باب 46- الهجران

1-  كا، ]الكافي[ عن الحسين بن محمد عن جعفر بن محمد عن القاسم بن الربيع و عن العدة عن البرقي رفعه قال في وصية المفضل سمعت أبا عبد الله ع يقول لا يفترق رجلان على الهجران إلا استوجب أحدهما البراءة و اللعنة و ربما استحق ذلك كلاهما فقال له معتب جعلني الله فداك هذا الظالم فما بال المظلوم قال لأنه لا يدعو أخاه إلى صلته و لا يتغامس له عن كلامه سمعت أبي يقول إذا تنازع اثنان فعاز أحدهما الآخر فليرجع المظلوم إلى صاحبه حتى يقول لصاحبه أي أخي أنا الظالم حتى يقطع الهجران بينه و بين صاحبه فإن الله تبارك و تعالى حكم عدل يأخذ للمظلوم من الظالم

 بيان الهجر و الهجران خلاف الوصل قال في المصباح هجرته هجرا من باب قتل تركته و رفضته فهو مهجور و هجرت الإنسان قطعته و الاسم الهجران و في التنزيل وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ البراءة أي براءة الله و رسوله منه و معتب بضم الميم و فتح العين و تشديد التاء المكسورة و كان من خيار موالي الصادق ع بل خيرهم كما روي فيه و هذا الظالم أي أحدهما ظالم و الظالم خبر أو التقدير هذا الظالم استوجب ذلك فما حال المظلوم و لم استوجبه إلى صلته أي إلى صلة نفسه و يحتمل رجوع الضمير إلى الأخ و لا يتغامس في أكثر النسخ بالغين المعجمة و الظاهر أنه بالمهملة كما في بعضها قال في القاموس تعامس تغافل و علي تعامى علي و يمكن التكلف في المعجمة بما يرجع إلى ذلك من قولهم غمسه في الماء أي رمسه و الغميس الليل المظلم و الظلمة و الشي‏ء الذي لم يظهر للناس و لم يعرف بعد و كل ملتف يغتمس فيه أو يستخفى

 قال في النهاية في حديث علي ع ألا و إن معاوية قاد لمة من الغواة و عمس عليهم الخبر

العمس أن ترى أنك لا تعرف الأمر   و أنت به عارف و يروى بالغين المعجمة. فعاز بالزاي المشددة و في بعض النسخ فعال باللام المخففة في القاموس عزه كمدة غلبه في المعازة و في الخطاب غالبه كعازه و قال عال جار و مال عن الحق و الشي‏ء فلانا غلبه و ثقل عليه و أهمه أنا الظالم كأنه من المعاريض للمصلحة

2-  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص لا هجرة فوق ثلاث

 بيان ظاهره أنه لو وقع بين أخوين من أهل الإيمان موجدة أو تقصير في حقوق العشرة و الصحبة و أفضى ذلك إلى الهجرة فالواجب عليهم أن لا يبقوا عليها فوق ثلاث ليال و أما الهجر في الثلاث فظاهره أنه معفو عنه و سببه أن البشر لا يخلو عن غضب و سوء خلق فسومح في تلك المدة مع أن دلالته بحسب المفهوم و هي ضعيفة و هذه الأخبار مختصة بغير أهل البدع و الأهواء و المصرين على المعاصي لأن هجرهم مطلوب و هو من أقسام النهي عن المنكر

3-  كا، ]الكافي[ عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن وهيب بن حفص عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يصرم ذوي قرابته ممن لا يعرف الحق قال لا ينبغي له أن يصرمه

 بيان الصرم القطع أي يهجره رأسا و يدل على أن الأمر بصلة الرحم يشمل المؤمن و المنافق و الكافر كما مر

4-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن أحمد بن محمد عن علي بن حديد عن عمه مرازم بن حكيم قال كان عند أبي عبد الله ع رجل من أصحابنا يلقب شلقان و كان قد صيره في نفقته و كان سيئ الخلق فهجره فقال لي يوما يا مرازم و تكلم عيسى فقلت نعم قال أصبت لا خير في المهاجرة

    بيان شلقان بفتح الشين و سكون اللام لقب لعيسى بن أبي منصور و قيل إنما لقب بذلك لسوء خلقه من الشلق و هو الضرب بالسوط و غيره

 و قد روي في مدحه أخبار كثيرة منها أن الصادق ع قال فيه من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا

 و قال ع أيضا فيه إذا أردت أن تنظر إلى خيار في الدنيا خيار في الآخرة فانظر إليه

و المراد بكونه عنده أنه كان في بيته لا أنه كان حاضرا في المجلس و كان قد صيره في نفقته أي تحمل نفقته و جعله في عياله و قيل وكل إليه نفقة العيال و جعله قيما عليها و الأول أظهر فهجره أي بسبب سوء خلقه مع أصحاب أبي عبد الله ع الذين كان مرازم منهم هجر مرازم عيسى فعبر عنه ابن حديد هكذا. و قال الشهيد الثاني رحمه الله و لعل الصواب فهجرته و قال بعض الأفاضل أي فهجر عيسى أبا عبد الله ع بسبب سوء خلقه مع أصحاب أبي عبد الله ع الذين كان مرازم منهم و أقول صحف بعضهم على هذا الوجه قرأ نكلم بصيغة المتكلم مع الغير و تكلم في بعض النسخ بدون العاطف و على تقديره فهو عطف على مقدر أي أ تواصل و تكلم و نحو هذا و هو استفهام على التقديرين على التقرير و يحتمل الأمر على بعض الوجوه

5-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن أبي سعيد القماط عن داود بن كثير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول قال أبي قال رسول الله ص أيما مسلمين تهاجرا فمكثا ثلاثا لا يصطلحان إلا كانا خارجين عن الإسلام و لم يكن بينهما ولاية فأيهما سبق إلى كلام أخيه كان السابق إلى الجنة يوم الحساب

 بيان إلا كانا كأن الاستثناء من مقدر أي لم يفعلا ذلك إلا كانا خارجين و هذا النوع من الاستثناء شائع في الأخبار و يحتمل أن تكون إلا هنا زائدة كما قال الشاعر

أرى الدهر إلا منجنونا بأهله

 و قيل التقدير لا يصطلحان على حال   إلا و قد كانا خارجين و قيل أيما مبتدأ و لا يصطلحان حال عن فاعل مكثا و إلا مركب من إن الشرطية و لا النافية نحو إلا تنصروه فقد نصره الله و لم يكن بتشديد النون مضارع مجهول من باب الإفعال و تكرار للنفي في إن لا كانا مأخوذ من الكنة بالضم و هي جناح يخرج من حائط أو سقيفة فوق باب الدار و قوله فأيهما جزاء الشرط و الجملة الشرطية خبر المبتدإ أي أيما مسلمين تهاجرا ثلاثة أيام إن لم يخرجا من الإسلام و لم يضعا الولاية و المحبة على طاق النسيان فأيهما سبق إلخ و إنما ذكرنا ذلك للاستغراب مع أن أمثال ذلك دأبه رحمه الله في أكثر الأبواب و ليس ذلك منه بغريب و المراد بالولاية المحبة التي تكون بين المؤمنين

6-  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر ع قال إن الشيطان يغري بين المؤمنين ما لم يرجع أحدهم عن دينه فإذا فعلوا ذلك استلقى على قفاه و تمدد ثم قال فزت فرحم الله امرأ ألف بين وليين لنا يا معشر المؤمنين تألفوا و تعاطفوا

 بيان في القاموس أغرى بينهم العداوة ألقاها كأنه ألزقها بهم ما لم يرجع أحدهم عن دينه كأنه للسلب الكلي فقوله إذا فعلوا للإيجاب الجزئي و يحتمل العكس و ما بمعنى ما دام و التمدد للاستراحة و إظهار الفراغ من العمل و الراحة فزت أي وصلت إلى مطلوبي

7-  كا، ]الكافي[ عن الحسين بن محمد عن علي بن محمد عن سعيد عن محمد بن مسلم عن محمد بن محفوظ عن علي بن النعمان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال لا يزال إبليس فرحا ما اهتجر المسلمان فإذا التقيا اصطكت ركبتاه و تخلعت أوصاله و نادى يا ويله ما لقي من الثبور

 بيان اصطكاك الركبتين اضطرابهما و تأثير أحدهما للآخر و التخلع التفكك و الأوصال المفاصل أو مجتمع العظام و إنما التفت في حكاية قول إبليس عن   التكلم إلى الغيبة في قوله ويله و لقي تنزيها لنفسه المقدسة عن نسبة الشر إليه في اللفظ و إن كان في المعنى منسوبا إلى غيره و نظيره شائع في الكلام قال في النهاية فيه إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله الويل الحزن و الهلاك و المشقة من العذاب و كل من وقع في هلكة دعا بالويل و معنى النداء فيه يا ويلي و يا حزني و يا هلاكي و يا عذابي احضر فهذا وقتك و أوانك و أضاف الويل إلى ضمير الغائب حملا على المعنى و عدل عن حكاية قول إبليس يا ويلي كراهة أن يضيف الويل إلى نفسه انتهى و ما في قوله ما لقي للاستفهام التعجبي و منصوب المحل مفعول لقي و من للتبعيض و الثبور بالضم الهلاك

8-  لي، ]الأمالي للصدوق[ في مناهي النبي ص أنه نهى عن الهجران فإن كان لا بد فاعلا فلا يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام فمن كان مهاجرا لأخيه أكثر من ذلك كان النار أولى به

9-  ل، ]الخصال[ ابن بندار عن أبي العباس الحمادي عن محمد بن علي الصائغ عن القعبي عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن أنس قال قال رسول الله ص لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث

10-  ل، ]الخصال[ الهمداني عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن حمران عن أبيه عن أبي جعفر ع أنه قال ما من مؤمنين اهتجرا فوق ثلاث إلا و برئت منهما في الثالثة فقيل له يا ابن رسول الله هذا حال الظالم فما بال المظلوم فقال ع ما بال المظلوم لا يصير إلى الظالم فيقول أنا الظالم حتى يصطلحا

11-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بالإسناد إلى دارم عن الرضا عن آبائه ع قال في أول ليلة من شهر رمضان يغل المردة من الشياطين و يغفر في كل ليلة سبعين ألفا فإذا كان   في ليلة القدر غفر الله بمثل ما غفر في رجب و شعبان و شهر رمضان إلى ذلك اليوم إلا رجل بينه و بين أخيه شحناء فيقول الله عز و جل انظروا هؤلاء حتى يصطلحوا

12-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن مخلد عن الرزاز عن العباس بن حاتم عن يعلى بن عبيد عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله ص لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام و السابق يسبق إلى الجنة

13-  مع، ]معاني الأخبار[ محمد بن هارون الزنجاني عن علي بن عبد العزيز عن القاسم بن سلام رفعه إلى النبي ص أنه قال لا تناجشوا و لا تدابروا

 التدابر المصارمة و الهجران مأخوذ من أن يولي الرجل صاحبه دبره و يعرض عنه بوجهه

14-  كتاب قضاء الحقوق، قال رسول الله ص لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث