع من كن فيه و كان من قرنه إلى قدمه ذنوبا بدلها الله حسنات الصدق و الحياء و حسن الخلق و الشكر

 بيان بدلها الله حسنات إشارة إلى قوله تعالى إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً و قد قيل في هذا التبديل وجوه الأول أنه يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة و يثبت مكانها لواحق طاعتهم الثاني أنه يبدل ملكة المعصية في النفس بملكة الطاعة الثالث أنه تعالى يوفقه لأضداد ما سلف منه. الرابع أنه يثبت له بدل كل عقاب ثوابا

 و يؤيده ما رواه مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله ص يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال اعرضا عليه صغار ذنوبه و نحيا عنه كبارها فيقال عملت يوم كذا و كذا كذا و كذا و هو مقر لا ينكر و هو مشفق من الكبار فيقال أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة فيقول إن لي ذنوبا ما أراها هاهنا قال و لقد رأيت رسول الله ص ضحك حتى بدت نواجذه

 و ما رواه علي بن إبراهيم بإسناده عن الرضا ع قال إذا كان يوم القيامة أوقف الله عز و جل المؤمن بين يديه و يعرض عليه عمله فينظر في صحيفته   فأول ما يرى سيئاته فيتغير لذلك لونه و ترتعد فرائصه ثم تعرض عليه حسناته فتفرح لذلك نفسه فيقول الله عز و جل بدلوا سيئاتهم حسنات و أظهروها للناس فيبدل الله لهم فيقول الناس أ ما كان لهؤلاء سيئة واحدة و هو قوله تعالى يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ

 و أقول أكثر الوجوه جارية في الخبر بأن يوفقه الله للتوبة و الأعمال الصالحة فيبدل فسوقه بالطاعات أو مساوي أخلاقه بمحاسنها أو يكتب له في القيامة بدل سيئاته حسنات. أقول قد مضى أخبار هذا الباب في باب جوامع المكارم

8-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن سعد عن ابن أبي الخطاب عن ابن أسباط عن الرضا عن آبائه ع أن رسول الله ص قال لم يبق من أمثال الأنبياء إلا قول الناس إذا لم تستحي فاصنع ما شئت

 ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن أبي الخطاب مثله

9-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن هاشم عن عبد الله بن ميمون المكي عن الصادق عن آبائه ع قال قال رسول الله ص استحيوا من الله حق الحياء قالوا و ما نفعل يا رسول الله قال فإن كنتم فاعلين فلا يبيتن أحدكم إلا و أجله بين عينيه و ليحفظ الرأس و ما حوى و البطن و ما وعى و ليذكر القبر و البلى و من أراد الآخرة فليدع زينة الحياة الدنيا

 ل، ]الخصال[ ماجيلويه عن علي عن أبيه عن عبد الله مثله ب، ]قرب الإسناد[ محمد بن عيسى عن عبد الله بن ميمون مثله

    -10  ب، ]قرب الإسناد[ هارون عن ابن صدقة عن الصادق عن آبائه ع قال قال رسول الله ص الحياء على وجهين فمنه الضعف و منه قوة و إسلام و إيمان

 ل، ]الخصال[ ماجيلويه عن عمه عن هارون عن ابن زياد عن الصادق عن آبائه ع مثله

11-  ب، ]قرب الإسناد[ هارون عن ابن صدقة عن الصادق ع قال قال عيسى ابن مريم ع إذا قعد أحدكم في منزله فليرخ عليه ستره فإن الله تبارك و تعالى قسم الحياء كما قسم الرزق

12-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ابن سعيد الهاشمي عن فرات عن محمد بن أحمد الهمداني عن العباس بن عبد الله البخاري عن محمد بن القاسم بن إبراهيم عن الهروي قال قال الرضا صلوات الله عليه الحياء من الإيمان

13-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الجعابي عن الفضل بن حباب عن عبد الواحد بن سلمان عن أبيه عن الأجلح عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله ص إن الله يحب الحيي المتعفف و يبغض البذي السائل الملحف

14-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن المرزباني عن محمد بن أحمد الحكيمي عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن معين عن عبد الرزاق عن معمر بن ثابت عن أنس قال قال رسول الله ص ما كان الفحش في شي‏ء قط إلا شانه و لا كان الحياء في شي‏ء قط إلا زانه

    جا، ]المجالس للمفيد[ المرزباني مثله

15-  مع، ]معاني الأخبار[ علي بن عبد الله بن أحمد المذكر عن علي بن أحمد الطبري عن الحسن بن علي بن زكريا عن خراش مولى أنس قال حدثنا مولاي أنس قال قال رسول الله ص الحياء خير كله

 يعني أن الحياء يكف ذا الدين و من لا دين له عن القبيح فهو جماع كل جميل

16-  مع، ]معاني الأخبار[ بهذا الإسناد قال قال رسول الله ص الحياء و الإيمان في قرن واحد فإذا سلب أحدهما اتبعه الآخر

 يعني أن من لم يكفه الحياء عن القبيح فيما بينه و بين الناس فهو لا يكفه عن القبيح فيما بينه و بين ربه عز و جل و من لم يستحي من الله عز و جل و جاهره بالقبيح فلا دين له

17-  مع، ]معاني الأخبار[ بهذا الإسناد قال قال رسول الله ص أول ما ينزع الله من العبد الحياء فيصير ماقتا ممقتا ثم ينزع منه الأمانة ثم ينزع منه الرحمة ثم يخلع دين الإسلام عن عنقه فيصير شيطانا لعينا

 يعني أن ارتكاب القبيحة بعد القبيحة ينتهي إلى الشيطنة و من تشيطن على الله لعنه الله

18-  ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن أبي الخطاب عن ابن أسباط عن الحسن بن الجهم عن أبي الحسن الأول ع قال ما بقي من أمثال الأنبياء ع إلا كلمة إذا لم تستح فاعمل ما شئت و قال أما إنها في بني أمية

    -19  مص، ]مصباح الشريعة[ قال الصادق ع الحياء نور جوهره صدر الإيمان و تفسيره التذويب عند كل شي‏ء ينكره التوحيد و المعرفة قال النبي ص الحياء من الإيمان فقيل الحياء بالإيمان و الإيمان بالحياء و صاحب الحياء خير كله و من حرم الحياء فهو شر كله و إن تعبد و تورع و إن خطوة يتخطى في ساحات هيبة الله تعالى بالحياء منه إليه خير من عبادة سبعين سنة و الوقاحة صدر النفاق و الشقاق و الكفر قال رسول الله ص إذا لم تستح فافعل ما شئت أي إذا فارقت الحياة فكل ما عملت من خير و شر فأنت به معاقب و قوة الحياء من الحزن و الخوف و الحياء مسكن الخشية فالحياء أوله الهيبة و صاحب الحياء مشتغل بشأنه معتزل من الناس مزدجر عما هم فيه و لو ترك صاحب الحياء ما جالس أحدا قال رسول الله ص إذا أراد الله بعبد خيرا ألهاه عن محاسنه و جعل مساويه بين عينيه و كرهه مجالسة المعرضين عن ذكر الله و الحياء خمسة أنواع حياء ذنب و حياء تقصير و حياء كرامة و حياء حب و حياء هيبة و لكل واحد من ذلك أهل و لأهله مرتبة على حدة

20-  ضه، ]روضة الواعظين[ قيل للنبي ص أوصني قال استحي من الله كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك

21-  ختص، ]الإختصاص[ قال رسول الله ص رحم الله عبدا استحيا من ربه حق الحياء فحفظ الرأس و ما حوى و البطن و ما وعى و ذكر القبر و البلى و ذكر أن له في الآخرة معادا

22-  الدرة الباهرة، قال علي بن الحسين ع خف الله تعالى لقدرته عليك و استحي منه لقربه منك

 و قال أبو محمد العسكري ع من لم يتق وجوه الناس لم يتق الله

    -23  نهج، ]نهج البلاغة[ قال ع قرنت الهيبة بالخيبة و الحياء بالحرمان و الفرصة تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير

 و قال ع من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه